|
![]() |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() | #1 | ||||||
نجم روايتي و شاعرة متألقة في المنتدى الأدبي ![]()
| ![]() بسم الله الرحمن الرحيم مجموعة قصصية بعنوان: "ملحمة البطولات" قصة: نصر أكتوبر والأبطال يعيدون كتابة التاريخ في صباح مشرق من أيام أكتوبر ١٩٧٣، كانت شمس الصحفية الشابة تجلس في مكتبها بالقاهرة، تتصفح تقارير المخابرات العسكرية عن المعركة المرتقبة على الجبهة. لم تكن تعلم أن حياتها على وشك أن تتغير. كانت الصحافة في ذلك الوقت تتطلب أن تكون العين الساهرة على تفاصيل الحدث، في محاولة لنقل الحقيقة وتوثيق البطولات، ولقد أوكل إليها أن تكتب عن المعركة التي طالما انتظرتها الأمة العربية كلها: معركة أكتوبر، أو كما يعرفها الشعب المصري "حرب ١٩٧٣" أو "حرب أكتوبر". مع بداية الهجوم المصري المفاجئ على الجبهة، كان من المقرر أن تنقل شمس تفاصيل حكايات الجنود الأبطال الذين كانوا يقاتلون على الأرض. كان توجيهها الأول نحو جبهة سيناء، حيث كان الشهداء يكتبون على الرمال حكايات من العزة والكرامة، وحيث كانت البسالة تُخلد بالدم. كان أبطالها في تلك اللحظات هم أولئك الذين لا يعرفون النوم، ولا يلتفتون إلى الرصاص أو القذائف. وعلى الرغم من أنها كانت متحمسة، إلا أن في قلب شمس شيئاً من القلق. الحرب ليست بالقصص التي تكتبها الصحافة في أوقات السلم، بل هي واقع شديد الصعوبة والخطورة. وتساءلت في نفسها: كيف ستروي الحقيقة وسط كل هذه الدموع والألم؟ كيف ستنقل حكايات البطولة من قلب المعركة؟ في اليوم التالي، كانت شمس قد صعدت إلى الطائرة العسكرية المتجهة إلى الجبهة، متوجهةً إلى سيناء. الطائرة كانت تخترق العتمة كنجمة من جواهر الألماس، حيث كان الليل يغطي الأراضي المصرية كلها، وأضواء مدن الدولة المصرية تظهر كنجوم سابحة على سطح الأرض. وصلت إلى معسكر الجيش حيث وجدت أنباء الحرب قد أُعلنت رسمياً، وأن الجميع في انتظار توجيهاته لمواجهة العدو. بينما كانت شمس تمشي في المعسكر، التقَت بملازم أول يُدعى "عمر". كان شابًا في منتصف العشرينات، ذو لحية خفيفة تكسو وجهه، وعينين متقدتين بالفخر واليقين. شعر في البداية بأن الصحفية قد تكون غريبة عليه في هذا المكان، إلا أنه سرعان ما أذعن لوجودها بين الجنود، مؤكداً لها أنها يمكن أن تسجل ما تراه في تلك الأيام التي ستكون جزءاً من تاريخ الحرب. قال عمر، وهو يبتسم ببعض الحذر: "المعركة هذه المرة مختلفة فنحن لن تسمح بتكرار ماسبق أبدا. بل نحن من سيعيد الأرض والكرامة." لم يكن هناك وقت للحديث المطول، فكل جندي كان يلمس سلاحه ويستعد للمعركة. شمس التي كانت قد اعتادت الكتابة عن قصص الجريمة والسياسة والمجتمع، اكتشفت أن هذا الجندي الصغير، الذي لم يتجاوز العشرين عامًا، يملك من الإرادة ما يضاهي أبطال التاريخ. أخذها عمر في جولة سريعة داخل المعسكر، حيث أظهرت المعركة التي كانت على وشك البدء صرامة الجميع. فكل شيء كان معدًا. وتحت الأضواء الهادئة، كانت المعنويات عالية، والعزم قد انعكس في كل حركة من حركات الجنود. في اليوم التالي، أعلنت القوات المصرية عن انطلاق الهجوم الأول. كانت الطائرات الحربية المصرية قد عبرت إلى سماء سيناء، وكانت قوات المشاة قد عبرت قناة السويس في قوارب الهجوم. كان الجميع يعرف أن الطريق نحو النصر ليس سهلاً، ولكن الأمل كان مشتعلاً في قلوبهم. بدأ الهجوم على مواقع العدو باحترافية غير متوقعة، وكانت القوات المصرية تتقدم بشكل سريع ومفاجئ، مستفيدة من عنصر المفاجأة الذي استخدمه الجيش المصري بنجاح. وفي خلال هذا اليوم الأول من الهجوم، كانت شمس تكتب عن كل التفاصيل. كانت تقابل الجنود، وتسجل لحظات إصرارهم، وصراخهم في وجه الموت. ولكن وسط هذه الضوضاء، لفت نظرها مرة أخرى الجندي عمر. كان يقود فرقته ببراعة وشجاعة، ولم يكن يلتفت إلى ما حوله من مخاطر. كان يتحرك وكأنما كل خطوة له هي جزء من حلمه لتحقيق النصر. قال عمر بينما كان يتقدم بجنوده : "كلنا نعلم أن هذه المعركة ليست فقط من أجل الأرض، بل من أجل شرف أمتنا." في اليوم الثالث من القتال، كانت الخسائر قد بدأت تظهر بوضوح. ولكن خسائر العدو التي تكبدها من جيشنا وهزائمه كانت مرة. بعض الجنود سقطوا شهداء في سبيل الوطن، وبعضهم كان جريحًا يعاني من إصابات بليغة. ولم تكن شمس تظن أن قلبها سيتحمل هذا الكم من الألم، لكنها كانت تدرك أن ما يفعله هؤلاء الجنود كان عملاً لا يتكرر في التاريخ. وبينما كانت تواكب تقدم الجيش، لاحظت أن بعض الجنود كانوا في حالة من الشجاعة الفائقة، لكن في الوقت نفسه، كان بعضهم يظهر عليهم علامات التعب العميق. حتى عمر، الذي كان يقود فرقته بهمة، بدأ يظهر عليه الإرهاق. وفي أحد الأيام، وقع الهجوم على موقع عسكري مهم، وسقط العديد من الجنود في الحفرة الكبيرة التي نتجت عن القصف. كان عمر قد فقد العديد من أصدقائه، وبعضهم سقطوا بجواره في الميدان. لكنه لم يهن ولم يتراجع. بل دفع فرقته للمضي قدماً، قائلاً: معركتنا ليس بها خوف من الموت، بل هي للعيش بشرف وبكرامة." وفي تلك اللحظات، بدأت شمس تشعر بعمق المعركة التي تخوضها الأمة بأكملها. لم يكن مجرد صراع عسكري بل كان صراعاً على الأمل، على المستقبل، على استعادة الأرض والمكانة. بينما كانت شمس تنتقل بين مواقع مختلفة على الجبهة، التقت بعدد من الجرحى الذين تم نقلهم إلى النقاط الطبية. كان معظمهم يحملون إصابات خطيرة، لكن جميعهم كانت قلوبهم مليئة بالإيمان بأنهم قد قاموا بما عليهم، وأن المعارك ستنتهي بالإنتصارات. أخبرها أحد الجرحى، وهو شاب في مقتبل العمر: "لقد تمكنا من اقتحام خط العدو، ومهما دفعنا من الثمن فلن نندم. فقد جئنا لاسترداد الأرض والكرامة، وأعتقد أننا قد بدأنا بالفعل. ولسوف ننجح ونجعلهم يتجرعون مايستحقوه من هزائم وحسرة" مع نهاية المعركة وإقبال النصر العظيم بخطىً واثقة، بدأ جيش الاحتلال في التراجع، وأصبح النصر قريبًا. وفي اللحظات الأخيرة من المعركة، كان عمر يقف جنبًا إلى جنب مع جنوده، يهتف في وجه العدو قائلاً: "هذه الأرض لنا. سنستعيدها مهما كلف الأمر." وعندما تم إعلان النصر، كان المشهد مؤثراً للغاية. كان الجنود فرحون، ويحتفلون بالأمل الذي تحقق. حتى شمس التي كانت تكتب لحظات البطولة والمقاومة في قلب المعركة، كانت تشعر بمزيج من الفخر والدموع. كتبت شمس عن "نصر أكتوبر" بأحرف من ذهب. سردت قصة الجنود الذين ضحوا بحياتهم من أجل حرية وطنهم. بينما كان عمر من بين الجنود الذين سيظل اسمهم محفورًا في ذاكرة التاريخ. وهي بفضل بطولاته هو وزملائه الأبطال نقلت للعالم قصصهم البطولية وانتصاراتهم المؤزرة. فهم الأبطال الذين لم يختاروا الخوف في وقت الحرب، بل قرروا أن يصبحوا أسطورة للكرامة والصمود. شمس أدركت أن هؤلاء الجنود ليسوا فقط أبطال الحرب، بل هم الذين يصنعون التاريخ من جديد ويعيدون صياغته بأحرف من ذهب ويكتبونه بمداد من النور. التعديل الأخير تم بواسطة شروق منصور ; 14-01-25 الساعة 11:44 PM | ||||||
![]() | ![]() |
![]() | #2 | ||||||
نجم روايتي و شاعرة متألقة في المنتدى الأدبي ![]()
| ![]() بسم الله الرحمن الرحيم قصة: عبقرية تحت النار في صيف عام ١٩٦٧، وبينما كانت الحرب قد انتهت بكارثة مدمرة على الجيش المصري في نكسة ٦٧، كان الجيش المصري يعكف على استعداداته لرد العداء مؤجل واسترداد استحقاقاته، وتحت تلك الاستعدادات كانت حرب الاستنزاف تستعر بين الجانبين المصري و"الإسرائيلي". على الرغم من الهزيمة العسكرية التي مني بها الجيش المصري في حرب يونيو ٦٧، هزيمة بغدر من العدو الصهيوني. هزيمة غير مستحقة بدون حرب ولا مواجهة عادلة من جيشنا؛ كانت هناك روح جديدة بدأت تنمو في نفوس الجنود وفي صفوف القيادات العسكرية. شمس، الصحفية الشابة الطموحة، كانت قد حصلت على مهمة جديدة؛ بعد المهمة الثقيلة في الخامس من يونيو الحزين. رفعت الجبين بلا انحناء وأخذت تنقل فيها أحداث ترفع الجباه؛ حرب الاستنزاف على الجبهة. في تلك الفترة، كان الإعلام المصري يبحث عن كل الفرص التي يمكن أن تظهر القوة التي لا يُستهان بها التي ما زال الجيش المصري يمتلكها رغم الهزيمة المُرة المستفزة التي مُني بها بدون وجه حق بل بسبب من تربى على الجُبن، العدو الخسيس الذي نشأ على النذالة. لم تكن شمس مجرد صحفية تبحث عن الإثارة في الحروب، بل كانت مدفوعة بقيمها الإنسانية واهتمامها بالجوانب الإنسانية في الحروب. وصلت شمس إلى إحدى قواعد الجيش المصري في شمال قناة السويس حيث كانت القوات المصرية تتقدم في حرب الاستنزاف. وفي هذه القاعدة العسكرية، لفت نظرها شيءٌ غير عادي: طبيبة شابة تُدعى "ليلى"، والتي كانت تعمل في ظل ظروف قاسية تحت نيران العدو. شمس كانت قد وصلت إلى المستشفى العسكري الميداني في قلب خط النار. كان المكان يعج بحركة الجنود، بعضهم يحملون الجرحى بينما آخرون يُعالَجون بسرعة، والأطباء والممرضون يبذلون جهدًا مضاعفًا لإنقاذ الأرواح. كانت أجواء المكان خانقة، الضجيج مرتفع والأعصاب مشدودة للغاية. وعندما دخلت شمس إلى غرفة العمليات، قابلت ليلى لأول مرة. كانت شابة في العشرينات من عمرها، بشعر أسود قصير وعينين مليئتين بالعزم. كانت تبدو متعبة، لكنها كانت تعمل بلا كلل أو تعب. كانت تحمل جهازًا صغيرًا في يدها وتنتقل من سرير إلى آخر، تعالج المصابين وتُسجل بياناتهم الطبية دون أن تتوقف للحظة. قالت ليلى: "نعم، نحن في حرب استنزاف، ولكن لا خيار أمامنا إلا أن نبذل كل ما في وسعنا لإنقاذ الجنود. هؤلاء الأبطال كنوزنا فهم كل ما لدينا." شمس كانت تراقبها في دهشة. لم تكن فقط تعالج الجرحى، بل كانت تزرع في كل جندي يمر بها روحًا جديدة من الأمل المُزهر المُبهر، وكأنها كانت تُحارب مع الجنود في كل لحظة. بدأت شمس ترافق ليلى في يومياتها المرهقة في المستشفى الميداني. كانت تشهد كيف أن هذه الطبيبة الشجاعة كانت تتنقل بسرعة بين الجرحى، وتقدم العناية لكل منهم بشكل حرفي وعاطفي في آن واحد. كانت تحمل قدرة غريبة على قراءة الوجوه والآلام، فتعرف من خلالها ما إذا كان الجندي سيستطيع الصمود أو إذا كان قد فقد الأمل في الحياة. وفي يوم من الأيام، بينما كانت شمس تراقب، تم نقل جندي مصاب في بطنه بقذيفة مدفعية. كان الجندي يبدو في حالة خطيرة جدًا. كانت ليلى قد أسرعت إلى مكانه وأخذت تدير العملية بسرعة فائقة، دون أن تظهر أي أثر للقلق أو الخوف. كان وجهها هادئًا، لكنها كانت تتحرك وكأنها تملك مفاتيح الحياة. وهذا بسر وفضل إلهي يحبو به من يحبهم من أجل من يُحبهم ويحبونه. سألت شمس في تلك اللحظة: "كيف تستطيعين العمل تحت هذه الضغوط الكبيرة؟ ألا تشعرين بالضغط؟" أجابت ليلى، بينما كانت تراقب الجرحى بعناية وتنسق مع الفريق الطبي: "لا وقت للشعور بالضغط يا شمس. إذا بدأنا نركز على الضغط، سنفقد السيطرة. كل ثانية هنا تعني حياة." ثم أضافت بصوت خافت: "لكن ما لا يعرفه الناس هو أن الإنسان لا يعيش فقط بالجسد وحده. فالكلمات والمواقف تظل تؤثر فينا بعمق لفترات طويلة بعد أن تلتئم جروحنا. وهذا ما نحاول أن نعلمه لجنودنا هنا." ومع مرور الأيام، بدأت شمس تلاحظ شيئًا مدهشًا في ليلى. لم يكن الأمر مجرد تقديم الرعاية الطبية، بل كانت ليلى تحمل نوعًا من العبقرية البشرية التي تسمح لها بأن تحتفظ بتوازن داخلي غير عادي في الظروف القاسية. كان كل جندي يمر بها يشعر وكأن هناك قوة هائلة تُمنح له من خلال لمسات يديها المطببة الجالبة للشفاء بأمر من الله الذي أمره بين الكاف والنون؛ أو كلمة تهمس بها. فلم يكن الأمر مجرد مداواة للجروح الجسدية، بل كانت تعالج الروح للمحاربين. ذات يوم، بينما كان صوت المدافع يملأ السماء، قررت شمس أن تكتب عن ليلى، هذه الطبيبة التي ألهمت الكثيرين بشجاعتها ورؤيتها الإنسانية الرائعة الحانية والغير مُدمرة. وأثناء الكتابة، قالت شمس في نفسها: "ليلى هي بحق واحدة من أبطال هذا الصراع. فالتضحية التي تقدمها ليست فقط بدافع من الواجب، بل هي مرآة للأمل الذي لا يموت في قلوب الجنود والمواطنين." واستمرت شمس في متابعتها اليومية مع ليلى. وفي أحد الأيام، كانت ليلى تعالج جنديًا أصيب بشظايا في ساقه. كان الجندي في حالة حرجة، وكان الألم يعصر وجهه. في تلك اللحظة، اقتربت منه ليلى وقالت له بنبرة هادئة: "أنت لن تموت هنا. ستعود إلى وطنك بسلام إن شاء الله، وعندما تذهب هناك، ستخبر الجميع أنك كنت جزءًا من هذه الحرب العظيمة." فأدى كلامها إلى أن يستجمع الجندي قواه، وأصبح ينظر إليها بعين مليئة بالثقة. وبعد لحظات قليلة، رأت شمس الجندي يقاوم الألم ويحاول إخفاء خوفه. كانت ليلى لا تقدم العلاج فقط، بل كانت تُعطي الجندي شيئًا أغلى من الأدوية: كانت تُعطيهم الأمل، وهي المادة التي لا يمكن قياسها. كانت تزرع فيهم رغبة قوية في الحياة، كما لو أن كل واحد منهم كان يمتلك جنديًا آخر في قلبه يدعوه للقتال والتقدم. ومع مرور الأسابيع، بدأ الجيش المصري في تنفيذ خطط هجومية لتعزيز موقعه في معركة الاستنزاف. ورغم أن الجيش كان تحت الضغط، إلا أن الروح المعنوية بدأت تعود. وشمس كانت تكتب يومياتها عن الأبطال في الميدان، وكان هناك شيء مشترك في كل واحدة من قصصها: "عبقرية بشرية تحت النار." لكن في الأيام الأخيرة، عندما توغلت القوات المصرية داخل مواقع العدو، كانت شمس قد وجدت نفسها تُعيد تقييم ما رأته على الأرض. كانت كل قصة من القصص التي كتبتها ليست مجرد حكاية عن القتال، بل كانت قصصًا عن كيفية تحمل الألم والصمود، وكيف يمكن للإنسان أن يكون أكثر من مجرد جندي أو طبيب. بل كيف بإمكانه أن يكون رمزًا للإرادة التي لا تقهر. حين انتهت حرب الاستنزاف، كانت شمس قد كتبت سلسلة مقالات عن الجنود الأبطال الذين لم يتوقفوا عن القتال رغم كل الظروف. لكن أكثر شيء ترك في قلبها أثراً كان حكاية ليلى. فقد كانت الطبيبة الشابة أكثر من مجرد شخص يُعنى بالجراحة أو الرعاية الطبية. فقد كانت تمثل روحًا حية للتضحية والأمل في وجه الألم. شمس، وهي في طريقها للعودة إلى القاهرة، تذكرت كلمات ليلى: "لا وقت للشعور بالضغط ياشمس. فإذا بدأنا نركز على الضغط، سنفقد السيطرة." وأدركت أن الإنسان في أصعب لحظاته يمكنه أن يتجاوز مستحيلًا ويحول الحروب الشرسة الدَروس إلى دُروس إنسانية تُسطر بمداد مشع وتتنفس حياة دائمة على مر العصور والأزمنة والدهور باستمرار قهر الذل والعدو بلا انهزام. لقد كانت ليلى، وجميع الأبطال في تلك الحرب، هم من جعلوا من الأرض المحترقة مكانًا لعبور جسور الأمل من جديد. شيماء منصور التعديل الأخير تم بواسطة شروق منصور ; 25-01-25 الساعة 07:22 PM | ||||||
![]() | ![]() |
![]() | #3 | ||||||
نجم روايتي و شاعرة متألقة في المنتدى الأدبي ![]()
| ![]() قصة قصيرة: ويلات الاحتلال في يوم من أيام يونيو ١٩٦٧، كانت شمس الصحفية الشابة في مكتبها بالقاهرة، تتصفح الصحف المحلية والمراسلات التي وصلت إليها. كانت الأخبار تتحدث عن الأوضاع العسكرية على الجبهة، وتفاصيل تحركات القوات. في تلك اللحظات، كان الجميع يترقب نتائج الحرب بين مصر وإسرائيل، وكانت الأجواء في القاهرة مشحونة بالترقب والأمل. لكن ما لم يكن أحد يتوقعه كان وقوع النكسة التي ستغير مجرى التاريخ، وتترك جروحًا غائرة في البلاد. مع انطلاق العمليات العسكرية على الجبهة المصرية، انقطعت الاتصالات مع بعض المناطق، وانطفأت الأنوار في العديد من الأحياء. وحين وصل خبر الهزيمة، تعجَّلت الصحف والمجلات بالحديث عن هذه المأساة الكبرى. وبينما كانت القاهرة تستعيد أنفاسها، كانت شمس تشعر في أعماقها أن هناك قصة أكبر من تلك التي يرويها الخبراء والمحللون العسكريون. كان لديها رغبة شديدة في الذهاب إلى المناطق المتضررة من الحرب، إلى قلب الكارثة، حيث الدمار والألم، لتبحث عن الحقيقة وسط الأنقاض. تسللت شمس إلى أحد الأحياء المدمرة، حيث كان صدى الهزيمة يدوي في الشوارع والمنازل المهدمّة، وكانت الحرب قد تركت وراءها ملامح من الخراب والدمار. كل شيء كان مليئًا بالخراب، وكأن المدينة كانت تذرف دموعًا على هزيمتها. تجولت شمس في أحد الأحياء الشعبية المدمرة. كان المكان مليئًا بالخراب. المباني المحطمة، السيارات المتناثرة هنا وهناك، والزجاج المحطم الذي يغطي الأرض. كان صوت الضربات الجوية الإسرائيلية لا يزال يرن في أذنيها. لم تكن هناك أي ملامح للطمأنينة في ذلك المكان، فقط رائحة الدخان والخراب، وأصوات البكاء والحزن. تجولت بين الشوارع المظلمة، تحاول أن تلتقط لقطات حزينة لتوثيق تعديهم. كان الناس يتجولون في صمت، والجميع يبحث عن شيء مفقود: أقارب، أصدقاء، أو حتى قطعة من حياتهم المفقودة. رغم أن شمس كانت قد اعتادت أن تكون في قلب الأحداث، إلا أن هذا المشهد كان مختلفًا. كان الأمر أكثر من مجرد تغطية صحفية، كان عبارة عن مواجهة مع الحقيقة الصادمة التي كشفت عن عمق المعاناة التي يعيشها هؤلاء الذين يعيشون تحت وطأة الهزيمة. بينما كانت تلتقط الصور وتكتب ملاحظاتها، صادفت امرأة في منتصف العمر، تقف أمام منزلها المدمر. كانت عيناها مملوءتين بالحزن، وجسدها نحيل جدًا وكأنها قد فقدت كل شيء. كانت تردد: "أين ابنتي؟ أين ابنتي؟" كانت تبحث بين الأنقاض، تنادي وتصرخ في محاولة يائسة للعثور على طفلتها التي اختفت بعد الهجوم الجوي. اقتربت شمس من المرأة، وأخذت نفسًا عميقًا قبل أن تطرح عليها السؤال الذي كان في ذهنها طوال الوقت: "أين هي ابنتك؟ هل يمكنني مساعدتك؟" ردت المرأة بصوت مهزوز: "أعتقد أنها قد نجحت في الهروب من تحت الأنقاض، لكنها اختفت فجأة. كنت أبحث عنها منذ الساعات الأولى للضربات الجوية. لا أعرف أين هي الآن. ربما تكون محاصرًة بين تلك الحطام. ياليتني أستطيع أن أجدها." شمس، وقد امتلأ قلبها بالحزن، قررت أن تبقى مع المرأة، وتساعدها في البحث عن ابنتها. فبدأوا يحفرون معًا بين الأنقاض، ويسحبون الحجارة والأخشاب. كانت المرأة تبكي وتدعو الله أن يرحم ابنتها. لكن في كل مرة كانوا يحاولون، كانت الأنقاض تزداد كثافة وكأنها تخفي الجروح التي لا تُرى. وبينما كانت شمس تعمل جنبًا إلى جنب مع المرأة المفجوعة، استرجعت في ذهنها صورًا من الأخبار التي كانت قد شاهدتها في الأيام السابقة. كانت الصحافة المحلية تذكر باستمرار عن الضحايا من الأطفال والنساء الذين فقدوا حياتهم بسبب الضربات الجوية الإسرائيلية. ولكن ما لم يكن أحد يتوقعه هو هذه البطولات اليومية الصغيرة التي يعيشها الناس، مثل تلك التي كانت تمثلها هذه الأم المفجوعة. كانت شمس تعلم جيدًا أن هذه المرأة، مثل غيرها من نساء مصر، كانت تخوض معركة شخصية في وجه الاحتلال. كانت تمثل الجرح العميق في جسد مصر الذي لا يمكن نسيانه، وكانت تجسد الكرامة التي لا تفقدها الأمة رغم الهزيمة. عندما أتموا عملية البحث في الأنقاض، لم يظهَر للمرأة أي أثر لابنتها. لكنها كانت ترفض الاستسلام. في تلك اللحظة، التفتت شمس إليها وقالت: "لن نستسلم. سنبحث حتى نجد أي أثر لها." في تلك اللحظة، بدأت شمس تشعر أن العمل الصحفي لا يمكن أن يكون مجرد نقل للوقائع، بل يمكن أن يكون جزءًا من هذا النضال من أجل الإنسانية. مرت عدة ساعات أخرى، وبينما كان الجميع في حالة من اليأس، جاء أحد الجيران وأخبرهم أنه رآى الطفلة في مكان القريب. غمرت السعادة قلب المرأة، وتبعت شمس المرأة إلى حيث كانت الطفلة. وعندما رأتها أمها، ركضت إليها بسرعة واحتضنتها بين ذراعيها. فانتعشت روحها. وارتسم الأمل وتعبد طريق لنصر وشيك على غدر عدو وغد اختص بكل معاني الوحشية والوضاعة والنذالة والخسة. لحظة العثور على الطفلة كانت لحظة مدهشة، كانت لحظة مليئة بالفرح وسط حطام الحرب. كانت الطفلة، التي لم تتجاوز الخامسة من عمرها، في حالة من الإرهاق والخوف، ولكن كانت على وجهها ابتسامة صغيرة كأنما لم تزل تجد في الحياة شيئًا تعلق عليه أملها. بينما كانت المرأة تحتضن طفلتها، قالت لشمس: "لقد فقدت الكثير من الأشياء في هذه الحرب، لكنني لم أفقد ابنتي. قد أكون فقدت منزلي وأهلي، لكنني اليوم عثرت على ما أستطيع العيش من أجله." شمس، التي كانت تراقب المشهد، كانت تكتب في قلبها عن الحكايات التي تعيشها هذه المرأة وأمثالها من النساء المصريات اللاتي يعشن بين الركام. كان هنالك شيء عميق جدًا في هذه اللحظة، شيء يفوق الكلمات والصور. كان هؤلاء الأشخاص يمثلون قلب الأمة الذي لا يمكن أن يُهزم، مهما تعرضت للغدرات. فالأمة لم تحارب في ٦٧. كانت على وشك. حماية الجيران من هجوم العدو ولكن باغتتها نذالة العدو. في تلك اللحظة، أدركت شمس أن الصحافة لا تقتصر على سرد الحقائق فقط. بل هي أداة لتوثيق معاناة الناس، لتكون شاهدًا على الصمود الذي لا يتوقف حتى بعد هزيمة غير أخلاقية وجائرة وغير مستحقة لعدم حدوث حرب من الأساس. وبينما كانت تكتب ملاحظاتها الأخيرة عن تلك المرأة وطفلتها، أدركت أن ما لا يمكن قياسه بالأرقام أو الصور هو قوة الإنسان وقدرته على البقاء، قوة الروح التي لا يمكن كسرها. وبينما غادروا تلك الأنقاض، وكان صوت الرياح يمر فوق الحطام، قررت شمس أن تكتب عن هؤلاء الذين يواجهون المصير بشجاعة، والذين رغم الهزيمة لا يزالون يمتلكون الأمل. ففي تلك اللحظات، عرفت أن الحرب قد تأخذ الكثير من الأشياء، لكن الكرامة لن تُسرق أبدًا. كان الاحتلال قد ترك جروحًا عميقة في جسد الوطن، لكن كانت هناك لحظات من النصر لا يمكن أن يمحوها الزمن. هذه اللحظات هي التي سيتذكرها الناس، وسيتذكرها التاريخ. وكُلل ذلك بالعبور وبنصر ٧٣ المحطم لغرور وكذب وتسلط الكيان الذي قُهر على أيادينا وتقهقر عن أراضينا في سيناء لبسالة أبطال جيشنا خيرُ أجناد الأرض وبمؤزارة الشعب العنيد. التعديل الأخير تم بواسطة شروق منصور ; 05-02-25 الساعة 12:24 AM | ||||||
![]() | ![]() |
![]() | #4 | ||||||
نجم روايتي و شاعرة متألقة في المنتدى الأدبي ![]()
| ![]() بسم الله الرحمن الرحيم قصة: " الحلم بأجمل مصير" كانت القاهرة في صيف١٩٥٢ سابحة نحو مصير مشرف يملؤها الترقب، وتتصاعد فيها أنفاس الشعب المليء بالحلم وترقب مصير أجمل، وتُحيط بها أصوات الاستعدادات. والحديث عن المسير بالبلد نحو التغيير الذي كان يطرق أبواب التاريخ. في تلك الأيام، كانت جيهان، ابنة البطل عدلي، أحد الضباط الأحرار الذين شاركوا في الثورة، تقف على مفترق طرق، وهي تُدرك أن مستقبل مصر لا يقتصر على جيلها فقط، بل على الأجيال القادمة. كانت القاهرة في تلك الأيام محملة بالغموض، فالشوارع مكتظة بالحشود الغاضبة، والعيون تترقب بصمت ما سيحدث. يُسمع من بعيد صوت المظاهرات التي كانت تملأ الشوارع. وسط هذه الجموع، في منزل عائلة عدلي، كان الهدوء النسبي يخيم على الغرف الواسعة، لكن العيون كانت لا تخلو من الترقب. جيهان، الفتاة ذات العينين اللامعتين والشعر الأسود الذي كان يتناثر على كتفيها، كانت تجلس في غرفة الصالون. كانت تفكر في أبيها البطل عدلي وخطيبها مصطفى. الذي كان أحد الضباط الأحرار الذين شاركوا في التخطيط للثورة. وكان هو الرجل الذي لم يخشى شيئًا في حياته، إلا أن يترك بني شعبه يرزحون تحت وطأة الظلم القاسي. جلست على الكرسي المذهَّب، واضعة يدها على قلبها، وهي تتابع أخبار الإذاعة في ركن الغرفة. في تلك الأثناء، دخل مصطفى، خطيبها، الذي كان أيضًا ضابطًا في الجيش وشارك في الثورة. كان وجهه متعبًا لكنه مفعم بالأمل. "جيهان، لدينا فرصة. كل شيء بدأ، كل شيء أصبح في يدنا الآن." "لكنهم سيقاومون، أليس كذلك؟" سألته جيهان بصوتٍ متردد. "من يضمن أن هذا سيجلب لنا التغيير الذي حلمنا به؟" ابتسم مصطفى بهدوء. "الشعب يقف إلى جانبنا. الثورة في يدنا، ووراءنا الآلاف من الشرفاء. ليس بصحيح أن هناك من سيقاوم، ودائماً قوتنا في وحدتنا." كانت هذه اللحظة فارقة في حياتها. كان قلبها يملؤه الفخر بأبيها و الضباط الأحرار، وكانت تشعر في نفس الوقت بالسعادة لأن الثورة كانت في الطريق المرتجى منها. فجيهان، التي نشأت في ظل البطل عدلي كانت تعي تمامًا كيف أن الشعب سيقف دائمًا ضد الظلم. في تلك اللحظات الحرجة، كانت محطة الإذاعة المصرية على رأس الأماكن التي تتركز فيها الأحداث. حيث كانت الإذاعة هي الوسيلة الوحيدة حينها لإيصال صوت الثورة إلى الشعب، وكانت تُعتبر بمثابة القلب النابض للحركة. كان عدلي، والد جيهان، جزءًا من عملية حصار الإذاعة في ذلك اليوم. وكانت القوات الملكية، بقيادة قادة موالين للنظام القديم، تحاول السيطرة على الإذاعة لمنع وصول الأخبار الجديدة إلى الجمهور. عدلي، مع مجموعة من الضباط الأحرار، تولوا مهمة اقتحام المحطة والسيطرة عليها. "إلى الأمام! لا تراجع!" صرخ عدلي لأفراد الوحدة العسكرية التي كان يقودها، في حين كانت أصوات المدافع والتكبيرات تملأ الأجواء. في الداخل، كان أبطال آخرون مثل يوسف صديق يقفون كتفًا إلى كتف مع باقي الضباط الأحرار، يسيرون في المبنى بخطى ثابتة. الهجوم المباغت كان سريعًا، والمنطق كان بسيطًا: السيطرة على الإذاعة تعني السيطرة على الرسالة، والسيطرة على الرسالة تعني السيطرة على الثورة. "أرجوكم احترسوا !" فكرت جيهان في ذهنها، وهي تدعوا لهم وهي تتخيل المشهد، على أمل أن يعود والدها وخطيبها سالمين. مع مرور الأيام، أثناء الثورة كانت القاهرة تعيش على صفيح ساخن. شوارعها مكتظة بالبشر الذين حملوا الأمل في أعينهم ورفضوا العودة إلى الظلم. الثوار كانت أصواتهم تملأ الشوارع المزدحمة، وكانت سيارات الضباط الأحرار تنتقل بين الأحياء بسلاسة ويسر. جيهان، التي أصبحت منخرطة أكثر في حركة الثورة، كانت تشارك في كل الأنشطة الهامة، وتدعم الحملة الدعائية للثوار، والتواصل مع العائلات التي تخشى التضرر من رحيل الملك والإنجليز على إثره. وعلى الرغم من كونها ابنة بطل، لم تخلو حياتها من التحديات. فأثناء إحدى زياراتها للمستشفى العسكري، أثناء العدوان الثلاثي التقت بمجموعة من الجنود الجرحى الذين قدموا أرواحهم فداءً للثورة. وكان أحدهم، جندي شاب، يحدق بها بنظرات مليئة بالفخر والاعتزاز، فقال: "أنتِ لا تعرفين كم تعني لنا بلدنا . نحن نقتحم الموت في كل لحظة من أجل بلد أفضل." لم تملك جيهان سوى أن تجيب بابتسامة حزينة، وهي تفكر في أبيها وفي جميع الجنود الذين قدموا تضحياتهم. كان هذا هو المعنى الحقيقي للثورة: التضحية والمضي قدمًا دون تردد أو خوف. مع حلول يوم ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢، بدأ الحلم. واستمر يتحقق. فبينما الشوارع كانت تملؤها الحشود المهللة المؤيدة، والأعلام ترفرف في السماء. كانت الإذاعة تبث الأخبار الحسنة التي طالما انتظرها الشعب: "لقد انتصرت الثورة، الحرية قادمة." في تلك اللحظة، دخل عدلي المنزل، بعد أيام من العمل المتواصل. كان يبدو متعبًا، لكن عينيه كانتا مليئتين بالفرح. "لقد فعلناها. مصر الآن حرة مستقلة. خالية من الاحتلال" جيهان التي كانت تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر، تبسمت رافعة الجبين وهي تشعر بالفرحة تغمر قلبها. "لقد فعلتم ذلك، لقد أنقذتم مصر. ولم تعد ملكية بعد اليوم بل جمهورية حرة" وفي تلك اللحظة، كان مصطفى يقترب، فابتسم قائلاً: "لقد كان هذا المستقبل الذي كنا نتوقعه، والآن بدأت الحكاية." ومع مرور الأيام، بدأت مصر تتنفس هواءً جديدًا، هواء الثورة. كانت الوعود التي قطعها الضباط الأحرار تتحقق شيئًا فشيئًا، ومعها كان يتبلور التغيير الذي طالما حلم به الشعب. جيهان، مثل جميع المصريين، كانت ترى أمامها مستقبلًا مليئًا بالآمال، ورغم التحديات، كانت تعلم أن الثورة قد وضعت مصر على المسار الصحيح. وفي يوم من الأيام، كانت جيهان تجلس مع والدها في الحديقة الصغيرة التي كانت تعج بعبير الفل، فقالت له: "أبي، ماذا سيحدث الآن؟" أجابها عدلي بصوت هادئ، لكن مليء بالثقة: "الآن، يا ابنتي، تبدأ مرحلة التجديد. الثورة ليست مجرد لحظة نجاح. بل هي مسار. فهي رحلة ربما طويلة من العمل المتقن والمثابرة." وبينما كانت جيهان تستمع إلى كلمات والدها، كان قلبها مليئًا بالأحلام، وكانت تنظر إلى الأفق بعينين ملؤهما التفاؤل. فمصر الجديدة في طريقها إلى تحقيق مستقبل أفضل، وهي وهو وخطيبها جزء من هذه القصة التي ستسجلها الأجيال القادمة. المسير نحو أجمل مصير لجمهورية مصرالجديدة. التعديل الأخير تم بواسطة شروق منصور ; 07-02-25 الساعة 04:14 AM | ||||||
![]() | ![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|