شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   20 - في قبضة الأقدار - مارغريت روم - ع.ق ( كتابة / كاملة )** (https://www.rewity.com/forum/t58119.html)

جورجينا 10-05-09 11:26 AM

كتييييييييييييييييييييييي ييييير حلوة

أمل بيضون 10-05-09 01:29 PM

التفت دو****و الى كارولين وقال:
"أنت متعبة؟ يا لحماقتي اذ لم ألاحظ ذلك! أمضيت يوما طويلا وقد بدأت تتأثرين بأنفعال هذا المساء والرحلة التي قمنا بها".
كانا يجلسان في ناد من أرقى النوادي الليلية في المدينة أختاره دو****و ليتوج أمسيتهما. وكان الجو الدافىء والأضواء الخافتة تحث على النوم. وأحست كارولين بموجة غامرة من الأرهاق تنتابها. وشعرت بثقل جفونها. وبجهد استطاعت أن تنفض التعب الذي استولى عليها.
أمسك بيدها ومازحها برقة قائل:
"أتدرين؟ أن الشبه بينك وبين الطفل فيتو هو أوضح ما يكون في هذه اللحظة. فهو يجاهد بالأسلوب نفسه ليتغلب على نعاسه.أرجو ألا تستسلمي بالسرعة التي يستسلم بها. والا أضطررت أن أضعك في فراشك عندما نعود الى الفندق".
"أشكرك يا دو****و فلن يكون هناك داع لهذه الخطوة. سأكون قادرةعلى أن أذهب الى الفراش بنفسي".
"يا للخسارة . لكنني ما زلت أرى أنك أنفعلت ما فيه الكفاية ليوم واحد. سنرحل الآن. وعندما نصا الى الفندق سأطلب بعض الساندويتشات قبل أن نأوي الى الفراش . أتحبين ذلك؟".
"لست جائعة يا دو****و.أظن أنني أفضل أن أذهب الى السرير مباشرة اذا لم تمانع".
"لكنني أمانع. لآ تقلقي فلن أبقيك مستيقظة طويلا".
أمر البواب بأن يأتي لهما بسيارة. وبعد قليل وصلا الى الفندق.
بدأت كارولين تذرع غرفة الجلوس ذهابا ومجيئا قلقة من توقع المواجهة الوشيكة مع دو****و. وتمتمت لنفسها "أنني أعرف أنه سيحاول التقرب مني الليلة.أستطيع أن أحس بذلك".
خاطبها دو****و قائلا:
"لم لا تردتدين ثوبا يوفر لك اراحة جسمك المتعب؟".
"أشكرك يا دو****و. فأنا مرتاحة في هذا الوضع".
"أذن أجلسي وأسترخي فلن آكلك".
رمته بنظرة عصبية سريعة فأقترب منها.أحاط كتفيها بذراعه وبدأ قلبها ينبض في غير أنتظام وهي تقاوم تحديقه فيها.
"لقد وعدت يا دو****و بأنك لن تعود الى تصرفاتك التي أزعجتني".
"أنا ما زلت عند وعدي".
"أنك تعرف أن هذا ليس صحيحا.أنك تحاول استمالتي كان هذا جزأ من أتفاقنا".
"كلا. كان ما وعدت به أنناسنكون كشخصين تقابلا للمرة الأولى هذا المساء. وأننا سنخرج ونتمتع سويا دون أن نفكر في ما حدث قبل ذلك".
"أن هذا يعني ألا تحاول الأقدام على تلك التصرفات".
:بالطبع لا . أنني أتصرف بالطريقة نفسها التي كنت سأتصرف بها مع أي فتاة أخرى أمضيت معها ليلة ساحرة:.
فهمت كارولين المعنى القاسي لكلماته وكان مضمونها صفعة قوية لها. فقد كان يعني أنه لم يحترمها الى الحد الذي يجعلهيتصرف معها بطريقة أخرى.لقد خدعها. كان طوال المساء يستغل سعادتها لكي يخطط لهذه النهاية. أرادت أن تكرهه لكنها لم تستطع.وكل ما استطاعت أن تشعر به هو أحساس بالبؤس. وكلما سنحت لها فرصة للتفكير فيه جلب أليها ذلك ألما غير متحما.
"ظننتك رجلا دمثا يا دو****و".
"هل من الضروري أن أذكرك ثانية بأنك زوجتي يا كارولين؟ ألم تخبريني عندما سألتك عن مدى معرفتك لفيتو بأنك تورطت معه حتى النهاية؟".
ثم صرخ:
"ومع أن وضعك الآن محترم أذ تحملين في أصبعك خاتم الزواجألا أنك مع ذلك تفضلين التصرف في حذر".
وحفر بأصابعه في أكتافها بقسوة وهو يجذبها اتجاهه.
"أنك تجرين مني مجرى الدم من العروق يا كارولين وأنني لأكره نفسي من أجل ذلك لكنني لا أستطيع أن أقاوم الرغبة الملحة في تذويب الثلج الذي كونته حول قلبك المتحجر".
وتطاير الشرر من عينيه وهو ينظر اليها قائلا:
"هل أنت باردة كالثلج معي فقط؟ أذا كان الحال هكذا فأنا أعرف كيف أذبيه! وأستطيع أن أجعلك تستجيبين".
حاولت أن تتخلص من يديه اللتين كانتا تمسكان بها لكنهما كانتا كقيد من الصلب. وبدت في عينيها كآبة عكست ما يكمن في قلبها الباكي من حزن لكنه لم يلاحظها أو لعله لاحظها ولكنه لم يكترث. صمم على تنفيذ ما يجول في خاطره.
وشعرت كارولين بالتعب يسيطر علي كل جزء من جسمها النحيل فاسترخت وتمددت واستغرقت في سبات عميق.
لانت نظرة دو****و وهو يحدق في وجهها البريء فشعر بنوع من الندم وتوبيخ الضمير. ثم حملها في رقة الى غرفة النوم ووضعها في سريرها وانصرف!.

5- في روما
كانت السيارة في انتظارهما عندما هبطا من الطائرة التي حملتهما من باريس هذا الصباح. وبدا على وجه دو****و الأرتياح وهو يتخذ مكانه أمام عجلة القيادة أذ هجر سيارات الأجرة في باريس والسيارات المؤجرة التي كان يستعملها في أنكلترا.
نظرت كارولين الى فيتو الذي أخذ يهدل بسرور وهو مستلق في سريره الخفيف المثبت في المقعد الخلفي. وعندما أطمأنت الى راحته نظرت بطرف عينيها الى الملامح الجانبية لوجه دو****و المتسمة بالقوة والصرامة وفتحت فمها وهي تهم بالكلام لكنها عدلت عن ذلك. وأخذت أصابعها تمزق منديلها المخملي الثمين فأتلفته دون وعي منها بسبب قلقها من المحنة التي كانت تزداد منها أقترابا مع كل دورة من دورات عجلات السيارة؟
هل ستحبها عمة دو****و؟ هل يقبلها أفراد عائلة دو****و دون أعتراض أم أنهم سيظهرون العداء لفتاة أقتحمت عالمهم فجأة؟.
بينما كانت تفكر في كيفية بدء الحديث مع دو****و فاجأها بقوله"
لا داعي للقلق يا كارولين. فالعمة رينا هي من أحب النساء اللواتي عرفتهن".
ثم رفع كتفيه بلا مبالاة وأستطرد:
"أما بالنسبه الى بقية أفراد العائلة. فلا قيمة لما قد يفكرون فيه أو يقولونه".
"يا لك من رجل! فأنت لا تعبأ بفضول أسرتك الطبيعي ودهشتهم لمجيء فرد جديد الى العائلة لا يعرفون عنه شيئا. كيف تتصرف لو أن فيتو ألقى بي وبالطفل بينكم دون مقدمات كأمر واقع يجب قبوله؟".
ودون أن يحول عينيه عن الطريق ألتقط سيكارة من العلبة التي كانت في جيبه وأشعلها. وبدا عليه أنه يتروى قبل أن يرد. ثم قال لها:
"لعل من الأفضل توقع أسوأ الأمور, ولا شك في أن تصرفهم سيكون كذلك فعلا, ولكن لا داعي للقلق. فلا يعنينا ألا رأي العمة رينا. وسنشرح لها الأمر بطريقة تقنعها , ولو لم ننجح في ذلك فهي لن تتساءل عن هذا الأمر مراعاة لمشاعري. وأعتقد حقا أن الطفل سيكون تعويضا كافيا لها عما يعتريها من ألم لأننا كتمنا أمر زواجنا".
"أتنوي أن تخبرها بأننا لم نتزوج حديثا؟"."هذا أصعب قرار كان علي أن أتخذه".
وقطب جبينه وأستطرد قائلا :
لم أخدعاها أبدا في حياتي . ولذلك فلا خيار أمامي ألا أن أخبرها بأنه مضى على زواجنا عام كامل وأننا أضطررنا الى كتمان الأمر بسبب أعتراض أسرتك على الزواج وأنت في هذه السن الصغيرة. أتظنين ذلك ملائما؟".
فقالت بتردد: "لست أدري . ترى ألا يدهشها أنك أنتظرت حتى بلغ الطفل ستة أشهر لتطلعها على الأمر؟".
سحق سيكارته متأففا وقال:
طبيعي أن ذلك يؤلمها لكن الأمر يختلف متى عرفت أن الطفل هو أبن فيتو".
وأخيرا حانت اللحظة التي كانت تخشاها. فقد توقف دو****و أمام منزل فخم شبه منعزل. وبسبب أنفعالها الزائد تعثرت قدمها وهي تخرج من السيارةوسرها أن وجدت ذراع دو****و تسندها حتى استعادت توازنها. ودق دو****و الجرس وقبل أنقضاء فترة كافية من الوقت ايذانا بوصولهما فتح الباب. وأنطلقت صيحات:
"دو****و. دو****و أخيرا أخيرا".
ذلك أن السيدة العجوز لم تنتظر قيام خادمها بفتح الباب. وكادت تبكي وهي تطوق دو****و بذراعيها ضاحكة.
وبعدما عانقها بحرارة قال لها:
"عمتي رينا أنت فاتنة كما عهدتك دائما".
وحملها بين ذراعيه ثم دار بها حتى توسلت اليه أن يرحمها قائلة له وهي تلهث:
"دو****و أنزلني في الحال! ماذا ستظن زوجتك في تصرفي هذا؟".
فأنزلها برفق حتى استردت ما أهتز من هيبتها قبل أن يمد يده الى كارولين قائلا:
"عمتي رينا أريدك أن تقابلي المرأة الوحيدة التي أحببتها بعدك انت".
وفي خجل مدت يدها وحدقت في العينين البنيتين الدافئتين اللتين كانتا تحدقان نحوها, وأحست بالدفء لما رأته فيهما من عطف وحنان وشعرت بالأرتياح عندما خطر لها أن السيدة منفعلة مثلها تماما وتراءى هذا كله في أبتسامة متألقة تبادلتها معها.
رفعت العمة رينا وجهها لتتلقى قبلة كارولين. ثم مالت بوجهها نحو دو****و وقالت"
"أشكرك يا عزيزتي. كنت أخاف أن يتعذر الأنسجام بيننا ولكن كان يجدر بي أن أدرك أنه لا سبيل الى الشك في ذوق دو****و الذي لا يخطىء".
فابتسم دو****و قائلا:
"أذن أنت ****ة عن أختياري يا عمتي رينا؟".
"ألم يقل غريغوري الأكبر عبارته التي أشتهر بها ومؤداها:
"ليسوا أنكليز. بل هم ملائكة" والتي قالها عندما رأى الأطفال الأنكلو الساكسون للمرة الأولى يا دو****و؟ هذا ما ذكرتني به كارولين. ذلك الشعر الذهبي الجميل وتلك البشرة الملساء والعينان التي لهما براءة الملائكة نعم يا دو****و أنني ****ة عن ملاكك الأنكليزي الصغير".
وأبتسمت لهما وهما يقفان وقد تشابكت أيديهما. ولما رافقتهما العمة رينا الى غرفة الأستقبال نظر دو****و الى عيني كارولين ورفع حاجبيه في مرح. وأحست كارولين بأنها تكاد تختنق وقد تملكها شعور من الأسف أعتقادا منها بأن خداعها لهذه السيدة العجوز العزيزة شيء كريه فقد بدت عذوبتها واضحة لكارولين وعرفت أنها قد تزداد مع الأيام حبا لها.
وأفسحت العمة رينا مكانا مجاورا لها على الأريكة وكأنها تدعو كارولين الى الجلوس الى جانبها. وجلس دو****و أمامها وأخذ ينظر اليها وهي تصب الشاي في فناجين . هي من الرقة بحيث تشبه قشرة البيض. وخاطب كارولين قائلا:
"أنك تجبرين العمة رينا على شرب الشاي فالقهوة هي شرابها المفضل. لا بد أن تشعري بالفخر لأنها تحبك حبا جعلها تشاركك في ما كانت دائما تصفه بأنه مزيج مقزز للنفس".
قطبت عمته جبينها وهو يمازح كارولين ثم مالت الى الأمام لتضربه على ركبته ضربة حادة وقالت:
"هذا هراء يا دو****و فكثيرا ما أتناول الشاي مع أصدقائي الأنكليز وسيضايقني جدا اذا أشعرت كارولين بأنني أتناول الشاي لمجرد تفضيلها اياه. كان يجدر بك أن تساعدها على الشعور بالأرتياح بدلا من أن تزيدها أرتباكا".
ثم استدارت الى كارولين قائلة:
"ما أكثر ما تسبب في أثارة ابني فيتو بحيله ومزاحه. لقد كان يغيظه بلا رحمة وخاصة عندما كانا طفلين".
حملت كارولين الطفل فيتو وجاءت به الى غرفة الأستقبال لتعرضه على العمة رينا التي ما أن رأته حتى صاحت:
"آه يا دو****و. ها هو ابني فيتو مرة أخرى. فالتشابه بينهما أكبر من أن يصدقه عقل. يا عزيزي فيتو!".
قالت كارولين برقة:
"أطلقنا عليه اسم أبنك يا عمتي ظنا منا بأن ذلك يسعدك؟".
مدت يدها ناحية كارولين ورمت دو****و بنظرة عرفان بالجميل وقالت منفعلة:
"أشكركما. أنكما تراعيان شعور سيدة عجوز. أنني مسرورة للغاية لأنكما فكرتما فيٌ في هذا المقدار".
وضع دو****و أصبعه تحت ذقنها ورفع وجهها لكي ينظر في عينيها وقال:
"تعرفين طبعا أن من أسباب سعادتنا أن نقوم بأي شيء في سبيل راحتك . أنا مدين لك بأكثر مما أستطيع الوفاء به. وفيتو أيضا. فلقد قاسمني أمه ومنزله وسأظل مقدرا لجميلكما الى الأبد".
"هراء يا دو****و ز فأنت تعرف أنها لم تكن مسألة قسمة. لقد كنت أبنا آخر لي وأخا محبا لفيتو, لا أريد أن أسمع كلمة عرفان بالجميل مرة أخرى, فقد أعطيتنا أكثر مما أخذت منا بكثير".
وغامت عيناها بالدموع أذ لم يكن قد مضى على موت أبنها الا وقت قصير ولم تكن تقوى على التحدث عنه برباطة جأش وأنتقلت اللى موضوع آخر حتلى لا تنوء تحت وطأة أحاسيسك".
"كانت رسالتك التي ذكرت فيها خبر زواجك وأنك أصبحت أبا مفاجأة كبيرة لي يا دو****و".

أمل بيضون 10-05-09 06:40 PM

دخل ايمانويل الغرفة بعدما نقر الباب. ثم وقف بجوار مقعد العمة رينا. كان عجوزا مثلها. هو عمل وأبوه في خدمة أسرة الفيكاري منذ أن كان صبيا. وأشرق وجهه الأسمر المجعد وهو يتأمل السيدة العجوز وهي ترعى الطفل في سعادة غامرة. وتجعدت شفتاه عندما ابتسم بعد أن صوب نظره اليه وأخذ يضحك وهو يحدق في اتجاهه. ثم تمتم مسرورا:
"أنه حقا من عائلة فيكاري . ابن حقيقي لأبيه".
وأحمر وجه دو****و قليلا وقال:
"أشكرك يا ايمانويل. لكن أرجو ألا يسبب لك أزعاجا كما كنت أفعل في صغري".
فرد بصوت مرتفع:
"ازعاج يا سيد دو****و؟ ألا ليتنا نستطيع التغلب على كل ما يسبب لأنا ازعاجا بالسهولة نفسها التي كنا نعالج بها طيشك".
ثم جر قدميه في قلق. فسألته العمة رينا وقد نفذ صبرها:
"قل لي يا ايمانويل. ماذا يزعجك؟".
"أنت تعرفين أوامر الطبيب يا سيدتي . يجب الحرص على راحتك بعد الظهر دائما. ألا تحبين أن تأوي الى فراشك الآن؟ سأخبرك في الوقت المناسب لتستعدي للعشاء".
وعندما رأى أن العمة رينا تهم بمجادلته. لجأ الى دو****و وقال:
"أنها أوامر الطبيب الصريحة بأن تأخذ قسطا من الراحة كل يوم بعد الظهر يا سيد دو****و. منذ الصباح وهي تنتظر وصولكم في قلق. فأرجو منك الألحاح عليها في تنفيذ أوامر الطبيب الذي أخذ عهدا علي باحترام أوامره".
وانتظر رد فعل دو****و ثم ابتسم شاكرا عندما رآه يتولى الأمر بنفسه اذ أخذ الطفل منها وأعطاه لكارولين متجاهلا أعتراضاتها ثم رفعها وحملها الى الباب وتركها في رعاية أدلينا زوجة ايمانويل التي دفعتها الى الداخل وأغلقت الباب,
عاد دو****و الى الغرفة والأبتسامة تعلو شفتيه وقال لكارولين:
"أشكر لك طريقتك في معاملة العمة رينا".
"لا داعي لأن تشكرني يا دو****و فهي في اعتقادي من أطيب من قابلت من الناس وأرجو..."
ترددت فقاطعها سائلا:
"ماذا ترجين؟".
وفي بطء استكملت حديثها قائلة:
"كل ما كنت أرجوه هو أن يكون لقاؤنا خلوا من هذه السحابة من الخداع التي تخيم علينا فهي أطيب من أن نخدعها بهذه الطريقة. ومما لا ريب فيه أن لديها قلبا كبيرا يستطيع أن يتسع لحفيدها دون حقد. بل أنه ولو لم يكن أبواه متزوجين لما حمًلت الطفل وزر هذا الأمر في اعتقادي".
"هل تقصدين أنه لم يكن هناك داع لزواجنا وأن العمة رينا ستقبل بالطفل أيا كانت الظروف ؟"."نعم. أعتقد أنه لم يكن هناك أي داع لذلك".
" مضى الآن وقت التفكير في ذلك . وفي أي حال كيف لنا أن نعرف ما سيكون رد فعلها متى عرفت أن الطفل هو ابن فيتو لا ابني؟ صحيح أنها لن تلقي بك أو به في الخارج لكن الصدمة قد تقتلها , وأنا لم أستعد لهذه المغامرة".
"لم يكن لمعرفتها بأن الطفل هو أبنك أي أثر سيء يا دو****و. ولا بد أنها تشك في الفترة التي انقضت بين زواجنا وبين ميلاد الطفل لأن أحدا لم يخبرها بهذا أو بذاك. كيف تقول لها أننا تزوجنا منذ أكثر من عام وأنك لم تر ضرورة لأبلاغها ذلك".
" سبق وأطلعتك على خطتي. وأن ارتابت فلن تسألني . ان ذلك سيؤلمها لكنك تعرفين أننا لا نستطيع أن نحول دون حدوث ذلك. لقد كانت تعاملني كأبن لها . وكنت أحصل على كل ما ينعم به فيتو من حب وعاطفة ولكن مع ذلك ".
حزنت كارولين لنظرة الألم التي بدت في عينيه وهو يستطرد قائلا :
"كان هو ابنها الحقيقي لا أنا . هذا هو الفرق يا كارولين".
ثم استدار حتى لا ترى وجهه:
"هناك رابطة بين الأم وأبنها لا يستطيع أحد أن يقطعها أو أن يشاركهما فيها أيضا".
لم يكن قد أخبرها الشيء الكثير عن طفولته. وكل ما كانت تعرفه أن والديه قتلا في حادث سيارة ولم يكن عمره اذ ذاك يزيد عن السبع سنوات بدأ يشرح لها قصته بالتفصيل قائلا:
"كان والدي أخا لوالد فيتو وعندما أصبحت يتيما فتحت العمة رينا والعم أرتورو قلبيهما وبيتهما لي . ومات العم أرتورو فجأة عندما كنت وفيتو في الثانية عشرة من عمرنا . وتحملت العمة رينا عبء تربيتنا. وسأظل مدينا لها بهذا الجميل اللى الأبد . كان فيتو سخيا معي وأشركني في كل شيء فمن واجبي أن أفعل كل ما بوسعي لمساعدة فتاة كان مقدرا لها أن تكون زوجته. وما هذا الا تضحية ضئيلة اذا ما قورنت بما نعمت به من حب وأمان".
استدار نحوها فجأة ونظر اليها وقال:
"لم نشعر بالحاجة الى المال في أي يوم من الأيام يا كارولين. فقد كان لدينا الكثير منه دائما . لكن المال لا يشتري ما ظفرت به من حب".
كان عليه أن يتقاسم الحب طوال حياته أو على الأقل منذ وفاة أبويه. وها هو الآن مضطر الى مقاسمة فيتو حبه لزوجته وهو الحب الذي ينبغي أن يكون له وحده . ورغبت في أن تلقي بنفسها بين ذراعيه لتشبع هذا الجوع الشديد الى الحب الذي أظهره دون أن يدري ولكنها لم تجرؤ على ذلك. فقد كان دو****و رجلا متكبرا فظا ولم يكن يتيما بائسا يبكي أمه اشتياقا اليه. وكانت تعرف أن مبادرتها ستلقى الرفض فازدادت اصرارا على أن تحرره من هذا الزواج الزائف في أقرب فرصة مهما تكن العواقب.
كان فيتو ينمو بسرعة ويستعد للشروع في الوقوف دون مساعدة أحد. وكانت حركاته ترهق كارولين. وذات يوم سمع دو****و أنينها وشاهد ما تعانيه بسبب الطفل فانحنى ورفع الطفل قائلا:
"دعيني آخذه منك . انه يرهقك وأنصحك بأن تذهبي الى غرفتك لتستريحي قبل أن تقابلي بقية أفراد الأسرة هذا المساء".
ولما رأى الأنفعال على وجهها قال:
"لا تقلقي, أؤكد لك أنهم أناس طيبون".
وابتسم لها وخفق قلبها. كان يحمل فيتو بالحنان الذي يبديه كل ايطالي نحو طفله وقالت لنفسها. يا له من رجل يصلح أبا رائعا ز لو..".
وضاقت ذرعا بنفسها لهذا التمني فنهضت وتوجهت الى الغرفة المخصصة لها يرافقها دو****و.
وعندما فتح الباب لكي تتقدمه الى الداخل انبعثت منها صيحة تنم عن السعادة.
ومشت على سجاد أزرق سميك ينبسط على أرض الغرفة من الجدار الى الجدار. وكان الأثاث مصنوعا من خشب ذي لون فضي ناصع براق. أما النوافذ الشاهقة فقد اكتست بستائر ظلال لونها شبيهة بلون السجادة الزرقاء. وتدلت بارتفاع الجدار. أما الجزء المتوسط من الغرفة فقد استقر فيه فراش أنيق غطى بدوره بأغطية من اللون الأزرق أسوة بالستائر والسجادة.
وقفت كارولين مشدوهة لا تقوى على الكلام وهي تتأمل جمال الغرفة التي اختارتها لها العمة رينا يحذوها الى ذلك عطفها ورقتها وهمست قائلة:
"لآه يا دو****و!".
"لا ريب أن العمة رينا أولتك شرفا عظيما . فعلى ما أذكر لم يستعمل هذه الغرفة الى ذوو الحظوة من الضيوف وطبيعي أن تخصيصها لك لأستعمالها بصفة دائمة هو شرف كبير لأنها رفضت مرارا أن يستعملها أفراد العائلة".
"أيعني أنها تعتبرني فردا من أفراد العائلة؟".
"ليس هذا فقط بل تعتبرك فردا عزيزا من أفرادها".

كوشيلي 10-05-09 09:14 PM

يعطيك العافية وتسلم الأيادي في قبضة الأقدار من الروايات التي لاتمل حتى لو قرأت مليون مرة

بنوته عراقيه 10-05-09 09:44 PM

يسلموو حبيبتي معك كملي

أمل بيضون 11-05-09 12:44 AM

وصلت الى احدى النوافذ ثم خرجت الى الشرفة. وسرها أن تجد نوافذ غرفتها تطل على المنزل من الوراء وأن هناك شرفة واسعة. وانبسطت تحت الشرفة ساحة خضراء فسيحة في وسطها فسيفساء وتناثرت فيها شجرتان أو ثلاث تضفي على المكان ظلا ظليلا وترطب جوه. وأسعد كارولين أن تجد في هذه الساحة مكانا مثاليا يلعب فيه فيتو . ثم سألت دو****و:
"هل هذا منزلك الوحيد يا دو****و؟ أعني هل لديك مكان آخر خاص بك أو أنك ما زلت تقيم هنا مع عمتك؟".
"عندي فيلا في الجبل أذهب اليها حينما تشتد الحرارة في المدينة. وقد جرت العمة رينا على استعمالها في هذا الوقت من السنة. ولكنها آثرت الأقامة هنا منذ وفاة فيتو لتظل الى جانب أفراد العائلة. ولم أشعر بالحاجة الى مكان خاص بي لأنني دائم الترحال. كان فيتو يرعى أعمالنا هنا في روما. ولم يكن يسافر الا قليلا . أما الآن فهو لم يعد بيننا وعلينا أن نعيد ترتيب أوضاعنا . سأضطر الى البقاء هنا لأدير الأعمال. وربما أنبت عني جيووفاني وهو ابن عمي الأصغر الذي ينتظر فرصة كهذه ليظهر فيها براعته. وفي هذه الحالة يجب أن أفكر في شراء منزل قريب من هنا. اذا كنت لا تحبين الأقامة مع العمة رينا".
"لا يا دو****وز أنا أحب الأقامة مع عمتك. وكل ما في الأمر أنني فضولية".
اتجه الى باب كانت كارولين تساءل عما يخفي وراءه فأكد شكوكها عندما قال:
" هذه هي غرفتي وستلاحظين أنها ليست في فخامة غرفتك ولكن عمتي تعرف أنني أفضل الغرف البسيطة".
احمر وجهها عندما التقت نظراتهما وتذكرت الغرفتين اللتين أقاما فيهما. وما ترتب على تقاربهما. وتمنت صادقة أن يكف عن اقتحام غرفتها في أوقات لا تتوقع حضوره فيها.
"استلق في فراشك وخذي قسطا من الراحة وفي الوقت المناسب سأخبرك لكي تستعدي. سيحضر بعض الأصدقاء للتعرف اليك ولكن لن يبقى الا المقربون على العشاء. وأرى أن ترتدي الثوب الذي ارتديتيه في الليلة السابقة فهو جذاب للغاية".
فأجابت:
"سأفعل وشكرا".
لو كان الأمر في يد كارولين لما عادت الى ارتداء هذا الثوب. صحيح انه ثوب جميل الا أنه يوقظ في ذهنها ذكريات كثيرة مؤلمة. لكن ليس لها خيار. لأن الثياب التي كلفت بريجيت تجهيزها لها لم تصل بعد.
استلقت كارولين على الفراش وهي تحاول النوم. لكن ذهنها كان مفعما بالنشاط. وطافت عيناها في أرجاء الغرفة في تعجب فهي لم تستطع بعد أن تتقبل فكرة أن هذا البيت صار بيتها. لا ريب في أنه سيكون مؤقتا ومع ذلك فهو مكان تقضي فيه بعض الوقت حتى تعثر على دورندا. وأخذ النعاس يداعب جفونها. ثم استسلمت الى النوم.
وبعد ساعة استيقظت وهي تشعر بانتعاش. كان في استطاعتها أن تسمع وقع أقدام دو****و وهو يتجول في غرفته. وعندما نظرت الى ساعتها أدركت أن الوقت حان كي تتأهب لمواجهة أقارب زوجها.
دخل دومنكو رفة نوم كارولين حاملا علبة صغيرة قدمها اليها واذا فيها بروش ثمين جدا مرصع بالماس على هيئة وردة دقيقة الأوراق. فأطلقت صيحة اعجاب وهي مشدوهة بما تراه ثم قالت:
"أنه نفيس جدا . خذه وضعه في مكان آمن , لأنني أخاف عليه أن يضيع".
فأخرج البروش من العلبة وثبته على ثوبها فتلألأ بالأنوار, ثم اتجهت الى المآة لتتأمله.
وتردد وهو يقول:
" أريدك أن تتقلديه يا كارولين فقد كان يخص أمي".
رفعت يدها برقة ولمست طرف احدى وريقات الوردة بأصبع تختبرها بها وقالت:
" خاص بأمك وتريدني أن آخذه يا دو****و؟".
"نعم".
اتجهت يده الى جيب سترته وأخرج هذه المرة علبة أخرى أصغر من الأولى . وأمسك بيدها ونظر لحظة الى أصابعها النحيلة ووضع خاتما في الأصبع التي تحمل خاتم الزواج الذهبي الثقيل. وكان لهذا الخاتم ماسة رقيقة وضعت في ذوق سليم وهو يماثل البروش تماما وقال:
" لم أشتر لك خاتما للخطبة . أرجو أن يروقك هذا الخاتم".
"هل هذا خاتم خطبة أمك يا دو****و؟".
" نعم . هل يعجبك؟ اذا كنت تفضلين أن أشتري لك خاتما آخر فأنا مستعد".
لم تتمالك نفسها. فذهبت اليه ووضعت شفتيها على خده وقد اغرورقت عيناها بالدموع وقالت:
"شكرا يا دو****و هذه العاطفة. سيكون لي شرف وضع خاتم والدتك في أصبعي".
وللمرة الأولى منذ عرفت دو****و خانته ألفاظه وامتدت يده الى خده وتلمس المكان الذي لمسته بشفتيها لمسة خاطفة وقال:
"لماذا. يا كارولين؟".
وابتعدت بسرعة وهي نادمة فعلا على اندفاعها هذا. فلو أدرك أنها تحبه فأن خطتها ستبوء بالفشل . والأمر يحتاج الى كبت المشاعر لكنها بحماقتها جعلته يحس بشيء من الشعور الذي تضمره له.

أمل بيضون 11-05-09 12:56 PM

"يا مدام فيكاري. حان الوقت للنزول الى الطابق الأسفل لمقابلة الضيوف".
وردت كارولين في ارتياح:
"أشكرك يا أدلينا أنا قادمة".
اتجهت الى الباب دون أن تنظر في اتجاه دو****و وقبل أن تصل اليه اعترض طريقها وقال:
"يا كارولين".
"أرجوك يا دو****و دعني أنزل فالعمة رينا في انتظارنا".
"يمكنها الأنتظار بضع دقائق أخرى يا عزيزتي . أود أن أكلمك".
الذي أفزعها كلمة عزيزتي التي قالها بحنان يضاهي تلك الومضة التي انبعث من عينيها فصرخت:
"أدلينا أدلينا".
"نعم يا سيدتي".
"تعالي لحظة فأريد مساعدتي في ارتداء الثوب".
" طبعا يا سيدتي".
وبينما كان مقبض الباب يدور صاح دو****و:
"حسنا يا أدلينا سأعاون السيدة. قولي للعمة أننا سننزل بعد عشر دقائق".
"بالتأكيد يا سيد دو****و".
تناول ذقنها بين أصابعه وأدار رأسها حتى التقت عيناها بعينيه وقال:
"الآن قولي لي لماذا وضعت شفتيك على خدي في حنان دافق؟".
رفع يده مرة ثانية الى المكان الذي لمسته شفتاها وكأنه ما زال غير مصدق بأن ذلك حدث. وارتسمت على وجهه ابتسامة رضى وهو ينتظر جوابها.
ما هو التفسير الذي تستطيع أن تسوقه لتقنعه بأن شعورها لم يتغير وأن الشيء الوحيد الذي فكرت فيه من شأنه أن يعيد الى وجهه علامات الكره والأحتقار. أنه شيء يصعب عليها قوله ولكن لا بد من ذلك فقالت:
"هذا يا دو****و هو أسلوبي في مكافأة المعجبين عندما يقدمون لي الماس. ألم تسمع القول المأثور بأن الماس هو أحسن صديق للفتاة؟".
لم تصدق أن هذه الكلمات خرجت من فمها. وباتت تترقب حكم الأدانة الذي سيصدره.
لقد بدأ كل منهما يهتدي الى الآخر بطريقة ما. فهو أبدى شيئا من الرقة نحوها وهي من ناحيتها تمنت أن يتغير ما انطبع في ذهنه عنها.
لم يحاول أن يقترب منها بل قال في هدوء:
"أيتها المتشردة الصغيرة".
فأجفلت وكأنه صدمها. وبحركة لا شعورية اضطرت أن تنظر اليه وقف ويداه في جيبي بنطلونه وهو يميل بتكاسل على الباب وشحب وجهه الى حد ما ولكن لم يبدو عليه شعور بالأشمئزاز وانما اكتفى باظهار شعور بعدم المبالاة. لكن عينيه كانتا باردتين كئيبتين يموج فيهما الألم.
وصاحت صيحة نابعة من قلبها المتألم:
" آه يا دو****و يا حبيبي! لماذا أصر على ايذائك دائما بهذه الطريقة؟".
ولم تخدعها نظرة اللمبالاة ولا هدوء صوته. كانت تعرف أنها أطفأت بذلك شعلة العاطفة الصغيرة نحوها. لقد جاملها عندما أعطاها حلى أمه لتتقلدها لكنها أورثته شعورا بالأشمئزاز عندما أظهرت جشعها وطمعها وهي تتقبل هديته. لا بد أنه بات يمقت فكرة تقلدها لحلى والدته. لكن دو****و معروف بأنه لا يسترد هدية متى قدمها.
وبحركة تلقائية اتجهت نحوه ملتمسة منه أن يصفح عنها. وكان في وسعها في هذه اللحظة أن تصارحه بالحقيقة الكاملة وتقول له أنها لم تعرف أبدا أي رجل من قبل وأن الماس الوحيد الذي تمتلكه هو الماس الذي تلقته منذ لحظات وأنها أحبته لا لقيمته المادية بل لأنه هو الذي أعطاه لها ولكن قبل أن تجد الكلمات المناسبة لتعبر عن ذلك بادرها قائلا:
"اذا كان يرضيك أن تعرفي هذه الحقيقة. فقد كنت تخدعينني عندما جعلتني أفكر في أنني أخطأت فهمك".
وكان انتقاء الغضب في صوته نتيجة طبيعية لتحكمه في شفتيه ومحاولته اخفاء ما في عينيه من مرارة.
واستطرد قائلا:
" لا بد أن أعترف أنني عندما ذهبت الى أنكلترا لأبحث عنك توقعت أن أجد فتاة أقضي معها وقتا طيبا وتستجيب لمطالبي, وعلى هذا الأساس تصرفت. ولكن عندما رأيتك وبدأت أعرفك أكثر_ على ما أعتقد_ كنت من الحماقة بحيث شككت في حكمي وتقديري. فخالفت طبيعتي وانجذبت اليك لأنك فتنتني".
وأضاف"
وفي باريس اقتنعت بأنك لست من الفتيات اللواتي يطاردن الرجال من أجل المال. ولأسباب خاصة بك تعمدت اعطائي انطباعا خاطئا تماما عن أخلاقك".
ثم اعترف بصراحة قائلا:
" في الحقيقة تألمت من طريقة معاملتي لك تلك الليلة . وفي الصباح التالي استطعت بصعوبة أن أحما نفسي على النظر اليك بسبب ما شعرت به من احتقار ذاتي . ولكن الآن...".
وأسرع نحوها وأمسك بكتفيها وقال:
"والآن في روما اكتشفت حقيقتك . أمرأة بلا شرفا. مرتزقة رخيصة, تفعلين كل شيء في سبيل الحصول على أقصى ما يمكن من رجل بلغ به الغباء حدا جعله يصدق ما تظهرينه من سذاجة وطيبة ينسابان كانسياب الماء من الصنبور. رجل بلغ به الغباء حدا جعله يفكر في أن أمرأة مثلك تصلح لأن تعيش في قلب هذه الأسرة وتلقى المحبة والأحترام من سيدة لا تستحقين حتى شرف السيلر في ظلها..".
لم يرفع صوته مرة واحدة لكن كلماته المريرة كانت جلية واضحة. لم تحاول أن تجيبه أو تبرىء نفسها. ارتضت كل اتهاماته بلا اعتراض وهي تعلم أن محاولة مقاطعته لن تجدي نفعا. ألم تكن هذه هي النتيجة التي حاولت أن تحققها؟ ألم تحاول هي عمدا أن تحرضه على نفسها لتصل الى هدفها؟ لم تشك مطلقا في أنها نجحت وكان نجاحها كبيرا . فلا داعي للخوف من أن يعود دو****و الى ملاطفاته المفرطة. ولا خوف من أن ينفذ سحره اليها. لقد احتقرها. وهي آلمته كثيرا حتى أنها لن تحتاج لمحاوله منعه من مغازلتها فهو لن يفعل ذلك بعد اليوم. وقفت بقامتها الممشوقة النحيلة في ثوب السهرة المترف الذي تحيط ياقته بوجهها. لقد ارتضت كل ما قاله لها دون أن تصدر عنها أي حركة فاغتاظ لهدوئها وضغط بأصابعه التي كانت تنغرس في لحم كتفيها الناعم ضغطا شديدا حتى بات الألم غير محتمل. فتأوهت لهذا العذاب الذي فاق طاقتها, وخفف من قبضته قليلا دون أن يدعها تذهب.
"أجيبيني بصراحة..".
أخذ دو****و يقضم هذه الكلمات وكأن وجهه منحوت من صخر أما هي . فانتاب حلقها تقلص هددها بالأختناق, فابتلعت ريقها بألم وأمكنها أن تهمس قائلة:
" لو أمكنني".
"ها أحببت فيتو؟ أم أنه هو الآخر رجلا أحمق سهل خداعه ووقع في شركك؟".
ولم تعرف بماذا تجيب. وترددت وهي تحاول أن تجمع شتات أفكارها لكنها تأخرت في الرد كثيرا. وأدار لها ظهره وقاوم حدة أنفعاله الشديد ولم تجرؤ هي أن تتحرك أو أن تتكلم اذ كانت تعلم أن انفعال دو****و سيكون عنيفا ولكنها ما كانت تتصور مقدار سخطه.
وأخيرا عندما التفت اليها كان قد تمالك نفسه من جديد.
خفضت عينيها تنظر الى السجادة تحت قدميها. فأي مكان تنظر اليه خير من مواجهه الأزدراء الواضح في عينيه. وانتظرت حتى قال:
" في هذه اللحظة لا أستطيع أن ألمسك ولكن تذكري هذا يا كارولين. في الماضي, كنت تتلقين ثمن خدماتك. حسنا لقد دفعت الثمن من شرفي واسم عائلتي وبدرجة أقل من حلي والدتي. وما كانت والدتي تتصور أن تتقلد امرأة مثلك هذه الحلي".
وأضاف
" في نيتي أن أجعلك تدفعين الثمن غاليا لحماقتك. قد يمضي بعض الوقت قبل أن أنتقم لكنني سأفعل استعدي منذ الآن".
لم ترفع عينيها عن السجادة أثناء حديثه فقد كانت خائفة الى أبعد حد لأن صوته دل على أنه صادق في وعيده. وتحولت زرقة السجادة الى بحر جياش يهدد بابتلاعها في دواماته. فجذبت نفسا عميقا وأحست بأن الأأرض من تحتها عادت الى استقرارها هنيهة وبشجاعة فائقة رفعت رأسها ونظرت اليه باحتقار وقالت:
" لو تجرأت على لمسي يا دو****و فسأقول كل شيء لعمتك. لقد كنت راغبا فيً منذ أن التقينا للمرة الأولى وكنت غاضبا من أجل ذلك. أنك تكره نفسك بسبب انجذابك لأمرأة أنت تحتقرها. واجه الحقيقة",
وأضافت في تحد:
" أنك لا تحتقرني. بل تحتقر نفسك وتريدني أن أتعذب بسبب ذلك. لكنني لن أسمح لك بأن تجعلني عبدة لنزواتك".
وتداعى صوتها بينما تخلت عنها شجاعتها وعضت على شفتها السفلى لتوقف الرعشة التي سرت في وجهها.
ونظر دو****و اليها وقطب حاجبيه الأسودين وقال:
" سنرى يا كارولين سنرى!".
6 كنديدا6
وصلا الى باب الصالون الكبير حيث تقام الحفلة لحظة وصول أول الضيوف. وتنفست العمة رينا الصعداء وحيتهما متلهفة قائلة:
" ها أنتما أيها العزيزان. كنت أخشى أن أضطر الى تقديم اعتذاركما الى ضيوفنا".
ومدت العمة رينا يدها الى كارولين وهتفت:
" ما أجمل زوجتك يا دو****و. سيحسدك كل الأقارب هذا المساء".
والتفتت الى كارولين وقالت:
"أرى أنك زرت صديقتي العزيزة بريجيت عندما كنت في باريس فهي وحدها القادرة على اختيار الثوب الملائم".
وقادتهما الى الصالون سريعا ووقفا عند مدخله ليكونا أول من يحييً الضيوف عند وصولهم.
أخذ دو****و يتقبل تهاني أصدقائه وأفراد عائلته.أما كارولين فقد صافحت مجموعة كبيرة من العمات والأعمام وأبناء الأعمام.
وشعرت بأنهم جميعا كانوا مسرورين بانضمامها الى العائلة. وما كانت لتهتم لو أنهم لم يرحبوا بها لأنها ما زالت متأثرة مما حدث منذ لحظات. زرعت تلك التجربة في نفسها الثقة والهدوء.
بدأ الضيوف غير المدعوين الى العشاء بالأنصراف وسرعان ما خلت الغرفة من الموجودين عدا أفراد العائلة المدعوين لتناول العشاء. وأخذت العمة رينا تقودهم الى غرفة مجاورة أصغر حجما مدت فيها مائدة ضخمة.
وعندما اطمأنت العمة الى أن كل فرد اتخذ مكانه أعطت الأشارة لتقديم طعام العشاء. وجلس دو****و الى يمين عمته وجلست كارولين الى يسارها في مواجهته. وظل المقعد الذي يجاوره خاليا ورأته يلتقط البطاقة الموضوعة على المائدة أمام المكان الشاغر. وعندما قرأ الأسم المطبوع عليها رفع حاجبيه مستفسرا من عمته في صمت. فأجابته بهزة من كتفيها وبلا مبالاة وبشيء من العبوس والضيق. وتساءلت كارولين ترى من يكون الشخص الغائب. والتفتت لتسأل الشاب الذي كان يجاورها والذي اتضح أنه جيوفاني ابن عم دو****و الصغير. ولكن قبل أن تتاح لها فرصة توجيه السؤال اليه فتح باب غرفة الطعام واندفعت منه فتاة تضحك وتعتذر وفي أثرها رجل بدا عليه أنه يفضل أن يكون في هذه اللحظة في مكان آخر غير هذا المكان المقيد بالشكليات.
وأمسكت كارولين أنفاسها كما فعل باقي أفراد العائلة عندما اتجهت أبصارهم الى جمال الفتاة الأخاذ وقد وقفت لحظة تلوح بابتهاج لمجموعة أ أفراد الأسرة قبل أن تندفع الى العمة رينا وهي تقدم اليها اعتذارا عن تأخرها.
" معذرة يا عمتي العزيزة لسلوكي. كنت أنوي أن أحضر في الموعد لأنني أعلم أنك تكرهين الأنتظار وقد جئت على عجل".
ثم التفتت الى دو****و, وكان قد وقف مثلما فعل الآخرون عندما ظهرت هذه الفتاة, وألقت بذراعيها حوله وهي تصيح:
" دو****و يا عزيزي دوم كم أفتقدتك!".
وشعرت كارولين بألم مفاجىء بسبب ما انتابها من انفعال وهي تراقب ما يحصل, ولم تكن لتعرف بأن هذا هو شعور الغيرة , ولكنها أحست بكراهية اتجاه الفتاة وقد ارتدت ثوبا خليعا في لون اللهب المتقد وألقت بذراعيها حول دو****و.
وبدا أن دو****و استمتع بذلك. فابتسم لها وامتدت يداه الى خصرها النحيل وهو ينحني عليها.
وارتفع صوت العمة رينا:
" كنديدا! أنت متهورة دائما! أرجوك أن تقدمي صديقك الى الضيوف".
فردت قائلة:
"آه أني آسفة يا عزيزي جيفري. يسعدني أن أقدم جيفري غراهام الى الجميع. وسأقدم يا جيفري كلا منهم على حدة فيما بعد".
وابتسم الشاب الأشقر الشعر ابتسامة ساخرة وانحنى قليلا محييا الجميع وتقدم الى المائدة ليقابل المضيفة. وتمتم بعبارة اعتذار بينما ابتسمت اعمة رينا ابتسامة باردة وأوضحت له أن جميع الأماكن التي في مقدمة المائدة مشغولة. وأنه لن يستطيع الجلوس في جوار صديقته.
وبدأ الجميع يتكلمون متجاهلين هذا الحادث المحرج ملقين أكثر من نظرة تأمل في اتجاه كارولين بينما استغرقوا في الطعام. وحاولت أن تبدو طبيعية وتحدثت مع جيوفاني الذي كان ينظر اليها في اعجاب.
عاملته بلطف لا لأن هناك شبها كبيرا بينه وبين دو****و قبل أن يكتسب هذا المظهر المخادع المصطنع. وحاولت أن تنسى كيف أشرقت عينا دو****و عندما شاهد الفتاة التي تجلس في مواجهتها.
نقلت العمة رينا نظراتها الحائرة بينه وبين كارولين لأحساسها بالفتور الذي كان بينهما. وازداد ضيقها عندما لاحظت أن دو****و لم يحاول أن يشرك كارولين في حديثه.
وكنديدا لم تبد اهتماما بأي شخص سوى دو****و برغم أنها تعرف الغرض من العشاء الذي أقيم بمناسبة انضمام كارولين الى العائلة.
وبتصميم , قطعت عليه العمة رينا حديثهما, ورفع دو****و رأسه من وجه رفيقته عندما سمع نبرة اللوم غير المألوفة في صوتها:
" دو****و, أنت لم تقدم كنديدا الى كارولين حتى الآن. وستظن أننا كعائلة نجهل آداب السلوك جهلا تاما. هل تتولى الأمر بنفسك أو أتولاه أنا ؟".
وكان استياؤها واضحا, لكن دو****و لم ينزعج بل ابتسم كأن شيئا لم يكن وقال:
"آسف يا عزيزتي لكني لم أر كنديدا منذ وقت طويل ولدينا أصدقاء كثيرون نعرفهم ونتحدث عنهم . معذرة.".
وألقى على زوجته نظرة خاطفة عبر المائدة فيها تحذير من اظهار أي روح عدائية, وتولاه شعور بالرضا عندما بادلته النظرة برباطة جأش.
" أن كنديدا بنت عم بعيدة جدا لكنها كانت المفضلة عندي بصفة خاصة. لعبنا معا ونحن أطفال. هي وفيتو وأنا لم نكن نفترق".
والتفت الى كنديدا قائلا:
" أحب أن تلتقي كارولين وآمل أن تصبحا صديقتين".

أمل بيضون 11-05-09 07:07 PM

ابتسمت كنديدا بعد عناء ولم تلبث أن انحرفت اللى زاوية فمها عند تقديم كارولين اليها وقالت:
" لا شك يا دو****و أننا سنكون صديقتين . فأحب شيء الى نفسي هو أن أتعرف الى زوجتك.
ويجب بعد العشاء يا كارولين أن نرتب موعدا لأدلك الى أحسن الأماكن التي تشترين منها احتياجاتك. وببساطة يجب أن تقابلي أصدقائي. انهم جميعا يتطلعون الى مقابلة الفتاة التي فازت بأكثر عزاب روما مراوغة".
قالت كارولين في ازدراء:
" لعله كان قد سئم مطاردة الفتيات عندما فزت به".
وكان التركيز على قولها كافيا ليشير بوضوح الى احتقارها للنساء اللواتي ركضن خلفه. واحمر وجه كنديدا غضبا اذ أدركت ما تعنيه.
وكاد جيوفاني يختنق وهو يتناول الحساء عند سماعه رد كارولين. ولفت الأنظار اليه وهو يحاول التحكم في نوبة السعال التي انتابته.وكانت كارولين مسرورة وهي تمد اليه يد العون وتجنبت أن تدخل مرة ثانية في حديث مع دو****و أو كنديدا طوال الفترة الباقية من تناول العشاء.
وبدا لكارولين وكأن طعام العشاء انتهى بعد ساعات طويلة. وجلس أفراد العائلة المسنون في مجموعات هنا وهناك متخمين من الطعام يثرثرون. أما الشباب منهم فبدأ يتسرب اليهم الملل فاقترح أحدهم أن يدير جهاز التسجيل في الصالون الصغير الذي كان كثيرا ما يستعمل للرقص. وقوبل الأقتراح بحماسة وهرع الجميع الى الخارج.
كانت كارولين تجلس مع العمة رينا ومن هم في سنها تحاول أن تقاوم اغراء البحث عن دو****و الذي ظل الى جوار كنديدا منذ أن انتهى طعام العشاء. وبدأت تشعر بغضب شديد اذ أصبح واضحا للملأ أنه كان ****ا تماما عن صحبة ابنة عمه الجميلة متجاهلا زوجته. ورفعت بصرها في ارتياح عندما اتجه جيوفاني اليها وقال:
" هل ترقصين معي يا كارولين؟".
قادها الى الصالون الصغير حيث استغرق بقية أفراد الأسرة في جو من المرح ودفعها الى حلبة الرقص. كان راقصا ممتازا يعشق موسيقى الرقص القديم. تجنبت النظر الى الفتية وهم يرقصون ملتصقين, لم تشأ أن تتذكر سعادتها عندما رقصت للمرة الأولى مع دو****و في الليلة التي قضياها في باريس برغم حنينها الى ذلك.

أمل بيضون 12-05-09 12:25 AM

انتبه جيوفاتي عندما شعر بيد تربت على كتفيه. ودهشت كارولين عندما رأت جيفري غراهام الرجل الذي جاء مع كنديدا قال:
" أيمكنني أن أعترض سبيلكما؟".
لم يكن جيوفاني ****ا لكنه تخلى عن مكانه في هدوء وترك الرجل الأنكليزي الأشقر يصطحبها الى حلبة الرقص ويقول:
" هل تمانعين؟".
وتلعثمت قائلة:
"لا, لماذا؟".
تغيرت الموسيقى من اللحن البطيء الى الخفقات السريعة للحن بدائي لاتيني . واستسلمت للموسيقى وتتبعت قدميه بلا خطأ. جذبها اليه أكثر فأكثر عندما أسرعت الموسيقى. ثم بلغت الذروة باصطدام صنجات الموسيقى ودقات الطبول فأخذ يدور بها حتى أصيبت بدوار ثم سقطا ضاحكين على أريكة مريحة قرب حلبة الرقص. ودون تكلُف مدًت يدها وهي ما زالت تضحك وقالت:
" شكرا يا جيفري.كان ذلك رائعا".
ورفع يدها الى شفتيه وقبلها. وضًح اعجابه بها وهو ينظر الى وجهها المفعم بالحيوية.
وفجأة كأن سحابة حجبت الشمس فزالت الأشراقة من عينيها وبدأ الأحمرار يغمر وجهها الجميل في بطء. نظر جيفري يبحث عن سبب هذا التغيير السريع فوجد دو****و يحدق فيهما غاضبا فنهض سريعا وتكلم هو قبل دو****و وقال:
" يجب أن أهنئك يا سيد فيكاري. ان زوجتك رائعة في الرقص".
ورد دو****و ببرود واضح قائلا:
"ليس هناك ما أجهاه عن زوجتي لتأتي أنت تطلعني عليه".
لم يتضايق جيفري فقد اعتاد على الأزواج الغيورين بل ابتسم لدو****و معتذرا واتجه الى حيث وقفت كنديدا على بعد بضعة أقدام من دو****و.
تأملت كنديدا جيفري وهو يسير اتجاهها بتؤددة وقالت:
" لماذا لا تتصرف تصرفا حسنا يا جيفري؟ هل يجب أن تظهر مع كل امرأة تلتقيها؟ أني لا أعرف ماذا يعجبكم أيها الرجال في مخلوقات تافهة كهذه!".
" أنك تحقدين عليها لجمالها الرائع أني أحسد الرجل الذي تزوجها".
نظرت اليه في غضب وانتفضت لتسير في اتجاه دو****و. لكنها تأخرت فقد كان دو****و يراقص زوجته فنظرت اليهما وهما يختفيان وسط الحلبة في واحة من الفراغ حيث يستطيعان التحدث دون أن يسمعهما أحد.
قال دو****و:
" ماذا تعنين بسلوكك؟".
"ماذا تقصد؟".
"هل لا بد أن تقومي بهذا الأستعراض أمام عائلتي مع رجل غريب؟".
" كيف تجرؤ على اتهامي بأن سلوكي مخز بينما كنت تتصرف طوال السهرة كمراهق يحلم بابنة عمه البعيدة جدا. لكنني لاحظت الليلة أنها ليست بعيدة الا بالقدر الذي أردته أنت. وفي الحقيقة لا يدهشني أبدا أن أعرف أنها لم تكن بعيدة عنك في الماضي".
" ذلك خطأ لا يغتفر".
تألمت عندما ضغط عليها بذراعيه وشعرت بحدة انفعاله وهو يقول:
" كنديدا كانت وستظل دائما صديقة عزيزة. وهذا كل ما في الأمر. كيف تفكرين في غير ذلك؟ ألم تعرض عليك أنت أيضا صداقتها؟".
جذبت كارولين نفسا عميقا وتعجبت لخداع الرجال عندما يتعلق الأمر بأمرأة . ثم نظرت اليه باحتقار قائلة:
" أنني أفضل مصادقة الأفعى".
وارتعشت عضلة في وجنته وأدركت أنها بالغت في تماديها. لقد كان وفيا لعائلته ومتعصبا لها وهي أهانت أحد أفرادها ولكنها لم تبال. أرهقت الليلة أعصابها الى حد لا يطاق. فثورة الغضب التي نشبت في غرفة نومها ثم المتاعب التي واجهتها عند تناول العشاء. كل ذلك كان أكثر مما يمكن احتماله وها هو يتهمها بشيء كان هو السبب المباشر في حدوثه. لقد اعتبر رقصة بريئة مع غريب سلوكا مخزيا. برغم أنه كان قبلة الأنظار لأهتمامه الواضح بأبنة عمه الدخيلة. ومع ذلك. فقد كانت لديه الوقاحة ليلومها وكأنها ارتكبت جريمة شنعاء.
قال لها:
" لا بد أن تعتذري لهذا العرض الطفولي المخزي".
وصدته قائلة:
" لن أفعل أبدا".
شعرت كارولين بارتياح وهي ترى كنديدا وجيفري يقبلان نحوهما فقد لاحظت كنديدا اشارتها المنفعلة في اتجاه جيفري وحينما وصلت اليهما ردت عليها بابتسامة قائلة:
" ألاً نبدًل رفاقنا يا عزيزي دوم؟ فنحن لم نرقص سويا منذ أشهر وأنني واثقة من أن زوجتك لا تمانع في الرقص مع جيفري ثانية".
تجنبت كارولين الأجابة وانسلت متلهفة من بين يدي دو****و الى جيفري قبل أن ينتبه الى نيتها. وعندما بادلتها كنديدا المكان ارتسمت على وجهه ابتسامة متجهمة. كانت تعرف أنه يكره اظهار غضبه على مرأى من الجميع.أما بالنسبة الى ما يحدث بعد ذلك فلا حاجة للتفكير فيه الآن.
وشارفت الحفلة على الأنتهاء وأخذ المدعوون ينصرفون الواحد تلو الآخر.
قاد جيفري كارولين الى الشرفة ثم سارا بين الأشجار الى حديقة منخفضة فيها مقاعد على مسافات ملائمة. وغاصت كارولين في أحد المقاعد وتنهدت بارتياح وأخذت تتأمل جمال الحديقة التي غمرها ضوء القمر.
اقترب منها جيفري فصدته وقالت:
" لا يا جيفري".
فهز كتفيه بلا مبالاة ورفع ذراعه قائلا:
" ولم لا؟".
" لأنني لا أبحث عن علاقة غير شرعية. أستطيع أن أهديك صداقتي , لكن اذا لم يكن ذلك كافيا فمن الأفضل أن تذهب".
" هل تظنين كنديدا ستقدم لزوجك صداقة؟".
" كلا , لا أعتقد ذلك".
" آه يا كارولين أيتها الحمقاء الصغيرة ألا تعرفين نيتها؟ ان الغيرة تكاد تقتلها لزواجك من دو****و. فمنذ سنوات وهي تعتبره ملكا خاصا بها. وهي لن تدع شيئا تافها مثل زوجته يقف في طريقها".
" هل تظن أن دو****و يحبها؟".
" هل تعتقدين أن زوجك يحبك؟".
وأدركت ولكن بعد فوات الأوان أن قدمها انزلقت فقد كان جيفري ينظر اليها في دهشة بالغة منتظرا اجابتها.
فتمتمت قائلة:
"نعم ... أعتقد ذلك".
" من الواضح أن الأمور ليست على ما يرام بينك وبين دو****و. فلا تكلفي نفسك عناء الأنكار! لقد صادفت عددا كبيرا من الزيجات غير السعيدة".
ثم رمقها بنظرة حادة وقال:
" أن كنديدا غانية لعوب وستفعل كل ما بوسعها لتحصل على دو****و".
وأدركت من نظرته أنه كان يحب كنديدا ولم تكن تريده. فأمسكت بذراعه برفق وحنان وجلسا غارقين في أفكارهما.
استطرد جيفري قائلا:
" مهما بلغ الأمر بينكما أنصحك بأن تحاولي اصلاحه في أقرب فرصة اذا أردت الأحتفاظ بدو****و. وبالنسبه الي فسأفعل كل ما في وسعي لأمنعها من التمادي.
رجفت كارولين قليلا وجذبها لتنهض وحثها على العودة الى المنزل وسارا اتجاه النافذة ليدخلا الغرفة حيث تركا كنديدا ودو****و. وكادت كارولين تدخل لولا أن جيفري أمسك بذراعها وجذبها الى حيث لا يراهما الشخصان اللذين كانا مستغرقين في الداخل.
لم تكن كارولين تنوي التنصت. الدهشة جعلتها تصمت. ثم نظرت عبر النافذة فاضطرب قلبها وكأنه انقلب رأسا على عقب.
كان ظهر كنديدا اتجاهها ووجه دو****و بين يديها وقد ثبت عينيه على وجهها وكانت تتكلم في الحاح قائلة:
" لماذا فعلت ذلك يا دوم؟ أنني أعرف أنك كنت ولا تزال تحبني أنا وحدي! لماذا تزوجتها؟".
ولم تنتظر اجابته لكنها ألقت ذراعيها حوله وراحت تبكي.
لم تعد كارولين قادرة على متابعة ما يحصل. أشاحت ببصرها عن النافذة وانسلت عبر نافذة غرفة الطعام وهرولت الى غرفتها.

أمل بيضون 12-05-09 11:55 AM

7 _ حوار مع العمة
استلقت كارولين على مقعد في الشرفة ممسكة بقلم بين أصابعها واستقر على ركبتها دفتر لكتابة الرسائل. بينما كان الطفل فيتو يلهو تحت ظل شجرة كبيرة بالدمى التي اشتراها دو****و.
ومنذ ليلة الحفلة وهي لا تكاد ترى دو****و. فالعمل تراكم في غيابه والعبء تضاعف عليه لأن فيتو لم يعد له وجود ولكنها كانت تعتقد بأن لديه وقت فراغ. يمكن أن يمضيه معها.
كان يقوم بزيارات خاطفة الى منزله كل يوم ليستحم ويبدًل ملابسه ثم الى الخارج. كان يبكر في الخروج. كان يبكر في الخروج الى العمل كل صباح قبل أن يستيقظ أحد في المنزل ولم يكن يعود حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.
واستبد بالعمة رينا غضب شديد, وأرادت أن تعرب له عن احتجاجها على اهماله لأسرته, لكن كارولين أثنتها عن ذلك, فهي أيضا كانت في حاجة الى فسحة من الوقت تحدد فيها موقفها وتقرر كيف تتصرف.
كانت واثقة من شيء واحد فقط هو أنها يجب أن تهرب بعيدا الى حيث تنعم بالراحة. وحيث يتعذر على دو****و الأهتداء اليها.
ولكن ينبغي عليها قبل كل شيء أن تعثر على دورندا فلو حدث ذلك لأمكنها أن تصارح دو****و بالحقيقة وعندئذ يصبح حرا في الذهاب الى كنديدا. وطردت الأفكار التي راودتها في تلك الليلة عندما اكتشفت أنهما يتبادلان الحب.ومنذ ذلك الحين استسلمت الى قدرها المحتوم وارتضت الحلم الحزين الذي طالما تمنته, وهو أنه لا بد أن يجيء اليوم الذي يحبها دو****و ويطلب منها البقاء, حتى بعد أن يقف على الحقيقة,لقد أحسنت تقمص دورها أكثر مما ينبغي ولا سبيل الى تغيير الرأي الذي كونه عنها, خاصة في الوقت الراهن وكنديدا الى جانبه لتواسيه.
التقطت دفتر الرسائل وبدأت تكتب. كانت الرسالة الأولى موجهة الى السيد ولكنز ترجوه الأستعانة بشخص يقوم بالبحث عن دورندا وأوضحت له حاجتها الملحة الى ذلك راجية اياه ألا يلتمس أي عذر يثنيه عن البحث عنها.
بعثت بالرسالة الثانية الى جين وقد احتاج هذا منها الى مجهود أكبر وتفكير أعمق. ففي المدة التي سبقت زواجها كتبت الى جين رسالة موجزة تبلغها فيها نبأ رحيلها المفاجىء من أنكلترا دون أن تتطرق الى التفاصيل, ووعدتها بأن تكتب اليها بتفصيل أكبر عندما تستقر, لكنها لا تعرف الآن من أين تبدأ وعما تحدثها. لقد كانت جين على قدر كبير من الذكاء, كما أنها لم تكن راغبة في خداعها اذ سئمت أن تستمر في الخداع الذي اضطرت اليه منذ زواجها, وهي لم تكن تنوي أن تكذب على جين. وفي الوقت ذاته لم تكن تستطيع التوسع في رواية هذه القصة القريبة من الخيال دون أن تفضح أمر دورندا. وعضًت على قلمها وهي تفكر فيما تكتبه وما تتركه, وأرضت نفسها بأن كتبت رسالة مرحة لا تفضح حقيقة ما تعانيه, ووعدت صديقتها بزيارة في أقرب فرصة لتقص عليها التفاصيل , ووضعت الرسالة في مظروف أغلقته سريعا قبل أن تغير رأيها راجية أن تعالج بذلك قلق جين أزاء زواجها المفاجىء من رجل لم تكن قد سمعت به.
سمعت وقع خطوات فاستدارت واذا العمة رينا آتيه من الداخل لتجلس معها في الشرفة. كانت تزور احدى صديقاتها وبدا عليها الأرهاق, كما هي حالها كلما أتعبت نفسها.
وبادرت كارولين الى مساعدتها على الجلوس الى جانبها, وعاتبتها برقة قائلة:
"يا عزيزتي أرجو أن تأخذي قسطا من الراحة وتطيعي أوامر الطبيب فأنت تبدين مجهدة, اجلسي لتستريحي وسأنادي ايمانويل ليحضر لك شرابا منعشا".
وقبلت العمة رينا اقتراحها شاكرة وجلست وقالت:
"شكرا يا كارولين فما أجما ذلك. انك تبعثين الطمأنينة الى قلبي".
ثم أمسكت بيد كارولين ورمقتها بنظرة حنان, واغرورقت عينا كارولين بالدمع. ما أسعدها بحب هذه السيدة العجوز.
"لماذا ترهقين نفسك يا عمتي رينا؟".
" لماذا لست أدري. أنني أجد الراحة مستحيلة. وعلي دائما أن أفعل شيئا ما أو أذهب الى مكان ما".
وأضافت:
" أظن أن السبب هو أنني لا أستطيع الكف عن التفكير في ابني. آه لو أستطيع أن أعرف ماذا حدث له وكيف لقي حتفه. وفي أي مكان. فلعلي كنت أجد في ذلك بعض الراحة".


الساعة الآن 12:05 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.