02-09-21, 10:38 PM
| #1 | |||||||||||
| مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء 
|  رسالة - د.نبيل فاروق  /http%3A%2F%2Fwww.mezan.net%2Fforum%2Fg9%2F22.gif) رســالــة خطيبى ( فريد ) .. اعذرنى لأننى بدأت خطابى لك بهذا اللقب ، الذى تعتبره دائما تقليديا جامدا، ولكننى حاولت أن أبدأ الخطاب بلقب ( حبيبى ) . أو حتى ( صديقى) ، إلا أننى لم أستطع هذا قط . أعلم أن هذه البداية قد تصدمك كثيرا ، وتثير سخطك وغضبك ونقمتك . ولكن ما باليد حيلة .. أنت تعرفنى جيدا يا فريد ) .. لا يمكننى أبدا أن أنطق أو أكتب ما لا أشعر به ، أو أومن به .. وهذا أيضا سيصدمك . وقبل أن ترتجف شفتاك غضبا ، كما يحدث عادة ، دعنى أوضح لك موقفى. الدى دفعنى لكتابة هذا الخطاب إليك ، بدلا من أن أسرد محتوياته على مسامعك عندما نلتقى.. ودعنا نعود إلى البداية .. إلى لقائنا الأول .. كان هذا فى حفل الكلية ، منذ عام ونصف العام تقريبا .. كنت أنا إحدى المعدات للحفل، فى حين حضرته أنت بصحبة شقيقتك ، التى تربطنى بها أواصر صداقة هادئة ، منذ التحقت بكليتى العملية.. ولست أنكر أنك جذبت انتباهى منذ اللحظة الأولى .. جذبتنى وسامتك الملحوظة ، ورصانتك الواضحة ، وتلك الرجولة الآسرة ، فى صوتك ونظراتك وملامحك .. ومما لا شك فيه أننى أيضا جذبت انتباهك فى ذلك الحفل .. ولا تسألنى كيف لاحظت هذا أو عرفته .. كلنا معشر الفتيات نفهم هذا بسرعة .. إنها فراستنا الخاصة ، التى نتفوق فيها عليكم معشر الرجال .. المهم أننا وقبل أن نغادر الحفل كنا قد اتفقنا على لقاء ثلاثي آخر .. أنت وشقيقتك .. وأنا .. وفى ذلك اللقاء الثانى ، ازداد تقاربنا ، وتوطدت أواصر الصلة بيننا أكثر وأكثر .. كان الحديث يدور حول عملك طوال الوقت ، وعلى الرغم من أننى لا أفهم الكثير عنه ، إلا أننى رحت أستمع إليك فى شغف . وأمنحك أذنى طوال الوقت . دون أن أقاطعك لحظة واحدة ، أو أرفع عينى عن شفتيك أبدا . حتى شقيقتك لاذت بالصمت ، واكتفت بمراقبتى طوال الوقت ، وكأنما تسعى لأن تستشف ما يعتمل فى نفسى تجاهك .. وفقط عندما انتهى اللقاء ، أدركت أننى لم أنبس ببنت شفة .. ولكن هذا لم يضايقنى .. كنت سعيدة للغاية ، لأننى استمعت إليك ، وإلى حديثك المتصل الهادئ .. ومنذ ذلك الحين ، وحتى تمت خطبتنا ، فى حفل عائلى أنيق ، لم يتغير الوضع كثيرا .. أنت تتحدت طوال الوقت .. وأنا استمع .. فقط أستمع .. ومع كثرة ما سمعت ، تكونت عندى فكرة واضحة عن عملك .. فكرة أدهشتك أنت نفسك ، عندما بدأت أناقشك وأبدى أرائى فيما يتعلق بمشكلات العمل والخلافات مع زملائك .. ولقد أسعدنى تقديرك لهذا.. أسعدنى أكثر مما تتصور .. ومن فرط سعادتى. بدأت أتحدث بصورة طبيعية - عن حياتى أنا .. عن دراستى . وزملائى ، وصديقاتى .. ولم يرق لك هذا .. كنت تستمع إلى فى شىء من الضجر ، وتتململ طوال الوقت . وتتشاغل عنى بالنظر إلى الطريق والمارة .. ولست أنكر أننى لاحظت هذا منذ الوهلة الأولى ، ولكننى لم أتوقف . كنت مصرة على أن تدخل عالمى . كما دخلت أنا عالمك .. أردت أن تعرف عنى كل شىء ، كما عرفت أنا عنك كل شىء .. ولكننى لم أنجح أبدا .. كان بداخلك إصرار شديد على تجاهل عالمى .. إصرار بدا لى مهينا إلى حد ما.. ولهذا لم أستطع المواصلة .. توقفت فورا عن الحديث عن حياتى ، وعدت أستمع إليك ، وأنت تروى الكثير عن حياتك .. وتروي .. وتروي .. وحار عقلي فى البحث عن وسيلة لحوار متصل ، يربط كلا منا بالآخر .. حوار يصلح لأن نتبادله بعد زواجنا، لا فى فترة خطبتنا كنت أبحث عن أمر يمكننا مناقشته معا .. والتحاور فيه .. وهكذا اخترت أبسط الأمور .. الثقافة العامة .. إننى أقرا بنهم، منذ سنوات طفولتى وصباى ، وتكونت لدى حصيلة ثقافية لا بأس بها ، تصلح كل نقطة فيها لحديث طريف . أو حوار بسيط . تصلح على الأقل للربط بين عقلين ، انغمس قلباهما فى حب ولكن صدمتى كانت عنيفة .. كانت أعنف بكثير مما يمكن تصوره .. لقدانتبهت فجأة ، بعد عام ونصف العام من تعارفنا ، إلى أنك فارغ تماما.. ليست لديك أية معلومات عامة ، بخلاف ما يخص عملك .. فقط عملك .. لست أدرى ما الذى كنت تفعله طيلة حياتك !! . ألم تقرأ أبدا ؟!.. الم تحاول قط التزود بشىء من الثقافة أو المعرفة ؟.. ماذا فعلت بكل ما درسته فى مقرراتك الدراسية ، فى المرحلتين الإعدادية والثانوية ؟!.. هل ألقيت كل هذا خلف ظهرك ، بمجرد التحاقك بالجامعة ، أو بوظيفتك الجديدة ؟!.. هل محوته تماما من ذاكرتك ؟!.. إنك حتى لم تستوعب القضايا الهامة ، التى تشغل العالم كله .. لم تفهم ما يعنيه مصطلح ( البروسترويكا) .. لم يكن يعنيك أمر المشكلات البيئية أو الاقتصادية ، التى تواجه الوطن.. ولا حتى التى تواجه العالم .. الحديت عن ثقب الأوزون يضجرك .. الحوار حول الإرهاب يثير فى نفسك الملل .. حتى القضايا اليومية لم تعد تهتم بها ، من قريب أو بعيد .. أنت فارغ .. فارغ . فارغ .. عقلك قرر طرح الدنيا كلها جانبا، والتركيز فقط على ما يخص عملك .. وكأنما انحصر العالم كله فى عملك .. ليس هذا فحسب .. إنه يصر أيضا على ألا يستمع إلى أى شيء بخلاف هذا . أى شيء.. ولهذا استسلمت .. رفعت فى وجهك الراية البيضاء ، وأعلنت عجزى عن إيجاد لغة للحوار المشترك .. وهذا يعنى أننى لا أستطيع الاستمرار معك .. لا يمكننى أن أحيا إلى الأبد كمستمعة مخلصة .. المفروض أن أستمع إليك وتستمع إلى .. أن يتحدث كل منا أحيانا .. أن نتناقش .. نتجادل . باختصار .. المفروض أن نحيا معا .. مرة أخرى اعذرنى يا ( فريد ) .. لقد فكرت فى الأمر ، ودرسته طويلا ، ووجدت أننا لا نستطيع الاستمرار معا أبدا .. سامحنى يا ( فريد ) ، وأنت تستعيد دبلتك التى أرسلتها لك مع هذا الخطاب .. سامحنى لأثنى لم أناقش الأمر معك وجها لوجه ، فقد خشيت أن يثير الاستماع الملل فى نفسك، حتى ونحن نناقش أمرا يتعلق بحياتنا معا .. وربما اخترت أسلوب الخطاب بالذات ، لعلي أنجح فى إجبارك على قراءة شىء ما ، بخلاف أوراق عملك .. وأعتقد أننى نجحت هذا المرة .. وداعا يا ( فريد) .. وداعا إلى الابد .. خطيبتك السابقة ( نسرين ) | |||||||||||
|  |
 |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
1Likes
العرض العادي
