آخر 10 مشاركات
ظلام الذئب (3) للكاتبة : Bonnie Vanak .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غريق.. بين أحضانك (108) للكاتبة: Red Garnier *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          تملك الذئب (2) للكاتبة: Michele Hauf كاملة & رابط التحميل (الكاتـب : Gege86 - )           »          رغبة التنين (1) للكاتبة: Kristin Miller (رواية خيالية قصيرة) .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          لا تلمُني *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Siaa - )           »          حروف كتبت في الذاكرة (الكاتـب : كلبهار - )           »          لن..أغفر لك! (48) للكاتبة heba45 ×كــــاملهـ× مميزة (الكاتـب : heba45 - )           »          دموع الزمرد (9) -ج2 أسرار خلف أسوار القصور- بقلمي:noor1984 [مميزة]كاملة+الرابط (الكاتـب : noor1984 - )           »          599 - قيود امرأة - باتي ستندارد ( تحت سقف واحد ) - ق.ع.د.ن*** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          قلبي أصبح أنتِ (5) .. سلسلة العائلة * مكتملة * (الكاتـب : صابرين شعبان - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree1363Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-07-24, 02:52 AM   #561

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 818
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فراشة الغيد مشاهدة المشاركة
الثنائيات مُستفزين بالرواية محد فيهم راضي يتعدل ودي أصفقهم ????????
اعجبتني قوة لورين ولا استسلمت لحمزة المريض ومتحمسة أعرف وش بيصير لها أتمنى إلياس يساعدها أو أحد المهم مايصير لها شي
كرم عليه استفهامات كثيرة ما أعرف إيش هو بالضبط لعائلة صُهيب؟ أتمنى أن كاميليا تضيف البسمة والفرح لحياته
وأخو لورين الأخير هيثم ليه هو الواحد ماله حضور أو قصة مختفي تمامًا ! هل له دور في الأحداث الجاية ولا هو كذا دوره فقط أخ بالأسم؟
المهم متحمسة لبارت الليلة ????

نورتِ الرواية حبيبتي واتشرفتِ بوجود متابعة مثلك ، سعيدة جدا بمشاركتك وصراحتك بالتعبير عن رأيك بالفصل واستمتعت بقراءة كلماتك ، بالنسبة للثنائيات إن شاء الله بعد التقدم بالأحداث وحل عقدهم يتغير حالهم وتبدأي تحبيهم ، لورين بدأت تتمرد على واقعها وتتحسن عن السابق وتواجه مخاوفها بشجاعة واكيد إلياس بساندها ، كرم قصته عن قريب بتنكشف ومنفهم موقعه بالعائلة وحياته بس حاليا هو ما زال خادم عندهم وابن متبنى ، هيثم لديه قصة وحكبة خاصة به ستظهر قريبا ولكن ليست بأهمية الشخصيات الرئيسية وبالفصول القادمة له ظهور مثل اشقائه ، إن شاء الله اكون دائما عند حسن توقعاتكم فيي ، دمتي عزيزتي بكل خير ♥️


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-07-24, 02:59 AM   #562

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 818
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

أَيُّها الحُبُّ أنتَ سِرُّ بَلائِي
وهُمُومي وَرَوْعَتي وعَنَائي
ونُحُولي وأَدْمُعي وعَذَابي
وسُقَامي وَلَوْعَتي وشَقَائي
أَيُّها الحُبُّ أَنتَ سِرُّ وُجُودي
وحَيَاتي وعِزَّتي وإبَائي
وشُعاعِي ما بينَ دَيْجُورِ دَهْري
وأَليفي وقُرَّتي وَرَجَائي
يا سُلافَ الفُؤادِ يا سُمَّ نَفْسي في حَيَاتي
يا شِدَّتي يا رَخَائي
أَلَهيبٌ يثورُ في روضَةِ النَّفْسِ
فَيَطْغى أَمْ أَنتَ نُورُ السَّماءِ
أَيُّها الحُبُّ قَدْ جَرَعْتُ بِكَ الحُزْنَ كُؤُوساً
وما اقْتَنَصْتُ ابْتِغَائي فبِحَقِّ الجَمَال
يا أَيُّها الحُبُّ حَنَانَيْكَ بي وَهَوِّن بَلائي
لَيْتَ شِعْرِي يا أَيُّها الحُبُّ
قُلْ لي مِنْ ظَلامٍ خُلِقَت أَمْ من ضِياءِ
يَا شِعْرُ أَنْتَ فَمُ الشُّعُورِ وصَرْخَةُ الرُّوحِ الكَئيبْ
يَا شِعْرُ أَنْتَ صَدَى نحيبِ القَلْبِ والصَّبِّ الغَرِيبْ يَا شِعْرُ أَنْتَ مَدَامعٌ عَلِقَتْ بأَهْدَابِ الحَيَاةْ
يَا شِعْرُ أَنْتَ دَمٌ تَفَجَّرَ مِنْ كُلُومِ الكائِناتِ
يَا شِعْرُ قَلْبي مِثْلما تدري شَقِيٌّ مُظْلَمُ

الفصل الرابع والثلاثون الجزء 1
حاد بنظراته باتجاه الهاتف بجانبه فوق طاولة الاجتماعات وهو ينظر للاسم الذي انار شاشته ، كان الاسم المكتوب واضح تماما ولم يكن اسمها بل لقبها (ملاك الروح) .
امسك بالهاتف بأصبعيه السبابة والإبهام وقام بقفله هذه المرة كي لا تصله اي اتصالات وتشتت تفكيره ، ليضم قبضتيه امامه وهو ينقل نظراته للجالس على يمينه قائلا بنبرة صارمة
"ألن يأتي رئيسهم للاجتماع ؟ لقد مر نصف ساعة على بدء الاجتماع ! هل يسخر منا ام لا يعرف قيمة الوقت ؟"
حرك كتفيه بجهل وهو يقول بهدوء
"كل ما نعرفه بأنه علق بزحام السير وسيحتاج وقت للوصول"
ادار نظراته بقوة وهو يقول بضيق
"لقد قالوا هذا منذ نصف ساعة ، ليس من المعقول بأنه بكل هذا الوقت عالق بالزحام فهل هو مات ام انها مجرد حجة كي يغطي على غيابه ؟"
اخفض رأسه وهو يقول بأدب
"لا اعرف يا سيدي ، المهم بأن يأتي للاجتماع كي لا يذهب انتظارنا هباءً"
امسك ذقنه بأصبعيه وهو يقول بقوة
"سيأتي ، سيأتي وألا ما كان شدد على موعد الاجتماع هكذا ، ما انا قلق منه هو سير هذه الصفقة"
نظر له باستغراب وهو يقول بتساؤل
"اعذرني على فضولي ، ولكن ما لذي قصدته بسير الصفقة ؟"
تصلبت ملامحه بدون اي تعبير وهو يقول ببساطة
"ستعرف قريبا يا زكريا ، تحلى بالصبر اكثر وستعرف"
دخل شخص من باب غرفة الاجتماعات ولكن لم يكن الفرد المنتظر انما موظف من موظفين الشركة ، لينحني باحترام امامهم وهو يسير بسرعة ويدور حول الطاولة حتى وقف عند رأس المدير ، لاحقته النظرات وهو ينحني عند اذنه ويهمس له بكلام لم يسمعه غيرهما ، ولم يلاحظ احد التعبير الذي اظهره على عينيه المتلبدتين وهو يخفيهما بسرعة ويرفع كفه نحوه ليسارع بوضع الملف الاحمر الذي كان بقبضته بيده قبل ان ينسحب بصمت ويغادر خارج الغرفة !
رفع الملف بقبضته وهو يفتح غلافه وما ان قرأ بضعة اسطر حتى همس بجمود
توقعت ذلك""
نظر له زكريا بحيرة وهو يميل نحوه قائلا بجدية
"ما هذا الملف يا سيدي ؟"
اغلق الملف بقوة وهو يرجع بكرسيه وينهض عنه فجأة جذب اعين الجالسين حول الطاولة ، وقبل ان يتكلم احد منهم كان يقول بهدوء خفيض
"اعذروني على اضاعة وقتكم بهذا الاجتماع ، ولكن...."
صمت بتعمد والجميع ينظر له بترقب وآذانهم معه حتى قال بخفوت حاسم
"ولكن هذه الصفقة لن تحصل"
ظهرت الصدمة على شكل شهقات وتمتمات متذمرة من الجالسين ومنهم رد بصوت مسموع
"لماذا ؟!"
بينما تحرك إلياس وهو يأخذ هاتفه بدون كلمة اخرى وباقي فريقه يلحق به متجاهلا كل الوجوه وباتت وجهته باب الغرفة ، ليتجمد بمكانه ما ان صدر من مدير اعماله ردة فعل اكثر حدة من الآخرين
"لا يمكنك الانسحاب بآخر لحظة فهذه تعد خيانة وعدم احترام للاتفاق بيننا !"
قست عيناه ليس بسبب ما قال بل بسبب الذي دخل على الاجتماع فجأة وهو يظهر بآخر لحظة بعد ان قضوا كل هذا الوقت بانتظاره ! كان يرتدي كما بالمرة الأولى كمامة على وجهه ونظارة سوداء فوق عينيه يحدق بهم بصمت ! وما ان توقف بنظره عليه حتى فرد يده وهو يقول بخفوت والكمامة تخفي نبرة صوته
"يبدو بأن الاجتماع قد انتهى"
اشاح بوجهه بعيدا عنه بدون ان يجيبه بينما تدخل مدير اعماله وهو يتقدم منهم قائلا
"سيدي سامحني ، لقد فشلت بمهمتي ، ما حدث هو..."
قاطعه الرجل المتنكر وهو يقول ببساطة
"لا داعي لتبرر لي شيء ، فأنا سأتصرف من بعد هذه اللحظة"
اومأ برأسه باحترام وهو يقول بأدب
عذرا منك إذاً""
حرك رأسه لباقي اتباعه قبل ان يخرج من الغرفة وهم يلحقون به ، لينقل نظراته للواقف امامه وهو يقول بجدية انقلب لها
"هل يمكننا التحدث مع بعضنا على انفراد بمكتبك ؟"
فتح شفتيه وهو يريد الاعتراض قبل ان يسبقه قائلا بخفوت اغرب
"صدقني لن تندم على اعطائي هذه الفرصة يا مسيو إلياس"
قطب جبينه بقوة لحظات قبل ان يومئ برأسه وهو يفرد ذراعه امامه يدعوه للخروج ، وبغضون لحظات كان يغلق باب المكتب خلفه وهو يتقدم نحوه حتى وقف مقابل له ، ليكتف ذراعيه فوق صدره وهو يقول بجمود صخري
"وها قد اصبحنا وحدنا هل ستقول ما تريد قوله لي ؟"
دس يديه بجيبي بنطاله وهو يقول بهدوء
"قبل كل شيء لماذا خرجت من منتصف الاجتماع ؟"
زحف التلبد لملامحه وهو يشد بقبضته على الملف بيده قائلا بجفاء
"لقد انتهى الاجتماع بالنسبة لي ، فقد ألغيت الصفقة بيننا"
صمت لحظات قبل ان يقول بجمود مفاجئ شعر به بصوته
"لماذا ؟ هل يمكنني ان اعرف ؟"
اعتلت سحابة محياه وهو يرمي الملف على المكتب قبل ان يشير نحوه قائلا بجمود
"لقد كنت على وشك ان تحتال عليّ ببضاعة مهربة ومسروقة كي تتشوه سمعة شركتي ، ماذا تظنني رجل ساذج ؟"
ادار رأسه جانبا بدون ان يستطيع رؤية تعابير ملامحه بتلك اللحظة وسيكون الغضب بالتأكيد ، ولكنه نفى شكوكه ما ان عاد للنظر له وهو يقول بانبهار
"انت حقا رجل اعمال لا يستهان به ، لقد ابهرتني !"
تغضنت اطراف حدقتاه وهو يبعدهما قائلا بضيق
"ما بالك ؟ هل هذا فقط ما تريد قوله ؟"
نظر له بإمعان لبرهة قبل ان يقول بطريقة جذبته
"بالمناسبة كيف خطر ببالك بأنني اهدف لتشويه سمعة شركتك ؟"
حرك رأسه نحوه وهو يقول بابتسامة لا تمت للمرح بصلة
"اعرف الناس امثالك فقد صادفت مثلك كثيرا بحياتي بالخارج ، وخاصة بأنني قضيت نصف عمري اعمل بهذه التجارة والمجال وبأكبر بلدان العالم"
ساد صمت بينهما قبل ان يميل برأسه جانبا وهو يتابع بثقة اكبر
"وايضا انت من الخارج ولست من هنا"
شعر بطاقة غريبة تنبعث منه تدل على الانزعاج من كلامه حتى قال بهدوء غامض
"وعرفت بذلك ايضا ! كيف هذا ؟"
ضبط مشاعره بمهارة وهو يقول بهدوء ثابت
"لقد عرفت بهويتي الامريكية التي لا يعرفها سوى القليلون ، وايضا من طريقة كلامك ونطقك لكلمة مسيو قبل اسمي"
اخفض رأسه وهو يقول بخفوت مستاء اقرب للسخرية
"لقد تساهلت كثيرا ، كان عليّ ان اكون اكثر حذرا"
ارتابت ملامحه من ردة فعله وكأنه لا يبالي بكشفه لأمره وفشل صفقته ! ليتمالك نفسه سريعا وهو يقول بجمود اكبر
"لدي سؤال لك ، هل انت من دبرت حادث الاعتداء عليّ بيوم مناقصتي كي اخسرها وتتضرر سمعتي ؟"
استمر صمته لحظات قبل ان يقول بغموض
"ربما"
هذه المرة لم يستطع تمالك نفسه وهو يتقدم نحوه قبل ان يفتح باب المكتب ويقتحم رجل غريب المكان ويقف امامه ! ليحرك رأسه له وهو يقول باستهجان
"ما لذي تفعله ؟ من دعاك للدخول...."
صمت بقوة ما ان صوب فوهة السلاح نحوه وهو يضع اصبعه على الزناد يستعد للإطلاق عليه ، ليسرق نظره الرجل الآخر وهو يرفع رأسه ويخلع الكمامة عن وجهه يكشفه بصمت ، ليقول بعدها بابتسامة ملتوية ظهرت بوضوح وكأنه يتحداه
"لنرى كيف ستواجهني بثقة الآن !"
بانت الخطوط على محياه يناظره بغضب صامت وقد استطاع استدراجه للفخ ! ليدور الآخر ببساطة حول المكتب حتى اصبح خلفه وهو يتحسس سطحه قائلا ببرود
"لقد استطعت كشفي بسهولة ، وكما هو متوقع من إلياس الكايد ابن عارف الكايد"
لاحقه بنظراته وهو يقول بجمود
"هل تحاول إهانتي ؟"
استند بيديه على سطح المكتب وهو يقول بنبرة مسترخية
"على العكس انا امدحك"
تنفس إلياس بقوة وهو يقول بنفاذ صبر
"من تكون ؟ وما هو هدفك ؟"
جلس بعدها على الكرسي الجلدي بكل اريحية وهو يقول بعملية
"أليس واضح ما اريد ! اريدك ان تعطينا موافقتك على الصفقة فبدونها لن نستطيع الإنجاز"
ارتفعت طرف ابتسامته وهو يقول بسخرية
"هل هذه مزحة ؟ فأنا لن اعطيك موافقتي ألا على جثتي"
اسند ذراعيه على ذراعي الكرسي وهو يقول باستياء
"انت اعند مما تصورت"
عقد حاجبيه بتفكير ثواني قبل ان يقول بتصلب
"هل انت زعيم العصابة السوداء ؟"
رفع حاجبيه ببطء وهو يسند اصبعيه تحت ذقنه قائلا بحيرة
"لما فكرت هكذا ؟"
حرك كتفيه باستخفاف وهو يقول ببساطة
"لقد تركت عصابتك التي اعتدت عليّ بالضرب بطاقة سوداء لجمجمة ترمز للعصابة السوداء بلغة القراصنة ، او ليس كذلك"
اخفض اصبعيه وهو يرفع رأسه ويقول بإعجاب
"لقد عشت بالخارج مدة طويلة وقابلت جميع الألوان والاشكال من الناس ، ولكن مثل شخصيتك وحنكتك وتفكيرك ودهائك لم اقابل قط !"
كان يحدق به بإمعان حتى قال بجمود خاوي
"ما هو عدائك معي ؟"
ماتت الابتسامة عن محياه وكأنه يتذكر العداء الأزلي بينهما الذي يفوق عمره ، لتنتقل نظراته لا شعوريا لبرواز الصورة القابعة فوق سطح المكتب امامه تكاد تكون حية ، ليمد اصابعه نحوها ويتحسس إطارها قائلا بشرود
"من هذه الشابة الجميلة ؟ هل يعقل بأن تكون والدتك فهناك شبه كبير بينكما ؟"
اظلمت عيناه واشتدت خطوط تقاطيعه وهو يقول بغضب مهدد
"هل تعلم بأن قول هذا الكلام اسوأ من شتمي ولعني ؟"
اومأ برأسه بدون ان يتأثر من تهديده او يهابه وهو يشد بأصابعه على الصورة قائلا ببرود مستفز
"اعلم ذلك وهذا هو السبب من كلامي"
اتسعت حدقتاه الرماديتان بتوحش حتى تابع كلامه بابتسامة خبيثة
"الآن عرفت من اين ورثت كل هذا الجمال ، ورثته من المرأة الأجمل...."
ضرب على سطح المكتب بقبضته وهو يقول بهياج منفعل
"اقطع لسانك إذا تكلمت اكثر يا فاسق !"
بدد صمت الغرفة صوت مخزون الذخيرة بالمسدس وهو يصوبه نحوه وكأنه يهدده بالإطلاق ، بينما قال ظافر بكل برود اعصاب وهو يبعد اصابعه عن الصورة
"اهدئ تمالك اعصابك كي لا تخسر حياتك بسبب تهورك"
نقل نظراته لصاحب السلاح وهو يفرد ذراعيه له قائلا بترحاب
"هيا اطلق إذا كنت تريد ان تطلق ، فأنا قد ذهبت للموت وعدت منه اكثر من مرة ، لذا لا امانع الذهاب إليه مجددا"
تجمد الرجل بمكانه وهو يظهر الخوف امامه والقلق من كلامه ، ليتدخل ظافر من فوره وهو يقول بحزم
"لا تجعله يستفزك بكلامه ، فهو يتكلم ويتصرف بدهاء مثل الافعى تماما ، لذا لا تجعله يتلاعب بعقلك ايها الاحمق !"
اخفض إلياس ذراعيه وهو يسلط نظراته نحوه ما ان قال بهدوء غريب
"هل انت تحب الموت كثيرا !"
اتسعت ابتسامته بدون اي مرح وهو يتقدم بجلوسه على المكتب قائلا بتشفي
"بعلمك انت مدين لي بحياتك وانا من جعلتك تعيش كل هذه الاعوام بدون قتلك ، ولولاي كنت مت منذ اعوام"
شحبت ملامحه بلون الرخام وهو يحاول استيعاب ما ينطق به ذلك المختل قبل ان يشعر بكريات الدم تغلي بجسده مثل البركان الثائر ! ليقول بعدها بصوت اجوف خرج من عمق بؤسه
"هل انت من تسبب...بمجزرة عائلتي ؟"
نظر له بتدقيق وهو يقرأ ردة فعله التي تحمس سنوات لرؤيتها والاستمتاع بالتشمت بها ، ليعود بجلوسه وهو يطرق بأصابعه على حافة المكتب قائلا بمكر
"ماذا لو قلت لك نعم ؟ ماذا ستفعل ؟"
تجردت عيناه من الرحمة وعادت روح الانتقام تنبض بقلبه وهو يشد قبضتيه ويقول بوعيد قاتل
"فقط قُل نعم وسأتأكد من تعليق مشنقتك عند باب منزلي !"
ارتجف كيانه قبل ملامحه ما ان شعر بنية قتل مخيفة تخرج منه نحوه يستطيع رؤيتها من خلف شاشتي نظارته وكأنه ينتظر هذه اللحظة منذ اعوام ! ليتراجع بجلوسه للخلف وهو يقول بهدوء مرتاب
"وماذا تستطيع ان تفعل ؟"
حرك رأسه بتحفز قبل ان يمسك علبة الاقلام وبلحظة كان يطلق قلم مثل السهم اصاب كتف صاحب المسدس وهو يتأوه بألم ، ليرفع ساقه ويركل ذراعه بلمح البصر رمى المسدس بعيدا عنه ليسارع بالتقاطه عن الارض ثم تصويبه نحوه ، رفع ذراعيه بخوف ما ان اصبح بمكان الفريسة والآخر الصياد حامل السلاح !
اقترب منه عدة خطوات وقبل ان يصدر حركة كان يعتقل عنقه بذراعه ثم ضربه على رأسه ضربة افقدته الوعي...ليرميه ارضا وهو ينقل فوهة المسدس للرجل الواقف خلف المكتب يشاهد بصدمة وقد حوصر لأول مرة بحياته ! ولم يمنع نفسه من القول بانبهار من مهاراته
"استهنت بك مجددا !"
استشاط غضبا وهو يدور حول المكتب بلمح البصر وينقض عليه يمسكه من عنقه ويدفعه على الكرسي ليصوب المسدس برأسه ويزمجر بشراسة
"تكلم من انت ؟ هل انت من اخذ عائلتي ؟"
صمت ببرود وهو يشيح بنظره عنه قبل ان يبعد المسدس ويخلع نظارته ويلقيها ارضا ، لتظهر ملامح وجهه بوضوح والخطوط العميقة حول عيناه وهو يقول بازدراء
"لقد ظننتك شاب اكثر ، ولكن يبدو بأنني اقاتل عجوز قبيح يتخفى خلف شبابه المزيف !"
شد على عنقه اكثر وهو يصرخ بانفعال يكاد يحرقه بنيران انتقامه
"إذا لم تتكلم سأقتلك ، تكلم وألا قتلتك !"
نظر له بسرعة وهو يقول بخفوت مستصعب بسبب خنق انفاسه
"إذا قتلتني ستخسر اعز شخص عليك"
توقفت انفاسه لوهلة وهو يعقد حاجبيه ثم قال باضطراب
"ماذا تقول ؟"
تنفس بصعوبة وهو يدفع الكلام من حنجرته بقوة
"هذا إذا...لم تخسره بالفعل"
وصل الإدراك لعقله تدريجيا حتى افلت عنقه اخيرا وما هي ألا لحظات حتى كان يلكمه بالمسدس بقوة ، قبل ان يركض مثل البرق خارج الغرفة بدون النظر خلفه....
مسح الدم عن فمه وهو يستقيم بجلوسه قبل ان يقول بحنق
"آه ذلك المجنون ! كاد يقتلني ! نجوت بأعجوبة منه"
رفع رأسه وهو يضرب بقبضته على ركبته قائلا بجحود
"يجب على ذلك الجرذ قتله ، وألا لن اسامحه إذا اخفق"
_______________________
ارتجفت اصابعه بالقلم وهو يشعر بصداع مفاجئ برأسه ثم ضغط اكثر على الورقة حتى كاد يخترقها ، لينتفض بجلوسه للخلف وهو يرفع القلم ويطرق به على جبينه عله يخفف من صداعه ، تنفس بضيق وهو يخفض القلم جانبا ويستسلم لألم رأسه وكأن هناك ضجيج بعقله...
تحفزت اطرافه ما ان شعر بقلبه يضيق بانقباض وهو يشد بقبضته على القلم حتى انغرس بلحم كفه ، وما ان تحركت يده باتجاه سماعة الهاتف حتى اصدر رنين قبل وصوله له ، ليسحب انفاسه بقوة وهو يمسك السماعة ويرفعها لأذنه قائلا بصوت عملي
"نعم ماذا هناك ؟"
اجابت السكرتيرة من الطرف الآخر بمهنية
"هناك احدهم يريد الصعود لمكتبك بأمر ضروري"
عقد حاجبيه وهو يقول باستغراب
"من هو ؟"
ردت عليه بنبرة جادة
"يقول بأنه فرد من عائلتك ، وما يود الكلام معك به ضروري جدا ولا يقبل التأجيل"
ازدادت خطوط ملامحه وفوق جبينه قبل ان يقول بحسم
"اتركيه يأتي انا بانتظاره"
اعاد السماعة لمكانها بصمت وهو يقول بجمود
"لنرى من يكون هذا الضيف"
مرت دقائق وهو مشغول بمراجعة بعض المستندات حتى سمع صوت طرق خفيض على باب غرفته ، ليسمح له بالدخول وهو يسمع صوت انفتاح الباب ثم صوت وقع خطواته على ارض الغرفة ، وما ان توقف بصمت لحظات حتى رفع نظراته واتسعت حدقتاه وهو يترك الورقة تسقط على المكتب فور معرفته بهويته !
تقابلت النظرات بينهما ثواني قبل ان يهب واقفا ويتقدم نحوه قائلا باستهجان
"ما لذي احضرك لمكتبي ؟ وبأي جرأة...."
توقف ما ان قال الطرف الآخر بهدوء بدون ان يخافه
"كان يجب ان نتحدث يا سفيان"
تلبدت ملامحه بقسوة وهو يحرك كفه جانبا قائلا بجفاء
"ليس هناك ما نتحدث عنه يخصك ، وغادر من مكتبي حالا"
تجمد بمكانه بدون ان يتحرك او يستسلم وهو يقول بثبات
"إذا لم تستمع لكلامي وما اتيت لقوله فلن اتحرك من مكاني"
نظر له بقوة وهو يقول بتسلط
"كرم !"
اخفض رأسه بصمت يحاول التحلي بالشجاعة بعد وصوله لهذه النقطة فإذا سمح له بأن يرهبه فلن ينجح بمسعاه ، ليسمعه بعدها وهو يقول بسخرية
"قلت بأنك فرد من عائلتي ، يا لها من خطة خبيثة !"
تصلبت ملامحه وهو يقول بعدم حياة
"لو لم افعل لما سمحت لي بالوصول إليك"
اشاح سفيان بوجهه جانبا وهو يقول ببرود
"اخرج من مكتبي يا كرم ، لست بمزاج للاشتباك معك"
قبض على يديه وهو يقول بوجوم
"لقد نسيت بأنك الوحيد الذي استطيع الكلام معه بالعائلة ، ليس لدي احد اتكلم معه غيرك"
ادار نظراته نحوه وهو يقول بابتسامة ارتسمت بسخرية
"لديك عائلتك الجديدة التي فضلتها علينا ، اذهب وتكلم معهم"
تنفس كرم بحزن وهو يقول بخفوت مرير بدون ان يواجهه بنظراته
"تعلم جيدا بأن معزتك بقلبي مختلفة عن الآخرين"
اعتلت سحابة ضبابية محياه وهو يدس يديه بجيبي بنطاله قائلا بخفوت
"يا ليتك ادركت ذلك قبل ان تقترف ذلك الخطأ"
تغضن جبينه بوجوم وهو يقول بخفوت مستاء
"لقد كنت دوما تعفو عن اخطائي مهما بدر مني ، ألن تستطيع مسامحتي هذه المرة !"
ردّ عليه سفيان من فوره بجمود
"خطأك هذه المرة لا يغتفر"
اظلمت ملامحه وهو يرفع نظراته بسرعة قبل ان يسبقه من تقدم نحوه واشار بذراعه بعيدا قائلا بصرامة
"غادر يا كرم ، غادر"
وعندما تجمد ولم يتحرك حتى تجاوزه سفيان وهو يقول بقوة
"إذاً انا من سيغادر...."
اوقفه بقوة بسبب إعاقة طريقه وشل حركته بعناقه المفاجئ وهو يقول بخفوت نادم
"سامحني يا اخي ، وارجوك لا تكرهني"
سحب ذراعيه من حوله وهو يستدير ينوي الخروج قبل ان يوقفه سفيان قائلا بتذمر
"توقف مكانك يا طفيلي"
توقف بلحظة ولم يرى ابتسامته التي خرجت من صميم قلبه على اللقب الذي اطلقه عليه وكأنها كلمة السر لبداية الصلح ، ليستدير بسرعة وهو يراقب الذي ابتعد عنه وجلس على الاريكة امام المكتب يكتف ذراعيه بصمت .
ضم طرف ابتسامته وهو يتجه نحوه بأدب حتى جلس امامه على الاريكة المقابلة له ، قبل ان يبادر سفيان بالكلام قائلا بجدية
"تكلم عن ما تريد قوله لي"
اختفت الابتسامة عن محياه وهو يضم قبضتيه امامه بتوتر ثم تكلم بكل شيء حدث معه منذ انقطاعه عنه وقصة موافقته على شرط كبار عشائر النور ، ليرجع سفيان بجلوسه للخلف وهو يفكر لبرهة قبل ان يقول بخفوت متزن
"هذا قرارك بالنهاية ، ولكن ألم تتسرع قليلا باتخاذه ! فما نأخذه بعجلة يعود علينا بالضرر ، ومثل هذا القرار الكبير يحتاج منا للتفكير وقتا اطول"
شد قبضتيه معا وهو يقول بوجوم
"لقد اخذت وقتي بالتفكير ، ولم يكن هناك مجال للتردد اكثر"
رفع اصبعيه وهو يحك ذقنه بهما قبل ان يشير بعيدا قائلا بصلابة
"من النبل ان تضحي من اجل عائلتك ، ولكن هل يستحق ؟ هل يستحق من تضحي من اجله ؟"
رفع نظراته بهدوء وهو يقول باقتضاب
"الامر لا يتعلق بسمعة حمزة فقط ، بل ايضا بباقي افراد العائلة وهو اكثر فرع مؤثر بها"
قطب جبينه وهو يخفض كفه على ذراع الاريكة قائلا بجدية
"ولكن أليس من الأصح ان يعاقب على اخطائه ! ألن يتحمل مسؤولية شيء واحد يفعله ؟"
شرد كرم بنظراته بعيدا وهو يقول ببساطة
"ليس هو من اغتصبها ، بل شخص آخر من اتباع حمزة"
رفع حاجبيه ببطء وهو يحرك كفه قائلا بتعجب
"وكيف اكتشفت ذلك ؟"
تنهد بعمق وهو يخفض نظره ويقول بنبرة جادة
"لقد لاحقت الأمر وتكلمت مع اهل الخيمة التي كان يسكن بها ، اكتشفت بأنه كان مع رجلين من اتباعه احدهما من اخبرنا بمكانه وارسل لنا موقعه ، والثاني لم يظهر له اثر والواضح بأنه هو من اغتصبها وفر هاربا بعدها ، واساسا من توقيت حدوث هذه الحادثة فقد غادر حمزة القبيلة بالسر بعيدا عن الانظار قبل مغيب الشمس ، ويبدو بأن تلك الفتاة لم تكن تعلم بذلك وانتظرته بخيمته وظنت حينها بأن تابعه هو حمزة ، وهذا آخر ما توصلت له من تحليلاتي للقضية وباقي التفاصيل غير واضحة"
اغمض عينيه ثواني قبل ان يفتحهما ويريح ظهره للخلف قائلا باستياء
"يا إلهي ! هذه القضية تزداد تعقيدا مع مرور الوقت !"
حدق به بعدها وهو يقول بجدية
"وماذا عنك يا كرم ؟ هل ستتخلى عن حياتك ومستقبلك من اجلهم ؟ أليس من حقك ان تعيش من اجل نفسك ايضا ؟"
ضيق حدقتيه الخضراوين وهو يقول بخواء
"لقد فقدت حقي بهما منذ وقت طويل ، من انا حتى اتشرط واتأمر ! واساسا لم يكن لدي امل كبير بالمستقبل"
عقد حاجبيه بغضب وهو يقول بتجهم
"انت لا تدرك ذلك ، ولكنك مختلف تماما عن حمزة ، صنعت اسم لك بعالم الاعمال ، اغلب نجاحات شركة صهيب الكايد بفضلك ، درست واجتهدت وتعبت على نفسك حتى وصلت لهذه المرتبة العالية والمرموقة التي لم يصلها سوى افراد عائلة الكايد ، لم تلوث اسمك بالقذارة او تقرب الحرام بحياتك وكنت مثال الرجل الشريف والمستقيم ، انت تظلم نفسك كثيرا باختياراتك وقراراتك هذه !"
تغضنت طرف ابتسامته وهو يقول بسعادة طفيفة
"اسعدني حقا سماع هذا الكلام منك انت تحديدا ، لقد رفعت معنوياتي كثيرا"
ردّ عليه سفيان من فوره بضيق
"لم اكن ارفع معنوياتك ايها المغفل ، بل اقول الواقع الذي اراه امامي"
اومأ كرم برأسه وهو يقول بابتسامة باردة
"افهمك جيدا ، ولكني ما دمت محصور بدائرة هذه العائلة وافضالها عليّ فلن استطيع الشعور بالفخر او الإنجاز بأعمالي ، ومصيري بالحياة هو اتباع ما يقولونه ويأمروني به كي ارد جزء من معروفهم معي ولا اشعر بأني حمل او عبء عليهم ، وسأحاول كبح رغباتي كي لا تكون عائق امامي"
اشاح سفيان بنظراته بعيدا وهو يقول بتهكم
"لو اني من قمت بتربيتك لجعلتك تختار طريقك بنفسك ، ولكنه نصيبك ان تربى بتلك العائلة"
حرك كرم كتفيه وهو يقول بابتسامة بريئة
"واثق بأنك ستفعل"
نظر له مجددا وهو يقول يغير سير الحوار
"هل هذا فقط ما اتيت لقوله ؟"
تغير تعبير ملامحه وهو يقول بجمود
"بل هناك ما هو اهم ، إلياس جاء للمنزل وهو يحمل سلاح وهدد شهيرة وصهيب على العلن كي يسلموا له حمزة ، وبعدها اكتشفنا بأن حمزة قد فر هاربا من المنزل حينما كانوا يتناقشون بينهم ويبدو كان يعرف عن الهجوم المسلح !"
شد بقبضتيه على ذراعيّ الاريكة وقد عاد شعور الضيق بقلبه وكأنه تنبؤ بحدوث الاسوأ ، ليشرد بنظراته بالفراغ وهو يقول بعدم ارتياح
"ماذا يمكن ان يكون قد حدث بينهما ؟"
حرك رأسه بجهل وهو يقول بهدوء
"لا اعرف ، لم يستطع احد ان يعرف"
ضم قبضتيه وهو يرفعهما ويتكأ بجبينه فوقهما متمتما بجزع
"اتمنى ألا يصدق احساسي ولا يصيب مكروه بأحد منهما"
________________________
(لوريين)
نظرت له بتأهب وهي تحبس انفاسها بصمت وكأنها تنتظر حكمها الذي سيحدد مصيرها ، ليفاجئها بعدها ما ان قال بصوت خفت بلحظة
(اعتني بنفسكِ)
كانت هذه آخر الكلمات التي تسمعها منه وآخر تواصل بينهما قبل ان ينقطع عنها...
حدقت امامها وهي تضم ركبتيها بيديها وجسدها يرتجف بخوف تحاول منع نفسها ولكن الخوف يحيط بها من كل زاوية واليوم تملكها ، بينما نظراتها تلاحق الرجل الذي داهم منزلها وعاث بالأرض فسادا ولم يتركها حتى احكم الامساك بها وها هو يجمع ملابسها ويضعها بالحقيبة بعشوائية بدون ان تفهم شيء مما يحدث ! وكأنها ارنب وقع بالمصيدة وينتظر حكمه اما بفني حياته محبوس او الحرية !
ضمت شفتيها بتحفز ما ان تقدم نحوها وضغط ضخ الدماء بقلبها يؤلمها بشدة ، ليجلس بجانبها بأريحية وهو يميل نحوها ويخرج انفاسه الساخنة على جانب خدها هامسا بانفعال
"اعتذر يا عزيزتي ، جعلتك تنتظرين وقتا طويلا ولكن حزم الأمتعة يأخذ الكثير من الوقت والجهد"
اخفضت رأسها بدون النظر له وهي تشعر بأصابعه تزيح خصلاتها السوداء الطويلة قائلا بهوس
"يا لجمال شعرك ! لقد حرمتني من كل هذا الجمال فترة طويلة ! لقد ظننت نفسي سأموت قبل التمتع بجمالك الغجري"
تسارعت انفاسها وهي تشعر بالغثيان كما كان يحدث بالماضي تكاد تفقد وعيها ، لتستجمع قوتها وهي تبعد رأسها وترفع كفها قبل ان يمسكها بقوة ويلامسها بشفتيه وهو ما جعلها تسحبها بقوة اقرب للعنف وتزيح جسدها لأبعد نقطة تقدر عليها ، بينما كان هو يراقبها بصمت ويستريح على ظهر الاريكة ليضع ذراعيه على جانبيه قائلا بنشوة
"هدئي من نفسكِ يا حبيبتي ، فلن ألمسكِ او اقربك حتى تصبحي زوجتي ، واقسم لكِ بذلك"
جذب انتباهها لأول مرة وهي ترفع رأسها ببطء هامسة بخفوت ميت
"كيف سيحصل ؟ وانا مت...متز...متزوجة"
غادر المرح ملامحه وهو يخفض ذراعيه ويتقدم بجلوسه بلحظة ليقول بنبرة جامدة
"زواجك كان اجباري ، ومن السهل جدا ابطاله عند وضع افضل المحامين بالبلد ، وايضا انتِ لن تبقي لورين الكايد"
غزت الحيرة محياها وهي تحاول فهم اللغز الجديد الذي رماها به وكأنها دوامة برأسها ! لتهمس بعدها بخفوت منتحب لم تعرف كيف خرج من حنجرتها
"ماذا ؟ ماذا قلت ؟ انا لم افهم"
ظهرت امام عينيها بطاقتين لتذاكر طائرة وهو يمسك بهما بأصابعه ويقول بجانب اذنها يؤكد افكارها
"هذه تذاكر سفر لرحلة العمر ، ألستِ متحمسة للسفر ! اماكن جديدة ، وهويات جديدة ، وحياة جديدة ، وعالم لنا وحدنا...."
صرخت بانفعال لا إرادي وهي تخبئ رأسها بين ركبتيها
"كلا ، لاااا ، لا اريد ! لا اريد !"
سحب يده بالبطاقتين وهو يلامس ذقنه بهما قائلا بابتسامة مائلة
"لما خفتِ هكذا ؟ ستكون مثل شهر العسل ولكن قبل الزواج ، سنسير بالمعكوس اولاً شهر العسل ثانياً زواجنا ، وما ان نحصل على هوياتنا الجديدة سيكون من السهل عقد قراننا"
ارتجفت كل خلية بجسدها وهي تشد بيديها حول ركبتيها هامسة بتخبط
"لا ، لا اريد الذهاب ، لا اريد الابتعاد عن عائلتي ، واشقائي ، لا اريد الابتعاد عنهم ، لا اريد ذلك...."
تأوهت ما ان امسك بشعرها وهو يرفعه بقسوة حتى اجبرت نفسها على النظر له ، ليمسك بعدها جانبي خديها بأصابعه الطويلة وهو يقول بقسوة
"لقد حسم النقاش بهذا الموضوع ، لذا من اجل سلامتك عدم التذمر اكثر وذكر احد من عائلتك ، فأنا سأكون من الآن وصاعدا كل عائلتك والوجود الوحيد بحياتك ، هل فهمتي ؟"
تنفست بشهقة مرتجفة وسحابة الدموع تتكاثف بعينيها حتى سالت دمعتين على خديها ، ليكرر بعدها بحدة اكبر
"هل فهمتي ؟"
هزت رأسها بنعم لا شعوريا واصابعه تكاد تخترق لحم خديها ، ليلمس بعدها بأصابعه خدها الأيمن الاحمر بجرح جانبي عليه وهو يقول بوجوم
"عندما نصل لقارتنا الجديدة سأداوي جروحكِ ، هي فقط بضعة ايام وتزول كل هذه الجروح والندوب"
اسدلت جفنيها على عينيها ما ان تعبت من مقاومة الغثيان والبكاء ، وما ان مرت لحظات حتى كانت تتقيأ عليه لينتفض قافزا بعيدا عنها بلحظة وهو يشتم بجنون
"ايتها المعتوهة ! ماذا فعلتي ؟"
فتحت عينيها بدموع شوشت الرؤية عليها ولكنها استطاعت رؤية البقعة الكبيرة التي تركتها على قميصه الاسود ، ليرتجف كيانها ما ان سلط نظراته نحوها كوحش يستعد للانقضاض عليها وكأنها تعمدت فعل ذلك !
رفع اصبعه بوجهها وهو يقول بغضب مهدد
"سأذهب وانظف هذه الوساخة ، إياكِ وان تتحركي من مكانكِ خطوة واحدة"
ضمت ركبتيها لحضنها وهي تزحف للخلف وتشيح بوجهها بعيدا عنه ، لتسمع صوت خطواته وهي تغادر باتجاه البهو الواسع ، وما ان اختفى اثر صوته حتى ادارت رأسها للأمام وهي تنزل ساقيها وتنهض عن الاريكة ليأتي تيار كهربائي من ألم ركبتها التي سقطت عليها سابقا لتمسك بها بكفها وتسير بصعوبة مثل العرجاء...
بحثت بين الارائك عن الهاتف الذي اسقطته بدون ان تشعر به عندما كان يلاحقها ، وما ان وجدته بجانب الطاولة المقلوبة حتى نزلت بسرعة إليه وامسكته لتحاول عندها فتحه ، شخصت عيناها برعب وهي تضربه بكفها بقوة بدون ان يعمل ويبدو بأنه قد تعطل بسبب السقوط !
رمت الهاتف ارضا وهي تهمس بإعياء
"ماذا افعل ؟ كيف اهرب الآن ؟"
شهقت بارتعاش ما ان سمعت صوت خطواته قادمة نحوها لتزحف بسرعة على ركبتها السليمة وقد دبت القوة بها ، لتتمدد بعدها تحت طاولة التلفاز وهي تتكور حول نفسها كي لا يظهر شيء من جسدها ، وصلت خطواته للمكان وبثواني كان يصرخ بهياج وحشي
"لورييين ! ليس مجددا ! اين انتِ ؟"
غطت فمها بكفها وهي تسمع صوت تحطيمه للمكان وهياجه مثل الثور صارخا بغضب
"لورين إذا لم تظهري الآن اقسم لكِ اكسر عظامك عندما اجدك ، لورين اخرجيييي ، اخرجيييي !"
لم تعلم كيف سيطرة على صوت بكائها واضطراب جسدها الذي هز كل عضو بها وهي تكاد تموت من الخوف ! لتتسلل الراحة بشكل سحري لقلبها ما ان اختفى صوته وعواصفه دليل بأنه انتقل لمكان آخر للبحث عنها ، اخفضت كفها تسحب الهواء لرئتيها ما ان ظنت نفسها ستختنق وهي تغمض عينيها تعطي نفسها هدنة قصيرة وقد خمدت كافة قواها وتعبت من المحاربة والمقاومة وكأنها ترحب بالموت بصدر رحب...
كان ذهنها ينسحب تدريجيا عن العالم يترك كل ما هو مؤلم وموجع حتى شعرت بقوة تجذبها تحطم جدران اللاوعي حولها ! ليبدأ الصوت الغريب بدخول عقلها الباطني وقد بدأت خلاياها تتعرف على نبرته المرتخية وطريقة نطق اسمها
"لورييين ، لورييين"
فتحت عينيها بسرعة وهي تهمس تسترجع كل قوتها
"إلياس !"
تسارع نبض قلبها مثل المطرقة بصدرها وهي تسحب نفسها من تحت الطاولة وقد ضربت رأسها اكثر من مرة ، وما ان خرجت حتى اكملت زحفها تستند بالطاولة ثم الاريكة ليظهر لها متمثل بالواقع وهو يجول بنظره بأنحاء البهو الواسع بصدمة بادية على ملامحه ! لتسقط ارضا على يديها وهي تهمس بعدم تركيز وكأنها تحلم
إلياس !""
نظر لها بسرعة مثل الطلق وهو يقابل عينيها المذعورتين الشاخصتين وكأنه يراهما للمرة الأولى ، فلم تكونا فرعونيتين او حزينتين كما عهدهما ! بل خائفتين فقط وكأن كل ما بهما خوف من مصير ابشع من الموت !
اتسعت حدقتاه الرماديتان بإدراك وهو يفجع بشكلها ومظهرها وحالتها التي تبكي وحش وليس انسان ذو قلب ! ليحرر قدميه ويهرع إليها بسرعة وما ان وصل لها حتى ارتمى امامها واخذها بأحضانه بقوة يريد زرعها بين نبضاته وتخبئتها حيث لا يجدها احد...كل الطريق إليها شعر بنفسه يحيى ويموت ألف مرة ورؤيتها سالمة امامه انسته كل عذابه وألمه وكل اعوامه بدونها...جرح طفولته وخسارة كل عزيز بحياته وفقدان السند والامان والوطن والارض...نسي كل شيء امام احتضان ملاك روحه الذي لم يستطع حمايته حتى من نفسه وانتهى بهذا الشكل الشنيع والمؤلم ! فكيف قصر بحقها هكذا ؟ كيف اهملها بهذا الشكل وجعل السوء يصل لها ولقلبها ؟ كيف يمسح كل هذا الخوف والألم الذي حدث بسببه ؟ كيف ؟!...
دمعت عيناه الرماديتان وظهر طيف الماضي بهما وكأنه الطفل الذي بكى على امه يوم وفاتها ، وها هو يتكرر عندما كاد يعيش نفس المصير ويخسر ثاني اهم شخص بحياته قلبه تعلق به ! ليوقظه صوت بكائها العالي واهتزاز جسدها بعنف وكأنها تتألم مع كل نفس تأخذه ولأول مرة يشعر بضعفها لهذه الدرجة ويبدو لا يقارن باختبارات الموت التي كان يخوضها كل يوم والسير امام الرصاص !
تحسس جسدها بسرعة يتأكد من سلامته ثم ربت على الحرير الاسود قائلا بخوف يظهر بنبرة صوته للمرة الأولى
"ملاكي ، يا ملاكي اهدئي ، اهدئي ، انا معكِ ، ولن اترككِ بحياتي حتى الموت"
شعر بتصلب جسدها المفاجئ وسكون بكائها وما ان كان سيتكلم حتى دفعته بقوة ونزعت نفسها من احضانه ! لينظر لها بصدمة وهو يحدق بداخل عينين واسعتين تجردتا من الحياة وظهر بهما شيء آخر ! ثم نفضت ذراعها على جانبها وهي تصرخ ببكاء منفعل
ما كان عليك المجيئ ، ما كان عليك لأنه....""
ما ان صمتت بخوف حتى قال يستدرجها بالحديث برفق
"لأنه ماذا ؟ ما بكِ يا لورين ؟....."
قاطعته شهقتها العالية وهي تشير بيدها بعيدا صارخة بجزع وكأنها رأت شبح امامها
"لقد جاء ! جاء"
التفت بسرعة وهو يحدق بالرجل الذي تقدم نحوهما ثم وقف بوسط البهو الواسع ، لتمتلئ عيناه بالقسوة والوحشية ينفض الحزن عنهما ويتلبس روح الشيطان وهو ينهض عن الارض ويقول بأمر للجالسة خلفه
"ابقي ساكنة بمكانك ، وإياكِ ان تتحركي إنش واحد"
حدقت به بصدمة وهو يغادر من امامها ويترك روحها تتخبط بصدرها وكأنها تسلمه للموت بيديها ! وما ان وصل امامه حتى بدد الصمت قائلا بشبح ابتسامة وكأنه يتسلى مع فريسته قبل قتلها
"هل انت شجاع جدا لتأتي لمنزلي ؟ ام مغفل جدا لتظن بأن المجيئ لمنزلي لن يكون له عواقب وخاصة بأنني انتظرت هذه اللحظة منذ ايام ! كيف يمكنني تركك تخرج حيا الآن ؟"
مالت طرف ابتسامته بسخرية وهو يقول بتشدق
"بل انا من سيقضي عليك اليوم واتخلص من آخر عائق بمخططي"
عند تلك الكلمات استشاط غضبا وهو يهجم عليه بلكمة خاطفة اصابت وجهه بقوة حتى تراجع للخلف خطوتين ، ليخلع بعدها سترته ويرميها ارضا قبل ان يمسك به من ياقة قميصه والآخر ما يزال يستعيد تركيزه حتى بدأ يبرحه ضربا ولكمات مثل الوابل وهو يصرخ بجنون جامح ينفس به غضبه وطعن رجولته وشرفه منذ معرفته بفعلته
"يا حقير ! ايها الوغد اللعين ! وتأتي لمنزلي ملوحا بيديك بكل ثقة وعنجهية ! من تظن نفسك ؟ من تظن نفسك لتلمس ارضي وشرفي وكبريائي وامرأتي ؟....."
شقت الدموع خديها ليس بسبب الحزن هذه المرة بل الفرح على شعور النصر وقد استطاعت اخذ حقها من كل التعذيب النفسي والجسدي الذي تعرضت له لليوم ، ليقربه منه اكثر يبصق بوجهه ويصرخ بحقد وغل لم ينطفئ شيء منهما
"هذه المرة سأدفنك هنا ، لن يكون اسمي إلياس الكايد إذا لم ادفعك ثمن كل غلطة وحقارة فعلتها بزوجتي بالسر والعلن !"
شهقت لورين بهلع ما ان نطحه برأسه على جبينه حتى تركه بقوة ، لتصرخ بعدها ببكاء مرتعد
"إلياس ! إلياس كلا !"
استقام بسرعة وتلقى ضربته بقبضته التي كان ينوي تسديدها نحوه ، ليلوي ذراعه بقوة حتى كاد يكسرها وهو يقول بضراوة
"سأكسرها لك الآن"
ضربه على ساقه حتى افلته وهو يستعيد اتزانه سريعا وينحني متفاديا ضربته للمرة الثانية ، ولكن ما ان استقام بلحظة حتى باغته بغرس مرفقه بصدره بكل قوة جعلته يتأوه ، ولم يتوقف وهو يضربه هذه المرة بركبته على معدته حتى اوقعته على ركبتيه وهو يلهث بقوة .
شحبت ملامحها بخوف وهي تشاهد حالته وما ان كان حمزة سيركله بقدمه حتى امسكها بيديه وهو يلويها ويوقعه ارضا بقوة ، ليهب إلياس واقفا وهو يتقدم منه قبل ان يفاجئه الآخر ما ان قفز على قدميه وصوب المسدس نحوه يصرخ بتهديد
"يكفي ، تراجع للخلف ، هيا تراجع"
جحظت عيناها برعب اكبر وهي ترى المسدس الذي يحمله مصوب نحو إلياس مباشرة ، ليقول بعدها وهو يبتسم بمتعة بالغة
"لقد انقلبت الادوار بيننا الآن"
تمسكت بالأريكة بجانبها وهي تنهض بصعوبة مستندة بها ، لتراقبه وهو يخرج قطعة اسطوانية من جيبه ويركبها بفوهة بالمسدس قائلا بنوايا شريرة يبدو يستعد لارتكاب جريمة
"لقد حان وقت انهاء هذه المهمة ، فنهايتك اليوم ستكون على يداي"
حركت لورين رأسها بذعر وهي تتنقل بنظرها بينهما وما ان تقدم إلياس خطوة حتى صرخت بهلع ما ان اصابت الرصاصة كتفه بدون سماع صوتها ، لتصرخ بعدها ببكاء متوجع
"كلا لا تفعل ، لا تفعل ! لا تقتله ، لا تقتله اتوسل إليك !"
كانت تعابيره جامدة بدون اي شعور ألا تغضن طفيف بجبينه وكأنه مومياء محنطة بالتابوت ، بينما قال حمزة وهو يحرك رأسه بتحفز
"هل رأيت ما حدث عندما حاولت الحركة ؟ بسبب تمردك كدت اقتلك ، ولكني لن اقتلك مباشرة بل سأستمتع بقتلك تدريجيا"
لم ينتبه احد منهما للطرف الثالث المشاهد ألا عندما ركضت باندفاع متناسية كل آلامها وكأنها لم تكن ، لتتسلط النظرات عليها بصدمة ما ان احتضنت إلياس تتعلق فوقه حرفيا تحميه بجسدها الضئيل الذي ارتفع لقدميه ! ليكون حمزة اول من خرج من الصدمة وهو يصرخ باستنكار
"لورييين ابتعدي من امامه حالا !"
صرخت لورين بجنون مشابه لجنونه بدون ان تتزحزح
"كلا ، كلا ، لن اسمح لك بقتله امامي ، اقتلني انا ، اقتلني انا واتركه !"
اطبق على اسنانه بينما شب إلياس اصابعه بلحم خصرها الغض وهو يقول بخفوت شرس يكاد يفقد رويته
"ابتعدي يا لورين ، لا تكوني بكل هذا الجنون ! نحن لا نلعب هنا...."
صرخت ببكاء حاد تتمسك به كما يتمسك الانسان بالحياة
"لن ادعك تموت ، لن تموت ، لن تموت وتتركني ، إذا كنت ستموت ستأخذني معك !"
تجمدت ملامحه وبعثرت افكاره من كلامها وهي تقول عن التضحية من اجله لأول مرة فهل اصبح بكل هذه الاهمية بالنسبة لها ؟ واكثر من عائلتها واشقائها ! يا إلهي حتى بهذه الظروف العصيبة ما يزال يفكر بهذه الطريقة ويشغل باله بمشاعرها !
لوح حمزة بالمسدس جانبا وهو يصرخ بعدائية
"سحقا لكِ ، ألا تسمعين ! ابتعدي عنه كي لا اقتلكِ ! ابتعدي عنه وتعالي لجانبي ، انتِ يجب ان تكوني بجانبي ، ما فائدة تضحيتك من اجله !"
ابتلع إلياس ريقه بجمود وهو يرفع ذراعيه ويعانقها بقوة يقبض بأصابعه على كنزتها ويدعم جسدها الصغير كي لا ينهار ، وما هي ألا لحظات حتى رنت صفارات الإنذار خارج المنزل وسيارات الشرطة ، ليشحب لونه بسرعة وهو يشتم بغضب قبل ان يقول بوعيد وهو ينسحب من امامهما
"لم ينتهي شيء بعد ، لم ينتهي ما يوجد بيننا"
تنفس إلياس من بين اسنانه مثل الجحيم المستعر وهو يخفض نظره لجسدها بين ذراعيه ، ليصدم ما ان شعر بارتخاء بجسدها وفقط ذراعيها ما تزال متعلقة به وصوت انفاسها قد انتظمت على عنقه مما يعني بأنه قد اغمي عليها ! جلس بسرعة على الارض ما ان تعب من الوقوف وهو يحاول نزع ذراعيها بدون فائدة وكأنها تضع كل قوتها بهما ولم يحب الضغط عليها كثيرا لذا تركهما ، ليجول بعدها بنظراته حتى وجد سترته ارضا قبل ان يسحبها بسرعة ويضعها فوق شعرها يخفيه عن الناس بالخارج .
ما ان استجمع بعض من قوته حتى نهض عن الارض وهو يحملها بين ذراعيه ووجهها مخفي بعنقه وسترته فوقها ، ليخرج بعدها من باب المنزل ويداهمه اضواء السيارات التي وصلت للمدخل ، لتسارع سيارة الاسعاف بالوقوف امامه والفريق الطبي قد خرج منها وفتح الباب الخلفي له ، دخل بسرعة حاملا إياها قبل ان يضعها فوق سرير المرضى وهو يضطر لنزع ذراعيها من حول عنقه ويضعهما على جانبيها ، افاق على صوت الممرضة وهي تقول بجدية
"سيدي كتفك ينزف ، يجب ان نعالجه اولاً"
وقف بسرعة وهو يقول بهدوء صارم
"لا تهتمي بأمري ، اهتمي بها واعطيها كل الأولوية فهي تحتاج للمساعدة اكثر مني"
ترددت الممرضة وهي تشاهد حالة كتفه هامسة بقلق
"ولكن...."
"افعلي ما امرتك به ، بسرعة"
تجمدت من تغير نبرة صوته وعرفت بأنه ليس من الصحة مناقشته ، لتقوم بعملها وتركب انبوب المصل بيد النائمة على السرير ، بينما انهار جسده جالسا على الكرسي بإرهاق ما ان تحركت سيارة الاسعاف بهما وهو ينسى كل ما يحيط به ويركز بسلامة النائمة امامه وبدل ان ينقذ حياتها هي من انقذت حياته اليوم !....

يتبع......


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-07-24, 03:09 AM   #563

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 818
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

جالس على كرسي بممر المشفى وهو يضم قبضتيه امامه ويحرك ساقيه بعصبية مفرطة يكاد يفقد اتزانه الذي ما يزال يحافظ عليه بصعوبة ، لا يعلم كيف استطاع السيطرة على هدوئه واعصابه طول ذلك الوقت ما ان تلقى خبر وجودهما بالمشفى ثم قيادته السيارة وانتقاله لمكانهما ، وقلبه كان يعطيه إشارات وتنبؤات بحدوث الاسوأ لهما خاصة عندما يتعلق الأمر بأخته غير الشقيقة يشعر بالكارثة قبل حدوثها كما حصل قبل اعوام عندما شهد على فاجعة انتهاكها ! وها هو الأمر يتكرر مجددا بطريقة اخرى مهما اختلفت الاسباب والطرق وهو يعلم جيدا بأن خوفه عليها لن ينتهي لنهاية عمره ولن ينزاح هذا العبء عن قلبه !
شتت تفكيره حركة السائر امامه وهو يمشي جيئا وذهابا بدون توقف وبدون ان يظهر تعبير على ملامحه الباردة ، وما ان شعر بحركته تزيد من ضغطه حتى قال بغضب منفعل
"توقف عن السير امامي مثل الجندي ، اعصابي لن تتحمل توتر اكبر ! قف بمكانك او امشي بعيدا"
رمقه بطرف حدقتيه بلا تعبير قبل ان يسير بعيدا عنه ثم يستند بالجدار المجاور للكرسي ، ليغرقا بدوامة الصمت ثواني حتى بددها صوت بارد غريب
"كله بسببك"
سكنت حركة ساقيه وهو يدير حدقتيه نحوه حتى قال بجمود خاوي
"بسببي انا !"
قبض بيديه على جانبيه وهو يقول بغضب تحت سطح بركان ساكن
"ما كان عليك تركه يفلت من يدك ، اخطئت بالعفو عن روحه مجددا"
اغمض عينيه وهو يخفي شعور الندم واليأس بهما قبل ان يفتحهما قائلا بوجوم
"وهل تظنني تعمدت فعل ذلك ؟ هل تظنني كنت اعرف ما سيحدث بالمستقبل ؟"
امال برأسه بعيدا وهو يقول بجفاء
"ومع ذلك اخطئت ، اخطئت للمرة الثانية !"
حرك فكه بضيق وهو يحول نظره امامه قائلا بقسوة
"بربك يا حذيفة ارحمني من غضبك ، لست بمزاج وعقل سليمين حتى اتقبل حكمك ونقدك !"
صمت لحظات قبل ان يقول بغضب طفت مشاعره للسطح
"لو كان اصابها مكروه كنت تحملت كل اللوم وعواقب ما حدث"
التفت نحوه بسرعة وهو يقول بنبرة محذرة
"حذيفة إذا لم تغلق فمك...."
فماذا ستفعل ؟""
قاطعه بنفس النبرة الباردة وكأنه لا يحترق بجواره حتى قال من فوره بجمود اكبر
"لست الشخص المناسب لك لتنفس به عن غضبك ، لذا اكبح جماح غضبك وتوقف عن هذه الحرب الباردة معي"
رفع حذيفة رأسه عاليا وهو يقول بحقد مطمور
"لو كنت مكانك ما كنت تركته يعيش ليلة اخرى"
اخذ انفاسه لبرهة قبل ان يقول بخفوت باهت
"لو كنت مكاني كنت فهمت موقفي ، ولكن على كل حال حصل خير المهم هي عودتهما سالمين وبصحتهما ومرورهما من المصيبة بدون اي اضرار جسيمة"
شرد بنظراته بالفراغ بدون ان يرد عليه بشيء ، حتى انفتح باب الغرفة القريبة منهما وخرج منها الطبيب ومعه الممرضة ، ليتأهب كليهما بوقفتهما بينما تقدم سفيان نحوه اولاً وهو يسارع بالكلام بقوة
"كيف حالتها يا طبيب ؟ كيف اصبحت ؟"
توقف بقوة بعد ان قاطع حديثه مع الممرضة وهو يحول نظره لهما قائلا بحيرة
"من تكونان يا سادة ؟ وماذا تقربان للمريضة ؟"
احتدت ملامحه وهو يقول من فوره بخشونة
"نحن اشقائها ، سفيان الكايد ، وحذيفة الكايد ، هل تريدني ان ابرز هوياتنا ايضا ؟"
ارتبكت ملامحه وهو يعدل نظارته فوق عينيه قائلا بتنحنح
"نعم ، نعم عرفتكما الآن ، اعتذر عن سوء الفهم ، لقد ظننتكم اغراب عنها"
حرك سفيان رأسه وهو يقول بنفاذ صبر
"اخبرنا كيف صحتها ؟ وما هو وضعها ؟"
اومأ برأسه وهو يقول باطمئنان
"لا تقلقا عليها ، هي بخير وقد اصبحت صحتها افضل بكثير"
زفر انفاسه براحة وكأنه محمل بصدره منذ سنوات بينما قال حذيفة يسأل مباشرة
"ماذا كانت تعاني ؟ وهل اصيبت بمرض او ضربة ؟"
غامت ملامحه وهو يقول بخفوت جاد
"لا اعلم كيف اخبركما بذلك او كيف اشرحها !"
حدق به سفيان بسرعة وهو يقول بحدة
"تكلم مباشرة بدون اي مقدمات ، وإياك ان تخفي عنا شيء"
تنفس الطبيب لبرهة قبل ان ينقل نظره بينهما وهو يقول بصيغة عملية
"بعد الفحوصات عرفنا بأنها تعرضت للتعذيب الجسدي والنفسي فهي لديها كدمات ورضوض بكل انحاء جسدها من وقوع او ضربة ، وندبة كبيرة بجبينها والحمد لله بأنها ليست عميقة جدا ولا تحتاج للتقطيب ، وجرح سطحي بخدها وهناك علامات اصابع واضحة عليه ، وكسر خفيف بركبتها قمنا بوضع جبيرة عليه كي تستطيع الانسجة الالتئام من تلقاء نفسها ، جسدها تعرض للإرهاق الشديد والضغط النفسي جعله يعاني من الجفاف وانخفاض بنسبة السكر بالدم ، كما أن انخفاض نسبة السكر في الدم يمكن أن يؤثر بالسلب على الجهاز العصبي اللاإرادي ، والمرتبط بالشعور بالقلق والإصابة بالغثيان ، هذا كل ما خرج معنا من التحليلات المخبرية والفحوصات ولم اخفي عنكم اي شيء"
تجمد كل منهما بصمت بعد كل المعلومات التي وصلت لهما تخص شقيقتهما الوحيدة وما تعرضت له من مخاطر وصعاب بعيدا عنهما ، ليتنفس سفيان بتعب وكأنه يحمل اطنان من الحديد فوق ظهره وهو يقول بصوت تغير كليا
"وهل تجاوزت كل هذا واصبحت بخير ؟"
ارتسمت ابتسامته بهدوء وهو يقول بجدية
"لن اخفي عنكما بأن شقيقتكما تتمتع بمناعة وإرادة قوية جعلتها تتخطى كل هذا وتصبح بخير ، ولكن الأفضل بقائها بالمشفى هذه الليلة كي نطمئن اكثر على استقرار صحتها ، وحمد لله على سلامتها"
ارتفعت طرف ابتسامته بثقل وهو اكثر من يعرف عن مناعة جسدها وإرادتها القوية التي جعلتها تتخطى صعاب اكبر من هذه بكثير وبدل ان ترتاح بحياتها ما تزال تعاني لوحدها وتتألم بدون ان يعلم عنها احد ، فهل سيبقى الحال هكذا ؟ ألن يستطيع ان ينصفها ويأخذ حقها من الذين اذوها وجرحوها بشدة !
بدد حذيفة الصمت وهو يقول بهدوء متزن ما يزال يحافظ على ثباته
"كيف حال الآخر ؟ اقصد ابن عمنا ألياس الكايد !"
نقل نظره له وهو يحرك رأسه قائلا بنبرة مهنية
"اصبح بخير ايضا ، كان لديه اصابة بكتفه بسبب مرور الرصاصة عليه ولكنها لم تسبب له سوى خدش وهو الآن يرتاح بالغرفة المجاورة"
اومأ برأسه وهو يقول بنبرة رسمية
"شكرا لك ، جزاك الله خيرا"
نظر لهما بارتياب وهو يقول يتقمص دور المحامي
"يجب تحرير محضر من اجل الفتاة الصغيرة فما حدث معها ليس بالقليل ، يجب من فعل هذا ان يتحاسب بشدة ولا ينفذ من العقاب ، وألا لن يبقى امان للعالم وخاصة للفتيات الصغيرات الضعيفات...."
قاطعه سفيان بصلابة وقد استعاد متانة شخصيته
"هذه الفتاة لديها زوج واشقاء يهتمون بأمرها ، لا نحتاج لخدماتك وشهامتك كي نعرف كيف نأخذ حقها ، وهذه الفتاة ليست ضعيفة ومن غير الممكن ان تكون ضعيفة وهي من عائلة الكايد ، هل فهمت الآن ؟"
ابتلع ريقه بتلجلج وهو يومئ برأسه قائلا برضوخ
"يبدو بأنني قد ازعجتكما بتطفلي ، لذا اعتذر منكما ، وعن...وعن إذنكما الآن"
انسحب الطبيب بسرعة يفر هاربا بينما استدار سفيان بالكامل وهو يتجه للجدار ويتكئ برأسه عليه ، وبعد لحظات كان يلكم الجدار بقبضته بقوة ينفس به عن غضب امتلئ بقلبه ولم يعد يستطيع كبحه ، ليستمر بفعلها اكثر من مرة وهو يزيد قوتها حتى جذب بعض انظار الممرضين والزوار حوله وبات حذيفة يجزم بأنه سيكسر قبضته !
وقف بعدها بجانبه وهو يقول بخفوت حازم
"يكفي يا سفيان ، لا تحمل نفسك اكثر من طاقتك وانسى كل ما قلته لك ، انت لست السبب بذلك ، من تسبب بذلك بالتأكيد سيحاسب على كل شيء فعله بشقيقتنا"
سكنت حركته وسقطت قبضته على جانبه وهو يحرر انفاس قوية من صدره ، قبل ان يبتعد عن الجدار بصمت ويغادر بلمح البصر يصطدم بكل الممرضين بطريقه وكأنه وحش هائج ، ليحرك حذيفة رأسه بتعب وهو ينظر بسرعة باتجاه الممرضة ويشير لها بكفه قائلا بجدية
"اعتني جيدا بالمريضين عندكم ، وإذا حدث اي شيء طارئ اعلمينا بذلك"
اومأت برأسها بصمت وهي تراقب الذي استدار بسرعة وركض بالممر يلحق شقيقه الآخر بعد ان اثارا كل هذه الجلبة بالمشفى وكأنهما ذئاب برية كما يطلق عليهم...
____________________________
دخل لغرفة الانتظار بمركز الشرطة يلحقه شقيقه الآخر ثم استقر جالسا على كرسي امام الطاولة الصغيرة ينتظر بصمت ، بينما بقي الآخر واقفا يدور بنظره بالأنحاء بحيطة وحذر حتى انفتح الباب مجددا وظهر الشخص المنتظر ، قست نظراتهما ما ان وقف امامهما بمظهره الفوضوي المعهود وملامحه الهمجية البدائية وكأنه رجل غابات وليس واحد من افراد العائلة المرموقة والنبيلة ! وكأنه عدوهم الوحيد الذي اظهر اكثر من مرة بأنه اسوأ من كل اعدائهم !
تراجع سفيان بجلوسه وهو يحافظ على هدوء اعصابه قائلا بصلابة
"هلا سمحتم لنا بعشر دقائق نقضيها بالحديث معه !"
اومأ الحارسين برأسيهما قبل ان يغادرا ويغلقا الباب خلفهما ، ليتنفس بعدها الواقف بعيدا عنهما براحة وهو يفرد ذراعيه قائلا بتهكم
"هل ما اراه حقيقة ؟ هل جئتم حقا لزيارتي والاطمئنان عليّ بالسجن ؟ يا له من تصرف نبيل جدا منكما !"
قبض حذيفة يديه خلف ظهره يحجم غضبه بينما الجالس على الكرسي اشار بيده للكرسي المقابل له قائلا بصوت فولاذي
اجلس امامي ، اريد التحدث معك مثل البشر""
رفع حاجبيه بخفة وهو يخفض ذراعيه قائلا بنفس الابتسامة
"يا لك من متواضع ! هل تطلب مني انا الشخصية السيئة الجلوس والتكلم معك ؟ ماذا حدث معك حتى تغير موقفك هكذا ؟"
اطبق حذيفة على اسنانه وهو يتقدم خطوة قائلا بتهديد قاتل
اجلس باحترام وبلا ثرثرة فارغة لا لزوم لها""
حدق به ببرود وهو يرفع ذقنه قائلا بسخرية
"من انت حتى تأمرني ؟"
هجم عليه بسرعة وهو يقبض على كتفيه ويجلسه على الكرسي بقوة كاد يحطم عظامه ، لينفض يديه عنه وهو يصرخ بغضب
"لقد كسرت عظامي ايها الهمجي !"
احنى برأسه بجانب اذنه وهو يقول بقسوة
"واسحقك تحت قدمي إذا لم تلتزم الأدب"
"حذيفة !"
دفع كتفيه بعنف وهو يبتعد عنه ويقف بينهما ويكتف ذراعيه فوق صدره بصمت ، ليعتدل حمزة بجلوسه بغضب وهو يسلط نظره نحو الذي باشر بالكلام قائلا بجمود حجري
"ماذا كان هدفك من هذا المخطط ؟"
ارتسمت ابتسامته الساخرة على محياه وهو يرفع ذقنه قائلا بكل ثقة
"تعلم جيدا ما هو هدفي ، ولكنني سأجيبك على السؤال بكل ادب كما طلب شقيقك ، هدفي هو غجريتي والتي سلبها الجميع مني"
عقد حاجبيه بقوة وهو يتقدم بجلوسه يضع مرفقيه امامه قائلا ببأس
"هل كنت تخطط لسرقة حياة لورين لأنها لم تكن لك ؟"
انتفض بجلوسه للأمام وهو يحرك يده قائلا بإنكار
"بالتأكيد لم افكر بفعلها ولن يطاوعني قلبي على ذلك ، لورين هي حياتي ، هل يسرق الانسان حياته ؟"
اظلمت ملامحه وهو يخفض نظره ويقبض على يديه قائلا بحدة
"وبعد كل السوء الذي فعلته بحياتها واليوم ، ما تزال تتكلم بكل ثقة !"
نظر له ثواني قبل ان يحرك كتفيه قائلا ببساطة
"لقد تطاولت كثيرا عليّ ، ولم تكن تصغي لكل تحذيراتي لها ، كان يجب ان تراعي مشاعري ولا تتمادى هكذا"
"وهل انت تملك اي مشاعر اصلا ؟"
قاطعه بقسوة وهو ينظر له بجمود قبل ان يرجع بظهره للخلف ويتأوه باستياء تمثيلي
"اوه لقد اهنت مشاعري للتو !"
ضيق حدقتيه بجمود وهو يقول بنبرته الصلبة يتابع تحقيقه
"وإذا لم تكن تخطط لقتلها لماذا كنت تحمل السلاح معك ؟"
ادار رأسه بعيدا وهو يقول ببرود
"لقد قلت لكم ذلك السلاح ليس ملكي ، ولست انا من اطلق الرصاصة"
"اخرس !"
رمقه بطرف حدقتيه بجمود قبل ان يتابع كلامه وهو يشير نحوه بقبضته
"قُل هذا الكلام امام الشرطة ، وليس امامي فأنا اعرفك اكثر من الجميع"
ظلت نظراته جامدة بدون اي تعبير ليقول سفيان مجددا بقوة
"ألن تعترف بالحقيقة !"
ارتفعت طرف ابتسامته وهو يوجه نظراته نحوه قائلا بتشدق
"إذا كنت تعرفني كان عليك ان تحذر مني اكثر...."
نهض عن الكرسي بقوة حتى سقط خلفه وهو يصرخ بوحشية
"حمزة !"
صمت بجمود وهو يشيح بنظراته بعيدا بينما اكتفى حذيفة بالمشاهدة الصامتة ، ليسند بعدها قبضتيه على سطح الطاولة ينحني فوقها وهو يقول بدون اي مواربة
"من يقف خلفك ؟"
لم يتغير شيء من ملامحه وهو يقول بنفس اسلوبه الساخر
انا اعمل لوحدي ، ألست اكثر من كافي !""
ضرب بقبضته على سطح الطاولة وهو يقول بعدائية
"هذه الخطة المدبرة والتفاصيل من غير الممكن ان يكون صانعها رجل احمق مثلك عديم التفكير ! ألا إذا كنت قد تعاونت مع رجل اكثر خبرة منك واكثر خبثاً ودهاءً وهو كان التحفيز لك كي ترتكب هذا الجرم ! وهذا ما اريد معرفته اليوم"
اعاد نظراته نحوه وهو يقول بابتسامة مائلة
"يا لقسوتك ! كالعادة تتكلم من منظور واحد بدون معرفة رأي الطرف الآخر"
تدخل حذيفة بسرعة وهو يقول بصرامة
"تكلم باحترام"
ادار عيناه بضجر وهو يفرد يديه على جانبيه قائلا بنفاذ صبر
"ما لذي تريدانه مني ؟ هل اتيتما للتشمت بي ام للعب لعبة الشرطي والحرامي ؟"
استقام سفيان بوقوفه وهو يقول بشر واضح
"لقد قمت بمداهمة منزل صهري وشقيقتي ، جعلتها تعيش كل هذا الألم والعذاب وفوقها كدت تقتل زوجها ، وتنتظر مني ان اصمت عن كل ذلك ولا احاسب المتهم وهو جالس امامي بضمير مرتاح ! لن اتوقف حتى احاسب كل مجرم يؤذي فرد من عائلتي او يقرب منهم بسوء !"
رفع حاجبيه بدهشة وهو يرفع يديه ويقول بتريث
"هدئ من روعك يا ابن خالي ، فأنا لن اؤذي احد منكم لأنكم عائلتي...."
"إياك ان تقولها مجددا ، ليس لدي ابن عمة مثلك !"
بهتت ملامحه وهو يخفض يديه قائلا بابتسامة حاقدة
"ماذا ؟ هل استبدلتموني بذلك الاجنبي الديوث ؟ هل اصبح ابن عارف مفضل عندكم ؟"
لوى عنقه جانبا وهو يقول بصبر اوشك على الانتهاء
"إذا لم تحكم لسانك القذر لن امسك نفسي عنك !"
حدق به ببرود حتى رفع اصبعه نحوه قائلا بتهديد
"هل ستقول الآن من دفعك لفعل كل هذا ؟ ومع من تعمل ؟"
لوح بكفه بالهواء وهو يقول بتملق
"حبي لها هو من دفعني لكل هذا ، فأنا حبي لها تخطى كل المسافات والمستحيلات !"
ضرب بقبضته على الطاولة بقوة اكبر وهو يصرخ بسخط
"اللعنة على حبك هذا !"
نهض حمزة عن الكرسي وهو يقول بتجهم مفاجئ
"هل كل هذا بسبب حبي الكبير لشقيقتكم ؟ انتم قساة اتجاه الحب ، وذلك الديوث لن يحبها اكثر مني !"
ضرب اصبعه على طرف سطح الطاولة وهو يقول بغضب مشتعل
"لقد تجاوزت حدودك هذه المرة ، اخبرتك بها من قبل شقيقتي خط احمر لن تلمسها بحياتك ولن تقترب منها ، وإذا اصبتها بسوء او اذى انسى كل مبادئي واخلاقي واندمك على لحظة ولادتك ! ولم تستمع لي وفعلت اكبر خطيئة من الممكن ان ترتكبها بحياتك ! وهذا ليس تحذيري الأول بل الثالث لك ، وانا لا اسامح على الخطأ مرتين فقط لأنك من العائلة تجاوزت عنك ، ولكن بما انك مصر على الخطأ وعدم الاهتمام بكلامي وايذاء كل المقربين مني ، حينها لن ادعك تفلت من العقاب ولن يكون مصيرك خارج السجن افضل من داخله !"
قطب جبينه بجمود وهو يقول بابتسامة ذات مغزى
"دعني اقول كلمتي انا ايضا ، كل من يقف بطريقي من بعد هذه اللحظة سيموت ولن يكون له نجاة مني ، سأدفع الجميع ثمن تمردهم هذا"
فقد ذرة الصبر الاخيرة وهو يدور حول الكرسي وينقض عليه ممسكا بياقة قميصه ، ليضربه بعدها بالجدار بقوة وهو يصرخ بضراوة
"انت لا تعرف مع من تتنازل ايها الحشرة !"
ركض حذيفة إليه ما ان بدأ بلكمه بمعدته بقوة وضرب رأسه بالجدار ، ليمسك بعدها بذراعه يشد عليها وهو يقول بجدية
"يكفي يا سفيان ، تراجع ، سيأتون الحراس علينا"
صرخ بجنون وهو يحرر الوحش الكامن بداخله ويستمر بلكمه وضرب وجهه
"هذه من اجل زوجتي ، وهذه من اجل شقيقتي ، وهذه من اجل العائلة ، فقط كي تعرف قوة عائلة الكايد...."
استطاع ابعاده عنه بذات اللحظة التي دخل بها الحارسين وضابط الشرطة على اصوات الضوضاء ، ليتقدم الضابط منهم وهو يقول بنبرة حازمة
"ما لذي حدث بينكم ؟"
ابتعد حمزة عن الجدار وهو يمسح الدم عن وجهه ويشير بيده الاخرى قائلا بقوة
"اسمعني يا حضرة الشرطي ، إذا مت بيوم ما فيجب ان تعرف بأنه هو السبب...."
تلقى صفعة قاسية ولكن هذه المرة من حذيفة وهي ترميه على الجدار مجددا ، لينقل نظراته للشرطي الذي يشاهد بصمت وهو يقول بأسلوب بارد
"لقد انتهى حسابنا معه ، يمكنكم زجه بالسجن"
حرك رأسه للحارسين وهم ينصاعون لأمره ويمسكون بالسجين كي يسحبوه معهم ، ليمسكه سفيان بسرعة من كتفه قبل ان يجتازه وهو يقول بفحيح قاسي
"ادعوا ان تبقى بالسجن للأبد ، لأنك إذا خرجت سأكون اول من يقابلك ولن ارحمك مطلقا !"
قال الضابط بنبرة صارمة
"هيا ، خذوه للسجن بسرعة"
سحبوه بسرعة خارج الغرفة وما ان اختفوا عن نظرهم حتى وجه الشرطي كلامه لهما وهو يقول بجدية
"اريد ان اؤخذ القليل من وقتكما ، هناك بعض التواقيع يجب ان توقعوا عليها قبل مغادرتكما"
اومأ حذيفة برأسه وهو يقول بهدوء
"بالطبع سنفعل يا حضرة الضابط ، نحن قادمون"
تحرك الضابط وهو يخرج من الغرفة بصمت ليسحبه بعدها حذيفة من ذراعه قائلا بجدية
"هيا يا سفيان ، لننهي هذا الأمر بسرعة فنحن يجب ان نعود للمشفى"
حرك رأسه بشرود وهو يبعد ذراعه عنه قبل ان يغادر خارج الغرفة باندفاع ، ليتنهد بعدها بيأس وهو يتحامل على نفسه ويغادر خلفه يدعو ان ينتهي هذا اليوم على خير وبدون مشاكل اخرى....

يتبع.....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-07-24, 03:15 AM   #564

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 818
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

تنفس بقوة وهو يشعر بداخله يحترق وقشرته الخارجية تتصلب وتتكسر ويقبض بيده على إطار النافذة يحدق بالسماء بشرود ، ليسترجع مشاعره القديمة بهذه اللحظة حينما كان ينتظر نتيجة العملية التي نفذها قبل اعوام وتكبد الخسائر بها وها هو ينتظر مجددا بنفس المكان ولكن هذه المرة بخوف ورهبة تجاوزا اي مرة ، وخاصة بأنه لديه علم بما سيحدث وينتج عنه إذا اخفق وفشل بهذه المهمة ! ستكون نهايته الحتمية !
شد على اصابعه حتى ابيضت مفاصلها وهو يتذكر تلك الحادثة التي تحولت لكابوس شنيع بحياته ، حينها كان ينظر بعينين مفجوعتين للجسد القابع امامه بلا روح وهو يصرخ برجاله بغضب جامح وكأن الشيطان تلبسه
(لماذا قتلتموها ايتها الحيوانات الرخيصة ؟ ألم اطلب منكم ان تسلموها حية لي ! ألم انبهكم ألا يقربها احد منكم بسوء ! وانتم قتلتموها ! قتلتموها بدون اي ذرة ضمير ! من اعطاكم الأمر بقتلها ؟ من اعطاكم ؟)
بعدها اجابه احد من الرجال بنبرة عميقة والوحيد الذي تجرأ على التكلم من بينهم
(لو لم نقتلها كانت قتلتنا ، لقد دخلت علينا وهي توجه السلاح بوجوهنا ، ماذا كنا سنفعل ؟ هل نتركها تكشف امرنا وتقتلنا ؟ ولو تركناها على قيد الحياة كانت ابلغت عنا وادخلتنا جميعنا للسجن ، فيبدو بأنها ليست امرأة ضعيفة او مكسورة حتى تقبل الاستسلام بسهولة وتسلمنا نفسها)
يذكر عندها غضبه وهياجه وهو يصرخ بجموح امتزج بحرقة عذبته سنوات
(حتى لو هددت حياتكم جميعا كان يجب ان تتركوها تعيش ، كان يجب ان تعيش من اجلي ، كيف ارحمكم واعفو عنكم وانتم السبب بعدم اجتماعنا على الارض ؟ ولن يتحقق هذا الحلم مطلقا بعد ان تركت الحياة كلها وصعدت روحها للسماء ! كيف اصل لها الآن ؟)
سقطت رأسه بين كتفيه وهو يخفض قبضته قليلا قبل ان يذكر سؤاله الاخير لهم بعد ان استعاد نصف تركيزه
(وماذا عن الطفل ؟ ماذا فعلتم له ؟ لماذا لا اجد جسده ؟)
وصله الجواب منهم بخوف واضح
(لم نستطع إيجاده ، بحثنا بكل انحاء المنزل ولم نجده يبدو بأنه كان مختبئ بزاوية ما ، وللأسف لم نستطع قتله مع والديه)
صمت بنظرات ضبابية بدون كلمة حتى قاطع الرجل افكاره قائلا بتساؤل
(ماذا نفعل له ؟ هل نعود لقتله ؟)
رفع رأسه بهدوء وهو يقول بنبرة حاسمة
(اتركوه وشأنه ، سيأتي يومه قريبا ، ولكن ليس الآن)
افاق من عالمه الاسود ما ان فتح باب الغرفة بقوة ، ليخفض قبضته بلحظة وهو يستدير بلمح البصر ويقول مباشرة بلا اي مقدمات
"ماذا فعل ؟"
اخفض الرجل رأسه باحترام وهو يقول بتردد ولديه علم بنتيجة كلامه عليه
"هو...هو فعل ما عليه ، واصابه بالرصاصة بعدها اخذوهما للمشفى..."
قاطعه بصوت نافذ مثل الرصاصة
"هل قتله ؟"
حرك رأسه بالنفي وهو يقول باختصار
"كلا لم يقتله"
تغضن جبينه بقسوة وهو يخفض نظره ويمسك خصره لبرهة قبل ان يركل بقدمه الكرسي اسقطه ارضا وافزع الرجل امامه ، ليتماسك الرجل امامه ما ان قال يتابع تحقيقه بجمود
"وهل استطاع الهروب ؟"
اخفض رأسه مجددا وهو يقول بخوف اكبر
"كلا فقد ألقي بالقبض عليه امام المنزل"
انتفض بوجل ما ان ضرب بقبضته على سطح المكتب وهو يقول بسخط
"يا له من فاشل رخيص ! وكلته بمهمة صغيرة ولم يفلح بها ! ويسمي نفسه رجل !"
امسك ذقنه بأصابعه يحكه بقوة وهو يتمتم بضيق
"وماذا فعل بالمسدس ؟"
رفع رأسه وهو يقول بأدب
"لا تقلق استطاع التخلص منه قبل ان يلقي بالقبض عليه ، وارسلنا رجل واحضره من حديقة المنزل ، يعني اصبح المسدس بحوزتنا الآن"
زفر انفاسه بقوة وهو يومئ برأسه ويخفض قبضته قائلا بوجوم
"جيد ، ولكن ليس كما اردنا ، لقد حطم ذلك الاحمق كل آمالنا واهدافنا !"
حدق به الرجل لحظات قبل ان يقول بهدوء خفيض
"يمكننا بكل سهولة وضع شخص آخر يأخذ جريمته ونثبت براءته ، وإذا حاول خيانتنا او توريطنا بالجريمة ننهي على امره هناك"
ادار نظراته نحوه بحدة وهو ينفض ذراعه على جانبه قائلا بغضب منفعل
"ليست هذه هي المشكلة يا احمق"
نظر له باستغراب قبل ان يسند قبضتيه على سطح المكتب وهو يقول باستياء
"ذلك الرجل قد رأى وجهي ، لذا هو بالتأكيد لن يتوقف عن السعي لقتلي ! اعرف ذلك جيدا لأنني رأيت نواياه نحوي ! كل ما يسعى له هو الانتقام !"
عقد حاجبيه وهو يقول بتفكير
"هل تريد منا ان نرسل شخص لقتله ؟"
سكن لحظات بدون حركة حتى انتصب بوقوفه فجأة وهو يقول بخفوت عازم
"لن اوكل هذه المهمة لأحد بعد الآن ، انا من سيتصرف بشأنه هذه المرة ، لقد وصلنا لطريق مسدود لذا لابد من انهاء هذا الأمر وللأبد"
صمت الرجل باحترام قبل ان يوجه نظراته نحوه وهو يقول بتسلط
"اين اصابته الرصاصة ؟"
ردّ عليه بهدوء ممتثل
"اصابت كتفه فقط ولم تسبب اذى كبير له ، وهو الآن بالمشفى يتعافى"
التقط المفاتيح عن سطح المكتب وهو يقول بحنق
"وسيء بالتصويب ايضا !"
انطلق نحوه وما ان مر من جانبه حتى قال بأمر صارم
"إياكم ان تتحركوا من مكانكم قبل ان تسمعوا خبر مني"
اومأ الرجل برأسه بطاعة حتى اجتازه وخرج من الغرفة وهو يتلاعب بالمفاتيح بأصابعه ويتمتم بحقد
"حانت اللحظة المنتظرة يا ابن عارف الكايد ، استعد لقدوم كابوسك إليك"
___________________________
فتحت عينيها ببطء وهي تحاول توسيع مدى نظرها حتى ابصرت زوجين من العيون الذكورية تنظر لها ، وما ان تعرفت على هويتهما بسهولة حتى همست بابتسامة واهية
"سفيان....حذيفة ، انتما هنا ، الحمد لله"
انحنى نحوها الاقرب منها وهو يمسح على حجابها الابيض قائلا برفق
"نعم نحن هنا يا لورين ، موجودين بجانبكِ لذا ارتاحي الآن ، ولا تخافي من شيء"
بقيت تنظر له بصمت وهي تسدل جفنيها ثم تفتحهما مجددا وكأنها تتأكد بأنه ليس حلم او خيال ، لتفتح شفتيها الصغيرتين بأنفاس ضعيفة وهي تهمس بتعب
"اين...اين انا ؟"
اجاب عليها نفس الصوت بخفوت اجش استشعرت معه بالأمان
"انتِ بالمستشفى يا لورين ، والممرضين يهتمون بكِ ونحن ايضا معكِ"
عقدت حاجبيها الصغيرين ما ان بدأت تستعيد خيوط استيعابها وهي تهمس ببحة حزينة
"ماذا اصابني يا سفيان ؟"
تنفس سفيان بقوة وكأنها تذكره بما اصابها وتعرضت له وقد وصلت مرات دخولها للمشفى بسبب الحوادث لثلاث مرات ، ليستقيم بعدها بسرعة وهو يشيح برأسه بعيدا ويقول بخفوت جاد
"ارتاحي يا لورين ، ليس هناك ما يخيف"
امسكت بسرعة بأصابعه تضمها بكفها وهي تهمس بخوف تمكن منها
"هل انا بخير ؟...."
تدخل حذيفة الواقف بقربها وهو يمسك كفها ويضمها بين يديه قائلا بجدية
"انتِ بخير يا صغيرتي ، لقد تجاوزتِ كل الصعاب ونجحتِ ، انتِ الآن بأفضل صحة"
شدت بكفها الصغيرة على يده وهي تهمس ببكاء مرير
"لقد ، لقد كنت خائفة...."
قال حذيفة مجددا بقوة اكبر
"ألم نخبركِ بأننا بجانبك ! لن يصيبك مكروه ونحن موجودين معكِ ، كوني مطمئنة"
غامت ملامحها ما ان طافت ذكرى كلماته برأسها لشخص آخر بدأت تستعيد وجوده
(ملاكي ، يا ملاكي اهدئي ، اهدئي ، انا معكِ ، ولن اترككِ بحياتي حتى الموت)
شهقت بارتجاف وهي تسند نفسها بيدها الاخرى تنهض بصعوبة هامسة بهلع
"إلياس ! إلياس !"
اقترب منها حذيفة بسرعة وهو يمسك كتفيها يعيدها لاستلقائها قائلا بجدية
"اهدئي يا لورين وعودي للنوم ، هكذا ستتعبين نفسكِ ، استمعي إلى كلامي...."
تمسكت بذراعيه تتشبث بأصابعها وهي تهمس بانفعال باكي
"كيف ارتاح وانا لا اعلم شيء عنه ؟ لقد كاد يموت ! كاد يموت بسببي ! لن اتحمل ذلك ، لن اتحمل ان يحرموني منه...."
قاطعها حذيفة بصوت صارم وهو يمسك وجهها بين يديه يوصل الكلام لرأسها
"هو بخير يا لورين ، وبأفضل صحة ، لقد تجاوز كل ما حصل معه وهو الآن يستريح بالغرفة المجاورة"
سكنت لحظات وهي ترمش بعينيها الواسعتين بسحابتين رقيقتين هامسة بتحشرج
"ألم يصيبه اي مكروه !"
حرك رأسه بالنفي وهو يقول بشدة بدون ان يظهر حزنه على حالها كي لا تظن العكس
"كلا ، لم يصيبه اي مكروه او اذى"
زمت شفتيها بعبوس تسيطر على موجة بكائها قبل ان تبعد يديه عن وجهها بعنف صارخة باستنكار
"انت تكذب عليّ ! تكذبون عليّ كي لا احزن ، هو اصابه مكروه ! انا متأكدة من ذلك ، لقد تلقى رصاصة كيف سيكون بخير !"
تنفس بيأس وهو يرفع رأسه بعيدا عنها ويمسح على كتفها قائلا بروية وصبر
"لقد اصبح بخير يا لورين ، اقسم لكِ بذلك ، ألا تصدقين قسم شقيقك !"
رفعت حدقتيها الواسعتين نحوه وهي تهمس ببحة باكية
"إذا كنت تريدني ان اصدق اريد ان ارى بعيني ، خذني إليه يا حذيفة ، اتوسل إليك خذني إلى غرفته"
سلط نظراته بسرعة نحوها وهو يسحب كفه ويقف باستقامة قائلا بحزم
"لن نذهب لأي مكان بحالتك ، سنسمح لكِ برؤيته ولكن ليس اليوم ، بعد ان تتعافي...."
قاطعته بعناد وهي تضرب بقبضتيها على جانبيها
"لا اريد يوم آخر ، اريد ان اراه اليوم ، خذوني إليه ، خذوني إليه حالاً"
تدخل سفيان وهو يقول بغضب تحول له فجأة
"توقفي عن العناد مثل الاطفال يا لورين"
اغرورقت عيناها الخضراوان بالدموع وهي تخفض رأسها وتضم يديها امام وجهها تبكي بحرارة ، ليقول حذيفة بعدها بهدوء عميق
"لنأخذها إليه يا سفيان"
رمقه بطرف حدقتيه بصمت حتى تابع حذيفة قائلا بجمود
"من اجل نفسيتها فهي اكثر من سيؤثر بصحتها ويجعلها تتراجع"
اخذ انفاسه بقوة وهو يحرك رأسه قائلا ببرود
"حسنا ، خذها إليه"
توقفت عن البكاء وهي ترفع رأسها وتنظر لهما ما ان اخترق كلام سفيان عقلها بدون ان تسمع ما قبله ، وما ان وقفت بنظرها على حذيفة حتى حرك رأسه يؤكد لها ما سمعت ، لتزيل الغطاء عنها بسرعة وتنزل ساقيها قبل ان تحاول نزع المصل عن كفها ، توقفت ما ان امسك حذيفة بكفها وهو يتولى مهمة نزع المصل عنه برفق ثم احاط كتفيها بذراعه ونهضت بمساعدته ، ليسحبها بعدها من كفها خارج الغرفة وهو يقول برفق
"سيري على مهلك ، واسندي كل ثقلك عليّ ، حسنا !"
دخلت للغرفة المجاورة على بعد سنتمترات وهو يقابلها نفس الديكور بغرفتها ، ليجذب نظرها الجالس فوق السرير وهو يكلم الممرضة معه بضيق
"انا حقا بخير ولا احتاج مساعدة او سند احد ، لست ممن يمكثون بالمشفى ايام بسبب خدش رصاصة ! هل تعلمين كم رصاصة تلقيت بحياتي ؟"
همست بعدها بخفوت مرتجف يكاد لا يسمع
"إلياس !"
انطلق رأسه نحوها وهو يصوب نظراته عليها يشملها دفعة واحدة بحجمها الضئيل الصغير وقامتها القصيرة...ترتدي ملابس المشفى الزرقاء التي ناسبت بنية جسدها الضعيفة...والحزن يلون عيناها الخضراوان بجمال وكأنهما كوكبين يدوران بسمائه...هذه هي ملاكه الصغير والذي يملك قوة تفوق كل قوى موجودة بالأرض !
ارتسمت ابتسامته بعطف انقشعت الغمامة عن عيناه وهو يقول بخفوت مرتخي
"آه ملاكي بخير وبصحة وسلامة ! ماذا سأطلب من السماء اكثر ؟"
زمت شفتيها بحزنها المعتاد تحبس غصتها بقلبها وهو يواصل النظر لعيناها بحزن وصل لقلبه ، حتى رفع كفه نحوها بصمت لتترك الاستناد بشقيقها وتعرج وصولا لسريره ، وبلحظات كانت ترتمي على صدره وهي تلف ذراعيها حول عنقه وتكمل بكائها على كتفه بحرقة تحررت بعد حبسها طويلا...
بددت الممرضة الصمت وهي تقول بخفوت مستاء
"ولكن كتفك ما يزال مصاب...."
قاطعها إلياس وهو يلتفت نحوها قائلا بقوة
"لا بأس انا بخير ، ولن يضرني بكائها على صدري بل سيشفيني"
ابتعدت عنه بسرعة وهي تقول بإدراك
"انت...انت مصاب ، هل اذيتك ؟ هل آلمتك ؟ انا آسفة...."
امسك برأسها بقبضته وهو يدفن وجهها بصدره ويهمس بخفوت واثق
"انتِ يستحيل ان تكوني اذى لي ، بل انتِ بلسم روحي الذي سيشفي كل آلامي واوجاعي !"
اغمضت عينيها بنعومة تتنعم بدفء احضانه وهي تلف ذراعيها هذه المرة حول صدره الذي اصبح مساحة امان لها ، ليقول حذيفة بعدها وهو يبتسم بسخرية
"احذر من التعمق كثيرا كي لا ندخلك الاسعاف مجددا يا رجل الرصاصات"
رفع رأسه نحوه وهو يقول بابتسامة باردة
"مضحك كثيرا يا حذيفة !"
حرك كتفيه بصمت قبل ان يمسح إلياس على وشاحها الناعم الذي انزلق للخلف واظهر خصلات شعرها ، ليقول بعدها بخفوت باسم
"لو تعلمين كم اسرتني رؤيتكِ بخير يا روحي...."
لماذا لم تأتي لرؤيتي إذاً ؟""
قاطع افكاره صوتها الباكي المخنوق بطيات صدره وهي تعاتبه بشيء لأول مرة ! ليوجه نظره نحو اشقائها وهو يقول باستياء عابس
"كنت اريد الحضور إليكِ منذ لحظة استيقاظي ، ولكن هاذين الذئبين عديمي الرحمة لم يسمحوا لي بمغادرة غرفتي واحتجزوني قسرا بين هذه الجدران القميئة ! لقد كان اقسى اختبار امر به بحياتي !"
رفع حاجبيه ببرود وهو يقول ببساطة
"احترم نفسك كي لا نريك قوة الذئاب الحقيقية"
حرك عينيه جانبا لبرهة قبل ان يعود بالنظر لهما قائلا بتملق
"بل انا اتساءل كيف سمحوا لكِ بالمجيئ لرؤيتي ! بينما انا منعوني عنكِ ! هل اشم رائحة عنصرية ؟"
ابتسمت بخجل بأعماق صدره حيث نبضات قلبه بدون ان يراها احد ، ليسرق انتباههم صوت سفيان وهو يقول بقوة
"إلياس"
نظر له بملامح جادة بعد ان اختفى الهزل عنه وهو يستعد لكلامه ، ليتابع بعدها قائلا بغموض
"هل انت من استدعى سيارات الشرطة والإسعاف لباب منزلك ؟"
عقد حاجبيه بقوة وهو يقول بنبرة متزنة
"كلا لست من استدعاهم"
غزت الحيرة محياه وهو يقول بوجوم
"من فعل ذلك إذاً ؟"
شدت بأصابعها على قماش قميصه وهي تخفي انين بكائها بصدره وحديثهما يذكرها بكل ما حدث معها ، لتسمع سفيان وهو يقول بنبرة آمرة
"حذيفة خذ لورين معك للغرفة ، فهناك حديث مهم يجب ان نجريه بيننا انا وإلياس بمفردنا"
انتفضت لورين بسرعة بعيدا عن صدره وهي تقول باعتراض
"اريد البقاء معكما ، ارجوك...."
قاطعها سفيان بخفوت حازم
"لا تعاندي اكثر يا لورين واسمعي الكلام ، يكفي بأنني وافقت على طلبك بالقدوم لا تدعيني اندم على ذلك"
تبرمت شفتيها بعبوس قبل ان يغطي جانب وجهها بكفه ويديره نحوه ، ليعدل بعدها حجابها فوق رأسها ويدس الخصلات المتمردة خلف اذنيها قائلا بحنية
"لا تقلقي يا لورين فأنا سأكون بالغرفة المجاورة لكِ ولن ابتعد عنكِ ، بالوقت الذي تحتاجيني به او تشعرين بالخوف سأكون معكِ دائما ، ولن يفرقنا عن بعضنا سوى الموت"
ابتلعت لورين ريقها بارتجاف قبل ان تهمس ببراءة
"هل هذا وعد ؟"
احتضن وجهها الصغير بيديه وهو يقبل جبينها الابيض حيث اللاصق الطبي فوقه ويهمس بصدق
"وعد"
سحب يديه عن وجهها ما ان امسك حذيفة بذراعها وسحبها لجانبه ، وما ان وقفت مستندة به حتى قال إلياس بثقة
"انتبه عليها جيدا ، فهي امانة لديك"
حرك رأسه بابتسامة باردة وهو يسحبها معه خارج الغرفة ويغلق الباب خلفه ، ليوجه نظره لسفيان ما ان قال بأسلوب قاسي تحول له فجأة
"ستخبرني بكل شيء حدث معك ومع لورين ، ولن تخفي عني شيء مهما كان صغيرا وغير مهما"
تغضنت طرف ابتسامته بهدوء وهو يقول ببساطة
"ماذا تريد ان تعرف ؟"
كتف ذراعيه فوق صدره وهو يقول بجمود
"من خطط لهذا الهجوم ؟ هل هو حمزة ام اشخاص آخرين ساعدوه ؟"
ماتت ابتسامته وهو يحول نظره امامه قائلا بعدم حياة
"العصابة السوداء"
تغضن جبينه بحيرة وهو يقول باهتمام اكبر
"من هم ؟"
قست عيناه الرماديتان بلحظة وهو يقول بصوت اجوف
"العصابة التي اعتدت عليّ بالضرب ومنعتني من الوصول للشركة بيوم مناقصتي"
تغلبت الصدمة على ملامحه بينما حافظ إلياس على شموخه وهو ينظر امامه بقلب اسود امتلئ بالحقد من جديد وولدت نية الانتقام لديه بعد اعوام طويلة من هجرانها....
___________________________
ركضت بسرعة بالممر الطويل وهي بكل مرة توقف احد الممرضين بطريقها تسأله عن الوجهة لتكمل بعدها طريقها ، حتى اقتحمت الغرفة التي وصلت لها بدون طرق وقد تراءت لها صورتها المكسورة وهي جالسة فوق السرير نظرها على يديها المضمومتين بحجرها ، وما ان رفعت رأسها نحوها حتى ظهرت الخدوش التي شوهت جمال ملامحها البيضاء ولصاقه طبية فوق جبينها ، لتشق ابتسامة رقيقة محياها وهي تهمس بسعادة
"سراب !"
تأوهت بدون صوت وهي تندفع نحوها بسرعة قبل ان تجلس امامها وتعانقها بذراعيها بقوة تكاد تحتويها ، لتمسح بعدها على ظهرها بيديها وتنزل الدموع التي امسكتها طويلا هامسة براحة
"انا سعيدة بأنكِ بخير ، سعيدة جدا ، لقد اخفتني عليكِ يا متهورة !"
مالت طرف ابتسامتها بحزن وهي تهمس بخفوت
"وانا سعيدة جدا برؤيتكِ ، لقد عرفت الآن كم انا قيمة بالنسبة لكِ"
ابتسمت رغما عنها وهي تهمس بتذمر
"بالطبع انتِ كذلك ، وقيمة جدا بالنسبة لي"
تنفست بابتسامة مرتاحة ادخلت الطمأنينة لقلبها وداوت جروح روحها ، لتسمعها بعدها وهي تهمس بنشيج حزين
"انا آسفة ، كله بسببي لأني صمت ، انا آسفة ، آسفة...."
قاطعتها لورين بخفوت وهي تتمسك بظهر قميصها
"إياكِ ان تعتذري ، إياكِ ان تشعري بالذنب ، حسنا !"
قطع حوارهما الواقف بالغرفة لم تراه بينما كانت تبحث عن لورين
"كيف اتيتِ للمشفى ؟"
ابتعدت عنها بصمت وهي تمسح خديها بظاهر كفها هامسة ببرود
"اخذت سيارة من سياراتك وقمت بقيادتها"
رفع رأسه وهو يهمس بعدم تصديق
"يا إلهي ! كيف سمحوا بهذا ؟"
حدقت بها لورين وهي تهمس باستغراب
"هل تجيدين القيادة ؟"
اومأت سراب برأسها وهي تقول بابتسامة واثقة
"نعم اجيدها ، وانا سائقة ماهرة جدا فقد تعلمت القيادة بعمر الخامسة عشر ، وحصلت على الرخصة فور تخرجي من الثانوية العامة"
اتسعت ابتسامتها وقبل ان تتكلم سبقها سفيان وهو يقول بجفاء
"تجيد فقط قيادة السيارات قديمات الطراز وصغار الحجم ولم تجرب السيارات الحديثة ذات محركات الدفع القوية"
عضت على طرف شفتيها تكتم غيظها قبل ان يسرق تركيزها صوت لورين وهي تهمس بحيرة
ولماذا لم تأتي بسيارة سفيان ؟""
اخفضت نظرها بسرعة وهي تقول بخفوت
"لقد ذهب سفيان إليكِ من العمل ، ولم اكن اعلم حينها"
ساد صمت لحظات بينهم قبل ان يبدد سفيان الصمت قائلا بأمر
"سأعود للعمل الآن ، لذا هيا تحركي كي اوصلكِ بطريقي"
رفعت لورين نظرها نحوه وهي تهمس بحزن
"هل ستذهبون وتتركوني وحدي ؟"
عاد بالنظر لها وهو يقول بجدية
"لا داعي للخوف يا لورين ، فنحن لن نترك المكان فارغا هناك حرس بكل مكان خارج وداخل المشفى ، لن يصيبكما اي مكروه ونحن بالخارج"
اومأت برأسها بحزن قبل ان يربت على رأسها قائلا باتزان
"اعتني بنفسكِ جيدا"
غامت ملامحها بضبابية وهي تومئ برأسها مجددا وما ان تحرك باتجاه الباب حتى قالت سراب بقوة
"سأتكلم معها خمس دقائق"
تجمد بمكانه لحظات قبل ان يقول بجمود وهو يكمل خروجه
"اسرعي فلن انتظركِ اكثر"
تنهدت بقوة ما ان اغلق الباب خلفه لتحول نظرها للجالسة امامها تنظر بأثره بحزن ، لتمسك بعدها وجهها بيديها وهي تقول بجدية
"اصدقيني بالقول ، هل انتِ حقا بخير ؟"
نقلت نظرها لها وهي تمسك بيديها على وجهها هامسة بابتسامة رقيقة
"نعم بخير جدا"
سحبت يديها وهي تتراجع بجلوسها هامسة بخفوت مستاء
"كل ما يحدث بسبب غبائي ، كان يجب ان اتكلم ، كان يجب ان يعرفوا عن كل افعاله بكِ ! لو تكلمت بوقت ابكر ما كنتِ وصلتي لهذه الحالة...كانوا حاسبوه واوقفوه عند حده ، كنتِ ستكونين آمنة بمنزلك ، ولكن بسببي انا...."
قاطعتها لورين وهي تمسك بذراعها بقوة
"هذا كان قدري ، وانا قبلت به منذ زمن ، انتِ لا علاقة لكِ بشيء مكتوب لي ان اعيشه"
نظرت لها بقوة وهي تشير لنفسها قائلة بحدة
"لا تحاولي تبرير موقفي كي لا اشعر بالذنب ، فأنا مخطئة بكل شيء ، لا استطيع حماية المقربين مني وايضا اسبب لهم الاذى والجرح"
زمت شفتيها بعبوس وهي تمسك بكفها وتضمها بين يديها هامسة بخفوت
"انتِ لستِ كذلك ، لقد اخبرتني سابقا عندما تعرضتِ لتلك الرصاصة بأنه لا ذنب لي ، وانا لست شماعة حتى يعلقون عليّ كل خطأ يرتكبه بحياته ، هل تذكرين كلامك ؟"
ارتسمت ابتسامة حزينة على محياها وهي ترفع كفها وتمسح على جانب وجهها هامسة بعطف
"آه يا فتاتي ذات القلب الرقيق ! كيف تأتيهم الشجاعة على جرح ملاك مثلكِ ؟ هل كل هذا فعله لكِ ذلك المريض النفسي ؟"
احتدت ملامحها فجأة وهي تقول بخفوت ممتعض
"إن شاء الله تنكسر يده وقدمه ، ولا يرى ضوء النور بحياته !"
تغضنت طرف ابتسامتها وهي تقول بخفوت عفوي
"الحقيقة ليس كله بسببه ، بل انا احمل النصيب الأكبر بإيذاء نفسي ، فقد سقطت على درجات السلم وقفزت من فوق الاريكة"
رفعت حاجبيها البنيين بدهشة قبل ان تضرب خدها بكفها وهي تقول بتذمر تمثيلي
"انتِ متهورة ! متهورة جدا !"
ضحكت لورين بمرح لأول مرة بينما راقبتها سراب بابتسامة صامتة ، لتسحب بعدها كفها من بين يديها وهي تنهض وتعدل حزام الحقيبة قائلة بجدية
"يجب ان اغادر الآن فقد تأخرت بالفعل ، اعتني بنفسكِ جيدا واتصلي بي بالوقت الذي تحتاجيني به"
ما ان استدارت حتى اوقفتها لورين قائلة بهدوء مفاجئ
"كيف علاقتك انتِ وسفيان ؟ هل كل شيء بخير ؟"
تجمدت ملامحها وهي تشد بقبضتها على حزام حقيبتها ولم تتوقع ان تشعر بالتوتر بينهما ، ليأتيها جوابها بعدها على افكارها وهي تهمس بحزن
"انا اعرف حالات اشقائي جيدا ، اعرف عندما يحزنون ويغضبون ويحبون ، وحالة سفيان اليوم كانت غريبة وكأنه متضايق من شيء فهل كل شيء بخير بينكما ؟"
ابتلعت ريقها بصلابة تمثل القوة وهي تلتفت نحوها قائلة بابتسامة مزيفة
"كل شيء بخير يا عزيزتي ، لا تقلقي من هذه الناحية وكرزي على صحتك"
تهللت اساريرها بسعادة وهي تهمس بفرح
"انا سعيدة جدا ، سعيدة لأنكِ انتِ زوجة سفيان"
ارتجفت طرف ابتسامتها بدون ان تختفي وهي تضم قبضتها بقوة وتتمنى لو تستطيع ان تخبرها بالحقيقة ، ولكنها لن تدمر احلامها وثقتها بشقيقها كي تسعد نفسها !
لوحت بعدها بكفها وهي تهمس بمحبة
"إلى اللقاء يا لورين ، اراكِ على خير"
غادرت بعدها خارج الغرفة بينما بقيت نظرات لورين تتبعها والحزن يلونها وهي تتمنى ان تخيب توقعاتها ولا تصدق فلن تتحمل المزيد من الخيبات...

يتبع.....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-07-24, 03:32 AM   #565

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 818
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

كان يعمل على الحاسب امامه بتركيز عالي حتى قاطع افكاره صوت حاد منفعل
"ماذا تفعل ؟"
حرك رأسه ببرود وهو يقول بعملية
"ألا ترين امامك ! أليس واضح بأنني اعمل ؟"
صمتت لحظات قبل ان تغلق الحاسب امامه بقوة وهي تقول بهجوم
"ألست مدرك حقا ام تمثل عدم المعرفة !"
رفع حدقتيه بجمود وهو يتقدم بجلوسه قائلا بجفاء
"ادرك ماذا ؟"
اطبقت على اسنانها وهي تقول بشدة
"مصيبة ابنك التي حطت فوق رؤوسنا"
ادار نظراته جانبا وهو يبعد كفها ويفتح غطاء الحاسب قائلا بقسوة
"ادرك جيدا ولكني لا اكترث لأمره"
انتصبت واقفة بقوة قبل ان تلوح بذراعها بالهواء وهي تقول باستنكار
"ما هذه الراحة ؟ كيف لك مزاج ان تعمل وابنك محبوس بين القضبان لا نعلم ما سيحكم عليه ! هل لهذه الدرجة انت بلا اي احساس او ذرة ابوة ؟"
تابع عمله بتركيز وهو يقول بكل بساطة
"هذه ليست اول مصيبة يرتكبها ، لذا لن نستطيع التوقف عند كل مصيبة يفعلها وكل طيش يرتكبه ، حياتنا العملية لن تتوقف بسبب مصائبه"
شدت قبضتها وهي تنفضها على جانبها وتقول بغضب منفعل
"لكن ليس لهذه الدرجة ! هو يبقى ابنك مهما ارتكب من مصائب واخطاء ، ولن تستطيع تغيير هذه الحقيقة حتى لو تخليت عنه ، وهو الآن بحاجة إليك كي تخرجه من مأزقه الذي لن يستطيع احد انقاذه منه غيرك ، الجميع اصبح يتحد ضده ويسعون لتدمير حياته ! ألا تدرك بأي مستنقع هو غارق الآن ؟"
تنفس صهيب بقوة وهو يقول بهدوء واثق
"إذاً هو حصل على ما يستحقه بالنهاية ، هذا كله جزاء افعاله فليتحمل ذلك"
ردت عليه من فورها بحدة اكبر
"لن تتركه بهذا المأزق وحده ، يجب ان تقوم بواجباتك اتجاهه تمارس ابويتك عليه...."
قاطعها صهيب بغضب وهو يرفع رأسه بقوة
"وهذا ما افعله ، انا امارس ابويتي بطريقتي وهي بتركه يتحمل عواقب افعاله وجعله يدفع الثمن بدخوله للسجن ، هكذا اكون قمت بواجباتي اتجاهه بدوري كوالده وكبيره ومعلمه ، وكلما كان الدرس اقسى ومؤلما اكثر يكون اثر التعلم واضحا ولا ينسى ، وربما يعود حينها عقل ابننا لرأسه ويتوقف عن هذا الطيش والجنون بحياته !"
حركت شهيرة رأسها وهي تقول بخفوت محتج
"ولكنك تكون هكذا تلقي بابنك للتهلكة ، هذا ليس درس بل عقاب قاسي سيجعله يكرهك ويكره عائلته ! وستدفعه لكره نفسه !"
حرك كتفيه باستخفاف وهو يعود للعمل قائلا بجفاء
"كان عليه التفكير بهذا قبل ان يرتكب كل هذه الاخطاء بحياته والتي حطم الرقم القياسي بها للأسف ! وهذا وحده كفيل بعدم مسامحته بعد الآن على اي خطأ او جريمة يرتكبها بحق اي احد !"
ضمت شفتيها بعبوس زادت الخطوط الحادة بملامحها وهي تشير بيدها لشخص وهمي قائلة باتهام
"انا واثقة بأنه لو كان شخص آخر كنت ساعدته وما كنت ترددت بمد يد العون له ، لو كان ابن شقيقتك او ابناء الاغراب او حتى اللقيط كرم ، لبذلت كل جهدك كي تساعده وتخرجه من مأزقه وما كنت تركته يعاني للحظة واحدة وانت تعلم بذلك ! فأنت هكذا دوما تفضل الجميع على ابنك وتهمله ، رحيم وقلبك رؤوف مع الجميع عدا ابنك ، لما تعامل ابنك هكذا ؟ لما لا تعطيه حقه بالحب والاهتمام ؟"
ضرب على لوحة المفاتيح بأصابعه بقوة وهو يقول بجمود حجري
"لم اعطيه الحب والاهتمام تقولين ! من الذي كتب اسم له بالحسابات المصرفية وشحن له بطاقة يصرف بها كما يحلو له ؟ كتبت له ثروة ما يعادل ثروة اكبر رجل اعمال بالبلد ، تركت مكان خاص له بالشركة وقسم يديره وحده ، كتبت له بيت وشقة وملعب ونادي كله ملك له ، وهل تعلمين ماذا ؟ ليس هناك مصيبة او دمار لم اتحمل مسؤوليته عنه ، اصلحت كل ما سببه بحياته منذ طفولته لمراهقته لشبابه ، تحملت الذل والإهانة وتلطيخ سمعتي وحمل العار بسببه ، وكما حدث بقصة ابنة النور ، لولا كرم الذي نعته باللقيط للتو وقف امامهم واخذ العقوبة عنه كانوا شوهوا سمعتنا على الملأ ! لذا لا بأس لو تحمل مسؤولية خطأ واحد بحياته كي يشعر بما تحملته بدلا عنه كل هذه السنوات !"
كانت تراقبه بجمود بدون ان تظهر تعبير على ملامحها قبل ان تخفض قبضتها هامسة بخفوت محتد
"وانت السبب بحالته ، انت المسؤول عن ما وصل له ابنك"
قدحت عيناه بالشرار الاسود وهو ينهض بقوة من امام الحاسب ويلوح بذراعه قائلا بجموح
"هل هذا ما خرج معكِ ؟ انا المسؤول عن حالته ! هل انا من دفعه ليقوم بكل هذه التصرفات ؟ هل انا من شجعه على اخطائه ؟ هل انا من حماه كي لا يأخذ جزاء افعاله ؟ يبدو لا تدركين بعد فداحة فعلته ، ابنك ذهب وداهم منزل اولاد شقيقك بالسلاح ، هددهما بالقتل واطلق رصاصة على احد منهما كادت تقتله ! هل تعلمين ماذا يعني قتل روح ؟ يعني ابنك مجرم وتخطى كل جرائمه السابقة....."
"ما هو دليلك على هذا ؟"
نظر لها بجمود ما ان قاطعت كلامه وهو يقول بتلبد
"ماذا تقصدين ؟"
وقفت باعتداد بنفسها وهي تمسك خصرها بيدها قائلة بأسلوب جاد تستعيد رباطة جأشها
"لا يمكنك ان تستبق الحكم بدون ان تعرف وترى بعينك ، نحن لم نشاهد شيء مما حدث هناك ولكن ما اعرفه بأن ابن مريام ليس رجل نستطيع الوثوق به بالكامل ، لا تنسى بأنه سبق وداهم منزلنا والسلاح بيده وهو يهددنا بقتله علنا مثل الإرهابيين ، وخاصة بأنه تربية البلدان الاجنبية واسمه مكتوب بهوياتهم وخدم بمعسكراتهم ! لذا ليس من الغريب ان يكون هو وراء كل هذا والمدبر لهذه الحادثة ! فهو كما يطلق عليه افعى الكوبرا والضحايا هما لورين وحمزة...."
"كفى ، اصمتِ !"
صمتت بخوف عندما اوصلته اقصى مراحل الغضب ليشير بعدها بأصبعه السبابة نحوها قائلا بهجوم مضاد
"لا تنسي من يكون شقيقك عارف يا شهيرة ، لقد كان مدمن كبير على المخدرات ومشارك بمنظمات إرهابية ولديه الكثير من الاعمال السيئة موجودة بسجله بالخارج ! وهو السبب الأول بدخول تلك العصابة لحياتهم وحدوث تلك المجزرة ! ومع كل ذلك لم يتأثر إلياس من احداث طفولته وماضيه وتصرفات والده ، صنع اهداف لنفسه وحققها جميعها عن طريق إثبات نفسه وشخصيته حتى اصبح لديه جنسيات وهويات بالدولة الموجود بها ، شارك بالإدارة والسياسة والجيش واحتل مراكز مهمة بالدولة بتعبه وجهده ، بينما ابنك انتِ الذي كان يعيش برفه وزهد وبكنف عائلته لم يحقق شيء بحياته ! بل على العكس اصبح نسخة اخرى عن عارف الكايد ويبدو بأن الصفات التي كان يجب ان يرثها ابنه ورثها ابنكِ انتِ حتى اصبح يشابهه بكثير من التصرفات...."
"كفى يا صهيب ! كفى"
تنفست بلهاث غاضب ما ان وصل لهذه النقطة التي زعزعت كل ثباتها ، ليحرك صهيب رأسه بجمود وهو يضرب اصابعه على صدغه قائلا بقوة
"لستِ الوحيدة التي اكتفيتِ وانا ايضا اكتفيت من دفاعك الكاذب وتبريراتك ، ورأسي امتلئ كثيرا من هذا الهراء ، لذا اريحيه منكِ واصمتِ تماما ولا تسمعيني شيء عن هذا الموضوع كي لا تكون ردة فعلي القادمة اقوى عن السابقة تؤلمكِ اكثر !"
شدت على اسنانها بعجز وهي تصمت تماما امام تهديده ، ليمسك بعدها حاسبه المحمول واوراقه تحت ذراعه قبل ان يتجاوزها ويغادر البهو الواسع ، ليوقفه رنين هاتفه بجيب بنطاله وهو يخرجه بيده الحرة ويرد على الاتصال قائلا
نعم ، ماذا حدث معك ؟""
اجاب الطرف الآخر عليه باحترام
"لقد فعلنا كما طلبت منا ، نقلنا إلياس وزوجته للمشفى ، وتم القبض على حمزة"
اومأ برأسه وهو يقول بابتسامة طفيفة
"احسنتم عملا ، ولا تتوقفوا عن مراقبتهم ونقل الاخبار لي"
فصل الخط بعدها وهو يدس الهاتف بجيب بنطاله ويكمل سيره هامسا بعزم
"لن اضحي بابن شقيقتي كما ضحيت بشقيقتي سابقا"
_____________________________
كانت تقرأ الكتاب بين يديها بصمت فوق طاولة المكتبة حتى انفتح باب الغرفة وبدون النظر له عرفت من يكون ، ليكمل دخوله ويتجه لباب الخزانة وهدفه الوحيد الذي يذهب إليه دوما بنهاية كل يوم ، نقلت نظراتها نحوه لا شعوريا وهي تفتح شفتيها بتردد تفكر بسؤاله ثم تعود للصمت بعبوس ، لتكرر المحاولة وهي تشد بقبضتها فوق ركبتها تحزم امرها قبل ان يقاطعها الواقف امام الخزانة قائلا ببساطة وكأنه يعيش برأسها
"ماذا تريدين ان تقولي ؟"
شحبت ملامحها وهي تشيح بنظراتها بعيدا ما ان كشف امرها ويبدو كان يراقبها خلسة ، لتحك عنقها بشرود وهي تنظر بعيدا عنه تحاول تجميع افكارها بعد ان بعثرها ، ليقول مجددا بنبرة اقوى وهو يمسك بإطار باب الخزانة
"ألن تتكلمي ! أليس لديكِ ما تقولينه ؟"
كورت شفتيها بامتعاض وهي تعود لرفع الكتاب بيديها هامسة ببرود
"انسى ، لا يوجد شيء"
حرك كتفيه بعدم اهتمام وهو يتابع نبش الثياب بالخزانة ويلقي بكل قطعة ليست المنشودة ارضا حتى تكومت القطع امامه ليجمعها بقبضتيه ويرميها كلها ، بينما كانت سراب تراقب بصدمة الفوضى التي احدثها بالغرفة بثواني وكأنها تتعامل مع رجل بربري لا يعرف عن التنظيم والترتيب شيء ويعيش فقط بعشوائية وعدم مبالاة !
تنفست بعدها بغضب وهي تهمس بداخلها بغيظ
(لن يتغير مطلقا ! فهناك اشياء بالحياة غير قابلة للتغيير مهما تفعل مثل فطرة تأتي مع الولادة)
غامت تقاسيمها وهي تلاحظ اختلاف بحركاته يبدو وكأنه يبث غضبه وقهره بكل شيء امامه ، لتتحامل على نفسها وهي تترك الكتاب وتنهض عن الكرسي ثم بدأت بجمع الملابس عن الارض الواحدة تلو الاخرى حتى وصلت له ، وقفت بجانبه وهي تفتح الجهة الاخرى من الخزانة وترتب الملابس بداخلها ، وما ان لاحظت هدوئه بعض الشيء وسكونه حتى قالت بدون ان تمنع نفسها اكثر
"كيف حالة لورين ؟ هل عدت لرؤيتها بالمستشفى ؟"
تجمد بمكانه لحظات قبل ان يقول بخفوت جاد
"نعم لقد اصبحت افضل ، رأيتها بطريق عودتي من العمل واطمأننت عليها"
حركت رأسها وهي تطوي القطعة بيدها قائلة بهدوء
"ومتى سيخرجون من المستشفى ؟"
كان يفك ربطة عنقه وهو يقول ببساطة
"على الأغلب غدا صباحا"
اخفضت رأسها وهي تقول بخفوت جامد
"وماذا عن المجرم ؟ هل تم القبض عليه ؟"
قطب جبينه بجمود وهو يفك اكمام قميصه بقوة قائلا بعنف
"بلى وهو الآن بالسجن يتحاسب على افعاله"
رفعت سراب رأسها وهي تقول بابتسامة ساخرة تغلبت عليها
"جيد ، واخيرا فعلتم شيء صحيح بحق تلك الفتاة المسكينة !"
قست عيناه فجأة وهو يدير رأسه نحوها قبل ان يقول بغموض
"ماذا تقصدين ؟ هل نحن مقصرين بحق شقيقتنا ؟"
تنفست بهدوء وهي تضع الملابس فوق الرف الخشبي هامسة بتملق
"كل شخص يعرف نفسه من افعاله ، لست مرآة حتى اريك اخطائك وعيوبك"
نفض يديه على جانبيه وهو يلتفت نحوها قائلا بتسلط
"لا اعرف ، اخبريني انتِ ، ماذا فعلت ؟"
عضت على طرف شفتيها وهي تشتم نفسها لأنها تكلمت وخاضت بأمور لا تعنيها ، لتلتفت بعدها نحوه وهي تلوح بأصابعها قائلة ببرود
"يبدو بأنك تبحث عن مشكلة ، او سبب تغضب من اجله كي تفرغ الشحنات بداخلك"
رفع حاجبيه ببطء وهو يقول بتصلب
"سراب اجيبِ على سؤالي بدون ان تجادلي بمواضيع اخرى"
اشارت نحوه بأصبعها وهي تقول بقوة
"لقد فعلتها ، انت الآن اصبحت تبث غضبك بي"
تلبدت ملامحه بقسوة وهو يمسك خصره بيديه تكاد تجزم بأنه يفكر بقتلها ! لتدير جسدها بسرعة وهي تعيد ترتيب الملابس قائلة بعصبية
"كنت اقصد بكلامي بأنكم تأخرتم كثيرا بسجنه ، فلو تصرفتم بالأمر منذ البداية ووضعتم حدا له ما كانت وصلت لورين لهذه الحالة السيئة !"
زفر سفيان انفاسه بقوة وهو يعود للنظر لخزانة الملابس قائلا بنزق
"ليس لديكِ الحق بالتدخل بواجباتنا العائلية اتجاه بعضنا ، فلن تشعري بفرد منهم اكثر مني"
رمقته بطرف حدقتيها وهي تعطيه الحق فهي من حشرت نفسها لذا تستحق ما جاءها منه ، ولكن هو من طلب منها ان تقول لذا ليس من حقه الغضب عليها هكذا ! سحقا له ولكل افراد عائلته باستثناء لورين !
جذب سمعها فجأة ما ان قال بهدوء غريب
"لماذا كنتِ تعتذرين للورين بالمشفى ؟"
تخشبت بمكانها وهي تكتشف بأن كلامها كان مسموع له او انه كان يسترق السمع عليهما ! لتخفض كفيها وهي تقول بخفوت مرتبك
"كنت اعتذر لأنني...لأنني تأخرت بالوصول لها...ولم استطع الايفاء بوعدي لها بحمايتها"
غرست اسنانها بطرف شفتيها ما ان بدأت تنطق بالهراء حتى قال لها بتعجب
"عجيب !"
التفتت نحوه بسرعة وهي تهمس بتوجس
"ماذا ؟"
ادار نظراته جانبا وهو يقول بابتسامة باردة
"لقد اجبتِ على السؤال مباشرة ، لم تتواقحي بالرد او تناقشيني ، وهذا بحد ذاته شيء يدعو للتعجب !"
امتعضت ملامحها وهي تدير رأسها وتغلق جانبها من الخزانة ثم غادرت من امامه بقوة ، توقفت عند باب الغرفة وهي تكتف ذراعيها فوق صدرها وما ان التفتت نحوه حتى لمحت قبضته الحمراء الممسكة بباب الخزانة والكدمات واضحة عليها تدل بأنه دخل بعراك مع احدهم !
لوت شفتيها جانبا وهي ترجح بأنه تعارك مع ذلك المختل العقلي الذي اذى شقيقته بشدة ، ويبدو كان عراك محتدم جدا من آثار الكدمات على قبضته افرغ به كل غضبه الذي كبته طويلا ! ولأول مرة تسعد لشيء يفعله بحياته به مناصرة لشقيقته التي تكون دائما بمكان الضحية وقد آن الاوان لتسترد حقها ممن اذوها !
تنفست سراب بقلة حيلة وهي تحزم قرارها وتكمل طريقها خارج الغرفة ، وبعدها بدقائق كانت تعود مجددا وهي تحمل طبق صغير يحوي على الزيت الطبيعي بيدها ، وما ان رأته جالس على طرف السرير بعد ان بدل ملابسه وهو يشرد بالأرض حتى اتجهت له من فورها واستقرت امامه ، لتبادر بعدها بمد طبق الزيت نحوه وهي تقول ببهوت
"ضع منه على ظاهر يديك ، سيساعد بتخفيف الكدمات"
رفع نظراته بجمود وهو يحدق بالطبق بيدها قائلا بخواء
"ما هذا الشيء ؟"
زمت شفتيها وهي تقول من بينهما بوجوم
"زيت زيتون ، وهو مرهم جيد لكل انواع اصابات الجلد ، وقد كانت امي تضع منه كثيرا لي"
حدق امامه بصمت بدون اي تعبير حتى قالت مجددا بنفاذ صبر
"ماذا تنتظر ؟ ضع منه على يديك كي لا تلتهب او تتجرثم جروحك"
ابتلعت ريقها بارتعاش ما ان سلط نظراته نحوها وقد بدت مخيفة لها لأول مرة ، ليقول بعدها بخفوت ساخر
"منذ متى كنتِ تهتمين بأمري ؟ هل اصبحتِ ذات قلب رهيف عليّ ؟"
ضمت شفتيها بصمت حتى نهض فجأة عن السرير وهو ما جعلها تتراجع خطوة للخلف تضم الطبق بأصابعها ، وما ان كاد يتحرك حتى اعاقت طريقه بسرعة وهي تمد الطبق قائلة بإصرار
"على الأقل ضع القليل منه قبل ان تغادر ، فلا يجوز كل هذا الإهمال"
نقل نظراته بعيدا وهو يتجاوزها قائلا بخشونة
"دعيني وشأني"
توقف ما ان امسكت معصمه بأصابعها النحيلة وما ان التفت نحوها حتى اصبحت امامه بلحظة وهي ترفع قبضته وتغطسها بطبق الزيت بيدها الاخرى ، لتقول بعدها بتذمر وهي تبعد قبضته عن الطبق برفق
ما كل هذا العناد ؟ تتصرف مثل الاطفال !""
رفع حاجبيه بدهشة وهي تسمره عن الحركة ما ان ذكره كلامها بشخص آخر يعرفه جيدا فلا احد يكلمه هكذا غيرها ! كم غريب ما يحدث معه فهي بكل مرة تذكره بها يعود قلبه بنبض بشدة مثل مراهق صغير لم يصل للثانوية بعد ! فهل هذه حالة حب متأخرة ام انه لم ينساها بعد ووجودها امامه يذكره بها ؟
حرك رأسه وهو يحاول التركيز بحركاتها وهي تمسح على ظاهر كفه بأناملها الرقيقة تنشر الزيت عليه بعناية ، لتنتقل لقبضته الاخرى وتفعل معها ما فعلته بالأولى وكأنها طبيبة منزلية تعالجه بمكونات طبيعية !
سرقته من افكاره ما ان قالت بخفوت رقيق
"لقد سعدت جدا من تصرفك"
رفع نظراته نحوها يعطيها تركيزه بالكامل لتصدمه ما ان تابعت كلامها بابتسامة عاطفية
"لقد حصل على ما يستحقه منك ، وحتى قليل عليه ما حدث له ، كان يجب ان تحطم عظامه وتوصله لحالة اسوأ من الموت"
ادار نظراته بعيدا وهو يستجمع نفسه لبرهة قبل ان يقول ببساطة
"لم افعل هذا كي اسعدكِ"
تركت سراب كفه وهي تحرك كتفيها قائلة ببرود
"اعرف ذلك ولا اكترث"
انسحبت من امامه وهي تحرك رأسها وترمي شعرها البني خلفها حتى اغمض عينيه واستنشق عبير ذلك الحرير البني ، ولم يفق ألا عندما سمع صوت اغلاق باب الغرفة خلفها ، ليعود بعدها لوعيه وهو يرتمي جالسا على طرف السرير ويسند يديه على ركبتيه قائلا باستياء
"ما لذي انتابني لوهلة ؟ تبا لإغواء النساء !"
_________________________
سار بممر المشفى وهو يحرك رأسه بصمت لكل من يسير بمحاذاته ويجر عربة الادوية امامه ، وما ان دخل بممر آخر حتى اختلى مع نفسه وبانت ظلمة البحر الاسود بعيناه وهو يحدق امامه بقسوة تجردت من الرحمة ، ليعدل الكمامة امام وجهه يغطي انفه وفمه ورداء الممرضين عليه وهو يدخل للغرفة التي وصل لها .
توقف عند باب الغرفة وهو يراقب الجسد النائم فوق السرير بسكون ، ليتابع طريقه وهو يجر العربة سنتمترات قبل ان يتركها ويتجه لجانب السرير ، استقر بعدها بجانبه وهو يميل بجسده نحوه يفحص سرعة انفاسه ، وما ان اطمأن بأنه غاط بالنوم تماما حتى قال بابتسامة ظهرت بعينيه الموحشتين
"نم ، نم قرير العينين ، وتنعم بنوم ابدي بالعالم الآخر"
رفع رأسه وهو يخرج من جيب ردائه حقنة كبيرة يتأملها بإمعان صامت ، لينقل نظراته نحوه وهو يهمس بخفوت ساخر
"يجب ان تسعد فأنا اليوم سأمحنك موت سهل بدون اي ألم عكس كل من مات قبلك ، سأريحك من هذه الحياة القاسية"
تغضنت جانبي عينيه بتجاعيد طفيفة وهو يرفع رأس الحقنة عاليا ويقول بخفوت قاتم
"لقد انتظرت هذا اليوم ثمانية عشر عاما ، وقد جاء الوقت المنشود اخيرا"
قرب الحقنة من كيس محلول المصل وهو يمسكه بيده الاخرى قائلا بحقد
"سلم لي على والدتك وقبلها من اجلي ، فأنا احبها كثيرا"
اخفض الحقنة بلمح البصر ما ان سمع صوت خطوات متعثرة تتسلل للغرفة خفية ! حتى اتضحت صورتها وهو يشاهد كائن صغير الحجم لا يوازي مرفقه ينظر إليه بعينين كبيرتين متفاجئتين تكاد تعري روحه امامها ! لتصدمه اكثر ما ان همست بصوت رقيق يكاد لا يسمع
"من انت ؟"
تمالك نفسه بسرعة ما ان اصبح بموضع مثير للشبهة وهو يلوح بيده جانبا قائلا بابتسامة
"انا...انا الممرض المشرف على فحص الغرف"
كانت تنظر له بصمت غريب وهي تهمس بنفس الصوت الخافت
"وماذا كنت تفعل ؟"
عقد حاجبيه بقوة وقد بعثرت هذه الصغيرة كل افكاره ومؤامراته وكأنها تملك مقدرة على سلب اغوار الشخص ! لتتحفز اطرافه ما ان بدأت تتقدم نحوه وهي تعرج تقريبا ولا يعلم كيف وصلت اساسا لهذه الغرفة ! وكيف تستطيع الحفاظ على اتزانها بهذا الضعف ؟
افاق على نفسه ما ان صدمت قدمها بعربة الادوية وهي تتأوه بألم ، ليقول من فوره وهو يتقدم نحوها بقلق
"هل انتِ بخير ؟"
تجمد بمكانه ما ان تبدلت نظراتها للصدمة لينتبه حينها بأنها تحدق بالحقنة بيده والتي كشفها بدون ان يشعر ! ليقول بعدها بارتباك وهو يلوح بيده بالحقنة
"هذه حقنة دواء ، دواء من اجل المريض...."
صمت ما ان شعر بغباء ما يقوله قبل ان يخفض كفه قائلا بخشونة
"من تكونين اساسا ؟ وماذا تفعلين هنا ؟"
شخصت عيناها بصدمة اكبر عندما لم يتعرف عليها بالرغم من ان كل اطباء القسم باتوا يعرفون من تكون ! فهل هو ممرض جديد ام شخص مجهول ؟ او ممكن ان يكون...
ابتلعت ريقها بتوجس وهي تتمسك بيديها بمقبض العربة وتتراجع خطوة للخلف ، وقبل ان يصدر ردة فعل اخرى كانت تقول بصوت مرتعب ارتفع فجأة عن الحد المسموع
"إلياس !"
شحبت ملامحه وهو يدير نظره بسرعة نحو الذي فتح عينيه وتأهب بجلوسه بثواني وكأنه سمع نداء استغاثة ! وقد تصوبت نظراته عليهما بعينين رماديتين مسكونتين وكأنها صحوة ذئب لم يدخل النوم إليه قبل لحظات !
عاد بنظراته لها وهو يحرك رأسه قائلا بشبح ابتسامة
"إذاً انتِ زوجته ، كان يجب ان اتوقع ذلك ! يبدو بأنكما متصلان جدا ببعضكما فلم تفلح كل طرقي بتفريقكما !"
وقف بنظراته عليها وهو يصوب ابرة الحقنة نحوها قائلا بعزم
"لذا قررت حلي الاخير هو القضاء عليكما معا"
تعاقبت انفاسها وهي تشد بأصابعها على مقبض العربة وبدون ادنى تفكير كانت تدفعها بكل قوة حتى صدمته وجعلته ينحني على نفسه بتألم ، وما ان سارت بعرج نحوه تنوي تجاوزه حتى باغتها بعرقلة قدمها وايقاعها ارضا بقوة وهي تتأوه بوجع ، ليصرخ إلياس بوحشية وهو ينزع المصل عن يده بكل عنف
"ايها الحيوان الحقير !"
وقبل ان يقترب منها كان يندفع عليه مثل الوحش يلكمه بوجهه بكل وحشية يودي كل عنفه وقوته بقبضته ، تراجع للخلف وهو يسعل بقوة ويشتم بغضب ليغطي الكمامة بأصابعه يعدلها على وجهه قائلا بسخط
"اللعنة عليك يا ابن مريام...."
امسك به من عنقه وقبضته تنبض بالشرايين البارزة وهو يقول بجنون والحقد يملئ عيناه
"ماذا قلت يا عديم الشرف ؟ اقطع لسانك هذا واطعمه للكلاب الضالة إذا قلت اسم امي على لسانك !"
تغضن جبينه بخطوط واضحة وهو يقول بكل قسوة
"امك التي تتكلم عنها باعتزاز خانتك وخانتني ، انها مجرد ..."whore
اطبق على اسنانه والاحمرار يكاد يخرج نيران من عيناه وكأنهما الجحيم بحد ذاته ، ليقول مجددا كلمة اخرى ولكن بالعربية
"مشمئز"
نحتت ملامحه مثل الاسفلت بدون اي حركة بعضلاته حتى استغل الفرصة وهي يغرز الحقنة بكتفه المصابة بكل قوة ، ليخرج صرخة متوجعة وكأنها صرخة وحش جريح هزت اركان الغرفة وقصفت جدرانها ، لتهب لورين واقفة متجاوزة كل الألم بركبتها وهي تسير بسرعة وتهجم على ذراعه تكاد تتعلق بها صارخة ببكاء
اتركه ، ارجوك اتركه""
نزع قبضته عن عنقه ثم دفعه بقدمه حتى اوقعه على طرف السرير الحديدي ، لينقل نظراته للضحية الاخرى وهو يمسك بيدها قائلا بجنون
الآن جاء دوركِ""
تجمد النفس بحلقه وهو يقع اسير عيناها الخضراوان الدامعتان ليس بسبب جمالهما الساحر بل بسبب شبههما بشخص عزيز عليه وقريب منه دائما وهي غجريته ، تكاد تكون نسخة عنها بطريقة النظر إليه وبكائها وعيناها ! هل كل هذا شبه وهي لا تربطها بها اي صلة ؟
استجمعت لورين شجاعتها وهي تشب بسرعة اسنانها بيده الممسكة بها تغرسها بكل قوتها ، ليدفعها بعدها بغضب حتى سقطت بحضن إلياس وهي تبكي بألم ، ليسمع بعدها حركة بالجوار وهو ما جعله يتحرك بسرعة يمسك بالعربة ويجرها خارج الغرفة ، وما ان اختفى حتى نهضت لورين بسرعة عن حضنه وهي تهمس بخوف
"إلياس هل انت بخير ؟ إلياس رد عليّ ! رد عليّ...."
امسك بجانب وجهها وهو يتنفس بصعوبة قائلا بخفوت
"نعم بخير ، بخير حبيبتي ، كيف انتِ ؟"
حركت رأسها بارتجاف وهي تهمس بتحشرج
"نعم بخير ، ولكن انت ! انت....."
شهقت بلوعة ما ان رأت بقعة دماء كبيرة على كتفه ظهرت من خلال قميصه الشفاف حتى همست بوجل
"كتفك ينزف ! انت تنزف...."
رفع نظراته نحوها والعرق يتصبب فوق جبينه وهو يهمس بإنهاك
"لورين اهدئي...."
استندت بسرعة بالسرير وهي تقف بصعوبة وما ان استقرت على قدميها حتى عرجت باتجاه الباب وهي تصرخ باستنجاد
"ألحقونا ، ألحقونا ! إلياس ينزف ! كتفه ينزف ! فليساعدنا احد..."
غاب عن الوعي ثواني يريح نفسه قبل ان ينتشله ايدي الممرضين وهم يحاولون حمله ، وهناك مسعف من بينهم كان يقول بحزم
"بسرعة ابلغوا الطبيب المختص بحالته ، واحضروا كل الادوات اللازمة لإسعافه ، لدينا مريض ينزف !"
تحرك الممرضين بكل مكان وهو يستلقي بالنهاية فوق الفراش المريح ، ليرى صورة ملاكه الابيض للمرة الاخيرة وهي تبكي عليه قبل ان يأتي احدهم ويغطي صورتها عنه ويبدو يحاول سحبها خارج الغرفة ، ولكنها كانت تعاند به وهي تتوسل له ببكاء
"ارجوكِ اريد البقاء بجانبه ، ارجوكِ دعيني ، دعيني ابقى"
ولكن الممرضة لم ترضخ لها وهي تقول بحزم بدون ان تتأثر بدموعها
"عليكِ بالمغادرة يا سيدة لورين فأنتِ هنا تعيقين عملنا بإنقاذه ، لذا هيا غادري لغرفتك"
واستطاعت التغلب على عنادها بنهاية المطاف وهو يراقب الممرضة تسحبها خارج الغرفة بدون ان يستطيع رؤيتها مجددا ، فقد غط مباشرة بنوم عميق وارتسمت ابتسامة مطمئنة على محياه بعد ان عرف بأن هناك من سيبكي عليه بعد موته....

يتبع....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-07-24, 03:37 AM   #566

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 818
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

انتفض الطفل الجالس بأرض المطبخ بوجل بعد ان اسقط قدر الأرز ونثر قطع الطعام بكل مكان ، ليرتجف قلبه الصغير ما ان جاءت والدته مثل المدفعية وهي تصرخ بهياج غاضب
"ماذا فعلت ايها المشمئز ؟"
تجمدت بمكانها وهي تجول بنظراتها بالمكان المتسخ بالكامل وكأنه فيضان غرق كل الارض بالطعام ! لتتقد الشرارة بعيناها الزرقاوان وهي تقترب منه بخطوات غاضبة حتى تراجع الطفل للخلف برعب ، لتشير بعدها بأصبعها حولها وهي تصرخ باستهجان
"لماذا فعلت هذا ؟ هل تتقصد ازعاجي واثقال المهام على عاتقي ، ألا تستطيع ان تريحني بشيء واحد ! لماذا قلبت المكان هكذا ؟"
رفع عيناه المغرقتان بالدموع وهو يهمس بتبرم طفولي
"كنت اريد...اريد تناول الطعام ، فأنا جائع"
ضربت بيدها جانبا وهي تصرخ بغضب اكبر
"وهذا ليس وقت الغداء ، كان يجب ان تتناول وجبتك بالوقت المناسب ، من سمح لك بدخول المطبخ والعبث بدون إذني ! من سمح لك !"
اخفض رأسه بسرعة برضوخ وهو يهمس ببحة باكية حاول كتمها
"انا...انا آسف ، آسف يا امي...."
"اصمت ، لا تسمعني صوت نواحك ، لا اريد سماعك اكثر"
تنفست بقوة وهي تدير نظراتها بعيدا هامسة بقهر
"تتصرف مثل والدك ، تدمران كل شيء وانا من يجب ان تصلح من خلفكما ، دمرتما حياتي وانا ما زلت انظف وامسح كل شيء تفعلانه ، ما فائدتكما بهذه الحياة ؟"
ابتلع دموعه بصمت وهو يكور قبضتيه على جانبيه ثم ابتعدت من امامه والتقطت ممسحة من فوق المجلى ، لتعود بعدها نحوه وهي تنحني على ركبتيها وتمسح الارض بالمنشفة القطنية وتتمتم بكره
"مثير للاشمئزاز ، مثير للاشمئزاز ، انت ووالدك مشمئزان ، جميع من بهذه العائلة مشمئز !"
رفع نظراته نحوها وهو يسمع هذه الكلمة منها منذ ولادته حتى علقت بذهنه ولسانها لا ينطق بغيرها ، لتشد على المنشفة بأصابعها وهي تهمس بغضب منفعل وكأن الغضب بداخلها لا حدود او نهاية له
"متى سأتخلص منكما ؟ متى سأرتاح بحياتي ؟ عائلة مشمئزة ، مشمئزة"
اختنقت انفاسه ما ان سلطت نظراتها نحوه بكل هذه السوداوية بقلبها وهي تهمس بازدراء
"مشمئز"
فتح عينيه بقوة يفيق من احلامه التي هي عبارة عن كوابيس من مشاهد لحياته الماضية ، واليوم تكررت بسبب شخص اعاده لذلك الماضي وتلك الحقبة الزمنية التي لا تنسى من حياته وتركت الألم والوجع بداخله مثل وشم قديم !
دار بنظره بسرعة وهو يتعرف على غرفته بالمشفى والتي لم تتغير قط وكأنه يقترب من الموت ثواني ثم تعود الحياة لسحبه مجددا ، وهذا ما كان يحدث معه طول سنواته من بعد وفاة والديه حتى هذا العمر !
استفاقت كافة حواسه ما ان لمح الكائن المخالف للمكان جالس على الكرسي بجانبه ويغفو على ذراعه ، كانت تغفو مثل الملاك الصغير تريح جانب وجهها على مرفقها الأيسر وتمسكه بأناملها البيضاء الصغيرة ، بينما ترفع ساقها اليسرى السليمة تضمها لطرف الكرسي وتترك ساقها الاخرى متدلية للأسفل ، واما شعرها الاسود الحريري فقد كان يغطي جبينها وخديها وهو متحرر من وشاحها الذي وصل لنصف رأسها...
انتفض بسرعة قبل ان يمسك كتفه ما ان آلمته فجأة ويبدو لم تلتئم بعد ، ليجلس بعدها باعتدال ويسند ظهره للخلف براحة ، عاد بنظره لها وهو يلتفت نحوها ويمد كفه قائلا بقوة
"لورين ، يا لورين"
انتفضت جالسة بخوف وهي تتلفت حولها قبل ان تقع نظراتها عليه وتدخل السكينة لقلبها تلقائيا وكأنها كانت تعيش كابوس وانتهى الآن ! لتنزل ساقها الاخرى وتفرك عينيها بقبضتها وهي تتثاءب بنعاس ، ليبدد الصمت بعدها وهو يقول بقوة
"صباح الخير"
نظرت له بارتباك وهي ما تزال تستوعب وجوده امامها قبل ان تهمس بإدراك
"هل...هل كنتِ تناديني قبل قليل ؟"
اومأ برأسه وهو يحرك كفه نحوها قائلا بخفوت اجش
"نعم"
ردت عليه بسرعة وهي تجلس بتأهب
"ماذا تحتاج ؟ هل تريد ان تطلب شيء ؟ ماء او طعام او احضر الممرضة...."
قاطعها بصوت مرتخي مليء بالراحة
"انا احتاجكِ"
تسمرت بمكانها لوهلة وهي تهمس بغباء
"ماذا ؟"
ضم شفتيه وهو يقول بتذمر
"يعني تعالي إلي ، اريدكِ بجانبي"
توردت وجنتيها بحياء وهي تحرك رأسها هامسة بوجوم
"ولكنك انت...مصاب الآن..."
"انسي اصابتي وتعالي ، هيا يا لورين ، لا تدعيني اسحبك بنفسي"
تنفست لورين بقلة حيلة وهي تنهض عن الكرسي وتعرج باتجاهه وما ان وصلت له وجلست على الطرف حتى سحبها من ذراعها واسقطها بجانبه على السرير ، لتلتفت نحوه بسرعة هامسة بخفوت منفعل
"ماذا تفعل ؟"
غافلها بقبلة مفاجئة وهو يمسك جانب وجهها بكفه ويحتضن خصرها الغض بذراعه يقربها منه ، وما ان رفع رأسه يتنفس بقوة حتى شدها لصدره يحتضنها بعنف ويلف ذراعيه حولها وهو يغرق وجهه بشعرها الاسود الكثيف برائحة الفواكه المنعشة يستمتع بطفولتها وبراءتها ، ليهمس بعدها بجانب اذنها وهو يقبل خصلاتها بشفتيه يستنشق رائحتها بهوس
"آه لقد كدت افقد جمال قبلاتك ، وشعرك ، واحتضانك ، ظننت نفسي سأفقدهم للأبد !"
ابتسمت بصعوبة وهي تحاول مجاراة عاطفته المجنونة وترفع كفيها لظهره تحتضنه بحنان وبالقدر الذي تستطيع ، لتتأوه بألم ما ان لامس جبينها برأسه ليبعد نفسه بسرعة وهو يقول بتهدج
"ماذا ؟ ماذا حدث ؟ هل آلمتكِ ؟"
حركت رأسها بالنفي وهي تهمس بابتسامة بريئة
"كلا لم تؤلمني"
عبست ملامحه وهو يرفع كفه لجبينها ويلمس مكان اللصقة الطبية بأصبعه قائلا بجدية
"هل تؤلمكِ ؟"
غضنت جبينها الصغير بألم وهي تهمس بخفوت
"نعم...نعم قليلا"
ابعد اصبعه وهو يقرص خدها قائلا بحزم
"إذا آلمتكِ قولي يا غبية ، لا تبقي صامتة وتخيفيني اكثر"
رفعت حدقتيها الواسعتين وهي تهمس بخفوت رقيق
"لم اكن اتألم ، ولكنك قوي جدا لذلك آلمتني"
عض على طرف ابتسامته وهو يشد ذراعيه حولها ويضع جبينه فوق جبينها بلطف قائلا بحماس
"الآن سأريكِ مدى قوتي ، هل تريدين التجربة ؟"
انفرجت شفتاها الزهريتان لوهلة قبل ان يقطع نفسها ما ان ضمها لصدره بكل قوة كادت تحطم عظامها وهي تضرب بقبضتها الصغيرة هامسة بتذمر
"توقف ستحطم عظامي ، انت لا تدرك ذلك ، ولكن جسدي ضعيف جدا امام قوة كقوتك !"
زفر انفاسه براحة وكأنها انفاس وحش وليس بشري وهو يحررها اخيرا ، لتتنفس بعدها بسرعة وهي تضع كفها على قلبها ما ان كاد يخترق اضلعها ، لترتعش مفاصلها ما ان ضغط بكفه فوق كفها هامسا بخفوت مرتخي
"ولكنك غير مدركة لذلك ، بأنكِ انتِ مصدر قوتي"
شقت ابتسامة جميلة شحوب ملامحها وهو يقترب منها ويسرق قبلة من شفتيها الباسمتين ، ليتراجع بعدها وهو يقول بجدية
"ماذا تفعلين بغرفتي بينما لديك غرفة خاصة بكِ ؟"
تبرمت شفتيها بعبوس وهي تخفض نظرها هامسة بحزن
"كنت خائفة عليك ، ولم استطع النوم من التفكير والقلق"
اسند مرفقه على الوسادة وهو يضع جانب رأسه فوق قبضته قائلا بهدوء
"بالرغم من انه تم منعكِ من الدخول"
كورت شفتيها بامتعاض وهي تضم كفيها هامسة بخفوت
"حتى لو منعني الجميع عن القدوم لن اتوقف عن المجيئ إليك"
مالت ابتسامته بعطف وهو يرفع يده ويحضن كفيها ثم قربهما من شفتيه وقبلهما بشغف ، ليهمس بعدها بخفوت ساحر
"ماذا كنت فعلت لولاكِ يا ملاكي ؟ انا اصبحت لا شيء بدونكِ ، فلا استطيع العيش لحظة واحدة بدون قزمتي"
رفعت حدقتيها بلحظة وسرعان ما ظهرت الحدة بهما وهي تسحب كفيها وتهمس بحنق
"انا لست قزمة...."
امسك مؤخرة رأسها بكفه وهو يقربها منه ويضع جبينه فوق جبينها برقة بدون ان يؤلمها ، ليقول بعدها بنشوة كبيرة
"واخيرا عدتِ لطبيعتك !"
عقدت حاجبيها السوداوين بقوة قبل ان يقبل خدها وجانب وجهها برقة وصولا لعنقها البيضاء من تحت ياقة قميص المرضى ، وما ان كانت ستتمرد حتى ابعد مرفقه من تحت رأسه واحتضنها من تحت ذراعيها يحكم امساكها بمهارة بدون مجال للفرار...ليشد بعدها الوشاح ويسقطه عن رأسها وهو يستمر بقبلات متلاحقة على بشرة عنقها ونحرها كادت تودي بها وهي تشعر بنفسها تنسحب تدريجيا لفخه الناعم كما حدث بآخر مرة سلمته بها نفسها....
انتفضت بذعر ما ان فتح باب الغرفة واقتحمه فجأة الذي ما ان وجدهما بهذا الوضع حتى استدار عنهما وهو يقول باستنكار
"يا للهول !"
تشربت ملامحها بالاحمرار حتى شعرت بالدماء الحارة تخرج من رأسها وهي تزحف بعيدا عنه وتنزل ساقيها على طرف السرير ، بينما اعتدل إلياس بجلوسه وهو يحرك كفه قائلا باستياء
"هيا استدر إلى هنا ، لقد افسدت الأمر برمته اساسا"
تلفت حوله ثواني يطمئن بأن الوضع آمن قبل ان يستدير نحوهما قائلا بغضب
"ما لذي تفعلانه ؟"
تنفس إلياس بضيق وهو يقول بوجوم
"أليس هناك اي نوع من الخصوصية !"
احتدت ملامحه وهو يستشيط غضبا ليلوح بذراعه جانبا قائلا باستنكار
"سحقا لك ولخصوصيتك ! هذه غرفة مشفى وليست غرفتك الخاصة !"
ادار عيناه بعيدا وهو يقول بتشدق
"انتم من لم تسمحوا لي بمغادرة المشفى ، لذلك بدأت اعتاد عليها وافعل بها كل شيء مثل غرفتي الخاصة"
رفع يديه لرأسه يشد شعره وهو يقول بصبر
"لا حول ولا قوة إلا بالله"
ضم طرف شفتيه بضحكة صامتة قبل ان يتابع سفيان وهو ينفض يديه بغضب
"وايضا انت خرجت من الموت بالأمس ، ألا تدرك حجم المصيبة التي خرجت منها !"
نظر له ببرود وهو يحرك كفه قائلا ببساطة
"لقد كبرتها كثيرا ، مجرد حقنة سامة ! ليست بشيء خطير !"
ضغط على اسنانه باشتعال وهو يشير بأصبعه نحوه قائلا بتهديد
"إذا قلت كلمة غبية اخرى اعدك ان احقنك انا بتلك الحقنة ! فصبري انا له حدود"
رفع حاجبيه بدهشة وهو يحرك كتفيه بصمت ، لينقل نظراته للورين الصامتة وهي تنكس برأسها ارضا بدون ان تفتح فمها ، ليخفض كفه وهو يقول بنبرة حازمة
"وانتِ ماذا تفعلين هنا ؟"
قشعر بدنها بقوة وهي تشد قبضتيها معا هامسة بخفوت متلعثم
"كنت اطمأن...اطمأن عليه ، فقد قلقت...على صحته"
امسك إلياس بكفها بقوة يسحبها نحوه وهو يقول بثقة
"إياك ان تقربها فهي شريكتي بالجريمة"
حرك رأسه بيأس وهو يقول بعدم تصديق
"من ماذا انت مصنوع ؟ بعد كل المصائب التي تعرضت لها لم تتأثر ولو بمقدار ذرة ، وايضا تستمتع بوقتك ! انت لست بشري طبيعي !"
تدخل صوت من الخارج وهو يقف بجانبه قائلا ببساطة
"هذا لأنه ليس بشري بل افعى كوبرا ، وجسد الافعى صلب جدا لا يتأثر بأي رصاص او سموم ، أليس كذلك ؟"
اشار بأصبعه الإبهام وهو يقول بموافقة
"لقد اصبت بقولك ، افعى الكوبرا تملك قوة تستطيع التغلب بها على الجميع"
رمقه سفيان بطرف حدقتيه وهو يقول بوجوم
"حتى انت يا حذيفة تسخر !"
عاد سفيان بنظره له وهو يشير بأصبعه نحوه قائلا بجفاء
"إذا كانت ستتم تسميته فيجب تسميته بالأفعى المنحرفة !"
انفجر من الضحك لأول مرة وهو يربت على صدره بكفه قائلا بنشوة
"اعجبني الاسم كثيرا !"
اشاح بوجهه جانبا وهو يقول بغضب مكتوم
"يا صبر أيوب !"
بينما كانت لورين تحترق بمكانها وحجمها يتضاءل وهي تتمنى ان تنشق الأرض الآن وتبتلعها ، ليقول حذيفة بعدها بجدية
"حمد لله على سلامتك ، ومبروك نجاتك من الموت"
تغضنت طرف ابتسامته وهو يحرك رأسه قائلا بلباقة
سلمك الله ، من يومك صاحب واجب""
سلط سفيان نظراته نحوه وهو يتقمص الشخصية الجادة قائلا بجمود
"اخبرني الآن ماذا حدث بالضبط ؟ ومن يكون هذا الشخص الذي تسلل لغرفتك ؟"
حرك كتفيه بجهل وهو يقول ببساطة
"لا اعرف من يكون ، ولماذا جاء ، وما هدفه ، ولكن ما اعرفه بأنه كان يسعى لقتلي بتسميم محلول المصل باستخدام حقنة سامة"
ساد صمت تام بالأرجاء ولم يسمع احد صوت انفاس لورين التي تسارعت بارتجاف متألم ، ليخطفها من افكارها بذراعه التي احتضنت كتفيها وقربتها منه وهو يقول بابتسامة جانبية جذابة
"ولكن لا احد منكما يعرف بأن ملاكي الحارس هو من انقذني ، لولاها ربما ما كنت نجوت منه ، لذا انا مدين لها بروحي لآخر يوم بحياتي"
رفعت حدقتيها نحوه وهي تبتسم بخجل تنسى كل مخاوفها السابقة وتستمتع بهذه اللحظة ، ليقول سفيان وهو يتنحنح بقوة
"من الجيد بأنكما كنتما معا حينها ، لقد نجوتما بأعجوبة من ذلك المجرم ، وبخصوص الحرس المهملين سأحاسبهم على هذا كل شخص على حدا"
اخذ انفاسه بهدوء وهو يتقدم منهما ثم وقف بقرب السرير قائلا بحسم
"لقد قررت بأنه الافضل للورين بقائها بمنزلنا هذه الفترة...."
"اعارض قطعا ، لن تذهب لورين بعيدا عني خطوة واحدة !"
حدق به بصمت بعد كلامه القاطع الذي اختلى من كل انواع المزاح ، ليشتت افكارهما صوت لورين وهي تقول بخفوت متزن
"وانا ايضا لا اريد الذهاب ، اريد البقاء مع زوجي ، ولن اتركه لوحده من بعد هذه اللحظة"
نقل نظراته بهدوء نحوها وهو يلمح الإصرار والقوة بعينيها الواسعتين بهالات حمراء حولهما ، رغم حالتها السيئة التي يرثى لها وخدوش وجهها واصابة ركبتها وهي لا تقوى على الوقوف تواجهه بقوة يراها عليها لأول مرة ! واما إلياس فقد كان يبتسم بالخفاء بسعادة غامرة وكأنه انتصر بأكبر حرب بحياته وكسبها اخيرا !
تنهد بهدوء وهو يومئ برأسه قائلا باستسلام
"حسنا كما تشاءان انتما الاثنان ، ولكن لن تمانعا إذا وضعت حرس حول منزلكما وامام مدخل الباب ، وهذا قراري النهائي"
اومأ إلياس برأسه بابتسامة وهو يقول بهدوء
"شكرا لك على تفهمك"
بينما اومأت لورين برأسها بأدب ، ليقول سفيان بعدها بجدية وهو يحرك رأسه لها
"إذاً هيا تحركي لأوصلك للغرفة واطمأن على وضعك قبل مغادرتنا ، وعندما نعود سأجهز اوراق خروجكما من المشفى"
امسك كفها وهو يسحبها من داخل احضانه لتشعر بكفها الاخرى ما يزال يشدها من ناحيته ، وما ان التفتت نحوه حتى قال بابتسامة شعرت بها حزينة اكثر منها مرحة
"لا تتأخري بالعودة إلي"
اومأت برأسها وهي ترسم ابتسامة رقيقة على محياها قبل ان تختفي ما ان اكمل سحبها واضطرت لتفلت كفه وكأنه يتم فصلها عنه ، وما ان وصل بها لباب الغرفة حتى التفت نحوها قائلا بضيق
"يا إلهي ! ضعي وشاحك على شعرك ، هل ستخرجين امام الناس هكذا ؟"
رفعت رأسها بإدراك وهي تتحسس شعرها المكشوف لتلتفت للخلف وتجد وشاحها ملقى ارضا بجانب السرير ، ليتجه حذيفة نحو الوشاح ويلتقطه عن الارض بثواني قبل ان يعود لهما ويسلمه لها ، اخذته لورين بحرج وهي تلفه حول شعرها بعشوائية والخجل يتآكل بداخلها ، وما ان انتهت حتى تنفس الصعداء وهو يسحبها خارج الغرفة بصمت ، ليلحقه حذيفة بالخروج وهو يلوح بكفه قائلا ببرود
"اعتني بنفسك جيدا يا رجل الرصاصة"
ابتسم بلا اي حياة قبل ان تموت بالكامل وهو يرجع رأسه للخلف ويحرك اصابعه بتوتر ، قبل ان يقول بهدوء غائم
"يجب ان اعرف ، يجب ان اعرف حقيقته قبل ان يقتلني الشك"
________________________
تأففت بنفاذ صبر وهي تكتف ذراعيها فوق صدرها هامسة بخفوت حانق
"ما لذي نفعله بالضبط يا امي ؟"
رفعت رأسها الواقفة بجانبها وهي تحمل صينية مستديرة بغطاء مزخرف فوقها بذراعها وتمسك طرفها بيدها الاخرى قائلة بهدوء واثق
"نكمل طقوس هذا الزواج وهو آخر طقس والذي يسمى بالصباحية"
شدت بقبضتيها على ذراعيها وهي ترمقها بطرف حدقتيها هامسة بسخرية
"انتِ تأخذين هذا الزواج على محمل الجد ! حقا !"
ردت عليها بهدوء خفيض بدون ان تتأثر بحنقها وسخريتها
"يجب القيام بكل عادات وتقاليد مجتمعنا على اكمل وجه مهما كنا غير مقتنعين وغير راضيين"
ضمت شفتيها بأسنانها وهي تهمس بغيظ
"يا لها من عادات بالية عفى عنها الزمن ، وماذا لديك ايضا ؟ هل هناك طقس لتمجيد الزوجة وفرش البساط الاحمر تحتها ؟"
ادارت عيناها جانبا وهي تهمس بجمود
"مهما تقدمنا بالزمن ودخل التجديد لحياتنا سنبقى ابناء الجيل القديم ولن يغير هذا من حقيقتنا وافكارنا"
عقدت حاجبيها وهي تلتفت نحوها وترفع اصبعها لذقنها قائلة بإدراك
"صحيح أليست عائلة العروس من تفعل هذا ؟ لماذا نحن من نقوم بهذا الطقس ؟"
تلبدت ملامحها بسطح جليدي وهي تقول بخفوت متزن
"وعائلة العروس غير موجودة ، فمن سيفعل هذا الطقس غيرنا ! على احدهم ان يقوم بهذه العادات ونحن افضل من نقوم بها كي لا يكون هناك تقصير بالزواج"
اعتلت ابتسامة باردة ملامحها وهي تضم اصبعها بقبضتها وتخفضها على جانبها هامسة بوجوم
"هل اصبحنا الآن من عائلة العروس ؟"
زفرت انفاسها بقوة وهي تقول بنبرة صلبة
"لا تجادلي بشيء انتِ جاهلة تماما به"
اعادت نظراتها امامها وهي تقول بتهكم
"اصبحت اعرف الآن ، تفعلين كل هذا كي تكسبي ثقتهم وتعاطفهم بعد دخول ابنك للسجن...."
"سلسبيل لا تتكلمي اكثر !"
صمتت وهي تبتلع ريقها ببؤس قبل ان تتابع كلامها بقوة وهي تشد بيدها على الصينية فوق ذراعها
احيانا يجب علينا ان نقدم تنازل من اجل تمشية مصالحنا""
لوت شفتيها جانبا وهي تهمس بنقمة
"مصالحك انتِ ، وماذا عن مصالحي انا ؟"
رمقتها بطرف حدقتيها وهي تنوي الكلام قبل ان يسبقها انفتاح الباب امامهما وظهور الخادمة التي انحنت بأدب ، لتتقدم شهيرة بسرعة وبدون كلمات ترحيب كانت تسلمها الصينية وهي تقول بأمر
"امسكي الصينية جيدا وإياكِ ان تميل معكِ"
امسكت بها بسرعة تضعها فوق ذراعها وهي تشير بيدها الاخرى قائلة بتهذيب
"تفضلوا بالدخول"
لوحت بكفها نحوها وهي تقول بصرامة
"لا نحتاج دعوتك للدخول ، وارسلي الخدم ينزلوا باقي الاغراض من حقيبة السيارة ، هيا بسرعة"
عقدت حاجبيها وهي تهمس مع نفسها بدون ان تعلم بأن صوتها مسموع
وما هي المناسبة يا ترى ؟""
حدقت بها بقوة وهي تمسك خصرها بيدها قائلة بفخر
"هذه من اجل صباحية ابني حذيفة"
نظرت لها بارتباك بدون ان تنطق بكلمة وقد تجمدت عن الحراك ، لتلوح بكفها وهي تصرخ بغضب مفاجئ
"هيا تحركي ، ماذا تنتظرين عندكِ ؟"
اومأت برأسها باهتزاز وهي تتمسك بالصينية وتغادر بسرعة من امامها ، بينما قالت سلسبيل التي انضمت لها عند مدخل المنزل
"يا لها من مهزلة !"
قاطع افكارهما صوت الطفل الواقف بقرب والدته وهو يشد بنطالها الجينز
"امي اريد الذهاب للحمام"
نظرت له بحدة وهي تقول باستنكار
"هل هذا وقته ؟ ألم تعرف الذهاب قبل خروجنا !"
تبرمت شفتيه الصغيرتين بعبوس وهو يكاد يبكي من ضغط نفسه ، لتنادي شهيرة من فورها بصوت مرتفع
"اسماء ، تعالي يا اسماء"
جاءت الخادمة المقصودة ركضا وما ان وقفت امامهما حتى اشارت بكفها للطفل وهي تقول بأمر
"خذي انس لدخول الحمام ، هيا بسرعة"
امسكت بكف الطفل وغادرت معه باتجاه السلالم ، لتتحرك شهيرة وهي تجتاز البهو الواسع وابنتها خلفها ، وما ان وصلت لغرفة المعيشة حتى جلست على الاريكة بأريحية تضع ساق فوق الاخرى ، لتراقب ابنتها المخبولة وهي تتلفت حولها وانظارها تبحث بكل زاوية بطريقة مكشوفة !
قالت شهيرة بعدها بخفوت حازم
"تعالي واجلسي بجانبي ، وتوقفي عن جلب الشبهة لكِ بحركاتك"
نقلت نظراتها لها ببرود قبل ان تتدخل الخادمة وهي تقول باحترام
"ماذا تحبان ان اضيفكما يا سيدتي ؟ قهوة او عصير...."
قاطعتها وهي تحرك كفها قائلة بصرامة
"حضري لي كوب قهوة ثقيلة وبجانبها كأس ماء ، واطلبي من خادمة الصعود للأعلى واخبار حذيفة وعروسه بحضورنا للصباحية ، هيا اعملي ما طلبته منكِ بسرعة"
اومأت برأسها وهي تنسحب بصمت وتغادر بسرعة باتجاه المطبخ ، غابت بعدها دقائق قبل ان تعود بصينية تحوي فنجان قهوة وكأس ماء بجانبها ، وما ان وقفت بقربها حتى وضعت الفنجان وكأس الماء فوق الطاولة الزجاجية وهي تقول باحترام
"بالهناء والشفاء"
غادرت بعدها بصمت بينما كتفت سلسبيل ذراعيها وهي تشاهدها بجمود ، ليسرق نظرها مشهد والدتها وهي تحمل فنجان القهوة بأصابعها وقريب من شفتيها بدون شربه وهو امر غير مألوف لها ! لتقول بعدها بخفوت مستفهم
"ما لذي اصابكِ ؟"
تنفست بهدوء غريب بدون ان تبعد الفنجان من امامها وهي تهمس بوجوم
"لقد جاءت القروية"
عقدت حاجبيها باستغراب اكبر وهي تلتفت بسرعة للخلف وتتوقف على مرأى الفتاة الصغيرة التي تقدمت نحوهما ، لم تكن الفتاة التي تعرفها بذلك اليوم بملابسها القديمة وهيئتها الرثّة الهزيلة ! بل كانت تبدو مثل الآنسات الصغيرات اللواتي يملكن الجمال والعز والجاه والاهتمام الخاص بالبشرة التي يجعلها دائما نقية وبيضاء وناعمة ! ترتدي ملابس حريرية فاخرة مثل كل الامراء فستان نبيذي قصير يصل اسفل ركبتيها بقليل وبأكمام قصيرة منتفخة برقة...نقوش ذهبية لامعة بحواف تنورتها واكمامها وياقتها المستديرة...ورسومات فنية من ورود ووريقات على حزام خصرها النحيل...بينما كانت تترك شعرها النحاسي مسرح بنعومة على كتفيها حتى نهاية تنورة فستانها يكاد يحتضن جسدها وتحرر غرتها الطويلة على جانب جبينها حتى ذقنها ، وكأن اميرة خيالية لا تنتمي للواقع خرجت من داخلها !...
افاقت على نفسها ما ان تجاوزتها بسرعة وتقدمت لوالدتها وهي تمسك بيدها قبل ان تتحرك وتبادر بتقبيلها باحترام ، لتختلق ابتسامة لبقة على محياها وهي تسحب كفها هامسة ببهوت
"اهلا وسهلا بكِ يا زوجة ابني"
رفعت رأسها وهي تعيد خصلاتها التي انسدلت بسبب انحنائها للخلف هامسة بلطف
"شرفتِ المنزل يا عمة شهيرة ، سعدت جدا بمجيئك"
حركت رأسها بدون اي تعبير وهي تقول بابتسامة مجاملة
"وانا ايضا سُعدت جدا"
حركت نظراتها باتجاه الواقفة بعيدا عنهما بسكون بدون اي ردة فعل ، لتعود بنظرها لها وهي ترتشف من فنجان القهوة قائلة بهدوء جاد
"اين هو زوجك ؟ لماذا لم يأتي معكِ ؟"
زمت شفتيها وهي تحرك كتفيها هامسة بخفوت
"لا اعرف ، لقد غادر منذ الصباح الباكر"
رفعت حاجبيها الرفيعين وهو تعود بجلوسها للخلف هامسة بجدية
"هل هناك زوجة لا تعرف اين مكان زوجها ؟"
لمعت احداقها الزرقاء وهي تبتسم بسخرية قبل ان تتقدم نحوهما وتقف بجانبها بنفس اللحظة التي همست بها إيليف بحرج
"لقد كنت نائمة حينها"
حركت شهيرة نظرها جانبا وهي تهمس بضيق
"لابد بأنه ذهب لزيارة الغجرية"
عادت بنظرها لها وهي تلبس قناع الجدية وتدور بنظرها عليها هامسة باتزان
"فستان جميل ، لاق بكِ كثيرا"
اخفضت نظرها للفستان وهي تضم جانبيه بيديها هامسة بحياء
شكرا لكِ ، هذا من ذوقك""
التوت طرف ابتسامتها وهي تقول بمغزى
"ولكن المظهر الخارجي ليس كل شيء فلن يغير حقيقة جوهرك مهما ارتديتِ من ملابسنا وتزينتِ بحلينا"
رفعت نظرها نحوها وبلا سبب شعرت بالانكسار بقلبها والحزن ينهش عيناها واطرافها ، ليجذبها صوت الواقفة بجانبها وهي تمسك طرف كمها هامسة بغموض
"هل هذا الفستان جديد ؟"
التفتت نحوها وهي تحدق بها بصمت حتى قالت شهيرة ببساطة
"بالتأكيد جديد فكل هذه الملابس مستوردة قام حذيفة بالتوصية عليها مع فستان زفافها ، وألا من اين لها بمثل هذه الملابس الباهظة ؟"
نقلت نظراتها لها بصمت قبل ان تكسو غمامة ملامحها وهي تهمس ببهوت
"نعم حذيفة قد اشترى لي الكثير من الثياب ، ولكن لسبب ما تمزقت كلها وتلفت ، لذا اعاد توصية ثياب اخرى وقد وصلتنا البارحة وهذا الفستان واحد من الثياب الجديدة"
اتسعت حدقتاها الزرقاوان وهي تلاحظ نظرات والدتها المسلطة عليها لتهرب منها وهي تعلم اي افكار بدأت تدور برأسها ، لتعض على طرف شفتيها بغضب وهي لا تصدق صراحة هذه القروية ! ولم تصدق ان تعترف امامهما بما حدث ! فهل كل هذه ثقة بهم ام سذاجة القرويين الذين يتعاملون مع كل شيء ببساطة وغباء شديدين ؟
بددت شهيرة الصمت ما ان قالت بخفوت جامد
"وهل تم القبض على الفاعل ؟"
حركت إيليف رأسها بالنفي وهي تهمس بأدب
"كلا لم نعرف من يكون"
تنفست سلسبيل الصعداء وهي تكتشف بأنها لا تعرف عنها وهذا يعني بأن حذيفة لم يخبرها وستر عليها ، وهذا من حظها كي لا تفضحها امام والدتها وتسبب لها المشاكل ! ولكن لماذا اخفى عنها يا ترى ؟
"أليف"
التفتت كل الانظار حيث مصدر الصوت وهو واقف قريب من غرفة المعيشة ينظر فقط لشخص واحد بدون ان يعير الآخرين اهتماما ، لتتحرك بعدها بتلقائية تتجه نحوه حتى وقفت بجانبه وهي تهمس بخفوت مرتجف
"اين كنت ؟"
ادار نظراته نحوها يتأملها عن كثب وهو يراها بمظهر مختلف تماما عن السابق والذي لاق بمركزها الاجتماعي الجديد ، ليتوقف على يديها المضمومتين وهي تشد عليهما بتوتر واضح ويبدو بأنها تعرضت لضغط شديد بتحملها لكل هذا وحدها ، امسك بعدها بكفها الصغيرة يشبكها بيده بقوة ليسحبها بجانبه حتى وقفت ملاصقة له ، سلط نظراته للمرأة التي وضعت فنجان القهوة مكانه وهي تنهض عن الاريكة برقي وتقول بابتسامة مدروسة
"واخيرا شرفت يا عريس ، اين كنت بكل هذا الوقت ؟"
رفع حاجبيه بهدوء وهو يقول ببرود
"وهل يهمك معرفة ذلك ؟"
مالت طرف ابتسامتها بدون ان تختفي وهي تقول بجدية
"لست انا من يهتم ، بل زوجتك المسكينة كانت بانتظارك وهي لا تعلم عنك شيء ، وخاصة بأنها ما تزال عروس جديدة كيف تتركها وحدها هكذا ؟"
حاد بنظراته لها وهو يرفع كفه الاخرى ويربت على شعرها الناعم قائلا بخفوت عميق
"ليس هناك داعي من القلق عليها فزوجتي مراعية جدا ومتفهمة وناضجة ولن تضايقها او تزعجها مثل هذه الامور الفارغة والتافهة ، فنحن نثق ببعضنا وهذا هو اهم شيء بعلاقتنا ، صحيح !"
رفعت حدقتيها الواسعتين بلون المرآة التي تعكس صورته وهي تهمس بعفوية
"بالتأكيد ، فأنا اثق بك كثيرا واكثر من نفسي"
تنفس بابتسامة ارتسمت بصدق وهو يخفض كفه ويقرص خدها المدور بإصبعيه السبابة والوسطى ، بينما راقبتهما شهيرة بصمت بارد عكس الواقفة بجانبها تكاد تحترق بنيران غيرتها التي التهبت بقلبها بلا هوادة وكأنها تموت من ابتسامة او حركة واحدة تدل على الحب نحو تلك الدخيلة بينهما ! وهذه النيران لن تتوقف حتى تقتلها او تقتل نفسها !
سحب كفه وهو يوجه تركيزه نحو عمته قائلا بجدية
"شرفتنا بالزيارة يا عمتي ، ولكن ما سببها الآن ؟ هل من مشكلة ؟"
رفعت ذقنها بإيباء وهي تمسك خصرها بيدها قائلة بثقة
"هذه ليست زيارة عادية بل هي صباحية زواجك ، فنحن لم نقم هذا الطقس الاخير بعد لذلك قمت بالتجهيزات بنفسي وحضرت للصباحية الخاصة بكما ، وبما ان عائلة العروس غير موجودة لتفعل ذلك عينت نفسي مكانهم كي نكمل هذه الطقوس على اكمل وجه"
تنفس حذيفة بجمود وهو يقول بجفاء
"طقس آخر ! أليس هناك نهاية لهذه الطقوس ؟ هل بقي احد يقيمها بهذا الزمن ؟"
احتدت ملامحها بلحظة وهي تقول ببأس
"نعم هناك من ما يزال يقيمها ، وليس هناك عيب من القيام بها وتطبيقها كي تزيد الروابط والاجتماعات العائلية ، وليست محددة بعمر او جيل معين فالكل يجب ان يكون يحمل مثل هذه العادات بحياته"
نظر لها ببرود وهو يقول بابتسامة ذات مغزى
"يعني زيارتك من اجل الصباحية وليست لهدف آخر"
ارتبكت ملامحها وهي تسيطر على نفسها سريعا وتقول بخفوت جاد
"بالطبع ليس لدي هدف آخر ، وايضا لقد جلبت معي لكما الكثير من الهدايا واغراض لجهاز العروس ، قمصان نوم حريرية واثواب كثيرة وعطور فاخرة ، وقطع مجوهرات من افضل واغلى الانواع فنحن نعلم بأنكما تزوجتما على عجلة بدون ان تجهزا او تحسبا لشيء ، وقد جاءت العروس لمنزلنا فارغة بدون حقيبة ملابس او اغراض ، لذا هذا جزء من النواقص التي قد تحتاجون إليها بحياتكم وخاصة بحياة العروس"
غامت ملامحه بضبابية بينما اخفضت إيليف رأسها بخجل اقرب للخزي وهي لا تملك جواب ترد به عليها وقد سردت الواقع بثواني ، ليشد بعدها على كفها وهو يقول بثبات يحسد عليه
"لقد اتعبتِ نفسكِ بلا داعي ، فقد جلبت بالفعل كل ما تحتاجه زوجتي من ملبوسات ومجوهرات ومستلزمات مهمة وكل شيء ينقصها ، وما دمت على قيد الحياة لن تحتاج لطلب او الاستعانة من احد وانا موجود بجانبها ، ولكننا مع ذلك سنبقي على اغراضك معنا ونحافظ عليها فقط من اجل قيمتك ، فأنتِ قيمة جدا بالنسبة لنا يا عمتي"
تصلبت تقاسيمها وبانت التجاعيد حول عينيها وشفتيها وهي تكتف ذراعيها فوق صدرها بصمت ، ليقطع الكآبة التي سادت بالمكان كتلة المرح وهي تهتف بسعادة
"حذيف وأليف"
انجذبت انظارهم بسرعة نحو الطفل الواقف مع الخادمة قبل ان يركض تاركا إياها بأقصى سرعة ، وما ان وصل لهما حتى عانقهما معا من ساقيهما وهو يهمس بسعادة
"واخيرا امسكت بكما ، امسكت بكما"
انصدمت ملامحهما سويا قبل ان يتجاوز حذيفة صدمته اولاً وهو ينحني على جذعه حتى بات قريب من مستواه ، ليربت بعدها على شعره الاسود مثل القنفذ وهو يقول بابتسامة طفيفة
"كيف حالك يا بطل ؟"
رفع كفه له وهو يقول ببراءة
"بخير جدا"
رفع كفه كذلك كي يضربه انس بأقصى قوة كتحية خاصة بهما بدل الترحيب ، ليحتضنه بسرعة يتعلق بعنقه وهو يهمس بسعادة غامرة
"احبك يا عمو حذيف ، احبك اكثر شخص بحياتي ، واكثر من والداي"
حافظ على ابتسامته باستماته بعد كلامه الاخير وهو يربت على ظهره بكفه ، بينما كانت إيليف تبتسم له بعطف وهي معجبة بالعلاقة الصادقة والبريئة بينهما ، واما الفرد المستاء فقد كانت سلسبيل وهي تشد بقبضتيها ولأول مرة الندم يتآكل بقلبها بسبب عدم تحويل هذه العلاقة الروحية لعلاقة دموية بسبب جشعها وطمعها الذي دمر حب حياتها...
ابتعد انس بسرعة عنه وهو ينتقل للواقفة بجانبه ليمسك بعدها بكفها الحرة ويقول بحماس
"تعالي معي يا أليف ، اريدك بشيء ، بشيء مهم ، هيا بسرعة"
رفعت حاجبيها الرقيقين وهي تقول بارتباك
"ولكن إلى اين ؟....."
لم يسمح لها بالكلام وهو يستمر بسحبها بقوة حتى اضطرت لترك يد حذيفة والركض خلفه ، ليلتفت برأسه ويراقب اثرهما بوجوم وقلبه منقبض من فكرة تركهما لوحدهما او الابتعاد عنهما بدون وجود حماية حولهما !
قالت شهيرة بعدها بنبرة متزنة وهي تعود بجلوسها على الاريكة
"هيا اجلس وارتح يا ابن شقيقي ، ودعنا نتبادل بعض الحديث معا فنحن لم نفعلها منذ وقت طويل"
اخذ انفاسه بعمق وهو ينتشل نظراته عن ذلك المكان يتجه للأريكة القريبة ويجلس على مضض وعقله ما يزال معهما وكأن جسده فقط الحاضر بالمكان...ولم يعي النظرات المفترسة عليه وهي تتمنى ان يبقيا هكذا طول العمر بدون اي متطفلين او مزعجين بينهما !
___________________________
سحبها وهو يجري بسرعة باتجاه السلالم ليوقفها عندها ويقول بخفوت طفولي
"انتظري قليلا ، لا تتحركي"
طافت ابتسامة رقيقة على محياها وهي تراقبه يركض بسرعة بعيدا عنها ، ليعود بعدها بلحظات وهو يحمل علبة المناديل الورقية بين يديه ، غزت الحيرة محياها وهي تمسك بالعلبة بيديها هامسة باستغراب
"ماذا افعل بها ؟"
اخرج منديل منها وهو يطويه ويشكله بأصابعه قائلا بحماس
"اصنعي لي خدعة ، ذاك الشكل مجددا ، اصنعي لي منها"
رفعت حاجبيها البنيين وهي تشير بأصبعها للمنديل قائلة بتفكير
"طائر الهوما"
قفز انس بسعادة وهو يلوح بالمنديل قائلا بقوة
"نعم ، نعم هو ، اريد ان تصنعي منه"
تغضنت طرف ابتسامتها وهي تأخذ المنديل منه وتتراجع للخلف قبل ان تجلس على الدرجات الاخيرة من السلم ، لتضع بعدها العلبة بحجرها وتمسك المنديل بيديها ثم بدأت بتشكيله بأصابعها حتى اصبح على شكل طائر ، خطفها انس من يدها وهو يقفز بسعادة ويدور حول نفسه قائلا بفرح
"رائعة ، حصلت على طائر الهوما ، معي طائر الهوما"
اتسعت ابتسامتها بسعادة حقيقية وهو يشعرها بالفخر وكأنها صنعت له معجزة ما ! ليتوقف عن الدوران وهو يرفع الطائر الورقي عاليا قائلا بعفوية
"كيف تصنعينه هكذا ؟ كيف تفعلينها بأصابعك ثم يتحول لشكل طائر ؟"
راقبت لمعان احداقه الزرقاء مثل امواج البحر تغوص بهما وتضيع بقلبهما ، لترفع نظرها للمنديل الذي تحول لطائر فوق رأسه وهي تقول بابتسامة لطيفة
"يمكنني تعليمك كيفية صنعه ، هل ترغب بذلك ؟"
اومأ برأسه وهو يتقدم نحوها ويجلس على الدرجة اسفلها ، لتخرج منديل آخر من العلبة وهي تطويه بالبداية وتقول اثناء عملها
"بالبداية تطويه هكذا من المنتصف ، ثم تطوي اطرافه...."
كان يراقبها بذهول حتى انتهت من صنعها وباتت على شكل طائر مثل التي بيده ، لتقول بعدها بخفوت باسم
"وهكذا اصبحت على شكل طائر"
تنقل بنظره بينها وبين التي بيده وهو يهمس بذهول
"مذهل ، اصبحت مثلها تماما !"
رفع نظره نحوها وهو يتابع كلامه بفضول طفولي
ومن علمكِ فعلها ؟""
غامت ابتسامتها بحزن وهي تتنفس هامسة بأسى
"جدتي من علمني صنعها"
عبست ملامحه وهو يقول بتذمر
"جدتي انا لا تجيد فعلها ، فقط تصرخ وتغضب ، وتحرك اصبعها على الجميع"
زمت شفتيها وهي تهمس برقة
"ليس الجميع يجيد صنعها"
ردّ عليها انس بعفوية
"واين هي جدتك ؟"
احنت حاجبيها بألم وهي تشد بأصابعها على الطائر الورقي بين يديها ثم همست بمرارة
"جدتي توفيت ، يعني ذهبت للسماء ولن تعود مجددا"
عقد حاجبيه بتفكير قبل ان يقول ببراءة
"وماذا عن ابيك وامك ؟ اين هما ؟"
ابتلعت ريقها بغصة حارقة وهي تخفض نظرها هامسة بحزن
"لقد ذهبا ايضا للسماء"
تبرمت شفتيه الصغيرتين بعبوس وهو يقول باستياء
"جميع عائلتك ذهبت للسماء ، من الجيد بأنكِ لم تذهبي للسماء معهم"
رفعت رأسها وقد تزاحمت الدموع بعينيها الواسعتين ما ان وصل لأعمق نقطة بحياتها وهو يذكرها بأمنيتها الوحيدة والتي كانت الموت بجانب عائلتها والصعود للسماء معهم ، ولم تتحقق تلك الامنية طول تلك السنوات التي مضت وهي تفقد املها بالحياة والسعادة ومن كل شيء ونسيت إيمانها بالله وبأنه قادر على تغيير قدرها وصنع المعجزات من اجلها !
تنفست إيليف بقوة وهي ترفع الطائر بيديها هامسة بهدوء تفتح حوار جديد
"صحيح يا انس ، اين هو الطائر الذي صنعته لك اول مرة ؟"
نظر لها بخوف وهو يشد على الطائر بأصابعه حتى همس باضطراب
"ضاع ، ضاع مني"
حادت بنظراتها نحوه وهي تهمس بعطف
"يمكنك مصارحتي بالحقيقة ، لن احزن او اغضب منك"
ادار نظراته بعيدا وهو يقول باستياء
"لقد مزقته امي"
نظرت له بصدمة لبرهة قبل ان تتمالك نفسها هامسة بحذر
"لماذا ؟"
حرك انس كتفيه بجهل وهو يقول
"لا اعرف ، لم يعجبها"
ادارت نظراتها امامها وهي تفكر بكلامه وإذا كان السبب يتعلق بها فيبدو بأن تلك المرأة لا تحبها مطلقا وتكّن لها العداء دوما ! وربما تكون مخطئة فما هو السبب الذي سيجعلها تكرهها هكذا وهي لا تعرفها ؟ وايضا لو كانت كذلك لما وثقت بها وتركت انس يذهب معها ولوحدهما !
افاقت على صوت انس ما ان قفز امامها وهو يضرب على كفها قائلا بحماس
"لنلعب لعبة المطاردة ، انا اهرب وانتِ تلحقيني ، هيا بسرعة"
هرب انس من امامها وهو ما جعلها تنهض بسرعة عن الدرجة وترمي العلبة جانبا ، لتنزل الدرجتين بثواني وهي تركض بسرعة خلف الطفل الذي حلق بعيدا عنها بثواني يكاد يختفي عن نظرها ! لتصرخ بعدها وهي تلوح بكفها عاليا
"انتظر يا انس ، لا تركض بسرعة ، تمهل ايها السريع !"
لمحته وهو يجتاز باب المنزل المفتوح مثل الطلقة لتسرع بخطواتها اكثر ونبضات قلبها تزداد علوا تكاد تخترق صدرها ، وما ان خرجت من المنزل وباتت بالمدخل حتى انزلقت قدمها وسقطت على مؤخرتها ، لتستند بيديها على جانبيها وهي تخفض نظرها لقدمها وتتأمل بركة الماء التي انزلقت بسببها ولم تكن وحدها فقد كان هناك الكثير من برك الماء بطريقها للخارج وكأن قارورة ماء انفجرت بالمكان حتى وصلت لعند درجات المدخل...
جحظت عيناها بذعر ما ان اختفى الجسد الصغير من امام نظرها وسمعت صوت الصرخة الطفولية المتوجعة ! لتهب واقفة بلمح البصر وتركض نحوه بلا تفكير حتى تجمدت اعلى الدرجات القليلة وراقبت الطفل المرتمي ارضا وهو يجهش بالبكاء عاليا ويمسك ركبته بيديه !
نزلت الدرجات بسرعة وهي تحافظ على توازنها كي لا تسقط ارضا ثم وصلت بجانبه بارتجاف ، لتتنفس بوجل وهي تنحني على ركبتيها وتمد كفها قبل ان تشل حركتها ما ان سمعت صوت صرخة انثوية
"انس !"
ارتجفت بقوة وهي ترفع رأسها باتجاه التي نزلت الدرجات بسرعة تلحقها الاخرى ، لتنتصب واقفة ما ان وصلت المرأة ولكن ليست والدته بل جدته وهي تمسك به تساعده بالنهوض هامسة بجزع
"انهض يا حبيب جدتك ، هيا قف على قدميك"
وقف على قدميه وهو يستمر بالبكاء الطفولي بينما كانت جدته تمسح التراب عن ملابسه هامسة بجدية
"لا تبكي يا صغيري انت بخير ، ونحن هنا معك"
كانت إيليف تراقب ما يحدث بخوف قبل ان تضم كفها على جانبها هامسة بتردد
"انا كنت....."
قاطعتها الاخرى وهي تنفض ذراعها على جانبها صارخة بعنف
"انتِ ماذا ؟ ماذا ؟ وتتجرأين على الكلام بعد كل ما فعلتي !"
رفعت حاجبيها بشحوب وهي تهمس من فورها بعدم فهم
"ماذا فعلت ؟ انا فقط...."
تقدمت نحوها وهي تلوح بأصبعها نحو الطفل الباكي قائلة باتهام
"لم تستطيعي الاهتمام بطفل صغير ، فكيف ستصلحين ان تكوني زوجة وام لأولاد حذيفة ؟"
اتسعت حدقتاها الفضيتان بصمت لحظات ولم ينتبه احد منهم لحضور الفرد الاخير الذي كان معهم بالجمعة وها هو واقف فوق درجات المدخل يدس يديه بجيبي بنطاله ، ليخفض نظره لموقع قدمه وهو يلاحظ وجود بركة ماء تحته بللت كعب حذائه الاسود اللامع ، ليسرق نظره صوت إيليف وهي تقول بتبرير
"انتِ فهمتي الموضوع بشكل خاطئ ، فأنا لم اتقصد ما حدث ، كان هناك بركة ماء بالطريق وانزلق بسببها وسقط...."
صرخت سلسبيل من فورها بدون سماع اعذارها وهي تضرب ذراعها بالهواء وكأنها وجدت الفرصة التي تنتقم بها منها
"توقفي عن التحجج والتبرير لنفسك ، واضح بأنه خطأكِ ومن إهمالك سقط ابني على درجات السلم اليوم ، فأنتِ كل ما كان يهمك هو اللعب والمرح معه ، وكأنكما من نفس العمر ! وكأنكما لا تفرقان عن بعضكما ! ذكريني كم عمركِ انتِ ؟"
ادارت شهيرة نظراتها ببرود وهي تمسك بيد الطفل الباكي الذي لا يكف عن البكاء ، بينما شدت إيليف كفيها على جانبيها وهي تهمس بوجوم
"توقفي عن ذلك ، انتِ تهينني بلا سبب ، بدون ان تسمعيني"
امسكت خصرها بيدها وهي تقول بغضب منفعل تخرج كل احتراقها عليها
"ماذا سأسمع اكثر بعد ما رأيت ؟ لقد وكلنا مسؤولية طفل صغير على عاتقك ، تركناه يذهب معكِ ووثقنا بكِ ، وماذا فعلتي ؟ جاريتي عقله وتفكيره وبدل ان توقفيه وتحميه دفعته ليؤذي نفسه امام عينك ، ماذا كان سيحدث لو حصل له مكروه كبير ؟ ماذا لو اصابه كسر كبير بسبب إهمالك وعدم مراقبته ! نحن اخطأنا كثيرا ، اخطأنا بالوثوق بشخص عديم مسؤولية مثلك لا يعرف الاهتمام بالبشر وربما رعاية المواشي والابقار تكون اسهل عليكِ !"
اخفضت نظرها تحجز الدمعة بجفنيها وهي تهمس بخفوت منكسر
"انا ، انا آسفة...."
"توقفي !"
ارتفعت كل الانظار نحو الرجل الجليدي الذي خرج عن صمته لأول مرة ، لينزل بعدها الدرجات القليلة بقفزتين حتى انضم إليهم وهو يقف مقابل شهيرة وابنتها ، ليوجه حديثه لها وهو يقول بجمود
"هل انتهيتِ من التنفيس عن غضبك ؟"
قطبت جبينها بجمود وهي تقول من فورها بانفعال
"لقد قلت ذلك....."
"انس"
ارتفع نظر الطفل وهو يحاول تهدئة شهقاته ويزم شفتيه بارتجاف ، ليقترب حذيفة منه ويقف امامه تماما وهو يقول بجدية
"انت بطل ، والابطال الاقوياء لا يبكون عندما يقعون او يجرحون بل يحبسون البكاء ويقفون من جديد"
توقف جسده عن الارتجاف ليتابع حذيفة بعدها بهدوء خفيض
"هل انت بطل قوي ام طفل باكي ؟"
رفع كفه وهو يمسح دموعه عن خديه قائلا ببحة باكية
"انا بطل قوي"
اومأ برأسه بابتسامة وهو ينحني على جذعه امامه ويقول بخفوت اجش
"إذاً اخبرني يا بطل كيف سقطت على الدرجات ؟"
ابتلع ريقه وهو يقول بخفوت متحشرج
"لقد كنت اركض ، بعدها انزلقت قدمي...كان هناك ماء على الارض...وسقطت على الدرج"
حرك رأسه بتفهم وهو يمسح على شعره بكفه قائلا بجدية
"وهل أليف السبب بسقوطك ؟"
حرك رأسه بالنفي وهو يهمس ببراءة
"كلا لقد كانت تلحقني وهي تنادي عليّ...وحذرتني ألا اركض ، ولكنني لم استمع لها وركضت وسقطت ، أليف لم تفعل شيء"
رمشت إيليف بعينيها حتى سقطت الدمعة على خدها تزين شفتيها ابتسامة رقيقة ، بينما تدخلت سلسبيل وهي تقول باضطراب مستنكر
"ما لذي تفعله ؟ هل تستجوب طفل بالخامسة من عمره عما حدث ؟ يجب عليك ان تستجوبها هي...."
"جرحك ليس عميق جدا ، يمكننا مداواته بسرعة بعدة الاسعافات الأولية ، وبعدها ستستطيع العودة للعب"
اتسعت ابتسامته بعد كلامه وهو يقول بلهفة
"حقا !"
امسك بركبته يتأمل جرحه النازف وهو يومئ برأسه قائلا بابتسامة طفيفة
"اجل فقط انتظر ايام وستعود اقوى من قبل ، فالأقوياء دائما يتحملون الألم ولا يخافون من شيء"
رفع قبضتيه عاليا وهو يهتف بحماس
"انا قوي ولا اخاف من شيء"
تغضنت طرف ابتسامته وهو يمسكه من تحت ذراعيه ويحمله عاليا قائلا بقوة
"هيا لنذهب إذاً ونداوي جروحك ونهزم الألم معا"
التفت نحوهم وهو يقول بجمود تحول له فجأة
"عن إذنكم"
غادر بعدها من امامهم بدون ان يضيف كلمة اخرى وهو يتجاهلهم ومن بينهم زوجته التي نظرت بأثره بحزن وكأنها متهمة ايضا بنظره ، لترمقها سلسبيل بنظرات قاتلة اخافتها قبل ان تنفض شعرها خلفها وتغادر من فورها تصعد درجات السلم ، وما ان حركت نظرها بعيدا حتى ظهرت شهيرة امامها وهي تقول بأسلوب بارد
"انسي كل ما قالته ابنتي قبل قليل ، فهي ام وقد ذعرت على ابنها لذا من الطبيعي ان تغضب هكذا ، تفهمين هذا صحيح !"
اومأت إيليف برأسها بسرعة وهي تهمس بخفوت خاوي
"نعم افهم ذلك ، ويستحيل ان اغضب منها من اجل هذا السبب"
رفعت حاجب واحد وهي تقول بهدوء
"جيد"
سارت بعدها من امامها وصعدت درجات المدخل خلفهم بصمت ، لتدير نظراتها بعيدا وتسقط على الطائر من ورق المناديل وهو ملقى ارضا يبدو سقط منه عندما وقع على الدرجات ، لتتجه بعدها نحوه وتجثو على ركبتيها وهي تلتقطه وتضمه مع الطائر الآخر بيدها ، ثم استقامت ببطء وهي ترفع نظرها نحو المنزل هامسة ببؤس
"كان من المفترض ان يجلب طائر الهوما السلام ، ولكنه لم يجلب لي سوى الوجع مجددا !"

يتبع.....

رسوو1435, Moon roro and لام like this.

روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-07-24, 03:49 AM   #567

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 818
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

كان يحرك القداحة الذهبية بأصابعه وهو شارد الذهن ونظره على النافذة امامه ، انفاسه تضيق ثم تعود وتنفرج بلحظة وكأنه يعيش بزنزانة داخل نفسه ، ليبدد الصمت صوت انفتاح باب المكتب ثم خطوات كعبي حذائيها يسبق دخولها ، لتغلق الباب بعدها وتتجه الخطوات نحوه بإيقاع منغم على الارض المصقولة ، وما هي ألا ثواني حتى شعر بذراعيها تعانقين كتفيه من الخلف وصوتها الناعم يهمس بأذنه بخفوت
"كيف حالك يا عزيزي ؟"
تغضنت طرف ابتسامته بلا روح وهو يمسح على ذراعيها هامسا بخفوت
بخير يا حياتي ، كيف حالك انتِ ؟""
سحبت ذراعيها بسرعة وهي تقف خلفه قائلة بقلق
"ما بال صوتك ؟ هل انت بخير ؟ هل تشعر بوعكة صحية...."
قاطعها وهو يستدير نحوها ويقول بجدية
"ليس هناك شيء من هذا ، فقط كنت...."
تجمدت الكلمات بحلقه ما ان قابلته صورتها ولسبب ما تجسدت صورة تلك الفتاة الصغيرة بباله وامامه وكأنها نسخة طبق الأصل عنها ! فقط الاختلاف البسيط هو لون العينان والتجاعيد التي شكلت خطوط فنية فوق تقاطيعها الفاتنة اخفت جمالها الرباني !
افاق بعدها على اصابعها وهي تمس بذراعه هامسة بجدية اكبر
"لما صمت فجأة ؟ ماذا كنت ستقول ؟"
حرك رأسه وهو يقول بسرعة بجمود
"ليس مهم انسي ، فقط مشغول بالتفكير بالعمل"
عقدت حاجبيها السوداوين بعدم اقتناع قبل ان يمسك بكفها على ذراعه يضمها بيديه ويقبل ظاهرها ، ليرفع رأسه بعدها وهو يقول بابتسامة جانبية
"هل تعلمين بأنكِ علاج لكل اوجاعي وآلامي ؟ فقد كنت قبل مجيئك منزعج وشارد وحزين ولكن عندما رأيتكِ شعرت بنفسي اصبحت فوق السحاب ، انتِ هي اقراصي المسكنة والمهدئة بكل ايامي ، وانا محظوظ بالقدر الذي جمعني بامرأة مثلكِ !"
تألقت ابتسامتها فوق محياها وهي تقترب منه وتضع يدها الحرة فوق صدره عند قلبه هامسة بحب
"وانا ايضا اكثر سعادة منك ، ومحظوظة لأن القدر منحني فرصة اخرى معك"
رفع يده وهو يمسك جانب وجهها ثم قبلها من جبينها بعمق طويل ، ليبتعد عنها وهو يخفض يده ويقول بجدية تقمصها بلحظة
"اريد الحديث معكِ بموضوع ، الحقيقة اريد الاستفسار عن بعض الامور"
سحبت كفيها كذلك وهي تدس خصلاتها خلف اذنها تستعيد تركيزها هامسة بغموض
"وانا ايضا اريد ان اطرح عليك بعض الاسئلة"
حدق بها باستغراب وهو يقول بنبرة متزنة
"ما هو الذي تريدين السؤال عنه ؟ ما لذي يمكن ان يزعج سيدة الدوك يا ترى ؟"
كتفت ذراعيها فوق صدرها وهي تشيح بنظراتها جانبا هامسة بوجوم
"انا لا امزح يا ظافر ، انا جادة تماما"
تنفس بهدوء وهو يرسم ابتسامة جذابة على محياه ثم امسك بكتفيها كي يديرها نحوه قائلا بأسلوب ماكر
"اخبريني يا عزيزتي ماذا تريدين ان تقولي ؟ انا انصت إليكِ تكلمي"
نفضت كتفيها بعيدا عنه وهي تقول بقوة
"تكلم انت اولاً فأنت من فتح الموضوع ، عن ماذا كنت تريد ان تحدثني ؟"
حرك ظافر رأسه وهو يمسك بكتفيها مجددا قائلا بإصرار
"بل تكلمي انتِ يا عزيزتي ، فلن ارتاح إذا لم تبدأي انتِ بالحديث ، فأنتِ بالنسبة لي كل اولوياتي"
اومأت مُرجان برأسها بهدوء وهي تقول بخفوت ثابت
"ماذا يوجد بينك وبين كاميليا ؟"
توارت ابتسامته وهو يخفض يديه عن كتفيها قائلا ببساطة
"لا يوجد شيء لا تعرفينه ، وماذا يمكن ان يكون هناك اسرار بين الاب والابنة ؟ فهو معروف دائما بأن الابنة تميل لأمها اكثر بموضوع الاسرار"
رفعت اصبعها نحوه وهي تقول بحزم
"إياك ان تتهرب من سؤالي"
تنهد بهدوء وهو يقول من فوره بمزاح
"هل بدأت زوجتي بالغيرة منا ؟"
اخفضت اصبعها وهي تقول بغضب
"ظافر !"
حرك عينيه جانبا وهو يقول بتلبد
"ماذا تريدين ان تقولي ؟ بأنني اخونك مع ابنتي !"
تجمدت بمكانها لحظات قبل ان يعود بالنظر لها وهو يلاحظ استكانتها الغريبة ، ليقول بعدها بابتسامة سمجة
"كنت امزح معكِ ، ما بكِ صدقتي بسرعة ؟"
رمت كفها بالهواء وهي تقول بضيق
"إياك ان تمازحني بهذه الطريقة"
اومأ برأسه بطاعة قبل ان يقول بهدوء جاد
"اخبريني ماذا تريدين ان تعرفي بالضبط ؟"
غامت ملامحها وهي تخفض نظرها قائلة بوجوم
"كاميليا لا تتصرف على طبيعتها ، وكثير ما ترمي الكلام الغير مفهوم ، وتبدو متضايقة من شيء يجعلها متوترة دوما ! والواضح بأنك انت هذا الشخص ! لذلك اسألك إذا كان هناك ما تخفيانه عني بين بعضكما"
عقد حاجبيه بهدوء وهو يدس يديه بجيبي بنطاله قائلا ببرود
"ليس شيء مهم يدعو للتفكير...."
"كل شيء بحياة ابنتي مهم ، وانا لا ادع شيء يفوتني بحياتها"
تأملها لحظات بعد كلامها الحازم قبل ان يحرك رأسه قائلا بهدوء
"حسنا سأخبركِ لقد وضعت حرس خاص خلف ابنتي يتعقبونها بكل مكان ، لذلك هي منزعجة ومتضايقة مني لأنها تعلم بأمر الحرس"
انفرجت شفتاها بارتجاف وهي تضع كفها على صدرها هامسة ببهوت
"ولماذا فعلت ذلك ؟"
ادار جسده بعيدا عنها قبل ان تمسك بذراعه وتلفه نحوها قائلة بهجوم
"سألتك لماذا فعلت ذلك ؟"
قطب جبينه بجمود وهو يقول بنبرة غريبة
"لأنني اشك بأنها على علاقة بأحدهم ، وانا اريد حمايتها قبل ان تدمر نفسها ونخسرها"
ارتجفت تقاسيمها وهي تخفض كفها عن ذراعه ثم همست بخفوت مضطرب
"كنت اشك بذلك ، ولكن لم اصدق ان يكون حقيقي"
رفعت نظرها بسرعة نحوه وهي تقول بقوة
"من يوجد بحياة ابنتي ؟ من الذي قد يتجرأ على ايذاء ابنتي ؟"
رفع نظراته عاليا وهو يقول ببرود
"ليس هناك داعي ان تعرفي ، فأنا من سيتكفل بكل شيء"
ردت عليه من فورها وهي تنفض ذراعها على جانبها بجموح
"بل يجب ان اعرف من يكون ، ليس من حقك ان تخفي عني شيء يخص ابنتي الوحيدة فإذا حدث معها مكروه او اذى لن اسامح احد بهذا العالم وسأحميها حتى من نفسي !"
اخفض نظراته وهو يقول بخفوت موجز
"هيثم مفلح الكايد"
انخطف لونها وبان الصراع على محياها وهي تحرك وجهها بعيدا عنه تحاول تحليل الاسم الذي وصل على مسامعها والقسم الثاني الذي يخص اكبر اعدائها واولها بالحياة ! لتمسك رأسها بيدها وهي تتخلل خصلات شعرها القصيرة وتهمس باستنكار خافت
"مستحيل حدوث شيء كهذا ! لقد دمروني وسحقوني سابقا ! هل يسعون هذه المرة لتدمير حياة ابنتي ؟ هل يريدون اخذ ثأرهم مني باستخدام ابنتي ؟ لن اسمح بحدوث هذا ، لن اسمح بحدوثه"
رفع نظراته بقسوة وهو يخفيها بسرعة قبل ان يقول بخفوت عميق
"مُرجان ، مُرجان...."
هجمت عليه بلحظة وهي تتعلق بسترته تمسكها بيديها هامسة بحقد قديم
"ستبعد ذلك الرجل عن ابنتي ، حتى لو عذبته او قتلته ، المهم بأنك ستبعده عن ابنتي ، لن يقترب اي فرد من عائلة الكايد من ابنتي ! ولن اسامحهم إذا لمسوا شعرة واحدة منها ! حينها ادفعهم ثمنها غاليا !"
حدق بها بجمود بدون اي ردة فعل قبل ان يمسك بكفيها ويبعدهما عن سترته قائلا بجدية
"سأبذل ما بوسعي كي لا يقترب من ابنتنا ، لا تقلقي من هذا الشأن"
سحبت يديها بقوة وهي تقول بخفوت جامد
"عدني بذلك ، عدني بأنك ستبعد ذلك الرجل عنها"
رفع كفه وهو يمسح على شعرها القصير قائلا بصوت اجش
"اعدكِ يا عزيزتي ، لن يصيب ابنتنا شيء ما دمنا على قيد الحياة"
تنفست بابتسامة اشرقت على محياها قبل ان تقول بخفوت حائر
"كنت تريد ان تقول شيء ، عن ماذا كنت تريد ان تتحدث معي ؟"
بهتت ملامحه وهو يخفض كفه عن رأسها قبل ان يقول بخفوت غريب
"ما هو اسم ابنتك من زوجك السابق ؟"
تغير التعبير بملامحها وتحولت لرخام بارد بلا اي مشاعر ، لتهمس بعدها بخفوت ناقم
"ما مناسبة هذا السؤال ؟"
تنفس بهدوء وهو يشرد بنظراته بعيدا قائلا ببساطة
"اعتقد بأنني رأيت فتاة تشبهك كثيرا ، لذلك اردت ان اتأكد إذا كان مجرد شبه ام هي ابنتك حقا"
ابتلعت ريقها بارتباك وهي تضم شفتيها بعبوس وقول اسمها يشعرها وكأنها تفشي بأكبر سر بحياتها خبأته لسنوات ، لتهمس بعدها بخفوت بارد
"اسمها لورين مفلح الكايد"
كسى الضباب محياه وهو يتمتم بتصلب
"لقد كان تخميني صحيحا !"
جذبت نظره ما ان قالت بخفوت جاد
"ماذا حدث ؟ هل تأكدت إذا كان مجرد شبه ام لا ؟"
حرك رأسه نحوها وهو يقول بابتسامة طفيفة
"انه مجرد شبه"
عقدت حاجبيها وهي تقول من فورها بتفكير
"صحيح اين قابلت تلك التي تشبهني ؟"
مالت طرف ابتسامته وهو يمسك مرفقها ويسحبها نحوه حتى اصطدمت بصدره ، ليلف ذراعيه حولها يحتضنها بقوة وهو يقول بخفوت ماكر
"انسي كل ذلك ، واستمتعي فقط بهذه اللحظة فنحن لن نرى بعضنا لفترة ، ولا نعلم متى سنجتمع معا مجددا"
ابتسمت بنعومة وهي تحتضنه كذلك هامسة بهيام
"إياك ان تقول ذلك ، فنحن سنجتمع دائما بهذه الحياة وبالحياة الاخرى"
اظلمت تقاسيمه وهو يمسح على ظهرها بلا وعي يفكر بالشخص الذي لن يجتمع معه بأي من الحياتين...
_________________________
دخل لغرفة المكتب بهدوء وهو يسير باتجاه المكتب ليرتمي بعدها جالسا على الكرسي بتعب ، رفع سماعة الهاتف بجانبه وهو يقول للطرف الآخر بإنهاك
"لا تسمحي لأحد بالمجيئ لمكتبي ، فأنا اليوم بفترة راحة ، هل سمعتي ؟"
اعاد سماعة الهاتف لمكانها وهو يعيد رأسه للخلف ويمسد جبينه بإصبعيه بصداع ، ليوجه نظره امامه وهو يعتدل بجلوسه ويبحث بين الملفات المتكومة فوق سطح المكتب قائلا بجمود
"اين وضعت دواء الصداع ؟"
تأمل الفوضى التي اصبح عليها مكتبه بيومين وهو يقول بضيق
"متى وصلت كل هذه الملفات لمكتبي ؟ هل غبت كل هذه الفترة الطويلة عن المكان ؟"
امسك بالملفات وهو يجمعها على طرف والاوراق على الطرف الآخر بدون ترتيب ، حتى اصبح المكتب فارغا بعض الشيء ويستطيع رؤية الاشياء عليه ، ليلمح بعدها اسم الملف الموجود بيده وهو يقربه امامه ويفتحه ينظر له بإمعان ثواني قبل ان يرميه ويأخذ الملف التالي ليكمل رؤية باقي الملفات وكلها تنتمي لمكان واسم واحد !
تجعد الملف بقبضته وهو ينفضه على المكتب قائلا باستهجان
"ذاك الرجل انتهازي لأبعد الحدود ، ماذا يظنني روبوت اعمل بخدمته ؟ لقد غبت فقط يومين وهو استغل هذا وارسل لي كل هذه الملفات ! يجب ان اضع له حدا كي يكف عن استغلال مرتبتي ومكانتي وتمرير اعماله من خلالي"
رمى الملف بقوة وهو يمسك سماعة الهاتف ويطرق بأصابعه على الازرار قائلا بحدة
"يجب حل هذه المشكلة فورا"
تجمدت السماعة على اذنه ما ان سمع صوت الخطوات تدخل لمكتبه يتبعها الصوت المألوف يقول براحة
"اهلا وسهلا بك يا صهري ، واخيرا عدت لمكتبك ونورتنا بوجودك"
اغمض عينيه بصبر وهو يتمتم باستياء
"لقد جاءت عقوبتي"
فتح عينيه بجمود وهو يعيد السماعة لمكانها ثم تنفس بعمق حتى امتلئ صدره بالهواء ، ليلتفت نحوه بصمت ويركز بنظره على الرجل الواقف امامه يبتسم بدهاء ممزوج بالمكر ، ولسبب ما ذكرته بابتسامة ابنته عندما يسيطر عليها الغضب والتمرد وهي تميل إليه اكثر من دلال ! وما يخيفه ان تأخذ من طباعه او تتشبه بصفاته !
فرد ذراعيه على جانبيه وهو يقول بخفوت عميق
"ألن تستقبلني فقد جاء حماك لمكتبك !"
اخفض نظره وهو يتمتم بقهر
"ألم اطلب منها ألا ترسل احد إلي ! سحقا لها"
نهض بعدها عن الكرسي وهو يرفع نظره نحوه ويقول بنبرة جامدة
"اعذرني ولكنني لست بمزاج جيد لاستقبال احد اليوم"
غامت ابتسامته وهو يخفض ذراعيه ويضم يديه خلف ظهره بوقفته العسكرية قائلا بجدية
"نعم واضح عليك ، يبدو بأنك قد مررت بأيام عصيبة"
اومأ سفيان برأسه وهو يقول بخفوت قاتم
"اجل هو كذلك فليس كل يوم تذهب بها شقيقتك وصهرك للمشفى ، وتزور ابن عمتك بالسجن بعد ان ألحق الاذى بهما وكاد يقتلهما ، هل هناك احد مر بكل هذا السوء وصمت ولم ينهار ؟"
زفر انفاسه بهدوء لبرهة وهو يرفع ذقنه ثم قال بثقة عالية
"هذه كلها امتحانات لك حتى تختبر صبرك وقوة إرادتك بتحمل الصعاب والمشاق ، وليس مهم الوسيلة او الوقت الذي تأخذه باجتيازها المهم هي الدروس والعبر التي ستأخذها معك للمستقبل وتورثها لأولادك ، والتوقف والحزن عليها لن يفيدك ابدا بل سيخسرك وقت كان من الممكن ان تستثمره بحياتك ، هل فهمت يا بُني ؟"
تنفس بهدوء وهو يستمع لمحاضرة يعرف جيدا الهدف منها قبل ان يقول بابتسامة ذات مغزى
"تقصد بأن العمل هو كل شيء بالحياة والعائلة غير مهمة ومضيعة للوقت"
تغضنت اطراف حدقتاه وهو يقول ببساطة
"ليس هذا ما قصدته تماما ، ولكن هناك اولويات بالحياة يترتب عليها كل شيء ولا يجوز تجاوزها كي لا يختل النظام"
حرك عينيه جانبا وهو يقول بجمود صخري
"ما سبب زيارتك ؟"
قال اشرف من فوره بأسلوب عملي
"هل نظرت للملفات التي وصلتك ؟"
امال برأسه جانبا وهو يقول ببرود
"نعم نظرت"
اتسعت ابتسامته اكثر وهو يقول بتعالي
"حسنا العمل الذي سأوكلك إياه...."
"انا لن اعمل اي شيء لك"
تبدلت ملامحه للصدمة وهو يراقب نظراته تتوجه له ثم قال بهدوء حاسم
"لقد جئت بيوم راحتي ، لذا لن استلم اي عمل لك اليوم ، لن افعل شيء على حساب راحتي"
اخفض يديه على جانبيه وهو يقول باتزان ما يزال يحافظ على هدوئه
"ما هذا الكلام ؟ هذا العمل مهم جدا لي ، واحتاج إليك ان تنجزه...."
قاطعه سفيان وهو يقول بصلابة
"لدي زيارة للمشفى بعد ساعتين ، يعني لست متاح لوقت طويل"
بانت تجاعيد العمر على تقاسيمه وهو يقول بشدة تخلى عن اللين والرفق بالكلام
"انت تخطئ كثيرا بتجاهل طلبي فأنا الآن بأمس الحاجة إليك بهذه الاعمال ، وقد اعتمدت بالكامل عليك"
ردّ عليه من فوره بجموح
"يا ليتك لم تعتمد يا عمي ، كم مرة استخدمتني بصفقاتك ومشاريعك بالشركة ! كم مرة ضغطت عليّ بأي عمل يخصك ووضعتني تحت الأمر الواقع ! كم مرة استغليتني للوصول لأهدافك من خلالي !"
قطب جبينه بجمود وهو يقول باستنكار
"انا لا افعل ذلك ، ألا اناديك ابني دائما وقد اخذت مكانه بالفعل ! هل هناك اب من الممكن ان يستغل ابنه بأعماله ؟"
اسند قبضتيه على سطح المكتب وهو يقول بجمود
"انت تناديني ابني وتعتبرني بمثابة ابنك فقط كي تمشي مصالحك معي وتستفيد مني اكبر استفادة"
قال اشرف من فوره بصرامة
"تكلم معي باحترام ، وإياك ان تتجاوز حدودك امامي"
رفع قبضتيه عن المكتب وهو يقول بتهكم
"انت من تجاوز حدوده معي ، ومع ذلك كنت وما زلت احترمك وألبي كل طلباتك بأدب لأنك اكبر مني سنا ، ولكن يبدو بأنني قد تهاونت كثيرا معك"
رفع حاجبيه البيضاوين ببطء وهو يقول بجمود
"يعني لن تفعل ما اطلبه منك !"
رفع رأسه يتنفس بقوة قبل ان يعود بالنظر له قائلا بجفاء
"لقد كنت ابن مخلص ومطيع لك وربما اكثر مما كنت به مع والدي بدون ان تربطنا علاقة دم ، ولكن بسبب هذا الامر جعلتك تستغلني وتستخدمني كل هذه السنوات لمصالحك الشخصية بدون وجود مراعاة او تفهم من جهتك ، لقد صنعت مني سلم للوصول للسلطة والقوة بدون بذل مجهود يذكر ، حتى وصل بك الامر ان تتجاوز معاناتي ومحنتي وتجبرني على اعمالك بدون ذرة احساس او ضمير ! هل لهذه الدرجة وصلت بك الانانية وحب المال ؟"
اتسعت حدقتاه بقسوة وهو يشير بأصبعه نحوه قائلا بتحذير
"انتبه جيدا لأسلوبك بالكلام معي ، فأنت تكلم حماك اشرف زيدان وليس احد موظفيك بالشركة"
تقدم بوجهه ينحني فوق المكتب وهو يشير بأصبعه نحوه قائلا بتحدي
"وانا لا اكلم اي احد بل اكلم اشرف زيدان شخصيا ، ومن الآن وصاعدا سترى شخص جديد مني مختلف كليا ، لن يقبل ان تستغله او تمشي مصالحك عليه فقد انتهى عهد استبدادك وجبروتك"
قست نظراته وهو يخفض اصبعه ويقول باستهجان
"هل ستكسر كلمتي يا سفيان ؟"
استقام بوقفته ببطء وهو يقول بصوت قاسي بدون ان يشعر بأنه يعيد كلمات سراب ذاتها
"ومن انت حتى اكسر كلمتك ؟ اوامرك لا تسري عليّ ، ولست عبد او جندي عندك حتى اعمل تحت رحمتك واستمع لك واصمت !"
تقدم نحوه خطوتين قبل ان يطرق بأصبعه على المكتب قائلا بقوة
"انا اعطيتك اثنتين من بناتي ، اعطيتك شرفي و كرامتي وعزوتي وكل شيء املك وسلمتك إياه ، هل هكذا ترد معروفي معك ؟ بالنكران والجحود والتمرد على والدهما !"
زفر انفاسه بقوة وهو يشير بذراعه جانبا ويقول بتسلط
"نعم قدمت لي اثنتين من بناتك ، الأولى توفيت ودفنتها تحت التراب ، والثانية اصبحت ملكي وكتب اسمها بدفتر عائلتي ، ولم يعد لديك اي حق بأي منهما"
سحب اصبعه بقوة وهو يحرك رأسه قائلا بإحباط
"يا خسارة ثقتي بك ، لقد كنت اقرب إلي من اولادي ، ولكنك بالنهاية خنتني بطريقة لم اتوقعها بعد كل هذه السنوات التي بنيناها بالشراكة بيننا !"
اشاح بوجهه بعيدا وهو يصمت ليتابع اشرف كلامه وهو يقول بوعيد
"سترى ما سيحدث يا سفيان الكايد ، انت من بدأت بهذه الحرب ولن ادعك تفوز بها وسأخسرك إياها"
ادار نظراته له بسكون وهو يرفع ذقنه بصمت حتى استدار بسرعة وغادر خارج الغرفة عكس دخوله بعد ان سحق تكبره وتباهيه بنفسه...
تنفس سفيان بإجهاد وهو يجلس على الكرسي خلفه قبل ان يضرب بذراعه بالهواء ويسقط جبل الملفات على المكتب ويعود لشكله السابق ، ليعيد رأسه للخلف ويمسد جبينه بإصبعيه وهو يشرد بالفراغ بصمت مقيت وقد زاد على اعباء حياته عبء جديد بدون ان يعلم....
_____________________________
تنفس بهدوء وهو يركز بتضميد جرح ركبته ويلف الشاش حولها بعناية ، وما ان انتهى حتى حمله من تحت ذراعيه وانزله ارضا وهو يقول بهدوء
"وها قد انتهينا من تضميد جرحك يا بطل ، كيف تشعر الآن ؟"
اومأ برأسه وهو يقول بابتسامة بريئة
"جيد جدا"
مسح بعدها على شعره يبعثره بأصابعه وهو يقول بخفوت عميق
"مرة اخرى ممنوع الركض او القفز بالأنحاء ، ويجب الاستماع لكلام الكبار كي لا تصاب بالأذى ويتلقى الشخص الآخر توبيخ"
تبرمت شفتيه بحزن وهو يهمس بندم
"انا آسف ، وسأعتذر ايضا لأليف ، ولن اعيدها مجددا"
تغضنت طرف ابتسامته وهو يقول بعطف
"احسنت يا بطل ، تعلمت درسك بسرعة"
اتسعت ابتسامته بسعادة وهو يقول بخفوت لطيف
"اخبر والدتي ألا تعاقب أليف ، فهي لم تؤذني ابدا ، ولطيفة جدا معي ، ارجوك اخبرها ألا تضربها او تصرخ عليها"
غامت ملامحه بدون اي انفعال وهو يخفض كفه عن شعره قبل ان يستقيم على طوله قائلا بثبات يغير الحوار
"هيا اذهب واكمل لعبك ، هناك ألعاب جميلة احضرتها من اجلك عند العمة حليمة ، اذهب إليها واخبرها ان تعطيك إياها"
اشرقت ملامحه بالسعادة وهو ينطلق بسرعة يركض قبل ان يتجمد بمكانه ما ان قصف صوت حذيفة يقول بصرامة
"انس ماذا قلنا ؟ تحرك بهدوء وروية ولا تتسرع"
اكمل سيره بحركة ابطئ وهو يقول بصوت مرح
"حاضر يا عمو حذيف"
حرك رأسه بيأس وهو ينحني امام علبة الاسعافات الاولية يرتب الاغراض بداخلها ويغلقها ، ليسمع بعدها صوت خطوات تقترب وهو يقول بجدية
"هل عدت مجددا ؟ ماذا نسيت ان تخبرني ايضا ؟"
تجمد بمكانه ما ان تعرفت اذنيه على صوت كعبي حذائيها العاليين قبل ان يتوقف خلفه ، ليتنهد بعدها بقوة وهو يقول بجمود
"ماذا تريدين يا سلسبيل ؟"
تنفست بهدوء وهي تهمس بنشوة واضحة
"لقد تعرفت عليّ بسرعة"
نهض وهو يحمل علبة الاسعافات ويقف على طوله قائلا ببرود
"إذا كنتِ تبحثين عن ابنك فقد ارسلته للخادمة حليمة كي يأخذ لعبته منها"
عضت على طرف ابتسامتها بدون ان يراها وهي تهمس بثقة
"كنت ابحث عنك انت"
مالت طرف ابتسامته وهو يستدير نحوها ويقول بسخرية
"غريب ألم تكوني قبل قليل تهاجمين أليف من اجل ابنك ! والآن يبدو عليكِ غير مهتمة بأمره !"
عبست ملامحها الفاتنة وهي تشد على قبضتيها قائلة بدفاع
"بالطبع اهتم بأمره ، فهو ابني ومن الطبيعي ان اهتم بأمره واخاف عليه...."
"هو يصبح ابنكِ عندما تريدين ذلك صحيح !"
امتعضت ملامحها ما ان قاطعها بقسوة وهي تلوح بذراعها بالهواء قائلة بحدة
"افهم بأنك تدافع عنها وتلومني انا ، ولكنها قد اخطئت ايضا ، ماذا كان سيحدث لو انتبهت اكثر ولم تهمل مراقبة ابني ؟ كان سيحدث الاسوأ له بسبب عدم شعورها بالمسؤولية !"
مسح جبينه بأصابعه لبرهة قبل ان يخفض يده قائلا بتهكم
"ماذا كنتِ تريدين منها ان تفعل ؟ ان توقف الزمن او تصبح اسرع منه وتلحقه ! او تصنع معجزة توقف سقوطه ! هي بشر مثلكِ تماما وهذا الخطأ كان من الممكن ان يحدث مع اي احد منا"
تنفست بغضب وهي تنفض ذراعها على جانبها وتقول باستنكار
"لا اصدق بأنك تدافع عنها بكل هذه الشراسة ! وتخرج مبررات وحجج لها ، هي بالأساس اخطئت عندما سمحت له بالخروج من المنزل وحده ! عندما سمحت له بالركض بهذه السرعة بدون إيقافه ! لو انها لم تشجعه او تحمسه ما كان انطلق هكذا ولم يستمع لأحد ، وربما ايضا تكون هي من دفعته على الدرج لذلك سقط...."
"يكفي سلسبيل !"
ضمت شفتيها بعبوس وهو يتابع كلامه بجفاء يقبض على يده بقوة
"كان هناك بركة ماء بالطريق لذلك انزلق وسقط ، لم يكن لأليف علاقة بحادث سقوطه"
رفعت حاجبيها السوداوين بحد السيف وهي تهمس بضيق
"وهل هذا اثبات حقيقي ؟"
رمى كفه بالهواء وهو يقول بقوة
"ابنكِ من قال ذلك بنفسه"
التوت شفتاها بسخرية وهي تهمس بجمود
"وهل تصدق كلام طفل ؟ انه فقط يكرر من ورائكم ، وواضح بأنه يعيد نفس كلام تلك القروية"
احتدت ملامحه سريعا وكسر بروده وهو يشير بأصبعه لنفسه ويقول بقوة
"انا ايضا رأيت ذلك بعيني ، رأيت برك الماء منتشرة بمدخل المنزل ويبدو بأن احد الخدم الحمقى سكبها بدون ان ينتبه ، هل ستكذبينني انا ايضا ؟"
اشاحت بوجهها جانبا وهي تقبض على يديها بقهر صامت ، ليضع العلبة تحت ذراعه ويسير باتجاهها وهو يقول بجانبها بجمود
"تخلي عن حقدك اتجاهها كي لا تضري نفسكِ"
تجاوزها بعدها بصمت حتى قالت من فورها بغرور
"لما فعلت ذلك ؟"
تجمد بمكانه وهو يرفع حاجبيه بدهشة قبل ان يسمع وقع خطواتها تقترب ثم صوتها وهي تهمس بنعومة
"لما اخفيت عنها هوية الفاعل الذي مزق ثيابها ؟"
قطب جبينه بجمود بدون ان يقول شيء حتى ظهرت امامه وهي تقول بابتسامة جانبية
"هل فعلت ذلك خوفا من ردة فعلها ام من اجل حماية سمعتي ؟ وانا ارجح الخيار الثاني فأنت يستحيل ان تخاف من احد أياً كان"
حرك نظراته نحوها بجمود قبل ان تتابع بسرعة بابتسامة ماكرة
"اعرف جيدا الدافع وراء ما فعلت ، انت ما تزال تحمل مشاعر نحوي لذلك لم تتحمل ان تتشوه صورتي او تفضح سري ، وهذا ما كنت تفعله معي طول السنوات الماضية ، وما زلت على نفس شخصيتك القديمة ، أليس كذلك ؟"
زفر انفاسه بهدوء وهو يرفع نظراته قائلا ببساطة
"كل استنتاجاتك نحوي خاطئة ، ما فعلته بأنني لا اريد ان تفكر بالموضوع كثيرا وتشغل بالها به ، فإذا عرفت عنكِ لن تتوقف الاسئلة برأسها وسأضطر لإجابتها عليها والعبث بمشاعرها ، لا اريد ان تتأثر ممن حولها او يعطوها طاقة سلبية تفسد صفو حياتها ، وبالنسبة لي لا اريد ان اعطيك قيمة كبيرة بحياتنا بالكلام عنكِ فقد بدأت صفحة جديدة ويجب نسيان كل ما هو قديم ، هل فهمتي ؟"
تجمدت تعابير ملامحها وهي تحدق به بقسوة ثم همست بشدة
"انت تكذب"
حرك حذيفة رأسه بعيدا وهو يقول بنبرة باردة
"إذا صدقتي او لا لن تفرق معي ، اهم شيء عندي ألا تحشري نفسكِ بخصوصياتنا"
تجاوزها بعدها بثلاث خطوات قبل ان توقفه مجددا قائلة بعنف
"توقف"
تنفس بضيق وهو يستدير نحوها قبل ان تفاجئه وهي ممسكة بمزهرية زجاجية بين يديها ! وقبل ان يقدم على حركة كانت تكسر نصفها على الطاولة الخشبية بجانبها ! ليبدي علامات الصدمة على ملامحه وهي تستمر بجنونها وترفع جزئها المتبقي بيدها لرسغها هامسة باضطراب منفعل
"إذا كنت لن تعترف بحبك لي ، فسأقتل نفسي حتى تعرف مقدار ألمي وعذابي بسببك"
قبض بيده على العلبة الموجودة تحت ذراعه وهو يقول بغضب مكتوم
"سلسبيل عودي لرشدك ، لا تجعليني...."
قاطعته بجنون اكبر وهي تشد على القطعة بيدها قريب من رسغها
"لن اتوقف حتى تعترف ! وانا بكامل رشدي ، ولن اتراجع مهما فعلت !"
اغمض عينيه بضيق قبل ان يفتحهما ويهمس باستياء
"ارجوكِ يا سلسبيل ، توقفي عن هذه الدراما...."
ردت عليه سلسبيل بسرعة باستنكار
"دراما ! هذه ليست دراما ! مشاعري حقيقة تماما وليست فيلم معروض او حدث عابر"
اومأ برأسه وهو يسقط علبة الاسعافات ارضا قبل ان يقول بخفوت حاسم
"حسنا افعلي ذلك ، هيا حاولي قتل نفسكِ ، اقدمي على الانتحار من اجل حبك الذي بعته سابقا"
ارتجفت يدها بقطعة الزجاج وهي تخفض نظرها بتوتر وتشد على كفها الحرة ، ليستغل الفرصة بسرعة وهو يتقدم نحوها خطوتين ويمسك بذراعها يرفعها عاليا ثم نزع قطعة الزجاج من يدها وألقاها بعيدا حتى سمع صوت تحطمها لشظايا ، شد بأصابعه على ذراعها وهو يقول بهياج اخرجته عن صوابه
"ما لذي دهاكِ فجأة ؟ هل فقدتي كل ذرة عقل برأسك ؟"
ابتلعت ريقها بثبات حتى تابع كلامه باستهجان
"كنتِ تقولين عن أليف بأنها بعمر عقل انس ، وماذا عنكِ ؟ هل انتِ عاقلة ؟ ألستِ بفعلتك اظهرتِ نفسكِ اصغر سنا منها وليس العكس !"
حدقت به بعنف وهي على وشك النطق قبل ان يسبقها قائلا بحنق
"تبا لكِ !"
نظرت له باستغراب ما ان ترك ذراعها وامسك بكفها التي كانت تنزف من جرح صغير لم تشعر به ، ليدس يده بجيب بنطاله وهو يخرج منديل نظيف ثم بدأ بمسح كفها به وربطه حولها ، تنفست بنشوة وهي تبتسم بسعادة وقد خرجت بنتيجة مجزية وها هو يهتم بها ويخاف عليها كما كان بالسابق !
افاقت بعدها على صوته ما ان قال بخفوت اجوف
"لم اكن احتاج لتهديد او طلب كي اعترف بحبي لكِ فأنا لا اخاف من حقيقة مشاعري ، ولكنك انتِ من نزع كل هذا الحب من قلبي لذا لا تطالبيني بشيء انتِ اخذته مني وسلبته !"
غامت عيناها بلون سماوي حزين وقبل ان تتكلم رفع رأسه مثل البرق نحو الجهة التي خرج منها صوت الخطوات ، لتتضح صورة الفتاة التي كانت تسير بصمت ثم توقفت لوهلة ما ان رأتهما سويا ، ارتسمت ابتسامتها برقة وهي تكمل سيرها بدون النظر تحت قدميها الحافيتين والزجاج المتناثر ارضا على بعد بوصات منها !
ولم يشعر بنفسه وهو يترك كفها بالهواء ويركض بأقصى سرعة نحوها ، وما ان وصل لها باندفاع حتى اجفلت إيليف بفزع وهو يلتقطها من خصرها ويرفعها عاليا بالهواء بكل سهولة بعيدا عن الزجاج بالأسفل ، لتضع يديها على صدره بخوف وهي تتنفس بتسارع متخبط تلامس ملامحه بأنفاسها القصيرة وخصلاتها التي علقت على لحيته وذقنه ، ليقطب جبينه بخطين واضحين وهو يقول بجمود
"هناك زجاج تحت قدميك ، ألا ترين موقع خطواتك !"
عقدت حاجبيها البنيين باستغراب وهي تخفض نظرها للأسفل وتكتشف وجود شظايا زجاج حولها ، لترفع رأسها وهي تهمس بخفوت مشدوه
"هناك شظايا زجاج على الارض ، قد يتأذى احد منها وهو يسير"
رفع حاجبيه بسخرية وهو يقول بحدة بالغة
"نعم وقد كدتِ تتأذين منها وانتِ تسيرين فوقها يا حمقاء !"
زمت شفتيها بعبوس وهي تخفض نظرها حتى سقطت خصلات اخرى على ملامحه يستشعر نعومتها مثل الستائر الحريرية ، لينزلها قليلا بذراعه بدون ان يتركها وهو يضع ذراعه الاخرى تحت ساقيها ويحملها عاليا ، لتتعلق بعنقه بتلقائية وهي تغمض عينيها بخوف ثم تحرك باتجاه الاريكة حتى اجلسها فوقها برفق ، بينما كانت سلسبيل تشاهد ما يحدث بحقد شب بقلبها وهي تشد بيدها على المنديل المربوط حولها تزيد نزيفها...قبل ان يزعزعها مشهد انحنائه امامها وهو يمسك بقدمها يتفحصها وكأنه شيء اعتيادي عندها لم تتحمل اكثر وهي تستدير وتغادر المكان بأكمله بعنفوان !
تنفس حذيفة بقوة وهو يتحسس كعب قدمها الصغيرة قائلا بصرامة
"لما تسيرين حافية القدمين ؟ ألا تعرفين شيء يسمى حذاء بحياتك !"
تبرمت شفتيها بعبوس وهي تهمس بوجوم
"لقد اعتدت بحياتي بالقرية السير حافية القدمين بالمزرعة والمنزل فهكذا اكون اكثر راحة"
نظر لها بقوة وهو يقول بهدوء جاد لا يقبل المزاح
"هنا الحياة مختلفة عن القرية ، الامور التي كنتِ تفعلينها بالقرية ستقلعين عنها ، وستفعلين كل شيء نفعله ، سمعتي !"
فغرت فاها الصغير بصدمة قبل ان تغلقه بإحباط ، ليمسك بقدمها الاخرى ويترك الأولى وهو يتمتم باستنكار
"كيف ترتدين ثوب فاخر بدون احذية مثل سيارة بيم دبليو بدون عجلات ؟...."
صمت بوجوم وهو يلاحظ احمرار واضح بكعب قدمها بدون جروح ، ليأخذ انفاسه بهدوء وهو يقول بجدية
"هل انزلقت قدمك انتِ ايضا ببركة ماء ؟"
اخفضت نظرها نحوه بسرعة وهي تهمس بلا تفكير
"كيف عرفت ؟"
عضت على طرف شفتيها بتأنيب ما ان كشفت نفسها كعادتها وهو يبادلها النظر بصمت ، ليحرك رأسه للأسفل وهو يقول باستياء
"يا لكِ من طفلة !"
ردت عليه إيليف بسرعة بتذمر
"لست طفلة ، لقد كنت ألاحق بأنس وكل همي ان امسك به ، ولم ارى بركة الماء تحتي فانزلقت بها"
حرك رأسه جانبا وهو يقول بهدوء جاد
"ولما لم تقولي ذلك ؟"
تنفست بهدوء وهي تهمس بخفوت حزين
"لم اكن اريد جذب الانتباه لي"
رفع نظراته نحوها حتى تجمدت لا إراديا لينهض بعدها بصمت ويغادر من امامها ، وبغضون ثواني كان يعود وهو يحمل خف منزلي بلون بني مائل للذهبي عليه نقش بشكل وردة ، لينحني نحوها مجددا ويبدأ بوضع قدمها به وهو يقول بهدوء يكمل حواره
"ولكنك قد اخطئتِ"
رفعت حاجبيها بشحوب وهي تهمس بتوجس
"هل انت ايضا تظن...."
"بسكوتك ، بخضوعك لهم ، وتقبل الاتهامات عليكِ"
ضمت شفتيها بارتجاف وهي تهمس من بينهما بارتباك
"لم...لم افعل"
قال حذيفة من فوره بجفاء
"حتى انكِ لا تستطيعين الاعتراف بضعفك امامهم"
ابتلعت ريقها بغصة وهي تهمس بارتجاف
"انا آسف..."
قاطعها حذيفة بخفوت حاد
"هل ستعتذرين مني انا ايضا ؟"
مالت طرف شفتاها بحزن وهي تهمس بقلة حيلة
"ماذا افعل ؟ ماذا يمكنني ان افعل ؟ هي اقوى مني مرتبة وسنا ، لم اكن استطيع معارضتها لأن جزء منها على حق...."
ليست على حق""
رفع نظراته بجمود نحوها وهو يستقيم بقوة ويتابع كلامه بتسلط
"لستِ انتِ من دفعه للركض ، ولستِ انت من دفعه على الدرج ، إذاً كيف تكون على حق باتهامك بشيء لم تفعلينه ؟"
رمشت بعينيها الواسعتين بدموع زجاجية وهي تهمس بعبوس
"لأنها امه ومن حقها ان تغضب مني...."
"هذا ليس مبرر على خطأها اتجاهك ، فكما قلت لكِ سابقا أياً كان من يقف امامك ستحاربينه بقوة ولن تضعفي ، ولكن يبدو بأنكِ لا تستمعين لأي شيء اقوله !"
شدت على قبضتيها بحجرها وهي تهمس بخفوت مستاء
"يبدو بأنك غاضب جدا مني"
ادار رأسه بعيدا وهو يضرب قبضته جانبا قائلا بوجوم
"نعم غاضب منكِ وبشدة"
سحبت انفاسها بصعوبة وهي تهمس بتحشرج
"حذيفة سامحني ، انا...."
قاطعها للمرة الخامسة ببرود وهو يدس يديه بجيبي بنطاله
"نتكلم لاحقا ، سأخرج الآن للعمل ، لا تخلعي الحذاء عن قدميك"
راقبته وهو يغادر من امامها بلمح البصر بدون ان ينتظر جوابها يتجه لمدخل المنزل ، لتهمس بعدها بخفوت مرير
"لقد دفعته بعيدا عني ، يا لي من غبية عديمة النفع !"
اخفضت نظرها لقدميها بالخف المنزلي الانيق حتى بأشد لحظات غضبه يعتني بها بالرغم من انها داست بحياتها كلها على الحجارة والزجاج وفضلات الحيوانات ! ولم تظن يوما ان تخاف هكذا على مكان سيرها ومن شظايا زجاج صغيرة لا تؤذي !

نهاية الجزء بتمنى يكون عجبكم بانتظار آرائكم ♥️


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-07-24, 12:15 PM   #568

مس ساهو

? العضوٌ??? » 442447
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 80
?  نُقآطِيْ » مس ساهو is on a distinguished road
افتراضي

يشلمووو على الرواية ????
روز علي likes this.

مس ساهو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-07-24, 05:14 PM   #569

ام سامي

? العضوٌ??? » 519366
?  التسِجيلٌ » Jun 2024
? مشَارَ?اتْي » 94
?  نُقآطِيْ » ام سامي is on a distinguished road
افتراضي

فصل جميل جدا شكرا على مجهوداتك
روز علي likes this.

ام سامي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-24, 08:51 PM   #570

الضوءالناعم

? العضوٌ??? » 396986
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 420
?  نُقآطِيْ » الضوءالناعم is on a distinguished road
افتراضي

روايه جميله كنت أقرأ على مهل لربما اكتملت الاجزاء وزاد عدد الصفحات ال 57
ولكن وصلت ????ولم يصل جديدك. روايه مشوقه وجميل أن حذيفه ليس بغباء سفيان المماطل في حقوقه وحقوق عائلته الأناني بحب عائلته ولا يهمه الاخرون وعا ئلاتهم

روز علي likes this.

الضوءالناعم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:18 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.