آخر 10 مشاركات
عيون لا تعرف النوم (1) *مميزة & مكتمله * .. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          أَعِدْ إليّ بسمتي (الكاتـب : نهى_الجنحاني - )           »          عمل غير منتهي (85) للكاتبة : Amy J. Fetzer .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          ربما .. يوما ما * مميزة و مكتملة * (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          لا تتركيني للأوزار (الكاتـب : تثريب - )           »          للحب سجناء (الكاتـب : طيف الاحباب - )           »          جراح يشفيها الحب (169) للكاتبة Jennie Lucas .. الفصل العاشر (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الوصــــــيِّــــــة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree1364Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-05-24, 02:18 AM   #481

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 818
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الحادي والثلاثون الجزء 1
سارت برواق المنزل الواسع قبل ان توقف خادمة بطريقها وهي تقول لها بقوة
"اين هي امي ؟"
انحنت برأسها باحترام وهي تقول بأدب
"انها بغرفة مكتب والدك"
عقدت حاجبيها باستغراب وهي تقول بتفكير
"واين كانت مختفية منذ الأمس ؟"
حركت كتفيها بجهل وهي تهمس بخفوت
"ليس لدي علم"
حركت مقلتيها ببرود وهي تتجاوزها بسرعة بدون ان تسهب بالحديث معها ، وما ان اصبحت بقرب الباب الموارب وهي ترفع كفها للمقبض حتى تسمرت عن الحركة ما ان سمعت صوت والدها يقول باستنكار
"هل تزوج حقا وبدون علم احد من عائلته ؟"
عقدت حاجبيها السوداوين بعدم فهم وهي تهمس بوجوم
"مَن الذي تزوج ؟ هل شخص نعرفه ؟"
اخترق افكارها صوت والدتها وهي تقول بنبرة مستاءة
"نعم تزوج يا عزيزي وقد عرفت بذلك بالأمس ، وانظر ماذا فعلوا تجاهلوا الأمر وتغاضوا عنه وكأنه لم يحدث !"
قربت اذنها اكثر وهي تتنصت على كلامهما حتى سمعت صوت والدها وهو يقول بحيرة
"وكيف عرفتي بذلك ؟"
ردت عليه من فورها بجمود
"لقد اوصل بعض الاقارب الخبر لي ، لقد تم عقد قرانه بمحكمة العاصمة وكل الدنيا شهدت على ذلك ! ولا اعرف ماذا سيحدث بعد هذه الساعة وكيف سنغطي على هذه الفضيحة بعائلتنا ! لقد فعلوا بنا آخر شيء كنت اتوقعه منهم !"
عضت على طرف شفتيها وهي تتمالك نفسها كي لا تقتحم الغرفة عليهما متسائلة عن هوية الشخص الذي عقد قرانه بالعائلة ، ليجذبها صوت والدها وهو يقول بلا مبالاة عكس زوجته
"هذا غريب حقا ! إذا كان الفرد البارد والعاقل الوحيد يخرج منه هذا التصرف إذاً لا عتب على الباقين ، صحيح !"
ردت عليه شهيرة من فورها بغضب
"لماذا انت بارد هكذا ؟ هذه المسألة هامة جدا وتخص سمعة ومستقبل عائلتنا ، لماذا لا تأخذ الامر على محمل الجد ؟...."
قاطعها صهيب بصوت صارم
"عائلتك انتِ وليست عائلتي فمن تتكلمين عنهم بترونا من عائلتهم منذ سنوات ويعاملوننا كالأغراب ، لذا لن استغرب اي تصرف يخرج منهم ويقلل من احترامنا ، يكفي بأنهم استحوذوا على كل حصتنا بشركاتنا واعمالنا ! وكل شركائنا اصبحوا بصفهم ، حتى ابن شقيقتي الوحيدة اصبح معهم ! ماذا سيحدث اسوء من هذا ؟"
تنفست بملل وهي على وشك الدخول قبل ان تسمع صوت والدتها تقول باستهجان
"ولكنه مختلف عنهم ولا يشبه عائلته ، نحن نتكلم عن حذيفة ، كم مرة زارنا وسأل عنا ! كم مرة نفذ لنا طلباتنا بدون تذمر ! كم مرة ساعدنا من قبل ! لذلك يهمني امره وكثيرا ايضا ، لا اريده ان يتحول لنسخة اخرى عن شقيقه الأكبر ، لن يتحمل قلبي ان يتعذب او يتدمر بسبب اختيار خاطئ بحياته ومستقبله ولا افعل شيء ! فهو رجل طيب جدا ويسهل خداعه خاصة إذا كانت فتاة جميلة ومتحايلة وطامعة بثروته وبالتأكيد هي من حرضته كي يتزوج منها بالسر !"
انقبضت اصابعها البيضاء على المقبض بدون ان تسمع صوت والدها وهو يقول بسخرية
"نعم صحيح لقد نسيت ذلك ، فأنتِ بالنهاية ستخسرين خادمك المفضل والأمين والوحيد الذي كان يجد لكِ كل طلباتكِ ويتحمل انتقائيتك...."
"صهيب !"
ساد صمت لحظات بينهما بعد صراخها باسمه وكأنه لا احد موجود بالمكان ، ليبدد الصمت صوت صهيب وهو يقول باستهزاء
"على الأقل تبقى فضيحته اشرف من فضيحة ابنك ، فهو لم يتلاعب بقلب فتاة ولم يتورط بجريمة اغتصاب ، كان واضح جدا وتزوج الفتاة مباشرة بطريقة قانونية وشرعية وبدون ان يدخل بالحرام او يضع عائلته بموقف مخجل امام احد"
احتدت ملامحها بلحظة وهي تقول من فورها بضراوة
"وما دخل ابني الآن ؟ لماذا تدخله بكل مصيبة تحدث وكأنك تسعد بإهانته وإذلاله !"
سمعت صوت انفاسه الغاضبة وهو يتحرك بعيدا عنها قائلا بضيق
"كل هذا لا يهمني ، إذا كنتِ تريدين محاسبة احد فاذهبي وحاسبي تلك العائلة واسأليهم عن السبب ، انا ليس لي شأن بكل ما يفعلونه ويقررونه حتى لم يكلف احد منهم عناء زيارتي بعد عودتي من السفر او السؤال عني ، لماذا إذاً اسأل عنهم ؟"
تنفست بحنق وهي تدير نظرها بعيدا هامسة بعزم
"لا تقلق سأزورهم ، سأزورهم ، وقريبا جدا...."
اتسعت حدقتاها بصدمة ما ان لمحت الفتاة الواقفة عند الباب نصف جسدها واضح وعينها الزرقاء القاسية مسلطة نحوها ، لتوجه كلامها بسرعة للذي جلس خلف المكتب وهي تقول بارتباك وتسارع بالخروج
"اكمل الحديث معك لاحقا ، عن إذنك الآن"
لم يعيرها اهتمام وهي تخرج بسرعة من الغرفة وتسحب كف الفتاة الواقفة هناك ، لتوقفها بعدها بقوة وهي تقول بخفوت جامد
"ما هذا الذي سمعته يا امي ؟ انتِ...."
قاطعتها بحزم وهي تجرها خلفها باتجاه الرواق الواسع
"لن نتكلم هنا على الملأ ، اصمتِ واتبعيني"
صرخت سلسبيل بتذمر وهي تقاوم بها
"امي ، امي انتِ تؤلميني !"
ما ان دخلت بها للغرفة حتى دفعت كفها واغلقت الباب خلفها ، لتقول سلسبيل من فورها بتجهم
"ماذا يعني هذا ؟"
استدارت نحوها وهي تقول بهدوء جاد
"كي لا يسمع احد صوتنا ونصبح بفضيحة اخرى !"
تنفست بجمود بدون ان تستمع لكل كلامها وهي تهمس بسؤال واحد اقلقها
"هل ما سمعته هناك صحيح ؟"
ابتلعت شهيرة ريقها بقلق وهي تتقدم نحوها هامسة بخفوت حذر
"نعم صحيح ، حذيفة قد تزوج"
تجمدت بمكانها وهي تناظرها بصدمة دامت لحظات حتى شكت والدتها بأمرها لتفاجئها بضحكة هستيرية انفجرت بلحظة وهي تخفض رأسها وشعرها الاسود الطويل يغطي جسدها ، لتقول من بين ضحكها المجنون وهي تشير بكفها بعشوائية
"مستحيل هذا ، لابد بأنها تمثيلية ، بالتأكيد هذه خدعة وارى بأنها قد انطلت عليكم ! لقد استطاع خداع عقولكم جميعا بكذبته !"
راقبتها بيأس وهي تحرك رأسها هامسة بوجوم
"ارى بأنكِ انتِ التي خدعتي !"
توقفت قليلا عن الضحك وهي ترفع رأسها بحركة قوية طيرت شعرها المجنون للخلف ، لتقول بعدها بابتسامة لا تمت للمرح بصلة
"لقد خدعكِ يا امي ، للأسف استطاع خداعك ، ألم تستطيعي كشف حيلته ؟ كيف انطلت عليكِ تمثيليته ؟ هل كبرتِ بالعمر لهذه الدرجة ؟"
كتفت ذراعيها فوق صدرها وهي تقول بجحود
"لقد رأيتها بأم عيني ، رأيت الفتاة التي تزوج منها برفقته ، دخل وهو يمسك بيدها بقوة احضرها للمنزل وادخلها معه ، هل هذه خدعة ايضا ؟"
استقامت بهدوء لبرهة قبل ان تنفجر بالضحك مجددا وبقوة اكبر وكأنها تعبر عن موقفها بطريقة غير اعتيادية ، لتقبض على ذراعها بسرعة وهي تهزها منها صارخة بصرامة
"تمالكي نفسكِ ، عودي لوعيكِ ، هل فقدتِ عقلكِ ؟"
تغيرت ملامحها بلحظة وهي تنزع كفها عن ذراعها بقوة صارخة
"ابتعدي عني"
تراجعت خطوتين للخلف وهي تراقبها تجول بنظرها حولها تشتت تفكيرها بعيدا عنها ، لتسحب انفاسها بقوة وهي تهمس بخفوت مضطرب
"هل رأيتها حقا ؟"
عبست ملامحها بقهر وهي تقول بضيق
"نعم قلت لكِ ، ألم تسمعي ! لقد رأيتها معه ، احضرها للمنزل بعد ان عقد قرانه بها وجعلها زوجته شرعا !"
حركت سلسبيل رأسها بالنفي وهي تهمس باستنكار خافت
"كلا يستحيل هذا ! هذا كذب ! حذيفة لا يفعلها !"
قطبت جبينها بجمود وهي تمسك خصرها بيدها قائلة بجدية
"ولماذا سيكون كذب ؟ هو رجل بالنهاية وبريعان شبابه وسيفكر مثل الجميع بالزواج وبناء منزله الخاص فليس هناك رجل اعزب يكمل حياته بدون امرأة ! إذا كان شقيقه الأرمل تزوج فماذا سيمنعه هو عن الزواج ؟ جميع الرجال هكذا وهو لا يختلف عنهم بشيء"
نظرت لها بحدة وهي تشد على قبضتيها قائلة بجموح
"لأنه ما يزال يحبني ، ونحن نحب بعضنا ، لذا يستحيل ان يفكر بحياته ان يتزوج بغيري !"
اتسعت حدقتاها بصدمة وهي تلوح بذراعها قائلة باستهجان
"هل تسمعين نفسكِ ما تقولين ؟ هل امرأة متزوجة مثلكِ ولديها طفل تقول هذا الكلام ؟ هو يحق له الزواج واكمال حياته مع من يريد لأنكِ انتِ تزوجتِ واكملتِ حياتكِ ، لذا تذمرك واعتراضك بلا معنى ، تقبلي الامر الواقع وتوقفي عن إيهامي نفسكِ بحبه...."
ارتفع صوت سقوط زجاجة العطر ارضا بسبب رميها لها وهي تصرخ بجموح
"لا هو لا يحق له ، لا يحق له خيانتي ، هو يحبني وحدي ، لقد كان يعشقني لسنوات ! ما لذي تغير الآن ؟"
تأملت شظايا الزجاج ارضا بحسرة قبل ان تسلط نظرها عليها قائلة بحدة
"ابنتي الحمقاء ذات العقل الصغير لماذا لا تفهمين بأنه ماضي ورحل ؟ لن يوقف حياته كلها من اجلكِ ، لن يوقف رغبته بالحياة من اجلكِ ، هو ايضا يريد ان يعيش حياته ويسعد نفسه كما فعلتي ، وإذا ظننتِ بأنه لن يعيش بدونك فأنتِ لا تعرفين شيء عن الرجال ! لم تستطيعي ان تفهمي متطلبات الرجال بالرغم من انكِ عشتي مع رجل عاشر كل فتيات الارض ولديه الكثير من النزوات ! وهكذا هو حذيفة فبدل ان يفعلها بالحرام ويأخذ آثامها تزوج بمن تردعه عن طريق الفحشاء !"
حدقت بها بعينين عاصفتين وهي تهمس بخفوت ناقم
"بل انتِ التي لا تعرفين حذيفة ، لا تعرفين شيء عنه يا امي فهو بعد كل هذه السنوات ما يزال باقي على حبي ، هو لا يخلف وعده مع احد ولو على قطع عنقه ، ولم يتخذ قرار الزواج ألا كي ينتقم مني ، كيف تجرأ على ذلك ؟ كيف لم يفكر بحالتي إذا عرفت عن خيانته ؟"
اغمضت عينيها بصبر وهي تمسد جبينها بإصبعيها قبل ان تفتحهما مجددا قائلة بقسوة
"عن اي خيانة تتكلمين ؟ وعن اي وعد قطعه ؟ ما تفعلينه انتِ خيانة بالكلام عن رجل آخر وانتِ على ذمة رجل ، وهو بالتأكيد لم يفكر بكِ وبوعده لأنكِ انتِ من اخلفه اولاً بزواجك من غيره ، وبعد كل تلك السنوات هل الآن خطر ببالك ؟ هل الآن تذكرتي حبه ؟ هو بالتأكيد مسحكِ من عقله وقلبه لأنكِ انتِ من خنته وليس هو ! وليس هناك اي رجل شرقي يتحمل خيانة المرأة التي احب !"
اطبقت على اسنانها بقهر والدموع تحترق بمقلتاها حتى همست من فورها باستياء
"انتِ السبب يا امي ، انتِ السبب بمعاناتي ، انتِ من اجبرني على الزواج من ذلك الرجل"
رفعت حاجبيها بذهول وهي ترمي كفها جانبا قائلة بجفاء
"انا لم اجبركِ على اي شيء ، انتِ من وافق على الزواج من تلقاء نفسكِ"
اشاحت بوجهها بعيدا وهي تقول بانفعال مكتوم
"ولكنكِ من حرضني ، انتِ من حرضني على الزواج منه ، انتِ من كنتِ تكلميني عن ميزاته وصفاته ، قلتي بأنني سأعيش ملكة معه ، سأكون اثرى واسعد امرأة بالكون ولن اواجه اي صعوبة او مشقة بحياتي ، اخبرتني بأنه الخيار الافضل لي ولن تتكرر مثل هذه الفرصة بحياتي ، وإذا خسرته فسأخسر كل السبل للراحة والرفاهية ولن اجد سعاتي مطلقا !"
كانت تراقبها بتعابير جامدة وهي تقول بهدوء واثق
"لقد كنت انصحكِ فقط مثل كل ام تهتم بمصلحة ابنتها وحياتها ، وتركت الخيار بين يديكِ ، انتِ من طمع بالثروة والمكانة المرموقة لذلك تزوجته ، انا لم ادفعكِ ولم اضربكِ كي توافقي عليه بل اعطيتكِ كامل الحرية باتخاذ قرارك لذا لا معنى من اتهامي والقاء اللوم عليّ من اجل تبرئة نفسكِ وضميرك ، انتِ من اخترتِ هذه الحياة بالنهاية ونصيحتي كانت مجرد حافز لكِ ، فأنا متأكدة بأنكِ كنتِ ستتزوجين منه بكلامي او بدونه وكذبة بأنكِ مجبرة لن يصدقها احد غيركِ !"
اشتعلت النيران بخلدها وهي تنعكس على مرآة عيناها الزرقاوان مثل البحار الهائجة ، لتدور بسرعة حول نفسها تتخبط قبل ان تستند بيديها على طاولة الزينة وهي تخفض نظرها بصمت ، وما ان كانت ستقترب منها حتى جلست بسرعة فوق الكرسي امام المرأة وهي تلتقط قلم الحمرة وتصبغ شفتيها به ببساطة !
تسمرت شهيرة عن الحركة وهي تراقبها هامسة باستهجان
"ما لذي تفعلينه الآن ؟"
همست بكل عفوية وهي تكمل صبغ شفتيها بلون احمر قاني
"ألا ترين ! اضع التبرج على وجهي"
عقدت حاجبيها بجمود وهي تقول بحدة
"وهل هذا الوقت المناسب لتبرجك ؟"
لم تعلق على كلامها وهي تضع هذه المرة الكحل الاسود تحت عينيها متجاهلة وجودها ، لتتنفس بغيظ وهي ترفع يديها للسماء هامسة بصبر
"بماذا ابتليت ياربي ؟"
حركت رأسها بيأس وهي تنفض ذراعيها على جانبيها وتستدير مغادرة الغرفة بأكملها ، وما ان صفقت الباب خلفها حتى تجمدت اصابعها وهي تخفض قلم الكحلة وتضعه جانبا ، لتمسك بعدها قلم الحمرة وهي ترفعه باتجاه المرآة وتكتب عليها احرف مكونة من اسم واحد نقشته بقلبها بقسوة (حذيفة)
حفرت بالقلم على آخر حرف وهي تهمس بخفوت امتلئ بالحقد والكراهية
"لقد اخطئت كثيرا ، اخطئت بطريقة انتقامك...فأنا كنت قبلت اي شيء ألا ان تنتقم مني باستخدام امرأة اخرى !"
انكسر القلم من شدة الضغط وسقطت القطعة على طاولة الزينة وهي تتأمل احرف اسمه الملون بأحمر قاني وكأنها دماء قلبها تعلن عن بدء ثورة....
_____________________________
كان ينتظر بداخل السيارة ويديه على المقود لم يستطع النوم طول الليل من كثر التفكير والقهر فارق النوم عيناه ، وخاصة بعد ان تلقى تلك الطعنة برجولته وهو يعرف الآن فقط بمعاناة شقيقته الوحيدة وهي تتلقى كل هذا وحدها بدون ان تشارك احد اسرارها وما تمر به ، لقد ضبط نفسه كثيرا وكبح مشاعره كي لا يشعل الحرب وتكون شقيقته المتأذية منها ، فكل ما يريده هو استرداد حقها بالسعادة والتي سلبها منها الجميع من خلال هذا الزواج المدبر والذي لم يكن سوى صفقة من اجل مصالح العائلة ! وماذا عن حق شقيقته بتقرير مصيرها ؟
تأهبت حواسه ما ان لمح السيارة الفارهة التي خرجت من الاسوار العالية تتجه للطريق ، ليشغل المحرك من فوره ويقود السيارة على الطريق نفسه كي يستطيع تعقبه ، وبعد مسافة طويلة لم يحسبها بسبب توجيه كل تركيزه عليها بدون ان يحيد بنظراته عنه كان يصل لمقر عمله ، لتتوقف السيارة بوسط ساحة الشركة تماما وهو يخرج منها بلحظة وبرفقته سائقه الذي لم يكن يقودها ليلقي المفتاح له من فوق السيارة كي يأخذها لمرآب الشركة .
ما ان تحركت خطواته حتى خرج من السيارة بسرعة وهو يغلقها بقوة ويسير نحوه ، وسرعان ما نادى بصوت مرتفع يوقفه امام مدخل الشركة
سفيان الكايد !""
توقف المقصود وهو يتراجع خطوتين ويستدير نحو الذي وصل امامه بثواني ، بينما تجول سفيان بنظره عليه بدهشة من عيناه الحمراوان من اثر السهر وشعره المشعث المبعثر على جبينه ويرتدي قميص ازرق مفتوح من اول زرين وياقته وسيعة وبنطال جينز اسود ، وكأنه واحد من زعران الشوارع وليس ابن عائلة محترمة ! ولو لم يقابله من قبل بمنزل خالة سراب لشك بأن يكون يقرب لها او من احد معارفها !
حرك رأسه باستفهام وهو يدس يديه بجيبي بنطاله قائلا بجمود
خير إن شاء الله ! ماذا هناك يا شقيق زوجتي ؟""
تلبدت ملامحه بقسوة وهو يراه بكل هذا الغرور والثقة بالنفس كما رآه اول مرة ، ليرفع ذقنه يواجهه بتحدي وهو يقول بتصلب
"سمعت بأن شقيقتي ليست سعيدة"
لم يظهر اي تعبير على ملامحه الصلبة وهو يقول بجدية
لقد سمعت إشاعات غالبا""
تصلب فكه وهو يقول من فوره يلوح بذراعه جانبا
وهل إشاعة بأنها تزوجت رغما عنها ؟""
قست عيناه السوداوان وهو يقول بهدوء قاتم
"هذه الامور تتعلق بحياتي الخاصة لذا لا شأن لك بها ، وايضا قد تم الزواج بالفعل وباتت زوجتي فماذا تستطيع ان تفعل حيال هذا الامر ؟"
ردّ عليه كاسر بجمود خافت
افعل كل شيء من اجل شقيقتي""
نحتت ملامحه من رخام وهو ينحني بجانب اذنه ويقول بنبرة مهددة
"جيد ولكن احذرك بأن تتخطى حدودي ومجالي ، ستبقى خارج حدودي الخاصة"
قبض يديه على جانبيه وتحفز جسده وهو يراقبه يستقيم امامه ثم استدار بعيدا ، ليقول من فوره بانفعال واضح
"وانا لن اصمت عن حقها ، دائما ما كنت احاول حمايتها ومحي كل اسباب التعاسة بحياتها ، وإذا صادفت مأزق بيوم ما فلن اتركها وحدها به"
قطب جبينه بجمود وهو يستدير نحوه قائلا بضيق بدأ يظهر بصوته
ما لذي ترمي إليه ؟""
استقام بوقفته بقوة وهو يقول بكل ثقة
انت ستطلق شقيقتي ، وتسلمها لعائلتها""
ساد صمت لحظات بينهما حتى ارتسمت ابتسامة ساخرة على محياه وهو يقول بتهكم
هل فقدت عقلك ؟ وما لسبب الذي يجعلني اطلقها ؟""
ردّ عليه من فوره بخوت جامح
"كي تجد سعادتها بعيدا عنك ، فلن تجد سعادتها معك بل ستقضي طول عمرها تعيسة"
توارت ابتسامته وهو يرفع رأسه قائلا بجمود
وما ادراك بأنها لن تجد السعادة معي !""
ضرب بذراعه جانبا وهو يقول بغضب عارم
"كيف سيحدث وهي تلقت رصاصة بمسدس مجهول وبحرم منزلك ؟ بعدها هاجمتم عائلتها كي تسحبوها عنوة لمركز الشرطة وتسحب البلاغ عنك ! كيف ستكون بحماية ومأمن وهي معك ؟ لقد اثبت بأنك لا تستطيع حمايتها ولا جلب السعادة لها لذا الافضل ان تفك سراحها كي يستطيع غيرك مساعدتها"
تجمدت ملامحه بدون اي تعبير يعلوها وهو يتقدم خطوة منه قبل ان يقول بخفوت قاسي
"انت الآن تتعدى حدودي وتنتهك مساحتي وبخصوص شقيقتك التي تقرر مصيرها فهي زوجتي ، انا من يقرر كيف تعيش ، وكيف تسعد بحياتها ، وكيف تموت ، انت ليس لك علاقة بها مطلقا ، وحتى لو عاشت طول حياتها تعيسة فلن يتدخل احد بها ولن يساعدها احد !"
اشتدت قبضته حتى برزت عروقها وما هي ألا لحظة حتى كان يلكمه بوجهه بكل قوة ، ليتجمع الحرس بسرعة حولهما والناس بداخل الشركة ينظرون من نوافذها الزجاجية وكأنه حدث هام يشغلهم عن رتابة وملل العمل !
بدد كاسر الصمت سريعا وهو يقول بحقد
"ليس انت من سيعترض حياة شقيقتي ، وستتحرر من سجنك رغما عنك"
تمالك نفسه وهو يستوي امامه يحرك عضلات خديه بقوة قبل ان يلكمه هو الآخر على وجهه بقوة ارجعته للخلف ، ليتنفس كاسر بسرعة وهو يستقيم ينوي ضربه قبل ان يكبل الحرس ذراعيه ويصرخ بهياج
لن ارحمك يا مجرم ، لن ادعك تدمر حياتها ، لن اسمح لك !""
كان ينظر له بجمود وهو يتقدم نحوه ويمسك ياقة قميصه بقبضته ليقول بعدها بكلمات مهددة طاغية
"سأرحمك هذه المرة كرمة لشقيقتك والتي تكون زوجتي ، وألا ليس هناك سبب يدفعني كي اتركك على قيد الحياة بعد الانتهاك الذي تجرأت عليه ! واخيرا ابتعد عن حياتنا كي لا يتألم احد منا وبالأخص شقيقتك !"
دفعه بقسوة حتى تلقته ايدي الحرس يمسكونه بقوة وهو يتلوى ويهتاج اكثر ، ليشير بسبابته نحوه وهو يقول بعنف
"اترك هذه الرجولة والبطولة عنك فزوجتي ليست بحاجتها وليست بحاجتك"
استشاط غضبا مثل البارود وهو يتلوى ويصرخ بجنون
"اقسم لك بأني لن ادعها تبقى زوجتك ، سأحررها منك ، سأحررها من استبدادك وظلمك !"
استدار بعيدا عنه يوليه ظهره وهو يشير للحارس بجانبه قائلا ببرود صخري
تصرفوا بأمره وألزموه حده ، ولا تتركونه حتى يتعلم الدرس""
اومأ برأسه وهو يقول بطاعة
حاضر يا سيدي الكايد""
زفر سفيان انفاسه بضيق وهو يرخي ربطة عنقه بقوة ويصعد سلم مدخل الشركة ، ولم يسمع صراخ كاسر وهو ينادي عليه بقوة
"انتظر يا سفيان الكايد ، لم ينتهي حسابنا بعد ، توقف مكانك...."
ما ان دخل للشركة حتى انفض التجمهر بسرعة وكل واحد منهم يعود لمكانه السابق خلف المكتب ، وما ان استمر بالصراخ والمقاومة وهو يحاول التحرر منهم حتى جاءته لكمة قوية اسقطته ارضا ، لتقذفه الضربات والركلات من كل صوب وهو بات مثل الكرة بينهم لا حول له ولا قوة....
_____________________________
خرجت من الحمام وهي تجفف شعرها بالمنشفة قبل ان يبدد صمت المكان صوت رنين هاتفها ، لتتجه نحوه بسرعة فوق المنضدة وهي تلتقطه وتلمح اسم المتصل ، لترفع حاجبيها بدهشة وهي تهمس بخفوت
"امي...."
فتحت الخط بلحظة وهي تضعه على اذنها هامسة بمرح
"مرحبا يا خالتي ، هل اشتقتِ لصوتي ؟....."
بترت احرفها الاخيرة ما ان وصلها صوت تنهدها الحزين يتبعه ببحة حزينة
"كيف حالكِ يا ابنتي ؟"
ابتلعت ريقها بقلق حاوط قلبها وهي تهمس بخفوت حذر
"بخير يا خالتي ، ولكن انتِ لا تبدين بخير ! هل هناك شيء يجب ان اعرفه ؟"
تحشرج صوتها بدموع مكتومة وهي تهمس بخفوت
"انا يا سراب ، انا خائفة...خائفة وقلبي يحرقني"
تركت كفها المنشفة على رأسها وهي تهمس بتوجس بعد ان بعثت مخاوفها بداخلها
"ماذا حدث يا خالتي ؟ هل الجميع بخير ؟ كاسر ! هل كاسر بخير ؟"
ارتجفت انفاسها ما ان سمعت بكاء خالتها وهي تهمس بوهن
"لا اعرف ، لا اعرف شيئا عنه"
عقدت حاجبيها البنيين بصعوبة وهي تهمس بعدم فهم
"ماذا يعني هذا ؟ أليس موجود بمنزل عزت ؟....."
قاطعتها خيرية بخفوت يائس
"لا غير موجود ، فقد اتصلت بمنزلهم وتحدثت مع ام عزت وهي اخبرتني بأنه غادر منذ مساء الأمس ، ولا اعلم كيف احواله ، واين نام ليلته !"
وضعت كفها على صدرها وهي تهمس بخفوت متماسك
"سيكون بخير يا امي ، لن يصيبه مكروه ، فنحن نعلم كم شقيقي قوي وعنيد يستحيل ان يسمح بأذى ان يصيبه او يزعزع ثباته !"
ردت عليها خيرية بعدم ارتياح
"كنت اقول هذا ، ولكن قلبي ليس مطمئن فهو لا يرد على اتصالاتي ولا احد يعلم مكانه ، وقلبي يضيق وينتفض منذ الصباح ، اشعر بأن مكروه كبير قد اصابه"
اهتزت الصورة بعيناها وهي تمسك الهاتف بيدها الاخرى هامسة بعزم
"لا تخافي عليه يا امي فأنا بنفسي سأتصل به واعرف مكانه ، وإذا لم اصل له سأبذل قصارى جهدي كي اجده واعرف موقعه ، وعندما امسك به لن ارحمه لأنه ارعبكِ عليه هكذا !"
خفت صوت بكائها وهي تهمس بحزن
"ارجوكِ إذا عرفتي اي شيء عنه طمئنيني عليه ، فأنا قلبي يغلي عليه مثل النار ولن يطمئن ألا إذا رأيته امامي"
اومأت سراب برأسها وكأنها تراها وهي تهمس بثبات
"سأفعل ذلك يا امي ، كوني مطمئنة ، والآن اعتني بنفسكِ جيدا"
اخفضت الهاتف ما ان انهت المكالمة وهي تشعر بنبضات قلبها تتسارع اكثر ، لتضم الهاتف بقوة وهي تهمس بجزع
"لقد طمأنت امي بأنه بخير ، ولكني لست واثقة من كلامي ، فبعد كل ما حدث لا استبعد بأن يكون مكروه قد اصابه !"
رفعت الهاتف بسرعة وهي تكتب رقمه وتجري الاتصال عليه ، لتضعه على اذنها وهي تنزع المنشفة عن شعرها وتلقي بها على السرير ، وما ان انقطع الرنين حتى عاودت الاتصال مجددا وهي تهمس بخوف
"هيا ارجوك ، ردّ عليّ ، ردّ عليّ يا كاسر !"
اخفضت الهاتف بغضب وهي تعيد الاتصال مجددا وتضعه على اذنها ، لتتخلل خصلات شعرها الرطبة بأصابعها وهي تهمس بوجوم
"يستحيل امي ان تخاف بدون سبب ، فهي دائما ما تصيب بمخاوفها وكل توقعاتها تكون صحيحة"
زفرت انفاسها بقهر وهي تنفض كفها للأسفل لتجلس بعدها على طرف السرير ، ثم همست بخفوت مستاء
"اين انت يا كاسر ؟ اين انت ؟"
اصدر هاتفها صوت رسالة وهي ترفعه بسرعة وتأمل ان تكون رسالة من شقيقها لتخيب توقعاتها ما ان كانت رسالة من غريب تحوي على رابط مجهول ، لتضغط على الرابط بعدم اهتمام حتى اتسعت حدقتاها بصدمة وهي تشاهد مقطع فيديو منشور على صفحة الشركة ! والصدمة الاكبر هو الكلام المكتوب عليه لا يترك مجال للشك
(نسيب سفيان الكايد يتعرض للضرب بسبب تطاوله عليه وتماديه بالكلام فوق ساحة شركته !)
فغرت فاها بصدمة وهي تغطي جبينها بكفها هامسة بلوعة
"يا ألهي ! ما هذه الكارثة ! كاسر ، كاسر !"
انتفضت واقفة وهي تهرع بسرعة لخزانتها كي تبدل ملابسها بلمح البصر وتلحق توابع المصيبة التي حدثت ، وبغضون دقائق كانت تنزل السلالم على عجلة وهي تلف الوشاح حول شعرها بعشوائية ، وما ان وصلت حتى تجمدت بقوة وهي تستدير بعنفوان وتراقب خلو البهو الواسع وقد شعرت لوهلة بوجود احد خلفها ! لتحرك رأسها تنفض الهواجس عنه وهي تدير نظرها وتفتح الباب على مصرعيه وتنطلق خارجه....
وصلت للسيارة التي يقف بجانبها السائق وما ان لمحها حتى تأهب بسرعة قائلا بقلق
"مرحبا سيدتي ، بماذا اساعدكِ ؟"
وقفت امامه بقوة وهي تمد كفها قائلة بأمر
"اعطني مفاتيح السيارة"
تلبكت ملامح السائق وهو يقول بجمود
"لا ، لا استطيع...."
قاطعته سراب بحدة وهي تلوح بكفها امامه تكاد تصفعه بها
"اعطني المفتاح افضل لك ولي ، لا اريد ان اورطك بالمشاكل معي ، فأنا لست بمزاج للجدال مع احد"
ارتعد الرجل وهو يجول بنظره حوله قائلا بخوف
"ولكني ، ولكني سأعاقب على هذا ، عندما لا يجدون السيارة بمكانها...."
قاطعته للمرة الثانية وهي تقول بكل بجاحه
"تخبرهم حينها بأنني سرقتها رغما عنك ، ولأنك شخص محترم لم تستطع العبث مع زوجة سيدك او إيقافها عند حدها"
اضطربت انفاسه وهو يومئ برأسه قائلا باستسلام
"حسنا ، كما تأمرين"
قالت سراب بنفاذ صبر
"اعطني المفتاح"
مد المفتاح لها وهي تختطفه من اصابعه بقوة وتتجاوزه مثل الإعصار قبل ان تركب بها وتغلق بابها بقسوة ، لتشغل محركها وهي تنظر من المرآة الجانبية صارخة بأمر
"ابتعد من خلفي كي لا ادهسك"
ابتعد السائق من فوره وهي ترجع بالسيارة بسرعة كادت تصطدم بالجدار قبل ان تتحكم بها بأعجوبة بسبب عدم اعتيادها على السيارة حديثة الطراز ، لتلف المقود بعدها بسهولة ثم تنطلق بها خارج اسوار المنزل وقد فتحت البوابة امامها على آخر لحظة وكأنها رمح طائر .
اخذت انفاسها بقوة وهي تحاول التحكم بقيادتها طول الطريق كي لا تسبب لنفسها بحوادث وتضرر بها السيارة الثمينة ، وبعد دقائق كانت تصل لوجهتها بنصف المسافة بسبب سرعة السيارة العالية وجودتها ، وما ان لمحت سيارة شقيقها جانبا حتى اسرعت بالضغط على المكابح بأقصى قوة وهي توقف السيارة على جانب الرصيف بمواجهة الشركة .
شدت اصابعها البيضاء على المقود وهي تهمس بخوف تمكن منها
"كاسر انا هنا ، تحمل يا شقيقي انا قادمة"
فكت حزام الامان وهي تخرج من السيارة بلمح البصر ثم ركضت باتجاه البوابة الخارجية للشركة ، لتتجمد قدماها ارضا ما ان رأت مجموعة رجال مجتمعين حول شقيقها وكل منهم يأخذ دوره بضربه وكأنه كائن رخيص وليس كائن بشري !
صرخت بعدها بأعلى صوت كي يصل لهم
"توقفواااا !"
تجمدت بعض الاجساد وابتعدت قليلا كي تستطيع رؤية الدخيل الذي اوقفهم بوسط الفوضى ، بينما كانت سراب تركض نحوهم بلحظات حتى وصلت لهم ودفعت الرجل الاقرب لها كي تدخل دائرتهم ، تسمرت عن الحركة واحتشدت الدموع بحدقتيها وهي تراقب شقيقها المرتمي ارضا يلف ذراعيه على وجهه كي يحمي نفسه ، وما ان طال الصمت حتى رفع وجهه يخفض ذراعيه عنه وهو ينظر لها بانعدام تركيز ثم همس بإعياء
"سراب !"
جثت على ركبتيها بسرعة وهي تتحسس وجهه بيديها هامسة بانفعال باكي
"هل انت بخير ؟ هل تتألم ؟ اين تتألم ؟"
حرك رأسه وهو يبعد يديها قائلا بخفوت عميق
"انا بخير يا سراب...بخير ، لا داعي للقلق ، ما زلت على قيد الحياة"
امسكت كفه بسرعة وهي تتأمل الندوب والجروح عليها هامسة بارتجاف
"ما هذا ؟ ما هذا كله ؟...."
حرك رأسه بتعب وهو يهمس باطمئنان
"انا بخير جدا ، مجرد رضوض بسيطة لن تأثر كثيرا ، لا تخافي عليّ فشقيقكِ لا يهزمه شيء"
شهقت ببكاء ذبحت قلبها وهي تنحني وتضع جبينها على كتفه بعد ان انهارت قواها تماما امام هذه القسوة ، ليتغضن جبينه بألم وهو يمسح على حجابها ويتنقل بنظره بالرجال حوله قائلا بجدية
"سراب ، سراب ليس هنا...."
ابتعدت عنه بسرعة وهي تسمح دموعها بكفها تستجمع نفسها وتهمس باستياء
"اعتذر ، اعتذر نسيت امرك تماما"
امسكت بذراعه تلفها على كتفيها وهي تسانده بالنهوض هامسة بقوة
"هيا يا كاسر ، لنغادر من هنا كي لا تسوء حالتك ، هيا يا شقيقي"
وضع ثقله عليها وهو يقف بمساعدتها وما ان تحركت خطوتين حتى وقفوا امامهما رجلين ، لتسلط نظراتها نحوهما وهي تلوح بأصبعها السبابة قائلة بعنف
"إذا لم تبتعدوا عن طريقي الآن ادفعكم الثمن غاليا فأنا لم احاسب احد منكم بعد ، ولكنني اقسم بالله بأنني سأحاسب كل واحد منكم على حدى وكل من تجرأ ورفع يده على شقيقي...وحتى الموت لن ينقذكم مني"
تراجعت الاجساد من حولها والرجلين يتبادلان النظر بين بعضهما بقلق ، لتنفض ذراعها على جانبها وهي تقول بصوت مجوف
"وحتى رئيسكم الطاغي لن يشفع عنه !"
تبدلت ملامحهما للتوجس وهما يبتعدان عن طريقها بسرعة وصمت ، لتأخذ انفاسها بصمود وهي تسحب شقيقها وتسير معه باتجاه سيارتها المصفوفة عند الرصيف ، ليقول كاسر بعدها باعتراض
"انتظري هنا ، استطيع العودة بسيارتي...."
التفتت سراب نحوه وهي تهمس بخفوت حاد ألجمه
"ستذهب معي بالسيارة ، واي كلام آخر لن اسمعه"
صمت على مضض وهي تفتح له باب الكرسي المجاور لكرسي السائق وتجلسه عليه برفق ، لتغلق الباب وتدور بسرعة حول السيارة وهي تتخذ موقعها خلف المقود ثم شغلت المحرك وانطلقت بها بأقصى سرعة بعيدا عن موقع الشركة....

يتبع.....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-05-24, 02:30 AM   #482

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 818
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

جلست بجانبه على كراسي الانتظار بالحديقة العامة وهي تفتح المطهر وتسكب القليل منه على القطن هامسة بحنق
"ما لذي كنت تفكر فيه ؟"
صمت الجالس بجانبها وبملامح متجهمة عابسة وهو يبدو مثل طفل مجبور على الجلوس ، ليتأوه بألم ما ان مسحت خده بالقطن مكان الندوب وسرعان ما تراجعت هامسة بتوجس
"آسفة جدا ، هل آلمتك ؟"
اومأ برأسه وهو يهمس بخفوت خشن
"نعم قليلا"
عبست ملامحها وهي تهمس بغضب مفاجئ
"تستحق ذلك"
رمقها بطرف حدقتيه بدون ان يقول شيء قبل ان تتنفس بإرهاق وهي تهمس بوجوم
"كان علينا اخذك للمشفى كي نتأكد من سلامتك"
تأفف بضيق وهو يلوح بذراعه قائلا بجدية
"بالله عليكِ يا سراب ، هل انا طفل حتى اذهب للمشفى بسبب جروح صغيرة ؟"
ضربت بكفها على ركبتها وهي تهمس بحنق
"عن اي جروح صغيرة تتكلم ؟ وكل جسدك كدمات ورضوض وبقع بنفسجية ! انظر لنفسك كيف اصبحت"
اشاح بوجهه بدون ان يناقشها اكثر وهو يعلم اين يؤدي الحديث معها عندما تصر على موقفها ، لتعود بعدها لتطهير جروحه على وجهه وشفتيه وهي تهمس بضيق
"الحق على التي تصغي إليك ، لو حصل لك كسر بعظامك ستقول حينها مجرد كسر صغير ويصطلح !"
ادار عيناه وهو يبعد كفها عنه قائلا بتذمر
"هلا توقفتِ عن ذلك ؟ هذا يضايقني كثيرا ويمس كبريائي ، وايضا انا بخير ، كم مرة سأقولها لكِ !"
ردت عليه بخفوت فظ وهي تسحب رسغها بقوة
"سحقا لكبريائك !"
تنهد بوجوم وهو يراقبها تدهن يديه هذه المرة بالمرهم وقد تركها على راحتها كي لا تأتيه صفعة منها هذه المرة ، لتبدد الصمت بعدها وهي تقول بخفوت مستاء
"هل هناك رجل عاقل يفعل ما فعلت ؟ ألم يكفيك كل ما حصل سابقا !"
نظر لها كاسر بهدوء وهو يقول بخفوت جامد
"كلا ولم تنطفئ النار بقلبي بعد ! لن ارتاح حتى يأخذ جزاءه مني"
صرخ بقوة ما ان ضربت ذراعه بقبضتها وهي تقول بغضب
"هذا من اجل ان تعود لوعيك وتتوقف عن قول الهراء ! من وضعك محامي دفاع !"
امسك ذراعه بألم وهو يقول باحتجاج
"ما لذي دهاكِ يا مجنونة ؟ انا مصاب"
ردت عليه سراب بنفس نبرتها الغاضبة
"وهل انا السبب بإصابتك ؟"
عبست ملامحه بضيق وهو يخفض يده عن ذراعه قائلا بوجوم
"لن اجادلكِ ، فأنا سأكون مخطئ بنظركِ بكل الأحوال"
اومأت برأسها وهي تكمل دهن اماكن الرضوض هامسة بمرارة
"نعم مخطئ وكثيرا ، لو كنت تهتم بعائلتك حقا لما اقدمت على هذا التصرف الأهوج ! فما ذنبنا انا وامي كي تجعلنا نعيش هذا الرعب عليك ؟"
همس كاسر بخفوت حاد
"ولأني اهتم بكما فعلت ذلك"
عقدت حاجبيها بوجوم وهي تسلط نظرها عليه قائلة بجدية تدخل بصلب الموضوع
حقا ما لذي اخذك لشركته ؟ وما هو هدفك من مقابلته ؟""
ابتلع ريقه بجمود وهو يقول من فوره بارتباك
"صحيح كيف عرفتي بما يحدث لي ؟"
ضيقت حدقتيها العسليتين الحمراوين من غشاء الدموع فوقهما وهي تقول بصلابة
"لا تغير الموضوع يا كاسر ، انا اسألك بجدية واريد جواب واضح على سؤالي"
تنفس بضيق واضح وهو يقول ببساطة
"طلبت منه ان يطلقكِ"
اخذت لحظات تستوعب ما قال وهي ترمش بعينيها هامسة بصدمة
"هل انت جاد ؟"
ادار نظراته بعيدا عنها بدون ان يجيبها قبل ان تتمالك نفسها بسرعة وهي تهمس بخفوت
"ومن اخبرك بأني اريد الطلاق منه ؟"
اشتدت خطوط ملامحه واتضحت الكدمات اكثر وهو يقول بقهر
"لقد اجبرتِ على الزواج منه ، اجبروكِ على رجل لا تريدينه !"
شحبت ملامحها ومالت طرف شفتاها وهي تهمس بلا روح
"كيف عرفت بذلك ؟"
التفت نحوها بنظراته وهو يقول بجمود
"غير مهم كيف عرفت فقد اصبحت اعرف بكل شيء الآن ، كيف يجبرونكِ هكذا بموضوع يخص مصيرك ! ولماذا لم تخبري احد ؟ لماذا لم تستعيني بي ؟"
تنفست بحزن وهي تمسح خديها الحمراوين المحترقين هامسة ببهوت
"لقد حدث ما حدث يا كاسر ، وقد اصبحت زوجته بالفعل ، لن نستطيع تغيير هذه الحقيقة"
ردّ عليها كاسر بسرعة بثقة
"بل نستطيع ذلك"
حدقت به باستغراب بدون ان تفهم نواياه وهي تهمس بوجوم
"كيف هذا ؟"
ادار نظراته بعيدا وهو يتنفس بعمق ثم قال بنبرة متزنة
"انتِ تحبين عزت ، صحيح !"
شخصت عيناها بصدمة وتشبثت اصابعها بعلبة المطهر وهي تهمس بتلعثم
"انا ، كلا بالطبع...."
"لا تنكري !"
ألجمها بقوة وهو يناظرها بطريقة اخافتها ولم تألفها منه ، لتخفض رأسها بخزي وهي تهمس بحرج
"من اخبرك بذلك ؟ هل هو عزت ؟ الآن عرفت من قام بتحريضك علينا كي تقوم بهذا الهجوم...."
قاطعها كاسر وهو يقول بصرامة
"سراب لقد لففتِ ودرتِ كي تبتعدي عن الموضوع ، اخبريني فقط هل احببته ام لا ؟"
عضت على طرف شفتيها بقوة وهي تختلس النظر عليه قبل ان تهمس برجاء
"اقسم لك بأني لم افعل اي تصرف شائن ، لقد حافظت على مبادئي واخلاقي ، ولم اكسر ثقتكم بي او اسيء لتربيتي...."
امسك كاسر بكتفها وهو يقول بهدوء جاد
"اعلم ذلك يا سراب ، ولم اشكك بأخلاقك او تربيتك لأنني اثق بكِ ولن يكسر هذه الثقة شيء"
ارتسمت ابتسامة رقيقة على محياها وهي تربت على يده فوق كتفها ، لتتنهد بعدها بحزن وهي تسحب يدها هامسة بخفوت خاوي
"كنت احبه بالفعل ولفترة طويلة ، وكانت لدينا نية بالزواج حتى اننا قررنا موعد زيارة الطلبة ولكن كل شيء تغير بعد انتقالي لمنزل والدي ، هكذا شاءت الظروف"
تأملها للحظات بصمت وهو يسحب كفه عن كتفها ويقول بخفوت عازم
"إذا كنتِ ما تزالين تحبينه فقط اطلبي مني ذلك ، وانا سأتأكد بنفسي من ان يتم طلاقك من ذلك الرجل ، وبعد ان تنتهي عدتك ازوجك من الرجل الذي تحبينه"
حدقت به بسرعة وهي تهمس باستنكار
"لا انت جننت حتما ، ألم يكفك كل ما طالك بسبب هذا الأمر ! هل تبحث عن المشاكل ؟"
ردّ عليها كاسر بلا تردد وهو يضرب كفه بالهواء
لن اتوقف حتى احررك من ذلك الظالم واجمعكِ بمن تحبين""
ادارت نظراتها بعيدا وهي تهمس بثقة
اساسا انا لم اعد احبه ، فقد انتهى ذلك الحب منذ زواجي""
نفض ذراعه للأسفل وهو يقول بسخرية يهاجمها بقوة
"نعم صحيح ، ولذلك اتصلتِ به عندما قرروا زواجك وطلبتي منه ان تهربا معا وتتزوجا بعيدا عن الجميع !"
زمت شفتيها بعبوس وهي تشد على علبة المطهر بأصابعها تكاد تفجرها ثم همست بقنوط
هل اخبرك بذلك ايضا ؟""
قال كاسر بسرعة بحزم
هل هو صحيح ام لا ؟""
اشاحت بوجهها بغضب وهي تهمس بخفوت متعالي
"نعم صحيح اعترف بأنني مررت بلحظة ضعف ورفض للواقع اجبرتني على الاستنجاد به ، ولكنني بعدها عدت لوعيي وعرفت خطأي جيدا ، ولا تقلق فلن تتكرر مثل هذه الاخطاء مجددا"
حرك كاسر رأسه وهو يقول بعدم اقتناع
كلامكِ غير مقنع""
تأففت بنفاذ صبر وهي تلتفت نحوه هامسة بقوة
"ما لذي تسعى له يا كاسر ؟ هل تريد تدمير حياتك ؟"
ادار نظراته بعيدا وهو يهمس بتبرم
اريد سعادتك""
ابتلعت سراب ريقها بارتجاف وهي تخفض نظرها وتمسك بيده المليئة بالكدمات والجروح هامسة بجدية
"سعادتي تكتمل عندما تكونوا بخير"
زفر انفاسه بقوة وهو يلتفت نحوها قائلا بحزم
حسنا اخبريني بذلك ، هل انتِ سعيدة مع زوجك ؟""
كسى الضباب محياها وهي تهمس بابتسامة حزينة
نعم سعيدة بالقدر الذي اريده""
قطب جبينه بجمود وهو يقول بعدم رضا
هذه الكلمات لا تجيب على سؤالي""
التزمت بالصمت بعناد بدون ان تجيبه ، ليخفض نظره قائلا بخفوت قاتم
هل يضربكِ ؟""
حدقت به بسرعة وهي تسحب يدها عن كفه قائلة باستهجان
"لا ليس لهذه الدرجة ! لو فعل ذلك كنت حاسبته عليها منذ وقت طويل ، فأنا لا اصمت عن حقي أياً كان !"
تنفس كاسر بصوت عالي وهو يدير نظره بعيدا قائلا بتهكم
"وماذا عن تلك الرصاصة التي اطلقها عليكِ ؟ لماذا لم تأخذي حقها...."
قاطعته سراب بخفوت مندفع
"ليس هو من اطلق عليّ النار ، كم مرة سأعيد واكرر عليكم ! هو لم يطلق النار ، بل هو رجل غريب الاطوار من خارج المنزل من فعلها"
حاد بنظراته نحوها وهو يتمتم باستياء
"لماذا اشعر بأن ثمة ما تخفينه عني ؟"
احتدت ملامحها وهي تشد على ذراعه وتتابع دهنها بالمرهم هامسة بحسم
"انت لن تتدخل بحياتي بعد الآن ، ستبقى بعيدا عنهم ، حسنا !"
زم شفتيه برفض وهو ينظر امامه بدون ان يعلق على كلامها ، لتضغط على ذراعه بأصابعها وهي تهمس بشدة
هل فهمت يا كاسر ؟""
تلوى بألم وهو يبعد كفها قائلا بوجوم
حسنا ، حسنا لا تضغطي اكثر""
ابتسمت برضا وهي تتابع مداواة جروحه باستخدام عدة الاسعافات الأولية التي اشترتها من الصيدلية ، وما ان انتهت حتى نهضت عن الكرسي وهي تقول بأمر
هيا بنا سأوصلك للمنزل ، بعدها اغادر بطريقي""
نهض عن الكرسي ببطء وهو يستوي بالوقوف امامها بصعوبة ، ثم امسك بكتفيها بيديه وهو يقول بخفوت عميق
"عديني اولاً بأنني سأكون اول من تلتجئين له عندما تتعرضين لمصيبة ، وعندما تقررين الخروج من ذلك المنزل او تقررين الانفصال عنه فقط باتصال واحد سأكون عندكِ ، فأنت غالية جدا عندي يا سراب !"
اعتلت ابتسامتها محياها بحزن وهي تحتضنه بذراعيها وتهمس بحبور
شكرا على وجودك بجانبي يا شقيقي""
ارتفعت ابتسامته المكدومة بتعب وهو يبادلها العناق قائلا بصوت اجش
لم تعديني بعد يا مشاغبة""
ضحكت بتحشرج باكي وهي تمسح تحت عينيها ثم همست بخفوت عاطفي
اعدك""
ابتعدت عنه بلحظة وهي تسحب انفاسها تستعيد رباطة جأشها ، لتلتقط بعدها الاغراض الموجودة فوق الكرسي وهي تلقي بالمخلفات بحاوية القمامة الخضراء الحديثة ، امسكت بعدها بكفه وهي تسحبه معها قائلة بحزم
هيا بسرعة سنغادر من هنا بسيارتي""
ردّ عليها كاسر بسرعة وهو يسير بجوارها
"لن اذهب معكِ لأنني سأذهب واستعيد سيارتي واعود بها للمنزل"
توقفت بقوة وهي تلتفت نحوه قائلة بنبرة صلبة
"بل ستذهب معي وسأوصلك بنفسي للمنزل ، ومن مصلحتك ألا تعترض على كلامي"
رفع رأسه وهو يتنفس بضيق ويقول بتذمر
وماذا عن سيارتي ؟""
ردت عليه سراب بخفوت واثق
"انت لا تقلق بهذا الشأن ، انا سأتكفل بجلبها لك للمنزل ، فقط انت ارتح وطمئن نفسك"
حرك رأسه بصدمة وهي تستمر بسحبه باتجاه سيارتها قائلا باستنكار
انتِ غير طبيعية ابدا !""
همست بعدها بحنق وهي تضغط على زر مفتاح السيارة الآلي كي تفتح القفل من بعيد
وهل تركت لي مجال لأكون طبيعية ؟""
فتحت الباب له بيدها الحرة ثم ساعدته بالدخول وهو يستقر بمكانه ، لتغلق الباب وتدور حول السيارة وهي تهمس برجاء عميق
"يارب سهل لي ما تبقى من هذا اليوم ، انا الآن افوض امري لك"
وصلت للباب بجوار كرسي السائق وهي تدخل له وتقود السيارة باتجاه مخرج الحديقة....
______________________________
استيقظت من نومها بفزع وهي تفرك عينيها بيدها هامسة بوجل
"يا إلهي ! كم نمت من الوقت ؟ لقد تأخرت على عملي ، ستعاقبني...."
قطعت كلامها وانتظمت انفاسها ما ان تعرفت على محيطها والذي لا يشبه محيطها السابق وهي التي لم تعتاد بعد على وجودها بهذا المنزل والغرفة وبكل مرة تعيدها الذكريات لعالمها الماضي والذي لم يغب عن بالها قط ، فكيف ستخرج نفسها من ذلك المكان الذي مازالت محصورة بين قضبانه !
تغضن جبينها الابيض الصغير وهي تنقل نظرها بالأنحاء هامسة بوجوم
"اين هو حذيفة ؟ هل غادر من الغرفة ؟"
زمت شفتيها وهي تدس خصلاتها المبعثرة خلف اذنيها هامسة بتفكير
"كم نمت من الوقت ؟ لا اذكر"
اخفضت ساقيها خارج الغطاء وهي تضع قدميها ارضا وتنهض عن السرير ، لتجمع بعدها شعرها الطويل المبعثر وهي تعيد عقده كله فوق رأسها بعشوائية حتى انسدلت بعض الخصلات الطويلة التي تأبى الانصياع على عنقها الابيض ، قامت بترتيب الغطاء الحريري فوق الفراش كعمل روتيني اعتادت عليه وهي تعدل وضع الوسائد بجانب بعضها .
اتسعت حدقتاها الفضيتان ما ان رأت الساعة المعلقة على الجدار تشير للتاسعة صباحا وهي بالنسبة لها متأخرة جدا ، لتجر خطاها بسرعة باتجاه الحمام الملحق الشيء الوحيد الذي استطاعت الاعتياد عليه مؤخرا ، ادارت الصنبور بحذر وهي تغسل وجهها ويديها ثم التقطت المنشفة المعلقة ومسحت الماء عنها لتدرك بعدها الاختلاف وهي تتأمل المنشفة البيضاء الجديدة التي لم تكن موجودة سابقا ، وما ان ادارت نظرها نحو العلاقة حتى رأت الرداء الابيض معلق وبجانبه رداء وردي غامق يشبه لون الازهار .
اقتربت منه بسرعة وهي تجد ورقة معلقة على ياقته ومكتوب عليها
(روب استحمامك ، استخدميه عندما تأخذين حمامك بالصباح)
ابتلعت ريقها بارتجاف وهي تضم المنشفة لصدرها هامسة ببؤس
"لقد كان رداء استحمام وليست منشفة"
انزلت نظرها للسطر المكتوب بالأخير بتنبيه
(إياكِ ان تستخدمي الروب الخاص بي بمسح وجهك)
انفرجت شفتاها بصدمة وهي تشد بأصابعها على المنشفة هامسة بخفوت
"لقد اكتشف"
اخذت انفاسها بروية وهي تعقد العزم هامسة بخفوت
"يجب عليّ ألا اتخاذل ، سأبذل جهدي كي احسن صورتي بنظره وبنظر العائلة"
اخذت حمامها بدقائق وارتدت روب الاستحمام الوردي الذي كان ينساب بنعومة على جسدها المبتل ، لتقوم بعدها بغسل ملابسها ذاتها بيديها بما انها ستعود لارتدائها ولن تبدلها ، خرجت من الباب الزجاجي المؤدي للشرفة وقامت بنشر الملابس على الكرسي البلاستيكي الموجود ، لتسرقها نسمات الهواء الباردة اللطيفة التي بدأت تتخلل بجزيئات جسدها من تحت الروب وشعرها الرطب ، سارت باتجاه الحاجز حتى وقفت مقابله لتسحر بالمشهد الخلاب للحديقة امامها تستطيع رؤيتها بالكامل من هذا الارتفاع ، وقد سبق وشاهدت مثل هذه المناظر بسبب عيشها بالحقول وبالأراضي الزراعية ولكن لم تكن مثل هذه اللوحة الساحرة بجمال رباني واضح ومن صممها قد تعب كثيرا عليها !...
همست إيليف بعدها بخفوت منبهر
"إذاً هكذا تبدو الاشياء من الأعلى ! صغيرة جدا ولطيفة !"
افاقت على نفسها وهي تستدير بلحظة وتدخل من الباب كي لا تصاب بنزلة برد ، لتتجه بعدها للمرآة الكبيرة بإطار مذهب منحوت عليه رسوم وهي تتأمل صورتها بصمت ، نقلت نظرها للأغراض فوق الطاولة وهي تلتقط زجاجة العطر وتشتم رائحتها بخدر مثل شيء حلو مسكّر ، لترش عليها مرة بالخطأ وهي تبعدها بسرعة وتنفض الروب كي لا تلتصق الرائحة والتي انبعثت بكل انحاء الغرفة .
وضعت زجاجة العطر مكانها وهي تشتم رائحتها هامسة بتوجس
"ماذا فعلت بنفسي ؟ لقد علقت الرائحة"
انتفضت بخوف ما ان سمعت طرق على باب غرفتها قبل ان تسلط نظرها على الباب وهي تنتظر دخول القصاص عليها ، ولكن ما ان فتح الباب حتى دخلت شابة صغيرة ترتدي زي رسمي بلونين اسود وابيض وهي تهمس بأدب
"اعتذر إذا كنت قد ازعجتك او اقتحمت خصوصيتك ، ولكنني دخلت لأنكِ لم تردي على الباب"
حركت رأسها بتشوش وهي تهمس من فورها بخفوت
"لا ، لا امانع ، تفضلي"
دخلت بعدها وهي تتجه نحوها وقبل ان تتكلم سبقتها إيليف بالسؤال
"هل يمكنني معرفة من تكونين ؟"
وضعت كفها على صدرها وهي تهمس باحترام
"انا الخادمة دجلة يا سيدتي ، وانا تحت امركِ"
احمرت وجنتيها بحياء من طريقة تقديمها وكلامها فقد نست تماما بأنها بعائلة ملكية تملك الخدم والحواشي ، لتهمس إيليف بسرعة بأدب مماثل
"وانا اسمي إيليف ، تشرفت بالتعرف عليكِ يا دجلة ، وانتِ متواضعة وجميلة جدا"
رفعت رأسها بحياء وهي تتلقى مدح من سيدة اكبر منها لأول مرة بحياتها ، لتتمالك نفسها بسرعة وهي تدخل بالموضوع الذي جاءت من اجله
"عليكِ بالتجهز والنزول للقاء السيدة شهيرة ، فهي قد استدعتكِ شخصيا لرؤيتكِ"
رفعت حاجبيها البنيين بدهشة وهي تهمس بقلق
"ومن تكون ؟"
ردت عليها بخفوت رقيق
"عمة زوجك وكبيرة العائلة"
شحبت ملامحها وتاهت نظراتها ما ان تذكرتها من المشاهد الأولى لها بهذا المنزل وصفعها لحذيفة امام العائلة ، لتبتلع ريقها ببطء وهي تهمس بخفوت متحشرج
"حسنا ، سأنزل لها بعد قليل"
ردت عليها هامسة بجدية
"ولكن اسرعي ، كي لا تتأخري عليها"
اومأت برأسها بصمت ميت وهي تضع يدها على قلبها النابض ، بينما غادرت الخادمة من امامها واغلقت الباب خلفها بصمت ، لترفع رأسها بسرعة وهي تهمس بقوة
"يجب عليّ التجهز ، سأرتدي ملابسي ذاتها ، ولكنها لم تجف بالكامل ، ماذا افعل ؟"
عبست ملامحها وهي تحرك كتفيها هامسة بقلة حيلة
"ليس بيدي شيء ، سأفعل ما يأتي من داخلي فهذه ليست جلسة محاكمة"
بعدها بدقائق كانت تعقد شعرها الطويل المهلك بذيل حصان حتى انقطع الرباط المطاطي ، لتتجه لحقيبتها وتبحث بها حتى وجدت رباط اخضر كانت قد حصلت عليه منه بالسابق ، استوت بسرعة امام المرآة وهي تعقد شعرها باستخدامه تضبط جماحه بقوة كي لا يتعبها لاحقا ، انزلت بضعة خصلات طويلة على خدها تخفي بقع الصفعة عليه كي لا تبدو واضحة للملأ ، لتتنفس بعدها الصعداء وهي تترك المرآة وتتجه خارج الغرفة قبل ان تلمح حذائيها البيضاوين اللذان خلعتهما بالأمس قبل نومها ، وليست هنا الصدمة بل عودة لونهما الابيض الناصع وكأنهما خضعا لدورة تحسين وتطهير وتلميع !
انحنت بسرعة باتجاه الحذاء وهي تتأكد بأنه ينتمي لها وما ان رأت الاسفنجة الصفراء بداخله بسبب اتساعه على قدمها الصغيرة حتى اكتشفت بأنه يخصها ، وهو بالحقيقة اثمن حذاء تمتلكه لأنه هدية غالية من فلاح ساعدته برعي غنمه واحب افادتها بحياتها الصعبة...وكان يحزنها منظره والتراب والطين يملئه حتى بات شيء قديم وقذر ، لتبتسم بعدها بهدوء وهي ترتديه على عجل وتسير به خارج الغرفة .
وصلت للسلالم ونزلتها بسرعة وهي تخفف خطواتها ما ان اقتربت من مكان الجلسة بالرواق الواسع لتأخذ انفاسها وتضع يديها على جانبيها وهي تسير باتجاهها ، واول من جذبت نظره هي الفتاة الشابة الجالسة بجانب المرأة الكبيرة التي سبق ورأت منها لمحات سريعة ، ولكن رؤيتها عن قرب والهالة القوية التي تحيط بها بعثت بقلبها الرهبة والخوف وكأنها امام قديسة قديرة وكبيرة جدا ، وكل مشاعر الأنفة والاعتزاز والتعالي الفطري موجودين بها ، بينما الشابة بجانبها تبدو من عالم مختلف جمالها يشبه المشاهير المعروضين على التلفاز والمجلات لا تصدقين وجودهم بالواقع ! ملابسها عصرية جدا وهي ترتدي فستان ازرق سماوي يصل بحدود كاحليها تضع ساق فوق الأخرى وتظهر بياضهما الناصع ! شعرها الاسود الطويل مجموع على كتف واحدة وكأنها تتباهي بلمعانه الاسود الطبيعي وبتدرجات واضحة مثل إعلانات الشامبو...وملامحها هي اكبر فتنة لديها تظهر الغرور والثقة والجرأة بتقاطيعها وزادتها بتبرجها الصارخ ، وخاصة بأنها تمتلك اجمل عينان زرقاوان لو رأتها رجال قريتها ستفقدهم عقولهم بلا شك ! وهي تمتلك كل ما تفتقر له وكأنها النقيض عنها بكل شيء !
ولم تكن تعلم بأنها تخضع لنفس التقييم منها وهي التي اجبرها فضولها على التعرف على منافستها والتي فازت بموافقة حذيفة على الزواج منها ، وصدمتها الحقيقة وهي ترى فتاة صغيرة ربما لا تتجاوز سن العشرون وتبدو اصغر من لورين ! وهي التي تعلم جيدا نوع حذيفة المفضل بالفتيات واول شرط ان تكون كبيرة بالسن وليست اقل من امرأة ! ولكنه اختار هذه الفتاة الهزيلة وفضلها عليها وهي تبدو مثل طالبة بالابتدائية ! ومع ذلك كانت تمتلك بعض المقومات الجمالية وجه مدور صغير وملامح ناعمة ورقيقة زادتها لفحة الاحمرار الطبيعية من تعرضها الطويل للشمس ، لديها عينان بلون الفضة حزينتان وجذابتان بنفس الوقت يستطيع الانسان رؤية الجمال بهما ، وشعرها كان طويل جدا يضاهي طول شعرها ولكنه بلون نحاسي براق يميل للون الغروب وهي تعقده ذيل حصان ولمعانه يدل بأنه ما يزال مبلل من آثار الاستحمام ، واما ملابسها فقد كانت رثّة جدا بالنسبة لطرازها ولا تواكب الموضة مطلقا !
بددت شهيرة الصمت وهي تقول بجدية
"واخيرا شرفت السيدة الصغيرة ، اهلا وسهلا بكِ"
ارتجفت اطرافها وهي تخفض رأسها وتهمس بأدب
"اهلا وسهلا بكِ سيدتي"
تجمدت إمارات وجهها وهي تحرك كفها قائلة باستعلاء
"سلمي على حماتك إذاً"
رفعت نظرها نحوها وهي لا تفهم إشارتها بينما تجمدت سلسبيل بمكانها واشاحت بوجهها بحنق ، لتتقدم منها بسرعة وهي تمسك يدها وتقبل ظاهرها وتعتبر بمفهومها رسالة بالولاء والاحترام ، لتسحب كفها وتبتعد عنها وما ان كانت على وشك الجلوس حتى اوقفتها قائلة بصرامة
"انتظري ، لا تجلسي الآن"
حدقت بها باستغراب لوهلة حتى قالت بهدوء واثق
"قومي بالدوران امامي دورة كاملة"
تجمدت ملامحها من طلبها الغريب وكأنها غنمة وتستعرض نفسها ومقوماتها ، لتدور حول نفسها كما طلبت وما ان وقفت حتى لوحت شهيرة بكفها هامسة ببساطة
"لا بأس بكِ ، جيدة"
ابتسمت سلسبيل بسخرية بينما احبطت ملامح إيليف بدون سبب ، لتقول شهيرة من فورها بقوة
"ما هو اسمكِ ؟"
ردت عليها بخفوت مهذب
"اسمي إيليف يا سيدتي"
حركت كفها مجددا وهي تقول بأمر
"اجلسي يا فتاة"
عقدت حاجبيها بوجوم عندما لم تناديها باسمها بالرغم من انها اخبرتها به فما سبب سؤالها عن الاسم !
جلست على الاريكة وهي تضم ساقيها ويديها ببعضهما وتنظر لهما علهما يخففان من توترها ، لتقول شهيرة بنبرة جادة وكأنها جلسة تحقيق بالمتهم
"ما هو اسم عائلتك ؟"
زمت شفتيها وهي تهمس من بينهما بخفوت
"اسمها غياث"
عقدت حاجبيها بتفكير وهي تضع اصبعها على ذقنها هامسة باستغراب
"لم اسمع بهذه العائلة من قبل"
فكت يديها وهي تمسحهما بقماش بنطالها هامسة بخفوت
"هذا لأنها عائلة موجودة فقط بالقرى"
ضاقت حدقتاها بقوة وهي تخفض اصبعها هامسة بجمود
"هل انتِ من طبقة الفلاحين ؟"
اتسعت حدقتاها الزرقاوان وهي تنظر لها بسرعة هامسة باستهجان
"هل انتِ فلاحة ؟"
نقلت نظرها لها بهدوء وهي تراقب صدمتها المختلطة بحقد غريب وكأن ما قالته إهانة لها ، لتقول بعدها بكل بساطة بدون ان تخفي شيء
"انا كنت اعيش بقرية صغيرة بمناطق الجنوب ، هناك كلها حقول واراضي زراعية ، وهناك يكون مسقط رأسي"
شدت على اسنانها بقهر وكأنها تغيظها بكلامها المباشر الغير مبتذل او المزين وبلهجة سكان القرى ، لتأخذ شهيرة زمام الحديث مرة اخرى وهي تقول بقوة
"وكيف حدث اللقاء بينكِ وبين حذيفة ؟"
نظرت لها بسرعة وقد مرت تفاصيل ذلك اللقاء بذاكرتها بلمح البصر عندما اصطدمت بسيارة غريب وظنته حينها يوم موتها ، لتقول بسرعة بابتسامة صغيرة تخفي كل الانفعالات خلفها
"هو كان يعمل على مشروع هناك بل يدير مشروع بناء ، وقد تلاقينا مصادفة بمخبز قريب كنت اعمل به"
قبضت سلسبيل على اصابعها فوق ركبتها تكاد تمزق قماش فستانها ، لتتابع شهيرة استجوابها قائلة بمغزى
"هل كنتِ تعملين ؟"
ضمت يديها مجددا وهي تهمس بخفوت حزين
"انها اساليب الحياة هناك ، العمل هو اهم شيء بالحياة كي تضمني عدم موتك"
تجمدت ملامحها بدون ان تعطي انطباع على كلامها ثم قالت بنبرة شبه ساخرة
"وما هو السبب الذي جعلكِ توافقين على رجل غريب لا تعرفين شيء عن اصوله ؟ فأنا اعرف جيدا بأن سكان القرى وخاصة الجنوب متحفظين جدا"
حدقت بها بارتباك لوهلة قبل ان تقول بابتسامة لطيفة
"هو مرة قد ساعد نعجتي عندما هربت مني وامسكها من اجلي واحضرها لي ، وانا من تلك اللحظة اصبحت اثق به اكثر من نفسي"
حادت بنظراتها نحو الجالسة بجانبها تحرك ساقيها بانفعال واضح ، لتوجه نظرها نحو الساكنة امامها تحافظ على هدوئها رغم كل المشاعر الدائرة حولها قبل ان تقول بصوت ثابت
"ولماذا عقدتما قرانكما بالسر ؟ وبدون وجود عائلتك !"
اخفضت نظرها بسرعة وهي تشد على يديها حتى احمرت مفاصلهما بشدة ، لتهمس بعدها بخفوت متحفظ
"هذه تخص شؤوني الخاصة ، لا استطيع ان ابوح بها لأحد"
تعلم جيدا بأن عليها ألا تفتضح اسرارها فهو فعل نفس الشيء عندما واجهته باتهام امام باب منزله ، خطف نظرها صوت سلسبيل وهي تتكلم لثاني مرة بنبرة اقرب للوقاحة
"وما لذي جعله يتزوج من فتاة مثلكِ ؟ هل هي شفقة ام رد دين ؟ ام هو شيء مختلف عنهما !"
قوست عيناها كما شفتاها وهي تهمس بخفوت باهت
"غير مهم السبب ، المهم بأنه قدم لي اشياء لم يقدمها احد لي من قبل ، اعطاني قيمة ومكانة ومأوى وطعام وهذا كل ما اردته بحياتي ، لذا ليس مهم إذا كان شفقة او شعور بالامتنان المهم وجوده بجانبي"
قدحت عيناها بالشرار وهي تقول ببوادر فقدان السيطرة
"انتِ...."
قاطعتها شهيرة بخفوت حازم
"سلسبيل !"
اختلست النظر نحوها بتحفز وهي تشعر بطاقة قوية من الكراهية تصوبها نحوها ، فما سبب كل هذا الكره ؟
قاطع افكارها صوت شهيرة وهي تقول مجددا بجمود
"ومتى سيعلن عن زواجكما للعالم ؟ ام يفكر بإخفائكِ بغرفته طول العمر !"
اتسعت حدقتاها الفضيتان بارتجاف وهي تهمس من فورها برقة
"لقد حدد حذيفة موعد الزفاف ، وسيكون بعد يومين"
ارتجفت بخوف ما ان ضربت سلسبيل على ركبتها بقبضتها وهي تهمس بدون صوت باستنكار
يستحيل حدوث هذا !""
قالت شهيرة من فورها وهي ترفع ذقنها بإيباء
"اذهبي وحضري لنا قهوة سادة على يديكِ ، فهذه من عادات استقبال اهل العريس ، وبما انكما خرقتما كل عاداتنا على الأقل لنحافظ على عادة واحدة"
رفعت حاجبيها بارتباك وهي تهمس بحرج
"انا لا اعرف شيء بنظام هذا المنزل ، واين يوجد المطبخ"
رفعت كفها وهي تنادي بصوت مرتفع
"يا دجلة ، يا دجلة"
جاءت دجلة بسرعة وهي تنحني امامها هامسة باحترام
"نعم يا سيدتي الكبيرة"
قالت بنبرة صارمة وهي تنقل يدها باتجاه الاخرى
"خذيها معكِ واريها اين مكان المطبخ واين تقع المواد التي تحتاجها لتصنع لنا القهوة"
اومأت برأسها بامتثال وهي تهمس بأدب
"امركِ يا سيدتي"
نهضت إيليف عن الاريكة وغادرت برفقتها تقودها باتجاه المطبخ ، لتنهض سلسبيل بعدها بلحظات قبل ان تمسك والدتها بذراعها قائلة بحزم
"اجلسي"
نفضت ذراعها بعيدا عنها وهي تناظرها بجمود قاتل قبل ان تغادر بعيدا بنفس المسار الذي غادروا منه .
وقفت إيليف امام الموقد وهي تستمع للخادمة معها وهي تشرح لها كيف تصنعها بشكل يعجب السيدة ، لتقاطعها بعدها وهي تهمس بخفوت
"شكرا لكِ يا دجلة ، لقد اتعبتكِ معي"
حركت رأسها بالنفي وهي تهمس بلطف
"لا بأس ، انا موجودة هنا لخدمتكِ"
بادلتها الابتسامة بأجمل منها قبل ان تذبل ما ان سمعت احدهم ينادي عليها بجهة من المطبخ ، لتهمس بعدها بعجلة
"اعتذر منكِ ، يجب ان ارد عليهم بسرعة"
اومأت برأسها وهي تراقبها تغادر من امامها وتتركها امام المهمة الصعبة وهي تخشى ان تخطئ بمرحلة ما بعدها تعاقب ، بدأت بعدها بتحضير القهوة بوضع ابريق الماء على النار وانتظارها حتى تغلي ، وبالواقع بأنهم لا يحضرون القهوة كثيرا بالقرى بسبب غلاء ثمنها واستبدالها بالشاي الأقل تكلفة ، لذلك لم تعتاد على صنعها ألا مرات قليلة كان يجلبها بها مأمون بالسر عن زوجته كي لا توبخه على هدر المال !
تأهبت واقفة ما ان سمعت صوت طرقات حذاء عالي الكعبين تتجه نحوها وقد عرفت هويتها بدون النظر لوجهها بسبب رائحة عطرها النفاذة ، لتمر من خلفها تماما وهي تراقب ما تفعل بصمت مريب حتى همست بخفوت ساخر
"ألا تعرفين شيء يسمى آلة تحضير القهوة ! بأي عصر تعيشين ؟"
شدت بأصابعها على حافة المجلى وهي تهمس باستياء
"لا اعرف عنها"
ادارت نظرها بعيدا وهي تهمس بصوت تعمدت ان تسمعه
"قروية بدائية !"
ضمت شفتيها بأسنانها وهي تكبت مشاعرها وأحاسيسها بصمت وكما توقعت هذه الشابة الغريبة لا تحبها مطلقا وتطمر لها الكثير ! والسبب غير معروف ! فيبدو بأنها لن تنجح بكسب ثقة او محبة احد بهذه العائلة النبيلة الانتقائية !
ما ان اقتربت منها خطوة حتى تجمدت بمكانها ما ان وصلت لأنفها رائحة مألوفة من المستحيل ان تخطئها ، لتقبض بيديها على جانبيها وهي تخفض نظرها تحاول تمالك اعصابها كي لا تجرم بها ما ان اشتمت رائحة عطر حذيفة ملتصق بها ! وهو ما جعل كل قطرة دم بجسدها تشتعل مثل الجمرات تكاد تقضي عليها فهذه لم تعد غيرة وحسب بل استحواذ وسرقة املاكها الخاصة !....
رفعت رأسها تسترجع وضعها السابق وتضع لوح جليد فوق مشاعرها وهي تتجه بجانبها وتلتقط كأس كريستالية بقاعدة ذهبية وتسكب الماء بها ، لتشربها بعدها جرعة واحدة طويلة علها تطفئ القليل من الحريق الذي شب بخلدها .
راقبتها إيليف بصمت وهي تمسك الكأس من عنقها الرفيعة وتشرب الماء بشراهة ، لتفيق بعدها على صوت غليان القهوة وسطحها يطفو للأعلى ، اطفئت الغاز بسرعة وهي تضع الغطاء فوق الابريق ثم تناولته وبدأت بسكب القهوة بالفنجانين الخزفيين .
ما ان انتهت حتى رفعت الصينية من مقبضيها الذهبيين وهي تسير بها ، وما لم تتوقعه هو الاندفاع الذي جاء من جانبها بسبب التي سارت بسرعة قريب منها اسقطتها ارضا وكل ما بحوزتها ! لتشهق برجفة لاسعة ما ان انسكبت القهوة كاملة فوق يدها والفنجان الآخر انسكب داخل الصينية ! ثم سمعت صوتها المتعالي فوقها وهي تهمس بازدراء
"هل انتِ عمياء ؟ كدتِ تلطخين فستاني ببقع القهوة ، انتبهي لخطواتكِ اكثر"
رفعت نظراتها بتشوش وهي تراقبها تدير ظهرها لها وتتلاعب بخصلة من شعرها الطويل مغادرة المكان بثقة ، لتنتفض بسرعة واقفة وهي تفتح الصنبور وتضع كفها تحت برودة الماء التي خففت قليلا من حرارتها ، لتغمض عينيها الدامعتين من الألم وهي تهمس بصبر
"يا الله اعطيني القوة على الصبر"
اغلقت الصنبور وهي تراقب الفوضى التي حدثت من لحظات زعزعت ثباتها الذي تعبت بالحفاظ عليه منذ قدومها للمنزل ، وكأن قدرها ان يرافقها سوء الحظ طيلة حياتها !
خرجت من المطبخ واتجهت لرواق المنزل وهي تحمل صينية القهوة الجديدة التي اعادت تحضيرها ، وما ان وصلت حتى وضعت فنجانين القهوة امام كل واحدة منهما بدون النظر بوجه احد ، لتمسك الصينية بيدها وتخفي يدها التي احترقت خلف ظهرها وهي تهمس بأدب
"عن اذنكما ، سأذهب لغرفتي للراحة"
وضعت الصينية على الطاولة وغادرت من امامهما وهي تنزل اكمام سترتها تخفي الحروق على كفها ، بينما كانت شهيرة تراقبها باستغراب وهي توجه حديثها للجالسة بجانبها قائلة بجدية
"ماذا فعلتي لها ؟"
رفعت فنجان قهوتها ترتشف منه بهدوء وهي تهمس بتشمت
"لقد اريتها قيمتها الحقيقية تلك الفلاحة الرثّة"

يتبع.....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-05-24, 02:36 AM   #483

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 818
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

ضغطت على المكابح بقوة حتى اوقفت السيارة على بعد سنتمترات من السيارة المقابلة لها اصدرت عجلاتها صرير عالي ، لتحرر انفاسها المرتجفة بقوة وهي تفك حزام الامان وتخرج منها بلحظة ، سلطت نظرها على السائق الذي هرع لها بسرعة فور رؤيته للسيارة التي دخلت المكان باقتحام ، وما ان وقف امامها حتى سبقته قائلة وهي تمد مفتاح السيارة
"تفضل امانتك ، ها هي سيارتك عادت لمكانها بدون اي ضرر"
اخذ المفتاح منها بحذر وهو يومئ برأسه ، وما ان كانت ستتحرك حتى وقفت امامه مجددا وهي تدس يدها بجيب سترتها الجلدية هامسة بخفوت
"ثمة طلب آخر اود منك فعله"
راقبها وهي تخرج مفتاح سيارة آخر وتمده نحوه قائلة بجدية
"هناك سيارة موجودة امام شركة الكايد ، بيضاء اللون ومن الطراز القديم ، اريدك ان تقودها لمنزل خالتي بالحي الشمالي المبنى التاسع عشر ، هل فهمت ؟"
اومأ برأسه بدون ان يدقق بالتفاصيل او يسأل عن السبب وهو يقول بطاعة
"حاضر سيدتي ، سأفعل ذلك"
حركت رأسها كما جسدها بعيدا عنه وهي تسير باتجاه مدخل المنزل تكمل اقتحام ساحة الحرب كما ترى ، لتتوقف بوسط البهو الواسع وهي تراقب محيطها بعينين قانصتين قبل ان تلتقط الخادمة الموجودة بالجوار والتي ركضت نحوها على إشارتها ، انحنت امامها باحترام وهي تهمس بأدب
"اهلا بعودتك يا سيدتي ، هل احضر لكِ شيء...."
رفعت كفها امامها توقف هدر كلامها والخادمة تراقبها بارتياب خوفا من ان تكون اخطئت بالحديث ، لتقبض على كفها وتخفضها وهي تفك وشاحها بيدها الاخرى وتسحبه عن رأسها لينسدل شعرها الذي جف على تدرجاته بسبب استحمامها بالصباح على كتفيها وظهرها ، لتقول بعدها بحزم وهي تطوي الوشاح الابيض بين يديها
"من يوجد بالمنزل ؟"
افاقت من تأملها وهي تقول من فورها بجدية
"هناك السيدتين شهيرة وابنتها قد جاءتا بالصباح....."
قاطعتها سراب بصوت نافذ
"غيرهما"
نظرت لها باستغراب قبل ان تستوعب قصدها وهي تهمس بهدوء
"نعم زوجك ، لقد جاء قبل قليل...."
"واين هو ؟"
ابتلعت ريقها بخوف من تغير نبرة صوتها ونظراتها ثم همست بخفوت
"بغرفة المكتب"
تنفست سراب بقوة وهي توجه نظرها بعيدا تفكر بما عليها فعله الآن ، لتمد بعدها الوشاح نحوها هامسة بقوة
"خذي وشاحي وضعيه بغرفتي"
سارت بعدها بطريقها تتجاوزها وتحدد المكان الذي ستتوجه له بدون ان تلتفت حولها ، ولم تتوقف حتى باتت بمواجهة الباب الخشبي العريض بمقبض ذهبي ثقيل والذي لم تزوره بحياتها ولم تحتاج لذلك...ولم تكن تريد ان تصل له لولا الذي حدث معها اليوم غير مبادئها وترتيبات حياتها ليدفعها للقدوم إليه ولكن ليس بنية طيبة بل كي تأخذ حقها وتقتص لشقيقها وتطفئ لهيب الحرب بقلبها ، فقد كانت قد فعلتها من قبل تتنازل عن كل شيء ألا حق عائلتها لا تتنازل عنه ولن تسمح لأحد بتجاوز تلك الحدود الحمراء ! وعندما تصل لأقصى درجات جنونها لا تفكر بأحد ولا ترحم مخلوق أياً كان يكون ويصبح من امامها عدوها !
لم تمسك بمقبض الباب بل دفعته بكفيها دفعة فتحته على اشرعه وجذبت نظرات الواقف خلف المكتب ظهر امامها مباشرة ، لتعيد شحن طاقة الغضب بداخلها وهي تكمل دخولها بمداهمة بدون ان تكترث لآداب او ذوقيات او حتى احترام...ليتحرك الواقف خلف المكتب بنفس وقتها وبخطوات واسعة حتى انتهت طرقاتهما امام بعضهما والنيران تتأجج بينهما خاصة من جهتها...كان يراقب الغضب المنبعث منها وينعكس بمقلتيها العسليتين الواسعتين اللتين باتتا بركتين من الجحيم وهي تضم شفتيها الزهريتين بتقوس طفيف تحاول السيطرة على انفعالها من خلالهما وتبث بهما كل غضبها ، وهو يعلم بأن مشاعرها تطفو سريعا للسطح ما ان تغضب او تنفعل او تتوتر ويظهر واضحا باحمرار جسدها والحكة بعنقها والحرارة التي تصعد لرأسها مثل البركان .
انخفض بنظره على ملابسها وهي ترتدي تنورة سوداء طويلة حد كاحليها وفوقها سترة جلدية بيضاء بحواف سوداء ، وتركت شعرها البني الطويل حر طليق حول وجهها ينسدل على كتفيها بتجعدات شريرة وكأنه يتشكل حسب مزاج صاحبته ، ليتوقف على وجهها المرتفع نحوه وهي تحدق به بتلك العينين الغاضبتين اللتين يعرف سبب غضبهما ، فقد تلقى اتصال واحد قبل قليل شرح الوضع له وما حدث قبل ساعة اضطره للتجهز للقنبلة القادمة والتي لن تشفع لأحد عما اصاب شقيقها...بالرغم من انه اراد قتله بنفسه بعد كلامه وطلبه ولكنه لم يكن ينوي إيصاله لهذه الحالة السيئة ويبدو بأنهم قد تمادوا بعقابه !
تنفس بهدوء يستعيد شخصيته الفولاذية وهو يدس يديه بجيبي بنطاله قائلا بقوة
"اين كنتِ ؟ واين ذهبتِ ؟"
تنقلت بنظرها بين عينيه وهي تحك عنقها الاحمر بضيق هامسة بجفاء
"اظن بأنه بات لديك علم بكل شيء"
رفع ذقنه بهدوء وهو يخفي ابتسامته من كلامها الواثق فهي لا تجزم بشيء غير متأكدة منه مئة بالمئة ، ليخفض نظره وهو يقول بشبح ابتسامة
"كيف عرفتي بكل هذا ؟"
اخفضت كفها وهي تقبضها على جانبها هامسة بحدة
"ليس هذا هو السؤال ، بل السؤال كيف فعلت ذلك ؟"
حرك عينيه جانبا وهو يقول بثقة
"هو الذي بدأ اولاً ، ومن يرتكب المشاكل يتوجب ان يتحمل النتائج"
غرست اسنانها بطرف شفتيها وهي ترفع قبضتها باتجاه صدره قبل ان تضربه بها وتقول بنبرة تهديد كادت تحرق الدماء بأوردتها
"اقتلك ! اتسمع !"
تحجرت ملامحه وهو يناظرها ببرود جليدي قبل ان تضربه مجددا بقبضتها هامسة بحقد
"إذا تأذى فرد من عائلتي مرة اخرى اقتلك بدون ان يرف لي جفن ، إذا توجع احد منهم بسببك اقسم بهذه الروح ان اوجعك بقدرهم واكثر ، فلا احد يعبث مع عائلتي ولا يدفع ثمن ذلك !"
قبض بيديه بجيبي بنطاله وهو ما يزال يراقبها بصمت حجري يحسد عليه ، لتشير بأصبعها السبابة على صدره وهي تهمس بكراهية
"قلبك القاسي المتحجر الذي كسر قلب شقيقي اقتلعه من بين ضلوعك بيداي !"
تسمرت عضلات وجهه ألا من حركة حاجبيه الباردتين وهو يخرج يديه من جيبي بنطاله ، ليمسك بقبضتها التي كسر اصبعها وهو يضمها مع اصابعها الاخرى قائلا بجمود
"انتِ لستِ بوعيك الآن من الغضب والتعب ، لذا اذهبي لغرفتك وارتاحي بها بصمت"
استلت قبضتها بكل قوة وهي تصرخ بانفعال غاضب
"لا يمكنك ان تأمرني حتى بهذا الوقت !"
رفع كفه بوجهها وهو يقول بصرامة
"يكفي"
راقبته وهو يستدير بكل بساطة يوليها ظهره لتصرخ من فورها بضراوة
"لا ليس يكفي يا سيد ، لا يمكنك ان تفعل ما تفعل وبعدها تدير ظهرك لي ! لا يمكنك الاعتراف والاعتذار عن الخطأ بيوم بعدها ترتكب خطأ جديد واسوء منه ! انا جئت كي اقول لك بأنني لن اصمت عن حقي ، لن اتنازل عن حقي مجددا"
ادار نصف وجهه نحوها وهو يقول باستهزاء
"ومتى صمتِ او تنازلتِ عن حقك ؟"
ضربت ذراعها على جانبها وهي تقول باستهجان
"عندما سمحت لقاتلي بالفرار منك ، عندما انتهكت مكان عائلتي وحرمة المنزل ، وما تزال تفعل ذلك ! اليوم عندما دخل شقيقي منطقتك ابرحته ضربا وكدت تقتله بدون ان تفكر بقلب والدته وشقيقته عليه !"
تلبدت ملامحه بدون اي تعبير وهو يقول ببساطة
"انتِ لم تسمعي ما قال لي ، لذا لا تستطيعين الحكم عليّ فقط من كلامه !"
ردت عليه سراب من فورها بسخرية
"أياً كان ما قاله هل يستحق ان يموت عليه ؟ هل يستحق الانسان الموت لأنه ابدى رأيه وتكلم بديمقراطية ؟"
ضيق حدقتيه السوداوين بقوة وهو يقول بتصلب
"لم اكن انوي قتله ، افهمي ذلك"
قطبت جبينها الابيض بقوة وهي تقول بغضب
"لقد اوصلته لحالة اسوء من الموت ، عندما يتضرر كبرياء الرجل ويفشل بحماية احباءه فهو بمثابة الموت بالنسبة له !"
عقد حاجبيه بجمود وهو يلتفت نحوها ويحرك رأسه قائلا بتهكم
"من اين تعرفين كل ذلك ؟ هل هو من اخبرك ؟"
ضمت شفتيها بعبوس وهي تهمس من بينهما بخفوت ناقم
"عندما تكون تعيش بمنزل متواضع وحالة مادية متدنية وتحافظ على كبريائك تفهم قيمة الكبرياء ، ولكن امثالك ممن يمتلكون الغنى والرفاه ويعيشون بمستعمرات كبيرة لن يفهموا معنى كلامي ، لن يفهموا ألا عندما يخسرون ثرواتهم ومستعمراتهم"
اشاح بنظراته بعيدا وهو يقول بجفاء
"يبدو بأنكِ تكرهيني لدرجة تتمنين بها خسارتي لكل شيء"
رفعت ذقنها بكبرياء وهي تقول بكل قسوة
"انا لست اكرهك انا احتقرك ! احتقر الرجال الذين يرون تعذيب نفس بريئة امر مباح بسبب تخطيها حدودها معهم ! انت يستحيل ان تكون انسان بشري...فليس هناك انسان بشري يفعل ما فعلت !"
تنفس بضيق وبمشاعر اعتمرت بصدره وهو يلتفت برأسه نحوها قائلا بجمود
"لقد بالغتي كثيرا بغضبكِ ، لذا يكفي هذا !"
رمت كفها بالهواء وهي تصرخ بثورة
"لن اصغي لك بعد الآن ، انا سآخذ انتقامي ، انتقامي لشقيقي ، سأنتقم لألمه وكبرياءه الذي سحقته ، سأنتقم له على كل اذى وجرح سببته له...."
قاطعها سفيان بغضب مفاجئ
"إذا كنتِ تكرهيني لهذا الحد لماذا انقذتني من تلك الرصاصة !"
تنفست بقوة ارتفع لها صدرها بعنف وهي تخفض كفها على جانبها قبل ان تقول بخفوت مستاء
"لم اكن اعلم...لم اكن اعلم بأنك عديم الرحمة لهذه الدرجة ! ظننت بأنك من الممكن ان تحمل القليل من الرحمة ، ولكنك كما عرفتك بالماضي قلب حجري بلا رحمة يستهوي تعذيب الناس وتحريكها مثل العبيد....."
سراااب !""
استدار نحوها بالكامل وهو يحدق بها بعواصف حررتها من مخبأها ولم يعد هناك مجال للتراجع ، ليرفع رأسه يسحب انفاسه بجحيم الغضب حتى قال بخفوت عازم
"تريدين الانتقام إذاً ، تريدين معاقبتي !"
رفعت حاجبيها البنيين بتوجس وهي تهمس بشك
"ماذا تعني ؟"
ابتعد عنها بسرعة ونظرها يلاحقه وهو يتجه لمكتبه ويفتح درجه بقوة ويخرج شيء منه ، وما ان عاد لها بلحظات حتى امسك بكفها ورفعها بقوة وهو يضع فوقها مسدس اسود حديث ، لتتسع حدقتاها بصدمة وهو يقول بخفوت منفعل
"خذي حقكِ مني ، حقكِ الذي سلبته منكِ ، يمكنكِ استرداد كرامتك وكرامة شقيقك بهذه الطريقة ، هيا افعليها واريحي ضميركِ ، افعلي الشيء الذي تسعين له !"
انتفض جسدها برعشة اخترقت جمودها وهي تسحب كفها وتدفع المسدس عنها هامسة بضيق
"اتركني ، اتركني !"
ولكن ذاك كان يتمسك بكفها بقبضته ويضع المسدس براحته صارخا ببأس
"لما لا تفعلينها ؟ لماذا خفتِ هكذا ؟ ألا تريدين فعلها ! ألم تندمي على انقاذ حياتي ؟ هيا خذي حياتي التي انقذتها...."
صرخت بقوة وهي تدفعه من صدره وتسحب كفها التي افلتها اخيرا واسقطت المسدس ارضا حتى استقر بينهما وبسبب وزن معدنه الثقيل اصدر رنينا عاليا تردد صداه بالأرجاء ، وما ان مرت لحظات صامتة حتى استدارت سراب بعنف ضربته بشعرها الذي لامس صدره وذقنه وهي تركض بسرعة خارج الغرفة بدون الاتيان بكلمة ، لتتركه بداخل فجوة الصمت التي خلفتها وراءها وما هي ألا لحظة حتى كان يركل المسدس بقدمه بغضب صدمه بقدم الكرسي....
______________________________
وضعت الاطباق على المائدة الصغيرة الموجودة بزاوية الصالون وهي شاردة بعالم آخر ونظرها تارة يذهب بعيدا باتجاه باب المنزل وتارة اخرى يعود حيث مكانها ، لتتنهد بحزن وهي تنقل نظرها هذه المرة للهاتف الساكن فوق الكرسي لا يصدر اي رسائل او اتصالات ، وخاصة بعد رسالة ابنتها التي جاءتها قبل نصف ساعة تطمئنها بوجود كاسر معها وتخبرها بأنهما بالطريق وسيعودان بدقائق ، ولكن تلك الدقائق باتت مثل الساعات على قلب هذه الأم الملهوفة لرؤية ابنها بخير وسلامة وها قد مرت نصف ساعة ولم يظهر اثر لهما ! فماذا حدث معهما ؟ وإلى متى ستصبر حتى تطمئن عليهما ؟ ألم يكن من الأسهل لو قالا لها الوقت الذي يحتاجانه بالتحديد للوصول بدل تركها تحترق هكذا بانتظارهما !
افاقت على صوت رجولي هادئ وهو يقترب بخطواته منها
"هل جهزتِ سفرة الغداء ؟ فأنا اتضور كثيرا من الجوع"
اجبرت نفسها على الابتسام بطبيعية وهي تنشغل بتحريك الاطباق هامسة برقة
"نعم لقد تجهز يا عزيزي ، تفضل مد يدك واشرع بالأكل"
ارجع الكرسي وهو يجلس عليه ويشمر عن كميه لمرفقيه قائلا بهدوء
"بسم الله الرحمن الرحيم"
عقد حاجبيه بتفكير وهو يراقب اصناف جديدة ومختلفة على طاولة الطعام المتواضعة ، ليقول بعدها بابتسامة مازحة
"هناك الكثير من الاطباق على الطاولة ونحن فردين فقط ، هل هناك وليمة لا اعرف عنها ؟"
نظرت له بهدوء بدون ان تبدي ردة فعل على مزحته وهي تهمس باتزان
"احببت ان ابتكر اطباق جديدة اليوم على المائدة كي اكسر الروتين اليومي"
غامت ابتسامته بقلق وهو يقول بجدية
"هل كل شيء بخير ؟"
اومأت برأسها بسرعة وهي تهمس بابتسامة اكبر بانت الخطوط حولها
"نعم بخير ، لا داعي للقلق من شيء"
حرك كتفيه بهدوء وهو يعود بنظره لمائدة الطعام لتسارع خيرية بالقول بارتباك
"لقد نسيت بعض الاطباق الباقية بالمطبخ ، لأحضرها بسرعة....."
اوقفها حكمت بنفس اللحظة وهو يقول بجدية
"تمهلي قليلا يا خيرية ، من سيتناول كل هذا الطعام ؟ لا تحضريه اتركيه لا داعي للإهدار بالنعمة ، هذه السفرة تكفينا وزيادة"
عادت بنظرها له وهي تعيد رسم ابتسامتها هامسة بهدوء
"نعم انت على حق"
تقدمت نحوه وهي تقف خلف الكرسي وتمسك بظهره بأصابعها ثم تنقلت بنظرها بينه وبين الباب بقلق لم يفارقها للحظة ، ليخترق صمتها صوت زوجها وهو يقول بهدوء خفيض
"هل تنتظرين احدا ؟"
نظرت له بارتباك وهي تهمس بحيرة
"ماذا ؟"
رفع حاجب واحد بمغزى وهو يشير بيده باتجاه الباب قائلا بجدية
"لقد كنتِ تنظرين للباب بقلق مدة دقيقتين ، وهذا يعني بأنكِ تنتظرين شخصا مهما ، فمن يكون هذا الشخص ؟"
انفرجت شفتاها لثواني تتنفس بارتعاش قبل ان تهمس بخفوت باهت
"لا انت مخطئ ، كنت انظر هناك....كنت انتظر شخص غير مهم...بائع...بائع الاقمشة كنت انتظر متى يصل"
حدق بها للحظات وهو يخفض كفه ويقول بصرامة تمثيلية
"لا تحاولي يا خيرية فأنا اعرف جيدا كيف اكشفكِ عندما تكذبين ، لذا ليس لديكِ خيار سوى ان تقول لي الحقيقة"
زمت شفتيها بعبوس وهي تشيح بنظرها بعيدا هامسة بثبات تحافظ على موقفها
"غير صحيح ، لا يوجد شيء كهذا"
حرك رأسه بصمت بدون ان يجادل اكثر ينتظرها ان تعترف من تلقاء نفسها ، ليجذبها صوت هاتفها وهي ترفعه بسرعة عن الكرسي وتتأمله ، لتحبط ملامحها ما ان اكتشفت بأنها ليست الرسالة المنتظرة والرقم المرسل لها من احدى الجارات بالحي .
افاقت على صوت حكمت وهو يشير بأصبعه للهاتف قائلا ببساطة
"والآن اصبحتِ تنتظرين رسالة من احدهم ! من يكون يا ترى ؟"
اخفضت الهاتف من امامها وهي تقول بتذمر طفولي
"اوف وانت علقت عليّ يا حكمت ، لقد كبرت حقا المواضيع اكثر من حجمها !"
اسند مرفقيه على طرف الطاولة قبل ان يقول بنبرة عميقة
"ما لذي يضايقكِ يا عزيزتي ؟ ألن تبوحي لي بما يزعجك ؟"
ضمت الهاتف بيديها وهي تتنهد بإرهاق استبد بها منذ الصباح قضتها تحارب ظنونها وهواجسها ، لتخفض نظرها ارضا وهي تهمس بحزن عميق
"كنت انتظر كاسر"
قطب جبينه باستغراب وهو يقول بجدية
"ولماذا تنتظرينه ؟ هل قال لكِ بأنه قادم ؟ واين هو بالأساس ؟"
ارتجفت شفتيها وهي تشتت نظرها حولها قبل ان تسمع رنين جرس المنزل مثل جرس الإنذار ، وبدون انتظار كانت تضع الهاتف على الطاولة وتجري باتجاه الباب متجاهلة نظرات زوجها المستغربة ، وما ان وصلت حتى فتحته بقوة وهالها ما رأت وهي تتأمل ابنها الوحيد مستند بإطار الباب بصعوبة تظهر علامات التألم على وجهه المليء بالكدمات وبقع بنفسجية ورضوض على طول ذراعيه ! لتستقبله بسرعة بأحضانها بعاطفية وعيونها تبكي بشدة بعد ان كبتت نفسها طويلا ومثلت الصمود !
مسح كاسر بعدها بلحظات على ظهرها بيده الحرة ويده الاخرى يمسك بها إطار الباب قائلا بجدية
"انا بخير يا امي ، لا تخافي عليّ ، لا تخافي ابدا....."
قاطعته بشدة وهي تبتعد عنه وتضربه بصدره ضربة رقيقة
"كيف تريدني ألا اخاف وانت تقاطعني بهذه الطريقة ؟ لا اتصالات ولا رسائل ولا كلام ، لقد احترق قلبي من خوفي وقلقي عليك وانت تتركني اتخبط هكذا ، هل تعاتبني هكذا ام تعاقبني ؟"
امسك بذراعها بسرعة وهو يمسح عليها قائلا بخفوت
"لا تقولي هكذا يا امي ، اعتذر حقا ، اعتذر على كل شيء"
امسكت بيده على ذراعها وهي تلمس الجروح عليها هامسة بخفوت
"ماذا حدث لك ؟ لماذا انت هكذا...."
قاطعهما صوت رجولي جاد وهو يتقدم نحوهما
"ماذا يجري يا خيرية ؟ ما به الولد....."
تجمد بمكانه وهو يتأمل حالته وشكله بصدمة بينما ابتعدت خيرية من امامه ، قبل ان يقول بهدوء صارم تقمصه بلحظة
"ماذا حدث لك ؟ واين كنت ؟"
ابتلع ريقه بارتباك وهو يحاول الوقوف باعتدال امام والده قائلا بوجوم
"لقد دخلت بشجار"
اتسعت حدقتاها بصدمة وهي تغطي فمها بكفها تمنع الشهقة من الخروج من حنجرتها ، بينما كان حكمت ثابت تماما عكس زوجته وهو يتابع قائلا بحزم
"ومن احضرك للمنزل ؟ كيف اتيت بحالتك هذه ؟"
نقلت نظراتها تلقائيا خلف كتفه وهي تبحث عن ابنتها الاخرى التي يفترض بأنها من احضره وكان معه ، ليهمس كاسر ما ان لمح نظراتها نحو الباب
"لقد ذهبت"
نظرت له بعينين عسليتين يائستين فقد كانت تتأمل ان ترى ابنتها ولو بضعة دقائق تطفئ شوقها لها ، ليبدد حكمت الصمت وهو يقول بقوة
"كاسر ، انا اتكلم معك ، لماذا لا تجيب على سؤالي ؟"
اخفض كاسر نظراته بحرج وهو يقول بهدوء
"نعم يا ابي"
تنفس بضيق وهو يمسح جبينه بإصبعيه قائلا بجدية اكبر
"ما لذي اصابك ؟ هل يفعل احدهم هذا الشيء الذي فعلته ؟ أليس لديك عقل ؟ هل تعلم كم خافت عليك والدتك وارتعبت بسببك ! ألا تفكر بأحد عدا نفسك !"
قالت خيرية من فورها بخفوت حزين
"حكمت ارجوك !"
ردّ عليها بسرعة وهو يلوح بأصبعه عليه قائلا بشدة
"ألا ترين حالته التي جاءنا بها ؟ حتى اولاد الشوارع لا يتصرفون مثل هذه التصرفات الرعناء ! هل تظن نفسك مراهق او شاب صغير حتى تتصرف هكذا بدون وعي او تفكير ؟"
اخفض رأسه بهدوء وهو يقول بخزي
"آسف يا ابي ، لن اعيدها مجددا ، ارجوك ان تسامحني"
اخفض ذراعه على جانبه وهو يقول بنبرة صلبة
"عليك ان تشعر بالأسف ، بعد ما فعلته انت....."
قاطعته خيرية بسرعة وهي تمسك ابنها من ذراعه
"ارجوك يا حكمت تكلم معه لاحقا ، الآن علينا اخذه للغرفة وعلاج جروحه وتضميدها ، ألا ترى كيف اصبحت حالته !"
تنهد باستسلام امام رجائها وهو يفسح المجال لهما قبل ان تسحبه بسرعة باتجاه غرفته وهو يسير معها بانصياع ، وما ان وصلت لداخل غرفته حتى وضعته على سريره وهي ترفع الوسادة خلف ظهره كي يستقر عليها ، لتقول بعدها بخفوت قلق
"هل اخبر الطبيب كي يأتي ويفحصك ؟"
امسك بكفها بسرعة وهو يقول بقوة
"كلا لا تخبريه ، انا بخير ، بخير حقا"
امسكت بكفه وهي تتأمل جروحه بألم وكأنها المصابة وليس ابنها ثم مسحت دموعها وهمست بجدية
"إذاً دعني اضمد جروحك"
حرك كاسر رأسه بالنفي وهو يستقيم بجلوسه قائلا بجدية
"ليس هناك داعي ، فقد فعلت سراب ذلك قبلكِ"
تلبكت ملامحها ليس بسبب ما قال بل بسبب صوت الذي دخل عليهما بدون ان ينتبها له
"وما دخل سراب بقصة شجارك ؟ هل كانت معك ؟"
وقف بجانب زوجته وهو يحدق به بصلابة صخرية اصبح يعلم بأن اي كذبة سيقولها سيدفع ثمنها غاليا ، ليتنقل بنظره بينه وبين والدته حتى قال بالنهاية باستسلام
"هذا لأنني انا....تشاجرت مع زوجها"
شهقت خيرية بصدمة وهي تضع كفها على صدرها بينما تجمد زوجها بمكانه يحاول استيعاب ما قال ، ليقول بعدها بأول خروج له من الصدمة باستهجان
"ماذا فعلت ؟"
تدخلت خيرية من فورها وهي تقول بلا تفكير
ألم اطلب منك ألا تفعل ذلك !""
نظر لها زوجها بصدمة اكبر من صدمة ابنها وهو يحرك رأسه قائلا باستنكار
"ماذا تقولين يا خيرية ؟ وماذا تخفيان عني انتما الاثنان ولا علم لي به ؟ إلى متى تفكران بتركي خارج الاحداث ؟"
التفتت نحوه بسرعة وهي تهمس برجاء حزين
"ارجوك يا حكمت ليس الآن ، نتحدث بالمساء عن كل شيء وانا بنفسي سأخبرك بكل الاحداث التي تريد معرفتها ولكن الآن لا تسأل عن اي شيء ولا تتعب نفسك بالتفكير ، حسنا !"
حدق بها للحظات قبل ان يستدير وهو يضرب كفيه على جانبيه قائلا بوجوم
"حسبي الله ونعم الوكيل"
راقبته بعينين دامعتين وهو يخرج من الغرفة بغضب ، لتنقل بعدها نظراتها لابنها وهي تشير له بأصبعها السبابة قائلة بصرامة
"وانت لن اتركك بدون حساب ، سأحاسبك على كل شيء ، ولكن الآن لدي مهمة وهي اللحاق بوالدك قبل ان يخرج من المنزل بدون طعام من الغضب"
التزم بالصمت وهو يراقب والدته تستدير بعيدا عنه وتركض بسرعة خارج الغرفة ، ليرجع رأسه للخلف بإنهاك وهو يخفض جفنيه ويقول بجفاء
"اعتذر منكم ، ولكن كان يجب ان يحاسبه احد ويوقفه عند حده"

يتبع.....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-05-24, 02:43 AM   #484

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 818
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

شدت على المرهم الفارغ بالفعل وهي تخرج السائل المتبقي من احشاءه ، لتدهن بها الحرق الكبير على كفها وهي تمسحها بأصابعها برفق شديد ، ثم تنفست بعناء وهي تتأمل شكل الحرق الذي ازداد وضعه سوءً وتضاعف حجمه .
انتفضت بهلع ما ان انفتح باب الغرفة لتدس المرهم بجيب بنطالها وتنزل كم سترتها على كفها ، لتغرس اسنانها بطرف شفتيها تتحمل الوجع بسبب احتكاك الحرق بالقماش الصوفي ، رفعت حدقتيها الواسعتين ما ان وقف امام المرآة وهو يخلع ساعته قائلا برسمية
"مساء الخير"
ارتسمت ابتسامة صغيرة على محياها وهي تهمس بوهن
"مساء النور"
حرك رأسه بدون ان ينظر لها وهو يقول بجدية
"لماذا لم تنزلي لحضور مائدة العشاء ؟"
ابتلعت ريقها بارتجاف وهي تنظر لانعكاس صورته على المرآة تتأمله بإمعان ، ليبدد الصمت صوته وهو يقول بقوة
"ما بكِ ؟ لما صمتِ ؟"
ردت عليه من فورها وهي تهمس بحياء
"لست...لست جائعة ، ليس لدي رغبة"
رفع نظراته نحوها لأول مرة على المرآة وهو يقول بحزم
"ألم اقل لكِ ستحافظين على نظام تغذيتك وتناول وجبات غنية بالعناصر المهمة ؟"
اخفضت نظراتها بسرعة وهي تتحاشى النظر له ، ليعقد حاجبيه بشك وهو يستدير نحوها قائلا بنبرة صلبة
"ما لذي اصابكِ ؟"
زمت شفتيها بخوف وهي تهز رأسها بدون النطق بكلمة لا تعرف ماذا تقول ، ليتقدم بعدها نحوها بخطوات دبت الرعب بأوصالها وكأنها اخطئت وتنتظر العقاب على خطأها كما كانت تفعل معها عمتها ، لترتجف اطرافها ما ان انحنى امامها وهو يقول بهدوء خفيض
"ماذا بكِ ؟ هل ضايقكِ احد ؟ هل اذاكِ احد ؟"
نظرت له بعينين حبست الدموع بهما وهو يسألها ببساطة بدون اتهام او إدانة بدون إهانة او استنقاص وهو الشيء الذي لم يفعله احد لها بحياتها ، ليلمس ذراعها بأصابعه برفق وهو يقول بجدية اكبر
"لماذا تصمتين ؟ قولي ما بكِ !...."
توقف بنظره على كفها اليمنى التي تخفيها بكم سترتها وتضمها جانبا ، ليبعد اصابعه عن ذراعها ويمسك ذراعها الاخرى ينوي سحبها قبل ان تعاند به وهي ترفض ذلك ، بينما شد عليها حذيفة اكثر وقد تأكدت ظنونه وهو يسحبها رغما عنها .
كشف بعدها عن يدها وهو يتأمل الحرق الواضح الذي بات مثل شكل العنكبوت انتشر بكفها ، ليقول بعدها بجمود صخري
"كيف حرقتي يدكِ ؟"
ارتجفت انفاسها وهي تهمس بخفوت متحشرج
"ليس حرق كبير ، مجرد حرق....."
قاطعها حذيفة بصرامة مفاجئة ألجمتها
"اجيبِ على السؤال يا أليف !"
ردت عليه من فورها بتلعثم
"احترقت وانا اصنع القهوة...اقصد سقط فنجان القهوة على يدي...لقد كان خطأ مني"
رفع حاجبيه ببطء خطير وهو يقول بنبرة حادة
"ومن طلب منكِ إعداد القهوة ؟"
تبرمت شفتيها بعبوس وهي تحدق بيدها فوق كفه ثواني قبل ان يصرخ بانفعال
"اجيبِ !"
اغمضت عينيها بخوف وهي تهمس بانتفاض
"السيدة شهيرة"
حدق بها للحظات صامتة جعلتها تفتح عينيها بوجل وهي تهمس بتبرير
"قالت بأنها تخص العادات ، والعادات مهمة جدا"
انتصب واقفا بقوة وهو يحرك رأسه قائلا بغموض
"انهضي"
عقدت حاجبيها الرقيقين بارتياب وهي تنهض معه ببطء وقبل ان تسأل كان يسحبها معه خارج الغرفة ، لتجاري خطواته الواسعة وهو يأخذها باتجاه الممر ثم للسلالم ينزل بها بسرعة كادت تتعثر بإحدى عتباتها ، وما ان بات بقرب البهو الواسع حيث مكان اجتماع العائلة على مائدة العشاء حتى كان يتوقف بقوة ، لتختبئ إيليف خلفه ما ان توجهت كل الانظار نحوهما بلحظة واحدة بينما شهيرة الوحيدة التي لم تنظر لهما وتجاهلت وجودهما .
تقدم من المائدة عدة خطوات ونظره وتركيزه على شهيرة وحدها ولم يرى نظرات الجالسة بجانبها تتأمله بلهفة ماتت سريعا عندما لمحت مرافقته الصغيرة ، ليبدد الصمت بعدها قائلا باتهام واضح
"هل انتِ من طلب من زوجتي إعداد القهوة ؟"
تسلطت النظرات عليها وهي ترفع رأسها نحوه تنظر له ببرود قبل ان تقول بثقة
نعم انا من طلب منها بصفتي حماتها""
قطب جبينه بجمود وهو يقول باستهزاء
"وهل فتيات العائلة يعملن بالخدمة ؟"
امتعضت ملامحها وهي تقول من فورها بترفع
"كانت هذه عادة مهمة من عاداتنا ، وهي خدمة العروس لأهل العريس بإعداد القهوة لهم وهذا كي تثبت بأنها تستحق ان تكون كنة بعائلتنا وزوجة لأبننا"
قال حذيفة من فوره بصرامة
"هذه عاداتك انتِ وليست عاداتي ، وهذه العادات لن تنطبق على زوجتي لأنني اخترتها بملء إرادتي"
حذيفة احترم نفسك !""
قاطعه سفيان بصوت جهوري نافذ ، بينما تجمد جميع الجالسين حول الطاولة ألا سلسبيل التي كانت تشد الشوكة بقبضتها تحترق بصمت ، لتقول شهيرة مجددا وهي تلوح بذراعها بغضب منفعل
"اتركه يعبر يا سفيان ، اتركه يعبر عن مشاعره وكرهه لنا ، لم يمر يوم على زواجه وبات يحاسبني على طريقة تعاملي مع زوجته ! هل انجرح كبريائها لأنها قدمت القهوة لعمة زوجها ؟"
حدق بها حذيفة بجمود وهو يرفع كفها التي ما يزال يمسك برسغها قائلا بقسوة
"بسبب تلك العادات البالية احترقت يدها ! تحملت الوجع كي ترضيكِ ولا تقيميها تقييم سيء"
تلبدت ملامحها وهي تحدق بيدها بينما عضت سلسبيل على طرف شفتيها وهي تشاهد إثبات إدانتها والوحشية التي قامت بها وتحملت والدتها الملامة ، لتشيح بوجهها سريعا ما ان شعرت بنظرات والدتها تنتقل لها وتصيبها بمقتل ، لتقول شهيرة بعدها بلحظات وهي تنقل نظرها له بجفاء
"هذا يعني بأنها لا تنفع بالأعمال المنزلية وفشلت بالاختبار فقد حرقت يدها بسبب مهمة بسيطة كإعداد القهوة ، ماذا ستفعل لو طلبنا منها ان تطهو ؟ ربما تحرق المطبخ بأكمله وتحرقنا معها ! بالرغم من انه معروف عن اهالي الجبال إجادتهم للطبخ والكثير من الاعمال !"
اخفض قبضته مع كفها بقوة وهو يقول بصوت قاسي
"زوجتي ليست خادمة عند احد حتى تعدّ وتطهو ولن تفعل اي من تلك الاعمال المنزلية ، ولن تخضع لأي اختبارات او عادات تحدد مكانتها"
قال سفيان من فوره بنبرة متزنة
"توقف يا حذيفة ، اجلس ودعنا نتكلم بين بعضنا بهدوء وايضا انت لم تتناول طعام العشاء ، اجلس مع زوجتك وتناول معنا"
شد بأصابعه الطويلة على رسغها وهو يقول بصلابة
"لن اعيد كلامي مجددا ، لا احد سيتدخل بحياتي الخاصة ومن تدخل بها لن يعجبه ما سيلقاه مني !"
راقبته النظرات وهو يبتعد ويشير للخادمة الموجودة بالقرب منهم
"اتبعيني يا دجلة"
لحقت بهما الخادمة بسرعة باتجاه السلالم ، لتقول شهيرة من فورها بصوت مغتاظ
"هل رأيت ما حدث يا سفيان ؟ لقد بات شقيقك خارج نطاق السيطرة الآن يهددنا بالغد يطردنا ! هذه نتيجة دعمك له باختيار زوجته ونحن من نتحمل تمرده"
حرك عينيه بضيق وهو يقول بصبر
"يا رب ! يا صبر ايوب"
دارت بنظراتها حولها وهي تقول باستغراب
"وايضا اين هي زوجتك ؟ لماذا لم تنزل ؟"
ردّ عليها ببساطة بدون النظر لها
"متعبة قليلا ، ولن تستطيع النزول"
عقدت حاجبيها وهي تحرك رأسها قائلة باستنكار
"ما هذا الحال الذي وصلتم له يا اولاد مفلح الكايد ؟"
امسكت الشوكة امامها وهي تقول بخفوت حاسم
"اسمع قراري إذاً ، انا سأقيم عندكم بالمنزل حتى يوم زفاف شقيقك ، فأنا اكون كبيرة هذه العائلة ومن واجبي التأكد من سلامة حياتكما الزوجية كي لا يحدث الضرر لكما لاحقا"
حرك سفيان رأسه وهو يمضغ الطعام قائلا بلا اهتمام
"افعلي ما يحلو لكِ"
بينما تابعت سلسبيل تناول طعامها بقهر وهي لا تصدق كيف وشت له بهذه السرعة عما حدث لها وجعلته يعادي بهم ! لتفكر حينها بالطريقة التي ستعذب بها تلك الفلاحة الصغيرة تندمها على اللحظة التي فكرت بها بدخول حياته....
____________________________
تألمت ملامحها وهي تراقب الجالس بجانبها يقوم بدهن مكان الحرق بعناية وبتركيز عالي ، وهو يؤدي وظيفته كطبيب بجانب وظائفه كزوجها ومحاميها الذي يدافع عنها امام عائلته ويحافظ على كرامتها ، فأن يظهر مثل هذا الرجل بحياتها كان حلم بعيد المنال بل حلم إبليس بالجنة ! فمن كان يتوقع ان تحصل على هذا الرجل المثالي من كل النواحي ويكون فارس احلامها ونصيبها وهذا اكبر مثال على رحمة وعطف الله عليها !
شعرت بوخز مثل الإبرة بكفها وهو يلفها بشاش معقم ويقول بخفوت جاد
"ستشعرين بالألم بالبداية وايضا ببعض الخدر ولكنها فترة ايام وبعدها سيكون الألم اخف وسيزول تدريجيا ، المهم ان تغيري الضماد عنها كل يوم وترطبي جلدك بالمرهم كي لا يشعر بالجفاف"
رفعت نظراتها نحوه تراقب حركة رأسه وهو يقول بنبرة صلبة
"والأهم عدم الضغط عليها باستمرار او استخدامها بحياتك اليومية"
زمت شفتيها بارتجاف وهي تهمس بخفوت متردد
"انت تبالغ كثيرا !"
توقف عن ربط الشاش حول كفها وهو يرفع رأسه قائلا بجمود اخافها
"لقد وصل الحرق لديكِ للدرجة الثانية ، هل تعرفين معنى ذلك ؟"
حركت رأسها بجهل فهي ليس لديها ادنى معرفة عن الامور الطبية مثله لذلك لا تشعر بأي خطورة عليها ، بل ما تعرفه بأن هذه الحروق كانت تحدث معها باستمرار بسبب عملها الطويل بالمطبخ وفرن المخبز ولم تكن تملك ادوية تشفي نفسها لذلك تلتجئ للحلول المنزلية وصنعها من مكونات رخيصة مثل معجون الاسنان والعسل والاعشاب ، ولكن لم يكن يختفي الحرق بالكامل بل يترك ندبة مكانه وهذا بعد ان يعذبها الألم ساعات وايام قبل ان يزول وينتهي ، لذا لديها خبرة طويلة مع الألم لم تعد تشعر معها بكمية الألم ودرجته بسبب اعتياد جسدها وتعايشه مع كل انواع التعذيب !
اخفض نظراته لكفها وهو يكمل لف الشاش حولها ويقول بجمود وكأنه سمع صوت افكارها
"وإياكِ واستخدام الثلج عليها او معجون الاسنان"
نظرت له بصدمة وهي تهمس بعبوس
"لماذا ؟ أليس مفيد لها معجون الأسنان !"
نظر لها بحدة وهو يقول بابتسامة جانبية متهكمة
"هذه مجرد حكاية شعبية بدون دليل يدعمها ابتكرها الاجداد واسلافنا القدامى ، وكي اكون اكثر وضوحا معجون الأسنان يمكن ان يهيج الحرق ويخلق بيئة اكثر ملاءمة للعدوى ، هل وصلت المعلومة الآن ؟"
اومأت إيليف برأسها بسرعة وهي تهمس ببراءة
"نعم فهمت"
حرك رأسه بيأس وهو يواجه جهل كبير ذكره بجهل الأميين الذين يتعاملون مع شتى انواع الامراض باستخفاف وتهاون ، وهذه هي البيئة التي نشأت بها ويجب عليه تغييرها وتحسينها بالذي يلائمه كي تجاري مسار حياته !
انتهى من ربط الشاش بإتقان وهو ينهض عن الاريكة ويشير للخادمة الواقفة عند الباب ، لتقترب منه بسرعة وهو يتناول من الصينية معها ابريق ماء وكأس شفافة كريستالية ، ليسكب الماء بالكأس امام نظرها ثم مدها نحوها وهو يقول بجدية اكبر
"اكثري من شرب السوائل كي تحافظي على ضغط الدم ومنع الصدمات"
نقلت نظرها للكأس بيده وهي تمسكها بيدها السليمة وتشرب منها بصمت ، ليقول بعدها للخادمة بخفوت متزن
"هل احضرتِ الأدوية التي كتبت لكِ اسمها ؟"
اومأت برأسها وهي تناوله كيس بلاستيكي ابيض يبدو جلبته من الصيدلية ، ليأخذه منها ويخرج علب ادوية مستطيلة الشكل ويضعها على الطاولة امامها وهو يقول بنفس صيغته العملية
"هذه مسكنات ومضادات حيوية ، تناوليها قبل النوم كي تخفف الوخز والوجع بيدك"
استقام على طوله وهو يسلم الكيس للخادمة التي اخذته بسرعة ووضعته على الصينية ، ليقول بعدها بهدوء آمر
"اذهبي وحضري وجبة العشاء لنا"
اومأت برأسها وهي تهمس بامتثال
"امرك"
غادرت بعدها خارج الغرفة بثواني بينما وضعت إيليف الكأس امامها وهي توشك على فتح علبة الدواء ، ليوقفها الذي جلس بجانبها وهو يقول بحزم
"اتركي الدواء تشربينه بعد تناول وجبة العشاء ، لا تشربيه على معدة فارغة"
تقوست شفتيها وهي تعيد العلبة امامها بانصياع ، ليلتفت نحوها وهو يقول بنبرة عميقة
"كيف اسقطتِ القهوة على يدكِ ؟"
ضمت يدها المضمدة وفتحتها بسرعة ما ان آلمتها وهي تهمس بخفوت رقيق
"تعثرت وانا احمل الصينية واسقطت فنجان القهوة الساخنة على يدي"
عقد حاجبيه بوجوم وهو يقول باستنكار
"لقد كانت عمتي محقة بشيء واحد ، كيف تكونين عديمة الانتباه هكذا ؟ وكيف تحرقين نفسكِ بفنجان القهوة ؟"
صمتت بتبرم وهي لا تعترف بأن الذي اوقعها سبب مختلف تماما لم تبوح به خوفا من ان تفسد العلاقات بالعائلة ، لتهمس بعدها بخفوت مستاء
"اعتذر منكم ، لقد تشتت تفكيري لوهلة"
ردّ عليها حذيفة بهدوء خفيض
"لماذا تعتذرين ؟ انتِ المتأذية بالنهاية وليس احد آخر ، المفترض ان يعتذروا هم منكِ على توكيلك هذه المهمة واحتراقك بسببهم"
حركت رأسها بهدوء وهي تهمس بوجوم
"انا راضية بقدري ، لا داعي ان يعتذر احد مني"
تنهد بجمود وهو ينقل نظره امامه ويقول بقوة
"هل حقا لم يتدخل احد ويحرقك عن قصد ؟ هل حدث كما قلتي تماما ؟"
نظرت له بسرعة من دهائه فقد استنتج بأن هناك فاعل خلف هذه الجريمة بالرغم من انها نفت الأمر ، لتهمس بعدها وهي تحرك كفها المضمدة بتخبط
"كلا ليس هناك احد ، انا حرقت نفسي...."
امسك برسغها وهو يخفضها حتى وضع كفها على ركبتها قائلا بجدية
"توقفي عن تحريكها باستمرار وألا افسدتِ الضماد"
ضمت شفتيها بعبوس وهو يبعد اصابعه عن رسغها ببطء ، ليضم قبضتيه امامه وهو يقول بغضب مكتوم
"على اي حال لماذا انتِ من استلم المهمة ؟ كيف وافقتِ على تقديم الخدمة لهم ؟"
ادارت نظراتها بعيدا وهي تهمس ببساطة
"لم امانع ذلك فهي اكبر سنا مني ومن واجبي احترامها ، وهي بمرتبة والدتك يعني حماتي ، وايضا طلبها كان بمثابة طلب قبولي لديها وانا افعل اي شيء كي تتقبلني عمتك بالعائلة"
تلبدت ملامحه وهو يقول ببرود جليدي
"لستِ مضطرة لذلك"
ردت عليه إيليف بسرعة بتذمر
"ولكن يا حذيفة...."
قاطعها بلحظة وهو يلتفت نحوها بقوة
"لن تفعلي ذلك مجددا ، انتِ لستِ خادمة بهذا المنزل ، لقد اصبحتِ زوجتي وكنة لهذه العائلة لذا تصرفي على هذا الأساس"
اخفضت نظرها وهي تهمس بنشيج حزين
"لماذا تعترض على ذلك ؟ لقد اعتدت على هذه المعاملة وبمنزل عمتي كنت دائما اخدمها هي وزوجها ولم اعترض او اشكي بحياتي ، وسأكون اكثر من راضية إذا خدمت عائلتك ايضا ، وهكذا يمكنني رد جميلك معي"
ردّ عليها حذيفة بصوت صارم
"لأنكِ لم تعودي تعيشين بذلك المنزل ، امحي كل شيء عشته بذلك المكان ، حياة الذل والهوان والعمل بثمن ، اريدكِ ان تكوني زوجتي بلا شروط او مقابل وامام عائلتي بالذات وإذا تصرفتِ على هذا المنوال لن تستطيعي النجاح بدور زوجتي"
رفعت حدقتيها الفضيتين وقد تجمعت الدموع بهما وهي تهمس بأسى
"اعتذر لأنني خيبت ظنك بي ، انا فقط....انا فقط لا اعرف كيف اتصرف حيال عائلتك...."
شعرت بغصة بحلقها وهي تقاومها بألم قبل ان يمسح على شعرها بكفه ويقول برفق
"لا داعي لتضغطي على نفسكِ ، خذي وقتكِ بالتكيف بمحيطك ، فقط لدي طلب واحد منكِ لا تحاولي الاحتكاك بعمتي وابنتها مهما حدث ، هل سمعتني بوضوح ؟"
بهتت ملامحها وهي تفهم جيدا سبب طلبه فقد رأت الكره والحقد موجود بهما نحوها بدون سبب مقنع ولو كانت ابنتها تطمر مشاعر اكثر وتصرفاتها اكثر قسوة ، لتنظر له مجددا وهي تهمس بخفوت حرج
"اعتذر إذا كنت اقاطعك...ولكنني احتاج للذهاب للحمام"
نظر لها بجمود وهو يشير بأصبعه بعيدا قائلا بحزم
"لماذا تطلبين مني ؟ إذا كنتِ تريدين الذهاب للحمام اذهبي بدون ان تطلبي"
تنقلت بعينيها بينه وبين يده قبل ان تهمس بخفوت مرتبك
"يعني اذهب الآن !"
نفض ذراعه على جانبه وهو يشيح بنظراته قائلا بغضب
"اذهبي"
ركضت بسرعة باتجاه الحمام وهو يلاحقها بنظره حتى اغلقت الباب خلفها بلحظة ، ليغرز اصابعه بخصلات شعره وهو يقول بعجز
"كيف اقوم بتعليمها ؟"
رفع رأسه بسرعة ما ان سمع طرق على باب الغرفة ، لينهض بعدها وهو يقول بخفوت اجش
"ادخل"
دخلت الخادمة للغرفة وهي تحمل صينية طعام العشاء ، ليتقدم منها بخطوات واسعة ويأخذ الصينية منها وهو يقول برسمية
"شكرا لكِ"
اومأت برأسها بأدب وهي على وشك الانسحاب قبل ان يوقفها قائلا بجدية
"اسمعي"
التفتت نحوه وهي تقف امامه بصمت ليسحب انفاسه ببطء وهو يقول بهدوء متزن
"اريد منكِ ان تكوني المرافقة الخاصة لزوجتي ، ستهتمين بصحتها وغذائها وتعلمينها الاشياء التي لا تعرفها ، وايضا ستخبرينني بكل الاحداث التي تجري بالمنزل معها اي شيء مهم يخصها ستوصلينه لي اول شيء ، هل فهمتي يا دجلة ؟"
اومأت (دجلة) برأسها بسرعة وهي تهمس باحترام
"بالتأكيد يا سيدي ، اعتبر طلبك مجاب ، سأبذل قصارى جهدي كي اجعل سيدتي إيليف مرتاحة وسعيدة"
حرك حذيفة رأسه جانبا وهو يقول بخفوت مرتاح
"جيد"
قال بعدها بصوت عميق النبرة
"يمكنكِ الانصراف"
احنت رأسها بصمت وهي تنسحب من جانبه وتغادر خارج الغرفة ، ليتقدم بعدها باتجاه السرير وهو يضع الصينية فوق المنضدة الجانبية ويرتاح جالسا على طرف الفراش ، ليضم قبضتيه امام جبينه وهو يحني جذعه ويتمتم بتعب مكتوم
"اتمنى ان يكون ما افعله هو الصواب"
__________________________
وقفت عند بداية غرفة المعيشة وهي تختبئ خلف عمود بزاوية مظلمة لا تصلها الضوء ، كانت تتلصص بالنظر عليه وهو جالس فوق الاريكة الجلدية بلون البيج الفاتح ومنهمك بالعمل على حاسوبه المفتوح فوق الطاولة الزجاجية التي تتوسط الجلسة ، وهناك كوب قهوة اسود كبير بجانبه يبدو فارغ بسبب عدم خروج ادخنة منه او سائل ما ان يحركه ، يعطي كل تركيزه للعمل وهو مرة يلتفت للملفات بجانبه ومرة يمسك هاتفه بالجهة الاخرى ونظره لا يفارق تلك الشاشة المضاءة التي تعكس نورها بعيناه الرماديتان اللامعتان مثل عيون الذئاب تحت نور القمر .
كان شعره الكستنائي مبعثر بسبب تخلله بأصابعه كثيرا وكأنه يفرغ به شحناته وانفعالاته ، ولكنه لا يشعث ولا يتجعد مهما تلاعب به وشده بسبب نعومته الطبيعية وكثافته الغزيرة مثل كل اسلافه من تلك العائلة الروسية ، ويرتدي قميص قطني ابيض بدون اكمام اظهرت عضلات ذراعيه البارزة تشبه عضلات المصارعين الامريكيين بسبب المنشطات والحقن !
نفضت رأسها بسرعة وقد انحدرت كثيرا بأفكارها المنحرفة بآخر الليل وهي التي لم يعاودها النوم بعد استيقاظها بموعد الفجر كي تأدي الصلاة ولا تفوتها ، وقد صدف ان تنزل للأسفل قاصدة المطبخ بآخر الرواق بعد ان عطشت فجأة ، وما ان عادت حتى قابلته جالس بذلك المكان منشغل بالعمل حتى بهذا الوقت المتأخر جدا ! فهل هذا يعني بأنه لم ينم طول الليل ؟ ألم ينتابه النعاس قط ؟ كيف يستطيع العمل والانشغال كل هذه المدة الطويلة ؟
تنفست بإرهاق وهي تضم شفتيها بعبوس وهو منذ اوصلها لمنزل عائلتها وارجعها لم يعد يتكلم معها مجددا ، فما هو الخطأ الذي ارتكبته حتى انزعج منها وهجرها ؟ حتى زياراته لغرفتها كي يطمئن عليها توقف عنها ! والمشكلة بأنه بكل اوقات حزنه وضيقه وغضبه يصمت وكأنه ينتظرها ان تستنتج خطأها من تلقاء نفسها وتعتذر عليه ! وهو لا يساعدها يبقى يتجاهلها ويتحاشى النظر لها بتعمد مثل الاطفال ! فما هي مشكلته يا ترى ؟
غامت ملامحها وكسى الضباب قلبها وهي تشد بأصابعها اكمام قميص بيجامتها الحريرية ما ان داهمت تلك الافكار عقلها بدون رادع
(هذه ليست سعادتك يا لورين ، انتِ توهمين نفسكِ بأنها سعادتك ، ولكنها ليست سوى حصن آمن لكِ وجدار يبعدني عنكِ وتظنين بأنه سيخفيكِ معه طول العمر !)
ابتلعت ريقها بألم وقد تذكرت الجزء الاسوء بحلمها
(انتِ تستغلين هذا الرجل بتحقيق اهدافك ورغباتك ، تضعين سعادتك فوق سعادته ، تظلمينه بعلاقة ناقصة ووهمية لأنها فقط تنفعكِ وتحميكِ رغم كل ما فعله من اجلكِ وقدمه على حسابه لم تقدمي تضحية واحدة بالمقابل ! يعني هذا الزواج لا يفيد احد سواكِ ، ولا يسعد احد عداكِ ، وهكذا تسمى انانية كبيرة)
حركت رأسها بالنفي وهي تهمس بحزن مرير
"انا لست كذلك ، لست استغله ، ولست انانية"
اغرورقت عيناها بالدموع وهما تبرقان بالظلمة هامسة بخوف
"ام هل يعقل ان يكون حقيقي ؟ هل انا افعل ذلك ؟"
رفعت كفها لصدرها المنتفض بألم وهي تهمس بخفوت عابس
"حتى انني لم اشكره على تحقيق امنيتي برؤية عائلتي وقضاء اليوم معهم ، وفوق هذا ضايقته بدون ان اعرف السبب ، هذا يعني بأنني انانية بالفعل !"
اخفضت كفها وهي تحك ذراعها الاخرى هامسة بعجز
"ماذا افعل الآن ؟"
انتفضت بفزع ما ان قال الجالس بمكانه بهدوء غريب
"هل تنوين البقاء هكذا ؟"
تسمرت بمكانها وهي تجول بنظرها حولها تظن بأنه يكلم غيرها قبل ان تعود للنظر له تتأكد إذا كان يضع سماعات على اذنه كي لا تنخدع مثل آخر مرة ! ليتردد صوته مجددا بأنحاء المكان الفارغ وهو يقول بنبرة جادة
"انا اكلمكِ انتِ لذا توقفي عن النظر حولكِ"
حبست شهقتها بكفها تضعها على فمها وهي لا تصدق كيف استطاع اكتشاف وجودها وحركة نظراتها وكأنه يضع كاميرات مراقبة بكل ارجاء المنزل ! فهل هي تتعامل مع بشر طبيعي ام روبوت آلي ؟ لقد بدأت تخاف منه حرفيا !
افاقت على نظراته التي تسلطت نحوها لأول مرة وكانت اول ردة فعل له هي ابتسامة جانبية سلبتها عقلها ليس بسبب جمالها بل بسبب الامان الذي بعثته بداخلها رتبت الفوضى بعالمها .
مسحت عينيها بسرعة بظاهر كفها وهي تستجمع نفسها وثباتها بثواني ، لتتقدم بعدها بخطواتها الصغيرة تخرج من بقعة الظلام وتدخل لبقعة النور التي شكلت دائرة حوله ، وما ان وقفت بقربه حتى اخفضت رأسها بسرعة وهي تهمس بوجوم
"كيف عرفت بوجودي ؟"
اخفض نظره وهو يعود للتركيز على شاشة حاسوبه قائلا ببساطة
"انتِ سهلة الانكشاف يا لورين ، وانا رجل المهام الصعبة من المفترض ان اكون متيقظ ومتأهب دائما بكل الظروف ، لذا لن يصعب عليّ رؤيتكِ والشعور بكِ"
زمت شفتيها وهي ترفع نظراتها هامسة بضيق
"فهمت"
بقيت تتأمله للحظات قبل ان يقاطع افكارها قائلا
"ما لذي يسهركِ لهذه الساعة ؟ ألا تشعرين بالنعاس !"
حركت لورين رأسها بالنفي وهي تهمس بنبرة حزينة
"كنت نائمة ولكني استيقظت كي اقوم للصلاة ، ولم استطع بعدها العودة للنوم"
حرك رأسه بهدوء بدون النظر لها مجددا وهو ما جعلها تستاء اكثر ، لتقول من فورها قبل ان تمنع نفسها
"بل ما لذي تفعله انت ؟ هل هناك احد يعمل لهذه الساعة ؟ لماذا لم تخلد للنوم للآن ؟"
اكمل عمله بانتباه وهو يضغط على الازرار قائلا ببرود
"لدي صفقة مهمة غدا مع صاحب نفوذ ، ويجب ان اضمن نجاحها مهما كلفني الثمن"
عبست ملامحها وهي غير مقتنعة بحجته قبل ان تهمس بقنوط
"على حساب صحتك"
توقف عن العمل لحظات قبل ان يقول بجدية بدون ان يعطيها اي تعبير
"المهم ان ترتاحي انتِ ، فإذا انهرت انا ستكونين انتِ موجودة للاعتناء بي"
رفعت حاجبيها بدهشة من بساطة الموضوع بالنسبة له وهو يمازحها ولكن بطريقة مهنية باردة وهذه ليست عادته مطلقا ! فما لذي حدث له قلبه لهذه الشخصية المملة والعملية ؟
تنفست بقوة وهي تجلس بجانبه بصمت وترفع ساقيها لطرف الاريكة وتضمهما بكفيها ، لتهمس بعدها بخفوت حذر
"هل يزعجك جلوسي هنا ؟"
ردّ عليها إلياس بعدم اهتمام
"كلا"
لوت شفتيها جانبا قبل ان تهمس بتملق
"هل يمكنك منحي القليل من الوقت ؟"
اومأ إلياس برأسه وهو يقول بابتسامة طفيفة
"نعم فكل وقتي ملككِ"
عقدت حاجبيها السوداوين بعدم رضا وهو ما يزال يعاملها ببرودة حتى بردوده ومشاعره ، لتسحب انفاسها بصبر وهي توجه نظرها امامها هامسة بقوة
"هل نحن متخاصمان ؟"
سمعت توقف اصابعه عن الضغط على الازرار قبل ان يقول بخفوت عميق
"كلا ، لماذا السؤال ؟"
عضت على طرف شفتيها وهي تلتفت نحوه وتقول بنبرة غاضبة
"انت تتكلم معي ببرود منذ فترة ، تتجاهل النظر لي ، ولم تعد تزورني بغرفتي وتتصرف وكأنني غير موجودة"
تنهد بهدوء وهو يعود بظهره للخلف ويمرن عضلات كتفيه وعنقه من التصلب ، ليقول بعدها بهدوء جاد
"وهل تعرفين متى حدث هذا ؟"
عقدت حاجبيها بتفكير قبل ان تهمس بعفوية
"بعد عودتنا من منزل عائلتي"
اومأ إلياس برأسه وهو يستند بقبضتيه على ركبتيه قائلا بهدوء
"وما حدث هناك كان السبب"
حدقت به باستغراب تحاول حل الأحجية التي يوصلها لها ، لتهمس بعدها بخفوت واجم
"هل بسبب دعمي لشقيقي بزواجه ؟"
نظر لها بسرعة وهو يقول باستهجان
"لا انتِ غبية جدا !"
تبرمت شفتيها بعبوس وهو يهينها بشكل مباشر ، ليحرك رأسه بعيدا وهو يقول بسرعة بتصحيح
"ليس له علاقة ، وليس لدي مشكلة مع زواجه"
ردت عليه لورين بسرعة باستياء
"إذاً ما هو ؟"
صمت بوجوم وهو ينظر للشاشة امامه بعينين فارغتين بخواء ، لتقول بعدها بخفوت متوجس
"هل ندمت على اخذي لعائلتي ؟"
اخفض رأسه بهدوء وهو يقول بجدية
"كلا لم اندم ، فهذا كان قراري بالنهاية"
زفرت لورين انفاسها بنفاذ صبر وهي تقول بقوة
"هل يمكنك التكلم معي مباشرة ؟"
رفع رأسه وهو يسلط نظره نحوها ويقول بجفاء
"عندما قررت عودتنا للمنزل واوقفني شقيقك وطلب بقائنا بالمنزل لم تعارضي ، وايضا عندما طلب ذهابي وترككِ معهم بالمنزل لم تعارضي كذلك ، بل رأيت علامات الفرح البادية على وجهكِ وكأن هذا ما اردته !"
انفرجت شفتاها بدهشة من طريقة تفكيره والشيء الذي يزعجه ثم همست بخفوت متلعثم
"نعم هذا لأنني...لأنني كنت مشتاقة لهم...ولن احصل على هذه الفرصة مجددا"
ادار رأسه بعيدا وهو يخفي ابتسامته بأسنانه قائلا بسخرية
"اشتقتِ لهم إذاً ! اشتقتِ !"
كانت تراقب جانب وجهه البارد بعدم فهم وهي تحاول سبر اغواره ، لتقول بعدها بخفوت مستنكر
"ولكن هل هذا سبب انزعاجك حقا ؟ انت تتصرف مثل الاطفال !"
تصلبت ملامحه بجمود وهو يلوح بكفه جانبا قائلا بتهكم
"نعم اتصرف مثل الاطفال ، لذا لا تتكلمي معي مجددا فأنا عقلي صغير جدا !"
تغضن جبينها الصغير بحزن وهي تهمس باستياء
"هل اخطئت بالكلام مجددا ؟"
تجاهلها هذه المرة وهو يتقدم بجلوسه ويعود للعمل على حاسبه وكأنها غير موجودة ، لتتنهد بعدها بأسى وهي تراقب حركة اصابعه السريعة والمتوترة وكأنه ينفس بها عن غضبه ، انزلت بعدها ساقيها ارضا وهي تقترب بجلوسها منه حتى لم يعد هناك مسافة تفصل بينهما ، وما ان مرت لحظات صامتة حتى مدت يديها بلا تردد وتمسكت بكفه تشد عليها هامسة بحزن عميق
"انا اعتذر ، اعتذر منك"
نظر لها بصدمة قبل ان يسحب كفه بقوة قائلا بوجوم
"لا تعتذري ، فأنتِ لم تخطئي لتعتذري"
سحبت يديها بإحباط وهي تضمهما امامها بصمت لتهمس بعدها بخفوت رقيق
"ماذا افعل كي اكفر عن ذنبي ؟"
تنفس بجمود وقد بدأ الهواء يضيق بصدره وكأنها تتعمد التأثير عليه وارساله للجنون ، ليرفع كفه جانبا وهو يقول بجدية حاسمة
"لا تفعلي شيء يا لورين ، ولا تكترثِ للانطباع الذي يظهر على وجهي فأنا اتضايق وانفعل هكذا بلا سبب ، والافضل لكِ بهذه الحالة تجنبي"
امتلأت عيناها بالدموع من جديد وهي تدير نظرها هامسة بمرارة
"هل كنت استغلالية معك ؟"
ردّ عليها إلياس بدون ان ينظر لها
"كلا"
غرست اسنانها بطرف شفتيها وهي تهمس بخفوت مستاء
"انا للآن لم اعطيك حقوقك...واستغل طيبة قلبك معي ، وانت تنفذ لي كل طلباتي كي اكون سعيدة ، وانا حتى لم استطع شكرك على تحقيق امنيتي !"
تجمد بمكانه وهو يلتفت نحوها قائلا باستغراب
"عن ماذا تتكلمين يا لورين ؟ واي حقوق هذه ؟"
اخفضت نظرها تشد قبضتيها بقوة وهي تهمس بحياء بالغ
"اقصد حقوقك الزوجية"
تلبدت ملامحه بلحظة وهو يدير نظره قائلا بهدوء واثق
"تعلمين بأنني استطيع المطالبة بحقوقي والحصول عليها وقانونيا مسموح لي ، ولكنني ما زلت اراعي نفسيتك وحالتك لهذه اللحظة ، وحتى تحددي الوقت المناسب لن ألمسكِ"
رفعت حدقتيها الواسعتين وهي تهمس بخفوت متردد
"ربما قد جاء الوقت المناسب"
رفع رأسه وهو ينظر لها بسرعة قائلا باستنكار
"لورين !"
ردت عليه بخفوت متوسل
"اريد ان ارد لك معروفك معي"
قطب جبينه بقسوة وهو يشيح بنظره قائلا بغضب
لا تفعلي شيء ، ولا تحملي هذا العبء عليكِ ، حسنا !""
زمت شفتيها باستياء من ردة فعله وهي تحيد بنظراتها حتى وقعت على ذاكرة فلاش صغيرة موصولة بجهاز الحاسوب ، لتحرك رأسها بعزم وهي تمد كفها بسرعة وتسرقها من الجهاز امام ناظريه ليسارع بمد كفه ينوي اخذها قبل ان ترفعها عاليا عن متناول يده ، قال بعدها وهو ينظر للجهاز الصغير بقبضتها بغضب
"اعطيني ذاكرة الفلاش فورا ، انها مهمة جدا لعملي ، إذا اصابها ضرر فأنا....."
"لن اعطيك إياها حتى تصغي لي"
تجهمت ملامحه وهو يراقب قبضتها بالهواء وجسدها يتراجع بتحفز قبل ان ينقض عليها ويسقطها على الاريكة ويرتمي فوقها ، ليمسك بقبضتها التي تمسك الجهاز بيديه وهو يقول بشراسة
"امسكتكِ الآن !"
شدت على قبضتها بقوة وهو يفك اصابعها الصغيرة بعنف حتى استسلمت له وسمحت له بأخذ الجهاز ، ليلوح بالجهاز بأصابعه وهو يقول بنشوة
"لن تستطيعي تحدي رجل بقوتي يا قطة !"
عقدت حاجبيها الرقيقين بوجوم وقد تلاقت نظراتهما بكل هذا القرب لأول مرة تقريبا حرم نفسه من التمتع بجمالها...ومن هذا الالتقاء الحلال عليه وكأنه يعاقب نفسه بالاحتراق حيا وعدم دخول جنتها ، ابعد خصلاتها السوداء بأصابعه عن محياها الابيض الجميل وباحمرار الحماس الذي طفى على خديها...وانفاسها ما تزال تخرج بسرعة من بين شفتيها الزهريتين الصغيرتين ترسلها لوجهه بسخونة عذبة ، ليبتلع ريقه بصعوبة ويظهر بلعومه بوضوح وهو يتأملها بضياع شديد ما بين خوف وحيطة وحزن وسعادة وألم وراحة ، ليدنو بلحظة بالقرب منها وهو يخفض قبضته بالجهاز بجانب رأسها ويقبل خدها المحتقن بالدماء بنعومة ثم لجبينها الصغير وبعدها انفها المرسوم بدقة وبكل قبلة يتلقف انفاسه بصعوبة وينجرف اكثر تكاد تدمر حصونه المنيعة ويصبح التوقف مستحيلا !
وما يزيد الوضع سوءً هو استسلامها له وهدوئها الذي يكاد يحوله لذئب عاشق ! ليقبل شفتيها بعد ان ابتعد كثيرا عنهما يأخذ الترياق منهما ويسلم حينها كل اسلحته لها...تمسكت اصابعها الصغيرة بذراعيه المكشوفتين تقاوم طوفانه وهو يقبل كل شبر بوجهها ثم نزولا لعنقها البيضاء ، حتى توقف عند نحرها وهو يفتح بأصابعه ازرار قميص بيجامتها بسرعة كاد يخلع بعضا منها بسبب عنف حركته ، ليبعد كفها عن ذراعه وتراقبه وهو يقبل اصابعها الصغيرة كل اصبع على حدى كاد يذيب مفاصلها...اخفضت جفنيها بارتعاش ما ان انقض هذه المرة على كتفيها المقوسين يكشفهما من تحت قميص بيجامتها الذي وصل لأسفل صدرها ، تخللت بأصابعها الرقيقة بخصلات شعره والشيء الوحيد الذي باتت تفرغ به انفعالاتها ومشاعرها كادت تقتلع خصلاته ، لتفاجئ بأصابعه الباردة تتسلل خلف ظهرها قبل ان تكتشف بأنه يحاول فك عقدة حمالة الصدر التي شكلت اكبر صعوبة لديه...لتنتفض برعب ليس بسبب عنف عاطفته ونجاحه بفك عقدة حمالة الصدر بل بسبب رنين منبه الهاتف الذي اخرج صدى تردد بكل انحاء المكان الفارغ وفك الالتحام بينهما !
ما ان رفع رأسه سنتمترات يتنفس بعنف حتى ابتعدت بسرعة من تحته اجبرته على الابتعاد عنها والجلوس باعتدال ، لترفع قميص بيجامتها بسرعة وتعيد دس الازرار بعشوائية بدون النظر لها ، وما ان كان سيتكلم والانفعال بادي على محياه حتى سبقته هامسة بخفوت متعثر
"اشعر فجأة...بالنعاس...سأذهب لغرفتي ، تصبح على خير"
تأهبت واقفة بسرعة وهي تسير بخطوات شبه مهرولة باتجاه المكان الذي جاءت منه ، وما ان اختفت بالظلمة حتى نفش شعره بأصابعه وهو يقول بغيظ
"سحقا ! لماذا يحدث معي هذا بكل مرة ؟"
اخفض نظره للهاتف وبدون النظر له امسك به ورماه بعيدا قائلا بغضب
"كله بسببك ، افسدت اجمل لحظاتي وتركتني اتعذب مجددا !"
تنفس بتهدج وهو يمسح وجهه بكفيه ويتعوذ من الشيطان قبل ان يكتشف وجود ذاكرة الفلاش بيده ، وما ان كان سيرميها حتى تراجع بسرعة قائلا بجدية
"لا استطيع فعلها ، فهي مهمة جدا وما زلت احتاجها"
اوصل الجهاز الصغير بالحاسوب مجددا وهو يعيد الارتباط بينهما ، ليسلط نظره بعدها على النافذة الكبيرة وقد بدأت الظلمة تنحسر تدريجيا ويحل مكانها صباح جديد وهو يهمس بابتسامة طفيفة
"ليس تصبح على خير ، بل ما يجب قوله صباح الخير ، ايتها الغبية الصغيرة !"

يتبع.....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-05-24, 02:51 AM   #485

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 818
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

اغلقت باب الغرفة خلفها وهي تسير بسرعة للداخل تكاد تفقد اتزانها وتسقط ارضا ، لتدور بعدها حول السرير عدة دورات تخفف الحرارة بقلبها وتسارع نبضها ، حتى جلست بالنهاية على طرفه بإنهاك وقد اصيبت بالدوار بعقلها والقليل من الغثيان لترتمي بعدها بظهرها على ملاءة السرير تستريح قليلا من هذا السباق وكأنها تخوض منافسة على لقب عداء السرعة .
تنفست بإرهاق مفرط وهي تترك شفتاها الصغيرتان فاغرتان تسحب اكبر كمية هواء ممكنة ، لتمسح بكفها على صدرها المرتجف وهي تضم بأصابعها جهة قلبها هامسة بإجهاد
"لقد كدت اشعر بخروجه من صدري !"
اسدلت جفنيها الواسعين على حدقتيها وهي تتنفس براحة اكبر غزت محياها لتغرس اسنانها بطرف شفتيها تعيد اللحظات التي عاشتها قبل دقائق كادت تفقدها ذاتها وتنسى من تكون ، لتفتح عينيها بشهقة مرتجفة وهي تجلس بلحظة مستندة بيديها ثم همست بإدراك
"هل اصبحت محبة للحظات العاطفية ؟"
وضعت كفها على بطنها الصغير وهي تهمس بخفوت
"حتى انني لم اصاب برغبة بالتقيؤ كما كان يحدث معي عادة !"
تنفست بحنق وهي ترفع كفها وتغرس اصابعها بخصلات غرتها الناعمة هامسة بوجوم
"لم اعد افهم نفسي !"
نهضت عن السرير باندفاع وهي تتجه لطاولة الزينة وتقف امام انعكاسها بالمرآة ، لتحدق بصورتها بغضب وهي تحادثها قائلة تعنف نفسها
"لما لم تكملي ؟ لما هربتِ ؟"
اخفضت لورين نظرها وهي تهمس بخفوت محبط
"كدت انجح لولا خوفي بآخر لحظة !"
زمت شفتيها بعبوس وهي تهمس بحزن مرير
"لما الخوف ؟ بعد كل شيء هل ما زلتِ تخافين !"
رفعت رأسها تتأمل صورتها وهي تلاحظ اختلاف بنظراتها ورسمة ابتسامتها وحتى تصفيفة شعرها ، عيناها الخضراوان بهما وهج خاطف مثل عيون القطط وملامحها البيضاء تخللها احمرار شديد من الإثارة تكاد تشعر بحرارة خديها المحتقنين...وشعرها مبعثر على كتفيها بفوضى ناعمة وبعض خصلاته متطايرة بالهواء وغرتها تتراقص امام عينيها مثل مولدات الكهرباء !
رفعت إصبعيها الإبهام والسبابة تحتضن بهما خدها وهي تهمس بتفكير مشدوه
"هل هذه انتِ فعلا ؟"
ارتسمت ابتسامة فاتنة على محياها وهي تهمس بانبهار
"يا لجمالها وظرافتها !"
اخفضت كفها بسرعة وهي تستعيد تركيزها وتوقظ نفسها من جنونها ، لتلمح شيء جذب انتباهها بسرعة وهو ترتيب ازرار قميص بيجامتها المبعثرة بشكل مثير للشفقة ، لتعيد فك كل ازرار قميصها ثم تقوم بدس كل زر بمكانه الصحيح وبترتيب وهي تهمس بوجوم
"يا إلهي ! سأفقد عقلي حتما !"
تنهدت لورين بقوة وهي تستدير بعيدا عن المرآة توليها ظهرها وتمحي كل تلك الافكار عن عقلها .
سارت باتجاه المنضدة وهي تحمل ابريق الماء وتميل به كي تسكب بالكأس قبل ان تكتشف بأنها فارغة لتهمس بعدها باستياء
"كيف نسيت بأنه لا يوجد ماء بالغرفة لذلك نزلت للأسفل لشرب الماء ؟"
تنفست بتعب وهي تعيد الكأس مكانها وما ان وضعت الابريق حتى انزلق عن الحافة وسقط ارضا ، تراجعت للخلف بوجل ما ان تحول الابريق لشظايا زجاج متناثرة ، ليدب الرعب بأوصالها ما ان سمعت صوت خطوات قرب باب غرفتها وبلا شعور كانت تجثو على ركبتيها ارضا وهي تجمع قطع الزجاج بكفها بسرعة ، وسرعان ما رفعت رأسها بشحوب ما ان انفتح باب غرفتها فجأة وظهر من كانت بجانبه قبل قليل ومارست العلاقة الزوجية معه كما لم تفعل من قبل !
اخفضت رأسها بسرعة وهي تشعر بالدماء الحارة تتدفق بأوردتها بقوة وتحرق خديها مثل الجمرتين ، ليوقظها الألم الذي اخترق لحم كفها وهي تتأوه بوجع ولم تسمع صوت خطواته وهي تقترب منها بلمح البصر وتنحني امامها ، ليمسك بعدها بكفها وهو يسقط كل الزجاج فوقها قائلا بقوة
"اتركي الزجاج ، لا تلمسيه !"
اتسعت حدقتاه وهو يتأمل خطوط الدماء التي سالت من كفها البيضاء الصغيرة ، ليشتم بعدها بقوة وهو يتمتم بغضب
"The curse"
رفعت حدقتيها الدامعتين من الألم قبل ان يمسك بكفها الاخرى ويوقفها معه وهو يقول بقوة
"سيري معي بسرعة"
سحبها بسرعة باتجاه الحمام الملحق وما ان وقف امام المغسلة حتى ادار الصنبور بقوة ثم مد كفيها تحت الماء البارد وترك مجرى الماء يغسلهما ، حادت بنظراتها نحوه ما ان قال بانفعال حانق
"ألا تستطيعين الانتباه اكثر ! كيف تحملين الزجاج المكسور بيدكِ العارية ؟ ماذا لو كان حدث تمزق او اسوء ؟ غبية !"
قوست شفتيها بعبوس وهي تراه بكل هذا الانفعال والتوتر لأول مرة فلم يكن هكذا قط حتى عندما تأخرت بالعودة للمنزل وغضب منها بشدة ! ويبدو بأنها لا تجيد هذه الايام سوى اغضابه واخراجه عن صوابه !
اخفضت رأسها بحزن وهي تهمس بنبرة رقيقة
"آسفة"
اغلق صنبور الماء بقوة وهو يتناول مناديل ورقية ويقول باضطراب حاد
"نعم هذا كل ما تستطيعين فعله ! الاعتذار فقط والبكاء ! هل سيمسح اعتذارك ما فعلتي ؟"
ابتلعت ريقها بغصة آلمت حنجرتها وهي تراقبه يجفف الماء عن كفيها بالمناديل برفق ، لترتجف بألم شعره بها وكأنه ماسّ كهربائي وهو ينظر لها بسرعة قائلا بجدية
"هل آلمتكِ ؟"
حركت لورين رأسها بالنفي وهي تهمس بحزن
"كلا"
عاد بنظره لكفيها وهو يمسح هذه المرة بلطف لتهمس بعدها بأسى
"آسفة على جرحك"
ابتسم بسخرية وهو يقول بخفوت عميق
"انتِ من جرحتي وليس انا ، انظري جيدا"
كورت شفتيها لحظات قبل ان تهمس برقة
"هل غضبت مني ؟"
ردّ عليها إلياس بجفاء
كلا""
همست من فورها بقنوط
"بلى لقد غضبت"
رفع نظرات قاسية ألجمتها وهو يقول بأمر
"اخرسي يا لورين"
صمتت بوجوم وهو يلقي المناديل الورقية بسلة النفايات ويلتقط المزيد من العلبة قبل ان يمسح على يدها مجددا ، لتقول بعدها بخفوت مفكر
"ألن تنام ! لم يبقى الكثير على وقت الشروق !"
صمت لحظات حتى شعرت باليأس قبل ان يقول بجدية
"كلا لن انام"
رفعت حاجبيها الرقيقين بدهشة وهي تقول بتذمر
"كيف ستذهب للعمل بدون نوم ؟ هكذا سيؤثر عليك ولن تستطيع التركيز بأي شيء ، وسيكون صعب...."
رفع كفه وهو يقول بنفاذ صبر
"هلا صمتِ خمس دقائق يا لورين ! فأنا اكره الثرثرة الزائدة ! ولا استطيع التركيز فوقها"
عبست ملامحها باستياء وهي تهمس بامتعاض
"لست ثرثارة ، انت من يتضايق بسرعة وينكش ذباب وجهه"
رفع إلياس رأسه بصبر وهو يقول بجمود
"يا عفو الله !"
صمتت بخجل وهو يتركها ويرفع يديه يفتح الخزانة المعلقة فوق رأسها ويخرج علبة الاسعافات منها ، ليفتح علبة لاصقات طبية وهو يخرج واحدة ثم عاد يمسك بيدها ويلصق الضمادة فوق جرحها ، وما ان كانت ستتكلم حتى قاطعها قائلا بتهديد
"إذا لم تصمتِ ألصق فمك بهذه الضمادة كي ارتاح من ثرثرتك للأبد"
عقدت حاجبيها بوجوم وهي تشيح بوجهها هامسة بعبوس
"قاسي !"
رفع نظراته نحوها وهو يبتسم بتسلية بدون رؤيته ، ليلقي بالمخلفات بسلة القمامة ويعيد علبة الاسعافات بداخل الخزانة ويغلقها ، ليزفر انفاسه لحظات وهو يلتفت نحوها ويقول بجدية
"بالمناسبة كيف سقط الابريق ارضا ؟"
نظرت له بهدوء وهي تهمس ببساطة
"سقط مني بالخطأ ، لم انتبه بأنني اضعه على الحافة لذلك سقط"
بادلها النظر بقوة وهو يقول بجدية
"لماذا لم تنتبهي ؟ هل كنتِ نائمة ؟"
امتعضت ملامحها وهي تهمس بخفوت شديد
"كنت متوترة قليلا ، لم اكن بوعيي"
رفع حاجبيه ببطء وهو يفكر بالسبب الذي جعلها متوترة ولا يملك سبب غيره ، فهل كل هذا من تأثير ما حدث ؟ ولماذا لا يكون كذلك وهي التي خطت خطوة كبيرة نحوه لم يتوقعها منها ! ولولا ذلك الرنين الذي قاطع انسجامهما بالعاطفة كان حصل عليها اخيرا وفك عقدتها !
تنهد بقوة وهو يسترجع نفسه ويضبطها قبل ان يمسك بذراعها ويسحبها بعدها خارج الحمام ، لتنتهي جالسة على طرف السرير وهو يشير بأصبعه قائلا بأمر
"ابقي جالسة بأدب ولا تتحركي من مكانك"
اومأت برأسها بامتثال وهو يغادر خارج الغرفة وبغضون لحظات كان يعود وهو يمسك مجرود بيده ومكنسة صغيرة بيده الاخرى ، ليسير بعدها امامها ويتجاوزها قبل ان يجثو على ساق واحدة وهو ينصب الاخرى ، رفعت لورين ساقيها وهي تضمهما بذراعيها وتسند رأسها على ركبتها تراقبه وهو يقوم بتنظيف حطام الزجاج والشظايا يكنسها بالمكنسة ويجمعها بالمجرود بعناية .
رفعت رأسها بانتصاب ما ان انتهى من التنظيف وهو يستقيم على طوله ، وما ان سار امامها مجددا حتى همست بسرعة بخفوت رقيق
"شكرا لك"
توقف بقوة وهو يستدير نحوها لتلاحظ حركة بلعومه بصعوبة وكأنه عاجز عن الرد عليها ، وبعدها بلحظات كان يمسك المجرود والمكنسة بنفس اليد وهو يرفع يده الاخرى لوجهها ويمسح على خدها بلطف ، لينحني على جذعه امامها ويقبل جبينها الصغير قبلة طويلة عميقة تختم عواطف هذه الليلة .
شقت ابتسامة رقيقة محياها ما ان ابتعد عنها واستقام على طوله ليقول بعدها وهو يسحب كفه عن وجهها
نامي جيدا ، تصبحين على خير""
غادر بعدها وهو يتجه لباب الغرفة قبل ان يلتفت نحوها للمرة الثانية ويضرب بإصبعيه على جبينه بتحية خاصة به ، غابت ابتسامتها بحزن ما ان توارى عن انظارها خلف الباب ، لتتكئ برأسها على ركبتها وهي ترفع كفها وتتأمل اللاصق الطبي على باطنها بين إصبعيها الإبهام والسبابة ، ثم اخفضتها للأسفل تضعها بحجرها وهي تهمس بخفوت جميل
"احبك يا افعى الكايد"
____________________________
دهنت يديها بكريم مطري وهي تراقب نفسها بالمرآة بعد ان انتهت من تجهيز نفسها للخروج بموعد مع صديقاتها ، وبعد ان سمحت لها والدتها اخيرا واعطتها الضوء الاخضر وهذا بعد محاولات حثيثة اخذت منها ايام كي تقتنع وتسمح لها .
اخترق افكارها صوت رنين رسالة من هاتفها لتمسك به بسرعة وينزلق من اصابعها ويسقط على طاولة الزينة ، لتتأفف بعدها وهي تحرك اصابعها على شاشته وتضغط على الرسالة ، لمعت حدقتاها بوميض ما ان ظهر لها مضمون الرسالة
(كيف حالك يا جميل ؟)
عضت على طرف ابتسامتها وهي تضم كفيها امام فمها قبل ان تكتب بسرعة على لوحة المفاتيح
(من افضل ما يكون ، وكيف انت ؟)
رفعت رأسها ما ان ارسلت الرسالة وهي تنقل نظرها لصورتها بالمرآة تتأمل نفسها بخجل ، لتسمع صوت وصول رسالته مثل سرعة نبضات قلبها التي تقرع بأذنيها ، لتنظر بسرعة لشاشة الهاتف وتتأمل رسالته بإمعان
(كل يوم يكون اجمل لأنكِ موجودة به)
توردت وجنتيها بحياء وهي تهمس بتفكير
"لقد تحسن اسلوبك كثيرا بالغزل"
امسكت بسرعة بفرشاة المَسكّرة وهي تمررها على رموشها الطويلة للأعلى كي تزداد سوادا ولمعانا وتبرز لون عينيها البندقيتين الواسعتين ، لتنظر لشاشة الهاتف بسرعة ما ان وصلت رسالة جديدة
(ما هي مشاريعك اليوم ؟)
ضمت شفتيها بأسنانها وهي تضغط بأصابعها وترسل له ببساطة
(سأخرج اليوم مع صديقاتي لتناول الغداء بالخارج)
ردّ عليها برسالة فورية
(اتمنى لكِ وقتا ممتعا وسلمي لي على صديقاتك)
ارتبكت ملامحها وهي ترفع رأسها هامسة بوجوم
"هل يتكلم بجدية ام يمزح معي ؟"
حركت رأسها وهي تتابع النظر للمرآة وتمرير الفرشاة الناعمة على رموشها هامسة بخفوت
"غير مهم ، عليّ ان اسرع كي لا اتأخر عليهن"
وضعت الفرشاة جانبا وامسكت بقلم التبرج الزهري الشفاف قبل ان تصبغ شفتيها به ، لتتنهد بعدها بقوة وهي تعيده لمكانه وتهمس بعزم
"واخيرا ، لقد اصبحت جاهزة الآن"
ما ان اخذت الهاتف عن الطاولة حتى وصلت رسالة جديدة منه
(هل انتِ متفرغة غدا ؟)
رفعت حاجبيها بدهشة من سؤاله المباشر والذي يدل بأنه يرغب بالالتقاء بها وتحديد موعد معها ، لتمسك خصرها بيدها الحرة وهي تهمس بمكر
"لقد اصبحت جريء جدا يا سيد كرم"
تنفست بقوة وهي تكتب له وابتسامة تعتلي محياها
(لست متأكدة ، سأنظر لجدول مواعيدي اولاً بعدها ارد عليك)
اخفضت الهاتف وهي تلوح بيدها هامسة بزهو من نفسها
"هكذا يجب ان تكوني ، ثقيلة جدا ويصعب النيل منكِ"
نظرت للهاتف بحيرة ما ان توقف عن الرد ، لتتجه للحمام بلحظة وهي تضع الهاتف على الرف الموجود فوق المغسلة وتقوم بغسل يديها بالماء والصابون ، مسحت بعدها يديها بالمنشفة وعدلت شكل شعرها المصفف بلفائف ناعمة على كتفيها مثل تسريحة الدمى .
اخذت الهاتف وخرجت من الحمام وهي تحرك صفحة المراسلة وتقوم بتحديثها كل ثانية ، وما ان اخذت حقيبتها الجلدية السوداء حتى وصلت الرسالة لهاتفها
(لن اتحمل كل هذا الوقت من الانتظار فأنا ارغب برؤيتكِ بشدة ، ألا ترغبين انتِ ؟)
ارتسمت ابتسامة حالمة على محياها وقلبها يكاد يغرد من فرط السعادة والفرح ، لتضع حزام حقيبتها على كتفها وتتجه لباب غرفتها بسرعة وقبل ان تخرج توقفت للحظة تفكر قليلا ، لتمد كفها للعلاقة وتسحب قبعة القش عنها وهي تضعها فوق رأسها وتخرج بها .
ضغطت بأصابعها على الهاتف تكتب رسالة جديدة وهي تنزل درجات السلم تكاد تقفزها
(وانا ارغب بذلك ولكن ظروفي الراهنة لا تساعدني ، ورغم ذلك سأحاول جهدي من اجلك)
وصلت نهاية السلالم وهي تستمر بطريقها ببهو المنزل الواسع ونظرها على هاتفها ، ولم ترى والدتها التي ظهرت امامها فجأة واصطدمت بها بقوة حتى سكبت قدح العصير على قميصها ، وما ان نظرت لها بحدة حتى قالت من فورها بارتباك
"انا...انا آسفة ، لم انتبه امامي"
رفعت ذقنها بتصلب وهي تلوح بكفها نحوها قائلة بغضب
"اكيد لم تنتبهي ! كيف ستنتبهين امامك وانتِ تحملين هذا الهاتف بيدك ولا تبعدين نظركِ عنه ؟ لو عبرتِ الشارع هكذا ستدوس السيارات عليكِ ولن تسأل عنكِ !"
لوت شفتيها جانبا وهي تهمس بتذمر
"امي ما علاقة هذا...."
قاطعتها ما ان اخذت الهاتف بيدها وقلبته نحوها وهي تقول بجمود
"لنرى بماذا كانت منشغلة سيدة الاعمال كاميليا !"
توقفت انفاسها وهي تراقب والدتها تحدق بشاشة هاتفها بملامح باردة جليدية ، قبل ان تعيده لها وتغادر من امامها وهي تتمتم بكلمات حانقة
"جيل بارع فقط بإمساك الهاتف واللعب عليه !"
تنفست كاميليا الصعداء وهي ترفع هاتفها وتحدق بشاشة المراسلة الخاصة بصديقتها والتي حولت عليها بسرعة فور اصطدامها بوالدتها ، وكانت آخر رسالة وصلت لها منها هو موعد ووقت لقاءهما المنتظر .
همست بعدها وهي تسير باتجاه باب المنزل بثقة
"سامحيني يا امي ، ولكنني ارغب بالاحتفاظ بهذا السر لنفسي"
ارتدت حذائيها الرياضيين وهي تحدق بشاشة هاتفها تضغط على رسالته الاخيرة
(اخلاقكِ العالية وكرمكِ هو اكثر ما احبهما بشخصيتك)
كتمت ضحكتها بأسنانها وهي تستقيم على طولها وتفتح باب المنزل ، لتقول بعدها بصوت مرتفع كي تسمعها
"امي انا ذاهبة ، إلى اللقاء"
سمعت صوت والدتها من بعيد وهي تصرخ بصرامة
"لا تتأخري عن الساعة السادسة مساءً"
تنهدت بيأس ثم رفعت صوتها مجددا قائلة بتملق
"حاضر"
خرجت بعدها من المنزل وهي تغلق الباب خلفها وترفع هاتفها ما ان وصلت رسالة اخرى
(سأنتظركِ على احر من الجمر !)
زفرت انفاسها بسعادة وهي تخفض الهاتف وتدسه بجيب بنطالها الرياضي ، لتجري بعدها باتجاه باب المنزل الخارجي وهي تدندن بألحان غربية على لسانها ، وما ان خرجت حتى سمعت صوت هتاف عالي قريب منها
"كوكي ، كوكي"
التفتت بسرعة بابتسامة كبيرة وهي ترفع ذراعيها للشابة التي جاءت امامها واستقبلتها بأحضانها ، لتدور معها دورة كاملة كادت تصيبها بالدوار وهي تهمس بتذمر
"كفى اتركيني يا مجنونة !"
تركتها بقوة حتى اسقطت قبعة القش عن رأسها وهي تحط ارضا ، لتعدل صديقتها مظهرها بعد هجومها وهي تهمس بخفوت متبرم
"ما سبب كل هذه السعادة ؟"
انحنت على جذعها وهي تمسك طرف قبعة القش وترفعها بصمت ، لتهمس بعدها بابتسامة لطيفة وهي تضع القبعة فوق رأسها
"سعيدة برؤيتكِ ، ماذا سيكون هناك سبب آخر ؟"
عقدت حاجبيها وهي ترمقها بنظرات كلها شك وعدم ارتياح وكأنها تقول اكذبي كذبة غيرها ، لتضربها بعدها على كتفها وهي تقول بنبرة مرحة
"هيا لا تكوني شكاكة هكذا ، إذا علقتِ على كل شيء لن تستطيعي عيش البهجة مثلي"
كتفت ذراعيها فوق صدرها وهي تقول بهدوء جاد
"حسنا يا صاحبة البهجة ما هذا الذي فوق رأسكِ ؟ هل قررتِ ان تصبحي اليوم الفتاة الفزاعة ؟"
رفعت نظراتها وهي تضرب القبعة بكفها هامسة بغرور
"كي احمي بشرتي البيضاء من الشمس بالطبع"
رفعت حاجبيها بخفة وهي تهمس بابتسامة ماكرة
"ألا تستخدمين واقي الشمس لبشرتك !"
تأففت بضيق وهي تتقدم منها وتعتقل ذراعها هامسة بجدية
"توقفي عن التحقيق وتحركي ، فقد تأخرنا على جماعتنا"
سحبتها خطوتين قبل ان توقفها صديقتها وهي ترفع كفها هامسة بحزم
"ليس قبل ان تخبريني بكل شيء يحدث معكِ فحالتكِ هذه لا تريحني مطلقا"
اومأت كاميليا برأسها وهي تسحبها معها وتسير بسرعة هامسة بنفاذ صبر
"حسنا يا سيناريت سأخبركِ ، سأخبركِ بالطريق فقط تحركي ، تأخرنا كثيرا !"
_____________________________
حرك اللعبة الدوارة بأصابعه وهو شارد بنظراته بعيدا يراقب ضوء الشمس المخترق زجاج نافذته ومسلط بمسرب شعاع على سطح مكتبه ، بينما يتكأ بمرفقه على ذراع الكرسي وهو مسند ذقنه فوق قبضته وكفه الاخرى تتلاعب باللعبة ذات الأجنحة التي تعمل بامتصاص شحنات مشاعره وتوتره ، ولكن ليس هذه المرة فقد باتت تعمل عمل تنفيس شحنات عقله وتخبطات قلبه والتي تنتابه لأول مرة بحياته ، بالرغم من انه خالط الكثير من الفتيات بحياته وتعامل معهن بكثرة من فئات عمرية وبلدان مختلفة ولكن مثل هذه النوعية لم يسبق له التعامل معها او الانغماس بحياتها ومشاعرها ! لذا باتت تشكل له معضلة غريبة صعبة الحل تواجهه لأول مرة ! ولن ينكر المتعة بالتعرف عليها وكشف كل اسرارها الداخلية وطرقها وطبيعة عواطفها ! ولن يتوقف حتى تفتح له باب قلبها على مصرعيه ويحتل مكان ثابت هناك !
كشرت ملامحه وتجعد خطين بجبينه وهو يذكر ما حدث بفترة بعد الفجر قلبت كيانه رأساً على عقب وطردت الخمول بجسده ، وهو ما يزال يعيش بتأنيب الضمير وتعنيف قلبه على مطاوعته وتركها تتسلل وتخرج من بين ضلوعه بقسوة ، ولن يستطيع اقتناص تلك اللحظة مجددا حتى تفتح له المجال تلك المرأة المتنكرة برداء الطفولة سلبت عقله وكيانه ، حتى شجاعتها بخوض تلك الحرب العاطفية دمرت عقله وجردته من الرحمة واحالته لوضع لم يصل له وكأنه لم يمسّ امرأة بحياته ! ومع ذلك يشعر بمتعة الانتظار والصبر اجمل بأضعاف من متعة الكسب بدون جهد فهكذا يكتشف امور جديدة بحياته لم يتطرق لها يوما ولم يجربها سوى معها....
رفع كفه باللعبة الدوارة وهو يشير بها لصدره حيث قلبه الذي يتعذب هناك على بعدها وقربها وبكل الأحوال هالك ، ليهمس بعدها بابتسامة عميقة بحرارة
"اضحي بكل ما أملك من اجل الاحتراق بنيران حبكِ"
اعاد رأسه للخلف لمسند الكرسي وهو يتمتم بخفوت مرتخي ساحر
"فأريد التذكرة لجنتكِ يا ملاكي واعدكِ ألا ادنسها"
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يتخيل شكلها امامه وجسدها الرقيق ينساب بين يديه هامسا بوله
"فقد بت عاجز امام امرأة برقتك لم يأتي مثلها قبلها ولا بعدها !"
اعتدل بجلوسه سريعا ما ان طرق على باب غرفته ودخلت السكرتيرة الجديدة التي باتت تعمل بخدمته ، لتتقدم منه بسرعة وهي تقول باحترام شديد
"لقد طلبتني يا سيدي"
اومأ برأسه وهو يتخلل شعره بأصابعه يسرحه للخلف ثم قال بخفوت عميق
"نعم طلبتكِ من اجل عمل هام جدا اريد منكِ فعله"
نظرت له باستغراب وهي تقول بأدب
"تفضل يا سيدي ، اؤمرني"
رفع اصبعه وهو يشير لها ويقول بنبرة جادة
"اريد منكِ ان تشتري من بائع الورود اجمل وردة حمراء لديه"
رفعت حاجبيها بدهشة من طلبه الغريب وهي تهمس بشك
"هل هذا ما تريده يا سيدي ؟"
اومأ إلياس برأسه وهو يفرد ذراعه قائلا بثقة
"نعم هذا ما اريده ، اجمل وردة حمراء ومميزة موجودة بمحل الورود ، وهو يملك نظرة خاصة يستطيع بها تمييز الوردة الأجمل والأندر"
اخفضت نظرها قليلا وهي تهمس بخفوت حذر
"أليست كل الورود متشابهة !"
تغضنت طرف ابتسامته وهو يدور اللعبة بأصابعه ويقول بخفوت منتشي
"غير صحيح لأنه دائما هناك بكل بستان وردة واحدة مميزة والتي تنشر رحيق مختلف عن الباقين ، وانا اريد الحصول عليها بعينها ليس على احد سواها"
اومأت برأسها بدون ان تناقش اكثر وهي تهمس بطاعة
"امرك يا سيدي"
حرك اللعبة بأصابعه جانبا وهو يقول بهدوء
"يمكنكِ الخروج الآن وتركي لوحدي"
اومأت برأسها وهي تنسحب بسرعة خارج الغرفة ، وما ان دار بنظره بعيدا حتى سقطت على برواز صورة والدته التي توقعه نظرتها دائما بالحزن والبؤس ، ليهمس بعدها بخفوت قاتم
"ستحبني يا امي ، ستحبني واكثر منكِ"
شد انتباهه صوت دخول السكرتيرة مجددا وهي تقول برسمية
"لقد جاء صاحب الصفقة"
اومأ برأسه وهو يخفض اللعبة قائلا بجدية
"ادخليه يا هيام"
خرجت السكرتيرة بثواني قبل ان يدخل رجلين متأنقين ببذلتين رسميتين سوداويتين ، بينما احد منهما متخفي بشكل مثير للريبة وهو يرتدي كمامة على وجهه ويغطي عينيه بعدسات نظارته الشمسية ، كان الثاني يرتدي فقط نظارة شمسية فوق عينيه بدون اي تخفي وابتسامة دبلوماسية تعتلي محياه .
تأهب واقفا عن الكرسي ما ان اصبحا امامه وهو يمد كفه ويسلم على الأول والذي قال برسمية
"اهلا بك يا سيد إلياس الكايد"
ليسلم بعدها على الثاني والذي صافحه بقوة وهو يقول بنبرة هادئة
"سررت برؤيتك يا ريس"
رفع حاجبيه بخفة وكأنه تعمد ذكر اسمه الاجنبي الذي لا يعرفه الكثيرون وهو يسحب كفه عنه قائلا بخفوت
"وانا ايضا يا سيد كنان"
اخفض كفه على جانبه وهو يشعر بقوة غريبة بمصافحته تركت الأثر بنفسه ، ليقول بعدها بهدوء لبق
"تفضلوا بالجلوس"
جلسا كل منهما على اريكة وهو يجلس خلف المكتب ، ليقول بعدها وهو يسلط نظره على صاحب التنكر
"ليس هناك داعي لتتخفى فقد اصبحت بداخل مكتبي"
قال الرجل الثاني وهو يخلع نظارته الشمسية
"انه مصاب بالأنفلونزا ، ولن يستطيع خلع الكمامة عن وجهه من اجل الدواعي الصحية ، ويعاني ايضا من حساسية بعينيه لذلك سيبقي على النظارة كذلك"
نقل نظره له وهو يقول بخفوت عميق
"سلامتك"
ربت بكفه على صدره وهو يقول بخفوت
"سلمك الله"
نظر بعدها للرجل الثاني وهو يقول بجدية
"وكيف سنناقش بنود وشروط الصفقة إذا كان لا يستطيع الكلام او التعبير عن رأيه !"
تقدم بجلوسه وهو يقول بهدوء متزن
"لا تقلق من هذه الناحية فأنا مدير اعماله وموكل بنقل بنود وشروط الصفقة معك ومناقشتك بها ، لذا يمكنك الكلام معي بكل شيء تريد السؤال عنه وسنقوم بتوضيح كل النقاط الموجودة بين الطرفين"
ضم قبضتيه امامه فوق سطح المكتب وهو يحرك كتفيه قائلا ببساطة
"حسنا لا امانع سنناقش بكل ما يخص الصفقة اليوم ، وبيوم آخر نتفق إذا كان الامر يناسبنا او لا يناسبنا وعلى هذا الاساس نستمر ، ما رأيك ؟"
اومأ برأسه وهو يقول بتأكيد
"موافق"
ما ان حول نظره للرجل الآخر حتى لاحظ سكونه وجموده ونظراته شاردة باتجاه محدد ، حاد بنظراته بسرعة وتوقف على صورة والدته الموجهة نحوه وكأنها تنظر له ، ليمسك بطرفها ويدير البرواز باتجاهه الآخر ثم نظر له مجددا وعقد حاجبيه ما ان ابصره ينظر باتجاه النافذة فهل كان يتوهم رؤيته ينظر لصورة والدته !
تنهد إلياس بقوة وهو يسلط نظره على الرجل قائلا بعملية
"هل يمكنني معرفة تفاصيل الصفقة كي نكون على علم بكل شيء ؟"
نظر للرجل المتخفي نظرة فهمها الآخر وهو يومئ له برأسه ، لينقل نظراته له ما ان قال بابتسامة مهنية
"بالتأكيد فهذا من حقك ، ستكون على علم بكل شيء كي لا تقول لاحقا بأننا خدعناك واخفينا عنك"
عقد حاجبيه بقوة حتى ظهرت الندبة بحاجه الأيسر بوضوح وهو يعود بظهره للخلف قائلا بثقة
"لن يحدث هذا إن شاء الله ، فأنا لا اخدع بسهولة ولست شخص سهل المنال"

يتبع......


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-05-24, 03:04 AM   #486

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 818
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

قلبت الصفحة التالية وهي تنصب ركبتيها فوق السرير وتضع الكتاب بحجرها تحاول التركيز بقراءة المكتوب ، ليتشتت ذهنها مجددا وتعاود الافكار بفتك رأسها وهي لا تنفك تبارح عقلها حتى تعود وبقوة ، مسدت جبينها بأصابعها بألم وهي تهمس بخفوت حانق
"سحقا لهذا الصداع ! سحقا ! متى سأتخلص من هذا الألم بحياتي ؟"
رمت الكتاب جانبا بعد ان ضاقت ذرعا منه ولم يحسن بتهدئتها كما كانت تبتغي ، لتستند بظهرها على الوسادة وهي تتنهد بعمق وتشرد بالفراغ للحظات ، لتبعد رأسها بسرعة وتمد كفها وهي ترفع الهاتف امام عينيها وتنتقل بسرعة لرقم خالتها بأول القائمة ، تراجعت بعدها وهي تعيد التفكير بالموضوع فإذا اتصلت بها لن تستطيع التملص من اسئلتها وتحقيقاتها حتى تجعلها تسرد لها كل الحقائق مثل طائر البلبل وهذا كل ما تحسن به تدمير كل من حولها وإيصاله لحالة اسوء مما كان عليها !
عضت على طرف شفتيها تكبت انفعالها ومشاعرها وهي تخرج من قائمة الاتصال وتفتح صفحة المراسلة ، لتظهر لها آخر رسالة وصلتها من خالتها البارحة تطمئنها عن وضع شقيقها
كيف حالكِ يا صغيرتي ؟)
لقد وصل كاسر للمنزل واخبرني بكل شيء حدث معكما
وحمد لله بأنكِ كنتِ موجودة معه وساعدته فلا اعلم ماذا كان اصابه لولاكِ !
واشكركِ لأنك حللتِ المشكلة ولم تدعيها تتفاقم اكثر
واعتذري لزوجكِ نيابة عني واطلبي منه ان يسامحنا فنحن اناس بسطاء وليس لنا علاقة بالمشاكل وصنع العداوات
وايضا لقد عرف عمك حكمت بكل شيء وعاقب كاسر بشدة ولكنني استطعت تهدئته وتسوية الامور بينهما
اعتني بنفسكِ جيدا يا صغيرتي ، وسامحيني على قلة حيلتي)
ابتلعت غصتها بتحشرج وهي تنظر لردها الأخير والشيء الوحيد الذي استطاعت كتابته
احبكم كثيرا ، حفظكم الله لي))
سحبت انفاسها بصمت وهي تمسح خديها بظاهر كفها ثم خرجت من الصفحة واغلقت هاتفها ، لتضم بعدها ركبتيها بذراعيها وهي تتكأ بخدها على ساقها وتشرد بحزن كئيب ، فبعد تلك الرسالة لم ترسل هي ولا خالتها وكأنهما تخوضان نفس المشاعر والخجل والحزن من بعضهما ، وهي اكثر من يعرف ما تشعر به خالتها بهذه الظروف لأنها تعيش معها منذ ولادتها وتعرف ما يحزنها ويضايقها .
شدت بأصابعها على قماش فستانها وهي تحبس دمعة بين رموشها هامسة بألم داخلي
"يا الله انت اخبرني ماذا افعل ! وكيف اتصرف ؟ لقد خسرت وجهتي بالحياة ، كيف استعيدها مجددا ؟ كيف استعيد حياتي التي سرقت مني !"
اسدلت جفنيها تخفي حدقتيها السابحتين بالدموع حتى فتحتهما مجددا وسقطت الدمعة التي فارقت رموشها اخيرا تودعها مثل كل شيء جميل بحياتها ، رفعت رأسها بسرعة وهي تمسح الدمعة عن خدها ما ان سمعت صوت طرق على باب غرفتها ، لتتنفس بعدها بثبات تستجمع نفسها وهي تقول بهدوء متزن
تفضل""
دخلت الخادمة بأدب وهي تقول باحترام
"صباح الخير يا سيدة سراب ، لقد ارسلني السيد كي اطلب منكِ تجهيز نفسكِ بغضون عشر دقائق"
عقدت حاجبيها البنيين باستغراب وهي تقول بوجوم
هل استطيع معرفة السبب ؟""
ردت عليها بأسلوب مهذب
"عائلتكِ على وشك الوصول بعد عشر دقائق ، ويجب ان تكوني موجودة لاستقبالهم"
بهتت ملامحها وشدت على يديها بقوة وهي تهمس بخفوت متحشرج
عائلتي ! من تقصدين بعائلتي ؟""
حركت كتفيها وهي تقول ببساطة
عائلة اشرف زيدان""
قست نظراتها فجأة وتجردت روحها من الرحمة وهي تسمع اسم العائلة التي حرمتها من كل شيء كان يجب ان تمنحها إياه ، الحب والعطف ، العدل والحرية ، الامان والراحة ، اشياء لم تجدها عندهم ولم تستطع الحصول عليها لأنهم يفتقرون لها ! فلم تكن هذه عائلتها بل كانت جزاء كل عمل سيء فعلته بحياتها وأولها تمردها على العائلة التي ربتها ! وليس هناك اقسى من شعور خذلان العائلة وخيانتها ! فهي قوية جدا امام الجميع ولكن خصمها هذه المرة كان عائلتها !
حركت رأسها وهي تشيح بنظراتها جانبا قائلة بخواء
حسنا يمكنكِ الذهاب""
غادرت الخادمة بصمت بينما عادت سراب بنظراتها للباب ثواني ، لتهمس بعدها بابتسامة ساخرة
ما هدف هذه الزيارة الآن ؟""
تأففت بضيق وهي تنزل ساقيها ارضا وتنهض عن السرير قبل ان تتعثر بطرف الفستان وتسمع صوت تمزق ، لترفع طرفيه بيديها وهي تهمس بقهر
ليس وقته ! ما هذا الحظ ؟ سأضطر لتبديله الآن""
تحاملت على نفسها وهي تجر نفسها والفستان باتجاه الخزانة قبل ان تأخذ لباس آخر وتكمل طريقها للحمام الملحق .
وقفت امام المرآة وهي تمشط شعرها الطويل بعدم حياة وتسرحه على جانبيها ، لتتأوه بعدها بألم بسبب عقدة بشعرها وهي تنزع المشط عن خصلاتها ثم ترميه على طاولة الزينة ، همست بعدها بخفوت مستاء
ما كل هذا التجهز ؟ وكأنني سأقابل شخصية مهمة !""
دست خصلاتها خلف اذنيها قبل ان تنهض وتغادر من امام المرآة ، عادت بعدها ادراجها وفتحت درج بطاولة الزينة وهي تخرج منه مشبك شعر ذهبي بشكل زهرة ، ثم امسكت به خصلات غرتها الناعمة وثبتتها على جانبها لتغلق بعدها الدرج وتخرج من الغرفة .
سارت بالممر الطويل وهي تمسد صدغها وجبينها بأصابعها هامسة بوجوم
يا ليتني شربت دواء للصداع عله يخفف الألم قليلا""
وصلت للسلالم ونزلتها بسرعة قبل ان تتباطأ خطواتها ما ان وقعت على الشخص الواقف بوسط الرواق الواسع ، لتتوقف بمنتصفها وهي تبادله النظر بصمت وتمسك حاجز السلم بقوة وقد نزلت نظراته لفستانها الطويل بلون الاخضر الفيروزي وبحزام بني مشدود حول خصرها ، وتركت شعرها الفوضوي منثور على كتفيها لا يضبطه سوى مشبك زهرة على جانب غرتها الناعمة تتخلل بها خصلات شقراء طبيعية وهي تبدو ملوكية بكل حالاتها !...
افاق على نفسه ما ان اشاحت بنظراتها بعيدا وهي تكمل سيرها على درجات السلم ، ليراقبها وهي تتجه نحوه بخطوات متزنة ذراعها على بطنها ونظراتها ثابتة امامها ، وما ان وقفت بجانبه على بعد سنتمترات حتى انتصبت بجمود تتقمص دور الفتاة البرية التي تستعد ان تخدش اي احد يقترب منها او يؤذيها !
ارتفعت ابتسامته بدون ان تمت للمرح بصلة وهو يقول بجفاء
لماذا تأخرتِ بالنزول ؟""
صمتت لحظات قبل ان تهمس ببرود
كنت اجهز نفسي""
رفع ساعة يده ينظر لها وهو يقول بتفكير
اشعر بأنكِ تعمدتِ التأخر""
حركت مقلتيها جانبا وهي تهمس بعدم اهتمام
لا يعنيني ما تشعر به""
حاد بنظراته نحوها وهو يراقب جمود ملامحها ونظراتها الثابتة بإيباء ، ويبدو بأن ما حدث البارحة ما يزال محفور بأذهان كل منهما لن يستطيعا تخطيه....
سرق انتباهه تغير بخطوط ملامحها الدقيقة وارتجاف عيناها ما ان سمعا صوت محرك السيارة الذي توقف قريب من الباب يعلن وصول الضيوف ، بينما تسارعت انفاسها وانخطف لونها بسبب الذكريات السوداء التي هجمت على عقلها دفعة واحدة افقدتها تركيزها...بدءً بيوم طلبتها عندما تلقت اول صفعة من والدها على تطاولها بالكلام وعصيان امره ثم حبسها بغرفة مخزن وحيدة ليلتين ، ثم لقاءها الثاني معه بمركز الشرطة عندما اتهمها بأنها من قدمت البلاغ وصفعها امام الضابط واهانها بالكلام وعنفها ووبخها بشدة...وبعد كل هذا ستقابله الآن للمرة الثالثة تتعامل معه بشكل طبيعي وكأن ما حدث لم يكن لا تعلم اي كلام سيقوله لها ! واي إهانة سيوجه نحوها ! وماذا ستكون سبب صفعته هذه المرة ! لا تعلم شيء عنه ولكن ما تعلمه بأن كبريائها انجرح وبشدة ايضا !
قبضت بيديها على قماش ثوبها وهي تتراجع خطوة للخلف ونظراتها مسلطة على باب المنزل وكأنها تنتظر دخول جلادها ، ولم تشعر بعدها بأطرافها ما ان اختل توازنها فجأة ألا عندما حضنتها ذراع قوية ألصقتها بجسد صلب مدها بالحرارة والقوة لتشهق بارتعاش وهي ترفع حدقتاها العسليتان بأقصى اتساعهما للوجه الرجولي القريب منها وهو ينفث انفاسه بوجهها الشاحب هامسا بانفعال
سراب !""
مرت رجفة بكامل جسدها ردت لها الروح وهي تحاول الوقوف على قدميها وترك ذراعه التي تحميها من السقوط ، وما ان استقامت وحدها حتى ابعدت ذراعه عنها وهو يسحبها لجانبه وقبل ان يتكلم سبقته وهي تهمس بخفوت خاوي
"لا استطيع مقابلتهم ، ولا املك الطاقة الكافية ، لذلك قابلهم بمفردك...اعذروني"
فتح شفتيه ينوي الكلام قبل ان تتحرك بسرعة تكاد تجري باتجاه السلالم وهي تحتضن جسدها بذراعيها ، ليغلق فمه ما ان صعدت درجات السلم بثواني واختفت عن ناظريه وهو يرى ضعف المرأة بها لأول مرة ! فما لذي اصابها يا ترى ؟
ما ان عزم امره وهو يقرر اللحاق بها حتى اوقفه صوت انفتاح باب المنزل ودخول الضيوف بنفس اللحظة ، ليتنفس بعدها بصلابة وهو يستعيد رباطة جأشه ويستدير نحوهم بابتسامة رسمية اتقن رسمها ، تقدم نحوهم بخطوات واثقة حتى وقف امامهم وهو يضع ذراعه امام صدره قائلا باحترام
شرفتم منزلنا بحضوركم ، اتمنى ألا نقصر بواجب ضيافتكم""
قال كبير العائلة باعتزاز يكاد يكون غرور
"بالتأكيد سنكون كذلك فنحن نزور صهر عائلتنا ومنزل ابننا ، ونعلم جيدا بأنك لن تقصر بواجبنا لأنك ابن اصول واخلاق عالية كما عهدناك دائما"
اومأ برأسه وهو يحافظ على ابتسامته قائلا بهدوء
يشرفني ذلك""
كان يمد كفه له ينتظر منه ان يقبلها كما يفعل معه بكل لقاء ، ليتجاهل إشارته بتعمد وهو يكتفي بمصافحته فقط بدون كلام او مشاعر يكاد يكون تصحر ، ثم انتقل بسرعة للمرأة بجانبه وهو يصافحها بسرعة قائلا بلباقة
كيف حالكِ يا عمة مديحة ؟ وكيف هي صحتك ؟""
اتسعت ابتسامتها برقة وهي تقول بنبرة حنونة
"بخير يا بني الحمد لله ، المهم هي صحتكم انتم وسلامتكم فنحن قد انتهى عمرنا منذ زمن"
احتضن كفها بيده الاخرى وهو يقول بجدية
"ما تزالين بكامل صحتك وربما تعيشين اكثر منا ، لا تقولي هذا الكلام مجددا فنحن لا نعلم عمر مَن سينتهي قبل الآخر"
ردت عليه بخفوت امومي
حفظك الله يا بني واطال بعمرك""
سحب كفه وانتقل للمرأة الاخيرة مع ابنها وهو يمد كفه لها قائلا بابتسامة
"اهلا وسهلا بكِ يا سيدة رقية"
ارتسمت ابتسامة صغيرة على محياها وهي تصافحه هامسة بلطف
شكرا لك""
سحب كفه وهو يتراجع بخطواته قائلا لهم بنبرة رسمية
تفضلوا بالدخول للمنزل فقد اصبحت ضيافتكم جاهزة""
قالت مديحة بخفوت متردد
اعتذر على مقاطعتك يا بني ، ولكن اين هي سراب ؟""
غامت ملامحه وهو يذكر ما حدث قبل وصولهم بثواني ، ليقول من فوره بهدوء جاد
"كانت هنا تنتظر استقبالكم ولكن ساءت صحتها فجأة واضطرت للعودة لغرفتها ، وعندما تستعيد قوتها ستعود للنزول"
احبطت ملامحها بحزن وهي على وشك الكلام قبل ان يسبقها قائلا بجدية وهو يشير بذراعه للداخل
تفضلوا بالدخول اولاً ، ونكمل حديثنا بالداخل لو سمحتم""
تحركوا بعدها ودخلوا امام نظراته يتجاوزونه ثم انتقل بنظراته للسلالم يراقب اثرها وكأنها ستظهر بأي لحظة وتبدل رأيها وتعدل عن قرارها بالهروب...بالرغم من ان الهروب لم يكن من خصال تلك الفتاة البرية !
_________________________
دخلت للغرفة بسرعة وهي تغلق بابها وتتكأ بظهرها عليه لترفع نظراتها الدامعة وانفاسها تخرج بتسارع طفيف آلم صدرها ، لتمسك رأسها بيدها ما ان عاد الصداع وبقوة اكبر وكأنها مطرقة حديدية والألم ينتشر لأذنها بطنين موجع ، لتندفع بعيدا عن الباب وهي تتجه للمنضدة بجانب السرير ثم جثت سريعا على ركبتيها وفتحت الدرج وبدأت بالبحث به ، اخرجت شريحة دواء لوجع الرأس وهي تأخذ حبة وتبتلعها ثم امسكت كأس الماء وتبعتها بشربها .
اغمضت عينيها بألم وهي تمسد بإصبعيها بينهما قبل ان تغلق الدرج بجانبها وتستريح لوهلة ، لترفع بعدها ذراعها وهي تمسك ابريق الماء قبل ان تسكب المزيد بالكأس وتشربها بصمت ، اعادت الابريق لمكانه والكأس بجانبه وما ان حاولت النهوض حتى شعرت بالدوار مجددا لتعود لجلوسها بتلقائية .
تنهدت بتعب وهي تستند بيديها ارضا ثم همست بوجوم
"سأرتاح اولاً بعدها اعود للنهوض !"
رجعت للخلف قليلا حتى استندت بظهرها على جانب السرير وهي ترفع ساقيها وتحتضنهما بيديها ، لتتخلل بعدها شعرها بأصابعها حتى سقط مشبك الشعر عن غرتها وتناثرت على جبينها ، لتمسك بمشبك الشعر وهي تكلمه بغضب
"حتى انت بت تعصي امري !"
ضربت كفها ارضا حتى انكسرت الزهرة عن قطعة المشبك لترفع القطعة المكسورة وهي تهمس بإحباط
"يا لحظي !"
رفعت كفها وهي تضع قطعة المشبك والزهرة المكسورة على المنضدة ، ثم تعود لجلوسها السابق بصمت وتتأمل الفراغ امامها من بين خصلات غرتها التي تتمايل مثل الستائر على النافذة ، سرقها صوت طرق على باب الغرفة وهي تتأفف وتصرخ بضيق
"ارحلوا ، لا اريد رؤية احد"
استمر الطرق بإلحاح وهي تدير رأسها باتجاه الباب وتصرخ بانفعال اكبر
"قلت ارحلوا ، ارحلوا !"
لكن لا حياة لمن تنادي فقد استمر الطرق بنفس المستوى وكأن الطارق لا يفهم ، لتنهض بعدها عن الارض بجنون وهي تتجه للباب بسرعة حتى فتحته بقوة وارتدت الخادمة خلفه بخوف ، وما ان كانت ستتكلم حتى ابتعدت الخادمة عن نظرها وبان الكائن الصغير الموجود برواق الجناح الواسع يختبئ بجانب الاريكة ويتلصص النظر بحذر !
اتسعت حدقتاها العسليتان بصدمة وهي تترك مقبض الباب وتتقدم خطوتين هامسة بدهشة
"عنان !"
خرج من تلك الزاوية وهو يركض نحوها بأقصى سرعة وقبل ان تشعر كان يلتصق بها بلمح البصر ويلف ذراعيه النحيلتين حول خصرها ويدفن وجهه بثوبها الحريري ، لتحرر انفاسها بصدمة وهي تتلمس ذراعيه بيديها وما ان حاولت ابعاده حتى تشبث بها اكثر واصابعه تقبض على قماش ثوبها ، لترفع نظراتها للخادمة التي ما تزال موجودة تشاهد بصمت ثم حركت لها رأسها بإشارة ان تغادر قبل ان تنحني باحترام وتنسحب من امامهما على الفور .
دست خصلاتها خلف اذنيها وهي تخفض رأسها هامسة بلطف
"لقد ذهبت يا عنان ، يمكنك الابتعاد الآن"
لم يتحرك من مكانه وهي تمسك بذراعيه وتسحبه بقوة هامسة بجدية
"عنان ابتعد قليلا ، دعني اراك على الأقل ، انظر بنفسك وتأكد إذا كانت موجودة"
ارتخت ذراعاه قليلا وهي تستغل الفرصة وتسحبهما عن خصرها لتدنو بعدها امامه وتمسك وجهه بين يديها هامسة برقة
"عنان هل انت بخير ؟"
شتتت نظره حوله بدون النظر لها وهو يتأكد بأن لا احد موجود بالجوار ، لتوجه بعدها رأسه نحوها وهي تهمس بخفوت تطمئنه
"ليس هناك احد اطمئن ، فقط انا وانت"
تحررت ابتسامته الطفولية تعتلي محياه وهو يخفض نظره بصمت ، لتبعد يديها عن وجهه وتمسك كتفيه وهي تهمس بجدية
"ما لذي تفعله هنا ؟ ولماذا جئت لغرفتي ؟"
همس بخفوت سمعته جيدا
"انتِ"
رفعت حاجبيها ببطء وهي تهمس بابتسامة رقيقة
"تقصد بأنك جئت من اجلي ، هل اتيت لرؤيتي ؟"
صمت لحظات قبل ان يرفع رأسه قائلا بقوة
"لماذا انتِ هنا ؟"
ارتبكت ملامحها وهي تخفض نظراتها هامسة بخفوت عميق
"لأنني متعبة قليلا وكنت ارتاح بغرفتي"
نقل نظره خلفها يستكشف المكان الجديد عليه ثم حول نظره خارجا بتوتر ، لتمسك بعدها بذراعه وهي تقول بنبرة لطيفة
"هل تريد الدخول لغرفتي ؟"
ركز نظره عليها بعينيه الكبيرتين بدون اي رد فعل ، لتقف بعدها على طولها وهي تسحبه معها قائلة بثقة
"تعال معي ستحب المكان كثيرا...."
شدها بقوة وهو يقف بمكانه بدون ان يتزحزح لتربت على كفه بيدها الاخرى وهي تقول بمحبة
"لا تخاف يا صغيري فأنا معك ، انا معك ولن اتركك ، لن اتركك ابدا"
تحرك خطوة واحدة وهي تسحبه معها برفق وتشجعه على التقدم حتى اصبحا بداخل الغرفة ، لتشير بعدها بكفها باتجاه الاريكة وهي تقول بحماس
"تعال نجلس على تلك الاريكة ، ألا تريد الجلوس عليها !"
اومأ برأسه بصمت ولا تعلم إذا كان إجابة على سؤالها او حركة تلقائية ، لتختار الإجابة الأولى وهي تسحبه باتجاهها وما ان جلست عليها حتى ابتعد عنها فجأة وتوقف امام المنضدة وهو يحدق بشيء لفت انتباهه ، نهضت عن الاريكة وسارت نحوه ثم وقفت بجانبه وهي تمد كفها وتمسك الزهرة المكسورة من المشبك ، لتقول بعدها بابتسامة حانية
"هل هذا ما جذب انتباهك ؟"
رفع كفه الصغيرة نحوها وهو يقول بقوة
"اريدها"
عضت على طرف شفتيها وهي تهمس بخفوت حذر
"ولكنها شيء مكسور ، ماذا ستفعل بها ؟"
حرك عنان رأسه وهو يقول بعناد
"اريدها"
رفعت رأسها بتفكير قبل ان تقول بابتسامة جانبية
"لدي فكرة افضل ، ما رأيك ان اعطيك شيء اجمل منها ؟"
نظر لها بصمت وهو يستمع لها ويبدو جذبت اهتمامه ، لتتجه بسرعة لطاولة الزينة وهي تفتح الدرج الأول وتبحث بالأغراض بداخله حتى وجدت غايتها وهي تمسك الغرض بيدها وتهمس بسعادة
"امسكت بكِ"
استقامت على طولها وهي تغلق الدرج بقوة بينما نظرات عنان مسلطة عليها بصمت ، لتتجه نحوه بسرعة حتى وقفت امامه وهي تمد كفها وتكشف عن الغرض بداخلها ، حدق عنان بالغرض والذي كان ربطة البابيون توضع على العنق وبلون ازرق ومرسوم عليها زهور صفراء ، لتقول سراب بعدها وهي تمدها نحوه
"خذها ، هذه لك بدل ذلك الشيء المكسور ، أليست هذه اجمل !"
مد كفه واخذها وهو يتأملها بصمت حتى لمحت طرف من ابتسامته الجميلة وكأنه اخذ الجائزة الكبرى ، ليسير بعيدا عنها بتلقائية ويجلس على الاريكة بعد ان تخلى عن حذره ونسي الخوف ، اخفضت نظرها وهي تنظر لقطعة المشبك المكسور قبل ان تلقي بها بسلة النفايات ، لتتنفس بعدها تستعيد تركيزها وهي تتجه نحوه وتجلس بجانبه على نفس الاريكة .
ارتسمت ابتسامة حانية على محياها وهي تتأمله بعطف لتلاحظ بأنه يحاول وضعها على رأسه بدون ان تفلح معه ، لتقول من فورها وهي تمد يديها
"دعني افعلها من اجلك"
اخفض يديه وامسكت بها وهي تفتح طرفها وتلف حبلها حول عنقه بشكل تظهر البابيون بالأمام ، وما ان انتهت حتى ابتعدت عنه وهي تضم يديها امام فمها هامسة بانبهار
"يا لجمالها ! لقد اصبحت جميلة جدا عليك !"
امسك بها وهو يخفض نظره يتأملها بسعادة غامرة ، لتقول بعدها تجذبه للحديث معها
"كيف حالك يا عنان ؟"
اومأ برأسه بدون ان ينظر لها وقد اخذت ربطة عنقه تركيزه وعقله ، لتربت بعدها على شعره الناعم وهي تهمس بمودة
"هل اشتقت لي ؟"
صمت ايضا بدون ان يجيب لتستمر بالكلام وهي تهمس بحب
"بالنسبة لي فقد اشتقت إليك كثيرا"
صمت تماما وهي ما تزال تتلاعب بشعره الناعم قبل ان تهمس بخفوت رقيق
"هل تحبني يا عنان ؟"
فاجئها عندما قال بعفوية بدون النظر لها
"يحبك"
اتسعت ابتسامتها وهي تمد ذراعيها وتحتضن رأسه هامسة بسعادة
"وانا احبك كثيرا"
تلوى بمكانه وهو يتحرر منها لتسحب ذراعيها ببطء وترتب شعره بأصابعها ، ليرفع رأسه بشكل مفاجئ وهو يقول بتفكير متأخر
"لماذا لم تنزلي ؟"
ضمت شفتيها وهي ترفع كفها لرأسها هامسة بخفوت حزين
"كان رأسي يؤلمني قليلا لذلك لم استطع النزول ، اعذرني يا صغيري لأنني لم اكن موجودة باستقبالك"
حدق بها للحظات وهو يركز على يدها قبل ان يرفع كفه الصغيرة ويمسح على رأسها بحركة زعزعت كيانها بشدة ، ولم يكن يعلم بأن بتلك الحركة البسيطة مسح كل الآلام عن جسدها وامتص الحزن بقلبها وكأنها ترياق سحري ، لترسم ابتسامة حزينة على محياها وهي تهمس بخفوت متحشرج
"شكرا لك يا هرمون سعادتي"
سحب كفه بصمت قبل ان يدس يده بجيب بنطاله الجينز ويخرج منه شوكولا مغلفة مرصوصة ما يزال يحتفظ بها ، وما ان نظرت لها حتى همست بخفوت مصدوم
"هل ما تزال معك ؟"
تبرمت شفتيه الصغيرتين وهو يهمس بحزن
"انكسرت ، كسرت"
نظرت لها بتدقيق وهي تلاحظ بأنها مهروسة قليلا ويوجد آثار اقدام عليها ، لتأخذها بعدها وهي ترفعها امام نظرها هامسة ببساطة
"لم تنكسر كثيرا ، ما تزال بعض القطع سليمة"
عادت بنظرها له وهو يحدق بها بإحباط صامت ، لتقول بعدها وهي تفتح جزء من مغلفها
"ليست مشكلة كبيرة ، المهم بأنها تؤكل وطعمها اللذيذ لم يتغير"
امسكت بقطعة شوكولا مكسورة وهي تتناولها بسعادة بالغة ثم همست باستمتاع
"امممم ، طعم البندق لذيذ جدا ، لم اتناول هذا الطعم منذ زمن !"
حولت عيناها له وهو ينظر لها بعينين واسعتين شرهتين مثل القطط الجائعة ، لتقول بعدها بابتسامة مرحة
"هل تريد قطعة ؟"
ردّ عليها عنان بقوة فاجأتها
"اريد"
اتسعت ابتسامتها بعطف وهي تمسك قطعة اخرى وتمدها لفمه هامسة برقة
"تناول يا حبيب شقيقتك"
اكلها من اصابعها بسعادة وابتسامة كبيرة ترتسم على محياه ، لتداعب سراب خده المدور وهي تهمس بخفوت متملق
"لذيذة وتعطيني احساس جميل مثلك تماما ، اخبرني ما هي النكهات الموجودة منك ! بأي نكهة انت ؟"
ضحك بصوت مرتفع بدون ان يفهم نكتتها فقط يضحك من الشعور بالسعادة ، لتشرد بعدها بالفراغ وهي تتابع تناول الشوكولا المكسورة مثلها رغم انكسارها ما تزال تحافظ على طعمها الحلو ونكهتها المميزة التي تشعر الآخرين بالسعادة....
_________________________
انتفضت ما ان سمعت صوت رنين الهاتف الارضي فوق المنضدة يتردد بأنحاء الغرفة ، لتتقدم نحوه بخطوات بطيئة وهي تهمس بخفوت متوجس
"لماذا يرن ؟ هل من الصحيح الرد عليه ؟"
وقفت امامه وهي تحرك اصابعها بخوف ثم مدت كفها وتراجعت بذات اللحظة هامسة بعدم ارتياح
"وما دخلني انا ؟ كيف ارد على اتصال لا يخصني ؟"
استمر رنين الهاتف وكأنه يجبرها على الرد عليه لتهمس بعدها بخفوت مستاء
"ربما يكون اتصال هام ، وقد ارتكب خطأ بعدم الرد عليه !"
عزمت امرها ومدت كفها وهي ترفع سماعة الهاتف وتضعها على اذنها هامسة بأدب
"مرحبا...."
قاطعتها صوت الخادمة وهي تقول برسمية
"هناك اتصال هام موجه لكِ ، هل احوله لكِ ؟"
عقدت حاجبيها بعدم فهم وهي تهمس بارتباك
"ماذا يعني ؟ ومن انتِ ؟"
ردت عليها الخادمة بنبرة عملية
"هذا هاتف المنزل الأرضي وهناك اتصال موجه لكِ ، هل احول الاتصال لهاتف غرفتك ؟"
حركت رأسها بفهم وهي تهمس من فورها بخفوت
"حسنا ، افعلي ذلك"
قطعت الاتصال ثواني قبل ان يأتيها صوت رجولي ثقيل وهو يقول بنبرة جادة
"هل معي إيليف غياث ؟"
ابتلعت ريقها بارتعاش وهي تهمس بخفوت
"نعم انا معك"
اخذ انفاسه بهدوء وهو يقول بمهنية عالية
"انا من قسم الشرطة واطلب من حضرتك حضورك لمركز الشرطة بشكل عاجل ، فهناك بلاغ مقدم باسمك"
رفعت حاجبيها الرقيقين بدهشة وارتعشت كفها وهي تهمس بتلبك
"مركز...مركز الشرطة ! ماذا تريدون مني ؟ وما هذا البلاغ ؟"
ردّ عليها بصوت جاد
"السيدة سلطانة غياث وزوجها قدما إبلاغ عنكِ بتهمة الاعتداء بالضرب وسرقة مجوهرات ، ويجب حضوركِ لمركز الشرطة كي نستكمل التحقيق بالموضوع"
شحبت ملامحها واختفت الحياة بروحها وهي تهمس بلا صوت
"يا إلهي !"
انتفض قلبها بين ضلوعها ما ان سمعت ضجة على الطرف الآخر وصوت شخص سمعته بوضوح يبدو اقترب كثيرا من سماعة الهاتف
"تعالي إلي ايتها الساقطة ! تعالي يا شعثاء...."
ارتجفت اصابعها على سماعة الهاتف وهي تنظر للفراغ بعينين شاخصتين تحجرت الدموع بهما ، ليوقظها صوت الشرطي وهو يقول بنبرة صارمة
"يكفي يا سيدة سلطانة ، احترمي نفسكِ وألا حررت محضر عليكِ"
صمتت الضجة بالطرف الآخر بدون ان يخرج منها سوى انفاس ضعيفة ميتة ، ليعود صوت الشرطي مجددا وهو يقول بهدوء حازم
"تعالي لمركز الشرطة كي نستكمل التحقيق هناك ، وإياكِ ان تتهربي من المجيئ وألا ستكون العواقب وخيمة حينها"
اغلق الخط من الطرف الآخر بدون ان يسمع ردها وهي ما تزال تتمسك بالسماعة بصمت ، لتنخفض كفها وتسقط على جانبها وهي تهمس بتحشرج باكي
"كيف انفذ من هذا ؟ ما هو الحل يارب ؟"
اغمضت عينيها ببكاء صامت وهي تضع كفها المضمدة امام فمها تحشر شهقتها التي ذبحت قلبها ، ولم تعي الموجود على الطرف الآخر يستمع لمكالمتها وهي تعيد سماعة الهاتف لمكانها وتهمس بتشفي
"لقد امسكت بكِ بالجرم المشهود هذه المرة"
بينما تمالكت إيليف نفسها وهي تحرك رأسها هامسة بإدراك
"يجب...يجب ان اتصرف بسرعة ، لا يجب ان يعرف احد بهذه المصيبة ، وخاصة حذيفة لا يجب ان يصل له !"
اعادت سماعة الهاتف لمكانها واتجهت بسرعة للحمام الملحق كي تغسل يديها والدموع عن وجهها تستعيد تركيزها ، وما ان انتهت حتى خرجت بسرعة من الحمام وهي تلتقط حقيبتها القماشية وكل ما تملك وتغادر بها بلمح البصر .
وصلت للسلالم وهي تنزلها بخطوات حذرة وتتنقل بنظرها حولها تتأكد بعدم وجود احد بالمكان ، وما ان وصلت لباب المنزل حتى خرجت منه بسرعة واغلقت الباب خلفها بيدها السليمة ، لتنزل درجات المدخل بثواني ثم وقفت بساحة المنزل تتخبط حولها وهي تدرك الآن فقط جهلها للأماكن والطرق بهذه المدينة الغريبة عنها !
انتفضت بخوف ما ان تقدم منها رجل غريب قائلا يخترق عزلتها
"بماذا اساعدكِ يا آنسة ؟ يمكنني ان اقلكِ لأي مكان تريدين"
كانت سترفض قبل ان توقف نفسها وهي تشعر به مثل بارقة الأمل بطريقها والوحيد الذي سينقذها ، لتخفض نظرها وهي تهمس بخجل
هل يمكنك ان توصلني لمركز الشرطة ؟ لدي عمل هام هناك""
اومأ برأسه وهو يقول باحترام
"بالتأكيد يا آنستي ، تفضلي بالركوب"
تهللت اساريرها بسعادة وهي تهمس بامتنان حار
"شكرا لك"
اشار بذراعه باتجاه السيارة وهو ينحني باحترام ثم تجاوزته بسرعة واتجهت صوبها ، وما ان وصلت امام الباب الخلفي حتى فتحه من اجلها وهو يقول بتهذيب
"تفضلي"
اومأت برأسها بحياء وهي تركب بالسيارة بصمت وتجلس على الكرسي ، ليغلق الباب خلفها ويتجه للباب الأمامي وهو يجلس خلف المقود ويشغل المحرك ، بينما ضمت إيليف كفيها بحجرها وهي تدعو بصميم قلبها ان تنتهي هذه المشكلة على خير ولا تضطر ان تحارب مجددا...
____________________________
كان يتنهد بكل دقيقة وهو يتكأ بمرفقيه على ركبتيه ويستمع للطرف الآخر الجالس على الاريكة بجانبه ، يتحدث عن كل شيء يدور بالعمل وكالعادة يكون هو محور كل احاديثه فهذا التباهي الفطري موجود بخصاله ، وكم يبغض الدخول بهذه الاحاديث الرسمية والمبتذلة والتي يقضيها فقط بمدحه وموافقته على رأيه وتكبير برأسه وغروره وكأنه تقييد وجلد الذات ، ولكن مرتبته وقرابته هي ما تجعله يصمت عن كثير من تصرفاته وتدفعه على تحمله دائما بالرغم من انه قليل الصبر مع الناس وبسببه اصبح معلم بالصبر بعد معاشرته كل هذه السنوات ! وكأنه يضع جدار حجري على مشاعره ووجهه حتى اصبح متقن جدا لدوره امامه !
قاطعه بمنتصف حديثه وهو يقول كلمة واحدة صلبة
"سراب"
نظر له باستغراب وهو يقول بجدية
"ما بها ابنتي ؟"
تجمدت عيناه السوداوان مثل لون الصخر وهو يشد على قبضتيه بقوة ، ليقول اشرف من فوره بتفكير غاضب
"هل اخطئت بحقك مجددا ؟ إذا كانت قد فعلت ذلك احضرها إلي وانا اربيها من اجلك...."
كلا لم تفعل""
عقد حاجبيه بقسوة وهو ينتظر التبرير منه ليوجه نظره نحوه وهو يقول بجمود
"الحقيقة انت من اخطئت بحقها يا سيد اشرف"
تقدم بجلوسه وهو يقول باستنكار
"ماذا قلت ؟....."
رفع كفه بقوة وهو يقول بصرامة
"دعني اكمل حديثي اولاً"
صمت بعدم رضا بينما تابع سفيان كلامه وهو يخفض كفه ويقبض عليها بقوة
"هل ضربت زوجتي امام ضابط الشرطة ؟"
رفع حاجبيه ببطء وتغضن جبينه بخطوط عريضة ثم قال ببساطة
"تقصد ذلك اليوم ، لم اضربها بل صفعتها ، كانت صفعة للتربية....."
قاطعه بصوت صارم
"نفس المعنى"
نظر له اشرف بصدمة وهو يضرب بذراعه على ركبته قائلا بدفاع
"لم اتوقع ان تأخذ الامر بهذه الجدية ، فأنا لم افعل شيء بدون سبب هي من تواقحت ورفعت البلاغ...."
قاطعه بسرعة وهو يضرب بقبضته على طرف الطاولة
"ليست من رفع البلاغ يا عمي ، شخص آخر من فعل ذلك ، يعني هي بريئة تماما من هذه القضية وليس لديه احد الحق بمحاسبتها على شيء"
حدق به للحظات قبل ان يتراجع بجلوسه قائلا بنزق
"وما يدريني انا بذلك ، هل كنت اعلم بذلك وتقصدت صفعها ؟"
ردّ عليه من فوره بنبرة عميقة بقسوة الحجر
"لو انك سألت واستفسرت اولاً ما كنت اسئت الفهم واستبقت بالحكم على ابنتك ، كان عليك التصرف بحكمة اكبر"
اشاح بوجهه جانبا وهو يقول بجفاء
"على كل حال شيء حدث وانتهى ، لا داعي للإطالة بالكلام عنه"
رفع نظراته له وهو يقول بجمود اكبر
"ولأنه حدث فقد اخطئت كثيرا بفعله"
ادار نظراته نحوه بتجهم وهو يقول بتهديد
"سفيان ألزم حدك"
حرك نظراته بعيدا وهو يقول بغضب بدون اعتبار لكلامه
"وايضا انا المسؤول عن عقابها ، إذا اخطئت او تصرفت بوقاحة انا من يملك الحق بمعاقبتها وليس احد آخر"
ارتسمت ابتسامة ساخرة على محياه وهو يشير لنفسه قائلا بثقة
"هي ابنتي قبل ان تكون زوجتك ، يعني هي تنتمي لي قبل ان تنتمي لك ايها الزوج الغرّ"
تلبدت ملامحه بقسوة وهو يوجه نظره له ويقول بابتسامة واثقة تماثل ثقته
"كانت ابنتك والآن باتت زوجتي يعني على ذمتي ، انا اصبحت عائلتها وحياتها وانتمائها ، وانت لم يعد لديك اي حقوق نحوها تفرضها عليها"
تنفس بضيق وهو يسند مرفقه على ذراع الاريكة المخملية ثم حرك اصابعه قائلا بتهكم
"لقد بالغت كثيرا بالموضوع ، لم اكن اعرف بأنك ستأخذه بكل هذه الحساسية ، من يسمعك يظن بأنك متأثر بما حصل عليها...."
قاطعه مجددا بصوت نافذ
"نعم تأثرت ، انت مسست كبريائها يعني مسست كبريائي ، ولن اتهاون مع من يقللون من قيمة زوجتي او يضرونها ، فهذه حدودي ولن اسمح لأحد بتجاوزها او التعدي عليها"
بادله النظر بتعبير جامد وهو يضرب اصابعه على الاريكة قبل ان يحرك رأسه قائلا بغموض
"ما لذي تريده مني ؟"
اعتدل بجلوسه وهو يرفع ذقنه قائلا بتسلط
"الامر بسيط ، انت فقط ستعتذر منها"
رفع رأسه بصدمة كما حاجبيه قبل ان يقول باستهجان
"هل تسخر مني ؟"
ردّ عليه بدون ادنى تردد
"انا اعني ذلك"
تبدلت النظرة بعينيه للجمود وانقلبت ملامحه وهو يسحب انفاسه بصمت ، ليشير بعدها بأصبعه نحوه وهو يقول بكل قسوة
"هذه الرقة واللين لا يليقان بك ، فالرجال يجب ان يكونوا اشداء واكثر قسوة ، لا يجب ان تظهر ضعفك وعاطفتك للمرأة وألا استغلتك بأسوء طريقة"
تغضنت طرف ابتسامته وهو يرجع ظهره للخلف قائلا بغرور
"لن يحدث ذلك لأن زوجتي ليست مثل باقي النساء ، وإذا كان هناك ما يميزها فهو كبريائها واعتزازها بنفسها"
ادار نظراته بعيدا وهو يحرك رأسه بيأس ويرفع يديه بدون ان يجادله اكثر ، ليقول بعدها بنبرة باردة
"سنرى إذا كان هذا كلامك بعد شهر او شهرين"
بالجهة الاخرى بين ارجاء الغرفة الواسعة تجلس النساء بتجمع بينهن ، لتقول مديحة بابتسامة عاطفية
"اين هي سراب ؟ لماذا لم تنزل بعد ؟"
اجابتها شهيرة الجالسة على الاريكة المقابلة لها ببرود
"لا اعلم شيء عنها ، ولم يخبرني احد بعدم قدومها"
نظرت لها رقية بتعالي وهي تقول بنبرة ساخرة
"ألم تفقدي الأمل بعد ! لو ارادت النزول لرؤيتنا كانت فعلت ذلك منذ قدومنا ولكن يبدو بأننا لسنا من مستواها حتى تأتي لترحب بنا !"
امتعضت ملامحها وهي ترمقها بطرف حدقتيها هامسة بحزم
"رقية !"
قالت شهيرة وهي ترفع ذقنها بإيباء
"الحقيقة بأن هذه هي شخصيتها ، اعذروني على كلامي ولكن ابنتكم مغرورة جدا وتتعالى على الأكبر منها ، حتى انها لم تأتي لاستقبالي عندما اتيت للزيارة البارحة ! وما هو واضح امامي بأن تربية خالتها ببيئة غير مناسبة ودون المستوى اثرت بسلوكها وشخصيتها"
هتفت رقية بسرعة تؤيد رأيها
"قلت ذلك من قبل ولكن لم يصدقني احد ، هل سمعتي الآن ؟"
رمقتها بحدة وهي تهمس بوجوم
"بالله عليكِ اصمتِ يا رقية ، كلامك لا يفيد احد"
حولت نظرها لشهيرة وهي تقول بابتسامة بشوشة
"انتِ مخطئة يا سيدة شهيرة فهي شخصيتها جميلة جدا وطيبة مع الجميع ، ربما ظروفها وما قاسته بالآونة الاخيرة غيرها قليلا ولكنها كما قلت لكِ فتاة رائعة ومحبوبة"
ارتفعت طرف ابتسامتها بسخرية وهي تكتف ذراعيها وتعيد ظهرها للخلف هامسة ببساطة
"سنكتشف ذلك يا سيدة مديحة عندما تقرر التخلي عن تعاليها وتنزل لاستقبال ضيوفها ، ها نحن ننتظر قدوم تلك الشخصية الرائعة"
ردت عليها رقية بنبرة استهزاء
"لن تنزل لنا فهي تتظاهر بالمرض كي لا ترانا...."
رقية !""
قاطعتها مديحة بنبرة مهددة جعلتها تصمت وهي تشيح بوجهها جانبا ، لتتنهد بعدها بحزن وهي تشرد بنظراتها بعيدا وتتمنى ألا يكون مكروه ألحق بتلك الفتاة المسكينة التي لم ترى السعادة على محياها منذ قدومها إليهم...
____________________________
دخلت للمغفر وهي تجول بنظرها بخوف وحيطة بالمكان المزدحم برجال اشداء يرتدون بدلات الشرطة ومسدس بحزام كل منهم ، وما ان اصبحت بالرواق الواسع حتى لمحت المرأة السمينة الواقفة عند مكتب احدهم من المكاتب المنتشرة بالمكان بدون حواجز وهي ترتدي ثوبها الريفي العشبي الطويل ومنديل رأسها المورد الذي يظهر نصف شعرها من الأمام ، لتبتلع ريقها بارتعاش ما ان رأت الرجل الجالس على الكرسي والذي سبب لها هاجس منذ تركها له طريح الأرض بعد ان كسرت الكأس برأسه ، وها هو ما يزال حي امامها كما تركته فقط الاختلاف هو الرباط الملفوف حول رأسه وجبينه دليل بأن ضربتها تركت اثر عليه ! وقد حان وقت اخذ الجزاء عليها وبطريقة لن تتوقعها بحياتها !
تجمدت اطرافها وشحت انفاسها ما ان وقعت نظرات المرأة عليها ببوادر حدوث العاصفة وكأنه لم يمر وقت على آخر مرة ضربتها وعذبتها بها ، وما ان استعادت انفاسها حتى هجمت عليها بسرعة وقبل ان تبادر بحركة كانت تشدها من شعرها بكل قسوة وهي تضربها بيدها الاخرى وتصرخ بشراسة
"ايتها الحقيرة عديمة الأصل ! ايتها السارقة ! اين هربتِ بذهبي ؟ اين هربتِ به....."
صرخت بألم وهي تحاول تخليص شعرها وجسدها منها بدون ان تستطيع الفكاك من مخالب قبضتيها
"اتركيني يا عمتي ، اتركيني اتوسل إليكِ...."
تدخل شرطي من الامن وساعد بالفك بينهما وهو يدفع المرأة بعيدا قائلا بصرامة
"توقفي ايتها المرأة ! انتِ بمركز شرطة ولستِ بحلبة مصارعة ! هل تظنين نفسكِ بغابة ؟ احترمي سنكِ الكبير"
تنفست بثورة وهي تضع كفها على رأسها تستعيد اتزانها قبل تضرب ذراعها على جانبها صارخة بعنف
"هذه الأفعى ناكرة الجميل ، خدعتنا جميعا وتلعب دور المظلوم ! لن ارحمها ما دمت على قيد الحياة ، لن ارحمها...."
ما ان كانت ستهجم عليها مجددا حتى وقف رجل الامن امامها قائلا بقوة
"يكفي يا سيدة ، إذا لم تحترمي القانون هنا فيجب علينا طردكِ من المكان"
قدحت عيناها بالشرار وهي تشير لها بيدها قائلة باستهجان
"ليس انا من يجب ان تحاسب بل هي من عليك محاسبتها ، هي من تعدت بالضرب على زوجي ! هي من سرقت ذهبي من المنزل وهربت به ! هي من فعلت كل ذلك وليس انا ! هذه العاهرة باعت نفسها وباعتنا من اجل...."
قاطعها رجل الامن بلهجة صارمة
"انتبهي لألفاظك يا سيدة !"
صمتت على مضض وهي تحدجه بنظرات قاسية بدون ان يرف لها جفن ، ليقول بعدها وهو يشير بأصبعه ببأس
"إياكِ وان تنظري لي بهذه الطريقة ، وألا اعتبرتها تمرد على شرطي وادخلتكِ بمشكلة لا خلاص لكِ منها"
تدخل الضابط الجالس خلف المكتب وهو يقول بجدية
"سيدة سلطانة ما تفعلينه لا يفيدك ، إذا كنتِ تريدين رفع دعوى على احدهم عليكِ بالتحلي بالصبر وترك التحقيق يتصرف بشأنه ونحن من سنأخذ حقكِ من الجاني ، اما هكذا فلن تربحي شيء"
ادارت نظرها نحوه لحظات قبل ان تحرك كتفيها قائلة بضيق
"فليكن ذلك"
ابتعدت عن رجل الامن وهي تتحرك بتثاقل حتى جلست على الكرسي امام المكتب ، ليغادر رجل الامن وتبقى إيليف وحدها وهي تحدق امامها بخوف جمد عظامها عن الحركة ، لتضم يديها ببعضهما قبل ان يخترقها الوخز بيدها مثل وخز الدبور شل نصف ذراعها لثواني ، رفعت رأسها بارتعاش ما ان قال الضابط بهدوء رسمي
"تفضلي يا آنسة إيليف غياث"
رفعت يدها وهي تمسح على شعرها الذي انتفش بسبب شدها له ثم تقدمت نحوه بخطوات حذرة ، وما ان وقفت بجانب مكتبه وهي تتحاشى النظر لهم حتى تكلم قائلا بعملية
"اخبريني بموجز الأحداث يا إيليف ، وما صحة هذه الاتهامات ؟"
حركت رأسها بتشوش وهي تهمس ببحة حزينة
"انا لا اعرف"
تنهد بقوة وهو يقول بهدوء جاد
"حسنا اخبريني بإجابة واضحة هل صحيح ما تقوله عمتك سلطانة ؟"
ردت عليه بسرعة بخفوت مندفع
"غير صحيح"
"كاذبة !"
صرخت سلطانة بأعلى صوتها وهي تستدير نحوها وتتابع بصراخ اعلى
"وتكذبين ايضا يا عديمة الحياء ! مَن الذي ضرب زوجي إذا لم تكوني انتِ ؟ ومَن الذي سرق ذلك الذهب من خزانتي ؟ هل بدأتِ بلعب دور الشريفة علينا...."
قاطعها الضابط بصوت حازم
"انا اكلمها هي ولا اكلمكِ انتِ ، لذا التزمي بالصمت رجاءً"
لوت شفتيها جانبا وهي تدير رأسها بصمت ، ليوجه الضابط حديثه لها قائلا بجدية
"ألستِ من سرق الذهب من خزانة عمتك !"
نظرت له بعينين مشوشتين بالدموع وهي تهمس بوجوم
"ذلك ذهب امي ، وانا اخذته لأنه آخر ما تبقى لي من امي"
حدقت بها سلطانة بسرعة وهي تقول باستنكار
"متى حدث هذا الكلام يا ساقطة ؟ هو ليس لأي منكما ، بل هو ملكي انا...."
استغفر الله العظيم !""
صمتت بامتثال بعد كلامه وهي تدير نظراتها بعيدا ، ليتنفس الضابط بصبر وهو يقول يكمل استجوابه
"ماذا عن اصابة زوج عمتك ؟ ألستِ المتسبب بإصابته !"
خنقت ارتجاف بكائها وهي تنقل نظرها للرجل الجالس بسكون بدون اي رد فعل ، لتهمس بعدها بخفوت ميت
"لقد حاول التهجم عليّ جسديا...."
نهضت سلطانة بقوة وقد طفح بها الكيل
"لا هذا كثير جدا ! ماذا لديكِ اكاذيب اخرى تقولينها ايتها الساقطة...."
ضرب الضابط على سطح المكتب بكفه وهو يقول ببأس
"سيدة سلطانة اضبطي اعصابكِ ولا تتمادي بالكلام اكثر امام الشرطة كي لا يأخذ بالحسبان !"
عادت بجلوسها بغضب وهي تضرب على ركبتيها بيديها ، ليمسد بعدها جبينه بإصبعيه وهو يقول بخفوت حاسم
"لن نستلم هذه القضية حتى يأتي النائب العام ويتصرف بأمرها وهو من يحدد نتيجة هذه الدعوى"
ساد صمت ثقيل بعد كلامه بينما كانت إيليف تتنفس بصعوبة بالغة وهي تشد قبضتها السليمة على جانبها ، وبدون تفكير كانت تنطلق راكضة خارج القسم بأكمله تفر هاربة من جريمة لم ترتكبها ، لتنتفض سلطانة واقفة وهي تلوح بذراعها صارخة بجنون
"انها تهرب ! انها تهرب ! ألحق بها ! امسكوها...."
قال الضابط بكل برودة اعصاب
"عندما يأتي الفريق المختص سنصدر قرار بالقبض عليها ، اما الآن فلا استطيع فعل شيء"
نظرت له بسرعة وهي تضرب على سطح مكتبه صارخة بانفعال
"ماذا تقصد ؟ هل ستتركها تهرب منك ؟ هل سننتظر حتى يأتي فريقك وتكون عندها قد وصلت للنصف الآخر من العالم ؟ هل انتم شرطة حقا !"
نهض الضابط عن الكرسي وهو يتقدم منها ويشير بأصبعه عليها قائلا بجمود خطير
"إذا لم تصمتِ الآن ازجك انتِ وزوجك بالسجن بتهمة تحريض شرطي ، ولا احد سيستطيع اخراجكما من هذه الورطة حينها"
غامت ملامحها بقسوة وهي تتراجع عن المكتب قبل ان يمسك زوجها بذراعها وهو يقول لأول مرة بروية
"اهدئي يا سلطانة ، يكفيكِ خلق للمشاكل...."
نفضت يده عنها وهي تقول بحدة
"هل انا التي تخلق المشاكل ؟"
زفر انفاسه بنفاذ صبر وهو يراقبها تجلس على الكرسي بغضب وترفع يديها للسماء تدعو بكل ما يحمله قلبها من حقد وسوء عليها وكأنها هي من ظلمتها وليس العكس....

نهاية الجزء لا تنسوا تعطوني رأيكم وانطباعكم كي اعرف مدى إعجابكم ورضاكم بالفصل ♥️


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-05-24, 07:49 AM   #487

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 272
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

حذيفة فيييييييييييييين لازم يلحقها بسرعة

al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-05-24, 01:15 PM   #488

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,938
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


صل على النبي محمد متواجد حالياً  
التوقيع
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
رد مع اقتباس
قديم 15-05-24, 09:49 AM   #489

غرررام الورد

? العضوٌ??? » 230063
?  التسِجيلٌ » Mar 2012
? مشَارَ?اتْي » 369
?  نُقآطِيْ » غرررام الورد has a reputation beyond reputeغرررام الورد has a reputation beyond reputeغرررام الورد has a reputation beyond reputeغرررام الورد has a reputation beyond reputeغرررام الورد has a reputation beyond reputeغرررام الورد has a reputation beyond reputeغرررام الورد has a reputation beyond reputeغرررام الورد has a reputation beyond reputeغرررام الورد has a reputation beyond reputeغرررام الورد has a reputation beyond reputeغرررام الورد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صلييييي وسلمممم على نبيننننا محمد
صلى الله عليه وسلم


غرررام الورد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-05-24, 07:23 PM   #490

ارمي خولة

? العضوٌ??? » 513419
?  التسِجيلٌ » Jul 2023
? مشَارَ?اتْي » 34
?  نُقآطِيْ » ارمي خولة is on a distinguished road
افتراضي

الحمدلله

ارمي خولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:40 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.