![]() | #51 | ||||
نجم روايتي
| ![]() مرحبا.مساءات الخير جميلتي سوسو *الفصل التاسع* ☆ من يطفئ الشمس☆ قد نظن كل الظن أن صفحات الماضي صارت مطوية وأن الحاضر هو جل ما يشغلنا ونحياه بسكينة ورضا لا كدر فيه ولا تأسي على ما فات او مواجهة صعبة مع الحاضر مسببين لأنفسنا عطبا وألما لم ندرك مداه ولكن حتما سندركه يوما فبين صورة مموهة غير واضحة والحقيقة المنيرة خطا فاصلا قد يرفض الإنسان بإرادته أن يتخطاه وقد جعل الامر مستحيلا بأن يعبر إلى أرض الحقيقة بإرادته إلا إذا بسطها أمامه شخصا يملك كل الادلة والبراهين على أقواله مؤلم جدا ياجميلة تلك المقارنة التى إتضحت من خلال سردك لواقع حياة سهاد وزوجها هى بإستسلامها وإقرارها بتوحد غيث وهو بإنكاره كأى أب يرفض ان يكون بأبنه علة ما فيبدا يضع الادلة والقرائن لنفسه بكل تصرف يبدر من أبنه بأنه ليس به شئ غير طبيعى حتى تأتي تلك اللحظة التى يقتنع فيها بصورة مطابقة لغيث متمثلة في إبن الرجل الغريب وكأن الرجل اشفق عليه فأراد أن يوضح له الأمر والذى ينكره بشكل كبير ويكون وقع الصدمة عليه كبيرا جدا بخلاف سهاد التى أدركت الأمر بالتدريج وعلى مراحل وسلمت بالأخير أن إبنها متوحد حقا الطفل التوحدى مختلف تماما لأن له نشاطات تدل على قمة الذكاء ربما في مجال واحد او موقف ما ولذا يرى البعض أن دمجه مع أطفال عاديين يكون في صالحه تماما لم أقرأ كثيرا بهذا الموضوع لكنى شاهدت برامج بالصدفة تعرض لنبوغ بعضهم في مجالات معينة كحفظ كتاب كامل بصفحاته أو النبوغ في العمليات الحسابية وما إلى ذلك ولا أدعى العلم طبعا بالكثير مما يتعلق بهذا الموضوع القيم الذى تعرضينه ياجميلة وكم أنت مبدعة في تلخيصك لحال سهاد في عبارتك (أنا؟ مررتُ بجميع المراحل، من الصدمة، الإنكار، البكاء الدرامي، البحث المحموم في جوجل، مشاهدة فيديوهات الأمهات اللاتي اكتشفن أن أطفالهن توحديون، محاولة إثبات العكس، ثم الانهيار التام، وأخيرًا، القبول.) وأيضا في الختام المذهل بعبارتك (في تلك اللحظة، أدركتُ أننا، أنا وزوجي، لم نكن فقط نواجه تشخيصًا... بل كنا نعيد تعريف أبوتنا بالكامل.) حقا هذا هو التوصيف الصحيح المعبر جدا عن حال والدى غيث بكل الإبداع ياجميلة لكن لى ملاحظة ياقمر انا لم ألحظ إسم سهاد في تلك الفصول التسعة إلا عندما ذكرته في مشاركة لى معك وايضا زوج سهاد لم تذكرى إسمه أو ربما فاتنى أنا ان أنتبه لإسميهما المهم يا جميلة ان الفصل رائع وينقلنا لمرحلة جديدة هى رحلة الإعتراف بعد الإنكار وغلق ذلك الدفتر وفتح دفتر جديد تماما سلمت حبيبة قلبي كل الود والحب | ||||
![]() | ![]() |
![]() | #52 | ||||
نجم روايتي
| ![]() مرحبا.مساء الخيرات جميلتي سوسو كل عام وانت بخير وسلامة انت وأسرتك الكريمة بمقدم شهر رمضان المبارك تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال ورزقنا بفضل الله ورحمته الطاعات والعبادات وأكرمنا بثواب ليلة القدر وجمعنا دائما على خير ولكل الصحبة الطيبة كل عام وانتم بخير | ||||
![]() | ![]() |
![]() | #53 | ||||
نجم روايتي
| ![]() مرحبا.صباحات الخيرات جميلتي إسراء *الفصل العاشر* ☆ حكمت المحكمة☆ ليس أسهل من أن ينكر شخص حقيقة واضحة للعيان بما لا يجعله على الاقل يتدبر ويسعى للتأكد فيبدو كمن يرتدى نظارة سوداء في عز مغيب الشمس يقي نفسه من أشعتها والأسوأ أن يمارس دور المدعي والحكم يلقى بالتهم جزافا ثم يصدر حكمه بناء على ذلك وإذا كان الامر يتعلق بحياة إنسان ومصيره ومد يد العون له يصير الوضع اسوأ وغالبا ما يكون هناك ضحية يتم إلقاء اللوم عليها كجانب رئيسي للسلوك الأنكارى بل احيانا ما تتفاقم الأمور وتزيد المسافة ويتباعد كلا القطبين بمرور الوقت ولا شئ يتغير ما تعانيه سهاد الآن أكبر من إحتمال أى شخص فهى عانت كأم مرحلة الإنكار مثل زوجها تماما لكنها إستدركت نفسها بعد تراجع غيث وظهور تلك الظواهر الغريبة عليه وحاولت بشتي الطرق جذب انتباهه وتنمية مهاراته حتى أيقنت تماما حالته وهو ليس يسيرا عليها أن تعترف بذلك بينما الطبيبة بكل بساطة تهون من الامر وتلقي بالتبعية عليها بحرمانها لغيث من الحنان الأمومي وتلك قاصمة لأى أم بينما والد غيث والذى نبهه الرجل لحال غيث مثل أبنه تماما إلا انه ما زال ينكر ويلقى بالوزر على سهاد وعلى نفسه بالتبعية مع أن أول الطريق للتعايش مع أمر ما سواء كان قابلا للأصلاح أم لا هو الأعتراف به أولا ثم مجابهة تبعاته وربما كلمات الطبيبة وإستخفافها بالأمر هو ما جعله ينكر أكثر حال غيث وحتى يتضح الأمر وابعاده على سهاد أن تتحمل نظرات الإتهام في عيون الجميع وهي من ذلك براء بينما تشبيه التوحد بالثعلب الماكر الذى يسرق وجود الطفل الإجتماعي ويسحبه في تلك الهوة السحيقة فهو ملائم جدا ولقد عبرت بكل البراعة عن كل ما يتعلق مبدئيا بالشك في حال الطفل بكل الدقة وبمراحله وجاء وصفك عمليا لحال غيث وتشبيهاتك البليغة لكل ما يقوم به ملائم جدا للمضمون سردا وحوارا سلمت جميلتي كل الود والحب | ||||
![]() | ![]() |
![]() | #54 | ||||
![]()
| ![]() الفصل الحادي عشر: حين ظهرت السيدة واقع…. “الحزن يشبه البحر… في البداية، ترفض أن تُصدق أنك غارق. ثم تغضب من الأمواج التي تسحبك للأسفل. بعدها تساوم البحر، ترجو منه أن يُعيدك إلى الشاطئ. وحين لا يستجيب، يغلبك التعب… فتغرق. لكن في النهاية، يأتي القبول… تبدأ بالسباحة، ليس لأن البحر تغيّر، بل لأنك تعلمت كيف تطفو. سأروي لكم رحلتي… من الغرق إلى الطفو… عبر خمس محطات. خمس محطات تعلمتُ فيها أن البحر ليس عدوًا… بل معلّمًا قاسيًا. وهذه… هي قصتي.” ✦✧✦✧✦✧ كنتُ ما زلتُ في حالة صدمة، أجلس في منتصف الصالة، أشعر أن جسدي هناك، لكن روحي لا تزال عالقة في غرفة التشخيص، تحاول البحث عن تفسير آخر، عن جملة لم أسمعها جيدًا قد تغيّر كل شيء. شعرتُ بحرقة في صدري، كأن كلماتهاكانت مسمارًا يُدقّ في قلبي، لكنه كان مسمارًا مألوفًا… مسمار الأحكام الاجتماعية. “مستحيل… لا يمكن أن يكون حرمان أمومي.” “سهاد…” التفتُّ، كان سامر يقف أمامي، يحدق في وجهي بعيون مثقلة بشيء لا أعرف إن كان خوفًا، أم إنكارًا، أم رغبة يائسة في التمسك بالأمل. غيث كان يركض حولنا، يرفرف بورقته الصغيرة، ضاحكًا كأن شيئًا لم يحدث. بينما كان عالمي ينهار… غيث كان لا يزال منشغلًا بورقته. رفعتُ رأسي، نظرتُ إلى سامر ، كان صوته ثابتًا عندما قال: “زي ما اتفقنا حبيبتي ماراح نقول قدام أحد أن غيث توحدي.” شعرتُ بقبضة مؤلمة تلتف حول قلبي، لكنني لم أجب. اقترب خطوة أخرى، نظر إليّ بجدية أكبر، ثم أكمل: “مجتمعنا ما يرحم، تخيلي راح يتكلمون عليه لين يكبر ويمكن… ماراح يتزوج بحياته.” أغمضتُ عيني للحظة، وكأنني أحاول طرد الألم الذي اخترق صدري. الكلمات علقت في حلقي… لم أجد ردًا. ثم فتحتُ عيني، والتقت عيناي بعينيه… ورأيتُ فيهما خوفي. تنفستُ ببطء، ثم هززتُ رأسي، وكأنني أقنع نفسي قبل أن أقنعه: “تمام… ماعاد أقول توحد.” صحيح أنني شعرتُ أن غيث مختلف منذ كان صغيراً… لكن هذه امرأة درست سنوات، تعمل في المجال، ألا تعرف أكثر مني؟ هل يمكن أن أكون مخطئة وهي على حق؟ ابتلعتُ ريقي، شعرتُ أنني أتشبث بخيط أمل هش، ثم قلتُ بصوت أكثر ثقة مما أشعر به: “ويمكن كلامها صح، بالعكس عالاقل الحرمان البيئي ممكن يتعالج مو زي التوحد” صمت سامر للحظة، ثم أومأ برأسه موافقًا. لسببٍ ما، شعرنا براحة لحظية بعد قرارنا هذا…غيث لديه أمل بالشفاء على الأقل، ربما نحن قصرنا فقط، شعرنا براحة كأننا منحنا أنفسنا مهربًا مؤقتًا من الواقع. لكن… ارتفع صوت التصفيق البطيء كأنه قادم من جدران الغرفة نفسها، صوت بارد، حاد، يتسلل إلى داخلي دون إذن. “أووووووه… يا للعبقرية! حقًا، أنتما ثنائي مذهل!” رفعتُ رأسي بسرعة. هناك… كانت واقفة. السيدة واقع. ليست مثل “الهلع الأمومي”، ليست ذلك الظل الذي يحوم حولي ليواسيني أو يعانق خوفي. لا… هذه المرة، كانت أمامي مباشرة، تتكئ على الجدار، يداها معقودتان، تنظر إليّ وكأنها رأت للتو عرضًا كوميديًا سخيفًا. تقدّمت بخطوات بطيئة، وصوت كعبها العالي يُحدث إيقاعًا ثقيلًا، وكأنه يدقُّ الحقيقة في عقلي. “إذن، خطتكما العبقرية هي الادعاء بأنه حرمان بيئي، ان انكرتم التوحد سيشفى غيث، أليس كذلك؟ رائع! بالتأكيد، هذه استراتيجية مثالية لحل المشكلة!” شهقتُ، شعرتُ بقلبي يتسارع، رفعتُ يدي لأوقفها، لكنها تجاهلتني واقتربتْ أكثر. “أخبريني يا سهاد، متى كانت آخر مرة ناداكِ فيها غيث بـ “ماما”؟” شعرتُ بشيء يجذبني إلى الخلف، إلى ذلك الفراغ الأسود داخل رأسي. متى؟ حاولتُ البحث في ذاكرتي… لكن الإجابة لم تأتِ. ضغطتُ يدي على صدري، وكأنني أحاول انتزاع الإجابة بالقوة. “أوووه، هل ترين؟ حتى عقلكِ يحاول حماية نفسه من الحقيقة.” اقتربتْ أكثر. كانت باردة، غير متعاطفة، لكنها لم تكن قاسية بلا هدف… كانت فقط الحقيقة، مجردة، بلا زينة أو تخفيف. “بدلًا من القلق على مستقبله بعد عشرين عامًا، فكري في كيف ستجعلينه يتواصل معكِ الآن!” أغمضتُ عيني بقوة، أردتُ أن أصمتها، أن أدفعها بعيدًا، لكنها لم تتوقف. “بدلًا من الخوف من كلام الناس، خافي على طفلكِ الذي يحتاج مساعدتكِ الآن، لا بعد عقدين من الزمن!” فتحتُ عيني، كانت لا تزال هناك… لا تهتز، لا تتراجع، لا تعاطف في وجهها، فقط الصدق المجرد. شعرتُ بشيء داخلي يتحطم. كنتُ أقاوم، كنتُ أبحث عن شيء أتمسك به، لكن كل شيء كان ينزلق من بين يدي. ضغطتُ على هاتفي بقوة، ثم رفعتُ رأسي، نظرتُ إليها وقلتُ بصوت لم أسمعه من نفسي من قبل: “وماذا تريدين مني أن أفعل؟” ابتسمتْ لأول مرة… لكن ليس بسخرية، بل بشيء يشبه الرضا. “ابحثي عن اخصائية مختلفك، ثقي بإحساسك. كوني أمًا لطفلكِ، لا سجينة لخوفكِ.” ثم… اختفت. بقيتُ هناك، أتنفس ببطء، أشعر وكأنني خرجتُ من معركة لم أكن أعلم أنني سأخوضها اليوم. كان جسدي يرتجف، لكن قلبي كان ينبض بإيقاع مختلف… إيقاع أم قررت أخيرًا أن تواجه. نظرتُ إلى هاتفي، فتحتُ محرك البحث، وبدأتُ الكتابة… لكن هذه المرة، لم أكن أبحث عن عزاء. بل عن حل. ✦✧✦ الإنكار ✦✧✦ الإنكار… ليس رفضًا للحقيقة، بل محاولة يائسة لتجميلها. هو أن ترى الحقيقة أمامك، واضحة كالشمس، فتُغمض عينيك كأن الظلام وحده يستطيع حمايتك. هو أن تبني جدارًا زجاجيًا بينك وبين الواقع، شفافٌ لدرجة أنك ترى الحقيقة، لكنك لا تلمسه. هو أن تخلق ألف تفسير بديل، ألف عذر، ألف احتمال… أي شيء، إلا الشيء الوحيد الذي تعرفه في أعماقك. الإنكار… هو أن تبتسم وأنت تشعر بالماء يملأ رئتيك… وتقول: “أنا بخير.” “ليس توحد… إنه فقط حرمان بيئي” ليلة طويلة. جلستُ على الأريكة، هاتفي في يدي، أقرأ وأقرأ وأقرأ… “التوحد ليس السبب الوحيد لفقدان اللغة. هناك ما يُعرف بالحرمان البيئي.” “إذا لم يتعرض الطفل لمحفزات اجتماعية كافية، قد يبدو كأنه مصاب بالتوحد، لكنه في الحقيقة مجرد تأخر بسبب العزلة.” شعرتُ بوميض أمل يتسلل داخلي، أمل حارق، كمن عثر على طوق نجاة وسط المحيط، صحيح اني غضبت في البداية ، ولكن كل المقالات تقول أن الحرمان البيئي يشفى تماما .. والتوحد يلازمه طوال العمر.. وكأم اردت اي خيط للأمل.. تمسكت بالفكرة..حتى لو كانت تعني اتهامي بالاهمال.. غيث لم يختلط بالأطفال بسبب كورونا! لم نخرج كثيرًا! لم يتفاعل مع الناس! إذن… هذا هو السبب! غيث ليس توحديًا… غيث فقط بحاجة إلى تحفيز أكثر! ابتسمتُ لنفسي، كأنني وجدتُ أخيرًا المفتاح السري الذي كنتُ أبحث عنه. لكن… جاء التصفيق البطيء مجددًا. التصفيق البطيء… وصوت السخرية ارتفع صوت التصفيق البطيء كأنه ينبعث من بين ألياف الأريكة، يتردد في الهواء، يقتحم أذنيّ بوقاحة. “أووووه… رائع! الآن أصبحتِ طبيبة نفسية؟! عبقرية!” رفعتُ رأسي، كانت هناك… السيدة واقع، واقفة عند باب الغرفة، ذراعاها معقودتان، تنظر إليّ كما لو كنتُ طفلة تحاول إقناع نفسها أن الشمس تغرب لأنها قررت ذلك. شعرتُ بشيء ثقيل في معدتي، كأنني بلعتُ حجرًا. تجاهلتُها. عدتُ للقراءة، لكن صوتها كان أكثر حدة هذه المرة، أكثر برودة… وأكثر قسوة. “إذن… تقولين إن غيث عنده حرمان بيئي؟” “نعم.” قلتها بثقة، دون أن أنظر إليها. “يا الله، كم أنتِ رائعة! حقًا، حليتِ اللغز!” لم أكن بحاجة لرؤية وجهها لأعرف أنها كانت تسخر مني. “لكن دعيني أسألكِ سؤالًا صغيرًا، لا تغضبي فقط فكري فيه للحظة…” اقتربت أكثر، حتى شعرتُ بأنفاسها الباردة تلامس أذني، ثم همست: “حين تقولين “حرمان بيئي”… هل تدركين أنكِ تقولين: “أنا أهملتُ طفلي”؟” شعرتُ وكأن أحدهم دفعني إلى الوراء بقوة. نفسٌ ثقيل خرج من صدري، يرافقه وخزٌ غريب في أطراف أصابعي، كأن دمي تجمّد في عروقي. أصابتني كلماتها بصدمة شلتني للحظة، قبل أن يتردد صداها في أذني كجرس صاخب في غرفة فارغة: “أهملتُ طفلي… أهملتُ طفلي… أهملتُ طفلي…” رفعتُ عيني ببطء. كانت السيدة واقع لا تزال هناك، تحدّق بي ببرود. “هل أنتِ جادة يا سهاد؟! هل تفضلين أن يقول الناس أنكِ كنتِ أمًّا مهملة… على أن يكون لطفلكِ تشخيص طبي يحتاج إلى دعم؟” شعرتُ بغضب يتصاعد داخلي، حارقًا كل ذرة من خوفي. رفعتُ رأسي، نظرتُ في عينيها مباشرةً، ثم… نفضتُ يدي في الهواء، كما أفعل دائمًا. “لا… لن أستمع لكِ، ليس اليوم.” لكنها لم تختفِ. بل وقفت في مكانها، تبتسم تلك الابتسامة التي تثير أعصابي. ثم… بدأت تضحك. ضحكة قصيرة، هادئة… لكنها كانت مليئة بالازدراء. “كم أنتِ مثيرة للشفقة…” ضغطتُ على الهاتف بقوة، وكأنني أستطيع سحق كلماتها عبر الشاشة. استدرتُ نحو زوجي الذي كان يجلس على الطرف الآخر من الغرفة، مستندًا إلى الحائط كمن هرب لتوه من معركة خاسرة. “سامر لقد قرأت وأنت محق ، غيث لا يعاني من التوحد! هذا كله بسبب العزلة في كورونا، هو فقط بحاجة إلى تحفيز بيئي أكثر!” نظر زوجي الي بابتسامة واسعة وما رأيته في عينيه… أصابني بالقشعريرة. كان ذلك الأمل الهش. أمل شفاف كزجاج رقيق… هشٌّ لدرجة أن مجرد لمسه سيحطمه. “أخيراً فهمتي يا سهاد، انا لا اهاجمك، بالعكس، نحن فقط نريد مساعدة طفلنا.” أخذتُ نفسًا عميقًا، منذ يوم التشخيص والجو متوتر بيني وبين سامر لأني غضبت من تلميحاته لي بأنني السبب.. كان أسبوعاً سيئا مليئا بالبكاء والشجار.. لكن الان، حصل اتفاق بيننا ولابأس أنا راضية باتهامي بالتقصير مادامت الأمور ستتحسن في النهاية.. ثم قال سامر، بصوت خافت، وكأنه يلقي قنبلة يدوية: “إذن… لا حاجة للحصول على تشخيص رسمي، صحيح؟” نظرت اليه بحيرة..لكنه أكمل “إذا كان مجرد حرمان بيئي، فلماذا نضعه تحت مسمى التوحد؟ التشخيص الحكومي سيجعله مسجلًا كتوحّدي… وستظل هذه الورقة تلاحقه للأبد.” أومأتُ برأسي أحاول الاقتناع.. “هو محق… إذا لم تكن هناك ورقة تقول إنه توحدي، إذن هو ليس توحديًا. هكذا ببساطة.” نظرتُ إليه، نظر إليّ… وشعرنا براحة مؤقتة تغمرنا. لكن السيدة واقع؟ كانت تقف في الزاوية، تراقبنا بصمت. ولأول مرة… رأيتها تنهار. انهيار الحقيقة لم تعد تلك المرأة الواثقة المتعجرفة. بل بدت وكأنها هي التي تلقت طعنة هذه المرة. تقدّمت نحوي بخطوات بطيئة، لكنها لم تكن ثابتة كعادتها. كانت خطواتها مترددة، كأنها هي الأخرى فقدت سيطرتها عليّ. عيناها الواسعتان كانتا تلمعان بوهج حاد، وشفتيها ترتجفان بغضب مكتوم. ثم، وبصوت أجش، صرخت فجأة: “هل أنتِ مجنونة؟! هل تدركين ماذا تفعلين؟!” شعرتُ بصدمة، لم أرَها بهذا الشكل من قبل. “أنتِ ترفضين التشخيص الرسمي؟! هل تعلمين ماذا يعني هذا؟! ستُحرِمين طفلكِ من حقوقه!!” أغمضتُ عيني، وضغطتُ على أذنيّ. “لا… لا أريد أن أسمع هذا.” لكنها اقتربت أكثر. “إذا لم يحصل على تشخيص رسمي، فلن يحصل على دعم! لا علاج، لا برامج، لا مساعدات تعليمية! هل تفكرين أصلًا في طفلكِ أم فقط في ماذا سيقول الناس؟!” فتحتُ عيني بحدة. نظرتُ إليها… وصرختُ في وجهها لأول مرة: “اصمتي! لا أريد أن أسمع منكِ أي شيء!” لكنها لم تختفِ. وقفت هناك، تنظر إليّ بخيبة أمل كبيرة، ثم قالت بصوت خافت جدًا، لكنه اخترقني كطعنة مباشرة: “كملي في وهمكِ… في النهاية، أنتِ الخاسرة.” ضغطتُ على أذنيّ بقوة، أغلقتُ عينيّ، أغلقتُ ذهني عنها… ثم… أغلقتُ صفحة أخرى من مذكرات طفلي. | ||||
![]() | ![]() |
![]() | #55 | |||||
![]()
| ![]() اقتباس:
أحببت كيف التقطتِ جوهر التحول الدرامي في الرواية، فالفصل الثامن لم يكن مجرد صفحة تُطوى، بل كان لحظة انكسار تحتاج إلى دفتر جديد، أكثر صدقًا ووضوحًا. “غيث الجميل يحيا بعالم آخر يرسمه ويلونه كيفما يشاء حتى لو بدمائه.” يا لها من جملة مؤلمة وجميلة في الوقت نفسه! لقد لخصتِ كيف يرى غيث العالم بطريقته الخاصة، بينما تعيش أمه صدمة اختلافه عنه. أحببتُ أيضًا ملاحظتكِ عن أن هذا الفصل “نقلة نوعية” وهذا بالضبط ما كنتُ أسعى إليه! أن يكون بمثابة نقطة التحول التي تنقل القصة من محاولة الهروب إلى المواجهة الحقيقية. شكرًا لكِ على هذا التحليل العميق والرائع، تعليقاتكِ دائمًا تمنحني دافعًا للاستمرار، وتجعلني أرى قصتي من زوايا جديدة لم أفكر بها من قبل. كل الحب لكِ! ❤️ | |||||
![]() | ![]() |
![]() | #56 | |||||
![]()
| ![]() اقتباس:
تعليقكِ دائمًا يضفي عمقًا وجمالًا خاصًا للرواية، فأنتِ لا تقرئين الأحداث فقط، بل تلتقطين جوهر المشاعر والصراعات بين السطور. أحببتُ جدًا كيف حلّلتِ الفرق بين رحلة سهاد التدريجية نحو الاعتراف، وبين زوجها الذي ظل ممسكًا بخيوط الأمل حتى انهارت أمام الحقيقة. وكأن تلك اللحظة لم تكن مجرد إدراك للتوحد، بل كانت لحظة تحطم كل الأوهام التي صنعها لحماية نفسه من المواجهة. أما عن ملاحظتكِ حول الأسماء، فأنتِ على حق تمامًا! لم أذكر اسم سهاد أو زوجها في الفصول الأولى لأن التركيز كان بالكامل على ملاحظات سهاد لغيث، صدمتها، إنكارها، ومحاولتها لفهم عالمه. لكن بعد التشخيص، يبدأ صراعها ليس فقط مع نفسها، بل مع زوجها والمجتمع، وهنا يبدأ ظهور الأسماء بشكل واضح، لأن القصة لم تعد تدور حول “الطفل المختلف” فقط، بل حول الرحلة التي ستخوضها عائلته بالكامل. سعيدة جدًا أنكِ لاحظتِ هذا التفصيل، فهذا يعني أن روح الرواية وصلت إليكِ كما أردتها! كل الامتنان لقراءتكِ العميقة والمليئة بالإحساس، وشكرًا لأنكِ تجعلين هذه الرحلة أكثر جمالًا ❤️ | |||||
![]() | ![]() |
![]() | #57 | |||||
![]()
| ![]() اقتباس:
صباح النور والبهجة، غاليتي ❤️ كم أحب الطريقة التي تحللين بها المشاعر والصراعات الداخلية بعمق، كأنكِ لا تكتفين برؤية المشهد، بل تغوصين في دوافع الشخصيات، وتفككين تعقيداتها بحسٍّ رائع. “ليس أسهل من أن ينكر شخص حقيقة واضحة للعيان… والأسوأ أن يمارس دور المدعي والحكم.” يا لها من جملة مؤلمة ودقيقة! الإنكار ليس مجرد رفض للحقيقة، بل هو أحيانًا سلاح يُستخدم لتبرئة الذات، ولإيجاد “متهم” يتحمل المسؤولية بدلاً من المواجهة. وهذا بالضبط ما كان يحدث مع سهاد وزوجها، فبينما هي عبرت الجسر نحو القبول، هو ما زال عالقًا في منتصفه، ممسكًا بآخر خيط للأمل، حتى لو كان وهمًا. إعجابكِ بتشبيه التوحد بالثعلب الماكر أسعدني كثيرًا! أردتُ أن أجد صورة تجسّد تلك الطريقة الخفية التي يسرق بها التوحد الطفل من أحضان والديه، ببطء شديد، دون أن يترك أثرًا واضحًا حتى يصبح الفقدان كاملًا. أما عن الأخصائية، فقد التقطتِ جوهر دورها تمامًا! لم تكن مجرد طبيبة، بل كانت صوت التطمين الزائف، الذي يمنح الإنكار شرعية، ويجعل التمسك به أسهل من مواجهة الحقيقة. وربما كان هذا ما دفع زوج سهاد للتمسك بموقفه أكثر، فحين يجد من يدعم فكرته، يصبح التخلي عنها أكثر صعوبة. وصفكِ لعبء نظرات الاتهام التي تتحملها سهاد كان في غاية الدقة. إنه ليس مجرد “تشخيص” تتعامل معه، بل حكم اجتماعي، محاكمة غير عادلة، حيث الأم هي المتهمة الأولى دائمًا، حتى وهي أبعد ما تكون عن الذنب. سعيدة جدًا أنكِ شعرتِ بصدق المشاعر، وأن التشبيهات وصلت إليكِ كما تخيلتها تمامًا. تعليقكِ هذا شهادة أعتز بها، وشكرًا لأنكِ دائمًا تجعلينني أرى قصتي من زوايا أجمل وأعمق. كل الحب والامتنان لكِ ❤️ | |||||
![]() | ![]() |
![]() | #58 | |||||
![]()
| ![]() اقتباس:
وكل عام وأنتِ بألف خير وسعادة، أنتِ وكل أحبابكِ. أسأل الله أن يبارك لكِ في هذا الشهر الكريم، وأن يجعله شهر رحمة، مغفرة، وعتق من النار. تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، ورزقنا وإياكم ثواب ليلة القدر، وكتب لنا الخير في كل لحظة من أيامه المباركة. دمتِ بنقاء روحكِ وجمال كلماتكِ، وجعل الله كل أيامكِ عامرة بالفرح والرضا. ????✨ رمضان كريم عليكِ وعلى كل من تحبين ✨???? | |||||
![]() | ![]() |
![]() | #59 | ||||
نجم روايتي
| ![]() مرحبا.صباحات الخير جميلتي سوسو *الفصل الحادي عشر* ☆ لاشئ يهم☆ قد يعتقد البعض أنه يصلح الوضع بشكل ما بنهج إنتهجه عامدا أو غير عامد ولكنه في حقيقة الامر أتلف ما بقي وأحرق كل السفن بعد أن مزق شراعها فأختنقت بأعماق النفس أو المحيط لافرق إذ لا يمكن علاج الداء بدواء مسموم كم هو الإنسان ضعيف أمام عذابات لم تبرأ بعد ويا لعذاب من كانت كل بداية له متلاصقة مع نهايتها وكأنها مؤودة منذ اتخذها كخيار أو حال جرفها عبر تياره لم تدر أستغرق به أم ستصل لبر الامان؟ كم أنت بارعة جميلتي في رسم صورة تفصيلية واضحة المعالم لسهاد وسامر فكلاهما قررا تناول مخدر موضعي لعقليهما ونفسيهما والقبول بالبديل الذى سيخرجهما من أزمتهما وذلك الإنكار بان غيث توحدى إلى تلك الساحة الفسيحة من الوهم بالحرمان البيئي وللاسف تتأثر سهاد بأقوال تلك الطبيبة وبإلحاح زوجها وتقبل أن تكون أم مقصرة مهملة على أن توصم بأنها أم لطفل متوحد كما تبدعين في تصوير ملامح كلا الزوجين وهما يتشبثان بأمل واهن بين الحقيقة والوهم... بين الواقع والانكار... أتدرين يا جميلة أن المشكلة هنا ليست في ذلك الإتفاق الوهمي بين العقل والنفس وليس بحرمان غيث من حقه بالعلاج ولكن في تلك الأزمة التى ستتعرض لها سهاد حين تتضح الحقيقة الجلية وأنها اضاعت حق إبنها خشية من تصنيفه في عيون الناس على انه طفل غير طبيعي فتلك المرحلة التى وصلت اليها من خداع النفس رغم أنها كانت سلمت بأن غيث توحدى سيؤذيها هى قبل أن يضر غيث وليت الامر كان بأرادتها فهذا القرار كما لو كان فرض عليها وهذا يتضح من حوارها مع السيدة واقع ثم فرارها منها كمن يصم أذنيه عن هزيم الرعد معتقدا بذلك انه سيختفي أو من يغمض عينيه عل اشباحه تختفي عنه كم أشفق على سهاد من كل تلك الضغوط والهواجس التى تتعرض لها فحبها لطفلها ليس به شك على الإطلاق المسألة كما رسمت ملامحها ببراعة سردا وحوارا هى مسألة وقت ليس إلا الفصل فعلا هو صفحة جديدة كتبت بشكل خطأ تماما في باب الوهم وكم أن الموضوع صعب فعلا وانت تتناولينه ببراعة شديدة يا جميلة سلمت جميلتي كل الود والحب والتقدير | ||||
![]() | ![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|