آخر 10 مشاركات
لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          32 - القلب اذا سافر - جيسيكا ستيل (الكاتـب : فرح - )           »          المستفيد الحبيب - أن هامبسون - عبير - عدد ممتاز (الكاتـب : pink moon - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          126 - السهم يرتد - آن ميثر - ع.ق ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : ورده قايين - )           »          169- الرجل الفراشة - سارة كريفن- ع. ق (كتابة/كاملة)** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          447 - وتحقق الأمل - د.م (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-03-09, 05:14 PM   #1

القاصة الصغيرة

قاصة و نـاقدة أدبية في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية القاصة الصغيرة

? العضوٌ??? » 83256
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 825
?  نُقآطِيْ » القاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond repute
B11 على لوحة الزمن (1) *مكتملة* .. سلسلة نداء وقاسم




أهلا بكم جميعا

في مسلسل على لوحة الزمن

وستعرض حلقاته على موجة روايتي





أبطال القصة:

نداء: 27 عاما كاتبة وطبيبة سابقة

قاسم:30 عاما مخبر و عميل سري

إخراج:

القاصة الصغيرة رؤى

هذا و أتمنى أن تقضوا معنا وقتا ممتعا



رابط تحميل الكتاب الالكتروني

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي




التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 14-01-18 الساعة 04:15 PM
القاصة الصغيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-09, 05:15 PM   #2

القاصة الصغيرة

قاصة و نـاقدة أدبية في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية القاصة الصغيرة

? العضوٌ??? » 83256
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 825
?  نُقآطِيْ » القاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond repute
افتراضي على لوحة الزمن





كلمة:

امتزجت كلماته بذرات الهواء كما امتزجت دمعاته بتراب الأرض ، وقفت كلمشدوهة أوجه ناظري إلى حيث ارتمى ظله ، نحو بيت لا يعرفه إلا قاطنوه ، قاطنوه ذوي الصفات الغريبة ، تلك الصفات التي تختفتي تحت قناع الشجاعة ، تلك الشجاعة التي لم يتذوقوا حقيقتها ، و حقيقتها هي ليست الحقيقة بعينها لأنها مقرفة و لا داعي للخوض في تفاصيل تلك الزوبعة ألقي بنظرك على من هم حولك فحسب لترى الزيف و جرعة من الأسى ستتكفل بنسج كل شيء لذاتك المريضة وروحا خادعة ترفض البقاء وحيدة رغم أنها تجد في وحدتها ملجأ لا يمكن أن تتخلى عنه، هل أنت مستعد لهذه المرحلة في حياتك مرحلة ركوب القطار الذي لن يسير سوى في سكته الحديدية و رغم ذلك يتخبط في التردد المميت، على وجهك علامات الاستغراب المتوقع أمازلت مصرا على معرفة تلك الحقيقة؟، إنها حقيقة لقصة مرتبطة بذلك السؤال الذي طرحته الصغيرة الجريئة التي عشقت الحياة بخيالها الخاص و اعتقدت أن أحلامها مرتبطة بواقعها فلم تكترث للجرف أمامها فوقعت وتناثرت أشلاء ماضيها لتتجسد بشكل مختلف.


القاصة الصغيرة



القاصة الصغيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-09, 05:17 PM   #3

القاصة الصغيرة

قاصة و نـاقدة أدبية في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية القاصة الصغيرة

? العضوٌ??? » 83256
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 825
?  نُقآطِيْ » القاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond repute
افتراضي الحلقة الأولى:العائلة



كان صباح يوم اثنين ، و كنت جالسة في مكتبي ، أقرأ رواية ما دون أن أقرأها ،كنت في مكان آخر أبعد من خيال الكاتب ، أتأمل حياتي من عدة زاويا، فلم أتنبه للظلمة التي غمرت الغرفة تدريجيا ، و لكنني ما لبثت أن أجفلت بسبب تساقط المطر الذي انهمر على زجاج النافذة بشدة ، ثم تلاه صوت الرعد معلنا وجوده ، و بالتأكيد لمع البرق يصاحبه انقطاع في التيار الكهربائي ، لامست وجهي رياح باردة فشعرت بقشعريرة تسري في جسدي من أين يأتي هذا التيار الهوائي ، لمع البرق ثانية و تلاه صوت الرعد ، و مع ذلك اللمعان رأيت وجهه أمامي ، كان واقفا ينظر إلي و يبتسم ابتسامته الجانبية الجذابة الحنونة التي عهدتها ، قلت بصوت خافت بعد أن أغلقت الرواية:عمي (مازن)؟!..



جلس على المقعد الجلدي أمام مكتبي و نظر إلي من خلف نظارته الطبية و قال : لقد كبرت يا (نداء) ، وضعت الرواية على مكتبي ثم قلت : هل أجلب شيئا لتشربه؟ ، ابتسم و قال بهدوء: لا.. شكرا لك ، قلت و كلي أمل أن يذوب الجليد بيننا : كيف حالك ؟ و كيف عمتي (نجلاء) و الأولاد؟ ، قال بذات الهدوء: الحمدلله كلنا بخير ، و أنت تبدين بخير رغم الصدمة التي سببتها لنا ، قلت و كأنني لم أسمعه : كيف أخدمك يا عمي ؟ ، تجاهلني هو الآخر ثم قال : تركت الطب و تفرغتي للكتابة ، ثم أضاف بعد هنيهة : و لكنك بخير ، لم أجب أو أعلق فكلانا يعلم ما حدث و ما من داعي للتطرق إليه ، فقال عمي بعد أن قرأ أفكاري : ستجتمع العائلة في نهاية هذا الأسبوع ، قلت بابتسامة جانبية : و ما شأني أنا بذلك ؟ ، وقف و قال بحزم : عليك أن تكوني هناك ، فقلت : و ماذا إن لم أستطع ؟ ، قال و هو يسير نحو الباب بهدوء كما دخل : ستستطيعين ، و ما إن أغلق الباب حتى عدت إلى التنفس من جديد : ماذا يجري يا ترى ؟ ، أنا لم أجتمع مع العائلة من الحادثة إياها ، و لماذا يتوجب علي الحضور و أنا من صغار العائلة؟ ، لابد من أنه أمر مهم إذ جاء عمي (مازن) بنفسه ليخبرني ، لا يوجد لدي ما أفعله خلال بقية أيام الأسبوع ، حسنا ... و لم لا... سأذهب؟




منزل عائلتي منزل أثري فخم من تلك القصور الكبيرة الممتدة على جبل من الجبال بينما تراصت الأشجار على جانبي الطريق المؤدي إلى المنزل ،و نمت أزهار الأقحوان لتخلد في الألباب ، بينما شجيرات الفل البيضاء تمسكت بغصنها الرقيق خوفا من السقوط ، كنت في السيارة أرمق المنزل من بعيد يلمع كنجمة في السماء ، وصدى صوت الرياح يلامس صوان أذني ، ارتجفت فقد تسرب الخوف إلى قلبي بخطواته الواهنة تسربا خفيفا ينذر بالويل.

أخذت السيارة تقترب و أخذت النجمة الصغيرة تكبر لتصبح منزلا ضخما من عصر قديم مبني بحجارة بنية تتخللها عروق رمادية مستخرجة من الجبل الذي غرست فيه أساسيات المنزل و توج سطحه قرميد أحمر غريب الشكل قام بنحته عدد لا بأس به من النحاتين ، و أبوابه المصنوعة من خشب السنديان القوي لأشجار معمرة غالية الأصول و الثمن ، بينما كان إطار النوافذ من الحديد الأسود المنقوش المطعم بقطع من الذهب الصافي أو النحاس الأحمر ، أما قبضة الأبواب و النوافذ فقد كانت من الفضة الخالصة التي يلمعها الخدم يوميا حفاظا على رونقها ، وفي الباحة الأمامية للمنزل توجد نافورة مياه من الجرانيت أبعد من أن توصف لجودتها ، كنز العائلة هو منزلها ، الكنز الواضح للعيان هل أنت في مأزق مادي ؟ اكتفي بأخذ قطعة الذهب الموجودة في أي مكان خارج أو داخل المنزل ، لقد كانت فكرة الجدة أن يحتفظوا بمالهم على هيئة سبائك ذهبية ، و لكن الجد أبى أن توضع داخل الخزائن ، فقد كان يقول : فليسرقوها من أمام أعيننا أفضل من سرقتها من خلف ظهورنا، جدي الذي كان قويا فيما مضى أصبح واهنا طريح الفراش ، إلا أن ذكاء عقله ازداد قوة وكأنه يزداد على حساب مرضه فكلما ازداد مرضه ازداد ذكاؤه.

أهلا بك يا آنسة ، قالتها الخادمة و هي تحمل حقيبتي إلى داخل المنزل ، نظرت حولي وخلعت قفازي الجلدي ، كنت أرتدي تنورة بنية طويلة ذات فتحة جانبية من الكشمير و حذاء أبيض عالي العنق و قميصا قطنيا أبيض و قبعة بيضاء ذات شريط بني رفيع من الستان ، تنفست بعمق لأدخل المنزل.



عندما دخلت توقفت في مكاني فجأة ، و اصفر وجهي من هول المفاجأة كنت أعلم بأن العائلة ستجتمع ولكنني نسيت من أنه ضمن القائمة ، ظهرت امرأة شقراء و تأبطت ذراعه بقوة ووجهت نظرة باردة إلي بعينيها الخضراوين و قالت بازدراء : لقد أتيت إذن ، كنت أتساءل عن ذلك هذا الصباح ، قلت بعد أن ابتسمت و عاد لوني إلى وجهي : كيف حالك يا (سوزان)؟ لقد مضى زمن طويل؟ و كيف حالك يا .. (قاسم)؟ ، قالت (سوزان) و قد ترأست هذا الحوار اللطيف :كلنا بخير و الحمد لله و حياتنا الزوجية بأسعد حال و ننتظر مولودا ، قالت العبارة الأخيرة و كأنها المرأة الوحيدة التي تنجب فقلت لأنهي الحديث : سررت بلقائكما من جديد و مبارك عليكما ، ثم سرت من ناحية (قاسم) الذي نظر نحوي بنظرة مشفقة تقول : سأصبح أبا و ماتزالين طفلة كما عهدتك ، أغلقت عيني لأزيل أفكاري السوداء عن كيفية قتلهما و لكني ما لبثت أن فتحت عيني فور سماعي لصوت زوجة عمي (بسمة) التي قالت : (نداء) .. ألن تسلمي علي ؟! ، ضحكت وصافحتها فقالت : لقد مر زمن طويل لم أرك فيه ، انظري إلى نفسك لقد كبرت كثيرا ، ثم تابعت قائلة بفضولها المعتاد:ما هي آخر الأخبار؟ ، قالتها و كأنها تعني ذلك حقا فلأقطع حبل غسيل جارتي (أم حسن) لأعرف ما لا تعرفه عمتي (بسمة) من أخبار فقلت : وجدت من يمولني ماديا لنشر كتاباتي ، قالت عمتي (بسمة) متظاهرة بالفرح : رائع .. جيد ، ثم اعتذرت مدعية أن الطعام احترق على النار .

كنت أصعد الدرج بإرهاق شديد عندما مرت من جانبي (سارة) ابنة عمتي (بسمة) ، لم تلتفت إلي وتابعت سيرها و كأنها لم تراني بل و كأنها لا ترى شيئا ، و قمت أنا بدوري بتجاهلها فشعوري بالتعب و لقائي بالسيد (قاسم) و زوجته المصون الحامل أزال الجانب المرح في شخصيتي ، ثم ما هذا البرود الذي يلف العائلة منذ أن تواجدت على الكرة الأرضية؟ ، كنت قد وصلت إلى الغرفة التي خصصت لي منذ صغري لأكون بجانب جناح جدي و طبعا قريبة من الحمام ، الحقيقة بأنني أحب هذه الغرفة بشدة ففيها شرفة مطلة على الحديقة التي جمعت أحواض أزهار النرجس الجميلة ، و تسلقت فروع شجيرة الياسمين الحائط لتصل إلى شرفتي برائحتها العطرة ، أما أثاث الغرفة فكان من خشب أحمر داكن ، كلاسيكي التصميم ، حفرت عليه زخارف نباتية ناعمة ، أما المفارش فقد كانت بيضاء اللون منسوجة يدويا و أغطية السرير و الستائر من الستان الأبيض اللون أيضا ، و قد وضعت آنية لورد أصفر و بجانبه بطاقة صغيرة ، هنالك شخص واحد يستطيع جلب وردها المفضل في أي فصل من فصول السنة ، ابتسمت و حملت البطاقة بين أصابعي.




ترقبوا الحلقة القادمة...


القاصة الصغيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-09, 05:18 PM   #4

القاصة الصغيرة

قاصة و نـاقدة أدبية في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية القاصة الصغيرة

? العضوٌ??? » 83256
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 825
?  نُقآطِيْ » القاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond repute
افتراضي الحلقة الثانية:عندما دقت الساعة



لقد دقت الساعة لتعلن بأنها الثانية عشرة ، موعد الغداء المقرر في الجدول الزمني لهذا المنزل ، جلس (قاسم) بعد أن تأكد من راحة زوجته (سوزان) ، و جلس (مازن) بجانب زوجته (نجلاء) و ولديه (حاتم) ابن الرابعة عشرة و (جميل) ابن الثامنة عشرة ، ثم جلست (بسمة) وبجانبها ابنتها (سارة) ، جاء زوجها (ماهر) وقد كان يتحدث عبر هاتفه المحمول و جلس.



في غرفة الجد

شكرا لك يا جدي على باقة الورد الرائعة ، قلتها وأنا أقبل رأس جدي فقال : أعلم بأنك تحبينها ، ثم وجه حديثه إلى زوجته قائلا: لطالما كانت كذلك ، ابتسمت الجدة وأدارت رأسها جانبا لتخفي دمعاتها ، قال الجد : لقد اتصل والدك قبل قليل وأخبرني بأنه لن يستطيع المجيء ، قلت: نعم ، قالت الجدة بعد ان مسحت دموعها : هيا فلننزل الجميع بانتظارنا للغداء ، ثم أمسكت بيد الجد فقال : سأنزل مع (نداء) بعد قليل ، اسبقينا إلى الأسفل ، تركت الجدة يده و خرجت بعد أن أغلقت الباب خلفها ، قال الجد : اجلسي أريد محادثتك ، جلست على كرسي بجوار السرير و قلت : تحت أمرك يا جدي .



نزلت الجدة السلالم ثم دخلت قاعة الطعام فقال (ماهر): أين والدي؟ ، جلست الجدة ثم قالت : إنه في غرفته يتحدث مع (نداء) ، فقالت (سوزان): و هل سننتظر طويلا ؟ ، وجه الجميع نظرة لا بأس بها إلى (قاسم) ليسكت زوجته ، فقال (ماهر): إنني لا أفهم سر تعلقه بها .. ثم لماذا يجمعنا إذا لم ينزل لمحادثتنا؟ ، قال (مازن) بهدوء و سخرية : كلنا يعلم بأنك ناجح و مشغول ، فقال (ماهر) بحدة: لم يجبرك أحد على دخول كلية العلوم ، أراد (مازن) أن يتابع سخريته الصامتة إلا أن الجدة (سناء) قالت بلهجتها القوية: لا داعي إلى خوض المعارك على أمور تافهة ، أريد من الجميع أن يصمت و يحتفظ بتعليقاته لنفسه و يدفنها كما كانت مطمورة منذ زمن فلا حاجة لنا لنبش الماضي .



عودة إلى غرفة الجد

اسمعي يا (نداء) تعلمين بأن صحتي متدهورة ، أردت مقاطعته و لكنه قال : عليك أن تستمعي إلي جيدا ، إن الموت علينا حق يا عزيزتي ، و إنني أشعر بأن أجلي قد اقترب ، أمسكت يد جدي بقوة فقال : أبنائي طيبون وكذلك بناتي و لكن انظري إلى ظروفهم ، إنهم بشر و يجب أن نعذرهم ، قلت (نداء) بتساؤل: ماذا تعني يا جدي؟ ، فقال و قد أغمض عينيه ثم فتحهما : المال ، كل شيء يتعلق بالمال ، المال الذي تحبه النفوس فيخطف أبصارها ، أعلم بأنني أحسنت تربية الجميع و لكن ظروفهم تحكمهم ، لديك عمك (ماهر) رجل أعمال ثري و لكن ألا ترين معي بأن شركته قد أوشكت على الانهيار في الآونة الأخيرة ، ماذا ستفعلين لو كنت مكانه؟ ، قلت بتردد: الحقيقة بأنني لا أدري ، فقال جدها: طبعا لا تدرين فأنت (نداء) و هو (ماهر) الرجل الثري منذ الصغر فكيف يعيش بدون مال؟ ، حسنا لدينا (مازن) أستاذ علوم في مدرسة بسيطة أكثر طلابها يدرسون بالمجان ألن يبدل المال حاله إلى غير الحال؟ ، لدينا والدك (كمال) يعمل مهندسا و والدتك التي تعمل محاضرة ألا يرحبان بثروة ما تبعدهما عن العمل المتواصل وضغوطات الأبناء؟ ، لم أعلق إذ شعرت بإنزعاج كبير و قد لاحظ جدي ذلك ، تركت يد جدي و وقفت ثم سرت باتجاه النافذة و قلت : ماهو المطلوب مني يا جدي ؟ ، فقال الجد و قد ابتسم ابتسامة واسعة : أنت أقوى فرد في عائلتي يا (نداء)... متهورة و لكنك قوية متمسكة برأيك .. أنت و (قاسم) تشكلان قوة العائلة المتوارثة ، وقد كان في زواجكما صفقة رابحة بالنسبة للعائلة ، ابتسمت وقلت : و لكننا لم و لن نتزوج ، فقال الجد: لا تستطيعين الجزم ، إن (سوزان) امرأة قوية جدا ، قوية من طراز غير طرازكم ، أتمنى حقا لو كانت ابنتي ، فقلت كاتمة غيظي : و لكنها ليست كذلك ، فقال الجد : لكنني أعتبرها كذلك لأنها ابنة صديقي العزيز ، فقلت بعد أن عدت للجلوس : لم تخبرني بعد بما تريده مني يا جدي ؟ ، ابتسم الرجل العجوز وقال : هذا أكثر شيء أحبه فيك ، إصرارك على معرفة الحقيقة دون السير في حلقات مفرغة ثم وقف و قال : سأطلعك على الموضوع بأكمله أنت و(قاسم)، جفلت قليلا ثم قلت بشك: ماذا عن (قاسم) ؟ ، فقال الجد: سيقوم بدور الحمل الوديع في المهمة التي سأعهد بها لك ، عندها تساءلت في نفسي إن كان (قاسم) حملا وديعا ، ثم قلت : و لماذا لا يحدث العكس؟ ، فقال الجد : أنت حفيدتي أما هو ابن ابن أخي ... ثم لا أتخيلك حملا وديعا .. ، فقلت كاتمة غيظي مرة أخرى :إذن لماذا لم تحضر (قاسم) لسماع رأيه في الموضوع ؟ ، قال الجد لأنني أعرف (قاسم) و أعرف بأنه سينفذ ما أطلبه منه ، فقلت: أولست كذلك ؟ ، ابتسم الجد و قال : فالننزل لتناول الغداء.



نظر الجميع نحو السلالم و قد كان الجد متأبطا ذراعي فهمست (سوزان): يا له من منظر ، فلم يعلق أحد و وقفوا جميعا إلى أن جلس الجد على كرسيه ، ثم سرت إلى كرسي في آخر الطاولة ، قال الجد بابتسامة جانبية : هيا فالنأكل ، كان الجميع صامتا فلم يسمع سوى صوت الملاعق في الأطباق وضحكات الأطفال البريئة ، قالت (سارة) بلؤم موجهة بصرها نحوي : سيموت جدي تاركا كل ما يملكه لك ، جحظت عينا (ماهر) بينما احتاج (قاسم) إلى كوب ماء فوقفت (سوزان) ببطنها المنفوخ و قد كان منظرها مضحكا و هي تضع يدها خلف ظهرها و تضرب ظهر (قاسم) ، اكتفيت بالإبتسام رغما عني فقد أردت أن أنفجر ضاحكة ثم ألقيت نظرة سريعة على الجميع ، كان الكل ينظر إلي بخوف و ترقب عندها شعرت بالخوف فعدت لتناول حسائي ، ثم ألقيت نظرة نحو جدي لأجده يبتسم بدوره و كأنه يقول : لقد أخبرتك .




بعد أنهى الجميع الطعام توجهوا إلى الصالون لشرب الشاي ، و قد كان الصالون رائعا بجداره المدهون باللون الزهري ، بينما كانت الأرائك منجدة بقماش مشجر رقيق ، و مما زاد المكان روعة وجود شرفة تطل على الحديقة التي تفخر بها الجدة ، عندها أعلن الجد بأنه يريد كلا من (نداء) و (قاسم) في غرفة مكتبه ، فانكمش الجميع على بعضهم فضولا و غيظا و حقدا بالنسبة لـ(سوزان) أكيد .




فتح (قاسم) الباب فدخل الجد ، بينما وقفت فقال (قاسم) : ألن تدخلي ؟ ، فقلت بجفاء : ادخل أولا ، فقال (قاسم) و على شفتيه ابتسامة جانبية : الآنسات أولا ، فقلت بخبث : لهذا قلت لك بأن تدخل أولا ، احمر وجه (قاسم) فتدخل الجد و قد جلس على مقعد جلدي وثير خلف مكتبه الخشبي : أنتما ادخلا و أغلقا الباب ، عندها دخل (قاسم) أمام نظراتي المتحدية ثم أغلقت الباب .

كان أمام مكتب الجد أريكة طويلة و بجوارها مقعدين جلديين فجلست على المقعد الجلدي بينما جلس (قاسم) على طرف الأريكة بعيدا ، ارتدى الجد نظارته واتكأ على المكتب وقال : لماذا تجلسان هكذا ، هيا اقتربا لأراكما جيدا ، فاعتدل (قاسم) في جلسته و قلت : إنني مرتاحة هكذا ، فقال الجد : يا لكما من عنيدان ، و لهذا اخترتكما لهذه المهمة ، فقال (قاسم) : مهمة؟! ، عندها وجه الجد ابتسامة نحوي و قال : الحمل الوديع ، فزممت شفتي وقلت : يبدو لي أننا نلعب بالنار يا جدي ، فقال (قاسم) : نلعب بالنار؟! ، فقال الجد : و تريدين دور الحمل الوديع ، فقلت بهدوء رغم نفاذ صبري : لقد اقتنعت بالأدوار و بالمسألة من جميع النواحي قبل أن تتكلم ، بينما قال (قاسم) بنفاذ صبر : ما المطلوب مني ؟ ، ابتسم الجد و قال : أن تكون الحمل الوديع ، فقال (قاسم) بدهشة: الحمل الوديع؟!

قال الجد: أسدي لي خدمة وأحضري الصندوق الخشبي من على الرف يا (نداء)، تحركت وحملت الصندوق بين يدي لأضعه أمام جدي على المكتب فقال دون فتحه: ستذهبين إلى ويلز غدا جحظت عيناي دهشة فقال الجد : لا أعتقد أنني بذلك أعطل جدول أعمالك و أنت يا (قاسم) ستغطي سفرها هنا ولا تدع أحدا يعلم بذلك حتى زوجتك (سوزان) وعليك أن تنقل لي ردود أفعالهم ثم تلحق بـ(نداء) في الرحلة التالية، قلت: وما الذي سأفعله هناك؟ ، قال الجد دافعا بالصندوق إلى الأمام: خذي هذا الصندوق معك وكفي عن توجيه الأسئلة فستعرفين كل شيء هناك ،وقف (قاسم) قائلا : وما حاجة الآنسة الصغيرة إلى تواجدي معها؟، احمر وجهي بغضب وقلت: لاتشر إلي بالصغيرة وإلا..،قاطعني الجد قائلا: أنت أيضا لاتكثر من الأسئلة.



كانت زوجة عمي (بسمة) بانتظارنا عندما خرجنا وبين يديها طبق من الكعك فوضعت الصندوق في جيب معطفي: إذن ما الذي حدث؟ ،ابتسمت رغما عني وقلت آخذة الطبق :تعدين الكعك وتقدمينه في طبق رائع لي شكرا لك عمتي.
دخلت الصالون وجلست على أقرب مقعد للبوابة لأخرج في أقرب فرصة ممكنة، قالت (سارة) محدقة بالسقف: كما أخبرتكم لقد استولت على كل شيء، فخططها المكشوفة أعمتكم مصورة لنفسها صورة الفتاة البريئة التي لا تعي شيئا.

ضحكت ثم قلت: أنت لا تسأمين حقا ، هل تغارين مني إلى هذه الدرجة؟ التي تجعلك تمقتين الأرض التي أدوسها!!، اسمعي جعلك لصورتي بشعة أمام الجميع لن يغير حقيقة أنني أعرفك و أعرف نفسي والله يعرف كل شيء.
ثم أنهيت حديثي بوضع الطبق جانبا لأخرج من هذا المكان المقيت قبل أن أظهر بمظهر الضعيفة المنكسرة، كان (قاسم) ينظر من خلال زجاج النافذة ليبتعد هو أيضا، لقد صمت سابقا وها هو يدفع الثمن من جديد بسبب ذلك الكبرياء الذي لن يستطيع هدمه باعتقاده، كان ينتظر مرور الوقت ليلحق بي متجاهلا زوجته التي علمت ما بنفسه فقررت الإنسحاب بدورها.



تلك الروح الميتة التي تسير على الأرض دون أن تعي طريقها، باحثة عن مثواها الأخير: لازلت قوية كما عهدتك.
دون أن أدير رأسي عرفته فتمسكت بسلاسل الأرجوحة لأكتم دمعي وكلماتي وكل شيء يمكن أن يجعلني ضعيفة أمامه، عندها دفع الأرجوحة إلى الأمام: كنت تحبين ذلك عندما كنا صغارا، أتذكر أنك كنت تبحثين عني دائما لألعب معك، لطالما ركضتِ نحوي ببراءة بثوبك الأزرق الجميل، كنت أعتقد دوما أننا سنبقى معا إلى الأبد فلم أبحث عن نفسي لأنني معها.

ثبت قدمي على الأرض: لم أكن أنا إن كنت ركضت يوما خلفك، فأنا لست بحاجة إلى مساعدة منك ولا من غيرك.
قال (قاسم): إذن لماذا تهربين مني؟

وقفت متجهة نحو السيارة وقلت: أنا لا أهرب منك كما هربت مني ومِن مَن حولي، أنا لست جبانة مثلك لذا أبعد صورتي الضعيفة التي رسمتها لنفسك في خيالك المريض، بالمناسبة لست مضطرا إلى المجيء معي إلى أي مكان في هذه الدنيا، أنا أعفيك عن هذه المهمة فابقى هنا لتعتني بزوجتك الحامل.

ركضت بسرعة وارتميت في مقعد السيارة ثم أشرت للسائق لينطلق بي إلى منزلي ويعود إلى مركز السيارات المستأجرة لم أفكر بشيء أثناء تحرك الأشياء في الطريق بل اكتفيت بالتأمل في الصندوق.



انتظروا الحلقة القادمة...


القاصة الصغيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-09, 05:20 PM   #5

القاصة الصغيرة

قاصة و نـاقدة أدبية في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية القاصة الصغيرة

? العضوٌ??? » 83256
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 825
?  نُقآطِيْ » القاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond repute
افتراضي الحلقة الثالثة:على لوحة الزمن




في تلك اللوحة

إنه يحبها أكثر من نفسه وبريشته أخذ يخط معالم وجهها ،وجهها الجميل الذي بات كامنا في قلبه، ينير دربه بسعادة ، إنه يحبها بجنون كما تحبه، تزوجها رغم الفرق الكبير بينهما في السن، اعترض أبناؤه رافضين احتلالها لمكان والدتهم التي طلقها قبل سنين، وما أدراهم به هو العجوز الوحيد القاطن في قلعته الكبيرة، لقد تزوجوا وليتركوه وشأنه، إن حبيبة القلب مسافرة لزيارة أهلها وستعود الليلة، نعم ستعود بعد غياب يومين وكأنها سنتين، آه .. لقد نفذ اللون الرمادي الجميل لون عينيها البراقتين ، تحرك ليمسك عكازه ويذهب لإحضار أنبوب ألوان جديد ، ولكن كان عليه أن يسير عبر غرفتها ليشتم رائحة عطرها العالقة في الجو، دخل الغرفة ليصدم بتلك الفاجعة، زوجته وحبيبة قلبه مقتولة برصاصة في وسط جبهتها وحقائبها مبعثرة وهنالك مياه أمام النافذة بسبب أمطار ليلة البارحة.



لوحة أخرى

عندما دخلت إلى شقتي الصغيرة الكامنة في عمارة قديمة ذات قصة تاريخية لا أعرفها بعد أحكمت إغلاق الباب بالمفتاح وسرت نحو سريري لألقي بنفسي وأحدق في اللاشيء، فراغ يجتره فراغ في رأسي المصاب بالصداع أو الإنشراخ في الجمجمة، جلست وبحثت عن الصندوق لأفتحه كان بداخله مفتاح كبير ذا تصميم قديم مزخرف بالكامل بقبضة الدوائر الثلاثية التقليدية التي تشبه ورقة البرسيم التي يتفاءل بها أهل الغرب، حجمه يدل على أنه لباب أو قفل أو صندوق ضخم، رفعت سماعة الهاتف وحجزت أقرب رحلة إلى ويلز فكانت بالعاشرة مساء هذه الليلة، طبعا لن يعطل ذلك جدول أعمالي كما قال جدي إذ ليس لدي جدول بل ليست لدي أعمال، وضعت رأسي على وسادتي القطنية وغططت في نوم عميق استيقظت منه بسبب أحلام متضاربة وتقلبات أدت إلى ضرب رأسي بعمود في سريري، انتظرت حتى أتأكد من فعالية عيني من جديد ثم فتحتهما من الجيد أن الصداع اختفى ربما ضربة الرأس أصلحت شيئا ما في دماغي، نظرت إلى ساعتي التي أشارت إلى الثامنة فتحركت لأستعد لرحلتي ببطء دون حماسة، عندها سمعت طرقا متحمسا على الباب لا أعلم لماذا يفعل الناس هذا فذلك لن يحرك في ساكنا ولن أتحمس بدوري لفتح الباب، أغلقت معطفي بإحكام وفتحت الباب لأجد (قاسم) واقفا أمامي مبللا بشيء ذا رائحة كريهة لا أريد أن أعرف عنها شيئا:أستدعينني أدخل أم ماذا؟

قلت وهو يدفعني بيده ليدخل ويجلس على أريكتي النظيفة:ماذا..

حدقت بأسف إلى أريكتي التي استحالت في موضع جلوسه إلى اللون البني فقال: ماذا قلتي؟

قلت: لم أقل شيئا، ما الذي أتى بك في هذه الساعة؟، كان الاتفاق أن تلحق بي في الرحلة التالية.

قاطعني دون أسف: لقد تبدلت الخطة سأرحل معك إلى أي رحلة حجزتي؟

شعرت بأحاسيس متضاربة وتصارعت الأفكار في رأسي الآن علي أن أترك مالا للخادمة لترسل بأريكتي إلى المصبغة: ماسبب هذا التبدل؟

وضع (قاسم) رأسه بين يديه فبدى شعره الأسود فاحما كالليل والسائل يقطر منه وقال وكأنه لم يسمعني أو أراد تجاهلي: إلى أي رحلة حجزتي؟

قلت: في رحلة العاشرة هذه الليلة، سأذهب إلى المطار بعد قليل.

رفع رأسه ثم وقف وحمل هاتفه المحمول إلى أذنه قائلا بعد أن ضغط أحد الأرقام: (سليم) احجز لي أي مقعد بأي طائرة تغادر إلى ويلز الليلة في الساعة العاشرة.

أغلق هاتفه واتجه نحو الباب: أراكِ هناك.

سرت نحو الباب وأغلقته بعد أن اختفى من الممر وكأنه شبح غريب، عدت لأنظر إلى البقعة على الأريكة، لقد كان هنا حقا..ولم أكن أتوهم، اقتربت من البقعة لأشمها لأتعرف على السائل إنها رائحة كلور، مسحت أنفي بالمنديل بسرعة هل كان يسبح في مسبحه عندما قرر المجيء لتبليل أريكتي؟!

رفعت السماعة واتصلت بمنزل جدي فلم يجبني أحد فوضعتها مكانها وشغلت نفسي بحقيبتي، كأي فتاة تحترم نفسها حزمت ثيابي ومستحضرات التجميل ومستحضرات الحمام ومعجون وفرشاة الأسنان والمراهم والعطور وفرشاة شعري ومجفف الشعر وثلاث أزواج من الأحذية رياضية ومريحة وكلاسيكية وجوارب وحقيبة صغيرة للأدوية إذ أنني أمرض بسهولة عند تبدل درجة الحرارة وإن كانت درجتين مئويتين نقصت أوازدادت وطبعا شالي الكبير الملون بألوان الطيف، طلبت سيارة أجرة وساعدني جاري (أبوحسن) في حمل الحقائب وتركت مفاتيح شقتي وأوراقي المهمة عند (أم حسن) ثم انزلقت على المقعد وحركت يدي مودعة ونظرت أمامي: إلى المطار الدولي من فضلك.




انتظروا الحلقة القادمة...


القاصة الصغيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-09, 05:30 PM   #6

القاصة الصغيرة

قاصة و نـاقدة أدبية في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية القاصة الصغيرة

? العضوٌ??? » 83256
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 825
?  نُقآطِيْ » القاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond repute
افتراضي الحلقة الرابعة: الطريق



انطلقت السيارة تخترق ظلام الليل بينما ترامت انعكاسات الأشياء على زجاج السيارة وتركت أضواء المصابيح الأمامية ظلالا كأشباح جائعة داسها الزمن، هكذا أنا أراقب الشارع بلهفة وكأنني أراه لأول مرة في حياتي ، أتأمل الوجوه الباسمة واليائسة، وجوه تضحك ووجوه تبكي، عيون فارغة وعيون حالمة، لست بمفردي في هذه الحياة، الكرة الأرضية تعج بالمخلوقات التي تسير مع الجاذبية رغما عنها بينما تحلق الأخرى بسعادة تقبض أجنحتها بقدرة الله لترسم للقوة المعاكسة معنى يجعلني أشعر بالسرور، أحب التأمل في هذا الكون البديع الذي يقربني منه تعالى يوما بعد يوم، لأنسى كل التقلبات التي عشتها والمصائب التي حلت علي، الكثير من الناس لايدرك أن من حولهم أُناس مثلهم، رغم أن الأحجية بسيطة يقفون عندها بجهل، الحقيقة أنني قابلت الكثير من الأشخاص وتعجبت من بعضهم أشد العجب، حقا نحن مختلفون إختلاف الزيت عن الماء،إن الشعور الساكن بالرضى عن نفسي وحياتي يجعلني أسير قُدُمًا دون خوف أو ألم مُسَلِّمة أمري له وحده فالطريق طويل وعليه أن يسير بهدوء لينتهي كيفما شاء.



لمحت بطرف عيني سيارة ذهبية اللون على يميني ولعي بالسيارات الكبيرة يجعلني أحدق مطولا بها دون وعي مني، تنبهت هذه المرة من السائق الذي أخفا وجهه بنظارة سوداء كبيرة، حدث ذلك في منتصف الطريق عندما اتجهنا من المفترق الأيسر لنسير في المخرج على خط مستقيم، لازلت لاأملك هاتفا محمولا كبقية المتحضرين من البشر إذ أنني أحب ملمس الأرقام على أزرار الهاتف ماأقصده أنني لاأملك المال الكافي لشرائه، سأصل قريبا إلى المطار لأبحث عن هاتف أتصل به على منزل جدي وفي أسوأ الظروف سأتصل بذلك الرقم الذي لن أنساه أبدا آملة أن يكون قد بدل رقم هاتفه، لماذا لم أفكر في طلب رقمه سابقا؟ لأنني لم أرغب بذلك ببساطة.



وصلت إلى المطار فدفعت للسائق أجرته وساعدني شاب وسيم بحمل حقائبي ووضعها على العربة ثم أعطاني بطاقة تحمل أرقامه وبريده الإلكتروني فابتسمت ودفعت العربة بسرعة وماهي إلا دقائق حتى تواريت في صالة الانتظار، اتجهت نحو هاتف عمومي ورفعت السماعة لأتصل بمنزل جدي مرة أخرى فلم يجبني أحد، ركلت الحائط بعصبية فوجهت إلي امرأة مسنة نظرة مخيفة وكأنها توبخني فأدرت ظهري لها وأنا أرتعد، كيف لي أن أنسى تلك الأرقام التي ظللت أطلبها كالمجنونة طوال خمس سنوات،سمعت الرنين على الطرف الآخر كم أتمنى ألا يجيب هو الآخر وبينما أنا غارقة في أملي أجابني صوته الهاديء الذي يخفي ولاشك إضطرابه: نعم..

قلت شاعرة بجفاف كل شيء في جسدي:إنني (نداء)..

عم الصمت لوهلة حسبتها دهرا ولكنه قطعه دون أن تتبدل نبرة صوته:اسمعي سألتقي بك عندما نصل إلى (كارديف)، علي أن أذهب الآن.

أغلق السماعة في وجهي فتابعت حديثي مع نفسي لمدة لا بأس بها ثم أعدت السماعة مكانها وجلست على المقعد حتى أعلنوا عن استعداد طائرتي المتجهة إلى مطار كارديف الدولي ببلدة روس الواقعة في إمارة ويلز، إنني سيئة جدا في الجغرافيا فكل ما أعرفه عن ويلز أن جدي يملك قلعة هناك.



في الطائرة ربطت الحزام وأغلقت النافذة ثم أغمضت عيناي، إنني أخاف من الارتفاعات رغم أنني تحديت نفسي أكثر من مرة عندما ذهبت إلى مدينة الملاهي في (جينتنج) المدينة الجبلية بماليزيا لأصعد البرج العالي ثم أنتقل إلى الحصان الدوار،المهم أنني دفعت بنفسي إلى ما أخشاه، سارت الطائرة ببطء إلى أن وقفت ببداية المُدرج ثم ازدادت سرعتها نحو الأمام فألصقت ظهري بظهر المقعد وشعرت بهدير المحركات جانبي ثم بالارتفاع ففتحت فمي قليلا حتى يتعادل التوازن داخلي، لم أفتح عيناي إلا عندما شعرت باستقرار الضغط عندها فوجئت بصدمة العمر:انظري إلينا نلتقي من جديد.

ضحكت ضحكة مفتعلة فقد كان الشاب الذي ساعدني بحمل حقائبي من السيارة، عندها جاءت المضيفة التي تربطني بها أحاسيس مختلطة من عدم الوفاق كأي مضيفة في جمعية المضيفات إن كانت لديهن جمعية، لا أعلم لماذا لايستلطفونني قالت موجهة حديثها إلى الشاب: سيدي لقد جلست على مقعد الحظ اليوم وربحت مقعدا في الدرجة الأولى فهلا تفضلت معي، ابتسم الشاب وقال بسعادة غير مصدق: نعم سأتفضل.

كشرت عن وجهي وضربت أخماسا بعشرة أسداس ولم أعرف الناتج وتمنيت لو جلست على مقعده، طلبت من المضيفة كوبا من الماء ولم أره فطلبته من المضيف الذي أحضره مع حبة إسبرين، ابتلعت الحبة وتجرعت ثلاث أرباع كوب الماء وبصقت ربعه الأخير عندما جلس في المقعد المجاور قائلا: يبدو أننا على الطائرة ذاتها.

قلت وأنا أمسح فمي بمنديل: حقا؟!..ماهي نسبة هذا الاحتمال؟، فأنت تعرف موعد رحلتي ووجهتي..

فقال مبتسما للمضيفة التي وضعت الصحيفة أمامه: شكرا.

قلت وأنا أبحث عن كتابي في حقيبتي الصغيرة: لقد شعرت بالريبة عندما ربح ذلك الشاب مقعدا في الدرجة الأولى، لابد من أنك وراء هذا.

وجدت كتابي أخيرا فقال: لا مطلقا إنها الصُدَف وما هو مُقَدر.

ابتسمت وقلت: حقا؟!..إذن أخبرني ما الذي جعلك تبدل موعد رحلتك؟

قال ولايزال يقلب الصحيفة:كان عليك أن تسافري غدا.

قلت دونما اهتمام:ليس لدي ما أفعله اليوم لذا لاضير في استباق الزمن، لم تجبني عن سؤالي بعد، لازلت تتهرب كعادتك، إذن الأمر متعلق بعملك أليس كذلك؟

أطبق أصابعه بقوة على الصحيفة ولم يعلق فقلت متابعة إستفزازه: الحق يُقال..إنني أعرف الكثير عنك و عن جدي وغيركم من المخبرين والعملاء.

قال دون أن ينظر إلى وجهي: معرفتك تسبب لك المشاكل.

شعرت بالغضب لقد جاء لحمايتي بأوامر من جدي، لاأحد يثق بقدرتي على حماية نفسي قلت بسخط جعل المضيفة تنظر إلي نظرة أستاذة أزعجتها بحديثي أثناء محاضرتها:لست طفلة بحاجة إلى الكبار في حياتها.

لم يعلق فألقيت الرواية في وجهه فأصابت جبهته لأقول:تبا لك.

حمل الرواية عن الأرض و وضعها في حقيبتي ففتحت غطاء النافذة وحدقت بالسماء.



كانت حديقة الجد تخلب الألباب بأزهارها وأشجارها وصوت عصافيرها ،نسير بين أعشابها اليانعة جنبا إلى جنب، وقف أمامي فجأة ومد يده ليعطيني وردة لم تتفتح أوراقها فأمسكتها وألقيت بها في وجهه ثم وجهت نظري إلى السيقان المتسلقة وقلت :انظر إلى تلك الوردة الجميلة المتفتحة ..(قاسم).. تسلق الحائط وأحضرها لي..

لكنها بعيدة يا (نداء).. و لكنني سأتسلق من أجلك الجبال..

لا فقط تسلق الحائط وأحضر الوردة..

تسلق (قاسم) الحائط و أمسك بالوردة وقطفها ثم ألقاها نحوي ففتحت يدي وأمسكت بها..

ماذا تفعل يا ولد فوق السور ؟!

يا للهول جدي.. (نداء) أين أنت؟.. لقد هربت الشريرة..لأتلقى الملامة وحدي..(نداء)..(نداء)..



فتحت عيني لأجد صينية الطعام أمامي و(قاسم) يهزني: جيد.. حسبتك ميتة.

تناولت الباستا الخالية من الملح فقد نسيت كعادتي أنهم يضعون الملح جانبا في مغلف صغير ثم ابتلعت الكريمة بقرف وتجرعت الشاي الذي تفوح منه رائحة الحناء وأبعدت السلطة عن وجهي فأخذها قاسم ليضيفها إلى طبقه: لازلت تتجنبينها إلى الآن.

كان هذا دوري لتجاهله فنظرت إلى ساعتي وأغمضت عيناي مرة أخرى بقيت ساعتان حتى موعد الوصول إلى كارديف.




كونوا بانتظار الحلقة القادمة


القاصة الصغيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-09, 05:32 PM   #7

القاصة الصغيرة

قاصة و نـاقدة أدبية في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية القاصة الصغيرة

? العضوٌ??? » 83256
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 825
?  نُقآطِيْ » القاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond repute
افتراضي الحلقة الخامسة: قلعة جدي




كان (قاسم) يتأكد من حقائبنا وأقصد بذلك حقائبي وحقيبته السوداء الوحيدة ،عندها أسرعت نحو هاتف عام وطلبت رقم منزل جدي على حساب المتلقي فلم يتلقني أحد فأعدت السماعة مكانها، ماذا يحدث هناك؟ أيتم تجاهلي؟!

أشار (قاسم) إلي بيده ملوحا وأمامه عربة حقائبنا وبجانبه رجل لم أشاهد مثله عن قرب فقد كان بريطانيا وذلك بشعره الأصفر المقصوص وعيناه الزرقاوان بأسنان غير مرتبة، ابتسمت عندما شاهدت اللوحة الصغيرة بيده ومكتوب عليها بالعربية الآنسة نداء والحمل الوديع، لابد من أنها مزحة من اختراع جدي قال البريطاني بإنجليزية عميقة: مرحبا بك آنستي في ويلز.
لهجته جعلتني أشعر بأن علي أن أمسك بثوبي وأنحني كأميرة ستشرب الشاي في كوب خزفي عندها وقف (قاسم) بيننا ليقول وهو يدفع العربة: أين السيارة؟



قال الرجل البريطاني المدعو (جيكوب) الذي سمح بمناداتنا له له بـ(جيك) ليأسرني بلهجته الفاتنة: يبدو أن هذه زيارتك الأولى لبلدنا يا آنسة؟

قال (قاسم) وكأنه هو الآنسة: نعم.

ضحكت في سري ونظرت من خلال النافذة إلى أجمل منظر رأته عيناي فقال (جيكوب): نبعد عن مركز مدينة كارديف مسافة قدرها 12 ميلا ،أنا واثق من أن المكان سينال إعجابك فالسياح يقصدوننا فهي عاصمة ويلز وتطل على نهر Taff كما أنها مدينة تجارية وبحرية لدينا قلعة اسمها Cardiff Castle ومتحف الحياة الويلزية .Welsh Life Museum
أومأت بسعادة المسحورة عندما سرنا بممر مرصوف بأحجار جبلية جميلة لتعكس ظلال الأشجار الطويلة التي وقفت شامخة على جانبي الممر إلى أن مالت أغصانها الأخيرة نحو سور قلعة كبيرة كتلك التي قرأت عنها آلاف بل ملايين المرات، هنا حدثت معارك ملحمية وكتب المؤلفين أساطير خلدتها الأوراق وعشقتها العقول قبل القلوب..حسنا ربما أبالغ ولكن المكان جعلني أشعر بأنني أعود إلى الوراء حيث بإمكاني أن أعيش ضمن سجلات قد تناسها الناس دون وعي منهم.



فتح (جيك) باب السيارة وعندما هممت بالخروج كان (قاسم) قد قفز أمامي وخرج ليمسك بباب السيارة ليأخذ مكان (جيك) ،خرجت لأقف أمام بوابة خشبية يزيد طولها عن أربعة أمتار، تداخلت مقابض حديدية سوداء بأسياخ لامعة لتترك الحجر المنقوش مكانا متواضعا، كان الباب مفتوحا ليخرج منه رجل عجوز يقف بإستقامة الفرسان وقال بإنجليزية رائعة تضاهي لكنة (جيك): خادمك (كليفورد)...آنستي سأكون بتصرفك طوال فترة إقامتك بـ(قلعة اللورد والتر بورلي) ، ستكون الحجرة المخصصة لك جاهزة خلال دقائق.

وقف (جيك) بجانبي قائلا: يسعدني أن أصحبك في جولة بالقصر ريثما تجهز حجرتك.
لا أدري من أي اتجاه ظهر ولكنني وجدت (قاسم) إلى جانبي هو الآخر فقلت بعصبية: أليست لديك زوجة حامل تنتظر مكالمة منك؟، أم أنك أعطيتها عذرا متكاملا لتخفي مكانك كعادتك؟

لم أدرك ما تفوهت به إلا عندما انسحب من أمامي منكسرا، ليست هذه هي أول مرة أجرح فيها شخصا بكلماتي ولكنني لم أعد أهتم فعقلي الباطني يتولى الحديث عني عندما أفلت زمام الأمور، لست واثقة من قدرتي على التحمل فقوتي المصطنعة تخذلني أحيانا، لقد تعلمت أن أفخر بكوني إنسانا وذلك بإستخدام عقلي دون استشارة قلبي فقد خذلني مرة لذا لن أعيد الكرة.



سار (جيك) أمامي ليخبرني بأن القلعة بنيت في العهد الروماني وجرى ترميمها ألاف المرات إلا أنها لاتزال صامدة ببرجيها اللذان أضيفا إلى القلعة الرئيسية قبل زمن وذلك لخدمة اللورد والتر بورلي شخصيا نزولا تحت رغبة زوجته الشابة الجميلة، شاهدت رجلا يحمل حقائبي إلى الدور العلوي متجها إلى اليسار بينما حمل آخر حقيبة (قاسم) واتجه بها إلى اليمين، كنت في منتصف قاعة تجددت في العهد الفكتوري بلوحاتها الأنيقة وإطارتها المذهبة وسقفها العالي، علمت أنها قاعة لإقامة الحفلات الراقصة والزفاف ،استخدمها الكثير من المشاهير والنبلاء، كانت هنالك ستارة مخملية حمراء انسدلت من السقف حتى الأرض الرخامية، شهقت عندما فتحها (جيك) إذ تسلل ضوء الشمس ليضيف إنعكاسه على الأرض الرخامية عملا كعمل الكشافات، أغمضت عيني وفتحتها لأتأكد أن ما أراه حقيقة فالشرفة الجبصية بجمال نقوشها كعمل فني أضاع طريقه للمتحف بدت لاشيء أمام البحيرة التي خلقها الله أمامي والتي امتدت على مساحة كبيرة لتحيط بها الأراضي العشبية والأشجار الخضراء اليانعة، كان هنالك زورق أبيض جميل مربوط بإحكام على مسافة قريبة مني عندما سرت في الحديقة المنزلية التي ضمت مئات الأنواع من الزهور المختلفة وطبعا الورد الأصفر الذي أعشقه كان من بين المزروعات ،ابتسم (جيك) وقال: إن السيد يهتم بهذا الورد على نوع خاص يبدو أن له معزة خاصة للآنسة.

عندها جاء (كليفورد) ليعلمني بأن حجرتي جاهزة ويسعد السيد (قاسم) أن أنضم إليه بشرب الشاي في الحديقة الداخلية بعد ساعة من الآن.

سرت مع (جيك) حتى الممر عندما أشار إلى باب في آخره ويقول: السيد يقول هنالك تتبدل الأمور، سأعود غدا إذا أحببت زيارة بعض الأماكن في ويلز.

ثم وضع بطاقته في يدي قائلا: اتصلي بي إن احتجت إلى شيء فأنا تحت خدمتك.

قلت ولاأزال أحدق بالباب البعيد:ماذا يقصد السيد بأن هنالك تتبدل الأمور؟

رن الهاتف المحمول الخاص بـ(جيك) فسار نحو البوابة ليخرج مدعيا أن الشبكة أقوى خارج هذه القلعة، خلصت إلى التفكير بأن تجاهلي يتم عن عمد فصعدت السلالم خلف (كليفورد).

في منتصف الممر كان (قاسم) واقفا ممسكا بهاتفه المحمول ليحدق به بنظرته التي لاأفهمها فهو رجل صعب تفكيك تعابيره وفهم حقيقة مشاعره، لقد عذبني طوال حياتي بغموضه وعدم قدرته على مواجهتي، قال واضعا هاتفه في جيبه: لست مضطرة لشرب الشاي معي إذا لم ترغبي بذلك.

ابتسمت وقلت دون اهتمام: أعلم ذلك.



دخلت الحجرة المخصصة لاستقبالي وانصرف (كليفورد) عندما تأكد من أنني لست بحاجة إلى شيء،أسرعت لأخلع حذائي القاتل بكعبه العالي لتلمس قدماي السجادة الفارسية وسرت نحو السرير الخشبي العالي بأعمدته الأربعة التي انسدلت من عليها ستائر حريرية بينما كان الفراش مغطى بالستان المطرز النحاسي اللون، وتناثرت عليه وسادات من مختلف الأحجام وبالطبع في زهرية خزفية كانت باقة من الورد الأصفر تنتظرني:أحبك يا جدي.

بقية الأثاث كان خشبيا كلاسيكيا كما أحبه دوما وعلى الحائط تمركزت مرآة عملاقة غطت الحائط بأكمله بإطارها المذهب ،إنني أحب رؤية نفسي قد يكون ذلك غرورا مني أو هو جنون ينبغي التخلي عنه، أما على الحائط الآخر رأيت لوحاتي التي رسمتها الصيف الماضي لجدي، يبدو أن جدي كعادته لم ينسى أي تفصيل فقد رتبها المهندس بحيث يتسلل ضوء النهار إليها لتعكس جمال الملامح وفي الليل ينيرها القمر إشراقا، فتحت النافذة لأجد أنني أواجه البحيرة والحديقة الخارجية الرائعة.

كنت مرهقة جدا فالنوم بالطائرة يسبب التصلب بظهري ورقبتي وجفن عيني، أخذت حماما سريعا فشعرت بحماسة المستكشف وذلك الجنون الذي يطغى علي عندما لا أشرب كوب شاي حقيقي، وكأي مدمنة على الشاي تذكرت أين بإمكاني أن أجده، ارتديت بسرعة ثوبا أبيضا طويلا فضفاضا بحزام وردي عريض على الخصر ،جففت شعري بسرعة كالمجنونة ثم سرحته ليبتعد عن وجهي، ارتديت حذائي الخفيف وفتحت باب الحجرة لأركض بسرعة نحو الحديقة طبعا حدجني عدد لا بأس بهم من الخدم بنظرة تقول أنني امرأة غير مهذبة وطبعا لست أبالي، لكنني تعثرت بشيء ما جعلني أقف بسرعة لأحافظ على ماء وجهي، عندها شعرت بلفحة هواء باردة فنظرت إلى الممر والباب في آخره قاطع أفكاري صوت (كليفورد): آنستي إننا مستعدون لتقديم الشاي.

كان (قاسم) جالسا يقرأ صحيفة إنجليزية عندما جلست لأشرب الشاي الإنجليزي الذي حضره (كليفورد) أمامي والذي ما إن اختفى حتى ابتلعت قطعة من كعك الشوكلاته بحجم وجهي، ضحك (قاسم) وماتزال الصحيفة تغطي وجهه ثم وضعها جانبا ليقول: أرى أن حبك للكعك لم يزل بعد.

مسحت فمي بالمنديل القماشي الجميل وقررت أن آخذه معي إلى حجرتي لأغسله بنفسي،شعرت بالإرهاق يغزو جسدي من جديد:هنالك الكثير الذي لم يزل مني بعد.

قال بعد أن شرب جرعة لابأس بها من كوبه:أستطيع رؤية ذلك.

قلت وأنا أدس المنديل في جيب ثوبي: أشك في ذلك.

قال بنبرة تتخللها حدة عصبية:تبا يا (نداء)، لماذا تفعلين هذا؟




انتظروا الحلقة القادمة ..


القاصة الصغيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-09, 05:34 PM   #8

القاصة الصغيرة

قاصة و نـاقدة أدبية في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية القاصة الصغيرة

? العضوٌ??? » 83256
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 825
?  نُقآطِيْ » القاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond repute
افتراضي الحلقة السادسة: بوابة إلى الماضي



شربت ماتبقى في كوب الشاي بسرعة ودخلت القلعة تلاحقني نظراته،لماذا أفعل هذا؟!، ليته يجيب نفسه عن هذا السؤال، إن لحياتي المبهمة قصصا متجاهلة أغلبها خيالية إلى حد الجنون، لقد خلطت الواقع بأحلام يقظتي لأصدقها، إن سنين العمر تمضي وأرفض العودة إلى الوراء فقد اكتفيت من ذلك الصراع الداخلي وتمزيق أحشائي لأسباب وهمية اخترعتها ، ربما هو يستطيع تقبل الحقيقة أكثر مني بأننا أصدقاء طفولة لاأكثر ولاأقل، فعندما كنا صغارا كان قد عين نفسه حارسي الشخصي ،أحبه؟!..، لطالما تمنيت ذلك ولكن ..



صعدت حجرتي وأغلقت الباب لألقي بنفسي على السرير من شدة إرهاقي غرقت في النوم، شعرت بأنفاس حارة على وجهي ففتحت عيناي بذعر لأجد الباب مفتوحا، انزلقت من على السرير ونظرت حولي وتحت السرير ثم أسرعت لأغلق الباب ،كنت لا أزال بثوبي الأبيض الذي تلوث ببقعة من الشوكلاته بسبب المنديل الذي تركته في جيب ثوبي،دخلت الحمام وأغلقت الباب لأغسل وجهي ،تساقطت قطرات الماء لأرفع وجهي إلى المرآة ،عندها شهقت فقد رأيت الممر والباب في آخره، بدا بعيدا، سمعت صوت شيء يسقط ففتحت عيناي لأجد نفسي على السرير ،جلست بسرعة ونظرت نحو الباب فكان مغلقا، ولازلت أرتدي ثوبي الأبيض وقد لوثه المنديل القماشي في جيبي ببقعة من الشوكلاته، انزلقت من على السرير بسرعة وركضت نحو مرآة الحمام فعكست وجهي المذعور ،عندها استنتجت أنني كنت أحلم ولاشك.

غسلت وجهي ونظفت بقعة المنديل والثوب، خرجت من الحمام ونظرت إلى ساعتي فكان عقربها يشير إلى الثالثة إلا رُبعا قبل الفجر، بدلت ثوبي وجلست على السرير لأجد الصندوق الذي أعطاني إياه جدي وقد سقط على الأرض مفتوحا فرفعته ثم رفعت المفتاح من تحته، عندها سمعت صوت ساعة فنبض قلبي بسرعة وتذكرت كل قصص وأفلام الرعب التي قرأتها وشاهدتها، إنها الثالثة ولاشك، ارتديت معطفي وأحكمت إغلاقه وحملت صندوق المفتاح ثم فتحت الباب ببطء لألقي نظرة خارجه لاشيء سوى الظلام بخفي المزغب وجوربي الصوفيين بدا شكلي مضحكا، سرت بهدوء بالممر لأقف في منتصفه وأستدير لأنزل السلالم عندما وصلت إلى آخره نظرت حولي وتقدمت نحو الممر الذي طرحت عليه ألف تساؤل ورأيته في حلمي، كانت الجدران فارغة والسقف منخفض إلى حد الجنون ، كنت أسير وكأنني في سرداب رغم أنني لست بالطويلة إلا أنني انحنيت في آخره دفعت الباب فانفتح مصدرا صريرا مخيفا ،دخلت لأجد نفسي أمام سلالم حلزونية متجهة نحو الأعلى لابد أنه أحد الأبراج، خطوت خطوة واحدة ثم استدرت عندما سمعت صوتا خلفي: إلى أين أنت ذاهبة؟

كان (قاسم) عند الباب منحني الظهر بقامته الفارعة بدا راكعا بشكل مضحك ثم لوى رقبته ووقف أمامي بقميص رمادي قطني وبنطال من الجنز: ماهي اللعبة هذه المرة؟

ضحكت فقد تذكرت موقفا مشابها حدث بالماضي كنت وقتها في الخامسة من عمري بينما كان (قاسم) في الثامنة، وصلت منزل جدي لأركض باحثة عن (قاسم) بعد أن فرغت من الطابق الأرضي صعدت السلالم لأجده جالسا عند باب غرفة عمي (مازن) الذي كان في الثانية عشرة من عمره، عندما وصلت إليه وضع إصبعه على شفتيه وأصدر صوتا خفيفا لأصمت، كانت أمامه حزمة من أكياس النايلون المخصصة للساندويتشات، ابتسم وحمل أحدها ونفخها كبالون وأحكم إغلاقها بيده وقال هامسا:انظري ماذا سيحدث لعمي الآن، ابتسمت فاقترب بالكيس عند الباب وقال:عندما أعطي الإشارة احملي الأكياس لنركض بسرعة نحو الأسفل، فأومأت موافقة عندها ضرب الكيس المنفوخ بيده الأخرى لينفجر مصدرا صوت قرقعة عالية قفز على إثرها عمي (مازن) على مكتبه وصرخ: من هناك؟!، عندها ركضنا نحو الأسفل واختبأنا تحت بيت السلالم بين مخزون من قناني العصير والبطاطا والحلويات التي يشتريها جدي لأجلنا، كررنا فعلتنا في ذلك اليوم لأكثر من مرة ولم يمسك بنا عمي في أية مرة.



قلت ناظرة إلى السلالم الحلزونية : إنني أستكشف المكان.

قال (قاسم) رافعا حاجبه الأيسر ساخرا: ألم ينهي (جيك) جولته السياحية معك بالمكان؟

أخرجت لساني لأغيظه وقلت:لا..

قال (قاسم) ملتفا حول نفسه:حسنا..،مازال الوقت مبكرا على أية حال.


تسلل ضوء الشمس فجأة من خلال نافذة صغيرة فعدنا أدراجنا وسرنا بالحديقة الخارجية فقلت: حلمت بحلم غريب الليلة الماضية.

قال (قاسم) ملقيا بحصاة صغيرة نحو البحيرة: لطالما كانت أحلامك غريبة.

هززت رأسي وقلت: معك حقك، ربما أولي للأمر اهتماما كبيرا، وهذه طريقة تحليلية لما طلبه جدي،الحقيقة لست أفهم بعد ما يريده جدي مني.

أشاح (قاسم) بوجهه بعيدا وقال: (نداء) إن جدك...

سمعت صوت (جيك) الضاحك خلفي: صباح الخير..من الجيد أنكما مستيقظان.

لاأدري إن كنت أتوهم ولكنني لمحت تجهم وجه (جيك) لوهلة مع نظرة حديدية موجهة إلى (قاسم)، سار (جيك) باتجاهي وقال: لابد أن تأتي معي لتناول الفطور خارج أسوار القلعة أم أنك تريدين أن تبقي حبيسة جدرانها؟

لكنته الرائعة ووقفته المنتصبة ومزيج من أحلام اليقظة جعلتني أشعر بالجوع حقا رغم أنني لست من الفئة البشرية التي تهتم بتناول الإفطار إلا أنني وافقت على الذهاب.



اصطحبنا (جيك) إلى ناد يقول أنه للنخبة فتناولنا إفطارنا المكون من القهوة والبيض المقلي والخبز المحمص والمربيات وكعكات صغيرة نسيت اسمها عندما ابتلعتها دفعة واحدة دون أن أهتم بالنبلاء من حولي، اكتفى (قاسم) بشرب كوب من الحليب بينما تناول (جيك) كل شيء تناولته لأنه إنسان مهذب وقرر ألا أكون محط الأنظار بمفردي أو أن ذوقه في الطعام مشابه لذوقي، عندما جاء وقت الشاي تحدثت مع (جيك) بمواضيع متفرقة من بينها أن جدي اشترى هذه القلعة من سلالة أحفاد سلالة اللورد والتر بورلي وأنه يعرضها للإيجار في فصل الصيف ،ظل (قاسم) صامتا ومالبث أن وقف فجأة دون استئذان لينسحب من أمامنا، انتهينا من شرب الشاي فسرت مع (جيك) بأرجاء النادي ولعب الغولف بمفرده واكتفيت بتشجيعه، ظهر (قاسم) أمامنا مرة أخرى عندما كانت الساعة تشير إلى الثانية ظهرا وقررنا العودة إلى القلعة، كنا نسير على المساحة العشبية الخضراء لأرض الغولف عندما سمعنا صوتا عاليا يأمرنا بالابتعاد، حدث الأمر بسرعة إذ أمسك (قاسم) بذراعي ليدفع بي بعيد عن الممر فسقطت على وجهي، فتحت عيناي لأجد (قاسم) ممدا على الأرض بينما ركض الحصان البني بفارسه بعيدا عنا، ركضت بذعر إلى (قاسم) متجاهلة الكدمة والجرح بجبهتي بينما صرخ (جيك): أنت توقف..،فليمسك أحدكم بذلك الرجل.

هززت (قاسم) بقوة وأنا أبكي ففتح عيناه وضحك متأوها: لقد رججتني بما فيه الكفاية.

وجهت لكمة إلى ذراعه قائلة وأنا أمسح دموعي:لاتخفني هكذا مرة أخرى.

ساعدته على الوقوف فارتكز علي بقوة خلت أنني سأغرس بالأرض عندها فقال: يمكنني أن أسير بمفردي الآن..، ماهذا؟، جبهتك تنزف!

وضع يده في جيبه ليخرج منديله القماشي ويمسح جبهتي فأبعدت يده لأمسك بالمنديل، عندها جاء (جيك) قائلا: لم نمسك به لقد هرب بعيدا..، هل أنتما بخير؟

قلنا معا وكأننا أطفال بالحضانة: نعم.

ركبنا السيارة دون أن نتفوه بأية كلمة بعد أن عرجنا على المستشفى ليضمدوا جرحي وأخضعوا (قاسم) للتصوير بالأشعة ليتأكدوا من عظامه ورأسه فلم يكن مصابا إلا بكدمات على ذراعه اليمنى.




ترقبوا الحلقة المقبلة...


القاصة الصغيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-09, 05:36 PM   #9

القاصة الصغيرة

قاصة و نـاقدة أدبية في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية القاصة الصغيرة

? العضوٌ??? » 83256
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 825
?  نُقآطِيْ » القاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond repute
افتراضي الحلقة السابعة: وجه يلاحقني



عندما وصلنا إلى القلعة تركنا (جيك) لنرتاح فسرت بجانب (قاسم) بهدوء على السلالم إلى أن وصلنا إلى مفترق الممر فقلت: أشكرك على إنقاذك لحياتي.

ابتسم ابتسامة دافئة وتأكد من الضمادة مثبتة على جبهتي ثم ذهب باتجاه حجرته، كان (كليفورد) ينتظرني أمام حجرتي فطلبت منه كوبا من الحليب الساخن.

دخلت حجرتي وسرت بمحاذاة المرآة لأنظر إلى وجهي،تساءلت إن كنت قد أخطأت في حق الجميع ، وبفكرة سارحة شعرت بأن كلماته الجارحة قد طعنتني في الصميم، هل حفرت لنفسي حفرة سحيقة عندما شعرت بالخوف من سراب العشق الذي تجرعته ككأس مسموم؟، لابد من أن أفكاري قد نفذت وإحساسي قد أخطأ وعيناي غشتهما غشاوة من الرماد، حبست أنفاسي عندما تحولت حدقتا عيني إلى اللون الرمادي فتراجعت إلى الخلف لتعود إلى اللون البني مع صوت (كليفورد) الذي قال حاملا صينية فضية عليها كوب الحليب: أترغبين بشيء آخر آنستي؟..هل أنت بخير؟..

أمسكت جبهتي لابد من أن هذا بفعل الصدمة، الضمادة أو المسكن يسببان لي الهلوسة: شكرا لك ضع الصينية على الطاولة.

وجدت الصندوق الخشبي الذي أعطاني إياه جدي ملقى على الأرض فرفعته ونظرت إلى (كليفورد) قائلة: هل قمتم بتنظيف الحجرة اليوم؟

قال (كليفورد) بعد أن وضع الصينية على الطاولة: نعم آنستي وذلك فور خروجك مع السادة..، المعذرة..،هل أخدمك بشيء آخر؟

حركت رأسي نفيا وشكرته مرة أخرى فانصرف وأغلق الباب خلفه، رفعت كوب الحليب إلى شفتي لأتجرعه دُفعة واحدة، فتحت حقيبة الأدوية الصغيرة وابتلعت حبة منوم ثم بدلت ثيابي وألقيت بنفسي على السرير لأندس تحت الأغطية وأُغمض عيناي بقوة.



ابتعدوا.. إنه قادم نحوكم..

انظري إلينا نلتقي من جديد..

النافذة مفتوحة والهواء يدفع بالستائر نحو السرير ،بينما وقفت أمامي بعينيها الرماديتين وشعرها الأسود الطويل يتطاير مع الهواء أمام وجهها الأبيض، احتجت لجزء من الثانية لأستطيع فتح فمي لأتكلم ولكنني تراجعت عن ذلك عندما شاهدت الثقب الدموي في جبهتها،كانت تقترب ببطء نحوي والنوافذ تضرب الحائط بقوة.

(نداء)..(نداء).

.لا بأس لابد من أنك تحلمين..

فتحت عيناي لأجد (قاسم) واقفا و(كليفورد) يتجه نحو النافذة ليغلقها قائلا: إنه المطر..لقد فتحت الرياح النافذة.
قلت محاولة تدارك نفسي: كم الساعة الآن؟

قال (قاسم) بعد أن انحنى ليرفع الصندوق الخشبي: إنها العاشرة مساء..مازال الوقت مبكرا فلننزل لتناول طعام العشاء، إن (جيك) بالأسفل ينتظرنا.



غسلت وجهي ونظرت إلى الأمام كانت المرآة تعكس ملامحي المتعبة بينما شاهدت بعيني عقلي الممر وعيناي الرماديتين ومن ثم المرأة ، وفي كل المشاهد تكررت حادثة الصندوق، لست أعلم ياجدي ماالذي تريده مني بالضبط ولكن القلعة تريدني أن أرى شيئا ما، الأسرار تحيط بشبكتها العنكبوتية تحركاتي التائهة.

ارتديث ثوبي الأزرق ورفعت شعري البني إلى الخلف كذيل الحصان المرهق،ثم ارتديت حذائي الخفيف، وقفت عند الصندوق وتأملته، قلبته في يدي فلم أرى شيئا غير مألوف، فتحته فلم أجد المفتاح،لابد من أنه قد وقع عندما وقع الصندوق، انحنيت لأنظر تحت السرير وتحت الطاولة، رفعت جزء من السجادة فلم أجده...



إنها العاشرة مساء..

وقفت غاضبة ونزلت السلالم لأجد (كليفورد) واقفا عند بوابة كبيرة كقوس جبصي منقوش ،ابتسم في وجهي رغم ملامحي الغاضبة، فخففت من انفعالي فقال: السيدان بانتظارك في قاعة الطعام.

دخلت القاعة وذهني مركز على (قاسم) فتجاهلت (جيك) الذي وقف ليبعد الكرسي لأجلس،بكل ما أوتيت من قلة الأدب وقفت أمام (قاسم) وربعت ذراعي:أين هو؟

كان (قاسم) يشرب كأسا من العصير فتابع الشرب وكأني أكلم نفسي مما زاد من عصبيتي، لا ليس الآن هو الوقت المناسب لاستفزازي فأعدت سؤالي بتوضيح أكبر: أين هو المفتاح؟..،أنت من رفع الصندوق من على الأرض فأين هو المفتاح؟!

فلم يجبني عندها استشطت غضبا ودفعت بيده الممسكة بالكأس فسقطت على الأرض ،عندها وقف وأمسك بيدي بحزم وقال:فتاة مدللة.

ثم جذبني إلى نحو الحديقة الخارجية عندها استدركت نفسي وضبطت تصرفاتي، أحيانا يصل بي الإنفعال إلى حد الجنون الذي أفقد به التحكم بنفسي، فأرخيت نظري إلى الأرض ولم أجرؤ على النظر في وجهه،فقال بهدوء: عن أي مفتاح تتحدثين؟

قلت وأنا أبتعد عنه لأنظر إلى البحيرة: إن الصندوق الذي أعطاني إياه جدي يحتوي على مفتاح قديم ذو مقبض ثلاثي الحلقات، لقد بحثت عنه فلم أجده.

قال محاولا التفكير في شيء ما: هل أنت متأكدة من أنك قد بحثت عنه جيدا؟ متى رأيته آخر مرة؟

قلت وأنا أسترجع خطواتي: عندما وصلنا ... قبل أن أخلد إلى النوم.

قال (قاسم) متجها نحو قاعة الطعام مرة أخرى: لابأس سأكلف (كليفورد) بالبحث عنه.



كانت المياه لاتبدو واضحة في هذه الظلمة، تلمست أوراق الأزهار وتتبعت اللبلاب المتسلق نحو نافذة حجرتي،رفعت ناظري إلى الأعلى لأجدها واقفة هناك تنظر إلى البحيرة بثبات، ركضت بسرعة إلى الداخل وأنا أصرخ كالمجنونة: إنها في حجرتي..، أسرعا..

وقف (قاسم) و(جيك) ليتبعاني وأنا أركض على السلالم لأصل إلى حجرتي وبأنفاس متقطعة قلت: لن تفلت مني هذه المرة.

دخلت الحجرة فوجدت (كليفورد) واقفا في منتصفها، رفع يده الممسكة بالمفتاح قائلا: لقد وجدته على الأرض قرب المنضدة.

وجهت نظري إلى المنضدة والأرض ثم إلى النافذة، لابد من أنني على حافة الجنون،ربما لحبة المنوم آثارا جانبية: (كليفورد) هل كنت بمفردك تبحث عن المفتاح؟، ألم تكن هنالك امرأة شابة عند النافذة؟

لوهلة شعرت به يرتعد ولكنه قال بوقاره الإنجليزي: نعم كنت بمفردي آنستي.

أمسك (قاسم) بيدي وسار (جيك) إلى جواري قائلا: لابد من أنك جائعة.

دخلنا قاعة الطعام ووضعوني على أحد المقاعد المنجدة بقماش مخملي عاجي اللون،وقدما لي كوبا من العصير، عندما قل توتري تأملت القاعة الجميلة التي تجاهلتها طوال الساعة الماضية، لقد كانت قاعة راقية كبقية أرجاء القلعة، الأرض الرخامية والسقف العالي ،الحائط بلوحاته الفنية الفريدة وهناك وجدتني أحدق وجها لوجه بتلك العينان الرماديتين.
شحب وجهي وركزت أمامي، وضعت الخادمة طبق الحساء أمامي والذي كان لذيذا بالمناسبة ولم أعرف من ماذا يتكون، قلت بهدوء دون أن أبدل اتجاه عيني:لابد من أنني أهذي، لأنها تحدق في وجهي الآن.

قال (قاسم) وكأنني مجنونة لم تتناول دواءها أوطفلة بدأت تلعب بطيش: إن الشيء الوحيد الذي يحدق في وجهك هي اللوحة أمامك.

ابتسمت عندما شاهدت الإطار المذهب للوحة الكبيرة، استدار (جيك) نحو اللوحة وقال بأسى عميق: إنها السيدة (إميلي بورلي).

قلت محركة ملعقتي في الهواء: لايهمني من تكون، فهي تترصدني وتظهر في أحلامي،وتقف أمام نافذتي.

قاطعني (قاسم) قائلا بتوتر: ماذا؟..، متى حدث كل هذا؟..،لماذا لم تخبريني؟

عندها رفع (جيك) حدة صوته قائلا: لايمكن أن يحصل هذا فالسيدة توفيت منذ خمس سنوات.




ترقبوا الحلقة المقبلة...


القاصة الصغيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-09, 05:38 PM   #10

القاصة الصغيرة

قاصة و نـاقدة أدبية في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية القاصة الصغيرة

? العضوٌ??? » 83256
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 825
?  نُقآطِيْ » القاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond reputeالقاصة الصغيرة has a reputation beyond repute
افتراضي الحلقة الثامنة: إميلي بورلي



قلت محاولة التماسك: لاتخبرني أنها توفيت مقتولة؟!

قال (جيك) مندهشا: كيف عرفت ذلك؟

هززت رأسي كالمحمومة ووضعت ملعقتي جانبا فقال (قاسم): وهل وجدتم القاتل؟

قال (جيك) محركا رأسه نافيا: لا لم نعرف القاتل حتى يومنا هذا..

أعاد رأسه إلى الوراء ثم قال: إنني أذكر تلك الأيام التي قضيتها في هذه القلعة الحزينة، كان السير (رالف بورلي) مالك القلعة رجلا عجوزا حزينا وحيدا تحيط به جدران القلعة التي توارثتها أجيال وأجيال من عائلته النبيلة، كانت السنوات تمضي لتزداد وحدته برحيل الزوجة والأبناء افتقد للإنسانية والروح المرحة التي تدخل السعادة إلى قلبه، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي أصيب به بسكتة قلبية وطلب منه الطبيب أن يخلد إلى الراحة، ولكن أي راحة تلك التي سيقضيها بين جدران القلعة.



كان جالسا يحدق بحديقته التي لايستطيع الخروج إليها بسبب الهواء البارد عندما سمع صوت الضحكات تملأ الأفق أدار رأسه العجوز ليجدها واقفة وبيدها حقيبة جلدية كبيرة، بدت رائعة بشعرها الأسود الطويل وعيناها الرماديتان تشعان ببريق من الأمل لم يرى تلك الروح الجميلة تتكرر بعد طلاقه من زوجته أم أبنائه، لم يكن يحسب أن الله سينعم عليه بالسعادة أخرى، كانت تلك هي ممرضته (إميلي كراين) التي أعادت إلى القلعة المسكونة بجراح الماضي روحا سعيدة متجددة فوجدت بذلك الإبتسامة طريقها إلى السير (رالف) الذي تحسن تحسنا ملحوظا ويقف لمجابهة الحياة من جديد بزواجه من (إميلي)، اعترض الأبناء على ذلك الزواج وأجبروها على توقيع أوراق تتنازل فيها عن حقها الشرعي بالميراث وإنجاب الأولاد، لم يكن السير (رالف) يعرف شيئا عن تلك المخططات الظالمة،كانت إميلي شابة في الثانية والثلاثين من عمرها وجدت أخيرا من يمنحها الحب والإطمئنان فأرادت أن تضحي بكل شيء مقابل تلك اللحظات السعيدة.



إنه يحبها أكثر من نفسه وبريشته أخذ يخط معالم وجهها ،وجهها الجميل الذي بات كامنا في قلبه، ينير دربه بسعادة ، إنه يحبها بجنون كما تحبه، تزوجها رغم الفارق الكبير بينهما في السن، اعترض أبناؤه رافضين احتلالها لمكان والدتهم التي طلقها قبل سنين، وما أدراهم به هو العجوز الوحيد القاطن في قلعته الكبيرة، لقد تزوجوا وليتركوه وشأنه، إن حبيبة القلب مسافرة لزيارة أهلها وستعود الليلة، نعم ستعود بعد غياب يومين وكأنها سنتين، آه .. لقد نفذ اللون الرمادي الجميل لون عينيها البراقتين ، تحرك ليمسك عكازه ويذهب لإحضار أنبوب ألوان جديد ، ولكن كان عليه أن يسير عبر غرفتها ليشتم رائحة عطرها العالقة في الجو، دخل الغرفة ليصدم بتلك الفاجعة، زوجته وحبيبة قلبه مقتولة برصاصة في وسط جبهتها وحقائبها مبعثرة وهنالك مياه أمام النافذة بسبب أمطار ليلة البارحة.



كان (جيك) واقفا أمام اللوحة الكبيرة فمسح إطارها بيده واستدار نحونا مرة أخرى بعينين دامعتين وخرج من القاعة إلى الحديقة الخارجية، عندها دخل (كليفورد) مع الخادمة ليرتبوا المائدة فخرجت أنا و(قاسم) إلى الحديقة الخارجية لنجد (جيك) واقفا أمام البحيرة فلما سمع خطواتنا قال: لقد كانت تلك الليلة الماطرة هي آخر لحظات حياتها.
نظرنا إلى السماء المظلمة المتلبدة بالغيوم ثم رحل (جيك) وذهبنا بصمت كل منا إلى حجرته.



أغلقت باب الحجرة ببطء مترددة وسرت نحو النافذة، لقد كانت هنالك بقعة من مياه المطر التي أفسدت السجادة، أحكمت إغلاق النافذة هذه المرة وبدلت ثيابي فتحت الصندوق الخشبي وأخذت المفتاح لأضعه في سلسلة ذهبية لأرتديها حول عنقي هذه المرة فليسقط الصندوق كما يشاء، سمعت صوتا بالخارج ففتحت الباب لأنظر إلى الممر عندها فوجئت بـ(قاسم) واقفا أمامي وبيده لحاف و وسادة: ماالذي تفعله هنا؟

قال بعد أن وضع اللحاف والوسادة على الأرض: ألا ترين؟! سأنام هنا الليلة.

ثم ألقى بنفسه على الأرض وأغمض عينيه تاركا إياي في حيرة من أمري، دخلت حجرتي تاركة الباب مفتوحا جزئيا ثم صعدت على السرير وأسدلت الستائر من على أعمدته ولففت نفسي بالبطانية السميكة ثم اندسست تحت الأغطية والوسادات، لم أنم مثل تلك الليلة أبدا في حياتي.




انتظروا الحلقة القادمة..


القاصة الصغيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:30 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.