17-05-09, 12:15 PM | #11 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| ولم يكمل عبارته , بل جذبها في عناق مؤلم الى درجة أنها أحست بنفسها سجينة بين يدين من لبصلب, كم هي حمقاء اذ جاءت الى هنا ووضعت نفسها تحت سيطرة قوته ! لكنها لم تكن تعتقد أن رغبته ستكون قوية كما كانت , ليس بعد فترة خمس سنوات طويلة. وأخيرا بعدما أبعدها عنه ونظر بعمق في عينيها وقال: " لم تتغيري يا زوجتي الصغيرة, أعتقد أنك أصبحت أكثر فتنة وجاذبية". وأصبح مرة أخرى الرجل المثقف المهذب ( الجنتلمان) الزوج الذي يبدي الرقة في المعالمة, الذين يمكن أن ترغب فيهما أي زوجة: " شاني , يا فتاتي الصغيرة, ألا يمكننا أن نحاول ؟ لن تعرفي اطلاقا كيف كنت أريدك . كيف بحثت عنك وبحثت ولم يخطر في بالي أنك في الخارج يا عزيزتي... ألا يمكننا أن نعيش معا ونكون سعيدين, لماذا تركتني؟". " كان صوته ضعيفا بالنسبة الى رجل في قوته, قال: " ألم أقل لك يا عزيزتي؟ أتذكرين؟ أخبرتك بأنك لو بقيت معي ليلة واحدة لبقيت الى الأبد, هيا عيشي معي, وأنا أعرف أننا يمكن أن نكون سعيدين". اذن كانت شكوكها صحيحة, كان يبحث عنها. وارتجفت من اللمسة التي أصبحت رقيقة للغاية, وتسلل الى أعماقها انفعال لم تستطع أن تفسه, ومع ذلك فان اشمئزازها كله كان حاضرا , اشمئزازها من رغبته البدائية عندما صمم من اللحظة الأولى التي سقطت فيها عيناه عليها , على أن تكون ملكا له بغض النظر عن تعكر صفو حياة ما زالت في بدايتها . وصرخت وهي لا تزال تشعر بالأذى والألم في فمها وبدنها: " أعيش معك؟ كيف يمكنك أن تقترح شيئا كهذا؟ والى جانب ذلك فأنك فيما يبدو , نسيت أنني أحب شخصا آخر ". غلطة أدركتها بعد فوات الأوان , فالأشارة القاتلة الى رجل آخر اشعلت النيران التي خمدت مؤقتا , وعرفت شاني مرة أخرى مدى عواطفه المتأججة بلا ضابط, وحينئذ دفعها بقوة حتى كادت تسقط مترنحة فوق الأريكة وقال ساخرا وقد ابيضت شفتاه: " تحبين! أين هذا الرجل ؟ هل يعرف أنك متزوجة؟". وأشار الى الأريكة خلفها قائلا: " اجلسي وسنتحدث بالأمر , ينبغي أن أقابل هذا الرجل الذي يتوهم أنه يستطيع أن يسرق مني زوجتي!". وبقيت شاني واقفة بجانب الأريكة وهي تحاول ببسالة أن تستجمع شيئا من تماسكها , لكنها كانت مضطربة للغاية وقد ابيض وجهها , وبدا من غير المعقول أن تعاني بهذه الطريقة لمجرد أنها تتمتع بجاذبية معينة قاتلة في عيني هذا الغريب الأسمر. " براين يعلم أنني متزوجة". قالت ذلك وجسدها يرتجف , والتقت عيناها الجميلتان بعيني زوجها رغم خوفها منه ومما قرأته في تعبيرات وجهه . " وعدته بأنني سأحصل على الغاء الزواج". وتملكها اليأس , كانت واثقة أنها ستحصل على حريتها في النهاية, لكن هل سينتظر براين؟ عرف عنه أنه ينجذب نحو أي وجه فاتن , كما كانت له علاقات عديدة عابرة قبل أن يكتشف أخيرا أنه يمكنه أن يحيا حياة مستقرة مع شاني, وغضب عندما اكتشف أنها متزوجة , وشعرت شاني بأنها لا تستطيع أن تخبره بأن الغاء الزواج سيتأخر. " اجلسي". أشار أندرياس مرة أخرى الى الأريكة , وهذه المرة أطاعت شاني , ومضى يقول: " اذن وعدته بأنك ستحصلين على ابطال الزواج, أليس كذلك؟ كان ذلك طيشا منك , ألا تظنين ذلك؟". وجلس على المقعد وسيطر عليه هدوء وتمالك نفسه وكأن شيئا لم يحدث على الأطلاق: " ما الذي أعطاك الفكرة بأنني سأوافق على فسخ زواجنا؟". وهمست بنبرة متوسلة: " أندرياس ... أننا لم نتزوج حقيقة على الأطلاق". واغتمت عيناه , وحبست أنفاسها , ما الذي يفكر فيه؟ أخذت تتساءل في فزع: "اننا لم نتبادل الحب على الأطلاق". رد بصراحة اليوناني المميزة والتي أدت الى تصاعد الدماء الى خديها ثم أردف: " أنك حتى لم تسمحي لزواجنا بأن يمر بتجربة". " كنت خائفة منك". قالت ذلك بقوة حتى تذكره بظلمه لوالده في ذلك الوقت : " كما كنت في الثامنة عشرة فقط... يبدو أنك نسيت ذلك ". وتحدث برقة الى درجة أنها حدقت فيه مندهشة: " هكذا كنت يا شاني , في الثامنة عشرة ... أدركت أخيرا جدا أنني لم أدخل في حسابي شبابك وحياءك أو خوفك الطبيعي مني أنا الغريب, ولذا لم أبحث عنك على الفور, بل انتظرت حتى أدع الفرصة لتنضجي خلال فترة تدريبك, ثم بدأت أبحث عنك , وخلال ذلك الوقت لا بد أنك رحلت الى الخارج, وبالمصادفة اكتشفت مكانك , عندما نقل مريض من هنا الى مستشفى لندن , وتحدث عن لوتراس , وكان هذا طبيعيا وذكر الأخت شاني ريفز". وخفت صوته حتى كادت لا تسمعه , وقالت شاني: " الواضح أنك جئت الى هنا لهدف واحد فقط هو مطالبتي بأن أعيش معك , لكن لم يكن من الضروري أن تترك لندن . وتأتي للعمل هنا , كان يمكنك ببساطة أن تزورني". وحدق في كأسه وهو يديرها بين أصابعه , ثم قال بلهجة غامضة: " كنت أحتاج الى فسحة من الوقت , لأنني كنت أفكر في شيء لا يمكن انجازه بسرعة". وتجهمت شاني , وهمت بأن تسأله لكنه منعها مواصلا حديثة: " هذا ليس هاما الآن , لأن الأحوال ليست كما توقعت". ما الذي يعنيه بالأحوال التي ليست كما توقع؟ هل كان يعتقد أن قلبها ما زال خاليا؟ اذا كان الأمر كذلك فما هي نواياه التي لا يمكن انجازها بسرعة؟ " أنني لا أفهم". " لا يهم , ليس الأمر هامل الآن كما قلت". وحدقت فيه وظهرت ابتسامة ندم على وجهه بددت كل ملامح القسوة , وأضاف : " ذكرتني فقط بأنك كنت صغيرة السن وقت زواجنا , وخائفة مني, لكنك الآن يا عزيزتي أصبحت أكبر سنا وصرت تعرفين كل شيء , اننا مرتبطان معا بطريقة لا يمكن فسخها , وألأفضل أن نحاول لأن أماما طرقا طويلا يمكن أن تشوبه الوحدة". أدهشتها طبيعة كلماته والأسلوب الذي صاغها به , كذلك كانت رقة نبراته والطريقة التي نظر بها اليها على النقيض من الطريقة الخبيثة السابقة , فام تستطع الا أن تجلس هناك وهي تنظر اليه في دهشة دون أن تنبس بكلمة, وقال موضحا: " فكري فيما قلته , فكري بعمق يا عزيزتي وضعي في اعتبارك أن زواجنا شيء دائم مهما كان قرارك". واختلس نظرة الى الساعة ثم قال معتذرا: "ستعذرينني لو طلبت منك الأنصراف , فأن هناك صديقا سيأتي من أثينا اليوم , وينبغي لي أن أرتدي ملابسي لأنني سأقابله في المطار ". ونظر بثبات في عينيها وأردف: " فكري في اقتراحي يا شاني , فكري فيه بجدية". ونهضت نابذة عرضه ومركزة تفكيرها , بدلا من ذلك , على الطريقة التي ستنقل بها النبأ الى براين. 3- اليوناني الأسمر الغامض كان براين غاضبا وأخذ يهذي وأخيرا استسلم لخيبة أمل مريرة, وأنصتت شاني اليه وأصيبت بصدمة حادة, فقد كان طبيعيا أن تتفهم احساسه بالأحباط , كما كانت ستغفر لمحة الأتهام المؤلمة التي شعرت بها في كلماته لكن ثلاثة أشهر لم تكن بلا شك , كافية لمعرفة رجل له حساسي براين الخاصة. ولفترة قصيرة انصتت , وبعد اللحظات الأولى اضطرت للرد, لم يكن عليها فقط أن تعاني من أندرياس بل أن تتحمل أيضا هجوم براين المرير بدون أن تقول شيئا ! كانت شاني رقيقة لا تحب الشجار , وشعرت بأنها لقيت من الرجال ما يكفي في الوقت الحالي , ولا شيء مما أغضب أيا من الرجلين يمكن أن يقع على عاتقها وأخبرت براين بأنها لا يمكن أن تلام أبدا في هذه المسألة. واشتعلت عيناه وقال في نبرات هائجة: " لا يمكن أن تلامي؟ تقولين هذا بعد أن خدعتيني بهذه الطريقة؟". " لم أخدعك ! حالما أحسست بأنك جاد معي قررت أن أكتب الى أندرياس , وتطورت صداقتنا في النهاية بصورة أسرع مما توقعت , اذ تقدمت لطلب يدي قبل أن أتصل به". وتوقفت عن الحديث وهي تشعر بوخز في قلبها , ومضت تقول: " لو كنت تحمل لي أي مشاعر لتعاطفت معي و واقترحت الطرق والوسائل لمساعدتي في استعادة حريتي". ومرت بيدها فوق عينيها لكن براين كان مشغولا بالأسى على نفسه الى درجة أنه لم يلاحظ شيئا , وقال بخشونة: " لا يبدو أنك ستستعيدين حريتك على الأطلاق , انه يريدك ولا يحتمل أنه سيتنازل عن ممتلكاته لشخص آخر". ونهضت شاني في الحال وقالت في صوت مختنق: " أعدني الى البيت , لا أريد أن أراك مرة أخرى اطلاقا". " تناولي عشاءك ولا تكوني كمن تقوم بدو في مأساة هكذا . وومضت عيناها وارتفع ذقنها الصغير وهي تقول: " اذا لم توصلني الى البيت سأستدعي سيارة أجرة". وكانت تقصد ما تقوله , واحمر وجهه خجلا من النظرات المحدقة التي أحاطه بها الجالسون حول المائدة المجاورة فنهض واقفا. وعندما أنزل شاني بعد ذلك بعشرين دقيقة أمام مدخل المستشفى صرخ قائلا: " طابت ليلتك يا سيدة مانو". وابتعد بسيارته وسط سحابة من التراب. السيدة مانو ,,, لم يدعها أحد اطلاقا بذلك من قبل فيما عدا أحد الضيوف بالطبع بعد حفل الزواج. السيدة مانو ! أن يقول لها براين ذلك وبمثل هذا التأكيد المرير, شيء لن تغفر له اطلاقا. وجلست على فراشها وحدقت في الوسادة, وللحظة قصيرة كادت تطلق العنان لدموعها , لكن لا ... لن تفعل! لو كان هذا هو عمق حب براين لها يمكنها أن تستغني عنه, أما بالنسبة الى أندرياس فأقل شيء يمكنه أن يفعله هو أن يصلح ما أفسده بمنحها حريتها التي ترغب بها رغبة يائسة. وظل استنكارها لتصرف الرجلين فترة قصيرة , لكن غضبها من براين بدأ يتضاءل تدرييا , وبمرور الأيام وجدت نفسها بشوق لمكالمة تلفونية منه, بالتأكيد سيتصل بها , لا يمكن أن تكون هذه هي النهاية, ألم يخترها هي . ألم يفضلها على أية من الفتيات الأخريات ؟ ألم يحبها بما يكفي ليريدها زوجة له؟ لكن عندما طالت الأيام وامتدت الى اسابيع , وما زال الصمت مخيما من جانب براين بدأت شاني تشعر باليأس حتى من رؤيته مرة أخرى. قررت هي وجيني تناول الطعام في الخارج, وتناولتا العشاء في الحي التركي في نيقوسيا , ولم يكن هناك الا آخران يجلسان في المطعم : براين وحبيبة قديمة كان قد نبذها بعدما قابل شاني , وألقت هي على شاني نظرة متعالية لا تخلو من الشعور بالأنتصار, أما نظرة براين لها فكانت جفلة , واحمر وجهه وأصبح اهتمامه منصبا على محتويات صحنه وجمدت نظرات جيني , وقادت صديقتها الى مائدة على الطرف الآخر من الغرفة. ولم تستطع جيني أن تظل صامتة وهي تحدق في براين فقالت: "الوحش! انك أفضل حالا من دونه , أنه أكبر عابث في الجزيرة! ". " أجل أنا أفضل حالا بدونه". قالت شاني ذلك وهي تنظر الى صديقتها مدركة تماما مدى حيرة جيني, اذ قالت لها شاني أنها تشاجرت فقط مع براين , وكان طبيعيا أن تشعر جيني بالفضول ازاء سبب الشجار , وهذا ما لم يكن باستطاعة شاني الأفصاح عنه , شعرت شاني بالراحة لأن جيني لم تلح عليها بالأسئلة. كان براين وديبي يضحكان , كم كان شفاؤه من الحب سريعا! كيف يمكن لحب قوي مخلص أن يخبو بمثل هذه السرعة ؟ حب قوي مخلص ... وتحولت أفكارها فجأة بطريقة غير ارادية ووجدت نفسها تستعيد ما قاله أندرياس حول البحث عنها , لا شك أنها تألمت وهي تراه يجلس هناك مع فتاة أخرى , ارتجف فمها لكنها احتفظت برأسها مرفوعا في أباء , وطوال الوجبة ظلت تتجاذب أطراف الحديث مع صديقتها , وهي تتخذ موقف اللمبالاة . ولكن كيف كان قلبها يئن ! وهن بين طيات الألم الحاد الناتج عن الغيرة بزغ تقدير مفاجىء لمشاعر زوجها . ان غيرته بالطبع كانت نابعة من مجرد رغبته في الأمتلاك , وهو شيء بعيد تماما عن الحب الروحي الذي شعرت به شاني ازاء براين , في الوقت الحالي لم يكن يخطر ببالها أنها تشعر بقسوة الهجر , كل ما عرفته أن ألم الغيرة الثقيل المسيطر عليها استبعد كل شيء آخر عدا المستقبل الكئيب الذي ستعيش فيه. وامتدت نظرتها الى الركن الذي يجلس فيه الأثنان الآخران حيث كان براين لا يزال يضحك , ومع ذلك شعرت شاني بأن مرحه مفتعل , ولدى ذهابه أومأ بطريقة عشوائية,لكن شاني بطريقة ما , أحست بأن لا مبالاته لم تمنحه الا شعورا ضئيلا بالرضا. وفي اليوم التالي اتصل بها تلفونيا واعتذر كثيرا وطلب مقابلتها . "دعيني أصحبك للخارج؟ أما زلت مشغولة طوال اليوم!". وغمغمت بالموافقة ومضى يقول: " سنقوم برحلة الى كيرينيا حيث نسبح ثم نتناول العشاء في الخارج". ولم تعلق بشيء واستحثها بلهجة الندم: "أرجوك يا شاني... تعالي ودعينا نتحدث عن هذه المسألة اللعينة دون حقد من جانب أي منا". | ||||
17-05-09, 12:17 PM | #12 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| لم تكن تحمل أي حقد, على الأقل ليس في البدء , وكان في امكانها أن تذكره بذلك لكنها أحجمت... وتاقت الى المصالحة وها هو يعرضها عليها , فليس من الصواب معاداة براين مرة أخرى, وقبلت دعوته , وأتى اليها في سيارته , بعدما أخذ اجازة ثلاثة أيام ورتب أموره للبقاء مع بعض الأصدقاء في قرية صغيرة غير بعيدة عن لوتراس. وبدأ براين يتحدث وهو مصمم على اصلاح السلوك الجاف الذي اتخذه يوم لقائهما الأخير, وسرعان ما غفرت له شاني لكن أين فرصة تسوية الخلافات وديا؟ أين الأثارة الناجمة عن استعادة حبه ؟ يبدو أن هناك شيئا مفقودا , شيئا لاحظته شاني ويبدو أن براين لم يلاحظه, اذ أنه كان في أفضل حالاته المعنوية. وفيما بعد عقب استحمامهما , استلقيا فوق الرمال ونظرت اليه شاني وهي تمعن في التفكير وتتعجب من الفراغ الذي تشعر به داخلها , كان العفو بمحض ارادتها لكن الذكرى... لن تستطيع اطلاقا أن تنسى استنكار براين وعدم تفهمه لموقفها. ما الذي تشعر به نحوه بالضبط ؟ سألت نفسها هذا السؤال , لو غفر المرء فينبغي أن يكون هذا التسامح مقرونا بالرغبة في النسيان, والا بقيت الضغينة المريرة, وكانت شاني تعتقد أن الكمال ضروري في علاقتها مع الرجل الذي ستتزوجه , سواء كان براين أم رجلا لآخر ستقابله في المستقبل ... رجل آخر, ألم يسيطر براين على كل أفكارها منذ شهر واح فقط؟ ضاقت بهذه الهواجس المزعجة واستبعدتها واستسلمت للسعادة المتاحة لها الآن , وغطست في الماء فوجدته دافئا وهادئا يشع بلون فيروزي قرب الشاطىء بينما يتغير على مسافة بعيدة الى الأزرق الفاتح, تقطعه قنوات ماعرجة من اللجج الفضية. وخرج براين وجفف نفسه , ثم فرش المنشفة على الرمال واستلقى فوقها وفعلت شاني مثله , ثم قال: " البحر رائع هنا". ومرت لحظات , وكان الصوت الوحيد الذي يسمعانه هو صوت همهمة الأمواج تلمس الشاطىء , وصياح طائر يحوم حول الساحل . وسأل براين وفي عينيه الداكنتين تعبير الندم: " هل يمكننا ان نتحدث الآن؟ آسف حقيقة, وبخصوص ذلك المساء". قال العبارة الأخيرة بسرعة, وقد بدأ وجهه يحمر خجلا ثم أضاف: " لم أستمتع على الأطلاق , كنت أفضل كثيرا لو كنت برفقتك, مر شهر طوسل, ينبغي أن ننسى , بذل جهدا ليساعدها على ذلك". " لم أفعل شيئا ازاء الغاء الزواج". واعترف براين وهو يبحث عن يدها: " أنها غلطتي , كان طبيعيا أن تشعري أنه ليس هناك عجلة ". وضغط على يدها بحنان ولم تستطع شاني أن تستجيب له, لماذا تحولت الآن أفكارها الى زوجها؟". أما براين فأضاف: " هل ستعيدين العلاقات الى سابق عهدها؟". " لو كنت تريدني". أجابت بغموض وظهرت على جبينها تقطيبة مفاجئة: " بالتأكيد أريدك". | ||||
17-05-09, 12:21 PM | #13 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
|
| ||||
17-05-09, 12:23 PM | #14 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| 4- العطلة البريئة ما هذا الشك الذي يعتريها, ذلك الأضطراب المعذب في تفكيرها ؟ لم تعد ترغب في شيء سوى التحرر من أندرياس . بالـتأكيد أرادت أن تتحرر منه!. مر أسبوع على زيارتها الأخيرة لمنزل زوجها . ناضلت خلاله لتستعيد وضوح الرؤية , وكان براين مسافرا يقوم بمهمة لمدة شهر في أنكلترا , مما أثار ضيقه أما شاني فشعرت بموجة راحة تجتاحها لغيابه, فعندما يحين وقت عودته لا بد أن تكون خرجت من سحابة الشك المحيرة التي تحيط بها. ومع ذلك كان كل يوم يمر يزيد من اضطرابها , وفي النهاية اضطرت الى الأعتراف بأن السبب يرجع الى أن أندرياس يقتحم أفكارها الى مدى أبعد مما يريح ذهنها , وكان الشيء الغريب هو أنه مع هذا الأقتحام يأتي الأعتراف التدريجي بنفسها كأمرأة متزوجة , اذ منذ بضعة أشهر كان زواجها يعتبر حالة زائفة سيتولى الوقت مهمة حلها, لكن الآن بدأت تتقبل هذه الحالة , والواقع أنها في احدى المناسبات أخرجت خاتم زواجها من علبته ونظرت اليه مفتونة , وخافت من وضعه في أصبعها ... السيدة مانو... ولم يفعل المحامي شيئا أكثر, وعندما اتصلت به هاتفيا آخر مرة قال لها أن هذه الأمور تستغرق بعض الوقت, لكنه مضى يؤكد لها أن الدعوى القضائية سائرة في طريقها , ولا ينبغي أن تقلق مطلقا. وعندما سمع براين بتفاؤل المحامي أصر على احتفال سابق لأوانه وصحب شاني الى فندق هيلتون , وأثناء العشاء بذلت محاولات عديدة لأخباره بنبأ استدعائها الى منزل زوجها , لكنها لم تستطع , وهكذا سافر براين الى أنكلتراوهو يجهل تماما تأكيد أندرياس بأنه هو وحده الذي يملك السلطة لألغاء الزواج. " أعتقد أنه بات الآن مستسلما الى حد ما". قال براين ذلك بارتياح ينم عن الفوز وهو يجلس مع شاني في السيارة لحظة قبل أن يلقي عليها تحية المساء , وأضاف: " لا يمكن أن يحدث شيء آخر على ضوء تفاؤل المحامي الى هذا الحد". وقالت شاني وهي تتجنب الرد المباشؤ: " قد يكون مخطئا ... أقصد المحامي, ربما يعتقد أنه من السهل أن يتم هذا كما يجري هنا , فالطلاق في قبرص أمر سهل". " للأسف أن هذا لا يحدث في أنكلترا". رد براين بذلك وقد أخطأ فهم ما تقصده, مما أدى الى تقطيبة حادة على جبينها , اذن فهو يرى أن الطلاق ينبغي أن يكون سهلا ... وعندما لم تتحدث ككر براين سؤاله: " يبدو أنه مستسلم قليلا ومع ذلك...". وقال براين بحدة: " قليلا ؟ ماذا تقصدين؟". " يجب أن أكون صريحة : أندرياس لا يريد أن يطلقني". وتجهم براين فجأة وهو يقول: " يا له من غبي ! لكنك تصرفت كما لو كان سلم بالأمر". وبقي ترددها في مناقشة أمر أندرياس, وكادت شاني تطلب من براين أن يعنى بشؤونه الخاصة, لكنها سرعان ما أدركت أن هذا غير منطقي الى حد كبير من جانبها , ومضت تشرح له أن أندرياس يبدو من ناحية مسلما بالأمر الواقع ومن ناحية أخرى , أصبح يبدو كثيرا مستغرقا في التفكير ومن يدري لعله يدبر خطة ما. وقال براين: " أنك خيالية جدا ... ما الذي يعد له؟". " لا شيء ... انني خيالية كما تقول". " حسنا ... سواء كان مستسلما أم لا فأنه سيضطر لأطلاقك , فالمسألة خرجت من بين يديه تماما". | ||||
17-05-09, 03:14 PM | #15 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| وبعد رحيل براين بأسبوع أقامت هيئة المستشفى حفل وداع لممرضة يونانية كانت ستتزوج يوم الأحد التاي , حضر جميع الأطباء كذلك الممرضات اللواتي ليست لديهن نوبات عمل, ومن بينهن شاني وجيني, كانت شاني تحظى بشعبية لدى الجميع, ليس فقط بسبب جمالها الفاتن ولكن أيضا لأحساسها العميق بالأمانة والتعاطف , وحظيت بقدر كبير من اهتمام الأطباء , وفي المرات العديدة التي لاحظت فيها نظرة زوجها اليها رأت ومضة التصلب في عينيه , وأخذت ليديا تحوم حوله في ثقة, ومن حين لآخر كانت المسات تتردد حولهما. وأكد دكتور شارالا مبيدز وفمه قريب من أذن شاني : " انهما صديقان فقط... لن يتزوجها اذا كان هذا ما تتوقعه ". ودفع هذا شاني الى الأستغراق في التفكير وضحكت ضحكة رنانة أثارت اهتمام أندرياس بها مرة أخرى. واعترفت بأنه وسيم والتقت عيناها بعينيه وأصبح الأحساس بالقلق قويا في أعماقها الى درجة أنها تحركت مبتعدة عن المجموعة الصغيرة التي أحاطت بها ووقفت وحدها تنظر من الفناء نحو البحر ثم الى جبال تركيا التي تكتنفها الحرارة ومع ذلك ما زالت مغطاة بالثلوج. كان ذهنها مضطربا , لماذا تستاء فجأة من موقف ليديا الذي ينم عن الرغبة في امتلاك أندرياس ؟ أنها تستاء منه رغم أنها ضحكت من ملاحظة دكتور شارالا مبيدز, وفكرت في براين , الذي رحل منذ أسبوع , ولم تفتقده اطلاقا, وساور شاني احساس بالذنب ازاء ذلك خاصة أنها الآن أصبحت عاجزة عن تصور مستقبلها كزوجة له. " ألا تشربين؟". كان الصوت خفيضا مهتزا ومع ذلك كان رقيقا بشكل ما, واستدارت شاني وقد تسللت الى وجنتيها حمرة الخجل الناعمة: " تركت كأسي فوق المنضدة". وحملها أندرياس اليها وأخذتها منه, يسيطر عليها شعور بالخجل وهي تتطلع الى وجهه , شكرته واحتست الشراب بطريقة آلية وهي واعية لعيني ليديا الداكنتين تنظان اليها. " سنفتقد أندرولا". كانت كلماتها عادية مضطربة : " الواقع أنها ... ممتازة". وتوقف أندرياس عن الكلام وكان فاترا هادئا ثم أضاف: " ألا نجلس؟". وجلست شاني على المقعد الذي قدمه اليها , ثم قالت متلعثمة: " ستأخذ اجازتك قريبا, هل ستقضيها في بيتك؟". " ليس لي بيت يا شاني". كانت العبارة هادئة تماما ولكنها تحوي لمحة لوم ولا تخلو من الحنين, وشعرت بالذنب, وفكرت بتجهم سريع, لماذا يثير الرجلان اللذان دخلا حياتها هذا الشعور بالذنب؟". " انني ذاهب الى جزيرة كوز أتعرفينها؟". وفقدت لامبالاتها , وبرق في عينيها وميض الشغف وقالت: "الجزيرة اليونانية؟ بالطبع أعرفها, كوز , مسقط رأس أبو قراط , أبو الطب". " هل زرت الجزيرة؟". وهزت رأسها وهي تقول: " آمل أن أزورها في وقت ما , ينبغي في الواقع أن أذهب الى هناك". وسأل بابتسامة قاتمة: " لأي سبب؟". وابتسمت ردا على ابتسامته ثم قالت: " لمشاهدة الأسكلبيون (1) هذا طبيعي , أعتقد أن كل من يعمل في الطب لديه رغبة في الذهاب الى هناك". "الأسكلبيون مستشفى أبو قراط , أتعرفين أنه يجري بناء مركز هناك حيث يمكن للأطباء , من جميع أنحاء العالم أن يلتقوا ويتناقشوا؟". ولمعت عيناها: " مدهش! لا يمكن أن يكون هناك مكان أكثر ملائمة من ذلك في العالم كله لأقامة مثل هذا المركز". " بالتأكيد لا يمكن". وأعقب ذلك فترة صمت طويلة , وشعرت شاني ان احساسا بالتوتر بدأ يتسلل اليها , لكنها لم تكن مستعدة على الأطلاق لسماع كلمات زوجها التالية: " لماذا لا تأتين معي يا شاني؟". وتنفست بسرعة وقفزت الى ذهنها صورة مفاجئة جزيرة كوور الصغيرة وأندرياس يرافقها. " هذا مستحيل , وأنت تعرف ذلك". " أيمكنك أن تعطيني سببا واحدا وجيها لماذا تجدينه مستحيلا؟". ونظر أندرياس اليها نظرة ثابتة , وازدادت حمرة الخجل في وجنتيها , وطغى عليها اضطراب وتراجع عندما أدركت أن فكرة الذهاب مع زوجها لم تستبعد على الفور من ذهنها , وهمست: "لن يكون هذا تصرفا سليما يا أندرياس". " أنك زوجتي يا شاني". وغمغم بذلك وهزت رأسها مؤكدة رأيها فأضاف عندما لاحظ ترددها: " سنذهب كصديقين فقط". " صديقين؟". وتذكرت وحشيته ورغبته الجامحة , ثم تمعنت في وجهه بدقة... أن ما رأته في ملامحه لا يمكن اساءة فهمه . كلمته هي شرفه , ولن ينقضها. " انني ... انني...". واستمرت عيناها الجميلتان تنظران اليه يحولهما الشك الى لون داكن. " اجازتي لا تتفق . لا تتفق مع اجازتك". كلمات ضعيفة وغي مقنعة على الأطلق, ما الذي انتابها؟ " أعتقد أن أجازتك تبدأ بعد اجازتي بثلاثة أيام , يمكنني أن أنتظرك". أيمكن أن تكون تحت تأثير الخيال أم أن هناك لمحة توسل في صوته حقيقة, واستعادت ذكرى اعترافه بأنه بحث عنها, وتعجبت من شخصية هذا اليوناني الأسمر الذي بدأ يقتحم أفكارها رغم جهودها لأبعاد صورته عنها , لكن هذا أصبح مستحيلا, فالواقع أنه كثيرا ما يحتل ذهنها مستبعدا كل شيء آخر , حتى براين, الذ ي كانت جميع أحلام مستقبلها تتركز حوله الى عهد قريب. " لا يمكننا بسبب القيل والقال". " ليس من الضروري أن يعرف أحد". قال هذه الكلمات في تردد, وتعجبت شاني لماذا يقيم علاقة مع ليديا اذا كان لا يزال يريد زوجته؟ لكن هل كانت هناك علاقة؟ ان العاملين في هيئة المستشفى يعتقدون ذلك. ولكن شاني لم تقتنع تماما بذلك. " سيعرف الناس, لأننا لا نستطيع أن نجعل هذا سرا مكتوما , سيرغب كلانا في التحدث عنه عند عودتنا". ماذا بها؟ سألت نفسها مرة أخرى , أن فكرة قضاء اجازة مع أندرياس لا محل لها. " من جانبي لن أهتم , لكنك أنت؟". وللحظة لمحت حقد الغيرة الأسود في عينيه قبل أن يواصل كلامه: "لديك هذا الشاب , هذا (البراين) الذي تعتقدين أن بأمكانك الزواج منه, رغم تأكيدي الحاسم بأنك لن تحصلي على حريتك". أكمل حديثه بسرعة وكأنه يخشى أن تخونه كلماته: " ينبغي لنا أن نحافظ على سرنا". وفي صمت احتست كأسها يسيطر عليها الشك والحيرة, هل تقضي اجازة مع رجل آخر بينما براين بعيد في الخارج؟". وهمست بقوة: " لا , لا أستطيع الذهاب معك, أرجوك أن تنبذ الفكرة كلها!". وكان التوتر يملك نفسه , لكنه استرخى الآن واتكأ الى الخلف في مقعده, أشبه برجل غامر وخسر , وتسلل لون رمادي تحت بشرته مختلطا باللون البرونزي الداكن العميق الذي ورث جزءا منه واكتسب الجزء الآخر من تعرضه للشمس , وتنهد وهو ينهل من كأسه بعمق: " كما ترغبين يا شاني". " أنني آسفة". الشعور بالذنب مرة أخرى , كم تتمنى لو استطاعت أن تطير الى مكان ما بعيدا عن هذين الرجلين اللذين يمزقان روحها اربا, وفجأة تجهمت , هل كان براين عنصرا هاما حقيقة في هذه الرواية؟ تضاءل دوره تدريجيا في الوقت الذي أخذ الضوء يتركز على أندرياس بطريقة بطيئة, ولكن مؤكدة, وفي غمرة الصراع العنيف لعجزها عن اتخاذ قرار دفعت يدا مرتعشة بين طيات شعرها , وقالت مرة أخرى وهي تناضل بيأس من أجل اتخاذ ما تراه موقفا مشرفا: " أنني آسفة , انها فكرة مستبعدة أن نسافر معا الى الخارج". " أوضحت ذلك بالفعل". قال ذلك بصوت كان يفتقر لدهشتها الى الخشونة التي توقعتها , واستدار مبتسما بينما كانت ليديا تقترب منهما. " هل أستطيع الأنضمام اليكما؟". كانت نظرتها الى شاني متكلفة لأن عينيها تركزتا على أندرياس وحده, لكنه نهض وهو يقول أنه ينبغي أن يتحدث مع رئيسة الممرضات , وترك شاني وحدها مع الفتاة, كان واضحا أن الأمل يراودها في أن تصبح زوجة أندرياس , وساد بينهما الصمت حتى قالت ليديا أخيرا بطريقة مفاجئة: " كنت أنت والسيد مانو مستغرقين في الحديث, هل كنتما تناقشان مسائل تتعلق بالعمل؟". كم هي حركة شفافة ! فكرت شاني في ذلك بقسوة غريبة عن طبيعتها الى حد ما , وردت بلا تحديد لمعاني كلماتها: " لم يكن عملا". | ||||
17-05-09, 04:51 PM | #16 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| وانتصبت ليديا وابتعدت وعبرت الغرفة للأنضمام الى أندرياس والرئيسة , وبقيت شاني حيثما كانت , لا تريد أن تكون في صحبة أحد وهي في مثل هذه الحالة من الأضطراب, ومع ذلك ابتسمت عندما جاءت اليها جيني بعد ذلك ببضع دقائق: " لا تستطيع أن تتركه وحده!". قالت جيني ذلك وهي ترتمي فوق المقعد الذي خلا بذهاب أندرياس وتركزت عيناها على ليديا التي أصبحت الآن وحدها مع أندرياس. " لا أحد يعتقد أنها تستطيع الفوز به, لكنني لست متأكدة الى هذا الحد". وغص حلق شاني بشيء غريب وهي تقول: " لست متأكدة؟ ألديك سبب خاص لهذا القول؟". " انها دائما تحوم حوله, وعلاوة على ذلك اقترحت فعلا الذهاب في اجازة معه, ما رأيك في هذه الوقاحة؟". وارتعشت رموش شاني , وقالت بهدوء: " كيف عرفت أنها اقترحت الذهاب معه؟". " سمعتها للتو". " ماذا قالت؟". " لكي أنقل كلماتها بالضبط قالت:" أندرياس كنت أفكر أنني أتوق الى زيارة كوز اذن لماذا لا نذهب معا؟". " والسيد مانو ماذا قال عن ذلك؟". خرجت الكلمات بصعوبة نتيجة لجفاف في حلق شاني. " لا أدري , لم أستطع الوقوف هناك لمجرد الأنصات الى حديثهما , لقد سمعت ما أخبرتك به وأنا مارة بهما". وأخذت شاني تفكر ! هل سيوافق أندرياس على اقتراح ليديا؟ ربما... فالذهاب بمفرده لن يسعده كثيرا, لكن لماذا تهتم اذا ذهبا معا؟ مضت أسابيع قليلة فقط منذ كانت تأمل أن يقع أندرياس في حبها ويوافق على الغاء الزواج. أسابيع قليلة, نعم, لكن يبدو أن أشياء قليلة حدثت لها في بحر تلك الفترة, وشعرت شاني بوخز غير واضح في قلبها , اذ ألقت نظرة الى حيث كان الأثنان واقفين, وهما مستغرقان في الحديث , ترى هل يخططان لأجازتهما؟ | ||||
17-05-09, 05:54 PM | #17 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| لماذا لا ينبغي لها الذهاب مع زوجها؟ جطر لها هذا السؤال مرة ومرات في اليوم التالي للحفل , واكتشفت تدريجيا , أنه لا يوجد له رد واحد فقط, لكن شاني ما زالت مترددة , وربما كانت تستطيع مقاومة رغبتها المتزايدة لولا أن ليديا جاءتها في مقهى القرية تلك الليلة , عندما ذهبت شاني لأحضار زجاجة شراب طلبتها جيني , ودعاها صاحب المقهى بالطبع الى فنجان قهوة. " أيتها الأخت ريفز". بادرت ليديا بالكلام بدون مقدمات وهي تجلس على مقعد في مواجهة شاني , وأضافت: " بشأن ليلة أمس, كان أسلوبك معي جافا الى حد الوقاحة وأود أن تذكري أن لي قدرا معينا من السلطة في المستشفى, ولذلك يجب أن تحترميني". وردت شاني في الحال, وقد بدأت تتوتر: " والدك له سلطة , نعم, أما أنت...". وتوقفت عن الكلام وهزت كتفيها بلا مبالاة , وهي تنقل يدها من فوق المنضدة عندما وضعت القهوة أمامها. وقالت ليديا يلهجة لاذعة: " أخشى أن تكوني أصبت بالغرور نتيجة الأهتمام الذي يبديه رئيسك نحوك, لكن لمصلحتك أنصحط بألا تنظري الى هذا الأهتمام بجدية, فهو أمر تقتضيه أصول المهنة فقط". وومضت عينا شاني وشعرت بدافع لا يقاوم في أن تكشف الحقيقة كلها, لمجرد الأستمتاع بمشاهدة دهشة ليديا وذعرها, لكنها بدلا من ذلك قالت بطريقة عفوية: " يبدو أن لديك أسسا لهذا التأكيد؟". وقالت ليديا في اندفاع: " نعم لدي... السيد مانو وأنا مخطوبان". وأسبلت رموشها لأخفاء تعبيرها ثم أضافت: " الواقع أننا سنعلن خطبتنا فور عودته من كوز". وفكرت شاني في احتقار الفتاة الغبية, كل هذا كان مجرد آمال تراودها , ربما يكون أندرياس مهتما بليديا, لكنه ما زال مصمما على التمسك بزواجه, ومرة أخرى شعرت شاني برغبة قوية لكشف الحقيقة لهذه الفتاة لكن, بدلا من ذلك كان كل ما قلته: " من هذا أستنتج أنكما ستسافران معا؟". لأول مرة في حياتها كانت شاني تتصرف مثل قطة حاقدة تتوق للأغاظة , هكذا حدثت نفسها , لكن هذه المرأة أثارت بالفعل أسوأ ما فيها . وجاء الرد السريع من ليديا: " من المحتمل أن نذهب معا". لكن شاني كانت تعلم أنها قالت هذه الكلمات بلا تفكير , وأن ليديا ندمت عليها بالفعل, ومع ذلك فبينما يبدو , من ناحية, أن أندرياس لم يوافق بعد على اصطحاب ليديا فأن تلك الفتاة من ناحية أخرى, ما زالت تأمل أن يفعل ذلك. | ||||
18-05-09, 12:17 AM | #19 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| لا مجال لتفكير أو تردد بعد ذلك, وبدافع قوي أقوى من الحذر أو التعقل قامت شاني بزيارة زوجها وأخبرته بأنها غيرت رأيها, وأنها على استعداد لمرافقته وكان يجلس وحده, لكن هناك ما يدل على أنه كان يقرأ كتابا أو صحيفة, وعرفت شاني غريزيا أنه كان يفكر تفكيرا عميقا, الا أنه عندما سمع كلماتها اللهثة وحتى قبل أن يدعوها للجلوس , أضاء وجهه بأعجوبة, واختفت الغضون المرهقة وأصبح وسيما مرة أخرى. وسأل بعد ذلك ببضع دقائق وهو يقدم لها شرابا: " ما الذي جعلك تغيرين رأيك؟". وكان طبيعيا أنها لم تستطع أن تخبره, ولكن شاني حتى وهي تفكر في ليديا بدأت تتعجب مما اذا كانت تأثرت تماما بالحديث الذي جرى بينهما في المقهى, لعلها كانت ستذعن في النهاية لرغبتها الشديدة التي لا تنكر , ويسمح لضميرها أن يموت, وغمغمت وقد بدأت دماء الخجل تزحف عليها: " أعجبتني فكرة زيارة كوز". وارتفع حاجباه دهشة: " أهذا السبب الوحيد؟". وهمست: " أندرياس ؟ أنك تعني ما قلته بأننا سنكون صديقين فقط؟". وضغطت على كأسها فأراحها منها , وبعدها وضعها فوق المنضدة, احتوى كلتي يديها بين يديه ونظر بثبات في عينيها وهو يقول: " نعم يا عزيزتي... سوف أسعد برفقتك لمدة أسبوعين كاملين , وينبغي ألا أطلب المزيد". وعضت شفتيها , وهي مندهشة عندما اكتشفت انها تقاوم دموعها ... هل يمكن أن يكون قد أحبها؟ من الغريب أن تلك الفكرة لم تطرأ لها من قبل, فكرت في ذلك بامعان عندما ومضت ذكرى كلمات أبيها وهو يقول بعد أن وصف لها كيف وقع في حب والدتها من النظرة الأولى. وسيحدث الشيء نفسه لك يا شاني , فسيأتي رجل ذات يوم رائع ويراك ويعرف أنك له. ونظرت الى يديها وتلك الأصابع القوية السمراء تحتضنها بخفة, وأخذ قلبها يخفق بسرعة بالغة وهي تقاوم هذه الفكرة وتبعدها عنها, وترفض أن تتقبلها كرؤيا جديدة , لم يكن حبا ذلك الذي حفزه الى توجيه ذلك الأنذار للأمتلاك؟ لو كان أحبها حينئذ لأخبرها بذلك, وتودد اليها بالطريقة العادية, ولم تكن هناك ضرورة الى ذلك الأكراه الخسيس, ولو كان يحبها الآن فيمكنها أن يخبرها أيضا , لكن لا , لا يستطيع لأنه يعتقد أنها ترغب فقط استرداد حريتها لتتزوج بشخص آخر, اذن لماذا كل هذا التفكير؟ ومع ذلك كان واضحا أن رغبته فترت , وعندما ردت مرة أخرى على نظرته بنظرة مماثلة كان الصراع الذي شب بداخلها قد انتهى وابتسمت له ابتسامة صافية وهي تقول: " أنني أتطلع حقيقة الى ذلك, الآن بعدما اتخذت قراري". وقبل يديها ثم أطلقها وهو يقول: " سنقضي وقتا رائعا نتذكره دائما". كان الفندق يطل على البحر, يرتفع عاليا فوق شاطىء ذهبي مهجور, اذ كان الوقت متأخرا نسبة الى الموسم ولا يجذب السياح بأعداد كبيرة, وكانت حجرة شاني المجاورة لغرفة زوجها تواجه البحر, واجتاحتها موجة اثارة وهي تحدق عبر النافذة, هناك يرقد بحر ايجه الآزرق هادئا جذابا, بينما تلوح عن بعد جبال تركيا , يكاد يخفيها ضباب أرجواني , وتلمع هنا وهناك بيوت القرية الناصعة البياض وسط الجبال التي تغطيها الأشجار. وصلا هذا الصباح , ورغم أن الوقت أوائل أوكتوبر( تشرين أول) , كان البحر دافئا ومغريا, وأيدت شاني في لهفة اقتراح زوجها بأن يباشرا اجازتهما بقضاء اليوم الأول على الشاطىء , حتى تجد الفرصة للأسترخاء على حد قوله, جلس فوق الرمال على المسافة الممتدة من الفندق الى البحر, وعندما انضمت اليه قالت: " لا يمكن أن تكون أفرغت حقائبك, فلم يكن لديك متسع من الوقت". " تركت عامل الفندق يفعل ذلك, ألم تطلبي من الخادمة أن تفرغ حقائبك؟". كان يرقد على جانبه وهو يتطلع اليها , من خلف نظارة سوداء. " كان رجلا , ولم استطع أن أطلب منه افراغ حقائبي". ونهض... طويلا ورشيقا وداكن السمرة. والجراح لا بد أن يكون في كل صحته, ولا شك أن أندرياس يعطيها هذا الأنطباع, سألها: " هل أنت مستعدة للسباحة؟". وأومأت بالأيجاب , وتركت روبها ينزلق على المنشفة الكبيرة التي بسطها أندرياس فوق الرمال, وبعد ذلك بثوان كانا في الماء. " انه رائع". كانت تحلم, تعيش في عالم بعيد تماما عن الواقع, لكن ألم تقرأ في مكان ما أن كوز قطعة صغيرة من الجنة ذاتها؟ سوف نقيم أسبوعين كاملين في هذه الجنة, وعقدت العزم على أن تستمتع بهما, أن تضحك وأن تسعد مع زوجها... الزوج الذي لم تعد تخشاه. وبعد الغداء عادا الى الشاطىء , وفي المساء تناولا العشاء ورقصا في الفندق, وكانت جميع النوافذ مفتوحة, ومن خلالها هبت نسمات كانت تكسب الدفء بمرورها فوق البحر, وتعبق برائحة ذكية من نباتات الفاى والياسمين التي تنمو في حدائق الفندق. وكانت الساعة تجاوزت الثانية صباحا عندما اعترفت شاني أخيرا , وفي تردد , بأنها متعبة. " طابت ليلتك ... يا زوجتي الفاتنة". وقبلها أندرياس بخفة على جبينها, بدون أن ينبس بكلمة أخرى وتركها الى غرفته وأغلق الباب خلفه, وكانت شاني لا تزال عند باب غرفتها عندما أحكم الرتاج في مكانه. وفي اليوم التالي ذهبا الى الأسكلبيون بسيارة أجرة, لكن الزوار القلائل الذين حضروا هناك كما يبدو على دراجات , وعندما علقت شاني على ذلك أخبرها أندرياس بأن ركوب الدراجات شيء مألوف دائما لدى زوار الجزيرة وقال: " الطرق جميعها ممهدة, كما ترين , تحف بها الأشجار المزهرة والشجيرات الجميلة مما يناسب ركوب الدراجات كما أتصور". وسألت: " هل يستأجرونها؟". وأومأ بالأيجاب وبرقت عيناه بالسرور وهو ينتظر النتيجة وأردفت: " هل يمكننا...". لكنها هزت رأسها ... أندرياس فوق دراجة! وأكملت: " لن يعجبك هذا بالطبع". " على العكس , سأستمتع به كثيرا, فالمرء لا تتاح له الفرصة كثيرا لمثل هذه الرياضة الصحية". وعندما وصلا الى المكان الأثري سأل سائق سيارة الأجرة: " هل أنتظر؟". رد أندرياس: " لا أعتقد ذلك , فسنبقى هنا فترة طويلة". ثم استدار الى شاني وهو يقول: " هل أطلب منه أن يعود الينا أم سنعود سيرا على الأقدام؟ هذا أمر متروك لك". " ليست المسافة بعيدة, كما أن الطريق منحدرة نحو سفخ التل , دعنا نسير؟". كم كان الأمر كله طبيعيا , أندرياس يشاورها , عفوا, وهي تعرب عما تفضله, مثل أي زوجين عاديين , فكرت في ذلك وبينما هي تبتسم لنفسها تصادف أن أندرياس لمحها فسأل : " لماذا كانت هذه الأبتسامة؟". " ماذا؟". " الأبتسامة , تعرفين ما أتحدث عنه". وخفضت عينيها فجأة مراوغة , لكن يده الرقيقة تحت ذقنها رفعت رأسها ثانية , فقالت متلعثمة: " كنت , كنت أفكر". " في أي شيء؟". وضحكت ضحكة قصيرة تنم عن الخجل , ثم هزت كتفيها هزة الأستسلام وقالت: " كنت أفكر في أننا نبدو وكأننا متزوجين حقيقة". واتسعت حدقتاه وهو يقول في رقة ولكن بحزم: " اننا متزوجين حقيقة يا عزيزتي, قلت أن هذه الأجازة ستكون وقتا سنذكره دائما , وأنوي أن أجعلها كذلك تماما, لكنها هدنة فقط, واذا كنت , بعد أن تنتهي , لا تزالين تريدين حريتك فسنعود من حيث بدأنا". وأطلق ذقنها , لكنها استمرت تنظر اليه, بعينين واسعتين مستديرتين , وقد انفرجت شفتاها وأخذتا ترتعشان بخفة, وأضاف: " أنك زوجتي يا شاني , ولن أدعك تفلتين مني أبدا". اذن كانت النعومة ولمحات التدليل اللأهية التي لقيتها منذ غادرا قبرص مجرد جزء صغير من قناعه الخارجي , فهو أساسا , صلب وعنيد , رجل لن يمكن اطلاقا اقناعه بالتنازل عن سيطرته , ويجب ألا تنسى ذلك اطلاقا , كما أخبرها. وأخذ يدها في يده وضغط عليها بخفة وهو يقول: " أي شيء يواجهنا في المستقبل يمكن معالجته في حينه , أما في الوقت الحاضر فينبغي ألا تعكر أية لمحة من الخلاف صفو لحظة واحدة من هذه الأجازة". أي شيء يواجهنا في المستقبل... أسرعت دقات قلب شاني لأنها أحست تحذيرا ماكرا في تلك الكلمات التي قيلت بسرعة: " أندرياس ؟". " عزيزتي؟". كانت أصابعه تلتف قوية حول أصابعها وهو يقودها بتؤدة نحو مستشفى أبو قراط, حيث أعيد بناء معظمه كما أعيدت اقامة بعض الأعمدة بعدما انهارت بسبب الهزات الطبيعية . ثم أردف: " ماذا هناك؟". وابتسمت قائلة: " لا شيء , لا شيء على الأطلاق". وبعد ذلك بفترة وجيزة وما يتجولان نحو حرم اسكابيوس, اله العلاج والطب اليوناني, سألت شاني بفضول فاتر اذا كن أندرياس ملما بتاريخ المكان, فلم يكن هناك فيما يبدو , أي مرشد وأضافت: " أنني أعرف القليل, لكنه لا يكفي لشرح كل شيء". " أعتقد أنني أعر معظم التاريخ, فيما بيننا يمكننا أن نلم بما حولنا, لأنني أرغب في أن أتجنب المرشدين لو أمكن فالمرء حيثم يجد المرشدين , آليا يجد السياح". وكما هو الحال بالنسبة الى جميع الأماكن المقدسة اليونانية كان هذا المكان مهيبا , بني في غابة أبوللو(2) المقدسة, قبل ميلاد المسيح بأربعة قرون, وتحف بلمكان كل أشجار السرو والنخيل وأدغال نباتات الدفلى وشجيرات الخبازي القرمزية, بينما على مسافة بعيدة يوجد السهل الذي تنتشر فيه الأشجار , يمتد نحو مضيق هاليكا رناسوس , وخلف ذلك يمكن رؤية سواحل آسيا الأرجوانية. | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|