شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات أحلام المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f203/)
-   -   194 ـشفاه حائره -لوسي غوردن (مكتوبة / كاملة ) (https://www.rewity.com/forum/t50485.html)

mero_959 19-03-09 10:21 PM

194 ـشفاه حائره -لوسي غوردن (مكتوبة / كاملة )
 
https://www.tuoot.com/wp-content/uplo...453510_823.gif

194 - شفاه حائرة
لوسي غوردن
الملخص
في حياة كل انسان صدفة ... صدفة تقلب حياته رأسا على عقب

و تذهب بما خطط له أدراج الرياح.

هذا ما حدث مع جينيفر نورثون . فقد طلبت من وكالة خاصة مرافقا

لسهرة واحدة فقط ... و لكنها حصلت على ستيفن ليري المليونير المتعجرف... و

كان كل شئ إلا المرافق الذي طلبته ...

قالت له : لن يروي غليلي إلا الحصول على رأسك في طبق ...

و لكن كيف ستعود حياتها دون هذا الرجل الذي يثير

عدائها و حبها ... ضحكها و بكائها ... رقتها و قسوتها ... في آن الوقت ذاته ...

هذا الرجل الذي يملك كا ما تتمناه المرأة إلا ما تبحث عنه جينيفر في الرجل

الحنان و الأمان ...
روابط كتاب الرواية
وورد
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي
pdf
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي
txt
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي


https://www.tuoot.com/wp-content/uplo...453510_823.gif

mero_959 19-03-09 10:27 PM

الفصل الأول
ضعيفة أمام العدو

- لماذا تردتدين هذا الثوب؟.
تراجعت (( جينيفر)) إلى الخلف لتدع أخاها يدخل البيت. كانت تشعر بالتوتر و هي تترقب حفلة هذه الليلة ، و زاد غيظه الأمر سوءا.
قال: ظننتك اشتريت ثوبا جديدا لأجل حفلة الليلة ، إنه من الساتان الداكن الزرقة ، كما إنه رائع للغاية.
و ألقى نظرة استخفاف على ثوبها الفضفاض المصنوع من الموسلين ، ثم تابع: إنك ذاهبة إلى حفلة رسمية و ليس اجتماع ديني.
فقالت تسترضيه: آسفه تريقور ، لكنني لم أستطيع ارتداء ذلك الثوب الأزرق. إنه غير مناسب لي.
- لم يكن هذا رأيك حين اشتريته؟.
- بلى ، لكنني وافقتك و أنت أقنعتني أن من واجبي الذهاب إلى تلك الحفلة ، ثم عدت فرأيته غير مناسب . يا ليتني أتمكن من إلغاء كل ذلك !.
- قال أخوها محذرا: لا يمكنك هذا ، كم مره علي أن أنبهك إلى أهمية المظاهر ؟ يعلم الجميع أنك تكثلين الشركة في تلك المأدبة . إنها تتعلق بشؤون العمل ، عليك أن تكوني هناك.
- لكنني كنت سأذهب مع دايفد.
- و هاهو الآن قد نبذك ....
- لم ينبذني .... كل ما في الأمر أننا ... لم نر بعضنا منذ فترة.
- على كل حال ، ليس بإمكانك أن تبتعدي عن نشاط الشركة ، هذا هو المهم . كما لا تستطيعين أن تذهبي وحدك فهذا يظهرك ضعيفة الشخصية بينما عليك أن تعلني للعالم عدم اهتمامك.
فأجابت بحزن: لكنني مهتمة فعلا.
كانت جينفر قد صممت على حضور الحفلة مع دايفد كونر ، الرجل الذي أحبته و الذي توقعت الزواج منه. لكنه لم يتصل بها منذ شجارهما قبل أسبوعين فانكسر قلبها و لم تفكر إلا في قضاء ليلة الحفلة هذه منزوية في بيتها ترتشف الكاكاو و تفرغ حزنها مع الدموع . لكنها بدلا من ذلك ، وجدت نفسها ترتدي ملابسها لكي تخرج مع رجل غريب.
- كم أكره أن أظل أخفي مشاعري وراء قناع من المظاهر.
فأدلى تريقور بنصيحته: لا تدعي العدو يرى ضعفك أبدا.
- كما انني أكره اعتبار كل انسان عدو لي.
- - هكذا تنجز الاعمال .. هيا حتى الآن تصرفك في دنيا الأعمال كان رائعا.
- لكنك لا تثق بي تماما ، أليس كذلك ؟ و لهذا مررت بي أثناء عودتك إلى بيتك من العمل ... أردت أن تقضي على ترددي في الذهاب . حسنا ، أنا مترددة فعلا.
يعمل الأخوان في شركة (( مشاريع نوثون )) التي أنشئها جدهما (( بارني نوثون )) فهما يملكان سندات في الشركة ، و يديرانها بينهما منذ ألزم المرض جدهما على التقاعد . أما الفرق بينهما فهو أن (( تريقور )) يعيش العمل و يتنفسه ، بينما (( جينيفر )) لا تذهب إلى الشركة إلاإرضاء لجدها .
كان تريقور رجلا معتدل الطول قوي البني ، في الثلاثينيات من عمره. لولا عبوسه الدائم تقريبا لكان رجلا جذابا، و لطاما احترمت فيه جينيفر تكرسيه نفسه لعمله ، لكن من الصعب عليها أن تحب رجلا حاد الطباع كثير الانتقاد بهذا الشكل.
- كوني عاقلة ، و ارتدي هذا ثوبك الفرح ذاك بدلا من هذا.
- آسفه يا تريقور , و لكن هذا الثوب مسر للنظر أيضا.
فقال و هو يشد شعره: رجاء ، فهذه الليلة سوف أتصل بشخصيات كبيرة . ابتسمي و تحدثي معهم بحرارة . إن مظهرك يساعد على ذلك.
صحيح أن الطبيعة أغدقت على جينفر جمالا يساعدها على القيام بالدور الذي يحدثها عنه فعيناها الواسعتان السوداوان تحتلان وجهها البيضاوي ، و فمها جميل مغر . لكن الطبيعة أغفلت شيئا اضافيا ، و هو أن جينفر لا ترغب في استخدام جمالها في المجال الذي يريده اخوها. و لكن يبدو أنه لا يفهم هذا إذ أخذ يقول لها : تملكين مزايا فتباهي بها.
فأجابت بحدة: لماذا تتباهى بمزاياك أنت أيضا ، إذا كنت تعتبر ذلك هاما؟.
- لأن مزاياي لا تظهر في ثوب ضيق من الساتان .. إنني أبرع في غرفة الادارة و ليس في قاعة الرقص.
- لا بد أنني جننت إذ سمحت لك بإقناعي بالذهاب من دون دايفيد ، و استئجار مرافق بدلا منه ... فكر في ذلك تريقور .. أن تستأجر رجلا ليرافقني إلى الحفلة.
قال و قد فرغ صبره: سبق و اخبرتك بأن الأمر ليس على هذا النحو ... كمرافق بالأجرة . أخبرت المكتب بأنك تطلبين (( مايك هاركر )) بالذات ، أليس كذلك ؟.
- نعم ، فعلت ذلك قبل أن تشير علي به و كنت حذرة لئلا أكشف عن معرفتي بجده حرصا على كرامته.
- هذا حسن ، يبدو أنه حساس لا يقبل مساعدة الآخرين ... بماذا تحججت لطلبك له بالذات؟.
- قلت لهم إن البعض أخبروني أنه وسيم جدا ، و ان هذا ما اريده.
- هذا حسن . أكد لي (( جاك )) أنك ستكونين آمنه معه تماما ، لأنه مهذب جدا. رباه ، ما هذا؟

mero_959 19-03-09 10:33 PM

التفتت جينيفر إلى حيث أشار باصبعه ، ثم قالت : إنها قطة.
-اهو حيوان آخر من حيواناتك المشرده؟.
-وجدت (( مخالب )) خارج الباب الخلفي ، إذا كنت تعني هذا.
-(( مخالب)) ؟ هل أطلقت عليها هذا الاسم؟
-نعم لأن مخالبها بيضاء بعكس بقية جسمها الأسود تماما.
-غريب أن يقصدك كل شريد بأربع قوائم . لا بأس ما دمت لا تحضرين حيواناتك إلى المكتب ، كما فعلت بآخر حيوان اقتنيته . أذكر أن (( بيل ميرسر )) كان على وشك أن يوقع معنا عقدا مربحا للغاية، عندما زحفت حية لعينة على مكتبك ، فكاد يصاب بنوبة قلبية.
-كانت حية عشب صغيرة حلوة جدا و غير مؤذية على الأطلاق .
-ماذا عن الجرذ؟ ... كلا ، لا تدعيني أتحدث عن الجرذ ! على كل حال هذا يدل على أنك سيدة أعمال.
-حسنا ، لم أكن سيدة عملية قط ، أليس كذلك ؟ لست مثلك و لست على الصورة التي تمناها جدي . ما كان لي أن أكون عضوا في هذه الشركة على الإطلاق ، أحيانا أفكر أن أخرج منها ما دمت ما أزال في العشرينات ، أجرب عملا آخر.
قال تريقور مذعورا: لا يمكنك أن تفعلي هذا بجدنا بعد كل ما قام به لأجلنا ... أنت دوما كنت مدللته ، فإذا هجرته فستحطمين قلبه.
أجابت بإشارة عاجزة كمن ناقش الأمر طويلا مع نفسه : أعلم هذا.
لا يمكن لها أن تؤذي جدها.
رد تريقور: أتمنى لو تستعملين عقلك أكثر قليلا من العادة فأنت مندفعة جدا.
و كان هذا صحيحا فقلبها رقيق عفوي و هي ميزة غالبا تتعارض مع عملها ، أما ذهنها فمتيقظ ... و قد تعلمت عملها جيدا، لكن البشر و الحيوانات أكثر أهمية في نظرها.
لم تحاول شرح ذلك لتريقور فلطالما فشلت في ما مضى ، فاكتفت بالقول: إنك هذه الليلة ، قليل التفكير حقا . فالفكرة مجرد جنون.
-كلام فارغ...و الآن علي أن أذهب . أرفعي رأسك بزهو.
-ثم منحها قبله خاطفة على وجنتها و ذهب.
عندما اصبحت جينفر و حدها أطلقت تنهيدة حزينة ... كانت هي و تريقور صديقين حميمين في صغرهما . و لكن مضى وقت طويل على ذلك ، أما الآن فالأمر تغير ... في الواقع اخذت تشعر بأن قوة خفية تسلب منها السيطرة على حياتها ، و خصوصا هذه الليلة.
تحدث تريقور عن جدهما و عن تضحياته لأجلهما . لقد احتضنهما حين ماتت أمهما وا كانت هي في الثانية عشرة و تريقور في السادسة عشرة ... أما ابيهما فلم يعلم أحد قط عن مكانه ، فقد هجر أسرته قبل عامين بعد أن طلق زوجته و سافر إلى الخارج مع حبيبته الجديده ، هكذا لم يبقى لهما سوى جدهما ..
كان الجد بارني عطوفا ، لكنه جرف الولدين إلى حياته المحمومة. فكان يأخذهما معه من مكان إلى آخر . و كا ن هذا ممكتعا مع أنه لم يساعدهما على التخلص من اليتم الذي يتملكهما . لكنها أحبته و كافحت في سبيل إرضائه .
فاجتهدت في دروسها و ابتهجت بإطرائه حين كانت تحصل على علامات عالية ، ثم ابتدأت شيئا فشيئا تتقبل فكرة دخولها في الشركة .
أما هو فكان يقول بسعادة : إنني متشوق حقا إلى أتخاذكما شريكين لي .
التحق تريقور بشركة نورثون حالما ترك الدراسة ، بينما أخذ الجد يعد حبيبته جينيفر بدورها ... لم يطاوعها قلبها أن تصارحه بأنها تفضل العمل مع الحيوانات فهي لن تخيب أمله فحسب بل ستغامر بفقدان حبه أيضا ، خاصة أنها تدرك منذ وقت طويل كم يؤلمه ذلك .
و هكذا دخلت الشركة ، و أنجزت كل مهمة على أفضل وجه فتعاظم فخر جدها بها ... و عندما تراجعت صحته منذ خمس سنوات ، كان تريقور و جينيفر مستعدين لتسلم مقاليد العمل ، ليستمتع هو بتقاعده . أما جينفر فبدت امرأة عاملة ناجحة متألقة لكن في أعماقها ظل شعور بالفشل و العجز يتملكها.
و ها هي ذي الآن ، تستعد لحضور مناسبة عملية لا تهمها مع رجل لا تعرفه و تتمنى من كل قلبها لو تجد منفذا للنجاة.
* * * * * * * * *
وقف ستيفن ليري أمام باب الشقة و هو ينظر إلى ما يحيط به بعينين ملؤهما الدهشة و الفزع.
ذات يوم ، كان صديقه (( مايك هاركر )) نجما سينمائيا ذكيا لامعا. لكن ذلك كان منذ اثني عشر عاما . و قد بقي ستيفن على اتصال به ، لكنهما لم يلتقيا منذ خمس سنوات . و هاهو ذا يفاجأ في هذه المزبلة بعد أن حط به الدهر.
انشق الباب قليلا ، و بدت عين حمراء محتقنه ، ثم سأله بصوت خافت: من أنت ؟؟
-إنه أنا يا مايك ... ستيفن.
-يا للهول ، يا ستيفن.
و جذبه مايك إلى الداخل ثم أغلق الباب بسرعة و هو يقول : خفت أن تكون صاحبة البيت.
رحب كل منهما بالآخر ثم أخذا يتأملان ما غيرته السنوات فيهما . كان مايك ما يزال وسيما ، رغم احمار أنفه و كلل عينيه.
قال و هو يبعد ستيفن عنه : ابق بعيدا عني . فأنا عدوى أنفلونزا متنقلة.
قال ستيفن و هو يرى بذلة رسمية معلقة على المشحب : أتراني جئت في وقت غير مناسب؟ يبدو و كأنك ذاهب على حفلة مسرحية.
أجابه مايك ساخرا : لو أنني ما زلت أقيم حفلات مسرحية ، أكنت لأسكن في مكان كهذا ؟.
بعد تناول القهوة تبادلا حديثا مربكا مضطربا ... بدا ستيفن محرجا لا يجرؤ أن يسأله عن عمله في مجال التمثيل . و كم كان حرجه كبيرا أن يتحدث عن نجاحه هو !.

mero_959 19-03-09 10:37 PM

قال مايك : أتذكر عندما التحقت أنت بشركة (( مشاريع تشارتيرز ))؟ قلت لك إنك ستمتلك الشركة في النهاية ، و هذا ما حدث .
قال ستيفن ذلك مقلالا من الحقيقة ، (( فتشارتيرز )) هي حقا شركة ضخمة بالغة النفوذ ، لطالما شكلت إنجازاتها مصدر زهو له و بهجة .
قال لمايك : عليك أن تكون في الفراش.
- بلى علي أن أخرج . إنني أكسب معيشتي عبر العمل في مكتب لتأجير المرافقين ، و لدي مهمة هذه الليلة .
- هتف ستيفن بذعر : هل أنت ما يسمونه (( جيغولو )) ؟ الرجل الذي تستأجره النساء لمرافقتهن في الحفلات؟
- كلا ، تبا لذلك . أنا لست (( جيغولو )) . إنها وظيفة محترمة تماما . إذا أرادت امرأة أن تذهب ألى مناسبة اجتماعية ، ولا مرافق لها فهي تتصل بالمكتب الذي أعمل فيه و تستأجرني . ليس المطلوب مني سوى أن أكون حريصا على إرضائها ، و أعطي الأنطباع المناسب . و بعد ذلك تذهب هي إلى سريرها و أعود أنا إلى سريري .
- حيث ينبغي أن تكون الآن . لا يمكنك مرافقة امرأة و أنت على هذه الحالة ، و إلا أصبتها بالعدوى.
- لكنها ستعطيني النقود و هكذا لن أتجنب صاحب البيت بعد الآن .
- أخبر مكتبك بأن يرسلوا اشخاصا سواك.
- لقد فت الأوان.
و تملكت مايك نوبة سعال.
- ما شكلها ؟
لا أدري ، فأنا لم أرها قط . اسمها جينيفر نوثون . و هذا كل ما أعرفه . الحفله مناسبة تجارية . و لهذا لعلها امرأة أعمال قاسية الوجه ، و في منتصف الأربعينات ، يشغلها تحصيل المال عن إقامة علاقات حقيقة ، و لهذا تستأجر مرافقين.
فقال ستيفن بحزم : نم في سريرك ، و سأذهب أنا مكانك.
- لكنهم أكدوا أنها طلبتني بالذات.
- قلت إنك لا تعرفها ؟.
- هذا صحيح ، و لكن يبدو أن أحدهم حدثها عني.
- أيحتمل أنها رأتك على شاشة التلفزيون؟
- لاأظن ذلك .
- إذن هي لا تعرف شغلك ؟
- كلا ، و لكنها تريد رجلا وسيما.
قال ستيفن ضاحكا من دون أن يجرحه هذا القول.
- بينما أنا غول بشع؟.
- اسكت ، لطالما نلت حصتك و أكثر من الفتيات كما أذكر ... و لا أدري لماذا ، فأنت تعاملهن أسوأ معاملة.
- لأنني لا أتعب نفسي في إرضائهن ، إذا كان هذا ما تعنيه . كان أبي يقول دوما إن النساء أشبه بالحافلات ، إذا فاتتك واحدة ، سرعان ما تأتي أخرى. انتبه ، لقد حرص على الابتعاد عن أمي قبل أن يتفوه بهذا ...
- و انفجر ضاحكا.
صحيح أن تقاسيم وجه ستيفن لا تماثل وجه مايك وسامة و تناسبا ، لكن كثيرات من النساء يجدنه بالغ الجاذبية ، فهو أسمر قوي الجسم عريض الكتفين ، حاجباه الكثيفان يضللان عينين نفاذتين تشعان بطاقة جبارة ، مما منح وجهه قوة غير عادية . يمكن لابتسامة عريضة من فمه الكبير أن تكون قاسية ، لكن ابتسامته حلوة جذابة . أما إذا كان حسن المزاج ، فهو بالغ الظرف . و باختصار يهابه الرجال و النساء معا ، قد يبعث الخوف في القلوب ، لكنه بالتأكيد ليس رجلا تختاره امرأة تريد مرافقا ودودا و ظريفا.
قال : لا يمكنك الذهاب ، سأستعمل اسمك و سيكون تصرفي مهذبا قدر الإمكان . الأفضل أن أعود إلى بيتي بسرعة لأرتدي ملابس المساء.
- لا وقت لذلك فهي تتوقع وصولي خلال ثلث ساعة ... عليك أن ترتدي ملابسي ، نحن نلبس القياس نفسه لحسن الحظ . أرجو ألا تصيبك عدوى مرضي.
- أنا لا أصاب بأية عدوى ، أتمتع بمناعة قوية . إلى ماذا تنظر عبر النافذه؟.
- إلى تلك السيارة الفخمة الجديدة الجاثمة تحت نافذتي ، إن كانت لك فلن يصدق أحد أنك ممثل مفلس.
- سأوقف سيارتي بعيدا عن بيتها ، ثم أكمل الطريق مشيا . و الآن اذهب إلى فرشك.
* * * * * * * * *
تأخر مرافقها و وافقها هذا تماما فاستغلت الوقت لتطعم قطتها و تخرجها إلى الحديقة و هي تهتف بها : أسرعي ، سيكون هنا حالا إذا خانني الحظ...
عادت (( مخالب )) بعد دقيقتين تظهر ولاءها لسيدتها و هي تقفز إلى حجرها.
صرخت جينيفر نائحة و هي تفحص آثار قوائمها على ثوبها : آه ، كلا . لا أصدق أنك فعلت هذا.
و أسرعت إلى الحمام تخلع الثوب الملطخ بالوحل ، ثم بدأت تبحث عن ثوب آخر و هي ترجو بحراره أن لا تتحقق مخاوفها.
و لكن تحقق ما كانت تخشاه ، إذ لم يبق لها إلا ثوبين مناسبين باقيين ...
أحدهما في المغسل ، و الآخر فيه تمزق صغير . و هكذا لم يبق أمامها سوى ثوب الساتان الأزرق الداكن ...
صرخت تعنف (( مخالب )) : يا لك من حيوان ناكر للجميل ! لقد استقبلتك في بيتي و أحسنت إليك ، فانظري ما فعلته بي ! آه ، حسنا ، لا أظن بإمكاني إصلاحه الآن.
و هكذا أخرجت الثوب على كره منها ، فوجتده غير ملائم لها البتة . و لكنها لم تدر ما البديل !.

mero_959 19-03-09 10:47 PM

كان شعرها البني الكث منسقا فوق رأسها بجمال ... و حين وضعت عقدا و قرطين من الماس بدت سيدة صغيرة تملك حنكة و خبرة بإمكانها أن تواجه مفاجآت الحياة كلها . لكنها تمنت لو تشعر بذلك فعلا.
في الوقت المناسب فرغت من زينتها و أخذ جرس الباب يقرع.
تنفست بعمق ، ثم ذهبت لتفتح البال. و حالما فتحته ، أدركت أنها اقترفت غلطة حياتها.
بدا الرجل طاغيا ، و او أنه لا يتحلى بمقياييس الوسامة التقليدية ... كانت تشع منه هالة من الكبرياء و الإرادة العنيفة . و منذ اللحظة التي تقابلت فيهما أعينهما ، أدركت جينيفر أنه أخذ يتأملها بتمعن.
بدأ الحرج يغزوها فشعرت بالخجل من ثوبها و أحست بنظراته تخترقها أما هو فبدا واضحا أنه يستمتع إليها ، و هذا ما أغضبها ففي النهاية ليس إلا مجرد موظف . و الأسوأ أنها لمحت لمعانا ساخرا ، و كأنه فهم أفكارها فضحك منها في داخله.
و باختصار ، كانت تتوقع دمية على صورة رجل و بدلا من هذا تملكها الارتباك . لم يخطر في بالها قط أنها ستقوم بهذه اللعبة المجنونة ...
و أخيرا ، وجدت صوتها : مساء الخير يا سيد هاركر ... لقد تأخرت قليلا ، لكن هذا غير مهم.
اعتذر بصوت لا يبدو فيه الاعتذار.
- عفوك سيدتي لقد طرأت علي حالة مستعجلة لكنني الآن ملكك.
ثم بسط يديه أمامها معلنا.
- كل شئ جاهز ، حتى إنني نظفت أظافري لأجل المناسبة.
و أدنى أظافره منها بأسلوب المزاح نفسه الذي يضايقها.
هتفت فجأة : يا ألهي ! أية أزرار هذه؟.
كانت تعلم أن ممثلا فاشلا لا يحتمل أن يشتري أزرارا ثمينة للقميص ، لكن هذه بدت سيئة حقا و كأنه اشتراها من بائع جوال.
قال بغلظة : ما بها ؟ إنها أحسن ما لدي.
اجابت و هي تبذل جهدها لتبدو مهذبة : لا تشكو من شئ ... إنها أعني ... إنها لا تتلاءم تماما مع ... عندي اقتراح ... انتظر لحظة .
أسرعت إلى غرفتها أزرارا أرادت أن تهديها لدايفد بمناسبة يوم مولده القادم . كانت من الفضة مرصعة بماسات صغيرة كلفتها مبلغا كبيرا . و ما أرادتها حتى خفق قلبها لكنها كبحت شعورها ، ثم أطبقت يدها عليها . عندما من المافق أن يمد يده ، رفع حاجبيه بدهشة . أزالت الأزرار الرخيصة ثم ثبتت الأزار الغالية الثمن مكانها ، بعد ذلك رفعت إليه عينيها فرأته يحدق فيها ، و شعرت بسخونة تمتلكها و هي تقرأ السخرية الهادئة في نظراته.
نظر إلى الماسات في أزرار القميص ، ثم التمعت عيناه و هو يرى الجواهر المرصعة في عقدها و قرطيها فتمتم يقول : أنا مسرور لأنني ألائم حليك.
رفضت التجاوب مع سخريته ثم قالت : هذه مفاتيح سيارتي ، سيدهاركر ، هل نذهب ؟.
عندما كشف الكارج عن سيارتها الفارهة ، قالت و قد أخذ الشك يتملكها : ربما من الأفضل أن أقود السيارة بنفسي.
و مدت يدها تستعيد المفاتيح ، لكنه لم يتحرك بل أدهشها بصوته الحازم: اصعدي إلى السيارة إنني هنا لمرافقتك ، و سأقوم بالمهمة على أكمل وجه. لا يناسبك أن تقودي السيارة بنفسك فقد يدرك الناس أنك استأجرتني .
اندفعت بعنف إلى المقعد المجاور للسائق ، ثم جلست بينما أخرج السيارة من الكاراج بخبرة تامة و كأنه يقوم بذلك يوميا . و تساءلت أين تراه تعلم هذه المهارة في قيادة سيارة قوية كهذه .
سألها : من أي طريق ؟.
- وسط لندن . توجه إلى (( ترافالغار سكوير )) ثم أدلك من هناك.
و عندما أصبحا في الشارع ، قال بعفوية : أي قصة نويها للناس ؟.
- قصة ؟.
- قصتنا . إذا سألنا أحد ، فلتكن إجاباتنا مطابقة . متى تعارفنا ؟.
- آه ، الأسبوع الماضي .
- إننا حديثا المعرفة . لماذا ليس الشهر الماضي ؟.
فردت بسرعة : كلا ، إنها مدة طويلة .
- فهمت ... كنت تخرجين مع شخص آخر حينذاك ؟ لماذا لم تخرجي معه هذه الليلة ؟.
- لأننا ... لأننا تخالفنا .
- من نبذ الآخر ؟.
- افتراقنا باتفاق مشترك.
- أتعنين انه هو الذي هجرك ؟.
- لم أعن شيئا كهذا .
- هل سيكون موجودا هذه الليلة ؟.
- ربما .
- الأفضل إذن أن تخبريني باسمه من باب الاحتياط .
فقالت بجمود : اسمه (( دايفيد كونر )).
- هل تدربت على رواية على رواية قصة تعارفنا ؟.
- كلا ... لا أدري ... سأفكر في شئ ما .
قالت ذلك شاردة الذهن و شعور بالتعاسة يزداد في نفسها .
- يدهشني أن أراك مشوشة التفكير . لقد اقتربنا من ساحة (( ترافالغار سكوير )) دليني على العنوان .
- إننا ذاهبان إلى (( كيتسبي هاوس )) . حذار !.
- آسف ، لقد انزلقت يدي على المقود .
قال ذلك بسرعة ، لكنه في الواقع تلقى صدمة قوية إذ لا بد أن معارفه غير قليلين في ذلك المكان . و اتخذ قرارا سريعا .
- الأفضل أن تعلمي أن اسمي الحقيقي ليس مايك هاركر .
- أتعني أنه اسمك الفني في المسرح ؟.
- كلا ، إنني ... لا بأس . اسمي هو (( ستيفن ليري )) . ها قد اقتربنا من المكان . أخبريني عنك بسرعة .

mero_959 19-03-09 10:51 PM

سمي (( جينيفر نورثون )) ، و أنا حفيدة (( بارني نورثون )) صاحب شركة ...
- فقاطعها : (( شركة نورثون للشاحنات و المستودعات )) ؟.

فقالت بدهشة : نع . و منظمتنا هي الأفضل من نوعها في البلاد ، و نحن ننتشر بسرعة في أوربا .
و تذكرت فجأة من يكون فأردفت : المعذرة للتطويل .
- نعم ، لا حاجة لتتحدثي عن أشياء معقدة قد لا تتمكن خلايا عقلي من استيعابها .
رفضت أن يهينها ، فقالت : توجه نحو المنعطف التالي فتجد موقفا للسيارات .
عندما أطفأ المحرك ، التفت جينيفر لتفتح الباب ، فأوقفها أمرا منه ثم نزل دائرا حول السيارة ليفتح لها الباب و قال بهدوء : انتظري فهذه مهمتي .
ابتسم وهو يمد يده ليساعدها على النزول ... ثم تمتمت : شكرا.
أوشكت قدمها أن تزل أثنا نزولها ، لكنه اسندها . و شعرت بتسارع خفقات ، فما كان منها إلا أن استدارت عائدة إلى السيارة لتأخذ وشاحها المخملي ، لكنه سبقها إليه فتناوله و وضعه بعناية حول كتفيها . لم تستطع كبح الرجفة التي سرت في كيانها حين رفعت عينيها فالتقتا بعينيه . كانتا تنظران إليها بحدة بعثت الاحمر في وجنتيها.
قال جادا : انت رائعة الجمال كما إنك حساسة ، و سأشعر بالزهو لأنك معي . كلا ، لا تقوليها! أنت لا تهتمين بذلك . حسنا ، لا يهمني إن اهتميت أم لا و إنما أخبرك بأنك ( ضربة قاضية ) !.
كان الحديث صعبا عليها لا تدري لماذا و لكنها أخيرا تمتمت : جيد أن أعلم أن مرافقي يرضى عني .
فقال بجفاء : أنا لست راضيا عنك ، فأنا غير راض عن هذا الوضع كله . امرأة بجمالك ما كان لها أن تستأجر رجلا لمرافقتها . فإن اضطرت لذلك لا شك أن حياتها ظروفا سيئة للغاية . لكنك رائعة ، قادرة على دفع أي رجل للقيام بما يندم عليه لاحقا ... كل ما أتمناه أن أملك الوقت لأكشف فيك عن تلك المتناقضات كلها .
فقالت و وجهها يلتهب : متناقضاتي لا تعنيك .
أجاب من دون اكتراث : إنها تعنيني إذا قررت ذلك . و لكن من المؤسف أنني لا أملك الوقت ! و الآن هيا بنا ندخل .
شاركت جينيفر في الكثير من النشاطات في قاعة (( كيتسبي هاوس )) ، و ألفت الأثاث الأحمر الداكن و الثريات المتألقة لكن بدت هذه الليلة كأنها ترى كل شئ للمرة الأولى . فالأضواء أكثر تألقا ، أثواب النساء الأخريات أكثر جمالا ، أما ملابس الرجال فبدت أكثر أناقة .
ذهبت إلى غرفة المعاطف لتودع فيها وشاحها . و عندما عادت وجدت ستيفن ينتظر عند أسفل السلم ، فانتهزت الفرصة لتتأمله من بعيد ، و تقارنه بسواه من الرجال . كانت المقارنة بأجمعها في صالحه فعلا . فهو أطول الموجودين قامة تقريبا . طبعا كتفاه هما الأعرض و شخصيته هي الطاغية . لكن أكثر ما فتنها فيه هو جو السلطة و الثقة بالنفس الذي يشع منه . فكيف لممثل عاطل عن العمل أن يمتلك هذا الجو ؟ لقد اتخذ بالطبع المهنة اللائقة به .. ثم اقتربت منه باسمة أن تخلق بينهما جوا لطيفا ، و قالت بحرارة : تهاني .
- على ماذا ؟.
- إنك تقوم بدورك على أحسن ما يكون ، و كأنك من هذا المكان .
قال بشئ من السخرية : شكرا . لكنني أشعر بشئ من الخجل بين كل هؤلاء الناس المهمين .
- إنهم ليسوا مهمين حقا ، بل يحبون فقط أن يتظاهروا بهذا لأنهم يملكون المال . انظر إليهم باستعلاء ، فيعتبرونك واحدا منهم . أتوقع لك النجاح التام هنا .
و ابتسمت بمكر ، فلوى شفتيه : لا تشعرين إذن بأنك مجنونة لآنك دخلت هذا الاتفاق ؟.
- بالعكس ، فأنا أظنني حصلت على صفة جيدة .
- أنا أيضا أشعر بأن تصرفي لم يكن سيئا .
صعدا السلم و دخلا قاعة الرقص الفسيحة ، و قد ازدحمت الآن بالناس . و على الفور ، لاحظ ستيفن بعينيه أن جينيفر غطت على كل امرأة في القاة . كما أنها تعرف كيف تختار عطرها فهو يدغدغ الأنف و يصل إليه دافئا .
تساءل من يكون الحبيب الذي لمس قلبها ؟ و كيف تتصرف معه ؟ هل يفيض وجهها رقة و تشع مشاعرها من عينيها ؟.
سارا خلال الجموع مبتسمين يردان التحيات . عرفه بعض الأشخاص ، و أمضى ستيفن وقتا متوترا و هو يحاول إبعادها عنهم و أدرك أنه سيكون محظوظا لو تمكن من مغادرة هذه السهرة دون أن ينكشف أمره .
- تعالي إلى ركن الشراب سأخبرك بأمر ما بعد أن أحضر أليك شرابا .
- أريد عصير برتقال بما أنني سأقود السيارة أثناء العودة .
قال ستيفن للعامل : أريد كوبين من عصير البرتقال .
و قال لجينفر ضاحكا : تحسبا لإمكانية تغييرك لرأيك .
قالت تتحداه : أتعني أنك تستطيع أن تغير رأي ؟.
- هل هذا ما عنيته ؟ شكرا لأنك أعلمتني هذا .
كانت عيناه تغيظانها ، فلم تستطع إلا أن تبتسم قائلة : هذا ما كنت تعنيه بالضبط .
و أخذت تنظر حولها و إذا بابتسامتها تتجمد . كان دايفيد يقف على بعد خطوات منها ...

mero_959 19-03-09 10:58 PM

الفصل الثاني
الأختبار الأول
تساءلت جينيفر مرار إن كان دايفيد سيحضر الحفلة ، و قد أدركت الآن أنها ظلت طوال الوقت تتوقعه سرا . خفق قلبها لمجرد رؤية ملامحه المكتملة الجمال تحت شعره الأشقر الكث.
حين التفت أليها قرأت ذهولا في عينيه ... بالتأكيد سيمد يده إليها في اللحظة التالية و بهدها تتلاشى خلافتهما كلها ... لكنه بقي جامدا و قد بدا عليه الاضطراب . و فجأة ظهرت فتاة شابة و وقفت بجانبه ، فأدار رأسه نحوها ملاطفا.
تسمرت جينفر في مكانها و الذهول يكتنفها . لقد ابتعد دايفيد عنها. ارتسمت في عينيها نظرة كئيبة و بدا المكان حولها خاليا حتى من ستيفن الذي كان يتأمل وجهها القريب.
انقبض قلبها و هي تفكر أن دايفيد وجد فتاة أخرى بسرعة . ثم ابتسمت له الفتاة ... كانت ابتسامة رقيقة صادرة من القلب أكسبت وجهها فتنة، و لم تستطع جينيفر أن تكبت شهقة صغيرة صدرت عنها . فسمعها ستيفن . و ضاقت عيناه اهتماما.
تمتم هامسا في أذنها : إذن هذا هو؟.
- من هو ؟.
- الفتى الجميل مع الفتاة الباهتة البليدة...
- لا أدري ماذا تعني بالفتى الجميل...
- إنه أسبه بتمثال من السكر على قمة كعكة الزفاف.
قالت بجهد : هل لنا أم نترك هذاالموضوع جانبا؟.
- لماذا؟ أنا هنا فقط لنريه أنك لا تهتمين به مثقال ذرة . دعينا نريه إذن...إلا إذا كنت خائفة؟.
أجابت بسرعة : لست خائفة طبعا.
ثم تقدمت من دايفيد و هي تقول: دايفيد ، ما أجمل أن أراك!.
تراجع دايفيد ، و هو يتمالك نفسه بدوره ... علمت أنه لم يكن يتوقع رؤيتها مع رجل آخر ، ثم قال : جينيفر ... يا لها من مفاجأة حلوة!.
- لكنك كنت تعلم أنني سأحضر .
- نعم ..... آه ، نعم طبعا ..... دعيني أعرفك إلى (( بيني )).
و جر المرأة الأخرى إلى الأمام ، فنظرت إلى جينيفر بخجل سرعان ما اتبعته بابتسامتها الحلوة.
و عنما تصافح الرجلان ، بدأت الثقة تعاودها . أصبح دايفيد يعلم الآن ، أنها لم تجلس في البيت تلفخا التعاسة و هي تترقب رنين الهاتف . و ليس من الضروري أن يعلم كم من المرات كانت على الكآبة.
و ابتسم ستيفن بحرارة مسرحية تكاد تكون بلهاء . تملكتها رغبة جنونية في الضحك ، و كأنهما ، تربط بينهما نكتة لا يفهمها سواهما ، حتى و لا دايفيد .
عبس دايفيد بضيق ، و ما لبثت (( بيني )) أن استحوذت على انتباهه فذهب معها . أما جينيفر فقد أبقت رأسها عاليا ، و ابتسامتها مرسومة على وجهها ، و كم كان ذلك صعبا للغاية !.
زينت القاعة خمسون مائدة مستديرة و لم تعرف جينيفر هل تسر أم تبتئس لجلوسها في مواجهة (( دايفيد)) و (( بيني )).
كانا مواجهتها تقريبا ، فتأملت كيف جذب كرسي بيتي ليجلسها عليها بشهامة . كان دوما مرافقا شهما في حفلات العشاء ، هكذا أخذت جينفر تفكر قبل أن تغرق في الكآبة..إنه حقا مرافق ساحر للغاية !. عندما حولت عينيها ، سألها ستيفن : حدثيني عن دايفيد كونر . ما عمله ؟.
- إنه يمكلك شركة صغيرة لصناعة معدات الماكينات.
- هل أنشأ الشركه بنفسه ؟.
- كلا . لقد تركها له والده .
شغلهما تناول الطعام لفترة ، أدى ستيفن أثناءها دوره إلى حد الكمال ، مهتما بكل ما تحتاجه ، باسما . ثم استهلت الخطابات بإلقاء الكلمات الرسمية المعتادة.
انتهى إلقاء الكلمات و تنفس الناس الصعداء . ثم بدأ بعضهم في التنقل من مائدة إلى أخرى . و مر بها شخص أو اثنان فتحدثا إليها . و عندما انتهت . لاحظت أن ستيفن يجلس مع دايفيد و بيني كما رأت دايفيد يتحدث بجدية بينما ستيفن سصغي إليه مقطبا جبينه باهتمام بالغ فتساءلت إن كان المسكين يحاول تغطية سأمه.
- قالت له: ما رأيك في مراقصتي؟.
- ليس على سيدتي سوى أن تأمر.
أجاب ستيفن بذلك و هو يقودها إلى الحلبة.
- لا تعرفين مقدار السرور الذي يغمرني حين أرقص مع امرأة يسمح لها طولها بالنظر في عيني ، إن عضلات رقبتي تتصلب في العادة.
- خطر لي أن أنقذك من دايفيد .
- أخائفة من أن يسمو حديثه الجاد فوق مستوى إدراكي ؟.
- ماذا اخبرته عنا ؟.
- إنني فتاك العابث.
- هل يمكنك أن تتحدث بجدية و لو لدقيقة واحدة ؟.
- سأخبرك الآن بجدية ! لست واثقا أنني سأساعدك على استعادته . قد ينتهي أمركما بالزواج ، فكيف أصفح عن نفسي عند ذاك ؟.
- ماذا تعني ؟.

mero_959 19-03-09 11:04 PM

إنه ليس بالرجل المناسب لك . ستتشاجرين معه دوما حتى على المرآة.
- يا لهذا الكلام الفارغ !.
- ليس كلاما فارغا يا (( جيني ))...
فقاطعته بسرعة : لا تتلفظ بهذا الاسم ! دايفيد فقط يدعوني (( جيني )).
- هذا اسم لا يناسبك ، على كل حال . (( جيني )) اسم طائر صغير بني اللون ، بينما أنتي عصفورة مغردة من عصافير الجنة.
فقالت بمرح : لا تكن واثقا من كلامك هذا ، فقد أستحيل غرابا ذات يوم .
انفجر ضاحكا ، فجذب بعض الأنظار ، بمن فيهم دايفيد . تلاشت ابتسامتها على الفور و هي تحدق في وجه ستيفن ، فبادر إلى القول متفهما : لا بأس ، إذا كنت تريدين اللعب بهذا الشكل ! إنك رائعة ، و أرجوا أن يدرك دايفيد هذا تماما .
- إنه مدرك طبعا.
- هل أتى على ذكر الزواج ؟.
فترددت : بطريقة ما .
- ماذا تعنين بذلك ؟.
أجابت كارهة: بأعماله لا بكلماته.
- لا تخدعي نفسك يا جينيفر . هذا قول تخدع النساء به أنفسهن ، فيعتقدن بأن الرجل قدم إليهن وعدا صريحا حين لا يكون ذلك صحيحا . أردته أن يخطبك رسميا بينما أحجم هو عن ذلك . هل هذا سبب خلافكما ؟.
- هذا لا يهمك.
- بل يهمني طبعا . فأنا حبيبك حتى منتصف هذه الليلة ، و غيور حتى الجنون من الرجل الذي تحبينه . إنك تحبينه ، أليس كذلك ؟.
- تماما.
- يا للحماقة ! و ما سبب الخلاف ؟.
كيف يمتنع هذا الرجل من توجيه الأسئلة ؟ يبدو و كأنه يملك قوة ساحرة تجذبها إليه و تجعلها رهن اشارته ، ولكن من الصعب أن تحدد شبب الخلاف لأنها هي نفسها غير واثقة من ذلك . كانا يتحدثان عن مشكلة صادفت دايفيد في شركته رأت الحل واضحا ، فسرها أن تساعده . و فجأة رفعت بصرها فرأته ينظر لإليها بشكل غريب . ثم سألها بهدؤء : هل تعلمين عن هذا الأمر أكثر مما أعلم ؟.
حتى ذلك الحين لم تكن تحس بالخطر ، فأجابته ببشاشة : كان ذلك يحدث مع جدي . اسمع عزيزي ، كل ما عليك أن تفعله هو ...
لكنه منعها من الكلام ، متهما إياها بأنها تحاول استلام المسؤلية .
أنكرت ذلك بغضب ، لكن الأمور ازدادت حدة بينهما . و عندما افترقا كانت المشاكل قد تفاقمت حتى ضاع السبب الرئيسي.
و أخيرا قالت : لم يكن الأمر يتعلق بالزواج .
- أنا مسرور لهذا . فأنت تستحقين رجلا أفضل منه .
- لا تقل هذا .
- هذا حسن .أحبك عندما تشع عيناك بهذا الشكل . لا تداوي على مراقبته ، و إلا أفسدت تأثيرك . ركزي اهتمامك علي أنا .أظنك ضربة قاضية لكنني أضيف إلأيك أيضا الشجاعة و الحيوية .
- هل تتحدث دوما إلى زبوناتك على هذا النحو؟.
- زبوناتي ... ؟. آه أنا لا أفعل ذلك كثيرا . بل أميل إلى مجابهة الآخرين بالحقيقة الصريحة بدلا من المجاملة المعسولة . ابتسمي لي فهو ينظر إلينا .
منحته جينيفر أكثر الابتسامات اشراقا فردها لها بالمثل و هو ينظر في أعماق عينيها ، قائلا : هذا عظيم ، إنما انتبهي ، فأنت أكثر تاثيرا عندما تغضبين .
- إذا تجرأت على القول إنني أبدو جميلة أثناء الغضب ، سأدوس على أصابع قدميك .
- أعدك بألا أقول شيئا كهذا .
- هذا جيد .
- حتى و لو كان صحيحا .
رأته يوشك على الضحك فلم تستطع منع نفسها من التجاوب معه ، و سرعان ما كانا يضحكان معا ثم قالت بمرح : آه ، اذهب الى الجحيم.
- هذا أكيد . عندما تكونين معي يمكنني الذهاب إلى النار و العودة منها.
و اتجهت عيناه صوب دايفيد ثم تمتم يقول : يبدو قلقا عليك.
- من ؟.
- دايفيد ، لا تقولي إنك نسيتي ذلك المسكين؟.
- كلا . طبعا .
قالت ذلك بسرعة . لكنها حقا استغرقت في هذا الرجل بكامل جوارحها حتى نسيت دايفيد لقترة قصيرة .
و فجأة دنا منها ستيفن ثم همس في عينيها : دعينا نقلقه حقا . ثوبك هذا يعجبني.
اضطربت و تملكها الذعر عندما شعرت باحمرار وجهها . كانت واحدة من تلك المحظوظات اللاتي تحمر وجههن بشكل جذاب فغمرها بنظرات مهتمة ، ثم قال : إنك أجمل امرأة هنا.
فهمست: كفاك تملقا .
- لكنك تدفعين لي أجر هذا الكلام .
فصعقت . لقد أوقعها هذا الرجل بسحره ، حتى نسيت أنه مجرد وهم اشترت مجاملاته بنقودها بينما هي لا تعني له شئ . تمتمتبصوت مرتجف : حسنا ، ما دمت تحت امرتي ، فأنا آمرك بالسكوت.
- لقد استأجرتني لكي أجعل دايفيد يغار . و هذا ما سأفعله.
أجابت بسرعة ، و هي تتذكر ما قاله أخوها تريقور : بل استأجرتك لمصلحة الشركة.
- هراء . إنا فائدة ثانوية فقط ، فدايفيد من يهمك أمره . مع أن هذا لغز يحيرني.


mero_959 19-03-09 11:12 PM

رفع ذقنها باصبعه . لم تستطع مقاومته ، و فجأة أخذ قلبها يخفق بعنف. حاولت تجاهل أحاسيسها و التفكير في الدور التمثيلي . لكنها لم تستطع أن تتذكر ما هو الدور ، او لماذا تقوم به . بدت و كأنها تسبح في حلم.
أذهلها هذا الإحساس الذي تملكها . يجب أن تتوقف عن هذا عليها أن توقفه لكنها لم تأت بأي حركة ، و كأنها لم تستطع الكلام .
و تملكها شعور مدمر و كأنها فقدت السيطرة على نفسها.
فقدت كل إحساس بالزمان أو المكان . لم تعد تسمع الموسيقى ، أو ترى الراقصين الآخرين يدورون حولها بل كانت شبحا في الفردوس في رقصة يا ليتها تدوم لنهاية العمر ! و بدأ قلبها يخفق بعنف حتى صعب عليها التنفس.
همست : دعني أذهب.
قال ببطء : لو عاد الأمر لي لما تركتك تذهبين أبدا . لاختطفتك إلى مكان لا يعثر عليك فيه أحد ، ثم لاكتشفت أي نوع من النساء أنتي حقا . و قد يكون الجواب مفاجأة لك أنتي أيضا.
- ما أشد جرأتك !.
- هذا غريب ، أليس كذلك ؟ لكنني أصبحت أعرف عنك ما لن يستطيع دايفيد كونر أن يعرفه أبدا . أنا أعرف ما أريده منك ، أكثر منه.
ذعرت و هي تشعر بكلماته ( أعرف ما أريده منك ) ...كان في صوته عزيمة فولاذية لم تسمعها من رجل . لقد أحبت دايفيد لرقته و طباعه الحلوة لكنها في أعماقها شعرت بأنه يفتقر العزيمة . و مع أن العزيمة لم تكن تهمها إلى هذا الحد ، لكن مع هذا الرجل القوي الإرادة شعرت بتجاوب بعث الرجفة في أوصالها و ملأها حذرا.
سمعته يتمتم بكلمة (( تبا لهذا )) . ثم تبددت الأحلام بعد أن أدركت أن الموسيقى توقفت . انسحب الراقصون شيئا فشيئا أما هي فبقيت بجانب ستيفن ليري ، تتأمل الصدمة في عينيه و هي تعكس الصدمة في عينيها ... لن يعودا إلى سابق عهدهما أبدا !.
و في الساعة التالية ، انشغلت جينيفر تلقائيا بالمناقشات التجارية و رأسها يدور نتيجة تلك المواجهة المدمرة مع ستيفن .
من زاوية عينها لمحته يرقص مع بيني . و أخيرا أقبل إليها مرة أخرى ، قادها إلى البوفيه قائلا: لا بد أنك بحاجة ألى بعض المرطبات . و كذلك أنا ، فقد كنت اعمل من لأجلك.
فقالت بلهجة ذات معنى: رأيتك فعلا ترقص مع (( بيني )) .. كيف وجدتها؟.
- إنها ترقص باحتشام تام ، بينما أفضل المرأة التي ترقص و كأنها تتبادل الغزل مع مراقصها.
و بدا التحدي في عينيه ، فقالت جينيفر و هي تغطي موجات حرارة أخذت تتملكها : يمكنني تصور ذلك . هل هذا هو العيب الوحيد الذي وجدته في (( بيني )) المسكينة ؟.
- كان حديثها لا يخرج عن كلمتي ( نعم ) و ( كلا ) ... كما أنها تخطئ في خطواتها ، فيما أنظارها لا تفارق دايفيد ...
بالمناسبة هي سكرتيرته ، و لم يدعها إلى الحفلة إلا بعد ظهر اليوم .سمعها تتأوه بارتياح ، فقال بخبث: يبدو و كأنه ترك الأمر إلى آخر لحظة ... لعله رجا أن تتصلي به . لكنه لا يفهمك لأنه أناني ، و هو يشعر بسعادة أكبر مع فتاة لا ترتقي إلى مستوى جماله . كان الفراق قدرا لا مهرب لكما منه ، أنتما الأثنان.
- أنا و دايفيد لم نفترق نهائيا.
- بل هو نهائي إذ تدخلت (( بيني )) في الأمر ، فهي حريصة عليه.
فاندفعت تقول بحرارة : يمكنني استعادته متى اشاء.
- و لكن هل يستحق ذلك ؟.
أجابت بمكابرة : نعم .
- لا بأس . هيا بنا .
ثم قادها إلى حيث كان دايفيد و بيني يتحدثان ، و بظرف جذب بيني بعيدا ، تاركا دايفيد لجينيفر فأخذ نفسا عميقا و سألها بأدب : كيف حالك ؟.
كيف حالها ؟ و تاهت بها الذكريات ... كانت متلهفة إلى اتصال هاتفي منه ، و تحطم قلبها من طول الانتظار ... كم بكت وحدها و كم حاولت أن تخفي دموعها عن الناس من دون أن تفهم ما هي غلطتها!.
و مع ذلك أجابت ضاحكة: حسنا ، إنك تعلم كيف هي الأعمال في هذا الوقت من العام .فالملفات تتكدس علي. أظن الأمر نفسه يحدث معك.
أخذ يبحث عن النظرة القديمة في عينيها قبل أن يجيب موافقا : هذا صحيح ، فقد كنت مشغولا تماما . وفي الواقع ، كنت مسافرا معظم الأسبوعين الماضيين لهذا ما كنت لتجيدني لو اتصلتي بي.
ردت بتوتر: كلا ، لم اتصل في الحقيقة .
- طبعا لم تتصلي ... لم أعن ... حسنا ، على كل حال...
أنهى كلامه و هو يهز كتفيه بعجز ثم ابتسم ، أما هي فحبست أنفاسها و قد اجتاحتها هذه الابتسامة التي أضاءت وجهه الوسيم.اندفعت تقول وهي تمد يدها له : دايفيد.
سرعان ما يهتف باسمها هو لآخر و يتلاشى الجفاء الذي بينهما.
- لا تضيعي الوقت بالحديث يا عزيزتي ، السهرة ما زالت في أولها.
- لكن الصوت صدر عن ستيفن الذي ظهر بجانبها من حيث لا تعلم .
و قبل أن تعترض كان قد سحبها إلى حلبة الرقص.
قالت ساخطة لماذا فعلت هذا ؟ كان دايفيد على وشك أن ... ما تظن أنك تفعل ؟.
- أنقذك من اقتراف غلطة شنيعة . كنت أنظر إليكما و لم يكن هو على وشك أن ... بل أنت التي كنت على وشك أن ترتمي عند قدميه.
- ليس هذا من شأنك.. أعني ما كنت لأفعل هذا.
- و لكن وجهك قال لي شيئا آخر . هل هذا كل ما يحتاجه الأمر ؟ أن يمنحك تلك الابتسامه الصبيانية الصغيرة ، فإذا بعقل المرأة يطير؟ .
- دعني أذهب حالا . لم تعد صالحا لشئ.
و اخذت تكافح للتخلص منه لكنه منعها و هو يقول : كان عليك أن تشكريني أيتها المرأة الجاحدة ! لو إنك انهرت عند أول اختبار لما استعدت علاقتك به أبدا.

mero_959 19-03-09 11:21 PM

- ماذا تعني بكلمة اختبار؟.
- هذا أول لقاء يجمعكما بعد الخصام ، فكنت أنت أول من تهافت . أراهن على أنه كان يتحدث عن نفسه . ليس عنك أو عنكما معا بل عن نفسه فقط . إنه يبدو من أولئك المعتوهين الذين يظنون أن كل الطرق تؤدي إليهم .
فضلت الموت على الاعتراف بأنه على صواب . لكن قلبها يتلوى ألما و خيبة ، فدايفيد كما توقعت و جرحت كرامتها بعد ان شهد ستيفن على ذلك.
- لماذا تقع امرأة مثلك في غرام رجل ضعيف ؟.
- ليس ضعيفا . لكنه ليس متغطرسا ،إذا كان هذا ما تعنيه . بعض الرجال لا يشعرون بالحاجة للغطرسة ، المسألة تتعلق بالنفس.
- و ماذا فعلت لكي تدمري ثقته بنفسه؟.
قالت بحدة : هذا كلام حقير!.
- و أقرب إلى الحقيقة!.
و فجأة شعرت بأنها نالت هذه الليلة أكثر مما تتحمل، فقالت : أظن وقت الرحيل قد حان.
- حسنا . سنخرج بعظمة . ارفعي رأسك !.
قادت جينيفر السيارة بصمت و قطعت قرابة الميل قبل ان تسأله : أين تريدني أن أوصلك؟.
- أنزليني فقط عند محطة الباص التالية.
- أنا مستعدة لأخذك إلى بيتك.
- شكرا ، لكن الباص سيقوم بالمهمة.
فقالت بصبر: لا حاجة بك للمعاناة . أخبرني بمكان إقامتك.
- هل علينا أن ننهي تعارفنا بالجدل ؟.
فقال باكتئاب: و ما اهمية ذلك ؟ فالسهرة كلها كارثة.
- ليس السهرة كلها. فقد مرت لحظات من التسلية.
ذعرت و هي تشعر بوجنتيها تلتهبان للذكرى . و لتتأكد من انه لن يلاحظ ذلك ، قالت: إنسها ، يا سيد ليري . فقد سبق و نسيتها أنا.
هذا ما لا أصدقه.
هذه أمور تحدث ، فينجرف الناس معها . لكنها لا تعني شيئا.
- هل تتصرفين هكذا مع كل رجل تلتقينه ؟ عار عليك.
انتبهت إلى السخرية في صوته ، فجاهدت لتصون كرامتها.
- تعلم ما اعني . لقد انتهت الليلة و لن نجتمع مرة اخرى أبدا.
- أتظنين؟.
- نعم ، ما دمت أستطيع أن امنع ذلك.
- قد يرى الرجل المتهور في ذلك تحديا له.
- لا تجرب.
- أراهن على أنك ستتصلين بي قبل نهاية الأسبوع.
- لقد وصلنا إلى محطة الباص ، تصبح على خير يا سيد ليري.
و عندما وقفت عند المنعطف ، أخذ ستيفن ينزع أزرار كمي القميص الذهبيين: الأفضل أن تستعيدي هذه.
لم تشأ ذلك فهي لن تهديمها إلى دايفيد بعد الآن ، فردت بمزيج من الضعف و الخيبة : لا حاجة بي إليها . احتفظ بها لتعزيك بخسارتك للرهان . ستجلب لك ثمنا جيدا.
كان ستيفن قد فتح الباب الآن ، فقال لها ببرودة:بل أحتفظ بها كتذكار منك.
- أفضل ألا تفعل هذا . أريد أن أنسى كل شئ عن هذه الليلة.
قالت ذلك و هي تتمنى لو يذهب و يتركها لأحزانها ، فأجابها بحزم : لكنني لا أريدك ان تنسيني.
همست بصوت مبحوح: كفى.
- لا أريد أن أنتهي ، و كذلك انتي.
حاولت ان تنكر هذا ، أن ترفض سيطرته التي اعتبرتها أمرا مسلما .... لكن قلبها عاد يخفق بشدة و ضاعت منها الكلمات . ودون
وعي تنظر إليه شعرت به يتوتر ، ثم سمعته يقول : كيف لرجل مجهول أن يكون له هذه القدرة على التأثير فيك ؟.
فصرخت به : ليس مفروضا منك ....
فقال بغضب: تعنين أنه لا يجدر بالمرافق المستاجر أن يقترب منك ، أليس كذلك؟.
صرخت بصوت مرتجف : اخرج من السيارة ، اخرج حالا . هل تسمع ؟.
- نعم ، ربما من الأفضل أن أهرب ما دمنا سالمين.
خرج و اغلق السيارة ، و ظل ينظر إليها من خلال النافذة المفتوحة ثم تابع: إلى أن نتقابل مرة أخرى.
- لن نتقابل أبدا.
- فرد بخشونه: لا تكوني حمقاء . إنك أكثر حمكة من ذلك .
لم تملك سولا طريقة واحدة لإسكاته ، فداست على البنزين و انطلقت بالسيارة ، و عندما نظرت من المرآة الخلفية رأته ما زال واقفا هناك ينظر إليها و العبوس يكسو وجهه.

mero_959 19-03-09 11:28 PM

الجزء الثالث
يوم ولد ستيفن
في الصباح التالي ، وصلت جينيفر الى مكتبها متأخرة لإنها لم تنم إلا بعد قضائها الليل تتقلب على فراشها أرقة . شعرت بالذعر تفكر كيف استسلمت لجاذبية رجل لا تكاد تعرفه . ثم غفت أخيرا لتستيقظ و في ذهنها حقيقة واحدة : ألا ترى ستيفن ليرى مجددا إذ يمكن لهذا الرجل أن ينسيها نفسها و من تكون .
إنها حفيدة (( بارني نورثون )) الناجحة الرائعة الجمال و هي قرة عينة . لكنها أيضا تلك التي تؤوي الحيوانات الشريرة الضالة ... لماذا ؟ لأنها تشعر أنها هي نفسها أسبه بالضالة الشريدة . و لولا هذه الحيوانات لشعرت بحياتها فارغة موحشة . و ها هي الآن امرأة عاملة في القمة و قد سئمت العمل . في أعماقها ما تزال تلك الصبية ذات العشر سنوات التي هجرها أبوها من دون أن يلتقي عليها نظرة واحدة ، و كم كانت شغوفة به !.
فكرت في دايفيد الذي أحبت فيه الرقةو اللطف ، بينما لم يعجب به أحد من أسرتها . قال جدها إنه ممل ، أما تريقور فكان أكثر جرأة في تفسير ذلك : لن يشعل أبدا نهر التايمس.
لكنها لم ترد رجلا يشعل نهر التايمس ، بل إنسانا أن تعتمد على ثباته . و قد ناسبها دايفيد من هذه الجهة تماما . كان كذلك على الاقل ، إلى حين خلافهما ... لكنه ذنبها أيضا كما أكدت لنفسها ، فقد جرحت كرامته بطريقتها الخرقاء في تقديم المساعدة . و عندما يتراضيان ستكون أكثر أكثر حذرا.
دايفيد رجل مسالم جدير بالثقة ، صحيح أنها تمنت أحيانا لو كان أكثر حزما ، خاصة حين يمس ضعفه قلبها . لكنها تحمل في أعماقها قوة هادئة .
و على قدر ما تحتاج إلى رجل تعتمد عليه ، فهي أيضا بحاجة إلى رجل يعتمد عليها ، إذ لا يمكنها أن تتخلى عن أي شخص بحاجة إلى حمايتها . و هكذا لم يكن على دايفيد سوى أن يبتسم قائلا : ماذا كنت لأفعل من دونك ؟ حتى تذوب أمامه حبا و حنانا ، و لهذا أحبت دايفيد بكل جوارحها . و لهذا أيضا لن تقع في حب ستيفن على الإطلاق ، فهو لا يملك ما ينبئ عن ضعف في شخصيته .
أما ما حدث بينهما فشعور مختلف ...كان أشبه بتحذير من حواسها لئلا تقع في شباك الرجل غير المناسب .
وصلت المكتب باندفاع و نشاط و بالكاد لاحظت نظرات موظفيها ترمقها بفضول . كالعادة ، استهلت مهماتها بتفقد أسعار أسهم الشركة . و ما أنجزت هذه المهمة حتى جلست تحدق في شاشة الكمبيوتر و هي تقطب جبينها .
- لا يمكن أن يكون هذا صحيحا . لماذا ترتفع أسعارنا إلى هذا الحد منذ أمس ؟.
لكن الأرقام نفسها عادت إلى الظهور ، و في الدقيقة التالية رن الهاتف بجانبها و إذا بتريقور يقول لها : الأفضل أن تأتي إلى هنا و تعلمينني بما يجري.
اجتازات جينيفر الممر إلى مكتبه و قد تملكتها الحيرة ثم قالت له و هي تغلق الباب خلفها : لم أفهم أيا من هذا .
- إنني أتحدث عنك و عن شركة (( مشاريع تشارترز )).
- ليست لي أية علاقة مع (( مشاريع تشارترز )).
فأجابها تريفور ساخرا : آه كلا ؟ كما أنك لم تكوني مع مديرها الليلة الماشية ، كما أظن.
- إنك تعلم أني كنت الليلة الماشية .. في الحفلة مع مايك هاركر ..... كلا ، انتظر ... قال إن اسمه الحقيقي هو (( ستيفن ليري )).
- إذاا أخبرك بذلك ، و لم تسمعي صفارات الإنذار ؟.
و ألقى تريفور صحيفة على مكتبة ، فاتسعت عينا جينيفر و هي ترى صورتها و ستيفن يرقصان . أما التعليق تحت الصورة فيصف تفاصيل الحفلة ، كما تحدث عنها و هن (( ستيفن ليري )) مدير شركة (( مشاريع تشارتيريز )) ، و مالك أكبر قسم من الأسهم و مهندس نجاحها الرئيسي.
قال تريفور: يظن الناس أننا نتعامل مع شركة (( تشارتريز )) و لهذا ترتفع أسهمنا بشكل سريع...
قالت بذهن شارد: لا أفهم هذا . لقد أخبرني أن (( مايك هاركر )) هو ممثل فاشل.
فرد أخوها و هو يصرف بأسنانه : لكن هذاليسمايك هاركر .
- حسنا ، إنه الرجل الذي ظهر على عتبة بابي . هذا .... أنا لا أفهم . لقد وقفت و تحدثت مع عدة رجال .
- مثل هذا ؟.
وضع تريفور إصبعه على صورة إخرى فتنفست جينيفر بحدة و قد فهمت ما يعني ، لقد التقطت الصورة عندما كان ستيفن يراقصها .
أخذت تتأمل الصور بذعر . كيف كانت تنظر إليه بتلك الطريقة ؟ و هو ؟ هل فقد رشده هو أيضا ؟ أم تراه يضحك لأنه نجح في خداعه ؟.
قالت عابسه : أظنني سأتحدث إلى السيد هاركر ... أو ليري .... لأو مهما يكن اسمه.
اتصلت بشركة (( مشاريع تشارتيريز )) فردت عليها السكرتيرة ، و بسرعة أمرتها جينيفر: أبلغي من فضلك السيد ليري أنني لا أعرف ما هي لعبته ، لكنني سأعرفها حتما .
* * * * * * * * * * *
وصل ستيفن إلة مكتبه فوجد الصحيفة ملقاة على طاولته ، و موظفيه مغتبطين لهذا الانقلاب المفاجئ . كانوا يعلمون أن ستيفن يفاوض منذ مدة لشراء شركة (( كير كسن ديبوتز )) الواقعة في نفس منطقة (( نوثون )).
لكن كير كسن يظل يطلب ثمنا مرتفعا للغاية . و هكذا افترض الكل الآن أن ستيفن يقوم بلعبة خفية .

mero_959 19-03-09 11:35 PM

أمعن النظر في الصورة ، و تأمل ثوب الساتان الذي يغطي جسد جينيفر . أما هي فكانت ترفع بصرها إليه ، و كأن مرافقها هو الرجل الوحيد في العالم .
تريده أن يعتقد أن هذا كله مجرد تمثيل ، و ذلك من أجل رجل آخر ، و قد كاد يخدع تقريبا .... حتى آخر لحظة في السهرة ...بإمكانها أن تنكر قدر ما تشاء فهو يعلم الحقيقة الآن .
فتحت سكرتيرته الباب . أليس امرأة كفؤ في منتصف العمر .. فقالت : جايمس كير كسون هنا.
أطل جايمس كير كسون و هو يتفوه بكلمات مثل التراضي و إعادة التفكير ، أما ستيفن فقد أخفى ملامحه خلف ستار من الجمود ليغطي شعوره بالفوز . بعد دقائق ستصبح شركة (( كير كسون ديبوتز )) ملكه ، و ستكون هذه أنجح صفقه له . لكن الهاتف قطع عليه حبل أفكاره و إذا بصوت أليس يقول : إنها الآنسه (( نوثون )) . إنها غاضبة جدا و هي في طريقها ألينا .
ألقى ستيفن نظرة على كير كسون ، ثم اتخذ قرارا مفاجئا : عندما تصل قولي لها إنني مجنون بحبها .
- حسنا جدا يا سيدي.
- بعد ربع ساعة بالضبط ، انفتح باب أليس و دخلت جينفر و هي تقول بحزم : أريد رؤية ستيفن ليري.
- هذا غير ممكن مع الأسف . ألا تتفضلين بالجلوس؟.
- وقتي لا يسمح لي بالجلوس . إن رئيسك رجل متستر مرواغ ..
- لا بد أنك الآنسة نوثون ؟.
- نعم ، هذا صحيح .
فقالت أليس بجمود : في هذه الحالة ، السيد ليري يحبك حتى الجنون .
تسمرت جينيفر في مكانها و اخذ رأسها يدور و بلحظة واحدة توهج العالم و اندفعت النجوم في الفضاء . لكن سرعان ما عادت حواسها إليها و أدركت أن ستيفن يهدف إلى خدعة ما ... سألتها و هي تلوي شفتيها : هل يوظفك عنده لكي تقولي مثل هذه الاشياء ؟.
- نعم ، في مناسبة كهذه .
- مهما بلغ ما يدفعه لك فهو غير كاف .
- أوافقك على هذا . أتريدين قهوة ؟.
- ما أريده منك هو رأس ستيفن ليري على طبق . لكن أفضل أن أحضر ذلك بنفسي.
تحركت السكرتيرة نحو الباب ، لكن جينيفر أسرع منها ، إذ اندفعت إلى مكتب ستيفن و هي تصرخ : كيف تجرؤ على إخبار الصحافة كل ذلك الكلام الفارغ عنا بينما تعلم جيدا ...
لم تقل أكثر من هذا ، لأن ستيفن ترك كرسيه مندفعا نحوها ليمنعها من الكلام .
ما زاد من سخط جينيفر و ثورتها قوله لها : المتعة مع العمل ، يا حبيبتي .
ثم أخفض صوته متابعا بسرعه: أظهري لي حبك ، أرجوك .
فأجابت : و لا بعد مليون سنة.
- إنك تبدين رائعة و أنت غاضبة .
لكن احساسها بقربه منها جعل العالم يدور حولها فعجزت عن التفكير أو القيام بأية حركة ... كانت تلك الاحاسيس في داخلها تفجر فيها ما هو أقوى من الغضب .
لكنها لحظة و انطفأت ، استعادت بعدها جينفر رشدها . فابتعدت عنه و قلبها يخفق بعنف .نظرت إلى وجهه متوقعة أن ترى بريق الفوز ، لكنها ذهلت و هي تلمح صدى مشاعرها هي . كانت عيناه تلمعان بوميض غريب ... قال بصوت مبحوح : جينيفر ... دعيني أقدمك إلى ... أين هو ؟.
أجابت أليس من عند العتبة : تسلل السيد كير كسون خارجا أثنا انشغالكما.
قال ستيفن ثائرا و هو يترك جينيفر بسرعة لا تليق بالمحبين: تبا لذلك كان على وشك الخضوع.
- اتجرؤ على لومي؟.
- لو أنك ام تدخلي لاشتريت شركة كيركسون بثمن بخس.
- شركة (( كير كسون ديبوتز))؟ إذا فهذا هدفك من مرافقتي الليلة الماضية ؟.
- كلا ، أبدا . كان الأمر مجرد مصدافة .
- هذا غير صحيح .
- لا تكذبيني . عليك أن تجيبيني عن الكثير .
- أنا ...؟
- لقد أفسدت علي صقفة كانت ستجلب إلى الشركة مبلغا كبيرا.
- صفقة ما كانت لتحصل لو أنك لم تخدعني .
قال وهو يصرف بأسنانه : أنا لم أخدعك . إن مايك هاركر صديق بدا لي نصف ميت من الأنفلونزا ، و هكذا أخذت مكانه ، هذا كل شئ.فتحت أليس الباب مرة أخرى : مخابرة تليفونية للآنسة نورثون . حولتها إلى المكتب.
رفعت جينيفر السماعة و قد تملكتها الحيرة ، فوجدت نفسها تتحدث إلى أخيها و هو يقول متذمرا : لقد اندفعت إلى الخارج م دون تفكير ... اتصل بنا جدنا ، لقد طار فوق السحاب من شدة الفرح و هو يرى ارتفاع سعر الأسهم .
- آه ، كلا !.
قالت ذلك بصوت منخفض فعند إنشاء الشركة كان حلم جدهما أن يرتفع سعر الأسهم ، و هاذقد أبصر حلمه النور.
- طلب منك أن تدعي ستيفن ليري إلى العشاء.

mero_959 19-03-09 11:41 PM

فقالت لستيفن : انظر ماذا فعلت ! إن جدي يدعوك للعشاء .
- حسن جدا ن لقد قبلت الدعوة .
- و هذه القص الجنونية ، أين ستنتهي ؟.
فقال بخبث : من يعلم ، و لكن من الممتع أن نعرف .
ثم تناول السماعة من يدها و أخذ يتحدث : يا سيد نوثون ، يسرني قبول دعوتك .
رفعت جينيفر سماعة التيلفون الثانية : فسمعت تريفور يقول : لقد دعانا جدي جميعا إلى بيته بعد الغدر. و هو يرجو ألا تمانع فب أن تكون زائدا عن العدد.
اجاب ستيفن : يمكنني أن أصحب أختي لكي تقوم بحمايتي أيضا .
- من الطبيعي أن يزداد سرورنا بأختك ، يا سيد ليري ، هذا إذا كنت لا تظنها ستسأم .
- (( مادونا )) فتاة جادة تماما ، و هي تحب كسب المال . أنا واثق من أنكمما ستنسجمان تماما.
- سأترك لجينيفر أن ترتب الأمور معك.
و أقفل الخط.
نظر إلى عيني جينيفر الساخطتين ، و قال : إنني متشوف للتعرف إلى أسرتك ... سأخبر أختي.
قالت جينيفر : إن جدي يحب ابتداء المساء الساعة الثامنة.
- سنكون هناك عند الثامنة . والآن ، مالذي تودين فعله؟
قال ستيفن ذلك بتأمل و كأنه يحدث نفسه.
أخيرا قالت و هي تحاول أن تبدو هادئة : ما أود أن أفعله فعلا هو خارج حدود التهذيب . عندما أفكر في تصرفاتك الليلة الماضية ، عندما جعلتني أظنك مجرد ممثل فقير .. ثم أخذت الأزرار الثمينة تحت ستار ادعائك ذاك ...عليك أن تعيدها إلي .
- هذا غير ممكن ، فقد أعطيتها لمايك هاركر.
- فقالت بصعوبة : لقد حان وقت ذهابي .. سأراك أثناء حفلة العشاء.
- و أنا متشوق لذلك .

* * * * * * * * * *
هذه المرة كان الحظ وحدة قد أسعف ستيفن حتى يمر بمنزل جينيفر في المساء التالي . فقد كان يزور أحد زبائنه المهمين و إلا لما صادف وجوده في تلك الناحية أبدا.
خطر له أن ينزل لزيارتها . سيكونممتعا أن يراها على طبيعتها ، و الأحسن من ذلك أن يفاجئها . و بما أنه كان صادقا مع نفسه ، فقد اعترف بأنه سيسر بهذه الزيارة.
لكن الحظ انقلب على الساحر كما يقال . لقد توقع شتى أنواع الترحيب إلا ذاك الذي حصل عليه فما إن رن جرس الباب حتى سمع وقع أقدام تتسارع . و إذا بالباب ينفتح و تبدو جينيفر و هي تقف على العتبة و تتكلم بسرعة و قد بدا عليها الارتياح : الحمد لله أنك هنا.آه ، رباه ، أنت وحدك!
كانت النساء عادة تستقبل ستيفن بطرق نختلفة تتراوح ما بين : يا حبيبي ، ما أروع هذا – إلى – كيف تجرؤ على أن تريني وجهك مرة أخرى ؟ ... و لكن رباه أنت وحدك !! هذه جديدة عليه.
- نعم ، هذا أنا . أظنك تتوقعين سواي .
و من دون أن تجيبه ،مرت بجانبه ثم نزلت إلى ممر الحديقة و منه إلى الشارع . و عندما لم تر أحدا عادت أدراجها محبطة .
لم يكد ستيفن يعرفها . فقد كانت تلبس بنطلون جينز قديما و قميصا لا شكل له غطى جسمها ما عدا ساقيها ، فلديها أطول ساقين رآهما لامرأة.
كان وجهها خاليا من الزينة و شعرها مسترسلا و كأنها كانت تنكشه سخطا و قلقا . بدت مختلفة تماما عن تلك المرأة الانيقة الرائعة التي عرفها في الحفلة ، ـو ذلك الملاك المنتقم الذي اقتحم عليه مكتبه.
قالت نائحة و هي تعود إلى بيتها و تغلق الباب خلفها : هذا فظيع.
رد بشئ من الضيق: شكرا . آسف لكوني مصيبة حلت عليك.
حاولت أن ترجع شعرها إلى الخلف لكنه عاد فغطى جبهتها : ليس ذنبك .
- من كنتي تتمنين أن أكون ؟.
فقالت بحدة : البيطري .. (( مخالب )) على وشك الولادة .
- مخالب ..؟.
- إنها قطتي . ليست قطتي بالضبط ، و ؟إنما جاءت إلى بيتي تبحث عن مأوى ، ثم استقرت فيه ، و ام أكن أعلم أنها حامل . مؤخرا أخذت تتصرف بشكل غريب ، و فجأة أدركت مبلغ بدانتها...
- ماذا تعنين بقولك تتصرف بشكل غريب ؟.
- أخذت تحفرا حفرا في الحديقة و تجلس فيها . ثم إنها تلهث و كأنها تتألم .
- أين هي ؟.
- استطعت أن اعيدها إلى صندوقها في الغرفة الأمامية .
تابع إشارة اصبعها . ثم توجه إلى توجه إلى حيث القطة ، قابعة في صندوق من الكرتون و حولها الوسائد . أخذت مخال تنظر اليه بلهفه ركع على الارض بجانبها و أخذ يتحسس بطنها .
- نعم إنها حبلى بأربعة على الأقل .
سألته برجاء : هل تعرف شيء عن القطط ؟ .
- في صغري ، كان لجارتنا قطة تلد كل ستة أشهر . كانت تأتي دوما لحديقتنا لكي تلد . و هكذا اعتدت عليها دائما . لطالما فضلت الجرائد.
- هذا حسن .
هرعت جينيفر إلى المطبخ ثم عادت برزمة من الجرائد ، أما ستيفن فوضعالقطة بين ذراعي جينيفر . و رفع الوسائد من الصندوق ، ثم أخذ يبطنه بالصحف . و عندما عادت مخالب إلى الصندوق أخذت تتشمم حولها ، ثم استقرت و بدا أنها تنظر إلى ستيفن بثقة.

mero_959 19-03-09 11:49 PM

سألته جينيفر بابتسامه مرتجفة : إنك تعلم بما تفكر القطة . الحمد لله لوجود شخص خبير بالهررة.
- ما دامت هي راضية . لكنني سأكون أكثر سرورا لو أحضرت بيطريا.
- من المفروض أن يكون هنا ، لقد ظننتك هو . هل لك أن ترعاها ريثما اتصل به و أتحقق من سبب تأخره ؟.
ثم توارت قبل أن ينبس بكلمة.
قال ستيفن يحدث القطة: لإنها مجنونة . كيف لم تلحظ أنك حامل ؟ ها إنك في حالة صعبة .
كانت القطة قد عادت تتألم ، و اخذت تلهث بسرعة .
صاح ستيفن: أخبريهم بأن يسرعوا.
فعادت إليه قائلة : يجهل الجميع مكان البيطري . لقد غادر عيادته منذ نصف ساعة . عليه إذا أن يكون هنا الآن ، لكن يبو انه ذهب مع الريح ...ماهذا ؟ هل تأكل مخالب سجقة ؟.
فأجاب : لا إنها قطيطة أنجبتها منذ دقيقة . و هي تلحس لكي تتمكن من التنفس جيدا .
كانت القطة تلعق وليدتها بلسان وردي ، أما القطيطة فأخذت تتلوى و تموء بصوت ضئيل . و ما إن أبصرت جينيفر هذا المنظر حتى هبطت على ركبتيها و هي تبتسم مبتهجة . بتردد مدت يدها لتلامس مخالب.
نهض ستيفن بهدوء و دخل المطبخ ، ثم عاد بعد دقائق بابريق القهوة.
كانت جينيفر ما تزال مستغرقة في التأمل فلم تنتبه له فيما وقف هو للحظة يتفرج على تلك الإشراقة الخفيفة التي زينت وجهها المبتهج.
قال لها : يستحسن أن نتركها لحظة فمهمتها لم تنته بعد .. إنها بحاجة إلى الهدوء و الأمان .
ثم ساعدها لتقف على قدميها و جذب كرسيين يستران الصندوق يقول : هذا يمنحها شعورا بالانفراد.
سألته و هي تنظر إلى القهوة: متى اعددت هذه ؟.
- أخذت أفتش في المطب عبثا . لم يكن الأمر سهلا . و أخير اكتشفت أن الشاي في وعاء السكر ، و السكر في علبة الثوم و القهوة في وعاء مكتوب علية ( شاي ). اما العثور على البسكويت في علبة البسكويت فصعب للغاية ، لكنني واجهت الأمر بنجاح.
سكب لها القهوة ، ثم أفرغ السكر بلباقة مدهشة . و عندما رآها تنظر إليه قال : إنني مؤهل للخدمة المنزلية لقد علمتني أمي هذا.
- هذا آخر ما توقعته منك.
- إن الحكم على المظاهر عادة سيئة للغاية . و أظنك تعلمين هذا كما أعلمه ، فلم أتوقع أن أرآك على هذا الشكل قط .
- ماذا كنت تتوقع أن ترى إذا ؟ أعني لماذا أنت هنا؟.
- لست واثقا تماما . مررت بزبون خارج المدينة و عدت أدراجي من هذا الاتجاه و هكذا فكرت في زيارتك ، و إذ بي أتلقى مفاجأة حياتي.
رآها تتلصص بالنظر حولها فقال بحزم: دعيها . ستمضي نصف ساعة قبل ولادة القطيطة الأخرى و إلى ذلك الحين يكون البيطري قد وصل.
لكن نصف ساعة انقضت من دون أي أثر للبيطري و في ذلك الوقت ظهرت قطيطة أخرى .تحسس ستيفن بطن القطة برفق ثم قال : هنالك اثنتان أخريتان ، لكن الأمور تسير على ما يرام.
ذهبت إلى المطبخ و استعدت للعمل بينما أخذ ستيفن ينظر في انحاء البيت و هو يحاول أن يوفق بين هذه الزيارة و زيارته الماضية . لقد جاء إلى هنا للمرة الأولى ليأخذها إلى حفلة و عند ذلك احتار إذ وجدها تعيش في منزل من طابق واحد ...صعب أن يتخيل هذه المخلوقة الرشيقة صاحبة الثوب الرائع إلا في شقة صغيرة أنيقة ففي طبيعتها حنكة تناقض هذه الفيلا المريحة . سألها و هو يقف بجانب باب المطبخ : منذ متى تسكنين هنا ؟.
رفعت رأسها من داخل الخزانة : اشتريته منذ سنتين.
- هل كنتي تسكنين فيه مع أحد ؟.
- ماذا تقول ؟.
- أعني من الغريب أن تسكن امرأة وحدها فيلا.
بدت الدهشة : أحقا ؟ لقد احببت هذا المكان من اول نظرة و شعرت أن علي أن أعيش هنا.
و فيما هي تقطع الفلفل الأخضر إلى شرائح ، أخذ ستيفن يتأملها لبرهة ثم ما لبث أن عاد إلى الغرفة . سمعته جينيفر يتمتم محثا مخالب فأدركت أنها لن تفهم هذا الرجل بسهولة.
أخذت في اليومين الأخيرين تتحرى عن شخصيته فما زاده إلا حيرة لقد أنشأ سلسلة الحوانيت الصغيرة قبل ان يبيعها ثم ينضم إلى شركة غي ناجحة فقلبها رأسا على عقب ... باع أقسامها و جدد فيها ضاعف انتاجها و استنتجت جينيفر أنه رجل مدمن على العمل ، صلب ، حاذق ، طموح .... تحدثت إحدى الصحف عن تعدد علاقاته النسائية و اشارت إلى أن أي منها لم تدم طويلا . و عدا ذلك لم يشر احد إلى حياته الخاصة. و يبدو أن معاملاته التجارية هي غرامه الوحيد.
و لكن كيف يتفق ذلك مع رجل تحول هذه الليلة إلى قابلة لتوليد القطط ؟ و أخذ الفضول يلدغها .
و كذلك ازداد فضول ستيفن ، فكلما ازدادت معرفته بها قل ما يعرفه عنها . على رف المدفأة أبصر صورة لرجل كبير السن ذي وجه نحيل و إلى جانبها صورة صبي و صبية و الاثنان في سن المراهقة ثم صورة لامرأة في الثلاثينيات تشبة جينيفر
- تلك هي امي .
قالت جينفر ذلك و هي تدخل بأدوات المائدة ثم رتبتها على الطاولة.
- و اين ابوك ؟.
- ذلك الرجل العجوز على آخر الرف هو جدي .
- و ستتعرف إليه مساء غد.

mero_959 19-03-09 11:57 PM

- تكهنت بأنه هو .ماذا عن أبيك ؟.
- و هذه صورتي مع تريفور عندما كنا صبيين.
- أين .... ؟.
لكن جينيفر عادت إلى المطبخ . و عندما احضرت الطعام بعد دقائق كان ستيفن قد أطفأ كل الانوار ما عدا مصباح المائدة. ثم ركع بجانب القطة متمتما : هيا يا فتاتي الماهرة ... قد أوشكت على الانتهاء.
ما إن سمع خطوات جينفر حتر رفع بصره.
- في العتمة يزداد سرورها . هل يمكنك أن تهتدي إلى طريقك ؟.
- تقريبا . لا تقلق.
وضعت الخبز و السلطةعلى المائدة ، و ذهبت تحضر (( البفتيك )) بينما جلس ستيفن من بعيد ليراقب القطة.
رن جرس الهاتف ، فاختطفت جينيفر السماعة و إذ بالبيطري يقول : أنا آسف جدا . لقد تعطلت سيارتي ...لن أستطيع الحضور قبل ساعة على الأقل.
- لا تهتم ، القطة في ايدي أمينة .
- فقال ستيفن ساخرا : شكرا لهذه الثقة.
سألته بلهفة: إنها بخير ، أليس كذلك ؟.
- بحالة ممتازة حسب رأيي إنك تهتمين لها حقا . أليس كذلك؟.
- حسنا ، إنها حيوان صغير لطيف
- و هل هي رفيقتك الوحيدة في هذا البيت ؟.
- سبق و اخبرتك أنني احب هذا المكان.
- هل ستقيمان ، أنت و دايفيد ، هنا حين تتزوجان ؟.
- أظن من الآفضل ان نترك دايفيد جانبا .
- ألم يتصل بك بعد تلك الليلة ؟.
- قلت إن هذا يكفي .
قالت ذلك و التحذير في صوتها.
- أظنه لم يتصل .
رفضت جينيفر:الإجابة . لا تريد الشجار معه ، خاصة لأجل القطة . لكنه ضرب على الوتر الحساس فهي حقا لم تسمع شيئا من دايفيد .
قال بلطف: هل يمكنني الحصول على المزيد من السلطة ؟.
أجابت بجمود: بكل تأكيد.
ثم تابع و هو يتحداها بابتسامتة خبيثة : استمري . نفسي عن مشاعرك. أفرغيها علي.
فقالت بتكلف: كل ما أشعر به نحوك حاليا هو عرفان الجميل لأجل مخالب.
- لأجل مخالب ؟ إنك تحبين حقا تلك القطة ما دمت تصفحين عني لذكرى دايفيد.
- أيمكننا تغير الموضوع الآن؟.
- لا بأس . أخبريني لماذا لا تضعين صورة لوالدك؟.
- لأنه هجرنا عندما كنت في العاشرة من عمري ، و لم نسمع خبرا منه منذ ذلك الحين.
- آه أنا آسف صحيح أنه ليس من شأني لكني لا أفهم . أظنني سمعت باسم بارني نورثون لكنني لم اسمع أن له ابنا فقط .
- ليس له ابن بل ابنة وحيدة و هي امي .
- و لماذا تحملين اسم نورثون إذن ؟.
- كان اسمى العائلي (( ويزلي )) و لكن عندما ماتت امي حضننا جدي و منحنا اسمه.
- هل استشاركما في ذلك أولا ؟.
- كلا بل قام بذلك من نفسه.
- كلا ، أبدا خذ مزيدا من القهوة.
- غيرت الموضوع عمدا . امتشفت انها الآن تشعر بمودةنحو ستيفن أكثر مما تتصور.لكنها في الوقت نفسه لا تستطيع أن تصف له شعورها عندما فقدت هويتها.
- كانت جينيفر نورثون حفيدة بارني نورثون و طالما استمتعت بحبه لها أما جينيفر ويزلي في تلك التي ظنت أنها حبيبة ابيها ، لكنها ما لبث أن نبذها و رحل دون عودة . كم من الليالي أمضتها تبكي تلك الخيانة التي لم تفهم سببها ، ذلك الجرك الذي لم يندمل بعد .
أنبأتها ساعة الجدار بأن موعد اتصال دايفيد المعتاد قد حان و لكنها أيام رحلت ... و فجأة صدح الهاتف بالرنين قفزت من كرسيها و اندفعت إلى التليفون متجاهلة ستيفن . فقطب حاجبيه و أخذ ينظر إلى وجهها ، و سرعان ما قرأ فيه خيبة الأمل حين عرفت جينيفر المتصل .
قالت : فهمت . شكرا لإعلامي بذلك.
أقفلت السناعة و وقفت لحظة و هي تحاول التعود على الفراغ الكئيب الذي لفها من رأسها حتى اخمص قدميها ... لطالما دغدغ صوت دايفيد سمعها . أما الآن فقد انتهى كل شئ ، عادت مرة أخرى تلك الفتاة الصغيرة التي لم تصدق أن بابا رحل للأبد . عادت تلك الطفلة التي كلما دار المفتاح في القفل ، توقعت من لم يجئ قط و لن يجئ أبدا .
رأت ستيفن يراقبها، فتكلفت ابتسامة إنه البيطري مرة أخرى . يقول إنه يبذل جهده للقدوم.
أجاب برقه: فهمت.
- لماذا تحدق في؟.
- أأفعل هذا حقا ؟ آسف ، دعينا نلقي نظرة على الأم .
كانت مخالب قد وضعت مولودها الرابع.
قال : دوما كنت اجهز حليبا دافئا في هذه المناسبة فالوضع يستلزم جهدا يحعل الأم ضعيفة و بحاجة إلى ما يقويها.

mero_959 20-03-09 12:04 AM

و عندما عادت كانت القطة قد وضعت مولودها الرابع و أخذت تلعقهبنشاط و حين انتهت أخذت تلعق الحليب . ثم استقرت مع مواليدها و قد بان عليها الرضا لأدائها مهمتها على أكمل وجه.
- أظن الولادة انتهت ولكن على البيطري أن يقرر ذلك .

قالت جينفر بلهفة : انظر المولود الأخير أسود اللون أبيض المخالب أمه.
فقال ستيفن ضاحكا: مخالب رقم اثنين.
- ربما هو ذكر . عند ذلك سأسميه ستيفن.
و جلست متربعة أمام الصندوق و قد بدت على وجهها نشوة غامرة.
- أبقي هنا و سأعد أنا القهوة.
دخل ستيفن المطبخ و عندما كانت جينيفر ما تزال جالسة في الوضع نفسه تتفرج على الاسرة الصغيرة الجديدة بلذة بالغة فأخذ ستيفن ينظر إليها بحيرة . ثم سألها بصوت يكاد يقارب الهمس.
- أهذا ما تريدينه حقا ؟ أن ترعي الحيوانات؟.
قالت و هي تتناول القهوة : أظن ذلك . برأي تريفور هذا المكان أشبه بمنطقة يحظر فيها الصيد ، و لكن لا يمكنني أن أحضر كثيرا من الحيوانات لأنني خارج المنزل طوال النهار.
قالت ذلك و هي تهمس بدورها كي لا تزعج القطة.
- لأنك من ملوك الصناعة ؟.
مطت شفتيها : لا أشعر بأنني من ملوك الصناعة.
- لا يبدو عليك ذلك في هذه اللحظة . أأنت المرأة التي اندفعت إلى مكتبي أمس وهي تقول لسكرتيرة إنها تريد رأسي على طبق؟.
قالت و هي تحجب عينيها : لا تذكرني بذلك خاصة و قد كنت طيبا معي.
- لكنني أحب ذلك ، تقول اليس إنك بدوت طاغية كطغاة القرون الوسطى لاسيما عندما قلت : أحضري رأس ستيفن ليري . كم أتمنى لو سمعتك بنفسي.
- هذا فظيع يا ستيفن . مازلت غاضبة منك لأنك خدعتني.
قال ضاحكا : لا بأس في ذلك .. أتمتع بقلب قوي و يمكنني الاحتمال .
فسألته : و لكن كيف أمون غاضبة منك و قد دعوت القطيطة لتوي باسمك ؟.
- هذه أحجية ، أليس كذلك ؟ لماذا لا تغيرين اسم القطيطة مرة أخرى فنعود عدوين ؟.
- هل تريدنا أن نكون عدوين ؟.
- متعة هذا لا تضاهي متة كوننا عاشقين.
- تعني صديقين ؟.
- أعرف ما أعنيه.
و لمعت عيناه في العتمة ، لكن جينفر رفضت التجاوب فقالت : بعد هذا الليلة ،لن افكر فيك كعدو أبدا .
- هذا تسرع منك ،فأنت لا تعرفنني إلى هذه الدرجة كي تثقي بي.
- أظن كلامك صحيح . و ربما لن أعرفك ابدا .
- مع أن نصف لندن تتحدث عن مشاعرنا الجنونية .
- سرعان ما يتحدثون عن شئ آخر .الفضائح تولد و تموت.
- هل نحن كذلك ؟ فضيحة ؟ .
فقالت بحزم : بل وقود للأقاويل ...سيفقدون الاهتمام لاحقا .
- و لكن هل سنفقد نحن ذلك ؟.
كانت تعلم أنهما يتوهان في أرض خطرة ، و لكن ما أروع أن تنظر إلى التألق في عينيه...لا ، فهذه طريقة جنونية لقضاء الأمسية . و مع ذلك ، فقد كانت إحدى أجمل الأمسيات التي قضتها في حياتها . كانت مشاعرها راضية تماما ، و تختلف عن تلك المشاعر الخطرة التي بعثها فيها من ، إنما هذا ما تحتاجه حاليا.
فجأة قاطعهما جرس الباب المزعج ، و إذا بالطبيب على العتبة يعتذر.
فقبلت جينفر اعتذاره و هي تدخله إلى حيث الصندوق ، أما ستيفن فنهض ليجمع أغراضه .لقد انتهى هذا المساء الممتع !.
قال و هو يتوجه نحو الباب أراك غدا في منزل جدك .
أترقب تلك الحفلة بشوق ولو أنني أشك في أنها ستكون بمثل بهجة هذا المساء.
تصبحين على خير يا جينيفر.
- تصبح على خير يا ستيفن ، و شكرا .

mero_959 20-03-09 12:12 AM

الجزء الرابع
معا في ضوء القمر
أمضت جينيفر عصر اليوم التالي في زيارة أحد زبائنها و عندما عادت إلى مكتبها وجدت عدة رسائل هاتفية تنتظرها على الجهاز .
قالن السكرتيرة : اتصل دايفيد كونر خمس مرات . لا أظنه صدقني حين أخذت أردد على مسمعه أنك غير موجودة.
منذ تلك الحفلة فكرت في دايفيد و تسائلت إن كان يرغب في رؤيتها و كم قاومت إغراء الاتصال به و ها إنها تكافأ الآن على صبرها.
- دايفيد.
خاطبته و هي تسمع صوته على الهاتف بمرح يتخلله العتب : شكرا لعودتك إلي أخيرا .
- كنت في الخارج و قد عدت الآن .
- فكرت أن نتناول شرابا في مكاننا المعتاد.
- ترددت فستيفن و أخته قادمين الليلة و عليها ألا تتأخر و أخيرا حسمت الأمر : على أن تكون جلسة سريعة.
- هل أنتي مرتبطة بموعد ؟.
- قفز قلبها و هي تشعر بغيرته: ليس موعدا طبعا بل علي أن اعود إلى البيت
- في مقهى التاج إذن ، لعدة دقائق فقط
بعد ذلك بساعة ، دخلت إلى المقهى ، الخافتة انواره . مازال كل شئ على حاله . لقد نجح الأمر و دايفيد يريدها ان تعود إليه . و عندما تنتهي حفلة العشاء الليلة ، ستتمكن من التحرر من ستيفن بكل هدوء
كان دايفيد ينتظرها على مائدتهما المعتادة في زواية و ما إن أقبلت نحوه ، حتى منحها تلك الابتسامه الرقيقة المترددة التي طالما مست قلبها
وقف ليحيها ثم تكلما لدقائق و هما يتجنبان الإشارة إلى خصامهما أو إلى احداث الحفلة الأخيرة و أخيرا قال دايفيد : شكرا لحضورك . خفت الا تتحدثي إلي مجددا ...لقد قلت ، حينذاك ، أشياء ما كان ينبغي لها أن تقال
فابتسمت سعيدة لعودتها إليه.
-لقد نسيتها.
- أحقا ؟ و لكن لما لم تجيبيني اليوم ؟
- كنت في الخارج ، يا دايفيد
سألها بهدوء : اليس عذرا لتجنبي ؟
- كلا فلا علاقة له بالأمر
بدت على شفتيه ابتسامه جافة غير مصدقة و لأول مرة تكتشف جينيفر أنها تشعر بالضيق معه . صحيح أنها تنجذب إلى جاجته إلى الاطمنان ، و لكن ألا يبالغ في ذلك قليلا ؟
و عادت كلمات ستيفن ترن في ذهنها : يبدو أنانيا معتوها لا يفكر إلا بنفسه ، و هو يظن أن كل الطرق تؤدي إليه
لكنها سرعان ما أسكتت ذلك الصوت .
- صدقني يا دايفيد ، لم أكن اتجنبك ، فخصامنا مر و انتهى
- هل أسبب لك الإحراج ؟ لا سيما الآن و قد وجدتي شخصا آخر ؟
أحست بغيرته ... مازال يحبها إذن ؟ فقررت أن تداعبه
- و أنت أيضا وجدت فتاة أخرى
- بيني ؟ إنها سكرتيرتي و هي لم تخرج معي بصفتها مرافقتي ، أما أنت فقد نجحتي في إحداث مفاجأة عنيفه بضهورك مع ستيفن ليري .
- هل تعرفه ؟ أعرفه تلك الليلة . و لكن منذ ذلك الحين أخبرني واحد أو اثنان عنه ....
إذن كان يسأل عن ستيف ليري
قال : لابد أن علاقتكما وثيقة إلى درجة أعطيته أزرار القميص ؟
اشترت تلك الازرار بعد أن أعجب بها دايفيد في الواجهة ، و يبدو أنه انتبه إليها في الحفلة . كيف تشرح له السبب من دون أن تكشف عن سر استئجارها لمرافق ؟ لا تريد أن تفعل ذلك طبعا ..... و فجأة رن هاتفها الخلوي . كان المتصل أخوها .
سألها: أين أنتي ؟.
- أتناول فنجان قهوة و سأحضر حالا.
- أرجو السرعه . كما تعلمين علينا أن نزور جدنا لأجل ليري ذاك .
كان صوت تريقور مسموعا . فتسمر دايفيد مكانه و وضع كوبه من يده بينما أسرعت جينيفر تنهي المكالمة.
تمتم دايفيد بصوت مثقل : فهمت .
- ليس الأمر كما تظن . إنه و أخته مدعوان لتناول العشاء عندنا .
- ما اجمل هذا
- إنه عشاء عمل يا دايفيد
سألها متهكما : أحقا ؟
و تلاقت أعينهما ، لشد ما اشتقات إليه في الأسابيع الماضية ! و ها هي الآن تعود إليه
عندما وقف دايفيد تملكها شعور غريب و كأنها فقدت شيئا ما
و لكن من الحماقة ان تحكم على دايفيد أو أن تقارنه بستيفن . و هذا حبيبها دايفيد هو الرجل الذي تحب
فتمالكت نفسها قائلة : إلى اللقاء حبيبي
ابتسم و هو يرمقها بلطف و حنان أما هي فتركته بقل مرح . دهشت قليلا لأنه لم يطلب رؤيتها مرة أخرى ، لكنها عزت ذلك إلى عجلتها....بالتاكيد لم تسنح له فرصة لذلك
كان منزل بارني عبارة عن قصر يقوم في ضاحية من ضواحي لندن ، وصلت إليه جينفر مبكرة .
فاسترخت في (( البانيو )) و غسلت مع الماء همومها

mero_959 20-03-09 12:26 AM

ثم ألقت نظرة على الصحيفة بجانبها فاتسعت عيناها تعجبا ..
ارتدت ثوبا أخضر بلون الزيتون . تزينه سلسة ذهبية طويلة حتى الصدر تزدان بياقوته كبيرة ... إضافة إلى ياقوتتين تتألقان في أذنيها . كانت سعيدة لتبدد الفجوة بينها و بيم دايفيد سعيدة أكثر لأنه يحبها حتى الغيرة .
نزلت إلى الطابق الأسفل فوجدت تريفور هناك أنيقا رزينا يشع قوامه الممتلئ قوة و رزانة و وقار و ما إن أبصر أخته حتى أومأ برأسه.
قالت بهدوء و هي تناوله الصحيفة : أود لو أتحدث إليك لحظة على انفراد . هل رأيت هذا ؟.
قرأ تريفور: تغريم شخص بسبب التسكع و التحرش بالمارة .
فسألها : ما الجديد في هذا ؟.
نظر ثم صفر متعجبا : فريد ويزلي .قال : انه اسم ابينا .
- ربما هي مجرد مصادفة . كثيرون في هذا العالم يحملون اسم فريد ويزلي .
- لعه هو نفسه . لعله يتسكع في هذه الانحاء.
- لكننا لم نسمع منه كلمة واحدة منذ سنوات جينيفر حتى أننا لا نعرف إن كان حيا أم ميتا ، كما لا نريده أبدا أن يعود إلينا .
- ألا نريده ؟
- كنت أصغر من أن تعلمي الحقيقة . لكنه فعلا رجل سئ للغاية و كما قال جدنا لاحق أمنا لأنها ابنة رجل غني ، و عندما تزوجا أخذ يعبث خارج بيت الزوجية و عاش عالة على الأموال التي كان جدي يدفعها لأمي . كنت اسمع مشاجراتهما . أتعلمين ما قاله لي مرة ؟ ( عندما تكبر يا ولدي لا تنس أن العالم ملئ بالنساء ) منت في الرابعة عشرة و بعد ذلك بأسبوع قطع جدي عنه النقود و طلب منه أن يجد لنفسه عملا و هكذا هجر البيت . و نرغب أبدا بعودته ....
قالت متأملة : كلا ل أظن ذلك .
كانت تعلم أن ما قاله تريقور صحيح . كانت حينها صغية السن إلا أنها كثيرا ما سمعت شجارتهما نبذت هذه الذكريات لكنها لم تستطع أن تمنع نفسها في السؤال : هل تعلمت الدرس ذاك من أبيك ؟.
- أي درس ؟.
- أن العالم ملئ بالنساء ؟.
فأجاب بصرامة : أعمال كثيرة تنتظرني و لا وقت لدي لذلك النوع من العلاقات التي كان والدنا يعتبرها طبيعية .
داعبته بخبث : نعم يبدو أنك سبحت عكس التيار و أصبحت متطهرا لسوف سشعر أبونا بالخجل بك.
- أرجو ذلك فأنا أخجل به أيضا أرجو ألا يتأخر ضيوفنا .
قالت متأملة ترى ما شكل شقيقة السيد ليري ؟.
امرأة عاملة حسب قوله .
دخل الجد بارني مرتديا ملابس العشاء لم يكن مظهره يوحي بالهيبة بل هو قصير القامة نحيف البنية . اكتسح الشيب مفرقه فيدا لطيفا طويل الوجه بينما الرقة مرتسمة في عينيه الباسمتين ...و هذه الليلة أخذت عسناه تلمعان ابتهاجا و ترقبا لحفلة العشاء و فجأة رن جرس الباب ففتحته جينيفر و إذا بستيفن يقف عنده .
-مشاء الخير يا سيد ليري .
-مساء الخير يا آنسة نورثون . هل لي أن أقدم أختي ماود ؟.
كان يتحدث بلهجة رسمية تدعو إلى الإعجاب ، و لكنها تناقض تماما لمعان نظرات القرصان في عينيه و ما إن تنحى جانبا حتى انكشف المنظر عن المرأة الشابة التي ترافقه . ومضت امحة صمت ...
كانت في منتصف العشرينات من عمرها ، ذات جمال أخاذ شامخ بكبرياء . تكاد توازي أخاها طويلا . و لعل ذلك إلى تسريحة شعرها فهو منسق بعناية ليزين قمة رأسها . أما ثوبها فطويل يلامس الأرض و بفضل قماشه الرقيق تألق قومها أهيفا ممشوقا .
جذب تريفور نفسا عميقا ثم تقدم شارد النظرات ليحي هذا الطيف الجميل.
هتف بصوت أجش : أهلا و مرحبا .
فأجابت بصوت أبح : أهلا و مرحبا بك .
تقابلت عينا ستيفن بعيني جينيفر فابتسمت له و هي تهمس : أرى أنها ستكون سهرة حافلة .
قال بابتسامة عريضة : لا أدري إن أصبت في إحضار ماود.
- أتظنه سيضجرها ؟.
- كلا أخاف أن تأكله هي حيا . إنها هوايتها .
-لا تقلق على تريفور فالريح نفسها لا تهزه قل لي كيف تبدو بهذه الروعه ؟
- - تكرس حياتها لجمالها إنها عارضة أزياء.
- لكنك أخبرت تريفور بأنها تكرس حياتها لعملها .
- كلا بل قلت تكرس حياتها لتحصيل المال ...إنها تكسب مبالغ طائلة .
- لاشك انك لم تصفها كما يجب.
و اشرق وجه ستيفن فجأة بابتسامته العريضة : لم أستطع سوى ذلك . إن أخاك أبله مغرور و حماقته دفعتني لهذا التصرف آسف إن جرحك هذا الكلام.
فضحكت جينيفر : كلا علي أن اعترف بأنني غالبا ما افكر في الشئ نفسه .
- بالمناسبة كيف حال الأم الجديدة و الجراء ؟.
- في احسن حال ...لقد أنجبت ثلاث إناث و ذكرا واحدا . و الجميع في افضل حال ... لم تسنح لي فرصة بالشكل المناسب

mero_959 20-03-09 12:34 PM

- </b>لا ضرورة لذلك كل ما فعلته هو الجلوس هناك.
قاموا للعشاء أجلس الجد ستيفن إلى جانبه و جينيفر إلى الجانب الآخر و ذعرت و هي تراه يجلس تريفور بجانب ماود. عم يتحدثان يا ترى ؟.
و لكنها عندما نظرت إليهما مجددا كانا مستغرقين في الكلام .. هو يتحدث بحرارة فتجيبه هي بكلمات متقطعة .. و التقطت جينيفر نتفا من حديثه (( سوق الأسهم ... الثمن المستعجل ...)).
كانت عينا ماود الكبيرتان مسمرتين على وجهه و لكن من المستحيل أن تقرأ شئ فيهما ثم ركزت انتباهها على ستيفن فوجدته يخوض حديثا عميقا مع جدها و كان ستيفن يقول : لعلك لا تعلم ذلك يا سيدي لكنك اسديتني نصيحة ثمينة فيوم درست إدارة الأعمال كان لدينا محاضرا اتخذ من طريقة عملك مثالا.
بدا بارني مستمتعا تماما ولاحظت جينيفر أن قرابة روحية أصبحت تجمع الأثنين ثم تشعب الحديث و بدأتريفور يخبرهم بقصص مضحكة عن أيا جينيفر الأولى في الشركة . و أخطائها حينذاك.
قالت تحتج وسط عاصفة من الضحك : هذا ليس عدلا لم اعد أفعل مثل تلك الأشياء.
فقال تريفور: بل انت الآن أسوأ مازلت تتصرفين اولا ثم تفكرين بعد ذلك . إننا نسمي ذلك (( ضباب جينيفر الأحمر )) إنه يصيبها فجأة من دون سابق إنذار فتقدم على افعال جنونية أما أنا فأمضي أياما في إصلاحها.
فصاحت جينفر : هذا قذف و تشويه لسمعة .
لكنها في داخلها كانت مسرورة و هي ترى اخاها يتبسط في الحديث إلى حد الابتسام بل كان يبتسم كثيرا في الواقع و غالبا في اتجاه ماود.
كانت ليلة دافئة و عندما انتهى العشاء تناولوا القهوة على الشرفة كان تريفور ما يزال مشغولا بماود و هي تستمع إليه بحماس اما الجد بارني فقد استقر به الحديث على موضوعه المفضل حديقته: أود لو نجول فيها لكنني متعب قليلا جينيفر عزيزتي لماذا لا تقومين بهذا الشرف ؟.
كانت الحديقة مزينة ببراعة إذ تنتشر أضواء مختلفة الألوان هنا و هنالك و هكذا تمكنا رغم الظلام من رؤية الطريق عبر الممرات المتعرجة بين الاشجار.
قال ستيفن فجأة : إنه مكان سارح أنا أيضا أملك حديقة واسعة و يوما ما لابد أن أزرعها كما هذه ...إنما حاليا ماود التي تهتم بها.
هل تعيش معك ؟.
- تقريبا يقتضي عملها أن تسافر كثيرا تظن أن لا ضرورة لقتناء منزل و هكذا تحتل غرفتين في بيتي.
-أظن أن عارضات الأزياء اعتدن على محاربة الضجر ، أليس كذلك؟
أظن هذا يحدث الآن .
و أخذت تضحك بصوت خافت فقال : أشك أن شيئا يربطها بتريفور.
سارا بتكاسل نحو البحيرة المزينة التي بدت طويلة ضيقة يعلوها جسر ريفي مضاء بمصباح.
اتكأت جينيفر على الحاجز تستمع إلى أصوات البط في الأسفل.
قال ستيفن فجأة: حدسي يخبرني بأن دايفيد قد اتصل بك.
- هذا مجرد تكهن منك.
حاولت تصنع الهدوء لكنها لم تسطع أن تمنع ابتسامة خفيفة .
- أعرف أنك تبدين مختلفة هذه الليلة أول تعارفنا كان يبدو عليك التوتر و الضيق أما المرة الثانية فبدوت مجنونة بالأمل . الليلة الماضية كنتي لطيفة إنما شاردة الذهن . أما اليوم فأنت سعيدة ساحرة و السبب واضح.
- ربما
و نظرت إليه بإثارة و استفزاز.
قال: يحب ألا تنظري إلى رجل بهذا الشكل إذا كانت نواياك بريئة.
- إنك فطن جدا يبدو أنك تفهمني جيدا.
- ليس كثيرا . لا يمكنني أن أفهمك حين تكونين مع دايفيد . ماذا يملك حتى يحولك من ساحرة متوترة إلى عروس بحر مغرية ؟.
قالت ضاحكة : إذن فأنت تراني عروس بحر مغرية ؟.
- إنك تعرفين ما أحسه يا جينيفر تماما كما اعلم لأنه شعور مشترك . أمه موجود مع أننا لا نتفق في الرأي كثيرا . إنه موجود بالرغم من حبيبك . هل أنت على علاقة مع دايفيد بالمناسبة ؟
فاجأها السؤال . مضت لحظة استعصى عليها فيه الكلام بينما تابع ستيفن يقول : أنا لا اعني حاليا بعد خصامكما بل قبل ذلك
- لا أحب الخوض في شؤون حياتي الغرامية معك .
- لا يبدو عليكما ذلك ... على كل إنه قرار مناسب. فلسوف نكون ، أنا و أنتي عاشقين
أخرستها وقاحته . و أخيرا قالت : حسنا ، لن نكون عاشقين أبدا.
- حسب تقديري هذا ما نحن عليه الآن و انتي تعلمين هذا .. إذ مهما تلاعبنا بالكلام يبقى دائما شئ في الاعماق ..إحساس ولد فينا منذ التقينا في ليلتنا الأولى تلك . قد يمكنك التغاضي عن الأمر أما أنا فلا
- أنت مخطئ . دايفيد هو من أريد ..لهذا تحطم قلبي عندما ظننت أنني فقدته
فقال بمكر: نعم أذكر شيئا من تفاصيل ... تحطم قلبك ذاك . أعتقد أنك ستضعفينني الآن ....ما هذا ؟.
- أين ؟
- هناك
قال ستيفن ذلك ذلك و هو يقودها عبر الجسر ليتواريا خلف الأشجار .... بعدئذ أخذا يراقبان تريفور و ماود و هما يجتازان الجسر و فيما هما كذلك وصل إليهما صوت خافت
- إن إعادة الصفقة إلى مكتب مونوبوليس و ميرجيرز لسمرة تخفض من أسعار الأسهم و هذا هو وقت الشراء و لكن فقط إذا
و ما لبثا ان تواريا عن الأنظار
وقف ستيفن و جينيفر ذاهلين و في وقت واحد انفجرا في ضحك عنيف مكتوم ثم قالت بصوت مختنق : لا أصدق هذا حتى من تريفور.

mero_959 20-03-09 12:44 PM

مسح ستيفن عينيه : يا للمسكينة ماود ! لن تصفح عني ابدا
قالت جينيفر و قد اخذت تضحك من جديد: أزهار و ضوء قمر .... و كل ما يستطيع الحديث عنه هو مكتب مو نو بوليس و ميرجيرز لسمسرة؟ رباه ! لن اصبح عمة أبدا إذا استمر على هذه الحال
و تبددت غيوم التوتر التي تعكر صفاء الجو بينهما . فسارا على ضفة البحيرة إلى ان وصلا إلى مقعد خشبي و اخذا يتاملان الحباحب المضيئة و أخيرا قالت : اظن الوقت قد حان للتحدث عن أمر افتراقنا لحذر حتى لا تهبط اسعار أسهم أي منا
- آه ، و من تحدث عن الافتراق؟
لكن هذا لا يمكن أن يستمر
- الأمر ليس بهذه البساظة يجب ان يرانا الناس معا مرة أخرى على الأقل بعد غد ينعقد اجتماع لحملة اسهم (( شركة ديلاكوت المتحدة )) و بما أننا نملك أسهما فيها سيكون طبيعيا جدا أن نحضره معا
قالت متأملة : لا أدري ...
فرد بمكر: لا تنسي أن دايفيد هو ايضا من اصحاب الأسهم وقد يكون هناك فكري في الاحتمالات المتوقعة جينيفر ...سيرانا معا ، ستخبرينه بأننا زميلان فقط ...بينما تظهرين طبعا بعض المرواغة و إذا حالفك الحظ سيرسل إليك ورودا في الليلة نفسها
فقالت : أنت خبير جدا في هذه الأمور
- لطالما لقبت بالمناور.
بدت ابتسامته العريضة لا تقاوم و لوت جينيفر شفتيها قائلة : حسنا سأحضر ذلك الاجتماع على كل حال فإذا كانت هذه وسيلة للتأثير على دايفيد يمكنني أن أخرج معك بضع ساعات .
قال باعحاب: جينيفر عندما تتحدثين بهذا الشكل لا يستطيع أي رجل مقاومتك.
- ستيفن سأقوم بذلك الأمر مرة واحدة فقط و بعد ذلك تنتهي علاقتنا.
- سنرى من يدري ؟ ربما خطرت لي أفكار اخرى .
- لا تغير الموضوع .
- إن سحرك هو الموضوع لقد فقدت شهيتي و بت شبحا لا يعرف الرقاد .
فقالت و عيناها تلتقيان عينيه المازحتين : و اصبحت كاذبا ايضا أنت لا تهمل نفسك و لا يعقل أن تفقد شهيتك أو نومك .
- هذا صحيح لكنني فكرت أن أعبر عن عواطفي ببعض الكلمات ....ثم كفاك غزلا بعينيك فأنا لست دايفيد كونر لكي تغويني.
أخذت جينيفر تضحك . و شعرت بالسرور و الثقة بالنفس.
- أتظنني قادرة على إغوائك إذا قررت ذلك ؟.
- بل أظنك قادرة إذا قررت أنا أن اسمح لك بذلك.
- أنا واثقة من أنك قررت ذلك فعلا ...فأنت لست من النوع الذي يتوانى في الحصول على مراده.
قال : أقر بأن هذا صحيح .
سألته : هل قررت تلك الليلة السماح لي بذلك ؟.
- في تلك الليلة كنت امثل دورا.
- ليس طوال الوقت كنت أنا التي أمثل لأجل دايفيد .
- أتقصدين تلك الطريقة التي ابتسمت فيها بإغراء مع أن دايفيد لم يلحظ ذلك ؟.
فردت بسرعة : هذا من تخيلاتك .
- أنا رجل من دون مخيلة و ماذا عن مرافقة دايفيد هل كانت تمثل هي الأخرى ؟.
- إنها سكرتيرته و عليها أن ترافقه حين يخرج فهذا جزء من عملها.
- لكنها معه طوال النهار و كل يوم ، من التاسعة حتى الاخمسة . و بما أنها حريصة على عملها فهي لن ترد له أي طلب عليك أن تقلقي لذلك .
- أنا أعرف دايفيد أكثر ممت تعرفه أنت.
- لكنك لا تعرفين شيئا عن الرجال يا جينيفر و إلا لما خرجتي معي في ضوء القمر فيما تعلمين أنني لن أتركك دون عناق.
كانت تعلم ذلك طبعا لكن كرامتها دفعتها إلى القول : سأعود الآن إلى البيت.
- ليس قبل أن أعانقك.
حاولت جينيفر أن تحول نظراتها عن عينيه و لكنه مازال يملك تلك السلطة عليها و رغما عنها شعرت بأحاسيس قديمة تجتاحها من جديد.
نهضت عم المقعد فجأة و سارت فتبعها حتى لحق بها و هو يقول برقة : اصغي.
أصغت جينيفر فسمعت شدو عندليب عذب.
تمتم يقول: لو كنت معك في جلية حب ، لبحت لك بمشاعري مع أنك تنكرينها و مع أنني لا اؤمن بها .
قالت ببطء كما لو انها في حلم : كلامك غامض ..كيف تشعر بشئ لا ترمن به ؟.
- هذا سهل أنتي تثيرين في مشاعر لا وجود لها في الحقيقة . ولو تاكدت من وجودها فعلا لأصبت بهلع شديد . أنتي تسببين لي الاضطراب جينيفر مع أنني أدرك يأن المسألة وهم بوهم.
وصلا إلى شجرة سنديان ضخمة . استندت إلى جذعه و اخذت تنظر إلى القمر و النجوم تتألق من خلال اغصانها . بينما النسائم الرقيقة تتلاعب بأوراق الشجر.
قالت برقة : ربما ...و مع ذلك ، ستظل قلقا مضطربا ، فبعض الأوهام أقوى من الحقيقة .
- أتشعرين بذلك ايضا ؟.
- اطمئن ، الأوهام لا تدوم . سرعان ما يعود المرء أرض الواقع .

mero_959 20-03-09 12:53 PM

- هل ستعودين أنتي؟.
- لكنني لم اترك الأرض قط .

قالت ذلك و هب تعلم أنها كاذبة.
اسند كتفيه العريضتين إلى جذع الشجرة و مضى يراقبها ثم قال : أحدنا يخدع نفسه و لا ادري من .
- قد لا نعرف أبدا .
-سنعرف يوما ما . فلنأمل ألا يحدث هذا بعد فوات الأوان.
وضع يديه على جذع الشجرة و احاطها من كل جانب و كأنها سجينة. ابتسمت له واثقة من أنها ما زالت تمتلك زمام الأمور و عندما يحني رأسه ليعانقها ستكون مستعده له .
و إذا بشئ يحدث ...بدا العالم قد انتقل من مكانه و كأنها كانت مخطئة منذ البداية ... ماذا تفعل هنا ؟ كبف تقوم بألاعيب الحب هذه بينما الرجل الذي تحبه حقا غير موجود ؟ دايفيد هو من تربع على عرش قلبها.... أما ستيفن فهي واثقة من أنه لا يملك حتى قلبا ليقدمه إليها . و عندما اوشك أن يعانقها أدارت رأسها جانبا و هي تتنفس بسرعة . توقف ستيفن و هو يتأملها بعينين ثاقبتين . رأى ارتجاف و لمعان على أهدابها ففهم . ابتعد عنها و هو يقول بخشونه: أنت لا تفهمين أبسط الأمور عن الرجال.
و أوشكت أن تدافع عن نفسها ، لولا انه كان قد رحل عنها.

* * * * * * * * * * *
منذ توفي والد ستيفن و ماود قبل سنوات عاش الاثنان معا من دون أقرباء. و رغم السنوات الاربعة عشر التي تفصل بين عمريهما لطالما اعتمد الواحد منهما على الاخر و سلمه كل أسراره . كانت ماود تعجب بنباهة أخيها بينما يحترم هو ذكاءها و فطنتها .
قالت له و هما في طريق العودة إلى المنزل.
- إذن فهذه جينيفر . إنها فاتنو و تشع بهاء.
أجاب ببطء : هذا صحيح . مكالمة هاتفية واحدة من حبيبها تحولها امرأة أخرى.
- و لكن ... ألست أنت حبيبها.
- ليس بعد.
قال ذلك ثم خلد إلى الصمت ، متغاضيا عن تلك النظرات الفضولية التي أخذت أخته ترمقه بها ، و اخيرا سألته : من هو الرجل الآخر؟.
- شخص تافه يدعى دايفيد كونر ، لكنه لن يستمر معها.
- لكنه موجود الآن ، سيكون عثرة في وجهك .. أنا التي طالما اعتقدت أنك لن تقابل امرأة تناسبك.
- وضحكت
فقال: و لن أقابل أبدا ....جينيفر امرأة جذابة حقا و أنا متشوق إلى الأسابيع القليلة القادمة لكنني لا أظن أن هناك ما يدعو إلى القلق.
- يا أخي العزيز قد لا اكون ماهرة في امور كثيرة لكنني ماهرة جدا في معرفة أفكار الناس.
- ما شككت قد في هذا .
- لو نشبت معركة ، فسأساندها هي بالتأكيد .. أفضل أن أراك تتخبط في آلام و مشاكل الحب.
انفجر ضاحكا بصوت عال : لا تضعي هذا في حسابك ....بالمناسبة ، أنا آسف لهذه الليلة ... لو كنت اعلم أن تريفور سيحضر ، لما اصطحبتك معي لقضاء هذه الامسية معه.
- آه لكنني وجدته طيبا ظريفا للغاية.
- طيب ظريف ؟ ذلك المغرور الفج؟.
- أرجوك ستيفن ! لا أريدك أن تهين الرجل الذي سأتزوجه.

mero_959 20-03-09 12:58 PM

الجزء الخامس
من الرجل الوحيد ؟

كما تنبأ ستيفن ، حضر دايفيد إلى الاجتماع رأته جينيفر و هي تغادر المكان مع ستيفن و إلى جانبه لمحت بيني جالسة معه . كان الاثنان يضحكان فصدمها منظرهما صدمة شديدة .
قال ستيفن : فلنذهب لتناول الغداء.
كان مطعم مركز الاجتماع فسيحا طلق الهواء. قاد ستيفن جينيفر إلى أفضل موائد المكان ، بجانب نافذة تطل على نافورة في الفناء . أفسح لها النادل كرسيا لتجلس ، لكن ستيفن أشار إليه بالتنحي جانبا ، ثم أجلسها إلى الناحية الأخرى من المائدة بدا واضحا أنه يعرف ما يريد تماما و هكذا عجزت جينيفر عن رؤية الموائد الأخرى . بينما انكشف المنظر كله لستيفن .
قالت محتجه: لا أستطيع الرؤية هنا.
- لا تقلقي سأطلعك على تحركات الشهم دايفيد.
- لا تسمه الشهم.
- ظننت نفسي أمدحه.
- ليست تلك الحقيقة و لا اظنكتفرح إن ناديتك بالشهم.
فامتلأت عيناه بألف معنى و معنى ثم نظر إلى وجهها قائلا : طالما أطلقوا علي أسماء كثيرة في حياتي و لكن الشهم لم تكن بينها. لا سيما أن امرأة لم تجرؤ على ذلك قط ، ألم يخطر ببالك أننا سندفع دايفيد إلى الغيرة إذا أطلقت علي هذه الصفة؟.
- شكرا إنه يغار فعلا .
- إنه لا يبدو عليه ذلك فقد دخل لتوه و بيني بجانبه .. لا تلتفتي و تذكري أنك مفتونة بل ضائعة في سحر صحبتي .
- و هل أنا كذلك حقا ؟.
- إذا أردت أن تستعيديه نعم إن النادل يقوده إلى المائدة .. كلا ! إن دايفيد يشير إلى الناحية الأخرى من القاعة .. يريد بالتأكيد أن يختلس النظر إلينا هذا شئ مشجع.
و عندما رأى نظرات جينيفر الساخطة قال : كل ما في الأمر أنني سأحاول أن أساعدك .
- أنا لا أثق بك حين تبدو بريئا ، و قد أخبرتك أنه يغار فعلا.
- كيف عرفت ؟ هل اندفع كالإعصار إلى بيتك مهددا باطلاق النار علينا إذا رآنا معا مرة أخرى ؟.
فضحكت مكرهة : طبعل لم يحدث هذا .
- هل هدد إذن بالانتحار ؟ نعم ، فهذا أكثر تأثيرا ... لعله قال لنفسه تلاعب بقلبها حرك عواطف الحنان فيها فهذه ينجح دوما.
- أتقول هذا الكلام عن خبرة ؟.
- لم أكن بحاجة إلى إثارة العواطف قط كما لم يحدث أن رأتني امرأة مترددا لكنني لاحظت ان ذلك يأتي بنتائج شديدة التأثير إنه لم يفكر في ذلم بعد أنا أعرف ... هل هدد بتدميري ماليا ؟.
- دايفيد لا يهدد ... ليس من ذلك النوع من الرجال ...
صححت قولها بسرعة ...فساعدها على الكلام : لا بأس ، ماذا فعل أثناء نوبة الغيرة اليائسة ؟.
- لقد تناولنا بعض الشراب .....
قالت ذلك و هي تتمنى لو أن هذه الكلمات لم تصدر عنها بهذا الشكل المتقطع الواهي.
- و بعد ؟.
- بعد ماذا ؟.
- لا تسكتي عندما يصبح الحديث مهما . ماذا قال ؟ أم أن كلامه كان عاطفيا و حميما جدا بحيث لا يقال ؟.
- لا تحاول إثارة أعصابي لقد أخبرتك تلك الليلة عن كل هذا .
سألها بذعر : أتعنين ذلك اللقاء الصغير ؟ ألم يتبعه لقاء آخر منذ ذلك الحين ؟ يا مسكينتي جينيفر ! ناذا فعلتي لكي يرهقك هذا البليد ؟ لو كنت أنا مغرما بك لملأت أوقاتك مرحا.
- كم أنا محظوظة لأنك لست مغرما بي !.
- إذا كان هذا ما تريدينه من علاقاتك الغرامية فنحن الاثنان محظوظان. علي أن أعلمك الكثير لا اعرف من أين أبدأ.
- لا تزعج نفسك يمكنني أن أتصالح مع دايفيد من دون مساعدتك.
- هذا حسن ، سأحضر عرسك.بعد حوالي الخمسين سنة.
- ربما هو كما وصفته أنت....شهم.
- لابد أنه ممل للغاية.
- إنه سيد مهذب إذا كان هذا ما تعنيه.
- لا فرق...
و أخذ يتأملها فترة ثم أضاف : أتعرفين كم تبدين جميلة عندما تتورد وجنتاك؟.
انتظر جوابا منها، لكنها صممت على السكوت فأردف بعد لحظة : إنه ينظر ناحيتنا . لعله لا يستحسن رؤيتك معي كما تكرهين أنتي رؤيته مع بيني .
- لا يهمني أمرها البتة طالما قلت لك هذا.
- هذا صحيح طالما قلت لي ذلك . لقد أشاح بوجهه الآن إنه يدنو برأسه منها لينظرا معا إلى قائمة الطعام .
- لا أريد أن أعلم هذا ...
- اتركي مسرح الاحداث من فضلك.

mero_959 20-03-09 01:05 PM

لم تستطع منع نفسها من الضحك . فقال راضيا: لا بأس في الضحك هذا افضل .
نظرت إلى عينيه .... كان يتغلغل فيهما تألق غامض ... كيف يبدو ظريفا إلى هذا الحد المدمر ؟ و فجأة شعرت بدوار كانت تجلس إلى جانب رجل جذاب ماكر يمنحها كل انتباهه ... و رقصت في رأسها فكرة ...ماذا لو تعودت على هذا ، بسهولة ؟ شرع ستيفن في رواية قصة مرحة ، فضحكت ملء شدقيها ، ثم تقابلت أعينهما . و على الفور أدركت أنها قد اقترفت خطأ جسيما . فقد اخترقت نظرته أعماقها و هي الآن تشعر ...التوتر و الاضطراب يعمان كيانها . فتألق أمامها كبهارج الاحتفالات ، كما ولدت فيها حيوية و بهجة و أحاسيس رائعة .

قدم النادل إليهما الطعام ، و انتبهت إلى انه لذيذة.... لكن ذلك الاحساس ضاع إزاء بهجة كبرى وجدتها مع ستيفن لقد ركز كل انتباهه عليها كما لو أن العالم لا يحوي غيرها . و مع أنا تعلم أنه لعوب ماهر، و غير جدير بالثقة ، شعرت بالغرور بالرغم منها حين توجهت إليها نظرات النساء الحاسدة . و كيف لا ؟ و أكثر الرجال جاذبية مستغرقا فيها ، يكرمها .. كم كان احساسها جميلا !.
تفاجأت به يراقبها بشبه ابتسلمة ، و عندما رفعت حاجبيها مستفهمة أشار إلى بذلة العمل الأنيقة التي ترتديها و بالتحديد إلى قميصها الناصع البياض و التطريز الذهبي عليه ... قال : إنني معجب بملابسك العملية فأنت ترتدينها بطريقة مختلفة.
فقالت بتزمت: أرتدي هذا النوع من الملابس لأبدو امرأة جادة في عالم التجارة.
ثم اضاف : و أراهن على ان يديك مزينتان بشكل جميل ، أريني إياهما .
- يا ليتك تكف عن هذا الكلام الفارغ !.
قالت ذلك بشئ من التهكم ثم أرته يدها فأخذها بين يديه ثم لمسها بشفتيه.
فقالت بمرح: هذه شهامة منك لم أمن أتوقعها.
- إنني أمثل دور الصديق الحميم . إن دايفيد ينظر إلينا متسائلا . لقد رآني و أنا أقبل يدك بهذا الشكل و لكن ذلك لم يقلقه كثيرا ربما يرى في ذلك تعبيرا عن الاحترام الذي يفهمه .و لكن إذا فكر قليلا أبعد من ذلك ، عندئذ يبدأ بالقلق حقا لأنه يعلم أن نواياي ليست بريئة.
جذبت جينيفر نفسا مرتجفا و قد أخذ قلبها يخفق بقوة.
ثم تمتم يقول: سيعلم أنني أريدك و ربما أدرك أنني أردتك منذ أول ليلة تعارفنا فيها.
همست بصعوبة: إنك متغطرس لا يطاق.
- لماذا لأنني أعرف كيف أسعدك ، ألا تعترفين بذلك ؟.
لم تستطع الجواب لكنها سرعان ما شعرت بالغض ب يتصاعد فيها . لقد أرغمها ستيفن على أمور سبق و قررت ألا تتقبلها . و هذا ما لا تغفره له فهو يعلم تماما أن هذا الغزل لا جدوى منه لأنها حبيبة دايفيد وحده . لكنه و من دون خجل استغل الوضع حتى باتت تشك في نفسها.
عادت تراجع أفكارها بسرعة ... لا. لاشكوك لديها ... إن مشاعرها الصادقة هي لدايفيد و ما هذه المشاعر إلا جنون مؤقت و عندما تنتهي منها ستكون زوجة مثالية لأنها تخلصت منه . يا ليتها فقط تتخلص منه بسرعة !.
سألها : مالذي تفكرين فيه ؟.
أجابت مجفلة : لاشئ .. مهم.
- أنت تعزلين نفسك في عالم غامض خاص بك و لن تدعني أدخل ، أليس كذلك ؟.
- لا لن استطيع إدخالك .
- هل هو هناك؟.
قالت بشئ من الكآبة : لا أدري قبل أيام كنت اظنني أدري و لكن يبدو أن الأمور تغيرت بيننا.
قال فجأة : جينيفر لا تشعري بمثل هذه الكآبة خصوصا من أجل رجل آخر .
- دايفيد ليس رجلا آخر ... إنه الرجل الوحيد .
أجابها بصوت خافت لم تكد تسمعه : فليساعدنا الله نحن الاثنين إذن .
تملكها الدعر و هي ترى ما حدث لقد بدأ الحديث ممتعا حافلا بالدعابة و لكنه جنح بهما فجأة إلى توتر يسوده الضيق.
أسرعت تتمالك نفسها فسكبت كوبين من المياه المعدنية و هي تطرح أسئلة سخيفة و كان يجيب باختصار و كأن ذهنه في مكتن آخر . و عندما غامرت برفع بصرها إليه رأته يتأملها إنما ليس بسخرية كما توقعت .
و بعد ذلك لم يدر بينهما حديث يذكر .
و عندما نهضا للذهاب سارا بجانب بعضهما البعض و الأنظار تحدق بهما .آخر نظرة لجينيفر ألقتها على دايفيد و هو يحدق فيها مصعوقا.

* * * * * * * * * * * *
أكثر ما يزعج جينيفر في ستيفن تأثيره عليها فكلماته الوقحة تبقى في ذهنها و تلقي بظلها على حياتها حتى بعد غيابه.
من السهل عليها أن تضحك لتعليقاته الهزلية أو لسخريته من تصرفات دايفيد الغيور . لكن عندما مر يومان دون كلمة منه لم تعد تقوى على الضحك و مع ذلك سرت كل السرور لاختفاء ستيفن هو وكلماته الهازئة.
جمد هذا تفكيرها للحظة لكنها ما لبثت أن ادركت أنها لم تتوقف عن التفكير فيه قط أينما وجهت نظرها تراه في خيالها . يرمقها أحيانا بنظرة مفترسة تنذرها بأنه يردك تماما ما يفعل . و في أحيان اخرى تتذكر ما قرأته في وجهه في مطعم قاعة الاجتماعات و تسمعه يتمتم فليساعدنا الله نحن الاثنين ! و هذا اكثر ما يكدرها فهي طباعه محصنه ضده..
اتصل دايفيد بها ليخبرها أنه سيغيب أسبوعا لزيارة امه المريضة في الساحل الجنوبي و سيتصل بجينيفرفور عودته.

mero_959 20-03-09 01:09 PM

في هذا الوقت دعاها ستيفن إلى عرض مسرحي فوافقت و مع أنها غضبت لمجرى الأحداث لإلا أن ستيفن كان متعاطفا مع وجهة نظر الكاتب.
و على العشاء أخذا يتناقشان بحرارة و استمر في ذلك و هما في الطريق إلى البيت و عندما افترقا كانا هما الاثنين قد تحدثا في غاية الصراحة و لم تستطع جينيفر أن تتذكر سهرة ممتعة كهذه السهرة .
اتصل بها في اليوم التالي و تناولا معا العشاء في المساء التالي . لكنها اختلقت عذرا لذهاب إلى بيتها مبكرة . أما الحقيقة أنها قد استمتعت بصحبة ستيفن أكثر من اللزم و كلما أسرعت في إنهاء هذه العلاقة كان ذلك أفضل فهي ضائعة بين اثنين .. عقلها و احاسيها .. من الجنون أن تتورط بعلاقة مع ستيفن مهما بلغ الإغراء ..فهي تعلم نتيجة هذه العلاقة .
إنها أشبة بالإثارة التي تصيبها عند عرض الألعاب النارية . صحيح أنها لحظات لا تنسى لكن الألعاب النارية تتألق ثم تموت . و سرعان ما ينتهي العرض و يتحول الحفل باردا مهجورا و يرحل المتفرجون إلى بيوتهم وحيدين و هي لم تنس بعد تلك الفتاة الصغيرة التي تركت مرة للوحشة و الهجران بل ما زالت حية تنبض في ذاكرتها لذا تراها تريد شيئا واحدا فقط ... تريد جذورا ...حياة مستقرة مضمونة و زواجا طويل الأمد ...و بكلمة أخرى دايفيد.
ثم تذكرت ابتسامة ستيفن المداعبة و استعادت تلميحاته الماكرة فسرى الدفء في جسمها حتى نسيت كل شئ آخر ثم استيقظت من تلك النشوة مصممة على أن تكون قوية و تنبذه من حياتها.
و أخيرا عاد دايفيد و طلب رؤيتها في مقهاهما الصغير المعتاد كاذ يتعذر عليها المجئ فأنذرته أنها ستتأخر لكنه بدا متلهفا مصرا على رؤيتها.
- أريد رؤيتك حقا و سأنتظر مهما تأخرتي.
و تمنت لو ان ستيفن يسمع انتصارها هذا.
كان دايفيد جالسا ألى ما ئدتهما المعتادة حياها قائلا: خفت ألا تأتي الموضوع في غاية الأهمية.
سألته بلهفة ما الأمر يا دايفيد.
- مكتب ( هندسة مارتسون ).
- ماتسون ؟
- إنهم يراوغونني تماما كما سبق لك ان تنذؤيني . كنتي على صواب مع أنني اكره الاعتراف بهذا .
لم تستطع في الباية أن تفهم قصده لكنها ما لبثت أن تذكرت أن خلافهما بدأ مع مارتسون.
قال يعتذر: كان علي أن أعمل بنصيحتك لقد أحضرت معي المراسلات.
أثبتت الأوراق صحة ما حاولت ان تحذره منه .... و لكنها حذرته بشكل أخرق غير مناسب و إلا لماذا جرحت كرامته ؟.
و فجأة قال دايفيد عفويا : رايتك في اجتماع ديلاكورت ... يبدو أن العلاقة أصبحت جدية بينك و بين ليري ؟.
فردت بسرعة : ما من شئ بيننا كون البعض أفكارا خاطئة ليلة الحفلة ثم كتبوا مقالات رفعت من سعر الأسهم و أنا في انتظار اللحظة المناسبة لكي أتركه.
- اتعنين أن هذا كل شئ ؟.
- هذا كل شئ.
- ليس هذا ما ... انتظري لحظة ! هذا الرجل في نهاية القاعة مدين لي ببعض النقود أحاول العثور عليه منذ أيام سأعود فلا تذهبي .
بعد ذهابه أخذت جينيفر ترشف كوب المياه و تنظر حولها و ما لبثت أن لحظت شابا غاية في الوسامة يتقدم نحو مائدتها و قد بدا عليه شئ من التوجس أخيرا سأل الآنسة نورثون ؟.
- نعم أنا جينيفر نورثون .
- ذهبت إلى مكتبك و لكنك كنت قد خرجت ... أخبرتني سكرتيرتك أنك غالبا ما تأتين إلى هذا المكان : اسمي مايك هاركر .
هتفت : رباه !.
- ربما تجدينني جريئا و وقحا ..
- لا و إنما أذهلني أن أكتشف أنك موجود حقا في هذا العالم أجلس .
قال و هو يجلس بجانبها : شكرا .
- هل شفيت من الأنفلونزا؟.
- آه لقد اخبرك ستيفن عن هذا ... في الحقيقة لا اعرف مقدار ما تعلمين.
- لقد عرفت الحقيقة في الصباح التالي .
رد بسرعة : كان يقصد أن يسدي إلي معروفا فيما أنا في مازق ثم ... ثم من عادته أن يفعل أي شئ لأجل صديق .
- هل أخبرك كيف كانت السهرة ؟.
- لا . لكنه يضحك حين عاد لم يشأ أن يخبرني عن النكتة التي أضحكته . هل أزعجك كثيرا ؟.
- أنا لا ألومك و لن اقدم شكوى لإلى المكتب إذا كان هذا ما يقلقك.
- لا ليس ذلك إنما هذه.
و مد مايك يده إلى جيبه يخرج أزرار القميص الماسية و يضعها على المائدة .
فقالت: لم لا تحتفظ بها ؟ لقد قدمتها لك.
- لكنك لم تقصدي ذلك . و هي أثمن من أن أقبلها.
قالت بحرارة: إقبلها أرجوك .... إنني لا أقدم الهدايا لأعود فأستردها لا أصدق أنك قمت بكل ذلك المجهود لتعثر علي .
- كنت أتصرف و كأنني أمشي على قشور البيض لا أدري ماذا سأجد و لكن لا بأس .... أنت ترافقين ذلك الشاب هناك أليس كذلك ؟.
- نعم ، و لكن مايك إذا كنت تظن أنني تورطت بعلاقة مع ستيفن فإلى ماذا ستنبهني ؟.
أجاب بابتسامة عريضة: حسنا لقد عرفت ستيفن....
- هذا هو سبب سؤالي ...
- أنا مسرور لأنك لم تتورطي بعلاقة معه ... لم أره كثيرا خلال السنوات الخم الماضية لكنني لا أظنه تغير .
- هل تعرفه منذ مدة طويلة؟.



mero_959 20-03-09 01:15 PM

- التحقنا بالمدرسة الليلة معا حيث درس هو إدارة الأعمال كان شعاره على الدوام (( أحبهن و اتركهن )) لم تستطع امرأة ان تحتفظ به ... و لطالما فاخر بذلك كن طبعا يتهافتن عليه ، لا أدري لماذا ! لا أظنك تلومينه لأنه يشبهكن بالحافلات.
- الحافلات !!

- كلما مرت حافلة تتبعها أخرى .
سألته بعينين واسعتين بريئتين : هل هذا ما يقوله ؟ غريب . عرفت شخصا آخر يردد كلاما كهذا ( العالم ملئ بالنساء ) هذا قوله ... لكن المعنى واحد.
قالت ذلك و هي تشعر انقباض رهيب في قلبها.
قال مايك : لا أظن ستيفن كان جادا تماما في قوله ذاك فالأمر بالنسبة إليه مجرد عبث ما كان لي أن اخبرك و لكنك مرتبطة برجل آخر على كل حال ....و هذا حسن .
قالت تحثه : نعم حسن جدا و يمكنك أن تخبرني بكل شئ ... كان ستيفن لعوبا في تلك الأيام . أليس كذلك ؟
- سأكتفي بالقول إنه لطالما حثل على أيو أنثى .هذا مؤسف في الحقيقة يجب أن يتلقى ضربة يتعلم منها درسا ... يا للهول ! ما كان يجب أن لأقول ذلك بعد ان انتشلني من مأزقي لكن بإمكانه أن يؤثر عليك حقا فهو واثق من نفسه إلى حد بالغ .
تمتمت : نعم إنه كذلك و لكن قد يسقط يوما ككل رجل آخر.
- إلا إذا تمكن من تجنب ذلك يقول ستيفن إن مامن امرأة في العالم تستحق أن ينخدع بها رجل.
- هل هذا ما يقوله ؟.
مالت إلى الخلف لتخفي وجهها في الظل و هي تحاول ان تحجب ردة فعلها . اكتشفت أصابعها تطرق على المائدة بتوتر ، فتوقفت عن هذا . لماذا يفاجئها هذا الكلام و هي تعرف شخصية ستيفن؟ هذا إلى أن دايفيد هو الرجل الذي تحب !.
تذكر مايك : ذهبنا إلى عرس مرة .. و كان ككل الأعراس لكن ستيفن تملكه الذعر و قال إن الأعراس هي مؤامرة نسائية تحول الرجال إلى مهرجين سخفاء مشضحكين و هو لن يسمح لذلك بأن يحدث له أبدا يمكنك أن تتهمي أي شخص بالسخف إلا ستيفن فهو دوما في القمة . آه ...ربما تكلمت أكثر مما يجب ..
و بدا عليه الشعور بالذنب .
قالت بمرح : هراء ... لا ضرر في ذلك .
- ها إن صديقك عائد ... من الأفضل أن اذهب .
فدفعت نحوه الأزرار قائلة : لا تنس هذه .
- إذا كنتي تصرين .... شكرا .
اقترب دايفيد من المائدة ثم اخذ يراقبه و هو يبتعد بعد ذلك نظر إلى جينيفر متهكما: أتراك تستخدمين هذه الازرار طعما لكل رجل في لندن أم إلى أولئك الذين أراهم معك فقط ؟ جينيفر ...جينيفر ؟.
التفتت إليه بسرعة : آسفة ماذا قلت ؟.
- هل وصلتي إلى نتيجة ؟ز
قالت و عيناها تتألقان : نعم ... لقد قررت أن الوقت قد حان لأوجه ضربتي .

mero_959 20-03-09 01:51 PM

6- سر اللعبة الخطيرة

عندما اتصلت جنيفر بستيفن تحدث اليها على الفور دون ان تنتظر
هتف ببشاشة : جينيفر ، يالها من مفاجأة سارة
- اما عليك ان تناديني حبيبتي؟
- لا . فليس من يستمع.
- فضحكت بصدق : " مارأيك بعشاء في ريتز؟ انا ادعوك
- عظيم . انا اعجبك من هذه الناحية . . . ارحب بالمرأة التي تدفع عني كما اسمح لك بأن تقليني بسيارتك ، ثم تعيديني بعد ذلك الى بيتي.
- غدا" مساء؟
- عظيم
- ستيفن علي ان اعترف بأن دافعا" مايحثني على ذلك.
قال راضيا" إنني اعلم انك لن تخيبي املي".
- هل تعرف رجلا" اسمه مارتسون ؟ إنه شخص سيء لكنني اريد فقط ان اعلم مدى خطورته.
- إنه وحش مفترس . فهو لايوفر جهدا" من اجل إضعاف شركة ما ، ثم يشتريها بثمن بخس . لكنني اعرف بعض الخدع التي يمكن استعمالها ضده سأجمع لك معلومات للغد.
- انا شاكرة لك حقا".
قالت ذلك برقة مفرطة مما دفعه إلى الاستدراك .
- جينيفر ، عندما تكونين بهذه الرقة البالغة ، اشعر بالخطر . هل تهدفين إلى شيء ما؟
- من ، انا ؟
- فضحك : " سأراك فيما بعد".
سرت جينيفر لنجاح خدعتها الصغيرة . اخيرا" ستلقن ستيفن درسا" فما ان يجمع لها المعلومات التي تريدها حتى تخبره انها لمصلحة دايفيد فيتعلم عندها ان يتأكد من حافلاته.
كانت تتحرق شوقا" لترى تزعزع ثقته بنفسه حين يكتشف انها خدعته بمثل اساليبه . . . كم ستستمتع بإغاظته. . .
في اليوم التالي تركت العمل مبكرا" لتستعد لتلك السهرة اشترت ثوبا" جميلا" مزينا" بخيوط ذهبية وهذه المرة لم تحاول الإدعاء بأنه ليس من اجل ستيفن . لم يكن الزحام شديدا" ، فوصلت الى بيته قبل الموعد بعشرين دقيقة كان مبنى ضخما" عصريا" يقوم في شارع راقي.
ادخلتها ماود ، وهي مستعدة بدورها لقضاء السهرة في الخارج . بدت بثوب حريري قرمزي اللون يبرز قوامها الرشيق.
قالت : " سينزل ستيفن حالا" . هل تمانعين ان تركتك وحدك لحظة؟"
فتأملت جينيفر جمال الفتاة ثم ابتسمت تقول : "ارى انك تستعدين للذهاب الى موعد غرامي . لابد انه رجل مميز.
دهشت عندما رأت ماود تتورد ، واخذت تسوي ثوبها . احبت جينيفر ماود ، ولكنها تحبها اكثر الأن . وقالت تجيبها : نعم ، إنه مميز جدا" . . .
والآن ، ارجو المعذرة ، علي ان اذهب
وفجأة تناهى اليها من الأعلى صوت باب يفتح ، ثم اقدام تهبط السلم وإذا بصوت ستيفن يقول : ماود . . . هل لديك فكرة اين . .
التفتت بسرعة كان ستيفن يقف في منتصف السلم يرتدي بنطلونا" ولكن من دون قميص تسمر فجأة عندما رآها بينما امضت هي لحظة طويلة تنظر الى كتفيه القويتين وصدره العريض.
بدا وكأن العالم توقف عن الحركة . وبدا كل شيء في ستيفن مليئا" بالحيوية والنشاط وتذكرت قول مايك : لطالما تهافتت النساء عليه ، لاادري لماذا . . . .
لكنها تعرف الآن وشعرت بأنها محظوظة بتحذيره ذاك . فقد تنجرف اية امرأة مع حماقتها في حب ستيفن
بدا ان ستيفن فوجئ بدوره إذ اخذت عيناه تجولان فيها تتأملان جمالها بإعجاب بالغ ، ثم جذب نفسا" بطيئا"
- لم اعلم انك هنا.
- جئت مبكرة قليلا" فحركة السير خفيفة

mero_959 20-03-09 01:53 PM

- فاجابها بغموض : " سأكون معك خلال دقيقة"
اخذت عينا ماود تنتقلان من احدهما الى الآخر وقد لوت شفتيها . ولكن لم يلحظ اي منهما
وهنا تصاعد رنين جرس الباب فاختطفت ماود وشاحها وهي تتمتم تصبحان على خير ثم اندفعت خارجه
عندما فتحت الباب ، لمحت جينيفر الطارق ودهشت للهجة التي كست وجهه وهو يأخذ ماود بين ذراعيه ثم اغلق الباب ورائهما.
ضحك ستيفن حين رأى الاستفهام المرسوم على وجهها ، ثم قال : هذا ما شعرت به انا ايضا" . سأكون معك خلال دقائق.
عاد يعد بعد خمس دقائق مرتديا" قميصا" ناصعا" كبياض الثلج تتعارض اناقته مع خشونة الرجولة في وجهه . بدا وسيما" جدا"
شرد بها التفكير . . . انه يعلم هذا وهو يعتمد على ذلك الواقع . .
آه ، النساء كالحافلات . . . يالها من صدمة سيتلقاها
تصرف معها بشكل رائع اذعن لها عندما قادت السيارة ولم يحاول ان يبعدها عن مقعد القيادة لكنه انتظر الى ان علقت جينيفر في الزحام الخانق ليطلق قنبلته : لقد غيرت رأيي . لن تذهب الى مطعم ريتوز إنني افضل الذهاب الى ناد ليلي.
- لكنني حجزت مائدة في ريتز".
- آسف اذ سمحت لنفسي ان الغي ذلك الحجز ثم حجزت في "نادي الاوركيد".
-حسنا، كان على علم انك ستقوم بعمل معيب متغطرس كهذا.ولوت فمها بجفاء.
-نعم،كان يجب ان تعلمي ، انعطفي الى اليسار هنا.
-ولكن، اليس ناديا خاص بالاعضاء؟
-وانا عضو.
اوشكت على القول انه مكان العشاق الحميمين لكنها غيرت كلماتها:
-لا اريد الذهاب الى ناد ليلي. انه... لا اريد الذهاب الى هناك. هذا كل شيء.
-لا تكوني ناكرة للجميل، لاسيما بعد كل التعب الذي تكبدته في جمع المعلومات عن "مارتسون" وكل هذا من اجل عينيك.
-حقا؟ هل جمعت الكثير؟
-ما يكفي لاثارة الاهتمام. والان، هل سنذهب الى "نادي الاوركيد"؟
فقالت بسرور:" الى اخر الكره الارضية"
-حذار مما تقولين ، فقد اعتبره وعدا منك.
ضحكت. وفجأة، تملكها شعور رائع. ستكون ليلة بديعه لانها، طبعا، تتحرق شوقا الى هزيمته... وما ان دخلت "نادي الاوركيد"حتى احست بالرهبة، حيا البواب ستيفن بصفته زبونا دائما، لكنه القى على جنينفر نظرة سريعة متفحصة وكأنها الاخيرة في صف طويل. لم يكن هذا ماتريده. لكن صبرا... سيحين وقت الانتقام تقريبا.
كانت مائدتهما في زاويه معتمة ، يضيئها مصباح صغير. اجلسها ستيفن على مقعدها، وبعد ان بلغ النادل طلباتهما قال لها" حسنا، ها نحن هنا.
-نعم، ولكن...هنا...
واشار الى مايحيط بهما.
-المفروض ان كون صاحبة الدعوه.
-وما الفرق؟ لقد تملكني الغرور حين تلهفت لرؤيتي.
-لاتخدع نفسك. انا متلهفة لنصيحتك فحسب.
-بالنسبة الى مارتسون؟ انه سيء الاخلاق. لكنه ليس ضد نورثون.
-انني أسأل عنه لاسباب بالغة الاهمية.
نظر اليها هازئا. يظن انها اختلقت حجة لتخرج معه وتستمتع بهذه السهر.
سألها فجأة:" اين ديفيد هذه الليلة؟"
تعلثمت لهول المفأجاة:" لا ... لا ادري."

mero_959 20-03-09 01:56 PM

-الا يعلم اين انت؟ لا بأس... كان ينبغي ان يعلم. لو كنت احب امرأة لسجنتها ومنعتها من القيام بلعبة من النوع الذي تلعبينه معي.
-ربما لاترضى هي بأن تسجن!..
فأمسك بيدها يقبل راحتها، هامسا.
-ربما بإمكاني ان اجعلها ترضى.
سكت عن الجواب. بالتأكيد يشعر بتسارع نبضها.. انها متأكدة من ذلك! ولم يكتف بذلك بل رفع رأسه والقى عليها نظرة دمرتها.
واخيرا قالت:" انك لاتعلم اسرار لعبتي معك."
-اعلم انك تستغلينني لتشريه بالغيرة. وكذلك لتزيدي من ارباح شركتك. هل هناك المزيد؟
ابتسمت بغموض:"ربما"
-يالك من شيطانة صغيرة. لاباس. سأشترك في هذا.. الافكار الشيطانية تزيد المرأة جاذبية بل تكملها... الن اعرف قواعد اللعبة.؟
-ستكتشفها عن طريق المحاولة والخطأ
-وانت؟
-سأقررها اثنا تعاوننا.
ترك يدها ورفع كأسه وقد لاح الاعجاب في عينيه. بينما فكرت:
"بالتأكيد يظن انه يسلك طريقا غاية في السهولة ففي البداية تغيظه المرأة، ثم لا تلبث ان تقع بين ذراعيه."
لقد الف هذا. لكنه سينال الليلة صدمة كبرى.
-لما تتألق عيناك بهذا الشكل الغريب.؟
-انتظر وستعلم.
-لا بأس ، جينيفر، انها لعبتك، لكنني احيانا لا اثق بك.
فأجابته بلهجة لاذعة: اما انا فدوما لا اثق بك. لا بد ان تعرف بأن ذلك يضفي على علاقتنا نكهة غريبة.
-هذا صحيح، فأنت لا تسببين لي السأم مطلقا، على سبيل المثال، قولي لي كيف ستفأجئينني.؟
-اذا اخبرتك، فلن تكون مفاجأة دع ذلك الان واخبرني... هل تنكرنا ناجح امام الناس؟
-يعتقدون اننا عاشقان قديمان!
فقالت بدهشة:" لا اعني علاقتنا بل سوق الاسهم. فهذا هو المهم.
ضحك معجبا بهذه الوخزة.
-انها كذلك بكل تأكيد. ارتفع ثمن اسهم شركة "تشارتريزة بعد ان توقع السوق اندماجنا بكم.
فقالت مفكرة:"اندماجكم بنا... اشبه بـ (اكلنا احياء)
ضحك وقال:" لا اظنني استطيع اقناعك بهذه الفكرة.
-آه ، بل تظن هذا. كما تظن انك خدعتني.
قال من دون ان ينظر اليها: هل احاول القيام بذلك حقا، جينيفر؟
-وهل من امرأة لاتحاول خداعها؟
-وهل من امرأة لا ترغب في ان تخدع؟
-آه ، نعم . وهي الان امامك. انا احب العلاقات الواضحة الصريحة.
-اذن فأنت تختلفين عن كل نساء الخليقة.
مالت اليه قليلا من فوق المائدة، ثم قالت بصوت رقيق خافت: انا لا اتاثر بالمجاملات.
فمال هو الاخر الى الامام حتى كاد رأساهما يتلامسان:اذن، سأخبرك، وبصراحة، انك اكثر النساء اللاتي عرفتهن احساسا وعاطفة جياشة. الاحظ دوما ملابسك شفافية خاصة. اعلم انك لاتحبذين ان اثير هذه المواضيع... لكنني لا استطيع ان امنع نفسي من ذلك.. فعندما تتحدث لا استطيع تركيز ذهني على الكلام لانني دوما افكر فيك.
كانت كلماته تثير في نفسها سرورا عجبيا لكنها رفضت الاستسلام لذلك الاحساس. انها هذه الليلة ، ستسيطر على نفسها.
سألته: اتظن نفسك قادرا على اغرائي؟
-وهل تظنين انت ذلك؟
-ابدا.
-اتراهنين؟

mero_959 20-03-09 01:59 PM

-اخر مرة تراهنا فيها ، غششتني.
-وسأغش مرة اخرى اذا كان هذا يعيدك الي.
-لكنك في العمل رجل نزيه.
-ربما ليس العمل بتلك الاهمية.
-ياللعار ستيفن! مامن شيء اكثر اهمية من العمل.
بدلا من الجواب ، مد يده نحوها يلامس وجنتها... فدب الاضطراب في نفسها وراحت تتنفس بصعوبه، بينما يقول: لا أراك تعتقدين ذلك حقا.
-كلا ، بل انت من يعتقد.
-يمكننا ، اذا شئنا، ان نصب اهتمامنا على شيء آخر.
-شيء اخر,؟
-اعني نحن.
ها انه يقع شيئا فشيئا. وابتسمت في نفسها.
سألها :" ماقولك؟"
فأجابت:" اقول ان النادل يقف وراءك مباشرة."
تجهم وجهه وهو يعتدل في جلسته بينما النادل يؤدي خدمته. كانت عيناه تتألقان في الضوء الخافت فتعيدان اليها ذكريات تمنت لو تنساها.
سألها وهو يبدأ بتناول الطعام:" كيف حال الصغار؟
سرت لانه تطرق الى موضوعها المفضل فأجابته: لقد فتحت القطط الصغيرة اعينها. وهذا الصباح خرج اخرها من الصندوق الكرتوني ، وهو الذكر . يبدو انه اضعف من اخوته.
-اهو الذي اطلقت عليه اسمي؟
-نعم، مع الاسف... لكنه سيتحسن... تلك التي فتحت عينيها اولا مشاغبة حقا. انها تركض في كل مكان، بينما الاخريات يجلسن على السجادة ويأخذن في المواء. ياه ما اجملها واصغرها!!
ضحك لمنظر وجهها وهي تهذر بهذا الشكل بينما عيناها تلمعان. لاحت في عينيها نظره غير عاديه.... نظره صريحة تنبئ بالعجز والضعف. فراح يتساءل:ترى من يكون حبيبها؟ طبعا ليس هو . اهو دايفيد؟ انه مستعد ليعطي الكثير فقط لينال جوابا عن هذا السؤال.
فرغت جينفير من الحديث عن القطط، ثم تذكرت شيئا اخر.
-لست متأكدة تماما من الذي طرق بابك هذه الليلة؟ اهو "تريفور؟"
-ليست مجرد تخيلات. انهما مجنونان ببعضهما البعض. الم يقل اي شيء؟
-ولا حتى كلمة، لكنني لم اره الا اثناء العمل. وفي المدة الاخيرة اخ يترك مكتبه مبكرا... آه ، هذا طبيعي.!
فقال ستيفن ضاحكا:" الا احصل على جائزة لانني اخبرتك؟ ماذا عن مزاجه؟ فماود لا تفصح لي عن اي شيء."
-حسنا، بدا مشغول البال قليلا. لكنه في العادة دائم التفكير.
-لابد انه يفكر في اختي حاليا... لكن لا تدعيه يتمادى كثيرا ، فهي لا تتدلل عليه في الحقيقة.
-منذ متى تعلم ذلك؟
-منذ الليلة الاولى. اخبرتني ونحن عائدان الى البيت بأنها ستتزوجه.
قالت جينفر متأملة :" الحب من اول نظرة! لم اكن اصدق ذلك. اظن ان ترايفور وجد فتاة احلامه اخيرا."
-ماذا تعنين؟
قالت بد تردد بسيط:" عندما ماتت امنا، تعلقنا ببعضنا البعض..
كان في السادسة عشر وانا في الثانية عشرة. كنا متلازمين تماما حينذاك، لكنه مالبث ان اخذ يتسكع في الشوارع مع عصبة من الفتيان... واظن كرامته منعته من ان يمسك بيدي مجددا. وهكذا تركني ولم يعد الي قط. واظنه بقى يبحث عمن تخفف عنه اعباء الحياة منذ ذلك الحين.
-ولكن جدكما كان دائما الى جانبكما.
-ليس كما تظن. كان يحبنا كثيرا ، ولكنه ظل مشغولا على الدوام.
سألها بفضول:" وماذا بالنسبة اليك؟ يد من مسكت؟"
-لا احد كما اظن.

mero_959 20-03-09 02:02 PM

وخنقتها غصة وهي تستعيد ذكرى الليالي الطويلة الموحشة وهي تبكي امها ، واباها ، او ترايفور، او جدها... او اي شخص.
-جينيفر؟
قال ستيفن ذلك برقة بالغه وهو يتأمل وجهها باهتمام مفاجئ.
عادت الى الواقع، ورسمت على وجهها ابتسامة مشرقة. لم تكن تعلم ان ابتسامتها لاتبدو مقنعه، لكنها شعرت بستيفن يمسك بيدها ، يضغط عليها، يخفف عنها . مضت لحظة جلسا فيها صامتين.
سألها برقة :" اتدركين ماذا عرفت الان؟ اخبرتني به لتوك! سر جاذبية دايفيد كونر. انت ترينيه صلبا اهلا للثقه.
-كان دائما الى جانبي حين احتاج اليه....
-ليس الان... لم يعد كذلك... لهذا انت متعلقه به كما يتعلق غريق بخشبة.
فقالت بلهجة غريبة:" يبدو انني متعلقه بك انت"
ثم نزعت يدها من يده.
-الحقيقة انك خائفة من الهجران مرة اخرى. فأنت لست مغرمة به على الاطلاق.
سألته : ولماذا انشد الامان؟
-يمكنني ان اعطيك الف سبب، لكنني سأكتفي بواحد فقط . انت تريدين الزواج، ومايوفره لك من وهم الامان. هذه هي جينيفر نورثون الحقيقة... وراء تلك الاناقة والحنكة تختبئ فتاة صغيرة تبحث عن يد تتمسك بها في الظلام.
-حسنا ، انت لست من النوع الذي يحب الزواج.
-ولكني افضل، بالنسبة اليك، من دايفيد، لاننا نفهم بعضنا، صدقيني يا جينيفر، ستشعرين بامان اكبر مع رجل يفكر ويشعر مثلك، حتى ولو ليوم واحد... اكثر من امان كل حفلات الزفاف في العالم.
لم تعرف بماذا تجيب. كان قلبها يخفق بقوة ليحذرها من الخطر الذي يحدق بها وبأكثر مشاعرها عمقا وسريه.
وفي اللحظة التاليه، توغل اكثر في اعماقها وقال بشكل فظ:" لاترغمي الرجل المسكين على الزواج بك جينيفر.... والاندمت على ذلك بقية حياتك.
فأجابته بخشونة لتغطي اضطرابها: هذا كلام فارغ! لن ارغم دايفيد على الزواج بي.
-بل اظنك تفعلين. وسأمنع ذلك اذا استطعت.
قالت متحديه:" وبعد ذلك تنبذني وترميني جانبا."
-بعد ذلك نجرب حظنا ... قد لا اتركك بل قد تهجرينني انت ، فأقوم انا بملاحقتك.
فتمتمت بشيء من الكآبه:"لا اظن ذلك."
-لا تقللي من قيمة نفسك وانسي دايفيد، فهو لايحبك. ومفهومه عن الحب محدود كمفهومك.
قالت محذرة :"لندع هذا الموضوع جانبا، ياستيفن . انا اعني هذا."
رد بعد لحظة: لابأس. لكنني سأكتفي بهذا فقط... لابد ان تتخلصي من هواجسك بشكل ما ، لكن دايفيد ليس بالملاك المنقذ.
فضحكت:"يالك من رجل صعب."
سألها وهو يميل نحوها:" ماذا في تعابير وجهك؟ لايمكنني رؤيته في هذا الضوء الخافت.
-هذا حسن . كلما قل ماتعرفه عني ، كان ذلك افضل.
-لاتقولي بأنك خائفة مني؟
فهتفت بسرعة:" لا . ليس منك ولا من اي رجل."
لم يقل شيئا، وانما استغرق في تأملها للحظة . فكر كم تبدو فاتنة عندما يتصاعد الدم الى وجنتيها، فيمنح ملامحها مزيدا من البهاء والحيوية.
قال:" يسرني ان تخبريني عن والديك، فهذا يوطد معرفتي بك. ظننتك تعيشين حياة سهلة مريحة، وتعملين في شركة جدك لمجرد التسلية".
-انا لا اجد فيها تسلية بل افضل العمل مع الحيونات ولكن كيف اخبر جدي بذلك؟

mero_959 20-03-09 02:07 PM


-طبعا.
-ولكن ايحبك فقط لانك تنفذين اوامره؟
-لايحق لك ان تقول هذا.
-ولكن الاتعتقدين ذلك؟
فقالت بشيء من القنوط: كفاك تشويشا لذهني.
قال بهدوء:" لا بأس . اسف.
وسألته بدورها:" الاتجد تسلية في عملك؟
-احيانا الان ، وليس في بداياتي.
-اتمنى لو تخبرني عن ذلك.
تردد متضايقا، فتكهنت بأنه يفضل الا يفضي للاخرين بأسرار العمل... ربما لانه لايثق بأحد ماعد ماود شقيقته. لكنها تعلم انها ان تجاوزت ذلك الحاجز لتقدمت خطوة الى قلب هذا الرجل.
اخيرا قال:" انك تذكرينني بأمي بشكل غريب. لقد عانت من حياة شاقة للغاية لكنها لم تدع اليأس يهزمها قط. وكنت انت هكذا . ذهبت الى تلك المأدبة الرسمية متأبطة ذراعي، متحديه العالم بأجمعه ولم تكشفي لاحد مقدار تعاستك. لم اعجب باحد قط كما اعجبت بأمي. فقد واجهت سوء حظها بشجاعة، وروح مرحه... كم تمنيت لو انها عاشت لتراني ناجحا في حياتي، لامنحها شيئا من ملذات الحياة."
-وماذا عن ابيك.؟
-مات عندما كنت في الرابعة عشرة. وكانت امي ، حينذاك . حاملا بماود. انا الوالد الوحيد الذي عرفته ماود.
توسلت اليه جينيفر:" اخبرني المزيد عن امك."
-كانت عظيمة، مع انني لم اخبرها بذلك حينذاك. بعد موت ابي اصبحت انا رجل الاسرة لكن امي استمرت تراني طفلا. وكنا نتشاجر احيانا لهذا السبب...ثم وجدت عملا كموزع صحف. واعترفت بأنني رجل حين وجدت عملا اخر... عملت في صف المواد الغذائية على رفوف"سوبر ماركت" في عطلات اخر الاسبوع.
-هل اخبرتك على العمل وانت في الرابعة عشرة؟
-انا لم اسألها. قمت بواجبي فقط.
-وماذا عن تعليمك؟"
-تمكنت من ترتيب الامر. تركت المدرسة مبكرا، واتخذت منصة في السوق ابيع عليها كل ما اشتريه بثمن بخس. وعندما وفرت ملبغا كافيا اتخذت منصة اخرى.
-وكيف تحولت من منصات البيع في السوق الى صاحب شركة "شارتيريز.؟"
-تلقيت دروس العلوم التجاريه في معهد ليلي. ثم عملت في متاجر صغيرة، وفي النهاية اصبحت صاحب ثلاث محلات، لكنني كنت طموحا، فبعتها ثم حصلت على عمل في شركة " شارتيريز"واشتريت بثمن المحلات اسهما فيها، وبعد عشر سنوات توليت ادارة الشركة... في البداية رفضوا توظيفي، فقد حسبوني مجرد غلام يجر عربه... وكنت كذلك فعلا. ولكن لم يستطع احد غيري ان يجرهم الى تحديث الشركة.
بدا اعتماده على نفسه اكثر من مجرد عطرسه، فهذا الرجل يعلم انه ولد ليحكم .. ولاحاجة لمزيد من الكلام.
وتابع:" وعلى مر السنين، اخترت التعامل بالاسهم وهكذا اشتريت المزيد منها كلما استطعت.
-وهكذا تسيطر الان على الشركة.
-هذا صحيح، واملك المال ايضا. وهذا مهم جدا. فقد عشت الشقاء في الفقر. وعرفت كيف يضعف الفقر المرء ويسيطر عليه، كنت استلقي في فراشي متسائلا هل سأحصل على اجري قبل ان يحل اجل دفع ديوني ، واذا لم يحصل ذلك فكيف اتخلص من المأزق. فكر الكثيرون في زيادة اعبائي ، لانهم لايرون في الامجرد غلام صغير... فكان علي ان القنهم درسا قاسيا لكي يدركوا خطأهم.
-درسا قاسيا؟
فقال ببساطة:" مامن وسيلة اخرى... فإن اردت الثأر ، عليك ان تنتقمي بقوة حتى لا يتحداك عدوك ثانية."
كان يتحدث بطريقه الامر الواقع بما بعث القشعريرة في جسد جينيفر.
فقالت:" انا مسرورة لانني لم اتخدك عدوا."
فنظر اليها مستغربا:" وانا ايضا مسرورا لانك لم تفعلي ذلك."


mero_959 20-03-09 02:10 PM


7- أحــزانــ عــنــد شــاطئـــ البحــــر...


تركته يقود السيارة في طريق العودة، ورضيت بالجلوس بجانبه فيما السرور يغمرها. قال:هذا يمنحني فرصة لزيارة " مخالب" واسرتها. والفضول يتملكني لرؤيتها بعد ان وضعت.
ما ان وصلت جينيفر الى بيتها حتى اندفعت الى صندوق القطط. ولكن لم تجد اي منها من بيتها.
ناداها ستيفن وهو يتلقط قطيطة من خلف الاريكة: هذه واحد هنا، واخرى هناك.
فضحكت:" ما دامت القطيطيات خرجت من الصندوق فلت اعرف كيف اعثر عليها ابدا."
وبرزت مخالب من المطبخ وانضمت اليهما في البحث. وسرعان ما عادت القطيطيات جميعا الى بيتها. فأعد لها ستيفن حليبا ساخنا. وقهوة له ولجينيفر. ومالبثت جينيفر ان شعرت بأنها هي نفسها قطة، قطة راضية قانعه وهي تتمطى وتشعر بالغبطة وكأن كل شيء في العالم على مايرام.
قال ستيفن:" بالمناسبة، لقد نسينا شيئا.
-احقا؟
-مارتسون . اردت معرفة كل شيء عنه لكننا لم تنحدث عنه... على الاطلاق..
صدمت وهي تتذكر انها لم تكن تريد الخروج مع ستيفن ليري الا لتوقفه عند حده ولتحد من غطرسته... بدا لها ذلك امرا سخيفا وعبث تلميذة صغيرة.. لقد علمت الليلة اشياء ضاعفت من اهتمامها به وتركته يتغلغل الى اعماقها ليلامس مشاعر ماكانت لتسمح لاحد بالاطلاع عليها . اما الان فلم تعد تريد ان تعلمه درسا.
سألها:" اتريدين التحدث عن ذلك الان؟"
فردت متعلثمة : لا، لا، في وقت اخر. انه ليس مهما.
فأجابها وهو يأخذها من بين ذراعيه:" لا ، ليس مهما.
بدأت تشعر بالخوف منه... مع انها لطالما اشتاقت لهذه اللحظة....
فقد بات في نظرها ادمانا سيئا وخطرا... ولكن من المستحيل مقاومته ستدفعه عنها في المرة القادمة, لكنها الليلة, يجب ان تعانقه بكل لهفة وحرارة... هذه المرة فقط.
ولكن، كما هي حال كل المدمنين، لاوجود لشيء اسمه (هذه المره فقط). عناق واحد اصبح اخر ثم اخر ثم عناقا لانهاية له.
تمتم يقول:" اريدك، واريدك ان تريديني".
-انك تعلم انني... لا ادري... ياستيفن...
لكن الكلمات تبخرت في الهواء. كان ذهنها مليئا بصور ستيفن كما رأته في بداية المساء، بعضلاته القوية وكتفيه العريضين . لقد تملكها الشوق الى عناقه منذ تلك اللحظة.
رأت عينيه المثقلتين بالعاطفة تنظران اليها بشكل غريب مرتبك . ثم قال بصوت اجش: انت دوما اجمل مما اتذكر.
ادركت انه سيصعب عليهما التوقف عند هذا الحد. فهي تندفع بطيش ورعونه تقودها مشاعر تغمر كل كيانها، ومع ذلك...
كانت الكلمات التي صدرت عنها آخر ماتوقعت التفوه به:
-ستيفن... ستيفن لا...
احست بالجهد الذي بذله ليتحكم في نفسه ثم قال بصوت مزقه التوتر:
"ماذا جينيفر؟ ماذا حدث؟"
-لا ادري... لقد حدث كل شيء بسرعة.... لست مستعدة لهذا الامر....
انكمشت امام ثورته المفاجئة. كان وجهه بالغ الشحوب لكنه تمكن من السيطرة على نفسه.
تركها ببطء وألم. وحالما ابتعدت عنه، اشاح بوجهه وهو يرتب شعره باصابعه.
قال بذهن شارد:" آسف."
ادهشها قوله كصدمة انفجرت في رأسا... ستيفن ليري يعتذر؟ يبدو وكأن الكواكب توقفت عن الدوران

mero_959 20-03-09 02:13 PM

قالت مرتبكة:" الذنب ذنبي فأنا لا اعرف ماذا افعل."
-لندع هذا الجدال العقيم، لا اظنني اتحمل هذا حاليا.
وضحك متوترا:" ليس من عادتي ان اخطئ في تقدير الاشياء الى هذا الحد."
فقالت متعلثمة:" لست المذنب.... بل انا... انا التي غيرت رأيي... لا ادري لماذا.."
-سأذهب الان إذا شئت..
-نعم... الافضل ان تذهب.
تمنت لو تدعوه للبقاء، لكن لا! عليها الا تقوم بذلك . بعد لحظة سيكون خارج البيت وتنتهي علاقتهما وهذه المره ... الى الابد!."
واذا برنين الباب يجفلهما فأخذا ينظران متسائلين، ثم تمالكت جينيفر نفسها وفتحت الباب فظهر رجل وامرأه في الاربعينات من العمر، ومعهما فتاة في حوالي العاشرة.
قالت المرأة:" نأسف لازعاجكما في مثل هذه الساعة. اتصلنا بك مرات كثيرة هذا المساء لكننا لم نجدك. ينبغي ان تكون "يربندا" في فراشها منذ ساعات... لكننا لم نستطع ان نكسر قلبها مادام هناك امل في استعادة" ثلجية"
سألتها جينيفر وقلبها يهبط"ثلجية؟"
ففسرت الفتاة:" ان مخالبها بيضاء كالثلج رغم انها سوداء برمتها".
ثم اشرق وجهها بابتسامة مبتهجة وهي تصيح:"ثلجية!
واندفعت الى الداخل تحتضن " مخالب" التي هرعت نحوها هي الاخرى.
وبابتسامة منكسره، ادخلت جينيفر الوالدين.
جرى تعارف سريع. كان السيد والسيدة " كرانمر" مسلحين بصور عائلية تظهر القطة " مخالب " او " ثلجية" بين ذراعي فتاة, مامن شك....
انهم اصحاب القطة الاصليين! وما ان كتشفت الصغيرة بريندا القطيطيات الاربع حتى احتضنتها بسعادة غامرة.
قالت السيدة كرانمر:" اننا نعيش على بعد اربعة شوراع من هنا. وقد اخبرنا احد جيراننا ان شخصا ما في هذه المنطقة قد آوى في بيته قطة سوداء ذات مخالب بيضاء... لكنه لم يكن واثقا من اسمه فرحنا نطرق الابواب في جميع الانحاء حتى اخبرنا البعض عنك. الحمدلله انها كانت آمنة معك"
قال السيد كرانمر:" اسمحي لنا ان نسدد اجرة البيطري."
فأجابت جينيفر:" لقد وصل البيطري بعد الوضع لكن ستيفن قام بكل شيء."
حول اكواب من القهوة تحدثا عن قصة تلك الليلة وضحكوا كثيرا. لكن ستيفن لاحظ ان ابتسامة جينيفر كانت مصطنعة نوعا ما. تلاقت اعينهما فبدت عيناه مليئتين بالعطف والتفهم.
عندما حان وقت انصراف الزائرين، قفزت "ثلجية" الى حضن جينيفر واخذت تلامسها برأسها وهي تموء مواء لطيفا.
قالت بريندا :" انها تشكرك... انها تحبك."
فردت جينيفر بصوت ابح:" وانا ايضا احبها، وانا سعيدة جدا لانها عثرت على اسرتها."
فقالت بريندا:" لكنك ستكونين وحدك . اتريدين واحده من قطيطاتها."
ورفعت الذكر الذي كان لونه يماثل لون ثلجية تقريبا وهي تقول:"سأحضره اليك عندما يستطيع ان يستغني عن امه.
هزت جينيفر رأسها مكرهه:" اود ذلك من كل قلبي. ولكن ليس من العدل ان اتركه وحده في البيت بينما انا اعمل طوال النهار. كان الامر متخلفا مع مخا.. ثلجية . فهذا المكان افضل لها من الشارع لكن لهذا الصغير خيارات افضل."
سألتها بريندا:" الاتريدينه؟"
-نعم ، اريده طبعا.ولكن...
وتهدج صوتها فقالت السيدة كرانمر برقة:" اننا نتفهم ذلك."
نظر اليها ستيفن وهي تقفل الباب خلفهم، فرأى كيف انحنت كتفاها لم تلتفت اليه بل ذهبت سريعا الى المطبخ.

mero_959 20-03-09 02:15 PM

استدعى ستيفن سيارة اجرة. كان يمسك بالهاتف وانتباهه منصب على الطبخ. وسمع صوتها وهي تنفخ انفها في منديلها.
وحين عادت قال لها :"سيصل التاكسي بعد دقيقتين."
-هذا حسن.
قالت ذلك بابتسامة مشرقة لكنه علم ان ابتسامتها سرعان ماتخبو حالما يخرج... وتعود الى وحدتها... من دون قطط... من دون دايفيد، من دونه هو، من دون احد. وادمى ذلك قلبه. اندفعت من بين شفتيه كلمات عفوية:"اقضي نهار الغد معي جينيفر.
اجابت متعلثمة:" لدي... لدي اجتماعات طوال النهار."
-الغيها. خذي يوم اجازة وتعالي معي الى شاطئ البحر.
-شاطئ البحر؟
قالت ذلك وهي لاتصدق ماتسمع.
-اريد ان اخذك الى هانتلي واريك مكان نشأتي. دعينا نصاب بالجنون.
-آه، نعم. فلنصب بالجنون!
قالت ذلك ببهجة بالغة وكأنها صبية صغيرة.
-سأقلك عند الثامنة من صباح غد. لاتتأخري. تصبحين على خير.
بعد ذهابه . اخذت جينيفر تذرع ارض الغرفة باضطراب، وهي تحاول تنظيم افكارها....
لماذا تملكها الذعر؟ ربما لان الشوق الى ستيفن حين يجتاحها يصبح اقوى منها، ويمزق الحياة المستقرة التي لطالما انتظرتها منذ وقت طويل، منذ كانت صبية صغيرة وحيدة مهجورة.
في صباح اليوم التالي، لم تكن متأكدة من حضوره. ولكن في الثامنة الا خمس دقائق سمعت طرقات على بابها. فتحته واذا بها تجد رجلا كادت الا تعرفه . ستيفن ليري في قميص ملون تزينه مربعات، ومن دون ربطة عنق، يبتسم كصبي متشوق الى نزهة ممتعه.
كانت هي ايضا ترتدي بنطلونا وقميصا تبني اللون ماكانت لترتديهما للعمل... وقد عقدت وشاحا حريريا احمر حول عنقها وعلقت في كتفها حقيبة منقوشة من القماش.
سألها:"الست جاهزة بعد؟"
اجابت:"مازلت بحاجة الى عشر دقائق "
هي كلمات عادية تبادلاها، لكن وراءهما يكمن توتر.
لكنهما، على كل حال، تمكنا من تغطية التوتر ببضع كلمات عادية.
وما ان جهزت للخروج حتى قال:"ملابسك مناسبة تماما لقضاء نهار على شاطئ البحر.
-حسنا، ارجو ان يكون شاطئا حقيقا، تكسوه الرمال الذهبية وتعلوه خيمة فيها رجل يبيع الايس كريم.
-اسف لان الشاطئ مغطى بالحصى، ولكن اظن خيمة الايس كريم ما زالت هي هي.
حين انطلقت بهما السيارة، قالت جينيفر: عندما كنت صغيرة، اعتاد والداي ان يأخذانا، انا وتريفور ، الى شاطئ البحر، تلك الرحلات ماتزال شموعا مضيئة في ذاكرتي. كانت الشمس مشرقة والايس كريم لذيذا على الدوام، وانا وترايفور نتشاجر. فالرابح هو من يبني قصرا رمليا اعلى من قصر الاخر.
-اراهن على انك كنت تربحين دائما.
-ليس دوما، لكنه اعتاد على الغش.
-بمناسبة الحديث عن ترايفور، لم تعد ماود الى البيت ليلة امس...
وذلك لاول مرة. اظن علينا ان نستعد لحفلة الزفاف.
-هل انت جاد؟
-انت لاتعرفين اختي عندما تصمم على شيء . انها رهيبة.
كانت جينيفر على وشك الجدال عندما تذكرت وجه تريفور وهو يأخذ ماود بين ذراعيه. كان يبدو عليه الوله والخضوع.
سألته بشيء من الاضطراب:"هل قلت انها قررت ان تتزوجه منذ ان تعارفا؟ ولكن هل حبها ذاك حقيقي؟"
-ولماذا فكرت في الزواج منه اذن؟

mero_959 20-03-09 02:18 PM

-حسنا ، يحين وقت في حياة كل عارضة ازياء....
وسكتت جينيفر بلباقة. فقال سيتيفن: انها لا تتزوجه طمعا في امواله، اذا كان هذا ما تظنينه... لقد اكتسبت الكثير من المال من مهنتها. الاتؤمنين بالحب من اول نظرة؟
فسألته مجفلة:" وهل تؤمن به انت؟"
-انني اؤمن بشيء ما من اول نظرة. اما الحب... ترى ماود في هذه الكلمة معان عميقة اما انا فأظنها تكسب معنى جديدا في قلب كل انسان.
-لا اظنك تعلم ما تعرفه ماود عن هذه الكلمة. من الواضح انها اكتشفت في تريفور شيئا خفي عنا نحن. ربما هي البصيرة الغريزية التي يسمونها الحب. فالمحبون يمنحنون الشخص الاخر كل ثقتهم ويرونه على حقيقته عاريا عن كل زيف. ان اختبرا ذلك فأنا احسدهما.
-ولكنك عرفت ذلك مع دايفيد.
-وانا ودايفيد نحب بعضنا.... لكنك تعلم ان الامر ليس بهذه البساطة... وهو لايخلو من تعقيدات، كما هو الحال مع ترايفور وماود.
قال بلطف:" ان كانت فيه تعقيدات، فلعله ليس حبا على الاطلاق"
-لن اتخلى عن حبه لاننا نواجه بعض الصعوبات، فلكل المحبين مشاكل. لكننا سوف نتخلص منها. هل مازلت"هانتلي" بعيده؟
اجاب وقد تقبل تغيير الموضوع.
-مازال امامنا ستون ميلا. انه مكان صغير او هكذا كان عندما رأيته آخر مرة. ليس مكانا مفضلا لاجازات الاسرة فالحصى تغطي الشاطئ بأكمله.... لذلك بقي هادئا. فاصبح ملاذا يقضي فيه كبار السن فترة تقاعدهم. في صغري كنت اراه مكانا هامدا بلا حياة ، لكنني بلغت سنا قدرت فيه جوه المسالم الهادئ.
اخذت تحدق الى يديه القويتين على عجلة القيادة. كانتا امس تضمانها اليه بعاطفة محمومة، ومع هذا رفضته . اتراها مجنونة؟
بعد فترة قصيرة ،لفحها الهواء المالح، فادركت انهما اقتربا من البحر.
صرخت كفتاة صغيرة:" هاقد وصلنا. لقد لمحته من خلال الاشجار" كانت المياه تتألق تحت اشعة الشمس. فتملكتها تلك البهجة القديمة.
وسرعان ماظهر البحر لعينيها، ولمدة اطول هذه المره. واخيرا اصبحا على الطريق الساحليوالشاطئ بمحاذاة الطريق.
وقعا على مطعم جيد يقدم الاطعمة البحريه، فجلسا قرب النافذه يستمتعان بالمناظر. قال : ارى هنا ناس اكثر مما اتذكر. اصبحت "هانتلي" اكثر ازدهارا. هذا من حسن حظ "دان ماركام"
-ومن هو دان ماركام؟
-انه صاحب المتجر الذي عند الزاويه. هناك عملت للمره الاولى، كموزع صحف على البيوت. مازلت ارتجف كلما تذكرت كيف كنت انهض في السادسة صباحا ايام الشتاء الباردة. لكنه كان دوما يعطيني شرابا ساخنا قبل ان ابدأ عملي، وايضا بعد عودتي. كان رجلا طيبا.
لم تسمعه جينيفر يتحدث بهذه الحرارة عن اي شخص من قبل ، فقالت لكي تبقى على رقة مزاجه هذه: حدثني عنه اكثر.
-كان اشبه "ببايا نويل" بلحيته الكبيرة والغمزة في عينيه. وكان كريما الى حد الطيش. فلطالما دفع لي اكثر من الاجر المعتاد. ورفع اجري عندما ماتت امي.
قالت باسمة:" ياله من رجل اعمال ردئ."
-وفظيع. كان يدين الزبائن، ثم لا يلبث ان يمحو الدين لانه يظنهم فقراء.
-شيء مخيف. اظنك القيت عليه محاضرة في الكفاءة والتدبير.
-لقد فعلت ذلك . مازلت اسمع نفسي الان. وانا في الرابعة عشرة من عمري، واقول: انك تفقد بذلك الحد لادنى للربح، ياسيد ماركام. فنظر الى بجمود، قائلا:" لا اعرف ماهو الحد الادنى يافتى... انا فقط اشتري وابيع." عندما كانت زوجته حية، اهتمت

mero_959 20-03-09 02:20 PM

هي بالحسابات، وبعد فترة استلمتها انا. حينذاك اكتشفت كم استفادت امي من احسانه.
انهى كلامه بجفاء... وقد اظلمت عيناه، وكأن مازال يتألم للذكرى.
قالت جينيفر:" لابد انك سددت كل قرش."
نظر اليها فجأة مجفلا:" هل انا شفاف الى هذا الحد؟"
-حسنا، اظنني بدأت اعرفك قليلا.
-نعم. اظن ذلك. لقد جمعت ما كنا مدينين له به، ثم رفضت ان اتقاضى اجري منه حتى سددت ديني، كل شيء، لقد قامت بيني وبينه مشاحنات رهيبة لاجل هذا الامر. لكنني انتصرت.
تمتمت تقول:"طبعا."
-اعدت له نقوده. ثم حاولت ان اعلمه درسا في التجارة لكنني لم استطع ذلك قط. لقد تراجعت احوال المتجر لسنوات، لكنه لم يفهم السبب.
اخذت جينيفر تنظر اليه وقد سلبها عقلها. ان لستيفن ليري قلبا. ليس عاطفيا ولاويذوب شفقه، وانما هو عضو صلب قوي يتصرف بغرابة لكنه صالح ونزيه، ورقيق ايضا. كان قلبا تزداد رغبتها في معرفته، وربما في تملكه ايضا.
سألته:"هل فقد متجره في النهاية؟"
-تقريبا . من حسن الحظ ان شخصا ماتدخل وانقذه من المستنقع.
-هل من جائزة لمن يتكهن باسم ذلك الشخص؟
بعد لحظة بدت على وجهه ابتسامة عريضة يخالطها بعض الخجل:" نعم ، لابأس. انا ذلك الرجل. صادف ان مررت بالقرب من هانتلي منذ سنوات قليلة، فذهبت لاراه، كان مرغما على ترك المحل. وبما انني رجل احب دفع ديوني، فقد منحته قرضا."
-وهل استطاع تسديده؟
هز راسه ضاحكا:" كان علي ان امحوه. فالتعامل على الورق شيء مزعج."
-تختلق اعذارا. انت شغوف به... انه مجرد ضعف بشري.
-لا اعاني من اي ضعف بشري، فلست من النوع الودود على كل حال
-قد يكون "لمخالب" رأي مخالف بهذا الشأن.
-ساعدت القطة تلك الليلة لاحول دون اصابتك بانهيار عصبي فقط لا غير.
-انك مخادع، فوراء هذا المظهر الفولاذي...
قاطعها:"يخفق قلب من فولاذ، لا تنسبي الي مزايا تذوب رقه .كنت مدينا لذلك العجوز. هذا كل مافي الامر."
-كما تشاء!
وعندما عادا لمتابعة الرحلة، دخلا الارض الزراعيه فترة عادا بعدها فجأة الى الطريق الساحلي.
قال ستيفن:" المباني السكنية هذه الجديدة. يالها من شقق قبيحة."
تابعت جينيفر نظراته نحو الافق، فأبصرت معدات ضخمة بين المباني كما تناهت اليها موسيقى صاخبة.. ولمحت اضواء متألقه.
قال ستيفن متأوها:" تلك المباني الوحشية جديده، يبدو وكأن المقاولين قد دخلو المكان."
وفيما هما يقتربان من "هانتلي" توضحت لهما اثار المقاولين الهمجية... فالابنية العصريه تنتشر في كل مكان، والمتاجر المضاءة متناثرة في اماكن النزهه. كما اصبحت المدينة الصغيرة مزدحمة بالناس.
قال بقلب مثقل:" ليس هذا المكان الذي عرفته، ولكن لماذا يوافد الناس الى هنا فجأة؟"
وبعد دقائق جاءهما الجواب حين شاهدا الكازينو الضخم.
قال البواب:" انه يجذبهم من مسافة اميال.. يبقى مفتوحا على مدار الساعة. والاطفال شغوفون به."
فقال ستيفن بذعر:" اراهن على انهم كذلك"
فذكرته جينيفر:" انه استثمار جيد.."
فرد ببطء دون سخرية:" ليس بالنسبة الي. كل ما ارجوه هو ان يستفيد "دان العجوز من هذا."



mero_959 20-03-09 02:23 PM

اخذ يفتش عن متجر الزاويه. وشعرت جينيفر بالارتياح وهي ترى متجرا متألقا يحمل اسم :" وكالة صحف ماركام."
قال ستيفن بارتياح:" لقد نجح اخيرا."
-الفضل لك.
امسك بيدها واخذا يركضان الى الداخل وهو يقول:" فلندخل ونفاجئه كان شاب يقف خلف منضدة الاستقبال، فسألهما باسما برقة :" امن خدمة ، ياسيدي؟"
فسأله ستيفن:" هل دان ماركام هنا؟"
-دان...؟آه، اتعني العجوز ماركام. اظنه سافر الى كند!"
سأله ستيفن بذعر:" اتعني انه ذهب في اجازة؟"
-كلا لقد باع المحل.
-باع المحل؟ لكن الاسم....
-آه، نعم ... لم يتغير اسم المحل لان الناس جميعا يعرفونه. لكن الواقع انه الان ملك لاصحاب سلسلة من المحلات... وقد اشتروه من دان ماركام.
سأله ستيفن عابسا:" اتعني انهم اخرجوه بالقوة؟"
-لم يحتاجو الى ذلك. فقد كان متلهفا للبيع بعد ان تنازل له دائنه عن الدين... لقد انخدع الاحمق به... وبعد ذلك الاسبوع باع دان هذا المحل، قائلا انه يريد ان يأخذ المال ويهرب.
قال ستيفن ببطء:" فهمت... نعم فهمت."
ثم خرج من المتجر ببطء وتبعته جينيفر. كان وجهه شاحبا وكأنما تلقى صدمة، واكتشفت انها تأسف لاجله.
حاولت ان تتأبط ذراعه.لم يسحب ذراعه منها . ولكنه لم يساعدها على ذلك. كان يسير في الشارع منكس الرأس متهجم الوجه، وقد بدا ضائعا في عالم من الغضب.
سألته بحنان:" انه امر يهمك، اليس كذلك؟"
-نعم يهمني... لا ادري لماذا ولكن... نعم يهمني كثيرا."
استرخت ذراعه اكثر فأمسكت بها جيدا وهي تقول:" دعنا نتنزه سيرا على الاقدام."
عبرا الشارع ونزلا الى الشاطئ. وجدا بعض السايحين، لكنهم كانوا نادرين. فهذه الايام يأتي الناس الى هانتلي للمقامرة والتسلية الصاخبة. اما فردوس الهدوء والسكينة النفسية التي لطالماعاشت في ذهن ستيفن فقد تلاشت الى الابد.
انعطفا عند رأس بحري الى ان وصلا الى خليج صغير ، مقفر. وقف ستيفن فجأة، ثم امسك بقبضة من الحصى واخذ يقذف بها بعنف الى الماء...
وكأنه يرمي معها مشاعره كلها.
قال بمرارة وهو يستعيد كلام ذلك الرجل.
-بعد ان انخدع به... اي بعد ان خدعني!
-لماذا يهمك امره الى هذا الحد؟
-بعد ذلك بأسبوع! لابد وانه كان مصمما على البيع! لقد استغلني!
-يبدو وكأنه تعلم اخيرا شيئا منك.!
نظر اليها مشكرا، لكنه بعد لحظة، لف ذراعه حول كتفيها بينما وضعت هي ذراعها حول خصره واخذ يسيران صامتين..بقيا على تلك الحال وقتا طويلا... لكنها رضيت بهذا القدر. مر الوقت بسرعة، فأدركت انهما قطعا مسافة طويلة. اصبحت المدينة خلفهما اما هما فأصبحا وحيدين على الشاطئ لارقيب لهما... سوى الامواج.
القت ذراعيها حول عنقه ونظرت الى وجهه وهي تقول برقة: لاتتألم
لكنه كان يتألم . والاسوأ انه ليس معتادا على الالم الذي يتبع الصحوة من دنيا الخيال، ولايعرف كيف يواجه ذلك. غمرتها موجه من الحنان والارتباك والقلق. فهذا ماكانت تشعر به نحو دايفيد.. انه شيء يشبه الحب الى حد خطير، وهي التي عاهدت نفسها الاتقع في حب ستيفن ليري ابدا.
وازداد اضطرابها حين سمعته يقول: انا مسرور لانك كنت الى جانبي عندما اكتشفت الامر.سمعت صدى صوت اخر، صوت رجل اخر، ضعيف قلق، يقول كلمات مماثلة في زمن اخر لكن الصدى سرعان ما تبدد
جذبها ستيفن نحوه ، لا ليعانقها ولكن ليشبث بها وكأنه يلتمس منها السلوان. بادلته العناق بعنق، وهي تتلهف لان تحمل عنه همومه.
واخيرا قال متنهدا بأسى:" لابأس. لقد تحسن مزاجي الان. آسف لانني ابتعدت كل هذه المسافة.
-لابأس، ولكننا سنعود الى سيارتنا بالحافلة، فأنا مرهقه.
-هيا لنخرج من هاتتلي الى الابد.. لن يهمني ان ارى هذا المكان بعد الان.


mero_959 20-03-09 02:27 PM

- ارحـــلـ ولا تـــرحـــلـ....
استقلا الحافلة عائدين الى المدينة فوجدا سيارتهما حيث اقفاها، وما لبثا ان انطلقا بها.
قال هازئا بجفاء:" حسنا، لم يكن هذا هو النهار الذي خططت له. لكنه كان مفيدا."
توقفت امام مقهى قديم الطرازز تنتشر في باحته موائد بمظلات ملونه.
تناولا الطعام على مائدة قرب بركة يسبح فيها البط... واخذا يقذفان لها ببقايا الطعام... عندئذ قالت له جينيفر بلطف: انظر الى الناحية الايجابية! لقد احببته ، وكنت مدينا له. وقد وفيت دينك بعد ان اعطيته ملبغا جيدا يمكنه من التقاعد بكل راحة. فلماذا لايستعمله بهذه الطريقه؟
وأوما برأسه شارد البال واخذ يأكل صامتا، لفترة. واخيرا قال:" الحق معك،طبعا. من اكون لكي اكلب منه ان يدفن نفسه هنا لاجلي؟ لابد انه قد سئم العمل في هذا السن"
-لكن الامر لم يحصل بهذا الشكل اليس كذلك؟
-كلا، فحدسي المضطرب ينبئني انه غدر بي... وهذا هراء،كما اظن المشكلة هي انني احب توجيه حياة الناس، وغالبا ما انجح في ذلك... وهذا يزيدني سوءا.
قالت مازحة:" والاسوأ عندما تفشل في ذلك."
شعت ابتسامته:" انا لا اطاق عندما لا احصل على ما اريده. لا ادري لماذا اتكبد كل هذا العناء... ظننته انسانا مميزا عزيزا، يمكنني ان اثق به."
-الا تثق بأي انسان اخر؟
-بلى اثق بك انت.
قالها بشكل غير متوقع وقد احس بصدمتها فابتسم.
-قولك هذا ادهشني اكثر من اي شيء اخر.
-انني اثق بك تماما. بالرغم من معاركنا، اظنك اكثر الناس الذين قابلتهم صدقا ووفاء. وانا واثق انك لن تغدري بمن يثق بك.
اخرسها تقدير ستيفن ليري لها من بين كل الناس. في صوته نبرة دافئة، وفي عينيه نظرة جديده تألقت حين اخذ بيدها قائلا:"جينيفر"
-ستيفن، ارجوك. ان حياتي معقدة وانت تزيدها تعقيدا.
-اتفكرين في دايفيد؟
-حسنا،نعم . الاتراني اخدعه؟
-لا، انت ودايفيد تقتربان من النهاية... انه امر محتم.
وعندما لم تجب، عاد فسألها:" هل اتصلت به الليلة الماضية بعد ذهابي؟"
فأجابت بهدوء:"لا"
كان عليها ان تتصل بدايفيد، فهو ينتظر معلومات عن مارتسون ، على احر من الجمر. لكنها لم تستطع ان تقدم على ذلك.
-هل اتصل هو بك؟
-لا، لاتسألني عن دايفيد.
-لايمكنني ان امنع نفسي/فأنا اغار. ربما لايحق لي ذلك. لكنني اشعر بالغيرة من كل رجل عرفك فيما مضى، او لمسك او عانقك...او... ياللهول، لايمكنني ان استمر بهذا الشكل.
-ربما من الافضل الا نلتقي بعد الان.
-سألها بسرعة:" احقا لاتريدين رؤيتي؟
هزت رأسها ببطء، ولكنها تذكرت كيف احتالت عليه الليلة الماضية فاحتقرت نفسها.
-ستيفن، علي ان.... ان اخبرك بشيء... انه سبب اتصالي بك... رفع اصبعه الى شفتيها:
-لاحاجة بك لان تخبريني اي شيء. انني اعرفك اكثر مما تظنين.
-ربما انت لاتعرفيني جيدا.
-انني اعرف الاهم، مثل حقيقة قلبك. لقد اتصلت بي لاجل... اسباب تخصك، اشياء يجب ان تبقى طي الكتمان.
ظنها اختلقت عذرا لكي تراه، ولكن ... اليست هذه الحقيقة.؟

mero_959 20-03-09 02:29 PM

لم تستطع ان تضيف اكثر من هذا، فقد اصبحت كالمسحورة، شعرت بقلبه كالوردة ينفتح لها اخيرا... لقد غامرت لتوها بنبذ ذلك، لكنها لم تجرؤ على معاودة الكره، فهذا الاحساس ثمين للغاية، وتلك خدعه صغيرة بريئة اختلقتها في حياة اخرى، يوم كانت هي امرأة مختلفة. اما المرأة التي تقع الان في غرام ستيفن ليري فقد ولدت من لحظات فقط. ستدفن سرها في العمق، حيث لايمكن ان يهددهما ثانية.
لم يتحدثا بعد ذلك الا قليلا حتى فرغا من الطعام. قنعت بالجلوس، مستمتعة بصحبته وهي تشعر بأن علاقتهما تزداد قوة. كان متكبرا، حساسا غريب الطباع، فظا حين يروق له ذلك، غير عقلاني، صعب المعاشرة كثير المتطلبات. لكن لمحة الضعف المفاجئة التب لمستها فيه هذا النهار مست قلبها.اظهر لها ومن دون خوف انه بحاجة اليها . ومن ثم توالت الاحداث وها هي الان تجلس على عتبة مستقبل جديد رائع.
لقد اسقط الحواجز حول قلبه من اجلها، وافضل مافي الامر انه بدا راضيا بهذا الوضع الجديد. وعندما نظر اليها فجأة باسما، رأت في عينيه قبولا ونظرة حائرة مرتبكة وتفهمت ذلك فقد كانت مثله تماما.
عادا الى البيت متمهلين. وقفا عند اشارة السير، وامسك بيدها وضغطها لحظة ثم عاد يقود من دون ان يتفوه بكلمة. شعرت بالسعادة تستقر في داخلها... فالعاطفة المحمومة لا بأس بها لكن هذا لاتقارب النامي بينهما لا يوصف.
عندما وقفت السيارة ، قال: لم اشرح لك بعد ملف مارتسون . لقد تركته في بيتك هذا الصباح، والافضل ان ادخل معك لاخبرك عنه.
سألته ورأسها يدور:"مارتسون؟" آه، نعم ،" مارتسون"
كل شيء بدا بعيدا الان ماعدا ستيفن . وعندما دخلا بدت كل حركة اكثر قوة وكل شعور اكثر حده... اما حركة المفتاح في القفل فكانت ذات طابع اخر... كذلك صوت الباب وهو يقفله خلفه ويقف ناظرا اليها.
بات المنزل الان معتما، لكن ستائرها مازالت مفتوحة فتسلل مايكفي من الضوء لترى في عينيه اضطرابا لم تعهده فيهما من قبل... فاضطربت هي بدورها... لم تستطع سوى ان تهمس باسمه، وفي اللحظة التاليه كانت بين ذراعيه.
لكن عناقه اليوم اختلف عن اي عناق آخر. لطالما شعرت قليلا بمزيج من القسوة والتملك يشتعل في طبيعته. لكنها اليوم لمست مايشبه التوسل فتجاوب قلبها مع ذلك.
تمتم يقول:" تعلمين بأنني اريدك، اليس كذلك؟."
فشهقت:" نعم.... ولكن..."
-هس.... كلمة (لكن) للجبناء ، وانت لست جبانة، جينيفر! انك قوية بما يكفي لتفعلي ماتريدين.. هذا السؤال لايحتمل الا جوابا واحدا نعم او لا.
تابع يقول :" اتركي دايفيد واقيمي علاقة معي."
-علاقة؟
-لست بحاجة الى الزواج، ياجينيفر... مثلي تماما. دعينا نثير السماء ونذهب الى كل مكان معا، فلندع العالم يعرف بأحاسيسنا.
تراجعت الى الخلف ونظرت اليه متحديه:" ربما مشاعرنا مختلفة.
-مشاعرنا متشابهة. لكنني صادق فيها بينما انت لا... ونحن الاثنين نعلم سبب ذلك.
-هذه هي فكرتك عن التقارب الشاعري؟
-انه تقرب صادق الى امرأة قالت انها تحب التعامل الواضح.
-نعم ... نعم انا احب ذلك.
لكنها لم تستطع ان تتذكر انها قالت هذا الكلام.
-انت لا تحبينني اكثر مما احبك انا. اليس كذلك؟
قالت بغموض :"لا . انا لست مغرمة بك."
-ومع ذلك ، نحن نقدر احدنا الاخر، وانت تعلمين هذا. لن استطيع ابدا ان اسمعك حديثا جميلا... لكنني سأبادلك العواطف المحمومة بمثلها... والمجازفات بمثلها ، ومعا سنجعل السماء تتوهج بالانوار.


mero_959 20-03-09 02:32 PM

اضحى عناقه هذه المرة هادئا تماما وكأنه ازاح الشكوك كلها جانبا واصبح واثقا من النصر.
-انك لي يا جينيفر، اليس كذلك؟
حاولت ان تجيب لكن حواسها دارت بها.
وفجأة تصاعد رنين الهاتف.
تمتم ستيفن:" ياللهول"
همست:" دعه يرن. ان جهاز الاجابة مفتوح."
وهكذا، بعد بضع ثوان، عمل الجهاز وسمعت صوتها تطلب من المتصل ان يترك خبرا. ثم صدح صوت دايفيد: جينيفر، حاولت الاتصال بك طوال النهار. الم يسعفك الحظ بجمع معلومات عن مارتسون بعد؟ قلت لي بنفسك انك تملكين طريقه ممتازة لاستخلاص معلومات عنه، وكلما اسرعت في ذلك كان هذا افضل. تعلمين اهمية ذلك بالنسبة الي، ياحبيبتي.
شعرت بستيفن يتصلب بين ذراعيها، وبدت نظرة غريبة في عينيه، بينما سقطت يداه الى جانبيه.
كادت تصرخ، لكنه قال بنعومة:" يالهي... انك ماهرة حقا!".
ردت بذعر:" ستيفن... لا! ليس الامر بهذا الشكل."
-بل هو بهذا الشكل بالضبط. لقد جعلتني ابدو مغفلا. لاتنكري هذا وعلى كل حال. هذا فوز لك وعليك ان تفخري بذلك.
بدا شحوب وجهه مخيفا.
قالت والتعاسة في ملامحها:" لا ، اضغ الي... ارجوك.
-لهذا اذا اتصلت بي ودعوتني للخروج معك، اليس كذلك؟
-ستيفن؟
-اليس كذلك؟
-نعم، ولكن....
-وقد صدقتك، ياللضحك الذي ضحكتيه... لقد نسيت امر دايفيد... تلك حماقة مني. فالخدعه كلها من اجل دايفيد اليس كذلك؟
صرخت:" لم افعل هذا من اجل دايفيد. بل فعلته من اجل نفسي. اردت اذلالك... ثم، اذا شئت ان تعلم حقا.. كنت سأخبرك لاحقا بأن المعلومات هي من اجله، وذلك لكي اسر باغاظتك فقط."
-آه، ارجوك ، يمكنك اختلاق افضل من هذا.
-لكنها كانت حماقة، سرعان ماغيرت رأيي اليوم.
-لاتذكري هذا اليوم الا اذا اردتني ان اقوم بشيء تندم عليه نحن الاثنان. عندما افكر كيف انني ... تبالك.
قالها بوحشية فأشاحت بوجهها حتى لا ترى الغضب البدي في عينيه. ظنت انها رأت فيهما الالم ايضا، لكن من الصعب ان تتأكد. ولم تكد تتحرك حتى امسك بكتفيها وادارها بعنف لتواجهه، وهو يقول بغضب: انظر الي:
انظري الى وجهي اذا استطعت... ظننتك امرأة صادقة ياجينيفر. كان علي ان اتذكر انه لا وجود لشيء كهذا. كل امرأة تكذب كلما فتحت شفتيها . وعندما تعانق رجلا. تكون تلك الكذبة الكبرى.
وجذبها فجأة اليه وعانقها عناقا قاسيا لا اثر للعاطفة فيه... مزيج من الرغبة والالم والغضب المنتقم... وتنبهت لغضبه هذا.
احست بالخوف الا انها استجابت لعناقه والتصقت به.
قال لها : كيف لاي امرأة ان تعانق رجلا بهذا الشكل بينما الامر كله خداع.
فشهقت:" لم يكن هذا خداعا."
-اخرسي . اتظنيني اريد سماع ماتقولين؟.
وعاد يعانقها بعنف بالغ فاشتعلت النار في جسدها.
قال ساخرا:" قلبك يخفق بعنف. اراهن انك تزيفين هذا ايضا."
-ستيفن، ارجوك...
-يالك من كاذبة ماهرة، ولم كل هذا.؟ لاجل ذلك الانتهازي الذي وكلك بعمله القذر؟ هل فكر الى اي حد قد تصلين لتحصلي على مراده؟ وهل اهتم لذلك؟ ماكنت ابدا لادع امرأتي تتكبد المخاطر لاجلي. لعلك لاتملكين عقلا يدرك انك تقومين بعمل خطر! ام ظننت انك تستطيعين التحكم بي كدمية من جون مواجهة النتائج؟
وفجأة، تنبهت جينيفر الى نفسها، استجمعت قوتها حتى افلحت في التخلص منه، ثم هبت في وجهه قائلة: انا لست خائفة منك.
-انك اذن حمقاء.


الساعة الآن 02:38 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.