" بإمكانك أن تتوقفي الآن "
قال لها فجأة .
".....أنت لست مضطرة لأن تتابعي الطعام كي تثبتي بأنك أخت جيدة".
" أنه طعام لذيذ... لكني لست جائعة هذا كل ما في الأمر"
وكانت
تكذب .
" إنه مجرد طعام ! هل تجيدين الطهي؟".
فأشع وجهها بالأمل .
"نعم بعض الشيء . وأنا أحب العمل في المطبخ أكثر من العمل داخل المنزل".
"بإمكاننا أن نتقاسم العمل . أنت تهتمين بالطعام وأنا أهتم بالمنزل".
فتنهدت راشل وابتسمت .
"إذن ..... سأبقى؟".
فهز كتفيه لا مباليا.
"كما تريدين بالتأكيد ستتعبين بسرعة وتملين من هذا المكان ومن ثم سترحلين".
" لن أرحل بدونك"
أكدت له
بقوة .
" ألن تشتاقي لأصدقائك؟ الم تتركي عملك؟".
" لقد أخذت عطلة لمدة غير محددة . فأنت كل ما يهمني . ايميت أنت كل ما بقي لي".
فنهض بسرعة وأبعد الكرسي إلى الخلف بحركة مفاجأة ودخل الغرفة ووقف أمام النافذة وظهره لأخته .
"هل أنت دائما واثق ة. راشل ألا تخافين أن يؤذيك أحد؟".
" لست أنت بالتأكيد...".
ثم نهضت واقتربت منه وكانت ترغب بأن ترمي نفسها في حضنه وأن تضع رأسها على كتفه كما كانت تفعل وهي صغير ة. ولكنها توقفت على بعد خطوة منه خوفا من أن ينفر منها .
"....أنت لن تلحق بي الأذى . بل أنت ستمنع الأذى عني".
فنظر إليها بطرف عينه .
"فقط لأنك أختي تشعرين بالأمان؟".
"ليس من أجل ذلك فقط . فأنا أستطيع أن أحكم على الشخص...".
وتذكرت خطيبها السابق راف , فصمتت قليلا ثم أضافت:
"..... على الأقل بصورة عامة . وأنا أعلم أنك تريد أن تسبب لي الألم.... لماذا أنت قلقا ايميت ؟ كل ما أرغب به أن أكون إلى جانبك , وأنا أحبك وهذا ليس أمرا فظيعا".
"وإذا لم أكن أهلا لثقتك ولمحبتك؟ هل فكرت بهذا؟".
فأحست بحزن كبير ووضعت يدها على يد أخيها, لكنه لم يتحرك ولم يبعدها, ظل واقفا مكانه يتأمل البحر .
"ايميت أنا لا...."
"هو هو, أين أنت؟...."
أنه صوت هاريس شاندلر جعلهما يرتعدان .
" لقد كسبت ثروة في لعب البريدج , وجئت لأحتفل معك بهذه المناسبة ولقد أحضرت لك البيرة , وأحضرت لنفسي الويسكي...."
ثم صعد الدرج وفتح الباب بقوة ودخل وهو يبتسم .
".... هيا يا ولدي! لماذا لا تجيب..."
ثم أصيب بدهشة كبير ة.
"أهذا أنت راشل؟ كيف وصلت إلى هنا؟".
فابتعدت راشل عن ايميت وقبلت عمها .
"لقد ركبت الطائرة . كيف حالك عمي هاريس؟".
" إني أسأل نفسي"
أجابها ورمى بنفسه على أقرب مقعد . وبخطوتين قطع ايميت الغرفة وأخذ الزجاجات من يد هاريس .
"سأحضر لك كأس ا. وأنت راشل هل تشربين شيئا؟".
"نعم البيرة لو سمحت . هل تشعر بألم يا عمي؟ أنا أجدك شاحبا".
"إنها الحرارة المرتفعة . هل بإمكانك أن تشرحي سبب وجودك هنا؟ لقد اتفقنا أن تبقى العائلة بعيدة في المرحلة الأولى . يجب أن نعطي ايميت فرصة كي يعتاد على التغيير".
"أنت على حق لكن ليس بالنسبة لي أنا . ايميت هو أخي يا عمي هاريس , أنه أقرب الناس إلي وأنا لا أستطيع أن أنتظر إلى أن تقرر أنت متى ستعيده إلينا".
"أنت لم تفكري بالتعقيدات التي تخلقينها , وأنا أشك بأنك لن تنجحي في إيجاد غرفة لك في الفندق . وبما أنك هنا سنرتب لهذه الليلة , وسيكون بإمكانك غدا أن تعودي بسلام".
" أنا لن أرحل سأبقى إلى أن يقرر ايميت أن يعود معي"
أجابته راشل بهدوء وبحزم .
"لا تتفوهي بالحماقات يا ابنتي . إن ايميت بحاجة للهدوء , وللوحدة كي يتمكن من التأقلم مع الحياة الجديدة المتمدنة بعد السنوات التي قضاها خارجا على القانون . وأنت ستزعجينه يا عزيزتي برغم نوياك الطيبة . حتى ولو أقمت في الناحية الأخرى من الجزيرة ستكونين قريبة منه . وسيشعر بوجودك ويظنك دخيلة ."
" لن أذهب إلى الفندق سأبقى هنا مع أخي".
"هيا , كوني متعقلة ! أنه لا يريدك هنا ويجب أن لا تبقي هنا....."
عاد ايميت يحمل بيده الشراب .
" لقد فقدت هذه الطفلة صوابها قل لها بأنها لا تستطيع أن تقيم معك!"
قال له هاريس .
وتناول الكأس من يد ايميت وشربه دفعة واحدة فابتسم ايميت .
" بإمكانها أن تبق قدر ما تشاء , لقد سمحت لها بذلك منذ قليل".
"هل أنت مجنون؟" صرخ هاريس .
فانتفضت راشل وتأملت عمها بدهشة ونظر ايميت إلى عمه وقال له :
"إهدأ يا عمي . أنت تخلق مشاكل حيث لا توجد . لقد جاءت أختي لتراني, وهذا سيساعدني على التأقلم معها وعلى التعرف على بعض النقاط قبل العودة إلى كاليفورنيا "
"أنتما الاثنان مجانين حقا دعوني على الأقل أبحث لها عن غرفة في الفندق فهذا الكوخ لن يتسع لكما معا".
"ستبقى هنا" أجابه ايميت بحزم .
وتبادل الرجلان النظرات بصمت وكأن أحدهما يحاول أن يقنع الآخر.
"حسنا بعد كل هذا سترى . ولكن أنا لا أزال مقتنعا بأن هذه تعقيدات غير مفيدة"
قال هاريس وهو يتنهد .
فابتسم ايميت وجلس على الصوفا.