شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   20 - في قبضة الأقدار - مارغريت روم - ع.ق ( كتابة / كاملة )** (https://www.rewity.com/forum/t58119.html)

أمل بيضون 06-05-09 03:49 PM

20 - في قبضة الأقدار - مارغريت روم - ع.ق ( كتابة / كاملة )**
 
https://resize.over-blog.com/400x260-...lam-8729c7.gif

في قبضة الأقدار.. مارغريت روم.. روايات عبير القديمة

الملخص


عاشت كارولين ليندس حياة غريبة فقدت امها وهي لا تزال طفلة صغيرة ثم فقدت أباها وهي شابة ...... ولم تكن تفيق من هذه الصدمة حتى أوقعتها دورندا ابنة زوجة أبيها في مأزق
حرج ......... تركت لها أخنها طفلاً حراما وذهبت للبحث عن والده الشاب الإيطالي فيتوريو الذي اختفى في حادث طائره غريب ......!!!!!!
ولا تجد كارولين مفراً من الادعاء بأنها دور ندا وقبول الزواج الصوري من عم الطفل و حتى تضمن البقاء مع الطفل ....

لكن ماذا حدث في باريس ؟ وماذا حدث في روما ؟ وماالذي دفع
كارولين إلى العودة إلى انكلترا ؟
وما ذا حدث عندما تكتشف الحقيقة ؟


روابط الكتاب
وورد
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي
pdf
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي
txt
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

1 - شقيقتان ولكن!!!!!
غادر المعزون المنزل وتركوا كارولين وحيده بعدما رفضت كل عروض الجيران لتقيم
معهم بعض الوقت حتى تستطيع التغلب على أحزانها بعد موت أبيها المفاجئ...
جلست كارولين أمام المدفأة تحاول إدخال الحرارة إلى جسمها الذي خدره الإجهاد
فلقد ظلت طوال الأيام الثلاثة الماضية في ما يشبه الفراغ المستمر ، كانت تتحرك بصوره آلية
لتأكل وتتكلم وتشتري ملابس الحداد وكأن شخصاً آخر قد تولى القيام بواجباتها منذ موت
أبيها ...

أخذت تفكر في أبيها كان مرحاً متفائلاً لا يهتم باية مشكلة مهما كانت كبيرة ...
ماتت أمها وهي ما تزال طفلة في شهرها العاشر وبرغم أن والدها شارلز احب أمها حبا جنونيا
إلا أنه سرعان ماأيقن أن حياتة مستحيلة بلا أمرأة تقف إلى جانبة بعد وفات زوجتة ...
لم يجمع الحب الكبير او التعاطف بينة وبين زوجتة الجديدة ميلدرد ، فقد كانت أما بلا زواج وكانت
أبنتها دورندا بحاجة إلا أب تنسبها إلية ،كانت الأسرة قانعة بهذة الحياة فالفتاتان كانتا
كشقيقتين ، ظلت الحال على هذا المنوال ثلاث سنوات حتى توفيت ميلدرد
وعندها قررت دورندا الذهاب إلى لندن بعد مضي ثلاثة أشهر على وفاه والدتها ....
نظرت إليها كارولين غير مصدقة وقالت :
(إلى لندن ولماذا؟ ماذا أنت فاعلة هناك؟)
(قررت الإلتحاق بمدرسة للأزياء في لندن )
وبعد يومين غادرت دورندا إلى لندن ووعدت بأن تكتب في انتظام بمجرد استقرارها ..

(من الطارق )؟
احتالات كارولين في البداية ووقفت تحدق في الفتاة الطويلة الأنيقة الواقفة أمام الباب
ثم صرخت بعدما عرفت من تكون ......
(دورندا حبيبتي كنت أعرف أنك ستحضرين )
إثناء تناولهما العشاء تحدثا عما فعلاه أثناء انفصالهما في السنوات الثلاث ...
(كارولين أخبرتك أن لدي شيئاً أريد ان أقصة عليك)
(نعم تكلمي هل هو شيء يتعلق بالعمل )
(نعم سأضطر لترك العمل لفترة )
(تتركين العمل ؟ لماذا ألست بخير )
(سأنجب طفلاً)
(سأنجب طفلاً أني لست متزوجة ولا يحتمل أن أتزوج الآن .انه لايريدني . حاولت الاتصال به ولكنه
تجاهل رسالتي إلية )
(ماذا أفعل ياكارولين ؟ أرجوك ساعديني . لا تتركيني . أنك الوحيدة التي يمكن الأأعتماد عليها .
انك كل عائلتي)
أجابت كارولين :
(لاتبكي ياعزيزتي . طبعا سأفعل ما أستطيع لمساعدتك .أنت تعرفين ذالك )
وعندما هدأت دورندا بدأت تروي قصتها منذ البداية :
(0قابلتة في حفل أقامة صاحب العمل لم يكن صديقاً له تماماً ولكنة كان يقيم معه أثناء وجوده
في لندن للعمل الذي أرسلتة الشركة فيه . كان وسيم الشكل أسمر اللون فارع الطول
على غير عادة الإيطاليين )
(كان مرحاً ليس في وسعى أن أقول كيف وقعت في حبة ياكارولين )
واضطرب صوتها وواصلت :
(يمكنني الجزم بأنه أحبني ولم يخرج معي لقضاء الوقت الممتع فقط ...كنا نرقص ونتناول العشاء ونذهب إلى المسارح وذات ليلة ....)
وهنا توقفت دور ندا وكأنها تتذكر ماحدث .
(ذات ليلة عدنا من المسرح وأخذني إلى المنزل وتناولنا قليلاً من المرطبات وانتشينا بالسعادة
والحب المتبادل وأمضى معي كل الليل )
(كنا شابين عاشقين ونخطط للزواج وفي اليوم التالي أخذني وأشترى لي هذا الخاتم
وفي اليوم التالي كان ينوي أن يطير إلى أفريقيا ثم إلى كندا ثم يعود إلى شركته
في روما ومنها إلى انكلترا ليأخذني إلى ايطاليا لمقابلة أسرته هناك قبل الزواج .
وفي الأسابيع القليلة كان يكتب لي تقريباً كل ليلة وعندما عرفت إني حامل تحطمت
وفي تلك الليلة كتبت إلى فيتو وأطلعته على الخبر ومنذ ذلك الحين انقطعت
رسائله . أنه لايريد الطفل ولا يريدني أيضاً كل ماكان يريده هو اللهو والعبث ) [/CENTER]

أمل بيضون 06-05-09 03:51 PM

2- هرووووب مفاجئ ؟

أمضت كارولين ليلتها تحاول جاهدة إيجاد حل لمشكلة أختها .لكنها لم تتمكن من
الاهتداء إلى حل يسمح لهالا بالبقاء في المنزل مع دور ندا وفي نفس الوقت
تكتسب نفقات معيشتهما .

كانت الأشهر المقبلة سبباً في تحول قوامها الرشيق إلى كروي لامرأة تبدو للوهلة الأولى
في حاله حمل .
كانت كارولين تصنع ملابس تريكو صغيرة وجوارب وقفازات للمولود الآتي ..
أما دور ندا فكانت تبدو عليها الكآبة مما جعل كارولين تستدعي الدكتور توماس
لفحصها .
(من الناحية البدنية هي على مايرام لكنني قلق على صحتها النفسية . بالمناسبة
أين زوجها ) ؟
ارتبكت كارولين هو (في عمل في الخارج )؟
حسنا سأزوركم ألأسبوع المقبل ؟
صعدت كارولين إلى غرفة دورندا حيث كانت مستلقية في الفراش
(لماذا لا تكتبين له . ربما كان طريح الفراش أو في المستشفى )
(هل تعتقدين أنه ربما يكون طريح الفراش أتمنى أن لايكون مريضاً
أو يكون وقع له حادث .في أي حال سيبحث عنة أبن عمة إذا كان حدث له ذلك ؟)
سألت كارولين :
( أبن عمة لم تخبرينني أن له أبن عم ؟ هل قابلته )؟
(لا : لم أقابلة )
كتبت الرسالة دور ندا وبعثتها وعندها أصبحت إنسانة مختلفة عما كانت علية قبل ذلك
تحدثت كثيراً عن طفلها وقالت أنها ستسميه فيتو وطلبت شراء عربة أطفال وسريراً من النوع الذي يمكن نقلة ..
(كارولين : كارولين ) !!!!
(أسعفيني بطبيب ؟أعتقد أني سألد الآن )
اندفعت إلى الطابق الأرضي واتصلت بالطبيب .
((لوسمحتي سيدتي توقفي عن البكاء وإلا وضعت طفلاً لا ينقطع عن البكاء ويزعجك
طوال الليل )))
وفجأة انطلق صوت مدو تبعة خروج المولود ....فانطلقت كارولين تعدو مسرعة إلى غرفة النوم
فخرجت الممرضة وهي تقول ((أنه ولد له عينان سوداوان جميلتان وله خصلات من الشعر الأسود))
وبعد خمس دقائق كانت كارولين تحدق في أبن أختها ثم قالت
((أليس هذا أرق وأجمل مخلوق رأيته في حياتي ))
لم تكترث دور ندا بطفلها ...
عانت كارولين في الأيام التالية الشيء الكثير فقد كان عليها غسل الملابس وإعداد الرضعات
ودور ندا تستعيد عافيتها ....
وتساءلت كارولين للمرة الألف ((كيف تستطيع دورندا مقاومة حبة ؟؟لو تحمله مره واحده فقط ))
أرجوك أحمليه يادورندا؟؟؟
لالا أبعديه عني !!!!!!
ألقت بنفسها وانخرطت في بكاء مرير . فانتزعت
كارولين الطفل منها وضمته إلى صدرها وهمست
منهارة :
((آه ياحبيبي . كيف نساعد أمك ؟))
ومرت بيدها برفق على وجنته الناعمة الملمس ،وهمست له.((سأرعاك ياحبي الصغير دائماً))
كانت دورندا مسترخية في مقعد مريح في الحديقة .
مرموزع البريد وهو يصفر ثم وضع شيئا في صندوق البريد .كان وجهة دور ندا يكتسي بشحوب واضح وهي تستلم الرسالة !!!
(إنها من رئيسي في العمل ))
كانت خيبة أمل كارولين كبيرة .كانت تتمنى أن تكون الرسالة من فيتو .ومع مرور الأيام شعرت كارولين بشي من الأسى لان دور ندا لم ترغب في الإفضاء لها بمضمون الرسالة .
اتصلت كارولين بصديقتها الين سوندرز واتفقتا على الذهاب إليها في أقرب فرصة ممكنة .وكانت تقيم مع زوجها جيم في منزل شبة منعزل في أطراف المدينة .
أسرعت ألين إلى باب الحديقة تفتحه لكارولين التي كانت تحاول دفع عربة الطفل أمامها ...
تناولت الفتاتان الغداء وثرثرتا بما فيه الكفاية .
ومر الوقت سريعا شعرت كارولين أن الوقت آن لرحيلها
وأصر جيم على توصيلها . استبدت الحيرة على كارولين عندما وصلوا إلى المنزل ورأته يغرق في الظلام .دخلت إلى المنزل ، ونادت بصوت مرتجف :
((دورندا أين أنت ؟؟))
ولم تسمع جواباً وتملكها الخوف ::::
((دورندا هل أنت هنا ؟ )) كان المنزل ساكناً
وضعت كارولين فيتو على مقعد في غرفة الجلوس ثم
صعدت إلى الطابق الأعلى لتتبين الأمر .وجدت غرفة دورندا خاوية .هبطت مسرعة إلى الطابق الأسفل ودخلت إلى المطبخ . ثم رأت رسالة على الطاولة فهرعت إليها وقرأتها:
((عزيزتي كارولين ))
لاأدري إذا كنت ستسامحينني على ماصممت أن أفعلة لكني قررت . سأرحل وأعتقد أني أفعل الشيء الصحيح الرسالة التي تسلمتها من صاحب العمل يعرض فيها علي عملاً جديداً يقتضي سفري كمندوبة إلى بلاد كثيرة وفي اعتقادي أنني لو وافقت سوف تتاح لي فرصه ًلكي أرى أو أسمع أخباراً عن فيتو . إذا قابلته وأكد أنه لم يعد راغباً في فسأعود . لاتحاولي العثور على فلن أستطيع العودة قبل أن أجدة مع كل حبي ..
أختك المعترفة بجميلك ...
دورندا ......



* فوفو * 07-05-09 01:43 AM

تسلم إيديك يا أمل على الرواية الجميلة انا الرواية قرتها قبل كده وبجد رواية رائعة .
يسلموا على مجهودك الجميل رواية تستحق أحلى تقييم وليكى يا قمر كمان .

MooNy87 07-05-09 01:27 PM

تسلم ايدك يا أحلى أمل

مشكورة عزيزتى على الروايات الحلوة اللى بتكتبيها

ويعطيكِ ألف عافية

هبهوبة 09-05-09 07:06 PM


تسلم اديكي امولة بانتظارك يا قلبي

و الله يعطيكي الف عافية

أمل بيضون 09-05-09 07:33 PM

3- زائر غريب !!


بدأ النهار جميلا أشرقت الشمس منذ الصباح الباكر وغطت أشعتها الذهبية الأفق حتى إذا اقترب المساء فقد الجو حرارته ..وابعث العطر من جوانب المزهرة حيث استلقت كارولين على وجهها في الحديقة تحت شجرتها المفضلة وأخذ فيتو الطفل العنيد البالغ من العمر ستة أشهر تقريباً في تسلق ظهرها محاولاً الإمساك بشعرها...
وكانت كارولين تضحك من قلبها وهي ترواغة وتمازحه لتمنعه كلما مد يده نحو شعرها ....
لم تسمع كارولين صوت السيارة الهادر عند وقوفها أمام باب المنزل ولم تنتبه إلى ذلك الرجل الذي شرع يراقبهما عن كثب بعينين حادتين ..
كان انتباهه مركزا على كارولين وطافت عيناه بخصلاتها الذهبية الخالصة ووجهها الذي يشع جمالاً وجاذبية ...
ثم ألقى نظره خاطفة على عينيها الملونتين بلون زهره البانسية وهى تتقلب محاوله تفادي قبضات الطفل .....
خطا الرجل إلى حيث كانت كارولين فرفعت بصرها سريعاً وإذا بها تفاجأ بوجوده أمامها . فنهضت جالسة على الحشيش الأخضر وحدقت فاغرة الفم في هذا الغريب الأسمر الذي وقف يرمقها بهذا الشكل المريب .....
كان طويلا وذا وجه متعجرف وكانت السخرية بادية في صوته وهو يتحدث :
((هل أنت الآنسة لندسي؟؟))
((نعم أنا هي ؟ماذا تريد ))؟؟
((هل هناك مكان يمكنننا التحدث فيه يا آنسة لندسي؟؟))
((لماذا لانتحدث هنا ))
أخرج حافظة من جيبه ,وأعطى بطاقته كارولين دون أن يتكلم ..
ونظرت إلى البطاقة ثم شهقت في دهشة حينما ظهر الاسم أمامها
فجأة كان دومنكو فيكاري...

تورد وجهها وهي تعيد إلية البطاقة ثم قالت له :
((تفضل معي إلى البيت ))
طلبت إلية الجلوس ريثما تعد له الشاي .إنه من أفراد عائلة فيكاري التي ينتمي إليها فيتو .وعندما عادت كان يجول بنظره فيما حوله باهتمام بالغ ثم قال :
((أرى أنك تملكين تماثيل جميلة بالإضافة إلى الصور الرائعة . أهي هدايا من معجبين ))؟؟
فوجئت كارولين بهذا الأسلوب الذي يخاطبها به .لعله يظنها دورندا .كان أعد نفسه لمقابلة فتاة متحجرة القلب تسعى وراء المال أو ترغب في قضاء وقت ممتع ...
تذكرت كارولين بأن دورندا ذكرت لها أبن عم لفيتو
يدعى دومنكو وتمنت لأساءه إلية كما أساء فيتو على أختها . وردت بعذوبة مصطنعة ((ربما فعلى الفتاه أن تنظر على المستقبل ياسيد فيكاري وهل ثمة ماهو أفضل من استثمار المال في الأعمال الفنية ؟؟))
رمقها بنظره قاسية ، ثم قال :
((مامدى معرفتك بفيتو ياآنسة ليندسي ))
كادت كارولين أن تجيب بأنها لاتعرفة من قبل . ولا تريد معرفته لكنها تذكرت ماقاله في ازدراء عن أعمالها الفنية وقررت انتحال شخصية دورندا لتعاقبه على موقفة..
((اعتقد أنني عرفته إلى المدى الذي تعرف فيه كل أم أبا لطفلها هذه الأيام . لهونا كثيراً . وتمتعت بهذا العلاقة لكنه هجرني مع الأسف وأنا احمل طفلاً . أما فيتو العزيز فهو جر طليق بينما يحاول أبن عمة إصلاح ماأفسدة وهو يلهو .أعتقد أن هذا هو مقصدك من هذه الزيارة يا سيد فيكاري ؟ترى كم مره اضطررت إلى القيام بهذا العمل الممل ؟وهل يروق لك ؟؟))
لم تكن كارولين تتوقع اليد التي امتدت ناحيتها وقبضت على معصمها بشدة وغرست أصابه الفولاذية في جلدها الناعم .كان صوته بارداّ كالثلج وهو يقول :
((مات فيتو .عندما سقطت الطائرة التي كان يستقلها لتحمله إليك بسرعة . لقد كان حبه لك قوي .ولقد شكلت فرقة للبحث عن الطائرة .فوجدت الطائرة حطاماً على بعد عدة أميال من المدينة ولا أثر للحياة فيها ))
أظلمت عينا كارولين من هول المفاجأة .ثم رفعت عينيها إلية قائلة )):أرجوك قل إن هذا غير صحيح لا فهذا يجب ألا يكون صحيحا ماذا سيكون مصير الطفل ؟؟))
أجاب قائلاً :
((لقد وضعت خطه لذلك وأرجو أن توافقينني عليها ))
نظرت إلية في ارتياب ثم سألت ؟؟
(( أي خطة ))؟؟
((إنني أرى أن أسهل حل لهذه المشكلة هو أن نتزوج في أسرع وقت ممكن ؟؟))
وقبل أن تخرج كلمة أخرى من بين شفتيه هبت كارولين واقفة وقالت بصوت صارخ :
((هل فقدت عقلك أتزوجك ؟ أفضل الموت على أن أفعل ذلك ؟))
((تمهلي فبزواجنا نكفل للطفل تنشئة تتفق ومنزلة أبية الاجتماعية وسيكون مستقبله مشرقاً ))
ثم نظر بطرف عينة إلى كارولين وتابع :
((وعندما يبلغ سن الرشد يصبح تلقائياً شريكاً في أحدى أعضم شركات الاستيراد والتصدير في إيطاليا. يضاف إلى ذلك أنه سيرث مبلغا من المال سأودعه في أحد البنوك باسمه حالما نتزوج ))
خيمت فتره ليست قصيرة من السكون غرقت فيها كارولين في خضم من الأفكار بينما كان الرجل يتأملها متفحصاً أجزاء جسمها .
استعادت كارولين رباطة جأشها وقالت :
((ياسيد فبكاري ، لا يخامر ني أدنى شك في أنك صادق النية في مساعدتنا لكن شعوري هو أنني أرفض عرضك هذا لأني اشعر بأنني لن أستطيع الانسجام معك
ثم أنني عندما أريد أن أتزوج فأنني سأختار بكامل إرادتي رجلاً أحبة وليس لدي أي رغبة في الاقتران برصيد في بنك أرجوك فلتذهب الآن ))
سارت نحو الباب وأمسكت بمصراعيه مفتوحاً وانتظرت خروجه .
فوجئت به ينهض ليفعل ماأمرته به دون اعتراض . وعرتها الدهشة عندما رأته يقف لينحني لها وليقول : ((أشعر ن لدينا الكثير مما يتحتم علينا مناقشته لكني أتوقع اتصالا بعد أقل من نصف ساعه في الفندق ولذلك سأذهب لإلى هناك وبعد العشاء سأعود لأراكما مره أخرى ونستكمل حديثنا عن الخطط المستقبلية ))
لاتزال كلماته الأخيرة تزن في إذنيها ...
وبعد مرور الوقت التفتت إلى الساعة وأدركت أن الوقت حان لحمام فيتو .
كان الطفل يترنم بصوت عالي وينثر الماء في كل مكان عندما عاد دومنكو فيكاري
سمع صوت ضحكهما منبعثا من الحمام بخطوات واسعة ارتقى السلم ودخل عليهما .وكانت كارولين ترفع فيتو وللمرة الأولى لاحظ فيتو ، وارتسمت على وجهة ابتسامة صبيانية غير متوقعة وهو ينظر إليها بينما كانت تجفف الطفل . رفع الطفل وقال:
((دعيني أتولى الأمر ، فقد حان الوقت لأجعله يألفني ))
ثم رمقها بطرف عينه وقال :
((أما أنت ،فسأسعى إلى تحسين علاقتي بك فيما بعد ))
في هذه اللحظة انزلقت المنشفة عن كتفي الطفل وأشار دومنكو مندهش إلى شامه على هيئة قلب بادية على جلد الطفل في كتفة وسألها:
((هل ولد بهذه الشامة؟ ))
نظر على كارولين والحيرة تعلو وجهة ))حسناً لقد تأكدت الآن أنهه ابن فيتو بالفعل لأن هذه العلامة يولد بها كل فرد ذكر في عائلة فيكاري.
كان مايقصده واضحا كان يخامره الشك في أن يكون الطفل أبن فيتو .وفي هذه اللحظة أحست كارولين بأن عليها تلقين هذا الرجل المتغطرس درساً فقالت :
((لا أعتقد أنني قابلت رجلا كريها مثلك ))؟
((اقترح ان تأخذين الطفل إلى فراشة ))؟وعندما تعودين نستأنف حديثنا ؟؟؟
((ألا تظنين أن الوقت حان لأعرف أسمك ))؟
((أسمي كارولين))
((كارولين اسم لطيف يناسبك ))
بدا عليه التردد فبل أن يوجه سؤاله )هل كان فيتو على علاقة بامرأة أخرى )
((لا ؟ لماذا ))؟
في هذه اللحظة بالذات شعرت بأنها لم تكن قادره على الاستمرار في خداعة وهمت بأن تخبره بالحقيقة ولكن قبل أن تخبره صرخ غاضباً:
((أتستغربين هذه الشكوك؟ لقد سمع
الكثير عن هذه العلاقة مع فتاه وصفت بأنها سمراء تشبه نساء وطني ثم قدمت على هنا لأجد زهره انكليزية لها شعر ذهبي وجلد ابيض كالمخمل تدعي أنها ام لطفلة ))
(( الآن أنا أملك الدليل على أن هذا الطفل أبن فيتو فلا يسعني إلا أن أتقدم بإعتذار طالبا إليك أن تغفري شكي ويهمني أن تعرفي أن عرضي لايزال قائماً))
شهقت كارولين وقالت :
((لكنني لا أريد أن أتزوجك من اللحظة الأولى التي تقابلنا فيها وأنت تحاول إثارتي عمداً وصدقني سيد فيكاري أنني لا أتمنى أن أكون زوجة لك ومع ذلك أنا أشكرك
على هذا الشرف العظيم الذي منحتني أياه ))
((إذا أرجو أن لايكون لديك مانع أن يعود أبن عمي الطفل معي إلى منزله الشرعي ))

كانت فكره افتراقها عن طفلها أكثر مما تستطيع أن تحمله قال لها إنه سيحاربها ليحصل على حضانة الطفل .
نظرت إلية ببرود وقالت له)سأتزوجك )
انحنى إلى الأمام ليلمس خدها الشاحب بأصبعه وقال :
(لاتخافي مني ياكارولين ،أعدك بأنني سأرعاكما ،هناك شيء آخر )
(ماذا ؟)
(أريد أن تعلمي أن أمر الطلاق من جانبك لن يكون وارد على الإطلاق . هل تفهمين ذلك ؟ )
(نعم )
اتخذت كارولين الترتيبات اللازمة وعهدت بالمنزل إلى وكيل أكد لها أنه سيباع في الحال . تم تحضير جوازات السفر وأصبح حفل الزفاف الذي حدد موعده دو**** قريبا.
كانت كارولين جالسة أمام النافذة المطلة على الحديقة عندما دخل دو**** من الباب المفتوح وقال :
(مساء الخير )
فردت علية دون ترحيب (مساء الخير )
فأمسك بكتفها بحنان وأدارها في رقة حتى صارت في مواجهته ثم سألها :
( هل هناك مايضايقك )
(لاشيء . أنا متعبة قليلاً)
نظر بتمعن إليها وإلى وجهها الشاحب واقترب منها ووضع يديه على كتفها وتمتم :
(مسكينة يا حبيبتي الصغيرة )
وأسند خده على وجهها ولما أدركت ما كان ينوي فعلة .عادت إلى صوابها.وقالت:
(إياك أن تجرؤ على تكرار ذلك؟)
فرفع كتفيه في لا مبالاة وارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة وقال :(لاتحاولي إقناعي بأنك عفيفة )؟كوني طبيعية معي
(لاتحاكمني لأنني أحببت أبن عمك يادو**** وأريدك أن تعرف بأنه بسبب الحب الذي أكنه له وافقت على الزواج منك وأنا متأكدة من أن حبه سيظل في قلبي إلى الأبد)
تقدم نحوها وأحاطها بذراعية وأخذ يداعب شعرها ثم قال :
(مات فيتو ولن يعود إلى الحياة ونحن مازلنا شبابا وأحياء.وعندما نتزوج أتوقع منك نسيان كل الرجال الآخرين والإخلاص لي وحدي أنني أعترف أني أريدك من كل قلبي كلما التقينا زادت جاذبيتك قوة أمك تحيرينني ياكارولين من الواضح أنك بلا خبره ومع ذلك فكلما حاولت الاقتراب منك ابتعدت وتواريت عني خجلاً .أهي لعبة تمارسينها علي ؟ أريد زوجة ياكارولين ، زوجة يكل مافي الكلمة من معنى . أتفهمين ماأقصدة )
((لاتتوقع مني أن أتزوجك على هذا الأساس ، فأنا لاأعرفك إلا منذ وقت قصير . لقد وافقت على الزواج منك من أجل الطفل وليس أكثر .الا تعطيني وقتاً قبل أن ))
واحتقن وجهها بالحمرة وهي تتلعثم ولم تجد الكلمات لتنهي عبارتها فسألها برقة :
(قبل أن تصبحي ملكي )؟
أستداروتابع :
أعدك بأنني سأحاول أن أترك لكي وقتاً كافيا لتعرفينني أكثر قبل أن أطالبك بامتيازات الزواج أيرضيك هذا . هل تتزوجينني بهذه الشروط ؟ )
((حسناً جدا . إذا كنت توافق على إعطائي بعض الوقت كي تزداد معرفتي بك فأنني أوافق على الزواج بك ؟))

3- زائر غريب !!


بدأ النهار جميلا أشرقت الشمس منذ الصباح الباكر وغطت أشعتها الذهبية الأفق حتى إذا اقترب المساء فقد الجو حرارته ..وابعث العطر من جوانب المزهرة حيث استلقت كارولين على وجهها في الحديقة تحت شجرتها المفضلة وأخذ فيتو الطفل العنيد البالغ من العمر ستة أشهر تقريباً في تسلق ظهرها محاولاً الإمساك بشعرها...
وكانت كارولين تضحك من قلبها وهي ترواغة وتمازحه لتمنعه كلما مد يده نحو شعرها ....
لم تسمع كارولين صوت السيارة الهادر عند وقوفها أمام باب المنزل ولم تنتبه إلى ذلك الرجل الذي شرع يراقبهما عن كثب بعينين حادتين ..
كان انتباهه مركزا على كارولين وطافت عيناه بخصلاتها الذهبية الخالصة ووجهها الذي يشع جمالاً وجاذبية ...
ثم ألقى نظره خاطفة على عينيها الملونتين بلون زهره البانسية وهى تتقلب محاوله تفادي قبضات الطفل .....
خطا الرجل إلى حيث كانت كارولين فرفعت بصرها سريعاً وإذا بها تفاجأ بوجوده أمامها . فنهضت جالسة على الحشيش الأخضر وحدقت فاغرة الفم في هذا الغريب الأسمر الذي وقف يرمقها بهذا الشكل المريب .....
كان طويلا وذا وجه متعجرف وكانت السخرية بادية في صوته وهو يتحدث :
((هل أنت الآنسة لندسي؟؟))
((نعم أنا هي ؟ماذا تريد ))؟؟
((هل هناك مكان يمكنننا التحدث فيه يا آنسة لندسي؟؟))
((لماذا لانتحدث هنا ))
أخرج حافظة من جيبه ,وأعطى بطاقته كارولين دون أن يتكلم ..
ونظرت إلى البطاقة ثم شهقت في دهشة حينما ظهر الاسم أمامها
فجأة كان دومنكو فيكاري...

تورد وجهها وهي تعيد إلية البطاقة ثم قالت له :
((تفضل معي إلى البيت ))
طلبت إلية الجلوس ريثما تعد له الشاي .إنه من أفراد عائلة فيكاري التي ينتمي إليها فيتو .وعندما عادت كان يجول بنظره فيما حوله باهتمام بالغ ثم قال :
((أرى أنك تملكين تماثيل جميلة بالإضافة إلى الصور الرائعة . أهي هدايا من معجبين ))؟؟
فوجئت كارولين بهذا الأسلوب الذي يخاطبها به .لعله يظنها دورندا .كان أعد نفسه لمقابلة فتاة متحجرة القلب تسعى وراء المال أو ترغب في قضاء وقت ممتع ...
تذكرت كارولين بأن دورندا ذكرت لها أبن عم لفيتو
يدعى دومنكو وتمنت لأساءه إلية كما أساء فيتو على أختها . وردت بعذوبة مصطنعة ((ربما فعلى الفتاه أن تنظر على المستقبل ياسيد فيكاري وهل ثمة ماهو أفضل من استثمار المال في الأعمال الفنية ؟؟))
رمقها بنظره قاسية ، ثم قال :
((مامدى معرفتك بفيتو ياآنسة ليندسي ))
كادت كارولين أن تجيب بأنها لاتعرفة من قبل . ولا تريد معرفته لكنها تذكرت ماقاله في ازدراء عن أعمالها الفنية وقررت انتحال شخصية دورندا لتعاقبه على موقفة..
((اعتقد أنني عرفته إلى المدى الذي تعرف فيه كل أم أبا لطفلها هذه الأيام . لهونا كثيراً . وتمتعت بهذا العلاقة لكنه هجرني مع الأسف وأنا احمل طفلاً . أما فيتو العزيز فهو جر طليق بينما يحاول أبن عمة إصلاح ماأفسدة وهو يلهو .أعتقد أن هذا هو مقصدك من هذه الزيارة يا سيد فيكاري ؟ترى كم مره اضطررت إلى القيام بهذا العمل الممل ؟وهل يروق لك ؟؟))
لم تكن كارولين تتوقع اليد التي امتدت ناحيتها وقبضت على معصمها بشدة وغرست أصابه الفولاذية في جلدها الناعم .كان صوته بارداّ كالثلج وهو يقول :
((مات فيتو .عندما سقطت الطائرة التي كان يستقلها لتحمله إليك بسرعة . لقد كان حبه لك قوي .ولقد شكلت فرقة للبحث عن الطائرة .فوجدت الطائرة حطاماً على بعد عدة أميال من المدينة ولا أثر للحياة فيها ))
أظلمت عينا كارولين من هول المفاجأة .ثم رفعت عينيها إلية قائلة )):أرجوك قل إن هذا غير صحيح لا فهذا يجب ألا يكون صحيحا ماذا سيكون مصير الطفل ؟؟))
أجاب قائلاً :
((لقد وضعت خطه لذلك وأرجو أن توافقينني عليها ))
نظرت إلية في ارتياب ثم سألت ؟؟
(( أي خطة ))؟؟
((إنني أرى أن أسهل حل لهذه المشكلة هو أن نتزوج في أسرع وقت ممكن ؟؟))
وقبل أن تخرج كلمة أخرى من بين شفتيه هبت كارولين واقفة وقالت بصوت صارخ :
((هل فقدت عقلك أتزوجك ؟ أفضل الموت على أن أفعل ذلك ؟))
((تمهلي فبزواجنا نكفل للطفل تنشئة تتفق ومنزلة أبية الاجتماعية وسيكون مستقبله مشرقاً ))
ثم نظر بطرف عينة إلى كارولين وتابع :
((وعندما يبلغ سن الرشد يصبح تلقائياً شريكاً في أحدى أعضم شركات الاستيراد والتصدير في إيطاليا. يضاف إلى ذلك أنه سيرث مبلغا من المال سأودعه في أحد البنوك باسمه حالما نتزوج ))
خيمت فتره ليست قصيرة من السكون غرقت فيها كارولين في خضم من الأفكار بينما كان الرجل يتأملها متفحصاً أجزاء جسمها .
استعادت كارولين رباطة جأشها وقالت :
((ياسيد فبكاري ، لا يخامر ني أدنى شك في أنك صادق النية في مساعدتنا لكن شعوري هو أنني أرفض عرضك هذا لأني اشعر بأنني لن أستطيع الانسجام معك
ثم أنني عندما أريد أن أتزوج فأنني سأختار بكامل إرادتي رجلاً أحبة وليس لدي أي رغبة في الاقتران برصيد في بنك أرجوك فلتذهب الآن ))
سارت نحو الباب وأمسكت بمصراعيه مفتوحاً وانتظرت خروجه .
فوجئت به ينهض ليفعل ماأمرته به دون اعتراض . وعرتها الدهشة عندما رأته يقف لينحني لها وليقول : ((أشعر ن لدينا الكثير مما يتحتم علينا مناقشته لكني أتوقع اتصالا بعد أقل من نصف ساعه في الفندق ولذلك سأذهب لإلى هناك وبعد العشاء سأعود لأراكما مره أخرى ونستكمل حديثنا عن الخطط المستقبلية ))
لاتزال كلماته الأخيرة تزن في إذنيها ...
وبعد مرور الوقت التفتت إلى الساعة وأدركت أن الوقت حان لحمام فيتو .
كان الطفل يترنم بصوت عالي وينثر الماء في كل مكان عندما عاد دومنكو فيكاري
سمع صوت ضحكهما منبعثا من الحمام بخطوات واسعة ارتقى السلم ودخل عليهما .وكانت كارولين ترفع فيتو وللمرة الأولى لاحظ فيتو ، وارتسمت على وجهة ابتسامة صبيانية غير متوقعة وهو ينظر إليها بينما كانت تجفف الطفل . رفع الطفل وقال:
((دعيني أتولى الأمر ، فقد حان الوقت لأجعله يألفني ))
ثم رمقها بطرف عينه وقال :
((أما أنت ،فسأسعى إلى تحسين علاقتي بك فيما بعد ))
في هذه اللحظة انزلقت المنشفة عن كتفي الطفل وأشار دومنكو مندهش إلى شامه على هيئة قلب بادية على جلد الطفل في كتفة وسألها:
((هل ولد بهذه الشامة؟ ))
نظر على كارولين والحيرة تعلو وجهة ))حسناً لقد تأكدت الآن أنهه ابن فيتو بالفعل لأن هذه العلامة يولد بها كل فرد ذكر في عائلة فيكاري.
كان مايقصده واضحا كان يخامره الشك في أن يكون الطفل أبن فيتو .وفي هذه اللحظة أحست كارولين بأن عليها تلقين هذا الرجل المتغطرس درساً فقالت :
((لا أعتقد أنني قابلت رجلا كريها مثلك ))؟
((اقترح ان تأخذين الطفل إلى فراشة ))؟وعندما تعودين نستأنف حديثنا ؟؟؟
((ألا تظنين أن الوقت حان لأعرف أسمك ))؟
((أسمي كارولين))
((كارولين اسم لطيف يناسبك ))
بدا عليه التردد فبل أن يوجه سؤاله )هل كان فيتو على علاقة بامرأة أخرى )
((لا ؟ لماذا ))؟
في هذه اللحظة بالذات شعرت بأنها لم تكن قادره على الاستمرار في خداعة وهمت بأن تخبره بالحقيقة ولكن قبل أن تخبره صرخ غاضباً:
((أتستغربين هذه الشكوك؟ لقد سمع
الكثير عن هذه العلاقة مع فتاه وصفت بأنها سمراء تشبه نساء وطني ثم قدمت على هنا لأجد زهره انكليزية لها شعر ذهبي وجلد ابيض كالمخمل تدعي أنها ام لطفلة ))
(( الآن أنا أملك الدليل على أن هذا الطفل أبن فيتو فلا يسعني إلا أن أتقدم بإعتذار طالبا إليك أن تغفري شكي ويهمني أن تعرفي أن عرضي لايزال قائماً))
شهقت كارولين وقالت :
((لكنني لا أريد أن أتزوجك من اللحظة الأولى التي تقابلنا فيها وأنت تحاول إثارتي عمداً وصدقني سيد فيكاري أنني لا أتمنى أن أكون زوجة لك ومع ذلك أنا أشكرك
على هذا الشرف العظيم الذي منحتني أياه ))
((إذا أرجو أن لايكون لديك مانع أن يعود أبن عمي الطفل معي إلى منزله الشرعي ))

كانت فكره افتراقها عن طفلها أكثر مما تستطيع أن تحمله قال لها إنه سيحاربها ليحصل على حضانة الطفل .
نظرت إلية ببرود وقالت له)سأتزوجك )
انحنى إلى الأمام ليلمس خدها الشاحب بأصبعه وقال :
(لاتخافي مني ياكارولين ،أعدك بأنني سأرعاكما ،هناك شيء آخر )
(ماذا ؟)
(أريد أن تعلمي أن أمر الطلاق من جانبك لن يكون وارد على الإطلاق . هل تفهمين ذلك ؟ )
(نعم )
اتخذت كارولين الترتيبات اللازمة وعهدت بالمنزل إلى وكيل أكد لها أنه سيباع في الحال . تم تحضير جوازات السفر وأصبح حفل الزفاف الذي حدد موعده دو**** قريبا.
كانت كارولين جالسة أمام النافذة المطلة على الحديقة عندما دخل دو**** من الباب المفتوح وقال :
(مساء الخير )
فردت علية دون ترحيب (مساء الخير )
فأمسك بكتفها بحنان وأدارها في رقة حتى صارت في مواجهته ثم سألها :
( هل هناك مايضايقك )
(لاشيء . أنا متعبة قليلاً)
نظر بتمعن إليها وإلى وجهها الشاحب واقترب منها ووضع يديه على كتفها وتمتم :
(مسكينة يا حبيبتي الصغيرة )
وأسند خده على وجهها ولما أدركت ما كان ينوي فعلة .عادت إلى صوابها.وقالت:
(إياك أن تجرؤ على تكرار ذلك؟)
فرفع كتفيه في لا مبالاة وارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة وقال :(لاتحاولي إقناعي بأنك عفيفة )؟كوني طبيعية معي
(لاتحاكمني لأنني أحببت أبن عمك يادو**** وأريدك أن تعرف بأنه بسبب الحب الذي أكنه له وافقت على الزواج منك وأنا متأكدة من أن حبه سيظل في قلبي إلى الأبد)
تقدم نحوها وأحاطها بذراعية وأخذ يداعب شعرها ثم قال :
(مات فيتو ولن يعود إلى الحياة ونحن مازلنا شبابا وأحياء.وعندما نتزوج أتوقع منك نسيان كل الرجال الآخرين والإخلاص لي وحدي أنني أعترف أني أريدك من كل قلبي كلما التقينا زادت جاذبيتك قوة أمك تحيرينني ياكارولين من الواضح أنك بلا خبره ومع ذلك فكلما حاولت الاقتراب منك ابتعدت وتواريت عني خجلاً .أهي لعبة تمارسينها علي ؟ أريد زوجة ياكارولين ، زوجة يكل مافي الكلمة من معنى . أتفهمين ماأقصدة )
((لاتتوقع مني أن أتزوجك على هذا الأساس ، فأنا لاأعرفك إلا منذ وقت قصير . لقد وافقت على الزواج منك من أجل الطفل وليس أكثر .الا تعطيني وقتاً قبل أن ))
واحتقن وجهها بالحمرة وهي تتلعثم ولم تجد الكلمات لتنهي عبارتها فسألها برقة :
(قبل أن تصبحي ملكي )؟
أستداروتابع :
أعدك بأنني سأحاول أن أترك لكي وقتاً كافيا لتعرفينني أكثر قبل أن أطالبك بامتيازات الزواج أيرضيك هذا . هل تتزوجينني بهذه الشروط ؟ )
((حسناً جدا . إذا كنت توافق على إعطائي بعض الوقت كي تزداد معرفتي بك فأنني أوافق على الزواج بك ؟))





أمل بيضون 09-05-09 08:31 PM

_ 4_ الزواج عندما حلقت الطائرة ارتفعت معها معنويات كارولين, ومدت ذراعيها تشير الى كل ما يقع عليه بصرها قائ
لة:
"كل شيء رائع كأنني أسبح في الأحلام"
"هل هذه المرة الأولى التي تسافرين فيها الى الخارج".

الى الخارج؟ أنها اول مرة أبتعد أكثر من خمسين ميلا عن بيتي, أدهشه هذا القول ولم تكن هذه بالمرة الأولى التي يتساءل فيها عن مدى ما لا يعلمه عنها, ثم قالت:
"هل سافرت في الجو كثيرا يا دو****و؟"
"أن الرجل الذي يقوم بنشاطات دوليه ليس أمامه من سبيل الا هذه الوسيلة.." "لا بد أنك تظنني سخيفة, أخشى أن تجدني رفيقة تمل صحبتها انني أنفعل أمام أي منظر جديد أراه" "لا داعي للأعتذار. على العكس أنني أنا الذي أصبحت مملا وعندما أرى الأشياء من خلال عينيك فكأنني أكتشفها من جديد"
ونظر الى فيتو الذي كان ينام في سلام وقال لكارولين:
"أعتقد أنه من الأفضل لك أن تنامي قليلا قبل أن نصل الى باريس. لقد أمضيت صباحا حافلا بالعمل ولا أريد أن يغلبك النوم معي هذا المساء.,عندما أرافقك لمشاهدة معالم المدينة. لدينا برنامج سننفذه قبل سفرنا غدا الى روما."
أمتثلت لما طلب منها وهي تجد متعة بالغة في ممارسة ترف لم تعتاده وهو أن يتخذ قراراتها شخص آخر نيابة عنها ويزيل كل عقبة
من طريقها.
لكن النوم جفاها ولم تستطع منع الأفكار من أن تتدفق الى ذهنها مسترجعة كل ما مر بها من أحداث.
استيقظت في اليوم التالي وقد استولى عليها شعور بأن القدر واقع لا محالة. وفجأة أدركت أن هذا اليوم هو يوم زفافها فتهيبت الموقف وفضلت لو أنها تعدل عن هذه الخطوة.
كان يريد أن يشتري لها ثوبا غالي الثمن لكنها رفضت قائلة" لدي نقود خاصة بي ويمكنني أن أشتري شيئا مناسبا".
ورفع حاجبيه متسائلا:
"لكنني كنت أعتقد أن من الأسباب التي تسعدك أن تحصلي على مال تنفقينه في شراء الملابس أو أي شيء آخر".
هل تظن ولو للحظة واحدة, بأنني أتزوجك لأي سبب غير الأحتفاظ بفيتو معي؟ لو أنك تعدني بالرحيل لأعيش أنا والطفل في سلام فأنني أتخلى عن هذه الحياة المترفة".
لكنه طبعا لم يفعل . واستمرت ترتيبات الزواج.
بدأت المراسم الفعلية للزواج كحلم والشيء الذي انطبع في ذهنها هو الكنيسة الصغيرة حيث وقف دو****و في انتظارها أثناء تقدمها نحوه متأبطة ذراع محاميها السيد ولكنز.
وكانت ترد على كلام اقس بصوت منخفض دون ـن تجرؤ على النظر الى دو****و الذي كانت اجابته مباشرة وموجزة, وعندما
وضع الخاتم الذهبي الثقيل في أصبعها , فوجئت بقلبها يدق بقوة عند احتكاك أصابعه القوية به. وحاولت انتزاع يدها من يده لكنه ضغط عليها بأحكام.
واستمر قابضا على يدها وهما يتجهان الى الفندق حيث أعد لهما غداء فاخر وعندما احتجت في همس بأن أصابعها بدأت تتخدر أطلق يدها ضاحكا وكف قبضته عنها.
"الرجاء من جميع المسافرين أن يربطوا أحزمة السلامة".
تنبهت كارولين الى الحاضر الذي تعيش فيه وبدأت تتحسس حزام السلامة. فامتدت يد دو****و اليها لمساعدتها وهو يبتسم.
هبطت الطائرة فجمعا أمتعتهما وقاما بتوديع المضيفة الفاتنة التي أنجزت عملها بسرعة, وتساءلت كارولين ترى هل كانت المضيفة تسدي مساعدتها على هذا النحو لو لم يكن المسافر في وسامة دو****و.
وعن وصولهما الى الفندق, رأت فيه ما لم تره عيناها من قبل. فقد حجزت لهما شقة توافرت لها أسباب الترف الفاحش, فالفندق الذي نزلا فيه هو أغلى فنادق باريس.
كانت غرفتهما آية في الذوق. ولما عادت الى دو****و, كانت أمارات البهجة تشيع في وجهها.
وسألها متبسما:
"هل أعجبتك؟"
"أنها حقا جميلة".
اذا أنا مسرور. أعتقد أنه من المهم أن يكون كل شيء على أكمل وجه في شهر العسل. ألا توافقين؟ ان باريس مدينة العشاق يا كارولين".
طاف وجهه الضاحك في جميع أرجاء الغرفة وعندما اقترب من وجهها وقبل أن تفكر في رد مفحم عضت على نواجزها في قلق وهي تتساءل: الى متى ستتمكن من ابقائه بعيدا عنها وهو في هذا السلوك المغري.
وبعد أن أتفق مع مدير الفندق على أن يقوم أحد موظفيه برعاية فيتو, دفع كارولين وهي في حالة ارتباك الى سيارة أجرة.
"الى أين نحن ذاهبان؟"
سنذهب لشراء أشياء ضرورية يا عزيزتي. لقد أخترت أنت بطريقتك الخاصة ملابس زفافك. لكنني لا أريد أبدا أن أراك في هذا الثوب البشع الكاكي اللون الذي كنت ترتدينه في أول يوم تقابلنافيه . وأريد في أول فرصة أن ألقيه في نهر السين".
"الثوب ليس كاكي اللون.أنه بيج ولن أدعك تلقي به في النهر.أنه يعجبني".

ENGY ALI 09-05-09 09:20 PM

تسلم الايادى.

أمل بيضون 10-05-09 12:14 AM

وقفت السيارة أمام صف من المساكن العادية, ولما صعد دو****و السلم فتح الحارس الباب.
واندفعت سيدة بدينة لا يدل شكلها على سنها الحقيقية. فتخطت كارولين ولفت دو****و بذراعيها فبادلها العناق بحماسة.
ثم قال لبريجيت:
"أريدك أن تقابلي زوجتي كارولين. أنها لا تعرف الفرنسية يا بريجيت".
التفتت بريجيت وفي عينيها امارات الدهشة وقالت:
".وجتك؟ أن هذا الخبر سيغضب نصف السيدات المعجبات بك في روما"ز
ثم أخذت تتفحص كارولين. لم يفتها شيء منها حتى شعرت كارولين بارتباك شديد. وكان دو****و في دهشة كبيره لكنه آثر الصمت.
تأثرت كارولين عندما التفتت بريجيت نحو دو****و وقالت له:
"آه يا دو****و أنك لرجل محظوظ . أنها كاملة حقا... أو على الأقل ستكون كذلك عندما أنتهي من تظبيطها".
أجاب دو****و: هذا هو السبب الذي من أجله جئنا الى هنا. صحيح أن الوردة الأنكليزية جميلة , لكنها تحتاج الى عملية صقل قبل تقديمها الى المجتمع الراقي في روما , ألا توافقينني يا بريجيت؟".
"أوافقك لكن مع القليل من الماكياج فقط لأننا لا نريد أن نفسد جمالها الطبيعي. هل تتركها ساعة أو ساعتين؟ لن أتمكن من تجهيز كل ملابسها في هذا الوقت القصير طبعا . لكن يمكنني أن أجهز لها ثوبا لهذا المساء. وربما استطعت أن أعد لها ملابس لتسافر بها الى روماغدا كما طلبت. أما الباقي فسنرسله بعد ذلك".
"كنت أعلم أنه يمكنني الأعتماد عليك. أرجو تحضير بعض الثياب الفاتنة يا بريجيت.ولا بأس من أن يكون بعضه مصنوعا من الدانتيل الأسود".
بدأت كارولين تصاب بدوار وهي تحاول اختيار الأجمل من المجموعة الراقية للأزياء التي عرضت أمامها. وأخيرا قررت أن توافق على ما ختاره بريجيت دون تردد. وعند أختيار ثوب السهرة لليلة الأولى في باريس انحبست أنفاس كارولين.وقفز قلبها عندما تصورت رد فعل هذه التحفة الرائعة على دو****و.
"رائع يا صغيرتي . ابتسمت بريجيت وقالت : الليلة تنعم باريس بمشاهدة اثنين من أكثر العشاق وسامة".
احمر وجه كارولين وعانقت السيدة الفرنسية بحرارة وهي تهمس في خجل:
"أشكرك على كل شيء".
"هناك أمر يجب عمله. سأطلب من مصفف الشعر الخاص بي أن يقوم بتصفيف شعرك حتى يتناسب مع تصميم الثوب".
بعد عودة كارولين من عند الحلاق الذي صفف لها شعرها كان دو****و وبريجيت يتناولان المرطبات. أطلقت بريجيت صيحة فرح عندما رأت الأبداع في تصميم شعر كارولينلكن دو****و لم يقل شيئا مكتفيا بالأبتسام. ثم نظر اليها عن كثب وقال:
"هل أنت متعبة يا كارولين؟ أعتقد أنه من الأفضل أن تستريحي قبل العشاء لتستعيدي نشاطك قبل أن آخذك لتشاهدي حياة الليل في باريس"ز
واستغربت بريجيت وقالت:
"متعبة؟ كيف تقول عن طفلة في سنها أنها متعبة الى الحد الذي يمنعها من التمتع بليلة في أكثر مدن العالم رومانسية وفي شهر عسلها؟ أذا تابعت هذا الأسلوب فسيساورني الأعتقاد بأنك أصبحت عجوزا . أبلغيه يا كارولين بأن ما أقوله صحيح".

أمل بيضون 10-05-09 01:11 AM

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

جورجينا 10-05-09 11:26 AM

كتييييييييييييييييييييييي ييييير حلوة

أمل بيضون 10-05-09 01:29 PM

التفت دو****و الى كارولين وقال:
"أنت متعبة؟ يا لحماقتي اذ لم ألاحظ ذلك! أمضيت يوما طويلا وقد بدأت تتأثرين بأنفعال هذا المساء والرحلة التي قمنا بها".
كانا يجلسان في ناد من أرقى النوادي الليلية في المدينة أختاره دو****و ليتوج أمسيتهما. وكان الجو الدافىء والأضواء الخافتة تحث على النوم. وأحست كارولين بموجة غامرة من الأرهاق تنتابها. وشعرت بثقل جفونها. وبجهد استطاعت أن تنفض التعب الذي استولى عليها.
أمسك بيدها ومازحها برقة قائل:
"أتدرين؟ أن الشبه بينك وبين الطفل فيتو هو أوضح ما يكون في هذه اللحظة. فهو يجاهد بالأسلوب نفسه ليتغلب على نعاسه.أرجو ألا تستسلمي بالسرعة التي يستسلم بها. والا أضطررت أن أضعك في فراشك عندما نعود الى الفندق".
"أشكرك يا دو****و فلن يكون هناك داع لهذه الخطوة. سأكون قادرةعلى أن أذهب الى الفراش بنفسي".
"يا للخسارة . لكنني ما زلت أرى أنك أنفعلت ما فيه الكفاية ليوم واحد. سنرحل الآن. وعندما نصا الى الفندق سأطلب بعض الساندويتشات قبل أن نأوي الى الفراش . أتحبين ذلك؟".
"لست جائعة يا دو****و.أظن أنني أفضل أن أذهب الى السرير مباشرة اذا لم تمانع".
"لكنني أمانع. لآ تقلقي فلن أبقيك مستيقظة طويلا".
أمر البواب بأن يأتي لهما بسيارة. وبعد قليل وصلا الى الفندق.
بدأت كارولين تذرع غرفة الجلوس ذهابا ومجيئا قلقة من توقع المواجهة الوشيكة مع دو****و. وتمتمت لنفسها "أنني أعرف أنه سيحاول التقرب مني الليلة.أستطيع أن أحس بذلك".
خاطبها دو****و قائلا:
"لم لا تردتدين ثوبا يوفر لك اراحة جسمك المتعب؟".
"أشكرك يا دو****و. فأنا مرتاحة في هذا الوضع".
"أذن أجلسي وأسترخي فلن آكلك".
رمته بنظرة عصبية سريعة فأقترب منها.أحاط كتفيها بذراعه وبدأ قلبها ينبض في غير أنتظام وهي تقاوم تحديقه فيها.
"لقد وعدت يا دو****و بأنك لن تعود الى تصرفاتك التي أزعجتني".
"أنا ما زلت عند وعدي".
"أنك تعرف أن هذا ليس صحيحا.أنك تحاول استمالتي كان هذا جزأ من أتفاقنا".
"كلا. كان ما وعدت به أنناسنكون كشخصين تقابلا للمرة الأولى هذا المساء. وأننا سنخرج ونتمتع سويا دون أن نفكر في ما حدث قبل ذلك".
"أن هذا يعني ألا تحاول الأقدام على تلك التصرفات".
:بالطبع لا . أنني أتصرف بالطريقة نفسها التي كنت سأتصرف بها مع أي فتاة أخرى أمضيت معها ليلة ساحرة:.
فهمت كارولين المعنى القاسي لكلماته وكان مضمونها صفعة قوية لها. فقد كان يعني أنه لم يحترمها الى الحد الذي يجعلهيتصرف معها بطريقة أخرى.لقد خدعها. كان طوال المساء يستغل سعادتها لكي يخطط لهذه النهاية. أرادت أن تكرهه لكنها لم تستطع.وكل ما استطاعت أن تشعر به هو أحساس بالبؤس. وكلما سنحت لها فرصة للتفكير فيه جلب أليها ذلك ألما غير متحما.
"ظننتك رجلا دمثا يا دو****و".
"هل من الضروري أن أذكرك ثانية بأنك زوجتي يا كارولين؟ ألم تخبريني عندما سألتك عن مدى معرفتك لفيتو بأنك تورطت معه حتى النهاية؟".
ثم صرخ:
"ومع أن وضعك الآن محترم أذ تحملين في أصبعك خاتم الزواجألا أنك مع ذلك تفضلين التصرف في حذر".
وحفر بأصابعه في أكتافها بقسوة وهو يجذبها اتجاهه.
"أنك تجرين مني مجرى الدم من العروق يا كارولين وأنني لأكره نفسي من أجل ذلك لكنني لا أستطيع أن أقاوم الرغبة الملحة في تذويب الثلج الذي كونته حول قلبك المتحجر".
وتطاير الشرر من عينيه وهو ينظر اليها قائلا:
"هل أنت باردة كالثلج معي فقط؟ أذا كان الحال هكذا فأنا أعرف كيف أذبيه! وأستطيع أن أجعلك تستجيبين".
حاولت أن تتخلص من يديه اللتين كانتا تمسكان بها لكنهما كانتا كقيد من الصلب. وبدت في عينيها كآبة عكست ما يكمن في قلبها الباكي من حزن لكنه لم يلاحظها أو لعله لاحظها ولكنه لم يكترث. صمم على تنفيذ ما يجول في خاطره.
وشعرت كارولين بالتعب يسيطر علي كل جزء من جسمها النحيل فاسترخت وتمددت واستغرقت في سبات عميق.
لانت نظرة دو****و وهو يحدق في وجهها البريء فشعر بنوع من الندم وتوبيخ الضمير. ثم حملها في رقة الى غرفة النوم ووضعها في سريرها وانصرف!.

5- في روما
كانت السيارة في انتظارهما عندما هبطا من الطائرة التي حملتهما من باريس هذا الصباح. وبدا على وجه دو****و الأرتياح وهو يتخذ مكانه أمام عجلة القيادة أذ هجر سيارات الأجرة في باريس والسيارات المؤجرة التي كان يستعملها في أنكلترا.
نظرت كارولين الى فيتو الذي أخذ يهدل بسرور وهو مستلق في سريره الخفيف المثبت في المقعد الخلفي. وعندما أطمأنت الى راحته نظرت بطرف عينيها الى الملامح الجانبية لوجه دو****و المتسمة بالقوة والصرامة وفتحت فمها وهي تهم بالكلام لكنها عدلت عن ذلك. وأخذت أصابعها تمزق منديلها المخملي الثمين فأتلفته دون وعي منها بسبب قلقها من المحنة التي كانت تزداد منها أقترابا مع كل دورة من دورات عجلات السيارة؟
هل ستحبها عمة دو****و؟ هل يقبلها أفراد عائلة دو****و دون أعتراض أم أنهم سيظهرون العداء لفتاة أقتحمت عالمهم فجأة؟.
بينما كانت تفكر في كيفية بدء الحديث مع دو****و فاجأها بقوله"
لا داعي للقلق يا كارولين. فالعمة رينا هي من أحب النساء اللواتي عرفتهن".
ثم رفع كتفيه بلا مبالاة وأستطرد:
"أما بالنسبه الى بقية أفراد العائلة. فلا قيمة لما قد يفكرون فيه أو يقولونه".
"يا لك من رجل! فأنت لا تعبأ بفضول أسرتك الطبيعي ودهشتهم لمجيء فرد جديد الى العائلة لا يعرفون عنه شيئا. كيف تتصرف لو أن فيتو ألقى بي وبالطفل بينكم دون مقدمات كأمر واقع يجب قبوله؟".
ودون أن يحول عينيه عن الطريق ألتقط سيكارة من العلبة التي كانت في جيبه وأشعلها. وبدا عليه أنه يتروى قبل أن يرد. ثم قال لها:
"لعل من الأفضل توقع أسوأ الأمور, ولا شك في أن تصرفهم سيكون كذلك فعلا, ولكن لا داعي للقلق. فلا يعنينا ألا رأي العمة رينا. وسنشرح لها الأمر بطريقة تقنعها , ولو لم ننجح في ذلك فهي لن تتساءل عن هذا الأمر مراعاة لمشاعري. وأعتقد حقا أن الطفل سيكون تعويضا كافيا لها عما يعتريها من ألم لأننا كتمنا أمر زواجنا".
"أتنوي أن تخبرها بأننا لم نتزوج حديثا؟"."هذا أصعب قرار كان علي أن أتخذه".
وقطب جبينه وأستطرد قائلا :
لم أخدعاها أبدا في حياتي . ولذلك فلا خيار أمامي ألا أن أخبرها بأنه مضى على زواجنا عام كامل وأننا أضطررنا الى كتمان الأمر بسبب أعتراض أسرتك على الزواج وأنت في هذه السن الصغيرة. أتظنين ذلك ملائما؟".
فقالت بتردد: "لست أدري . ترى ألا يدهشها أنك أنتظرت حتى بلغ الطفل ستة أشهر لتطلعها على الأمر؟".
سحق سيكارته متأففا وقال:
طبيعي أن ذلك يؤلمها لكن الأمر يختلف متى عرفت أن الطفل هو أبن فيتو".
وأخيرا حانت اللحظة التي كانت تخشاها. فقد توقف دو****و أمام منزل فخم شبه منعزل. وبسبب أنفعالها الزائد تعثرت قدمها وهي تخرج من السيارةوسرها أن وجدت ذراع دو****و تسندها حتى استعادت توازنها. ودق دو****و الجرس وقبل أنقضاء فترة كافية من الوقت ايذانا بوصولهما فتح الباب. وأنطلقت صيحات:
"دو****و. دو****و أخيرا أخيرا".
ذلك أن السيدة العجوز لم تنتظر قيام خادمها بفتح الباب. وكادت تبكي وهي تطوق دو****و بذراعيها ضاحكة.
وبعدما عانقها بحرارة قال لها:
"عمتي رينا أنت فاتنة كما عهدتك دائما".
وحملها بين ذراعيه ثم دار بها حتى توسلت اليه أن يرحمها قائلة له وهي تلهث:
"دو****و أنزلني في الحال! ماذا ستظن زوجتك في تصرفي هذا؟".
فأنزلها برفق حتى استردت ما أهتز من هيبتها قبل أن يمد يده الى كارولين قائلا:
"عمتي رينا أريدك أن تقابلي المرأة الوحيدة التي أحببتها بعدك انت".
وفي خجل مدت يدها وحدقت في العينين البنيتين الدافئتين اللتين كانتا تحدقان نحوها, وأحست بالدفء لما رأته فيهما من عطف وحنان وشعرت بالأرتياح عندما خطر لها أن السيدة منفعلة مثلها تماما وتراءى هذا كله في أبتسامة متألقة تبادلتها معها.
رفعت العمة رينا وجهها لتتلقى قبلة كارولين. ثم مالت بوجهها نحو دو****و وقالت"
"أشكرك يا عزيزتي. كنت أخاف أن يتعذر الأنسجام بيننا ولكن كان يجدر بي أن أدرك أنه لا سبيل الى الشك في ذوق دو****و الذي لا يخطىء".
فابتسم دو****و قائلا:
"أذن أنت ****ة عن أختياري يا عمتي رينا؟".
"ألم يقل غريغوري الأكبر عبارته التي أشتهر بها ومؤداها:
"ليسوا أنكليز. بل هم ملائكة" والتي قالها عندما رأى الأطفال الأنكلو الساكسون للمرة الأولى يا دو****و؟ هذا ما ذكرتني به كارولين. ذلك الشعر الذهبي الجميل وتلك البشرة الملساء والعينان التي لهما براءة الملائكة نعم يا دو****و أنني ****ة عن ملاكك الأنكليزي الصغير".
وأبتسمت لهما وهما يقفان وقد تشابكت أيديهما. ولما رافقتهما العمة رينا الى غرفة الأستقبال نظر دو****و الى عيني كارولين ورفع حاجبيه في مرح. وأحست كارولين بأنها تكاد تختنق وقد تملكها شعور من الأسف أعتقادا منها بأن خداعها لهذه السيدة العجوز العزيزة شيء كريه فقد بدت عذوبتها واضحة لكارولين وعرفت أنها قد تزداد مع الأيام حبا لها.
وأفسحت العمة رينا مكانا مجاورا لها على الأريكة وكأنها تدعو كارولين الى الجلوس الى جانبها. وجلس دو****و أمامها وأخذ ينظر اليها وهي تصب الشاي في فناجين . هي من الرقة بحيث تشبه قشرة البيض. وخاطب كارولين قائلا:
"أنك تجبرين العمة رينا على شرب الشاي فالقهوة هي شرابها المفضل. لا بد أن تشعري بالفخر لأنها تحبك حبا جعلها تشاركك في ما كانت دائما تصفه بأنه مزيج مقزز للنفس".
قطبت عمته جبينها وهو يمازح كارولين ثم مالت الى الأمام لتضربه على ركبته ضربة حادة وقالت:
"هذا هراء يا دو****و فكثيرا ما أتناول الشاي مع أصدقائي الأنكليز وسيضايقني جدا اذا أشعرت كارولين بأنني أتناول الشاي لمجرد تفضيلها اياه. كان يجدر بك أن تساعدها على الشعور بالأرتياح بدلا من أن تزيدها أرتباكا".
ثم استدارت الى كارولين قائلة:
"ما أكثر ما تسبب في أثارة ابني فيتو بحيله ومزاحه. لقد كان يغيظه بلا رحمة وخاصة عندما كانا طفلين".
حملت كارولين الطفل فيتو وجاءت به الى غرفة الأستقبال لتعرضه على العمة رينا التي ما أن رأته حتى صاحت:
"آه يا دو****و. ها هو ابني فيتو مرة أخرى. فالتشابه بينهما أكبر من أن يصدقه عقل. يا عزيزي فيتو!".
قالت كارولين برقة:
"أطلقنا عليه اسم أبنك يا عمتي ظنا منا بأن ذلك يسعدك؟".
مدت يدها ناحية كارولين ورمت دو****و بنظرة عرفان بالجميل وقالت منفعلة:
"أشكركما. أنكما تراعيان شعور سيدة عجوز. أنني مسرورة للغاية لأنكما فكرتما فيٌ في هذا المقدار".
وضع دو****و أصبعه تحت ذقنها ورفع وجهها لكي ينظر في عينيها وقال:
"تعرفين طبعا أن من أسباب سعادتنا أن نقوم بأي شيء في سبيل راحتك . أنا مدين لك بأكثر مما أستطيع الوفاء به. وفيتو أيضا. فلقد قاسمني أمه ومنزله وسأظل مقدرا لجميلكما الى الأبد".
"هراء يا دو****و ز فأنت تعرف أنها لم تكن مسألة قسمة. لقد كنت أبنا آخر لي وأخا محبا لفيتو, لا أريد أن أسمع كلمة عرفان بالجميل مرة أخرى, فقد أعطيتنا أكثر مما أخذت منا بكثير".
وغامت عيناها بالدموع أذ لم يكن قد مضى على موت أبنها الا وقت قصير ولم تكن تقوى على التحدث عنه برباطة جأش وأنتقلت اللى موضوع آخر حتلى لا تنوء تحت وطأة أحاسيسك".
"كانت رسالتك التي ذكرت فيها خبر زواجك وأنك أصبحت أبا مفاجأة كبيرة لي يا دو****و".

أمل بيضون 10-05-09 06:40 PM

دخل ايمانويل الغرفة بعدما نقر الباب. ثم وقف بجوار مقعد العمة رينا. كان عجوزا مثلها. هو عمل وأبوه في خدمة أسرة الفيكاري منذ أن كان صبيا. وأشرق وجهه الأسمر المجعد وهو يتأمل السيدة العجوز وهي ترعى الطفل في سعادة غامرة. وتجعدت شفتاه عندما ابتسم بعد أن صوب نظره اليه وأخذ يضحك وهو يحدق في اتجاهه. ثم تمتم مسرورا:
"أنه حقا من عائلة فيكاري . ابن حقيقي لأبيه".
وأحمر وجه دو****و قليلا وقال:
"أشكرك يا ايمانويل. لكن أرجو ألا يسبب لك أزعاجا كما كنت أفعل في صغري".
فرد بصوت مرتفع:
"ازعاج يا سيد دو****و؟ ألا ليتنا نستطيع التغلب على كل ما يسبب لأنا ازعاجا بالسهولة نفسها التي كنا نعالج بها طيشك".
ثم جر قدميه في قلق. فسألته العمة رينا وقد نفذ صبرها:
"قل لي يا ايمانويل. ماذا يزعجك؟".
"أنت تعرفين أوامر الطبيب يا سيدتي . يجب الحرص على راحتك بعد الظهر دائما. ألا تحبين أن تأوي الى فراشك الآن؟ سأخبرك في الوقت المناسب لتستعدي للعشاء".
وعندما رأى أن العمة رينا تهم بمجادلته. لجأ الى دو****و وقال:
"أنها أوامر الطبيب الصريحة بأن تأخذ قسطا من الراحة كل يوم بعد الظهر يا سيد دو****و. منذ الصباح وهي تنتظر وصولكم في قلق. فأرجو منك الألحاح عليها في تنفيذ أوامر الطبيب الذي أخذ عهدا علي باحترام أوامره".
وانتظر رد فعل دو****و ثم ابتسم شاكرا عندما رآه يتولى الأمر بنفسه اذ أخذ الطفل منها وأعطاه لكارولين متجاهلا أعتراضاتها ثم رفعها وحملها الى الباب وتركها في رعاية أدلينا زوجة ايمانويل التي دفعتها الى الداخل وأغلقت الباب,
عاد دو****و الى الغرفة والأبتسامة تعلو شفتيه وقال لكارولين:
"أشكر لك طريقتك في معاملة العمة رينا".
"لا داعي لأن تشكرني يا دو****و فهي في اعتقادي من أطيب من قابلت من الناس وأرجو..."
ترددت فقاطعها سائلا:
"ماذا ترجين؟".
وفي بطء استكملت حديثها قائلة:
"كل ما كنت أرجوه هو أن يكون لقاؤنا خلوا من هذه السحابة من الخداع التي تخيم علينا فهي أطيب من أن نخدعها بهذه الطريقة. ومما لا ريب فيه أن لديها قلبا كبيرا يستطيع أن يتسع لحفيدها دون حقد. بل أنه ولو لم يكن أبواه متزوجين لما حمًلت الطفل وزر هذا الأمر في اعتقادي".
"هل تقصدين أنه لم يكن هناك داع لزواجنا وأن العمة رينا ستقبل بالطفل أيا كانت الظروف ؟"."نعم. أعتقد أنه لم يكن هناك أي داع لذلك".
" مضى الآن وقت التفكير في ذلك . وفي أي حال كيف لنا أن نعرف ما سيكون رد فعلها متى عرفت أن الطفل هو ابن فيتو لا ابني؟ صحيح أنها لن تلقي بك أو به في الخارج لكن الصدمة قد تقتلها , وأنا لم أستعد لهذه المغامرة".
"لم يكن لمعرفتها بأن الطفل هو أبنك أي أثر سيء يا دو****و. ولا بد أنها تشك في الفترة التي انقضت بين زواجنا وبين ميلاد الطفل لأن أحدا لم يخبرها بهذا أو بذاك. كيف تقول لها أننا تزوجنا منذ أكثر من عام وأنك لم تر ضرورة لأبلاغها ذلك".
" سبق وأطلعتك على خطتي. وأن ارتابت فلن تسألني . ان ذلك سيؤلمها لكنك تعرفين أننا لا نستطيع أن نحول دون حدوث ذلك. لقد كانت تعاملني كأبن لها . وكنت أحصل على كل ما ينعم به فيتو من حب وعاطفة ولكن مع ذلك ".
حزنت كارولين لنظرة الألم التي بدت في عينيه وهو يستطرد قائلا :
"كان هو ابنها الحقيقي لا أنا . هذا هو الفرق يا كارولين".
ثم استدار حتى لا ترى وجهه:
"هناك رابطة بين الأم وأبنها لا يستطيع أحد أن يقطعها أو أن يشاركهما فيها أيضا".
لم يكن قد أخبرها الشيء الكثير عن طفولته. وكل ما كانت تعرفه أن والديه قتلا في حادث سيارة ولم يكن عمره اذ ذاك يزيد عن السبع سنوات بدأ يشرح لها قصته بالتفصيل قائلا:
"كان والدي أخا لوالد فيتو وعندما أصبحت يتيما فتحت العمة رينا والعم أرتورو قلبيهما وبيتهما لي . ومات العم أرتورو فجأة عندما كنت وفيتو في الثانية عشرة من عمرنا . وتحملت العمة رينا عبء تربيتنا. وسأظل مدينا لها بهذا الجميل اللى الأبد . كان فيتو سخيا معي وأشركني في كل شيء فمن واجبي أن أفعل كل ما بوسعي لمساعدة فتاة كان مقدرا لها أن تكون زوجته. وما هذا الا تضحية ضئيلة اذا ما قورنت بما نعمت به من حب وأمان".
استدار نحوها فجأة ونظر اليها وقال:
"لم نشعر بالحاجة الى المال في أي يوم من الأيام يا كارولين. فقد كان لدينا الكثير منه دائما . لكن المال لا يشتري ما ظفرت به من حب".
كان عليه أن يتقاسم الحب طوال حياته أو على الأقل منذ وفاة أبويه. وها هو الآن مضطر الى مقاسمة فيتو حبه لزوجته وهو الحب الذي ينبغي أن يكون له وحده . ورغبت في أن تلقي بنفسها بين ذراعيه لتشبع هذا الجوع الشديد الى الحب الذي أظهره دون أن يدري ولكنها لم تجرؤ على ذلك. فقد كان دو****و رجلا متكبرا فظا ولم يكن يتيما بائسا يبكي أمه اشتياقا اليه. وكانت تعرف أن مبادرتها ستلقى الرفض فازدادت اصرارا على أن تحرره من هذا الزواج الزائف في أقرب فرصة مهما تكن العواقب.
كان فيتو ينمو بسرعة ويستعد للشروع في الوقوف دون مساعدة أحد. وكانت حركاته ترهق كارولين. وذات يوم سمع دو****و أنينها وشاهد ما تعانيه بسبب الطفل فانحنى ورفع الطفل قائلا:
"دعيني آخذه منك . انه يرهقك وأنصحك بأن تذهبي الى غرفتك لتستريحي قبل أن تقابلي بقية أفراد الأسرة هذا المساء".
ولما رأى الأنفعال على وجهها قال:
"لا تقلقي, أؤكد لك أنهم أناس طيبون".
وابتسم لها وخفق قلبها. كان يحمل فيتو بالحنان الذي يبديه كل ايطالي نحو طفله وقالت لنفسها. يا له من رجل يصلح أبا رائعا ز لو..".
وضاقت ذرعا بنفسها لهذا التمني فنهضت وتوجهت الى الغرفة المخصصة لها يرافقها دو****و.
وعندما فتح الباب لكي تتقدمه الى الداخل انبعثت منها صيحة تنم عن السعادة.
ومشت على سجاد أزرق سميك ينبسط على أرض الغرفة من الجدار الى الجدار. وكان الأثاث مصنوعا من خشب ذي لون فضي ناصع براق. أما النوافذ الشاهقة فقد اكتست بستائر ظلال لونها شبيهة بلون السجادة الزرقاء. وتدلت بارتفاع الجدار. أما الجزء المتوسط من الغرفة فقد استقر فيه فراش أنيق غطى بدوره بأغطية من اللون الأزرق أسوة بالستائر والسجادة.
وقفت كارولين مشدوهة لا تقوى على الكلام وهي تتأمل جمال الغرفة التي اختارتها لها العمة رينا يحذوها الى ذلك عطفها ورقتها وهمست قائلة:
"لآه يا دو****و!".
"لا ريب أن العمة رينا أولتك شرفا عظيما . فعلى ما أذكر لم يستعمل هذه الغرفة الى ذوو الحظوة من الضيوف وطبيعي أن تخصيصها لك لأستعمالها بصفة دائمة هو شرف كبير لأنها رفضت مرارا أن يستعملها أفراد العائلة".
"أيعني أنها تعتبرني فردا من أفراد العائلة؟".
"ليس هذا فقط بل تعتبرك فردا عزيزا من أفرادها".

كوشيلي 10-05-09 09:14 PM

يعطيك العافية وتسلم الأيادي في قبضة الأقدار من الروايات التي لاتمل حتى لو قرأت مليون مرة

بنوته عراقيه 10-05-09 09:44 PM

يسلموو حبيبتي معك كملي

أمل بيضون 11-05-09 12:44 AM

وصلت الى احدى النوافذ ثم خرجت الى الشرفة. وسرها أن تجد نوافذ غرفتها تطل على المنزل من الوراء وأن هناك شرفة واسعة. وانبسطت تحت الشرفة ساحة خضراء فسيحة في وسطها فسيفساء وتناثرت فيها شجرتان أو ثلاث تضفي على المكان ظلا ظليلا وترطب جوه. وأسعد كارولين أن تجد في هذه الساحة مكانا مثاليا يلعب فيه فيتو . ثم سألت دو****و:
"هل هذا منزلك الوحيد يا دو****و؟ أعني هل لديك مكان آخر خاص بك أو أنك ما زلت تقيم هنا مع عمتك؟".
"عندي فيلا في الجبل أذهب اليها حينما تشتد الحرارة في المدينة. وقد جرت العمة رينا على استعمالها في هذا الوقت من السنة. ولكنها آثرت الأقامة هنا منذ وفاة فيتو لتظل الى جانب أفراد العائلة. ولم أشعر بالحاجة الى مكان خاص بي لأنني دائم الترحال. كان فيتو يرعى أعمالنا هنا في روما. ولم يكن يسافر الا قليلا . أما الآن فهو لم يعد بيننا وعلينا أن نعيد ترتيب أوضاعنا . سأضطر الى البقاء هنا لأدير الأعمال. وربما أنبت عني جيووفاني وهو ابن عمي الأصغر الذي ينتظر فرصة كهذه ليظهر فيها براعته. وفي هذه الحالة يجب أن أفكر في شراء منزل قريب من هنا. اذا كنت لا تحبين الأقامة مع العمة رينا".
"لا يا دو****وز أنا أحب الأقامة مع عمتك. وكل ما في الأمر أنني فضولية".
اتجه الى باب كانت كارولين تساءل عما يخفي وراءه فأكد شكوكها عندما قال:
" هذه هي غرفتي وستلاحظين أنها ليست في فخامة غرفتك ولكن عمتي تعرف أنني أفضل الغرف البسيطة".
احمر وجهها عندما التقت نظراتهما وتذكرت الغرفتين اللتين أقاما فيهما. وما ترتب على تقاربهما. وتمنت صادقة أن يكف عن اقتحام غرفتها في أوقات لا تتوقع حضوره فيها.
"استلق في فراشك وخذي قسطا من الراحة وفي الوقت المناسب سأخبرك لكي تستعدي. سيحضر بعض الأصدقاء للتعرف اليك ولكن لن يبقى الا المقربون على العشاء. وأرى أن ترتدي الثوب الذي ارتديتيه في الليلة السابقة فهو جذاب للغاية".
فأجابت:
"سأفعل وشكرا".
لو كان الأمر في يد كارولين لما عادت الى ارتداء هذا الثوب. صحيح انه ثوب جميل الا أنه يوقظ في ذهنها ذكريات كثيرة مؤلمة. لكن ليس لها خيار. لأن الثياب التي كلفت بريجيت تجهيزها لها لم تصل بعد.
استلقت كارولين على الفراش وهي تحاول النوم. لكن ذهنها كان مفعما بالنشاط. وطافت عيناها في أرجاء الغرفة في تعجب فهي لم تستطع بعد أن تتقبل فكرة أن هذا البيت صار بيتها. لا ريب في أنه سيكون مؤقتا ومع ذلك فهو مكان تقضي فيه بعض الوقت حتى تعثر على دورندا. وأخذ النعاس يداعب جفونها. ثم استسلمت الى النوم.
وبعد ساعة استيقظت وهي تشعر بانتعاش. كان في استطاعتها أن تسمع وقع أقدام دو****و وهو يتجول في غرفته. وعندما نظرت الى ساعتها أدركت أن الوقت حان كي تتأهب لمواجهة أقارب زوجها.
دخل دومنكو رفة نوم كارولين حاملا علبة صغيرة قدمها اليها واذا فيها بروش ثمين جدا مرصع بالماس على هيئة وردة دقيقة الأوراق. فأطلقت صيحة اعجاب وهي مشدوهة بما تراه ثم قالت:
"أنه نفيس جدا . خذه وضعه في مكان آمن , لأنني أخاف عليه أن يضيع".
فأخرج البروش من العلبة وثبته على ثوبها فتلألأ بالأنوار, ثم اتجهت الى المآة لتتأمله.
وتردد وهو يقول:
" أريدك أن تتقلديه يا كارولين فقد كان يخص أمي".
رفعت يدها برقة ولمست طرف احدى وريقات الوردة بأصبع تختبرها بها وقالت:
" خاص بأمك وتريدني أن آخذه يا دو****و؟".
"نعم".
اتجهت يده الى جيب سترته وأخرج هذه المرة علبة أخرى أصغر من الأولى . وأمسك بيدها ونظر لحظة الى أصابعها النحيلة ووضع خاتما في الأصبع التي تحمل خاتم الزواج الذهبي الثقيل. وكان لهذا الخاتم ماسة رقيقة وضعت في ذوق سليم وهو يماثل البروش تماما وقال:
" لم أشتر لك خاتما للخطبة . أرجو أن يروقك هذا الخاتم".
"هل هذا خاتم خطبة أمك يا دو****و؟".
" نعم . هل يعجبك؟ اذا كنت تفضلين أن أشتري لك خاتما آخر فأنا مستعد".
لم تتمالك نفسها. فذهبت اليه ووضعت شفتيها على خده وقد اغرورقت عيناها بالدموع وقالت:
"شكرا يا دو****و هذه العاطفة. سيكون لي شرف وضع خاتم والدتك في أصبعي".
وللمرة الأولى منذ عرفت دو****و خانته ألفاظه وامتدت يده الى خده وتلمس المكان الذي لمسته بشفتيها لمسة خاطفة وقال:
"لماذا. يا كارولين؟".
وابتعدت بسرعة وهي نادمة فعلا على اندفاعها هذا. فلو أدرك أنها تحبه فأن خطتها ستبوء بالفشل . والأمر يحتاج الى كبت المشاعر لكنها بحماقتها جعلته يحس بشيء من الشعور الذي تضمره له.

أمل بيضون 11-05-09 12:56 PM

"يا مدام فيكاري. حان الوقت للنزول الى الطابق الأسفل لمقابلة الضيوف".
وردت كارولين في ارتياح:
"أشكرك يا أدلينا أنا قادمة".
اتجهت الى الباب دون أن تنظر في اتجاه دو****و وقبل أن تصل اليه اعترض طريقها وقال:
"يا كارولين".
"أرجوك يا دو****و دعني أنزل فالعمة رينا في انتظارنا".
"يمكنها الأنتظار بضع دقائق أخرى يا عزيزتي . أود أن أكلمك".
الذي أفزعها كلمة عزيزتي التي قالها بحنان يضاهي تلك الومضة التي انبعث من عينيها فصرخت:
"أدلينا أدلينا".
"نعم يا سيدتي".
"تعالي لحظة فأريد مساعدتي في ارتداء الثوب".
" طبعا يا سيدتي".
وبينما كان مقبض الباب يدور صاح دو****و:
"حسنا يا أدلينا سأعاون السيدة. قولي للعمة أننا سننزل بعد عشر دقائق".
"بالتأكيد يا سيد دو****و".
تناول ذقنها بين أصابعه وأدار رأسها حتى التقت عيناها بعينيه وقال:
"الآن قولي لي لماذا وضعت شفتيك على خدي في حنان دافق؟".
رفع يده مرة ثانية الى المكان الذي لمسته شفتاها وكأنه ما زال غير مصدق بأن ذلك حدث. وارتسمت على وجهه ابتسامة رضى وهو ينتظر جوابها.
ما هو التفسير الذي تستطيع أن تسوقه لتقنعه بأن شعورها لم يتغير وأن الشيء الوحيد الذي فكرت فيه من شأنه أن يعيد الى وجهه علامات الكره والأحتقار. أنه شيء يصعب عليها قوله ولكن لا بد من ذلك فقالت:
"هذا يا دو****و هو أسلوبي في مكافأة المعجبين عندما يقدمون لي الماس. ألم تسمع القول المأثور بأن الماس هو أحسن صديق للفتاة؟".
لم تصدق أن هذه الكلمات خرجت من فمها. وباتت تترقب حكم الأدانة الذي سيصدره.
لقد بدأ كل منهما يهتدي الى الآخر بطريقة ما. فهو أبدى شيئا من الرقة نحوها وهي من ناحيتها تمنت أن يتغير ما انطبع في ذهنه عنها.
لم يحاول أن يقترب منها بل قال في هدوء:
"أيتها المتشردة الصغيرة".
فأجفلت وكأنه صدمها. وبحركة لا شعورية اضطرت أن تنظر اليه وقف ويداه في جيبي بنطلونه وهو يميل بتكاسل على الباب وشحب وجهه الى حد ما ولكن لم يبدو عليه شعور بالأشمئزاز وانما اكتفى باظهار شعور بعدم المبالاة. لكن عينيه كانتا باردتين كئيبتين يموج فيهما الألم.
وصاحت صيحة نابعة من قلبها المتألم:
" آه يا دو****و يا حبيبي! لماذا أصر على ايذائك دائما بهذه الطريقة؟".
ولم تخدعها نظرة اللمبالاة ولا هدوء صوته. كانت تعرف أنها أطفأت بذلك شعلة العاطفة الصغيرة نحوها. لقد جاملها عندما أعطاها حلى أمه لتتقلدها لكنها أورثته شعورا بالأشمئزاز عندما أظهرت جشعها وطمعها وهي تتقبل هديته. لا بد أنه بات يمقت فكرة تقلدها لحلى والدته. لكن دو****و معروف بأنه لا يسترد هدية متى قدمها.
وبحركة تلقائية اتجهت نحوه ملتمسة منه أن يصفح عنها. وكان في وسعها في هذه اللحظة أن تصارحه بالحقيقة الكاملة وتقول له أنها لم تعرف أبدا أي رجل من قبل وأن الماس الوحيد الذي تمتلكه هو الماس الذي تلقته منذ لحظات وأنها أحبته لا لقيمته المادية بل لأنه هو الذي أعطاه لها ولكن قبل أن تجد الكلمات المناسبة لتعبر عن ذلك بادرها قائلا:
"اذا كان يرضيك أن تعرفي هذه الحقيقة. فقد كنت تخدعينني عندما جعلتني أفكر في أنني أخطأت فهمك".
وكان انتقاء الغضب في صوته نتيجة طبيعية لتحكمه في شفتيه ومحاولته اخفاء ما في عينيه من مرارة.
واستطرد قائلا:
" لا بد أن أعترف أنني عندما ذهبت الى أنكلترا لأبحث عنك توقعت أن أجد فتاة أقضي معها وقتا طيبا وتستجيب لمطالبي, وعلى هذا الأساس تصرفت. ولكن عندما رأيتك وبدأت أعرفك أكثر_ على ما أعتقد_ كنت من الحماقة بحيث شككت في حكمي وتقديري. فخالفت طبيعتي وانجذبت اليك لأنك فتنتني".
وأضاف"
وفي باريس اقتنعت بأنك لست من الفتيات اللواتي يطاردن الرجال من أجل المال. ولأسباب خاصة بك تعمدت اعطائي انطباعا خاطئا تماما عن أخلاقك".
ثم اعترف بصراحة قائلا:
" في الحقيقة تألمت من طريقة معاملتي لك تلك الليلة . وفي الصباح التالي استطعت بصعوبة أن أحما نفسي على النظر اليك بسبب ما شعرت به من احتقار ذاتي . ولكن الآن...".
وأسرع نحوها وأمسك بكتفيها وقال:
"والآن في روما اكتشفت حقيقتك . أمرأة بلا شرفا. مرتزقة رخيصة, تفعلين كل شيء في سبيل الحصول على أقصى ما يمكن من رجل بلغ به الغباء حدا جعله يصدق ما تظهرينه من سذاجة وطيبة ينسابان كانسياب الماء من الصنبور. رجل بلغ به الغباء حدا جعله يفكر في أن أمرأة مثلك تصلح لأن تعيش في قلب هذه الأسرة وتلقى المحبة والأحترام من سيدة لا تستحقين حتى شرف السيلر في ظلها..".
لم يرفع صوته مرة واحدة لكن كلماته المريرة كانت جلية واضحة. لم تحاول أن تجيبه أو تبرىء نفسها. ارتضت كل اتهاماته بلا اعتراض وهي تعلم أن محاولة مقاطعته لن تجدي نفعا. ألم تكن هذه هي النتيجة التي حاولت أن تحققها؟ ألم تحاول هي عمدا أن تحرضه على نفسها لتصل الى هدفها؟ لم تشك مطلقا في أنها نجحت وكان نجاحها كبيرا . فلا داعي للخوف من أن يعود دو****و الى ملاطفاته المفرطة. ولا خوف من أن ينفذ سحره اليها. لقد احتقرها. وهي آلمته كثيرا حتى أنها لن تحتاج لمحاوله منعه من مغازلتها فهو لن يفعل ذلك بعد اليوم. وقفت بقامتها الممشوقة النحيلة في ثوب السهرة المترف الذي تحيط ياقته بوجهها. لقد ارتضت كل ما قاله لها دون أن تصدر عنها أي حركة فاغتاظ لهدوئها وضغط بأصابعه التي كانت تنغرس في لحم كتفيها الناعم ضغطا شديدا حتى بات الألم غير محتمل. فتأوهت لهذا العذاب الذي فاق طاقتها, وخفف من قبضته قليلا دون أن يدعها تذهب.
"أجيبيني بصراحة..".
أخذ دو****و يقضم هذه الكلمات وكأن وجهه منحوت من صخر أما هي . فانتاب حلقها تقلص هددها بالأختناق, فابتلعت ريقها بألم وأمكنها أن تهمس قائلة:
" لو أمكنني".
"ها أحببت فيتو؟ أم أنه هو الآخر رجلا أحمق سهل خداعه ووقع في شركك؟".
ولم تعرف بماذا تجيب. وترددت وهي تحاول أن تجمع شتات أفكارها لكنها تأخرت في الرد كثيرا. وأدار لها ظهره وقاوم حدة أنفعاله الشديد ولم تجرؤ هي أن تتحرك أو أن تتكلم اذ كانت تعلم أن انفعال دو****و سيكون عنيفا ولكنها ما كانت تتصور مقدار سخطه.
وأخيرا عندما التفت اليها كان قد تمالك نفسه من جديد.
خفضت عينيها تنظر الى السجادة تحت قدميها. فأي مكان تنظر اليه خير من مواجهه الأزدراء الواضح في عينيه. وانتظرت حتى قال:
" في هذه اللحظة لا أستطيع أن ألمسك ولكن تذكري هذا يا كارولين. في الماضي, كنت تتلقين ثمن خدماتك. حسنا لقد دفعت الثمن من شرفي واسم عائلتي وبدرجة أقل من حلي والدتي. وما كانت والدتي تتصور أن تتقلد امرأة مثلك هذه الحلي".
وأضاف
" في نيتي أن أجعلك تدفعين الثمن غاليا لحماقتك. قد يمضي بعض الوقت قبل أن أنتقم لكنني سأفعل استعدي منذ الآن".
لم ترفع عينيها عن السجادة أثناء حديثه فقد كانت خائفة الى أبعد حد لأن صوته دل على أنه صادق في وعيده. وتحولت زرقة السجادة الى بحر جياش يهدد بابتلاعها في دواماته. فجذبت نفسا عميقا وأحست بأن الأأرض من تحتها عادت الى استقرارها هنيهة وبشجاعة فائقة رفعت رأسها ونظرت اليه باحتقار وقالت:
" لو تجرأت على لمسي يا دو****و فسأقول كل شيء لعمتك. لقد كنت راغبا فيً منذ أن التقينا للمرة الأولى وكنت غاضبا من أجل ذلك. أنك تكره نفسك بسبب انجذابك لأمرأة أنت تحتقرها. واجه الحقيقة",
وأضافت في تحد:
" أنك لا تحتقرني. بل تحتقر نفسك وتريدني أن أتعذب بسبب ذلك. لكنني لن أسمح لك بأن تجعلني عبدة لنزواتك".
وتداعى صوتها بينما تخلت عنها شجاعتها وعضت على شفتها السفلى لتوقف الرعشة التي سرت في وجهها.
ونظر دو****و اليها وقطب حاجبيه الأسودين وقال:
" سنرى يا كارولين سنرى!".
6 كنديدا6
وصلا الى باب الصالون الكبير حيث تقام الحفلة لحظة وصول أول الضيوف. وتنفست العمة رينا الصعداء وحيتهما متلهفة قائلة:
" ها أنتما أيها العزيزان. كنت أخشى أن أضطر الى تقديم اعتذاركما الى ضيوفنا".
ومدت العمة رينا يدها الى كارولين وهتفت:
" ما أجمل زوجتك يا دو****و. سيحسدك كل الأقارب هذا المساء".
والتفتت الى كارولين وقالت:
"أرى أنك زرت صديقتي العزيزة بريجيت عندما كنت في باريس فهي وحدها القادرة على اختيار الثوب الملائم".
وقادتهما الى الصالون سريعا ووقفا عند مدخله ليكونا أول من يحييً الضيوف عند وصولهم.
أخذ دو****و يتقبل تهاني أصدقائه وأفراد عائلته.أما كارولين فقد صافحت مجموعة كبيرة من العمات والأعمام وأبناء الأعمام.
وشعرت بأنهم جميعا كانوا مسرورين بانضمامها الى العائلة. وما كانت لتهتم لو أنهم لم يرحبوا بها لأنها ما زالت متأثرة مما حدث منذ لحظات. زرعت تلك التجربة في نفسها الثقة والهدوء.
بدأ الضيوف غير المدعوين الى العشاء بالأنصراف وسرعان ما خلت الغرفة من الموجودين عدا أفراد العائلة المدعوين لتناول العشاء. وأخذت العمة رينا تقودهم الى غرفة مجاورة أصغر حجما مدت فيها مائدة ضخمة.
وعندما اطمأنت العمة الى أن كل فرد اتخذ مكانه أعطت الأشارة لتقديم طعام العشاء. وجلس دو****و الى يمين عمته وجلست كارولين الى يسارها في مواجهته. وظل المقعد الذي يجاوره خاليا ورأته يلتقط البطاقة الموضوعة على المائدة أمام المكان الشاغر. وعندما قرأ الأسم المطبوع عليها رفع حاجبيه مستفسرا من عمته في صمت. فأجابته بهزة من كتفيها وبلا مبالاة وبشيء من العبوس والضيق. وتساءلت كارولين ترى من يكون الشخص الغائب. والتفتت لتسأل الشاب الذي كان يجاورها والذي اتضح أنه جيوفاني ابن عم دو****و الصغير. ولكن قبل أن تتاح لها فرصة توجيه السؤال اليه فتح باب غرفة الطعام واندفعت منه فتاة تضحك وتعتذر وفي أثرها رجل بدا عليه أنه يفضل أن يكون في هذه اللحظة في مكان آخر غير هذا المكان المقيد بالشكليات.
وأمسكت كارولين أنفاسها كما فعل باقي أفراد العائلة عندما اتجهت أبصارهم الى جمال الفتاة الأخاذ وقد وقفت لحظة تلوح بابتهاج لمجموعة أ أفراد الأسرة قبل أن تندفع الى العمة رينا وهي تقدم اليها اعتذارا عن تأخرها.
" معذرة يا عمتي العزيزة لسلوكي. كنت أنوي أن أحضر في الموعد لأنني أعلم أنك تكرهين الأنتظار وقد جئت على عجل".
ثم التفتت الى دو****و, وكان قد وقف مثلما فعل الآخرون عندما ظهرت هذه الفتاة, وألقت بذراعيها حوله وهي تصيح:
" دو****و يا عزيزي دوم كم أفتقدتك!".
وشعرت كارولين بألم مفاجىء بسبب ما انتابها من انفعال وهي تراقب ما يحصل, ولم تكن لتعرف بأن هذا هو شعور الغيرة , ولكنها أحست بكراهية اتجاه الفتاة وقد ارتدت ثوبا خليعا في لون اللهب المتقد وألقت بذراعيها حول دو****و.
وبدا أن دو****و استمتع بذلك. فابتسم لها وامتدت يداه الى خصرها النحيل وهو ينحني عليها.
وارتفع صوت العمة رينا:
" كنديدا! أنت متهورة دائما! أرجوك أن تقدمي صديقك الى الضيوف".
فردت قائلة:
"آه أني آسفة يا عزيزي جيفري. يسعدني أن أقدم جيفري غراهام الى الجميع. وسأقدم يا جيفري كلا منهم على حدة فيما بعد".
وابتسم الشاب الأشقر الشعر ابتسامة ساخرة وانحنى قليلا محييا الجميع وتقدم الى المائدة ليقابل المضيفة. وتمتم بعبارة اعتذار بينما ابتسمت اعمة رينا ابتسامة باردة وأوضحت له أن جميع الأماكن التي في مقدمة المائدة مشغولة. وأنه لن يستطيع الجلوس في جوار صديقته.
وبدأ الجميع يتكلمون متجاهلين هذا الحادث المحرج ملقين أكثر من نظرة تأمل في اتجاه كارولين بينما استغرقوا في الطعام. وحاولت أن تبدو طبيعية وتحدثت مع جيوفاني الذي كان ينظر اليها في اعجاب.
عاملته بلطف لا لأن هناك شبها كبيرا بينه وبين دو****و قبل أن يكتسب هذا المظهر المخادع المصطنع. وحاولت أن تنسى كيف أشرقت عينا دو****و عندما شاهد الفتاة التي تجلس في مواجهتها.
نقلت العمة رينا نظراتها الحائرة بينه وبين كارولين لأحساسها بالفتور الذي كان بينهما. وازداد ضيقها عندما لاحظت أن دو****و لم يحاول أن يشرك كارولين في حديثه.
وكنديدا لم تبد اهتماما بأي شخص سوى دو****و برغم أنها تعرف الغرض من العشاء الذي أقيم بمناسبة انضمام كارولين الى العائلة.
وبتصميم , قطعت عليه العمة رينا حديثهما, ورفع دو****و رأسه من وجه رفيقته عندما سمع نبرة اللوم غير المألوفة في صوتها:
" دو****و, أنت لم تقدم كنديدا الى كارولين حتى الآن. وستظن أننا كعائلة نجهل آداب السلوك جهلا تاما. هل تتولى الأمر بنفسك أو أتولاه أنا ؟".
وكان استياؤها واضحا, لكن دو****و لم ينزعج بل ابتسم كأن شيئا لم يكن وقال:
"آسف يا عزيزتي لكني لم أر كنديدا منذ وقت طويل ولدينا أصدقاء كثيرون نعرفهم ونتحدث عنهم . معذرة.".
وألقى على زوجته نظرة خاطفة عبر المائدة فيها تحذير من اظهار أي روح عدائية, وتولاه شعور بالرضا عندما بادلته النظرة برباطة جأش.
" أن كنديدا بنت عم بعيدة جدا لكنها كانت المفضلة عندي بصفة خاصة. لعبنا معا ونحن أطفال. هي وفيتو وأنا لم نكن نفترق".
والتفت الى كنديدا قائلا:
" أحب أن تلتقي كارولين وآمل أن تصبحا صديقتين".

أمل بيضون 11-05-09 07:07 PM

ابتسمت كنديدا بعد عناء ولم تلبث أن انحرفت اللى زاوية فمها عند تقديم كارولين اليها وقالت:
" لا شك يا دو****و أننا سنكون صديقتين . فأحب شيء الى نفسي هو أن أتعرف الى زوجتك.
ويجب بعد العشاء يا كارولين أن نرتب موعدا لأدلك الى أحسن الأماكن التي تشترين منها احتياجاتك. وببساطة يجب أن تقابلي أصدقائي. انهم جميعا يتطلعون الى مقابلة الفتاة التي فازت بأكثر عزاب روما مراوغة".
قالت كارولين في ازدراء:
" لعله كان قد سئم مطاردة الفتيات عندما فزت به".
وكان التركيز على قولها كافيا ليشير بوضوح الى احتقارها للنساء اللواتي ركضن خلفه. واحمر وجه كنديدا غضبا اذ أدركت ما تعنيه.
وكاد جيوفاني يختنق وهو يتناول الحساء عند سماعه رد كارولين. ولفت الأنظار اليه وهو يحاول التحكم في نوبة السعال التي انتابته.وكانت كارولين مسرورة وهي تمد اليه يد العون وتجنبت أن تدخل مرة ثانية في حديث مع دو****و أو كنديدا طوال الفترة الباقية من تناول العشاء.
وبدا لكارولين وكأن طعام العشاء انتهى بعد ساعات طويلة. وجلس أفراد العائلة المسنون في مجموعات هنا وهناك متخمين من الطعام يثرثرون. أما الشباب منهم فبدأ يتسرب اليهم الملل فاقترح أحدهم أن يدير جهاز التسجيل في الصالون الصغير الذي كان كثيرا ما يستعمل للرقص. وقوبل الأقتراح بحماسة وهرع الجميع الى الخارج.
كانت كارولين تجلس مع العمة رينا ومن هم في سنها تحاول أن تقاوم اغراء البحث عن دو****و الذي ظل الى جوار كنديدا منذ أن انتهى طعام العشاء. وبدأت تشعر بغضب شديد اذ أصبح واضحا للملأ أنه كان ****ا تماما عن صحبة ابنة عمه الجميلة متجاهلا زوجته. ورفعت بصرها في ارتياح عندما اتجه جيوفاني اليها وقال:
" هل ترقصين معي يا كارولين؟".
قادها الى الصالون الصغير حيث استغرق بقية أفراد الأسرة في جو من المرح ودفعها الى حلبة الرقص. كان راقصا ممتازا يعشق موسيقى الرقص القديم. تجنبت النظر الى الفتية وهم يرقصون ملتصقين, لم تشأ أن تتذكر سعادتها عندما رقصت للمرة الأولى مع دو****و في الليلة التي قضياها في باريس برغم حنينها الى ذلك.

أمل بيضون 12-05-09 12:25 AM

انتبه جيوفاتي عندما شعر بيد تربت على كتفيه. ودهشت كارولين عندما رأت جيفري غراهام الرجل الذي جاء مع كنديدا قال:
" أيمكنني أن أعترض سبيلكما؟".
لم يكن جيوفاني ****ا لكنه تخلى عن مكانه في هدوء وترك الرجل الأنكليزي الأشقر يصطحبها الى حلبة الرقص ويقول:
" هل تمانعين؟".
وتلعثمت قائلة:
"لا, لماذا؟".
تغيرت الموسيقى من اللحن البطيء الى الخفقات السريعة للحن بدائي لاتيني . واستسلمت للموسيقى وتتبعت قدميه بلا خطأ. جذبها اليه أكثر فأكثر عندما أسرعت الموسيقى. ثم بلغت الذروة باصطدام صنجات الموسيقى ودقات الطبول فأخذ يدور بها حتى أصيبت بدوار ثم سقطا ضاحكين على أريكة مريحة قرب حلبة الرقص. ودون تكلُف مدًت يدها وهي ما زالت تضحك وقالت:
" شكرا يا جيفري.كان ذلك رائعا".
ورفع يدها الى شفتيه وقبلها. وضًح اعجابه بها وهو ينظر الى وجهها المفعم بالحيوية.
وفجأة كأن سحابة حجبت الشمس فزالت الأشراقة من عينيها وبدأ الأحمرار يغمر وجهها الجميل في بطء. نظر جيفري يبحث عن سبب هذا التغيير السريع فوجد دو****و يحدق فيهما غاضبا فنهض سريعا وتكلم هو قبل دو****و وقال:
" يجب أن أهنئك يا سيد فيكاري. ان زوجتك رائعة في الرقص".
ورد دو****و ببرود واضح قائلا:
"ليس هناك ما أجهاه عن زوجتي لتأتي أنت تطلعني عليه".
لم يتضايق جيفري فقد اعتاد على الأزواج الغيورين بل ابتسم لدو****و معتذرا واتجه الى حيث وقفت كنديدا على بعد بضعة أقدام من دو****و.
تأملت كنديدا جيفري وهو يسير اتجاهها بتؤددة وقالت:
" لماذا لا تتصرف تصرفا حسنا يا جيفري؟ هل يجب أن تظهر مع كل امرأة تلتقيها؟ أني لا أعرف ماذا يعجبكم أيها الرجال في مخلوقات تافهة كهذه!".
" أنك تحقدين عليها لجمالها الرائع أني أحسد الرجل الذي تزوجها".
نظرت اليه في غضب وانتفضت لتسير في اتجاه دو****و. لكنها تأخرت فقد كان دو****و يراقص زوجته فنظرت اليهما وهما يختفيان وسط الحلبة في واحة من الفراغ حيث يستطيعان التحدث دون أن يسمعهما أحد.
قال دو****و:
" ماذا تعنين بسلوكك؟".
"ماذا تقصد؟".
"هل لا بد أن تقومي بهذا الأستعراض أمام عائلتي مع رجل غريب؟".
" كيف تجرؤ على اتهامي بأن سلوكي مخز بينما كنت تتصرف طوال السهرة كمراهق يحلم بابنة عمه البعيدة جدا. لكنني لاحظت الليلة أنها ليست بعيدة الا بالقدر الذي أردته أنت. وفي الحقيقة لا يدهشني أبدا أن أعرف أنها لم تكن بعيدة عنك في الماضي".
" ذلك خطأ لا يغتفر".
تألمت عندما ضغط عليها بذراعيه وشعرت بحدة انفعاله وهو يقول:
" كنديدا كانت وستظل دائما صديقة عزيزة. وهذا كل ما في الأمر. كيف تفكرين في غير ذلك؟ ألم تعرض عليك أنت أيضا صداقتها؟".
جذبت كارولين نفسا عميقا وتعجبت لخداع الرجال عندما يتعلق الأمر بأمرأة . ثم نظرت اليه باحتقار قائلة:
" أنني أفضل مصادقة الأفعى".
وارتعشت عضلة في وجنته وأدركت أنها بالغت في تماديها. لقد كان وفيا لعائلته ومتعصبا لها وهي أهانت أحد أفرادها ولكنها لم تبال. أرهقت الليلة أعصابها الى حد لا يطاق. فثورة الغضب التي نشبت في غرفة نومها ثم المتاعب التي واجهتها عند تناول العشاء. كل ذلك كان أكثر مما يمكن احتماله وها هو يتهمها بشيء كان هو السبب المباشر في حدوثه. لقد اعتبر رقصة بريئة مع غريب سلوكا مخزيا. برغم أنه كان قبلة الأنظار لأهتمامه الواضح بأبنة عمه الدخيلة. ومع ذلك. فقد كانت لديه الوقاحة ليلومها وكأنها ارتكبت جريمة شنعاء.
قال لها:
" لا بد أن تعتذري لهذا العرض الطفولي المخزي".
وصدته قائلة:
" لن أفعل أبدا".
شعرت كارولين بارتياح وهي ترى كنديدا وجيفري يقبلان نحوهما فقد لاحظت كنديدا اشارتها المنفعلة في اتجاه جيفري وحينما وصلت اليهما ردت عليها بابتسامة قائلة:
" ألاً نبدًل رفاقنا يا عزيزي دوم؟ فنحن لم نرقص سويا منذ أشهر وأنني واثقة من أن زوجتك لا تمانع في الرقص مع جيفري ثانية".
تجنبت كارولين الأجابة وانسلت متلهفة من بين يدي دو****و الى جيفري قبل أن ينتبه الى نيتها. وعندما بادلتها كنديدا المكان ارتسمت على وجهه ابتسامة متجهمة. كانت تعرف أنه يكره اظهار غضبه على مرأى من الجميع.أما بالنسبة الى ما يحدث بعد ذلك فلا حاجة للتفكير فيه الآن.
وشارفت الحفلة على الأنتهاء وأخذ المدعوون ينصرفون الواحد تلو الآخر.
قاد جيفري كارولين الى الشرفة ثم سارا بين الأشجار الى حديقة منخفضة فيها مقاعد على مسافات ملائمة. وغاصت كارولين في أحد المقاعد وتنهدت بارتياح وأخذت تتأمل جمال الحديقة التي غمرها ضوء القمر.
اقترب منها جيفري فصدته وقالت:
" لا يا جيفري".
فهز كتفيه بلا مبالاة ورفع ذراعه قائلا:
" ولم لا؟".
" لأنني لا أبحث عن علاقة غير شرعية. أستطيع أن أهديك صداقتي , لكن اذا لم يكن ذلك كافيا فمن الأفضل أن تذهب".
" هل تظنين كنديدا ستقدم لزوجك صداقة؟".
" كلا , لا أعتقد ذلك".
" آه يا كارولين أيتها الحمقاء الصغيرة ألا تعرفين نيتها؟ ان الغيرة تكاد تقتلها لزواجك من دو****و. فمنذ سنوات وهي تعتبره ملكا خاصا بها. وهي لن تدع شيئا تافها مثل زوجته يقف في طريقها".
" هل تظن أن دو****و يحبها؟".
" هل تعتقدين أن زوجك يحبك؟".
وأدركت ولكن بعد فوات الأوان أن قدمها انزلقت فقد كان جيفري ينظر اليها في دهشة بالغة منتظرا اجابتها.
فتمتمت قائلة:
"نعم ... أعتقد ذلك".
" من الواضح أن الأمور ليست على ما يرام بينك وبين دو****و. فلا تكلفي نفسك عناء الأنكار! لقد صادفت عددا كبيرا من الزيجات غير السعيدة".
ثم رمقها بنظرة حادة وقال:
" أن كنديدا غانية لعوب وستفعل كل ما بوسعها لتحصل على دو****و".
وأدركت من نظرته أنه كان يحب كنديدا ولم تكن تريده. فأمسكت بذراعه برفق وحنان وجلسا غارقين في أفكارهما.
استطرد جيفري قائلا:
" مهما بلغ الأمر بينكما أنصحك بأن تحاولي اصلاحه في أقرب فرصة اذا أردت الأحتفاظ بدو****و. وبالنسبه الي فسأفعل كل ما في وسعي لأمنعها من التمادي.
رجفت كارولين قليلا وجذبها لتنهض وحثها على العودة الى المنزل وسارا اتجاه النافذة ليدخلا الغرفة حيث تركا كنديدا ودو****و. وكادت كارولين تدخل لولا أن جيفري أمسك بذراعها وجذبها الى حيث لا يراهما الشخصان اللذين كانا مستغرقين في الداخل.
لم تكن كارولين تنوي التنصت. الدهشة جعلتها تصمت. ثم نظرت عبر النافذة فاضطرب قلبها وكأنه انقلب رأسا على عقب.
كان ظهر كنديدا اتجاهها ووجه دو****و بين يديها وقد ثبت عينيه على وجهها وكانت تتكلم في الحاح قائلة:
" لماذا فعلت ذلك يا دوم؟ أنني أعرف أنك كنت ولا تزال تحبني أنا وحدي! لماذا تزوجتها؟".
ولم تنتظر اجابته لكنها ألقت ذراعيها حوله وراحت تبكي.
لم تعد كارولين قادرة على متابعة ما يحصل. أشاحت ببصرها عن النافذة وانسلت عبر نافذة غرفة الطعام وهرولت الى غرفتها.

أمل بيضون 12-05-09 11:55 AM

7 _ حوار مع العمة
استلقت كارولين على مقعد في الشرفة ممسكة بقلم بين أصابعها واستقر على ركبتها دفتر لكتابة الرسائل. بينما كان الطفل فيتو يلهو تحت ظل شجرة كبيرة بالدمى التي اشتراها دو****و.
ومنذ ليلة الحفلة وهي لا تكاد ترى دو****و. فالعمل تراكم في غيابه والعبء تضاعف عليه لأن فيتو لم يعد له وجود ولكنها كانت تعتقد بأن لديه وقت فراغ. يمكن أن يمضيه معها.
كان يقوم بزيارات خاطفة الى منزله كل يوم ليستحم ويبدًل ملابسه ثم الى الخارج. كان يبكر في الخروج. كان يبكر في الخروج الى العمل كل صباح قبل أن يستيقظ أحد في المنزل ولم يكن يعود حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.
واستبد بالعمة رينا غضب شديد, وأرادت أن تعرب له عن احتجاجها على اهماله لأسرته, لكن كارولين أثنتها عن ذلك, فهي أيضا كانت في حاجة الى فسحة من الوقت تحدد فيها موقفها وتقرر كيف تتصرف.
كانت واثقة من شيء واحد فقط هو أنها يجب أن تهرب بعيدا الى حيث تنعم بالراحة. وحيث يتعذر على دو****و الأهتداء اليها.
ولكن ينبغي عليها قبل كل شيء أن تعثر على دورندا فلو حدث ذلك لأمكنها أن تصارح دو****و بالحقيقة وعندئذ يصبح حرا في الذهاب الى كنديدا. وطردت الأفكار التي راودتها في تلك الليلة عندما اكتشفت أنهما يتبادلان الحب.ومنذ ذلك الحين استسلمت الى قدرها المحتوم وارتضت الحلم الحزين الذي طالما تمنته, وهو أنه لا بد أن يجيء اليوم الذي يحبها دو****و ويطلب منها البقاء, حتى بعد أن يقف على الحقيقة,لقد أحسنت تقمص دورها أكثر مما ينبغي ولا سبيل الى تغيير الرأي الذي كونه عنها, خاصة في الوقت الراهن وكنديدا الى جانبه لتواسيه.
التقطت دفتر الرسائل وبدأت تكتب. كانت الرسالة الأولى موجهة الى السيد ولكنز ترجوه الأستعانة بشخص يقوم بالبحث عن دورندا وأوضحت له حاجتها الملحة الى ذلك راجية اياه ألا يلتمس أي عذر يثنيه عن البحث عنها.
بعثت بالرسالة الثانية الى جين وقد احتاج هذا منها الى مجهود أكبر وتفكير أعمق. ففي المدة التي سبقت زواجها كتبت الى جين رسالة موجزة تبلغها فيها نبأ رحيلها المفاجىء من أنكلترا دون أن تتطرق الى التفاصيل, ووعدتها بأن تكتب اليها بتفصيل أكبر عندما تستقر, لكنها لا تعرف الآن من أين تبدأ وعما تحدثها. لقد كانت جين على قدر كبير من الذكاء, كما أنها لم تكن راغبة في خداعها اذ سئمت أن تستمر في الخداع الذي اضطرت اليه منذ زواجها, وهي لم تكن تنوي أن تكذب على جين. وفي الوقت ذاته لم تكن تستطيع التوسع في رواية هذه القصة القريبة من الخيال دون أن تفضح أمر دورندا. وعضًت على قلمها وهي تفكر فيما تكتبه وما تتركه, وأرضت نفسها بأن كتبت رسالة مرحة لا تفضح حقيقة ما تعانيه, ووعدت صديقتها بزيارة في أقرب فرصة لتقص عليها التفاصيل , ووضعت الرسالة في مظروف أغلقته سريعا قبل أن تغير رأيها راجية أن تعالج بذلك قلق جين أزاء زواجها المفاجىء من رجل لم تكن قد سمعت به.
سمعت وقع خطوات فاستدارت واذا العمة رينا آتيه من الداخل لتجلس معها في الشرفة. كانت تزور احدى صديقاتها وبدا عليها الأرهاق, كما هي حالها كلما أتعبت نفسها.
وبادرت كارولين الى مساعدتها على الجلوس الى جانبها, وعاتبتها برقة قائلة:
"يا عزيزتي أرجو أن تأخذي قسطا من الراحة وتطيعي أوامر الطبيب فأنت تبدين مجهدة, اجلسي لتستريحي وسأنادي ايمانويل ليحضر لك شرابا منعشا".
وقبلت العمة رينا اقتراحها شاكرة وجلست وقالت:
"شكرا يا كارولين فما أجما ذلك. انك تبعثين الطمأنينة الى قلبي".
ثم أمسكت بيد كارولين ورمقتها بنظرة حنان, واغرورقت عينا كارولين بالدمع. ما أسعدها بحب هذه السيدة العجوز.
"لماذا ترهقين نفسك يا عمتي رينا؟".
" لماذا لست أدري. أنني أجد الراحة مستحيلة. وعلي دائما أن أفعل شيئا ما أو أذهب الى مكان ما".
وأضافت:
" أظن أن السبب هو أنني لا أستطيع الكف عن التفكير في ابني. آه لو أستطيع أن أعرف ماذا حدث له وكيف لقي حتفه. وفي أي مكان. فلعلي كنت أجد في ذلك بعض الراحة".

بنوته عراقيه 12-05-09 12:29 PM

يعطيكِ العافيه يالغاليه

أمل بيضون 12-05-09 05:23 PM

اتجهت اليها كارولين وأمسكت بيدها تضغط عليها في عطف. فقد شعرت بعجزها عن تخفيف آلام هذه السيدة. كانت هذه المرة الأولى التي تتخلى فيها عن الدرع الذي وضعته حول نفسها تحتمي به كلما ذكر اسم فيتو. ولم تعرف كارولين كيف تتصرف.
سألتها برقة:
" هل يريحك أن تتحدثي عنه؟".
" لا أظن أن هناك ما يجلب لي الراحة".
وبعد فترة صمت بدأت العمة تتكلم عنه قائلة:
"كان ابننا الوحيد طالما دعونا الله لأن يرزقنا طفلا. فلما منً الله علينا به فرحنا به كثيرا واكتملت سعادتنا أخيرا عندما جاء دو****و ليعيش معنا. وكان الولدان وسيمين وكنت أشعر بالفخر كلما زارتني أمهات الفتيات اللواتي كن يصحبانهما الى الحفلات ويبدين اعجابهن بسلوكهما. وبقيت سنوات طويلة وأنا آمل أن أراهما يأتيان الي ليخبراني بأنهما قد اختارا زوجتيهما. وهو أمر كنت أخشاه في الوقت نفسه.".
ومضت تقول:
"كم كان سيسعدني أن أرى فيتو مع زوجة مثلك يا عزيزتي. ولكن ذلك أصبح مستحيلا الآن".
جففت عينيها واستطاعت بعد استجماع شجاعتها أن تبتسم وصممًت على أن تنفض عنها الكآبة الت استولت عليها.
سألتها كارولين:
"هل كان هناك شبه بينهما؟".
"كان الشبه بينهما كبيرا, فهما من آل فيكاري لكنهما كانا على طرف نقيض من حيث المزاج. كان فيتو أكثر تقلبا من دو****و الا أنني أعتقد أحيانا أن وفاة والد دو****و ووالدته كانت السبب المباشر في كآبته. كان يحبهما كثيرا وطبيعي أنه كان يتذكرهما ويتذكر الأوقات السعيدة التي قضاها معهما. بذلنا أقصى ما في وسعنا لنحل محلهما, وهو أمر لا أعتقد أننا نجحنا فيه كل النجاح. وحتى الآن لا يزال دو****و حتى في أسعد لحظات حياته يتحدث بعينيه عن شعوره بفقدان والديه".
وبعد تردد قليل قالت:
"آمل يا عزيزتي أن تنجحي أنت حيث فشلت أنا وأن تتمكني من تبديد أحزانه الى الأبد".
واسترعى الطفل فيتو انتباههما عندما سقطت منه احدى لعبه وما أن سمعتا صوته الحزين حتى وثبتا لمساعدته. لم يلحق به ضرر ولكن العمة رينا التي كانت تتلمس الفرص لللأهتمام به دون أن تبدو وكأنها تدلله, حملته بين ذراعيها وعادت الى مقعدها على الشرفة. كانت كارولين تهم بمصارحة العجوز بأحزانها ومخاوفها لكن جرس الباب رن فأسرع اليه ايمانيويل , ثم حدثت جلبة قصيرة أثارت فضولهما فنهضتا لأستجلاء سبب ذلك ووجدتا أكواما من الصناديق وايمانيويل يقوم بصفها في احدى الزوايا مع رجل آخر. وشهقت كارولين عندما عرفت أن ملابسها وصلت من باريس وقالت للعمة رينا وهي تستدير نحوها:
" لا بد أن في الأمر خطأ ما , لأنني لم أطلب كل هذه الملابس! ولا بدً أن أوضح الأمر للحمًال".
لكن الحمًال صمم على رأيه قائلا:
" أن كل صندوق وارد في الفاتورة وليس ثمة خطأ يا سيدتي فكل هذه الطرود لك".
نظرت الى الكمية المذهلة من الملابس, كانت قد طلبت ستة فساتين للصباح وثوبين للمساء وبعض الملابس للشاطىء وبعض الملابس الداخلية وغيرها للسهرة. وهذا كله قليل بالنسبة الى الكمية الهائلة التي وصلتها والتي ستضيق بها خزانة ملابسها الضخمة.
ثم تذكرت أنها غابت فترة عند مصفف الشعر وتركت دو****و وبريجيت وحدهما. لا بد أنهما تآمرا عليها في هذه الفترة, ولا بدً أن دو****و هو المسؤول عن هذا التبزير.
نقل ايمانيويل الصناديق الى غرفتها, وبدأت تفتحها وهي تقاوم مشاعرها بينما أخذت العمة رينا تبدي اعجابها في مبتكرات بريجيت.

أمل بيضون 12-05-09 07:29 PM

أبقت كارولين صندوقين كبيرين الى النهاية ولما فتحتهما أسعدها أن تجد في أحدهما فروا دخاني اللون, وفي الآخر ثوبا من الفرو الأبيض الغالي الثمن الذي بدا وكأنه مصمم لأحدى الأميرات.
وعقدت الدهشة لسان كارولين. وربتت العمة رينا على يدها برقة وضحكت لما رأته على وجهها من امارات الذهول والدهشة ثم قالت:
" آه يا عمتي رينا! لا بد أنه دفع ثمنا كبيرا لها, فلم أرى في حياتي ملابس بهذا القدر ولا حتى في محلات الأزياء. أنني أكاد لا أصدق أنها لي. متى سأرتديها جميعا؟".
" ستتاح لك الفرصة لأرتدائها يا طفلتي, كزوجة أحد رجال الأعمال البارزين في روما اذ يتحتم عليك أن تقيمي المآدب وتقبلي الدعوات, فلا تخافي . لن تلبثي أن تسأمي هذه الثياب عندما تجدين نفسك في دوامة الحياة الأجتماعية. ومرة أخرى أقول انك مدينة لدو****و لأنه جعل منك واحدة من أكثر السيدات أناقة".
وتبدد جزء من سرورها بالهدايا عندما أشارت العمة رينا دون قصد منها الى سبب تبذير دو****و. فهو لم يشتر لها هذه الملابس ليدخل السرور الى قلبها بل اشتراها ليزداد أهمية في نظر زملائه من رجال الأعمال وزوجاتهم, فقد كان عليها أن تعزز مركز أسرة فيكاري بما ترتديه من ملابس خرافية ومجوهرات لا تقدر بمال. انها مجرد تمثال تعلق عليه زخارف الثراء اكتسابا لمزيد من الأهمية لدى منافسيه.
وعندما انصرفت العمة بدأت ترتب ملابسها في الخزانة الفسيحة حتى ملأتها . وبدلا من أن تغلفها أخذت تتناول الثياب بطريقة عشوائية لمجرد ادخال السعادة الى قلبها. ونسيت أنها كانت ترتدي الجينز والقميص عندما قابلت دو****و للمرة الأولى وغابت في حلم وهي ترى نفسها مرتدية ثوبا مختلفا في كل مرة يستدير دو****و لينظر اليها. وعلى وجهه اغتباط وهو يرى فتنتها في أروع صورها بهذه الملابس المذهلة والفراء الباهظ الثمن. وبينما هي غارقة في أفكارها دق الباب فنقلها ذلك من قمة أحلامها الى أرض الواقع ونادت بصوت عال:
" ادخل".
كانت أدلينا.
"هناك رجل يريد التحدث اليك في التلفون".
" أشكرك يا أدلينا سأنزل حالا".
أغلقت خزانة ملابسها وأسرعت الى القاعة التي فيها التلفون وتناولته قائلة:
"ألو؟".
" كارولين ؟ أنا جيفري. هل أنت مشغولة؟ أذا لم يكن لديك أي عمل فهل تأتي؟ أكاد أجن من الملل, وأحتاج الى من يؤنسني..".
" لا يا جيفري لا أعتقد ذلك".
" ولم . هل أنت خائفة مما قد يقوله سيدك ومولاك؟ ان السبب للفراغ الذي أشعر به هو أنه سرق مني فتاتي المفضلة. كلما طلبت رؤيتها أجابت بأنها ستقابل دو****و"؟
" آسفة يا جيفري فلدي أشياء كثيرة تشغلني الآن ولا أستطيع الخروج معك".
ولم تستجب للصوت الذي كان ينادي في داخلها أن دو****و يمتًع نفسه فلم لا تفعل هي الشيء نفسه. أرادت أن تكون في المنزل هذا المساء لتشكره على هداياه عندما يعود.
وسمعت تنهده عبر الأسلاك بعد أن أيقن عبث محاولة الضغط عليها ثم قال لها:
" حسنا أعترف أنني هزمت لكنني سأتصل بك ثانية فيما بعد فربما تغيًرين رأيك".
" آه ولكن..".
كانت كارولين على وشك الأعتراض لكنه كان قد وضع السماعة, ونسيته عندما عادت الى غرفتها لتختار الفستان الذي ترتديه هذا المساء عندما تقابل دو****و. كانت تعرف أنها يجب أن تتصرف بسرعة قبل أن يعود الى الخارج. لكنها قررت أن تنتظره حتى يستحم ثم تعترض طريقه قبل أن يسرع الى الخارج كعادته.
وأمضت وقتا طويلا وهي تفكر في اختيار ثوبها. كانت العمة رينا تصرً دائما على أن ترتدي ثوبا جديدا في العشاء حتى ولو لم يكن هناك غيرهما, فأخذت تتأمل ملابس المساء. كان معظمها فاتح اللون لكن كارولين قررت أن ترتدي ثوبا أسود. كما اعتزمت أن تقوم بتصفيف شعرها دون مساعدة أدلينا,.
ولم تسأل نفسها وهي تستحم وتزيًن وجهها ماذا تريد من دو****و . ولم تكف عن التساؤل لماذا هذا الجهد مع رجل فعلت المستحيل لكي تنفره منها. ففي الأيام القليلة الماضية استولى عليها شعور بالخيبة واحساس بأنها تتعرض لمعاملة سيئة كلما أسرع دو****و داخلا أو خارجا من المنزل دون أن ينظر اليها أو يكلمها. أما هذه الليلة. فقد شعرت بتبدًل ملحوظ وأرادت أن يكون معها شاب يشاركها ذلك, شاب مثل دو****و عندما كان في باريس يضحك ويمزح ويغازل.
انتهت من زينتها ولم يعد أمامها سوى انتظار دو****و فجلست وقد عقدت يديها في حجرها تتوقع سماع صوت سيارته ووقع خطواته تعلن وصوله.
وتناولت العشاء مع العمة رينا التي أكًدت لها أنها فاتنة في هذه الليلة وقالت:
" سأطلب من دو****و أن يصحبك لمشاهدة بعض معالم المدينة بعد العشاء, أنك لم تخرجي من المنزل منذ وصولك وسأغضب كثيرا اذا ظل على هذه الحال بعد اليوم".
وبعد العشاء واحتساء القهوة جلستا في الشرفة لكن دو****و تأخر ولم يصل الاً بعد أن حلً الظلام.
نهضت عمته سريعا وعلى وجهها نظرة اصرار لمقابلته. وسمعتها كارولين وهي تتحدث اليه ثم تطلق صرخة بدت وكأنها ترثي له. ولم يتكلم دو****و الا مرة واحدة لكنها لم تفهم ماذا قال كان صوته مختلفا, تنقصه القوة والسيطرة الى حد ما. وسمعت كارولين وقع خطواته على الدرج فوثبت لتلحق به لكن العمة رينا دخلت الغرفة ورفعت يدها لتوقفها قائلة:
" لا , لا تفعلي هذا يا كارولين!"؟
" لكنني أريد أن أتحدث اليه دقيقة واحدة يا عمتي رينا".
" في وقت آخر يا عزيزتي. اتركيه الآن لأنه ليس على ما يرام".

أمل بيضون 13-05-09 12:25 AM

"ولكن ماذا به؟".
" أؤكد لك أن التزامه الراحة بعض الوقت مع الهدوء كفيلان باعادته الى حالته الطبيعية. لا تنزعجي يا عزيزتي فانه مجرد صداع نصفي أصيب به منذ كان في السابعة من عمره بعد وفاة والديه. وكثيرا ما تساءلت عما اذا كانت هناك صلة بين الأمرين".
فرددت كارولين كلامها قائلة:
" صداع نصفي؟ مسكين يا دو****و".
" هل عانيت منه يا كارولين من قبل؟".
" كلا ولكني كنت أمرًض والدي عندما تعتريه النوبة فقد كان ضحية هذا المرض وكثيرا ما كان يطلب الموت اذا اشتد عليه الألم. وكنت أخفف عنه وطأته بوضع منشفة باردة على جبينه وتدليك رقبته. وبعد ساعتين من النوم يصحو ممتلئا حيوية".
" أود لو تفعلين الشيء نفسه مع دو****و يا طفلتي, لكنه لا يسمح لأحد بدخول غرفته عندما تعتريه هذه الحالة, ويظل ملازما الغرفة حتى يزول الألم لكنني أسمع أحيانا يتجول في الغرفة. وصف له الأطباء أقراصا ولكنه يرفض تناولها لأنها لا تخفف من آلامه. ويرى الأطباء أن هذا الصداع النصفي قد يكون عائدا الى حساسية خاصة أو الى اجهاده في العمل. ولكن أيا كان سبب , فالطب عجز عن علاجه".
أرادت كارولين أن تذهب اليه ولكن العمة رينا منعتها قائلة:
" سيغضبه ذلك فهو يفضل أن يبقى وحيدا الى أن يزول الألم".
اتجهت كارولين ألى غرفتها وبدأت تخلع ملابسها, لم تسمع صوتا صادرا من غرفة دو****و , فتمنت أن يكون استسلم للنوم. وسارت على أصابع قدميها حتى الباب الذي يفصل غرفتيهما واسترقت السمع لكن كانت الغرفة هادئة تماما. نظرت الى الباب وتمنت لو تفتحه, ولكنها تذكرت كلمات العمة رينا فسحبت يدها.
كانت تعل أن في وسعها التخفيف من آلامه, فقد كان أبوها يقول أنه لولا وقوفها الى دانبه عند اشتداد الألم. لكن الصلة بينها وبين أبيها كانت قوية. أما دو****و فلن يسمح لها بأن تراه وهو في هذا الوضع الذي يبدو فيه ضعيفا, متخاذلا!وهكذا انسحبت عائدة الى غرفتها!
8- الخطة!
مرًت ساعات منذ أن اتخذت كارولين قرارها. جلست في فراشها تحدًق في السقف الزخرفي دون أن ترى شيئا. ولم تستطع أن تستسلم للنوم بسبب تفكيرها في الألم الذي يعاني منه دو****و في الغرفة المجاورة.
وسمعت جسما يرتطم بالأرض في الغرفة المجاورة فنهضت من فراشها لعلًها تسمع ما يدلها على أنه ما زال مستيقظا. وأخذ قلبها يخفق بسرعة عندما وثبت من فراشها وذهبت الى الباب الذي يفصل بينهما. لكن الصمت كان سائدا. فلم تحتمل الأنتظار وارتدت ثوبا ثم عادت الى الباب وأدارت المقبض.
كانت الغرفة مظلمة تغطي الستائر نوافذها لتحجب أكبر قدر ممكن من الضوء. خطت الى الأمام لتسأله اذا كان يريد مزيدا من الماء. وشهقت اشفاقا عليه عندما فتح عينيه وهي تتأمله, فقد عكستا ما في داخله من ألم, كان مقطب الجبين شاحب الوجه. وبدا شعره الأسود الذي اعتاد أن ينسقة بدقة أشعث رطبا بعد أن مر بأصابعه خلاله محاولا التخفيف من ألمه. أما أغطية الفراش فقد تناثرت هنا وهناك.
وحاول أن يمزج صوته بنبرة آمرة ولكن صوته عكس ما في عينيه من ألم فقال لها في ضعف:
" اذهبي ودعيني وحدي".
تحركت كارولين اتجاه الباب قائلة:
" سأذهب الى الطابق الأسفل يا دو****و وسأعود".
وعادت بعد دقائق تحمل اناء فيه ماء ومكعبات من الثلج وضعته الى جانب الفراش ووضعت فيه منشفة نظيفة. وبرفق أعادت رأسه الى الوسادة عندما حاول الجلوس ليرفع صوته محتجا, واضطر الى الأستسلام أمام اصرارها.
لم تحاول ترتيب الفراش لأن أي حركة تسبب ألما. عصرت المنشفة ووضعتها على جبينه المقطب. فتنهد وجذب نفسا عميقا وقال:
" اني أشعر براحة الآن يا كارولين".
وفي صبر أعانته, فكانت تضع المنشفة على جبينه حتى اذا صارت دافئة استبدلت بها غيرها. وأغمض جفنيه دون أن ينام وكانت كلما رفعت الكمادة الباردة لتغيرها يمسك بيدها ليبقيها أطول مدة ممكنة.
جلست على حافة الفراش وتركت المنشفة مكانها ثم بدأت تدلك جانب رقبته التي انقبضت عضلاتها نتيجة للتوتر الناشىء عن الألم. وبدأ يسترخي تدريجيا وأخذ تنفسه يزداد عمقا واستغرق في النوم دون ألم , واستمرت تدلكه حتى تعبت يداها. فتوقفت عن التدليك لحظة لتتأكد من نومه.
وبينما هي تنتظر تمتم ببضع كلمات ثم تحرك وأحاط خصرها بذراعع, ولم تواتها الجرأة على التحرك خشية أن توقظه وتعيد اليه ما سكن من آلامه, فجلست في هدوء تنتظر حركته الثانية لتهرب.
الا أن دو****و كان مستغرقا في نومه. وبدأت تشعر بثقل ذراعه حول خصرها النحيل وبدأت التقلصات تخدًر أصابع قدميها وأخذت تحركها لتعيد جريان الدم الى قدميها وحاولت أن تتخلص من ذراعه لكنه حرك رأسه وتمتم بكلام غير مفهوم. ولم تجازف بالحركة الثانية فرفعت ساقيها الى الفراش وعندما استلقت على وجهها أخذت التقلصات تختفي فأراحت رأسها على الوسادة . وشعرات بزفرات دو****و على خدها واحتقن قلبها بالدم وهي تنظر اليه. كم يكره أن تراه وهو واهن كما هو حاله الآن.
عندما بدأت خيوط الشمس الأولى تتسلل عبر الستائر الى الفراش تحركت في هدوء وانسًلت الى غرفتها. وما أن وضعت رأسها على الوسادة حتى استغرقت في نوم عميق.
واستيقظت بعد ساعات على خشخشة صينية الفطور ودهشت وهي ترى أدلينا تتقدم نحو فراشها مبتسمة قائلة:
"صباح الخير يا سيدتي. هل نعمت بنوم هادىء؟".
"لماذا أحضرت فطوري الى هنا يا أدلينا؟ تعرفين أنني دائما أتناوله في غرفة الطعام. كم الساعة الآن؟".
" العاشرة يا سيدتي. وقد أصر السيد فيكاري على ألا نوقظك باكرا وأن تتناولي فطورك في الفراش".
احمر وجه كارولين وقالت:
" السيد فيكاري هل هو أحسن حالا؟".
" استيقظ باكرا وذهب الى العمل قبل الثامنة وكان يصفر طوال الوقت قبل خروجه. أحسن حالا؟ نعم لا بد أنه كذلك!".
كانت عينا أدلينا تتلألآن في سعادة وهي تجيب عن أسئلة كارولين التي ازداد وجهها احمرارا وهي في دهشة مما تعرفه الخادمة الوفية العجوز عن سيدها.
واستمتعت بفطورها الى أبعد حد, ولما فرغت منه أخذت دشا وارتدت ثوبا لونه زاه كضوء الشمس وذهبت الى الشرفة لتجلس مع العمة رينا. وتساءلت عن مدى ما تعرفه العمة عما حدث الليلة السابقة فشعرت بالخجل وهي تقترب من مقعدها.
ولكن لم يكن هناك داع لقلقها اذ أن عيني السيدة العجوز كانتا صريحتين وجاءت كلماتها الأولى لتبدد خجل كارولين.
" سيسعدك أن تعرفي أن الصداع النصفي زايل دو****و يا عزيزتي. ألم أقل لك انه سيكون في خير هذا الصباح؟".
" هل رأيته يا عمتي؟".
" لا ولكن أدلينا أخبرتني بأنه استيقظ باكرا وكان يغني وهو يستحم فلا بد أنه كان على ما يرام".
وأضافت:
"لم يسبق لي أن رأيت دو****و وهو يغني بعد نوبة من نوباته. لعًل النوبة لم تكن شديدة هذه المرة. نعم لا بد أن هذا هو السبب".
وابتسمت كارولين ابتسامة خفيفة وقالت لنفسها: اذا كانت تلك النوبة نوبة خفيفة. فلتترفق السماء بدو****و عندما تنتابه نوبة قوية!.
ومرَ اليوم بطىء وهي تنتظر عودته بفارغ صبر. وأمضت وقتها تلهو مع فيتو كما قضت بعض الوقت في المطبخ مع أدلينا التي كانت تحب أن يشاهدها أحد وهي تعمل. وكانت على استعداد لأن تقص على كارولين ما كان يفعله دو****و وفيتو في صباهما. وكانت كارولين من ناحيتها تنصت باهتمام. اذ راق لها أن تعرف كل شيء عن دو****و وبوجه خاص كم كان عدد الفتيات اللواتي أحضرهن الى المنزل قبل زواجه. كانت أدلينا منجما من المعلومات في هذا الصدد وبدأت كارولين ترسم لدو****و صورة لا تمتَ بصلة الى ذلك الرجل المتجهم الوجه, بل تشبه صورة دو****و الذي عرفته لساعات قليلة في باريس, وساءها أن تدرك أنه لم يتحول الى الأسوأ الآ بعد أن قابلها.ولكن لعلها تستطيع بعد الليلة أن تعلن الهدنة. لعله يعود من عمله ويطلب منها أن ترتدي أفضل ملابسها ليريها جانبا من الحياة الليلة في روما المدينة الخالدة! كم كان يحلو لها أن تكتشفها.
اهتمَت بارتداء الثوب نفسه الذي ارتدته في الليلة السابقة دون أن يراه وسمعت كارولين صوت العمة رينا وهي تتحدث الى أدلينا قبل أن تنزل الطابق الأرضي وأحست بقلبها يهبط. واختنقت الدموع في عينيها وابتلعت ريقها بصعوبة. منذ الليلة السابقة وهي تنتظر عودته ليأخذها الى الخارج. ولن تبالي حتى لو أراد أن يعاملها ببرود ويبتعد عنها. ستصارحه بأنها لم تعد تطيق الوحدة وستنتظر طوال الليل اذا دعا الأمر ؟
, ثم تخبرهبأنها لا ترغب في البقاء سجينة أكثر من ذلك.
كانت ترجو أن تصلها أخبار عن دورندا حتى اذا تمكنت من الأتصال بها رحلت من روما الى الأبد. ولكن ذلك لن يكون قبل أن تختزن لنفسها بعض الذكريات عن المدينة التي يعيش فيها دو****و كانت في حاجة ماسة الى ما يذكَرها به عندما تتركه الى الأبد, بعض الذكريات السعيدة التي تعيش عليها عندما تصبح حياتها مجرد فراغ.
كانت العمة رينا قد ذهبت لفراشها وكانت كارولين تستمع الى الموسيقى عندما سمعته يدير المفتاح في الباب. ثم هزَت نفسها لتنفض عنها ما استولى عليها من نعاس ثم نهضت.
وبدت خطوات دو****و تتجه الى الطابق الأول فأسرعت للحاق به قبل أن يغيب في غرفته وعندما وصلت الى الباب كان قد صعد الى منتصف الدرج والتفت مندهشا حينما سمعها تناديه باسمه:
" دو****و!".
" ماذا تفعلين في هذه الساعة المتأخرة؟".
ترددت للحظات ثم استجمعت شجاعتها وقالت:
" كنت أنتظرك يا دومنبكو فأنني أريد التحدث اليك".
واستوقف نظره ثوبها الذي بدت فيه وكأنها طفلة صغيرة جميلة وبدا الغضب في صوته وهو يبتعد قائلا:
" ألا يمكن أن نؤجل الحديث الى الصباح فأنا متعب".
" لا يا دو****و أريد التحدث اليك الآن".
فهز كتفيه واستدار ليتبعها الى غرفة الأستقبال. وجلست هي في الأريكة بينما سار هو الى المدفأة ووقف نافذ الصبر مترقبا ما تقوله.
خانتها كل العبارات والكلمات التي استعدت لقولها وأخذت تبحث في انفعال عن مقدمة تبدأ بها الكلام. فوفَر عليها المشقة عندما قال لها وهو يبحث عن علبة السكائر في جيبه:
" قبل أن أنسى , أحب أن أشكرك على رقتك معي الليلة الماضية".
حاولت ثانية أن تفاتحه في موضوع سجنها في المنزل ثم تنفست الصعداء عندما تذكرت أنها لم تشكره بعد على الملابس التي اشتراها وفي لهفتها تلعثمت وهي تقول:
" أريد أن أشكرك على الملابس التي اشتريتها , وصلت أمس وانتظرتك في المساء لأشكرك ولكنك كنت متعبا فكان عليَ أن أنتظر الى اليوم. انها رائعة يا دو****و. لم أصدق عينيَ عندما فتحت الصناديق انني عاجزة حقا عن شكرك".
أخمدت حماستها تلك النظرة الساخرة التي بدت على وجهه أثناء تدفقها في الكلام. ظلت تحلم بامكان قيام صداقة بينهما في الفترة القصيرة التي تعتزم بقاءها في المنزل لكن نظرته دلت صراحة على أن معاملته لها لم تتغير.
" أهذا كل ما تريدين قوله؟".
سحق سيكارته وكأنه أراد أن ينهي الموقف وسار في اتجاه الباب وكأن الحديث انتهى بالنسبه اليه.
" لا يا دو****و انتظر!".
فاستدار ورفعأحد حاجبيه في استفهام. فتلعثمت وهي تستطرد قائلة:
" أرجوك يا دو****و, أريد أن أخرج أحيانا".
وااختنق صوتها في سخط قائلة:
" هل أدركت أنني لم أخرج من المنزل أبدا منذ وصولنا؟".
" ها نحن وصلنا الى جوهر الموضوع! لقد سئمت الوحدة ولعلك تشتاقين الى ما يبديه نحوك صديقك الأنكليزي السيد غراهام من اهتمام؟".
" جيفري , لماذا أشتاق اليه؟ أنني لا أكاد أعرفه".
فأجابها غاضبا:
" يبدو أن معرفتك به وصلت الى حد مناداته باسمه الأول".
" طلب مني أن أناديه بجيفري منذ الليلة الأولى وقد اعتدت على ذلك ربما لأن كلينا مغترب عن وطنه".
ثم قالت واثقة:
" أو ربما لأنه ليَن العريكة, في أي حال لا شيء بيننا وأؤكد لك ذلك".

أمل بيضون 13-05-09 01:39 PM

" لست في حاجة لتأكيداتك, وأنا كفيل بألا تتطوَر صداقتك مع هذا الرجل. أن سلوكه مشين, وهو لا يؤتمن على أمرأة . وفي المستقبل لن يجد ترحيبا في هذا المنزل وقد أعطيت الأوامر للخدم لمنعه من الدخول اذا ما حضر".
نظرت اليه ساخطة وهي تقول:
" كيف تفعل هذا يا دو****و؟ ماذا فعل جيفري ليستحق معاملة كهذه؟ كان دائما سيدا مهذبا, ولم يفعل ما يستدعي صدَه. أما عن سمعته فلعلَي أذَكرك بأن ابنة عمك هي التي قدمته اليَ. يبدو أنك لا تمانع في أن تراه وتجتمع به؟".
نظر دو****و اليها في تأمل اذ كانت غاضبة من أجل جيفري, وأخرج سيكارة أخرى وأشعلها قبل أن يرد عليها:
" كنديدا ليست مسؤولة أمام أحد لكنك زوجتي وسلوكك ينعكس عليَ. اذا كنت عاجزة عن التصرف بحذر فيجب عليَ بوصفي زوجك أن أحدَ من نشاطك".
وبدت الحيرة على وجهها واضحة وهي تتساءل عما يعنيه بالملاحظة الأخيرة التي أبداها.
" ومتى تصرفت بغير حذر؟ هل لك أن تشرح لي ما تعنيه؟".
وبدأت الهواجس تنتابها فهي لم تكن تتوقع أن يتطرق الحديث الى هذا الموضوع. قررت أن تقدم اليه غصن الزيتون طالبة منه الهدنة بطريق غير مباشر وتخفيفا من حدة التوتر بينهما. ولكنه كان كعادته عنيدا وشعرت وهي تتأمل وجهه المتجهم بأنه لن يتراجع. وأخذت تنتظر منه ايضاحا لكلامه دون أن يبدو منه أي استعداد لذلك.كانت تدق الأرض بقدمها في نفاذ صبر, وكانت لهجتها تنمُ عن كبرياء وتعال.
ويبدو أنه أعجب بها وهي تدق الأرض بقدميها وتخاطبه في استعلاء, فابتسم , أو على الأقل انفرجت شفتاه قليلا, أما عيناه السوداوان فقد زايلهما المرح. قال:
" هل تنكرين أن ما قمتي به من استعراض مع السيد غراهام في الحفلة كان جريئا؟".
" الأستعراض الذي قمت به؟ ماذا تعني؟ لا يمكن أن تكون جادا يا دو****و, لقد رقصنا ولم يكن هناك أي استعراض".
ثم خانتها عباراتها وضحكت ضحكة رنانة للوصف الذي أطلقه على تصرف لا يعدو أن يكون رقصة ممتعة.
لكن هذا الكلام لم يعجب دو****و, وبعد لحظات اختفت ضحكاتها وحلَ الغضب مكانها. وقالت في هدوء:
" هل تعني ما تقول من أنني تصرفت باستهتار يا دو****و؟".
واكتفى بأن ألقى بعقب السيكارة في المدفأة , ولم يهتم بأن ينظر اليها وازداد غضبها لأن صمته أكدَ صدق حدسها. كان يظن بأنها لا تستطيع الثورة لكرامتها ولكن اتهامه لها دفعا الى الأنتقام.
" زوجة قيصر يجب أن تكون فوق كل الشبهات. أهذا ما تريده يا دو****و؟ أمَا قيصر نفسه فلا بأس اذا تخلَف عن القيام بواجباته, بينما تبقى زوجته بعيدة عن أي اتهام".
" ما معنى ذلك بالظبط؟".
" يعني أنني ربما كنت مذنبة لاستمتاعي برقصة مع رفيق ممتاز الاَ أنني لم أفقد صوابي بين ذراعيه كما فعلت أنت مع كنديدا! ولعلك لم تلاحظ أن هناك متفرجين في هذه المناسبة. أو لعل سحرها هو الذي جعلك لا تبالي".
واستطاعت بكلماتها أن تنال منه لأن لونه بدأ يتغير واستدار ليواجهها وعلى شفتيه المرتجفتين سيل من الكلمات الغاضبة. ثم تماسك بعد جهد كبير وابتلع ما كان يوشك أن يقوله. وبذل جهدا ملحوظا لاستعادة رباطة جأشه وبدا من عباراته أنه قرر تجاهل اتهاماتها واعتبارها كأن لم تكن.
" ستبقين في هذا المنزل حتى أسمع لك بمغادرته. هذا جزء من المخطط الذي وضعته لكي تتعلمي كيف يتصرف القوم النبلاء الذين يعيشون في شرف وتبقى تحركاتهم فوق الشبهات".
وتجاهل شهقة الفزع التي بدرت منها واستطرد:
" لست أجد لك معلما أفضل من عمتي, وأتمنى أن تدركي من العيش معها جطأ تصرفاتك, وربما انطبعت فيك بعض صفاتها. ومتى تأكدت من أنك تستطيعين أن تحتلَي مكانك في المجتمع دون أن تجلبي العار على الأسم الذي تحملينه, فعندئذ أسمح لك بأن تأخذي مكانك الى جانبي تستقبلين الضيوف وتتصرفين كما ينبغي على الزوجة أن تفعل. وستكونين خاضعة للتجربة فاذا تعلمت الدرس سريعا كان أطلاق سراحك أقرب ممَا لو حاولت المقاومة".
استمعت كارولين الى هذا القرار الفظ في دهشة. وعندما ظلت جالسة في هدوء عاجزة عن الأهتداء الى الكلمات المناسبة . فقد أخرستها الصدمة واستبدَ بها الغضب. أمَا دو****و فقد تأملها في عدم مبالاة ثم انفجرت قائلة:
" أيها المتزمت المتعجرف! كيف تجرؤ على مخاطبتي بهذه الطريقة؟ لن أغفر لك هذا الموقف أبدا!".
وهزَ كتفيه في عدم مبالاة واستدار قائلا:
" ليست عندي رغبة في منافشتك. ولكن ثقي بأنك لن تغادري المنزل الاَ بعد ما تصبحين ما أريدك أن تكوني".
" هل تعرف العمة رينا هذه الخطة الشيطانية التي وضعتها؟".
وانتظرت رده في لهفة, فقد شعرت بأن الحياة لا تطاق اذا كان لدى العمة رينا هذا الرأي الوضيع عنها. كانت تحب السيدة العجوز وكانت تشعر بأنها الحب نفسه وأرادت أن تعرف ما اذا كانت شريكة في هذه الخطة التي يراد بها اذلالها. وشعرت بارتياح عندما رد عليها قائلا:
" لا بالطبع انها تحبك الى درجة أنها سدت أذنيها عن كل ما يقال ضدك ولا رغبة لي في ازعاجها".
وأضاف:
" لا بد أنها تعرف شيئا لأنها ليست حمقاء, وقد دارت بيننا لحظات عصبية أخيرا بسبب ما سمته بأهمالي لك".
" هل تظن أنني سأدعك تملي عليَ ارادتك بهذه الطريقة يا دو****و؟ أعدك بأنني سأقاومك حتى النهاية". وفي غضب واستطردت:
" هل تظن أننا في روما العتيقة وأنك قيصر وأنني جاريتك ؟ لا بدَ أنك مجنون!".
ثم جمعت أطراف ثوبها وأسرعت من غرفة الاستقبال الى السلم دون أن تنظر اليه.
وخيل اليها أنها سمعت ضحكة ساخرة رافقتها الى أن أغلقت الباب وراءها.

أمل بيضون 13-05-09 03:54 PM

9المفاجأة
ارتجفت أصابع كارولين وهي تدير قرص التلفون. لقد انتصف اليوم وخلا المنزل الا منها ومن الخدم أما العمة رينا فقد ذهبت ومعها الطفل فيتو لتزور بعض صديقاتها ولا يتوقع أحد عودتهما الا في ساعة متأخرة من بعد الظهر, وكانت كارولين مدعوة أيضا ولكنها رفضت الدعوة اذ كان لديها خطط أخرى تريد تنفيذها.
" أهذا أنت يا جيفري؟ أنا كارولين".
" كارولين يا عزيزتي ! كم هو جميل أن تحديثيني تلفونيا".
" هل أنت مرتبط اليوم بشيء معين؟".
" لا شيء . هل تمضين اليوم معي؟".
" اذا لم يكن لديك مانع"؟
" ارتدي ملابسك يا عزيزتي . سأكون عندك بعد عشر دقائق"؟
أسرعت الى غرفتها واختارت ثوبها الأخضر وحذائها الأبيض وحقيبة يد ملائمة. وبدت جميلة وفاتنة عندما فتحت الباب لجيفري. وهي لم تنسى تعليمات دو****و بعدم السماح له بالدخول اذا حضر ولهذا أسرعت في اتمام زينتها لتفتح له الباب بنفسها عند وصوله.
تذكرت نبرة دو****و العنيفة وهو يملي عليها شروطه. لقد ازداد اصرارها حتى أنها قررت في النهاية الأسراع الى التلفون قبل أن تضطر الى التراجع.
قادها الى سيارته وانطلق بها في أنحاء روما. كانت هي المرة الأولى التي ترى فيها روما على حقيقتها.
ولسوء الحظ رأى جيفري في الأماكن التي تستحق المشاهدة يختلف تماما عن رأيها. فلم يكن يهمه أبدا سبعة وعشرين قرنا قد مضت على بناء أم المدن. فانطلقت سيارته وهي تمر بسرعة أمام الصروح المشيَدة والنافورات الملونة والكنائس الفخمة وصالات عرض الصور الفنية وأنزلها من السيارة أمام مطعم كستلو دي سيزاري أي قلعة القيصر.
والتفتت اليه كارولين عابسة الوجه وقد خاب رجاؤها فيه وهو يدفعها الى داخل المطعم . واعترضت قائلة:
"ولكن يا جيفري ظننت أننا سنرتاد الأماكن التي تستحق المشاهدة. هناك أشياء كثيرة أرغب في رؤيتها مثل الكولوسيوم وحمامات كركلا".
" لكن يا عزيزتي هذه الأماكن الأثرية لا يغشاها الا السياح. ولا أظنك تريدين الأنضمام الى أفواج من الأجانب يثرثرون بلغات مختلفة ويصوبون آلات التصوير في جميع الأتجاهات".
"لم لا ؟ أنني أجنبية ولا أتكلم الأيطالية ولن أحس بغربة وأنا وسط هؤلاء السياح. أنت تعلم كم أتوق الى مشاهدة كل عجائب روما والأن وأنا في قلب المدينة انطلقنا بسرعة ثم انحرفنا في النهاية الى داخل مطعم".
وضع يده تحت ذراعها ودفعها برفق عبر باب المطعم قائلا:
"أعدك بأن أصطحبك غدا في جولة سياحية اذا وافقت الآن على دخول المطعم سنقابل بعض الأصدقاء".
فوافقت على عرضه وأجابها بسرعة أنه عند وعده.
وبعد فترة قصيرة تدفقت الدعوات عليها لاستضافتها لكنها راوغت المضيفين بحجة أنه يجب عليها أولا أن تراجع دو****و. ورفضت أن تترك نفسها تفكر في رد فعل دو****و عندما يكتشف أنها عصت أوامره. كان كافيا أن تعيش وتمتع نفسها.
وذهلت عندما أخبرها جيفري بأن الوقت حان للعودة ولكن قبل أن يسمح لهما بالأنصراف صمم صديقان لجيفري على أن يحصلا على وعد من كارولين بحضور حفلة تنكرية يقيمانها الليلة.
في السيارة تذكرت أنه ليش لديها ثوب تنكري ترتديه في الحفلة وقالت:
" تذكرت الآن فقط ! أنني لا أملك ثوبا تنكريا".
" اتركي الأمر لي سأستأجر لك ثوبا مناسبا بمجرد أن أوصلك الى الدار".

أمل بيضون 13-05-09 07:48 PM

ولكن من أين لك أن تعرف مقاسي؟".
نظر اليها في مكر ليحدد مقاسها ثم أطلق ضحكة وهو يلحظ ارتباكها . وطلب اليها ألا تقلق لأنه سيختار ثوبا على مقاسها وسيكلف الشركة التي تؤجر الثياب ارساله الى منزلها.
وبعد أن وصلت العمة رينا الى المنزل بوقت قصير أحضرت الطفل وسلمته لأدلينا ليستحم ويتناول الطعام قبل أن ينام. وما كادت تفعل حتى دق التلفون فرفعته العمة لترد وسمعتها كارولين تقول:
" حسنا يا دو****و , اذا كان من الضروري أن تفعل ذلك فافعله . ولكني هيأت نفسي لأن أتناول العشاء في الخارج هذا المساء وهذا يعني اما تصحبني كارولين فينتابها الضجر من الاستماع لكثير من الذكريات عن صديقاتي الحميمات وأما أن تبقى لتتناول العشاء بمفردها . اني أعتقد بأن معاملتك لها سيئة".
وأغلقت التلفون بعنف تاركة دو****و على الخط مشمئزة من تصرف, والتفتت الى كارولين قائلة:
" هل سمعت؟".
" نعم ولكن أرجو ألا تقلقي من أجلي . اني مدعوة الى حفلة هذا المساء فيمكنك أن تخرجي وتمتعي نفسك".
" ان ذلك رائع يا عزيزتي. ولكن من سيكون رفيقك؟ ان دو****و مرتبط برفيق عمل كل السهرة".
" سيصطحبني السيد غراهام أتعرفينه؟ انه صديق كنديدا".
وعبرت وجه العمة رينا سحابة عند ذكر اسم جيفري وظنت كارولين بأنها ستسمع شيئا من الأعتراض على رفيقها. الا أن العمة ابتسمت وقالت:
"انه شخص ساحر. للأسف أن دو****و لن يكون في الحفلة . لن يتغيَر الا اذا شعر بالغيرة الحقيقية".
أسرعت اليها كارولين وقبلتها .
" انك حقا عجوز ماكرة يا عمتي . وأنا أحبك من أجل ذلك".
وبادلتها السيدة العجوز القبلة ودفعتها الى أعلى السلم لتستعد للحفلة.وفي طريقها الى الطابق الأعلى تقابلت مع أدلينا أثناء نزولها وطلبت اليها نقل الصندوق الذي كانت تنتظر وصوله الى غرفة نومها.
استمتعت كارولين بحمام طويل وعندما عادت الى غرفة نومها كانت سعيدة. ورأت صندوقا كبيرا فلما فتحته وقفت مشدوهة اذ اشتمل على بضعة خيوط من النايلون وزي على الطراز البكيني مرصع بالترتر وله حمَالتان للكتفين مرصعتان بالجواهر وخمار مع مجموعة كبيرة من الحلى الزجاجي البراق وحاولت ارتداءه وهي ممتعضة. ووقفت أمام المرآ’ وقالت:
" انه زي همجي لا بد أن يكون جيفري مصابا بجنون. لا يمكنني ارتداء هذا الزي؟".
وقفزت عندما رن التلفون ومضت نحوه لترد فدوى صوت دو****و يسأل:
" العمة رينا؟".
" لا , أنا كارولين. عمتك خرجت".
" ليس في الأمر أهمية. سأتصل بها في ما بعد. هل أنت وحدك؟".
"نعم".
وانتظرت متمنية أن يقول لها انه سيعود الى المنزل حتى لا تبقى وحدها هذا المساء الا أنها وهي تنتظر ذلك سمعت صوت كنديدا تطلب منه أن ينهي حديثه, فأثار كارولين ما بدا في صوتها مما يدل على أنها متمكنة منه , حاول دو****و أن يضيف شيئا الا أنها وضعت سماعة التلفون واتجهت الى منضدة الزينة.
وعندما فعلت ذلك لم تنظر مرة ثانية الى المرآة اذ أزعجها الثوب الذي كانت ترتديه ولم تشأ أن يعوقها أي شيء عن تنفيذ خطتها. ووضعت المعطف الذي كانت ترتديه وبمجرد أن رن جرس الباب نزلت الدرج وخرجت.
" هل كان الثوب مناسبا يا كارولين؟".
" طبعا يا جيفري. انه ممتاز".
" انك متحررة قليلا يا كارولين. لو كنت رفضت ارتداء هذا الثوب لما قلَل ذلم من قيمتك في عيني ليس لأنه زي غير ملائم وانما لأن بعض الفتيات يفتقرن الى الثقة بالنفس ولا يرتدينه. بالأضافة الى أنني قمت بعمل جبار حتى أجعلك تبدين هكذا".
وعندما وصلا الى المنزل الذي تقام فيه الحفلة وجداه متألقا بالأضواء فدق لب كارولين بسرعة اذ توقعت مفاجآت سعيدة عندما سمعت صوت الموسيقى والضحك.
سارا من خلال الباب الواسع المفتوح وحياهما مضيفاهما اللذان كانا يرتديان ملابس تمثل أنطونيو وكليوباترا. وعندما نظرت كارولين حولها شعرت بأن الخجل زايلها, فبالمقارنة بالأزياء التي رأتها في الحفل كان ثوبها أكثرها احتشاما.
واندفع حشد سعيد عاصف بكارولين ولم تر جيفري الا قليلا, اذ كان زيها الغريب وعيناها اللا معتان ووجهها المتورد مقصد ذلك الحشد من الحاضرين. وللمرة الأولى شعرت بأنها حرة تماما. بعد فترة جاء جيفري وقد بدت عليه علامات السخط لأنها كانت تبدَل الرجال في كل رقصة. فاتَخذ طريقه وسط المعجبين وقد ارتسمت على وجهه نظرة هادفة وقال:
" هذا كثير. فقد أحضرت الى الحفلة أكثر نساء روما جاذبية ومع ذلك لم أتمكن من الأقتراب منها. انصرفوا عنها وليبحث كل منكم عن رفيقته. الرقصة التالية ستكون لي".
رقصت كارولين مع جيفري. وأثناء دورانها في حلبة الرقص اصطكت الصنجات النحاسية في صوت مرتفع وتوقفت الموسيقى فجأة ثم سمع صوت قائد الفرقة الموسيقية:
"سيداتي سادتي الرجاء الأنتباه".
فصمت الجميع وهم في انتظار ما سيعلنه.
" الرقصة القادمة ستكون رقصة الغرامات".
هللت المجموعة في سرور وقام جيفري بشرح تلك الرقصة لكارولين الحائرة ومؤدَاها أن يسير رجل في اتجاهات معينة بين الراقصين وعند توقف الموسيقى يطلب من الراقصين اللذين عن يمينه الأجابة عن سؤال فاذا عجزا عن الأجابة طلب منهما تأدية غرامة.
وبدأت الفرقة الموسيقية تعزف وكان الراقصون الثائرون يحاولون تفادي الرجل الذي كان يخطو بخطوات كثيرة ناحية اليمين وخطوات أخرى ناحية اليسار.
وكان كارولين وجيفري غارقين في متعة الرقص حتى نسيا الحذر فكانا الراقصين اللذين استحقا الغرامة. وكان السؤال الموجه اليهما أصعب من أن يجيب عنه أستاذ في الجامعة. حاولا الأجابة وقد أخذتهما رهبة المفاجأة , لكنهما فشلا.
وسر أصدقاء جيفري عندما طلب منه أن يرقص الرقصة المزمارية وقد أدَاها بتقليد متقن. وكانت غرامة كارولين أن ترقص رقصة تتناسب مع الزي الذي كانت ترتديه. فاعترضت قائلة:
" لا أستطيع".
الا أن المجموعة صممت ودفعها جيفري الى وسط الحلبة. وأخذوا يصرخون تشجيعا لها ويصفرون بأصوات تشبه عواء الذئاب وهم يترقبون الرقصة. وبدأت الفرقة تعزف أو بالأحرى آلات النفخ. وكان الجو يذكَر بحياة جواري في القصور في أحقاب التاريخ القديمة.
وبهزة من كتفيها ثبتت كارولين الخمار على وجهها وخطت داخل دائرة المتفرجين الضاحكين وبدأت تتمايل مع الموسيقى التي تكاد تؤثر في الحاضرين تأثير التنويم المغناطيسي. وكانت وهي ترقص تتذكر صوت مدرسة الرقص القديمة يدوي في أذنها قائلة لها:
" استمعي الى الموسيقى. انسي نفسك في الأيقاع الموسيقي واجعلي جسمك يحكي القصة التي تريد الموسيقى أن تعبر عنها. استرخي يا فتاتي".
وجرفها سحر الموسبقى. ولما توقَف العزف فجأة استوقف انتباهها عينان سوداوان تنظران اليها في احتقار. فوقفت فجأة وكأنها تسمرت. ولم تقو على النظر في عيني دو****و الغاضبتين الذي سارع الى الأختفاء عن الأنظار بينما احتشد المهنئون من حولها, واندمجت في وسطهم شاكرة. وحاولت أن تخفي شعور الرعب الذي استولى عليها عندما علمت بوجود دو****و وحاولت أن تختفي في الزحام لكن لم يدهشها أن وجدت يد كالفولاذ تقبض على مرفقها وتدفعها نحو الباب في عنف. ولمحت الذعر في وجه جيفري عندما تبين أن دو****و هو رفيقها , ولكنها لم تجد فرصة للتحدث معه.
رافقها دو****و بتجهم الى سيارته وانطلق بها سريعا. كان الطريق طويلا وكانت واثقة من أنه ليس الطريق الى المنزل . وبدأ الذعر يتسرب اليها.
وفجأة توقف الى جانب الطريق وأخذ يتفحصها ولم يترك جزءا من زيها الذي بدا الآن رخيصا مبهرجا فخفضت عينيها وتوردت وجنتاها ألما عندما شعرت باحتقاره لها.
" هل تفضلين بأن تشرحي كيف نسيت نفسك وجعلتني أضحوكة أمام أصدقائي وموضوع اشفاق من جانب عائلتي؟ لماذا خالفت تعليماتي الواضحة التي نهيتك فيها عن مقابلة جيفري؟".
اغرورقت عيناها بالدموع فالتفت اليها قائلا:
" الدموع لن تفيدك الآن يا كارولين فاحتفظي بها لما هو آت . أنا واثق من أنك ستحتاجين الى صمام أمان عندما أنهي الأمر معك!".
وسألته مذعورة:
" ماذا تعني؟".
" أعني أن الوقت قد حان لكي تدفعي دينك يا كارولين! سآخذ منك شيئا مقابل العار الذي لحق بي بسببك وسآخذه الليلة".
واندفعت السيارة صاعدة بين الكروم والفيلات المنعزلة. خطر لها أن تدفع باب السيارة وتقفز منه وانتابتها قشعريرة من الخوف فحاولت أن تتحكم بأعصابها وأخذت تؤكد لنفسها بأن دو****و هو قبل كل شيء رجل نبيل.
وبدت السيارة تتباطأ ثم توقفت أمام فيلا محاطة بورود وشجيرات, وانتظرت في هدوء ولم تتحرك الا عندما فتح دو****و الباب وقادها الى الردهة. وتوترت أعصابها عندما قال لها في اقتضاب:
"أدخلي هنا واجلسي بينما أحضر القهوة".
تبعته الى غرفة مؤثثة تأثيثا ينم عن ذوق سليم. واستقرت ****ة في أريكة قرب نافذة كبيرة تطل على الحديقة.
فتح الباب ودخل دو****و الغرفة يحمل صينية القهوة ووضعها على منضدة وبدأ يسكبها. وجلس الى جانبها وقدم لها قدحها فانسكب قليل من القهوة على معطغها فبادرت الى نفضها قبل أن يلمسها, وتدفق الدم في وجهها عندما ابتسم ساخرا وقال:
" سنرى الآن اذا كنت قادرة على المقاومة"
كانت عيناه مثبتتين على وجهها تتقدان بضوء غريب فارتبكت وحاولت الوقوف لكنه مد يده ليمنعها فابتعدت عنه بعصبية وانزلق معطفها من فوق كتفيها لكنه أدركها وأمسك بها وجعلها عاجزة عن المقاومة وأخذ يجذبها الى ذراعيه. شعرت بيديه تقبضان على حلقها وانفتحت عيناها في الوقت المناسب لترياه وقد انتزع منها القلادة الزجاجية البراقة التي كانت تحلى بها.
وبدأت تقاوم والغضب الشديد يستولي عليها. وزايلتها موجة العاطفة التي استيقظت فيها عندما أدركت قصده.
ضاقت حلقة ذراعيه من حولها تمسك بها كأسيرة , ولم تؤد مقاومتها الاَ اصرارا على ابقائها في قبضته. قالت:
" أرجوك يا دو****و ألا تفعل".
" ولم لا أفعل؟ هل أنا من الحماقة بحيث أسمح لكل رجل آخر بأن ينعم بك أمَا أنا فمرفوض دائما؟ أنت زوجتي, هل تذكرين؟ هل توقعت حقا أن أقف مكتوفا وأنا أراقبك تغازلين أي رجل تميلين اليه دون أن تشعري بوجودي؟".
" لم أغازل أي شخص يا دو****و . ذهبت الليلة الى الحفلة الراقصة مع جيفري لأني شعرت بوحدة رهيبة ولأنك حاولت السيطرة علي بالفرمان السخيف الذي أصدرته بأن أكون سجينة البيت. قطعا لم تتوقع مني أن أحمل هذا القول محمل الجد؟ فنحن لا نعيش في العصور المظلمة, ولا بد أنك تتوقع مني الأمتثال لهذا الطلب السخيف".
" لا أريد أن أسمع أكثر من ذلك. كنت تعلمين أن ما تفعلينه يغضبني ويمكنك الآن أن تحصدي ثمار هذا الغضب. أنك مجموعة من المتناقضات يا كارولين! فمنذ اليوم الأول الذي قابلتك فيه وأنا عاجز عن معرفة حقيقة أمرك, وأي الفتاتين انت. فمن ناحية , أرى الأم الصغيرة السعيدة مع طفل يحبها ثم تزعجينني بقولك أنك لم تحبي فيتو وهو ما يوحي بالأعتقاد بأنك امرأة منحلة, وأدهشتني مرة أخرى عندما قلت أنك تقبلين هدايا من الماس من أصدقائك كتأمين ضد الفقر. وأصابني الخزي عندما رقصت كبنات الهوى أمام كل من يعرفني في روما. وأكثر ما يدهشني هو أسلوبك في الفوز بالحظوة لدى عمتي وكنت دائما أقول أنها وحدها هي التي ستدرك حقيقتك".
وفي اللحظة التالية رفعها وحملها الى الأريكة كانت في حاجة شديدة اليه وكان يريد بقوة وللمرة الأولى في حياته , أن يحظى بشخص يكون له وحده, شخص لا يشاركه فيه أحد كما شارك فيتو في أمه وكما شارك فيتو زوجته وطفله.
توقفت عن مقاومته وأغمضت عينيها.
وربتت على عنقه وهي تبكي وهمست وعيناها مغمضتان:
" فيتو يا حبيبي أني أحبك كثيرا".
كان دو****و ساكنا تماما حتى فتحت عينيها. وبدت عليه امارات الحيرة وهو يحاول أن يعرف منها الحقيقة كاملة. وسألها بفتور:
" هل كنت تحبين فيتو؟".
" نعم , وأظن أني سأحبه دائما"ز
ذعرت لصمته وأفزعها ثباته واغرورقت عيناها بالدموع والتفتت برأسها لتخفي عنه عينيها وهنا عرف الحقيقة. رفع يده الى خديها ومسح دموعها برفق. وأبعدت رأسها بعصبية عن ملمسه وصاحت:
" لا تلمسني".
وسحب يده بسرعة وابتعد عن الأريكة وحدق الى النافذة. وعندما التفتت اليه كان وجهه صارما.
" تعالي يا كارولين. سآخذك الى المنزل".
ولم يسألها لماذا كذبت عليه بالنسبة لشعورها نحو فيتو. اعتبر هذا الأمر حقيقة واقعة. وأدرك أنها نطقت بهذه الحقيقة في فورة العاطفة وهي بين ذراعيه مما ذكرها بفيتو باعتباره الرجل الوحيد الذي تحبه فعلا.
أعانها على الوقوف وأحاط كتفيها بالمعطف وفي أثناء ذلك مستها أصابعه برفق فسرت في جسدها رجفة اعتبرها من آثار رد الفعل المفاجىء ونظر طويلا الى عينيها المعذبتين وتنهد قائلا:
" لا داعي للقلق لن أفرض عليك عاطفتي ما دمت لا ترحبين بها. أرجو أن تقبلي اعتذاري لسلوكي في الماضي. ولو كنت أعلم أنك أحببت فيتو الى هذا الحد لما حدث ذلك أبدا. هل تغفرين لي؟".
لم يعد لديها من الثقة في النفس ما يسمح لها بالكلام وانهارت تماما . وأحاطها بذراعيه وقادها الى السيارة.

أمل بيضون 13-05-09 11:53 PM

كانت الرحلة الى المنزل سريعة وهادئة. وفي الساعات الأولى من الصباح توقفا أمام منزل العمة رينا, لكن الأضواء كانت ما زالت تتألق من النوافذ . وبعد أن ساعدها على الخروج من السيارة صعد سريعا الى السلم ورن الجرس.
فتح ايمانيويل الباب وعندما رآهما على العتبة رفع ذراعيه:
"شكرا لله".
" ما هذا يا ايمانيويل؟ هل حدث شيء للعمة رينا؟".
" أنه السيد فيتو جاءنا خبر بأنه حي وهو في طريقه الى البيت! ان السيدة تكاد تطير من الفرح. وقد أرغمناها على النوم لأن الصدمة كانت شديدة على قلبها لكنها سعيدة حدا. كما أننا سعداء جميعا".
والتفت دو****و الى كارولين فرأى وجهها المفعم بالحيوية يشع بتعبيرات السرور وهي لا تصدق الخبر. وسألها بأنزعاج:
" وماذا يكون الأمر بالنسبة الينا يا كارولين ماذا سنفعل الآن؟".
لم ينتظر جوابها لكنه أسرع الى غرفة عمته . وببطء صعدت الى غرفتها وقد أصابها الدوار. لقد صدمها أنها وعت تماما كل ما قاله ايمانيويل , وتملكتها فكرة وحيدة هي أن فيتو سيحضر الى البيت وأن عليها أن ترحل قبل وصوله وقبل أن يعرف الجميع أنها كاذبة. كان مروعا أن تفكر في بقائها لمواجهت حنق دو****و عندما يكتشف كذبها . وبدأت وهي شديدة الأنفعال تعدَ حقيبة ملابس صغيرة تحتوي على اللوازم الأساسية لتعود الى أنكلترا.
لكنها ستحتاج الى نقود لدفع أجرة سفرها. وحساب البنك الذي فتحه لها دو****و لم تمسه حتى الآن . ثم أن البنوك لا تفتح الا متأخرا وهي لا بد أن تذهب حالا . ولكن كيف؟
نظرت الى التلفون وتذكرت جيفري . وباندفاع اتصلت به تلفونيا :
" جيفري؟ أنا كارولين . أحتاج الى مساعدتك. أرجوك يا جيفري هل تساعدني لأصل الى أنكلترا؟".
فأكَد لها أنه سيفعل كل ما يستطيع على الفور. ثم سألها:
" هل تريدين أن آخذك الآن؟".
" نعم, سأكون مستعدة عندما تصل. لا تحدث أي صوت. سأسمع سيارتك وأخرج. أشكرك يا جيفري انك صديق حقيقي".
ارتدت ملابس السفر وألقت نظرة أخيرة على غرفتهاوانسلت الى أسفل الدرج.
ظلت أعصابها متوترة حتى سمعت صوت سيارة جيفري تقف فأسرعت الى حيث كان ينتظرها وبسرعة انطلقت السيارة بهما.
قال جيفري:
" لم يكن لدي وقت لأتصل بالمطار يا كارولين. أعتقد أنه من الأفضل العودة الى مسكني لتناول الفطور ثم نتمكن من اجراء بعض الأتصالات عن أول رحلة ممكنة. ماذا تقولين؟".
وافقت على اقتراحه وقالت:
" لا أعرف ماذا كنت أفعل بدونك يا جيفري؟ من الصعب عليَ أن أطلب شيئا من أحد ولكن لا بد أن أحصل على بعض النقود ثمن بطاقة السفر . أيمكنك أن تقرضني بعضها؟ سأردها اليك عندما أجد عملا".
" ماذا تعنين بقولك الى أن تجدي عملا؟ أظنك لا تعنين أن زوجك سيسمح لك بالعمل وهو من أغنى رجال روما؟".
"لن يعرف دو****و أني تركته الى الأبد ! لا أتوقع أن أراه ثانية".
وبعد تناول الفطور قال لها:
" حسنا قصي على العم جيفري كل ما حدث".
" لديَ الشيء الكثير الذي أرويه الا أنني لا أعرف من أين أبدأ. أليس من الأفضل أن تتصل بالمطار تلفونيا فلعلنا نجد مقعدا خاليا اليوم. يجب أن أرحل يا جيفري اذ أنني لو بقيت في روما واكتشف دو****و أنني تركته فسيعثر علي بالتأكيد".
" وهل تعتبرين هذا شيئا فظيعا؟".
" نعم فظيع جدا الى الحد الذي أعتقد أنه ليس في استطاعتي تحمله".
اتصل بالمطار ثم هز رأسه وقال:
" هناك مكان شاغر على طائرة تقلع الساعة الثامنة وقد حجزت لك".
ثم قال لها في حزم:
"الآن هل لك أن تقصَي عليَ معنى كل هذا؟ أمامنا الكثير من الوقت لآخذك الى المطار. يمكنك أن تبدأي الحديث من أولهز هيا انطلقي".
وبدت مترددة ثم قصَت عليه كل ما حدث ابتداء من يوم جنازة أبيها الى أن خرجت معه من المنزل هذا الصباح.
فألقى عليها نظرة رثاء وهو يقول:
" مسكين يا دو****و العجوز . لم أعتقد أبدا أنه سيأتي اليوم الذي أشعر فيه بالأسف نحوه. أنت يا كارولين وضعته بين شقي الرحى. تريدين أن تقولي أنه بعد زواجك منه ما زال يعتقد أنك تحبين ابن عمه؟ يا للغبي المسكين".
" آه لا تقل هذا يا جيفري! الا تعتقد أنه كان عليَ أن أفعل ما فعلت؟ لم أستطع أن أتركه يأخذ الطفل مني. كان لا بد أن أجعله يعتقد أنني دورندا, ثم تعاقبت الأحداث بسرعة وفي النهاية وقعت في شرك من الخداع! والآن ألا ترى أنه يجب عليَ أن اذهب؟".
" ولكن هل أنت واثقة من أنه سيكون غاضبا كما تعتقدين عندما يكتشف خدعتك؟ لعل حبه الكبر لك يجعله يتغاضى عن تلك الخدعة. ولماذا لا تكلمينه على الأقل قبل مغادرتك روما؟ أعطه فرصة الأستماع الى وجهة نظرك في الأمر كله قبل أن يصل فيتو الى المنزا. قولي له الحقيقة أنت بنفسك يا كارولين".
" لا! لا! لا يمكنني . يجب أن أرحل!".
أخذها الى السيارة وانطلقت بهما. وأخذت تنظر الى معالم روما. وعندما فكرت في السنوات الطويلة التي ستعيشها من غير دو****و احتقن قلبها حتى الأنفجار.
وصلا الى المطار وبعد أن اشترى جيفري التذكرة ذهبا الى القاعة وشعرت بقلقه عليها فنظرت اليه قائلة:
" لا تنزعج يا جيفري. اني أدرك ما أنا مقدمة عليه. أرجو ألا تقلق من أجلي".
" لا أستطيع يا عزيزتي. ماذا سيحدث لك عندما تصلين أنكلترا! أين ستقمين؟ وكيف يمكنني أن أبقى على الأتصال بك؟".
" سأكتب لك حالما أتمكن, وشكرا على كرمك, لدي ما يكفي من النقود الى أن أصل الى منزل صديقتي".
" ما دمت متأكدة من ذلك فأنني سأتركك تذهبين ولكن تذكري يا عزيزتي اذا احتجت اليَ في أي وقت أخبريني وسأحضر في الحال".
ثم تركها وذهب الى أحد المحلات حيث اشترى لها علبة كبيرة من الشوكولاتة ورزمة من المجلات . ولمح عنوانا في احدى الصحف الأنكليزية فأخذها اليها وهو متجهن وقال:
" ترحلين في الوقت المناسب يا كارولين. الصحيفة هنا تقول انه من المتوقع وصول فيتو اليوم الى هذا المطار وأنه سيحضر مع زوجته . قولي لي ما هو اسم أختك؟ هل هذه هي صورتها المنشورة في الجريدة؟".
أخذت الجريدة منه فرأت وجه دورندا الباسم تحدَق في شاب أسمر يبدو بلا شك أنه من عائلة فيكاري. وقد أبرزت العناوين الخبر بشكل مثير بأن رفيقة هذا الأيطالي لم تكف عن البحث عن أي خبر عنه وتتبعت كل أثر له حتى نجحت في العثور عليه في مستشفى ارسالية وسط غابة أفريقية. وكان يعاني من فقدان الذاكرة وأعراض أخرى. وحولت الصحيفة هذه الواقعة الى قصة مشوقة. وكتبت تفاصيل عن الزواج الذي تم في أفريقيا.
اغرورقت عينا كارولين بدموع الفرح وهي تقرأ هذا الخبر . وأكثر ما أفرحها أن طفلها المحبوب سيكون أخيرا في كنف والديه.
بعدما سمعت النداء على رقم رحلتها:
" وداعا يا عزيزي جيفري. هذه أحسن هدية بمناسبة سفري كان في وسعك تقديمها اليَ . وقد اقتنعت الآن بالرحيل اذ هناك عضوان من أسرتي على الأقل يعيشان في سعادة هما دورندا والطفل. هل تعدني يا جيفري بالاَ تذكر لدو****و أين ذهبت؟".
" أعدك بذلك . ودائما يا عزيزتي سأظل أذكرك الى الأبد".
10- الحقيقة
سأل سائق السيارة كارولين بعدما أوقفته:
" الى أين يا آنسة؟".
قرأت له كارولين عنوان جين. فرد عليها قائلا:
" سنكون هناك بعد عشر دقائق ".
وعندما توقفت السيارة أمام منزل شبه منعزل توجهت في شيء من التردد الى الباب الأمامي فتحه لها رجل طويل القامة. وللوهلة الأولى تعجبت للطريقة التي استقبلها بها فقد نظر اليها وكأنه لا يعرفها:
" جيم, انني...".
" كارولين , لم أعرفك للوهلة الأولى . تفضلي بالدخول! ونادى جين. أسرعت جين من المطبخ وهي في سعادة لا توصف لرؤية كارولين".
" لم لم تخبرينا بأنك آتية؟".
" سافرت في عجلة يا جين. أرجو ألا أكون قد أزعجتكما بزيارتي المفاجئة ولكن في وسعي دائما أن أذهب الى فندق".
" فندق؟ بالله عليك لا تفعلي هذا! لقد كنا في شدة الشوق الى رؤيتك , قلت لجيم أمس أنه اذا لم يصلني منك رسالة واضحة فسأذهب الى روما لأطمئن عليك".
قالت جين بعد أن استقرتا في غرفة الأستقبال:
" حسنا يا عزيزتي , هل تودين التحدث في الأمر؟".
تركت كارولين مقعدها وجثت على ركبتيها ودفنت وجهها في حضن جين وروت لها القصة كاملة.
وعندما انتهت تناولت جين خديها بين أصابعها ونظرت اليها في دهشة قائلة:
" أتعنين أنك تحبين زوجك ومع ذلك انسحبت و لقد خاب أملي يا كارولين! كنت أظنك أكثر جرأة".
" كيف أبقى؟ انه يحتقرني!".
وأخفت جين ابتسامة الأنتصار عندما تبينت أنها استطاعت اثارتها. الاَ أنها لم تستطع كتمانها. ونظرت اليها كارولين في ارتياب وبدأت عيناها تلمعان:
" تعمدت اثارة غضبي...".
"أليس كذلك؟ نعم يا عزيزتي ويجب أن تعترفي بأنك تشعرين بتحسن الآن. ألست على حق؟".
لم ترد كارولين بل افترت شفتاها عن ابتسامة كدليل على رضاها.
كانت ضحكات توأمي جين تؤلم كارولين لأنها ذكرتها بالطفل فيتو. ورأت رجلا طويل القامة يسير على بعد فكان ذلك كافيا لكي يبدأ قلبها في الخفقان ولكي تحس بوخز في أعصابها الى أن أدركت أنه لم يكن دو****و. لم يلتئم الجرح في قلبها لكنها تعلمت أن تخفيه شيئا فشيئا حتى عن جين.

أمل بيضون 13-05-09 11:58 PM

[rainbow]

انتظروا الجزء الأخير من الرواية قريبا
[/rainbow]

جننوني 14-05-09 12:13 AM

مشكووووره في انتظارك

yoshym2 14-05-09 12:48 AM

انا قرات الرواية جميلة جدا
يسلمووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووو

جورجينا 14-05-09 11:36 AM

سلمت ايديكي...............ناطرينك:icon30:

البلعاوية 14-05-09 12:00 PM

شوقتينا لنعرف النهاية لا طولي

أمل بيضون 14-05-09 01:04 PM

قضت معهم حوالي أربعة أسابيع ولم تشأ أن تطيل الأقامة فأبلغت جين بأن الوقت حان لتجد وظيفة وتستقر في منزل خاص. ورجتها جين أن تبقى , ولكنها أصرت, وبدأت تخطط وكان أول ما قررته هو أن تتصل بالسيد ولكنز لتخبره بأن دورندا لم تعد مفقودة. ولما كانت هذه المرة الأولى التي اتجه ذهنها فيها الى السيد ولكنز منذ عودتها الى أنكلترا , فقد تذكرت أنه ما يزال يحتفظ لها بحصيلة بيع منزلها وأثاثها . وشعرت بارتياح عندما تذكرت أنها أخبرته بأنها ستتصل به عندما تريد منه أن يبعث اليها بالمال, فما أحوجها اليه الآن.
وفي اليوم التالي ذهبت الى البلدة الصغيرة التي فيها مكتب السيد ولكنز وعندما تقدمت لتحيته رمقها بنظرة من وراء نظارته وصدمها بكلماته قائلا:
" هل رأيت زوجك يا سيدتي الصغيرة’".
" لا , هل تعني أنه في أنكلترا؟".
فأجابها مستنكرا:
" بالطبع كان في هذا المكتب منذ ثلاثة أسابيع يسأل عنك. ولم أستطع مساعدته لأنني لا أعرف أي أخبار عن مكانك. وترك عنوان الفندق الذي يقيم به وطلب مني أن أتصل به بمجرد أن تصلني أخبار عنك ويمكنني أن أضيف الى ذلك أنني لم أجد رجلا أكثر اصرارا منه, فهو ينوي أن يبحث عنك في كل مكان حتى يهتدي اليك!".
شهقت ومدَت يدها لتمسك بمقعد حتى لا تترنح . فقد اعتقدت أنها لن تضطر الى رؤيته ثانية وأن المحامي سيتكفل بكل الأجراءات الضرورية لأنهاء زواجهما . وتوسلت اليه قائلة:
" يجب ألا تخبره بأنني كنت هنا يا سيد ولكنز . أرجوك لأنني لا أريد أن أراه ثانية".
وشحب لونها فأجلسها ولكنز وطلب من سكرتيرته أن تأتيها بكوب من الماء.
وعندما ارتشفت الماء وتوقف الدوار طلبت منه مرة أخرى ألا يتصل بدو****و , فقال لها محرجا:
"ولكن أعتقد يا عزيزتي أنه يجب أن تتقابلا وتصلحا ما بينكما . ومع أنني لا أظن أن الأمر سيتطور الى هذا الحد. ولكن اذا ضاع كل أمل في المصالحة فلا بد أن تتقابلا وتتفاهما على كل شيء".
" لن أقبل منه مليما واحدا. وعندما ينتهي زواجنا لن يكوم مسؤولا عني ولذلك لا أرى أي داع لأطلاعه على مشاريعي بالنسبة الى المستقبل".
" كيف ستعيشين ؟ أنك غير مدربة على عمل معين وفي الحقيقة يا فتاتي لقد عدت كما كنت بعد موت أبيك الفقي تفتقرين الى الخبرة والمال"؟
وهز رأسه كما لو كان يائسا من اعادتها الى صوابها . ثم واصل القيام بأعماله بعد أن وعدها كارها بألا يخبر دو****و اذا ما اتصل به ثانية؟
وعندما عادت الى المنزل كانت ترتجف من شدة الأنفعال . فبعد أن أسرعت خارجة من مكتب السيد ولكنز أخذت تنظر الى الخلف خشية أن يكون دو****و وراءها. وحاولت أن تخفي صدمتها عن جين وأدهشها أنها استطاعت ذلك. فقد بدت جين منشغلة الذهن. وكان عليها أن تكرر عباراتها لكي تسترعي انتباهها . وأجفلت جين قائلة:
" آسفة يا عزيزتي , ماذا قلت؟".
وكررت كارولين في صبر:
" قلت انني رأيت السيد ولكنز ويبدو أن عندي مبلغا لا بأس به في البنك لهذا ينبغي عليَ أن أبحث عن مكان أقيم فيه".
وبدا كأن هذه الكلمات قد أخرجت جين من أحلامها لأنها ناشدتها بجد واصرار قائلة:
"الوقت ليس مناسبا , انتظري قليل".
" لماذا يا جين؟ ليس في وسعي أن أبقى هنا الى الأبد . وأنا أشكرك لأستضافتك لي طوال هذه المدة. لا أستطيع أن أفرض نفسي عليكما أكثر من ذلك"؟
" أنتظري بضعة أيام أخرى فقط يا كارولين. أرجوك!".
واحتارت كارولين لكنها قررت أن تستجيب لرغبة صديقتها فهزت كتفيها وقالت:
" حسنا يا جين , اذا كنت تصرَين . ولكن أرجو ألا يظن جيم أنني باقية هنا الى الأبد".
" لا , لا أظن ذلك".
قررت كارولين عدم الأشارة الى أن دو****و موجود في البلدة أو أنه يبحث عنها . فقد كانت في حاجة الى وقت لتفكر في سبب اصرار ولكنز عليها لتقابل دو****و قبل أن يقررا ماذا سيفعلان.
ولم تكن قد اهتدت الى حل عندما طلبت منها جين أن ترعى طفليها في غيابهما . اذ أنها دعيت مع زوجها الى حفل يقام في ذلك المساء وقالت أن المضيفة لا تعلم أن لديها ضيفا. ومما أثار دهشة كارولين أن جين لم تفكر في الأتصال بهذه المضيفة لتسألها ان كان في استطاعتها اصطحاب كارولين معها . وتسبب هذا الأغفال في جرح شعور كارولين اذ بدأت تشعر بحساسية لأنها أطالت مدة اقامتها. وتساءلت عما اذا كانا سيختلقان عذرا ليختلي كل منهما بالآخر لبعض الوقت . ولكنها سرعان ما تخلت عن الفكرة . ولذلك رحَبت بالبقاء مع الطفلين واصرَت على أن تخرج جين في هذا المساء لتصفف شعرها والتجول بين المحلات وهو أمر كان متعذرا عليها بسبب وجود الطفلين.
وعاد جيم مبكرا مبتهجا , وبعد أن استعد للخروج وصف شعوره بأنه شعور شاب يتأهب لأول موعد له مع حبيبته , فقد مضى وقت طويل دون أن يستطيعا أن ينعما بحياتهما حتى جاءت كارولين لترعى طفليهما.
أسرعت الى الطابق الأعلى حيث يرقد الطفلان لكي تبدل ملابسها وترتدي بنطلون جينز وقميصا قصير الأكمام زهري اللون. وبينما كانت تسرَح شعرها سمعت جرس الباب فابتسمت ظنا منها أنها جين التي اعتادت أن تنسى شيئا كلما خرجت. ونزلت لتفتح الباب وعلى وجهها ابتسامة عريضة استعدادا لممازحة جين؟
.
" جين , انت...".
ثم توقفت وأمسكت بالباب وقد أحست بأن يدا تعصر قلبها . ثم صاحت في اختناق:
" دو****و!".
وقف ينتظر في وقار . ولما لم تتكلم ولم تتحرك افتعل ابتسامة خالية من الدعابة وسألها في هدوء:
" هل يمكنني الخول؟".
" نعم ... نعم, بالطبع".
ظهرت وكأنها لا تعي ما تقول. وتحركت كانسان آلي نحو غرفة الأستقبال وغاصت في أريكة وهي ترتجف ونظرت اليه للمرة الأولى وصدمتها علامات التوتر حول فمه والظلال التي تحيط بعينيه وحرك رأسه وهو يبحث عن علبة السكائر في جيبه نظرت اليه وقالت:
" كيف عرفت مكاني؟".
" بحثت عنك في البلاد طولا وعرضا شهرا كاملا , وسألت عن أخبارك لدى جميع أصدقائك ومعارفك وأخيرا وصلتني رسالة من أختك تشير فيه أن أبحث عن جين لأنها واثقة من أنك ستكونين معها . وكانت على حق . فقد جئت الى هنا منذ بضعة أيام وقابلت جين واستطعت أقناعها بضرورة التحدث اليك . ثم وعدت بأن ترتب لي لقاء معك على انفراد . يجب أن نتحدث يا كارولين . ألا ترين ذلك؟".
" نعم أظن ذلك".
" أولا . أريد أن أعتذر عن أسلوبي في معاملتك . عندما أخبرتني دورندا بما قمت به من أجلها".
ولم تسعفه الكلمات . فنهض وأطفأ سيكارته بعصبية . ولم تستطع رؤية وجهه ولكنها استطاعت أن ترى عضلة تنقبض في خده وفي قبضة يديه وكأنه يجاهد لاستعادة رباطة جأشه:
" لقد تزوجتني لأنك خشيت أن آخذ منك الطفل عندما أعلم أنك لست أمه , أليس كذلك؟".
" نعم يا دو****و فعلت ذلك. أنني آسفة لأنني اضطررت الى خداعك لكنني ظننت بأنك لو اعتقدت بأن فيتو طفلي ةأنني كنت أحب أباه فلن تحاول التفريق بيننا . كرهت نفسي بسبب هذه الخدعة , لكنني اضطررت الى ذلك يا دو****و . فقد كانت الطريقة الوحيدة أمامي".
" أريدك أن تعرفي أن لا طلاق في وطني. هل المفروض أن أعيش وحيدا في ايطاليا بينما تقيمين أنت هنا في أنكلترا؟ أم أنك مستعدة للعودة معي لمحاولة انقاذ ما يمكن انقاذه؟".
" ولكن ألا ترى يا دو****و أنه يمكننا أن نبطل زواجنا ؟ ولهذا لا أدعك؟؟؟!".
ثم توقفت عن الحديث واحمر وجهها خجلا وهي تحاول ترجمة أفكارها الى كلمات . وعادت تحاول الحديث فقالت:
" ولهذا – في باريس وفي الفيلا...".
ولم تستطع أن تكمل . وبدا أن دو****و لم تكن لديه النية لأخراجها من هذا المأزق برغم أنها كانت واثقة أنه يعرف تماما ما كانت تحاول قوله.
وأثارها بقوله:
" هل تريدين الزواج من شخص آخر؟".
" لا بالطبع! ولكن ألا ترى يا دو****و أننا اذا أبطلنا الزواج أصبحت حرا وتزوجت كنديدا؟".
فأجابها في برود:
" ليست لدي الرغبة في الزواج من كنديدا".
فتراجعت الى الوراء قائلة:
" لكنك تحبها يا دو****و . أنني أعرف ذلك وقد رأيتك في تلك الليلة وعرفت أنك تحبها".
فقطب حاجبيه وبدا محرجا ثم قال:
" لو أنك أنعمت النظر في تلك الليلة يا كارولين للاحظت أنها هي التي كانت تحتضنني".
" ولكنك كنت تخرج معها كل ليلة- هذا ما قاله لي جيفري. وفي الليلة التي خاطبتني فيها تلفونيا قبل ذهابي الى الحفلة , كانت معك, لقد سمعتها!".
" اسمعي يا كارولين , لست أدري ما شأن كنديدا بعلاقتنا , ولكن يبدو أنه يجب التخلص من هذا الموضوع قبل أن نخوض في الحقائق , انها مديرة الشركة كما أنها فرد من أفراد العائلة وبينما كنت غائبا تعرَضت الأعمال الى أزمة كبيرة وطلبت مني أن أسوي الأمور مما تطلب مجهودا كبيرا ولم يكن لديَ وقت أضيعه الا في المساء. يجب أن تتذكري أن العمل أهمل في غيابي وتراكم في المكتب وكنت مضطرا الى مساعدتها".
ثم استطرد :
" أعترف بأنها حاولت السيطرة عليَ في ليل الحفل لكنك لو انتظرت لسمعتني أوضح أن اهتمامي بها كان مجرد اهتمام بالعمل. وبالنسبة اليَ فقد كانت رفيقة الصبا وطالما لهونا معا ولا شيء أكثر من ذلك. هل هذا يرضيك؟". نظرت اليه في أمل بعد أن جردته رقَة عينيها من أسلحته. وصاح متألما:
" أرجوك أن تعودي معي يا كارولين! كانت الأسابيع الماضية جحيما . أعدك بأنني لن أطالبك بشيء بل امنحيني فرصة أخرى. أعرف أنني لا أستحقها , وفي الحقيقة لا أستطيع أن ألومك لو رفضت ذلك".
ثم قال بصوت قريب من الهمس:
" أنني أحبك يا عزيزتي . أحبك ولا أحتمل التفكير في المستقبل من دونك".
تواضع دو****و الروماني المتعجرف كان أكثر مما تستطيع احتماله . كانت تريده في الحاح ولكن ليس هكذا! دو****و المتعالي يقول لها انه سيقنع بأي جواب يصدر عنها.
مالت نحوه وقلبها يخفق في شدة. ورفعت وجهها اليه وتمتمت:
" آه يا دو****و يا حبيبي الغالي".
استرد دو****و أنفاسه وقال:
" أتعنين أنني عانيت طوال هذه الأشهر على الرغم أنك تحبينني؟".
أحاطت رقبته بذراعيها وضمت نفسها اليه في تأكيد أسعده ثم قالت:
" أحببتك منذ ذلك اليوم في باريس يا عزيزي لكنني لم أجرؤ على أن أدعك تعرف ذلك. وأنت متى أحببتني؟".
فابتسم قائلا:
" كانت المرة الأولى في الحديقة يا عزيزتي . كنت ترتدين الملابس نفسها التي ترتدينها الآن لكني لم أبال. لقد وقعت في جب فتاة متهورة تلبس الجينز ولها عينان زرقاوان وجسم ملائكي يتمنى أي رجل أن ينظر اليه".
واستطرد قائلا : " والمرة الثانية التي ازددت حبا لك فيها كانت يوم زواجنا. ولكن في باريس كنت متيما. انني أحمل ذكرى تلك الليلة التي لم تفارقني".
واحمر وجهها خجلا عندما تذكرت ارتباكها عندما استيقظت ووجدت نفسها في ثوبها الأسود الشفاف.
وفجأة انطلقت ضحكته وجذبها اليه بحرارة شديدة . وتحملت نظرته دون احتجاج وكادت تبكي عندما همس قائلا في جد:
" لو كان عليَ أن أختار لحظة في قلبي , لما اخترت الا هذه اللحظة يا عزيزتي لقد بحثت طوال حياتي عنك. ولو كتب عليَ العناء لأجلك لقبلت ذلك. انني لا أستحق عذوبتك وحبك لكنني سأكرس حياتي لرعايتك".
شكرته على حبه في صمت . ونسيت كل ما لاقته من عذاب في الأسابيع الماضية.
واعترف لها في صوت ضعيف قائلا:
" انني أشعر بالغيرة من كل رجل سبقني اليك . قولي لي ثانية انك تحبينني!"ز
" دو****و . هل تشعر بالغيرة من أبي؟".
" أبوك؟".
" نعم فهو الرجل الوحيد الذي أحببته قبلك".
آلمها أن وجهه شحب لونه ثم أداره بعيدا عنها وتولاه شعور بالضعة عندما أدرك أن معاملته السابقة لها ضايقتها . واحمر وجهه كدليل على شعورع بالحرج. فضمته اليها بكل ما في أعماقها من حنان بحيث لم يعد يشعر بأي ذنب. وأطمأن أخيرا الى أنها كانت له وحده . وتمتم في أذنها قائلا:
" أتدرين الى أين سنذهب يا عزيزتي؟".
فهزت رأسها في دهشة ولم تعد تبالي ما دامت ستكون معه.
وأضاف:
" سنذهب الى باريس لقضاء شهر العسل.لكن الأمر سيختلف هذه المرة! سيختلف تماما...".
فتنهدت وقالت في سعادة غامرة :
" آه , نعم يا دو****و أرجوك!".
تمت

جننوني 15-05-09 12:05 AM

ربي يعطيك العافية مشششششششششششكوره:44:

yosser 16-05-09 02:50 PM

يعطيك الصحة اعجبتني جدا هذه الرواية شكرا عاى المجهود.

mshmshty 16-05-09 03:58 PM

رواية رائعة انا قرتها اكتر من مرة بس مش بشبع منها ابدا

تسلم ايدك ياقمر على الرواية ومنتظرين منك كل جديد ومميز

mira001 03-06-09 10:00 PM

merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiii

كويتيه عنيده 06-06-09 05:24 AM

:44::44::44:

شكراااااااااا على الروايه الحلوه :icon30:

العسل المور 04-04-10 02:20 AM

روايه رائعه شكراااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااا اااااااااااا


الساعة الآن 01:23 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.