30-07-24, 10:42 AM | #351 | ||||
| أثر تغزله النجمات فصل رهيب رهيب بكل المقاييس ارام وخطة بتمنى تكون لمصلحتها راوية ووحه اخر رزين منيح عارفة انها سبب بلوة ارام بمهند ارام ياللي صعبت عليها كسرة والدها وامها اذا ٦رفوا بعلاقة اختها مع خطيبها مهند وقع بسهولة متل ما قال يزن يعني حتى خبو لابلياء مو كبير مشهد سند مع الأوباش حلووو كتير كتير ماضاهاه الا مشهد نوال وهيي عم تجمل صورة بنتها انام احتسان ومشهد شهم وهوي عم يشتكي ريبال الجد سياف وفضول تجاه يافا ايمتى راح يتقابلوا ميسم فعلا لزقة بن جونسون ريبال بوجود ارام غامض بطريقة مثيرة للتساؤل والد راوية بيعرف العيوب بشخصية بنت و وفعلا مريد شخص لايعوض لقاء راوية مع مؤيد واول مشاعرممكن لراوية تجاهو رها لسة تايهة ماضيها مع هاشم حسناء ليش رفضت وائل وسوزان ليش معتبرة نفسها شريكة بالجريمة شو خفايا هالزواح مرام واعتراف بحب عدي ياللي لهلأ مو عارفة صنف شخصيتو عا أمل ما ينكسر قلبها ووجغي كلو عا يحيى والقفلة صادمة ابدعت لموسة العسل ما شاء الله تسلم ايدك يارب | ||||
31-07-24, 10:51 AM | #352 | ||||
نجم روايتي
| مرحبا.صباح الخيرات حبيبة قلبي لميس *الفصل الرابع عشر* ☆ لف ودوران☆ أقصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم بينما رسم دوائر والسير بها سيجعل المرء يبدد مجهوده سدى خاصة إذا كان هدفه واضح فلتكن وسيلته نبيلة فالوضوح هو أيسر السبل دونما لف ودوران آرام ولجوئها لراوية بإثبات خيانة مهند لها دونما التطرق لأختها أمر ليس سهل فلا شئ يظل مخفيا أبدا بينما اللجوء ليزن ففكرة غير صائبة على الإطلاق ومع ذلك بدأت في تنفيذ مطلب آرام كي تتخلص من تهديد يزن لها ولكن يا جميلتي هل يزن هكذا يكون شخصا أمينا على آرام وقد كان يهدد رواية؟ خاصة وراوية مقبلة على خطبةمن مؤيد الذى جلب والدته وشقيقته معه ليطلباها وقد أبدت صورة مثالية جدا خلافا لطبيعتها وكذا والدتها وكأنهما يتحدثان عن شخص آخر ☆الحب بين قوسين☆ الإرتباط بين شخصين إذا لم يكن على قدر من المشاعر المتكافئة يكون كريشة بمهب الريح فلن يصلح الحال قلبا مشتعلا بالحب وآخر غارق في الماضي وقلبه بواد آخر رغم محاولاته أن يكون منصفا فالشعور بالحب هو قبس الهي وليس دواءا مرا يتجرعه المرء سند وزواجه السريع برها رغم علمه بظروفها وقد كان لانقاذ ماء وجهها أمام والدها ولإبعاد طليقها عنها إلا انها لم تتجاوز تلك المرحلة بعد رغم إدراكها الواعي لوضعها كزوجة لسند وما لها وما عليها وبالطبع يرفض أن يقتات على فتات مشاعر رغما عنه ويظل صامدا متمسكا بمشاعره تجاهها فهل يصمد طويلا..!؟ ☆الوفاء العظيم☆ لا ينفصم الرابط بين إثنين جمعتهما الحياة على الحب والوفاء بوفاة احدهما فالإخلاص للذكرى يظل قائما وحياة لا تنتهي بين أرواح صاحبيها وذلك هو المثال الاروع للحب الجميل طالب القاضي ووفائه لزوجته الراحلة يصلح مضربا للامثال رغم تكالب أولاده وأخفاده عليه بالمشاكل أو طلب العون وحل ما يعترضهم ☆ليس بعد..☆ لم يكن يوما رباط آثنين بخطبة نهاية لكل الحكاية فحينما لا تكون الرغبة بالإرتباط بنفس القوة يكون الباب مواربا لأى هزة ريح قد تصدمه وقد تطيح به فالرباط المتين بين القلوب والعقول وليس بخاتما يخنق الإصبع ميسم والتى لا ينقصها سوى لافتة تكتب عليها هذا ريبال خطيبى من شدة تعلقها به او بالموضوع نفسه رغم انها لا ينقصها شيئا لتنجرف تجاهه بهذا الشكل وتقطع الطريق على أى فتاة قد تظهر بمحيطه وهي هنا آرام ذات المشاكل العديدة بحياتها ولا ينقصها غيرة تلك بينما نهاية الفصل بأعتراف مرام بحبها لعدي وهو بالمثل فهو مفاجأة بالفعل كما مفاجأة مرضها والذى ليس مجرد غثيان وربما ذلك يكون إختبار لصدق مشاعر عدي تجاهها سلمت حبيبة قلبي لك كل الحب وأكثر | ||||
31-07-24, 10:52 AM | #353 | ||||
نجم روايتي
| مرحبا.حبيبة قلبي *المشهد الاول كما صورته ياقمراية يبين كم هى يائسة آرام لتضغط على راوية كأنها تطالبها برد جمائلها المتعددة ورواية تبدأ صفحة جديدة تستعد للخطبة فقد تقع بمشكلة كالمعتاد وآرام العاقلة اراها جانبها الصواب بهذا الطلب *ووالدة راوية لها الحق بنصحها ألا تفسد الزيجة بتهورها المعتاد *حبيبة قلبي..ما أجملها الصورة الراقية التى ترسمينها لسند مترفعا عن المشاعر الحسية حتى يكون أهلا لها وليست شيئا واجبا على رها *وكم جاء لقائه مع شلة الانس وسخريتهم المازحة جميلة جدا ومحببة للنفس ترسم البسمة على الوجوه رغم ما تحتويه النفس * ما اروع رسمك لبداية مؤيد مع علاء وعمله بالبنك وترقيه وتلك الصلة الوثيقة الجميلة بينهما *ومؤيد منذ صغره كان نابها متفوقا لولا نذالة والده وتأثره بمامر بحياتهم بسببه *بينما شقيقاته خاصة يافا تلك فهي بالفعل عسل عسل ولكن ينتابني القلق ياقمر أخشي أن تفسد زيجة راوية ومؤيد بسبب طيشها السابق *بصرف النظر عن عدم تقبلي لميسم إلا اني أشعر أن هذا الرابط لن يدوم وأيضا رابط آرام بيزن اظنه سيذهب أدراج الرياح فهو ليس شخصية جيدة دام استحل ان يهدد راوية لنرى معك من سيكون لمن؟ *بينما عرضك لحوار سوزان ووائل حول الطلاق بتلك الصورة فهو مبدع جدا خاصة ردة فعل وائل الغير متوقعة بينما راق لى رغبة سوزان في التخلص من عبء التمثيلية التى يؤدونها من أجل مرام والتي تعلم كل شئ *لكن حبيبتي كنت ألحظ أن مرام تسعى وراء يحي رغم عدم إبدائه الإهتمام بها مثل عدي فلما المح تفاجئه مما سمعه بينهما وما قصة مرضها هذا وكيف لاتعرف عنه شيئا أم ان هذا الدواء مكتوب لها علي سبيل الخطأ؟ | ||||
13-08-24, 02:57 AM | #354 | ||||
| اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين انك حميد مجيد لا تنسوا الباقيات الصالحات: سبحان الله الحمد الله الله اكبر لا اله إلا الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم | ||||
13-08-24, 07:29 AM | #355 | |||||
نجم روايتي
| اقتباس:
سبحان الله الحمد لله لا إله إلا الله الله أكبر لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم | |||||
14-08-24, 08:40 PM | #356 | ||||||||||
كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء
| الفصل الخامس عشر تم نصب الجلسة المغلقة التي ستتلقى فيها آرام المطعونة دليل إدانة خطيبها، أجادت البراءة حتى اندمجت في ردود أفعالها مع راوية التي انسلَّ منها تعليقًا مغلفًا بالحنق: -هذه مسرحية آرام و كل ما يحدث فيها هو تمثيل بالطبع، فلا تجيدي دور المطعونة إلى هذا الحد. أمالت آرام رأسها ونفخت كفيها بتكشيرة طفيفة: -معك حق، يبدو أنني تحمستُ أكثر مما ينبغي. حشت راوية لبانة جديدة في فمها من أطباق التسالي أمامها وقالت بصوت ممتلئ بالمضغ: -لا بأس، أداؤك عشرة على عشرة. ثبتت آرام ربطة قميصها أسفل عينيها وأوضحتهما بطريقة ماكرة أتبعتها بضحكة متآمرة وحزمت حروفها : -سأدّخر هذا الجهد أمام العائلة. أصدر هاتف آرام اهتزازًا فنطت أعينهما صوب الهاتف فوجدتاه إشعارًا لتعليق قامت به آرام قبل دقائق، ضمت آرام قبضتها وتربعت فيما يهدر فمها بسؤال: -لقد تأخر صحيح؟ مضغت راوية لبان الفراولة في فمها وصنعت منه بالونًا وفرقعته بلحظة ملل مؤكدة: -لقد تأخر بالفعل، ولا وقت لدي للانتظار. سأقوم بتذكيره على الهاتف الآخر. فجأة اهتز السرير تحتهما مع توالي رشقات تنبيهية بصوت رنة تطبيق المراسلة. نفضت آرام يدها سريعًا وتعاملت مع صدرها بنفس عميق زفرته ببطء فيما تكشف أناملها بسرعة عن أيقونة المراسلة التي تحتوي اسمًا بلغة غير مفهومة وغلافها صورة خادشةً للحياء حيث يستقر جسد أنثوي غير مكشوف الوجه بوضعية داعية لتحفيز الخيال والرذيلة. تركت آرام التفاصيل ودخلت لصُلب المراسلة، كانت عبارة تعارف عادية بدأت »مساء الخير، هل يمكنني التساؤل إن كان هذا الحساب هو للآنسة آرام الآغا خطيبة مهند الآغا، أم أنه لأحد آخر؟« لكزتها راوية بإشارة بدء الحرب فاستجابت آرام بتلقائية وهدوء شديدين: »أهلًا بك، تفضل/ي. كيف يمكنني مساعدتك كآرام؟« لم يكن صاحب الحساب متأنيًا بل رد برشقة فورية من رسائل »جيد أنك آرام، لدي ما أخبرك به« تعاركت مع راوية على الرد وانتصرت في الآخر وخرجت برد عفوي مدروس: »أنا أسمعك، لكن هل يمكنني معرفة من يحادثني؟« مزيج بغيض مكرر من حرف الهاء دون عناء استخدام الرموز التعبيرية كان رده، كتمت آرام تعبيرًا عن تقليدية ردود يزن حتى وهو ينتحل شخصية ما، فالمهندس يبقى مهندسًا. تابعت رده بإعجاب »صدقي ليس من مصلحتك معرفة من أكون، لكن في صالحك أشياء أهم سأناولك إياها« استهلكت آرام علامة السؤال فيما تكررها برد ساذج وطبعتها من فورها، كأنها لا تطيق صبرًا على تلاعب محادثها. وبذات الطريقة التي تعامل فيها يزن في برمجة المحادثة، حزم رشقة صاروخية مسماة عرضًا بالصور، وبلا رحمة قذفها دفعة واحدة على أرض رغم ثباتها ستزلزل، وأرفق معها رسالة بمحتوى رخيص أثبت قوة صلاته بفتيات الهوى. »تفضلي، مهند خطيبك. يحادثني منذ مدة طويلة، وهذا جزء من محادثتنا« حين انتهى تحميل الرسائل، تلقيتاها بصدمة غير مخطط لها، وبطاقة أكبر من حدود خطتهما التي اقتضت رغم جرأة خيالهما تبادل رسائل غرامية وعشقية تثبت أنه لا يصلح لها، لكنها انتفضت، مسّها صاعق الغيرة على ابن عمها الذي ظهر في صور ٍمؤرشفة من محادثاته مع هذا الحساب، انتهت به بعد عدة طلبات ورغبات وميول مجنونة أقرب للإباحية مرتديًا سراويل داخلية مخفضة كانت أستر شيء ظهر به، مع عدة مصطلحات نابية وخادشة لحيائهما وتبادل شنيع لعدة مقاطع مرئية تظهر بها محدثتها في حركات خادشة للحياء ومشينة ويكرمها مهند بإرسال وضعيات مخلة له. تخبطت في دهشة وذهول وللحظات طويلة أُلجم لسانها عن سكب شتيمة أو بث تعليق صادم، حتى اكتملت أركان الطامة مُسطَّرة في رؤيته عاريًا وهناك تشويش واضح على تفاصيله، إذ تفضّل يزن عليها بستر عورته التي تكررت في محادثات مرئية معروفة بشخبطة وملصقات تراعي حيائها. ثم أكمل صاحب المحادثة معها بحظرها كليًا. شهقت آرام ورمت الهاتف، مارس الجنون عليها فصلًا صعبًا، فلهثت وراوية التي اشمأزت وكرهت نفسها خلفها، تدعم ظهرها ورجفتها بأصابعها، استغرقت دوامتها دقائق حتى عادت بعد انفصالها وفشلها الذريع في التعاطف معه رغم حميتها لابن عمها. -هذا، هذا شيء مقزز كيف تطرف يزن إلى هذا الحد. وازنت نفسها بصعوبة وتقبلت سؤال راوية في إطار كوميدي ساخر: -بل اسألي لأي حد ابن عمك سبع السباع بدا رخيصًا وجاهزاً لأي اختراق حتى من حساب غير معروف هدفه المجون فقط، لقد استدرجه يزن بعدة صور. ترنح السؤال في ذهنها وأجابت بصوت راحل: -كان منحطًا بشكل مخزٍ. همهمت راوية فهي ومع كامل جرأتها لم تصل إلى ربع تلك الحدود: -أخبريني كيف تحملت مهند ابن عمك وخطيبك الذي نراه بسهولته هذه ولهاثه المثير للشفقة لأي عرض رخيص؟! يا إلهي ارام لا يمكنني تخيل ما حدث!! ارتجفت أنامل آرام فوق شفتيها بعصبية، فيما تحدق بالصورة الماثلة أمامها بتشبع مشمئز، وردت بضحكة منقبضة: -أنا لا يمكنني عرض هذا الشيء على والدي، كم بدا مقرفًا ومثيرًا للغثيان. سيطرت على نوبة غثيان تعلن انطلاقها ورفست الهاتف أسفل الوسادة، أمسكت بأناملها تلوح بها على وجنتيها المشتعلتين وسألت: -متى أعرض هذا الشيء على والدي؟ ضيقت راوية عينيها وترجمت شرّها من فورها: -بعدما أذهب، تستخدمين الكحول الذي جلبته من الصيدلية وتهرعين لوالدك تعرضين عليه سبع السباع ابن عمك الذي يعرض جسده لمن طلب واشتهى. انفصلت عينا آرام وعادت لذات الانقباض المخيف الذي يخلف فراغًا فشوحت راوية لها: -أين ذهبتِ، نحتاج إليك الليلة فقط؟ رفرفرت آرام أهدابها ببطء وأجابت بخواء: -معك، معك. ثم استطردت بعملية وجمود: -هيا غادري، سأجهز نفسي للأمر. -أود أن اطمئن عليك من خطيبك سبع السباع. أخبرتها آرام بهدوء في استقامة لحثها للخروج: -أنا بخير، لا تقلقي عليّ. ودعتها واستغرق الأمر منها ساعتين حتى تبدأ مع نفسها فتح صفحة خاصة لبث الموضوع لوالدها. ضاع وقتها وأنفقته في توجس وقلق لم يكونا في صالحها إذ تعطّل حاسب يحيى بشكل مفاجئ اضطر فيه إلى استخدام حاسب يزن بشكل فوري، ودعاه إلى منزله من فوره، حين وصله يحيى أولجه إلى غرفته الخاصة، وأعطاه الحاسب بنباهة شديدة لم يدرك فيها أن أحد حساباته العديدة كان مفتوحًا ومتاحًا له. شمّر يحيى عن ساعديه واستخدم أريكة يزن وشرع في استخدام تطبيق محاكاة لتطبيق نموذج مهم. تجاهل أيقونات الرسائل التي تتكاثف في موج أسفل يسار الشاشة. ركز انتباهه لحظة حين فشل في رسم قاعدة ما، ضم قبضته في تمعن مهم لتنفيذ النموذج برؤية محددة. حين همّ في إعادة النموذج حرّك شريط الأدوات وسرقه انتباهه إلى صوره الأيقونات، تطفل بطريقة غير مقصودة قادته للاكتشاف أكثر، فأطلق نظره متحققًا بصعوبة من لمعان أيقونتين.. واحدة تنتمي لمهند الآغا والثانية لخطيبته. أسقط عنه الترفع ونقر أيقونة آرام انفتحت الشاشة على وسعها، لاحظ أن الحساب بات محظورًا ولا يمكنه التواصل معها، شحذه فضوله أكثر كاد يطّلع على طبيعة المحادثة التي ربطت هذا الحساب المؤنث الذي يمتلكه يزن لولا أن ولج يزن من الباب يحمل صينية ضيافة له. تشنج وجه يزن لحظة أن تنبه لنفسه التي سلَّمت الحاسب بلا لمحة تفقدية أو تنبه فيما كان يفعله. خطت خطواته حذرة في حين خاطبت عينا يحيى وجهه وبدون أية تورية خصَّ الحاسب بنظرة وتساءل بنبرة تهجمية متهَمَّة: -ما الذي تفعله هذه الحسابات على جهازك؟ ربط يزن الصينية بالطاولة أمام الأريكة وتدبر أمر إجابته سريعًا: -هل أكملت تفتيش محتواها، أم نطلع عليها معًا؟ طوى يحيى التحدي في عينيه وسأل يكزُّ على أسنانه: -هل دبرّتَ أمرًا لكليهما؟ رمى يزن نفسه على الأريكة وسحب الحاسب إلى جهة متوسطة تناسب وضعية جلوسهما. ارتجل نص ثأره بكلمات بسيطة أشعلت أعصاب يحيى: -سددتُ الدَّين الذي كان بينا، ورددتُ لمهند حقه. نفض يحيى ذراعه وأزاح الحاسب إلى الجهة الثانية وتحقق بحذر: -ما الذي فعلته بالضبط أيها المجنون ؟ كيف تخاطر بنفسك؟ تلون ثغر يزن ببسمة شيطانية وشرح الأمر ببساطة: -استدرجت مهند بطريقة أنثوية. توقف مشيرًا إلى الحاسب: -أظنك رأيتَ أن الحساب لأنثى. جرّ الحاسب وأطلق المحادثة وتركها ليحيى الذي فغر فمه وأمسك بضحكاته مرغمًا، فخرج منه التعليق مرغمًا عند صورة معينة: -لقد صنعت من نفسك ماريون كوتيار. ضحك يزن وهو يمرر المحادثة لطريق أكثر خطرًا: -لقد برعتُ فيه لا تنكر. طقطق يحيى نظراته ولفّه في تعليق ماكر: -بتُّ أشك فيك يا رجل. سحب يزن المحرك حيث صورة بعينها وانفجر في تعليق فاضح أتمّه بـ: -انظر انظر هنا. تحرك يحيى معه وتوقف عند توسلات مهند وتحويله لبطاقة انترنت وبطاقة رصيد وسحب سخطًا ونفسًا غير راضٍ عن هذه البقعة الملوثة: -مغفل! صادق عليه يزن فيما يستعرض خزي مهند: -أحمق تم التغرير به بسهولة. شعر يحيى باكتفائه من الوسِخ الدائر رغم جرِّ الضحكات مرغمًا كل مرة تحديدًا عند الصور الفاضحة لمهند وأطبق الجهاز من فوره: -يكفي قرفًا، أنا بحاجة لإفراغ معدتي والفضل لك أكثر منه. ساء يزن استخفاف يحيى بما فعله وبررّ ينفي عن نفسه أي تهمة منحطة تفعلها نظرات يحيى: -لا أُلام فيه، لي حساب معه طويل ورجل مثله يستحق الألاعيب كالفتيات مثلما فعل معي. لم يواجهني كرجل واستحق، بل أخذها بالحيلة والدناءة. ضربتْ أنامل يحيى صدره واعترف: -لم تقصر فيه وأنا أشيد بك عمَّا فعله بك، لكن ما الذي بتَّ تختلف فيه الآن عنه؟ كلاكما تصرفتما كالنساء. زمَّ يزن حروفه وأطلقها ببطء مميت: -لكل فعل ردّ فعل مساوٍ له في المقدار مهندس. عاملته بمثلما عاملني. نفثَ يحيى نفسه حارقًا وجرّعه الإهانة: -إن كنت تبغي الوصول لامرأة، حارب كرجل وليس كامرأة. سحب حقيبته وترك ما جاء لأجله فيما يرمي تعليقًا تذكيريًا: -لقد اتخذتماها أرضًا للنزال بينكما. تدافع يزن إليه: -هو من بدأ لا تلمني يحيى. حصر يحيى الخيارات، عرف الموجز بلا شرح من يزن. استقام مغادرًا ثم عاد وسأله فيما يضمن اليقين: -لا تقل لي أنك بعثتَ بصور مهند عار*ية إلى آرام؟ ضحكة عيناه أجابت، فلم يدخر يحيى وقته معه وانسحب مشمئزًا من عاقبة أمر يزن: -أنت لا تستحقها، وهو لا يتخير عنك. بصق الحروف وطار من فوره هتف يزن بإثره فلم يستمع له وخرج من المنزل كله. يتبع... ****** | ||||||||||
14-08-24, 08:46 PM | #357 | ||||||||||
كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء
| **** سكبت قطرتين في عينها اليمنى إذ لم يدخل المحلول فيها كاملًا واكتفت بقطرة في عينها اليسرى، ثم جرت منتحبة عبر سلالم الطابق الأول وأتبعت بالعبرات صوتًا مطعونًا، وصلت غرفة إيلياء وفتحت الباب على مصراعيه: -إيلياء، الحقيني أختي الحقنيني. قفزت إيلياء عن سريرها ورمت كومة الصوف في عينها ارتمت آرام بين ذراعيها تنوح: -انظري ماذا وصل إليّ. نقلت إيلياء نظراتها حيث الهاتف بشهقات منتفضة غير مستوعبة، ونبضاتها الضعيفة تمارس جريًا غير محمود، فأتبعت آرام بصوت ينشج ضعفًا: -مهند يخونني، انظري لقد رأيت خيانته بأم عينيّ. اهتزت آرام في حضن إيلياء التي تزحزحت للخلف باندفاع وطابق وجهها وجوه الأموات في شحوبه، انكتم حِسّها وآرام تدنو منها أكثر وتصيح: -لقد راسلني هذا الحساب اليوم، انظري إلى اسمه. تكورت الحروف بصعوبة على شفتيّ إيلياء التي رمتهم دفعة واحدة مشددة على كل حرف: -مع من يخونك؟ غرقت آرام في ندبها وأجابت: -ليتني كنت أعرف، كان حسابًا وهميًا. شدتها إيلياء من معصمها وسحبت نفسًا ملتاعًا: -مع من يخونك؟ هل عرفت التي خانها معك؟ أراحتها آرام وقذفت الشاشة في وجهها، بانت لعينيّ إيلياء محادثة من اسم غير مفهوم يمارس الرذيلة المتبادلة مع مهند. تفاقم نبضها برعبٍ، والجزء الذي كان ينتظر جرعة الموت الأخيرة بات يتراقص ذبيحًا. فإن كان هناك من تمّت خيانته؛ فهي لا سواها. ارتمت منها عبرة مطعونة فيما استغرقت لحظات مع نفسها وهي تطالع كل نقطة في المحادثة، التقمت عيناها كل صورة ولمحة وحين اكتفى تنفسها وما عادت لها القدرة. أعادت الهاتف بيدٍ مرتجفة، راقبتها آرام التي زادت في النواح كذبًا -ماذا أفعل، انظري ماذا فعل بي. غاب عن إيلياء صوت آرام فيما تمد كفها المرتجف وتميل إلى الكومود وتسحب من إحدى رفوفه عبوة لأقراصها الدوائية، تناولت قرصًا من فورها ودسّته أسفل لسانها وأطبقت فمها. عادت بآلية إلى وجه شقيقتها واندفعت بلا مقدمات تضم ذراعيّها وتَجُرُّ آرام في احتضان كاسح خلخل ضلوعها، انطوى رأسها في كتفي آرام فيما تُتمتِم: -ذلك الوغد لا يستحق دموعك، اياك أن تبكي أرورا. تشبثت آرام في حضنها أكثر وسكنت فيما تعيد عليها إيلياء: -أنت ذات شأن عظيم لن تبكيك خيانة صعلوك مثله. اهتزت فيها حروفها وانفجر سدّ عينيها، فضاعت في بكاء حارّ مميت، التفت ذراعا آرام حولها، وابتلعت جمرة حارقة دون أن تدرك نار إيلياء التي قاطعت مهند منذ أسبوعين فما عاد ضميرها يسمح لها أن تستمر وتدمر أختها أكثر. اخترق صوت إيلياء الصمت المحبوس في الغرفة وحثَّت آرام من فورها: -اذهبي إلى العطارة من فورك، وأري أبي ماذا صنع ابن أخيه. **** انطلقت آرام تتقافز كغزال سُحِب من نابي أسد ومضى، حفرت الشارع أسفلها واحتك حذاؤها بحصى الرصيف ولم تعبأ، أوقفتها أم غازي وابنتيها اللاتي خرجن من سوق البيادر، نظمت أنفاسها وحيّتهن: -السلام عليكم، كيف حالك خالتي أنتِ وريم ونغم؟ أجابتها المرأة الكبيرة التي تحاملت على قدميها في وقفتها: -نحن بخير، بخير. أود أسألك عن صديقتك سراب؟ نظفت آرام حلقها وحثّت العجوز على سؤالها: -من الجيد رؤيتكن بخير، تفضلي خالتي كيف يمكنني أن أساعدك؟ مطت العجوز شفتيها وتبادلت مع ابنتيها نظرات الاشمئزاز والعار: -هل صحيح أن سراب فرّت من زوجها ولم تتقبله أبدًا ولم تعطه حقوقه لأنها كانت استغفر الله.... سحبت العجوز طرف حجابها لذقنها واستحيت كلماتها أن تمتد أكثر. اشتعلت حدقتا آرام واندبت العاصفة حول حلقاتهما الرماديتين، فأضحت عيناها كرتين من جحيم وهي تستلم الحديث عنهن: -لا يا خالتي ليس صحيحًا، بل ما تقولنه يدخل في عرضها وذمتها وشرفها. لقد أتمّت سراب شهرين من عدتها ونحن نخشى أن تعلق في رحمها بذرة من طليقها قليل المروءة. بررت لها أم غازي منفعلة بشرر: -هكذا يقول الناس يا ابنتي. ارتفع صوتها واحتدت نبرته مستطردة: -من فضلك يا خالتي لا تتابعي في سيرتها وتفتحي أذنيكِ للناس، فالشيخ طالب وكّل ابنه وحفيده لكل من تجرأ على قذفها ورفع يده من الحكم بأمرها. انتصرت نظراتها وزارها مكرها الذي يعطيها أجمل إطلالات وجهها حين رفعت سبابتها لحدود فكّها مستفهمة ببراءة: -أ تتخيلين لأي حد تهمه سراب ولا يود أن يخفف من القصاص عن أي أحد يلوي سمعتها؟! ضمت هاتفها إلى صدرها أكثر وأخبرت بنات العجوز قبل استئنافها للعطارة: -ام غازي سيدة كبيرة في العمر، ليس هينًا أن تجوب المحاكم لأجل القيل والقال، دعاها تعمل لآخرتها من فضلكما. رمقا عصا المرأة بغضب وتابعت بجرأة: -لا أظن أنه بقي الكثير. **** أشرفت على وصول العطارة، فتنفست بعمق الأرض وما عليها، ولجتها بجناحي طائر حبيس تنفس أخيرًا نفس الحرية، طوقت الجلسة العربية التي تجانب قسم البيع والشراء وطارت من فورها لعمّها الذي يجالس والدها ويفرش عباءته كتاجر وكبير العطارة التي لم يشقَ في تعبها شبرًا واحدًا. دخلت عليهما الباب الزجاجي وأغلقته، لم تحيي والدها الذي تبسم في وجهها واستقام من جلسته نحوها. بل أنزلت الستائر عن الغرفة الزجاجية. ركضت صوب عمّها وجثت على ركبتيها نحوه فخلخلت جلسته المسترخية في سحب أنفاس النارجيلة ورماها من كفه، توسلته فيما يستنجد صوتها: -أنا في وجهك يا عمي رشيد أن تطلقني من مهند عقبما ما رأيت عليه من فضيحة. تحرك والدها نحوها يزيحها من ركوعها بلا فهم: -انهضي ما الذي تفعلينه؟، كيف تركعين بهذا الشكل؟ احتل عمّها حديث نجيب بصراخه: -لا تُجهدي بلائي يا ابنة نجيب، ألم تدركي أن مهند صار زوجك ولا داعٍ لما تفعلينه. واجه نجيب ابنته وهو ينتشلها من الأرض ويرفعها إليه مستحوذًا عليها بقوته مما أجسرها على شحذ همّتها فأطلقت نحيبًا كسر قلب والدها فيما تشكو إليه: -أنه يخونني وبأبشع الطرق أبي. كسر رشيد تعجب نجيب حين رمى النارجيلة التي تناثر فحمها على الأرض وانسكبت على سجادها: -كيف تتهمين ابني بهذه التهم يا ابنة نجيب!! تأوهت ترفع رأسها لوالدها وترمي بهاتفها إليه، طالعت وجه عمها وأحكمت الطلب منه: -لن أريك ما يحمله الهاتف، بل ستطّلع عليه مع والدي وأن أرضاك ما رأيته وقبلته على ابنتك فلن أعتب عليك. ازدردت لعابها توجسًا حين بات الهاتف بينهما فهي ورغم حرصها على حذف الصور التي تطلق ابن عمها كاملاً بلا ستر واكتفت بصور محددة تخشى وتخاف. استلت نبرة واثقة احتاجها موقفها وأتبعت: -وإن حكمت عليّ الزواج من ابنك رغم ما رأيته بأم عينك فلا مجال للتشكيك أو رميي بتهم باطلة فإنني.. أسفت نظرتها من شحوب وجه والدها وتكسر صفحته إلى رقائق ميتة: - سأكون في فراش الشيخ طالب القاضي الليلة دخيلة مستجيرة به ليلطقني من ابنك الذي يخونني. كبّر والدها فالتهمت شفتيها بحزن عليه لما رآه وسمعه منها، انفجر صوته في مهند يستدعيه، وعمًها يهوي بعقاله على الأرض ويرمي صوته بدوي انفجارات متتالية: -الوغد الغبي كيف يفضح نفسه هكذا؟! اندفع نجيب يجلب مهند الذي تأخر عليه، فيما تبعه رشيد مهددًا: -ما الذي ستفعله مع ابني؟، أنا أعطيك الصلاحية، اصفعه واضربه وأدبه هذا زوج ابنتك لك الحق فيما تفعله فيه. بصق نجيب حروفه في وجه أخيه: -وهل بقي فيها زوج ابنتك عقبما رأيناه؟ زمجر رشيد وأحكم غلق الباب مع قدوم مهند والتفاف العاملين حول الغرفة الزجاجية: -هذا رجل وإن أخطأ فلن يعيبه شيء. اهدأ يا نجيب لن يخطأه أحد. طوّق مهند الجلسة برعب، وسأل متوجسًا: -ما الأمر؟ هزأ به والده وعمه يركض نحوه في مشهد إجرامي: -الأمر لهاثك حول شهوتك ونفسك يا قليل العقل. هجم نجيب على مهند بمجرد دخوله ولكمه في وجهه، ترنح مهند دون أن يدرك ما يحدث ويستوعبه فعقله رماه في ألق طريق، فدعمه رشيد الذي صرخ في وجه نجيب: -أدبه وافعل ما يحلو لك يا نجيب، مهند أخطأ في محادثة الفتيات ويستحق أن تقصره عما يفعله. مثّل رشيد بجسد ابنه أمام نجيب الذي أفرغ فيه صفعة واحدة بعد لكمته وجذبه ليطرحه أرضًا: -غدًا قبل التاسعة ستكون في المحكمة لترمي الطلاق على ابنتي. طوّح رشيد عصاه وتمسك بنجيب يهدئه: -هدئ من روعك ولا تتصرف بأمور ستندم عليها لاحقًا. رفع نجيب رأسه عن مهند وبصق عليه، التفت نحو رشيد ومسح فمه متسائلاً: -أما زال في طاقتك الكثير من التهديد يا رشيد؟، ابنتي ستتطلق من مهند، وإن لم تفعلوها احترامًا ستنفك عنه بقضية خلع.. أيرضيك هذا؟ هبط رشيد على ركبتيه ووازى نجيب في قرفصته. استولت حروفه على بث شفقة ورجاء: -أنا أخوك، هل تضيع الدم والنسب بيننا؟ نهض نجيب من فوره وطالع رشيد من علو: -ألم تضع الدم والأخوة بيننا حين اتهمت ابنتي زورًا دون دليل؟ انهار صوت رشيد في تذلل: -وهل تصدق ابنتك؟ مشى نجيب نحوها وشد ذراعيها نحوه: -مثلما صدقت ابنك كذبًا وشددت من أزره عليّ، فأنا أصدقها وأشدد من أزرها عليكما، فقد وقعتما. نهض مهند بصعوبة عن الأرض ووالده يشده إليه متوعدًا: -الرجل لا يعيبه شيء يا نجيب، العيب سيلتصق بابنتك. تقاطر سيل ضعيف من الدماء على طول شفته التي اصطدمت بمهند حين رماه أرضًا. سكب حروفًا مقهورة من جوفه: -العيب التصق بي منذ أن ارتضيت به زوجًا لها وأنا أعرف كيف أحكتم حولها أسوأ التهم. -ستندم يا نجيب، أعدك بأنك ستندم أشدَّ الندم. همست له آرام من بين شفتين مرتجفتين: -والله كل ما رأيته حقيقة. أومأ لها وتركها، تحرك باتجاه مهند ورفعه من نصف جلسته. رفع ذراعيه لكتفيه واستدار به للباب فتحه وأمره بصوت باتر: -الله معك يا مهند، بعد اليوم لن تطأ قدمك عطارتي، لقد استأمنتك على عرضي وابنتي وبيتي وخنت الأمانة ولا مكان لك بيننا. دفعه للخارج دون أن يستمع اليه، تشبث مهند في وقفته وترك لأذنيه لعنة السمع: -إن كنت تود أُخوّتي، أخرج أبناءنا من الحسبة، لو أخذت صف مهند ضدي فأنت تغامر في أخوتنا والله معك. تساءل رشيد بذبحة صوتية: -هل تطردني؟ أوضح له نجيب: -كنت أخيّرك. أولاه ظهره وأتبع خطواته حيث آرام، نصّت حروفه البأس وأحضانه تستولي على جسدها الرقيق البض: -لن تنامي خارج فراشك الليلة، لن تستجيري بكائن كان ونجيب حيٌّ يتنفس. *** | ||||||||||
14-08-24, 08:49 PM | #358 | ||||||||||
كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء
| *** نفذت من طالب كل محاولة جذب لحفيده، واكتفى بتمرير رسالة لأحمد الذي ينهشه القلق: «اطمئن» ترك نفسه للصبح وسلّم سكينته لله، دعا الله أن يجبر قلب حفيده فلا وجع في الدنيا يضاهي وجع ريبال، تجهّز لرؤية منتصر حفيد أقرب العالمين إليه لولا أن حدث ما حدث وانشقَّ حبل الودّ بينهما كأنهما ما كانا روحًا واحدة، تمسك في عينيه ألا تبكيان أحمد العمري لكنه بكاه كما بكى لطيفة وميسم وأحمد وريبال فوقهم. تحرك من جلسته وهبط نحو السلالم، جاءته سراب راكضة تتمايل ضحكاتها كزهرة يضمها الهواء في رقصة صيفية، انفتح وجهه عن ضحكة واستقبلها: -لقد سبقتني اليوم، ماذا عندك لتهبط إلينا باكرًا؟ استراح في نفس عميق وذراعه تداخلت مع ذراعها التي شبكتها وسارت معه بخطواته الوئيدة: -لدّي زائر غالٍ، غالٍ يحمل رائحة الطيبين. ضيقت عينيها وتوقفت تسأله: -من هو؟ أ أعرفه؟ زارت سبابته وجهها الأسمر ورد يفيض من لسانه الحنين: -لا، لا تعرفينه ولا يعرفه أحد هنا. سبقها وتركها في حيرتها فركضت خلفه محتجة: -كيف يكون غالٍ عليكَ ويحمل رائحة الطيبين والماضي ولا أحد يعرفه هنا؟ تبسم في وجهها ودارت قبضة أنامله على عصاه: -هي أشياء إن تبدو لكم تسؤكم فلا تسألوا عنها. ضربها الشحوب وعدم الفهم، اقترب منها وهمس لها: -أشياء مضت وراحت في حال سبيلها، ابقي هذا بيننا كسرُّنا الصغير. أومأت له وتعاونت معه على تبسيط وجهها براحة، أخبرها قبل أن يغادر: -اليوم هو موعدك الأول في عيادة الجلدية، لقد حجز لك سند موعدًا مع أفضل طبيب في المشفى، لا تنسي ذلك وتنشغلي مع حسناء هناك طوال الوقت. كرر أمام وجهها بسبابته: -لا تنسي سراب، سأغضب منك إن لم تذهبي. سكنت حنجرتها غصة متعبة، جدها يرميها دون العبء بحواجزها النفسية، حتى أنه يود منها استكمال علاجها دون مرافقة أحد أو مساعدته، لقد تجاهلت الذهاب للطبيب في المرتين السابقتين حين رافقت مواعيد حسناء، والآن يبدو مصممًا. أخذت نفسًا عميقًا وزفرته ببطء، فتحت فمها للحديث وتوقفت. أخبرته سريعًا: -جدّي، عمتي حسناء لا أشعر أنها بخير.. ازدردت لعابها حين توقف وأجلى تركيزه لها: -لقد لاحظ الطبيب ارتفاع مستويات ضغط الدم لديها بصورة مفرطة وأجرى لها عدّة تحاليل وأمر بمجموعة إضافية. فركت أناملها في حذر بالغ واستطردت: -تبدو متوترة ومستنفرة طوال الوقت ليست في وضعها الطبيعي، ولا أعرف كيف أساعدها. ترجمت مشاعرها بوجه مقلوب وفم مزموم: -كنت أظن أن قلقها بسبب طبيب المزرعة لكن أشعر لاقتراب زواج ريبال الأثر الأكبر. لقد قصّت حسناء قصة الطبيب على سراب، ظنّته سراب خائنًا كسر قلب عمتها ولم تكن الحكاية إلا ديباجة مخملية لعاشق ظل يسعى خلف امرأة لا تريده، لم تحبه ولم تلتفت له، أحبَّها كرجل وكرر طلبه ورجاءه فيها، ورغم علمه بمرضها ورحمها المفقود لم يتوانى وظل في سعيه خلفها حتى بحث نصيبه هو الآخر حين استيأس منها. تجمدت قسمات طالب وانكمش وجهه في شحوب وثلجية: -لا تغفلي عينك عنها وذكريها بمواعيد أدويتها كل وقت، أعرف كيف تهمل نفسها. **** «قبل هذا الوقت» "الأسود يا سيدي يختار سادته" عبارة روائية لأشهر روايات أحلام مستغانمي. ودت لبنى لو نطقتها حين أخرجت لمنتصر ملابس لمقابلة عادية، سألها مستغربًا عن عدم توافر لون عسلي من السترة التي قدمتها له، فردت عليه بغضب مفتعل: -كل مرة تذهب لشراء ألوان مختلفة من هذا النوع وتأتي بالأسود منتصر! لم يعلق واكتفى ببسمة، ارتدى ملابسه وأخبرها أن مشواره طويل وبحاجة لدعوات، انقبض قلبها وهدهدت خوفه بالطمأنينة؛ فمنتصر لن يؤذيها. ودّعته بعينيها فيما يستقل سيارته ويمضي، تحسست جبينها وقبلته التي يواعدها بها في كل استقبالٍ ووداع. أثر عطره ممزوجٌ بأنفاسها فأودعته الله من كل عينٍ تراه ولا تذكره. ما أن خرج من محيطها حتى توالت رسائل هاتفها فعرفت ميقاتها المعتاد و بأنامل راجفة فتحت الرسالة واستقبلت الطلب الذي يقتلها ويخضعها لسطوة الضمير، كممت كفها بشهقة والذل يعتريها ،حين بات تهديد سليمان غير موارب، صريح لا يلتف فيه. لم تتح لها رفاهية الذنب والوقوف عنده طويلاً فلا خيارات تملكها! بإذعان دخلت غرفةً بعينها، فتحت كاميرا الهاتف و أغمضت عينيها فيما تجيب باهتزاز: -أنا جاهزة.. هل نبدأ؟ **** بعد ساعتين كان منتصر يصف سيارته في البيادر أمام بيتٍ ضخم مهيب سرق منه الانبهار، هذا البيت لا سواه سيكون فيه طوق النجاة الذي يأمله. رن هاتفه فوجدها رسالةً ينتظرها من خالد، قذف هاتفه محترقًا، وأفرغ غضبه الأهوج بلكمات تحملها المقود حتى آذته يداه. بعد لحظاتٍ استجمع نفسه وتفقد هيئته، خرج بأناقة واستقبله ريبال الرابض عند الباب: - أهلا وسهلًا بك شرفتنا يا حضرة المقدم! شدد على كف ريبال واحتضنه بين كفيه: -حُييتَ ريبال، لي الشرف في زيارتكم. سار منتصر بثبات ٍ للداخل واللهيب الذي أوقدته ناره تلاشى نوراً بحضور الرجل الذي كان بانتظاره وحيّاه: -حللت أهلاً ووطئت سهلاً يا ابن الأكرمين! حين وصل المضيف أرضًا وجد ريبال يقف على عتبات البوابة منتظرًا قدوم منتصر، فتركزت قدماه وتأرجحت العصا بين كفيه، بانت السيارة في مطلع حيَّهم، اختبر شعور اللهفة الخطرة، ولذة المجازفة رغم العواقب. لم يفكر في ماهية الماضي الذي يربطه بضيفه، بل تنزلت عليه رهبات الدنيا حين رأى منتصر يقف منتصبًا، تلاشت الدنيا بين عينيه وصغرت. لم يطبع أحمد العمري نفسه في ابنه فحسب، بل أورث وجهه وألصقه بحفيديه منتصر وريبال. تعامل مع أشد لحظاته ضعفًا، وطوى التوق كله في عناق نسي نفسه فيه حين سحب منتصر لكتفه. أبعده عن وجهه وأضاءت قسماته في حماس: -يا أهلًا بحفيد أحمد العمري. أولجوه إلى مضافة القصر دون المضيف الخارجي، فهو ضيف مقرب ولن يعاملوه معاملة الضيوف الأغراب. أجلسه طالب جانبه وأخبره: -أنت هنا ضيف، والضيف أسير مُعَزِّبه، كل ما جئت به سأوافيك به، لكنك ضيف عندي اليوم، ولستَ بأي ضيفٍ أنت حفيد العمري رفيق عمري. سكت منتصر هنيهة وشعر بخجله لعدم معرفته به كصديق لجدّه فسأله: -لقد عرفتك شيخا وقاضٍ فعائلة بيتي قد عاشت هنا واسمك يتردد في كل مكان، لكن اعذرني لم أكن أعلم أنك رفيق لجدي وإلا كنت تمسكتُ بك كرائحة طيبة من أثره. مدد طالب بسمته ودهس على ظنونه التي ساءها أن يميت العمري اسمه، عذره في قلبه إن لم يذكره يومًا أو يعترف فيه أمام أحد، فلربما ذكره في سرِّه ورافقه في خلوته فهو معذور، فبرّر لمنتصر: -لقد انقطعت بنا الأيام وأنت ابن السنة أو ما دون، لا ضير إن لم يذكرني فالدنيا تذكرته كثيرًا بالمصائب وكان صابرًا ولم يشتك. افترش الحنين وجه منتصر وتمطى عند ذكر جدّه فصادق طالب القاضي: -وأنا أشهد له كان صابرًا ولم يشتك. كان صبر ريبال نافذًا كأنه لا يطيق صبرًا على حبس منتصر ورمي وجهه مقابلة له ليسأله، ألم يثر وجهي فيكَ أي شك، بل كيف تكتم شكوكك حولي وتخرسها؟ لكنه كبح خيالاته وتمتم: -رحمه الله منتصر، الخير في القادم كله إن شاء الله. حبس طالب نفسه، حين لمح ريبال الذي يتفرس في كل طقس من طقوس وجه منتصر. منتصر الذي يذكر من ضربات جده وفاة والده وهرب والدته مع رجل وشتاتهم في كل أرض دون أن يجتمعوا ولم يدرك أن له عمّة شُطِّبت من قاموس الأحياء وهي حيّة وقذفت في صفوف الميتين. نظم نفسه وهو يسأل: -قل لي كيف هو مأمون عبد العزيز؟ هل هو بخير؟ ربّت منتصر على جانب أريكته والتفت بكامل جسده لطالب الذي يجانبه: -صحته ليست مستقرة كليًا، ولا علم له بكل ما أفعله خارج السجن. سيعارضني لو اكتشف. هزَّ طالب رأسه وألقى نظرة لريبال الذي جلب كؤوس الشَّاي لهم، أخبره بحكمة واقتدار: -هذا الرجل زهد الدنيا حين زهدت به، لكنه يغالي في بيعها. -صدقت أبا سلطان، مغالاته في بيع الدنيا أنسته أن شابًا له ينتظر خروجه كل حين فلا أحد سواه له. أغمض طالب عينيه ووقف عن حديث طويل لم ينطق منه إلا: -اشرب شايك منتصر لن تخرج من بيتي إلا راضٍ **** تم تنظيم حفلة موسيقية بحجرة يافا وناي وغيم، اختارت ناي بدلة برتقالية للرقص ابتاعتها من أحد متاجر الأثواب الرقمية فيما مددت يافا ميكرفون الصوت بقابس الكهرباء ونظمت قصبة طويلة له لتبدأ في وصلة عراقية عريقة على إيقاع موسيقي خاص بالأغنية واكتفت بثوب مفتوح ابتاعته من أسواق الثياب المستعملة وغيم ظلّت بمنامتها البيتية وتركت عرض الأزياء لأختيها. أنشدت يافا الكلمات التي تجعلها تبكي على حبيبها الذي لا تعرفه فيما تمايلت ناي على السرير أمامها ببطء مع نغمات الموّال ثم انطلقت في حركات رقص شرقية، بدلت يافا الأغنية سريعًا وانخرطت في تشجيع ناي وهتفت: -عاشوا، عاشوا! دارت حول ناي وهزّت كتفيها لها وناي تتراجع للخلف بحركات أفعوانية حتى هبطت على ركبتيها ويافا تصفق مبهورة: -يالبرتقالة يا معلقة وتزهين، عذبتِ حاله. عدا الجنون غيم فبدت تلتف حيث التفاف ناي وتصفق للمغنية: -عذبتِ حاله يالبرتقالة.. ثم تبدلت نغمات الإيقاع وانخرطت يافا في نوع جديد لأغنية شعرية أدّاها كاظم ولو استمع لطرف أنين من تقلبات حنجرة يافا لمقطوعته، لاعتزل -وضربتُ شواطئَ عينيها كالرعدِ الغاضبِ أو كالبرقْ. ضحكت ناي مع رمي ذراعيها للخلف وفتح زواية حادة لفخذيها بالتتابع فاستطردت يافا بغرور: -فأنا في الماضي لم أعشقْ بل كنتُ أمثلُ دورَ العشقْ. هددت يافا ناي التي تضحك: -إن استمريتِ في الضحك على إبداعي، سأحرمك صوتي. تجاهلتها ناي وهزت صدرها في مكر وغيم ترفع إبهامها إشارة لإعجابها بها، فتمطى غرور يافا وهزت رأسها تحرك شعرها وطلبت أغنية جديدة، أدارت غيم المسجل وتركت الايقاع لأغنية تضم الاغتراب فعادت الوصلة الشعبية وانفجرت طاقات ناي وغيم ويافا وسطهن. فجأة انفتح الباب على الملهى الليلي المدار من قبل احتسان ونادر الذي خرج من فوره عن منظر شقيقتيه المكشوفتين، زفرت احتسان شهقة بالغة وهي ترفع ذراعيها في شكوى: -يا ربِّ لا اعتراض على ابتلائك لي ببناتي، لكن ألا أمل لي أن يتم علاجهن سريعًا! غطت ناي نفسها بملاءة سرير غيم ورمت يافا قصبة الميكرفون حين توجهت احتسان صوب المسجل وأطفأته: -ما هذا يا بنات؟، ما هذه التصرفات المخجلة التي تفعلنها؟ كشفت يافا وجهها من خلف ستارة النافذة: -كنا نحتفل بخطوبة مؤيد. كتمت احتسان حاجتها للضحك وتصنعت الجِدّ: -وهل سنحتفل بمؤيد بعرض شرقي راقص كهذا؟ ألم تتعلمي أن الكذب عيب يا كبيرة أخواتك؟، يا مصيبتي الأبدية. قوست يافا فمها واحتجت: -لا تضخمي الأمر وشاركينا في الفرحة، يكفيكم معاداة للبهجة آل علّام. تمطى فم ناي بإحباط فشدت من الملاءة حول جسدها وبصقت تعليقها: -أعداء الفرحة والسرور، يا فرحة لم تتم علينا. قرصت احتسان ذراع ناي وأنّبتها: -أعوذ بالله من فألك، الله يتمم لنا فرحتنا على خير بدون جنونكن وفضحكن لنا أمام الجيران. نفخت يافا معترضة: -من الذي يستمع الينا؟، أمنيتي أن أعرف من هم الجيران الذي نفضحك على الدوام أمامهم. دلكت ناي موضع قرصة والدتها وأجابت: -سكان الأرض السفلية، الذين يمتلكون بنات نظيفات مرتبات يرتبن خزائنهن ويعتنين بأمورهن الشخصية ولسن مثلنا تسللت يافا إلى الخزانة وأحضرت بلوزة صفراء خفيفة حشرت جسدها فيها فوق الثوب الأسود الحريري ونفخت غضبها: -لقد قمعتم موهبتي للمرة المليون، لن أغني مرة أخرى . وصلها صوت نادر من الخارج متهكمًا: -لا، من فضلك لا تفعليها سيأتينا كاظم السّاهر معتذرًا نيابة عنا كي تغني بصوت الماعز له. مددت يافا به وقد غاظها ضحك ناي التي باعتها لصالح توأمها: -والله لن أغني ثانية، مهما دفعتم وفعلتم لي. خرجت احتسان من الحجرة وقد أنستها الفتيات ما جاءت لأجله: -يافا الراديو اصمتي، لقد أنسيتني ما جئتُ لأجله. غسل الفضول جسد يافا ونطت أمام أمها تسأل: -هل تقدم لي عريس؟ تأففت احتسان بضجر وأبلغتها من فورها: -جهّزي نفسك غدًا للذهاب معنا لفحص عينات التوافق لراوية ومؤيد. صفّقت يافا ودارت بحماس: -أووه، حقًا ستأخذينني أنا؟ تكفل نادر بالإجابة: -للأسف أنت التي ستذهبين، محسوبة علينا الكبيرة في المنزل. توعدته بدموية: -حسنًا نودي، أنا أريك الذي ما أفعله بك نودي بيك. **** -من الذي تحمله ملاك في يديها؟ أوقفت نوال راوية التي حاولت التملص من قبضة والدتها، نفثت حروفها بثقل: -هذا ثوب آرام الأزرق كنت سأردتيه ليوم غد. شهقت نوال وضربت صدرها وأمسكت بالكيس ترميه من فورها: -اذهبي فأل النحس والشؤم عنا، لن ترتدي شيئًا يخص هذه المشؤومة. فتحت راوية فمها واستفهمت بحرقة فالثوب رائع وتمنت ارتداءه منذ زمن: -لماذا، ما المشكلة في الثوب أمي؟ تخصّرت نوال وقذفت الكيس خارج البيت، ركضت صوب المطبخ وجلبت الملح وأذابته في كأس ماء ضخم، خرجت إلى الباحة تتبعها راوية التي ناظرتها ترش المحول على الكيس والأرض أسفله: -هل تضمنين ما فعلته آرام في الثوب؟، قد تكون شهقت فيه وتمنت لك خطبة بخسة مثلما حدث معها؟ عارضتها راوية وحاولت جذب الكيس منها، اصرّت نوال عليه وصفعتها على كف يدها: -والله إن عدتِ واجتمعتِ بالمطلقات الاثنتين لكسرت قدميك، لا نريد فأل شؤم علينا. جرّتها حيث حجرتها واختارت ثوباً قديماً لها ورمته في وجهها موبخة: -ما بها ملابسك؟ ألا ترضيك الا ملابس ابنتي الآغا والقاضي. قذفت حجاباً مناسبًا له مستطردة في شر: -واحدة ارتبطت بعامل طابون والأخرى ارتبطت بعامل عطارة ستحسدانك على مدير المصرف نديم. قفزت فوق الملابس المرمية وخرجت تفح في ابنتها: -إياك أن تلتقي بهما واكتمي عنهما موعد خطبتك. **** صباحًا بآلية ارتدت راوية ثوبًا قطنيًا تُركوازي بلا ملامح إلا من حزام ضخم يفصل خصرها . الثوب لا يناسب برودة الجو وعوّلت على جمالها ليصرف النظر عن هيئتها الباهتة. رافقتها والدتها بعد ليلة نقعت فيها جسدها بالمحاليل والوصفات وزيوت نجيب الآغا فلن يرى نديم ذراعًا متشققة أو جافة. وصلت سيارة مؤيد إليهم وهناك التقين بشقيقته التي رافقت والدته. صعدت خلفه برقة ونعومة وحيت الجميع: -السلام عليكم. نبرة أجشة ثقيلة عقصتها الخشونة ردت عليها: -وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تلاقت عيناها مع عينيه في المرآة فكتمت نفسها وأشاحت بوجهها سريعًا محمرة. التوت أناملها في توتر وهو يقطع عليها تأملها الصامت به: -كيف حالك خالتي أم فاضل؟ ما كان ليترك سمعه يذهب مع نوال وبصره يتصل مع وجهها وهو يستطرد في لهفة: -وأنتِ... راوية كيف حالك؟ علق صوتها في حنجرتها وساحت حمرة شفتيها وكحلها. سمحت لصوت خافت أن يرد: -أنا بخير، ماذا عنكَ نديم؟ ضحكت احتسان وسحبتها فيما تصلي على النبي وتذكر الله عليهم، مالت راوية على والدته تحييها وقد استغرقت وقتًا لتعيد لأنفاسها انتظامها، يبدو أن ما تفعله ليس تمثيلًا كليًا. برقت عينا يافا التي تحركت في جلستها وغفلت عن تمشيط راوية لها بغيرة: -أنتِ عروس أخي، يا مرحباً بك في عائلتنا. بعفوية قضمت يافا حضنها إليها وتفحصت وجهها بشقاوة وأكملتها بهمس وغمزة: -سيكون إنتاجكما عشرة على عشرة. غطت راوية فمها بكفها وأطلقت ضحكة طوارئ سريعة، اعترفت صراحة وقد قيمت جمال يافا بالمبهر ولكن لا يصل لربع بياضها: -أنتِ جميلة، سنتفق بالتأكيد. ضحكت يافا وقد دخلت راوية قلبها: -أي شيء يحبه مؤيد سنحبه بالتبعية، لا تقلقي على نفسك يا شابة، سنستمتع. تخلصت راوية من يافا بصعوبة وركزت على أهدافها المتماثلة خلف المقود، أصابعه خشنة صُلبة تعرف الانغماس في الشقاء والتعب، مفاصله غير ملساء رغم انطباع العُقد عليها لتبصم رجولة خالصة. تخيلت خاتمها الذي سيزين خنصره، أيّ تملك ستمارسه للاستحواذ على كل هذه الرجولة والطاقة الدافئة التي تنبعث منه. توقفا أمام معمل التحاليل وهناك فصلوهما عن بعضهما، خرجت النتائج بفورية وكانت النتيجة متطابقة، فعانقتها احتسان وفعلت يافا المثل. أخيرًا توقفوا عند شارع ضخم يضم الصَّاغة، أنزلهن برفق وتبعهن. غمزت نوال لرواية من فورها. فهمت راوية وكرهت أن تختار أي شيء غالٍ غالبًا هي ترضى بأي شيء للتشبث به. أخبرتها احتسان: -هذه خطبتك يا ابنتي، اختاري ما يحلو لك ولا تخجلي من والدتك، ولا تستمعي لها، نود إسعادكما فقط. تنحت نوال بهدوء ورجعت إلى المقاعد وتركت الصائغ يملي عليهن الموديلات: -البنت ابنتكم، لا شأن لي بها، ولو أنني وددتُ أن تأخذوها كما هي بلا ذهب ولا نقود. التفتت لها احتسان وعارضتها: -كيف تقولين هذا الكلام، هذا حقها وفرحها ويجب أن تأخذه كله كاملًا. خبأت نوال وجهها في كفها وتمتمت بخجل: -الله يبارك لكم فيها وهنأكم، ماذا أقول بعد قولك. وصل مؤيد وجاور راوية في حياء واضح والفراغ الضئيل بينهما يعج بالصواعق والكهرباء، راقبت نوال ابنتها تختار خواتم رديئة وعائلته ترفضها، سخطت في سرها: -الحمقاء الغبية. تقافزت عيناها في انتباه وهي تلمح تجربة راوية لخاتم غبي تفحصه مؤيد في انشداه، كتمت غيظها منها فقد نالت منها بغبائها، أخيرًا تدخل مؤيد وأخرج خاتمًا مميزًا وألبسه ابنتها فارتاح صدرها. ضحكت فيما تلتمع عيناها فابنتها أدهى منها، جربت الرخيص ليأتوها بالنفيس. استقامت تتابع عملية الشراء التالية. توقف مؤيد يتفحص أصبع راوية فيما يملي تعليقًا: -علينا الاهتمام بتغذيتك، إصبعك رفيع جدًا. نكست وجهها وهو يطابق قياس الخاتم مع خاتم ثانٍ حتى وجد طقمًا كاملًا يناسب الخاتم. شهقت واعترضت: -لا يا خالتي لن تبتاعوه لي، يكفي الخاتم. أخذت احتسان كفها وطمأنتها: -لن نقول لمؤيد، مؤيد هذه عروسه يدللها كيفما يشاء. غمزت نوال لراوية التي رفعت حاجبها وتلقت الطقم كاملًا، جهزوا الحقيبة وأضافوا لها هدية، فلم يتحرك مؤيد بالخروج، سحب نفسه إلى قسم آخر واختار خاتمًا بنقوش عتيقة مميزة وتناوله، خطى نحو أمه وراقب قياسها. ضحك حين تطابق القياس مع أصبع والدته: -على المقاس تمامًا يا مؤيد، أرضاك الله ورضي عنك. عاد مجددًا للصائغ واختار واحداً ثان بأقل جودة وحجم وألبسه نوال التي اعترضت: -لا والله لن أقبله ألبسها إياه عنوة يطالبها: -هذه مباركتك خالتي. التفوا للخروج من المحل فالتفت لراوية يطلب منها: -هل يمكنني أخذ رقم هاتفك؟ شهقت ومارست رفضًا عنيفًا لإحدى مسلماتها كأنما يطلبها للرقص بلا حجاب وعبرت بحروف خطرة: -كيف يصح هذا نديم؟، لن أهاتفك قبل الخطبة. ضربت يافا كتفه وأخبرته: -بات رقمها معي يا مؤيد، سهرتك الليلة صباحية. عضت راوية شفتيها في قلة حيلة مدروسة وتوعدت يافا: -لقد نلتِ مني ولن تنفذي. *** | ||||||||||
14-08-24, 08:51 PM | #359 | ||||||||||
كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء
| *** حمرة فاقعة ضربت سمرة بشرتها مع قميص أحمر فاقع يعلو تنورة جلدية. رسمت جفنيها باحترافية متمرسة تنخرط بالخسارة وتتسلم بالفوز. اعتنت باللون الرمادي أسفل جفنيها بقلم التحديد، وتركت من عينيها لوحة تجسد الانتصار وتحتوي النهايات ببأس. رافقت والدها إلى المحكمة. مهند وحده من كان هناك، متورم جفنه الأيسر وفكه مضروب، يبدو أن عمَّها رشيد نال منه. شحذت خطواتها مغرورة وانطلقت للغرفة تسبقهما، لم يثر اهتمامها إلا وجود اسم سراب على الحاسب كآخر مطلقة تمت معاملتها هنا. ضحكت في سرها متهكمة، وانتظرت والدها الذي جاء وتمّ الطلاق من فوره، مع تحفظ مهند على كافة حقوقه وطلبها بما فيها خاتم الفضة الذي تبينت رداءة جودته. **** «أنا سأكون في حقل الحمص، تعالي هناك.» طبعتها من فورها إلى سراب وهبطت عند مشرف الوادي الذي يفضي إلى البساتين، اختارت الشارع عن الأرض المحروثة فحذاؤها جديد ولن تخربه. عرجت إلى حجارتهن الثلاث وانتظرت. لم تتفاجأ من هبوط راوية عليها: -لقد رأيتك، علمت أن لا فتاة من هنا ترتدي الأحمر سواك. ضحكت آرام ودارت حول نفسها تعطيها إطلالتها: -كيف، أليست جميلة؟ احتفظت راوية في غبطتها لنفسها وأخبرتها: -الحقيقة أنها مذهلة، قولي لي ماذا فعل أحمق البيادر المهووس بكل جسد أنثوي. شبكتا ذراعيهما وتولت آرام دفة الحديث: -لا شيء مهم، كان اسم سراب قبلي على الحاسب، تعلمين النكبات تأتي متتالية وليست فرادى. ضحكت راوية فاستطردت آرام: -هيّا قولي لي عن ذهابك أمس. تراءت لهما سراب فقطعتا الطريق إليها، سألت: -هل انتهينا من سبع البرومبا؟ أومأت آرام فانطلقت زغرودة سراب في الحقل. التفتت لراوية: -قولي كل شيء بسرعة. تلفتت راوية حولها وقالت: -لن أطيل عليكم، ذهبنا مع أخته يافا. امتعضت ملامحها واعترفت: -هي جميلة جدًا لكن بشرتها سمراء جدًا تبهت ملامحها. حارت في وصفها قليلًا وتابعت بعفوية: -تقريبًا تشبه درجة لون بشرة سراب. هزأت سراب منها وقالت: -حقًا؟ أومأت بهزة رأس فعلقت آرام بسخرية: -لون بشرتي أدكن من خاصتك سراب لو تلاحظين ما حال ملامحي؟ هل برأيك مشطوبة؟ تأففت راوية وبررت: -هي أفتح منك آرام لكن سمرتها غير محببة. هل فهمت ملامحها لا تليق على بشرة بيضاء مثلي؟ نطَّ من فم آرام آه طويلة أتبعتها: -فهمتك الآن. ولم تنتظر أكثر فقد قصمت راوية قشة صبرها وحان دورها لتنتقم لسراب الصامتة. حركت فمها ومطت حروفها ساخرة: -راوية لا أحد يهتم ببياض بشرتك هاته، تبدين كعبوة لبن فاسدة أقسم لك. كتمت سراب ضحكتها ثم انفجرت بها كاملة حين فاح الدخان من أذني راوية التي شهقت وسددت لآرام المنفجرة غيظًا: -قالوا عن جمال بشرتك الفتّاك، تحتاجين رطلًا من مستحضرات التجميل لتظهري بطبقة معروفة اللون عن لونك الفحمي. تمسكت سراب بخاصرتها ودمعت عيناها لفرط ما ضحكت مختنقة فآرام لم تنسحب ورشقت راوية من فورها وهي ترفع سبابتها منددة: -خسئتِ يا عبوة اللبن الفاسدة. ثم أشارت لنفسها بفخر وثقة شديدين: -سُمرتي كسمرة رغيف خبز أسمر مات الشعراء وهم يتغنون بها، هل ذكر شاعر عبوة لبن في قصائده؟ تدخلت آرام بينهما: -اهدأأ أنتما الاثنتان، وأكملي راوية عن نديم عوضًا عن شرحك لبياض وسمرة يافا. رنَّ هاتف راوية فلطمت وجهها وطارت من الجلسة: -أمي تهاتفني، أراكما لاحقًا. تبعتا ركضها ممسوسة فأوقفتها سراب: -هل حادثته على الهاتف؟ صار صوتها بعيدًا وهي تنط فوق بتلات الحمص: -لم أرض رغم تَلَهُفه، لا أود أن أبدو سهلة. صار لهاثها حارًّا فانفجرت آرام وسراب في ضحكاتهما. توقفت آرام مع رسالة تنبهية فتحتها فوجدتها من يزن يخبرها: «هل نقول أنتِ حرة الآن وبتِّ لي؟» قضمت شفتها في ضحكة آسرة وكشفت الرسالة لسراب التي ضحكت من قلبها قائلة: -إن شاءالله تجتمع دروبكما **** أغلقت آرام الهاتف دون رد ومضت أكثر مع سراب وأخبرتها: -لم أر عفراء منذ وقت هلّا رافقتني للمزرعة؟ صبغ الموت وجه سراب ورفضت: -لا يمكنني وصولها. أخذت آرام بيدها ورجتها: -لا حجة لك سراب، هذه مزرعتكم لم آت منذ زمن وهذا ليس وقتي أساسًا. شحبت سراب التي يمثل لها الإصطبل وصمة تاريخها الشنيعة ومطبها النفسي الأول فعادت لها آرام: -أرجوك، لا تدخلي معي فقط انتظريني عند باب المزرعة. نفت مجددًا فنفخت آرام وجرّتها: -ستذهبين رغمًا عنك هل فهمتِ؟ أوقفتها اهتزازات الهاتف فعادت إليه وجدت بضعة ملفات مرسلة من سالم قد وعدها بها كمراجع مهمة لرسالتها، بلا تحقق أو مراجعة أعادت إرسالهن لريبال الذي استقبل الرسائل بعد وقت، كانت على بعد قريب من المزرعة وهو يبعث إليها: -الأول غير معتمد. بعثت له علامة إبهام محبطة فتابع: -والثاني غير معتمد. أرسلت إبهامًا من فورها فرشق سريعًا بحروف إنجليزية: -الثالث قد يبدو جيدًا. استخدمت مترجم الجهاز لترجمة الجملة فوجدته قد بعث إليها: -أخبري سالم أن مراجعه قد تم إلغائها منذ وقت. خرجت من محادثة ريبال وبعثت توبيخًا لسالم: «كل مراجعك مغلوطة.» اكتفى سالم بأن بعث لها: «نجوى عادت.» انشغل ذهنها مع سالم وفتحت محادثة ريبال الذي علق على الملف الرابع بفشل. طبعت حروفًا سريعة وسراب تحادثها: «مرة واحدة تأتي الفرصة إليك إن لم تتشبث بها وتأخذها إليك، ستندم طوال عمرك، أنتَ تحبها إياك أن تخسرها.» بعثت بالرسالة خطأً إلى ريبال الذي ظنته سالمًا ودخلت لمحادثة سالم الذي تظنه ريبال وشرحت: «حسنًا بما أنك كشفته، لقد أكَّد لي صحة مرجعية هذه المراجع.» أكملت المشي وانشغلت بتحذير سراب من تركها وعدم الدخول معها، وانتظرت توالي الرسائل، حين دخلت المحادثة الحالية وجدت سالم يبعث لها: «الله لا يعطيك العافية هل أبلغت ريبال أنني من بعث إليكِ.» صرخت بصوت عالٍ حين تبين لها خطأ الإرسال ودخلت لمحادثة ريبال تدعو الله أن لا يكون قد رآها فوجدته بعث بعلامات تعجبية كرد. قامت بحظر ريبال مبدئيًا ورجعت لمحادثة سالم: «سالم جالب المصائب بصرف النظر عن سهولة كشفك للأستاذ ريبال، لقد بعثت رسالة له كانت لك.» أفلت منها تأوه مع رنين سالم ففكت الحظر عن ريبال وبعثت له تصحح: «هذه بالخطأ.» احمرّ وجهها ولم يجبها فطلبت منه: «أنا في زيارة للمزرعة، سآخذ الأصيل معي.» تأففت بنزق من عدم رده فصححت طلبها: «أقصد هل يمكنني أخذ الأصيل؟» كادت ترمي الهاتف بغيظ ورمته لسراب وشرحت لها الأمر. انفجرت أخيرًا ولم تجد إلا: «سالم أكدَّ على صحة المراجع.» هنا رد عليها بعلامة إعجاب مثلما ردت عليه بعد كل رفض منه لمراجعها. وأخبرها: «لن أتوافر غدًا للمناقشة » شخرت وقلدت نبرته: -قل أنك ستخطب السيدة ملعقة. **** على كومة القش استلقى ريبال واضطجع يحيى جانبه بذات ملابس الفروسية التي ارتدياها عصر اليوم لسباق يجمع شبانًا من الجنوب تخللته جلسة تصويرية. تلصص يحيى على الهاتف ورمق اسم آرام برسالة وأخبره: -هل تعلم أن اليوم صباحًا تم طلاقها؟ همهم ريبال وهو يتعجب من قدوم رسالة غريبة إليه منها، فشرح يحيى: -يزن كان السبب بينهما. حصل على انتباه ريبال بعقدة حاجبيه ونقرة طفيفة منه للمحادثة فتابع يحيى: -لقد فضح مهند غالبًا ودسَّ إليها صوراً له وهو عارٍ إلا من بضعة ملابس واستخدم الأمر ضده. تبسم ريبال واستفهم: -مهند عرض نفسه عا**ريًا؟ انفجر يحيى وشرح أكثر: -استدرجه يزن كأنثى. استندت عينا ريبال على وميض خطر واستفهم: -هل كان ذلك اجتهادًا منه أم دفع إلى ذلك؟ حرك يحيى كفه الملفوفة بشاش أبيض وتابع: -بينهما ثأر طويل، لا أظن آرام قد دفعته. ركز ريبال بنظراته على يحيى وسأل: -ألن تخبرني أي شجار خضته لـ تحصل على جرح قطعي كهذا؟ تغاضى يحيى عن كفه واستحوذ عليه تعبير ساخر: -أحييت أمجاد الطفولة ريبال. ضيق ريبال عينيه ولم يرتح للهجة الباردة التي حادثه بها واكتفى: -تخبئ عني يا عبقرينو الأسرار؟ هاجمه يحيى بنبرة ساخرة: -سأصبح مثلك. فزا عن استلقائهما مع الصبغة الحمراء التي بهرجت ضحكاتها في الإصطبل. حشر يحيى كفه في القش وانفرط تعليقه: -كان شهم محقًا. مشطا الهيئة الحمراء والخضراء التي تنتمي لسراب التي جاءت لموعد حفل كما آرام ووافق ريبال يحيى في هزة رأس: -بها جنحة آداب ومحضر. ضحك يحيى واستقام في وقفته تابعًا ريبال، كانت آرام قد استفردت بعبد الفتاح وسلطت هجومها عليه: -أخبرني الطبيب وائل ألا ضير من مشيها ببطء وأنا لن أتعبها. انكتم حسها مع قدوم ريبال ويحيى، فانحشر حرجها في خانة خبال ترجمته فورًا بضحكة: -مرحبا أستاذ لو علمت أنك هنا لوفرتُ الحديث حتى أصل. قرصتها سراب في كفها، فازدردت لعابها وأخضعت نفسها ببساطة لمجهر نظراتهما. أخبرها بهدوء ودون مقدمات: -خذي الأصيل برفقتك ولا تبتعدي فيه. انشق فمها في انفراجة واسعة غير مصدقة فتابع مشيرًا لبقعة خلف الإصطبل: -هناك، حيث أكواز الذرة. أفرج وجهها عن توهج متحمس يحرق الشمس في عينيها ويلهب الرماد. شكرته من فورها وانطلقت لحجرة عفراء فيما يخبرها: -حادثيني فيما بعد بشأن مراجعك. -حاضر، حاضر. تركت سراب خارجاً وسحبت عفراء ثم أتبعتها بأصيل طائرة نحو حقول الذرة. **** | ||||||||||
14-08-24, 08:55 PM | #360 | ||||||||||
كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء
| عاد سند إلى شقته مساء عقب أن رسا على شقة بعينها لتكون له، سحب إحباطه عن عدم مشاركة رها الاختيار واعتراضها: -الشخص الأول الذي يستحق رؤية حصاد عمرك هو والدتك ولست أنا. الليلة عاد مشتاقًا لسلامها، لحنو القش الذي تنسجه حوله وتجعله في مأمن عن وساوسه. حين عاد كان جائعًا لها. لم تستقبله عند الباب كعاشقة. بل كانت في انتظاره على الأريكة كصاحبة. ولج للصالة فرفعت له ذراعها وأشارت لحجرها كي يتخذه وسادة. فعل ما طلبت وتمدد رأسه على فخذها. سألته: -كيف كان يومك؟ أغمض عينيه ورد بتعب: -مرهقًا كنت أجري فيه طوال الوقت. نكست رأسها لجبينه وأهدته قبلة ترضي تعبه بها. يرتاح، يستكين ويهدأ -ستكون أعظم طبيبٍ نفسي في المملكة. زارت أناملها خصلاته وتمددت بها، فتأوه يزفر إنهاكه تلاعبت بوجهه وأغرته: -أستطيع أن أرضيك وأبدد همّك. تبدد إرهاقه وقفز سؤاله بإيحاء: -أنا جاهز، باشري. انتهجت مكرًا أنثويًا وطلبته: -سيكون تدليلي مشروطًا. توشحت ملامحه بالخيبة وزفر حروفه المخذولة: -لا أريد شوطًا تحفيزيًا تصفعينني في آخره بخازوق حاد. شهقت وكممت فمها: -متى فعلت بك ذلك؟ استحلت جلسته ومارس إغراءه واسترخاءه: -مثل قبلتك الأخيرة الفاشلة؟. شهقت تدرأ عن نفسها التهمة: -قبلتي فاشلة!! أومأ يسرق شفتيها في لمحة مفترسة وأضاف: -قبلة عجول دخلتها معي في سباق لنثبت من هو الأسرع . غطت وجهها بكفيها وانزاحت عنه محرجة: -اصمت سند من فضلك. ضحك معها وأقرَّ بصراحة: -أنا أكون معك على بيّنة، هل تدليلك يشمل القبل غير الخبيرة. كممت أذنيها تصم سمعها عنه، انتقمت منه وطلبت بلا مقدمات: -لن أدللك ولن أتعرف عليك، لست وجها للدلال لكنني أود مقابلة السيدة بثينة القاضي. تجمد في تمدده وطار استرخاءه، أخبرها بجفاف: -قابليها. انطلقت حروفها بعصيان: -أنا لا أعرف الطريق وزوجي من سيوصلني غدًا. استقامت عنه بعنف وأخبرته: -إن لم تفعل سأذهب مع أبي. **** انفرطت حبات العقد التي تتسق على كم دلال فشعرت بنبأ ضخم سيزلزل البيادر اليوم. علمت أن خطبة ريبال القاضي اليوم فضحكت ببأس وخطت حروفه المكلومة: «لن تنجو وإن نجيت، ولن تهلك وإن رميت» اعتصرت قلبها قبضة مؤلمة، شعرت بالخطر ولم تتبينه، تحسست إثر هيام علّها تساعدها في تبديد همّها ولم تنجح، طوقت الفضاء وانتصبت عيناها على طامة. ستعرف الليلة، تحركت حنجرتها ورضت نظرتها حين حام ظل بين الحقول الباردة. انساب وجه بثينة من بين العروق وفح صوتها مع حفيف الشجر الوارف: -دلال، أ تسمعينني؟ اغتصبت دلال ردًا جامدًا: -لي بيت تدخلينه بثينة، ولي مقام تحسبين له حساباً مثلما جئتِ الآن. خضعت بثينة وبانت، مارست الذل وركعت على ركبتيها أمامها. هامسة باسمه لا سواه: -سند. حاصرتها دلال وخنقت صوتها حين لم تستجب فتابعت بثينة: -أ يحبها؟ أ يحاربني لأجلها؟ أ يتركني في النار ويكويني كيًّا لأجلها هي؟ دارت عصا دلال في الرمال المبللة وسألت: -من هي؟. ضمت بثينة شفتيها وانطلق منها تحذير شديد: -لا تدَّعي عدم معرفتها، أجيبيني وارحمي ضعفي. ضربت دلال العصا في الأرض: -أنت هنا ذليلة ولست سيدة، تعاملي معي بناءً على ذلك. ازدردت بثينة لعابها وأجبرت شفتيها على الإجابة: -سراب ابنة تغريد. سكنت عينا دلال في التعب، قبضت على وجهها الحزين، سراب الحزينة عاشقة ومهزومة يهدها الوجع. صمتت طويلًا واستغرقت في قراءة اللهفة الميتة في وجهها، أنجزت ردها في هدوء: -أنت ملكة بثينة، لقد نصبت ملكة منذ أن تشكلت في رحم لطيفة، دعي عنك عمل الجواري وعودي لدارك، لا تملك سراب في قلب سند إلا دارًا بناها على حقد. انكسر وجه بثينة فيما تحثها دلال على النهوض: -هذا ليس مكانك ولا لباسك، شأنك شأن العزيزات، لا تحطي من منزلتك للجاريات. **** ظلت بثينة في بكائها في المرج الأخضر، تمرغت في حضن شجرة توسدت فيها، فجأة طلّ عليها صوت همس ابنتها: -أمي، أمي الحقي، سند في بيتنا. جن جنون بثينة وتحققت من صوتها، انتفض قلبها وتحرك وجهها في استجابة مستغاثة، سألت يلهف صوتها وتضيع نبرتها: -أين، أين هو؟ ردت همس التي تقطعت أنفاسها: -في منزلنا، جاء مع زوجته. قادتها همس حيث المنزل وجرتها فلا طاقة لقدميها على المشي، توقفت في مشيتها متعبة، فتحاملت همس الصغيرة على جسدها الصغير وسحبتها. انتحبت حين بانت سيارة سند في باحة منزلها، لاقته هابطًا سلالم البيت فاستغرقت الخطوات نحوه باكية: -لا يا سند لا ، لن تغادر بيتي. اعترضت طريقه وأوقفت حركة جسده حين تعثرت بالسلالم وضمت وسطه إليها ما أجبره على التعثر والسقوط جانبها، كبلت جسده إليها وانتحبت: -والله لن تخرج من بيتي واسمي يرن بين الأحياء. حاول أن يوقفها وقلبه يترنح في تهشم مميت فشددت عليه ظنًا أنه يهرب منها، نشجت تسحبه إليها: -لن تغادر بيتي يا متحجر القلب، لن تغادره. قلب وضعيتهما وحملها بين ذراعيه دخل بها إلى الدار وأجلسها على الأريكة التفت حولهم الفتيات وبثينة تتمسك بسرواله فجثم على ركبتيه وانهال منه مطر عقب قحط، فهجم على كفيها يقبلهما معتذرًا: -لم أخرج يا ست نساء الدنيا، والله ما جئت ولي نية في الهروب منك. **** صف سند سيارته أمام قصر جدّه وانتظر لتهبط منها بثينة وشقيقاته الثلاث، ترك رها للأخير وطلب منها متوعداً: -أريد ثوبًا أحمر لليتنا الأولى. نغمة ساحرة قنن فيها الطلب حين استطرد: -أقصد لليلتي الأولى معك. ضحكت بميوعة واستجابت لطلبه بنبرة أنثوية استخلصت من غمرة الإغراء: -غالٍ والطلب هيّن. احترقت في عدة مطالب حتى نفذت عيناها لجمع النساء خلفها، سألته بعد زفرة عميقة تخلصت بها من عمق جرأته: -أعطني أسماء النساء في الباحة. شمل النساء كلهن في نظرة واحدة ثم عدد بتلقائية: -حسناء، يسرى، تغريد، شقيقاتي، ريتال وسراب. توقفت من فورها والتفتت لذات الثوب الرمادي وأشارت: -تلك سراب؟ زفر بضيق وأخبرها: -أجل سراب وخلفها زوجة خالي سلطان. عادت تتحقق من سراب: -هل انتهت عدتها؟ أخبرها من بين أسنانه وهو يلمح انفراجة ضيقة تسللت بها عينا سراب لجلسته مع زوجته. -لن أغضب منك لو تجاهلت اسمها والحكي عنها. انقبض وجهها وأومأت في صمت فيما تهبط وتذكره: -لا تنسى ليلتنا. ابتسم لها بجفاف وانطلق حيث مضيف الرجال للتجمع حيث انطلاقهم لديوان آل شملان، حرك سند سترته وهو يسأل: -أين ريبال؟ عدل يحيى ساعته فيما يجيب بنزق: -كان في مكتبه. كبر سند وأسرف في إبداء امتعاضه: -لن يكون ريبال إن لم يفعلها. وصل سيّاف لتوه بحلة غير رسمية وجاورهم في وقفتهم. سأل باستغراب: -ماذا يحدث في منزل مرعي الشياب؟ أخبره سند فيما يستقطب حضور ريبال: -لقد خطبت ابنته أمس على ما أظن. قلص سياف نظرته إلى عدم واستفهم متخصرًا: -راوية، راوية الشَّياب لا سواها هي العروس؟ هزَّ سند رأسه وغمغم له: -أجل، هل من راوية أخرى في البيادر؟ صفَّق سياف كفيه آسفًا واجترّ حسرته في صوت نادب: -خسارة! لقد خسرت البيادر ر*صاصة روسية كانت تنسفها إن مرَّت بإحدى شوارعها. ضحك سند وضرب كفه في كف سياف، فجأة وصلت سيارة ريبال . فهتف سلطان في وجوه الرجال: -لقد مشينا إذا أراد الله. توالت الرجال في السير إلى سياراتها، اقترن طالب في سيارة ريبال وجاوره في مقعده. انتظمت مسيرة السيارات في موكب قدمته سيارة ريبال تبعتها سيارات شيوخ العشائر ثم انطلقت سيارة أحمد ثم سلطان وبقية العائلة. انحشر سياف مع يحيى برفقة سند. لم يكن الطريق طويلًا، اكتفى يحيى بتمرير رسالة لعدي: -سخّن دلالك يا عدي، جاهتنا باتت على بعد ديوانكم. تلقى عدي الرسالة باستغراب، كان مع مرام التي نبشت في قصة والدتها واكتشف أنها في مرض مزمن. استقام في وقفته بعجل واعتذر منها: -مرام لدي مشوار مهم سأقضيه وأعود. تركها في مطعم ينام على قارعة الطريق، ومضى. حين وصلت الجاهة ديوان آل شملان ترجل الرجال منها وانتظموا في صف تحية طويل. قاد طالب القاضي جاهته. -أهلاً وسهلاً بكم شرفتمونا. ردد طالب وضيوفه: -زادكم الله شرفًا ورفع شأنكم. تفاجأ يحيى من عدم وجود عدي في المضيف فاستغرب حضوره. تمددت القهوة بين أسراب الضيوف ووصلت طالب، توقف في إجلال وأبدى مقدمة عن الزواج لم يبرد فنجان قهوته وهو يفند طلبه: -لقد جئنا لطلب يد كريمتكم ميسم لحفيدي ووليدي ريبال. بارك رضا مسعاه وحفه صالح الشملان جدها بالرضا والقبول وقبل أن يعطيه الرد. أسفرت سيارة سريعة عن وقوف اضطراري مجنون. اندفع راضي الشملان خلفه عدي إلى المضيف ووجه النظرات إليه. هتف في وجوه الحاضرين: -ابنة اخي رضا الشملان تطلب للزواج وأنا في داري. التف أخوته حوله فيما يتوسط المكان ويقابل طالب القاضي وجهًا إلى وجه. اندلع صوته في حمية ومروءة: -ميسم ابنة اخي، وابني عدي أحق بها. تركت لك الأمر يا طالب فإنني أجيرها وأطلب الحق فيها. انلجم طالب وانهز فنجانه، مارس ريبال حربًا شرسة مع عدي الذي احترق وأدار وجهه واخترق الصفوف خلف والده. تحكم طالب في صوته وظل فنجانه معلقاً في كفه وهدر في رد: -الأمر عند جدها صالح شملان. ارتج صالح في وقفته وطالب بصوت ضعيف: -استشيروا ميسم ابنة رضا، الأمر لها. **** في الداخل ارتجفت ميسم وهي تقرأ رسالة ريبال التي وصلتها صباحًا: «الليلة أنتِ لي» وبعثت: «أنا لك منذ وقت» رموها على ناصية الأحلام وخيروها، رجحت الأحلام على حبها الذي نالت شظاياه ولم تطب، كادت تهتف باسم ريبال. سطعت الراء من فمها وانلجمت، وللحظة حب سلمت أمرها لقلبها ومررت اسم: -عدي. ساد الهرج والمرج في الديوان وصالح الشملان يعلن: -أنا أعتذر منكم يا وجوه الخير، لقد ردت جاهتكم وميسم باتت لحفيدي عدي. انكوى طالب ومشى على جمرات الانكسار. نأى عينيه عن ريبال فلن يعيش عمره لكي يقرأ في وجهه لمحة ذل. رفع فنجانه وشربه بكبرياء وقال: -على بركة الله، نبارك لكم خطبة ميسم وعدي، هيا نقرأ الفاتحة على ذمة التوفيق. مات في يحيى النبض، تشققت فضيلته وأنبتت صدرًا مرتاحًا حين تخلص من عدي وباتت مرام له. انغرس في صدره سكين حين سُرّ. انخذلت عاطفته فيه وأخوته فهو وإن أحب ريبال فوق العالمين وانهمّ له. فرح. ضاقت بسند الدنيا وفك زر قميصه حين رفع ريبال كفيه يشارك الجمع الفاتحة واعترض سبيل الناس التي خرجت احتقارًا لمضافة آل شملان. تمنى لو يهتز فك ريبال ليطمئن. أو ترتجف كفه ليرتاح، تمنى لو انجمرت عيناه أو مد له نظرة. فجأة طار وعيه وصوت خاله فضل يهدر في المجلس: -والله لن يخرج ريبال من المجلس بلا عروس، لقد أعطيتك ابنتي سراب زوجة لك. وافق سلطان ما حدث ورفع كفيه ببهجة: -لنقرأ الفاتحة على نية التوفيق. بارك الله لكم آل شملان وبارك لنا آل القاضي فيما فعلنا. تكسر الموج أسفل ريبال وزفره زبدًا فوق البحر، قذفته الدنيا على ساحل الأموات بعد أن ظن نفسه حياً، منبوذًا كشيء لم يكن، بعد أن كان مرساة بخسة تسلقتها ميسم لتظفر بعدي. هو ما كان، هو لم يكون. تبخترت خطواته حيث عمه فضل يعانقه، تزلجت أنفاس فضل المكسورة في وجهه فمنعه ريبال: -ما عاش من يكسر لكم هامة. ** مادت الدنيا أسفل أحمد الذي أوقف اندفاعه طالب، وترك لعينيه رؤية الجحيم المنسكب في وجه سند وهو يلمح عناق ريبال وفضل. وانقضت الدنيا على همسه ذات مرة للطيفة: -أما زلت تبكيه لطيفة -أبكيه لعمري كله، مَن بعدي سيبكي عليه. انتهى الفصل لن أخفيكم أن الفصل تم نشره على مدونتي منذ أربع أيام وأنني كنت قد عزمت على إيقاف النشر هنا، هنا لا تفاعل ولا حضور ولا أجد اهتمامًا. لكنني استأنفته في لحظة ما لبدء ما أكملته. | ||||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|