آخر 10 مشاركات
أجنحة الليل - كاترين بلير - ع.ج .. حصريااا** (الكاتـب : جروح - )           »          أشياء للحب - أزو كاوود - ع.ج** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          أغنية التمنيات -إيما دارسي - عبير الجديدة(عدد ممتاز) (الكاتـب : Just Faith - )           »          شركة تنظيف بالدمام | شركة تنظيف منازل بالدمام شركة كشف تسربات المياه بالدمام | (الكاتـب : بسيطه - )           »          أمواج من نار - ليليان هول - ع.ج (عدد جديد)** (الكاتـب : Gege86 - )           »          أمِـير الأحْـلَام - فانيسَا غـرَانت - عَدَد ممتاز (الكاتـب : Topaz. - )           »          أيام البحر الأزرق - آن ويـــل -عبير الجديدة -(عدد ممتاز ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          إبقى طـَوال اللَّيل - فـلورا كـيد - رِوَايَات عَبيـر الجَديدْة ( عَدَد ممتـاز ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          إذا تحققت الأحلام - روبرتا لنغ - عبير الجديدة - عدد ممتاز ( إعادة تحميل) (الكاتـب : حنا - )           »          ابنة الحظ - أليس يونغمان - ع.ج - دار الكنوز** (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree175Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-12-24, 01:01 AM   #61

ام سامي

? العضوٌ??? » 519366
?  التسِجيلٌ » Jun 2024
? مشَارَ?اتْي » 261
?  نُقآطِيْ » ام سامي is on a distinguished road
افتراضي


فصل المفاجآت مدين حي و سقراط علاقته بوالد شهلاء حقيقي هذا الفصل أبدعتي بيدر المسكين هل خيل له بانه قتل أخاه تلخبطت
بالأخير يسلمو والله يشفيك حبيبتي


ام سامي متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-12-24, 02:58 PM   #62

ضي عيوني

? العضوٌ??? » 496732
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 904
?  نُقآطِيْ » ضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond repute
افتراضي

ووينك يا ايات عسى المانع خير ان شاءالله

ضي عيوني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-12-24, 09:10 AM   #63

آيات العزيبي

? العضوٌ??? » 509143
?  التسِجيلٌ » Dec 2022
? مشَارَ?اتْي » 179
?  نُقآطِيْ » آيات العزيبي is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم .. كيف حالكم عساكم طيبين حبايبي
متابعه تعليقاتكم وسعيده بكل كلمه انكتبت
وكعادتي والله اكتب وكأني في سباق وفعلا الفصل جاهز من ايام
بالفتره الماضيه غيرت جوال وواجهت بعض مشاكل في الحسابات وللحين عندي اشكاليه في نشر الفصل هنا بسيطه وان شاء الله بحاول احلها اليوم وانشره .. فمنكم المعذره

بالنسبه لصدمتكم بمدين بالرغم من اني لمحت كثير بس محد فهمني لحد ماوقفت عن التلميحات عشان استمتع بردات الفعل وفعلاً استمتعت، والجايات محمسه ومُرضيه بإذن الله


آيات العزيبي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-12-24, 11:20 AM   #64

Monya05

? العضوٌ??? » 425461
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 259
?  نُقآطِيْ » Monya05 has a reputation beyond reputeMonya05 has a reputation beyond reputeMonya05 has a reputation beyond reputeMonya05 has a reputation beyond reputeMonya05 has a reputation beyond reputeMonya05 has a reputation beyond reputeMonya05 has a reputation beyond reputeMonya05 has a reputation beyond reputeMonya05 has a reputation beyond reputeMonya05 has a reputation beyond reputeMonya05 has a reputation beyond repute
افتراضي

منتظرين على أحر من جمر

Monya05 متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-12-24, 01:32 PM   #65

آيات العزيبي

? العضوٌ??? » 509143
?  التسِجيلٌ » Dec 2022
? مشَارَ?اتْي » 179
?  نُقآطِيْ » آيات العزيبي is on a distinguished road
افتراضي الفصل الثالث عشر ..

الفصل الثالث عشر ..


.
.
.
.




قمراً في السماء انطفئ ونجماً وهيجه خبا، الألم يشُل كل خلايا جَسده الواهن الذي يشغل حيزاً من احدى زوايا المستودع الفارغ من عداه، مضت ساعات طويله وهو على هذا الحال شبه المشلول يأن الماً وتعب، تعب غزاه حتى نفسياً وهو يفكر في اسمه الذي سمعه من المدعو غالب في بداية ذاك اللقاء المشؤوم ( بيدر ..) هل سمع خطأ ؟

رفع عينيه الى سقف الغرفه ينظر اليه بينما يخاطب السماء همساً، همساً يؤمن بأنه سيخرج من قاع قلبه الى رب الخلائق الذي لاينسى عبداً خلقه وابتلاه ، يدعو ولايفتر عن الدعاء الى ان يهوي في قيعان الرقاد

لايعلم كم من الوقت مضى حين شعر بشيء ما يضغط على صدره ففرق بين رمشيه ورفع ناظريه الى ذاك الذي يركله بخفه كي يوقظه، ازدرد ريق فمه وهمس بما هو اقرب الى الهلوسه :مدين !

دنى الرجُل منه وامسك بشعره الكثيف يرفعه عن جبينه بقسوه قائلاً ببرود :صحصح ورانا جلسه طويله

حاول بيدر رفع جسده فور ان ابتعد الرجل عنه الى مقعد خشبي جره ليجلس عليه، بينما هو فبالكاد استطاع الجلوس والاتكار بظهره على الحائط، رفع يديه الى وجهه يمسح عليه قبل ان يعيد ناظريه الى الآخر ذاته الذي رفع احد حاجبيه وسأل :جاهز ؟

اومئ بيدر بعد ثوانٍ، فأعتدل الرجل بجلوسه وقال :كلمني .. كل اللي عندك

سكن بيدر لبرهه قبل ان يطرق برأسه الى انامله المتجرحه واجاب متمسكاً بآخر قشه لديه :ما اعترفت بشيء، صدقوا انه بلاغ كاذب وافرجوا عني

سكت الرجل قليلاً قبل ان يتبّسم ويتسائل :بصفتك مين، بيدر ولا مدين ؟

ازدرد بيدر ريق فمه وللتو حتى واجه مدى حقيقة ماسمِع، ايعقل انهم يعلمون هويته الان ! هز رأسه وكأنه ينفي افكاره قبل افكار الرجل قائلاً :مدين .. انا مدين

قهقه عاليه خرجت من الجالس امامه، كما لو انه سمع نكته فدب الرعب في نفس بيدر الذي ترقب التعليق من فاه الآخر ذاته الذي التقط انفاسه وعلق بلا مبالاه :صدقني لو انك مدين ماجلست قدامي بهالحاله، مدين ذكي واحنا نعرفه

ضغط بيدر على قبضتيه رغم مافيهما من المٍ ووهن، القلق ينال منه، قلق حول الآتي ومايجب ان تكون خطوته القادمه، هل يعترف بكل شيء ويفصح عن سبب خروجه من السجن ام يصمت فحسب ! هل خيار الصمت متاح امامه حتى ؟ .. عاد الآخر ليعلق تالياً قوله على مسامعه :مو لصالحك النكران اكثر بيدر، هالطريق اللي قاعد تمشي فيه مافي طرفه غير الموت، صدقني خطوه وحده خارج هالمبنى ماراح تخطيها

ازدرد ريق فمه وسأل بنبرته التي غلبتها البحه فبدت لائقه بجسده المتعب وكتفيه المنسدلتين :شتبون مني ؟

اتكى الاخر على ظهر المقعد ورفع قدماً على اخرى بينما يجيب بلا مبالاه :بالنسبه لغالب ولا شيء، هو حاكم عليك بالاعدام ومعطي اوامر بتصفيتك .. موضوعك بالنسبه له منتهي

بدا وكأنه قد رأى الموت ملوحاً له في الأفق، اشاح بناظريه وآثر الصمت فما عادت له حيله متاحه يقدر على التمسُك بها، لقد فُضح سِره وانتهى أمره فغدت قواه اشبه بالهشيم ..

رأى ذاك الرجل كل ما اختلج بيدر، كل ضعفٍ قد لمع في عينيه ثم انطفئ، رآه وهو يتحول الى كومة آمال مُحطمه واستوى فأدلى بدلوه كمن يتفضل عليه بالحياه قائلاً :اقدر اقنعه يطلعك من هنا بطريقتي .. بس بمُقابل

اعاد بيدر عينيه اليه وكُله أمل، فعجزه غدى به أشبه بالسمكه في البحر وأي طُعم قد يُرمى امامه سينجر اليه، ليس من الصعب اقتياده، خاصه وانه مُعتل ومُضطرب نفسياً وتلك كانت القاعده التي وقف عليها عَزام حين طرح مالديه :مدين

عُقده تكونت بين حاجبيه، تشتت ذهنه للحظه وهو يبحث عن معنى ذكر اسم اخيه بعد كلمة مقابل (أيعقل انه المقابل !)، ثم تبددت تلك العقده فور ان اتم عزام قوله :عطني مدين، سلمني اياه حي او ميت واسلم من شر غالب بالمقابل

سكن بيدر بينما ينظر لعزام وقد رمى امامه قشه هو حتماً لن يُفلتها حتى وان كانت وهماً وكذباً وطرفها مجهول سيجد لنفسه حينها مخرجاً آخر .. فوراً اومئ موافقاً فحتى وان لم يجد جثمان المعني وهو حتماً لن يجده بعد كل تلك المده فإنه سيهرب بما بقي لديه من ركامٍ وبقايا

نهض وتقدم من بيدر بضع خطوات ثم قرفص امامه واشار بسبابته ووسطاه الى عينيه ثم الى عيني بيدر الذي يراقبه بتوجس معلقاً :تأكد انك تحت مراقبتي، كل حركه لك اعرفها ولو فكرت بالهرب من تحت الأراضين أجيبك

ازدرد ريق فمه واومئ، إعصار من قلق يعصف بدواخله فيتسرب الى اطرافه لترتعش خفيه، يقبض على كفيه حتى تحمّرا من شِدة الضغط، الى ان تقدم عزام بورقه صغيره دسها في كف بيدر المتعرق وهمس بقولٍ أخير :انتظر مني خبر

ثم نهض وغادر بخطى بدت وكأنه تضرب على رأس بيدر الذي غزاه التشويش من شدة اضطرابه، انزل ناظريه الى الورقه المدون عليها رقم هاتف ثم أغمض عينيه فأمطرتا ..

.
.
.
.





















هُناك حيث القرُنفل حريراً التف حول تفاصيلها برقةٍ عذبَه، انسدل شعرها بسواده الآخاذ على ظهرها، قصدت البساطه في مظهرها وظاهر احتفالها لإنكسار نفسها حول كل مايجري فغدت تلك البساطه هي التفصيل الأجمل الذي اعطى ليلتها تلك رونقاً من دفءٍ وود، وجودها بين كل عائلتها وجيرانها المقربين في حوش المنزل كان اشبه بمواساه

وجوههم تضحك والسعاده تتسرب من مُقلهم اللامعه، غيد وسالي لم يتوقفَن عن الرقص كما لو ان هناك طاقه حيه متفجره بهن وملاذ رغم انكسار عينيها فإنها تبتسم بهجةً بمن حولها ومن قرأت في عينيه فرحاً لأجلها خاصه اولائك الذين لايعلمون عم تكنه في روحها من قلقٍ وأسى ..

كل ذلك المشهد السعيد تبدد بغته حينما دنت والدتها لتهمس في أذنها بشيء ما وانتهى بها الأمر في المجلس المنعزل عن باقي المنزل .. تنتظر قدومه ، عزيز !

رعشه تدب في كل انحاء جسدها، خوف لاتعلم ما مصدره هل هو ذاك التوتر البديهي لأي فتاه في موقفها ام انه نتاج طبيعي للموقف الاخير الذي جمعها معه ! موقف واحد استطاع تبديد كل ما خزنته بذاكرتها من انطباعات جميله ولطيفه عنه

جلست في منتصف المجلس المُرتفع، تحتضن كفيها في حُجرها تاره وتقوم بتغطيه ساقها بقسوه تاره اخرى وهي تشتم كُلاً من غيد وسالي على اختيارهن للفستان ذاك فرغم كونه طويلاً الا ان تلك الفتحه التي تصل الى اعلى ركبتها بدت مبالغاً بها، تزدرد ريق فمها في كل ثانيه بقلق الى ان حُبِست انفاسها تماماً بصوت قفل الباب الذي فُتِح ثم أُغلق بالمُفتاح لمرتين، قبضت على حرير الفستان بكفٍ متعرق واخرى ثبتت على الفتحه تشدد من اغلاقها، وكلما اقتربت خطاه كانت تشتعل توتراً الى ان شعرت بأنامله تستقر اسفل ذقنها فترفع رأسها اليه .. اشاحت بناظريه فوراً دون ان تلمح وجهه حتى وحينها فقط سمعته يهمس :ردّي السلام طيب !

ادركت كونها لم تسمع سلامه حتى حين دخوله، زحفت بجسدها الى الخلف وخلصت ذقنها منه ثم اشاحت بوجهها الى جهه اخرى دون ان تُعلِق فمرت عبر مسامعها تنهيدته، اتجه للجلوس بجوارها بينما ينبس :كان ودي ببدايه افضل هذي ...

قاطعته ملاذ فوراً بحده وحزم :كان بيدك ..

اومئ عزيز برِضا، عاهد نفسه على ان يطوي تِلك الصفحه فلا يُعاتب ولا يتبادل التُهم، هو حقاً وحقيقةً يرغب ببدايه أفضل لذا فقد اتى وكُله امل بأنه سيقدر على تجاوز مامضى والبدء من جديد :أعتذر .. واعتذاري هذا مو مجرد كلمه ملاذ، انا ماتعودت على الاعتذار ولا سار لساني عليه .. انا اعتبره اليوم خطوه ناحيتك، جايك وكلي عشم بأنك بنت خالي اللي راح تحتويني بأحسن مافيني وتقوّم مني العوج ..

اطرقت ملاذ برأسها الى اناملها وبهمسٍ علقَت بقولٍ بالكاد وصل الى مسامعه :لما اخطيت انا .. ما فكرت تسمع مني او تعطيني فرصه ابرر موقفي، كان كثير علي يعني ؟

مد يده يحتضن كفها النحيل بين سعة كفه، يمرر ابهامه على ظاهره برقه مجيباً :ماكنتي بحاجه تبررين، ماكان لي حق احاسبك اصلاً وهذا غلطي الأكبر .. وبغض النظر عن اغلاطك فأنا ماراح احاسبك عليها او اطلبك اعتذار عنها او تبرير .. احنا تو نبتدي واللي بعد هذي اللحظه يخصنا الاثنين

سكتت ملاذ عن الاجابه، وللحظه رأت في داخلها بارقة رضا ووكأن مشاعرها ستغدر بها فجرت يدها من كفه لتعيده اليها وتلتفت يُمنه بصدٍ عنه، التقطت مسامعها ضحكه خافته هربت من بين شفتيه وتعليق ممازح :واضح رِضاكِ صعب .. يلا محنا مستعجلين باقي اسبوع للعرس

ضغطت على كفيها بقوه وعلقت فوراً بما لم يجيبها فيه احد ملتفته ناحيته قائله :أجله

عقد حاحبيه وامال برأسه مستفهماً بإستغراب :أأجل ايش ؟

اعتدلت ملاذ بجلوسها كما لو ان حماسة قولها قد انستها دور الحرد الذي التزمت به بإتقان :ترى والله مايكفي ! اسبوع واحد وش اسوي فيه حتى حجز ماراح احصل ولايمديني اشتري الفستان والترتيبات كلها !

اتكى عزيز بكتفه على مسند المجلس حينما كان اساساً مائلاً بجلوسه ناحيتها وبينما هو رافعاً لحاحبيه قال :كان معك اسبوع قبل الخطبه ليه ماجهزتي امورك ؟

احتدت ملامحها بغته ليصله الجواب وافياً ( كانت غاضبه ) ، اومئ ونبس مُطمئناً اياها بقوله :خلي امر الحجوزات علي، يمديك بليله في السوق تشترين كل شيء ! وبعدين ماراح تتزوجين بالربع الخالي ترى الشقه مابينها وبين المول الا شارع !

رفعت حينها ملاذ احد حاجبيها واستهزئت بقولها :مسوي حليت كل شيء الحين ؟

اعتدل عزيز بجلوسه متكئاً على ظهر المقعد وبإقتناع تمام اجابها :انتم الحريم تعقدون المواضيع ولا هي سهالات مايبيلها مبالغه

صرت ملاذ على اسنانها بسخطٍ من لامبالاته تلك، ما ذاك الكم من السطحيه حقاً ؟ وما الذي لايستطيع فهمه في اسبابها المنطقيه بحق ! اما يكفيه انها تجاوزت عنه خطيئته التي اسدلت عليها ساتراً من الحزن والكآبه لليالي وايام ؟

نهضت من مكانها هامه بالخروج، غاضبه متجرعه مرارات مالديها من اعتراضات لاتنتهي ولم تلبث ان تخطو بضع خطوات حتى شعرت به يقبض على ساعدها وقد تبعها في النهوض منتفضاً، كل مقاومتها بهتت حالما وضع كلتا كفيه على خصرها فرآها بين يديه كما لو كانت قِطعة شوكولا بيضاء ذائبه، تبّسم ورفع وجهها المُحمر اليه معلقاً بمزاح :احنا راضيناكِ من الاوله عشان تزعلين في الثانيه !

حاولت التهُرب منه، فؤادها يقرع طبول الخطر ومعدتها تفور حمماً بركانيه تكاد ان تتفجر وربما قد تفجرت في وجنتيها وهي تهمس بضعفٍ :فِكني مابروح

وبنبره شديدة الهدوء كما لو كانت على نغماتٍ بيانو اجاب عزيز :لا روحي، اساساً غريبه هشام للحين ما داهم ..

اومئت وحاولت الانسحاب الا انه مازال مُشدداً على امساكها، وجهها يكاد يغرق في صدره ذو القميص الأسود، وقواها للتنصُل تكاد الا تُلحظ مع ذاك الكم من الفتور الذي غزى اطرافها الى ان سكنت وكأنما السيف الذهبي قد مر على عُنقها، اعاد رفع وجهها اليه وهمس :خافي ربك فيني ترى صبري فاض عن حده !

كسرت ملاذ انظارها عن عينيه وشتتها في كل شيء حولها وماكان في مرمى انظارها سوى صدره العريض الذي بدا ملاذاً امناً لها من عينيه، ثم سكتت انفاسها وطبول الفؤاد بمجرد ان دنى مقبلاً وجنتها المُحمّره والتي اشتعلت أكثراً فأكثر وببطئ ابتعد قبل ان تستعيد رابطة جأشها معلقاً بقوله الخافت :على خدودكِ وردتين

ولم تتنبّه من شردوها الا بكف غيد التي امسكت بساعدها فرمشت ورفعت كفيها الى وجنتيها تتحسس سخونتهما .. والوردتين

.
.
.
.





















وليس ببعيدٍ عن العزيز والملاذ تحديداً عند الساحل في ساعه من بدايات المساء، مع احمرار السماء وانعكاس لهيبها على الموج الراكد توقفت سيارة فياض منذُ مايُقارب النِصف ساعه .. سكونٌ لايقتطعه صوت الأنفاس المُضطربه، الموج المتعانق والطيور المبتهجه

يقرع بأنامله على المقود وانظاره ترتكز على ذات المكان بينما يظهر جلياً كونه شارد الذِهن لايدري عن ارضه من سماه، وهي بجواره مكتفة الساعدين الى صدرها وناظريها عن النافذه المجاوره لم تتزحزح حتى غدى الوضع غير مريح فهو شارد ولايبدو بأنه سيتنبه من شروده قريباً لذا فهي قاطعت الصمت بنبره لاتوحي بالعتب بل حازمه كما لو كانت تحاسبه على خطأ افتعله بقصد :ماجيت اليوم للمحكمه !

وجه ناظريه اليها وقد انتشلته تلك النبره من قاع شروده فأجاب بصِدق :كان عندي استدعاء من النيابه العامه اضطريت اروح لأني مأجل الموضوع من فتره طويله وطولت هناك

بقيت لبرهه تنظر اليه كما لو كانت غير مقتنعه بما قال قبل ان تومئ بلا مبالاه وتعيد ناظريها الى النافذه فزفر هو وتسائل :تصرفاتك معي تغيرت، ما اظن ان الموقف الاخير بالسجن هو السبب .. !

اومئت بينما تعيد ناظريها اليه وتجيب بقولها :صحيح مو هو السبب، هو مجرد فتح عيوني على اسباب كثيره كنت معميه عنها او بالاصح مسويه نفسي ما اشوفها .. وتبي الصدق ؟ استغرب من تصرفاتي ! من وين جايبه كمية الركود هذي ما ادري ولا الصح هو اني احط خاتمك بكفك وانسحب من ام العلاقه معك ! على وش استنزفت نفسي ووش حصلت بالاخير غير وجع راس وقلب ؟

رفع فياض احد حاجبيه وهو يراقبها بكمية الإنفعال تلك، تكاد الا تتوقف وكأن ما بداخلها هو اطنان من العتاب لكنه يتفجر بالتدريج، الا ان هناك ما استوقفه واثار استعجابه فقال :تحسسيني داخلين بعلاقه غرام مو زواج ! اي خاتم هذا اللي راح تحطينه بكفي واحنا مابيننا عقد شرعي ؟

حركت سالي جسدها لتلتف اليه بكلها، بدت منفعله اكثر وكأن قوله ذاك قد استفز اعمق مافيها فهتفت بقولها :وانت معطي قيمه للعقد الشرعي اصلاً ؟ شايفني زوجه لك معبرني كثر ما انا قاعده اعطي وابذل لك، كثر ما اخاطر بعلاقتي مع هشام واجيك حد شغله عشان بس اشوفك متحججه بهدايا وكلام فاضي وارجع محمله بخيبات امل وكسرة خاطر ! متى راعيت انت العقد الشرعي عشان تجي تتشدق فيه الحين ؟ ..

قاطع موجه اخرى بدا بأنها قادمه عاتيه بهتافه الذي فاق نبرتها علواً وحِده حتى تشبّحت العروق في عُنقه :مـاكنـتِ أختيـاري !

سكتت سالي كما لو ان هناك زراً ما لإيقافها وقد كبس عليه فياض للتو، ضيقت عينيها بينما تنظر اليه محاوله فهم معنى ماقال فعاد ليردف بنبره اقل علواً لكنها ايضاً مرتفعه :انـا مو مثـلك سـالي ! ما اعـرف ابـدل مشـاعري بين يوم وليلـه ! ما اعرف أحب بين لحظه والثانيه ! طوال العامين وانتي تضغطين علي، تطلبين مني شيء ابعد بألف خطوه من النقطه اللي انا واقف عندها، منتظره مني مشاعر وحُب مقابل هدايا وماديات انتي بنفسك قاعده تسمينها الحين حجج وكلام فاضي !

ازدردت ريق فمها الذي جف فجأه، كل ذلك كانت ترغب فقط في حفظه عن ظهر قلب ثم استرجاعه كلمه كلمه علها تستطع ابتلاع كل ماجر من معانٍ وابعاد، عبث .. كل جهادها اليه كان عبثاً لايجدي، لقد كبُرت في السجن وكبُرت الان الف عام ثم ادركت انها مخطئه ! فكيف لها الا تقرأ مكانتها لديه ! كان عليها ان تعلم الغيب بأنها ليست اختياره وانه كان يجاهد للرضى بها بينما هي تنتزع فؤادها لتقدمه اليه على طبقٍ من بلاتين

رفع كفه يمسح على وجهه، ووكأنه قد خرج من فلك الى آخر نبس بنبره أحن وأرق معترفاً بما لديه :سالي .. راسي اللي ماجابته العامين اللي مرت جابه حضن واحد في السجن، جابه جانب جديد من شخصيتك كنت اجهله ! نظرة عين وحده طيحت الف حاجز كان مبني قدامي وكنت عاجز اهد ولو جزء بسيط منه .. انا ما ابي هدايا ولا قصايد انا ابيكِ انتِ بعفويتك وطبيعتك بدون مثاليات، بدون ماتحسسيني بأن اكبر اطماعك نظرة رضا مني !

اشاحت بناظريها عنه، الى نقطة فراغٍ ما، ووكأنه شردت فيما هو اعمق من ان يوصف، لبرهه ثم دقيقه ليحل الصمت مره اخرى ويعود فياض الى الاتكاء على ظهر مقعده، انامله تعبث بالمقود وعينيه هذه المره ارتكزت على بدأ حلول الظلام معلناً انتهاء وقتهما الذي استقطعه هو خفيه عن هشام بمساعدة لولوه فقط، وحينما كاد ان ينطق مقرراً العوده بها الى منزل سلطان سبقته هي بالقول :كنت مشرعه بيباني لك، حبيتك بنضج وطفوله، بتملك وهوس لأني شفت فيك ابوي، شفتك الشيء الوحيد الثابت في حياتي بعد موته، دورت فيك العوض حتى عن امي اللي جابتني، في كل مره كنت اجيك محتاجه لهم وارجع وانا محتاجتك معهم ..

وجهت ناظريها اليه بعينين لم تلمع فيهن الدموع ولم تلوح :السجن ماطلع مني شخصيه كنت مداريتها عنكم، السجن بنى فيني مشاعر جديده، غير عندي قناعات .. طلعني من صدمة فقد ابوي وصحاني منها، بإختصار فياض انا ماعدت بحاجة احد، لا لك ولا لهم ..

مازالت انامل فياض تعبث بالمقود بينما هو غارق في تلقي قولها ذاك، ورُغم كم العتب الموجه اليه في قولها الا انه يشعر بالراحه فعلى الاقل هم الان يبنون علاقتهم بمفردهم طوبه طوبه، لا يهم من اي نقطه ستبدأ بل الأهم مدى متانه كل خطوه وثباتها، لم يجب بل كان يهم بذلك قبل ان تضع هي طوبتها الاخيره في ذاك اللقاء قائله :اكتفيت من الركض .. كل اللي بنيته لك انهدم في لحظه، ماراح اكذب عليك واقولك بأن مشاعري ناحيتك انتهت، لكنها تزلزلت .. اذا انت شاري يافياض حاول تفتح الباب اللي قفلته بيدك

مدت يدها الى قفل الباب الخاص بالسياره لتفتحه قبل ان يصل الى مسامعها صوت انغلاق كل ابواب السياره من زرٍ ضغط عليه هو، نظرت اليه بإستفهام فنطق متجاهلاً رغبتها بالإنسحاب في خِضم الحديث الذي لن يدعه يبقى ناقصاً :جايكِ هالمره شاري، ومو بكيف احد بكيفي انا من طيب نفس ورِضا .. طول عمري ادفع خسارات هالمره بس ابي اكسب، ابيكِ باللي انهدم فيك مني وعهد علي اصلحه

سكنت سالي بينما تنظر لعينيه الثابته على مقدمة السياره، يتحاشى النظر اليها كما لو كان مُحرجاً مما يقول، ولولا ذلك لظنت انه آخر وليس فياض المُقنع بالبرود الذي تعرفه .. وجهت ناظريها الى البحر الذي يعانق السماء امامهم وهمست :صَلحه ..

حل الصمت لهينةٍ من الزمان، كلاهما شاردان في ابعاد كلمِتها الاخيره تلك الى ان اقتطعه هو حينما شَغل مُحرِك السياره وانطلق في الطريق القصير الذي يفصل منزل عمهم سلطان عن الساحل، عائدون بحالٍ مخالف لما ذهبوا عليه وقد تبدلت الادوار وتبادلوا السعي براية الحُب في خِضم المعركه علها تصِل الى نصرها سالمه

.
.
.
.





















ترجلت من على متن السياره بينما تقبض كفها على كف اخيها، حاجبيها معقودين والعديد من الاستفهامات ترتص على رأسها، تسمع والدها يكرر عليها طلبه فتومئ بموافقه قبل ان تغلق الباب وتتجه الى منزلها بينما هو مازال في مكانه لم يبرحه، كان الاتفاق ان يبقوا لديه اكثر الى ان تقرر هي بنفسها العوده الى والدتها الا ان كل شيء قد اختلف منذُ يوم امس .. منذُ اللحظه التي غادر فيها سقراط من امامه وهو شارد الذِهن غريب الأطوار

وأكثر ما يُرعبها هو ان يكون للامر علاقةً بها، رغم انها استطاعت فهم امر المعرفه السابقه بين والدها وذاك الآخر

فك لؤي يدها وانطلق يركض فور ان داست اقدامهم ارض الحوش ورأى والدته تجلس هناك مع فنجان قهوه، زفرت شهلاء وهي تراها تُعانقه بشوقٍ ولهفه، ربما مازالت والدتها غضبانه عليها لكنها هي قد اشتاقت اليها كشوق الضمآن للماء، تقدمت ناحيتها بخطى متردده فرأتها تشير اليها بينما تعانق لؤي بأن تتقدم ووكأنها خائفه من ان تتراجع ركضت شهلاء اليها وارتمت في احضانها بينما تهمس ببكاء :آسفه، والله آسفه يمه .. كل شيء صار غصب عني ماراح اعيدها

مسحت سعاد على رأس شهلاء بينما تشد من ضمها اليها بينما تجيب :انسي مو وقت هالكلام، المهم انكم رجعتوا .. حسبي الله عليه اللي حرمني منكم، والله ما اخليها له

ابتعدت شهلاء بعد برهه واخذت تمسح اثر الدموع من وجهها بينما تضع نقابها بجوارها، تذكرت امر والدها فزفرت بهم قبل ان تقول :ابوي برا .. يبي يتكلم معك

ابعدت سعاد لؤي من فوقها وهتفت بحنقٍ وغضب :وش يبي بعد ؟ ماكفاه اللي سواه اصلا ليه للحين برا ليه ما انسجن !

عقدت شهلاء حاجبيها بإستغراب من اطراء السجن، لمَ يُسجَن ! هزت رأسها واستفهمت بدهشه وعدم تصديق مما خطر على بالها :ليه ينسجن ! لاتكوني بلغتي عليه ؟

صرت سعاد على اسنانها ونهضت بغضب تجر خطاها الى الداخل بينما تهتف :رايحه البس عباتي قولي له يدخل للحوش

سكنت شهلاء قليلاً تتفكر في امرهم الغريب قبل ان ينبهها لؤي الذي بدا متحمساً لفكره دخول والده الى منزلهم متسائلاً :شهلاء ابوي بينام عندنا ؟

زفرت شهلاء ودنت مقبله رأسه بينما تعلق مجيبه بهمسٍ حزين :ياليت ياعيون شهلاء، ياليت

نهضت من مكانها بعد برهه، تقدمت الى باب الحوش الموارب فتحته واطلت منه لترى والدها يقف عند مقدمة سيارته الحديثه متكئاً عليها فاشارت له بالقدوم وفعل، جلست جواره على الفرش الذي كانت قد وضعته والدتها قبل قدومهم وحُبست انفاسها بقلق فور ان خرجت والدتها بهاله تبدو متفجره بالغضب

نهض عثمان فوراً فهو قد استوعب ان هذه المرأه بكامل حقدها ناحيته لن تجالسه وان رجى منها ذلك، التفت ناحية شهلاء التي تبعته في النهوض وامرها بقوله :خذي اخوك وادخلي داخل

بادلت شهلاء نظراتها بينه وبين والدتها بقلق فأشارت لها بفعل ذلك رغم استغرابها من امر مجيئه اليها من اصله، اومئت شهلاء على مضض وجرت شقيقها لتدخل .. لكنها وبالطبع استقامت خلف الباب وشددت على لؤي بالصمت

تكتفت سعاد بقلة صبر ونبست بنبره حاده :هات اللي عندك !

اتكى عثمان على الحائط وبنبره هادئه نوعاً ما نبس بقوله الخارج عن اطار اجابة سؤالها تماماً، نبره محمله بالعتب واللوم :توقعتكِ تتلفينها، ماتخيلت توصل معك للشرطه وانتِ تدرين آخرتها قصاص

لمَ تنكُر لقد غزاها عظيم الندم بعد ان قامت بحركتها تِلك، الا انها تعتبرها ردة فعل طبيعيه على اخذ ابنائها منها بالقوه حتى لو كانوا هم راضيين بالذهاب معه ثم انه لم عليها التستر عليها وهو بكل ذلك الإنحراف ! بإندفاع ودفاع اجابت :ماراح يهمني مصيرك عثمان، قلتلك من قبل وراح ارجع اقولها لاتتحداني بعيالي لاني وقتها ماراح ارحمك

سكت عثمان قليلاً قبل ان يومئ متجاوزاً الأمر برمته فهو وعلى اي حال سيعالجه وينجو منه ككل مره، متعجباً من البشر الذين لم يغفروا له خطيئته ولم يتستروا عنه رغم ان الله ستره من سابع سماه (وقد تاب بالفعل !) ، زفر نفساً ثقيلاً وقال :جاء خاطب لشهلاء

اتسعت عيني شهلاء بذهول وفوراً راح بالها عند سُقراط خفق فؤادها هلعاً، بينما سعاد فقد فكت عقدة ساعديها هزت رأسها بنفي وقالت :ماراح ازوجها لاحد من معارفك

قاطعها عثمان بعد ان زفر بكلل موضحاً الامر بهدوء بينما يعتدل بوقوفه :مو من معارفي، ضابط شرطه معروف بنزاهت ...

هذه المره قاطعته هي، لم يفتها الأمر لايمكن ان يمر مرور الكِرام تقدمت خطوه بإندفاع وتسائلت بهمسٍ مندهش :هو نفسه اللي جابها ؟

سكت عثمان قليلاً ثم اومئ بهدوء فرفعت كفيها الى وجنتيها بهلع وهمست كما لو كانت تسأل نفسها بما اثقل قدرتها على الاستيعاب حتى :وش بينها وبينه !

ابعدت شهلاء اخيها من امامها وخرجت بإندفاع الى والديها تصرخ بقهرٍ وحُرقه :يمه قسماً بالله مابيني وبينه شيء، انا ما ابيه حتى والله ما ابيه

تحرك عثمان بعجله ليقف حائلاً بين سعاد وابنتها حين تنبّه لكونها على وشك الانقضاض عليها لضربها دون ان تستمع منها حتى، قد يكون الامر مزعجاً لكنه لايحل بهذه الطريقه .. ليس بالعنف ! رفع كفيه امام سعاد شاعراً بانامل شهلاء التي تمسكت بقميصه من الخلف بخوف ونبس بحده :محذرك من قبل ماتمدين يدك عليها، بنتي انا واثق بأخلاقها واحترامها ومافيها شيء اذا الرجال اعجب فيها وجاء دق باب ابوها وطلبها منه، بدون لعب ولا خرابيط ! راح تعاقبينها على ايش ؟

بغضبٍ صرخت سعاد تدافع عن موقفها هاتفةً بما اثار حنقها الان :انت ماتفهم ؟ اقولك جايبها للبيت، طالعه من غير حتى ماتستأذن مني وفجأه احصلها راجعه معه بسيارته والحين يجي يخطبها وش معناها هذي ؟ تطلع معه ؟

حينها هتفت شهلاء من خلف والدها بقهرٍ استوطن صدرها وغصه جرّحت حُنجرتها، بمقتٍ كبير لكل ماحدث وللموقف الذي وضِعت به لتُدافع عن اخلاقها امام والدتها التي ربتها وهي اعلم بها من سواها :والله ما اطلع معه، مابيني وبينه شيء .. رحت هاوشته عشان ريان وخاله نجوى وهو جابني لهنا غصب عني، يمه والله قاعده اقولك ما ابيه

التفت عثمان لشهلاء وجرها من ساعدها الى داخل المنزل وسط انصياعها له وشهقات بكائها، اغلق الباب والتفت لسعاد معلقاً :تصرفاتك معها تخليني اصر على اني اخذها معي .. انتي بهذي الطريقه قاعده تنفرين البنت منك

رفعت سعاد يدها تشير اليه بغضبٍ مدعيه عدم اهتمامها بما يهددها به هاتفه بحنق :خذها معك، خذها مابي اشوف صورتها .. اذا هذي اخرة تربيتي لها وتعبي وثقتي فيها ما ابيها

صر عثمان على اسنانه بسخطٍ ودون ان ينطق بحرف فتح الباب واشار لشهلاء بالخروج ففعلت بخوفٍ وتوتر تنظر في وجهيهما وكأنها تحاول قراءة ماوصل اليه الأمر بينهما بشأنها، تجاهلت سعاد امرها تماماً واتجهت لأخذ لؤي والدخول الى المنزل مغلقه الباب خلفها بينما شهلاء التفت ناحية اباها هامسه بنبره باكيه :ماتبيني؟

احتضنها عثمان وبينما يدنو مقبلاً جبينها قال :انا ابيك عنها وعن خلق ربي كلهم

.
.
.
.




















عَندما جنى الليل وحُلُكَت ظُلمة السماء سكنت الانحاء تماماً كما لو ان لانفساً يؤخذ هُنا، وكأنه في مقبرةٍ بين قبورٍ مُقفره، الظلام يثبت وجوده بقوه في المستودع القديم وهو في زاويته يجلس متكئاً برأسه على الحائط المهترئ، شعور غريب بالسكينه يعتريه .. شعور بشكلٍ او بآخر يجعله كما لو كان يمشي متهادياً على نغمٍ هادئ الى موته المُشتهى .. الى النهايه، نهاية كل ما يحدث له من مآسي (قد اسموها حياه)

وصل الى مسامعه صوت قرع الاقدام على الدرج المقابل لباب المستودع المُغلق، تضغط كفه على الورقه التي تكاد ان تتمزق بين انامله .. صوت صرير الباب الحديدي الضخم اقلق ذاك السكون فتعلقت اعين بيدر بالهيئه التي دلفت تتقدم ناحيته .. وكل ما استطاع ايقانه الان بأن القادم اليه ليس بالمدعو عزام بل احد لا يعرفه

قبض على كفه الآخر مستعداً للدفاع عن نفسه هذه المره في ذات الاثناء التي نبس بها متسائلاً بخفوت :مين انت ؟

توقف الآخر على مقربةٍ من حيث يجلس بيدر وبنبره رخيمه قال بهدوء :الحقني

ازدرد بيدر ريق فمه، وضع الورقه في جيبه وبتوجس تسائل بينما ينهض من مكانه رويداً رويدا :عزام مرسلك ؟

بدا سؤالاً غبياً، استوعب بيدر ذلك فور ان نهض ولاحظ وقوف الرجل وكأنه ينظر اليه بهاله من التفكير، رغم كونه لايراه جيداً بسبب الظلام الذي لايقتطعه الا نور خافت جداً آتٍ من الباب الموارب .. ماذا لو لم يكن عزام من ارسله ؟ هل فضحه وقطع اخر حبال نجاته للتو !

هل هذا هو سبب مشاعره الغريبه ! حقاً قد حان موته !

قاطعه صوت الرجل الذي سار بهدوء جهة احدى زوايا المستودع قائلاً :تعال بابيدر

تبعه بيدر بخطى هادئه متوجسه، رآه بينما يفتح الباب الصغير الصدِأ على مصراعيه لتقابله مساحه من الأرض شاسعه لا مباني تتوسطها عدا بضع صخور جبليه ضخمه .. ورغم الوحشه والظلام الذي ينتظره في الخارج شعر بيدر بأن باباً من الجنه قد فُتِح له فتقدم خطوه بغية الخروج والهرب من كل مايقاسيه هنا الا ان الرجل وضع يده امامه وقال :وش بينك وبين عزام ؟

ازدرد بيدر ريق فمه، اشاح بناظريه في الارجاء باحثاً عن اجابه ثم قال بنبره اتضح فيها التوتر :راح يعدمني .. غالب اعطاه اوامر

سكت الرجل قليلاً مما اثار ارتباك بيدر الا انه وبعد برهه قال :اكبر صخره من الجهة الاماميه للمستودع خلفها سياره تنتظرك، حاول ماتلفت انظار حراس السطح

لوهله ود بيدر لو يسأله عمن هو ولم يفعل ذلك ومن ذا الذي ينتظره في الخارج ؟ لكنه لن يجازف بالبقاء اكثر .. فقط يكفيه ان يخرج ويتنصل من كل مايحدث معه هنا حتى وان كان الموت هو من ينتظره .. خرج بخطى عجوله فور ان افسح له الاخر مجالاً للخروج، استقبله البراح الخالي من المعمار والحياه خطوه تلو اخرى تتسارع وكأنه في سباقٍ مع الزمن

استطاع تحديد وجهته، رأى الصخره الكبيره البارزه فأتجه ناحيتها دون ان يأبه بالتخفي خلف الصخور في سيره .. فقط يرغب بالوصول الى حياته او مماته لايهم مايهمه هو ان يهرب من اي مكانٍ سيضطر فيه ان يواجه نفسه وافكاره واوهامه وحيداً

انفجرت صخره صغيره من جواره وارتطمت اشلاءها بقدمه فتوقف ينظر الى فتاتها بشيء من الإستغراب، لم يستطع استيعاب سبب انفجارها الا حين تناثر التراب من الجهه الاخرى من استقامته، ففهم حينها فقط بأن الرصاصات تتساقط حوله تباعا فهرول بخطى اسرع من ذي قبل ركضاً يُسابق ما تبقى من روحه المجزءه، لم يكن هناك صوتاً عالياً للطلقات لكنه كان يتنبه لسقوطها من حوله بتناثر التراب وانفجار الصخور كما صوت صفير الرصاص المرعب

ورغم ركضه الا ان المسافه بدت وكأنها تتباعد لا تنقص، ثقلٍ حل على قدمه فأوقعه ارضاً على ركبتيه، ارتفع بجسده بعد برهه فبدت قدمه اثقل من ذي قبل، ازدرد ريق فمه وهو يضع كفه على فخذه حيث يشعر بأن هناك سائل دافئ قد سار على جلده .. رغم ان الظلام لم يسنح له بمعرفة لون السائل الذي بلل كفه فور ان وضعها على فخذه الا انه استوعب بأنه (قد أُصيب)

انهمر الدمع من عينيه وهو يشعر بعجز فضيع ينتابه، توقف الطلق من حوله وصوت صرير الابواب من على السطح وصل الى مسامعه، انهم قادمون نحوه حتماً .. يا الهي أذاك فخ كي يتم اعدامه في هذه الاراضي الجرداء !

غرس كفه المخضبه بالدماء في التراب اسفله واخذ يزحف في ذات الاثناء التي بدأ فيها الالم بالصراخ في رجله بأكملها، الصخره ليست ببعيده عنه لكنه عاجز عن النهوض اليها .. مازال لديه امل بسيط بأن هناك من ينتظره هناك حقاً وذاك الامل اصبح حقيقه فعلاً حين لمعت اضواء سياره من هناك واحتكت الاطارات بالتربه بينما تتقدم السياره ناحيته الى ان توقفت بجواره وانطفئت انوارها

رفع يده التي اختلطت بها الدماء مع التراب طالباً النجده من الغريب الذي بداخلها .. وفور ان فتح الباب وترجل منه رجل بهيئه يألفها بيدر بحق .. انزل يده واتسعت محاجر عينيه وبنبره مهتزه همس :وهم !

غدى اشبه بالمشلول، يشعر به يجره بصعوبه الى المقاعد الخلفيه من السياره، امسك هو بالباب واتكى عليه ليرفع جسده الى المقعد، ينتابه الذهول الحيره والإرتباك، رأى ذاك الذي يعرفه ويحفظه بينما يصعد الى مقعد السائق وينطلق بها بسرعه عظيمه في تلك الصحراء الواسعه كما لو كان يحفظ طريقه جيداً

وضع يده على فخذه بينما يجلس ويراقب المرآه التي يظهر بها السائق ملثماً، لكن عينيه ! ازدرد ريق فمه وهمس بخفوت كما لو كان لايرغبه بأن يسمع سؤاله او حتى ان يجيبه :مدين ؟

ومدين .. لم يجب بل ضغط بأنامله على شاشه هاتفه المثبت على مقدمة السياره بينما الاخرى انشغلت بتحريك المقود فصدح في السياره صوت رنين الهاتف الى ان اتى صوتاً مألوفاً هو الآخر من خلف السماعه قائلاً :ها مدين بشر ؟

فتح بيدر فاهه بذهولٍ وخوف، توقف عن المسح على قدمه المتخدره من شدة الألم الذي لم يجد ذهناً حاضراً ليعير له بالاً، تلتقط مسامعه صوت أخيه .. صوت مدين الذي يعرفه جيداً رغم كونه قد تأثر بفعل اللثام الذي يلتف حول وجهه قائلاً :بيدر معي مصاب في رجله، خذ دكتور للبيت القديم وانتظرني هناك حالاً

ب (تمام) انتهت المكالمه وانتهت آخر ذرات قوه في جسد بيدر الهالك منذ ايام، بلا حتى طعام يسد رمق جوعه او ماءاً كافياً ليرويه فتلاشى تماسكه بغته واسودت ابصاره ثم فقد وعيه وارتمى جسده على المقعد مغماً عليه ..

نظر مدين ناحيته لبرهه قبل ان يعيد ناظريه الى الطريق في ذات الاثناء التي خرج بها من المساحات الرمليه الى الاسفلت الذي سيقوده في النهايه الى وجهته .. منزلهم القديم

.
.
.
.





















اتكى بثِقل جسده على حافة الباب، مضى اكثر من ساعه كامله وهو يراها تتنقل في المطبخ بعشوائيه الغرض منها واحداً وهو يوقنه جيداً (هرباً منه) .. لا احد في المنزل سواهما وهي تعلم بأنه سيستغل ذلك لفتح باب الحديث حول ماحُظر الحديث عنه في اليومين الماضيه

اطرق برأسه ينظر الى الأرضيه التي يربت عليها بقدمه ثم قال مُقاطعاً السكون المُدّعى :عاتبيني .. على الأقل !

وضعت اسمهان الأبريق الساخن على الموقد فور ان انهى كلماته، لا تعلم لم اعدت الشاي في هذه الساعه التي تنتصف الليل لكنها وبلا طوع كانت تفعل اي شيء لتتجنب الجلوس معه ومحادثته في اي امرٍ كان، امسكت بكفيها على حافة الكاونتر وبينما تدير ظهرها اليه اجابت معلقه :وكأن عتابي الأول طفى ناري، كأنك ماكسرت خاطري اكثر !

اعتدل بإستقامته وتقدم الى الداخل خطوتين بينما يضع يديه في جيبي بنطاله المنزلي قائلاً بهدوء واعصاب مرتخيه هذه المره حتماً لن تزيد الطين بله كالمره الماضيه :حادثة سالي ما اتلفت اعصابك وحدك فلا تحاسبيني على ردة فعل صدرت مني في فتره كنت مضغوط فيها نفسياً، تجاوزي عني مثل ما انا تجاوزت عنك انفجارك بوجهي اكثر من مره بدون سبب

حينها التفت اسمهان ناحيته وبشيء من الإنفعال افصحت :هشام انا اتجنب حتى اني اترحم على اخوك قدامك، اتجنب ذكره رغم اني عشت معه ١٦ سنه من عمري وهو اخوك من ام واب وبعد كل هذا احصلك جايب زوجتك الاولى محاميه عن بنتي !

بحِده علق هشام مصححاً لها ما اخطئت به :طليقتي .. في الف فرق بينهم اسمهان، عفراء بالنسبه لي ماضي وانتهى مافي اي مجال بيني وبينها، انا لو باقي لي رغبه فيها كنت جبتها زوجه مو مجرد محاميه تقوم بواجبها اتجاه موكلتها !

رفعت اسمهان حاجبها وبنبره تحمل اطناناً من القهر قالت :ومافي غيرها ؟ في كل البلد مافي محاميه غيرها ؟

زفر هشام نفساً ثقيلاً، مسح على وجهه ثم اقترب منها ينطق بهدوء وضُعف :صارت عشر سنوات ما اعرف اخبارها، اعترف بأني ضعفت لما شفت اسمها بين باقي المحاميات .. كنت محتاج احط نقطه آخر السطر وهذا اللي صار، اللي بيني وبين عفراء انتهى .. انتهى حرفياً

تراجعت اسمهان حتى التصق ظهرها بالكاونتر بينما تتسائل :وايش يضمن لي ماتضعف لها اذا تركت مهنتها ؟

بينما هشام ففوراً هز رأسه بنفي وقال :مو بسبب المهنه، ماتناسبني ولا من اي ناحيه .. مافي توافق فكري بيني وبينها، احنا حتى ماوصلنا بمشاعرنا لمرحلة ان احد يقدر يقدم تنازلات للثاني .. وانا رجال ما امسك بيد فلتتني لو الثمن عمري .. يكفيك عشان تقتنعين ؟

سكتت اسمهان قليلاً كما لو كانت تحاول الاقتناع بما قال قبل ان تنطق معلقه بقولها :هشام تأكد انك لو تميل لها او لغيرها بنظره وحده ماراح ترجع تكسبني لو تحط عمرك ثمن .. وانا مره ما ارضى برجال متاح لغيري

اومئ بعد بُرهه راضخاً لذاك الحق من حقوقها، هو يعلم بأنه مُخطأ وممتن لكونه معترف بخطئه فلولا ذلك لما رست سفينتهما على برٍ مطلقاً، تراجع خطوه حينما ابتعدت عنه متهربه بقولها :راح اصب شاي، وترى مو طايقه ريحتك خلك بعيد

اتجه للجلوس على احد المقاعد المحاوطه للطاوله واضعاً قدميه على آخر بينما يخبئ كفوفه التي دب فيها البرد في جيوب البلوزه الثقيله معلقاً :حتى الوحام جاء على راسي

.
.
.
.























عانقت الشمسُ بنورها أرضُ الفناء في صُبحٍ من الصباحات الغريبه .. حل بمشاعرٍ أخرى وحالٍ غير الحال الذي اصبح عليه الأمس، بدت غيد اكثر حيويه بينما تقف عند المِرآه تنظر لملامحها المُزهِره ووجنتيها المتورده تطبطب عليهن بينما الابتسامه تكاد الا تُفارقها

رُغم كل ماينتابها من اضطراباتٍ وقلق الا انها تشعر بالرِضا فعلى الأقل ظهر بأنه أأمن مما كانت تظن وانها لن تمشي وحيدةً في درب استعادته، بل ان ذاك الرجُل الصلب الذي قابلته سيرافقها ليغدو العبأ أسهل والوصول ممكن .. انها تراهن الان على نجاة بيدر بعدما كانت فقط ترجو بأن تنسى امره ..

تراجعت عن المِرآه لتلتقط حجابها من على السرير ففزت بخوف حينما رأت ملاذ تقف عند حافة الباب وكما يبدو انها منذُ وقتٍ وهي هنا، فهمست بعتاب :شعندك ماتتكلمين خرشتيني

زفرت ملاذ وتقدمت بخطى هادئه الى ان جلست على متن السرير قالت :عزيز متصل من صباح الله خير ، حجز البارح الصاله ويسألني عن باقي الحجوزات عشان يخلصها

رفعت غيد حاجبيها وعلقت على ذلك قائله بنبره ضاحكه :كلها عشر دقائق وش سويتي حتى مشيتيه على السراط كذا ؟

سكتت ملاذ قليلاً بينما تستذكر مكالمته في مساء البارحه وكم كان حيوياً ومُبتهجاً الى درجة انها نامت وهو مازال يتحدث وعلى الهاتف ويخطط لكل شيء يخصهما غير آبه بتفاعلها الراكد معه كما لو كان مُراهِناً على مراضاتها بطريقةٍ ما، هزت كتفيها بعدم معرفه وعلقت بقولها :هو شكله من الاصل خفيف

قهقهت غيد بينما تقوم بلف الحجاب حول رأسها في ذات الاثناء التي اتكئت فيها ملاذ على ظهر السرير واحتضنت احدى الوسائد مستفهمه :للجامعه ؟

اومئت غيد بتأكيد مجيبه بينما تقف امام المرآه لترتيب مظهرها :ايه وراح نطلع انا وشهلاء بعد الدوام للسوق ناخذلك كم غرض، لازم نستغل الوقت ماراح يمدينا نجهز .. سالي للحين نايمه ؟

بإيماءه اجابت ملاذ، ماقته لأضطرارها للخروج السوق بشده فهي وبطبيعتها لاتفضل ذلك الا انها مضطره لانجاز امورها، قالت :ايه نايمه، امي راح تطلع معنا العصر وعلى حماستكم ذي راح تتقضون كل شيء بيوم

قبل ان تعلق غيد رن هاتفها فوضعت النِقاب من يدها على طرف السرير والتقطت الهاتف ثم عقدت حاجبيها وبإرتباك قالت :ملاذ ذا مدين !

فوراً اعتدلت ملاذ بجلوسها وبإهتمام نبست :تعالي هنا ردي عليه

فأزدردت ريق فمها وتقربت لتجلس بجوار ملاذ، اخذت نفساً عميقاً وهي تؤهل نفسها لأي شيء قد تسمعه من مدين الذي وعدها بالتواصل معها للوصول الى طريقه يمكنهم اقناع بيدر عبرها بالعلاج، فتحت الخط وكذا مكبر الصوت ليصدح صوته الخشن من خلف السماعه مردداً السلام وردته هي بنبره خرجت هادئه رغم كل مايختلجها من اعاصير .. سكت قليلاً وارتفع من عنده صوت اغلاق باب سياره ثم عاد صوته لينطق :كيف حالك غيد، عسى ماصحيتك من النوم

نظرت غيد في وجه ملاذ المترقبه لكل مايدور في المكالمه ثم اجابت :لله الحمد، لا ابداً الدوام مصحيني قبلك

وبينما هو يتكى بظهره على المقعد ويراقب بعينيه باب المنزل الموصد على بيدر الذي مازال غائباً عن الوعي قال :غيد تعرفين جبل ذعار

عقدت غيد حاجبيها واجابت بتأكيد حينما كان ذاك الجبل قريباً من الساحل الذي تقطن قريب منه اساساً :ايه مو بعيد من بيتنا

زفر مدين نفساً مرتاحاً قبل ان بطلب منها قائلاً :ممكن تحصليني هناك العصر، احتاج اتكلم معك بخصوص بيدر

سكتت غيد لهينةٍ من الزمان، نظرت في وجه ملاذ فوجدتها حائره مثلها .. ثم نطقت بنبره اتضح فيها كمٌ من التردد والإرتباك :اا .. ممكن .. طيب

وفوراً علق مدين بينما يقوم بتحريك سيارته، خارجاً من المنطقه الجبليه الساحليه التي يقبع فيها منزلهم القديمه ولاتحيطه سوى الجِبال والوحشه :تمام نلتقي على خير

اغلقت غيد الهاتف بعد الوداع ونظرت لملاذ بإرتباك قائله :ملاذ وش اسوي !

زفرت ملاذ وبعد برهه قالت بينما تتكى على ظهر السرير وتعود لاحتضان الوساده :خذي شهلاء معك، لاتروحين له بروحك

.
.
.
.






















وفي عينيك ..
فِردوس الصديقين
وجهنم الآثمين
ومابينهما .


آيات العزيبي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-12-24, 04:52 PM   #66

ام سامي

? العضوٌ??? » 519366
?  التسِجيلٌ » Jun 2024
? مشَارَ?اتْي » 261
?  نُقآطِيْ » ام سامي is on a distinguished road
افتراضي

أهلا وسهلا نورتي حبيبتي فصل رائع بيدر متى راح تخلص أوجاعه مدين مدري هو راح يوقف مع أخوه ولا راح يزيد عليه
فياض و سالي خطوة جدية لعلاقة واضحة
عثمان مدري شو مخبص بالماضي
مازالت الرواية غامضة لكن جميلة جدا
يسلمو على الفصل الحلو دمتي بخير حبيبتي


ام سامي متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-12-24, 01:24 PM   #67

آيات العزيبي

? العضوٌ??? » 509143
?  التسِجيلٌ » Dec 2022
? مشَارَ?اتْي » 179
?  نُقآطِيْ » آيات العزيبي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام سامي مشاهدة المشاركة
أهلا وسهلا نورتي حبيبتي فصل رائع بيدر متى راح تخلص أوجاعه مدين مدري هو راح يوقف مع أخوه ولا راح يزيد عليه
فياض و سالي خطوة جدية لعلاقة واضحة
عثمان مدري شو مخبص بالماضي
مازالت الرواية غامضة لكن جميلة جدا
يسلمو على الفصل الحلو دمتي بخير حبيبتي

يامرحبا ام سامي حياكِ حبيبتي ربي يسعدك
تقريباً كل الكوبلات صارت في خطوات ثابته في علاقاتهم، والروايه ماشيه لمنعطف مغاير .. كل الغموض الباقي راح يتبدد في الفصول القادمه تدريجياً كل شيء في وقته ♡♡


آيات العزيبي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-12-24, 01:37 AM   #68

ضي عيوني

? العضوٌ??? » 496732
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 904
?  نُقآطِيْ » ضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلم يمينك ع الفصل الجميل ❤
مدددين من ووين خرج لنا والحين اكيييد بيخلي بيدر اخوه يعيش شخصيته وهو ييتقمص شخصية اخوه بيدر


ضي عيوني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-12-24, 10:19 AM   #69

آيات العزيبي

? العضوٌ??? » 509143
?  التسِجيلٌ » Dec 2022
? مشَارَ?اتْي » 179
?  نُقآطِيْ » آيات العزيبي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضي عيوني مشاهدة المشاركة
تسلم يمينك ع الفصل الجميل ❤
مدددين من ووين خرج لنا والحين اكيييد بيخلي بيدر اخوه يعيش شخصيته وهو ييتقمص شخصية اخوه بيدر

الله يسلمك حبيبتي
غالب كاشف الاثنين، يدري ان في توأم وهم مدين وبيدر وان بيدر طلع من السجن بإتفاق لايمكن مايكون له اساس قديم .. بمعنى اثنينهم في خطر وبيدر ورطهم بطريقه مرتبه


آيات العزيبي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-24, 08:09 PM   #70

آيات العزيبي

? العضوٌ??? » 509143
?  التسِجيلٌ » Dec 2022
? مشَارَ?اتْي » 179
?  نُقآطِيْ » آيات العزيبي is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الرابع عشر ..



.
.
.
.







في لحظةٍ ما يُدرك المرء بأن السلام ليس شيئاً يُطال الا اننا نسعى اليه بما جُبلنا عليه من عزمٍ ورغباتٍ لاتنضب، لا نهدأ لا نستسلم علنا يوماً من ايام الدهر نصِل فتصافح كفوفنا الحمام ونحمل اغصان الزيتون المُخضّرَه على اكتافنا .. ونحيا .. حينها فقط سنحيا

وضَع فِنحانه الأثير المُنتقى حسب ذائقة الحانيه الراحله على المِنضده بعدما ارتشف كُل محتواه من الشاي الذي صنعته يداه منذُ ساعةٍ مضت، نهض من مكانه يجر خطاه الى النافذه الزجاجيه حيث توقف يُراقب تعانق اطراف الجبل مع امواج البحر الذي يميز هذه المدينه الساحليه الدافئه

خلفه على الاريكه الرثه ينام بيدر، ساكن الملامح كطفلٍ آمن لأول مره في حياته، بِلا حِراك او صحوه مقتطعه، كما لو كان خائفاً من ان يصحو ويجد محياه المأساوي قد عاد ليحتضنه، وكأنه خائف من ان يُدرِك اسوأ ما قد يدركه شخصٍ مثله .. ان كل شيء، كل شيء ليس الا وهماً

ان تتزلزل كل قناعاته، كل ثوابته، كل ذكرياته، وكل مايعرفه .. ان يجد نفسه فجأه شاك حتى في هويته في اسمه !

قد كان مقتنعاً بوفاة مدين، كان مؤمناً موقناً متأكداً .. فما ابعاد وجوده حياً على حالته النفسه المضطربه اصلاً !

وجه ناظريه الى حيث يرقد اخيه غير واعٍ لكل ماحوله، لمعت عينيه وهو يرى الأرق المحاوط لعينيه وشحوب ملامحه، وهنه البادي على محياه وتعبه كما اثار الضرب على كامل جسده ووجهه .. زفر وتقدم ناحيته ثم دنى مقرفصاً جواره، هامساً بينما هو ممسكاً بكفه :هالمره بس لاتخذلني بيدر .. يدي اللي قاعد امدها لك لاتكسرها .. مو كل مره راح انجى من الغرق وارجع لك !

زفر نفساً ثقيلاً وهو يرى بيدر لايستجب اليه، غارق في خِضم اللاوعي، فنهض من مكانه واتجه الى الخارج .. على صخره صغيره جلس يراقب الطريق الخالي امامه، ورث سيجاره واخذ يستنشق سمومها شارد الذِهن وما امام عينيه سوى مشهداً واحداً يكاد الا يُفارق ذِهنه ولا للحظه

مشهدٌ يرى نفسه بِه بينما ينهض بجسدٍ هالِك لايملك ولاذرة قوى او حيله، جسد منهك شبه مشلول مُخضب بالدماء التي تجري بِلا توقف على عُنقه وظهره .. يسمع به صوت بيدر الباكي في منتصف الطريق المُشوه بينما هو يتكى على مقدمة السياره وينبُس بوهنٍ عل ذاك المُضطرب يصحو فيتوازن :بيدر !

ويبتلع ريق فمه بل يبتلع غصه تكورت في حلقه وهو يتذكر انقضاض بيدر عليه، تراجعه حتى سقط بجانب السياره مراقباً اخيه الذي توهم وجوده اسفله فأخذ يُهشم خياله بحجرٍ كبير ان لقي رأسه سيقتله حتماً .. بأم عيناه يشاهد محاولة اخيه لقتله .. اصراره على فعلها لو لم يكن مايراه اسفله وهماً ليس الا

رمى قُطف السيجاره اسفل اقدامه وداس عليه ثم رفع قدمه وشرد في اهترائه .. يراه نموذجاً دقيقاً لحاله وهو يُجَر من قِبل توأمه الى موج البحر مُدعياً الموت .. عل الموج احن عليه من شقيقه والشِقفه الاخرى من روحه ونفسه

رفع كفه على عيناه حينما فاض الدمع منهما، قليل الحيله هذا الرجل ليس كما يبدو بل عاجزاً حتى عن انقاذ نفسه ونفس اخيه من سطوة مُبتلاه واعتلالاته التي حتماً لن تنتهي الا ان قتلت احدهما

خُطى هادئه اقتربت فنبّهته، مسح بكفه على عينيه المحمرتين ورفع ناظريه اليها حين توقفت على بعد خطواتٍ منه تهمس بتساؤل خائف :بيدر !

هز رأسه بنفي واجاب يُطمئنها بشبح ابتسامه رُسمت رغماً عن حاله وواقعه :لا بيدر بخير ان شاء الله

زفرت غيد براحه فلوهله زارها عظيماً من هلع لحال مدين ذاك والاف السيناريوهات المرعبه والسوداويه قد تقافزت الى فكرها فعلقت بينما تنظر حولها :زُرت المكان اكثر من مره، ماتوقعت البيت المهجور ملكك !

تبّسم مدين هذه المره بصدق بينما يوجه ناظريه الى الباب الموصد على بعدٍ نسبي من مكانه، واجاب :ملكنا انا وبيدر .. هذا بيتنا القديم

وتبّسمت غيد بود، لطالما احبت المكان والموقع المميز للمنزل المختبئ بين تعرجات الجبل المحتضن للبحر، رأت مدين ينهض ويشير اليها بأن تتبعه ففعلت بينما تنطق معلقه :دائماً كان عندي فضول ناحية اهله .. افكر لو انا من سكانه ماكنت هجرته كثر ماموقعه دافي وقريب للقلب

قهقه مدين بخفه اثناء تعليقه بينما يفتح باباً جانبياً مكوناً من اعمده حديديه متجاوره قائلاً :تزوجوا فيه ..

رمشت غيد بصدمه وتوقفت في مثبتها تزدرد ريق فمها من عظيم خجلٍ قد نال منها، بينما هو فقد دلف وترك الباب مفتوحاً على مصراعيه، رفعت كفيها الى وجنتيها من وراء النقاب تطبطب عليهن بينما تهمس :ياربي .. مايستحي هذا !

دلفت بعد برهه بشيء من التوتر بينما تراقب المكان حولها، لتجده يقف في جلسه خارجيه اشبه بالبلكون لكنه ارضي او الحوش الجانبي محاط بالحجار الجبليه المهيبه، يبدو بأثاثه القليل مستحدثاً، جر احد المقعدين المحيطين بالطاوله المدوره في المنتصف مشيراً اليها بالجلوس عليه وبينما يتجه الى المقعد الآخر قال :صادفتك اكثر من مره حول هالمكان لذلك توقعت بيتك قريب

اومئت غيد بتأكيد وبعفويه اجابت بينما تشعر بإنشراح من المكان الذي تجلس فيه :ايه بيتي بالشارع العام قدام الساحل

سكت مدين قليلاً وبينما يعيد ظهره على المقعد قال معلقاً :يعني اقدر احط بيدر بأمانتك

عقدت حاجبيها بإستغراب، امالت برأسها واستفهمت :كيف ؟ مافهمت

زفر مدين وتقدم بجذعه العلوي عاقداً كفيه على الطاوله بينما يوضح مقصده بقوله :بيدر مصاب وحالته الصحيه اساساً ماهي سليمه، وجوده في هالبيت من جهه ثانيه راح يحفز اضطرابه النفسي بما انه مرتبط بذكريات قديمه هو يجاهد لاجل ينساها .. مع ذلك انا مضطر احطه هنا لفتره بعيد عن الانظار لأجل سلامته

ازدردت غيد ريق فمها، بدأ التوتر ينال منها وكأنها بذلك عادت الى قاع الظلام الذي ظنت بأنه قد انقشع .. ما وراء هؤلاء التوأم ! تنحنحت ثم تسائلت بتوجس :ليه كل هذا ! سلامته من وش بالضبط والاصابه ...

قاطعها مدين حينما وضع امامها على الطاوله بطاقه صغيره يغلب عليها اللونين الابيض والأزرق قائلاً بتعليق :انا نقيب في مكافحة المخدرات .. اختفائي في الفتره الماضيه سبب مشاكل لبيدر بما انه توأمي المتماثل وهو ماعرف كيف يتصرف فتورط بطريقة محترمه، حالياً انا بما اني رجعت راح ارجع اواجه الوضع عنه لذلك ما اضمن اني ماراح اكون تحت المراقبه او الخطر ..

قاطعت غيد كل توضيحاته تلك ففي يديها اثباتاً معتمداً رسمياً سيجيب على اي سؤال قد يتبادر الى ذهنها حول هوية مدين وحقيقة كينونته الا ان هناك ما اشغل فكرها بحق فسألت :انت وين كنت ؟

سكت مدين قليلاً ثم اجاب :هنا .. لهذا السبب برأيي هذا أأمن مكان ممكن احط فيه بيدر لان طوال المده الماضيه محد جاء حولي .. كنت اتلقى العلاج هنا بعدما تعرضت لاصابه في حادثه معينه

ضيقت غيد عينيها وسألت كما لو كانت قد وضعته في غُرفة تحقيق واتخذت لها دور المُحقق .. فقط لتتطمئن من انه لن يخفي عليها شيء ما :بيدر حاول يقتلك

زفر مدين واومئ بعد برهه مجيباً بصدق وتوضيح، هو ممتن لوجودها الى جانب اخيه المبتلى بمرضٍ مُتعِب ممتن لمجازفتها بأمانها بعد كل ماعرفته عنه وعن بيدر واقل مايقدر على تقديمه اليها هو ان يكون كل شيء حولها واضحاً داعياً الى الآمان .. لأجل بيدر على الاقل :ردة فعل، اخذته لمستشفى امراض عقليه بغير رضاه ..

سكت قليلاً ثم اطرق بناظريه الى كفيه مردفاً بقوله :بيدر جرب المستشفى من قبل، كان عمي مدير المُستشفى، ذوقه المُر بكل الوانه وتضاعف مرضه الف مره، طلع منه غير بيدر اللي دخل عليه برضاه وموافقته ورغبته بالعلاج

رفع ناظريه اليها فوجدها متكئه على ظهر مقعدها مهتزة العينين بألم ثم اضاف :لذلك صعب علي اقناعه بالعلاج بعدها، مارضي غير بالمُسكنات .. صار عنده شبه فوبيا من المستشفيات والاطباء بشكل عام حتى بالامراض العضويه كنت اواجه صعوبه بعلاجه

تنهد بينما يعود للاتكاء على ظهر مقعده، سكت عن اي اضافه اخرى فألتقطت مسامعه تعليقها :قبل الجامعه زرت مركز تأهيل نفسي جديد بالمنطقه، اسلوبهم راقي وسياساتهم مناسبه مافيها اي ضغط على المريض او اقاربه .. اتوقع اني راح اقدر اقنعه اذا انقبلت كممرضه عندهم

ضيق مدين عينيه لبرهه بعدم استيعاب قبل ان يرفع حاجبيه ويتبّسم بذهول، رفع كفيه يمسح على وجهه وقهقه بخفه بينما يعلق بإمتنان :يمكن آخر احد شفته مهتم ببيدر هالكثر كانت امي

.
.
.
.
























على السرير الوثير رمَت كيساً ورقياً يحوي قطعه ملابس كانت قد احبتها في السوق حين خرجت مع غيد للتسوق لأجل ملاذ، زفرت بينما ترمي حجابها وعبائتها بجوار الكيس ملتقطه هاتفها من الحقيبه متفقده اي خبر من غيد .. ينتابها قلقٍ عظيم عليها وقد كان من المفترض ان ترافقها للقاء مدين لكن امر والدها لها بالعوده بدا صارماً في اتصاله المفاجئ

تنهدت وهي تضع الهاتف في جيب بنطالها الفضفاض، توقفت امام المرآه تُهندم قميصها الواسع هو الآخر ثم خرجت من غرفتها لتترجل الى الاسفل حيث واجهت العامله في طريقها فسألت :عليا وين ابوي ؟

اشارت العامله الى باب المجلس مجيبه بإبتسامه :في المجلس ست شهلاء

سكتت شهلاء قليلاً قبل ان تُعلق بينما تتجه الى المجلس :شهلاء تكفي ياعليا

توقفت اقدامها عند باب المجلس وحالما مدت يدها الى مقبض الباب جمدت في مثبتها بينما تلتقط مسامعها صوتاً غير صوت والدها .. صوت تعرفه وتألفه ولايعود سوى لذلك الرجل الذي قلب حياتها رأساً على عقب، بنبرته الهادئه ونظراته البارده بهالته التي لاتعرف التفاعل الا فيما ندر استطاع ان يعبث بحياتها كما لو كان يلعب الشِطرنج فيضع كل قِطعه في مكانٍ آخرى بعشوائيه ومزاجيه بحته

تراجعت خطوه ولم تأبه بالإستماع الى مايدور بينهما، سارت لتخرج من الصاله الى الحديقه، جلست على مقعدٍ خشبي أنيق في جلسه عصريه مرتبه اسفل الشجره الكبيره .. رفعت هاتفها تتفقده قبل ان تتنهد وترميه على المنضده وتشرد مُستسلمةً لتجاذب اقطاب فِكرها، تشدها تلك الفكره تاره وتلتقفها اخرى تاره الى ان استقرت على اعتى افكارها تلك التي ترتبط بخطبة سقراط لها

حائره في اصرار والدها الحازم، في رفض والدتها المستميت .. حائره بينهما قبل ان تحير حتى في سبب اقدامه على خطوه كتلك ! الا يعلم بأنها سترفضه حتماً ؟

التقطت هاتفها ورنت على الرقم الثابت للمنزل لتجيبها عليا فوراً فقالت بأمر :عليا هاتي عباتي من الغرفه

نهضت بعد لحظات متقدمه بضع خطوات لتنتظر عليا التي لم تتأخر كثيراً حتى قدمت وفي يديها العباءه مع الحجاب والنقاب، شكرتها واخذت تلبسهم بينما تقول :اذا سأل ابوي عني قولي له راحت للماركت شوي وارجع

اومئت عليا بطاعه وغادرت من امامها بينما شهلاء وفور ان تجهزت تماماً وقعت ناظريها على خفها المنزلي الأبيض حيث بدا غريباً مع جواربها البيضاء المخططه بالأسود الا انها تجاهلت الأمر برمته وخرجت، يجب ان تسبق خروجه ..

رأت سيارته عند الباب الجانبي للمنزل وتعجبت من انها لم تلاحظها حين قدومها منذُ مايقارب النِصف ساعه .. سارت على الرصيف في الحي الهادئ والذي عادةً مايكون خالٍ من الماره، دخلت بمنعطف غالباً سيسلكه سقراط حين مغادرته واستقامت هناك تنتظره في نيه لديها بالتحدث معه معرفة اسبابه وتوضيح رفضها له رأساً برأس دون ان تضطر الى مواجهة والدها بطريقه لاترغبها ولا خسارة والدتها

مرت مايُقارب العشر دقائق بينما هي تقف في مكانها ولم تشعر بالوقت وهي في خِضم شرودها وذهاب افكارها وايابها، الى ان رأت سيارته تمر بها ثم تتوقف على بعد مسافه بسيطه .. عاد الى الوراء بعد لحظات الى ان جاور استقامتها وانزل الزجاج مشيراً لها برأسه بإستفهام فتقدمت وقالت :انزل ابي اتكلم معك

عقد سقراط حاحبيه واطفئ محرك سيارته قبل ان يترجل عنها متجهاً الى الجانب الآخر حيث تقف وبينما يتلفت حوله علق :مايهمك هالمره اذا شافوكِ الجيران ؟

هزت رأسها بنفي وعلقت بإجابه :محد يعرفني هنا

اومئ سقراط بعد برهه، اعاد ناظريه اليها وتسائل بينما يتكئ على السياره :وش هالموضوع المهم اللي مطلعك بشبشب للشارع ؟

نظرت الى قدميها قبل ان تشتمه في داخلها لدقة ملاحظته، ودون مبالاه بذاك الأمر اجابت :مثلاً انك جاي تطلبني من ابوي ؟

سكت قليلاً ثم علق بطريقه لا مباليه :لا اليوم جايه بشغل ماسولفنا عنك

رفعت شهلاء حاجبيها وبشبه انفعال تقدمت خطوه بينما تسأل :وش هذا الشغل اللي يجمعك بأبوي حضرة الضابط ؟

رفع سقراط يده الى شعره يعبث به قليلاً قبل ان يجيبها بتهرب من الاجابه الصريحه :شيء صعب تفهمينه، توقعت تجين تهاوشيني للقسم غريبه صابره كل هالايام ما كحلتي عيونك بشوفتنا ؟

احتدت عيني شهلاء وبمقت اجابته قائله :اتوقع يكفيني اللي شفته من قلة انسانيتكم

اومئ سقراط بلا مبالاه ولم يعلق حول الأمر بل سأل بقوله :مو موافقه صح ؟

هزت رأسها فوراً بنفي فأعتدل بإستقامته وبينما يتحرك للعوده ادراجه الى مقعده قال معلقاً :اجل اقنعي ابوك باسباب رفضك

تقدمت شهلاء ناحيته لتنطق بإنفعال بينما هو مازال عند مقدمة السياره :انت غاسل مخه، واضح ان بينك وبينه شيء خلاه يصر عليك ويفرض علي شيء لاول مره بحياته .. كل هذا مو مهم سقراط، انا جايه اسألك سؤال واحد وابيك تفكر فيه .. انت راضي تتزوج وحده كارهتك ؟ وحده تشوفك سبب موت اقرب الناس لها ؟ انت متخيل اني كل ماشفتك تذكرتهم ! اتذكر اني خذلتهم وسلمتهم بيدي لرجال ماخاف ربه فيهم ووداهم للموت بدون مايرف له جفن !

تقدم سقراط ناحيتها مقتطعاً ماتبقى من مسافه بينهما وبحده قال :شدراك ؟ انتِ ترجعين معي للبيت ؟ تشوفين لحظات ضعفي اللي مايشهد عليها غير ربي ؟ لازم اجي قدامك اتبكبك واثرثر بأوجاعي عشان اصير انسان عنده ضمير .. شهلاء انا ماسويت غير واجبي، ناصر في نظر القانون بريىء مافي اي دليل يدينه في وفاة نور بينما ريان قاتل مع سبق الاصرار والترصد .. اكذب عليك اذا قلت اني ماحزنت عليه وعلى امه لكن هذا كان اختياره ! اختار الموت انتحر بالمعنى الحرفي للانتحار، ربك من سابع سماه ماراح يحاسبني عليه راح تجي انتي تحاسبيني ؟

سكتت شهلاء قليلاً بينما تنظر اليه وللشرر المتطاير من عينيه كما لو كان قد بلغ حده وانفجر، غضب عظيم واحمرار احاط بعينيه فهزأت بقولها :واو .. ماتوقعتك راح تضبط الادوار الدراميه، لعبت دور الضحيه ببراعه !

صر سقراط على اسنانه بسخط قبل ان يتراجع ويعود الى سيارته، متجاهلاً الرد عليها .. بل مؤجلاً ذلك، لن يجازف بأن يأججها ناحيته اكثر او ان يراها عثمان معه فرغبته بها ليست السبب الوحيد لإصراره على خِطبتها بل هُناك غالب في الطرف الآخر الذي ان لم يتم القضاء عليه بأسرع وقت ممكن فحتماً سيفقد احد التوأمان حياته مدين او بيدر ..

بينما شهلاء فقد عادت ادراجها الى المنزل بخطى بطيئه، كانت تملك حُفنة من املٍ سراب بأن تستطيع هز رغبة المعني بالعزف على وتر كرامته على الأقل لكنها عادت بيأس اعظم فقد بدا مُصراً اكثر من والدها حتى، كما لو كان سؤالها عن رأيها مجرد اجراء شكلي لن يغير في الأمر شيئاً

دفعت الباب الكبير ودلفت الى الحديقه حيث وجدت والدها يقف هناك منتظراً لها بهاله غير راضيه عن خروجها، تقدم ناحيتها وهو يراقب خلو كفيها فسأل :على اساس رايحه للماركت ؟

رمشت شهلاء قليلاً قبل ان تنطق بأقرب مالديها من حجج :كان بنفسي مشروب غازي ماحصلت معهم غير المشروبات المقاطعه

رفع والدها حاحبيه بعدم تصديق، بالأمس فقط ابتاع من هناك مشروباً بديلاً للمنتجات المقاطعه، صر على اسنانه الا انه التمس لها الف عُذرٍ اخر منها انه لايحق له ان يتلصص على كل ماستقوم بشراءه ! فزفر وقال متسائلاً :وش ردك بخصوص سقراط

فوراً هزت رأسها بنفي وبإجابه منفعله نطقت :رأيي قلته، ما ابيه !

سكت عثمان قليلاً، ازدرد ريق فمه وهز رأسه بيأس قبل ان يخطو بقصد الخروج من المنزل واثناء ذلك رمى على مسامعها القُنبله والطامة العظيمه :خطبتك عليه بعد يومين


.
.
.
.
























في المجلس الخالي من عداهما، يجلس هِشام متكئاً بظهره عاقداً ساعديه الى صدره، ملامحه جامده لاتوحي بشيء، وعيناه على الآخر ثابتتان فيبادله النظر بتحدٍ كما لو كانا في حربٍ عُظمى، وكأن لاصُلحاً قد أقيم بينهما منذُ اياماً قلائل بل كما لو كان النفور بينهما هو شيئاً بديهياً لايحتاج الى اسباب

يتكى فياض على احد المساند المجاوره له، في يده فنجان قهوه يرتشفه بهدوء، ورُغم انه قد جاء الى هشام وله منه رغبه الا انه يشعر بأنه المُسيطر هنا والفارض لرأيه فمهما بلغ كُره هِشام له لن يقدر على رفض طلبه مطلقاً .. ليس بيده اصلاً

وبعد ذلك الصمت الرهيب الذي مر بعد قول فياض، نطق هِشام واخيراً بقولٍ اثار سخرية الآخر :ناخذ رأيها بالأول

رفع فياض احد حاجبيه واستنكر بقوله :انا ماجيتك اطلبها للمره الاولى، تراها زوجتي من عامين والحين جاي احدد العرس .. تأخذ رأيها بوش بالضبط !

احتدت ملامح هِشام الا انه نطق بطريقه توحي بأنه قد قارب على الإنفجار :ومنو معطيك الصلاحيه تحدد العرس بروحك بدون رأيها ؟

زفر فياض واعتدل بجلوسه، وبنبره هادئه علق موضحاً :انا جاي اعطيك تأريخ مُقترح واذا عندها اسباب معينه في تأجيله او تقديمه ماعندي مانع !

سكت هشام عن التعليق، بدا وكأن فياض قد قطع عليه طريق الاعتراض الا انه انتقل للأمر الأهم والذي حتماً سيعيق زواجهما مثلما فعل في العامين الماضيات :البيت ؟

وجه فياض ناظريه الى المنضده الزجاجيه الصغيره الموضوعه بجواره تحديداً الى المفتاح الذي وضعه هناك عند قدومه، التقطه ومده الى هِشام وفور ان تلقفه الآخر نبس هو بتعليق بينما ينهض من مكانه :مُفتاح بيتي الجديد .. راح ارسلك اللوكيشن اذا ناوي تروح تشوفه ...

نهض هشام عاقداً لحاجبيه، حقاً لم يكن يتوقع رداً كذاك بل توقع ان يتسبب ذلك التفصيل بإشكاليات كبيره قد تعرقل امر الزواج او تفسده من اصله، بإستغراب قال :تركت الجناح !

اومئ فياض واجاب بنبره هادئه لم يخفى فيها الإنكسار والحسره بعد ان انتهت ثلاثون عاماً من عمره في حروب لم يخرج منها جميعاً الا خاسراً مهزوماً :المنطقه بعيده في اطراف المدينه، اخترتها لانها هادئه واحيائها جديده .. ان شاء الله تعجبها

لم يأبه هِشام بقوله ذاك ولا بأين يقع المنزل وكيف هو، بل سأل بوضوح وصراحه :كنت مصر على نصيبك من بيت ابوك ليه تخليت فجأه ؟

زفر واجاب ببديهيه تامه توصل اليها فجأه حالما بدل قناعاته واستيقظ من السبات الذي قضى على اكثر من ثلاثون عاماً من عمره :كلها حروب خاسره ثمنها مايستحق العمر اللي افنيته وانا احارب .. صار وقت ارفع راياتي البيض وارتاح، هالمره فعلاً ابي ارتاح

سكت هِشام قليلاً قبل ان يدحض ماقاله فياض برمته واضعاً سبب بدا له مقنعاً اكثر بإستسلامه المفاجئ :كنت متمسك بالبيت لأنه معرقل زواجك بسالي .. ولما قررت فعلاً تتزوجها مهدت الطريق وسهلت الأسباب

تقدم ناحية فياض الصامت عن الإجابه خطوه واردف بسؤال متوجس :انت للحين متعلق بملاذ هالكثر ؟

هربت قهقه خفيفه ساخره من بين شفتي فياض، وبنبره ثابته اجاب :سؤالك متأخر .. لان جوابي الحين لا، مو متعلق فيها ولاصارت تعنيلي شيء مجرد حب قديم وانتهى، راح ابدأ بدايه جديده بعيد عن الكل وابي سالي مكسب من الدنيا .. راح توقف بطريقي هالمره بعد ؟

ازدرد هشام ريق فمه وبعد صمتٍ قصير هز رأسه بنفي فأومئ فياض برضى وغادر المنزل .. رفع كفه بعنفٍ يمسح على عينيه الدامعتين بخجل فور ان غادرت اقدامه الباب الخارجي لمنزل هشام، جلس على مقعد السائق في سيارته وهمس بينه وبين نفسه :حب قديم يافياض .. انتهى

اعاد ظهره الى الخلف، اتكى برأسه على المقعد واغمض عينيه محاولاً استعادة رباطة جأشه وصبره وعزمه .. ماتبقى من شبابه يستحق ان يكافح لأجله اليوم .. لأن يضمن لمشيبه وساده دافئه وحبيبه تصون فؤاده الى مماته

دقائق من الصمت حلت عليه الى ان اقتطعها صوت طرقاتٍ على النافذه ففتح عينيه وعقد حاجبيه لرؤيتها تقف بينما تنظر اليه بإستغراب، انزل الزجاج واستقبل سؤالها :شعندك هنا ؟

نظر حولها حيث لا احد يرافقها وكما يظهر بأنها قد اتت وحيده من منزل سلطان فأجاب بهدوء :جاي لهشام .. يدري انك راجعه ؟

عقدت حاجبيها وهزت رأسها بنفي فباغتها بعرضه الذي بدا غريباً على مسامعها ليس فؤادها فحسب :تطلعين معي ؟

سكتت قليلاً بينما تنظر اليه، فؤادها يقرع في صدرها طبولاً وعينيها تكاد ان تفضحها بهجةً لكن صوت العقل طاغي يذكرها بإنتقامها المُبجل، وذاك الصراع كما وكأن فياض قد قرأه جيداً فأردف :اجلي انتقامك هالليله، اعتبريها ليله مستقطعه من الواقع

ازدردت ريق فمها تلفتت حولها قليلاً بشيء من الحيره قبل ان تغادر من امامه وتبعتها انظاره الى ان توقفت عند الباب المجاور له، اشارت له تنبهه من شروده ودهشته حينما وجدته مغلقاً ففتحه فوراً من الزر الذي على بابه، رآها تصعد بجواره وترمي اكياسها في الخلف بينما تعلق :اذا حسيت بذرة ملل راح ارفع عليك قضية خلع، يكون بعلمك

تبّسم بخفه قبل ان يمرر انامله على انفه ويُشغل محرك السياره معلقاً بهمس :أبشري

.
.
.
.
























نِصف ساعه مرت منذُ ان غادر مدين، طلب منها البقاء هنا قليلاً ريثما يأتي الطبيب لتفقد حال بيدر الذي مازال فاقداً للوعي .. مازالت في ذات مكانها على مقعدها تُقلب الهاتف بعد ان اجرى كلاهماً بحوثاً حول افضل اطباء المنطقه ومدى ثِقة المركز التأهيلي .. عينيها تلمع برضا وهي ترى صوراً من داخل المركز حيث يبدو مريحاً وهادئ كما ان التجارب المدونه على تطبيق خاص بالمركز لمرضى جربوا العلاج مسبقاً لدى اطباءه بعثت في نفسيهما الأطمئنان والراحه .. تبقى شيء واحد فقط (اقناع بيدر بالعِلاج)

استقامت بعد برهه، التقطت حقيبتها ووضعت هاتفها به بعد ان عدلت نقابها ثم اتجهت الى الباب الفاصل بين الجلسه تلك والمنزل ذاته الذي تركه مدين مفتوحاً كي تدخل الى المنزل ان رغبت .. تلفتت حولها بشيء من التوجس فواجهها منزلاً حيوياً رغم قِدمه، منيراً وبرِحاً يثير في النفس السكينه والراحه .. تقدمت خطواتها قليلاً وهي ترى امامها اريكه وبعض مقاعد ولكونها كانت خلف الاريكه فلم تستطع رؤية بيدر النائم عليها الا حين اقترابها منه لتشهق بذُعرٍ من حالهُ ذاك المأساوي

تقدمت بخطى عجوله حتى قابلت مكانه، تأملته لبرهه ودمعت عينيها حُزناً على حاله فهمست بخفوت بينما تضع كفها على فؤادها الذي يخفق بشده لمجرد وجوده هُنا امامها كحُباً استسلمت له :يالله !

جلست على المقعد المجاور لأريكته بشيء من القهر والحُزن، وضعت حقيبتها بجوارها وزفرت بينما تراقبه تاره وارجاء المنزل تاره اخرى، بضع دقائق مرت وهي على حالها ذاك الى ان رن هاتفها فأخرجته بعجله كي لايوقظ الراقد رنينه، نهضت بعد ان اصمتت صوته واتجهت الى الجلسه الخارجيه تِلك التي كانت بها ثم اجابت على الهاتف :هلا ملاذ

من الجهه الاخرى نبست ملاذ فور ان دلفت الى غرفتها بعد العوده من التسوق قائله بقلق بالكاد استطاعت اخفاؤه امام والدتها وسالي :غيد اقلقتيني ما اتصلتي تطمني !

زفرت غيد وبينما تتجه الى الباب ذو الحدائد لتقف عنده تنظر الى الخارج الساكن والموحش دون ماره او زوار :انشغلت شوي .. ملاذ لو تشوفين حال بيدر كسر خاطري .. مصاب وعليه آثار تعذيب .. عَز علي حاله

ذُهلت ملاذ بما تسمع وبينما تتجه الى السرير لتجلس عليه وضعت الاكياس بجوارها وسألت بإستغراب وتعجُب وكُل مامر ببالها هو من اين اصابه التعذيب ! :بسم الله وش صاير عليه مين معذبه ؟

تنهدت غيد وبينما تتكى بجانبها الايسر على الحديد قالت مجيبه مُستثقله حتى الشرح الطويل للأمر الذي هي ذاتها عجزت عن استياعبه الى اللحظه :راح افهمك اذا رجعت، الحين بس بنتظر الدكتور يجي ...

صوتاً لضجيجٍ ما من الصاله قاطع قولها، التفتت الى الباب الداخلي وبهمسٍ علقت بنبره حاولت ان تخفي التوتر الذي كاد ليتسرب اليها :ملاذ خليكِ ع الخط، شكله صحى

سارت بخطى بطيئه الى باب الصاله، اطلت من خلفه فوجدته جالساً ينظر الى حوله بطريقه كما لو كان مفجوعاً من شيءٍ ما او ان هناك وحوشاً حوله تتربص به ( وحوش الذكريات التي داهمته فور ان وجد نفسه بين الجدران العتيقه ) تقدمت ناحيته فهمس فوراً بذعر متجاوزاً حتى تفاجئه برؤيتها :طلعيني من هنا !

ابتلعت ريق فمها، نظرت حولها بحيره فيما كيف تفعل، اعادت ناظريها اليه واجابت بظاهرٍ هادئ عله يبث في المعني شيئاً منه :مدين ...

وفوراً قاطعها بيدر بإنفعال، ما الجنون الذي ستنطق به بينما هو يحاول الهرب من رمة جنونه، حاول النهوض وهو يقول بأمر :غيد طلعيني من هنا ..

وبسبب اصابته عجز عن الاستقامه بإعتدال من شدة المه فوقع فوراً على الارض بين الاريكه والمنضده، لتشهق هي بينما تتقدم وتقرفص بجواره بإرتباك وحيره حول مايجب عليها فعله في حالته هذه، مد يده بهاله من الفزع والخوف قابضاً على ساعدها مما اثار الهلع فيها ناطقاً بمحاوله بائسه بإقناعها بما تزلزل لديه :مدين ميت ! غيد مدين مات انا .. انا قتلته بيدي

حاولت غيد جر يدها منه فلم تستطع من شدة قوة امساكه بها، بدا غير واعٍ وذلك اكثر ما ارعبها، تنظر الى الهاتف المفتوح على المكالمه وتخمن حال ملاذ خلفه، ازدردت ريق فمها وحاولت تهدئته بنبره مُطمئنه علها تنجو من نوبته تلك :بيدر اهدأ .. اهدأ لاتخاف انا جنبك وحولك

سكت بينما ينظر اليها بعينين متسعتين كما لو كان لايصدق وجودها برمته ، حل الصمت لبرهه دون ان يفك قيد يدها فعادت لتهمس بينما ترفع يدها الحره امامه :انا هنا، مو وهم انا حقيقه جنبك بيدر وماراح اخليك .. فكني وحاول ترجع لمكانك عشان اصابتك

ازدرد ريق فمه ووجه ناظريه الى حيث ينبض الالم مضاعفاً في فخذه فوجد بُقعه من الدماء قد تكونت كما لو كان جرحه قد تضرر بتحركاته العنيفه، فك يدها ووضع كفه على مكان الدماء بحذر بينما يهمس :احس بألم !

مسحت على معصمها الذي آلمها بسبب ضغطه عليه بينما تجر جسدها بهدوء بعيداً عنه والخوف يغزو كل اوصالها، رأته بينما يعيد رفع ناظريه اليها ويعلق بفراغ وذهول احتل عينيه :يعني ماكان وهم .. مدين حي ؟!

تنهدت غيد وهي تنظر اليه عاجزه عن الاجابه، حتماً لم تحسب حِساب لردة فعله حول حياة مدين من عدمها وان تواجه هي ذلك الوضع دون سواها .. !

طرقاتٍ على الباب الرئيسي تنبّه لها الاثنين فنهضت فوراً كمن وجد الحُجه ليتنصل، كل اطرافها تتمرد عليها وكأن القوى تسربت منهن الى الهواء فباتت سراباً لايغني ولايروي، توقفت بإرتباك .. ازردرت ريق فمها وقالت بينما تشير بيدها الى الجهه التي لم يسكت بها ضجيج الباب :حاول ترجع للكنبه، راح اشوف مين بالباب

صمت بيدر بسكونٍ وشرود فدنت تلتقط الهاتف الخاص بها لتطمئن ملاذ بينما هو حاول فعلاً بعد برهه الصعود الى الاريكه رغم الالم الذي يشل قدمه وثقل باقي اطرافه، اتكى على ظهر الاريكه بينما يمسح على فخذه الذي يؤلمه بشكل كبير ويفكر .. يفكر بطريقه ستقتله يوماً ما او في لحظةٍ ما ليست ببعيده .. وذلك قبل ان يتنبه لدخول سقراط الذي يعرفه جيداً ويحفظه كما يمقته .. فقط بوجوده غزت رأسه مزيداً من الافكار المميته في سوداويتها لم يتنبه بمن قدم مع سقراط بل نبس مستفهماً عله يحظى بأهون الأمرين :انت اللي جبتني هنا ؟

صمت سُقراط مُتجاهلاً الاجابه على ذاك السؤال فحتماً اي قولٍ قد يطرحه يجب ان يكون دقيقاً لن يؤدي الى هيجان المعني او انتكاسه، اشار الى من يجاوره قائلاً :الدكتور راح يفحص اصابتك

احتدت ناظري بيدر على سقراط الذي بادله النظر بهدوء تام، اشاح بناظريه الى الطبيب المُنتظر للإذن بصمتٍ وهدوء ثم الى غيد .. ولم يزيح ناظريه عنها وكأنه ليس في العالم سواها، بل وكأنها هي مصدر الدفء والآمان الذي يبحث عنه، اومئت تحثُه على الموافقه فسكنت ملامحه واطرق برأسه .. اعتبر الطبيب تِلك علامة رِضا منه فتقدم ولم يجد من بيدر اي ردة فعل نافره .. اما غيد فقد آثرت المغادره في ظِل إنشغالهم هرباً بفؤادها الذي يقرع طبول الخوف، وفور ان خرجت الى حيث كانت تجلس قبل دخولها الى بيدر وجدت مدين يقف متكئاً الحائط، اعتدل بإستقامته حين رآها وتقدم ناحيتها قائلاً بهدوء :أذاك ؟

زفرت غيد وامتلئت عينيها بالدموع، هزت رأسها بنفي قبل ان ترفع اناملها فتمسح عن عينيها بلل البكاء وبنبره متهدجه اجابت :خفت

اشاح مدين بناظريه الى الجوانب هرباً من الندم الذي تآكلت به مشاعره، حقاً ماذنبُها في محاولاته لإسترجاع اخيه ؟ مجرد فتاه هشه عبثت مشاعرها بصحة عقلها والا ماظن بأنها سترضخ للقدوم الى هنا او البقاء مع رجل معتل كبيدر لو لم تكن مُحبه ! .. اطرق برأسه وهمس :اعتذر

عادت لتهز رأسها نافيه رغبتها بالحصول على اعتذار حتى، ازدردت ريق فمها وقالت بنبره خرجت كما لو كانت آمره :تكلم معه .. حرام يبقى طول الوقت يفكر وخايف حتى من افكاره، الباقي عليك

اومئ واجاب برضا بينما يتراجع الى الباب الحديدي قائلاً :ان شاء الله بوصلك وارجع له

نفت غيد رغبتها في ذلك بينما تتبعه الى الباب قائله بهدوء ورغبه عظيمه لديها بأن تبتعد عن كل مسببات التوتر التي ضغطت على اعصابها في الوقت الماضي، ترغب فقط بالعوده سيراً على قدميها والشكوى عن حالها الى اليمُ والبر :شكراً ابي ارجع بروحي اساساً المسافه قصيره

زفر وتراجع مشيراً لها بالإستسلام لرغبتها تلك، رآها بينما تخرج بتعجل منسدلة الكتفين هائمةٌ بهمٍ عظيم يحمل هو اضعافه واضعاف اضعافه، عاد ادراجه فوجد سقراط يقف خلفه وكأنه للتو حتى خرج من الداخل، تبادلا النظر لبرهه كانت الشكوى فيها صاخبه غلبت الصمت المباح ونبس سقراط عقبها بقوله :ماراح تقدر تساعده طول مابينهم الف حاجز .. اراهن على انها ماراح ترجع حتى لو ودها تبقى جنبه

اومئ مدين يوافقه الرأي، يظهر جلياً كون غيد لن ترجِع بل ربما هي نادمه لمجيئها من اساسه .. حتماً ستحترم الالف حاجز وتخضع له وجل ذلك لن يزيد الامر الا سوءاً فمنذا سيقنع بيدر بالعِلاج سواها ؟ يعلم جيداً مايرمي اليه سقراط فنطق يؤيده فيه :محتاج اضمن سلامته، اذا انتهى غالب فعلاً مثل مانخطط ماراح اتردد بأني اطرح عليه خيار الزواج .. يومين وتعدي بإذن الله




.
.
.
.





























بدأ الظلامُ يُرخي سدوله على السماء والأرض الرحبه، الاجواء أشدُ برداً وأقلُ ضجيجاً، الا ان اصوات الأرواح صاخبه لاتسكُن بليل ولا فجر والأعين ممتلئه بل تفيض بما لديها من بوحٍ ثقيل .. ومُدللة الغُفران سالي تتعلق أعينها بزجاج النافذه في الطريق الذي يسلكه فياض على متن سيارته غير عالمه لأي وجهةٍ هما ذاهبان

صمتٌ لايقتطعه سوى طفيفُ لحنٍ من مُشغل الموسيقى بصوت ماجِد المُهندس مُضفياً على ذاك الهدوء مخمليةٍ وترافه، هو بجوارها في ابهى حُلله التي ماكانت يوماً لتقاومها، ببزته الرسميه ومظهره الوقور، نظراته الناعسه البارده دوماً ماكانت نقطة ضعفها لكن مشاعرها اليوم اختلفت فبدت اثقل وزناً وعُمقاً .. مشاعر لاتُسيرها مظاهر ولا يُرضيها الا الدلال النابع من القلب

زفرت وبنبره هادئه اجبرتها الاجواء المحيطه بهما بأن تخرج خافته شيئاً ما كي لاتقتطع تلك المساحه المريحه بينهما :وين رايحين ؟

عقد حاجبيه ونظر اليها مُستنكراً عدم معرفتها للطريق المُرتبط بطفولتها بشكلٍ او بآخر فأستعجب بقوله :معقول .. نسيتي الطريق !

سكتت سالي والتفتت تراقب الطريق بتركيز اكبر هذه المره وطال صمتها بتفكير الى ان التمحت الاضواء المميزه والمُحببه اليها منذُ القدم وبنبره مُستنكره متردده قالت :مدينة الالعاب ؟

اومئ فياض بهدوء بينما يوقف السياره على جانب الطريق، معلقاً :مو عاجبك ؟

فوراً هزت رأسها بنفي وبإبتسامه عجزت عن السيطره عليها اجابت بنبره حماسه :تمزح ! اكيد عاجبني من زمان محد جابني هنا !

تبّسم بخفه واومئ مشيراً لها بأن تترجل معه ففعلت بعجاله، تبعت خطاه ببهجه وهي تسترجع مع كُل خطوه ذكرى للراحل العظيم .. الرجل الذي زرع على شفتيها ابتسامه من القلب في كل مكانٍ جميل ومنحها الدلال كما لو كانت اميره فأزهرت في حضوره وابت ان تذبُل حتى بعد غيابه .. وبينما عينيها تتوهان في المدى البعيد شعرت بالدفئ يحيط بكفها البارد .. ازدردت ريق فمها واحمرت وجنتيها خجلاً نظرت اليه ولم يكن ينظر اليها بل وكأن الكف الذي عانق كفها لايعود اليه

تبّسمت بخفه واحتضنت كفه، تقتطع هذه الليله من الواقع حقاً وتعيشها كعوضاً لها منه .. عوض تستحقه ويليق بِها

انتقى لهُ مقعداً وتركها تلهو كيفما شائت بِلا قيوداً او تعليمات، يراقبها فقط من مكانه .. يراقب تحركاتها العفويه الممتلئه بالبهجه والفَرح يُراقب اناقتها ورِقتها وكأنها فراشه تاره تختفي هُنا وتاره تظهر من هناك فقط يقهقه بخفه كلما وردت اليه رسالة سحب من حسابه البنكي .. لايخفى عليه كونها تنتقم ايضاً

تنبّه بجلوس امرأه طاعنه في السن بجواره فاومئ يبادلها التحيه، زحف بجسده قليلاً ونوع من التوتر قد زاره، غالباً مايُفضل وضع الف حدٍ وبينه وبين الجميع خاصه العُنصر الانثوي منهم .. اتكى بظهره على مسند المقعد الحجري الذي يجلس عليه والتقطت مسامعه تساؤلها الخافت :تدور على مجرمين ؟

في البدء لم يفهم مغزى قولها، عقد حاحبيه ثم تبددت العقده تدريجياً لتحل محلها ابتسامه وهز رأسه نافياً ذلك ثم اجاب بودٍ فقد طرقت قلبه طريقتها في التساؤل كما لو كانت ترغب في اعانته او اخفاء سره :لا .. مافي مجرمين هنا بإذن الله

اومئت المرأه بشيء من الشك الا انها لم تُعلق فعاد هو لينطق مبرراً شاعراً وكأن ذلك بات فرضاً عليه بعدما بث الشك في نفسها بمظهره المرتبط بالجرائم عادةً :جاي مع الأهل

اعتدلت المرأه بجلوسها وكأنها اطمئنت لاجابته تلك وتبّسمت بودٍ بينما تستفهمه بفضول حوله :كم ولد لك ؟

ذاك السؤال طرق نقطةٍ ما في نفسه مد امامه مساحاتٍ شاسعه الى المُستقبل البعيد، يرى سالي بينما تتجه نحوه من بعيد ويتخيل جوارها اطفالاً له يحملون خليطاً من ملامحهما معاً وروحاً كروحها صاخبه تبّسم بإقترابها واجاب :بنت وحده

اما المرأه فنظرت ناحية سالي التي اقتربت لتقف بجوار فياض ونبست بنبره وصلت الى مسامعها قائله :ربي يخليها لك ويرزقك برها وطاعتها ويفرحك بها وبعيالها

نظر فياض نحو المرأه في ذات الاثناء التي تعجبت فيها سالي وتقافزت فوق رأسها الاستفهامات، ضحك هو فبادلته المرأه الضحكه وكأنها علمت مسبقاً كونه يقصد زوجته، اومئ هو وهمس يشكرها قبل ان ينهض من مكانه .. وضع ساعده على كتفي سالي فأخذت تسأل بينما يسيرون الى جهه هو يرغبها :تفكرني بنتك ؟

انزل يده واجاب بينما يورث سيجاره في فمه قائلاً :انا قايل لها

رفعت سالي كلا حاجبيها بدهشه، توقفت في مكانها فتوقف هو على بعد خطوتين منها لتلتقط اسماعه استعجابها :تستهبل ؟ شدخل !

نفخ سموم الملفوف في الاجواء حوله بينما يجيب بإبتسامه بالكاد تلحظ ونظرات جالت فيها جُل استقامتها قائلاً :قلت بلا ماتعطيك محاضره عنوانها ( العقل زين )

تقدمت تقطع المسافه لتضربه على ساعده بكفها الرقيق، ضحك وتراجع ليعود الى الطريق بينما يعلق :اتصلي لملاذ تعطي عمك هشام اي حجه، صارت الساعه ثمانيه

زفرت واومئت لتتبعه بينما تخرج الهاتف من حقيبتها قائله :ثمانيه ونص، مافي حجه بالعالم راح تمشي عليه حتى لو قالت له بعدها عندنا راح يقولها اعطيني بكلمها .. واااووو فياض بنروح المطعم ذاك ؟

اومئ فأردفت بسعاده بينما تتقدم خطاه :ابوي ماكان يرضى يوديني له .. يقول بس يدخلونه الكبار

من خلفها علق فياض بإبتسامه هادئه :العشاق

ازدردت ريق فمها ونظرت اليه بينما تتباطئ خطاها، رأته يتقدمها فهزت رأسها تنفض عنها افكاراً اعادت اليها كل خطط الانتقام التي وضعتها مسبقاً وتبعته بينما تهمس في نفسها :ليله مُستقطعه من الواقع ..

.
.
.
.

























رتبت فِراشها بعد ان تلقت اتصالاً من سالي فأرسلت لهِشام تُخبره بأن المعنيه ستتأخر لديهم، تلمع عينيها بسعاده لذلك الثنائي رغم كل ماقاسته قبل اجتماعهما، وسعادتها تلك تتضاعف لأجل فياض الذي لطالما تمنت له ان يجد الحُب الذي سيعوضه عن كل مشاعره التي استنزفها في طريقٍ خاطئ .. جلست على السرير مستنده على الوساده وفي يدها هاتفها تعبث به متنقله بين التطبيقات بلا هدف فقط باحثة عن الترفيه

قليلاً من الوقت الهادئ اقتطعته طرقات خفيفه على زجاج النافذه فنهضت من مكانها بتعجُب لكون غرفتها في الدور العلوي، اطلت من خلف النافذه فشهقت بدهشه وهي تراه يقف في الاسفل ويديه على خصره، تراجعت بسرعه وارتدت حجاباً على رأسها حيطة ان يراها احد ثم فتحت النافذه فتنبّه واشار اليها بالنزول اليه

ابتلعت ريق فمها وتراجعت، خرجت من غرفتها تترجل الدرج بعجاله وعلى طرف اصابعها متلفته حولها تبحث عن والديها فلا تجد لهما اثر ممايعني بأنهما قد خلدا الى النوم مبكراً كالعاده، ركضت الى الباب وتوقفت هناك تنظر الى نفسها حينما كانت ترتدي منامه بيضاء منقوشه بالزهري الباهت، تنهدت وخرجت الى الحوش ليلفحها الهواء البارد الذي دب في كل اوصالها .. فتحت الباب وهمست من خلفه :تعال ادخل

دلف عزيز بعد برهه وفي يده كيس ورقي متوسط الحجم، نظر اليها من اعلاها الى اخمص قدميها ثم اطلق صفيراً معجباً وعلق :دعوه دعتها امي بليلة قدر

قلبت ملاذ عينيها واتجهت الى المقاعد الخارجيه لتجلس على واحدٍ منها بينما تتسائل بشيء من الحده :شعندك مع حركات المراهقين ذي ؟ افترض ابوي وامي صاحيين ؟

اتجه عزيز للجلوس بجوارها تاركاً الكيس بينهما بينما يجيب بلا مبالاه :زوجك مين يلومني اذا جيت اشوفك ؟

تنهدت وزحفت بجسدها بعيداً عنه قليلاً معلقه بقولها :تو امس شايفني شفيك مشفوح !

نظر اليها عزيز ومد يده يزيح خصله متمرده على جانب وجهها حابساً الانفاس في صدرها بينما يقول :هو انا من لما طلعت من عندك امس وعقلي طاير زين صبرت للحين ..

سكتت ملاذ ووجهت ناظريها الى الباب والنوافذ الموصده، يغزوها عظيماً من التوتر لاترغب بأن يراها احد من عائلتها وهي تجلس معه خفيه في الظلام المُقتطع بإناره خافته من الليت الوحيد المُشتعل فوق الباب، من جوارها هو نبس مستفهماً :عساكِ بردانه ؟

رمشت ونظرت اليه فوراً مما جعله يستوعب ما فكرت به فقهقه ليتسرب الخجل على وجنتيها فأحمرتا، التقط الكيس ومده اليها معلقاً :اقصد هذا

اغمضت ملاذ عينيها بمحاولة للتحلي بالصبر في حضرته المثيره للارتباك والتوتر، اخذت الكيس من يده وسمعت امره بأن تخرج محتواه ففعلت .. لحظات وقهقهت بعدم استيعاب مستفهمه :شال كشميري !

اومئ بعد لحظات وبينما يرفع قدميه ليتربع على المقعد قال معلقاً حول الهديه التي اتى بها :بالعاده ما احب الاشياء المستهلكه بس هذا تمنيته عليكِ، فيه روح عتيقه تشبهك

ازدردت ريق فمها بينما تُقلبه بين يديها وتتلمس بأناملها نقوشه بينما تعلق :من زمان احبه قبل لايصير ترند، احب كاظم كمان

نظرت اليه في آخر كلماتها فتبّسم واضاف الى قولها :والاندلس

اومئت بعد برهه بخجل، فهمت كونه رأى غرفتها في منزل جدتها فقد بات يقيم فيه بعد عودتها الى منزل عائلتها وترجح كونه يمكث في غرفتها بالتحديد ووكأنه خمن ماتفكر به فقال :قرأت الكتب اللي في مكتبتك لاول مره، ماكان عندي اهتمام كبير بتاريخ الاندلس او بالتاريخ بشكل عام

عقدت حاجبيها وتسائلت بينما تضع الشال على كتفيها ملفته انتباهه فأخذ يراقبها بتدقيق اثار في نفسها الحرج :اجل ليه قرأتهم ؟

بشيء من الشرود فيها اجاب بهدوء :عشانكِ، مثل ماقرأتيهم عشاني .. لاحظت ميولك بالقراءه مو حول التاريخ .. رعب وفانتازيا

اومئت بعد برهه بشرود هي الاخرى، تستغرب تصرفاته تِلك وتُرجح كونها طبيعته، عفوي ويُستمال سريعاً لايملك روح التمرد التي يمتلكها فياض بل يرضخ لما فُرض عليه .. هل يملك ناحيتها شعوراً كهذا ؟ بأنها فرضٌ وليس اختيار ؟ ، شعرت بأن تلك الفكره الجديده ستستهلك روحها وفكرها لذا فهي طرحتها بصراحه في قولها :لو ماكنت اختيار جدي لك ...

قاطعها هو سريعاً بقوله الصريح :راح اختاركِ، ماراح ادور على اسباب واضحه لأن اللي جذبني فيكِ غير مرئي نِصفه في عيونكِ والنِصف الثاني قاعد ابحر فيه ولا ودي اطلع منه .. ماراح اكذب عليك واقولكِ احبك تو بدري عليها لكني ابيك .. معجب فيك وواصل معك لمرحله مابينها وبين الحب الا شعره او ارفع منها

اطرقت ملاذ برأسها بينما تعبث اناملها بأطراف الشال، تستمع لصوت انشغاله بإشعال سجائر وتود لو تنظر اليه وتتأمل كل تحركاته الا انها تجيد المكابره جيداً، اشاحت بناظريها الى الجهه الاخرى فحل الصمت بينهما، الموقف برمته كان ينتظر منها قولاً ما وكلاهما يدركان ذلك الا انها تجاهلت الأمر برمته فلا تملك بحقه قولاً تنطقه او ربما تملك لكن لارغبة لها بالبوح بها

انزل هو قدميه في رغبةٍ منه بالمغادره وقبل نهوضه قال :بكره راح امر آخذك .. تنسيق الأثاث متعبني محتاج مشورتك فيه

سكتت قليلاً ثم اومئت بهدوء، رأته ينهض من مكانه ينوي الذهاب همس بالوداع ولم تجب بل قاطعت ذهابه بقولها :عزيز وين امك ؟

وجه ناظريه اليها بشيء من التفاجئ بسؤالها حاول جاهداً الا يبديه وقبل ان يجيب اردفت :اذا افترضنا ابوك واهلنا علاقتهم تعبانه، طيب امك ؟ ماراح تجي بزواجك !

التقط عزيز نفساً ثقيلاً كما وكأنه يأخذ مخزوناً لصدره من الهواء ثم اجاب بهدوء :ماراح تجي .. راحت مع الوالد للبنان، عنده مخيم طبي هناك

سكتت بينما تنظر اليه بإستغراب، باتوا اقرب اليهم من ذي قبل فما يفصلهم عن لبنان الا القليل مقارنةً بأسبانيا ! ايصعب تأجيل بعض العمل لأجل زواج ابنهم ؟ ماحاجة سفرها مع زوجها وهي ليست طبيبه حتى ؟ .. زفر انفاسه وعاد ليردف :لاتدققين انا نفسي قاعد احاول اتخطى

نهضت ملاذ من مكانها واقتربت منه بينما تعود للتسائل بحيره والحاح :في سبب ؟

رفع عزيز يده الى وجهه يمسح عليه قبل ان ينزلها على وجنة ملاذ ماسحاً عليها بلطف وبرجاء همس :لاتدققين ملاذ الله يرضى عليك

تنهدت ملاذ واومئت رغماً عنها فهذا الأمر تحديداً اشغل فكرها كثيراً واثار في نفسها القلق حول السبب الذي حال بينهما وبين المجيء في زفاف نجلهما الوحيد .. والقلق العظيم هو كون لا احد هنا يتحدث عن رأي والديه في امر الزواج برمته منذُ القدم !

اقترب هو مقبلاً جبينها بينما يهمس :تصبحين على خير

ثم غادر من امام عينيها تاركاً خلفه وجنتين متوردتين وكفين تعلقتا بأطراف الكشمير وكأن الحياه تتوقف على ذلك .. وفؤادٍ حائر مُضطرب خجلٌ من ان يرضخ للرضى بِلا جهدٍ يُرى !

.
.
.
.























تنفَس الصعداء حينما التمس من بيدر هدوءاً بعد العاصفه التي اقامها وماكاد ان يوقفها، زفر وهو يجلس على مقعدٍ مجاور للاريكه التي يجلس عليها بيدر مشيحاً بناظريه الى جهةٍ اخرى وكأنه يتحاشى النظر اليه .. صمتٌ قصير اقتطعه مدين بقوله المُبرر :ماكان وهم .. انت فعلاً رميتني بالبحر اخذت فتره اتعالج .. كنت مُصاب وبلعت ماء راح للرئه سوالي سوائل، غباء اني اطمنك بهالطريقه لكن انا عارف ان هذي هي مشكلتك الوحيده اني تلاعبت بحالتك النفسيه واقنعتك بشيء مو حقيقي

نظر اليه بيدر فوراً، عينيه تقدح شرراً غاضباً ونبرته بُحت من اثر صراخه بحثاً عن غيد اولاً ورفضاً لوجود مدين حوله ثانياً .. قائلاً :غدرتني اربع مرات .. خذلتني ورميتني لجهنم آخرها جماعتك اللي نجيت منهم بأعجوبه، فتره مرت علي وكأنها دهر كل يوم كنت اعاني اذا مو بيدهم انضرب معناها بالسجن واذا مو بالسجن منضغط بالبيت والف وهم حولي يتلاعب فيني .. كل هذا وانت حي وتدري اني قاعد ادفع ثمن افعالك المنحرفه !

ضيق مدين عينيه بعجب مما يحاسبه عليه ! فتح فاهه واغلقه بحيره مما يجب عليه ان يقوله .. بينما كان يعاني من نتائج غيبته كان هو يُصارع لينجو من محاولته لقتله فهل سيُلام هو فقط ! :بيدر كان من المفترض انا مقتول على يدك ..

فوراً قاطعه بيدر بنبره مرتفعه لكنها متهدجه ممتلئه بالعبرات والألم ينضح منها حين قال :كنت راح تاخذني للمستشفى .. للمكان اللي خسرت نفسي فيه اللي طلعت منه مجنون رسمي ولولا موته ماطلعت منه حي .. راح ترجعني للعذاب والألم .. يوم بالكهربا ويوم بالسوط حتى صراخي محد يسمعه، حبة دواء محد يعطيني ياها، حتى لو متت ماكنت ندمت عليك دامك مستكثر علي اعيش بكرامتي على الاقل .. مابي حياه كامله ابي كرامه بس مو الرايح يضرب والجاي يكهرب !

بحده لاتخلو من الشفقه قال مدين مبرراً موقفه منذُ البدء :كان عمي .. اللي عذبك بالمستشفى عمي وماعاد له اي وجود بالدنيا .. بيدر وقتها انا كنت بزر مثلك مالي قرار ولا كان راح يسمعلي اذا حاولت امنعه ياخذك للمصحه انا مثلك كنت متأمل بالعلاج كنت ارسم كل ليله الف خطه اسويها معك بعد العلاج

اومئ بيدر وبسخريه علق حول آخر مانطق به مدين :لما كنت ترسم على سريرك انا كان ينرسم علي في سرداب المصح اللي كنت متأمل فيه خير، وفوقها لاعب على عقلي وموديني له مره ثاني .. انا .. انا صح .. مجنون

تقدم مدين وقرفص عند قدميه في آخر كلماته التي بالكاد استطاع فهمها من شدة تهدج صوته بها وكأنه عسيراً عليه تقبل امر جنونه، امسك بكفيه وقاطعه بقوله :انت مو مجنون .. انت صاحي بيدر وقاعد بكل وعي تعاتبني ويشهد ربي اني مستعد ابررلك للصبح وانا كلي ثقه انك واعي كفايه عشان تفهمني .. بيدر انا مؤمن فيك وغيد ماتفرق عني احنا جنبك ونبي نقدملك حياه كامله لأنك تستحقها بعد هالعمر والمعاناه انا للحين عندي استعداد افني كل عمري الجاي في سبيل يوم واحد اشوفك فيه مثل ماتتمنى

امتلئت عيني بيدر بالدمع وهو يحاول فهم مغزى مدين من كل ماتحدث به للتو، هز رأسه بنفي وهمس بضعف :ماراح ادخل للمصح

اومئ مدين يُطمئنه بينما يشد على كفيه ويقول معلقاً :ماراح تدخله .. انا ماراح اتدخل بشيء انت بنفسك راح تجلس مع غيد وتحدد معها الطريقه اللي تبي تتعالج فيها .. راح تكون خطوتك الاولى معها بيدر، ادري انك واثق فيها اكثر مني وهي ماراح تبقى حولك بهالظروف الا لان مشاعرها ناحيتك صادقه .. لاتضيعها من يدك تعالج هالمره عشانها لأنها الباب المفتوحلك من الحياه اللي تتمناها

سكت بيدر بينما ينظر اليه بشيء من الحيره والشتات، فمهما بلغ اطمئنانه مازال يشعر وكأن الآمان اسفله مجرد بساط سيسحب من تحت قدميه فجأه فيجد نفسه في سرداب عمه والسوط يصنع في جسده الاهوال، سحب كفيه واخذ يمسح على وجهه وعينيه .. رأى مدين ينهض من امامه ثم يعود بعد برهه وفي يده كوبي شاي وضع احدهما امام بيدر والآخر احتفظ به لنفسه معلقاً :الجو بارد محتاج شيء دافي

.
.
.
.























شخص واحد فقط سيمر في حياتك
خطوط يديه تشبه خارطة وطنك
ما ان يسحب كفه من مصافحتك
حتى تشعر انك في المنفى.


آيات العزيبي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:20 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.