آخر 10 مشاركات
ابو قلب حجر (الكاتـب : Maii Algahez - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          299 - اشواق مره - كيت والكر (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          97 - اللمسات الحالمة - مارغريت روم - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )           »          نصال الهوى-ج4من سلسلة لعنات العشق-قلوب زائرة-للكاتبة:إسراء علي*كاملة+رابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          عواطف متمردة (64) للكاتبة: لين غراهام (الجزء الأول من سلسلة عرائس متمردات)×كاملة× (الكاتـب : Dalyia - )           »          14- الزواج الابيض - نيرينا هيليارد - ع.ق ( نسخه اصلية بتصوير جديد ) (الكاتـب : angel08 - )           »          22 - المجهول - ايفون ويتال - ق.ع.ق (الكاتـب : hAmAsAaAt - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-04-08, 05:36 AM   #1

أميرة الاحزان
 
الصورة الرمزية أميرة الاحزان

? العضوٌ??? » 6151
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 975
?  نُقآطِيْ » أميرة الاحزان is on a distinguished road
20 106-سيد الرعاة - مارغريت روم -ع.ق( كتابة/كاملة ** )


...اتمنى ان تنال اعجابكم ...........سانتظر ارائكم .........


سيد الرعاة 106

مارغريت روم

روايات عبير قديمة

كتابة اميرة الأحزان

الملخص :

الصدفة خير من ميعاد ... قول مأثور كثيراً ما يبرهن صدقه في حياة الناس ومصائرهم . وما حصل لسيرينا كان أكثر من صدفة وافضل من ميعاد لانها كانت على شفير الانهيار الاقتصادي والمعنوي عندما قذفت بنفسها في مغامرة لا يقتحمها سوى من كان يائساً .. وأي يأس ! غير ان القدر ابتسم لها بعيداً في البلاد التي يتوقف فيها المطر ولا تغيب عنها الشمس . في الشيلي حيث تزوجت خوان دي فالديفيا سيد الرعاة وارث الوادي الذي يشبه الفردوس . انقذها هذا الزواج وانقذ شقيقتها اليتيمة من الضياع لكن خوان لا يحبها .. ووسط عالم عنيف وشرس تفتش سيرينا عن طريقة للفرار فالفقر افضل لديها من الثراء بلا حب .

رابط الكتاب وورد
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

رابط الكتابpdf
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

رابط الكتابtxt
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


1- الأعلان القدري
ooooooooooooooooooooooooooooooooooo

بيدين مرتجفتين، فتحت سيرينا صفحة الاعلانات في صحيفة واسعة الانتشار وراحت تبحث عن الاعلان الذي اثار مناقشات حماسية في المكتب حيث تعمل . وكان ذلك اثناء فترة الغداء .واذا بعينيها تحدقان باعلان كتب بالحروف السوداء العريضة . وتذكرت المشهد حين صرخت جوي ,صغيرة الموظفات عندما قاطعت الحديث وقالت والدهشة تملأ وجهها :
"آه ! شيء لايصدق ! انظروا الى هذا الاعلان ، هنا فوق ... في أعلى الصفحة ..."
انزعجت بولا فيكرز من هذا التصرف الوقح وهزت كتفيها وقالت بلهجة لاذعة وناعمة :
" وهل يجب عليك ان تقاطعينا كلما قرأت اعلانا عن حفلة موسيقية صاخبة ؟"
اجابت حينذاك جوي قائلة :
"تبا لموسيقى البوب الصاخبة ! في كل حال ، لايمكنك ان ترشحي نفسك ، فالمطلوب فتاة شقراء ذات عينين زرقاوين .."
سألت بولا ببرود:
"ترشيح نفسي ؟ ولأي سبب ؟"
اطلقت جوي زفرة انزعاج وقالت :
"لهذه الوظيفة ! لكن مهما كان الامر فالوظيفة لاتناسبك ."
وبفضول قوي اقتربت بقية الفتيات واعلن معا : " مالقضية ؟"
ناولتهن جوي الجريدة وقرأت احداهن ا بصوت ساخر وفي بطء الاعلان الذي يقول :
" عرض لفتاة انكليزية ، شقراء وحسب ، وظيفة تؤمن لها استقرارا ماديا طيلة حياتها . يجب ان تكون حافظة سر ومطيعة ووديعة ، تقبل الطلبات لمن تبدي استعدادها لتحمل اعباء الاسرة . ولأخذ موعد الاتصال برقم الهاتف اعلاه"
بعد الدهشة ، دوت قهقهة عامة داخل المكتب . واكدت احدى الفتيات قائلة :
"في ايامنا هذه ، هذا النوع من الاعلان لايمكنه ان يخدع أي فتاة مهما كانت . لاشك ان صاحب الاعلان فقد عقله...."
قالت بولا:
" هذا رأيي ، أنا ايضا .ربما يعتقد انه بامكانه شراء كل مايريده بالمال . وربما كان صاحب الاعلان مهووسا يبحث عن فتاة شقراء ليجدد حريمه!"
اجابت فتاة اخرى:
"لا ! انها مزحة حتى المهووس لايمكنه ان يجهل ان نساء اليوم لسن ساذجات وخاصة في لندن!"
الضحك يعلو من جميع الاطراف . وجوي الحالمة كانت تحدق في سيرينا بامعان ثم قالت :
"لا اعرف ربما سيرينا تتمتع بهذه المواصفات.."
كانت سيرينا مسترسلة في افكارها فلم تلتقط من الحديث الجاري سوى القليل فاهتمامها من نوع اخر اذ كانت تتساءل بقلق كيف ستتمكن من دفع المصاريف الباهظة التي تفرضها عليها دار الحضانة حيث وضعت اختها الصغيرة ويندي.
وكانت مديرة دار الحضانة قد اعلنت لسيرينا صباح اليوم قائلة :
"اني اسفة حقا يانسة باين . نحن مضطرون ان نزيد عليك جنيها استرلينيا واحدا كل اسبوع ، وذلك ابتداء من الاسبوع المقبل .انت تعرفين ان الاسعار ترتفع في جميع الميادين ... انه التضخم المالي ...هذا يؤسفني لكنه اصبح لابد منه"
وخلال يوم بكاملة كانت سيرينا تطرح على نفسها الاسئلة المختلفة . اين ستجد هذا المبلغ الاضافي ؟ الم يسبق ان خفضت مصاريفها الى أدنى درجة وخاصة في مايتعلق بالغذاء ؟ كانت تبدو سريعة العطب من شدة نحول جسمها ، وكانت تتلقى الانتقادات بهذا الشأن من معظم العاملين معها.
فجأة تنبهت سيرينا الى مايدور حولها ، فقد ران الصمت بعد ملاحظة جوي. وشعرت بثقل النظرات الموجهه اليها ، اذ يبدو انهن ينتظرون ردها.
"كيف؟ عما تتكلمين ؟ المعذرة فلم اكن اصغي "
لم يرد احد باستثناء بولا التي هزت كتفيها بالتذكير قائلة :
"ربما انت على حق ياجوي قيل لي انه في الاسبوع الماضي لبت سيرينا دعوة الرجل الجذاب الذي يدعى جايسون .."
احمرت خدا الفتاة واعلنت بصوت برتجف غضبا: " ولم لا ؟ لقد امضيت سهرة ممتعة ، وبرهن السيد جايسون عن لطف كبير في ان يدعوني الى منزله"
قالت لورا باستغراب :
" تسمين ذلك لطفا! كانت تجول في رأسه افكار مختلفة .. لا اعرف كيف تصرفت معه ، لكن بالنسبة اليه ، كان لقاؤكما خيبة واخفاقا تامين ، حتى انه صرح في اليوم التالي انه للمره الاولى في حياته يحار في معاملة امرأة من هذا النوع المتحفظ"
احست سيرينا بقنوط وجرح شعورها لسماع ضحكات زميلاتها في المكتب ، ضحكات ساخرة هازئة ولما بدأت الفتيات بالاستعداد لممارسة عملهن من جديد بعد استراحة فترة الغداء اقتربت منها اكبرهن سنا وقالت:
"لاتتوتري لهذه الامور التافهة ربما انك ماتزالين ساذجة لكن هذة البراءة التي تتحلين بها هي مصدر قوتك.."
انها الان في بيتها وعيناها مسمرتان في الاعلان وشعرت بالاشمئزاز لتذكرها ذلك الحوار الذي جرى ظهر اليوم في مكتب عملها . وفجأة نسيت كل شئ اذ بدأت ويندي بالبكاء . اسرعت سيرينا نحو سرير الطفلة لتؤانسها بسرعة لئلا يعلو صراخها وتزعج الجيران . كانت اسنانها تبدأ بالبروز ولا شئ يسكن الامها وخاصة في الليل .
حملت الطفة وراحت تذرع الغرفة ذهابا وايابا تؤرجحها وتتحدث اليها وشوشة . ولحسن الحظ خفت حدة صراخها وتدريجيا هدأت الطفلة ، غير ان سيرينا استمرت في المشي طولا وعرضا لكن ببطء خشية ان تعود الفتاة الى الصراخ وتقلق راحة العمارة .
وراحت افكارها تأخذها بعيدا الى الوراء الى قبل سنة الفترة السعيدة حيث كان مستقبلها يبشرها بشتى الاحلام الجميلة ولم يبقى من هذة السعادة الماضية الا ذكرى بعيدة..
وراحت تتخيل تلك الليلة عندما جاءت والدتها في المساء لتخبرها بقليل من الانزعاج والخجل:
"سيرينا ، والدك وانا لدينا خبر سعيد نريد ان نزفة اليك "
"وما هو؟"
وكانت سيرينا في هذة اللحظة تتصفح الاعلان في أحدى الصحف المحلية بعد ان نالت شهادة السكرتاريا بتفوق فقالت والدتها:
" ضعي هذه الصحيفة جانبا ياصبيتي واصغي الي بامعان"
رفعت سيرينا عينيها ولاحظت ملامح والدها المنفعلة فوضعت الصحيفة جانبا وسمعت والدتها تقول لها :
"لدى والدك شئ مهم يريد ان يفصح لك به.."
قال الوالد للوالدة:
"لا قوليه انت".
"لا انت"

نهضت سيرينا من مقعدها وقالت باستغراب :
" آه باسم السماء عليكما ان تقررا من منكما سيعلن النبأ أو ربما بالاحرى يمكنكما ان تعلناه معا"
وهذا مافعلاه اعلنا في صوت واحد مليء بالفخر
" اننا ننتظر مولودا سعيدا ."
وفي ذهول حقيقي حدقت سيرينا فترة طويلة في عيون والديها كأنهما اتيان من كوكب آخر كانت عائلتها الصغيرة المؤلفة من ثلاثة اشخاص على قدر واسع من الانسجام والاتحاد وظلت على ماهي مدة 19 سنة وهي الان مندهشة اذ تراها تتسع لمخلوق جديد اخر .
لكنها سرعان ماندمت على انفعالها الاناني لمجرد رؤية خيبة الامل ترتسم على وجهي والديها فأسرعت بالقول لتطمئنهما قائلة :
"هذا خبر رائع ! حلمت مرارا ان يصبح لي اخ أو اخت "
تنفست والدتها الصعداء واطلقت زفرة بكاء وفرح
فامسك والدها بكتفي زوجته وضمها اليه بحنان وقال " الم اقل انها ستسعد للخبر ؟"
غير ان هذا الفرح بدأ يتخلله بعض القلق في الاشهر اللاحقة واصبحت والدتها تزور الطبيب مرات عديدة كلما اقترب موعد الانجاب حتى افصح الطبيب مؤخرا عن تخوفة من خطورة الوضع.
ولما حان موعد الانجاب انتظرت سيرينا مع والدها في قاعة الانتظار في المستشفى ساعات طويلة والهم يكبرهما اخيرا جاء الطبيب عابس الوجه واعلن الخبر الرهيب :
" اني اسف ياسيد باين ويانسة سيرينا جهدنا باء بالفشل ... لكننا تمكننا من انقاذ الطفل ...."
لم تنس سيرينا تعبير وجه والدها الكئيب الذي ارتسم في هذه اللحظة وظل اسابيع طويلة بعد وفاة زوجته في حال تشبة الخمول يرد بالرغم منه على اشئلتها وبعد فترة غير بعيدة جاء شرطي ليعلمها بأن والدها قتل في حادث سيارة.
لم تسنح لها الفرصة لللحسرة والحداد اذ ان ويندي الصغيرة كانت بحاجة الى عناية واهتمام في كل لحظة .وبدأت المشاكل تنهمر عليها فاضطرت الى ان تبيع المنزل ومحطة الوقود حيث عمل والدها سنوات عديدة لتفي الديون والرهونات الكثيرة ولم يبقى معها الا المال الكافي لتسديد المصاريف الضرورية الى ان وجدت غرفة ضغيرة استأجرتها ودار حضانه لويندي قرب مركز عملها وهذا لم يكن باختيارها بل اضطرت الى قبولة لان الحاجة المادية بدأت تهدد استقرارها ...
وضعت سيرينا ويندي في سريرها ثم جلست على الكرسي امام الطاولة وراحت تقوم بحسابات المصاريف المتوجبة عليها.
وخرجت بنتيجة صعبة اذ عليها ان تخفف مصاريفها الى ادنى درجة لتتمكن من دفع اجرة دار الحضانة ... منذ الان لن تذهب عند المزين ولن تستعمل ادوات الزينه وستصلح احذيتها قدر امكانها حتى لاتحتاج الى شراء حذاء جديد ولحسن حظها شعرها مجعد بشكل طبيعي وليس بحاجة الى شامبو خاص بة.
لكن لايمكنها ان تحرم نفسها من الشورباء وسندويش الغداء, والا لما تمكنت من التركيز ورغم ذلك يشكو مديرها من النسيان الذي اصابها اخيرا وهي تعرف ان ذلك عائد الى تغذيتها البسيطة والزاهدة.
حالمة وجهت تظرها باتجاه ويندي وبفخر راحت تتأمل فرحة خديها البارزين الحمراوين وجسمها الممتلئ وتتبتسم فجأة عبست لدى سماعها صراخ الطفلة المتألمة وبعد بضعة لحظات دوى صراخها في ارجاء الغرفة.
"آه لا عادت الى الصراخ من جديد يالهي!"
تناولت سيرينا اختها بين ذراعيها لكن الطفلة لم تتوقف عن الصراخ الا بعد ربع ساعه بدت لها دهرا طويلا وكانت تهم بوضع الطفلة في السرير من جديد حينما سمعت طرقا على الباب فتحت سيرينا الباب وامام العتبة وقفت صاحبة الملك حمراء غضبا.
تلعثمت سيرينا وقالت في حيرة وارتباك :
" انا متأسفة سيدة كولينز.."
اعلنت صاحبة الملك في صوت قاطع :
" انا كذالك انسة باين عليك ان تغادري هذة الغرفة خلال اسبوع من الان لقد تحملت الكثير جارك ينزعج من بكاء الطفلة المستمر ويهدد بالذهاب انا اسفة صدقيني لكن سأضع هذه الغرفة برسم الايجار ابتداء من السبت المقبل !"
ادارت ظهرها وولت تاركة سيرينا من دون صوت اغلقت الفتاة الباب بهدوء الان ويندي نائمة بسلام نظرت سيرينا في امعان وحنان الى وجه اختها البريء لاغرورقت عيناها بالدموع واسرعت تضعها في السرير ثم جلست الى طاولتها وخبأت وجهها بين ذراعيها وراحت تبكي تاركة العنان لحزنها لقد صبرت كثيرا خلال هذه السنة الاخيرة وبات حزنها نهرا من الدموع القدر يتلذذ في تدميرها وتفتيت اندفاعها وانهيار اعصابها فحتى الان جابهت الامور بشجاعة لكنها اليوم تبوح بفشلها .
في احد الايام اقترحت عليها بولا ان تضع الطفلة في دار الايتام لكن تلك الفكرة كانت ترعبها اما الان فلابد لها من الرضوخ للأمر الواقع فهي ترى ان هذه الفكرة هي الحل الاخير لمشاكلها .
وفي بطء رفعت رأسها وراحت تنظر في ارجاء الغرفة ذات الاثاث الحقير بساط بال ومقاعد مهترئة وسرير ومغسلة وغاز صغير لكن بالرغم من مأساتها كانت تمثل هذه الغرفة كل استقرارها اذ كانت تؤويها هي وويندي .. ويندي لايمكنها ان تقتنع بضرورة االتخلي عنها انه اسوأ الحلول ورفضت هذه الفكرة بقوة اليأس.
كانت الصحيفة موضوعه على الطاولة فتناولتها سيرينا وراحت تتفحصها بعين يائسة ومرة اخرى وقع نظرها على ذلك الاعلان الغامض. فجأة توقفت على جملة تحتوي كلمات قدرية :
" تقبل الطلبات للواتي يتحملن اعباء الاسرة ..."
وفي عنف امسكت الصحيفة وهبطت السلالم بسرعة وتوجهت الى حيث الهاتف وبيدين مرتجفتين اضطرت ان تدير الرقم ثلاث مرات قبل ان تنجح وبصوت عديم الثقة طلبت موعدا فاعطاها المتكلم عنوانا قبل ان يقفل الخط بقوة ظلت مسمرة النظر في الاعلان حيث كنت مسرعة : الموعد: السبت الثانية والنصف ظهرا في فندف امبريال غرفة 1005 "
كان ذلك نهار الغد!

××××××××××××××××××××××××× ×××××××××××××××

نهايـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــة الفصل الاول
oooooooooooooooooooooooooooooooooooooooo
2- الشيخ وبلاده
ooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooo

لم تشعر بأي حيرة لاختيار ملابسها لانها ارتدت المجموعة الانيقة الوحيدة التي تملكها انها كناية عن تنورة وسترة ذات لون بني غامق يناقض بشرتها الفاتحة ولون شعرها الطويل الذهبي الذي ينسدل امواجا على كتفيها وارتدت تحت السترة قميصا من اللون الكريمي غير انها قطبت حاجبيها عندما نظرت في المراة لاشي في هذه البزه الكلاسيكية يلفت الانظار واذا صدق ماقالته زميلاتها من ان صاحب الاعلان ليس سوى ثري مضر سيكون حظها قد خانها .د
" اللواتي يتحملن اعباء الاسرة" . هذه الكلمات تتمايل في راسها اذا كان الرل الذي ستلتقي به يفي بوعده واذا حصلت على هذ الوظيفة الغامضة ستضمن مستقبل الطفلة . القت سيرينا نظرة الى ساعتها لم يبقى لها سوى عشرين دقيقة للوصول الى الفندق . ستصل سيارة التاكسي في أي لحظة الان وبعدما نظرت مرة اخرى الى المرأة حملت حقيبتة يدها وعلقتها بكتفيها وهبطت السلالم .أوقفها التاكسي امام باب فندق امبريال الرئيسي وكانت مبكرة فتوجهت الى مكتب الاستقبال بانفاس متقطعة من شدة الانفعال.طلبت ان يصار الى اعلام الغرفة رقم 1005
بحضورها .كان الموظف يراقبها خلسة فجأه اشتعل وجهها احمرارا لأنها انتبهت انه لاشك بان موظفي الفندق على علم بسبب وجودها هنا. وخلال بضعة دقائق بدت لها طويله جاء صبي الفندق وطلب منها ان تتبعه . شعرت بقدميها ترتخيان فجأة لكنها تمكنت من عبور البهو

المفروشة ارضه ببساط واسع مزين بالوان ورسوم فنية ولما انفتح باب المصعد من دون احداث ضجة خيل اليها انها تغادر العالم المتزن الواضح لتدخل عالما آخر غريبا ومروعا انها تنتمي الى عالم حيث لايمكن لاي انسان ان يخطر في باله شراء انسان حي حسب مايمكن الاعلان ان يفصح عنه فهناك وعد بالاستقرار " طيلة حياتها " وبالتالي فهي اسيرة سجن ذهبي .. لكن ماذا سيحصل في مقابل ذلك ؟
الغم يضغط على حنجرتها وهي تحاول جاهدة ان تنطق من دون جدوى . الطوابق تمر امامها وهي عاجزة ان تطلب من صبي الفندق ان يعيدها الى المدخل توقف المصعد وخرج الصبي امامها . تبعته وقدماها تدوسان البساط الازرق السميك بينما كانا يتوجهان نحو الغرفة القدرية.
اخيرا توقفا امام غرفة كتب على بابها رقم 1005 .
تلعثمت وهي تفتش في حقيبتها عن بعض العملة :
" شكرا .."
لكن صبي الفندق رفض البقشيش وعاد ادراجة نحو المصعد بعد ان رمقها بنظرة ازدراء . قربت سيرينا يدها لتطرق الباب ثم عدلت في اللحظة الاخيرة وفجأة تذكرت حكايات تجار الرقيق الابيض التي تداولتها رفيقاتها في العمل ... قصص الفتيات اللواتي يلبين مثل هذه الاعلانات ومصيرهن الاسود . همست لنفسها وهي تهز قدميها اضطرابا :
" سيرينا باين ، انت حقا مجنونة ! لماذا تجازفين بنفسك ؟ لاشك ان هناك وسائل اخرى للخروج من وضعك المالي في ايامنا هذه من المستحيل ان يسمح للناس ان تعيش من دون سقف: فالمساعدة الاجتماعية موجودة حقا غير انها استاءت لفكرة وضع ويندي في دور الايتام وبعد تردد طرقت الباب . وفي الحال فتح الخادم ودعاها الى الدخول بلياقة كبيرة . كانت الغرفة واسعة واثاثها فاخرا، فعادت انفاسها تتوتر هناك . مقاعد مريحه وطاولة مستديرة موضوعة فوق بساط ابيض سميك . ولوحات ونحوت ومرايا ذات اطارات مذهبة وكلها تزين الجدران المغلقة بالقماش الازرق الفاتح . وبالرغم من الشمس التي تخترق اشعتها الزجاج الواسع ، اكتشفت سيرينا بدهشة وجود مدفاة يشتعل داخلها الحطب الكبير .
اقتربت بخطى مترددة وتوقفت امام احد المقاعد بينما توارى الخادم عن الانظار . تقلصت سيرينا لاتعرف بماذا تفكر . لكنها شعرت بالارتياح وهي ترى رجلا عجوزا يدخل الغرفة ويقول : "انسة باين ؟"
كان صوته رنانا مع لكنة خفيفة في باديء الامر اعتقدت انه فرنسي الجنسية لكنها غيرت رأيها عندما سمعته يسأل في تهذيب رفيع وعزة نفس ويقول :
" هل تتفضل السنيوريتا بالجلوس ؟"
جلست سيرينا في المقعد وراحت تجوب بنظرها و جه هذا العجوز وملامحه النبيلة والرفيعه : عيناه ثاقبتان .. وتمكنت سيرينا من ان تقرأ فيهما قليلا من الاستغراب غير ان فمه يعبر عن عطف وتسامح وفكرت بأن شعره الابيض لاشك انه كان في الماضي اسود كاملا غير انه مازال يحافظ على قامته الطويلة ورشاقة رجل شاب .
انتظرت سيرينا منه ان يتابع كلامه وبدأ غمها وتخوفها وقلقها لانحسار رويدا رويدا عندما لاحظت انه يبحث عن الكلمات المناسبة ومن دون أي شك هذه خبرة جديده على الرجل النبيل الواثق من نفسة وكي تشجعه ابتسمت له فأسرع بالقول : " قبل كل شيء ياسنيوريتا اسمحي لي بان اقدم نفسي انا الكونت البيرتو دي فالريفيا وانت تدعين سيرينا اليس كذلك ؟"
قالت بصوت غير واثق :
" نعم حضرة الكونت .."
قام بحركة سلبية وقال :
" يكفي ان تناديني دون البيرتو ياعزيزتي فانا انما افصحت عن لقبي في حال اردت ان تستعلمي عني"
قالت في عصبية خفيفة :
" شكرا دون البيرتو لكن لن اجروء ابدا ان اقوم بشيء كهذا ..."
قال رافعا حاجبيه:
" ولم لا ؟ انت لاتعرفين شيئا عني الا اني ابحث عن فتاة انكليزية وقد كتبت الاعلان في كلمات تدعو الى الغموض والالتباس الاتعرفين بذلك "
وافقت سيرينا بهزة من رأسها وخاطرت تقول :
" بالمناسبة احب ان اطرح عليك بعض الاسئلة ".
" سارد عليها بكل طيبة خاطر لكن قبل كل شيء سنفعل بما ينص علينا التقليد البريطاني ونتناول قليلا من الشاي "
رن الجرس فحضر الخادم في الحال
" شاي للانسه يابيدرو ولي ايضا .. تقليدكم هذا يدل على لطف ولباقة "
احنى الخادم راسه وخرج من الغرفة كان دون البيرتو يراقب سيرينا قليلا فقال :"سنيوريتا ارغب بمعرفة ما الذي لفت نظرك في هذا الاعلان هل هذا يعودى احتمال ان تتجردي يا من اعبائك الماديه؟"
ابتسم بسخرية وتابع يقول :
" خلال الايام الاخيرة جلست مكانك نساء كثيرات شابات... كلهن من الجنسية الانكليزية شقراوات طيعات ومحتشمات – حسب تصريحهن- ومن دون استثناء كل واحده صرحت ان السبب الذي من اجله طرقن هذا الباب هو الحياة المترفة والاستقرار المادي طيلة حياتهن غير اني اشعر أن الفضائل التي يتحلين بها كانت خاطئة مثل الوان شعرهن صحيح اني رجل عجوز وتقليدي لكن مازلت قادرا على الحكم اذا كان الشعر مصبوغا ام لا!"
احتجت سيرينا رافعة ذقنها في حماس وقالت:
"لون شعري طبيعي ياسنيور واريد ان تعرف شيئا مهما اذا كنت ابحث عن الحياة السهلة والاستقرار المادي فليس من اجلي ".
قال باستغراب:
" هكذا اذن ! في هذه الحال هل باستطاعتي ان اسألك من اجل من تنشدين الاستقرار"
ترددت لحظة ثم اعلنت تقول:
"ذكر الاعلان ان الطلبات مقبولة للواتي يتحملن اعباء الاسرة معي طفلة عمرها سنة واحدة وصاحبة الغرفة التي اسكنها انذرتني بضرورة مغادرتها لأن الطفلة غلبا ما تبكي لأنها تتألم من اسنانها التي بدأت تنشق. واضافة الى ذلك علمت البارحة ان مصاريف دور الحضانة حيث ارسلت ويندي ارتفعت اسعارها واخشى الااقدر على مجابهة الوضع . هذا مادفعني للمثول هنا اليوم . اني ابحث بشكل بائس عن سقف يمكنه ان يؤوينا انا وويندي . واذا لم اتكن من ايجاده ساضطر الى وضع ويندي في دار الايتام لكني مستعدة لكل شيء كي اتحاشى ذلك مستعده لكل شيء !"
وفي بطء رفعت عينيها . كان العجوز يحدق فيها ليس في تسامح بل في احتقار قطب حاجبية وقال في سخرية :
" وانا الذي اعتقدت ان ابحاثي قد اعطت ثمارها في النهاية . لقد تأكدت من النظرة الاولى انك الوحيدة التي تلائم هذه الوظيفة تبدين فتاة بريئة سليمة النية .. لكن مع طفلة بعد كل شيء!"
اطلعميقة ثم اضاف:" حتما الاخلاق تغيرت كليا"
احمرت وجنتا الفتاة ونهضت فجأة وكانت تغلي من الغيظ قائلة:
" ليست ويندي ابنتي بل شقيتي ! كيف بامكانك ان تعتقد ان..."
ظل دون البيرتو جامدا ثم هز رأسه بحزوقال:
" ياعزيزتي لم اكن انتظر منك ان تجدي عذرا لما لته."
" لكن ماتقول خطأ ولست بحاجة الى اختلاق الاعذار !"
ضربت قدمها ارضا بغضب نسيت خجلها وقالت بصوت مرتفع :
" كنت في التاسع عشرة من عمري عندما عرفت والدتي نها تنتظر مولودا سعيدا وفترة الحمل كانت قاسية وخطرة بسبب كبر سنها .. لست قادرة ان ادخل بالتفاصيل الان كل مابوسعي قوله انها ماتت في الوقت الذي انجبت خلاله ويندي وبعد اشهر قتل والدي في حادث سيارة مذ ذاك وانا اهتم باختي قدر المستطاع للأسف معاشي غير مرتفع وستحيل علي احيانا ان اوازي الدخل مع المصروف لهذا السبب انا هنا اعلانك دفع بي الى امل الخروج من هذا الوضع ربما الى حياة جديدة ستنفتح امام يندي غير اني لم آت هنا من اجل الحصول على حياة مترفة او من اجل الارتزاق ببساطة انا ابحث عن مكان يمكنني فيه من اربي ويندي من دون ان اضطر الى اسكاتها كلما بكت الى مكان حيث يمكنها ان تفتح وتعيش حياة طبيعية هذا مارغبة يا سنيور وهذا ما سأرغبه دائما ! الى اللقاء سنيور .."
ارتدت قفازيها وهي على وشك الانهيار في البكاء وانهت كلامها قائلة :
" لاسبب لاستدعاء الخادم اعرف الطريق جيدا ".
في سرعة ورشاقة بالنسبة الى رجل من سنه اقترب دون البيرتو منها وقال :
" لاتذهبي يآنسة ارجوك لقد اسأت الحكم عليك .. ارجوك ان تقبلي اعتذاري هل تتشرفين بالبقاء؟ لدي ما اقوله لك."
.. وكان دخول بيدرو المفاجئ وهو يجر طاولة صغير قد افقد من عزيمتها عن المغادرة فقال دون البيرتو بلهجة ملاطفة :
" من فضلك ابقي هنا وقدمي لي الشاي "
كان من الصعب مقاومة سحره ولم تلبث سيرينا الا ان استسلمت قائلة بعد لحظات مترددة :
" حسنا اقبل اعتذارك وسأحتسي الشاي معك "
في صو ت رنان دعاها الى الجلوس وبينما كانت تسكب الشاي العنبري في فناجين صينية شفافة راح يراقب بعينيه حركاتها الدقيقة وفي الحال اضاء بريق صغير عينيه السوداوين .
خلال الحديث بينهما استجوبها في لياقة ذكية وارغمها على البوح بكل تفاصيل حياتها الماضية من دون ان تشعر اطلاقا انها تخضع لتحقيق بل العكس كانت تشعر تجاهه بنوع من عرفان الجميل للأهتمام الذي يحمله اليها كان يستعمل سحره بسعاده اشعرتها بالاسترخاء الممتع كانها تشاطر رفقة عمها المهتم بمشاكلها والذي يدير لها اذنا صاغية شعرت بثقة تامة وراحت تقص عليه كل عذاباتها الماضية وامالها المستقبلية.
دقت الساعه الرابعه قاطعة هذا الحوار الحميم وقالت سيرينا المندهشة باستغراب :
" كيف مر الوقت بهذه السرعه ؟ لم اكن افكر اني سأتغيب اكثر من ساعة يجب ان اعود الان."
نظر اليها دون البيرتو بدهشة وقال :
"لا يمكننا ان نختصر هذا الحديث الان ونحن مازلنا في خضمه يابنتي مازلت في حاجة لان احدثك بالتفصيل عن العرض الذي كنت بصدد تقديمه اليك"
" اذن هل في نيتك ان توظفني عندك؟"
"اخترتك ولن يقع اختياري على غيرك "
ابتسم واقترب منها وقال :
" غير ان القرار النهائي عائد اليك بكل تأكيد"
استرخت سيرينا في مقعدها متأثرة بلهجة دون البيرتو الوقورة .فقد كانت على انتظار وترقب.


سألها فجأة:
"ماذا تعرفين عن شيلي ."
قالت مندهشة مستغربة.
" الشيء القليل تقع في امريكا الجنوبية اليس كذلك؟"
هز رأسه ايجابا وابتسم قائلا:
"تماما انها بلاد بشكل الفاصوليا الخضراء تقع بين الانديس والمحيط الهادي من جهة هناك الجبال وثلوجها المستمره ومن جهة اخرى البحر ورغوته العاليه انها وطني وارض بلادي وهي المكان المفضل لتربية شقيقتك هذا البلد المتنوع المناخ بسبب طوله وكذلك مناظره المختلفة ففي الشمال نرى فسحات شاسعه صحراوية حارة حيث الامطار نادرة بينما في الجنوب فالغابات رطبة جدا ولذلك ابناء شيلي يقولون في مزاح انها تمطر على الاقل 365يوما كل سنه وقمم الصلج المجلد العالية تطلق السيول والانهار والبحيرات وبين الاراضي الصحراوية في الشمال والاراضي الواسعه والبارده في اقصى الجنوب يقع السهل الاوسط الكبير وهنا اقطن في اسفل الوادي الخصب الطقس رائع الصيف حار وناشف والشتاء ممطر وناعم"
توقف دون البيرتو لحظة ثم اعاد يقول:
" اتت عائلتي الى هذه البلاد منذ القرن السادس عشر اسلافي كانوا ينتمون الى المغامرين الذين غزوا اميركا والذين جاءوا من اسبانيا متعطشين الى خوض مغامرة البحث عن الذهب لم يجدوا ماكاتوا يبغونه انا استقوا في هذه البلاد وبعد مدة غير قصيرة ارسلوا وراء عائلاتهم في البداية كان ذلك صعبا لأنهم كانوا يعيشون محاطين بالهنود العدائيين .والخسائر البشرية كانت عديدة لكن رويدا رويدا توصلوا الى التغلب على جيرانهم وقهرهم واليوم يعتبرون انفسهم من ابناء تشيلي اكثر من كونهم اسبانين اننا معجبون كثيرا بالهنود وحبهم للحرية كما اننا نعي تماما كوننا متعلقين بالتقاليد القديمة التي حملها الغزاة معهم ان هذه الفضائل التي يتمتع بها الهنود ساعدت على انشاء الامة التشيلية الاستعمار الاسباني القديم اصبح جمهورية شابة غير

ان موقعها الجغرافي وكونها مطوقة بالجبل والبحر والصحراء يجعلها منزلة تقريبا عن العالم الحروب والثورات المستمرة مزقتها الهزات الارضية والتيارات البحرية القوية و الماكررة ساعدت على تدمير مدن بكاملها ومازال هذا يحدث الان البراكين استيقظت من جديد وتبرز احيانا بين ليلة وضحاها ان الشباب الشيليين يشبهون تماما" الكاوبوي" رعاة البقر الاميريكيين العاملين في مزرعتي والذين يهتمون بالماشية انهم صاخبون انفعاليون وتلقائيون وهم يعكسون صورة بلادهم ."
توقف قليلا ثم تابع يقول:
" ومن اجله نشرت الاعلان في الصحف … واذا كنت ارغب في ان تأتي معي الى اخر العالم ذلك من اجل ان تصبحي زوجته!"
حدقت سيرينا به مذعوره وقالت في تلعثم:
"م.....ماذا؟"
اضاف دون البيرتو والحزن يملا وجهه:
"نعم . هذا محتوى عرضي . حفيدي في حاجة الى زوجة واعتقد اني الوحيد الذي يمكنه ان يختارها له"
اطلق زفرة وهمس بصوت يدل عن ارهاق وتعب:
"والان اصبحت رجلا عجوزا ياسنيوريتا وارغب – وهذه امنيتي الغالية- ان اغادر مزرعتي تاركا اياها في ايد صالحة عندما يتزوج يصبح حفيدي قادرا ان يفرض سلطته على رجال الاعمال الناضجين الذين يتعامل معهم ويفرض الطاعه على العمال الذين في سنه والذين مازالوا يعتبرونه واحدا منهم".
راح قلب سيرينا يخفق بسرعه وهي تهز رأسها كلمات دون البيرتو احدثت عندها نوعا من الدوار كتلة الصور تتداخل في مخيلتها وتتصادم فوق بعضها البعض قمم الجبال المثلجة والبحار الهائجة والصحاري الحارة حتى لهب الشمس والغابات الغارقة تحت المطر كل هذه الصور بدأت تتمايل امام عينيها وفي هذه الاماكن قام الغزاه الوقحون الباحثون عن كنوز الذهب بشن معارك لاترحم ضد الهنود!
الهزات الارضية المرعبه التي وردت في حديث دون البيرتو لم تحدث فيها رعبا مثلما احدث فيها عرضه غير المنتظر الزواج من حفيده! كانت مضطربه ومشوشه وكانت تجد صعوبه كبيره في السيطره على تناغم افكارها العمال الذين يشبههم برعاة البقر الاميركين هؤلاء المندفعون الصاخبون يعيشون نمط حياة مختلفة تماما عن الحياة التي تعيشها صحيح انه تسنى لها ان ترى في السنما المواشي المنتشرة على مد النظر في السهول وان تعجب بالفرسان والرعاة الذين لايعادرون احصنتهم ليلا ونهارا لكن هذه المساحات الشاسعه التي كانت تشاهدها على شاشات الصالات المظلمة كانت تبدو من صنع الخيال اكثر من كونها واقعية اضافة الى ذلك تلك الموائد التي يشترك فيها العمال في الهواء الطلق تحت ضوء القمر والنجوم حيث تشوى اللحوم بكمية ضخمة تزيد هذا الشعور خيالا وبعدا عن الواقعية فالبيض المقلي واللوبياء المسلوقة اليس هذا ماكان يتألف منه طعامها ؟ وهاهي الان في وضه يقترح عليها عجوز شيلي ان تتزوج من رجل ينتمي الى عالم اخر تجهل كل شيء عنه .
فتحت عينيها بقوة فاحدثتا عند الرجل العجوز دهشة قوية كأنها حالة صدمة ما فتمكنت من القول:
"هل انت تتكلم بجدية؟"
اجاب بلهجة قاطعة :
"نعم. انا اتكلم بجدية تامة يسنيوريتا"
اطلقت زفرة ممؤلمة وقالت :
"لكن حفيدك هذا ...ماذا يفكر بمثل هذا التدبير ؟ أي نوع من الرجال هو كي يقبل ان يختار له جده زوجة؟"
همس العجوز حالما:
"أي نوع من الرجال هو؟ انه نسخة طبق الاصل عن والده .. تألمنا لخيارته منذ سنوات عديدة كان ابني الوحيد وقتل على اثر هزة ارضية احب زوجته حبا كبيرا وهي كانت رائعة الجمال اراد يوما ان يقد لها الملابس الجديدة ومساحيق الزينه فاصطحبها معه الى المدينه وهناك وقعت المأساة كانا في الفندق عندما حدثت الهزة وسقطت الجدران عليهما كانا زوجين مثاليين متحدين بشكل لا يوصف..."
ران صمت قصير ثم تابع قوله:
"لايتذكر حفيدي شيئا عن والديه ومع مرور الزمن اصبح يذكرني كثيرا بوالده في السنوات الاخيره قبل وفاته منحني ابني الوحيد ارتياحا وتعويضات جمة وقبل وفاته ببضعة اسابيع شكرني على طريقة تربيتي له وعلى نصائحي سيشكرني حفيدي يوما ما لاني سادله على الطريق الصحيح –الطريق الوحيد لتحقيق الذات كليا لكن لا اعرف ماذا ستكون ردة فعله امام هذه المبادرة ..."
فجأة اصبح نظره باردا وغير واضح التعبير وقال:
"لكنه في الاخير سيفعل ما سأقوله له"
شعرت سيرينا بالشفقه تجاه ذلك الشاب الذي يعيش منذ سنوات عديده تحت ظل هذا العجوز السلطوي المستبد لاشك ان الثقه تنقصه وهذا ماتفهمه تماما اذ انه يثق بحكم الغير اكثر من حكمة هو لاشك ان الخجل قد شله لابد ان يكون انسان معقدا وحساسا للانتقادات ومكبوتا على ذاته.
غير انها بالرغم من الشفقه التي تشعرها تجاهه فليس واردا ان تقترن به!
اعلنت في هدوء تام :
"انا اسفه عليك ان تبحث عن زوجة لحفيدك في مكان اخر "
سألها بصوت قاطع :
"لماذا ؟هل انت مغرمة برجل اخر؟"
"لا ليس هذا هو السبب اطلاقا"
"اذا لماذا تكذبين؟الم تؤكدي لي منذ قليل انك ستفعلين أي شيء من اجل ايواء اختك؟ وما اقدمه لك ليس "أي شيء " .يبدو انك لاتفهمين ان حظا يفلق الصخر قد قدم اليك فكري
قليلا بالحياه التي تعيشينها في الوقت الحالي وبالحياه التي اقدمها اليك .."
احتجت قائلة:
"لكنك لا تفهم شيئا؟ لن اتزوج ابدا برجل اجهل عنه كل شيء ولم يسبق ان التقيت به حتى ولو مره واحدة!"
"غير انك ترغبين في الزواج يوما "
احمر وجه سيرينا وقالت :
"يعني ان..يوما ما ...اود ...نعم"
قاطعها وقال بصوت ناعم :
" انت كثيرة التفاؤل اليس كذلك ياسنيوريتا ؟آمال كثيرة من دون شك لكن هل تعتقدين حقا ان رجلا سيقبل ان يربي طفلة ليست منه؟ الرجال انانيون ويرفضون التضحيات .. هل تريدينني ان ارسم لك وضعك الذي ستواجهينه بعد بضعة سنوات ؟ سترهقين باعباء تربية طفلة لوحدك وستصبحين عجوزا قبل الاوان ستجدين نفسك وحيده عندما تصبح اختك في سن الدراسة ثم وحيدة من جديد عندما تبدأ في الخروج وسترين سن الشيخوخة يمتد امامك وستجدين نفسك غير محبوبة او مرغوبة ولاتعودين في حاجة للانتظار كي تشكرك اختك على اهتمامك بها هذا اذا كانت مختلفة وغير اعتيادية "
غمرتها قشعريرة باردة فقالت:
"انت رجل قاس ، ياسنيور!"
"واقعي ياسنيوريتا من الافضل لك ان تتبعي نصحيتي " ادار ظهره وخرج من الغرفة وبالرغم من الحرارة داخل الغرفة شعرت سيرينا بالبرد يحتلها اجتاحها خوف فوق الوصف راحت ترى نفسها وحيدة وقد فقدت اغراءها وجاذبيتها واصبحت هرمة.اليس هذا مايخيف؟
نظرت حولها وراحت تقارن محتوى الغرفة الانيقة والفاخرة بغرفتها الحقيرة شبه العارية غرفة عليها مغادرتها بعد اسبوع الى اين تذهب؟ والى متى سيدوم هذا الواقع المؤلم ؟ ربما ستشعر ويندي بعدم الاستقرار الذي سيترك اثرا ابديا.
عندما عاد دون البيرتو الى الغرفة كانت عينا سيرينا تحدقان بنار المدفأة التي يترنح لهبها باستمرار كانت تبدو هادئة جدا اقترب منها فادارت وجهها نحوه ورأت في عينيه بريق امل فابتسمت له فقال:
"هل قررت ياسنيوريتا؟"
"ننعم سنيور قررت ان اقبل العرض آمل ان يجدني حفيدك زوجة تناسبة ".

××××××××××××××××××××××××× ×××××××××××××××

نهايـــــــــــــــــــــ ــــــــــــة الفصل الثاني
ooooooooooooooooooooooooooooooooo

3- بعض من هداياه
ooooooooooooooooooooooooooooooooo

بعد ثلاثه ايام كانت سيرينا جالسه اما نافذة الفندق الذي يطل على الساحه العامه تراقب فصيلة من الحنود تقوم بمناورات حربية على صوت الابواق انه تبديل الحراس امام قصر مونيدا قصر الضيافة التابع لرئيس الدولة ويعتمر الجنود قبعات ويرتدون الدروع والسراويل الكاكية وينتعلون جزمات من الجلد الاسود تصل الى ركبهم كانوا مصطفين امام من سيحلون مكانهم وينتظرون الاوامر الضباط التابعون للفريقين يسحبون سيوفهم ويحيون بعضهم بحرككات انيقة ودقيقة ويحصل التغير اثنين اثنين الى ان تتغير الفصيلة كلها ثم تعزف الابواق موسيقى عسكرية ويمشي الجنود بعد نهاية مهمتهم في شوارع سانتياغو متجهين الى ثكنتهم. بدت العاصمة ممتدة كليا امام انظار سيرينا . انها تقع وسط سهل واسع ويعبرها نهر في جهتها الشماليه وتحدها شرقا الجبال الشاهقة التي تسد الافق وهي جبال الانديس.
كان الانطلاق من لندن منذ 24 ساعه وكانت الرحلة مريحة وموفقة واهتم دون البيرتو بالطفلة ويندي تمام كما يجب وبينما كانت في احضان سيرينا لم تكف عن النظر اليه والابتسام له.
سحرته الطفلة فأصر على حملها وتدليلها تاركا سيرينا في افكارها وهي تتساءل عن الحوافز العميقة وعن الشائعات التي ستروجها زميلاتها في المكتب
خادم دون البيرتو اهتم بكل شيء حتى اخر التفاصيل لكن الوقت كان قصيرا وشعرت سيرينا بانها لاهثة ومبهورة كانت تعي انها ترتكب جنونا حقيقيا ... ففي انزعاج كبير كانت قد اتصلت بمديرها وشرحت له انها ستقدم استقالتها من العمل.
" بسبب الظروف العائلية اضطررت للبحث عن مسكن جديد .. كما اني وجدت عملا أخر لايبعد عن المكان الذي اسكنه من الان فصاعدا .."
اجابها بلهجة لطيفة:
"اننا اسفون ان تغادرينا لكن بما اننا ندخل فترة عصيبة فغيابك لن يؤذينا بامكانك ان تتصلي بي في الوقت الذي يناسبك حتى ارسل اليك راتبك وشهادة العمل"
اتصلت سيرينا بمديرها في فترة الغداء حتى تتحاشى اسئلة زميلاتها المحرجة فهي لاتتمتع بالشجاعة الكافية لترد على اسئلتهن كانت علاقاتها مع زميلاتها في المكتب علاقات عمل وحسب وكانت تضطر الى رفض جميع الدعوات لأنها كرست كل وقتها الفارغ للاهتمام بويندي ولذلك لم تكن على صداقة حميمة مع أي من الزميلات وفكرت سيرينا في مرارة انهن سيتكلمن عنها يوما او يومين ثم سينسينها تمام كباخرة في عرض البحر تختفي في الليل ولا تترك سوى صورة هاربة .
تنفست الصعداء وابتعدت عن النافذة متوجهة نحو سريرها منذ وصولهم الى هذا الفندق تدبر لها المدير مربية ستهتم بويندي خلال مدة اقامتها القصيرة في العاصمة الشيلية.
نصحها دون البيرتو قائلا:
"حاولي ان تنامي قليلا اذا تمكنت من ذلك ياعزيزتي سنلتقي وقت الغداء في غرفة الطعام هناك اشياء كثيرة اريد ان احدثك بها قبل الذهاب الى المزرعة"
قبلت هذا الاقتراح بفرح كبير فقد تمت الاحداث بسرعة غريبة في الايام الاخيرة وهذه البلاد تبلبلها الضجيج والمناظر الجديدة والوجوه كل شيء يبدو غريبا عليها بل محيرا وكئيبا .
منهكة تمددت سيرينا على السرير تعبها ليس جسديا بل سببه التوتر النفسي السرير مريح والاغطية ناعمة ومع ذلك فلا شيء باستطاعته تهدئة اضطراب اعصابها كانت متقلصة الوجه ومشوشة الافكار .
الم تقبل الزواج من رجل لم نره في حياتها من قبل؟ وهل هي قادرة ان تكون سندا فعالا لهذا الرجل الخجول ذي الطبع اللين؟ وهل ستحل الخدمات التي ستقدمها له مكان الحب؟
لم تتوصل الى الشعور بالراحة المنشودة وظلت تتقلب في فراشها
يمنة ويسرة من دون جدوى .احتلها ارتخاء متعب وتدريجيا شعرت بثقل في جفنيها وسرعان ماغطت في نوم عميق حلمت ان رجلا ظهر في حياتها ليريحها من كل اعباء الحياة كانت ارادته لاتقهر وحماسه لايضاهى جاء ليعزيها ويواسي همومها شفى جروحها العميقة واعاد اليها الحماس وحب الحياه واخيرا اشعل في صميم قلبها الحب .. ننذ سنة تقريبا وهذا الحلم يراود لياليها .
وعندما استيقظت من نومها بعد مرور ساعها تقريبا كانت الدموع تلألأ في عينها نظرت الى ساعة يدها مازال امامها الوقت قبل ان تهيء نفسها لموعد الغداء الشمس سربت اشعتها من وراء النوافذ الخشبية المغلقة والقت نظرة حولها باستغراب انها تذكر كليا انها تركت النوافذ مفتوحة قبل ان تتمدد في سريرها لا احد غيرها موجود في الغرفة غير ان شخصا قد دخل الى غرفتها في صمت وهدوء بينما كانت نائمه واغلق النوافذ وفي سرعة توجهت الى الباب واقفلته بالمفتاح الشعور بالتجسس عليها وضعها في حالة انزعاج لكن تصرفها هذا لايجدي حتى انها اعتبرته تافها غيير انها شعرت في الوقت الحاضر انها سريعة العطب وان اقفالها الباب سيجعلها اكثر اطمئنانا.
شعرت برغبة في الاستحمام فتوجهت نحو الحمام وتوقفت فجأة حين رأت تلة من الصناديق الرمادية موضوعة في ارض الغرفة .
انها من مختلف الاحجام وكلها تحمل اسم "ميرابيل " محفورة احرفها بالذهب تناولت الصندوق الاول وهزته بحذر فصدر عنه حفيف بالكاد سمعته فأثار اهتمامها فتحته وبيدين مرتجفتين ابعدت الورقة الحريرة البنفسيجية وشاهدت قميص نوم من الدانتال الناعم . لم تتمكن من الامتناع عن اطلاق زفرة استغراب فرحة قبل ان تسحبة من العلبة وتتأمله مليا.
وواحدة بعد الاخرى فتحت جميع العلب بنوع من الاثارة جعل انفاسها تتقطع : كل صنف من الالبسة يسحر الالباب وامام عينيها غير المصدقتين انتشرت اخير مجموعة من الفساتين
وقمصان النوم والبزات والبنطولنات والحقائب اليدوية والاحذية ..لا شك ان كل هذا كلف اموالا طائلة كانت الغرفة قد امتلأت بالاوراق واغطية العلب عندما فتحت الصندوق الاخير الذي يفوق الصناديق الاخرى وجدت صعوبة لتمزق الورق الملفوف حول العلبة قبل فتحها لكنها سرعان ماطلقت صرخة اندهاش وهي تنظر الى معطف من الفرو الغامق الللون وبعد تردد بسيط راحت تلامسه في نشوة وامتنان.
وظلت برهة مفتونه امام هذه الثروات الممتده امامها حتى نجمات السينما لاتملكن مثل هذه الملابس الفاخرة .. والباهظة! وبما انها متعودة ان تكون فتاه اقتصادية وجدت مثل هذا الاسراف غريبا وشاذا ولاتجرؤ ان تقدر قيمته.
وبعد تفكير طويل اختارت ثوبا ابيض اللون بسيطا يدخلة التطريز الانجليزي ارتدته ووقفت امام المرآه تتأمل نفسها داخل هذا الثوب فوجدت انه يليق بها اذ ان قصته ذات فن رفيع ... ان هذا الفستان يظهر شكل جسمها النحيف والممشوق ويلفت الانتباه.
مساحيق الزينة والعطورات كانت موجودة ا يضا فوضعت على شفتيها قليلا من احمر الشفاه بلون المرجان وكحلت عينيها وجفنيها وكانت في الوقت نفسه تفكر بالرجل الذي حلمت به يرافقها تذكرت دون البيرتو هذا العجوز الفريد من نوعه الذي لاشك ان ليده معرفة واسعه بالنساء ويعرف كيفية ارضائهن واثارت اهتمامهن وبث الحماس فيهن في حدس ذكي عرف ذوقها تماما بالرغم من لامبالاتها بالزينه والملابس المترفة حتى انه اكتشف قياسات جسمها وقدميها...
وبعدما تاكدت ان ويندي تنام بهدوؤ خبطت سيرينا الادراج متوجهة الى مطعم الفندق حيث كان دون البيرتو في انتظارها كان يحتسي شرابا خفيفا وهو جالس قرب النافذة نهض واقفا عندما رآها تقترب منه فشعرت سيرينا في الحال برغبة التعبير عن امتنانها فمدت له يدها لكنها اندهشت عندما رفعها الى فمه وقال في اعجاب :
" الشعلة.. الجميلة.."
قالت وهي تهز رأسها:
"شكرا جزيلا ياسنيور "
كان الوقت ظهرا والشمس التي كانت تملأ الغرفة تعكس اشعتها على جدائل شعر سيرينا الملفوفة حول رأسها.
بعد وقت قصير جلسا امام مائدة الطعام وقدم لها الخادم سلطة "بالتا" المؤلفة من القريدس والآفوكادو المتبله بعصير الحامض .
والوجبة الاساسية كانت مؤلفة من عجينة تحتوي على مجموعة من اللحوم والزيتون والبصل والفلفل الاخضر والزبيب وبينما كانا يأكلان كان الحديث يدور حول امور عادية لكنهما كانا يعرفان جيدا انهما سيشرعان بعد قليل البحث في الامور الاساسية..
بابتسامة متسامحة انتظر دون البيرتو ان تنتهي سيرينا من تناول الوجبة الاخير المؤلفة من بوظة الفراولة وان تحتسي القهوة ثم اعلن بغتة:
"صباح اليوم اتصلت لاسلكيا بحفيدي سيأتي في طائرته لملاقاتنا في مطار سانتياغو "
ثم القى نظرة الى ساعة واضاف:
"سيصل بعد ساعة بالضبط "
قالت سيرينا بصوت مخنوق:
"هكذا باكرا؟"
باشارة من راسة وافق دون البيرتو ثم قال:
"اريد ان اطلب منك شيئا ياسنيوريتا قبل وصول حفيدي بعد تفكير طويل توصلت الى النتيجة التالية: ارى من الافضل ان تدعية يعتقد ان ويندي ابنتك..."
ارتسم الاندهاش على وجه الفتاه فاسرع يقول بالتحديد :
"في الوقت المناسب سأفصح له بالحقيقة كلها"
"لكن لماذا تريد ان تكبده خيبة الامل هذه ياسنيور؟"
ظل ساكتا يحدق فيها بامعان كان وجهها مليئا بالبراءة والنضارة مما جعل الابتسام يرتسم على وجه دون البيرتو الذي قال :
"بما اني اعرف ذوق حفيدي لما يسمى بالالغاز فقد قررت ان اطرح علية لغزا لاشيء يوقظ التحدي مثل سر يبقى كاملا وكيف عندما يرى فتاة متحفظة وبشوشة لايمكن لاحد ان يشك انها ام لطفلة صغيرة؟ الطفلة تشبهك كثيرا وسيعتقد كما سبق واعتقدت انا انها ابنتك سيكون الامر طبيعيا..."
احمرت وجنتا سيرينا وحاولت جهدها للحفاظ على هدوئها وقالت:
"اذن ياسنيور تريدني ان ادعي بأني والدة ويندي من اجل ان تشحذ فضول حفيدك فقط لاغير اعتقد ان ذلك ليس تصرفا لائقا من جانبك ان بالنسبة الي أو بالنسبة الية"
تجهم وجه دون البيرتو وظهرت القساوة في نظرته وقال بلهجة لاذعة:
"لادخل للعواطف في هذه الصفقة التي عقدناها وليس فيها سوى الفوائد المادية التي ستحصلين عليها!"
اكفهر وجهها ,ظاهريا يبدو هذا العجوز طيبا وساحرا وكنه يخفي وراء ذلك قساوة حقيقية غير انها توافق بأن له الحق ان يذكرها بغاية هذا الاتفاق الذي تجني منه فائدتها بسعادة ساذجة .
غرفتها في فندق درجة اولى ملابسها الفاخرة كلها تظهر كرمه الحاتمي وفي الوقت الحاضر لم يعد لديها الحق في التذمر لأنها قامت باختيار سجنها الذهبي وعليها ان تسلم به وتتحمل كل المسؤولية .
"قالت خافضة الرأس:
"سافعل ما تريد ياسنيور لكن ماذا تريد مني ان اقول لحفيدك بالضبط؟ الموضوع شديد الدقة.."
"انك مسؤولة عن طفلة وعليك تحمل اعباء ذلك ببساطة"
"شيء في اعلانك اثار اهتمامي وهي الفقرة التي تتعلق بقبول طلبات اللواتي يتحملن اعباء الاسرة نادرا مايقبل اصحاب العمل ان يقيم الموظف لديهم في بيوتهم مع افراد العائلة ...اذن لماذا؟"
وبما ان سيرينا وعدت بلطف ان تفعل مايرده العجوز منها تغير مزاجه وتناول سيكارا واجاب قائلا:
"كل كلمة وردت في الاعلان كانت مدروسة في اعتناء ودقة وخاصة ماجاء في الفقرة التي تنوهين بها الفتاه التي كنت ابحث عنها عليها ان تمتلك كل الصفات التي لاجدل فيها وخاصة ان تتحلى بحسن الواجب الذي هو اهم شيء في مظهري يجب الا افقد ثقتي بها في المستقبل ... وعندما يكون المرء خاليا من هذه الصفات لايمكنه تحمل اعباء الاسرة وخاصة لفترة طويلة وهذه الطفلة تخدم خطتي تماما لايحب المرء اهله الابعدما يصبح هو ابا أم اما ايضا لذلك ان تعيشي قرب هذه الطفلة وتهتمي بها سيعود ذلك اليها بفائدة جمة فاذا امضى حفيدي ليلة قرب سرير طفلة مريضة سيتعلم الكثير وسيجني ثمارا لايمكن لأي فلسفة نظرية ان تمنحها له.."
"قلت ان حفيدك لايتذكر والدية اطلاقا وبنظرة انت الذي لعبت دور اهلة هل هذا يعني انه تصرف نحوك بجحود ؟"
"ليس تماما لكنه يشك بصحة طريقتي وليس قادرا ان يفهم بوضوح دوافعي ربما اذا جابه بنفسه المشاكل التي تطرأ على تربية الاطفال سيعي الصعوبات التي واجهتها عندما كنت اربيه سيفهم اخير ان ما افعله يخدم مصالحه"
"وبقدر ماهذه المصالح توافق مصالحك"هذا مافكرت به سيرينا في نفسها وهي ترتعش
منذ لقائهما الاول تنبأت سيرينا ان هذه اللياقة الخارجية التي يظهر بها دون البيرتو تخفي وراءها رجلا قاسيا وحاسما يسخر بآراء غيرة ويفرض ارادته على الضعفاء وذلك في عجرفة وتعاظم ودون مراعاة وبالنتيجة ايقظ في نفس حفيده الخجول والمطيع العداء والضغينة!
انقبض قلبها حفيده انسان ضعيف وواهن مثلها...ماذا بامكان هذان المهرجان ان يفعلاه اذا كانت هناك يد حديدية تعاملهما كما تشاء.
××××××××××××××××××××××××× ××××××
نهــــــــــــــــاية الفصل الثالث


ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 04-07-19 الساعة 02:52 AM
أميرة الاحزان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-04-08, 05:36 AM   #2

أميرة الاحزان
 
الصورة الرمزية أميرة الاحزان

? العضوٌ??? » 6151
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 975
?  نُقآطِيْ » أميرة الاحزان is on a distinguished road
20 سيد الرعاة - مارغريت روم -ع.ق( كتابة )


4- مهماز الغضب
ooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooo

في سيارة التاكسي التي تقلهم الى مطار سانتياغو لم يتكلم دون البيرتو الا قليلا كان يبدو متوترا وعصبيا لما دخلوا الى المدرج شعرت سيرينا بانقباض وتوتر ايضا.
بعد دقائق قليلة ستتعرف الى الرجل الذي وعدت الزواج منه!
كانت ويندي متكورة على صدر اختها بقوة مما جعل سيرينا تسرع لتقف قرب دون البيرتو الذي كان مسمرا العينين في الطائرة الانيقة الجاثمة على المدرج همس يقول:
"عظيم لم يتاخر في الوصول"ارتخت تقلصات شفتيه وابتسم وانتشرت حولهم حركة نشطة .
اندفع سيل من المسافرين الى الطائرات التابعة لمختلف شركات الطيران . الاقلاع والهبوط يتعاقبان في تناغم ثابت لكن سيرينا لم تكن تنظر الا الى الرجل الذي خرج من الطائرة الفاخرة وراح يتقدم نحوهم في خطى واسعة فأشار اليه دون البيرتو بيده ثم قال باستغراب وخيبة امل :
"يالهي! لماذا جئت انت ياكوستا ؟ اين حفيدي ؟"
ارخت سيرينا ضغطها على ويندي وشعرت بارتياح لأن الشاب الواقف امامها ليس حفيد دون البيرتو كان الطيار يرمقهم بنظرات استغراب وبدا منزعجا في شكل واضح ثم قال:
"طلب مني ان اعبر لكم عن اسفة لعدم قدرته المجيء ياسنيور من كثرة انشغالة لم يتمكن من ان يحرر نفسه كي يأتي ويرافقكم"
انطلق دون البيرتو غاضبا :
"تبا له ! ماذا الذي منعه من المجيء ؟لم تحدث هزة ارضية على ما اظن!"

اخذ كل واحد مكانه داخل الطائرة فجلست سيرينا قرب العجوز المتوتر الاعصاب وخلال مدة نصف ساعه ظل صامتا وعابسا بينما كانت الطائرة تتجه نحو الجنوب وغابت العاصمة وناطحات السحاب بعيدا وراءهم كانت الطائرة تحلق على ارتفاع منخفض فوق حقول مزروعة باشجار السرو والاوكاليبتوس والحور.
وقنوات مائية تصل الحقول ببعضها البعض.
قال دون البيرتو بعد ان انفرجت اسارير وجهه:
"هذه الاراضي هي افضل اراضي شيلي وبسبب الجبل الري يتم بصورة جيدة جبال الانديس والتلال المكسوة بالثلج تشكل خزانا حقيقيا لذلك فلا تنقصنا المياه حتى في الصيف الجاف"
سألت سيرينا وهي متقلصة اليدين:
"هل لديم مزروعات ياسنيور؟"
" اننا نرعى الماشية لكن لدينا بالطبع حقول مزروعة تكفي حاجتنا فقط"
ومرة اخرى غاص صمت عميق وازداد توتر سيرينا التي كانت تحدق من خلا نافذه الطيار
وترى القمح والذرة والسعير والخضار ثم قطعان الماشية وبعد قليل لم تعد ترى سوى مساحات واسعه من العشب الممتد الى مالا نهاية وحيث ألوف الابقار والاغنام والماعز لم يسبق ان رات مثل هذا التجمع الضخم وهذه القطعان . ولما بدأت الطائرة بالهبوط باتجاه احد المنازل الذي كان بالكاد مرئيا على خط الافق عرفت سيرينا انهم وصلوا الى المكان المقصود .وخلال الهبوط خارت قدماها وشعرت بخفقان قلبها على طرف المدرج كانت السيارة بانتظارهم صعدت سيرينا في المقعد الخلفي واقلعت السيارة في الحال متجهة نحو مسكن كبير يقع وسط مجموعه من اشجار الاوكاليبتوس والجدران مبينه من الحجارة الثقيلة ومطلية بالكلس الابيض اما السقف فمصنوع من صفوف القرميد الاخضر المدور البلاط الاخضر يكسو ارض الشرفة وينتشر حول بركة السباحه .
عندما دخلوا المنزل لاحطت سيرينا البلاط نفسه في الارض دعاها دون البيرتو ان تعبر المدخل وتوجه بها نحو الصالون بساط بني فاتح يفرش الارض وحول الصالون مجموعه مقاعد مستندة الى الجدار ملبسة بالقماش الهافاني وعلى الجدار رفوف بيضاء مليئة بالكتب الضخمة والمجلدة هنا وههناك لمبات رفيعه وانيقة تليق بهذا الجو مدفأه ضخمة تلفت النظر من حجر الرخام تعلوها ظهرية نحاسية تعكس الوان النار الفاقعه والمتبدله ويمكن لعشرة اشخاص ان يتجمعوا حولها.
فتنها المنظر كليا فسألها دون البيرتو الذي شعر بسعاده واطراء :
"هل اعجبك منزلي ياسنيوريتا؟"
كانت نظراتها البراقه تفيض بجواب ايجابي فقالت:
"انه رائع للغاية ياسنيور ويحتوي على ذوق رفيع عرفت ان تدخل كل وسائل الراحه والحياه العصرية من دون ان يسيء الية الطابع الاصلي "
هزأ رأسه وكاد ان يشكرها لهذا الاطراء حين انفتح باب الصالون بعنف واطلت منه امرأه قصيرة القامه بدينه راحت تهز ذراعيها مرحبه بهم في حرارة
"المعذرة سيدي الكونت لقد اعلمني الطيار كوستا بوصولك لتوه . تأخذان بعض الشرابات المنعشة انت والسيده اليس كذلك ؟ هل اجلب حليبا للطفلة؟"
"شكرا ياكارمين انا اكيد ان ضيوفي يشعرون بالعطش مثلي لكن قبل ان تقدمي لنا الشراب ربما من الافضل ان تدلي الانسه باين الى غرفتها هل اخذتم التدابير الضرورية بما يتعلق بالطفلة حسب اوامري؟"
" نعم ياسينيور كل شيء جاهز لو تتفضل الانسه وتتبعني؟"
وقبل مغادرة الصاله سألأ دون البيرتو مستعلما:/
"والمربيه ؟ هل وجدت الممرضه المناسبة؟"
"اهتميت بالامر كذلك ياسنيور طلبت من شقيقة كوستا ان تهتم بالامر وهي تنتظر بفارغ الصبر ان تلتقي الصغيرة"
قال بامتنان ظاهري:
"رائع كل شيء تم على احسن مايرام"
ثم وجه كلامه الى سيرينا بوجه بشوش وابتسامه على الشفتين:
"عليك ان تعذريني ياسنيوريتا ستحتسين الشراب وحدك بسبب تغيبي عن المنزل تكدست الاعمال علي ...لكن في المساء سنتناول العشاء معا وامل حينذاك ان ان اعرفك الى حفيدي الذي سيعتذر بحرارة لانه لم يأتي الاستقبالك في المطار"
" لاتقلق علي ياسينيور ولاتتردد في ممارسه اعمالك التي لابد ان تكون كثيرة على ما اظن أما بالنسبة الى حفيدك فنعرف ان عذرة معه سنلتقي جميعا في المساء!"
كادت ان نفقد هدوءها لمجرد التفكير بهذا اللقاء وحاولت ان تتمالك نفسها فتبعت كارمين وهي تضم شقيقتها ويندي الى صدرها لقد حققت ماكانت تتمناه اذ وجدت المكان المناسب كي تترعرع فيه ويندي من دون ان تشعر بحاجه لأي شيء لكن عليها ان تدفع هذا الثمن حتى ولو
كان مرتفعا.
تبعت سيرينا كارمين التي قادتها الى اعلى البيت حيث تقع غرفتها وغرفة شقيقتها ويندي كانت كارمين تتكلم بسرعه دون توقف شارحه للضيفة كل مابوسعها قوله كانت الغرفتان تقعان تحت سند السقف مباشرة وقد طليت جدرانها بالابيض وبنيت الخزائن والرفوف في الزوايا العديده بذكاء واتقان وتحت النافذه علقت صفحه خشبيه طويله يمكن استعمالها كطاولة عمل.
والغرفتان متصلتان ببعضها البعض بباب داخلي في غرفة ويندي كانت النوافذ مصونه بشباك حديدي من خلاله يتسرب الهواء المليئ بأريج الزهور المختلفة وبعد وقت قصير تعرفت سيرينا الى بيللا المربيه التي اختارتها كارمين للاهتمام بالطفلة فناولتها شقيقتها النائمه بين ذراعيها والتي وضعت للحال في سريرها.
واحتلت سيرينا حاله هيام وعجب لو انها جالت انحاء المعمورة كلها لما امكنها اكتشاف هذا المكان الذي يشبه الفردوس وفي فرح وغبطه راحت تتصور شقيقتها وهي تلعب في هذه البساتين الخلابه بين الحيوانات الاليفة لاشيء في العالم يرغمها على الرحيل من هنا ..هذا ماوعدت نفسها به!
امضت سيرينا بقيه فتره بعد الظهر في التنزه حول المنزل كانت تسرح في المكان من دون هدف معين وبعد قليل وصلت امام مكان مسيج فاسندت ظهرها على الاسوار الخشبية كان المكان خاليا لا شك ان الرجال في مثل هذا الوقت يكونون في السهول المجاورة يرعون القطعان التي شاهدتها وهي في الطائرة فأكلمت تجوالها ذهابا وايابا في خطى هادئة ونظرت داخل مبنى واسع معد خصيصا للمنامه لاحساه لمن تنادي لكن بعد قليل سمعت اصوات طناجر وسكاكين فاقتربت لتكتشف مطبخا واسعا تنبعث منه رائحة اللحوم المشويه هنا يحضر طعام الرعاة البقر الذين لابد ان يعودوا في اقل من ساعه
بدأت الشمس بالهبوط فاسرعت سيرينا في العودة الى المزرعة كانت مصرة ان تبدو في افضل شكل امام الرجل سبب سعادتها وحظها كما هي على استعداد كي توقظ في هذا الرجل الخجول كل اهتمام وفضول فارتدت فستانا مخمليا ازرق ليليا ذا اكمام طويله يظهر نحافه جسمها وانتعلت حذاء رماديا فضيا ثم سرحت شعرها الطويل حتى ينسدل امواجا شقراء على كتفيها ونظرت مرة اخيرة في المرآه وشعرت بالامتنان من نفسها في الحال خرجت من غرفتها.وفي اعلى السلالم استجمعت كل مالديها من شجاعه كادت تقوم بالخطوة الاولى حين سمعت رعدا من الاصوات المبتهجه تنقض على المنزل وتعكر صفو هذا الهدوء الذي كان مستتبا طوال فتره النهار كان عشرات الفرسان يقفزون عن احصنتهم ويتوجهون في صخب الى المطبخ .
تسمرت سيرينا في مكانها متردده ثم سمعت خطوات ثقيله في الشرفه مباشرة تحت النافذه احد الرعاه ولج في المدخل وسمعت بوضوح صوت المهاميز تسقط على الارض وبعد بضعه ثوان ارتفعت اصوات في الصالون في البدايه كانت عاديه لكنها سرعان مارتفعت عاليا وبدأ الضجيج والصراخ والصياح والصخب بالكاد تعرفت الى صوت دون البيرتو لأن من كان يتكلم معه كان يقاطعه باستمرار وبحقد وبلهجة انتقاميه.
في حيرة واضطراب انحنت سيرينا الى الامام محاولة ان ترى الرجل الذي يجاوب بحده وعنف على كلمات دون البيرتو من يكون هذا الرجل ليجرؤ ان يتطاول على العجوز الذي يدير المزرعه بيد من حديد ؟ لايمكنه ان يكون موظفا أو عاملا لان مثل هؤلاء لا يستطعون ان يتكلموا بهذه الوقاحه وهذا الجفاء..
اصطفق باب في عنف محدثا ارتجاجا في جدران المنزل وعاد الصمت الثقيل المقلق وعبق الجو بتوتر يشبة الكهرباء.
حاولت سيرينا السيطره على خوفها فتنفست الصعداء واطلقت زفرة طويلة فجأة انفتح باب غرفتها بقوة ودخل رجل ممشوق القامه يرتدي بزه سوداء هذا الاقتحام الفظ أرعب الفتاه فتسمرت مكانها من دون ان تحدث صوتا كانت تحدق في عينين متسائلتين.

كان الرجل يقيسها بامعان ووقاحه كان يتأرجح من كل جانب ويطقطق بمهمازه الفضي يرتدي سروالا من الجلد الاسود ضيقا ويظهر نحافة وركيه وطول ساقية العضليتين وكان قميصه المفتوح يظهر صدره الاسمر وشعره المشعث من شده الريح فشعره اسود كذلك عيناه اللتان تلمعان ببريق شيطاني ارتسمت على شفتيه ابتسامه ساخرة وقاسيه مظهره اسنانه البيضاء الناصعه
قال بلهجه ساخره:
"اذن انت آخر مقتنيات الكونت !كان يجب على ان افطن الى انه سيختار فتاه شقراء بارده كأنها مصنوعه من جص!"
" من انت؟ كيف تجرؤ على الدخول الى غرفتي من دون ان.."
قاطعها بعنف قائلا:
"آه ارجوك لاتبدأى باعتباري انسانا احمق! لايليق بك ان تلعبي دور النساء الخجولات حسب رأي جدي انت مستعده تمام الاستعداد لتقاسميني السرير!"
احمرت وجنتا سيرينا اشتعالا وهمست تقول في تألم:
"اتريد ان تقول انك.."
"زوجك لااكثر ولا اقل لكني زوج عاص ومتمرد.."
احنى رأسه ساخرا واضاف يقول:
"انا دون خوان دي فالديفيا بيدق اخر في لعبة جدي.."
تلعثمت تقول:
"بيدق...لعبه...؟"
اقترب منها وقال:
"ربما لاتعرفين خطه جدي ... لاشك انه خجل ان يكلمك عن خطته اجلسي ياسنيوريتا هناك شيء عليك ان تعرفيه بشكل ضروري "
جلست سيرينا في المقعد وكتفت يديها وشدتهما الى صدرها في تشنج كأنها تريد بذلك ان تبدد خوفها الكبير من هذا الرجل الذي يشبة دون البيرتو بشراسته وهوله كان عليها ان تتخلص من اوهامها وقناعتها فخوان دي فالديفيا ليس كما وصفه لها جون البيرتو ذلك الرجل المنطوي على نفسه والورع وبدأت تفضل ان تجابه النار والطاعون واي بلاء او مصيبة ولا ان ترتبط حتى اخر حياتها بهذا السفاح البربري ونظرته الباردة وارث التوحش من اسلافه الغزاه.
قال بنظره قاتمه:
"جدي مربي ماشيه معروف قضى حياته يختار ويزاوج ويحسن مختلف الاجناس واليوم انه قادر ان ينتج –حسب الطلب- الحيوانات القويه او المؤذية او الوديعه وهو يفتخر بذلك واضافه الى هذا فهو على استعداد ان يرد للشاري كل مادفعه اذا لم يكن هذا الاخير راضيا بما يشتريه وفي الوقت الحاضر ينوي جدي ان يطبق معلوماته وخبراته على الجنس لبشري ..."
فوجئت سيرينا بما يقوله واصابتها الغصه لكن خوان دي فالديفيا لم يترك لها مجال للاحتجاج اذا قال مؤكدا :
:"نعم ماقوله صحيح لقد سبق وفعل ذلك ونال نجاحا كبيرا ولهذا السبب يريد ان يقوم بتجربة جديده!"
صمت قليلا ثم تابع يقول:
"والدي كان مثلي رجلا عنيدا كان يفضل ان يفعل مايروق له حتى لو قام باغلاط كبيرة بدلا من ان يسمع لنصائح جدي وذات يوم ومن دون سابق انذار دخلت المزرعه فتاه جميله كانت انكليزيه شقراء ذات عينين زرقاوين وديعه ومطيعه اختيرت كي تعجب والدي وقيل لي انه وقع في غرامها وكان ذلك الحب متبادلا بينهما غير ان شككت في بادي الامر واعتقدت ان والدي وقع في حب هذه المزرعه الغنيه اكثر من حبها لكن للأسف هذه الهزة الارضيه لم تسمح لجدي ان يكمل تجربته حتى النهايه ولاشك انه متأسف على ذلك وكذلك ومن دون أي شك يريد ان يقوم بتجربه جديده ياسنيوريتا ومعنا.."
رفع ذقنه وسألها في سخريه :
"ماذا لو قلت لك انه اختارك فقط من اجل ان يكون لك الاثر اللطيف علي مما يجعلين اتصرف نحو جدي بطاعه عمياء ؟ لكني احذرك ياسنيوريتا ان هذه اللخطه لن تنجح ... ولا احد بامكانه ان يجعلني اركع له!"
بدأ قلب سيرينا ينبض بسرعه بالغه فرجعت الوراء ويدها على صدرها وقالت وهي تهز رأسها:
"لست انوي ان اجعلك ان تركع لي ياسنيور كنت اعتقد انك بحاجه الي ولهذا السبب جئت الى هنا تصورت انك..."
اختنق صوتها لحظه ثم تابعت تقول:
"كنت اعتقد اني سأوجه رجلا خجول ومعقدا غير قادر ان يجد بنفسه زوجه له لكن في الوقت الحاضر بدأت ادرك ان جدك وصفك لي بطريقه خياليه ولاشيء مما قاله يوازي الحقيقه وحتى لايصار الى سوء تفاهم لن اتزوجك ياسنيور حتى ولو اضطررت ان اموت جوعا !"
اصابته في غطرسته وتفاخره فراح يرمقها بنظرات احتقار وغضب وباحتراز ابتعدت عنه وتوجهت نحو النافذه وقالت:
"والان ياسنيور اخرج من الغرفة من فضلك "
حيرة تصرف الفتاه المتعالي فاقترب منها بارتباك وامسكها بذراعها في عنف فتمالكت لئلا تصرخ فارغمها على الالتفات اليه وقال:
"اتساءل مالذي جعلك تقررين المجيء الى هنا انت فتاه جميلة ويمكنك ان تثيري اعجاب الرجل بك لذلك فانا اكيد انك لم تأتي الى هنا لانك لم تجدي رجلا يحبك ويريدك زوجة له هل قدم لك الكونت مبلغا كبيرا من المال ؟ آه اذن هذا هو السبب !"
افلت يده بسرعه وغضب توجه نحو الباب الغرفة توقف هناك واعلن بصوت قاطع مليء باحتقار مر قائلا:
"بما ان جدي هو الذي اشتراك فسيفعل بك كما يريد لم يعد لي دخل بذلك لكن ياسنيوريتا اذا اردت نصيحتي ارحلي في اسرع وقت ممكن لم نعد بحاجه اليك هنا!"
اجتاز عتبه الباب عندما بدأ صراخ ويندي يعلو من الغرفة المجاورة فأسرعت سيرينا اليها لأن الطفلة كانت وحدها وبيللا المربيه تتناول الطعام باتفاق مع سيرينا ولما وصلت الى سرير ويندي توقف البكاء وبدأـ الطفلة تزقزق بفرح:
فقالت لها سيرينا في حنان وقسوة :
"يايتها الفتاه الدلوعه ! اذا بقيت اعاملك هكذا ستصبحين فتاه مدللة فوق اللزوم "
سمعت صوتا وراءها داخل الغرفة غير المضاءة فتذكرت للحال انها لم تكن وحدها
"لمن هذه الطفلة "
كانت سيرينا تدور حول نفسها حاملة ويندي بين ذراعيها وتشبه العذراء ببراءتها وطهارتها اجابته بهدوء وافيه بالعهد الذي قطعته امام دون البيرتو
"هذه الطفلة لي"
قال غير مصدق:
"لك؟"
"نعم لي"
فرحت سيرينا لدى رؤيتها الدهشه العميقه التي ارتسمت على وجد خوان دي فالديفيا الذي قال :
"ووالدها اين هو؟"
من دون اضطراب قالت بلهجة عاديه لايمكنه ان يشك بصدقها:
"والدها مات"
القى نظرة سريعه الي يد سيرينا اليسرى فلم تكن ترتدي محبس الزواج ولم تكن تأبه بما سيفكرها عنها لم تكن تود سوى شيءوهو ان تتخلص من الرجل العدائي .
في فضول انحنى نحو ويندي ذات العينين الزرقاوين الصافيتين .
فمدت له ذراعيها منتظره ان يحملها بدا مرتبكا الى درجة جعلت سيرينا تشهق ضاحكه لكنها سرعان ماوضعت الطفلة في مهدها وقالت:
"عليك ان تنامي ياصغيرتي لا لاتجلسي!"
قبلتها سيرينا وقالت :
"تصبحين على خير ياحبيبتي "
اشارت لخوان دي فالديفيا ان يخرج وراءها من الغرفة قبل ان تغلق الباب الذي يصل الغرفتين فقال الرجل في شراسه:
"هل جاء معك احد غير هذه الطفلة؟"
اجابت بصراحه بعد ان فوجئت قليلا:
"كلا بالنسبة الى ويندي والي حيثما نكون نحن معا يكون منزلنا.."
ملأ وجه سيرينا استرخاء كبير رمقها بنظره غاضبة وعضلات فمه ترتجف بقوة كأنه يحاول ان يقوم شرا مؤذيا فقال:
"هذا العجوز محتال كالشيطاطن لكن بالرغم من هذه الظروف لن اغير رأيي!"
لم يتسن لها الوقت لتساله عن تفسير وايضاح فقد اسرع نحو الباب وخرج الى الممر في خطوات واسعه تعبر عن غضبة ولم تعد تسمع الا خشخشه المهماز.
××××××××××××××××××××××××× ××××××××××××××××××××××××

نهايــــــــة الفصل الرابــــــــــــــــــــ ـــــع ...^_^"
oooooooooooooooooooooooooooooooo
5ـ خطه الجد
ooooooooooooooooooooooooooooooooo

فجأه دق الجرس معلنا موعد العشاء تمالكت سيرينا نفسها قليلا لئلا تهرب في الحقيقه لم تعد تنوي البقاء هنا في المزرعه غير ان مواجهه صريحه مع الكونت دون البيرتو اصبحت مهمه حتميه ولا مفر منها عليه الان ان يشرح لها الامور بوضوح وان يتصرف بنبل ويقدم اليها اعتذاره لانه رسم لها صورة كاذبة عن حفيدة بعيده كليا عن الحقيقه والواقع
هبطت السلالم بسرعه وعصبيه ولما وصلت اما باب الصالون توقفت في تردد ثم استجمعت قواها وكل ماتبقى لها من شجاعه وقررت ان تفتح الباب وتدخل قاعه الاستقبال
فوجئت بوجود دون البيرتو وحده كان مستغرقا في افكاره يحدق بكأسه في كآبه ولما دخلت القاعه وثق يستقبلها لم تلمح في وجهه أي اشارات للندم او تبكيت الضمير
"انت رائعه حقا ياسنيوريتا لي الشرف ان ارحب بك في بيتي واكرمك على مائدتي من زمان بعيد لم تدخل منزلنا فتاه جميله مثلك ".تقلصت سيرينا وخشيت ان تخور عزيمتها وتتخلى عن تصميمها الذي قطعته على نفسها برفض الزواج من حفيده مهما كلف الامر
"هذا لطف منك ياسنيور غير انه عليك ان تسامحني اذا قلت لك ان هذه المجاملات وهذا الافراط في المديح الذي تنعم به علي يبدو لي عديم الجدوى مثل بعض تصريحاتك الاخيرة .."
عدل جلسته وتوارى التغضن المرير عن وجهه واعلن بصراحة:
"نعم علي الاعتذار منك ياسنيوريتا ربما كان اخفاء الخطر اخطر من الكذب المتعمد ..لكن بانتظار المناقشه بكل هذا اسمحي لي ان اقدم لك شرابا منعشا بامكاننا ان نتناول العشاء بعد قليل لانه اذا وجدت نفسك في ارتياح واسترخاء ستتذوقينه افضل "
قبلت ان تتبعه الى المقعد حيث جلست ونظراتها المليئه بالخوف كانت منجذبه تلقائيا نحو الباب عرف دون البيرتو مايدور في خلدها فهمس يقول:
"استرخي ياسنيوريتا حفيدي ليس في المزرعه مساء اليوم ذهب الى المدينه برفقه بعض الرعاه ولن يعودوا قبل الفجر وستسمعين ضجتهم الاعتياديه اذا لم يكن نومك عميقا"
شعرت سيرينا بارتياح واسترحت في مقعدها وبين الوسائد المحيطه بها فابتسم دون البيرتو لرده فعلها وقال:
"اذن لقد اتيحت لك فرصه لقاء حفيدي .."
فاعترتها قشعريره باردة وقالت:
"ماحدث بيننا لم يكن ماتسميه باللقاء لقد احتجزني ووشمني للحال كما تفعلون بالماشيه!"
كان دون البيرتو منهمكا في تحضير الشراب الذي رفضته فقاطعها فجأه وردد وهو مقطب الحاجبين:
"وشمك؟"
"وشمني مثل أي امرأه سلعه ياسنيور وبرأي حفيدك انا امرأه لا مكان لها هنا ومصيرها متعلق بمن اشتراها يعني انت ايها الكونت!"
قال في غضب :
"يالهي! لو كان مايزال صبيا لقاصصته على هذا الكلام البذيء!"
"لكنه لم يعد صبيا وفي كل حال الظاهر انه على حق ان تختار بنفسك امرأه لتزوجها من حفيدك الخجول المرتاب ليس هذا بعيدا عن الخيال لكن حفيدك يدعى خوان دي فالديفيا وليس ذلك الرجل الخجول والمرتاب ومافعلته عديم الفائدة! لا يمكنك ان تجهل ان مبادرتك هذه ستجعله يغضب بعنف؟"
جلس قربها واكتفى باطلاق زفره عميقة لاشك انه نادم على ما فعله لكن على ماذا هو نادم بالتحديد ؟ على فشل مخططه ام على الضرر الذي الحقه بحفيده وبها؟
قال بلهجه متوسله:
"اذا قبلت سماع ماسأقوله سترين ان تصرفي هو اقل انانيه مما كنت تتصورين"
"وما الفائده بعد الان؟ بعدما باح به حفيدك اصبح كل شيء واضحا انت مربي ماشيه معروف ولا احد ينكر نجاحك الباهر في هذا المجال لكنك توصلت الى الاقتناع انه بامكانك تحقيق تجاربك على الكائن البشري وشيئا فشيئا توصلت الى مشروعك وهو ان تحقق اتحادا كاملا لزوجين مثاليين غير انك ارتكبت خطأ جسيما في يتعلق بنا دون خوان رجل .. غليظ وفظ واذا كان هذا غير كاف فانه يرجع كل شيء اليه .. وهذا ما اكده اكثر من أي شيء اخر!"
لمع بريق شحيح في نظرات دون البيرتو وارتسمت ابتسامه صغيرة على وجهه فوجئت سيرينا بردة فعله وانزعجت بعض الشيء ونهضت مسرعه لكنه مد اليها يده واعلن بلهجة هادئه قائلا:
"سامحيني يا عزيزتي لكن سبق وسمعت هذا الكلام من قبل وبالحماس والصدق نفسهما ذلك ان المرأه التي اصبحت كنتي كانت تتكلم مثلك تماما. وبالنسبه اليها على ان اقول صراحه اني احتجزتها في المزرعه بنيه تزويجها ابني ستقولين اني مازلت في الهاجس نفسه وابني كان رجلا ذا طباع غريبه لايمكن قهره بسهوله ولا يختلف عن حفيدي الذي شاهدته اليوم كان يفضل العمل برفقه الرعاه وكان يحسدهم على حريتهم ولم يكن هو الذي يتحمل مسؤوليه اداره وحرثة هذا المشروع الكبير الذي اعتبره دويله كبيره داخل دوله كل المسؤوليات والهموم والاعباء التي تنبثق عن هذا الثقل اتحملها وحدي انا ! وكان هناك العديد من الفتيات من العائلات الرفيعه اللواتي كن يتمنين الزواج منه لكنه لم يكن مسالا الا الى النساء الاقل احتراما اللواتي يعاشرهن الرعاه في حانات المدينه وهذا ينطبق الان على حفيدي واصدقائه"
ران صمت طويل ثم تابع يقول:
،"لم اختر هذه الفتاه بنفسي لقد وصلت الى هنا بطريق الصدفة لكن يجب ان اعترف لك اني منذ رأيتها خطرت ببالي فكره جهنميه واردت ان انفذها بتسهيل اللقاء بينهما الى ابعد حد في البداية كانت اللقاءات تتم في مناخ عدائي لكني فرحت اكثر عندما علمت ان العلاقه بينهما بدأت تتوطد تدريجيا وكما توقعت اخذا يشعران تجاه بعضهما البعض بالحنان الذي تحول فيما بعد الى حب كبير وبالتالي تغيرت طباع ابني بشكل كلي وعرفا معا سعاده كبيره ياسنيوريتا ولايمكنني ان اعبر لك بالكلمات ما شعرت به عندما علمت بالمأساه .. لذلك ارغب من كل قلبي ان يقدم خوان ثمره هذا الحب على زواج سعيد وان يسعد مثل والده .. هذه هي امنيتي الفريده لايمكنك ان تلوميني ان اقدمت على تحقيق هذه الامنيه حتى ولو كنت تفكرين في اعماق انني معاذا الله اعتبر نفسي متساويا مع الخالق الكبير عز وجل"
اقتربت سيرينا من المدفأه وانحنت صوب النار المتوهجة التي انعكست على وجهها حيث ظهر تشوش عميق وارتباك وحيرة انها تشعر نحوه بالشفقه لانه يعتبر نفسه الحاكم المستبد بمملكته الصغيرة ومقتنع بقدرته الامتناهيه كان الامر مضحكا ومؤسفا في الوقت نفسه الكونت دون البيرتو ملك المزارعين! سيتقاعد املا ان تصبح هي ملكة المزرعه .. فشعرت بالتواء ياخر ومر في فمها.
غير ان ملامح وجهها حافظت على الوقار والرصانه عندما التفتت الى العجوز الذي كان جالسا في مقعده منحنيا الى الامام ويده على ذقنه لم تكن تريد ان تجرح شعورة فاعلنت بلهجة متنزنه قائلة:
"اسفه سينيور لكنني غير قادره على قبول ترتيباتك .."
هز رأسه احتجاجا فاضافت في الحال بحزم كبير :
"نعم انها ترتيبات.. كل انسان حر ان يتصرف بحياته كما يرى مناسبا ان كان هذا الانسان حفيدك ان أي شخص اخر انا متأكدة باقتناع انك لاتفعل ذلك بانانيه وانك تتمنى بكل اخلاص سعاده خوان لكن.."
توقفت لحظة ورمقت العجوز بنظره صافيه وسألت:
"هل فكرت بأن النجاح الذي احرزته في مايتعلق بابنك كان مجرد حظ وان هذا النوع من التجارب لايمكنه ان يؤدي الى النتيجة نفسها؟"

"الطبيعه الانسانيه لاتتغير سنيوريتا ! الاجيال تتلاحق والسنوات تمر والانسان مازال ينقل الى نسله الطباع والعاهات والفضائل والعيوب نفسها في عروقي يجري دم الغزاه الاول فقد ورثت عنهم حب المغامره وكراهية الخوف والانانيه والعنفوان وكان ابني يتمتع بهذه الصفات واليوم ارها عند حفيدي ولهذا السبب انا متأكد ان ماقدمت عليه ليس خاطئا ولا يقبل بالفشل"
قالت سيرينا بهدوء وهي تضم بشده يديها المرتجفتين على بعضهما :"لكن ماحدث يؤكد استحاله مهمتك مخططك باء بالفشل لانك نسيتني بكل بساطه .. وانا ما ازال موجوده سينيور من دوني لايمكنك ان تحقق اهدافك! اني ارفض الاشتراك في هذه الترتيبات وامل ان تعفيني من تحقيق العهد الذي قطعته اتمنى العودة الى بلادي باسرع وقت ممكن ولا سبب لان ارى حفيدك بعد الان !"
وضع دون البيرتو كأسه على الطاوله بهدوء ثم اقترب منها فتهيأ لها انها خادمه امام معلمها وكادت ان تحني رأسها خضوعا كان ينظر اليها بتفصيل يقيسها مطولا ثم قال بلهجة بارده ومراعيه:
"اخشى ان يكون ماتمنيته مستحيلا اذكرك بانه سبق وعقدنا صفقه لامجال للتراجع عنها هذه الملابس التي ترتدينها وهذا المنزل الذي تسكنيه انت واختك دليل قاطع ويحق لي ان انتظر منك امتثالا وطواعيه".توقف لحظه ثم اضاف:
"وكما لاحظت فالمزرعه مقطوعه عن العالم اذن لامجال ان تأملي في الهروب والرحيل انها اضاعه للوقت كي تخرجي من هنا عليك ان تأخذي الطائرة وتلك التي نملكها لن اضعها تحت تصرفك عليك اذن ان تبقي هنا شئت ام ابيت!"
اطلقت نواحا عميقا وشحب وجهها وقالت بغضب:
"بامكانك ان تعتبرني سجينه لديك لكنك لن تتوصل ابدا لأن تجعلني اتزوج حفيدك بالقوة!"
اجاب دون البيرتو من دون اضطراب كأن شيئا لم يكن:
"في البدايه المرأه التي جاءت قبلك كانت تفعل مثلك في جميع تصرفاتها وردة فعلك هذه لايمكنها الا ان تؤكد لي نجاح مهمتي ولذلك انا مسرور جدا.."
القمر يلقي اشعته البيضاء على سرير سيرينا حيث ارتمت منذ ساعات بعدما هرعت راكضة من قاعة الاستقبال حانقه على دون البيرتو وخائبه لحظها السيء فقرار الكونت الذي لا رجوع عنه وضعها في حاله حزن وكآبه والان تعتبر هذا المنزل سجنا وهذه الغرفة زنزانه حيث بامكانها ان تتأسف على مصيرها وتندم شدت على معصميها وانزلقت تحت الاغطيه وراحت تنتحب باكيه وتصرخ :
"انا مجنونه حقا مجنونه لماذا لم يخطر ببالي انني بقبولي هذه الصفقه رميت نفسي في مأزق؟"
صحيح انها استعدت لقبول كل العواقب التي تنتج عن هذا القرار لكن الرجل الذي قبلت منه لم يظهر على حقيقته الا اليوم...
كبتت دموعها ونهضت خارج السرير وخلعت فستانها بقسوة هذا الفستان الذي هو هديه من دون البيرتو .. وشعرت سيرينا بالخجل لما فعلته برغم انها تعرف ان سبب ذلك يعود الى ويندي غير انها احست بالقرف من تصرفها.
كان ذيل قميص نومها الشفاف يمسح ارض غرفتها ذهابا ايابا ثم جلست قرب النافذه وظلت مسمره مكانها مده طويله كالبلهاء فجأه سمعت خشخشه صغيرة وبعدها عم صوت عميق ثم اقنعت نفسها بأن ماسمعته ليس سوى وهم مخيلتها لكنها سمعت الخشخشه نفسها مره ثانيه فالتفتت سيرينا حولها وفتحت عينيها جيدا تبحث في ظلمه الغرفة علها ترى شيئا فلاحظت ظلا يتحرك ويقترب منها ارتعبت ولم تجرء على القيام بأي حركه بريق معدني لفت نظرها وعلى ضوء القمر الشحيح رأت البكله الفضية المعلقه بالزنار الجلدي الاسود فعرفت من يكون صاحيها واستعادت صوتهاوقالت باستغراب :
"ماذا تريد؟ كيف سمحت لنفسك بالدخول الى غرفتي من دون سابق يادون خوان!"
قهقه ضاحكا واقترب منها بترنح وشعرت بنفسها على وشك السقوط وقال ساخرا:
"انا بحاجه للحديث معك في الحقيقه فكرت مطولا بالوضع الدقيق الذي وجدنا فيه ... واعتقد انني عثرت على حل لذلك"
ادركت بانزعاج انه دائخ والعطر الخفيف الذي يرطب قميصه يدل انه لم يقض الليل وحيدا قالت:
"انا أيضا اخذت قرار نهائيا قررت ان ارحل من هنا ... واريد ان تعدني بمساعدتي في العودة الى بلادي "
امسك كتفيها بشده وراحت ترتعش عندما بدأت يداه تمتدان الى جسمها نصف العاري لكنها ظلت جامده رافضه ان ترجوه الا يفعل ذلك. قال صارخا:
"هذا مستحيل ! انه يشوش مخططي! اليك ما انوي فعله:
ساتزوج منك ...لكن عليك الاتعتقدي اني سأفعل ذلك لاني اخضع لارادة جدي ابدا اريد ان القنه درسا وابرهن له ان زواجا مدبرا بهذه الطريقة الجهنميه لن يؤدي الا الى الفشل ... الفشل الذي سيؤلمه كثيرا صحيح ان بزواجي سأحقق له امنيته العزيزة على قلبه لكن عليه بالمقابل ان يفي بوعده "
بالكاد نطقت سيرينا قائله:
"وعد ؟أي وعد؟"
"ان يعهد الي ادارة المزرعه بكاملها لا اريد شيئا اخر لقد اشتغلت كثيرا بلا هوادة لأنني اعرف ان ملكية هذه المزرعه ستكلفني عذابات شتى ! واخيرا وضعني جدي امام الامر الواقع :الزواج ام خساره المزرعه وليس فقط الزواج وانما هو الذي سيختار العروس ! واذا رفضت سوف يحرمني من الميراث لكن ياسنيوريتا سنحتال على هذا الثعلب معا ... لندعه يعتقد انه سيد الوضع فقد اصبح عجوزا ولن تدوم عظمته الى الابد!..."
ارتعشت امام لهجته المحزنه فأضاف يقول :
"بعد بضعه سنوات سيموت وكل واحد منا يذهب في طريقة لكن الوقت الحاضر ارغب ان نتزوج سيكون الاحتفال شكليا ولن يربطنا أي قسم او يمين طبعا لن اغير تصرفي وبالنسبة اليك سينيوريتا اعتقد ان الزواج واللقب الذي ستنالينه سيكونا عزاءين كافيين سأتجرأ واسالك الست زوجه سبق وعاشت من قبل خبرة الزواج اقصد بذلك انك كنت ملكا لرجل أخر؟"
هذه الملاحظه الاخيرة كانت بالنسبة الى سيرينا صفعه حقيقيه شعرت فجأه تجاهه بقرف وحقد وضغينه الى درجة انها كادت ان تبوح له بحقيقة ويندي فقط من اجل ان يعتذر عن هذه التهمه والشتيمه غير ان غريزتها نبهتها الا تقدم على فعل كهذا وتبين لها بوضوح ان دون خوان دي فالديفيا لا يمكنه قبول زوجه قد ملكها رجل اخر قبله ولهذا السبب فهو يتعذب بانانيه وعنفوان لانه سيضطر قبول ذلك ولو بصورة شكليه...
ظلت سيرينا صامته فأسرع يقول :
"اذن مارأيك ؟ هل انت مستعده لمساعدتي لمواجهة هذا الثعلب العجوز ؟"
فسألته قائلة ببرود وحقد :
"ايمكنني الاختيار؟"
ظل دون خوان مسمرا عينيه الثاقبتين في وجه الفتاه الشاحب .
وهو مازال ممسكا بها وسيرينا تحاول جاهده ان تظل هادئة وغير مباليه اطلق ضحكه ساخرة وقال
"هذا الجمال الذي تتحلين به لايبدد ضجري ولايؤثر بي ياسينيوريتا ! في بلادنا النساء لسن باردات بالعكس انهن شغوفات حارات مضطرمات ... لذلك لاتخافي مني بصفتي زوجك في المستقبل: لن احاول أبدا ان اتقاسم فراشك! هل هناك اسوأ من عناق كتله جليد ؟"
وللحال ابعدها عنه بعنف فقالت بغضب :
"افهم اشمئزازك ياسينيور انا اشعر نحوك بالشعور نفسه! يؤلمني ان ارى نفسي في غرفتي بصحبة رجل دائخ..."
اصابته في عزة نفسه وكانت ردة فعله ان حملها من دون أي جهد وجذبها نحوه في شده قائلا واسنانه تصطك :
"آمرك ان تعتذري مني والاستندمين عما قلته!"
قالت وهي تتخبط للتخلص منه :
اتركني .. ابتعد عني!
" ليس قبل ان تعتذري على ماقلته الان "
" وعن ماذا تريدني ان اعتذر؟ لاني قلت الحقيقه؟ لم اطلب نك ان تعتذر مني عندما شتمتني انت الرجل النبيل"
ابعد رأسه الى الوراء واطلق ضحكة ساخرة ومتعجرفة وقال:
"لم اعتبر نفسي ابدا رجلا نبيلا! هذا النوع من الرجال الضعفاء الذين يمضون معظم اوقاتهم في النوح لا اعتقد انا ان هذا النوع من الرجال يعجبك ياسنيوريتا؟"
" اني افضل الرجال الذين لا يستعملون القوة الا بعد ان يجربوا كل وسائل الاقناع الاخرى!"
" اني افكر عكس ذلك فالتصرف بهذه الرقه يرهق من دون جدوى من الافضل استعمال القوة منذ البداية!"
وكي يدعي قوله ضمها نحوه بشده وانصب عليها بغضب بارد كأنه يريد ان يقاصصها ويحقرها وتذكرت سيرينا ماقاله في مايخص نساء تلك البلاد فارغمت نفسها على البقاء جامده من جليد وهكذا ببرودها التام تؤكد له رفضها الدخول في لعبته وفي الوقت نفسه تظهر له عن كرهها واحتقراها لغلاظته .
ومن دون اظهار أي ندم ابتعد عنها وابعدها عنه ثم ابتعد بخطى فخورة ولما وصل الى الباب اعلن قائلا:
"حافظي على العناق لنفسك يا ايتها الانسة الباردة! لا اعرف اذا كان واجبي الاعجاب بذلك الرجل الذي توصل ان يجعل منك امرأه كامله واما لطفلة ام يجب ان اتأسف عليه!"
××××××××××××××××××××××××× ×××××××/×

نهـــــاية الفصل الخامس^^"
oooooooooooooooooooooooooooooooooooo
6- حفل الزواج
ooooooooooooooooooooooooooooooooooooo

بعد اسبوع بدأت الاستعدات للاحتفال بزواج خوان وسيرينا في كنيسه صغيرة تابعه للمزرعه واختصر عدد المدعوين الى الحفل بسبب قصر الوقت فكان الحضور مؤلفا من الاقرباء والاصدقاء المقربين.
وقام دون البيرتو بتدبير المعاملات الرسمية الضرورية فقد فوجيء بتقلب اراء خوان من جهة وباصرار سيرينا عليه من الا يبوح لحفيده بحقيقة امر شقيقتها ويندي
حينذاك قال صارخا:
"ولماذا يا صغيرتي؟ كوني انسانه طيبه وتفهميه وانتشلي هذه الشوكه من خاصرته ... لماذا لاتنقذية من الشكوك التي تزعج خواطره وتؤلمه؟"
فأجابت بجفاف:
"ليست في نيتي ان اكون طيبه معه فأنت رفضت فك ارتباطي وارغمتني على قبول هذا الزواج...لكن هناك شرط اريد منك ان تحترمه وهو الذي يتعلق بويندي فاذا بحت بهذا السر لن يتم الزواج!"
بالنسبه الى دون البيرتو كان ماقالته تفصيلا لاسيتحق التوقف عنده رأى نفسه على مقربه من تحقيق اهدافه .. وغير مستعد للتوقف عند امور تافهه بامكانها ان تفسد مخططاته.
اجابها قائلا :
"اتفقنا مادمت مصرة على ذلك.."
حك ذقنه مفكرا وسرعان ما انارت الابتسامه وجهه وقال:
"ربما تصلين الى تحقيق اهدافك اذا مازلت تصرين على هذا الشرط انت امرأة ذكيه وأنا لست بغبي بخوان بحاجه الى حجة متينه كي يقبل بالزواج... هل احس بالشفقه نحوك؟ ان انه شعر بانجذاب باطني من دون ان يعي ذلك؟ هذا ما اجهله في كل حال انا مستعد ان ارتكز على حدسك كس اضرم عواطفه واوقظ عنده المشاعر الوديه .. نعم ياعزيزتي حافظي على هذا السر مهما كلف الامر وبجميع الطرق! فآل فالديفيا يتميزون بحب التملك والغيرة وخاصة الرجال بوجود شقيقتك الصغيرة سيظل يتذكر باستمرار انك كنت في الماضي ملكا لرجل اخر..."
وبينما كانت سيرينا ترتدي ثوبها المخرم حالمه متردده ايقنت بانها ستقدو رمزا لتلك المرأه التي سبق لها ان تزوجت من قبل وهي الان على استعداد لخوض هذه المغامره مرة اخرى ورددت في ذهنها وهي تقول : اليس هذا ما كان يقصده دون البيرتو؟
ولحفل الزواج اختارت سيرينا ثوبا ابيض واسعا مبطنا بالحرير اظهرت اكمامه الشفافه بشرتها المخمليه الناعمه ورفعت شعرها الاشقر الطويل جدائل بشكل تاج ذهبي وزينتها بالزهور البيضاء التي خففت من رصانه تسريحتها لكن عينيها الكئيبتين وملامحها المشدوده وشحوب وجهها كانت كلها تعبر عن خوف اليم وحذر عميق فلم تغادر غرفتها منذ الصباح ومن النافذه المفتوحه كانت تسمع اصوات المدعوين الذين قصدوا المزرعه من بعيد معظمهم استقلوا الطائرات .
كان المنزل يعج بالناس والاصوات تطنطن مثل وكر النحل لكن سيرينا تملكها الحذر ولم تغامر بالظهور امام الجمهور لانها تعرف جيدا انها ستكون نقطة اهتمام الحضور كما كانت متمسكه بقول قديم مفاده ان لقاء الخطيب مباشرة قبل حفل الزواج لايجلب الحظ...
بعد قليل دوت اصوات محركات السيارات المتجمعه تحت الشرفه وتوجه المدعون الى الكنيسه شعرت سيرينا بتقلص مؤلم في معدتها فلم تتناول سوى الطعام الخفيف وبعض القهوة برغم تحذيرات الخادمه ومع اخر سيارة تبتعد عن المزرعه احست سيرينا فجأه بضعف فاستندت على ظهر كرسي بجانبها وفجأه سمعت طرقا على الباب فراح قلبها يخفق بسرعه وبعد لحظات قالت متلعثمه :
"ادخل"
ظهرت كارمين الخادمه حمراء الوجه كثيرة الحماس وانحنت امامها مثل خادمات القرون الماضية وسلمتها قطعه قماش طويله من الدانتال الكيريمي اللون وقالت:
"الطرحة ياسنيوريتا ... سبق وارتدتها من قبل كل العرائس اللواتي ينتمين الى عائلة فالديفيا"
فرجعت سيرينا الى الوراء بشده وقالت:
"لا شكرا لن احتاج اليها"
فتحت كارمين عينيها السوداوين متعجبة وقالت بغضب :
"لكن ياسنيوريتا انه محرم ان تدخلي الكنيسه مكشوفة الرأس ! يجب على العروس ان تصون وجهها وتحميه من نظرات المتطفلين ... الم تري كيف تسرح عندنا النساء شعرهن وكم هن انيقات!"
وضعت كارمين الطرحه على رأس سيرينا من دون ان تترك لها مجال الاعتراض ثم سوت اطرافها المطرزه فوق الخدين الشاحبين وصرخت:
"رائعه انت هكذا ياسنيوريتا هل اعجبتك؟"
قالت الفتاة غصبا عنها:
"نعم انها طرحه جميلة لكن الن يفاجأ دون البيتو برؤيتي اعتمر هذه الطرحه الناعمة والثمينه؟"
هزت كارمين رأسها بحماس وقالت:
"لن يرفض الكونت شيئا لزوجة حفيدة الجميلة!"
الزوجة الجميلة! اغتم قلبها وتحسرت : فاضافت الخادمة المتألقة تقول:
الكونت ينتظرك لم يبقى احد هنا غيرنا"
سألتها سيرينا بصوت مخنوق:
"ودون خوان اين هو؟"
قالت كارمين وهي تكبت ضحكتها :
"في الكنيسه من دون شك لاشك ا نه في انتظارك بفارغ الصبر ...امامك دقائق معدوده لندخل الان"
هبطت سيرينا السلالم ببطء وقدماها ترتجفان وظلت متمسكه بالدرابزين لئلا تقع او تفقد توازنها المنزل كان خاليا كليا والجو مازال يعبق برائحة السكائر وعطور النساء كان دون البيرتو ينتظر بهدوء داخل الصالون وما ان سمع وقع خطوات الفتاه حتى التفت الى الوراء واعلن بلهجة دافئة :
"انت حقا رائعه ياعزيزتي وجميع اصدقاء خوان سيحسدونه عليك!"
جذبها نحو النافذة امامها تمتد الحديقة المسعه بالشمس الحارة تركها الكونت هناك بضع دقائق وراح يفتش في درج مكتبه فارتعبت سيرينا عندما سمعت صوت دون البيرتو يدخل اذنيها قائلا :
"هذه هدية العرس وسأسر لو تفضلت ووضعته خلال حفل الزواج "فتح العلبه واخرج منها عقدا من اللؤلؤ ودعاها للاقتراب نحو المرآه .قالت بصوت حيادي:
"اشكرك انه لشيء رائع لكن بما انك الان على وشك تحقيق امنيتك العزيزة لم تعد بحاجة لتقدم لي الهدايا الثمينه لقد اعطيتني مسكنا لي ولويندي ولا اريد اكثر من هذا"
كان في الوقت الحاضر مستعدا لان ينسى كل شيء لكن ماقالته ذكره بالصفقه فقطب حاجبيه وقال:
"ارجوك ان تقبلي هذه الهديه التي ليست سوى شكر وعرفان بالجميل من قبل رجل عجوز سعيد ان يستقبلك داخل عائلته وان يجعلك واحده منها ولهذا ارغب منك ان تنادين ابويليتو مادمت ستصبحين بعد لحظات قصيرة زوجة حفيدي ويشرفني اذا اعتبرتني جدك انت وويندي وعلي ان اقول لك من دون مواريه بأن ويندي لفتت انظار ومودة الجميع في اقل من اسبوع "
ابتسامه عابرة مرت على شفتي سيرينا في الحقيقه لقد تهاتفت على ويندي المعجبون الشغوفون الذين احاطوها بالاهتمام التام وهي فهمت بطريقه سريه انها ستبقى في المزرعه بصورة دائمة وكان دون البيرتو يغتنم الفرص ليأخذ الطفلة بين ذراعيه ويكلمها والخادمتان كارميلا وبيللا تلبيان رغباتها وجميع نزواتها بينما كان خوان يرد على مبادراتها باتسامه بطيئة.
وكلما تواجد خوان بجوارها لاتعود الطفلة تهتم الابه وتظل ترمقه بعينيها الواسعتين الزرقاوين وكانت ترسل اليه القبلات بالحاح تجعله مضطرا ان يرد عليها بالمثل او ان يهزم لها رأسه هو الذي لم يتعود على وجود اطفال بقربه غير ان سيرينا لاحظته مرة من دون معرفته بينما كان يلاعب ويندي بالطابة وبنهاية اللعب راح يداعبها بلطف وحنان ويلامسها تحت الذقن حتى كادت الطفلة تقهقه من شدة الضحك.
اصر دون خوان على ان تحضر ويندي حفل الزواج فاصطحبتها الخادمه قبل موعد الاحتفال بعشر دقائق وكانت ترتدي فستانا ناعما من الازرق يليق بلون عينيها وشريطه زرقاء تزين خصلات شعرها.
"تعالي ياعزيزتي حان لنا الوقت للذهاب"
فجأه افاقت سيرينا من احلام اليقظه لكن دون البيرتو اضاف قائلا:
"اني في غاية الامتنان لأن اسمح لنفسي ان احل في هذا اليوم مكان والدك الذي فقدته منذ فترة وجيزة "
تلألأت الدموع في عينيها لكنها تمكنت من السيطرة على انفعالها انها تخضع لسحر هذا الرجل العجوز لكن عليها ان تتذكر باستمرار قساوته نحوها كان عليها ان تشعر بالغضب نحوه لكن في هذه اللحظة بالذات لم تكن تشعر لا بالحقد ولا بالمرارة ....
خرجا الى الشرفة ومن هناك توجها نحو السيارة في هذا الوقت اسرعت ويندي نحو سيرينا وعيناها مبللتان فضمتها كارمين اليها في عاطفة كبيرة وقبلتها على الخدين وهمست لها ببعض الكلمات باللغه الاسبانيه فهذا التصرف الامومي من قبل الخادمة جعل سيرينا تضطرب بعمق لكم كانت سيرينا تتمنى ان تكون والدتها حية ترزق وتكون بجانبها في هذا اليوم التاريخي ... فاحتلها انفعال قوي واندفعت الدموع من عينيها وفكر دون البيرتو وهو يراها ان نظراتها الزرقاء الجميله قد تعكرت مثل بحيرة حين تعصف الريح وتبدأ العاصفه.
قدم لها منديلا لكن العاصفة لم تهدأ فاضطر الى ان يذكرها قائلا:
"المدعوون بانتظارنا واعزيزتي وكذلك خوان والصبر ليس من فضائلة "
انتصب سيرينا ورفعت ذقنها بشجاعه وقالت بصوت غير مطمئن :
"المعذرة . اني مستعده الان"
اعجب دون البيرتو بقوة ارادتها واعترف في داخله ان الفتاه تتمتع بذكاء وجرأة.
ظلت كارمين تلوح بذراعها حتى اختفت السيارة عن الانظار ثم صعدت السلالم المؤديه الى الشرفة المزينه باناقة لهذه المناسبة كان عليها ان تبقى في المنزل كي تشرف على تحضيرمأدبة الغداء الذي سيقدم للمدعوين .
وفي طريقها الى الكنيسه لاحظت سيرينا وجود الشرائط الملونه المصنوعه من الورق معلقة بين الاشجار في المساء كان العشاء فاخرا سيعد للرعاه وعائلاتهم وسيتم هناك تحت هذه الزينه .
قال دون البيرتو بغية تشجيع الفتاه :
" ستحبين كنيستنا الصغيرة ياعزيزتي فقد بناها اسلافنا ودخلها المؤمنون بفرح كبير وانا اراكما انت وخوان تمارسان هذا التقليد"
في لحظة كلمح البصر كادت ان تضحك منه لانه بدأ يعتبر هذا الزواج المفبرك كأنه حقيقي لاشك انه يأمل على المدى الطويل ان تتحق هواجسه واوهامه.
فجأه دوت الاصوات من جميع الجهات وظهر الفرسان من وراء غيمة غبار كثيفة واحاطوا السيارة كانوا يطلقون الصياح الصاخب ويشبهون الدراويش المولولين وفي صفوف مشدوده جاء الرعاة ليؤلفوا الموكب كانوا يرتدون معاطف البانشو الملونه ودروع الساق الجلديه السوداء المعلقة فوق الركبة وينتعلون الاحذية العالية ذات الاكعاب المرتفعه والمزينه بالمهاميز المحيكه باليد وفي ملامح وجوههم النحيلة التي لوحتها الشمس التعبير الامبالي والوقح نفسه وصلوا الى اسفل السلالم التي تؤدي الى الكنيسه وظلوا يطلقون صياحهم الثاقب.
وعندما نزلت سيرينا من السيارة خلعوا قبعاتهم العريضة في تحية ساخرة فهزت الفتاه بخجل راسها ثم دخلت الى الكنيسه متأبطة ذراع البيرتو وراح الارغن يعزف مقطوعه رائعه وفي خطى بطيئة توجها الى حيث كان خوان بانتظارهما كادت سيرينا ان تجهله بثيابه الغريبه لكن ملامح وجهه النبيله كانت تعبر عن رصانه غير اعتيادية.
لعبت سيرينا دورها بغاية الكمال وكأنها في حلم وبالكاد شاهدت الزينه الفاخرة والجمهور الغفير على المقاعد والبنوك.
الرجال ينتصبون باعتزاز قرب زوجاتهم اللواتي يرتدين الملابس الانيقة والفاخرة.
كان شبح سيرينا النحيل تغمره اشعه الشمس الملونه التي تتسرب من خلال الزجاج وبهدوء ظاهري لفظت امنياتها بصوت صارم ومن دون انفعال وفي حالة غيبوبة لم ترتجف ولم ترتعش عندما ردد خوان بربطة جأش واتزان الكلمات السريه قائلا:
"اني اقسم لك الاخلاص والحمايه والحب حتى يفرقنا الموت.."
اطلقت زفرة عميقة ليس مايقولة سوى كذبة صغيرة لان موتا اخر موت دون البيرتو هو الذي سيجعلهما احرارا من جديد فهي لاتشك بأن دون خوان سيفي بوعده بالحاح وبسرعه.
انغلقت يد خوان الطويله والقاسيه على يد سيرينا وادخل خاتم الزواج في اصبع يدها اليسرى فارتعشت رموش عينيها وتشابكت نظراتهما ولمحت سيرينا في نظرته لمعانا ساخرا فحولت عينيها بسرعه.
اقترب دون البيرتو ليقبلهما ولم تنتبه الا في هذه اللحظه بالذات ان مراسم الزواج اشرفت على نهايتها فاسترخت قليلا وبينما كانت خارجة من الكنيسه متأبطة ذراع زوجها وراحت تبتسم للجمهور.
وما ان اصبحت خارج عتبه الكنيسه حتى ارتفع صراخ التهنئة وسطعت اشعة الشمس البراقة فلم تمنع نفسها من اقفال عينيها على جفنين مرتعشين وبينما كانا يهبطان السلالم راح الجمهور يمطرها بوابل من الورود والزهور المختلفة.
ضحك خوان ودفع بسيرينا نحو السيارة لكن زوجات الرعاة ابدين اصرارا على رؤية العروس من قريب فتجمهن وراءها واذا بخوان يحملها ويدفعها داخل السيارة احمرت وجنتا سيرينا مما زاد في حماس الجمهور الذي صرخ يقول:
"قبلها سينيور! قبلها!"
وبالفعل اطاع خوان فاخرج زوجته من السيارة واوقفها في قسوة افقدتها نفسها ثم امسكها بعنقها وجذبها بنخوة نحوة ودفعها داخل السيارة من جديد ودخل وراءها وتمكن بصعوبه من اغلاق الباب بسبب الجمهور الذي انصب حولهما اقلعت السيارة وافاقت سيرينا من الارتباك والخجل من جراء هذه القبلة وحدقت بعيني خوان السوداوين وصرخت تقول:
"ليس في هذه الصفقه التي عقدناها مايسمح لك ان تتصرف على هذا النحو! ان تعاملني كالفتيات اللواتي تمضي معهن بعض الوقت في الحانات والبارات الوسخه في المدينه ... كيف تجرؤ على ذلك؟"
اختفت ابتسامه خوان وقال بجفاف:
"بدأت تذكريني بتلك الزوجات اللواتي لايكففن عن التذمر ياسنيوريتا ! يضاف الى هذا اننا لم نعقد أي صفقه لقد طلبت مني ان اتزوجك"
واضاف قائلا:
"لقد قلت لك انك ستتزوجيني غير اني اعترف ان لديك بعض الحقوق بصفتك زوجتي اذا كان خروجي الى المدينه برفقه النساء يزعجك فأني مستعد ان اتخلى عن ذلك في كل حال لم يعد هناك أي سبب كي اتمادى في هذا تبدأ الهموم مع الزواج لكن العزوبيه لاتجلب الفرح والان بما اننا متزوجان فمن واجبك ان تخففي عني هذا الحمل".
××××××××××××××××××××××××× ××××××××

نهـــــــــــــــــــاية الفصل السادس...*_^
ooooooooooooooooooooooooo
7- اقاويل الحضور
ooooooooooooooooooooooooo

بعد قليل راح العروسان يستقبلان المدعوين على مدخل الصالون .
كان الفضول يحتلهم فراحوا يراقبون العروسين خفيه ويتلفظون بالملاحظات الخاطفة باصوات منخفضة ولدهشة سيرينا اقترب خوان من بيللا وامرها قائلا:
"اذهبي وانضمي الى اصدقائك وتمتعي بوجودك معهم مده ساعه وسنهتم نحن بالطفلة"
امسك ويندي بين ذراعيه وفي الحال اشرقت عينا الطفلة الزرقاوين وراحت تزقزق كالعصفور وتلامس بيديها خدي خوان السمراوين .
ولشدة دهشتها رأت سيرينا زوجها يتجاوب مع اهتمام اختها الملحة.وخلال لحظات قصيرة تغيرت ملامح وجه خوان فمه القاسي ونظرته الساخرة ورصانته المتعاليه كلها امتلأت بحنان كبير فشعرت المرأة بارتباك لم تصدق ان هذا الرجل الفظ والعنيف والحازم بامكانه ان يتمتع بهذا الحنان وهذه النبرة اللطيفة.
ولما بدأت ويندي تلعب بشعرة الاسود المشعث راح خوان يقهيقة ضاحكا بصوت مرتفع مما لفت نظر الحضور كله وفي هذا الوقت بالذات دخل دون البيرتو الى الغرفة متأبطا ذراع امرأه عجوز ذات شعر ابيض كالثلج وقوام نحيل كانت ملامحها متعاليه ومتحفظه ومتشامخه مما سدل على انها تنتمي الى بيئة اجتماعيه كالتي ينتمي اليها رفيقها وتدريجيا عم الصمت في المكان كل انسان حبس انفاسه شعرت سيرينا باضطراب داخلي وتوتر عميقين واستعداد لتحمل هذا اللقاء .
تقدمت المرأه العجوز المتكئة على عكازها من العروسين بخطى ثقيلة وتوقفت قربها فبدأ دون البيرتو بتقديم العروس والطفلة لكنها ردعته بحركه سريعه وقالت بلهجة متحديه :
"ها انت ياخوان تتحمل اعباء عائلة بكاملها زوجه وطفلة يتهيأ لي لدى رؤياك ان هذه الطفلة ابنتك.."
ارتج الحضور وامتلأ وجه سيرينا بالاحمرار لكن خوان لم تبد عليه الصدمه فملامح وجهه مسترخيه ووجهه بشوش ومرتاح انحنى بسخرية واجابها من دون أي اضطراب:
"هذا النوع من الحدس يظهر احيانا في محله ياعمتي ايزابيللا.."
حاولت سيرينا كل جهدها ان تكبت استغرابها فرد دون خوان الوقح لاشك يتجاوب مع شكوك المدعوين بأن ويندي هي حقا ابنه خوان وان هذا الخير هذا الرجل الشريف يتحمل كل مسؤولياته في هذا النهار التاريخي حينئذ فقط فهمت سيرينا بوضوح خطه خوان بزواجه منها فهو يريد تمويه ماضية الفاسق وبالتالي لن يعود مضطرا لتحمل شفقه الناس الذين يشعرون عادة بالسفقه لمن يقبل تحمل اعباء طفلة من رجل اخر.
حتى عمة خوان ذات العينين السوداوين الحادتين انخدعت فراحت تنظر اليه مفصلا الى ان ارتسمت الابتسامه على شفتيها وقالت بهدوء:
" سامحني ياصغيري وقدم لي زوجتك"
وخلال الساعات التاليه تهيأ لسيرينا ان هذه المجموعه الصغيرة المتعلقة بالقيم التقليدية كانت تنظر اليها بعطف وتسامح كما ان كلمات خوان بدت كأنها الاعتراف الواضح المطلوب وساهمت في تهديم الحاجز بينها وبين الحضور وبينما كان العروسان يتحركان بين المدعوين اسرع احدهم بالقول:
"افهم الان لماذا كنت كتوما في مايتعلق بغيابك السنه الفائته ياخوان! وصدقنا ماكنت تقوله انك كنت تقضي اجازة ترفيهيه لا اكثر لا اقل .... لكننا ننعرف الان ياصديقي ماذا كنت تفعل هناك!"
خيمت الحيرة على الجميع لكن زاد هذا الرجل اسرع في تغيير الحديث وراح يتكلم عن امكانيه اسواق الماشيه الحالية لكن سيرينا ظلت تعاني صدمة الاهانه فاحمر وجهها وهمست باعتذار غير واضح واخذت ويندي عن ذراع خوان وغادرت الصالون بسرعه انزعج الحضور من تصرفها وتحلوا بالصمت.
من حسن حظها وجدت سيرينا بيللا في غرفة الطفلة واوكلتها بشقيقتها وبارتياح توجهت الى الغرفة المجاورة كانت تشعر بحالة قريبه من الارهاق والتعب فخلعت طرحتها ورمتها على السرير واندفعت تجلس على الكرسي المواجه لمنضدة الزينه ولمححت نظراتها في المرآه كانت عيناها تغليان غضبا وراحت تتمتم قائلة :
"تبا له وليأكله الشيطان ! كيف تجرأ..."

وقفت فجأة وراحت تخلع ثوبها وترميه على ارضا ثم ارتدت مئزرا اخضر وبدأت تسحب من شعرها الدبابيس العديده حتى انسدل على كتفيها شلالات شقراء مكسوة بالازهار البيضاء المعطرة لم تسرح شعرها بل جلست امام النافذة المفتوحه ووضعت رأسها بين يديها وراحت تشتم هذا الرجل الذي تكرهه الذي عراها من عزة نفسها وكبريائها.
لكن لم تسنح لها الفرصه للحصول على هدنه ولم يمضي الاعشر دقائق حتى انفتح الباب بقوة ودخل خوان الغرفة وقال بصوت قاطع بعد ان اخذ قراره النهائي:
"غيابك لاحظه الجميع وهم يتساءلون عن سببه ارتدي ملابسك من جديد وبسرعه سننزل معا الى الصالون"
نهضت سيرينا بسرعه وجسمها مشدود كسهم وقالت بلهجة حاسمه:
"انني اقول "لا" بكل تأكيد بامكان مدعويك ان يتلفظوا بما يريدونه ويعلقون كما يشاؤون لايهمني ذلك! لكنني لن اعود الى الصالون وارجوك ان تتركني وحدي"
اقترب منها بنظرة مهدده وقال:
"لاتعاندي والااضطررت ان اضع عليك ملابسك بنفسي! لديك خمس ثوان لتقرري...."
وقالت واسنانها تصطك :
"لن ارضخ لمطالبك!"
وامتلأت عيناها بتحد كبير واضافت تقول:
"اذا تقدمت بخطوة واحده سأبدأ بالصراخ ... وماذا سيقول المدعوون ؟"
" اذا صرخت سأرغمك على السكوت حتى ولو اضطررت الى استعمال الوسائل العنيفة"
شعرت انه مصر على قرارة ولين يتراجع عنه وبالرغم من ذلك كانت تعبر عن عناد فجأها هي بالذات ان كبرياءها يمنعها من الاستسلام لرغبات خوان ويقنعها بأن خوان لن يجرؤ على تنفيذ تهديداته فلا رجل بمركزة قادر على التصرف بقسوة من هذا النوع. رفعت في الحال ذقنها بفخر ونظرت اليه واثقة متحديه فجأه غدرها خوان وتمسك بمئزرها وشده ناجحا في خلعه عنها ثم رماه باشمئزاز على السرير بينما كانت سيرينا مصدومه من هذا العنف الرهيب ترتجف في كل انحاء اطرافها لم تقدر على اصدار اكثر من صرخه خانقة ويدا خوان انطبقتا على كتفيها العاريتين كمخالب حيوان مفترس وهمس يقول بغضب:
"الم احذرك؟"
وجذبها نحوه كأنه يريد معانقتها .... لم يسبق لها ان شعرت مثل هذا اليوم باحساس عنيف الى هذا الحد كأن موجه تجرفها وتعريها من أي حكم وتحليل لم تكن قادرة على فهم نفسها واعتبرت ان انفعالها عائد الى الكراهيه والرفض اللذين تشعر بهما نحو خوان . رفع هذا الاخير رأسه وقال:
"اذن... هل سترتدين ملابسك ام سأضطر الى...؟"
تمكنت من دفعه عنها وهو بدوره تركها فقالت وهي ترتجف :
"انت شيطان حقيقي ! لايكفيك انك تهينني كما فعلت بل تصر على معاملتي مثل بنات الشارع لشدة ماعاشرتهن.."
"هل تعتقدين انك مختلفة عن تلك النساء اللواتي ينتظرهن الرعاة في الحانتات والبارات؟ انهن يبعن انفسهن من اجل المال تماما مثلك بعضهن يعترفن بذلك وهن صادقات تجاه انفسهن لكن هناك البعض الاخر مثلك يتصرفن ببراءة ونعومه ظاهريا مايجعل الرجل يشعر تجاههن بالخجل ولايجرؤ على الاقتراب منهن الى ان يجدهن بين ذراعي رجل اخر يتظاهرون بالنعومه الملائكية لكنهن مقيتات واكثر وضاعه من سواهن"
عرفت سيرينا اهانات كثيرة لكن مثل هذه الاهانه تفوقها كلها وفهمت انه لن يتراجع امام أي شيء ليشفي غليل انتقامه لكنها حاولت الدفاع عن نفسها وهي ترتجف انفعالا وتقول:
"لست ابدا مثل هذه النساء اللواتي تقارنني بهن عندما قبلت المجيء الى هنا مع جدك "
قاطعها خوان بجفاف قائلا:
"هذا المجنون المسكين بامكانك ان تخدعيه بسهولة اكثر مني يعتبر نفسه كأنه يعيش في القرن الماضي بالنسبة اليه النساء بحاجة الى ان يدللهن الرجال ويحمونهن لاشك انك شعرت بصدمه كبيرة عندما تبين لك انني من نوع الرجال الذين لا ينساقون بسهوله وان الدموع لاتؤثر فيهم كما لاينجرفون وراء حيل النساء ... في أي حال اننا نتصرق بقلة تهذيب امام مدعوينا"
اشار باصبعه الى الفستان الممدد ارضا وقال بلؤم:
"اسرعي في ارتدائة ولا داعي ان تمشطي شعرك فلم يعد امامنا وقت "
ابتسم في سخرية واضاف:
"عندما يرى الحضور شعرك المنسدل سيعتقدون اني عانقتك بشغف وحماس"
سيرينا تتعذب كثيرا وببطء راحت تلملم فستانها وتبدأ بارتدائة انها تستسلم لأنها تخشى هذا الرجل وردات فعله غير المنتظرة ... هذا الرجل الاناني مثل الريح والقاسي كالنسر.
كانت تتوقع ان يدير ظهره لكنه لم يفعل كتف ذراعيه على صدرة وراح يتأمل كل حركة تقوم بها من دون ان يشعر بأي شفقة تجاه توترها وفي ارتباك راحت ترتدي فستانا وتزررة باصابع مرتجفة مما جعلها تستغرق وقتا مضاعفا عن العادة
ثم توجهت نحو منضدة الزينه وراحت تسرح شعرها بسرعه لا احد بامكانه ان يرغمها على ان تبدوا مشعثة الشعر امام الحضور وفي المرآه كانت تلمح في عينيه السوداوين ملامح ساخرة ولهوا مبيرا لكنهاعندما التفتت نحوه كان تعبير وجهه غامضا.
اقترب من الطاولة الصغيرة واخذ بيده عقد اللؤلؤ وقال:
"من الافضل لك ان ترتديه انه مكافأه جميلة لك لقيامك بالخدمات المطلوبه لاشك ان هذا العقد قد كلف العجوز اموالا طائلة!"
وضعته حول عنقها بارتجاف لكن في اعماقها كانت غاضبة من نفسها فاستغل خوان اضطرابها ليقو لوقاحه :
"بصورة جمالية اجدك مخيبة للأمل ومشوشه لانه كلما اقتربت منك تعدلين عن بعض مواقفك بنفور وتجفلين لكن في الحقيقة هذا التصرف لا يدهش هناك عدد كبير من النساء الخبيرات يستعملن خجلهن وسذاجتهن كحاجز واق..."
ولما دخلا الى الصالون كان بعض الضيوف يغادرون المكان وبارتباك ظاهري اضطرت سيرينا ان تسلم عليهم باليد وتبادرهم بالكلمات المحببة اللطيفة وكان نظرها يشتبك بالنظرات الساخرة المليئة بالتعجرف او بعض التسامح واحيانا قليله بالنظرات الرؤوفه ونظرات الحنان كل واحد

من الحضور كان يبدو مرتاحا لانتهاء الحفل وهذا الاجتماع الصغير بخاصة الرجال المسنين الذين يظهرون عن وجوههم الرصينه والغامضة تهذيبا لكنهم لم يتكبدوا مشقة الانتقال الى المزرعه الا للصداقة التي تربطهم بدون البيرتو لأنهم لم يكونوا راضين عن حفيده بنظرهم لقد وصخ هذا الاخير الصيت المعروف عن عائلة محترمة ولم يعوض عنه الا بهذا الزواج الذي جاء متاخرا لكن بالنسبة الى الزوجات فكن يشعرن بالاطمئنان لان مستقبل بناتهن لم يعد مهددا ولا احد يجهل ان دون خوان لايمكن قهره والدليل على ذلك الجهود المبذولة من قبل جده ليجعله يطيع اوامره لكن من دوم جدوى انه يشبة جوادا متوحشا يرفض فضلات الطعام...
وبين الحضور كانت الفتيات وحدهن خائبات الامل ان تربيتهن قاسية وتعود الى اجيال وقرون ماضية وبينما كن يحيين الزوجين بعيون حزينه كانت سيرينا على يقين ان هؤلاء المراهقات متى لنوجدن في غرفهن سيطلقن العنان للبكاء.
ولما غادر المدعوون المنزل اقتربت دونا ايزابيلا التي كانت تنتظر ذهابهم من سيرينا وقالت :
"تعالي واجلسي قربي يا ابنتي العزيزة لدي ماقوله لك"
غريزيا بحثت سيرينا عن خوان بنظرها لتحثة على المجيء لمساعدتها وبهزة رأسه فهمت انه لامجال لها ان تتهرب من دونا ايزابيلا
قالت المرأه العجوز بلهجة جافة وهي ترى خوان يشير بحركه في اتجاهها:
"ليس انت من اريد اني ارغب في التحدث الى زوجتك على حده"
" كما تشائين ياعمتي لكن عليك ان تحذري صحيح انها تبدو مسالمه وغير مؤذية كجميع الفتيات الانكليزيات الا انها متى احرجت تخرج مخالبها"
"انا سعيدة ان اسمع منك هذا الكلام !"
ازاحت دونا ايزابيلا طرف المقعد وربتت على الفراش مشيرة الى سيرينا ان تأتي لتجلس قربها فلبت المرأه طلبها وبدأت دونا ايزابيلا الكلام موجهه اياه الى دون خوان:
"من الاسهل التقاط الفئران بالمطرقة بدل تقديم الحلوى! ويجب على زوجتك ان تجمع في داخلها قوة هرقل وحكمة سليمان كي تستطيع مقومة تجربة الزواج مع رجل من طرازك"
رفع خوان حاجبية السوداوين وقال:
"وانت ستعلمينها كيف عليها ان تتحلى بهذه الصفات اليس كذلك ياعمتي ؟"
"ليست بحاجة الى نصائح على ماظن انها امرأه بمعنى الكلمة اريد فقط ان احذرها من جاذبيتك الشيطانيه هذا السحر الذي تستعمله منذ طفولتك "
ضحك خوان وقبل الانسحاب وظلت سيرينا تنظر اليه وهو يبتعد وتفكر بكلمات العمه التي لاشك تخفي محبة كبيرة له وما ان انغلق الباب وراءة حتى انحنت دونا ايزابيلا وهمست قائلة:
"ياله من رجل ساحر! انه يخيف اكثر من جده عندما كان في سنه هناك شيء يجب ان ابوح لك به ياعزيزتي .. لقد امسكت الجواد بلجامه على ماعتقد لكن لاتحاولي ارجوك ان تروضية"
ظلت سيرينا صامته مكتفة اليدين فوق ركبتيها كانت تحدق بطرف حذاء دونا ايزابيلا التي تابعت تقول:
"اعرف بماذا تشعرين . عندما كنت في سن المراهقة وقعت في غرام الكونت حتى الجنون ... ان سحر آل فالديفيا شيء اسطوري في هذه المنطقة ومنذ تأسيس مجموعتنا الصغيرة تحطمت قلوب نساء عديدات لأنهن لم يفهمن ان ردة فعل ال فالديفيا قاسيه اذا ما استعملن معهم القوة انهم بحاجة ان نترك لهم الحبل في العنق.
ولاحظي انه لم يفسح لي مجال تجربة نظرياتي لانه لم تسنح لي الفرصة لذلك عندما اختار والدي شريك حياتي لم يهتم بمعرفة اذا كنت اميل اليه او احبة وهذا مازال يحدث حتى الان فآل فالديفيا اصطدموا بالاباء الذين يبحثون لبناتهم عن ازواج لا يطابقون معرفتهن او ميولهن انما يحتارون لهن رجالا يطابقون امنياتهم هم"
اكلقت زفرة ثم اضافت:
"اني احسدك ياعزيزتي لكنك ماتزالين شابة وسليمة النيه وبريئة لذلك انا ارتجف مكانك دون خوان سبب لك أذى كليا غير اني ارجو منك ان تتحلي بالصبر معه والاتعيري انتباها لملاحظاته اللاذعه وان تردي عليها بالابتسام وان تتحملي من دون خوان طبعه الغاضب والعاصف ذلك لأني اعدك بأنك ستجدين مكافأه على اعمالك في النهاية وهو ان حبا عميقا ودائما سيلد بينكما.."
ابتسمت سيرينا ابتسامه صفراء بينما كانت دونا ايزابيلا تنهض واقفه لو كانت تعرف الحقيقه! ان خوان يتمتع بحريه كبيرة وليست سيرينا على استعداد ان تعارض هذه الحرية وتحرمه اياها بامكانه ان يذهب الى الجحيم!
××××××××××××××××××××××××× ××××××××××

نهـــــــــــــــــــــــ اية الفصل السابع
oooooooooooooooooooooooo



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 28-04-16 الساعة 12:21 AM
أميرة الاحزان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-04-08, 05:36 AM   #3

أميرة الاحزان
 
الصورة الرمزية أميرة الاحزان

? العضوٌ??? » 6151
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 975
?  نُقآطِيْ » أميرة الاحزان is on a distinguished road
20 سيد الرعاة - مارغريت روم -ع.ق( كتابة )


8- الراقصة المثيرة
ooooooooooooooooooooooooooooooooo

في المساء غيرت سيرينا ثيابها للاشتراك في حفلة شواء ستتم في الهواء الطلق وسط حديقة القصر فاختارت لهذه المناسبة تنورة مقلمة ذات الوان زاهيه وقميصا فلاحيا باكمام قصيرة واسعه مثلما ترتدي نساء وصديقات الرعاة ثم سرحت شعرها الطويل جيدا ورفعته بشكل ذنب الخيل فانسدل حتى خصرها ولأسباب غامضة تحلت بالشجاعه فالاحتفال الذي سيتم الليله لن يخجلها مثل حفل الصباح لأن الرعاه اقل تصنعا وعجرفة من اصدقاء دون البيرتو وبالتالي سيتقبلونها بترحاب ودفء صحيح ان هذا الزواج السريع فاجأهم هم ايضا لكنهم لن يتظاهروا بالحكم عليها مسبقا او ادانتها لقد تعودوا ان يفيدوا من كل ماتقدمه الحياة وهذه فلسفتهم وبالتالي سيتفهمونها جيدا وسيحترمون نزواتها ونظرتها الى العلم.
اما ويندي التي ارهقها اللعب والدلال فنامت بعمق عندما جاءت سيرينا لتنحني فوق سريرها وكانت تسمع الموسيقى الصاخبة والضحكات المبتهجة الاتيه من الحديقة وبخفة هبطت المرأه بخطوات نشيطه ومرحه السلالم المؤديه الى قاعه الاستقبال الصغيرة حيث كان من عادات دون البيرتو ان يجلس لتناول المقبلات قبل موعد العشاء لكن ابتسامتها اختفت عندما رأت دون خوان ممدا على احد المقاعد كان وحده ويلهو بكأس بين يديه وما ان دخلت القاعه حتى نهض لتوه لاحظ نظراتها المتسائلة فأعلن ببساطه قبل ان يدعها تطرح السؤال المتوقع قائلا:
"جدي الرزين والكتوم كالعاده قرر قضاء بضعه ايام في منزل دونا ايزابيلا هذا لطف منه اليس كذلك؟"
فتحت سيرينا عينين واسعتين اندهاشا وقالت:
"اتريد ان تقول اننا وحيدان هنا"
"نعم تماما فهناك الخدم الذي يسكنون الجناح القريب من هنا من يمنعني من اخذك بالقوة هذه الليله ... لا احد بامكانه ان يسمع صراخك وعويلك..."
تلعثمت حين قالت:
"لاتكن تافها!"
" انت مخطئة ياعزيزتي كيف بامكانك ان تكوني حازمه ومعك الجواب القاطع؟ فالليله مازالت في بدايتها ان اجهل تماما ماذا سيكون تصرفي في الساعات المقبلة"
امسك ذراعها فتقلصت ثم وضع يده على معصمها وادارها نحوه وذكرها قائلا:
"لقد تزوجنا منذ قليل ياحبيتي لذلك من المفروض ان نقدم لبعضنا العطف والمحبة والعروس عليها ان تبدو متألقة اما بالنسبة الي فسأحاول جهدي ان ابدو مغرما وسأهمس في اذنك بعض الكلمات الناعهة وسأضمك الى صدري في اوج السهره سأقطف من خدك قبلة... لنبدأ اذن بالابتسام ومن جهة ثانيه لا اريد ان ارى في عينيك ملامح الكآبه والقلق بعد الان فهمت؟"
صمت قليلا ثم اضاف قائلا:
"افهم تخوفك لكن يكون الامر غريبا عليك كما في المرة الاولى.."
من لخجته فهمت سيرينا انه يتألم في صميم كبريائة فاستعادت نشاطها وتوجهت معه الى باب الدخل حيث ينتظر الرعاة قدومهما وما ان اجتازا العتبه حتى سمعا اصواتهم الحماسية وصراخ صديقاتهم او زوجاتهم :"اهلا! اهلا !انت رائعه ياسنيورا!"
تمكنت سيرينا من مالابتسام بثقة كبيرة ادهشت خوان كليا. المشهد الذي واجههما في غياب الشمس كان ذا جمال عنيف وبدائي وضعت المشاعل حول دائرة واسعه وسطها الحركه مستمره فالتحضير لهذه السهرة بدأ منذ ساعات عديده صغار الرعاه كانوا ينحنون فوق موقد كبير حيث يوقد الحطب يتصببون عرقا ويحركون اشياشا كبيرة حيث تشوى ببطء شرائح كامله من لحم البقر والعجل والنساء اللواتي لمعت عيونهن اثارة وحماسا جلبن الصحون الى الطاولات العريضة.
انه اسراف وافراط بالطعام ."الباباس" وهي عجبة البطاطا المحشوة باللحم المفروم والبصل او الجبنه ."البانشو فيللا" أي حبوب الذرة والفاصولياء المطبوخه مع البيض المقلي والمتبله بالثوم ... ولفتت نظر سيرينا اهرامات الفاكهه والخضار المنوعه .
القناديل المعلقة تحت الاشجار تضيء اوراق الشجر السميكه واللماعه والملونه بجميع الوان قوس قزح مجموعه من الشباب خرجت من الظل على اكتافهم القيثارات وتحت اصابعهم المرنه تنبعث موسيقى ناعمة وايقاعبيه الابتسامه عريضة على شفاههم وتظهر اسنانهم البيضاء الناصعه.
كانوا يشكلون حرس الشرف حول دون خوان وزوجته فترك موظفو المزرعه اعمالهم واسرعوا نحو العروسين للتهنئة وتقديم الاحترام والولاء ففي هذا المساء يجري الاحتفال بعيد امير الرعاه دون خوان وبالتالي كأنهم يحتفلون بعيد كل واحد منهم في الوقت نفسه كانوا يشعرون انه مختلف عن بقية الرجال فلم يحملوا من قبل ان تكون رفيقتهم امرأه شقراء ذات عينين تائهتين زائقتين جميلة كما هي بعيدة متحفظة .
وبعد هذا الاستقبال الحار والرفيع بالالوان بدأ الهرج والمرج والمزاحمه جلسوا على البنوك بينما جلس خوان وسيرينا على طرف الطاولة وللحال شرعوا بتقطيع شرائح اللحم المشوي وعبق الجو بها . كان الجميع جائعين ولم يخشوا ان يستعملوا اصابعهم ليتقاسموا قطع الشواء وفي هذا الجو الغريب كانت الريح تهب بهدوء وتمشط جبال الانديس القريبه التي بدت مرئية تماما في الظلام ففي وضح النهار يتهيأ للمرء انه قادر ان يلمسها باصبعه.
كانت المأدبه تدور بفرح وضحك الابتهاج والحركه والاندفاع حررت سيرينا التي كانت تقضم باسنانها هذه اللحوم اللذيذه بنهم شبيه بنهم الرعاه .
كانت تتلقى اسئلة من حين الى اخر :
"ما رأيك؟ هل الطعام يعجبك؟"
"نعم جدا انمه رائع للغاية"
كانوا ينادونها بمختلف الصفات : المرأة الانكليزية زوجة السينيور الرائعه الجمال الشقراء الغجرية...
وبعد انتهاء العشاء ازيحت الطاولات والبنوك ليحل مكانها العازفون والموسيقيون الذين راحوا يعزفون موسيقى حماسية وتحمس الرعاة فدعوا رفيقاتهم للرقص .
انحنى خوان فوق سيرينا وقال لها :
"الكويكا رقصة الحب الشيلية"
ابتعدت عنه لكنه امسك بخصرها وشرح لها قائلا:
"منذ البدء على المرأه ان تجذب انتباه الرجل وخلال الرقصة تستميل حبة وتدخل الى قلبه"
لم تعيره سيرينا غير انتباه سطحي اذ كانت تنظر الى الراقصين الرجل والمرأة يقفان وجها لوجه ويحاولان تحويم مناديل واسعه حول رأسيهما ثم تقوم المرأه باستدارات عديده اخذه وقفات مغريه بينما الرجل يضرب بقدميه على ايقاع الموسيقى التي تزداد حماسا بشكل تدريجي ويضرب بيديه المهاميز والحضور يطلق صياح الحماس والتشجيع ثم ينضم الى الحلبة التي تتحول الى هياج ودوامه لانظير فجأه ظهرت فتاه سمراء ساحرة الجمال من وراء الاشجار ومن كيانها ينبعث السحر والاغراء كانت سيرينا تحدق بها وتتبع تحركها وهمس احدهم قربها:
"كابرييللا الهجينه انها تبحث عن رجلها.."
كانت الفتاه تتفحص الوجوه ثم ما ان رات خوان حتى اقتربت منه كانت تحدق فيه بالحاح غير مكترثة بتعليقات الرعاة همسات وفضائح كانت تسمع هنا وهناك.
وفي اناقه رشيقة توقفت امام خوان وانتصبت على رؤوس اصابعها ودعته في وقاحة ان يتأمل صدرها المثير وخصرها الرفيع وقوامها الرشيق رمقت سيرينا بنظرة اشمئزاز كأنها تريد ان تقول لها ان نحافتك وشقرة بشرتك لايمكنهما ان يثيرا عشيقي ومن دون أي انزعاج وضعت موضع الخصم والمنافس راحت سيرينا ترتعش وتقول لنفسها ان هذه الفتاه لم تبد غاضبة على خوان لانه تركها غير انها تستقل المناسبة لتتحداه وكانت كل الحظوظ بجانبها.
وبحركه كريمه دفع خوان بسلة فاكهه نحو الفتاه الجميلة ومن دون ان تحيد نظرها عنه تناولت التفاحه وعضت عليها ثم مدت ذقنها وشدت على التفاحة بين اسنانها الناصعه ودعت خوان ان يتقاسمها معها مثل حواء في جنة عدن انحنى خوان للحال ليلبي دعوتها لكن في سرعة البرق حولت رأسها عنه وراحت تضحك ثم خطت خطوة الى الوراء داعيه اياه ان يتبعها
توقف الراقصون في امكنتهم وراحوا يراقبون المشهد ظلت الفتاه تحدق بخوان وهي ترجع الى الوراء بحركه راقصة كان وجه سيرينا من رخام وخوان الذي سحرته الفتاه اقترب منها بخطى عريضة وراح الحضور يصفق بايقاع والموسيقون يعزفون بحماس على قيثاراتهم وراح خوان يضرب بقدميه ويصفع المهماز بيديه وكابريللا تدور ببطء حوله وتنورتها الطويله والواسعه تتطاير حولها مظهره قوامها الجذاب واشتدت الموسيقى وراحت سرع كما راحت خطوات كابريللا تسرع ايضا وتتظاهر امام خوان باستعرض متوحش ومثير كانت تقترب منه بدون ان تلمسه وتساءلت سيرينا :"كيف سينتهي الامر؟" الفتاه كانت منجذبة بعنف نحو خوان وهذا لاشك فيه وجاءت في يوم عرسه لتحقق هذه الرقصة المليئة شغفا كأنها تهب نفسها له ولم تمتنع سيرينا من الشعور نحوها بالشفقة لأنها مرفوضة تلقائيا لدى عائلة فالديفيا النبيلة لا شك ان كابيريللا مولعه بغرام خوان لكن هذا الاخير لا يشاطرها هذا الحب لابد انه يستحسن جمالها ومرحها واثارتها لكنه لاشك يعتبر هذه العلاقة عابرة لا اكثر ولا اقل ...
وكما يدل اسمه "دون خوان" فهو رجل ارستقراطي فاسد يينقل بسخريه ولامبالاة من مغامرة الى اخرى فكرت سيرينا بكل هذا وامتلأ قلبها مرارة كبرى.
حول دون خوان نظرة عن الراقصة لينظر نحو زوجته كانت نظراته تلمع بالسخرية وفهمت سيرينا انه لاشك عرف مايدور في ذهنها وبغضب منه ومن نفسها انتظرت حتى ادار لها ظهره ونهضت في هذا الظلام ولم يلاحظ احد رحيلها لكنها دخلت المنزل راكضة وصعدت السلالم اربعه اربعه مسرعه نحو غرفتها وبعدما صفقت الباب بشدة ظلت مستندة االيه برهة حتى تستعيد تنفسها اقفلت الباب بالمفتاح وبدأت تخلع ملابسها كانت على وشك الارهاق هذا النهار الطويل كان مليئا وخصبا بالانفعالات !
غير ان الليل مازال في بدايته بالنسبة الى الرعاة.
وبتردد فتحت سيرينا درج خزانتها لتأخذ قميص نومها لشده دهشتها كان فارغا فتحت الدرج الثاني ثم الثالث ولم تجد اثر للألبيسه الداخلية وحتى داخل الخزانه لم تجد أي لباس فاحتلها احساس بالتوتر والخوف اقتربت من السرير ورأت الفراش عاريا من الشراشف والمخدات والاغطيه سمعت سيرينا خطوات على السلالم فتناولت الغطاء الوحيد الذي يغلف السرير ووضعته حول جسمها توقفت الخطوات امام الباب فتسمرت مذعورة تحركت قبضة الباب فظلت سيرينا صامته وسمع صوت خوان الجاف قائلا:
"دعيني ادخل يازوجتي والا خلعت الباب..."
وبعد قليلي خلع الباب بالفعل ودخل ولاحظ وجود الادراج كلها مفتوحه فقال بسخرية وهو يغلق ابواب الخزانه:

"هل كنت تتوقعين البقاء في هذه الغرفة بعد زواجنا ؟ وكارمين المرأة العاطفية لاتتحمل ان نبقى منفصلين مدة طويلة ! فقد حملت امتعتك الى غرفتنا التي سنتقاسمها معا من الان فصاعدا"
شعرت سيرينا بارتخاء في قدميها وكادت تقع لكنها تمكنت من القول:
"لكن ماذا يعني هذا الكلام؟ الم نتفق على ان..."
قاطعها خوان ضاحكا :
"اطمئني ! انها غرفتان متصلتان بباب مشترك سننام اذن كل واحد على حده لكن كي لانوقظ شكوك الخدم علينا ان يروننا معا .. وارجوا الايكون هذا الطلب مهمة شاقة لفتاة انكليزية طاهرة؟"
"اني اقبل هذه الشروط هل بامكانك ان تريني هذه الغرفة ؟ فانا اشعر بالبرد..."
حملها بين ذراعيه وتوجه نحو الممر وهبط بها السلالم كانت يداه تحرقان جسمها فتقلصت بتوتر ابتسم خوان بوقاحه هادئة وهمس وهو يقف اما باب الغرفة:
"قولي ياعزيزتي لماذا هربت من الحفلة ؟ الا تريدين مقارنه نفسك بمنافستك ام انك غيورة ؟"
رددت بارتباك/
"غيورة؟عليك.."
كان منظرها لايصدق فغابت الابتسامه عن وجه خوان ومن دون ان يلفظ كلمه دخل الغرفة ووضع سيرينا على قدميها وبينما كانت تتخلص من ذراعيه هبط الغطاء الناعم الذي يحيط بها مظهرا كتفيها فرفعته بحركه عصبية واشتبك بنظر خوان الذي ظل صامتا وخافت سيرينا ان يكون خوان يحضر خطة جهنميه للانتقام منها.
فقال اخير باستغراب:
"لا طبعا! كيف يمكن لقطعه جليد مثلك ان تغار ؟ انه شعور تجهلينه ... ماذا اذن وراء تصرفاتك الباردة ؟ بماذا تشعرين لو كان لديك شعور من المهم ان اعرف!"
وفي عنف جذبها خوان بين ذراعيه ولم تكن قادرة على التخلص من قبضته خوفا ان ينزلق الغطاء عن جسمها ثم راح يلامسها بيديه الفضولتين .. لاتنقصه الخبرة ولاحتى كيفية التصرف وسيرينا التي كانت تتصنع اللامبالاة كانت تشعر داخليا بالرغم منها
وراح يهمس باذنها قائلا:
اهذأي ياعزيزتي "
وبعدما لامس خدها الساخن راح يعانقها بشغف وهي كانت تشعر باحاسيس عنيفة تحرق داخلها فارتعبت ولما رفع رأسه كان الامتنان مرتسما على وجهه مما جعل سيرينا تصفعه بكل قواها .
وللحال امسك خوان بمعصمها وضمها اليه وانتزع يدها المتمسكه بالغطاء الحريري وارتسم على وجه سيرينا وشاح اليم عتم قلبها . فلم تكن تريد الاستلام له وراحت تتخبط بكل طاقتها للتخلص منه فسقط الغطاء حتى قدميها.
قهقه خوان وشعرت سيرينا بالاهانه والكرهية العمياء له حتى انها تمنت لو بامكانها ان تقتله في هذه اللحظة بالذات!
قال ساخرا:
"بدأ الجليد بالذوبان كان يكفي شرارة ... وكيف احداثها!"
ظلت صامته لاتتحرك كأنها تمثال من مرمر فقد عراها روحا وجسدا ثم تمكنت من القول والدموع مخنوقه في حنجرتها:
"انت انسان فظ ومتوحش! اني اكرهك"
وتشنجت مستعدة لتحمل قهقهته الساخرة لكنه اكتفى بمراقبتها بامعان ثم قال:
"في الاقل تمكنت من خلق عواطف شغوفة لديك .. واني على يقين ان احدثت فيك انفعالا كبيرا اكبر مما احدثة والد ويندي!"
ضربه من أي شيء وهذه اله الذكرى اللا ارادية لوالدها فتت قلبها فحاولت كبت بكائها لكن الدموع راحت تتلألأ من جفنيها.
فقال غير مصدق:
"اتبكين لذكرى الرجل الذي تركك ؟ هل مازتزالين تحبينه؟"
اجابت بجفاف:
"لم يتركني بل مات لكني ما ازال احبه وسأظل احبة.."
ران الصمت بضع ثوان ثم انحنى خوان والتقط الغطاء الحريري ولفه حول سيرينا كأنه يقمط طفلا صغيرا ثم حملها بين ذراعيه حتى السرير ورفعت نحوه عينين قلقتين فأسرع يقول لها:
"بامكانك ان تنامي بهدوء ياعزيزتي لست انوي محاربة شبح او خيال لكن لاتنسي شيئا مهما: اننا ننتمي الى عالم الاحياء لذلك يجب ان نفكر بهم وليس بالاموات ..ياعزيزتي ارتاحي بسلام لان الرجل لايموت اذا مانسيناه"

××××××××××××××××××××××××× ×××××××××××××××××××

نهـــــــــــــــــــــــ ــــاية لفصل الثامن
oooooooooooooooooo
9- فستان وقح
ooooooooooooooooooooooooooooooooooooooo

وخلال الاسابيع التاليه عرفت سيرينا معنى السلام والهدوء في حياة متميزه وثريه حياة لم تكن تجرؤ على الحلم بها اة تخيلها ولما عاد دون البيرتو من اقامته القصيرة في منزل دونا ايزابيلا اعلمه دون خوان بقراره وهو رفضه ادراة المزرعه الهدف الذي كان يرغب العجوز في تحقيقه ولو بالحيلة والخداع واعلمه بأنه يفضل ان يتقاسم حياة الرعاة المتعبه كما في الماضي ان يفيق قبل الفجر ويتمطي جواده طيلة النهار ويجتاز من دون توقف المسافات الشاسعه ويجمع الماشيه لوشمها..
ومن وقت الى اخر كان يضطر الى مرافقة الماشية الى مرفأ بعيد لذلك كان يتغيب اياما عديده ولدى عودته كانت ملامح وجهه مرهقق ومليئة بالغبار وكان جسمة النحيل يبدو اطول من العادة عندما يظهر قرب المنزل
كان دون البيرتو يتحمل هذا الوضع بصعوبه لكنه اخيرا لم يعد يحتمل وفي احد الايام بينما كان حفيده عائد من رحلة طويلة استدعاه لينذرة ببلاغ نهائي لاعودة عنه.
لما وصل خوان كان العجوز يأخذ حمام شمس قرب بركه السباحه ويستمتع برؤية سيرينا وويندي تلعبان في الماء كانت الطفلة بامان بين ذراعي شقيقتها تطلق صياح الفرح واحيانا صياح الخوف.
كان الطقس حارا وناعما وكانت سيرينا ترتدي ملابس سباحه بيضاء وبدا جسمها اسمر من شدة تعرضه للشمس كما ان صحتها اخذت بالتحسن وزاد وزنها راحت تقهقه بصوت مرتفع عندما تمسكت ويندي بشعرها محاولة التسلق على كتفيها خشية الوقوع في الماء. وخوان الذي كان يقترب بخطى بطيئة وثقيلة لم يقدر ان يزيح نظره عن المشهد بل كان يبدو مسحورا ومندهشا مثل واحة بقلب الصحراء صرخ دون البيرتو لدى رؤيته قائلا:
"خوان يابني اهلا وسهلا بك في المزرعه ! سيرينا انظري هذا خوان تعالي واظهري له فرحك بعودته!"
وكي تخفي اضطرابها انهمكت المرأة لحظة بويندي المتعلقة بعنقها كانت تعرف ماذا ينتظر دون البيرتو منها اقتربت من الرجل المرهق حاملة شقيقتها بين ذراعيها ..هذا الرجل الذي وجدت في غيابه الراحة والطمأنيه داخل المزرعه.
وبصورة غير منتظرة راح قلبها يخفق بسرعه ثم رفعت رأسها نحو خوان من دون خوف ودون البيرتو كان يراقب تصرفاتها بفرح.
طبع خوان على خدها قبلة سريعه فخاب امل سيرينا ثم ركز اهتمامه على الطفلة وقال:
"وكيف حال جميلتي الصغيرة اليوم؟"
اخذ الطفلة بين ذراعيه واضاف :
"اجب ان الهو معك ياحبيبتي لكنني مليء بالغبار ورائحة العرق اذهبي مع امك حتى اخذ حماما واعود اليك"
" هل تحب موافاتنا الى هنا بعد ذلك؟"
لم تصدق سيرينا ما سمعته فهي نفسها التي طرحت عليه هذا السؤال
"اذا كان هذا ماتريدينه .اتفقنا..."
تدخل دون البيرتو بقوة وقال:
"ولماذا تظن انها لاترغب بذلك انت حقا زوج وشبح في ان واحد حتى الان سيرينا تتكيف مع هذا الوضع لكن من جهتي انا قررت ان اضع حدا لتغيبك المتواصل واني انوي ان اضعك على رأس المزرعه منذ الان ! سبعون سنه تكفي سأستقيل من دون تأخر لكن لنناقش هذه الامور بعد العشاء اذهب وخذ حمامك ثم انضم الي سيرينا لا شك ان لديكما اشياء كثيرة للقول لكن لا تنسى ماقلته لم يعد هناك وقت للتتردد والمراوغه.."
هز خوان رأسه وتوجه نحو المنزل وبانتظار عودته فكرت سيرينا ان خوان سيحقق هدفة الذي من اجله قبل زواجا سيحرمه من الحريه لبضعه سنوات.
وبينما كانت منغمسه في افكارها لم تلاحظ ان الخادمة بطلب من دون البيرتو اخذت الطفلة الى داخل المنزل ولما ظهر خوان على الشرفه ابتعد العجوز بدوره تاركا الزوجين وحدهما.
قال خوان:
"طلبت مني ان ارافقك اليس كذلك؟"
فوجئت سيرينا به وانتفضت فقال:
"هل كنت جادة في دعوتك ام انك تصنعت ذلك كم اجل ارضاء رغبات جدي؟"
حبست سيرينا انفاسها وهي تحدق فيه بقامته الممشوقة وعضلاته المتناسقة كليا وفهمت للحال سبب جاذبيته واشتبكت نظراتهما فقال بسخرية:
"اذن؟
هل ترافقيني . اشعر بحاجه كبيرة للسباحه"
فجأة شعرت برغبه قوية للمكوث بجانبه مد له يدها ليساعدها على النهوض فراحت تركض حول البركه وهي تعي تماما ان ملابس السباحة لاتخفي فتنتها ثم قفزت في الماء الشفاف واحتلت كيانها قشعريره ونوع من الاثارة البهيجة عندما لمحت خوان في فوران من الزبد ظل عدة لحظات قربها ثم تجاوزها وهو يسبح بقوة وبسرعه غريبة.
ولما وصلت سيرينا الى طرف البركه كان خوان يعوم بلا مبالاة وعيناه تحدقان بالسماء وهو ممدد على هذا السائل الاخضر كأنه فوق سرير مائي وكان يبدو متلذذا فرحا.
قال في صوت منخفض:
"انني احلم بهذه اللحظة منذ ايام وايام"
ثم التفت نحوها وتابع يقول :
"خلال هذه الرحلة الاخيرة لم الق الا المشكل فضلا عن حرارة الطقس التي وترت الحيوانات والرجال.."
قالت له بجفاف :
"لكني لا اشك في انك نلت بعض التعويضات المرحه لدى وصولك الى المدينه"
"نعم بالفعل بعض التعويضات!"
فجأة اختفى تحت سطح الماء ولما وصل قرب سيرينا شدها بكاحليها وجذبها الى اسفل البركه اعتقدت ان رئتيها ستنفجران تركها اخيرا وصعدت الى الهواء الطللق وفتحت فمها تلهث ولما شاهدت رأس خوان الاسمر يطل فوق الماء قررت الانتقام في الحال فتسلقت كتفيه وشدت ثقلها حتى انزلته تحت الماء وفي الحال اصبح ذلك لعبة مرحه وخلال ساعه تقريبا كانا يتداعبان في الماء كالاولاد بكل بساطه وبصورة غير منتظرة التقت طباعهما المختلفة في نوع من الاتفاق وراحا يتمتعاب بهذا التناسق العابر.
وبعد ذلك تمددا على المراسي الطويلة واحضرت لهما كارمين المشروبات المنعشه فاحتسيا شرابهما وهما يجففان جسميهما تحت اشعه الشمس.
وتنهدت سيرينا قائلة :
" اني احب فصل الصيف هنا انه جاف من دون ان يكون خانقا لا اصدق اننا في شهر كانون الثاني\يناير...في لندن لا شك ان الثلج منهمر الان وعلى الارصفة المنزلقه يتدافع الناس ليستقلوا الباصات متأففين من رداءة الطقس"
بكلامها لفتت اهتمام خوان الذي راح يراقبها في دقة ويسألها :
"حدثيني عنك ماذا كنت تفعلين قبل ان تلتقي جدي؟ وكيف تم هذا اللقاء؟"
نهجم وجه سيرينا فجأة ولأول مرة تشعر بارتياح وارتخاء لوجوده لكنه باسئلته هذه اعادها الى مدار الخطر
تلعثمت سيرينا وهي ترد على سؤاله قائلة :
"كنت اعمل في مكتب واعيش وع ويندي في غرفة صغيرة لاتبعد عن مركز عملي"
"وماذا كنت تفعلين بالطفلة عندما تكونين في العمل؟"
"كنت اضعها كل صباح في دار الحضانه واخذها في المساء لدى عودتي"
انها تعرف تممام عقلية الناس هنا في امريكا الجنوبية وكانت متأكدة من ردة فعل خوان المصدومه لما قالته الايعتبرون هنا في شيلي – ان وجود الام الدائم هو شيء ضروري للولد؟
اضافت لتدافع عن نفسها:
"لم يكن امامي اختيار في انكلترا انها عادة النساء ان يضعن اولادهن في دور الحضانه في كل حال فالعاملون هناك يهتمون بالاولاد كل الاهتمام والعناية"
لمعت عينا خوان السوداوين وقال:
"هكذا اذن انت تعتقدين انه بامكانهم التعويض عن حب الام؟"
قالت سيرينا وقد سئمت من هذا الحديث:
"كلا ابدا! ولهذا السبب انا هنا! كنت اشغل وقتي وعقلي كله من اجل صالح ويندي وهذا الوضع كان مزعجا لاني لم اكن اربح المال الكافي ولما ازدادت المصاريف لدار الحضانه اضطررت ان اخرجها من هناك ثم ارغمتني صاحبة الغرفة حيث كنا نسكن على الرحيل لأن صراخ ويندي يزعج الجيران كنت امر بحالة نفسية سيئة عندما شاهدت الاعلان الذي وضعه جدك فلم اتردد في اللجوء اليه..."
توقفت عن الكلام لحظة وشعرت بانزعاج يحتلها وخوان تقلص بدورة وقال في صوت فاتر:
"تابعي كلامك ..كيف كتب الاعلان ؟ هل مازلت تتذكرين الكلمات التي استعملها؟"
كادت سيرينا ان تهرب بسرعه لكن نظرته القاتمه اقنعتها وراحت تتلو عليه بشكل الي قائلة:
"وظيفة لفتاه شابة انكليزية شقراء المركز يضع حياتها كلها في ملجاء من الحاجة.."
توقفت لحظة واختنق صوتها ثم اكملت:
"يجب ان تكون كتومه طيعه ووديعه.."
ابتسم خوان كارلوس فتابعت تقول:
"وتقبل طلبات من يتحملن اعباء الاسرة"
انهد قائلا:
"يالهي ! ولم يحذرك احد من مخاطر هذا الاعلان ؟ رميت بنفسك هكذا؟"
اجابت في رصانه:
"لم يعرف احد بخطتي لم يكن لدي اصدقاء بمعنى الكلمة وكنت اعاني وضعا ميؤوسا منه وكنت مستعده ان افعل أي شيء لأبقى مع ويندي"

نهض خوان فجأة وراح يحدق بها ويقول:
"مهما اصر جدي فلقد تزوجت الشيطان!"
فكرت سيرينا بمرارة :"كيف تنكر ذلك ." فتعبير وجهه الشيطاني شلها لكن لسبب غامض حاولت متابعة الحديث وقالت بحزم:
"كلا كلا لكن جدك سخر مني ... صحيح انه لم يكذب علي غير انه اعطاني صورة عنك لاتطابق الحقيقة فحسب قوله لي انك رجل خجول ومعقد.. وتنقصك الثقة بالذات وحسب قولة اتفق معك على ان يجد لك زوجة لو كنت اعرف اني خدعت لما كنت وافقت على اقتراحه!"
وفي صوت مخنوق راح خوان يشتم جده ولم تر الرأفة الحنان في عينيه الباردتين عندما حدقتا بها وقال:
"اذن جئت الى شيلي باعتقادك انك ستلتقين يمامه ! غير انك التقيت بنسر تشبث بك بمخالبة.. لقد خدعنا جدي معا لكننا سنثأر منه وفي الوقت المناسب بما انك على استعداد لتقبل خطتي سأسهر على ان تكوني قد اخذت تعويضك الكامل كما يجب"
ابتعد عنها لكنها احتجت وهي تقول:
"سبق واكرمني دون البيرتو كثيرا ولا ارغب بشيء اخر و.."
قاطعها قائلا:
"لاتعتقدي ان ملابس انيقة ومنزلا تسكنينه يكفيان لأن تكوني امرأة ثرية ! حتى ولو افحمك بالحلى والمجوهرات فهذا بنظري كأنك لاتملكين شيئا!"
بعد قليل من ذهابه توجهت سيرينا الى غرفتها كانت الشمس ماتزال ساطعه لكنها كانت ترتعش بردا لقد عاملها خوان باحتقار حتى اصبحت باردة كالجليد هذا التصرف من قبلة ليس جديدا فمنذ لقائهما الاول وهو لايكف عن مشاكستها لكن هذه المرة بعد هدنه الظهر في بركة السباحة دهشت سيرينا لذلك فالصدمه كانت قوية .
وبينما كانت تخلع بزة السباحة سمعت وقع خطى خلف الباب ليس امام خوان سوى باب غير مقفل ليجتازة لكنه لم يغامر في الدخول الى غرفتها منذ اليوم الاول لزواجهما فكرت بوالدي خوان اللذين لا شك تقاسما هذه الغرفة بالذات فهما ايضا اضطرا للزواج لكن حسب اقول دون البيرتو احبا بعضهما البعض بشغف كبير اغمضت عينيها وهي تفكر ان هذا الجو عليه ان يعبق من جديد بهذا الحب لكن من دون جدوى..
وضعت مئزرا وتمددت على السرير مازال امامها ساعتان قبل موعد العشاء كانت تشعر بتعب لكن الاعصاب والتوتر والاضطراب ستمنعها من النوم.
وراحت تسرح عينيها في المكان الابيض كان اللون الاساسي ثم الذهبي السقف ابيض والستائر الحريرية يدخلها الابيض كذلك البساط المزهر الجدران عارية الامن لوحة صغيرة ومرآة كبيرة همست سيرينا متعبة:"منظر عاطفي.."
ثقل جفناها فانغلقتا وغطت في نوم عميق لم تفق منه الا بعد ساعه وشعرت بالرحه ونهضت تأخذ دوشا واحست بنشاط وانتعاش في كل انحاء كيانها واختارت فستانا احمر فاقع اللون وضيقا ارتدته وشعرت بتحد سيساعدها على السيطرة على خجلها ثم وضعت حمرة فاقعه وعلقت في اذنيها زوجي اقراط عريضين ومصنوعين من الذهب وهزت رأسها لتعتاد ثقلهما
ثم وقفت امام المرآه تنظر الى نفسها عندما دخل خوان الغرفة البساط السميك خنق صوت خطواته لكنها شعرت فجأة بوجوده والتفتت نحوه محى ابتسامته في الحال كادت ان تعاتبه لدخوله المفاجيء وانتهاك حريتها واستقلالها لكنها عدلت عن ذلك فجأة كانت نظرات خوان تتفحصها بدقة : فستانها احمر ضيق يظهر جسمها بتفصيل كبير لكنها تسمرت مكانها عندما صرخ بصوت مشمئز:
"اخلعي هذا الفستان في الحال!"
رفعت رأسها في غرورا وسألته:
"لماذا ؟ انه يليق بي تماما!"
قال في سخريه:
"كما يليق جلد الذئب بالحمل ! فقط النساء القدريات يرتدين مثل هذه الملابس ياعزيزتي ! وانت لست منهن..انت تجهلين كليا معنى الاغراء!"
وبحركه عنيفة انتزع القرطين ورماهما بعيدا ثم امسكها بكتفيها وبطرف يده مسح الحمرة عن شفتيها واهملها تاركا اثارا حمراء في منتصف خدها وامرها قائلا:
"ولان اغسلي وجهك ولاتنسي ان تغير ملابسك انت امرأة غير محتشمه !"
واجهته سيرينا بغضب وقالت:
"لا يحق لك ان تتكلم عن الحشمه! رقصت كابرييلا امامك بوقاحه وانت شجعتها واقنعت الحضور انك تود الزواج منها "
قاطعها بجفاف وغضب:
"لاتدخلي كابرييلا بالموضوع!"
"لكن لديك ضمير.."
"بالطبع عندي ضمير"
وضع يده في جيب سترته الداخلية واخرج منها علبة صغيرة مخملية واضاف قائلا:
"ارفض استغلال الرعاة ومثلهم انت تستحقين الاعتبار هذه ملك والدتي جئت به اليك تعويضا لخدماتك اصر ان اراك تضعينها هذا المساء بالذات"
قتح العلبة واخرج منها عقدا من حجارة الياقوت الازرق لكن الاهانه قطبت وجه سيرينا ورفضت الاستسلام قائلة:
"كلا شكرا هذا لايليق بفستاني"
وفي اللحظة التالية كانت تتأرجح بدوانه غريبة ثم شعرت بسحابة فستانها تنسحب امسك خوان بالقماش الناعم ومزقه على طولة وقال بلهجة قاتمه :
"المشكله لم تعد مطروحة بعد الان وكي تمنعي ذلك من الحدوث في المستقبل ولتحافظي على ملابسك اعرفي ان من عاداتي ان يطيعني الاخرون من دون نقاش"
وبهدوء نظر الى ساعة يده ثم اضاف:
"يبقى امامك عشر دقائق قبل العشاء وهذا يكفي لتغير ملابسك"

××××××××××××××××××××××××× ×××××××××××××××

نهـــــــــــــــاية الفصل التاسع
oooooooooooooooooooooooo
10-وادي الجنه
oooooooooooooooooooooooooooooooo

تم العشاء في جو متوتر وسيرينا الشاحبة ذات النظرة الحزينه حافظت على الصمت امام نظرات دون البيرتو القلقة وخوان من جهته لايتزحزح ويناقش من دون توقف بامور شتى محاولا استيعاب انتباه جده.
سيرينا مشدودة الحنجرة كانت تشعر بصعوبة كبيرة في ابتلاع الطعام فقد اهانها خوان مرة اخرى بقسوته الاعتيادية ظل معها في غرفتها بينما تبحث في خزانتها عن فستان ترتديه وفي سرعه اختارت فستان بلون قمحي ليظهر عقد الياقوت الازرق.
وبعد ان نظر دون البيرتو مليا الى سيرينا استدار نحو خوان وقطب حاجبيه وقال:
" اريدك قبل ان تتولى ادارة المزرعه ان تقوم برحلة صغيرة رحلة بمثابة شهر العسل.."
لم يتحمس خوان ولا سيرينا لكن قبل ان يشعر بخيبة امل اضاف قائلا:
"بامكانكما ان تمضيا اسبوعين على الساحل وسيكون ذلك رائعا .. من ناحيتي انوي زيارة بعض الاصدقاء في اسبانيا لكن بعد كودتكما سيرينا اعتقد بانك ستحبين منطقة "فينا ديل مار"

هناك الشاطيء من اروع ما يكون والفنادق فاخرة والكازينو كبير يقصدة السياح من ارجاءالمعمورة"
اتقدت سيرينا ان خوان سيرفض هذا الاقتراح لذلك لم ترد لكن لشدة دهشتها قبل خوان قائلا:
"هذا اقتراح جيد وجذاب فضلا عن ان سيرينا ستكتسب من المكوث قرب شاطيء البحر كل صحة وعافية"
"رحلة شهر العسل تتم للعريس فقط والعروس وستبقى ويندي هنأ"
كانت لهجته قاطعه وكادت سيرينا ان تحتج لكن خوان سبقها قائلا:
"ربما انت على حق اتفقنا سنذهب إذا صباحا الى فينا ديل مار"
شعر دون البيرتو بارتياح وغادر المائدة بعد انتهاء الطعام تاركا الزوجين لوحدهما نوافذ غرفة الطعام كانت مفتوحة غير ان الهواء العليل الذي يدخل المنزل غير كاف لانعاش الجو الرطب والخانق فاقترح خوان في لا مبالاه وضجر:
"ما رأيك لو نخرج للنزهه ؟"
وفي بادئ الامر كانت سيرينا تريد الرفض لكنها اخذت حذرها في الحال من الافضل الخروج على البقاء في مسجونه في الداخل واشارت له بحركة ايجابية من رأسها
"سأجلب لك شيئا تلبسينه في حال شعرت بالبرد"
نهض خوان سعيدا بالتخلص من هذا الجو الثقيل وبعد لحظات ظهر من جديد حاملا شالا طويلا مطرزا وقال وهو يقترب منها:
"هذا يكفي انه من الحرير وخفيف على الجسم"
تقلصت عندما وضعه على كتفيها فلاحظ خوان ردة فعلها وقال في سخرية :
"اطمئني لست انوي تمزيقة وهذا لايعني اني على استعداد لامزق كل ماترتديه..."
"لماذا تصر على ان تكون زوجتك في مظهر محتشم الى حد كهذا؟ انت لست متحفظ وقور في مايتعلق بلباسك الخاص!"
راح يميزها مطولا وقال :
" هناك مثل يقول :"المرأه العفيفة هي امرأه مهجورة" لكن هذا المثل لايمكن ان نطبقة عليك لان ويندي هي الدليل الواضح"
شعرت بالدموع تحرق عينيها فازاحت رأسها بسرعه واجتازت ممر المدخل فكرة واحدة تعزيها فوجود شقيقتها سلاح مخيف ومروع لو كانت تعرف استعمال هذا السلاح بمهارة كافية سيشعر خوان بان غروره على المحك ويتوصل الى عدم تحمل وجود الطفلة ولن يتأخر قبل ان يطردهما معا الى انكلترا.
عبرا الشرفه قبل الدخول الى الحديقة المضيئة بنور القمر كأن الدنيا نهار وراحا يتنزهان بين ازهار الاوكاليبتوس التي تحيط بالمنزل ومن بعيد امكن رؤية البيوت الصغيرة المبنيه على جانبي الطريق والتي تؤوي عمال المزرعه واسرهم.
راح خوان يشرح لسيرينا كيف تتم عملية التوزيع في المزرعه ويقول في لامبالاة اعتيادية :
"عندما احتل المغامرون الاسبان هذه الاراضي وطلب منهم الحفاظ على القبائل الجديدة مكان سكان الهنود واخذ كل فرد حقة من الاراضي باعتبار استحقاقاته ومركزه الاجتماعي هكذا عادت المزارع الصغيرة الى الجنود والكبيرة الى الضباط"
ارتاح قليلا ثم تابع ونظره محدق بالافق:
"وآل فالديفيا الذين كانوا ينتمون الى العائلة الاسبانية القديمة النبيلة حصلوا على هذة المزرعه واداروها حسب التقاليد القديمه لبلاد المنشأ وهذا النظام مستمر حتى يومنا ... الرعاه لايعتبروننا ارباب العمل بل اعضاء نافذين في عائلة ينتمون اليها لانهم يعملون هنا ابا عن جد ونشأت بيننا علاقات حميمه وهم يكنون لنا كل احترام"
تدخلت سيرينا بلهجة قوية قائلة:
"كما يحترم البطاركه في العهود القديمه انت فرح لان عمالك لا يموتون جوعا لكن عليك الاعتراف بان احدا منهم لايمكنه ارغامك ان تعطيه اكثر من حقوقه! اني مقتنعه بانه اذا اراد احدهم مغادرة المزرعه ليعمل في مكان اخر فلن يتمكن من ايجاد عمل.."
انتفض خوان بعنف وقال:
"عمالنا احرار ان ايذهبوا متى رغبوا!"
"مثلي ؟ انت تعرف تمام ان لا احد من المالكين في المنطقة يقبل توظيفهم ربما يجدون في المدينه عملا لكنهم سيجدون صعوبه في الادخار ان آل فالديفيا كانوا ومازالوا الطغاة المستبدين ... وهذا مستمر حتى الان انتم لا تعتبرون الناس كائنات من لحم ودم بل دمى تحركونها كما تشاؤون بطرف الخيط! انتم لاتعتبرون ما يريدونه ويرغبونه فقط تهمكم رغباتكم وحدها لنأخذ مثلا اسبوعي العطلة على شاطئ البحر هل اخذتم برأي ؟ ابدا لكني لا ارغب بالسفر وخاصة معك!"
وبينما كانت تستشيط غضبا ظل خوان متعجرفا كأي ارستقراطي نبيل واعتلت وجهه ابتسامه عابرة وقال:
"الاتعجبك فكرة قضاء بضعة ايام معي ؟ انت بحاجة ماسة الى عطلة ياعزيزتي اعصابك متوترة وفي فينا ديل مار ستجدين الهدوء والاسترخاء لكن بجانب ذلك...ط
فجأة اصبح صوته قاسيا واضاف:
"يجب ان نحرص على ان يظل جدي في مزاج حسن النجاح اصبح من الان فصاعدا في قبضة يدي ... واذا اضطررنا من اجل ان نربح الجولة ان نذهب معا في رحلة شهر عسل فسنفعل ذلك! اذا كانت اقامتك معي في فينا ديل مار تقلقك سابدل الهموم من الان لن تخشي شيئا مني اني اعدك بذلك ساحاول جهدي ان اجعل اقامتك هناك ممتعه للغاية وستتذكرين ذلك وساشكرك على الخدمات التي تؤدينها لي"
وفي الصباح التالي اقلعت بهما الطائرة وكان يقودها خوان بنفسه وكالعصفور صعدت الطائرة في السماء الزرقاء الصافية بعدما استدارت فوق المزرعه وتوجهت نحو الغرب وكان خوان يبدو مرتاحا وهو يقود الطائرة وقربه كانت سيرينا تشعر ببعض القلق عندما بدأت الطائرة بالصعود عاليا ولم تعد ترى الارض كليا
ومهما كانت تفكر بهذا الرجل الغريب فهي تثق به ثقة عمياء كان يرتدي سروالا من الكتان وقميصا ذا قبعه مدورة وفي وجهه ملامح بشوشه ويبدو انه عازم على الافادة من هذه الاستراحة غير المنتظرة قدر الامكانان رافقته سيرينا ام لا.
رمقها بنظرة مواربه فكانت مستقيمة بجلستها متقلصه مكتفة اليدين تعبر عن توترها الداخلي الحذر انحنى خوان فوقها وقال:
"ما رأيك ببعض البهلوانيات؟"
لم تقدر سيرينا ان تمنع عن الارتجاف فهي تشعر انه على استعداد للقيام ببعض النزوات الشيطانيه حسب عادته
تلعثمت وهي تقول:
"لاشكرا"
فجأة ارخى الرافعه وسحب المقبض فشبت الطائرة ومقدمتها موجهه نحو السماء وراحت تصعد عموديا تسمرت سيرينا في مكانها وانقطع نفسها وشعرت بدمها ينبض في اذنيها.
لم تكن قادرة على ان تنبس بصوت ادخل خوان المقبض فاستعادت الطائرة مركزها الطبيعي اطلقت سيرينا زفرة ارتياح لكن لوقت قصير لانها بعد لحظه قصيرة كانت تعيش كابوسا حقيقيا راحت الطائرة تهبط مدومه وتشك بسرعه جهنمية نحو الارض وبدت الكارثة حتمية اغمضت سيرينا عينيها وضغطت على فكيها بانتظار ان تسمع الصدمة وراحت تصلي في داخلها الى ان شعرت ان الطائرة تنتصب من جديد بصورة تدريجية.
فتحت عينيها وكان خوان يبتسم بهدوء فصرخت به غاضبة :
"انت انسان مجنون حقا! كدت تقتلنا!"

قهقه ضاحكا وقال:
"نعم لكن بطريقة جميلة ياعزيزتي ما اجمل ان يختفي الانسان عن الوجود في شعله من النار كأنه يلعب بالموت"
حاولت جهدها استرجاع عقلها وقالت:
"اقتل نفسك اذا كان هذا ماترغبه لكن افعل ذلك لوحدك! شخصيا افضل حياة تعيسة على موت رائع"
تمت بقية الرحلة في هدوء تام فقد ظلا صامتين حتى بدأت الطائرة تخفف من سرعتها استعدادا للهبوط وانبسطت تحتهم مدينه "فالباريزو"
قال خوان وهو يشير بذقنه نحو النافذه:
"برأيك لماذا تدعى هذه المدينه "وادي الجنه ؟"
انحنت سيرينا الى الامام ولاحظت ان هذا التكتل الواسع له شكل المنجل والخط المنحرف يحيط المرفأ حيث رأت عدد لايحصى من السفن بالكاد شاهدت الرافعات تفرغ السفن وتملأها اذ انحرف خوان فوق المطار بسرعه وهبطت الطائرة بسلام.
استقلا سيارة تاكسي اقلعت مسرعه على الطرقات الواسعه لمدينه فالباريزو. فلم تتمكن سيرينا من اخذ وقتها في النظر مليا الى هذه المدينه الجميلة وهضباتها المنفتحه على خليج واسع .
اخبرها خوان بالتفصيل ليعوض عليها مافات وقال:
"في المدينه مستويان لاحياء السكنيه تقع في المدينه العليا ومنطقة الاعمال تقع في المدينه السفلى قرب المرفأ والقطارات السلكية تصل المدينتين"
وبعد ربع ساعه وصلت بهما السيارة الى فينا ديل مار وللحال انسحرت سيرينا بطابعها الغريب الشاطئ الرملي الناعم يمتد على مد النظر صفوف من المظلات ذات الالوان الغامقه تنتشر قرب الحجرات الخاصة بالستحمين ومن جهه البحر المساكن الواسعه الفاخرة التي تعود الى بداية القرن بجانبها الفيللات الحديثة . وعربات الخيل تنتقل ذهابا وايابا بخطى الخيول الهادئة اشجار الخيل والصنوبر تحد الطرقات العريضة والمبلطه وفي كل مكان الازهار على انواعها بوفرة مدهشة.
استغربت سيرينا وقالت:
"يالوفرة الازهار ! وهذه العطور.."
قال خوان مبتسما:
"كل موطن يملك المساحه اللازمه علية بطريقة او باخرى ان يزرع فيها ازهارا وهناك قانون بلدي بهذا الصدد"
مد ذراعه وفتح باب سيارة التاكسي التي توقفت امام فندق كبير فخم
وكأنها في حلم تبعته الى مدخل الفندق ودخلا في المصعد الى الطابق الاخير فقادهما الموظف الى الجناح المخصص لهما خلال مدة اقامتها الديكور كان فاخرا وانيقا النوافذ الكبيرة تطل على المحيط الهادي الازرق في الامواج المزبده
قال لها خوان وهو يقترب منها وهي تتأمل المنظر مسحورة :
"هل يعجبك المنظر ؟"
"انه رائع يقطع الانفاس بجماله!"
التفتت نحوه متألقة وظهرت في عينيها الزرقاوين زرقة المحيط الغامقة.
بدا خوان مندهشا: هذه الصرخه النابعه من اعماق القلب اسكتته كان ينتظر ان يراها كالعاده متحفظة وعدائية ولم يعد يعرف كيف ستكون ردة فعلة حدق بها مدة طويلة فاحمرت وجنتا سيرينا واختفت الابتسامه البراقة وتيقظت. خالجه شعور انبأها الا تثق بخوان ونزواته وانفعالاته العنيفة وغير المتوقعه.
ابتعدت بعصبيه عندما اعلن بصوت لا مبال:
"اقترح عليك شيئا انسي اني رجل ومن جهتي ساعتبرك نوعا من رفيقة سئمت حرب الجنس لنضع اسلحتنا ولنعتبر هذه العطلة هدنه ما رأيك؟"
كيف بامكانها ان تنسى مثل هذا الشيء!انه يطلب منها المستحيل! غير انها هزت رأسها ايجابا فاجابها بابتسامه عريضة قائلا:
"عظيم ! مارأيك لو نغتسل ونوضب اشياءنا ؟ وبعدها نذهب للنزهة في المدينه "
الحمام يقع بين الغرفتين دعا خوان زوجته ان تدخلة اولا وبعد دقائق من خروجها من الحمام راحت ترتدي فستانا من القطن الابيض وتسمع الماء ينهمر في الدخل وصوت خوان يرنم اغنيه معروف
سرحت سيرينا شعرها ورفعته كذنب الحصان وفجأة شعرت بيديها ترتجفان ماذا يجري في داخلها؟ اثارة؟ خوف ؟ لكنها اقتنعت اخيرا ان مجرد قضاء 15 يوما في هذا المكان الاسطوري ايقظت في داخلها انفعالات غريبه من نوعها لكن عليها ان تظل حذرة فلا يجب ان تنسى ذلك.
طرق خوان الباب ثم بدخل الى غرفة سيرينا كان يرتدي سروالا اسود وقميصا سوداء كان وسيما كشيطان فر من الجحيم !
" هل انت مستعده؟"
مد لها يده وراح يفصلها من رأسها حتى اخمص قدميها وكان الاكتفاء باديا على وجهه اعطته سيرينا يدها ولاول مرة منذ شهور عدة تشعر بالسعادة
ولمدة ساعه تقريبا راحا يتنزهان امام واجهه البحر كان الجو مرحا . السباحون يتداعبون مع الامواج اكلا بعض فاكهة البحر الطازجة ليخففا من حدة الجوع ثم جلسا على السد ينظران حلمين الى البواخر الراسية ومن وقت الى اخر كانا يزغردان ضاحكين عندما يشاهدان النوارس وهي تشك بطريقة بهلوانيه باحثة عن بقايا الطعام ثم تأبطا ذراع بعضهما البعض وعادا الى الفندق امام نظرات المتسكعين الذين اعتبروهما عاشقين
كان الطقس شديد الحرارة ولما دخلت سيرينا الصالون الصغير في جناحهما بدأ العرق يتصبب من كل انحاء جسمها كانت متعبة وفي الوقت نفسة فرحه وبينما كان خوان يحضر الشراب المنعش شعرت برغبة في ان تشكرة.
قالت وهي تجلس باسترخاء على المقعد المريح:
"كان نهارا رائعا! افضل ان تكون رفيقي بدلا من ان تكون زوجي"
من دون انفعال او تأثر قدم خوان لها كأسا قبل ان يفرغ كأسه. وبينما كانت تراقب جوزة العنق عنده تصعد وتنزل في رقبته السمراء تساءلت سيرينا اذا كان خوان قد غير رايه فقط من اجل تهدئة تنبهها وتيقظها ويوهمها بشعور الامان الخادع انه رجل مزاج ناري ولا شك انه لم ير كابرييلا منذ وقت طويل..
ابتسم لها بصراحه وقال:
"الصداقة ياعزيزتي هي مثل الثمرة انها بحاجة للنضج لكن الصداقة التي تجمعنا مازالت خضراء عجرة وبحاجة الى وقت طويل لتنضج"
اعادت له سيرينا الابتسام بابتسامه صريحة وامسكت اليد التي مدها اليها فقال وهو يلاحظ السماء التي عمها الظلام بسرعه :
"حان الوقت كي تهيئي نفسك للعشاء من الافضل ان نتناول الطعام باكرا ياصديقتي وهكذا سنتمكن من الافادة قدر الامكان بمتع "وادي الجنه"

××××××××××××××××××××××××× ××××××××××××××××××××

نهـــــــــــــــــــــــ ـــاية الفصل العاشر
oooooooooooooooooooooo
11- اخر الرقص عناق
ooooooooooooooooooooooooooooooo

لم تعرف سيرينا مالذي كانت تأكله من اطعمه وضعت على المائدة هي وخوان كانا منغمسين في الحديث لدرجة انهما لم يعيا نظرات المعجبين من جميع انحاء المطعم
سالها خوان:
"حدثيني عن طفولتك هل كنت سعيدة ؟"
لمعان انار عينيها الشفافتين وراحت تقص علية بعضا من سيرة حياتها :
"والداي كانا زوجين رائعين ومثاليين دلعاني كثيرا ولم يكن لديهما غيري الا ان"
توقفت فجأة واحمرت وجنتاها قطب خوان حاجبية وسألها محتارا:
"نعم؟ الا ان.."
تلعثمت وقالت:
"الا انهما .. توفيا"
"هل ماتا معا مثل والدي ؟"
" ليس تماما لكني خسرتهما في مدة سته اشهر"
"ربما ما كان يجب علي ان اطرح عليك هذه الاسئلة انه موضوع مؤلم .. احيانا افكر انك لم تكوني باستمرار الفتاه الباردة المتحفظة اسف اني لم التق بك قبل المحن والمتاعب التي اثرت بك كثيرا"
صمت قليلا ثم اضاف:
"ما كانت اراء والدتك تجاه والد ويندي فالامهات احيانا متحيزات ووالدتك الم تر فيه ذلك الرجل المتطفل الدخيل؟"
احمر وجه سيريناوقالت :
"كانت تحبة حتى العبادة"
استغرب قائلا:
"آه ! وحسب رأيك ماذا كانت وجهة نظرها لو عرفتني؟"
هذا السؤال طرحته على نفسها مرارا من دون ان تجد الجواب المناسب لا شك انه كان اوحى اليها بفضول والخشية في ان واحد لكانت اعطت حكما قاسيا على عائلة فالديفيا المتعجرفة ذات التصرف المستبد لكنها كانت لاشك اعترفت بأنهما يشكلان اسرة غير اعتيادية.
كان خوان فارغ الصبر امام سكوت سيرينا التي تنفست بعمق قبل ان تعلن قائلة :
"كانت والدتي امرأة شديدة الحساسية كمعظم الامهات وخاصة امام الجمال الشكلي والجاذبية وسحر الحديث وختى الاطراء لكن.."
"نعم تابعي كلامك"
قالت بعصبية:
"لاشك انها لم تكن ستعجب بتصرفاتك تجاه كابرييللا بالاضافة الى انه لايمكنها اعتبار السعادة كنتيجة للغنى والمال"
"اذن لكانت فضلت رجلا فقيرا مثل والد ويندي اهذا ما تريدين قولة؟"
وفي لحظة البرق استعادت وجه والدها في مخيلتها وبحنان اجابت:
"مرة سمعت والدتي تقول انه يملك الثروة الحقيقية الوحيدة وهي ثروة القلب."
نهض خوان فجأة على وشك الاستسلام للغضب العنيف
ثم قال :
"انا لا استغرب ان تكوني خائبة الامل! واعتقد ان لولدتك قسطا كبيرا من المسؤولية في هذه القضية واعتقد انهااساءت الحكم الاشخاص العاطفيون يخدعون بسهولة فحساسيتهم المرهفة تجعلهم عميان امام الحقيقة!"
لم يتسن لسيرينا الوقت للاحتجاج فامسك خوان بذراعها ودعاها لاجتياز غرفة الطعام والممر الى الخارج فسألته ونفسها متقطع:
"الى اين تصطحبني؟"
اشار الى سيارة تاكسي فتوقفت قرب الرصيف فدفعها الى المقعد الخلفي ودخل قربها وقال للسائق:
"الى الكازينو من فضلك"
ثم التفت الي سيرينا واضاف بسخرية:
"برمز الثروات المزيفة"
وبرغم ان الوقت كان باكرا كان الكازينو يعج بالناس من جميع الجنسيات النساء الانيقات كن يضعن المجوهرات والحلى وحول الطاولات تزاحم اللاعبون في السقف تدلت ثريات الكريستال التي تنير الغرفة بنور براق بالنسبة الي سيرينا كان هذا الجو خرافيا وساحرا اخذ خوان مكانه امام الطاولة قرب اللاعبين بينما سيرينا اقتربت من الروليت ووجدت مكانا فارغا فجلست فيه فارتعشت عندما انحنى خوان قائلا :
"اختاري رقما وضعي احجارك او بعضا منها علية كما تشائين"
وضعت كل حجارتها على رقم 9 فأديرت الاقراص ثم توقفت امام الرقم 9 وهتف مدير الطاولة :
"احمر تسعه!"
صرخت سيرينا مستغربة:
"رحت ياخوان ربحت"
"تابعي اللعب"
"لا افضل ان اتوقف الان هل رحت ثروة كبيرة ؟"
"مايعادل الفي جنيه السترليني"
"يا الهي كل هذا! لم يسبق ان امتلكت اكثر من مئة جنية"
"صحيح ؟مادام الامر هكذا لا اريد ان يتهجم وجهك المتألق دعينا نحتفل بالامر"
صرف خوان الحجارة واستعاد المال بقيمته واقترب من سيرينا قائلا:
"سأحتفظ بالمال معي"
في هذه اللحظة بالذات عرفت سيرينا معنى هذه الثروة الصغيرة. بامكانها ان تستعيد حريتها العزيزة على قلبها بامكانها ان تشتري بطاقة سفر الى انكلترا وبطاقة لويندي. ان تستأجر لها غرفة وتعيش كيما تجد تجد لها وظيفة محترمه قالت لاهثة:
"كلا افضل ان تعطيني المال حقيبتي الصغيرة بامكانها ان تسع كل هذه الاموال "
اعطاها المال قائلا:
"كما تريدين"
ولما خرجا من الكازينو استقلا سيارة التاكسي وتوجها الى ناد ليلي حيث اختار خوان انهاء السهرة لم يكن المكان بيعدا ولم يستغرق الا دقائق قليلة...
كان شبة ظلام ناعم يعم المكان والديكور يذكر بحجرة صياد .الشباك الواسعه معلقة على الجدران والسقف وبعض الاصداف البحرية. وحول حلبة الرقص حيث يعزف الموسيقيون الالحان الخلابة وضعت الطاولات والكراسي من القش.0
جلست سيرينا وراحت تنظر الى الازواج الذين يرقصون على نغم الموسيقى بينما راح خوان يطلب الشراب .بعد قليل جاء الخادم يحمل صينيه عليها المشروب وقطع الثلج وبعض المقبلات.
قال خوان ساخرا :
"يبدوا انك تفكرين افكارا غامضة يا عزيزتي الا تعدين خطة جهنميه للتخلص مني؟"
فوجئت وراحت ترتجف وتقول:
"لا ابدا"
بطريقة ما كان خوان يقرأ ما يدور في خلدها عليها اذن ان تضلله والا تبخرت آمالها سدى قررت ان تغير الخطة فربما نجحت؟
فاشتبك نظرها بنظره الحاد وهمست قائلة:
"هل تدعوني الى الرقص"
بريق التقاء قصير ظهر في العينين السوداوين

فأجاب خوان بطريقته الرجوليه:
"طبعا بكل سرور!"
وبينما كانت بين ذراعيه ادركت انه لم يسبق ان وجدت في حلبة الرقص برفقة رجل في مقامه.
كان خوان يضمها اليه بقوة فاحمرت وجنتا سيرينا وهمس في اذنيها:
"اهدأي وعدتني ان تحاولي جهدك كي تنسي زوجك الاول .هل مازلت تتذكرين؟"
استرخت وتذكرت ان عليها ان تكون محببة ومتساهلة راضية اذا ما ارادت الوصول الى تحقيق هدفها بعدئذ وجدت متعة في الرقص مع الاخرين برفقة خوان الراقص البارع واخيرا عندما اعادها الى الطاولة كان وجهه يشع سعادة
اخذ يدها وقال:
"لأول مرة هذا المساء ارى فيك امرأة جميلة وليس زوجة ارغمت على الزواج منها مازال وجهك يحتفظ بطفولته برغم المحن التي اعترضت حياتك.. والان افهم سبب تصرف جدي تجاهك يريد ان يحميك عيناك الكيرتان البريئتان تعكسان براءة لاشك فيها لكن حواء الطاهرة والساذجة في جنة عدن توصلت الى اغراء آدم الجبار برغم كونه الاقوى"
احتجت سيرينا قائلة :
"لا انوي بتاتا تقليد حواء!"
شعرت بالاحمرار يعلو وجهها اليس هدفها الوحيد ان تنسيه هذه الثروة التي تملأ حقيبة يدها ... هذا المبلغ الذي يمكنها بواسطته ان تتدبر امرها؟
قال خوان بصوت هادئ:
"انا اصدقك ياعزيزتي"
امضيا بقية السهرة في الرقص والكلام من جديد وبعد مضي وقت عبر خوان عن لطفه الزائد ولما قررا العودة الى الفندق بدأت سيرينا تخشى على مقدرتها في مراقبة خطتها كما ان خوان بحاجة الى جهد كبير ليفي بوعده ومعاملتها كصديقة فحسب لذلك كانت قلقة للغاية.
سيارة التاكسي التي اعادتهما الى الفندق كانت تجتاز الطرقات المهجورة بسرعه وسيرينا الجالسة بارتخاء في المقعد الخلفي تركت رأسها يرتاح على كتف خوان الذي كان يمسك بخصرها لم يتبادلا الكلام طيلة الطريق وبالرغم من المظاهر كان الجو متوترا كل واحد يشعر ان هذه الانفعالات والعواطف التي يحاولان كبتها ستنتهي بالتحرر وماذا ستكون العواقب؟
وما ان دخلا الى جناحهما حتى همست سيرينا واحتلها الخوف :
"الساعة متأخرة ارجو ان تعذرني سأذهب الى فراشي في الحال"
"لا ليس في الحال سنأخذ كأسا اخيرة"
"لا اريد ان اشرب شيئا بعد الان دعني ارجوك"
جذبها نحوه بعنف وقال:
"لايمكنك ان تنسحبي الى غرفتك الان !لنبقى معا حبيبتي ستكون هذه الليلة ليلة شهر العسل وستكون ليلة رائعه لم يفرضها علينا احد ولا حتى جدي.."
وبينما ارادت ان تحتج راح يعانقها بعنف لكن سيرينا أشمأزت منه وراحت تتخبط كحيوان جريح لكن جهودها باءت بالفشل .
"تعالي ياحبيبتي استسلمي لي وسأنتزع الشبح الذي يهدد ذاكرتك سأبعد ذكرى هذا الرجل الذي لم يعرف ان يفعمك حبا لاتخافي من الشر يازوجتي الجميلة!"
توصلت في الاخير الى دفعه عنها بضعة خطوات الى الوراء ترتجف في كل انحاء جسمها وراحت تقول في سخرية مرة:
"الم تنسى وعدك ياسنيور؟"
"شيء مالم اعد اسيطر علية بعد ان قدمت لي سحرك واغريتني في المكان الراقص بدأت تلعبين العذراء المهانه .. الم تتعلمي من مغامراتك السابقة؟ عليك ان تعرفي ان الانسان لا يبدأ بعمل ما اذا كان يريد الوصول الى نهايته!"
" لم ارتكب أي خطيئة ياسنيور لكن تعلمت درسا كبيرا اذا صدف واحببت انسانا من جديد يجب علي قبل كل شيء ان اعرف الثمن الذي سأدفعه"
حدق بها لحظه وقال:
"كنت مجنونا لأني نسيت انك في كل الظروف ستظلين محافظه على موقف ثابت"
×××××××××××××××××××××××××

نهــــــــــــــاية الفصل الحادي عشر
ooooooooooooooooooooo



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 28-04-16 الساعة 12:24 AM
أميرة الاحزان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-04-08, 05:36 AM   #4

أميرة الاحزان
 
الصورة الرمزية أميرة الاحزان

? العضوٌ??? » 6151
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 975
?  نُقآطِيْ » أميرة الاحزان is on a distinguished road
20 سيد الرعاة - مارغريت روم -ع.ق( كتابة )


12- الهرب نحو العودة
ooooooooooooooooooooooooooooooo

في صباح اليوم التالي تناولا فطور الصباح معا وشعرت سيرينا بارتياح لأن خوان لم ينوه بالحوار الذي جرى بينهما امس غير انه كان متحفظا ومختصرا وما ان انهيا الطعام حتى قال خوان بلهجة باردة:
"انا خارج وسأعود في المساء وانني اكيد بأنك ستملأين وقتك لهوا واستراحه اليس كذلك؟"
هزت رأسها فتوجه نحو الباب وفجأة شعرت بالخجل الم تشجعه على المغامرة ؟ غير ان هدفها مازال هو نفسه وهو ان تعود الى انكلترا.
ارتدت سيرينا ملابسها بسرعه ثم توجهت الى مكتب الاستقبال وطلبت من الموظف هناك عنوان وكالة سفريات واسرعت الى العنوان يبدوا ان خوان نسي كليا المبلغ الذي بحوزتها ربما لم يدرك انها بهذا المبلغ يمكن ان تتخلص من سلطته.
بقي حاجز اساسي وهو وجود ويندي في المزرعه لكنها فضلت عدم التفكير بهذا الامر ووضعته جانبا لأنها تريد التاكيد بأنها تملك المال الكافي ثمن بطاقتي طائرة باتجاه انجلترا
خرجت من وكالة السفريات مبتهجة الوجه وتحمل البطاقتين وبقي معها حسب تعليمات الموظف مايعادل 1500 جنيه استرليني.
ثم راحت تمشي في الطريق بحثا عن مكان هاديء فذهنها متوتر وهي تريد الهدوء لتنظيم الافكار داخل رأسها اخيرا وجدت مكانا يطل على المحيط.
راحت تستعرض موضوع ويندي ولم تجد الحل المنشود فكرت ان تبرق لدون البيرتو وتقدم له حجة ما كي يرسل اليها ويندي الى فينا ديل مار ماديا هذا معقول جدا فآل فالديفيا لديهم طيارتان تحت تصرفهم
قالت لنفسها بصوت مرتفع:
"ولنفرض اني اقنعت دون البيرتو بارسال ويندي لكن هل سأوقظ بالوقت نفسه الشكوك عند خوان؟"
ولما حان وقت الغداء تعبت سيرينا من التحليل وقررت العودة الى الفندق وبينما كانت تمر بقرب مكتب الاستقبال نادها الموظفقائلا:
"لحظة ياسنيورا! برقية لك وللسينيور..."
لم تعير انتباها لاهمية البرقية بل تناولتها منه بلا مبالاة وبينما كانت في المصعد القت نظره سريعه الى محتواها وفكرت انها مرسلة اليه من المزرعه
فتحت البرقية بسرعه وشعرت بصدمه: امنيتها العزيزة ستتحقق .اعادت قراءة بعض الجمل التي كانت تقول:
"ويندي لم تتوقف عن البكاء بغيابكما سنرسلها اليكما ستصل الطائرة الى فالباريز في تمام الساعه الثانية بعد الظهر"
نظرت الى ساعه يدها الموعد يقترب وبلا تردد أوقفت المصعد ثم هبطت فيه بعد ان كبست على زر الطابق الارضي وخرجت الى الطريق باحثة عن سيارة تاكسي لكن لسوء حظها كانت سيارات التاكسي كلها مليئة بالركاب
استعادت سيينا تعقلها وراحت تحلل الوضع انها بحاجة الى ربع ساعه كي تصل الي المطار لذا لديها الوقت الكافي لتحضير حقيبتها وهكذا لن تكون بحاجة للعودة الى الفندق بعد لقاء ويندي وحتى تصل ويندي تستقل تاكسي الى مطار سانتياغو الدولي وهناك تنتظر موعد طائرتها الى انكلترا..
عادت الى الفندق وفي اقل من 20 دقيقة جمعت ماتحتاج اليه وحملت حقيبتها بيدها ودخلت المصعد من جديد وبهدوء كبير اجتازت الممر وخرجت ..هذه المرة الحظ كان معها ووجدت سيارة تاكسي من دون أي انتظار
قالت للسائق ا:
"الى المطار اسرع من فضلك"
وبعد ربع ساعه وصلت الى المطار دفعت للسائق وتوجهت الى الشرفة المطلة على المدرج حيث بامكانها ان ترى طائرة فالديفيا وبدأ الانتظار الذي بدا لها بلا نهاية بعصبية كانت تسترق النظر الى ساعه يدها بشكل متقطع.
فكرت بخوان الذي لن يعرف اين تكون غير ان القلق بدأ يحتلها اذ كانت تخشى ان يظهر هذا الرجل الشيطان في أي لحظة
من بعيد هبطت طائرة فالديفيا فاسرعت الى المدرج نزلت بيللا من الطائرة حاملة ويندي بين ذراعيها شكرتها سيرينا لاهتمامها بويندي فأكدت لها بيللا قائلة:
"لاشيء ياسنيورا! الطفلة بكت كثيرا في غيابك ولا احد تمكن من مؤانستها حتى الكونت نفسه وهو الذي قرر نهائيا ان يرسلها اليك"
حملت سيرينا ويندي بين ذراعيها وقالت متعبة:
"حبيبتي الصغيرة المسكينه!"
فجأة لمعت عينا الطفلة المبللتيان وارتسمت ابتسامه على وجهها
كأن شعاع شمس يخترق الغيوم ضمتها سيرينا الى صدرها وراحت تداعب خصلات شعرها الشقراء ثم همست تقول :
"لن اتركك ابدا بعد الان اعدك بذلك من الان صاعدا سنبقى معا دائما!"
لوح الطيار بيدرو باشارة من يده الى سيرينا فردت عليه بالابتسام ثم لاحظت انه لم يغادر الطائرة فسألت:
"ماهي التعليمات يابيللا؟"
"انا تحت تصرفك سينيورا اذا كنت بحاجة الي سأبقى والا سأعود الى المزرعه"
"اشكرك لكن بامكانك العودة "
غياب خوان اقلق الخادمة ظاهريا لكنها لن تجروء على طرح السؤال فصعدت الى الطائرة وادار بيدرو المحرك وبعد قليل راحت الطائرة تسرسع وانتظرت سيرينا اقلاعها قبل ان تعود الى المطار
فجأة شعرت بقدميها تخوران
عليها ان تحمل ويندي والحقيبة وتتوجه الى محطة سيارات التاكسي
جاء السائق ليساعدها فتلعثمت وهي تقول:
"الى مطار سانتياغو"
وبينما كان يضع الحقيبة في الصندوق جلست سيرينا في المقعد الخلفي وضمت ويندي الى صدرها بشدة كانت فارغة الصبر لكن السائق لم يكن مسرعا في الاقلاع لسؤ حظها وقعت على سائق بطيء ! واقلع اخيرا استرخت سيرينا واختفت التجاعيد من جبينها وقالت وهي تضم اختها:
"بعد قليل ياويندي نصبح بعيدين عن آل فالديفيا وليس بوسع احدهم ان يطالنا"
بعد ان غادر الساحل دخل السائق الى قلب الاراضي شعرت سيرينا باستقرار داخلي واطلقت العنان لمخيلتها بعد قليل ستتمتع بالحرية المنشودة ... حتى ولو اضطرت للبقاء حتى نهار غد قبل ان تستقل طائرتها لكنها ستصل انكلترا بعد اقل من 24 ساعه ! ومتى وصلت بلدها ستعمل جاهدة لابطال زواجها دليل عدم اتمامه وهكذا تكون قد دمرت السلسلة وبامكانها ان تحلم كما تشاء بالرجل المثالي الذي تأمل ان تلقاه يوما من الايام..
ومرة اخرى راحت تتخيل رجل احلامها لم تتمكن من تخيل مظهرة الخارجي فملامح وجهه غامضة كأنها غارقة في ضباب كثيف ذا طابع قاسي وارادة لاتتزعزع
وبلحظة البرق راحت صورة خوان تتراقص امام عينيها لكنه كان مختلفا كليا عن رجل احلامها عند خوان السخرية والعجرفة والانانية تتغلب على مزايا القلب ومثل آل فالديفيا فالحنان عديم الوجود
بعد ساعتين وجدت نفسها في بهو مطار سانتياغو سجلت حقائبها والبطاقات بيدها فلم يبقى لها الا الانتظار حسب تعليمات موظف مكتب الاستعلامات الرحلة المقبلة الى لندن ستعلن عما قريب
وبما ان ويندي بدأت تشعر منذ برهة بانزعاج راح يقوى مع مرور الوقت تنبهت سيرينا في خجل ان شقيقتها جائعه اما هي فلم تكن تشعر بالجوع بتاتا...
قالت لها وهي تلامس خصلات شعر ويندي الشقراء :
"لو تعرفين كم احسدك بالنسبة اليك الحياة سهلة تعالي سآخذك الى المطعم"
ولءلا تلفت الانتباه اختارت سيرينا مكانا في زاوية المطعم وبعدما طلبت احضار البيض المقلي راحت تنتظر عودة الخادم بفارغ الصبر ومن حسن حظها كان بامكانها الاختباء وراء ستار من اشجار النخيل المزروعه في انية فخارية اخيرا وصل الطعام لكن سيرينا لم تتذوقة بسبب شدة توترها كانت يداها ترتجفان واهتمت باطعام ويندي فوجئت سيرينا عندما اعلن المذيع داعيا ركاب لندن للتوجه الى قاعه الاقلاع
"يالهي !حان الوقت للذهاب"
اخذت ويندي بين ذراعيها وخرجت بسرعه من المطعم واخذت طريق الركاب الذين شكلوا صفا طويلا بعد ساعات وتصل الى انكلترا الهادئة التي ماكان يجب ان تغادرها
قدمت البطاقتين للمضيفة المبتسمة وكانت على وشك اختراق الحاجز عندما شعرت بيد قوية تمسك بكتفها وسمعت صوت خوان وراءها يقول للموظفة:
"زوجتي غيرت رأيها لن تأخذ هذه الطائرة"
ذعرت سيرينا وشاهدت رحيل المسافرين المفاجأة اخرستها فقال خوان بعد قليل في وجه متهجم:
"لم اكن اعتبرك امرأة ذات شأن كبير لم اكن اعرف انك ستحاولين خداعي بهذه الطريقة لقد تصرفت تصرفا شنيعا!"
التفتت سيرينا اليه وقالت:
"لماذا لم تدعني ارحل؟"
"هذا لايغير الامر لو لم الحق بك في الوقت المناسب لقلبت الدنيا حتى اجدك في انكلترا نفسها!"
كانت مضطربة لدرجة انها لم تلاحظ شحوب وجهه والنار في عينيه
... وعادوا الى فالباريزو ولما وصلوا الى الفندق في فينا ديل مار كانت ويندي نائمه في احضان سيرينا فطلب خوان من مكتب الاستقبال ان يضعوا سريرا صغيرا في غرفة سيرينا ووضعا الطفلة فيه
ثم امسك خوان بمعصم سيرينا بشدة مرغما اياها ان تنظر اليه ثم قال:
"إذن ! اعتقد ان عليك ان تشرحي لي سبب تصرفك القبيح هذا.."
دفعها الى الصالون واجلسها بقوة على المقعد وقال:
"تستحقين العقاب !كيف تجرأت انت زوجتي انت تقومي بهذا العمل؟ ماذا سأشرح لاصدقائي في المزرعه ؟هل اقول لهمانك هجرتني من السأم ؟"
"لست بزوجتك!"
بحركة من رأسها ابعدت شعرها الى الوراء واضافت:
"وانا اسخر بما يفكر به اصدقاؤك ياسنيور!"
امسكها بكتفيها ورفعهاعن المقعد من جديد وقال بلهجة تهديد:
"لقد كفح بي الكيل يازوجتي الجميلة ارى اني كنت متسامحا معك.. اعطيتك الوقت الكافي كي تنسي والد ويندي لكنك لم تقدري موقفي.."
لما تركها انتصبت واقفة وقالت وهي ترتجف كليا:
"ماذا يعني ذلك؟ أي عذاب ستكبدني؟"
"لاشيء سنتناول العشاء هنا في الصالون انت وانا ثم نقضي السهرة معا كي نتعرف على بعضنا البعض بالتفصيل ! لذا اطلب منك ان تذهبي الى غرفتك وتغتسلي وتغيري ملابسك بامكانك ان مثلا ان ترتدي الفستان القمحي وتضعي عقد الياقوت حتى اتذكر ان مالآخذه سبق ودفعت ثمنه!"
ادار خوان ظهرة وانسحب الى غرفته وظلت سيرينا مكانها مدة طويلة من دون حراك بعد الان لاشي يمنع زوجها من التأر منها قاتمه الوجه توجهت الى الحمام وراحت تحضر نفسها كما طلب منها وبعد قليل لما وافاها الى غرفتها لاحظت سيرينا ان مزاجه لم يتغير .وللمناسبة كان يرتدي ستره بيضاء ذات اناقة رفيعه تظهر كتفيه العريضتين
قال في قسوة :
"هل انت حاضرة؟"
اجابت كأنها ذاهبه الى حبل المشنقه:
"نعم"
الطعام بدا لها اليآ وراحت ترغم نفسها للتحدث عن اشياء سخيفة مع خوان وبعدما تناولا القهوة راحت سيرينا ترتجف في كل انحاء جسمها مثل عصفور سجين سألها خوان وهو يلمس كتفيها العاري:
"هل تشعرين بالبرد؟"
"كلا"
"اذن هذا سيسهل علي مهمتي "
جذبها نحوه وراح يعانقها بقوة رهيبة كأنه يريد اهانتها لم تستسلم سيرينا له لكن خوان تصرف بحنان فجأة مما غير ردة فعلها وراحت تعانقة وتهمس الكلمات الحنونه في اذنه بهض وحملها بين ذراعيه حتى غرفته ثم اغلق الباب برجلة ومن دون تردد وضعت يديها حول عنقه وهو راح يضمها بشغف اليه وكما وعدها فتح لها ابواب الجنه.
بعد ساعات استيقظت سيرينا وبهدوء توجهت الى سريرها حيث ظلت ممددة تحدق بسقف الغرفة حتى الفجر.
××××××××××××××××××××××××× ××××××××


نهـــــــــــــــاية الفصل الثاني عشر
oooooooooooooooooooooooooooooooo
13- رحلة الجد
ooooooooooooooooooooooooooooooooooooo

في اليوم التالي افاقت ويندي باكرا وشعرت سييرنا بارتياح لكونها ستنصرف الى القيام بمهمات غير اعتيادية فكان عقلها وذهنها منصبين على الطفلة لذلك لم تفكر بشيء اخر وبعدما غسلت شقيقتها واطعمتها نزلت الى بهو الفندق ثم خرجت بها الى نزهة في الحديقة المحيطة بالفندق الازهار المرطبة بالندى تملأ المكان ويفوح اريجها حتى القلوب لم يكن هناك وجود لاحد وراحت سيرينا تفكر بهدوء في احداث مساء امس
لكنها كانت تشعر بانزعاج يحتلها كلما فكرت بأنها ستلتقي بعد قليل بخوان الاكتفاء الذي ستراه على وجهه سيملأها خجلا...
قبل ان تفيق ويندي اخذت سيرينا دوشا بادرا علها تطفي النار المشتعلة بداخلها وكلما فكرت بالدفء والنشاط والاضطرام التي احست بها عندما استسلمت لمداعبته الشغوفه يراودها ندم كبير كانت ترغب في الهرب بعيدا ورمي نفسها في المحيط لتغتسل من كل هذه الاهانات...
لكن هناك ويندي ...من اجلها على سيرينا ان تواجه الحقيقة اين خوان في هذا الوقت ربما كان خوان في صالون جناحهما ينتظرها كي يتناول فطور الصباح بدأت تسمع الاصوات من مطابخ الفندق وبخطى بطيئة دخلت الى بهو الفندق وصعدت الى جناحهما وما ان كادت تدفع باب الصالون حتى انفتح الباب بعنف وظهر من ورائه خوان بعصبية حرك يده في شعره وقال بلهجة قاطعه:
"اين كنت اذن؟"
"كنت.. اخذت الطفلة في نزهة قصيرة .. في حديقة الفندق"
لم تجرؤ على التحديق بوجهه لئلا يشتبك نظرها بنظره ولم تجرؤ حتى على التحديق بازرار قميصة
"سنعود الى المزرعه حالا بعد الفطور من فضلك كوني جاهزة باسرع مايمكن"
قالت وهي تدخل الصالون:
"اتفقنا"
كانت تريد التوجه الى غرفتها لولا ويندي التي راحت تزقزق كالعصفور وتضرب بيديها تطلب الذهاب عند خوان ابتسم لها خوان واقترب منها وقال:
"صباح الخير ياطفلتي الجميلة!يسرني ان ارى في العائلة من لا يعاملني باحتقار الايمكنك ان تقنعي امك ان تتصرف مثلك..."
لم تقدر سيرينا ان تمتنع عن الارتجاف داخليا لقد شدد خوان على كلمة "امك" من المستحيل ان يكون قد عرف الحقيقة!
تناولا الفطور في جو متوتر وفي نهايته دفع خوان صحنه جانبا وراح يشرح لسيرينا مايتوقعه منها:
"متى نعود الى المزرعه ستحاولين جهدك ان تخفي الكراهية العميقة التي تشعرين بها تجاهي في المساء تكلمت مع جدي في اللاسلكي واكد لي سفرة الى اسبانيا كما كان هذا متوقعا حصوله بعد عودتنا وبعد ان يغادر المزرعه بامكانك ان تتصرفي بتحفظ وبرود كما تشائين .. لكن قبل ذلك عليك ان تبدي بشوشه لقد افهمني بوضوح انه ينوي ان يراني ادير المزرعه وحاليا رجال القانون يضعون صيغه قانونيه كي يصبح الارث رسميا وحالما تصبح المزرعه بتصرفي وحسب الصفقه التي عقدناها لن يعود هناك سبب لوجودك..."
توقف لحظه ثم تابع يقول:
"وبطبيعه الحال لايمكنك ان تستعيدي حريتك في الحال لا يجب ان نخيب ظن جدي في الايام الاخيرة من حياته ولا يجب ان ندعه يعرف اننا خدعناه"
همست سيرينا بصوت مخنوق بعد ان سمعت مايقوله محنيه الرأس:
"هل هذا أمر ياسنيور؟"
ثم استجمعت شجاعتها وقالت:
"لست انت من يعطيني الاوامر... ان تحقيق مخططتك لايتم الا بإرادتي!"
وافق خوان على ماقالته بنظرة جليدية واجاب:
"صحيح لكن لن ترتكبي جنونا في الوقوف ضدي ومقاومتي"
لم تكن سيرينا تجهل انه بامكان خوان ان يكون عدوا لا يضاهى. الم يجبرها على الركوع له جسديا؟ لكن هل بامكانه معاكسة قلبها وروحها...
انتهت سيرينا بالقول بمرارة:
"سأفعل ما تريد ليس امامي أي اختيار مادمت حذقا اكثر مني"
"انت حقا عديمة المهارة ان كل العاملين بالفندق عرفوا انك استلمت اخبارا مهمة وخرجت حاملة حقيبتك لقد اعلموني في الحال بغيابك وكان من الصعب علي ان اعرف مكان وجودك في كل حال كل هذا كان بسبب خطأي ... كان يجب ان اعرف انك ستستعملين المال لتنفيذ مخططتك لكن لم اعرف انك تبحثين عن الهرب وتضليلي "
رفعت سيرينا عينيها ورأت الاكتفاء مرتسما على وجه خوان لكن لم تكتشف القناع الذي لا تعبير فيه
واعتذرت وغادرت الطاولة وكادت تدخل الغرفة عندما سمعت صوت خوان وراء ظهرها يقول:
"قولي قبل ان تذهبي .. اليس هناك ما اجهله وتعرفينه انت وحدك؟"
التفتت سيرينا فجأة باندهاش وظهرت على وجهها ملامح قلق فاجابت :
"كلا ...لماذا تسأل هذا؟"
راخ خوان يفصلها بنظراته فشعرت بالذنب ولم تقدر ان تخفي اضطرابها فاحمرت وجنتاها فقال:
"انت تحمرين ...هل لأني اشك فيك خطأ ام لانك تشعرين بالخجل ؟ هذا ما اتساءلة"
ثم ادار ظهرة واختفى
خلال الرحلة ظلا صامتين ولما هبطا من الطائرة كان دون البيرتو في المدرج يستقبلهما.
"آه سيرينا ! لقد ارسلت ويندي مجبرا لكن آمل الا يكون هذا سبب اختصار اقامتك؟"
"كنا قد قررنا قبل وصولها موعد عودتنا في الواقع لسنا بحاجة الى عطلة فالحياة هنا في المزرعه مريحة ومفرحه.."
انار وجه دون البيرتو الذي قال :
"كم انا سعيد ان اسمع منك ذلك ياعزيزتي لكن هل كانت اقامتك في فينا ديل مار ممتعه؟"
التفت الى خوان الذي قال:
"صحيح ان الاقامة كانت قصيرة لكنها كانت حقا رحلة شهر عسل موفقه"
احمرت وجنتا سيرينا فضحك دون البيرتو وقال:
"حسنا! والان بامكاننا ان نتكلم في امورالعمل !"
ثم وجه كلامه الى سيرينا قائلا:
"ارجوك ان تعذرينا لكن علينا ان نختلي لبعض الوقت كاتب العدل هنا وبانتظار تواقيعنا لن يأخذ ذلك وقتا طويلا لكني سأبقى مع خوان بعض الوقت فهناك امور عديده اريد ان اناقشها معه قبل رحيلي لقد حددت سفري غدا بعد "الروديو" هذه الرحلة تعز على قلبي وليس هناك مجال لتأخيرها بعد الان!"
اكتشفت سيرينا بعد ذلك مايعني الروديو اذ كان الموضوع الاساسي المتداول حاليا في المزرعه كارمين وبيللا اعلمتاها ان الروديو كناية عن مظاهرة ذات اهمية كبرى فيها يقوم الرعاة بالتمارين الخطرة على ظهور خيل لم تدرب بعد واكدت لها بيللا قائلة:
"يجب ان يكون المرء شجاعا وقويا وماهرا اني احب الروديو الناس يأكلون ويشربون ويغنون ويعم المكان الصياح كذلك هناك العازفون وقيثاراتهم والاكورديون و.."
تنفست الصعداء ثم اضافت:
"لكن ما احبه اكثر شيء آخر هو عندما يدخل الثور في الحلبة!"
غير ان سيرينا لم تكن تصغي الى تعليقات الخادمة الاباذنين شاردتين كانت تفكر في المستقبل ان غياب دون البيرتو الطويل سيكون له الاثر على حساتها لاشك ان خوان سيعود الى تشرده الليلي فهي تشعر بذلك في صميم قلبها وترى ان وجود كابرييلا يعم الجو ويحيط بالمنزل بطريقة سرية.
"لتحفظه وانا اباركها" لاحظت سيرينا فجأة انها تضغط بشدة على معصميها وان فكها يتقلص فوجئت بعنف ردة فعلها وقالت بصوت مخنوق:
"لكن باسم السماء انسي هذا الرجلّ"
انتفضت ويندي وراحت شفتاها ترتجفان اسرعت سيرينا لمؤاساتها وراحت تقول لها:
"لاتبكي ياحبيبتي انا غاضبة حقا.. لكن.....لا افهم ماذا الذي ترينه في هذا الرجل وتنظرين اليه بعينين ملتهبتين"
غصت ويندي فراحت سيرينا تقهقهة ضاحكة

في المكتب الواقع تحت غرفة سيرينا كان دون البيرتو رافع الرأس يسمع ضحكتها وفي حركه انيقة وقع على المستند امام كاتب العدل ثم التفت الى خوان وابتسم له قائلا:
"يبدو ان زوجتك سعيدة هذه القهقهات تؤكد قناعتي الان يابني عليك ان تعترف انني لم اخطئ في جلب هذه الفتاه الى هنا انتما تشكلان زوجين مناسبين.."
فضل خوان الموافقه على كلام جده برغم معرفته ان ضحكات سيرينا سيتبعها البكاء والنواح
"انا اخضع لمهارتك لايوجد انسان غيرك قادر على اختيار الزوجة المناسبة للرجل المناسب هذا واقع اكيد امل ان احقق الثقة التي وضعتها بي وان اكون وريثك الكفؤ"
"في المساء سنحتفل بسفري واصر ان يكون هذا العشاء محفورا في ذاكرتي ...هذا سيعزيني خلال غيابي"
هز خوان رأسه موافقا وقال:
"طلبت من سيرينا ان ترتدي اجمل فستان لديها"
اطاعت سيرينا تعليماته حرفيا وفي المساء كانت ترتدي فستان من الموسلين الازرق الناعم فبدت كأنها عائمة على غيمة .
قال لها خوان :
"دعينا نتصرف بلياقة نقنع جدي بأننا اخيرا وقعنا في غرام بعضنا البعض سيذهب مرتاح البال وسعيدا لاتستغربي اذا تصرفت معك بطريقة حميميه وعائلية... واذا رأيت ان هذا التصرف في غير مكانه رددي لنفسك انها المرة الاخيرة التي سأتصرف بها هكذا وهكذا يمون بامكانك تحملها اكثر"
وتذكرت هذا الكلام وهي تدخل الصالون حيث كان دون البيرتو يتناول المقبلات مع خوان ولما رأى سيرينا قام خوان بوضع كأسه جانبا وراح للقائها قبلها وامسكها بالخاصرة فراحت ترتجف منفعلة وهمس في اذنها قائلا:
"انت رائعه يازوجتي الحبيبة"
كان يلفظ هذا الاطراء بصوت عال كي يسمعه جده ثم انحنى وعانقها ببطء وشغف وفكرت سيرينا :"اذا كان هذاالعناق مقدمة لما سيحل هذا المساء فماذا تبقى لاخر السهرة؟"
ضمها اليه وتقدم من دون البيرتو مبتسما بفخر واعتزاز وقف الجد بدوره وقبل سيرينا وقال:
"الان يابني انا اسعد رجل في العالم"
ابتسمت له وردت على قبلته بقبلة وقالت:
"انت الرجل المتفهم والقادر لم اتعرف على مثلك من قبل"
"لم تندمي لأنك تزوجت من حفيدي اليس كذلك؟ لكن هذا السؤال في غير محلة يكفي النظر اليكما كأنكما عاشقان فتيان!"
قاطع خوان الحديث قائلا:
"ماذا تحبين ان تشربي ياحبيبتي ؟ شراب الورود المنعش مشروبك المفضل اليس كذلك؟"
"اتذكر ياحبيبي اخر مرة شربنا منه؟ كنت قد ربحت مبلغا من المال في الكازينو وذهبنا بعد ذلك للرقص كان عاطفيا .. ولما عدنا للفندق كنت كأني اعيش حلما.."
" وتلك الليلة التي قضيناها معا لا يمكنني ان انساها اطلاقا انها في ذاكرتي الى الابد مثل حواء كنت ساحرة ورائعة .. وسرية"
ابتسما لبعضهما البعض ببرود بينما كان دون البيرتو يقهقه ضاحكا اضاء وجهه ثم قال:
"الم اعدك بذلك يابنتي؟ عندما يواجه حفيدي لغزا يريد معرفته في الحال وهذا الحب في الالغاز يعود الى طفولته النضرة ومازال محتفظا به حتى الان والان لنتناول العشاء ان اشعر بسعادة كبيرة تفتح القابلية على الطعام انوي الافاجة قدر الامكان من هذه الوجبه العائلية الاخيرة"
خلال العشاء بذلت سيرينا كل جهدها ان ترد على كلمات خوان المبطنه ولم يشك دون البيرتو بصخة هذه الكلمات لكن شيئا فشيئا اصبح الجومتوترا واعصاب المحاربين بدأت بالانهيار الا ان دون البيرتو المتعب نام في مقعده واغتنمت سيرينا نوم دون البيرتو فراحت تعبر عن غضبها قائلة لخوان:
"لم اعد احتمل كل هذا الكذب سأعود الى غرفتي!"
"يكون ذلك اصدق مافعلته في هذه السهرة"
ادارت له ظهرها وكادت ان تنسحب عندما امسك بها خوان من خصرها وكاد ان يغمس عينيه السوداوين المشرقتين في عينيها الزرقاوين فارتعشت فقال:
"لقد لعبت دورك باتقان انت ماهرة عندما تريدين خداع الغير الان ارجوك ان ترحلي!"
كادتتعثر وهي مارة قرب دون البيرتو الذي كان يغط في نوم عميق .
بعد ساعات قليلة أي في حوالي منتصف الليل سمعت بوضوح اصوات خطوات على الشرفة مباشرة تحت نافذة غرفتها
طقطقة مهاميز وصوت احذية كان الرجل يتوجه نحو الاسطبل . انتصبت سيرينا وراحت تصغي بعد قليل سمعت اقدام جواد يخرج لتوه من اسطبله امتطاه الرجل وولى به بعيدا
اسندت سيرينا رأسها على الوسائد فريسه انزعاج عميق لايفسر غثيان له علاقة بكون خوان ربما سمع نداء وراح يلبي النداء.
××××××××××××××××××××××××× ×××××××××××××××××××

نهــــــــــــــــــــــا ية الفصل الثالث عشر
oooooooooooooooooooooo
14- روديو
oooooooooooooooooooooooooooooooooooo



في الفجر افاقت سيرينا على اصوات اتيه من الخارج كان الرعاة قد انهمكوا في تحضير الحلبة الاسيجة الطويلة البيضاء المغلقة بالقش تذكر بسلة الغسيل الكبيرة وتدريجيا بدأ الفرسان يجتمعون حول السياج كانوا يرتدون لهذه المناسبة البانشو والقبعات العريضة والسروايل الجلدية السوداء والاحذية العالية وكانوا يمتطون افراسهم بفخر.
بعد قليل رأت سيرينا جمهور من المشاهدين يزداد ليحيط الحلبة وبرغم انهماكهم قام الرعاة بتحية المرأة الانكليزيه وويندي التي تشبه والدتها بشعرها الاشقر وعينيها الزرقاوين ومن المزارع المجاورة بدأ تهافت الفرسان الجدد الذين يشتركون بكل احتفالات الروديو في المناطق المجاورة ويأتون من كل انحاء المنطقة السيارات ملأت الساحه وكان جيران دون البيرتو وعائلاتهم ومعظمهم من الملاكين الكبار يتهافتون باعداد كبيرة لحضور الاحتفال
غير ان خوان لم يظهر بعد قرب موعد الاحتفال وبدأ الاعلان بالعرض الاول وجاء دون البيرتو ليستعلم قرب سيرينا عن تغيب حفيدة لكنها لم تقدر ان تفيده بشيء
تلعثمت وهي تقول :
"ربما كان في الجوار ربما يهتم بالمبارزين ؟ هناك امور كثيرة بحاجة الى تنظيم ربما.."
قال دون البيرتو بسخرية:
"ليس من مهمة خوان ان ينظم الاحتفال!"
وبينما كانت تتظاهر باللامبالاة كانت سيرينا تفتش الجمهور بنظرها علها تلمحه بينهم لكنها اقتنعت اخيرا ان خوان ليس موجودا هنا قررت الاتفكر فيه وتلقي اهتمامها كليا على الحلبة حيث بدأ العرض الاول وكان كناية عن دعوة للرعاة ان يلتقطوا عجلا ويمددوه ارضا ويربطوه بقوائمه الاربعه
والعرض الثاني كان اكثر اهمية من الاول وهو امتطاء الخيل من دون سرج توجهت سيرينا برفقة دون البيرتو الى ممر ضيق مبني من حواجز عالية معدنيه حيث يربط الحصان قبل ان يطلق داخل الحلبة .يكون الحصان معصوب العينين بمنديل وبالتالي لايمكن ان يرجع الى الوراء مما سيجعله يقوم برفسات عنيفة.
تسلق احد المنافسين الحواجز وشد الحبل بقوة وقفز على ظهر الحصان في الحال خلع احد مساعديه الرباط عن عيني الحصان وفتح الباب بواسطة حبل فركض الحصان بعنف في المساحة امامه آخذا فارسه في عجلة رهيبة بالكاد تمكنت سيرينا من رؤية المنافس الاول لأنه اجتاز الساحه بسرعه واصبح من الجهة الثانيه من الحلبة
صراخ فرح صدر عن الحضور واحتل الحماس كل واحد منهم
شعرت سيرينا فجأة بجفاف في حلقها هذا الفارس الوقح الذي يقوم بكل جهده كي يبقى على ظهر الحصان كان...خوان بالذات! وراحت تنظر اليه بعينين قلقتين وهو يحاول جهده كي يحافظ على توازنه مثل عقرب يرتخي الى أمام ثم الى وراء لكنه كان مسيطرا على الوضع تماما.
ثم اطلق الجمهور صرخه كبيرة لان الحصان بعد ان قفز قفزه هائلة وقع ارضا بكل زخمه سيرينا اخفت وجهها بيديها خائفة ان ترى خوان مدعوسا تحت الحصان غير ان التصفيق صعق اذنيها فتحلت بالجرأة وفتحت عينيها كان خوان مايزال راكبا على الحصان محاطا بفرسين آخرين وكان يحيي الحضور ويبتسم مظهر شجاعته الخارقة وبهدوء خرج من الحلبة
كانت سيرينا ترتجف في كل انحاء جسمها فابتعدت عن الحلبة وقدماها خائرتان وعلى بعد خطوات من الحلبة لاحظت وجود مقعد فارغ فجلست علية بثقل ثم اجلست ويندي على العشب تحت قدميها كانت مضطربه حتى اعمق اعماقها فريسة غموض كبير وحاولت جهدها ان ترتب افكارها وخاصة ان تحلل ماحدث الان منذ قليل وان تقاوم نفسها بقوة القدر...
انها تحب الرجل الذي كانت تعتقد حتى اليوم انها تكرهه ! هذا الرجل المثالي الذي مازالت ملامحه غارقة في ضباب كثيف اصبح له الان وجها وفما ساحرا وانفا رفيعا وعيني سوداوين دافئتين وخدين لوحتهما الشمس وابتسامه لاتضاهي وتكاد تذيبها اما صوته فهو منخفض ورنان ومازالت سيرينا تحفظ في اذنيها كلماته الناعمه التي راح يهمس بها قرب عنقها وحنجرتها تلك الليلة التي امضياها في فينا ديل مار
اطلقت زفرة نائحة وشدت يدها على جبينها كيف كانت جاهلة حقيقة مشاعرها وراحت تخلط الكره بالحب؟
منذ متى احبته؟
راحت تبحث في اعماق ذكرياتها وادركت بذعر انها منذ اللقاء الاول شعرت نحوه ببعض الانجذاب اقوى واكبر ينمو تحت غطاء من العدائية الواضحه وكان يكفي ان يهدد حياة خوان خطر ما كي تعي سيرينا حقيقة مشاعرها تجاهه وفي الوقت الحاضر تخاف الاتعرف سعادة الحب من جديد
ولدى انغماسها في افكارها نسيت مراقبة ويندي التي زحفت على العشب حتى وصت الى حاجز القش الذي يحيط بالحلبة ولما ادركت سيرينا الامر كان قد فات الاوان ... فقد اختفت ويندي داخل فتحة صغيرة تطل على الحلبة ارادت سيرينا ان الصراخ لكن صوتها ظل داخل حنجرتها اسرعت نحو الحلبة وراحت تحاول الدخول اليها من وراء الحاجز اصوات مرعبة صعدت من الحضور ولدى رؤية المنظر امامها راح قلبها يخفق بسرعه
وسط الحلبة كان خوان ممتطيا حصانا ويواجه ثورا وحشيا وفي هذا الاستعراض كان عليه ان يبرهن عن شجاعه ومرونه ليرغم الحيوان ان يلتفت حول بيرق غرز على الجهة الثانيه من الحاجز
لكن في هذا الوقت بالذات لم يكن المتفرجون مهتمين بمهارة خوان انما مثل سيرينا كانوا مذعورين ويحدقون بالطفلة التي تجتاز الحلبة وهي تحبو لم تكن الطفلة تعي الخطر انما تريد لفت نظر خوان اليها لكن خوان كان منغمسا بمهمته ومديرا اليها ظهره
اطلقت سيرينا صرخه ثاقبة فالتفت خوان وصرخ:
"يالهي!"
هذه الصرخه المؤلمه مزقت صمت الموت الذي كان يعم الحلبة قفز خوان عن الحصان واسرع نحو ويندي التي كانت تزحف بهدوء وفي هذا الوقت بالذات هجم عليه الثور سيرينا اغمضت عينيها وفقدت وعيها
ركض الرعاة الى الحلبة فترك الثور فريسته وهجم بصورة عمياء نحو الجمهور الملتف حولة تجمع الناس حول سيرينا وحملها موظفو دةن البيرتو الى المنزل ووضعوها في سريرها ثم وضعوا على جبينها المناشف المبللة وراحوا يرغمونها على التنفس ولما عادت سيرينا الى وعيها اطلقت زفرة اليمه من شفتيها الشاحبتين قائلة:
"خوان"
اجابها بصوت مختنق:
"انا هنا ياحبيبتي"
بالنسبة الى سيرينا التي كانت مقتنعه انها خسرت اعز انسان في حياتها كان صوته صدى آت من الفردوس كأنها ترنيمة الملائكة فتحت جفنيها بصعوبة ولم تفكر بكبت فرحها بل ان بريقا قويا مزق الوشاح الذي كان يعتم نظرها
اضاف خوان بهدوء وهو ينحني فوق سريرها:
"انت بحاجة الى الراحة الصدمه كانت قوية عليك ..مازلت ضعيفة سآتي لاراك بعد قليل"
بيللا وكارمين احاطاها بحنان لكن سيرينا فضلت الصمت .حمل خوان ونيدي بين ذراعية وتوجه نحو الباب وقبل ان يجتاز العتبة مرة اخرى التفت مرة اخيرة الى سيرينا ثم دخل الممر ولم تعد تسمع الاطقطقة مهمازة
هذا الصوت ظل يرن في اذنيها مطولا حتى غطت في نوم عميق ولما افاقت بعد ساعات عاد الخوف يهددها نهضت من سريرها ووضعت مئزرا عليها وراحت تفكر كم سيسخر منها خوان لأنه لا يمكنه ان يتجاهل طبيعة عواطفها تجاه وهذا سيقوي عزيمته على الثأر منها
وفي اواخر الظهيرة جاء خوان يتفقدها كانت جالسة امام النافذة المفتوحه على مصراعيها تتمتع بالريح المنعشة المليئة برائحة الزهور . سمعته يدخل لكنها لم تقم باي حركه اقترب منها فشمت رائحة عطرة لاشك انه استحم لتوه
حدثها بصوت منخفض حتى لا تفاجأ لم تفاجأ بل ظلت محدقة في المنظر امامها
"قالت لي كارمين انك في تحسن كبير لكن اذا كنت لا ترغبين بالكلام اعود بعد قليل"
تنفست سيرينا الصعداء وقالت:
"بامكانك البقاء اذا شئت اجلس من فضلك"
جلس خوان على طرف النافذه في مواجهة سيرينا توترت ورفضت ان تنظر اليه ولم ترفع نظرها الى اعلى من عنقه ضغطت على معصميها غارزة اظافر يديها
"لا شك انك شعرت بصدمه كي تفقد وعيك هكذا ...لم تصب الطفلة بأي اذى اليس كذلك؟"
وفي ذعر ادركت انها اهتمت بمصير خوان اكثر من ويندي في حال الخطر هذه ارتعشت فأسرع خوان الى القول:
"لكن ستصابين ببرد! هذا المئزر خفيف! تريدين شالا سميكا اضعه عليك؟"
كتفت ذراعيها فوق صدرها وقالت :
"كلا شكرا لا شيء سوى اني تذكرت كاحدث بعد ظهر اليوم اخافني الحيوان بضخامته"
"لست وحدك من فكر هكذا"
"انت تعرف اليس كذلك؟ لماذا تخفي علي..."
اقترب منها بسرعه وسألها :
"ماذا تعنين بالضبط ياحبيبتي؟ ماذا بامكاني ان اعرف؟"
"انت تعرف .. اني احبك!"
ساعدها خوان على النهوض وجذبها نحوه وقال :
"سيرينا اليس هناك شيء اخر يجب علي ان اعرفه؟"
ارخت سيرينا رأسها على كتفيه وراحت تسمع دقات قلبة بوضوح انه واثق من نفسة راح ينتظر جوابها لقد افصحت له عن حبها لكنه لم يكتف بذلك ..يريد منها خضوعا! كاملا !رفعت سيينا ذقنها وصرخت قائلة:
"بطريقة او بأخرى عرفت اني كذبت عليك ويندي ليست ابنتي بل شقيقتي اردت ان اصيب غرورك فاستعملت هذه الخدعه اني اسفة"
"ياشيطانتي الصغيرة انت حقا آسفة!"
انحنى فوقها وغمس نظرته اللماعه في عينها وقال:
"آه ياحبيبتي لقد جازيتني تعذبت كثيرا لكن كيف باستطاعتي الا ان اسامحك ياحياتي؟ لايمكنني ان اعيش من دونك؟"
عانقها وعانقته ولم تصدق مدى سعادتها
همس خوان باذنيها في سحر ومداعبة:
"اني احبك حتى العبادة كنت كالمجنون منذ ليلة امس وخوفا من استسلم لنزواتي كما حدث في فينا ديل مار امتطيت جوادي ورحت اهيم الصحراء"
الدموع تنهمر من عيني سيرينا وهو يعانقها بشغف وحنان ثم قال :
"هل تسامحينني لأن جعلتك تستسلمين لي بالقوة؟ لقد تصرفت بسوء انت التي كنت عذراء.."
اذن اكتشف سرها منذ ذلك اليوم لامت سذاجتها لا نها اعتقدت ان عدم خبرتها بالامر ستمر من دون ان ينتبه لها تعلقت سييرنا بعنقة لتقنع نفسها انها لاتعيش حلما بل حقيقة ثم خبأت وجهها في صدره
"اذن لماذا ارغمتني على التصريح لك مادمت تعرف ذلك ؟"
مازال هناك سؤال يحيرها فتحلت بالشجاعه وسألته بخجل:
"كنت صريحه معك وارجو ان تكون صريحا معي ماهي نواياك تجاه كابرييلا؟ هل مازلت تراها؟ ام تود ذلك؟"
دفعها بلطف واستغرب قائلا:
"كابرييلا؟ في حياتي تعرفت الى كثيرات مثلها لكنهن كن عابرات كظلال في الليل انت وحدك ياحياتي عرفت ان تحتفظي بي والى الابد"
تأثرت سيرينا بكلامه وظلت صامته ثم ارادت ان تناوشه فقالت :
"هل كان يزعجك حقا لو كانت ويندي..ابنتي؟"
"طبعا !كنت اموت غيظا!"
صمتا وراحا يعانقان بعضهما البعض وبعد ساعات عديده كانا واقفين اما الباب ينظران الى القمر الذي كان يضيء منزل آل فالديفيا اطلقت سيرينا زفرة ارتياح فقال خوان:
"اذا كنت ترغبين ان اكف عن عناقك فسأفعل اني اشعر بأني قادر ان اعيل عائلتي الصغيرة حتى ولو اضطررت الى البدء من الصفر"
ابتعدت سيرينا قليلا ثم همست:
"وويندي ..هل تقبل ان تكون جزءا من هذه العائلة؟"
"احب هذه الطفلة الجميلة حبا كبيرا وسأظل احبها مثل اولادي لكن لم تردي على سؤالي ياحبيبتي؟ هل تريدين برهان حب؟ سوف اذهب لرؤية جدي واقول له بلطف اني اتخلى عن جميع حقوقي في المزرعه"
قالت له بلطف:
"كلا لنفكر بجدك ايضا... فهذا القرار سيحطم قلبه ومن جهة ثانيه.."
توقفت عن الكلام لان خوان وضع يده تحت صدرها من جهة القلب واحس قلبها الذي كان يخفق بسرعه هائلة لكنها كملت جملتها:
".....النسر بحاجة الى مساحة كبيرة ليبسط جناحية في تحليق قوي . سنبني عشنا في هذا الوادي وادي فردوسنا السعيد!"

××××××××××××××××××××××××× ××××××××××××××××××××××××× ×××
تــــــــــــــــــمـــــ ـــــــــت



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 28-04-16 الساعة 12:24 AM
أميرة الاحزان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-04-08, 10:33 AM   #5

بلا عنوان

نجم روايتي ومشرفةسابقةونجم مسابقة الرد الأول

 
الصورة الرمزية بلا عنوان

? العضوٌ??? » 231
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 30,617
?  نُقآطِيْ » بلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond reputeبلا عنوان has a reputation beyond repute
افتراضي

يسلمووووووووووووووو

والله يعطيك العافية

عزيزتي في المرة القادمة يا ريت لو تقطعي الرواية لأكثر من مشاركة لأن هيك لما الواحد يقرأ ويتوقف قليلا يضيع الفقرة اللي يقرأ فيها


ومرحبا بك معنا في روايتي





التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 28-04-16 الساعة 12:16 AM
بلا عنوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-04-08, 01:30 PM   #6

أميرة الاحزان
 
الصورة الرمزية أميرة الاحزان

? العضوٌ??? » 6151
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 975
?  نُقآطِيْ » أميرة الاحزان is on a distinguished road
افتراضي

شكرا لكى عزيزتى بلا عنوان
واتمنى منكى المزيد من النصح لانى عضوة جديدة معكم
وسانتظر ردودك دائما
كنت عايزة اسالك على الروايات اللى ليها رابط بتتحمل ازاى
وشكرا ليكى مرة تانيه
اميرة الاحزان







التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 26-06-14 الساعة 04:18 AM
أميرة الاحزان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-04-08, 12:46 AM   #7

هبهوبة

روايتي مؤسس ونجم روايتي و مشارك مميز وفعال في القسم الطبي وعضو متألق في قسم علم النفس وتطوير الذات

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبهوبة

? العضوٌ??? » 15
?  التسِجيلٌ » Nov 2007
? مشَارَ?اتْي » 26,048
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » هبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

يا هلاااااااااا حبيبتي و مرحبااااااااااا بكي معنااااا و تسلمي للروايات الجميلة

بيتم نقلها لقسم عبير الرئيسي لانه مكان الروايات المكتوبة

و الله يعطيكي الف عافية

اما بالنسبة لروابط الرواية فلما بتضغطي على الرابط انتظري قليلا حتى تظهر كلمة download و بعدين بيبتدي التحميل معك يا عسل


هبهوبة غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 13-04-08, 03:35 AM   #8

Emy Abo-Elghait

نجم روايتي و قلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية Emy Abo-Elghait

? العضوٌ??? » 2605
?  التسِجيلٌ » Feb 2008
? مشَارَ?اتْي » 5,170
?  مُ?إني » عروس النيل
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Emy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
B11 مــــــــرسى كتير

شكــــــــــــــــــرا كتيــــر أختى أميرة الاحزان على الرواية
الراااااااااااااااااااااا اااائــــــــــــــــع :blushing::blushing:


Emy Abo-Elghait غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 13-04-08, 05:46 AM   #9

جوجو الجميلة
 
الصورة الرمزية جوجو الجميلة

? العضوٌ??? » 3713
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 30
?  نُقآطِيْ » جوجو الجميلة is on a distinguished road
افتراضي



شكرا كتير على الرواية الرائعة


جوجو الجميلة غير متواجد حالياً  
التوقيع
[SIGPIC][/SIGPIC]
رد مع اقتباس
قديم 16-04-08, 02:43 PM   #10

رنا كريم

? العضوٌ??? » 5090
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 54
?  نُقآطِيْ » رنا كريم is on a distinguished road
افتراضي

شكرا على الرواية الجميلة :006:

رنا كريم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
37 - قال الزهر آه - مارغريت روم - ع.ق ( كتابة / كاملة ) أمل بيضون روايات عبير المكتوبة 277 31-03-24 12:45 PM
رجل الغابات - مارغريت روم - ع.ج ( كتابة / كاملة )** mero_959 روايات عبير المكتوبة 180 11-03-24 06:06 PM
154- العذاب اذا ابتسم - مارغريت بارغيتر - ع.ق ( كتابة/ كاملة ) **) أمل بيضون روايات عبير المكتوبة 489 03-12-23 08:39 PM


الساعة الآن 10:51 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.