شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   9 ـ قلب في المحيط -آن هامبسون ( كتابه /كاملة بالروابط)** (https://www.rewity.com/forum/t6336.html)

ورده قايين 28-01-08 11:25 PM

9 ـ قلب في المحيط -آن هامبسون ( كتابه /كاملة بالروابط)**
 
ا
https://up.3dlat.com/uploads/13609148512.gif

اخترت لكم هذه الرواية والتي اتمنى ان تنال على اعجابكم
وهي من روايات عبير القديمة
قلب في المحيط
آن هامبسون
ع – ق – عدد الصفحات 158
قلب في المحيط
https://www.crezeman.com/vb/img/img_1418148664_149.gif
الملخص
كانت ويندي براون فتاة جميلة , مرحة , وثرية أو هكذا رأها ركاب الباخرة " فايسون " في رحلتهم الطويلة عبر المحيط الا ان قلبا أخر يخفق في صدرها , قلب لا يتخيله اولئك الركاب السعداء
الذين يبحثون عن مغامرات بين امواج المحيط الهائلة , كان يصطخب بسر رهيب أقسمت الا تبوح به لأحد مهما كانت الظروف لكن القدر يخبئ مفاجأته في احلك الليالي والرجل المدعو غارث ريفرز جاء يقرع باب ذلك القلب اليائس ,فهل تفتح ويندي ؟ هل تقول نعم ؟ ام تحاول الفرار حاملة سرها في قلب محطم ؟وهل هناك شعاع في آخر النفق ؟

https://www.crezeman.com/vb/img/img_1418148664_149.gif

روابط التحميل
وورد
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي
pdf
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي
txt
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي


ورده قايين 28-01-08 11:27 PM


الضربة القاضية

جلست ويندي معتدلة فوق الكرسي ،يداها الباردتان كالثلج تشبثتا بذراعيه وهي لا تكاد تعي الوجه القائم أمامها بعينين تنطقان شفقة وحاجبين كثيفين رماديين يضفيان على الرجل مظهرا شرسا0 كانت واعية للسحب الصيفية الضخمة المحملة بالمطر ،تراها من خلال النافذة وتحجب الشمس كما كانت منتبهه لتكات الساعة البطيئة الثقيلة0 أجل التكتكه البطيئة000 وفجأة حولت تفكيرها عنها كما يسحب الإنسان نفسه من أغلال حلم مفزع يؤرقه ويدفعه إلى الاستيقاظ ،لكن برغم الحلم المفزع تكون هناك زفرت ارتياح عند الاستيقاظ وقالت بصوت يعلو قليلا علن الهمس:

" دكتور هويتيكر لم تخبرني بعد برأي الأخصائي0 لقد رفض هو نفسه أن يكشف لي عن الحقيقة قائلا إنه سيكون من الأفضل أن يحدثني طبيبي الخاص وأنا موجودة هنا منذ نحو خمس دقائق0
واختلست نظر إلى ساعتها ثم أستطرد ت تقول:
" نعم خمس دقائق بالضبط اذ ان موعدي كان الساعة الثالثة"
وبداء الطبيب كما لو كان يبتلع شيئا يسبب آلاما كبيرا في حلقة ثم استهل كلامه بقوله:
- عزيزتي أنا أعرفك منذ مدة طويلة"
ردت قائلة:
- منذ 20 عاما فأنت من جاء بي الى هذا العالم"
ومرة أخرى غص حلقة لكن صوته بدأ حاسما وهو يقول:
- إنه ورم في المخ يا وندي ولا يرى الأخصائي أي امل على الإطلاق"
وبسرعة حول وجهه عنها وأدركت بدون أدنى شك أن الدموع تترقرق في هاتين العينين الزرقاوين الطيبتين حينما استدار مرة أخرى ليواجهها0
قالت وندي وقد شابت صوتها نبرة أسى واضحة:
- لا أمل ؟ أدركت ذلك بالطبع من التعبير الذي ارتسم على وجهه الأخصائي0
- آراد أن يجري الجراحة لكنه أدرك أنها لن تجدي ،وقد شعر بخيبة أمل عميقة بسبب عجزه0
قالت وهي تبحث عن الدموع في الوقت الذي استدار الطبيب ليواجهها:
- كم تبقى لي من العمر يا دكتور هويتيكر؟
- 4 أشهر أو ربما أكثر قليلا0
وحدقت في عينيه بعينيها الواسعتين البنفسجيتين حيث تزاحمت التساؤلات والاحتجاجات عبر المكتب الفخم المغطى بالجلد والواقع بينها وبين رجل كان عبر السنين صديقا لها فضلا عن كونه طبيبها0
ورده قايين
- أيعني00 إنه يمكنني التأكد من أنني سأعيش 4 أشهر ،4 أشهر000 نحن الآن في ديسمبر كانون الأول0
إذا لن ترى إطلاقا صيف آخر او خريفا, وهو الفصل الذي تحبه أو آي شيئا آخر بعد هذا الشتاء0 لن ترى عيد ميلاد آخر لها على الإطلاق0
- أجل يا وندي هذا ما يعنيه0
وظلت صامتة وهي تدرك أنها صارت شاحبة لون بشرتها يتغير دائما حينما يغلبها التأثر العاطفي أصبحا أبيض وناعمة مثل المرمر كما يحدث لها في أوقات الانفعال0
وأخيرا مدت يديها وهي تقول:
- ماذا يفعل إنسان محكوما عليه بالموت في بحر 4 أشهر؟
ربما يأتي الموت الآن أتمنى من كل قلبي أن يحدث الآن؟
صدرت الصرخة من أعماق أعماقها و كانت صادقة أنها لا ترغب العيش في زنزانة الموت طوال الأشهر 4 المقبلة وتجاهل الطبيب بقية ما قالته وهو يكرر قولها:
- ماذا يفعل الإنسان؟ أية نصيحة ينبغي أن أقدمها إليك؟
كانت عيناه مبللة بالدموع أما فمه بشفتيه الممتلئتين المزمومتين غالبا فكان متوترا غير مستقر, وكانت شفتاها ترتعشان ودقات قلبها أسرع وأثقل من المعتاد وارخت قبضة يديها على ذراعي الكرسي ووضعتهما فوق المكتب وهي تضمهما الواحدة الى الأخرى تم ذكرته قائلة:
- إنك تقدم لي دائما النصيحه الصحيحة ودائما تكون حاضرا عندما احتاج إلى التوجيه 0
لم تعرف ويندي أباها على الإطلاق لأنه توفي قبل أن تبلغ من العمر عامها الأول أما أمها فتوفيت منذ عام وفكرت:
- إننا أسرة لا تعيش طويلا000
راودتها هذه الفكرة وهي تحاول أن تتذكر متى بدأت نوبات الصداع تنتابها في البداية ظنت أن هذه النوبات نتيجة اجهاد في النظر لأنها تقرأ كثيرا وتعيش وحدها0 لكن هذه النوبات كان يصاحبها الشعور بالرغبة في النوم وأخيرا استشارت الطبيب ومن بعده الأخصائي0 الذين كانا وجهه متجهما وعيناه غارقتين في التفكير وهو يقول:
- اذهبي وقابلي طبيبك في مثل هذا الوقت من الغد سيكون قد سمع رأيي0
- لكن00
ورفع يده ليسكتها بينما كانت تستعد لتوجيه مزيد من الأسئلة إليه وقال:
- طبيبك يعرفك منذ سنوات وهو الرجل المناسب للتحدث معك حول هذا0
- أهو شيء خطير جدا؟
بهذا السؤال قاطعته وندي لكنه أوقفها بحسم0
ونهضت ويندي واقفة لكن بغير اتزان وبعد لحظة وجدت نفسها خارج الباب أكيدة أنها أصبحت في قبضة خوف مريع أخرجها سعال0 د هويتكير الهادئ من تلك الذكرى المفجعة وأعادها إلى الحاضر والسؤال الذي وجهته0 وهو سؤال كانت تعرف إنه يفكر فيه والآن لديه الجواب وافتعلت ابتسامة وهي تسأل بعينيها:
- نعم يا دكتور هويتكير؟هل فكرت في شيء أفعله؟
اوما برأسه وبدا أسعد قليلا رغم أن الظلال كانت لا تزال تحوم في عينيه ،وتكشف عن مشاعره الداخلية وأسفه العميق ثم قال:
- أول رحلة حول العالم للباخرة " اس اس "فايسون" تبدأ في أوائل كانون الثاني يناير0
واختلست ويندي النظر إليه وهي تقول:
- أتقترح أن أشترك فيها اأستطيع تحمل شيء كهذا0؟
ولهثت ثم أضافت:
- إن كل مدخراتي حوالي 200 جنية0
- وال 000بيت00000!
كم كانت هذه الكلمة صعبة وأدركت أنه يتساءل كيف تشعر الآن وسألت:
-البيت أتعني أن ابيعه0؟
أو ما بالإيجاب00 وفكرت00 أية نهاية مزعجة لا تحتمل 0بيتها البيت الذي تركته لها أمها كان كل ممتلكاتها وهو بحالة جيدة والأثاث أيضا مازال في حالة جيدة معظم اثاثه فيه من نوع جيد وبعضه قديم ونادر0
وقال الدكتور هويتكر برقة:
- سيدر عليك أكثر مما تحتاجين يا عزيزتي أعني ما يكفي للرحلة كي تحصلي على مستوى عال مريح خلالها وسيتوفر لديك أيضا ما يكفي لثيابك والأموال التي تحتاجين لرحلة تستغرق 3 أشهر0
وتجهمت وذكرها بصوته الرقيق نفسه إنه ليس هناك شخص عزيز لديها ترغب في أن تترك له ممتلكاتها هزت رأسها موافقة فليس لها أحد من أقاربها عدا ابن عم من بعيد إذا لماذا لا تأخذ بنصيحة الطبيب؟
ورده قايين
وقفت ويندي تنظر إلى جانب الباخرة الخضراء وهي تتحرك ببطء بعيدا عن رصيف الميناء في "ساوثهامبتن" هل ستعود يوما؟ لم يبقي لها الآن إلا 3 أشهر فقط أو أكثر قليلا البيت اشتراه أول شخص اقبل لرؤيته 0
وأعقبت ذلك مكالمة تليفونية لمكتب البواخر حجزت لها غرفة فخمة خاصة لشخصين كانا صاحبها ألغى الحجز في آخر لحظة ثم بدأت بسرعة في شراء ثياب وأخذ اللقاح المضاد للحمى الصفراء والكولير0 وبينما كانت تقوم بكل هذا كانا يحضر إلى البيت كل من يرغب في شراء الأثاث وغيره من الأشياء التي أرادت بيعها 0لم يكن لديها وقت للتفكير ومع ذلك فورا كله هذا العناء كانا هناك شبح الموت الأسود0 نهاية كل شيء 0ثم أدارت المفتاح لآخر مرة في قفل الباب وهي تخرج منه في ذلك الصباح تاركة الدكتور هويتكر ليواصل بيع ما تبقى كان على استعداد ليفعل كل شيء من أجلها وإذا حدث وعادت فإنها ستدخل إحدى دور التمريض حسبما يكون الطبيب قد أعد لها الترتيبات من قبل0
وقررت ألا تفكر طوال 3 أشهر من الآن واختلست نظرة فرأت جميع وجوه ألاشخاص الذين يشتركون في رحلة العمر فرحة 0 هذان الزوجان المسنان هل ظلا يوفران طول عمرهما من أجل هذه الرحلة وذلك الرجل هناك من المحتمل أن يكون من عمال رصف الطرق أو البنائين في الأشغال العامة تلك المرأة ربما تكون نجمة سينما وهي غنية بالتأكيد كما هو واضح من المجوهرات التي تتزين بها والمعطف المصنوع من الفراء الثمين ذلك الرجل هناك ربما فرنسي والآخر الذي يتوقف على بعد قليل منها قد يكون أحد رجال الأعمال البارزين وهذان اللذان يقف الآن بجوار حاجز الباخرة أحدهما طويل وأسمر جذبتها وسامته عندما لاحظت بالنظر إلى جانب وجه ملامح كلاسيكية حاسمة واضحة0 الأنف المعقوف والذقن البارز0 والخدان عميقتان0 والبشرة نحاسية0 وأدار رأسه ونظر إليها بلامبالاة ثم استدار مرة أخرى ليتحدث مع صديقه وألقت ويندي نظرت أخرى على الميناء التي بدأت تبتعد ثم نزلت إلى حجرتها الفاخرة في جناح الأثرياء حيث لها حجرة خارجية بحمام مريحة بكل معنى الكلمة0
" ورده قايين "
حالما أصبحت وندي في حجرتها وقفت قرب خزانة الملابس0 وتركزت عيناها على المرآة ومع ذلك لم تريا شيئا إذ فجأة اعترتها نوبة من نوبات مرضها وشعرت بأنها تغوص في أعماق الأسى وتهبط في هاوية سحيقة كل ما فيها ظلام وما كان فيها من آمل ذاب وطغى عليها شعور برغبة عارمة في أن تصرخ احتجاجا والتوسل من آجل ألعون0
واستلقت على السرير و اغمضت عينيها لماذا اشتركت في هذه الرحلة لماذا لم ترى أن الحياة ليست إلا عذابا خالصا واهية تعيش بين أناسا سعداء يضحكون ويسبحون ويرقصون ويقومون بتلك الرحلات الغريبة التي تنظمها شركة أمريكان اكسبرس 0 للركاب فترسو السفينة في الموانئ المعينة ساعات معدودة أو أياما!
ومع ذلك فبعد الراحة والحمام انتعشت تماما وخرجت تتناول الشاي بعد الظهر في حجرة الملكة وهي جناح لطيف تم تنجيد اثاثه باللون البرتقالي تنتثر فيه المزروعات مما يضفي مزيدا من الألوان المفرحة إليه وقدم إليها الشاي والكعك الطازج المصنوع بالكريمة مضيف يبتسم ويرتدي بنطلونا اسود ومعطف أبيض وبما أنها أحضرت كتابها جلست تستمتع بأول وجبة لها في الباخرة0 ولم تكن قد فتحت الكتاب إلا قليلا عندما خطر لها أن تختلس نظرة إلى رجلين يدخلان 000انهما اللذان رأتهما فوق سطح السفينة خلال الأبحار ونظر اليها الرجل الطويل الوسيم نظرت اللامبالاة نفسها التي ألقاها عليها من قبل لكن الرجل الآخر الذي كان يرتدي ملابس أنيقة كصاحبه ولم يكن طويلا ولا وسيم مثله بدت عليه الدهشة الشديدة عندما التقت عيناه بعيني وندي وتبودلت كلمات بين الرجلين بعدها اختلس الرجل الأطول نظرة في الاتجاه الذي تجلس فيه وبدا أنهما يتحدثان بشأنها وأحمر وجهها رغما عنها وفجأة هاجمها شعور الوحدة المطلقة الذي يضع حاجزا بين المسافر الوحيد وبين المسافرين في صحبة أصدقاء ومرة أخرى سألت ويندي نفسها لماذا جاءت إلى تلك الرحلة فقد أصبح التظاهر بأنها سعيدة فوق طاقة احتمالها0

ورده قايين 28-01-08 11:29 PM

وانصتت إلى صوتيهما وهما يواصلان سيرهما إنه صوت ينم عن أن صاحبيه من المثقفين لكن أحدهما كان صوته أعلى من الآخر وبدون سبب على الإطلاق قررته وندي أن صاحب الصوت الأكثر خفوتا هو الرجل الأطول وبعد لحظة أو اثنتين كانت تسمع الصوتين مرة أخرى وقد أصبحا الآن قريبين جدا منها0 وأدركت أن الرجلين يجلسان أمام مائدة خلفها بينما ظهر الأريكة المرتفع والمنجد يشكل ستارة ويوفر عزلة كافية لمن يجلس على جانبيها0
- أنا متأكد أنها هي ياغارث انها لينيز مافارو 00 ذلك الوجه الفاتن وهاتان العينان البنفسجيتان الكبيرتان وذلك الأنف المرفوع ,وذلك الفم الدقيق إنني أعرفها في أي مكان0
- كنت أعتقد أن لينيز شقراء؟
- أحيانا تكون شقراء ودائما تكون كذلك في أفلامها لكنها إذا كانت ستسافر بشخصية مجهولة فإن أول شيء تفعله هو أن تخفي لون شعرها 0
- ولماذا تريد أن تخفي نفسها؟
- ألم تسمع عن أدوارها الغريبة ؟
وجاء رد ساخر ينم عن ازدراء:
- الشيء الوحيد الذي اعرفه عنها هو أنها عثرت على عاشق جديد0
وعقبت ذلك ضحكة شعرت ويندي أنها صادرة من الرجل الأصغر حجما0
لا شك أنها تحب أن تزهو بتصرفاتها اللاخلاقية لكنها لديها تلك الميزة الخاصة التي تقودها إلى القيام بدور الفتاة البريئه الصغيرة وحينئذ تقوم برحلة بحرية وهي تخفي شخصيتيها وتطلق على نفسها اسما يناسب الدور الذي تقوم به0 ربما يكون ماري أو ماندي ذلك الاسم الذي يربط المرء بينه وبين الفتاة الصغيرة الخجولة التي لم يقبلها أحد على الإطلاق0
" ورده قايين"
- يالها من شخصية غريبة !لم أسمع بمثل هذه الغرابة لكنني لا أهتم كثيرا بمن هم على شاكلتها0 فأنا لم أشاهد أي فيلم لها على الإطلاق كما تعلم0
- اعرف شخصا عمل معها في فيلم وهو الذي أخبرني بتصرفاتها الغريبة ومنها أنها في الفترة بين تصوير الأفلام يحتمل أن تنتحي بعيدا منتحلة شخصية أخرى كا الآن0
صبت ويندي الشاي لنفسها ووضعت السكر فيه وأخذت تحركه وهي شارده وجدت نفسها مأخوذة بحديث الرجلين ,وكانت قد سمعت كذلك كل بالشائعات التي تقول انه لينيز مافارو نجمة السينما ذات الشهرة العالمية لديها عادة الترحال تحت اسم مستعار مخفية أيضا شعرها اللاتيني ألأشقر تحت شعر مستعارا أسود لكن ما لم تكن قد سمعته وندي هو أن تلك النجمة تمتلك تلك الصفة الغريبة الرغبة في الظهور بمظهر الفتاة البريئة وتساءلت عن التفسير الذي يقدمه علماء النفس إذا طلبت منهم أن يذكروا سبب هذه الرغبة وبينما كانت وندي ترتشف الشاي سمعت تغيرا في الموضوع وعلمت أن أحد الرجلين شريك في شركة لوكلاء العقارات في لندن 0أما الآخر فلم يذكر شيئا عن مهنة وقد تحدث قليلا وكانا أكثر تحفظا من صديقه وقد نم صوته عن الضيق في بعض الأحيان كادت تراه وهو يرفع يدا واهنه ليمنع التثاؤب ثم تحدث صديق مرة أخرى لكن ويندي أخفقت في التقاط كلماته اعتقدت أنها سمعته يذكر شيئا مثل : الآن آلي أن تكون قادرا على الاحتفاظ بالسر) لكنها لم تكن متأكدة ابتسمت في سخرية بسبب اهتمامها بحديث الرجلين وطالبت نفسها بأن تعني بشؤونها الخاصة ومع ذلك ولسبب مبهم واصلت التفكير في أطول الرجلين وهي مندهشه الأن عقلها أنشغل بأفكار عن رجل لم تقابله, إطلاقا مجهول الشخصية حتى هذه اللحظة وخيل إليها أن أطول الرجلين يحاول أن يحتفظ بسر ما 0
كادت أن تفرغ من تناول الشاي عندما أرشد المضيف شابا إلى المائدة المجاورة لها والتقت عيناه بعينيها وابتسم وردت وندي بابتسامة مماثلة ثم التقطت كتابها وبعد 20 دقيقة فرغت من شرب الشاي ونهضت وفي نيتها استكشاف جزء من السفينة لكنها ما كادت تغادر الغرفة حتى شعرت بلمسة خفيفة على كتفها واستدارت لترى الشاب يمسك بكتابها ويبتسم قائلا :
- تركت كتابك على المقعد0
وانتقلت عيناه اللتان تعبران عن التقدير من تقاطيع وجهها إلى شعرها الأسود الجميل ثم عادتا الى وجهها مرة أخرى0 فردت قائلة :
- شكرا لك نسيته تماما0
ومرت لحظة صمت بدا فيها الرجل كأنه لم يقرر أعطاها الكتاب أو إذا كان عليه أن يمضي أو يبقي00 وأخيرا غامر بسؤالها :
-هل أنت بمفردك؟
أومات وهي تقول:
- نعم أنا وحدي0
ونظرت إليه بسرعة ولاحظت الوجه الواضح القسمات والعينين اللتين تحدقان مباشرة في عينيها والفم الذي يبدو إنه أصغر وأكثر رقة وعاطفية من ان يكون لرجل 00وبعد فترة ترددا أخرى قال:
- أنا مثلك بمفردي ايضايقك لو رافقتك الى سطح الباخرة؟
- لا ابدا 0
وحيرها ردها السريع على طلبه لكن عندما أدركت أنها لا تشعر بالاستياء إزاء اقتحام خلوتها توصلت إلى الاستنتاج أنها في عقلها الباطن ترغب في صحبة أي شخص 0وسمعته يقول :
- حسنا إذا 0
وسار صامتا بضع لحظات قبل أن يستأنف حديثة:
هل انت مثلي تخلت عنك صديقة كانت سترافقك؟
- لا قررت القيام بالرحلة البحرية من 3 أسابيع0
- فقط 3 أسابيع00؟ وتمكنت من العثور على غرفة؟
أوضحت قائلة:
: الغى بعضهم حجزة 0
وصلا إلى حاجز الباخرة فتوقفت وسألته :
- قلت أنك كنت قادما مع صديق؟
- أجل حجز في العام الفائت كما فعلت أنا بالطبع, لكن بمرور الأشهر ظل يلمح الي إنه لا يستطيع تحمل نفقات الرحلة وأخيرا قرر بصفة نهائية عدم الاشتراك فيها واسترد ماله هو وأنا الآن أقيم في غرفة فخمة خاصة0
- أنا كذلك الغرفة لشخصين فهمت أن زوجين مسنين كانا يحجزانها أصلا 0
- ربما يكون أحدهما مات 0
قالها مازحا دون تفكير ثم أضاف:
هل تعرفين أنهم في كل رحلة تقريبا من الرحلات التي تستغرق هذه المدة يلقى شخص ما حتفه ويدفن في البحر؟ يمكنك أن تفهمي ذلك لأنه مثل هذه الرحلة باهظة التكاليف إلى درجة أن عددا كبيرا من المشتركين فيها من المتقاعدين المسنين الذين جمعوا تلك التكاليف على مدى سنوات طويلة وإذا أخذنا في الاعتبار عدد الأشخاص الموجودين في الباخرة ترين إنه من الممكن أن يلقى شخص أو أكثر حتفه في جميع الاحتمالات0

وتوقف عن الكلام وتجهم وجهه بعض الشيء 00ثم قال:
- إنك شاحبة هل انت على ما يرام؟
اومأت برأسها ولم تنطق بكلمة ,جف حلقها حتى ازدردت لعابها وأخيرا قالت:
- هل اشتركت في رحلة بحرية لاقى فيها الناس حتفهم؟
- أجل مرات عدة00 كنت في إحداها في عيد الميلاد الفائت, ولم تكن مدتها تتجاوز 3 أسابيع, لكن اشترك فيها أكثر من 4000 شخص وقد توفي 2 منهم كانا عجوزين كذلك لقي طبيب الباخرة حتفة وقد دفنوا جميعا في البحر, إنهم يفعلون ذلك أثناء الليل حينما يكون باقي المسافرين نياما0
أثناء الليل في الظلام حتى لا يصاب باقي المسافرين بما ينغص عليهم سعادتهم, يلقون في البحر! يستقرون في الأعماق, في الظلام الدامس, وحدهم في المحيط الواسع 0لكن ماذا يهم فعندما يكون الإنسان قد مات ؟
وحاولت أن تبتسم وهي تقول :
- ارغب في العودة إلى غرفتي0
وبدى عليه الاكتئاب قليلا وقال:
-هل ضايقتك بكلامي الكئيب؟ إنني آسف للغاية0
كان اعتذاره نابعا من شعور حقيقي وبدأ الأسف العميق على وجهه وهو يقول :
- كم أنا غبي0
ولو عرف الحقيقة لا أدرك إنه أكثر من غبي0
وردت قائلة:
- لا تفكر في الأمر 0

وكانت ابتسامتها إسهل هذه المرة, قررت ألا تعود إلى غرفتها حيث لا تفعل شيئا0 سوى التفكير في ما قاله وبالتالي تصبح ضحية معاناة مميتة 0 ودون أن تأسف لأنها تكذب مضت تقول:
- هذا لم يضايقني على الإطلاق0
ونظر في وجهها الجميل قائلا:
- كانا علي أن أتوقع هذا ففي الثامنة عشرة والتاسعة عشرة لا يفكر المرء في أمور مثل الموت00 وتوقف لحظة عن الكلام ثم قال:
- إلى أي مدى كنت قريبا من الحقيقة ؟
أراد أن يعرف عمرها وارتسمت أمائر الفرح على وجهه أجابته:
- أنا في 20 من عمري0
- عمر رائع0
قالت :
لكنك لا تبدو أكبر كثيرا؟
- 26سنة ونصف بالضبط0
- هل قمت برحلات كثيرة ؟
- إلى حد ما عادة اشتغل عامل حفر عامين أو نحو ذلك, ثم اقوم برحلة إلى مكان ما0
- لابد أنك ارهقت نفسك بالعمل لتقوم برحلة كهذه0
واعترف قائلا :
- ورثت شيئا0 نصحني ابي ان استثمر الميراث وقالت أمي إنه ينبغي لي أن أساعد شقيقتي لشراء بيت لها فقد تزوجت حديثا وأنفقت هي وزوجها أكثر مما ينبغي, تماما كما يفعل معظم الأزواج الشبان هذه الايام , ومع ذلك فإنني حالما قرأت الإعلان عن هذه الرحلة البحرية قررت النصيحة الطيبة لن تجدي لمن كان من شاكلتي يريد رؤية العالم, وهذه الرحلة تحقق الكثير لدرجة أنني لم أستطع مقاومة الاشتراك فيها0
" ورده قايين "
وأومأت ويندي شاردة مدركة أنه يود أن يعرف سبب اشتراكها في الرحلة0 وبعد لحظة سكون قالت:
- اشتركت في هذه الرحلة لأن طبيبي نصحني بذلك0
واتسع حدقتاه واتسمت كلام بنبرة الشك:
- هل كنت مريضه؟ تبدين لي موفور ة الصحة0
ابتسمت قائلة:
- شكر جزيلا لك, أجل كنت مريضة 0
- حسنا فهذه الرحلة ستفيدك بلا شك0
وتجولت عيناه الأفق0 السحب بدأت تتجمع وتحجم الشمس في بعض الأماكن بعد فترة قال مستفسرا:
- في أية صالة تتناولين طعامك؟ أنا أتناولها في " بريتانيا "0
- في "مطعم الملكة"0
ردت عليه بهذه الكلمات فرأت الكآبة ترتسم على وجهه ثم قال :
- إنه مطعم النخبة أما أنا ففي أرخص مطاعم سفينة 0
ولم تقل ويندي شيئا إذ وجدت نفسها في أرقى الأجنحة لسبب بسيط هو أن الحجز ألغي وكما هي الحال بالنسبة إلى بواخر كثيرة ففي فايسون درجة واحدة فقط 0 و3 مطاعم يتم فيها حجز مقاعد وفقا للثمن المدفوع عن كل جناح0
وسأل الشاب :
- هل يمكن أن أراك بعد العشاء ؟
ابتسمت ويندي وهي تشعر كل الغرابة في أنها تحسنت معنويا فلن تتجول في أنحاء السفينة وحدها ردت قائلة:
- يكون شيئا لطيفا0
وقدم الشاب نفسه في الحال باسم شو ستيسي 0
وقالت ويندي:
- اسمي ويندي 00 ويندي براون0
ضحك قائلا :
-أسم حلو و بريء 0
اكتفت بالابتسام ولكن فيما بعد وهما يتجولآن معا في أنحاء الباخرة لمحاولة اكتشاف كل شيء وجدت ويندي نفسها تضحك في أكثر من ثلاث مناسبات وشكرته في سرها لروح الدعابة التي أبداها خاصة أنها منذ أكثر من 3 أسابيع لم تظهر الضحكة على شفتيها0
كانت الثوب الذي ارتدته للعشاء تلك الليلة من المخمل الأخضر الناعم له خصرا مرتفعا وينسدل برشاقة على قوامها الجميل وضعت في شعرها نجمة صغيرها رقيقة مصنوعة من اللآلئ المنمنمات وهي قطعة حلي قديمة ورثتها من جدتها الكبرى كانت زينتها الوحيدة الأخرى سوار ذهب عادي مع ذلك عندما دخلت المطعم تحولت عيون كثيرة اتجاهها لتتابعها تتقدم نحو مائدتها بإرشاد أحد المضيفين0 كانت المائدة لاربعه أشخاص جلست عليها بالفعل سيدة أخرى متوسطة العمر ابتسامتها جاهزة تكشف عن صفا بارز من الأسنان وأرادت أن تتقرب من وندي0 بعدما غادر المضيف المكان مباشرة 0سألت:
- أنت وحدك يا عزيزتي, اسمي مارجي سترومبرنغ الجنسية أمريكية 0
وفكرت ويندي وهي تضحك ضحكة مفاجئة إنه لا حاجة لأن تخبرها بذلك , وأجابتها 00 أنها وحدها واسمها وندي براون وهزت السيدة رأسها كما لو كانت تشير بذلك إلى موافقة فيها على الاسم 0
ثم سألت ويندي :
- من أي جزء من الولايات المتحدة جئت؟
- كونكتيكت يا عزيزتي زوجي كان يزرع التبغ لكنه مات خسارة لأنهم كانا سيستمتع برحلة مثلها هذه آه ها هما رفيقانا0
" ورده قاييـــن "
ورسمت السيدة ابتسامة جاهزة أخرى بينما جلسا رجلان أمام ويندي فكانت أيضا تعتزم الابتسام لكنها شعرت بالخجل لسبب مبهم تلاشت كل الأحاديث التي تجاذبتها مع مسز ستروميرنغ على الفور لأنه هذين الرجلين كانا الذين رأتهما فوق ظهر السفينة, ثم مرة أخرى في وغرفة الملكة لدى تناول الشاي0 وتمت عملية التعارف بين الجميع ووجدت ويندي عينيها تنجذبان نحو وجه غارث ريفرز الوسيم الذي كان يتفحصها بلامبالاة ,لكن صديقه حدق فيها بدقة وارتسمت تقطيبة بين عينيه وغمغم بينه وبين نفسه:
- ويندي براون 0
ثم غمز بآغرب نظرة إلى صديقه:
وقدم الطعام على ضوء الشموع ووسط كؤوس الشراب, وقامت بالخدمة موظفون لطيفون يبدو أنهم يستمتعون بعملهم كل المتعة كيف سيكون حالهم بعد 3 أشهر؟ فكرت ويندي وربما قبل هذه المدة بفترة طويلة سيشعرون بالملل والإرهاق من كل هذا السعي بين الموائد لخدمة رفاق اثرياء وأسعد حظا يستمتعون بمباهج الحياة أكثر منهم 0
اتسم الحديث بالرسميات إلى حد ما في البدايه ورأت ويندي أن غارث ريفرز هو السبب في ذلك وبالتأكيد ليس لمارجي سترومبرغ علاقة بهذا لأنها تثرثر طوال الوقت تقريبا0 أما فريزر الرجل الذي بدأ كأنه عاجزا عن تحويل عينيه عن وجه ويندي لحظة واحدة, فقط كان ذلق اللسان إلى حد ما, أما ويندي وغارث فقد قنعا بالإنصات وليس لدى اي منهما ميل لأن يفعل أكثر من الاهتمام برقة بالطعام الذي يوضع امامهما وعندما انتهت الوجبة تبادل الجميع تحية المساء ووجدت ويندي نفسها تغادر المطعم مع مارجي واندفعت السيدة الأمريكية في الحديث قائله :
- ياله من ثوب رائع يزيد من جمالك إنك نحيلة أما أنا فإنني أحب الطعام كثيرا وهذا ضعف فضييع ياعزيزتي, لا تسمحي لنفسك أنت تصلي الى هذا الحد أبد0 إنك تبدين في 22 من عمرك والمرأة لا يبدأ وزنها بالزيادة إلا عندما يتجاوز 40 الأربعون عندها فكرت ويندي في مرور الوقت بقسوة منذ علمت بمصيرها وتسألت حول ما سوف تقول السيدة الأمريكية لو أخبرتها بأنها لن تصل أبد الى الحادية والعشرين فما بالك بال 40 0
و ضلت السيدة تثرثر وكأنت ستظل هكذا لو لم تعتذر ويندي لتنسحب قائلة أن لديها موعد عليها إن تفي به0
- هل وجدت صديقا بالصدفة؟
وترددت ويندي لحظة لكنها قالت:
- أجل في الواقع وجدت صديقا0
وبعدما تبادلت تحية المساء سارت ويندي عبر سطح السفينة حتى وقفت في جوار الحاجز اللحظات عدة 0
فلن تقابل شو قبل أربع ساعات تقريبا0
وظهر شخصا آخر لكنه كان في هذه اللحظة في الظلام لذلك لم ترا يندي إلا ما يشبه طيفة0 ولم تكن لتخطئ طوله ومشية فعرفت من هو حتى قبل أن يظهر وجهه لها وهو يعبر خلال شعاع ينساب من نافذة مفتوحة لأحد الأندية الليلية0 إنه غارث في ريفرز أحد الرجلين الذين سيشاركانها هي والسيدة الأخرى المائدة بقية الرحلة وتجهمت ويند وهي تشعر بالاستياء لأنها ستعاني من صحبته عندما أصبحت واثقه أنها ستبدأ في الملل من حتى قبل أن ينقضي اسبوع واحد فقد كان جافا ورسمي للغاية0 ومتحفظا في كلامه إلى أقصى حد0 وظل وجهه النحيل الوسيم لا يبتسم مهما كانت المناقشة الدائرة حوله والواقع إنه بدأ متبرما بالفعل, تساءلت عمآ سيكون حاله عندما تصل الباخرة مرة أخرى في ساوثهامبن في بداية نيسان أبريل وراقبته وهو يتجه نحو الجانب الباخرة على بعد أقدام قليلة من المكان الذي وقفت فيه ورأته يتكئ على الحاجز0 وقف ساكنا كما لو كان تمثالا0 يحملق في الليل الحالك 0
وكانت ويندي على وشك أن تتحرك مبتعدة عندما رأت شو يقترب في خطوة رشيقة سريعة, وقال عندما وصل إلى جوارها:
- جئت مبكرة كنت أنوي السير على طول السطح لبضع دقائق0 وبدون تردد أضاف ذراعه إلى ذراعها وسار بها نحو النادي الليلي وبينما كانا يمران بجوار الرجل الطويل الواقف قرب الحاجز ادار الأخير رأسه والتقت عيناه السوداوان بعيني ويندي , ولمحت طيف ابتسامة على شفتيه ورأت أن تعبيره يدل على الاستخفاف المختلط بالسرور ورفعت رأسها ولمعت عيناها 00ماالذي يشعره بالسرور؟ كانت تسأل نفسها وهي تدخل النادي الليلي مع رفيقها, فلو نظر إليها هكذا مرة أخرى لما ترددت في أن تسأله00
" وردة قاييـن "

ورده قايين 28-01-08 11:32 PM

2- نجمة بلا بريق


الباخرة "فايسون" تتجه نحو نيويورك ,أول ميناء ترسوا فيه أثناء رحلتها بعد 3 أيام في البحر0 أدركت وندي أن شو أصبح مرتبطا بها فعلا أكثر مما هو يجب ,وصممت ألا تتسبب له في أي اذى, لذلك واجهتها مهمة صعبة أن تبعده عنها قبل أن يصبح متعلقا أكثر رغم أنها أحبته لكنها لن تشجعه ليس في هذه الأحوال فأذا كانت ستدفن في البحر فأنها لا تريد أن تترك وراءها شابا جريح القلب0
أذهلتها أفكارها في ذلك الوقت وهي تنظر إلى الموقف بمثل هذه الطريقة الموضوعية الحذرة ,كما لو كان ذلك ليس موقفها بل موقف شخص آخر وبما أنها كانت ستقابل شو بعد دقائق قليلة اتخذت طريقها إلى حمام السباحة حيث تقابلا في اليوم السابق في الساعة نفسها وتناولا القهوة معا على أحد المناضد المصطفه حول الحمام وكأن هو هناك بالفعل وأكد وجهة شكوكها,اذ اضاءت عيناه الواضحتان حالما رأها تقترب وكانت ابتسامته طبيعية تلقائية0
- رائعة 0
هتف من دون إن يهمه إذا كان الآخرون سمعوه ثم أضاف:
- اللون الأخضر يلائمك تماما 0
ابتسمت وشكرته لإطراءه وهي تدرك أنها تبدو جذابة بصفة خاصة في السروال القصير ورداء الشاطئ المنسجم الألوان, القته علي كتفيها جزافا لكن بطريقة مغرية, وسألت:
- هل ستسبح هذا الصباح 0
أخبرها إنه كان في حمام السباحة بالفعل وقال بعدما طلب القهوة :
- كنت أفكر أننا يمكن أن نلعب لعبة "حلقة الرمي" على سطح السفينة هذا الصباح وإذا كان يناسبك نذهب معا إلى المطعم الذي يقدم مأكولات باردة في جناح "مشروبات المحيط" ويعني هذا أننا لن نضطر إلى الافتراق لتناول الغداء00
حبس أنفاسه في انتظار ردها وهو متشوق تبدو عليه لهفة الشباب0
وعبست في داخلها وهي تشعر بالغضب من نفسها لأنها سمحت بقضاء كل وقتها بهذا الشكل فقد ضلا معا 3 أيام بأكملها00 3 أيام تحدثا خلالها وضحكا معا وسبحا ورقصا وتناولا المشروبات في "مطعم المسرح" وشاهدا أحد الأفلام واستكشفا الباخرة وقضيا وقت مريحا في الكازينو 3 أيام مشحونة بالعواطف0 والآن! نظرت إليه وقالت :
- شو00 لدي شئ سيخيب آمالك لا أستطيع أن أقضي وقتي كله معك بهذا الشكل أريد أن أكون وحدي أحيانا 00
وارتسمت الكآبة على وجهه وأحست بأسف عميق إذا كان لطيفا إلى درجة لا يجب معها عدم إيذاء شعوره مع ذلك لو سمحت باستمرار الأمر لوقعت في حبه بعد وقت قصير مما يعني إنه سيتعذب عذابا أليما بعدئذ وغمغم قائلا:
- أحيانا 0
وكأنه يقدم تنازلا, أضاف:
- فليكن لا أريد أن أحتكرك تماما لكن0 00وسكت عندما ظهر المضيف يحمل القهوة ويضعها أمامهما ثم واصل كلامه قائلا بجدية وهو ينظر في عينيها مباشرة :
-إنني أميل إليك يا وندي أميل إليك كثير في الواقع0
وتنهدت لأن تلك النظرة كانت تحمل كل آماله والتقطت فنجانها وبدأت ترتشف القهوة وبصعوبة بالغة سلمت بالواقع لكنها قالت في حزم :
لا يمكن أن نكون أكثر من رفاقي يا شو0 أشار بيديه قائلا:
- لكنك غير مرتبطة بأحد كما أخبرتني0
وفي نبرة فتور تعمدت أن يكتسب بها صوتها ردت قائلة:
- ولا انوي أرتبط بأحد, لأنني ميالة للوحدة 0
وأردف بحدة :لا00 لا 00أعتقد أن فتاة مثلك يمكن أن تكون كذلك -ويندي- يجب أن تكون صديقتي العزيزة جدا 0
ثم مد إحدى يديه إليها عبر المائدة متوسلا0
" ورده قايين "
و اومأت برأسها فهي لم تتسبب طول حياتها في إيذاء أحد كما تؤذي هذا الشاب , مع ذلك عليها أن تفعل, يجب ألا يتعلق بها قلبه إلى هذا الحد ,قالت:
- أرى الأفضل لنا ألا نلتقي على هذا النحو أو نخرج معا كما كنا نفعل فكما قلت أني مياله إلى الوحدة, أرجوك لا تقاطعني إنني أشعر بسعادة أكبر وأنا هكذا0
وهنا حدقت فيه مباشرة وهي تقول:
- أنت نفسك ستكون أسعد حالا0
ومرة أخرى منعته من مقاطعتها وهي تواصل كلامها:
- إنني أعرف ما أتحدث عنه كذلك ستعرف أنت أيضا يوما ما0
- أن لا أفهم 00
هكذا بدأ حديثه عندما قاطعته قائلة وصوتها يفقد نبرة الفتور متسما بنبرة رقيقة:
- ستفهم وستفهممني0
وانفجر قائلا:
- اشرحي لي , لا حاجة بك إلى هذه الطريقة الغامضة في الكلام 0وأطل الغضب من عينيه لكنها لا يمكن أن تتخذ موقف الهجوم فإن غضبه نابع من شعوره بالإيذاء , ومرة أخرى تحدثت بنبرة ناعمة رقيقة :
- التفسير الوحيد الذي اقدمه أنني أفضل أن أكون وحدي0
كانت تلك كذبة فهي لا ترغب أن تكون وحدها خلال الرحلة وحدها على مدى الأسابيع القليلة الباقية من حياتها0 قال والمرارة تقطر من صوته:
- فهمت وينبغي لي أن أقبل قرارك لكنني أريد أن اخبرك بصدق أنني كنت آمل في أن نصبح أكثر من صديقين0
وقالت وهي تبتلع غصة أصابت حلقها:
- أنت لم تعرفني منذ مدة طويلة ولا تعرف أي نوع من الأشخاص أنا 0
هز رأسه ثم نظر في عينيها البنفسجيتين الجميلتين وقال:
- أعرف أي نوع من الأشخاص انت أعرف أيضا أنه كان ممكنا أن تكوني الفتاة الملائمة لي 0
وانتظر وكان واضحا إنه يتوقع ردا منها ربما راوده الأمل في أن تغير رأيها 0وعندما امتنعت عن الكلام قال مرة أخرى:
- يجب أن أتقبل قرارك 0 وتوقف لحظة وهو يلهو بالملعقة ثم استطرد:
- الا يمكن أن نتقابل بين حين وآخر؟ ونذهب للرقص أو لمشاهدة فيلم0
وفي الحال هزت رأسها وهي تقول :
- أنا آسفة هذا لن يجدي على الإطلاق 0
وخفت صوتها عندما لمحت الرجل الذي يوشك أن يغطس في حوض السباحة ,غارث ريفيز الرجل الذي يجلس أمامها أوقات تناول الطعام 0عرفت شيئا أو شيئين عنه في الأيام القليلة الماضية بعضها لم يعجبها على الإطلاق منها إنه كان يبدي الفتور والسخرية عندما يدور الحديث حول النساء وبينما كان صديقه ثرثارا كان هو متحفظ0 بدا فريزر مستعدا لتقديم بعض المعلومات عن نفسه كان غارث متحفظ تماما إنه اعزب يراوح عمره0 كما قدرت وندي بين الثلاثينات والخامسة والثلاثين0 ودائما يحيط نفسه بجوا من الغطرسة والتعالي وجدت ويندي أن هذا غير محتمل0 وكي تنسى كانت تغوص في حديث مع مارجي سترومبرغ 0 وعندما كانا يحدث هذا , كانت لدهشتها تلاحظ تجهما في بعض الأحيان على وجه غارث ريفيرز المتعالي 0ويكون هذا التجهم واضحا للغاية إلى درجة لا يمكنها أن تخطئه للحظة كان يبدو متبرما إلى أقصى حد0 بالسيدتين الموجودتين على مائده ويعتبر حديثهم تافها0 يدل على الغباء0 كل شيء تافه0 كل تعليق بدون هدف ومن جانبها كانت ويندي تود لو أنه طلب تغيير مكانه لكن ما رجي سلبت لبها نظراته الرقيقه ومظهر الأستقراطيه الذي يحيط به نفسه0
وذات ليلة وهي خارجه من المطعم مع مارجي بادرت الأخيرة بقولها :
- ألسنا سعيدتي الحظ بوجوده على مائدتنا ؟ ألا تلاحظين ان الأناث ينظرون إليه نظرات ولهة 0 لكنه محصن تماما ضد مناوراتهن, اراهن أنك أنت وأنا محسودتان من كل سيدة في هذا المطعم0
وهزت ويندي كتفيها ولم تقل شيئا فهي لا تحب ذلك الرجل إلى حد كبير لذلك رأت أن طريق الدبلوماسية أنسب الطرق0
وقطع شو سلسلة أفكار ويندي حين قال :
- لا أعرف لماذا أنت واثقه إلى هذا الحد من إن الأمر لن يجدي؟ يمكننا بالتأكيد أن نكون متألفين معا 0
- متألفين, أجل 0
ردت ويندي بالموافقة وعيناها لا تزالان تتابعان غارث الذي أصبح الآن يسبح بقوة0
ثم أضافت:
- لكن ينبغي أن لا نكون متاحبين0
ونظر إليها شو باستغراب وفتح فمه ليقول شيئا لكنه أغلقه ثانية وارخى كتفيه مستسلما, ثم غير الموضوع , لكن ويندي لم تدرك مما قاله شيئا اذ إن اهتمامها كله كانا مركزا على غارث ريفيرز الذي نظر إلى أعلى فجأة فباغتها وشعرت أن وجهها أحمر خجلا وارتفع حاجباه قليلا قبل أن ينشف الماء ويتقدم نحو الطرف الأقصى من الحوض0
واعادت ويندي اهتمامها إلى شو محاولة أن تنصت إلى ما يقول لكنها -للغرابة- كانت مشغولة البال وارتاحت عندما استأذن شو بالانصراف بعدما انتهى من تناول القهوته0 وتركها جالسة هناك وحدها 0سكبت لنفسها فنجان آخر من القهوة وتركت الرداء ينزلق عنها واستلقت تتمتع بأشعة الشمس الدافئة0
" "
كانا شيئا لطيفا أن تراقب الناس في الحوض وشعرت بالاسترخاء التام0 ومع ذلك أدركت بحدسها أنها سجينة, وأنها قريبا جدا ستتطلع إلى رفاق لإنقاذها من التفكير المستمر في الظلام الذي ينتظرها ,وقررت أن تختار لها صديقة ومع ذلك فأنها في هذه اللحظة قانعه بأن تحيا في الفراغ الذي لا يوجد فيه مكان للماضي ولا للمستقبل هذه اللحظة هي هذه اللحظة وعليها أن تعيشها0
ومن حين لآخر كانت عيناها تلمحأن غارث الوسيم وتصبح عاجزة عن تحويلهما عنه 0 خرج من الماء وجلس على حافة الحوض بضع لحظات ثم امسك منشفة كان واضحا أنه أحضرها معه واستلقى على كرسي وبدأ يجفف نفسه ثم ألقى نظرة حوله فرأى ويندي وحدها ولدهشتها اقترب من المائدة التي كانت تجلس إليها وتساءل:
- وحدك تماما؟
وعندما أو مأت بالإيجاب سأل مرة أخرى:
- آيضايقك أن أجلس معك0
- لا على الإطلاق 0
ردت ويندي بذلك وهي تحاول أن تبدو اجتماعية بينما تحاول أن تكبت مشاعر الضيق التي انتابتها لاقتحامه خلوتها, وبعدما طلب القهوة وقال:
- ما الذي حدث لصديقك كان السؤال عرضيا واعتقدت أنه يتسم بالسخرية أيضا0
- شو؟ ذهب إلى مكان ما 0
وظهرت تقطيبة خفيفة على جبهتيه ثم قال:
- كنت أتصور أن الموضوع يتخذ صفة الجدية0
مرة أخرى ظهرت لهجة السخرية التي يتسم بها حديثه وحيرها أن يعاملها هكذا فقد أظهر موقفه الاحتقار الخفيف من اللحظة الأولى للقائهما حول مائدة العشاء0 ليلة أبحرت الباخرة0 وبدأ كأنه يعلم شيئا عنها لا يعجبه أما موقف فريزر فكانا مختلف عن موقف تماما لكنه محير بالقدر نفسه فهو أيضا كأنما لديه بعض المعلومات عنها لكنه تقبل الأمر وصمم على أن يعاملها بطريقة ودية رغم ذلك0
داخليا هزت و يندي كتفيها بلامبالاة0 لاتهم الطريقة التي يعاملانها بها ومع ذلك ,نظرت إلى رفيقها ورأت جانب وجهه بعدما استدار لسماعه ضحكة آتية من ناحية الحوض 0كم هو وسيم ومن غير المعقول ألا يكون وقع في شباك الزواج حتى الآن كان ينظر بطريقة تنم عن الاستغراق في التفكير إلى فتاة شقراء رائعة ترتدي أقصر ثياب البحر وتجلس برشاقة واسترخاء على حافة حوض السباحة ,وتربت برفق على شعرها بمنشفة ذات الوان بهيجه وبينما كانت ويندي تراقبه رأت وجهه يتغير, وابتسامة خفيفة تلمس شفتيه وتذكرت أنها رأت غارث يرقص مع هذه الفتاة ويلعب أيضا معها بعض اللعب على سطح الباخرة 0ووصلت قهوته ووضع السكر في فنجانه لكنه كان شارد الذهن ورفعه إلى فمه 0 توقف وانتبه إلى نظرة ويندي المحدقة فيه وادار رأسه والتقت عيناه بعينيها ,لسبب مبهم تصاعد الدم إلى وجهها 0 واسدلت رموشها الطويلة الحريرية , وبدأ كما لو كان يصدر صوتا بفمه لكنه صوت مكتوم0
تحركت بقلق وهي تشعر كأنها تلهث في مواجهة تلك النظرة الفاحصة المتعمقة وكأن هذا غريبا , وأدركت أنها رغم شعورها بالسعادة منذ لحظات قليلة بأن تبقي وحدها فترة من الوقت فقد شعرت الآن بنوع غريب مبهم من السعادة لإنه يجلس هناك على الجانب الآخر من المائدة 0
ورده قايين
وتحركت عيناه القاتمتآن لتتفحصا ثنيات عنقها الجميل, ثم تلك الثنيات الحلوه أسفلها , وتغير لون وجهها ولدهشتها مزقت رعشة خفيفة الجمود البارد على وجهه ومرت لحظة قبل أن يفتر ثغرة عن ابتسامة مترددة , ورأت عينيه تتسعان, وأدركت إنه يحاول جاهدا إخفاء اهتمامه بها وأخيرا قال:
- لم تأتي وأنت مستعدة للسباحة , لكنني أنصحكي بغطسه ما رأيك ؟
وتضاعفت دهشتها من هذه الدعوة وقالت متلعثمه:
- أتعني00 أن أذهب وأغير ملابسي؟
وانفجرت الرعشة البادية على وجهه في ضحكه أجاب بعدها قائلا :
- إنه شيء واضح0
تحولت نظرته إليها الآن إلى نوعا من التقدير السافر ثم اضاف:
- لا يمكن أن تغطسي للسباحة وانت هكذا0
وبعد ربع ساعة كانت في حوض السباحة وغارث يسبح قر بها وعندما خرجا بعد مدة وجلسا على حافة الحوض يتجففآن هتفت قائلة:
- كم كان الحمام رائعة أشكرك على النصيحه 0
وبلهجة رقيقة مهذبة تتسم بالفرح قال :
- إنها متعة لي ينبغي أن نكررها مرة أخرى0
وأسرعت دقات قلب ويندي بشكل أذهلها وألقت نظرة خاطفة حولها وكلها أمل ألا يلحظ غارث ارتباكها وفي تلك اللحظة ظهر فر يزر وسأل هل يمكنه أن يجلس, وكما يحدث دائما حينما تكون موجودة 0أبدى نوعا غريبا من الاهتمام بها , وحدق لحظة خاطفة في وجهها وعينيها وركز على شعرها وقطب جبينه كأنما يحيره شي بشأنها يحاول أن يسبر غوره0 وكالعادة عبر اهتمامه المدروس بسرعة وبدا يثرثر بالطريقة التي أصبحت الآن مألوفة لديها, وفكرت كم من الغريب سرعة تعارف الناس في رحلة بحرية كهذه, يرجع هذا بالطبع إلى الصلة المستمرة مع أولئك الذين يجد المرء نفسه بينهم, أما نتيجة المصادفة كما يحدث عند المشاركة في مائدة واحدة, أو بالاختيار, كما يحدث الذين يختارهم المرء أصدقاء وبعد 3 أيام فقط شعرت ويندي كما لو كانت تعرف هذين الرجلين منذ اسابيع اذ من البداية استخدمت أسماءهم الأولى على المائدة0
كان فريزر يتحدث إلى غارث بينما ويندي تجلس في مقعدها سعيدة بالإنصات تركزت عيناها على تلك اليد الممدودة بتكاسل فوق المنضدة يد غارث الطويلة النحيلة يمكن أن يكون صاحب هذه اليد عازف بيانو أو فنانا هكذا فكرت لكنه بالطبع مجرد تخمين وعلي مدى الدقائق القليلة التالية ,ولعدة مرات أصبحت ويندي واعية تماما لعيني غارث وهما تتحولان إلى وجهها من آن لآخر- ويتبادلان النظرات -نظرات خاطفة لكنها متكررة 0وسرى في جسدها إحساس بدغدغه غريبة لم تشعر بها من قبل إطلاقا 0
خفت الحديث بين الرجلين عندما جالت ببصرها تحاول اكتشاف مهن الناس, هذا الرجل القوي هناك يمكن أن يكون أحد كبار رجال الأعمال وذلك الطويل البارز العظام من المحتمل أن يكون مدير بنك متقاعد , والزوجان الشابان اللذان يسبحان في الحوض , وهزت ويندي برأسها عجبا من ان يكون في مقدور مثل هذين الشابين أن يتحملا الآلاف العديدة من الجنيهات التي تتكلفها الرحلة البحرية0 إن وجود الأشخاص المسنين فوق الباخرة يمكن تفسيره بطرق عدة فهي تعرف زوجين متقاعدين أنفقا مدخراتهما على رحلة بحرية حول العالم من هذا النوع وقطع صوت غارث السريع الحاد سلسلة أفكارها حينما سأل :
- فيما تفكرين يا ويندي؟
ارتسمت ابتسامة تلقائية على شفتيها وهي ترد قائلة :
- كنت العب لعبة التخمين0
وعندما لاحظت إنه رفع حاجبيه تساؤلا مضت تفسر ما كانت تفعل 0
فقال مضيفا:
- إنك تتسائلين كيف ولماذا يوجد هؤلاء الناس على متن هذه سفينة 0
وأومأت بالإيجاب, ومن دون أن ينتظر الرد استطرد وهو يلقي نظرة حوله بلامبالاة:
- كثيرون يملكون المال والوقت الكافي لقضاء 3 أشهر فوق باخرة للترفيه 0
وتوقف لحظة وحدق مع صديقه فيها بدقة إلى حد أنها بدأت تشعر بشيء من الضيق وبدأ عقلها يناقش السبب في تحديقهما المفاجئ وارادت تحويل اهتمام الرجلين عنها فقالت بلهجة التسليم:
- الواضح أن بعضهم من المتقاعدين في حين أن الآخرين من الأثرياء لكن بعضهم حيرني امره0
أضافت هذا القول من دون تفكير وفي الحال تدخل غارث قائلا وقد ضاقت عيناه :
- اعتقد أنك بنفسك تحيرين البعض , اذ ليس من المعتاد أن تشترك شابات وحيدات في مثل هذه الرحلة الباهظة 0
واحمر وجهها , لكنها امتنعت عن ذكر أية معلومات عن نفسها0 وهذا طبيعي وبعد لحظة قال غارث برقة, بطريقة شعرت أن لها مغزى :
- من المحتمل جدا أن هناك سيدات من نجوم السينما فوق السفينة ربما يقمن بالرحلة تحت أسماء مستعارة 0
وهزت رأسها وتذكرت أول حديث سمعته عفوا بين الرجلين ثم نظرت إلى غارث وقالت:
- أجل هذا ممكن وأتوقع أن يناضلن من آجل الحياة في عزلة لبعض الوقت بعيدا عن الأضواء والدعاية المستمرة التي تحيط بأمثالهم0 أعقب ذلك صمت غريب ثقيل غامض ولسبب مجهول رغم أنها لم تستطع بأي حال أن تفسر مشاعرها أو تفهم لماذا تتأثر بالصمت بمثل هذا العمق شعرت أن الرجلين يثيران فيها الحزن0 وقال غارث بلهجة المقتضبة نفسها:
- ويندي لو كنت نجمة سينما , هل كنت تناظلين من أجل العزلة قليلا؟
ومرة أخرى اومأت برأسها وردت بدون تردد :
- أجل, اعتقد أنني كنت سأفعل ذلك, فالإنسان أولا وقبل كل شيء ينبغي أن يعيش حياته , وغض النظر عن مهنته ألا توافقني ؟
- أجل 00اوافقك0
وظلت عيناه مركزتين على وجهها لمدة طويلة قبل أن يلتفت بعد نظرة سريعة في اتجاه صاحبه ثم نظر حوله بفضول متأفف إلى أولئك المجاورين له وقال :
- الرجل الكبير على يميني هو بولدريك ستافورد رايمان عملاق صناعة الغزل والنسيج0 وأكمل فريزر بجدية سريعة:
- والسيده التي معه هي سكرتيرته0
- والسيدة التي ترتدي البكيني الأزرق اللامع مليونيرة , تقيم في البواخر دائما0
واستدارت ويندي تنظر إليه باستغراب وهي تهتف :
- دائما ! دائما !
- هذا صحيح , مواعيد جميع الحفلات البحرية ترسل إليها فتنتقل من سفينة إلى أخرى , وهناك كثيرون يفعلون هذا 0
واستطرد يبدد نظرة الشك التي تبديها ويندي ويقول مبتسما:
- إنهم الناس الوحيدون في العالم الذين يجدونها الطريقة الفضلى للعيش0 لكن ويندي كانت تهز رأسها إعرابا عن رفض كلامه وأكدت قائلة :
- لا يمكن أن تكون جذابة دائما0 لا بد أنهم يعيشون في وحدة قاتلة ويحاولون الهرب منها0 أنها مأساة0 قالت هذا الكلام بصوت قلق مع نبرة إشفاق , وارتسمت تقطيبة على حاجبين غارث أدت إلى اقترابهما الواحد من الآخر بينما كان ينظر إليها نظرة فاحصة من عينيه اللتين ازدادتا ضيقا 0
- الواضح أنك سريعة التأثر بالانطباعات الخارجية 0
قال هذه الكلمات بنبرة دلت على أن اكتشافه هذه السمة الخاصة أثارت عجبه0 لكن لم يكن لديها ما تقوله ردا 0 وكأن أسلوبه متسما بالسخرية فتصاعد الدم إلى وجهها 0 لماذا يتخذ هو و فريزر هذا الموقف الخاص أزائها 0؟ ما الذي يجدانه مضحك فيها ؟ قالت أنها ستسأل غارث والآن صممت على ذلك حين وجدت نفسها وحدها معه مرة أخرى , فقد كانت تلحظ نظرة مرح في عينيه أحيانا وتشعر بوجود طرافة طول الوقت 0لكنها الآن تستشعر ضيقا إلى حد ما 0
"ورده قايين "
استأذنت بالانصراف وحينما وصلت إلسلم تبعها شو وقال بنبرة اتهام:
- ألم تقولي إنك تفضلين البقاء وحدك؟ ومع ذلك كنت تجلسين مع هذين الاثنين لمدة 20 دقيقة وقبل ذلك كنت مع واحدا منهما 0؟
كان وجهه عابسا وصوته متسما بالاستياء ورثت لحاله وهي تدرك مدى كآبته لكنها رأت أنها لمصلحته يجب أن تتخذ أسلوبا متباعدا فاترا معه وقالت :
- ليس بوسعي عمل شيء لو أتى فبعضهم وجلس معي, إنني لا أحجز طاولة لي وحدي 0
واحمر وجهه ونظر إليها بضع ثوان0 ثم استدار0 وراقبته بأسى يعود إدراجه لقد كانت القطيعة مؤلمة لها لأنها استمتعت تماما بالأيام الثلاث التي كانا فيها معا ولو استمر هذا بقية الرحلة لكان أنسب لها للغاية0
إذ إنها كانت تستمتع برفقة مرحة لا يصبح لديها أدنى متسع من الوقت للتفكير في حالتها اليائسة, ومع ذلك مشاعرها الخاصة يجب إبعادها عن مشاعره هو0 فإن شابا ساحر كهذا ينبغي ألا يعكر حياته شئ يعاني منه وبالتأكيد فإن وفاتها ستصبح مصدر معاناة في حياته لو وقع في حبها 0

ورده قايين 28-01-08 11:34 PM

ومرت الأيام بلا هوادة زارو نيويورك ثم غادروها كذلك كميناء الفردي فالذي وصلوا إليه بعد 8 أيام من إبحار الباخرة وعثر شو على فتاة أخرى مما أسعد ويندي أما غارث ريفرز فكان يقضي معظم وقته مع الفتاة التي رأتها من قبل وهي نيكول رنتون التي أصبحت متعلقة به بلا شك لكن مما لا يزال مثارا للشك أن يظل غارث منجذبا إليها بالقدر نفسه وقد استبعد فريزر هذه الفكرة عندما سألته ويندي عنها بلا سبب وقال ضاحكا :
-غارث يقع في شباك أية في فتاة كلا على الإطلاق إنه أعزب بالفطرة0
كذلك عثرت مارجي على صديق وهو أمريكي توفيت زوجته من 6 سنوات تاركة له فتاتين ينشئهما وأصبحت كلا الفتاتين تعملان الآن وأستأجرتا شقة خاصة لهما تاركين والدهما حرا يستمتع بأول إجازة له من سبع سنوات وأخبر مارجي أنها ستكون حسب رأيه إجازة طيبة تلك الرحلة البحرية 0
أما بالنسبة إلى ويندي فبقيت وحيدة معظم الوقت لذلك وجدت نفسها تتطلع بشوق إلى مواعيد تناول الطعام حيث يصبح حضور رفاق معها شيئا مؤكد0 كانت مارجي مازحة دائما بينما احتفظ فريزر بأسلوبه الودود الثرثار وحتى غارث بدأ كأنه يصبح معقولا تدريجيا ,وقد صدق في كلمته فكانا بجوار حوض السباحة مرة أو مرتين أثناء وجود ويندي هناك وسبحا معا وخرجا وطلبا القهوة, لكن كان هذا كل شيء وظلت طيلة الوقت الباقي وحدها0 وهي تحمل معها كتابا أينما ذهبت, وكثيرا ما كانت النظرات الفضولية تتجه نحوها وهي نظرات بدأت تستاء منها رغم أنها كانت تحدث نفسها بأنها غلطتها هي 0 لم يكن ينبغي لها أن تشتري في الرحلة البحرية منذ البداية فكونها تقضي أيامها الأخيرة على الباخرة في وحدة المطلقة أمر غاية في الغباء00 على أرض بلدها كان يمكن أن تقوم بوظيفتها كالمعتاد حتى النهاية0

وفضلا عن زملائها في العمل فإن لها أصدقائها لكن هذا فات أوانه الآن إلا إذا قررت أن تترك الباخرة في أحد المواني التي ترسو فيها وفي هذه الحالة ستعود إلى إنجلترا حيث لا تملك بيتا تلجأ إليه ولا أموالا تحصل بها على البيت فكل ما تبقى لها بعد دفع نفقات الرحلة البحرية كانت مصاريفها الشخصية ,وفكرت أن تدخل دار التمريض قبل الموعد المحدد0 لكن هذه الفكرة لم تلق قبولا لديها بأية حال0 هتفت مارجي بأسلوبها المؤكد المعتاد:
- نصل إلى كيوروساوا في ساعة مبكرة من صباح الغد !
وسألت ويندي :
- مالذي ستفعلينه ياعزيزتي؟ لم تقومي بجولات في نيويورك وميناء ايفرغليدز 0
-لا لم أكن أعتقد أنها ممتعة إلى هذا الحد0 ثم أنني اوفر مالي لشيئا أفضل0
أضافت هذه العبارة وهي تبتسم وادهشتها أن ينظر إليها الرجلان تلك النظرة السريعة0 وغضا النظر في الحال لكنهما تركاها حائرة للغاية إزاء ما حدث خلال تلك الثواني القليلة0
-هل ستقومين بجولة في الغد0 ؟ لقد زرت كيوراساو من قبل واحب الجزيرة كثيرا في الواقع0
- اعتقد إنني سأقوم بالجولة0
وقال غارث :
-يمكنك أن تقومي بجولة في العاصمة ,ربما تكون ممتعة, لكن لا تنسى أن الصناعة الرئيسية في كيوروساوا هي تكرير البترول0
- لهذا نجد شاهدا على ذلك في جميع أنحاء الجزيرة0
- ليس في جميع ألانحاء لكنك ستجدين الدليل على ذلك بالتأكيد0
وقالت ويندي بلهجة من أتخذ قرارا:
- بهذه الحال سأتجول وحدي لأوفر مالي لجولات أمريكا الجنوبية0
الجولة في كيوروساوا لاتكلف كثيرا0
قال فريزر هذه الكلمات بنبرة من يهون من قدرا الشي, ثم اختلس نظرة إلى غارث الذي لاحظت ويندي أنة زم شفتيه تعبيرا عن الاستخفاف, وتجهمت في حيرة قبل أن تدرك أن الرجلين يمكن أن يعتبرا هذا التردد دليلا على البخل , داخليا شعرت بالضيق من هذه الفكرة لذلك حدجت غارث بنظرة غاضبة لكن بعد فترة وجيزة صارت تفكر إنه لا يهم كثيرا ما يعتقدانه بشأنها0
ورده قايين
وفي الساعة الثامنة من صباح اليوم التالي رست الباخرة في الميناء0وبعد التاسعة بقليل نزلت ويندي الى الجزيرة وبدأت تتجول في شوارعها حيث تسطع أشعة الشمس الاستوائية الحارة ويسودها الطابع المعماري الهولندي ويرجع تاريخه إلى القرن الثامن عشر فمبانيها تتوهج بألوانها البهيجه وكأنها مبان يصفها كتاب قصصي قديم والسبب في ذلك أن أحد حكام الجزيرة يكره التأثير المبهر لأشعة الشمس على المباني البيضاء لذلك أمر بطلاء المنازل بألوان مختلفة 0
وبعدما تجولت ويندي بجوله حول منتزه فيلهميتا قررت الاسترخاء بعض الوقت مع فنجان قهوة وكتابها 0 وجلست في مقهى في فندق كيوروساوا انتر كنتونتننال وهو مبنى فخم تم بناؤه بدقة داخل جدران قلعة ضخمة يرجع تاريخها إلى القرن الثامن عشر عندما دخل ميناء فيلمستاد عاصمة الجزيرة 0وإذا ألقت نظرة خاطفة حولها , لمحت غارث بقامته الطويلة ,وتسارع نبضها وكادت إن تخفض رأسها لولا إنه رآها 0 لذلك اضطرت إلى الرد على التحية عندما رفع يده, وتأرجحت ابتسامة على شفتيها وهي تراقبه يقترب من طاولتها 0 كم هو طويل ووسيم , قطعت خطواته الواسعه المسافة بسرعة أكبر مما يلزمها لتستعيد سيطرتها0
وأخذت تضم يديها ثم ما تعود فتفردهما بطريقة عصبية بعض الشيء رغم أنها لم تستطع أن تتبين سببا لتوترها0 ووقف غارث قربها يلقي نظرة فاحصة ناقدة للقاعه0
- هل يمكن أن أبقى معك ؟
سألها برقة وجلس بدون أن ينتظر الرد , وسرعان ما امتدت ساقاه الطويلتان أمامه واتكئا إلى الخلف على المقعد بتلك الرشاقة الفاتنة التي لاحظتها من قبل ثم سأل:
- هل قمت بجولة لطيفه ؟
- أجل شكرا لك 0
وتوقفت ويندي قبل أن تسأل:
- أين صديقك ؟
ابتسامته المفتعله شقة فمه الصارم وجاء رده التهكمي:
- وجد لنفسه فتاة0
ورفع يدا آمرة فأقبل أحد المضيفين وبعدما طلب ألقهوه استدار نحو ويندي وأخذت عيناه الداكنتان تجوبان وجهها الذي احمر خجلا وظلت على هذه الحال لحظة طويلة بلامبالاة قبل أن يقول:
- أين كنت ؟ تراقبين الجسر الشهير يفتح لمرور السفن كما اتوقع ؟
وردت بضحكة:
- لا00 لم اكن اراقب الجسر بل كنت أتمشى في المنتزه0
- حقا لكنك بالتأكيد تعرفين إن أول شيء يفعله أي زائر لميناء فليمستادا هو أن يقف مشدوها تماما وهو يراقب جسر الملكة إيما إذ يفتح للسفن؟
ولم تقل ويندي شيئا ومضى غارث في حديثه ليخبرها بأن ذلك كان في وقت من الأوقات أحد الجسور التي تجمع عندها ضريبة الأسواق وقال لو كنت ترتدين الحذاء لكان هذا سيكلفك سنتين, أما بالنسبة إلى الحفاة فكان المرور مجانا0
ونظرت ويندي اليه بأهتمام وهي تقول:
- يا لها من فكره غريبة 0
- الفكره الأصلية كانت طيبة0 فالمرء يدفع حسب وضعه الاجتماعي لكن كان هناك بالطبع اناس ذو كبرياء ,يستعيرون أحذية لمجرد أنهم لا يريدون التعرض لمهانة اعتبارهم فقراء من ناحية أخرى هنأك أمريكيون أثرياء يحملون أحذيتهم تحت اذرعهم ويمرون دون أن يدفعوا شيئا وذلك لمجرد المزاح0

وضحكت ويندي ضحكة صافية رائعة أدهشتها واجتذبت اهتمام غارث إلى درجة إنه ظل يركز على فمها الجميل مدة طويلة0 جعلها تحس بالقلق , وكان تعليقه غير المتوقع على الاطلاق
:
- انك فتاة غريبه غريبة جدا في الواقع0
وفكرت إن الوقت مناسب لسؤاله عما يضحكه فيها لكن كل ماقالته هو :
-إنني لا أفهمك0
وارتفع حاجباه قليلا وفي هذا الوضع كان أسلوبه تهكميا لكنه لا يخلو من الرقة والكياسه 0 وقال بدون توقع جواب مرة اخرى:
- اخبريني ألا تعتبرين نفسك غريبة ؟
وتجهمت وهي تشعر بذهول تام من كلماته وسألت:
- هل ابدو غريبة حقا ؟
كانت تريد أن تعرف وهي تسأل نفسها إذا كانت تتصرف بالفعل بسبب ما تنوء به من أفكار , بطريقة غريبة , وقال:
- ظاهريا, لا, لكن 0
وبعد فترة تردد اضاف :
- لكن هذا كله ليس ظاهرا أليس كذلك؟
ومرة أخرى تجهمت لا لأنه عبارته محيرة فقط ولكن لأنه تردد لسبب غامض قبل أن ينطق باسمها وفكرت- لو لم تكن الفكرة مضحكة إنه ربما اعتقد أن هذا ليس اسمها علي الإطلاق!
وقالت :
- إنك تتكلم بالألغاز فلا أستطيع أن أفهم شيئا مما تقول0
والتقت عيناه بعينيها في تحد وقال :
- لا 0 إذا لا تشغلي بالك , سنطرح المسألة جانبا 0
وغير الموضوع قبل أن تتمكن من توجيه سؤال آخر , وأخذ يتحدث كيفما اتفقا على الأماكن الهامة التي ينبغي زيارتها , في أنحاء الجزيرة لكنها كانت لا تزال تفكر في كلماته الغامضة , فلم تشترك في الحديث إلا لماما, وبدا انه تضايق إذ اصبح الجو بينهما ثقيل الوطأة الى درجة أنها عندما تكلمت كانت نبراتها متكلفة , وأخيرا قال:
- حسنا سأذهب, لا تظلي الطريق وبذلك تفوتك الباخرة0
وجلست حيثما كانت و أخذت تراقبه يبتعد , لاحظت طريقته المهيبة في السير, وخطواته الطويلة الرشيقه التي قطعت المسافة بينهما وبين الباب بسرعة ومن دون أن يلتفت ورائه مضى0
ورده قايين
وفجأة أدركت أن الإحساس بالفراغ بدأ يزحف إليها وعضت شفتيها خوفا من وحدة اليوم المقبل, هل تعود إلى السفينة؟ لن تبحر قبل السادسة لذلك لا جدوى من العودة والبقاء فوق سطحها , هل تستأجر سيارة إجرة ؟ أجل يحتمل أن يكون ذلك هو الرد 0 وبما أن غارث دفع حساب القهوة نهضت وغادرت الفندق إلى أقرب موقف لسيارات الأجرة ووجدته خاليا وهو أمر طبيعي إذ فكرت في مئات الأشخاص الذين نزلوا من الباخرة لذلك معقول أن جميع السيارات المتوفرة استؤجرت من فترة طويلة0
وبعدما قررت أن تمشي اتجهت نحو البوندا وهو أقدم جزء في المدينة حيث أخذت تتجول بين المحلات التجارية التي تراوحت بين أماكن صغيرة شبيهة بالأسواق الشرقية ومحلات كبرى على أحدث نظام شهدته , وكانت الأسعار رخيصة حيث ان كيوراساو ميناء حر تقريبا غير إن ويندي لم تشتري شيئا على الإطلاق متسائلة: ما الفائدة وخيم القنوط عليها0 ونتيجة لذلك تثاقلت خطواتها, ما فائدة أي شيء وقطع تساؤلها بحدة صوت بوق سيارة وقفت بجوارها وهي تتأهب لعبور الطريق0
- هل تحبين مرافقتي؟
جاءت الدعوة من غارث الذي جلس أمام عجلة القيادة وأكمل:
استأجرت سيارة للنهار كله 0
وأضاءت عيناها0 لو علم فقط مدى ثقل الهم الذي أزاحه عن قلبها, وقالت بضحكة صغيرة مرحة:
- شكرا لك يا غارث بالطبع أود مرافقتك , إنه كرم زائد منك 0
وكانت تلهث قليلا ونظر إليها بتعبير مندهش ونزل ودار حول السيارة وفتح لها الباب , ثم قال:
- لا حاجة لعبارات الشكر المسرفه , إنني سعيد بهذه الرفقة0
ولأنها كانت تعلم إنه يعني ذلك إنتابتها موجة سريعة من المرح والعرفان بالجميل:
- ينبغي أن أشكرك يا غارث 0
غمغمت بهذه الكلمات في خجل هذه المرة بسبب الطريقة الغريبة التي نظر بها إليها , وأضافت في سرعة عندما لاحظت إنه بدأ يحرك شفتيه استعداد للكلام:
- لا تسأل لماذا ,أرجوك 0
ربما لم تكن تستطيع أن تخبره بأنها هابطة في أعماق إلياس وسابحة في مجاهل الخوف وهي ضائعة ووحيدة تماما, ولا يمكنها أيضا أن تشرح لها أن عرضه جاء كنجمة مضيئة لامعة لتنقذها مؤقتا من تلك الوحدة, ودون ان يتحدث تحدت بدأ يتحرك بها تارك المدينة خلفه في طريقه الى الريف حيث ي عيش القرويون بعيدا عن ألأضواء البراقة وعمن مباني العاصمة0 بعيدا عن معامل تكرير البترول وفنادق السياح0
وأخيرا قطع غارث الصمت المخيم وقال:
- لا داعي للأدعاء بأنها تتمتع بالجو الساحر الغريب مثل بربادوس او سانت توماس ومضى يشرح ان السبب في ذلك هو أن كيوراساو جزيرة صخرية داكنة بعض مناطقها جرداء والمياه واحدة من أكبر مشكلاتها , وأضاف:
- يتم تقطير مياه البحر إلى مياة عذبة لكن هذه العملية باهظة التكاليف إلى حد كبير0 وعلي كل فإن الحكومة واجهت المشكلة وأصبحت المياه العذبة متوفرة الآن لأفقر طبقات الشعب في الجزيرة0
علقت بقولها:
- يبدو أنك تعرف الكثير عنها وعن الجزر الأخرى, هل قمت برحلات كثيرة في الكاريبي ؟
- مضت بضع سنوات منذ أن قمت برحلات0
كان هذا جوابه المقتضب وجذبها شئ في نبرته إلى إلقاء نظرة على يديه اللتين تمسكان المقود بسهولة مهملة 0 لم تفكر في إنه عازف البيانو لأن تلك المهنة لا تتناسب مع مظهره العام ومع ذلك كانت يداه حساستين بأصابعهما الطويلة النحيله وأظافرهما المقصوصة القصيرة جدا0 خمنت إنه رسام لكنها استبعدت هذه الفكرة 0إذا ما هو عمله؟ وفجاة ابتسمت ابتسامة عريضة لنفسها وهي تتعجب , لماذا تتناقش بمثل هذه الطريقة الغريبة حول عمله يحتمل إنه لا علاقة له على الإطلاق بهاتين اليدين الطويلتين الحساستين00
ورده قايين

ورده قايين 28-01-08 11:36 PM


3- سر المهنة

رغم إن ويندي تمتعت بالنهار الذي قضته مع غارث في جزيرة كيورساو اعترفت لنفسها بأنها كانت ستستمتع به أفضل لو أن موقفه أزائها كان أكثر ودا وأقل سخرية ولا تشوبه تلك الاستخفافات المختلطة بالسرور والذي لاحظته من أول لقاء به, وتمنت لو اكتشفت سبب أسلوبه معها وتمنت ايضا لو تعرف لماذا أسلوبه يؤذي مشاعرها , لأنه في الواقع كان يؤذي مشاعرها بطريقة غريبة مبهمة تسربت إليها تدريجا , فكادت لا تلاحظ كيف بدأ ذلك التأثير0 و على أية حال تدرك لمحة إيذاء صغيرة في كل مرة تلقي فيها بملاحظة ساخرة أو يرفع هذين ألحاجبين الداكنين بتلك البهجة الساخرة لشيئ قالته , واصبح لديها الانطباع بأنه يعتبرها من الفتيات اللواتي يتظاهرن بسذاجة ليست فعلا من طبيعتهن 0 ومع وجود هذا الشك في ذهنها وجدت وندي نفسها تمتنع عن التحدث بتلقائية أو التعبير عن الإعجاب بشيء مثير للاهتمام او الأعجاب 0 وفي بعض الأحيان 0عندما كانت تنسى أن تكون حذرة وتعبر عن نفسها بملاحظة بريئة كانت عيناه تنطقان بذلك الاستخفاف الممزوج بالضحك0 وحينئذ تجد نفسها متوردة الوجه خجلا مما يزيد سروره وفي مناسبتين حدث ان أطلقت ضحكة سريعة على سذاجتها ذات مرة عندما عبرت عن إعجابها بمنظر الأكواخ الصغيرة التي كان بعض المواطنين يعيشون فيها0 وهي أكواخ ذات سقوف منخفضة من القش تحيط بها مجموعة غريبة من ألوان الأزهار والأعشاب0 التي تنمو في الحدائق, ادار رأسه لحظة وقال:
- هناك شيء يتعذر فهمه بخصوص فتاة مثلك ياوندي 0
- سمعتك تقول شيئا هكذا من قبل0 كان هذا هو كل ما ردت به رغم أنها ما كانت تنفر من سؤاله ولا تعرف ما يعنيه بهذه العبارات:
وأعرب عن موافقته قائلا :
- أعتقد أنني فعلت 0
ثم رفع أحد يديه ليمنع تثاؤبه,هل بدأ يضجر حقيقة أو إن حركته كانت تستهدف مجرد تضليلها بإنه يعني ذلك فعلا ؟
قالت دون تفكير:
- لو أن هنالك شخصية يتعذر فهمه هو انت 0
وأعقب ذلك صمت مطبق قبل أن يبدده غارث بضحكة0 وقال :
- الواضح أن كلا منا يجد شيئا محيرا مبهما في الآخر0
وأومأت بالموافقة وهي تدرك أنها تشعر بالبهجة لأنه ضحك, فتلك الضحكة غيرته وأدت إلى شيء جذاب للغاية بشأنه, وظلت تفكر لحظة أو اثنتين في هذا التغيير, وقررت كما فعلت من قبل أنه رجلا يصعب فهمه إذ يبدو أحيانا ساخرا فظا وأحيانا أخرى جذابا للغاية0
- اوه 000انظر !
هتفت بذلك ناسية تماما موضوع الحديث بينما أضاءت عيناها وهي تلمح أشجار الصبار العملاقة التي تنمو بوفرة على جانبي الطريق ثم قالت :
- لا بد أن طولها 20 قدما0
هز رأسه قائلا :
- إنه صبار شائك ينمو فعلا إلى نحو هذا الارتفاع 0
وأشار إلى الأشجار العالية في الحقل الواقع على جانبي الطريق 0
وقال:
- أتلاحظين أن اغصانها تمتد بزوايا قائمة على جانب واحد من الجذع0
- آجل0 كم هي غريبة! مالسبب في ذلك ؟
- الأغصان موجودة على الجانب المواجه للريح في الجذع وتتأثر برياح التجارية0
وهزت رأسها قائلة :
- أجل إنني أفهم الآن 0
عبرا منعطف الطريق التالي حيث امتد أمامهما منظر جميل لبيت وسط مزرعة تتألق حدائقها بالألوان الاستوائية وانتزع هذا المنظر شهقة اعجاب من ويندي0 قال غارث موضحا:
- إنها الأشجار المتوجهه وهي تنمو الى ارتفاع نحو 60 قدما 0
واستمرا في طريقهما مرورا بأسوار نبات الجنازي الرائع وأزهار البوجنفيلا والبغلي الجميلة وعديد من الأزهار الأخرى الرائعة التي تنموا بوفرة في هذا الجزء من العالم0
ورده قاييــن
وبعد جولة استغرقت ساعتين رجعا إلى العاصمة وتسلقا تلة ليتناولا طعام الغداء في مطعم قلعة ناسا وحيث جلسا في الشرفة واستمتعا بنسمات الريح الباردة وهما يتناول وجبتهما0
وبعد ذلك واصلا طريقهما الى الجزء الجنوبي الغربي من الجزيرة حيث الشواطئ البديعه في خليج كنيب والمياه الإسبانية, ثم بعد جولة حرة سريعة في المدينة0 قال غارث إن الوقت حان لإعادة السيارة إلى صاحبها , وقبيل الخامسة عادا إلى الباخرة فايسون وشكرت ويندي غارث مرة أخرى, وكان صوتها هادئا ذا نبرة تدل على الإخلاص وعيناها أكثر لمعانا وتجاوبا, وحدق غارث فيها , وبدا كما كان ضحية مشاعر متصارعة ممزقا بين الرغبة في أن يحبها والرغبة الأقوى في إبقائها بعيدة عنه0
ولم تعتقد أنه مال إليها على الإطلاق في الوقت الحالي حتى بعد ان طلب منها مرافقته في جولته في انحاء السفينة 0 فقد قدم العرض فقط لأن صديقه هجره إلى رفقة امرأة أكثر جاذبية فوجد نفسه وحيدا 0
وعادت الى حجرتها لتغيير ملابسها استعدادا للعشاء00
جاءت مارجي تبهر الأبصار في ثوب من اللاميه متعدد الألوان ولسانها يتدفق بالكلام كحالها دائما, كذلك أخذ الرجلان آلي يثرثران , لكن شيئا ما بشأن غارث إقنعها إنه يمارس تهذيبا زائفا , وحيرها أمره فهل يفضل لو كان على طاولة جميعا الجالسين إليها رجال؟
بعد العشاء قامت وندي بجولة في أنحاء الباخرة وحدها لكن لحقت بها مارجي وصديقها دينبي نورتون الذي دعاها إلى مرافقتهما إلى المرقص قائلا:
- عزيزتي, إننا نشعر برغبة في الرقص, هلا جئت معنا, ليس من الصواب أن تظلي لوحدك0
هل كانا يشعران بالشفقة عليها ؟ كرهت الفكره لكنها وافقت على مرافقتهما رغبة منها في عدم مضايقة السيدة الأمريكية كان الحاضرون منهمكين بالرقص فعلا, كل اثنين معا وعندما قالت مارجي أنها تود أن تتناول شرابا أولادعا دينبي ويندي إلى الرقص معه 0
وبعد عدة دقائق ألقت نظرة خلف كتفها فرأت غارث يدخل مع نيكول وقد اتجها نحو البار حيث طلب غارث شرابا له ولرفيقته وبعدما اختارا طاوله مجاور ة لطاولة مارجي جلسا وأخذ وهو يجيل بصره في الراقصين ومن دون أن يبتسم رفع يده بالتحية إلى ويندي التي اومأت برأسها ثم عاد إلى رفيقته وانخرط في الحديث معها, وبنظرة المرآة قيمت ويندي ملابس ألفتاه وزينتها وقررت إنه رغم أن نيكول ذات جمال لا ينكره أحد فأن هنأك قدرا معينا من الغرور في وجهها, كما أن ملابسها تنم عن قلة الذوق0 فمن الواضح أن الثوب الذي ترتديه باهظ التكاليف لكن زيه ليس مناسبا , فالوسط العالي لا يناسب خطوط جسمها المثير كذا الحذاء الثمين لايتناسب وقماش الفستان 0
ومع ذلك كانت مهتمة بها , لإن محاولتها مقاومة النظر إليها عندما مرت هي ودينبي أمام طاولتهم ذهبت سدى وتأسفت وندي وهي تتعجب لماذا تهتم الى هذا الحد بالفتاة , ولأحظ غارث هذا وأصبح تعبيره مبهما عندما التقت عيناه بعينيها للحظة خاطفة , وخفضت ويندي جفنيها , وهدأ روعها عندما اصبحت وسط حلبة الرقص0
ورده قاييـــــن
سألت مارجي عندما عادا إلى المنضدة وجلسا :
- هل استمتعت بالرقص ؟ انك ترقصين رائعا يا عزيزتي 0
- شكرا لك- أجل استمتعت كل المتعة0
كان صوت ويندي منخفضا لكنها ادركت ان غارث يمكنه سماعها , ولم يأت المضيف 0 لذلك نهض دينبي و مضي يطلب شراب له و لويندي وآخر لمارجي وترك الأثنين وحدهما0
وقالت مارجي وهي تختلس نظرة من فوق رأس ويندي الى ألطاوله المجاورة :
- هل تعتقدين إن صديقنا الوسيم غارث وقع في شباك الحب ؟
- لا أستطيع أن أقول ذلك 0
قالت ويندي متجهمة مما اثار دهشتها من نفسها :
- ظهرا معا في مناسبات عدة حتى الآن 0
-
واجابت وندي وصوتها ما زال منخفضا وهي تخشى أن يسمعها غارث :
- لا أعتقد أن غارث سيكون جادا مع ايه امرأة0
- لا , ربما كنت على حق عزيزتي !على الأقل حسب الظاهر إنه لم يقع في الحب حتى الآن 0
- الظاهر0
- لا يمكنك ان تكوني متأكدة على الإطلاق , فله من العمر ما يكفي ليتزوج و يطلق مرات000
وضحكت ويندي قائلة:
- أراك سيئة الظن جدا 00انا متأكدة انه لم يتزوج اطلاقا ويقول فريزر إنه عازب بالولادة0
- حقا0
قالت مارجي ذلك وهي مستغرقة في التفكير بينما اختلست النظر مرة أخرى نحو الرأس الأسود للرجل موضوع الحوار, وأضافت :
- إذا فهو يعرفه منذ مدة طويلة؟
- لم يقل شيئا عن ذلك0
- هل اخبرك ما هو العمل الذي يكسب منه غارث عيشه؟
وهزت ويندي رأسها وهي : تقول :
- كلا الواقع أنني لم أتمكن من سؤاله 0
ولاحظت ويندي النظرة المتسائلة التي ارتسمت على وجه رفيقتها وأضافت تقول:
- لو كان غارث يريدنا ان نعرف لذكر شيء عن ذلك قبل الآن تماما كما فعل فريزر في بداية تعارفنا , لدي شعور بأنه لا يريد أن يعرف الناس ماذا يفعل0

ورده قايين 28-01-08 11:39 PM

- شيئا مضحك, هذا هو بالضبط انطباعي وفي أية حال فإنني أزداد فضولا يا عزيزتي وهكذا يمكنك أن تتوقعي أنني سأكتشف قبل أن يمر وقت طويل ماذا يعمل رفيقنا الوسيم0
- قررت في وقت ماء أنه يعمل عازف بيانو 0
- تقصدين يديه ؟ إنهما تلفتا النظر أليس كذلك ؟
- اعتقد إنه يمكن أن يكون رساما 0
أضافت ويندي هذه العبارة0 وهي تومئ برأسها علامة الموافقة على ملحوظة مارجي بشأن يدي غارث0
- ليس رساما فهو غير حساس إلى هذه الدرجه ولكنه رجلا عنيف 0
- وساخر0
- لا بد أن أوافق على ذلك, ويعرف أيضا كيف يبدو متعاليا ومستبدا 0 مع ذلك فهناك شيء جذاب فيه0 برغم طريقته المثيره للسخط إلى حد ماء في توجيه ملاحظاته الاذعه 0
وتوقفت مارجي عن الكلام فجأة بينما اتسعت حدقتاها وهي تنظر إلى وجه وندي لكن نظرتها سرعان ما تحولت نحو غارث الذي أصبح ظهره أمامها الآن وواصلت كلامها 0
- ألا تجدينه جذابا ياعزيزتي ؟
سألت هذا سؤال وقد اتسم صوتها بنبرة غريبة وردت ويندي :
- من حيث شكله أكيد0
- هل يمكن أن تقعي في حبه ؟
وأ حمر وجه وندي خجلا من هذا السؤال المباشر, وأجابت بسرعة بالنفي قائلة أنها لا يمكن أن تقع في حبه ثم أضافت باشمئزاز:
- رجلا بمثل هذا الغرور ؟إطلاقا0
هزت السيدة الأكبر سنا كتفيها استهجانا وقالت من دون ان تبدو نبرة اسف في لهجتها :
- فكرت فقط أنكما يمكن أن تكونا زوجين مناسبين تماما, قصة حب فوق سطح السفينه , وزواج سيكون شيئا لطيفا لو حدث0
تنفست ويندي الصعداء عندما رأت دينبي يقترب بعدما طلب المشروبات0
- ستكون المشروبات هنا بعد لحظات 0
قال هذه العبارة وجلس مبتسما لمارجي ووندي ثم لمح غارث ورفيقته فابتسم لهما وقال :
- الا تجلسان معنا سنكون اسعد حالا 0
وافق غارث ورفيقته وقال دينبي :
- كنت الآن اتحدث مع هذا الرجل هناك0 هل تعرفون ماذا يفعل0 إنه يملك صالة للعب البونغو 0
حدقت ويندي وهي غير مصدقة وقالت :
- تعني أن صالة البنغو تؤمن له مالا وفيرا ليقوم برحلة كهذه؟ أعتقد أن ذلك صعب 0
وقال دينبي وهو يدق على المنضدة تأكيدا لكلماته :
- ليس هو فقط لكن زوجتيه و5 من ابناءه أيضا جميعهم في السفينة 0
وغمغم غارث قائلا وقد شابت كلماته نبرة احتقار لا يخطئها أحد :
- مالذي يجعل الناس يبذرون أموالهم على أشياء مثل البنغو ؟
قالت مارجي :
- للهروب من رتابة الحياة اليومية0 وأضافت بلهجة العارفة بالأمر:
- وروح المقامرة الدفينه داخل كل واحدا منا, لا جدوى يا اعزائي من إنكار أننا جميعا نحب الإثارة في بعض الأحيان 0
" ورده قاييـن"
وادارت رفيقة غارث رأسها الجميل وحدقت بشدة في السيدة الأمريكية وانفجرت قائلة بلهجة ازدراء وقد تقوست شفتاها تعبيرا عن السخرية :
- إنني واحدة ممن لا يقامرون إطلاقا, بالنسبة الي ارتياد صالة بنغو فأنني لا أحلم على الإطلاق بمثل هذا الشئ 0
ورغم أن ويندي لم تدخل هي أي صالة بنغو فأن شيئا ما جعلها تقول دفاعا عن أولئك الذين ارتادوها :
- ربما كنت من بين سعداء الحظ الذين لا يحتاجوا إلى الهروب يا مس رينتون0
وأضاءت عينا الفتاة الخضراوان واللتان تشعان حيوية وهما تستقران على وجه ويندي وأخذت مارجي تراقبها هي وويندي وتفكر أنها لم تصادف إطلاقا من قبل مثل هذا الاختلاف الشاسع بين اثنين من الجنس نفسه والتقارب في السن أيضا 0 فحسبما رأت كانت إحداهما غير متكلفة إطلاقا بل طبيعية تماما وصريحة ,وعاطفية, فتاة منذ لحظة اللقاء بها تثير الحيرة للغاية وتشعرك أنها تواجه مأساة أو خسارة أو أية كارثة عاطفية أخرى, ومن ناحية أخرى فكرت مارجي ان نيكول من نوع الفتيات اللواتي يسعين لاصطياد أحد ذوي الثراء , مليونير على الأقل وله لقب كبير لو أمكن, وخلال حساباتها وآرائها الخاصة أصبحت على اقتناع غريب بأن ويندي تفوق الفتاة الأخرى في كل شيء, حتى في ملابسها مع ان ثياب ويندي حسب مارجي لا تعادل قيمتها عشر قيمة ثياب نيكول لكن ذوق ملابسها جذب أكبر عدد ممكن من ال رجال 0
- جعلت كل همي إيجاد وسائل أخرى للتسلية 0
كان هذا رد نيكول الحاد على سؤال ويندي التي حدث ان التقت عيناها بعيني مارجي ورأت على شفتيها تلك العبارة:
اراهن على أنك تفعلين ذلك يافتاتي !
وارتعشت شفتا ويندي وهي تجاهد لتحتفظ بوجهها هادئا0 ثم قررت أن تغير الموضوع فقالت:
- ذلك الرجل , هل أخبرك بالفعل بأنه يمتلك صالة بنغو ؟
- بل تباهى بذلك0 وقال أنها أفضل عمل في العالم, المال السهل وكل شيء , وقال إنه سيفتح صالة أخرى عندما يعود إلى إنجلترا0
- كل يختار صديقه الخاص0
قال غارث هذه العبارة باستخفاف وقد انتقلت عيناه إلى الرجل الذي يدور الحديث حوله وتبادلت ويندي ومارجي النظرات0 وكلتاهما تفكران في الشيء نفسه : ما هي مهنة غارث ريفرز ؟
أسرت مارجي الى وندي بعد ظهر اليوم التالي عندما قابلتها جالسة على كرسي فوق سطح السفينة ومعها كتابها:
- رأيي أن غارث ريفرز شخص هام جدا0
وبعد أن أثارت اهتمامها وضعت ويندي كتابها جانبا ونظرت بتساؤل إلى السيدة التي أصبحت صديقتها بسرعة ثم قالت:
- ما الذي تجعلك تقولين هذا؟
- أتذكرين قولي أنني سأجعل شغلي الشاغل أن أعرف ماذا يعمل لكسب عيشه , فبرغم إنه يغضب ولا يجيب كلما أثير السؤال0
- أجل00 بالطبع 0
- سألت فريزر بطريقة مباشرة0
ولم تقل ويندي شيئا واكتفت بالانتظار لتعرف ما سيعقب هذا وهزت مارجي رأسها في اشمئزاز وهي تقول أن فريزر متحفظ إلى أبعد الحدود:
- اولا قال أنه لا يعرف تماما, لكنني قلت له أن هذا سخف بما ان الرجلين صديقان, وحينئذ قال فريزر أنه ليس في وضع يسمح له في بالإفصاح عن شيء بشأن غارث , لكنه قال إنه يعمل بإرهاق من سنوات عدة وقد حذره طبيبه إنه لو كان حريصا على صحته فليأخذ راحة طويلة كأن يشارك في رحلة بحرية0 وتوقفت مارجي عن الكلام وقد ظهرت في ملامح وجهها الطيبة تقطيبة حادة ثم مضت تقول:
- غارث الذي نعرفه مرهق بالعمل, لكن كيف ولماذا ومتى ؟ وندي أنني لم أصب بخيبة أمل في حياتي كما أصبت من ذلك0
واضطرت ويندي الى الضحك ثم قالت :
- إنه أمر لا يهم حقا0
إنه يحيرني, مثلك تماما لكنها 0
توقفت عن الكلام وقد بدت في شكل مضحك عندما سارعت بوضع يدها على شفتيها ثم هزت كتفيها علامة على الاستسلام وقالت :
- لتعلمي يا عزيزتي إنك انت ايضا تحيرينني 0
- احقا احيرك ؟
هل تفشي سرها, لكن لن تحتمل إطلاقا أن تشفق عليها هذه السيدة وجاء الرد صريحا بدون تردد:
- أجل يا عزيزتي فأنت لست ثرية في بما يكفي للقيام برحلة كهذه أعني الثراء الذي يأتي بالطريق العادي أليس كذلك؟
- لا لست كذلك 0
- وبعد ؟
- بعت بعض الممتلكات لأشترك في هذه الرحلة, كانا بيتا00
- بعت ؟
بدت السيدة كما لو صعقت وظلت لحظة لا تتكلم ثم غمغمت:
- فهمت0 إذا فأنت على سعة من العيش 0
فهزت ويندي رأسها وقالت بلهجة النفي وبدأ صوتها يخرج بسهولة:
- ليس الأمر كذلك حقيقة , لكنني رأيت أن الممتلكات لن تفيدني مثل الأموال النقدية0 وهكذا قررت أن أبيع البيت واقوم بأجازه طيبة بثمنه0
- هذا شيء جيد لكي يا عزيزتي0
وفكرت ويندي وهي تراقب وجه السيده الأخرى, حتى الآن تسير الأمور على خير ما يرام, لكن أعقب ذلك سؤالا غير متوقع على الإطلاق ويتطلب كل براعة ويندي للرد عليه 0
- هذا يفسر لماذا أنت هنا 0 لكن الشيء الآخر الذي يحيرني ويقلقني , يا عزيزتي أرجو ألا تعتقدي أن هذا من قبيل الفضول0
ودون أن تنتظر ردا على السؤال مضت تقول :
- أجل ,هناك شيئا يقلقني حول لماذا تخفين أحيانا سرا في عينيك, أجل إنهما تستغرقان في التفكير كما لو كانتا تنظران عبر طريق طويل تبحثان عن شيء هارب منهما0
وقطعت ويندي عليها كلامها قائلة :
- كم يبدو هذا غريبا إن خيالك يشطح بك يا مارجي!
وأطلقت ضحكة رنانة قصدت أن تشيع روح الدعابة , لكنها أخفقت في تحقيق الهدف منها , رغم أن نبرتها كانت خادعة 0
وهزت مارجي رأسها وردت:
- خيالي لا يشطح بي ابدا , وعلى كل فإنني لن اوجه إليك أية أسئلة أخرى, كل ما أريد أن اقوله هو إنه رغم مظهري العابث 0 إلى حد ما فإن لي إذنا "موثوقة متعاطفة " ويمكن الركون إلي0
قالت ذلك بصوت اكتسى بنبرة الجد والترفق, وكان مختلفا عن الصوت الذي اعتادت استخدامه في الجلوس الى المائدة ,والذي يتميز بوضوح النبرة 0
ونظرت إليها ويندي ,في ورأت مدى جدية تعبيرها والإيماءة اللطيفة لرأسها كما لو كانت تريد تقديم إيضاح للعبارة التي قالتها للتو, وهي أنها يمكن أن تكون أهلا للثقة 0ولم تشك ويندي في ذلك لحظة واحدة واذ أدركت أنها في وقت لاحق قد تصبح في حاجة إلى أن تثق بشخص ما قالت بهدوء وبنبرة العرفان بالجميل :
- سأتذكر يامارجي اعدك بذلك0
- حسنا , والآن لنعد إلى المسألة التي لا تمسنا شخصيا بل تتعلق بالسيد ريفرز والتي كنت أتحدث عنها عندما قاطعت نفسي لأتحدث عنك يا عزيزتي,
وأومأت ويندي برأسها قالت :
- كنت تقولين أنك تظنين أنه شخصية هامة؟0
- هذا صحيح , أعتقد فعلا إنه شخصية هامة 0
ولم ترد وندي بشيء , واكتفت بتوجيه نظرة تساؤل إليها, ومضت تقول:
- لا يمكن إلا لشخص هام أن يرهق نفسه بالعمل إلى درجة إن يتطلب منه الأمر القيام برحلة بحرية لمدة 3 أشهر أليس هذا منطقيا ؟0
ولم تكن ويندي ترى هذا الرأي , لكنها اكتفت بأن ردت قائلة:
- يبدو الأمرمعقولا0
- كبار المديرين والأشخاص المرموقين يرهقون بالعمل ويصابون بانهيار عصبي0
ولم يسع ويندي ألا أن تهتف قائلة :
- لا أستطيع أن أتصور أن غارث يمكن أن يصاب بانهيار عصبي!
- ولا أنا , ومع ذلك فإن هذه العبارة قالها صديقه000
وغمغمت ويندي قبل أن ترفع عينيها لتنظر الى صديقتها:
- حقا انا اتعجب لماذا لم يذكر مهنته ؟
- انه كتوم بطبعه, ذلك نوعه بين الرجال0
- والنوع الذي تخشين سؤاله0
- بالتأكيد 00 أنه شخصيا يمكنني عادة أن أواجه هذا النوع من التصرف لكن مع غارث ريفرز لن أجرؤ على المحاولة , خوفا من مواجهة التوبيخ 0
- وهذا ما ستلقينه بلا شك 0 إنه حتى الآن لا يبدي إلا السخرية والتهكم والاستخفاف وأعني عندما تكون هناك مناسبة لذلك , لكنني أشك في أن صوته لن يتورع عن لذعة حادة لو وجهنا إليه أسئلة يستاء منها 0
- أنا وأثقه أنني أوافقك من الأعماق, إنه ليس من الرجال الذين يمكن للمرء أن يخطئ ويغضبهم0
- بالنسبة إلى الظن الذي يساورك إنه رجل هام, أعتقد يمكن أن يكون أحد عمالقة الأعمال 0 مثل كثيرين من الذين على ظهر السفينة0
- يمكن أن يكون نجما سينمائيا , لو كان الأمر يتعلق بالمظهر والبنيان الجسماني , لكنه ليس كذلك, قطعا ليس كذلك لأنني كما ترين أعرف جميع نجوم السينما0
- يمكن إن يكون قد قام بهذه الرحلة تحت اسم مستعار؟
اقترحت ويندي ذلك وهي تذكر ما سمعت عفوا من حديث بين الرجلين0
- ليس كذلك فإنني اعرفهم جميعا لو رأيتهم0
-تعرفين ايضا جميع نجوم السينما من النساء؟
- معظمهن رغم أن هنأك واحدة أو اثنتين لا أهتم بهما كثيرا وعلى ذلك لأاشاهد أفلامهما ,وفيما عداهما دائما أذهب لمشاهدة الأفلام 0 فأنا أعبدها 0
- هل تعرفين لينيز مافارو لو رأيتيها ؟
وأجابت مارجي على هذا السؤال بالنفي, إذ إن لينيز مافارو من بين ممثلات السينما اللواتي لا تحبهن وأضافت ليس لأنها غير جميلة- كما أتذكر من الصور التي شاهدتها في المجلات والملصقات: وجه ساحر كاالجنيهات وعينان واسعتان , ربما مثل عينيك تملك اعظم شعر أشقر بلاتيني, مثل شعرك, بشرة ناصعة وملامح جميلة, أجل إنها فتاة فاتنة يحلو النظر إليها لكن أخلاقياتها, حسنا , يعرف المرء أنها لا تهم كثيرا هذه الأيام لكن بالنسبة إلي فإن الفضائح القذرة تنال من صورة نجمة السينما وأجد نفسي عاجزة عن أن اذهب وارى افلامها , لماذا سألت إذا كان بوسعي أن أتعرف عليها؟ القت السؤال الأخير فجأة عندما أدركت أنها ابتعدت كثيرا عن الخط الرئيسي لموضوع الحديث0
- من المحتمل أن تكون فوق سطح هذه السفينة متنكرة وقد غيرت شخصيتها تماما 0
ورده قايين

- أنت واثقة؟ كيف عرفت؟
واشارت ويندي إلى الحديث الذي سمعته عفوا بين الرجلين في غرفة الملكة يوم إبحار سفينة, ومضت تقول :
- فريزر هو الذي تعرف على النجمة, وقال إنه أكيد تماما من إنه عرفها ويروي أن لينيز مافارو تحب في الفترة الواقعة بين تصوير أفلامها -ان تخرج للتمتع بحياتها الخاصة, في رحلة بحرية حيث تقوم بدور الفتاة البريئة التي- كما جاء في نص الكلمات فريزر- لم يقبلها أحد على الإطلاق 0
- الأمر صعب التفسير ! أي نوع من الشخصيات تمتلك سيدة مثل هذه 0
- الواضح أنها شخصية غريبة ومع ذلك00
وخفت صوت ويندي بينما نظرت إليها مارجي نظرة تساءل وهي تواصل كلامها :
- أشعر بالأسف لها يا مارجي 0
وردت مارجي بنبرة تتسم بالتفكير العميق 0 قد ظهرت تقطيبة مفاجئة على وجهها:
- أجل , إنها لا تريد حقيقة أن تظل الدمية التافهة السعيدة دائما فيما يبدو00
- لكن الصورة كبرت وأصبحت جزءا من جاذبيتها0
- هذا صحيح 0 هذا النوع من الشهرة يجتذب بعض الناس , وتكون النتيجة أنها تتمتع بشعبية هائلة, وعلى أية حال فإنها إذا لم تكن تريد أن تتخذ مظهر الفتاة المفتقرة الى الصلاح فلماذا تقحم نفسها أصلا في ذلك الطريق؟ إنني لا أطيق صبر عليها!
- استطيع ان افهم ذلك 0
- هل لديك اية فكرة ؟ من من الركاب هذه السيدة لينيز مافارو 0
قالت مارجي ذلك بطريقة أوتوماتيكية وهي تتلفت حولها وهزت ويندي رأسها وردت:
- لا , على الإطلاق0
- ينبغي أن أذهب وأتحرر ألأمر !
أعلنت مارجي ذلك , واضطرت ويندي إلى إطلاق ضحكة وقالت, وهي لا تزال تضحك :
- ستعرفين كل شيء عن كل إنسان تقريبا0
- عندما يحين الوقت لنرسوا في سوثهامبتن 0 سأكون قد عرفت 0
وعندما يحين الوقت لنرسوا في سوثهامبتن000 شعرت ويندي بالدم يهرب من وجهها0 ولذا لم تندهش إطلاقا عندما سألتها رفيقتها إذا كانت تشعر بإعياء وغمغمت قائلة :
- إنني بخير , ذكرني هذا فقط بشئ ما0
وردت ويندي بسرعة , وقد اكتسى صوتها بنبرة من يريد حسم الموضوع 0
وهزت مارجي كتفيها تعبيرا عن الامبالاة وعندما همت بأن تتحدث مرة أخرى وصل دينبي ودس ذراعيه في ذراعها, ووقف بضع دقائق يثرثر مع ويندي ثم خبط على المنضدة قائلا أنه ينوي أن يتمشى مع مارجي 3 مرات حول أطراف السفينة ثم اصطحبها وابتعد 0
ورده قاييــــــــن

ورده قايين 28-01-08 11:42 PM

4- ابتسامة تجرح

ظلت ويندي لفترة طويلة ,تمعن التفكير في ما قالته مارجي عن غارث وكونه شخصية هامة, أرهقه العمل لدرجة إنه نصح بالراحة فترة طويلة0 وبشكل ما تصورت أن غارث رجل لا يمكن أن يرهق بالعمل إطلاقا0 رجلا مثله قوي الشخصية قادر على التحمل يمكنه أن يتحمل أي شي0 وهكذا فإنه إذا أرهقه العمل فلا بد أن يكون عمله يرهق الذهن إلى حد كبير0
عيل صبرها لعجزها حتى عن الوصول إلى النقطة التي يمكنها تصور عمل له , وقررت ألا تفكر في الأمر بعدئذ , لكنها في الواقع عادت إلى التفكير في الموضوع عندما أخذت تتمشى فوق السطح السفينة بعد الغداء, وهي تستمتع بنسمة هواء باردة تلفح وجهها وتتخلل شعرها وتلمس ذراعيها العاريتين اللتين اكتسبتا اللون الأسمر الجميل بعدما لوحتهما الشمس نتيجة جلوسها ساعات طويلة فوق سطح السفينة 0
كان البحر مثل مرآة مصقولة , متحولا إلى مرآة من الفضة بعدما سطع عليه ضوء البدر الكامل من سماء قرمزية داكنة 0كل شيء كان وادعا , وظلت هي لبضع لحظات تعيش في طيبة وسلام لكن فجأة ظهرت أمامها حقيقة حالتها القاسية, لم يعد البحر لامعا بل أصبحا مظلما حالكا وعميقا , أصبح شيئا مخيفا بما أنه سيحتويها ,سيحتوي عقلها وجسمها ,وقلبها في أعماقه00 وبشعور الخوف المفاجئ جعلها تفقد توازنها وتصرخ آلما ,استدارت شبه عمياء وهي تنوي الهرب إلى غرفتها, لكن حالما فعلت امسكت بها فجأة ذراعان قويتان :
وتطلعت إلى وجه غارث ريفرز النحيل غير المبتسم وقالت :
- آسفة كنت على وشك الذهاب إلى غرفتي 0
وحاولت بشجاعة أن تسيطر على نفسها ومرة أخرى خفت صوتها لأنها عندما رأت عينيه الثابتتين الغامضتين أدركت أن الدموع كانت تنهمر غزيرة على وجنتيها 0
ونسيت البحر000 قدرها00 قاع السجن المفزع المظلم الذي لن تعود منه0 أجل , كل هذا نسيته لحظة الاقتراب الوثيق من هذا الرجل الغريب الذي أصبحت يداه الآن رقيقتان للغاية, يمنحها الراحة والدفء 0إنها آمنة معه, لا شيء يمكنه أن يتحدى سلطتة لو انه فقط أمسك بها هكذا للأبد لما أصيبت بآذى على الإطلاق وغمغم مندهشا :
- أيتها الفتاة الصغيرة المسكينه الثريه, لماذا تبكين؟
ولم تخفف يداه من قبضتها لكنه ترك مسافة صغيرة بينها وبينه, ليرى وجهها بشكل أوضح , حسب اعتقادها 0
ورددت قوله الفتاة الصغيرة المسكينه الثرية وهي تمسح وجهها بيدها وأضافت:
- ماذا تعني؟
ظهرت على وجه ابتسامة ساخرة آذتها بصورة لا تطاق وقال :
- أعتقد أنك تعرفين ما اعني00
قال ذلك وقد اختفت الرقة من صوته , رغم أن يديه كانتا لا تزالان حانيتين عليها, هاتين اليدين الطويلتين النحيلتين اللتين خدعتاها لأنهما كانتا قويتين وقادرتين , ومرة أخرى أقحم السؤال المضني نفسه عليها ,ماهو عمله ؟
- لا اعرف صدقني0
وتجهم وقال مرة أخرى:
- لماذا كنت تبكين يا وندي ؟
ووقع تجاهله القاطع لكلماتها, رغم أنها قالتها بإخلاص, مثل وخزة ابرة حادة , وتمنت لو أنها استطاعت أن تعيد تقديم الموضوع, وعلي أية حال فرغم المودة التي سادت الموقف الحالي, تذكر أنها لم تصل مع غارث إطلاقا إلى مرحلة التعارف الوثيق0
- لم يكن هناك شئ 0
بدأت كلامها بهذه العبارة لكنه قاطعها قائلا:
- هراء سيفيدك كثيرا لو تكلمت !
كانت لهجته آمرة, ولو إنه قال هذه الكلمات منذ فترة قصيرة جدا لأغضبتها , لكن ليس الآن, ومضى يقول :
- إنني الآن في حالة استعداد للإصغاء والتفهم 0 وهكذا يمكنك أن تتأكدي انك ستلقين اهتمامي المتعاطف الكامل0
وتأرجحت ابتسامة على شفتيها الجميلتين اذ ذكرها بالدكتور هويتكير الذي كان دائما مستعدا للإنصات لمشكلات أيا من مرضاة, وبصفة خاصة مشكلات ويندي , وقالت :
- كنت أشعر بإحباط شديد, لكنني الآن على ما يرام0
- تكلمي0
قالها بلهجة آمرة , لكنه أضاف وهو يلقي نظرة حوله:
- سنجد مكان مريحا نجلس فيه, مكانا منفردا0
ثم أخذ يدها وقادها إلى مقعدين من مقاعد سطح السفينة في مكان منعزل تحت الظلال في نهاية السطح وقال بسرعة عندما جلسا:
- والآن هاتي ما عندك 00
- لم أكن على ما يرام00
اعترفت بذلك وقد بدأ عقلها يعمل بسرعة في محاولة لذكر ما يكفي من المعلومات لإرضاءه , دون دخولها في أية تفاصيل وهو أمر ليست لديها أية نية للقيام به بأي حال لأنها رغم اهتمامه وتفهمه الواضحين لم تكن متأكدة إنه سيهتم بمعرفة الحقيقة كاملة عن معاناتها0 ونظر بحدة إليها عندما سمع كلماتها وبدأت عيناه الباردتان غير المبتسمتين تتفرسان في كل جزء من وجهها , وجبهتها حتى نزلتا إلى رقبتها ,وقال:
- اكنت مريضه ؟
وتصاعد الدم غزيرا إلى وجهها, ووجدت أن كفيها اصبحتا دافئتين, ومبللتين ومضى يسألها:
- اي نوع من المرض ؟
وهزت كتفيها كسبا للوقت ثم قالت :
- شيئا لن تفهمه0
وادهشها ان يكون صدمه كلامها فعلا أم أنها تتصور ذلك فقط اذ زم شفتيه بقوة, وبشكل يؤكد ما تصورته ,أو بدأ أن كلماتها لم ترضه على الإطلاق ,وبلهجته الآمرة قال :
- يمكنك أن تخبريني 0
ومرة أخرى قالت لنفسها أن هذا كان سيغضبه لو انه قاله منذ فترة ليست طويلة وبعد تردد قصير قالت:
- آسفه غارث لكنني أفضل ألا أتحدث عنه0
- فهمت 00
وبدا كأنما انتابته أفكار أخرى عن المسألة, كما لو كان يعتقد أن مرضها من النوع الذي لا تحب أن تناقشه مع أحد, واراحها أنه قنع ومع ذلك , فبعد مرور اللحظات القليلة الأخيرة فكرت , ربما بعقلها الباطن, أنها لو استطاعت أن تفضي بسرها لغارث لأزاح عن كاهلها عبئا كبيرا إذ إنها تعرف بدون أدنى شك على الإطلاق أنها يمكنها الوثوق تماما إنه لن يتحدث به حتى الى صديقه 0 ومرة أخرى نظر إليها بعينين متسائلتين وقال :
- ومع ذلك لا يمكنني أن أرى لماذا كنت تبكين؟
- انقباض نفسي0
كان هذا هو ردها الصادق تماما ولأنها نظرت مباشرة إليه وهي تفوه به تقبله كحقيقه , وأومأ برأسه ببطء وهو يمعن في التفكير, كإنما يستعرض حقائق أخرى تتناسب بعضها مع بعض0 وتجهمت في حيرة, لكنه مزاجها لم يفتح مجالا للأشياء التي غلبت تفكيرها من قبل فلقد تصرف كل من غارث وفريزر معها بشكل غريب تعودته لدرجة أنها لم تعد تنوي السماح لنفسها بالشعور بالغيظ إزاءه0
ورده قايين
وقال بلهجة متعاطفة :
- الانقباض النفسي يمكن أن يكون أسوأ من الألم الفعلي, وعلي كل فإن المرء يمكنه أن يفعل الكثير من آجل تخفيف مثل هذه الحالة, كتغيير أسلوب الحياة مثلا0
- تقترح أن اغير أسلوب حياتي ؟
وتساءلت في نفسها وماذا بعد؟
- ألا تعتقدين أنها ستكون فكرة جيدة؟
- إنني00
وامتنعت عن القول بأنها لا تعرف ماذا يقصد لأن آلما بسيطا وخز رأسها, وكانت على علم بمثل هذا الطارئ00 آلألم سينتابك بين فترة وأخرى: هكذا أخبرها الأخصائي00 وستمر النوبات حتى تأتي النوبة الأخيرة التي تسبق ألاوعي الكامل 00وقالت :
- إذا لم يضايقك تصرفي أود أن آوي إلى غرفتي ,فأنا متعبة 00
- مازال الوقت مبكرا 00
قال هذا بسرعة إلى درجة إنه بدأ كأنه يود أن تظل برفقته فترة اطول قليلا :
- حسنا لن أذهب الآن 0
وجدت نفسها تقول هذا وهي تبتسم0 واستقرت عينا غارث على وجهها لحظة طويلة0 وبدا كما لو كان يتنهد من الداخل على شيء يأسف له أسفا عميقا , وجه إليها دعوة مفاجئه حين قال:
- ألا تشعرين بالرغبة في رقصة أو اثنتين ؟ فالأضواء براقة والموسيقى ستقضي بالتأكيد على الانقباض الذي تشعرين به 0
- شكرا جزيلا لك يا غارث 0
وتجهم قائلا :
- لا حاجة بك إلى مواصلة الشكر يا وندي 00 أنا احب رفقتك كثيرا في الواقع0
ولم تتردد طويلا اذ مرة أخرى أنتابها الأنطباع بأن عواطفها موزعة لأن بعضا منها يريدها بينما البعض الآخر يرفضها0
ورقصا معا طوال الوقت وكانت واعية تماما لمختلف العيون العديدة التي تركزت عليها عينا نيكول رنتون أصبحتا داكنتين وخبيثتين مما يعني بوضوح أنها تشعر بالغضب لأن شخصا آخر يحظى باهتمام غارث الكامل ثم هناك مارجي التي كانت تبتسم وتومئ برأسها ولم يكن من الصعب قراءة أفكارها هكذا رأت
وندي من حولها وقد ظهرت في عينيها ومضة اسف وأخذ يهمس في أذن رفيقته ثم أومأ هو أيضا, أما فريزر الذي كان جالسا أمام البار مع صديقته فبداء عاجزا عن أن يحول عينية عن متابعتهما0 وهناك شو الذي نظر إليها بطريقة غامضة بينما كانت الفتاة التي تجلس إلى جواره تحتسي شرابها0 ثم كان هناك الرجل القوي الذي يملك صالة البنغو , هو أيضا بدأ مهتما بالأثنين الذين احتلا حلبة الرقص0
- هذا ممتع للغاية0
قال غارث ذلك عندما عادا أخيرا إلى السطح 0 وقد أعرب عن اعتقاده أن لمسة الهواء الرطبة المنعشة الآتية من البحر ستكون تغييرا لطيف بعد حرارة الجو والثرثرة في المرقص وقال:
- شكرا لك يا ويندي ربما نقوم بذلك مرة أخرى0
هذه المرة اتسم صوته بنبرة تلقائية غير معتادة0 وظهر في عينيه تعبير الانتظار كأنما لرأيها أهمية قصوى لديه 0 ومنحته إحدى ابتساماتها الرقيقة الجميلة وهي تقول:
- اتوق إلى ذلك ياغارث0
- لنحدد الموعد مساء الغد بعد العشاء سنرقص مرة أخرى0
وصلا إلى حاجز السفينة وأصبحت وندي قادرة على النظر إلى البحر من دون خوف أو رعب: أصبح براقا مرصعا بالنجوم مثل قطعة فسيفساء يختلط فيها الضوء بالظل نتيجة انكسار الأمواج والليل نفسه أصبح ساحرا تتلألأ في سمائه الاستوائية ملايين النجوم 0
يتوسطها القمر بدرا في تمامه0 وإنحنت ويندي وغارث على الحاجز وسادت بينهما صمت عميق لطيف لقد اصبحت في سلام مرة أخرى0 وهدأت أعصابها0

ورده قايين 28-01-08 11:45 PM

- يا لها من ليلة ساحرة0
خرجت العبارة عفوا من شفتيها وأدار رأسه ألداكن وحدق في وجهها ثم قال:
- لم أرى شيئا بمثل هذا السحر الخيالي الرومانسي0
- حقا 0؟
قالت ويندي بدهشة كبيرة: كل كان هذا نزوعا إلى الشك ؟ ومع ذلك فإن الابتسامة التي ظهرت على شفتيها وعبرت عن التهكم واللامبالاة إلى حد ما جعلتها تندم على تغيير اسلوبه معها0
وأضافت:
- كان ينبغي لي الاعتقاد بأنك شاهدت عديدا من هذه المناظر0
ومد يدا احتوت جميع أطراف البحر اللامع والسماء المرصعة بالنجوم والباخرة ألمترفه التي تبحر بين هذه الأجواء0 وبعينين تحجبهما الظلال نظرت إليه وقالت بلهجتها الناعمة اللطيفة:
- إنني لا أفهمك يا غارث 0 فأنك تقول لي اغرب الأشياء 0 يسيطر علي الأنطباع بأنك تشك في إنني لست على حقيقتي 0
وتساءل في نعومة:
- وهل أنت كذلك؟
وفكرت في حالتها وأخفقت في محاولتها منع احمرار وجهها خجلا وقالت وهي تلقي بصرها على يده المستندة على حاجز السفينه :
- جميعنا لدينا خبايا سرية في داخلنا نخفيها عن أي شخص آخر0
- هل لديك خبايا سرية؟
-بالطبع إنني لا أتحدث مع كل شخص اقابله عما بداخلي0
واستعاد صوتها نغمته الرقيقة كما استعادت عيناها ضلالهما وتحرك غارث قلقا وتغلب عليها انطباع غير عادي في إنه يواجه صعوبة بالغة في الإحجام عن ضمها إليه , وعندما لم يتكلم أضافت قائلة:
- أنت نفسك لا بد أن تكون لديك خبايا سريه0
هز برأسه موافقا وحدق في البحر غارقا في تفكير عميق ووقفت إلى جانبه قريبة منه ومع ذلك فهي ليست قريبة في ما يكفي!
وأخيرا اعترف قائلا:
- أجلي يا ويندي 00 أنا أيضا لدي خبايا في نفسي0
وبدا عليه التعب فجأة0 لكنه لم يبذل أية محاولة للتحرك وساد الصمت مرة أخرى ولسبب غير مفهوم اضطرت الى إنهاء هذا الصمت وسألت:
- متى نصل إلى الميناء التالي؟ إنه سلفادور أليس كذلك؟
- صحيح000 سنكون هناك يوم الاثنين0
وتوقف عن الكلام لحظة ثم اضاف:
- هل ستقومين بالجولة في الميناء؟
وهزت رأسها من دون تردد0
كانت الجولة تستغرق 4 أيام تتضمن الطيران في أعماق البلاد إلى عاصمة البرازيل المعروفة برازيليا حيث يقضي المشتركون في الرحلة ليلة وبعدها يطيرون إلى ماناوس مدينة المطاط الكبيرة التي كانت في أوج مجدها منذ أكثر من 80 عاما كذلك كان القيام بجولة بحرية في نهر الأمازون جزء من هذه الرحلة الخاصة التي تكلف نحو 300 جنية وبالتالي كانت غير ممكنة بالنسبة لوندي لأنه ماتملكه لا يكفي لذلك النوع من المتعة 0
وقالت:
- لا سأنتظر حتى نصل إلى ريو 0 إنني أتطلع حقيقة الى ذلك0
واستدار وظهر على وجهه تعبير غريب وتساءل :
- لماذا لا تشتركين في جولة برازيليا وماناوس ؟
- لا أعتقد أنها ستهمني 0
تجنبت الرد القاطع على آمل أن يرضيها ذلك0
وهذا ما حدث واراحها كثيرا0
وقال أنه سيقوم بالجولة 0 وأصابتها هذه الأنباء بصاعقة مدمرة, اذ انه سيغيب عنها 4 أيام كاملة0 وعلي أية حال هناك 3 أيام قبل ذلك وعندما خطرت لها هذه الفكرة ارتفعت روحها المعنوية بسرعة تماما كما انخفضت منذ بضع ثوان فقط0
ورده قايين
- الوقت متأخر جدا0
خرجت هذه الكلمات بنعومة أمة فلا شك عندما عبر أحد النجوم قوس السماء بسرعة ثم سقط وراء خط الأفق ألغامض بالضباب0
- ينبغي أن نقول طابت ليلتك يا وندي0
رقدت في فراشها 0 مسترخيه تحدق شاردة الذهن في بصيص ضوء تسلل من خلال الباب0
غارث ريفرز 00لن تؤذي مشاعره كما كانت ستؤذي مشاعر شو00لا أن غارث غير عاطفي كما إنه مصمم على الحفاظ على عزوبيته من دون الانزلاق في قصة عاطفية انتابتها الشكوك إنه يستغلها ببساطة لأنه صديقته هجرته كرفيقة لطيفة يمكنه أن يقضي معها بعض وقته وعلى ذلك يمكنها هي أيضا استغلاله ,قررت بتعقل أن تخرج معه كلما طلب منها ذلك0كل هذا بدون أدنى درجة من وخز الضمير اذ انها تعلم علم اليقين إنه عندما يحين وقت رحيلها عن الباخرة لن تبدر منه إلا تنهيدة اسف صغيرة على أنها ماتت شابه وبعد ذلك سيعثر على أخرى ترافقه حتى نهاية الرحلة البحرية0
وهمست وهي تدفن رأسها في وسادتها :
- آجل لا حاجه بي إلى الشعور بتأنيب الضمير على استغلاله0
فأما بالنسبة إلي فإنني لن أخاف الوحدة لأنني متأكدة إنه يحب رفقتي ويرغب فيها حتى النهاية0
ومرت الأيام الثلاثه التاليه على ويندي في منتهى السعاده , أصبحت الآن تشعر بفرحة اكبر لأنها قررت الاشتراك في الرحلة البحرية كونها احبت غارث أصبحت حقيقة مقبولة تغلغلت في أعماقها ببساطة إلى درجة إنها لم تنتبه إلى وجودها حتى استعادت تركيزها واعترفت لنفسها في أن هذا الأمر وحدة له مكانته لديها, اما هو فكانت تعرف إنه يعتبر ذلك مجرد غزل ممتع فوق سطح السفينة0 إنه يشعر بالسعادة بمرافقتها استجابتها لغازل سواء اكان مرحا أو متملقا أو كما أصبح مألوفا أكثر ساخر جدا ومزدريا قليلا000 ولم يعد يضايقها اتخاذه هذا الموقف كانت تعيش كل يوم ليومه وتشكر الله لأنه مر لطيفا فلم يكن هناك وقت لتضييعه في ملاحقة اكتشافات عقيمة يمكن أن تنتهي إلى لا شئ 00 أما الوضع بينها وبين غارث فقد كان يناسبها بصورة مثالية احبته و نتيجة لذلك كانت سعيدة ولم يكن يحبها ولا كان سيحبها على الإطلاق لذلك لم تشعر بأي قلق على مستقبله لو تركته جريح القلب يتخبط في فراغ الوحدة0 إن موتها لن يؤثر عليه في أية حال أجل إنه موقف مثالي لأنها أحبت أخيرا0
احبت بطريقة كانت منذ اشهر قليلة فقط حلما راودها الأمل في ان يصبح حقيقة
كاد أن يضيع الحلم لكنه اصبح حقيقة00 لقد وجدت الرجل المناسب على الأقل فيما يتعلق بها وتعلمت كيف تتعايش مع حب عظيم وروحي تشوبه أحيانا مسحة ندم بسبب عجزها 0:
- ألغيت الجولة يا وندي000
تقبلت هذا النبأ بخليط من عدم التصديق والفرح الخالص الذي تشوبه شائبة:
- حقا , لكن هل انت واثق يا غارث00
- أنا واثق أنني لا أريد أن أظل بعيدا عنك 4 إيام يا عزيزتي ربما تجدين شخصا اخر وأنا غائب0
قال العبارة الأخيرة بنبرة اغاظه , وعيناها الداكنتان تبرقان بالمرح عندما حاولت نفي هذا الاحتمال0
- إنني لن00
- أنك أجمل من إن اسمح بمجازفة كهذه0
قال هذا وهما يجلسان فوق سطح السفينة تحت أشعة الشمس ارتدي اخف ما يمكن من الثياب واكتسبت بشرة ويندي الآن سمرة جميلة وأصبحت اكثر جاذبية وفتنة أما شعرها رغم أنه مازال داكنا فقد تأثربأشعة الشمس القوية عند المقدمة والصدغين وظهرت في المكانين بعض الخصلات الذهبية التي لم تنتبه هي لوجودها الى ان لاحظ غارث هذا آلتغيير في أللون وقال شيئا غامضا وساخرا وكالمعتاد تغاضت عن ذلك اذ أدركت أنه بعد بضع دقائق سيردد عبارات اغاظة أو وممالاة وفعلا ما لبث أن قال:
- طول بقية الرحلة ستكونين لي ولن يتدخل أحد بيننا0
واختلست نظرة سريعة إليه لكن وجهه كانا خاليا من أي تعبير واضطرت أن تقول:
- لا أظن أنني احب كلمة لي0
وارتفع حاجباه الداكنان المستقيمان قليلا وتساءل:
- وما الخطأ في ذلك؟
- لا استطيع التفسير0
- إنك طفلة مضحكة0
ثم كأن فكرة ما طرأت له اردف قائلا:
- لكنك لست طفلة؟ تبدين فقط كذلك0
- هل ترى أنني اكبر سنا مما ابدو؟
- تبدين كما لو كنت لا تزيدين عن التاسعة عشرة0
- إنني في العشرين0
قالت له ذلك وقد تلون صوتها بنبرة فاترة0 بعض الشيء00
- والباقي؟
وجه لها هذا السؤال وقد اتسم صوته برنة المرح التي اظهرت لمحة غضب في عينيها ثم نظرت مباشرة الى وجهه وهي تقول :
- اخبرني اذا كنت لا ابدو اكبر من التاسعة عشره , فلماذا تعتقد انني اكبر من العشرين ؟
- قلت قبلا فمظهرك خادع0
وتجهمت بشدة وتغضن حاجباه في حيره عندما لاحظ ذلك وقالت بشده :
-ليس لدي رد على ذلك انك كثيرا ما تتكلم بالألغاز الى درجة انني وصلت الى مرحلة عدم الأكتراث لمحاولة فهم ما تعنيه 0

وهز غارث رأسه كما لو كان يحاول إبعاد صورة ما وقال وهو مستغرقا في التفكير:
- قريبا سأسألك سؤالا سيفزعك0
وبعد ذلك غيرالموضوع , ولم يتح لها الوقت لمواصلة المسألة حتى إذا رغبت في ذلك قال:
- سيكون أمامنا الكثير لنفعله وسنقوم بذلك معا 00
- سيكون هذا جميلا0
قالت ذلك لكنها أضافت بعد تردد بسيط :
- كنت تتطلع إلى تلك الجولة بالتأكيد ؟
- ليس كثيرا لن يضايقني ان أضيع الفرصة0
وأرضاها هذا الرد كثيرا, ومسح كل الم أحست فيه من جراء اسلوبه الأقل جاذبية منذ بضع لحظات0
ورده قاــــــــيين
سلفادور باهيا - التي كانت عاصمة للبرازيل في وقت من ألأوقات تبين أنها مدينة الكنائس, وهي قائمة على مستويين0
القطاع الأكثر انخفاضا ويطلق عليه اسم بايكسا والجزء الأعلى ويطلق عليه التا والأخير قائم على سهل واسع مرتفع يعلو نحو 200 قدم فوق المدينة المنخفضة0
وحالما لمح غارث إحدى سيارات الأجره قال:
- سنستأجر سيارة إجرة 00سيكون ذلك أبسط من محاولة التجول في المدينة على هوانا0
هرولت ويندي بجانبه وهو يسرع الخطى نحو السيارات وهي تشعر بالبهجة , إذا لم تكن من قبل تتطلع إلى شيء أكثر إثارة من مرافقته طوال اليوم فضلا عن إن مارجي لم يكن لديها الوقت لأي شخص الا دينبي اذ أسرت لويندي أنه لن يمر فترة طويلة قبل أن يطلب منها الزواج 0
وسرعان ما استأجرا السيارة وجلس غارث ووندي في المقعد الخلفي وحملهم السائق الى المدينة العليا حيث بدأ بالتوقف عند دير القسيس فرنسيس الأسيسي , وقت زين داخله بورق الذهب الجميل, مما جعل وندي تبدي عبارات الأعجاب غير مرة وفي كل مرة كان غارث ينظر اليها لسذاجتها او تقديرها التلقائي لجمال المكان واخذهما سائق السيارة الذي كان يعمل كمرشد إلى الأروقة التي اقيمت حول حديقة ممهدة وسأل غارث بعدما سارا مدة طويلة :
- هل رأيت ما فيه الكفاية؟
وعندما اومأت ويندي بالإيجاب قال:
- لنذهب إذا0
وسبقهما سائق السيارة فتمهلا في السير نحوها , وشاهدا نباتات البونيسا الجميلة وازهارها القرمزيه البراقة تتمايل إلى جانب الأوراق الأقل رونقا لأشجار السنط بينما انواع أخرى من الأزهارالرائعه كانت تتسلق الجدران وتنمو في الأصص والحدائق في كل مكان0
- سأشتري لك شيئا0
قال غارث ذلك عندما انزلهم السائق بعد فترة من الوقت بناء على طلب غارث 0
قال غارث ذلك عندما انزلهما السائق ،بعد فترة من الوقت بناء على طلب غارث في شارع كونسيل دانتاس رقم 19 بادرت بقولها :
-لا سيكون ذلك خسارة0
وتوقفت عن الكلام ،إذ أدركت ما بدر منها وببطء وبدون أن يفهم كرر غارث قولها:
- خسارة ؟ مالذي يمكن أن تقصديه بذلك ؟
وتوقف غارث خارج محل لبيع المجوهرات, وعلمت إنه ينوي أن يشتري لها شيئا ثمينا, فقالت بضعف:
- إنني لا اتزين بالمجوهرات إطلاقا ولذلك سيكون خسارة للمال لو اشتريت لي شيئا من هنا0
واغتم وجهه بشده وأخذت عيناه تتفحصان وجهها كما لو كان يريد الجواب على حيرته في بعض ملامحها تعالى سنعثر لك على خاتم اكوا مارين من الزبرجد , إنها الأحجار التي تمتاز بها هذه البقعه0
- ولكن0
- لا جدال يا وندي 0
واذعنت ولكن بشعور بوخز الضمير, فقد بدأ لها أن من الخطأ خلقيا أن تسمح له بإنفاق أمواله عليها وشراء الهدايا التي ستجمع قريبا مع جميع حاجياتها الأخرى وترسل إلى ابن عمها البعيد الذي سمعت عنها من أمها لكنها لم تقابله إطلاقا0
و اختار غارث خاتما ذهبيا ذا فصا غامق0 وقد علمت من مارجي فيما بعد انه أغلى كثيرا من الفص الفاتح ووضعته في الإصبع ألثالث في يدها اليمنى وشكرته كثيرا وتوقفا في المرة التالية عند سوقاليركادو موديللو , التي قالت مارجي انه ينبغي أن يزوراها0
وهنا يمكن شراء أي شيء ابتداء من أكياس الأرز الى قبعة القش وأقمشة الملابس 0
وطبيعي ان ويندي كانت لا تهتم كثيرا بمثل هذه الأشياء كما أنها لم تلتفت إلى الهدايا التذكارية واشار غارث عفوا إلى الأشياء العديدة التي يمكن شراؤها لكنها تجاهلت تعليقاته ووجه اهتماممها إلى أقمشة الساتان المطرزة الرائعة واقترح ان تشتري قطعة منها لعمل فستان وقال:
- سأشتريها لكي0
لكنها هزت رأسها وهي تقول:
- لن ارتديه إطلاقا ورغم أنه رمقها بفضول فأنه لم يقل شيئا آخر عن ذلك0 - هل لاحظت الأجناس المختلفة من الناس؟
قالت ويندي مض ذلك وهما يمران بجوار سيدة اسبانية الملامح تشتري كمية من جوز الهند يرسل من رجل زنجي وبالقرب منهما كانت سيدة هي واضحا أنها من سلالة هندية بينما وقفت عن بعد مجموعة من الأفارقة كما أعتقدت ويندي0
- أجل إن الجولة ممتعة أليس كذلك0
بدا غارث سعيدا للغاية0 وهو يتجول هكذا وشاهدت ويندي جانبا منه يختلف
تماما عما شاهدته من قبل واستنتجت إن هذا الرجل الذي أحبتة له عدة جوانب في شخصيتة بعضها غير جذاب بينما الجوانب الأخرى ساحرة بشكل لا ينكر إنه يتمتع بلباقة اجتماعية0 فوق مستوى أبناء جنسه0
ورده قايين

- قضيت يوما رائعا0
صاحت ويندي قائلة ذلك عندما عاد أخيرا إلى الباخرة فايسون 0 وأضافت وهما يستعدآن للدخول إلى غرفتيهما0
- شكر جزيلا لكل ياغارث لأنك اصطحبتني معك0
ورد بما يشبه العبارة اللاذعة:
- أود لو أمتنعتي عن هذه المبالغة في استمتعنا كلا نا وأسهم كل منا في متعة الآخر0
ودون آن تهتم بالتقطيبة التي ظهرت على جبهتة ردت ويندي بحماسة:
- يجب أن أشكرك مع ذلك 0 إنك لا تعلم ما فعلته لأجلي 0 لكنك ستعرف يوما ما0
وكانت على وشك أن تستدير بسرعة وتسرع إلى غرفتها0
لولا أن يدا امتدت بسرعة وامسكت برسغها0 وأوقفتها وأدارتها لتواجهه في حركة رشيقة0
- لا يمكنك أن تقولي اشياء كهذه ثم تهربين دون اعطائي تفسيرا0
ما الذي قصدته بالضبط من تلك الكلمات؟
- لا أستطيع أن اخبرك , لايمكنك أن تكرهني على ذلك , اذا كان بإمكانك أن تتحدث بالألغاز إذا لما لا أستطيع أنا؟
وبهزة عنيفة قامت بها على غرة حررت نفسها من قبضتة وفي اللحظة التالية كان غارث يقف وحدة يحدق فيها وهي تتراجع بسرعة إلى الخلف وازداد التقطيب على حاجبه عمقا حتى أصبح عبوسا0

ورده قايين 30-01-08 05:13 PM


5- ثرثرة فوق البحر

وحالما صارت ويندي في غرفتها جلست على الفراش وهي تستعيد ذكريات اليوم الذي قضته وتشعر بأنها سعيدة إلى درجة أنها يمكن أن تغني أغنية الحب0
أي شيء رائع جميل !إن كان الأمل يراودها فقط , وظلت تصلي من آجل أن يحبها غارث بالعمق نفسه الذي تحبه به 0راودها آلأمل أن يعيش طويلا مع فتاة جميلة تعتني فيه كما عني هو بها 0
وفجأة وبدون سابق انذار انفجرت في بكاء حار واستدارت 00 ودفنت وجهها في وسادتها وظلت تنتحب دون أن تستطيع السيطرة على نفسها لكن دموعها توقفت حالا 0كم كانت ناكرة للجميل00 أتريد المزيد عندما منحتها الحياة الكثير مع هذا فلو أنها قادرة على أن تتطلع إلى حياة طويلة لصارت تواجه فترة فظيعة من الفراغ النفسي غير المحتمل 0فقد أحبت غارث وهو لا يهتم بها على الإطلاق 0ربما كان سيودعها وداعا بهيجا- من جانبه- عندما ترسو السفينة ويقول لها شكرا لك يا وندي للوقت الرائع الذي قضيناه معا ثم يمضي كل في طريقة ولا يلتقيان ابدا مرة أخرى أما بالنسبة إليها فكان سيحطمها هذا اذا هذا إنها تود أن تحتفظ بغارث طالما هي حيه0
"ورده قايين"
وجعلتها طرقة لطيفة على الباب تهب واقفة على قدميها , لكنها وقفت مترددة حائرة, بينما ألقت نظرة خاطفة على المرآة وهي تتساءل اتتحدث أم لا , وتكررت الطرقة مرة اخرى وسمعت صوت غارث يقول:
- وندي 00 لقد تركت حافظة نقودك معي0
حافظة نقودها ؟ لم تحمل معها حقيبة يدها, بل اكتفت بحافظة صغيرة للنقود وطلبت أن يضعها في جيبه وردت قائلة:
- يمكنك أن تحفظها لى الى مرة أخرى0
- مرة أخرى؟
وتوقف عن الكلام لحظة ثم اراد ان يعرف ما بها فقال:
- ألا يمكنك المجيء إلى الباب ؟
- أجل 00لا 00أعني000
وغمرتها النشوة عندما رأت مقبض ألباب يدور وهو يقول محذرا:
- إنني قادم00 فإذا لم تكوني مستعدة لملاقاتي فالأفضل أن تتعجلي0
ومع أن النبرة كانت تتسم بالأغاظة أسعدتها حتىوهي تبحث دون جدوى عن كلمات تجعله يبتعد وصرخت بإلحاح:
- لا00اتركه هنأك في الخارج00 أرجوك0
وسادت فترة تردد قبل ان يتحدث مرة أخرى:
- حسنا00
وأحست أن صوته كان جافا وكانت هناك حركة فجائية في وقع قدميه وهو يستدير ويبتعد0
وتنهدت بارتياح ثم دخلت في الحمام, وتمددت بضع لحظات في المياه المعطرة وشعرت باسترخاء تام وسعادة كاملة , فقد كان غارث جافا بسبب ردها, ولكن ذلك أفضل من أن يدخل ويكتشف أنها كانت تبكي00 إذ إن ذلك كان سيؤدي حتما إلى توجيهه عدة أسئلة إليها باللهجة الآمرة الاستبداديه نفسها, وكانت عيناه ستتفحصان وجهها وتسبران غورهما ي رام دورهما ,مما كان سيسبب تململها بعصبية00 أجل غضبه أفضل كثيرا من فضوله0
وأثناء العشاء كان فاترا0 لكن لمحة حيرة عميقة كانت تختفي وراء تعبيراته وظلت مارجي تثرثر بلا أنقطاع 0 وغافلة تماما عن أي شيء غير سليم0 أما فريزر الذي أخذ ينقل نظراته المختلسه بين غارث وويندي فقد كان واضحا إنه كان متنبها إلى وجود شيئا غير طبيعي بينهما , وعلي أية حال لم تكن ويندي تشعر بأية قلق إزاء موقف غارث 0 اذ كانت تدرك لمعرفتها طباعة إنه سيعود بسرعة إلى طبيعته الأصلية ويبعد عن نفسه كل ما وجده محيرا 0 وكانت على حق فقد انظم في النهاية الى الحديث0 يبدو في هذه الأيام كما لو كان أكثر تقبل لثرثرة مارجي , بل صار يبدو مستمتعا بها أحيانا0
اسرت مارجي لوندي من قبل أنها مصممة على معرفة ما إذا كانت لينيز مافارو نجمة السينما ضمن ركاب السفينة وهذا سر ويندي لكنها لم تهتم به 0 غير أن مارجي لمحت لها أن لديها خطة نادرا ما تخفق, وحينئذ سألت ويندي باهتمام:
- حقا؟
- لدي خطة لكنني لن اخبرك بها اذ ستعرفين النتيجة قريبا 0
وضحكت ويندي وتركت المسألة تمر عند هذا الحد0 واستمرت مارجي في توجيه بعض التعليقات التي تثير الإغاظة عن صداقة ويندي مع غارث 0
- لا شيء0
بدأت ويندي الحديث لكن مارجي قاطعتها فورا وقالت:
- لا شيء00 مع من تتحدثين؟ من الواضح أنكم ووقعتما في حب بعضكم البعض , لماذا00 إن الجميع يتحدثون عن ذلك0
واندفعت ويندي بالرد في لهجة استياء:
- الجميع لكن هذا سخيف!
وفكرت ويندي أن غارث لن يعجبه ذلك0 وانزعجت لاعتقادها أن ذلك قد يؤدي به إلى نبذها تماما0 وكانت تعرف إنه لو حدث ذلك لعانى قلبها من جرح نافذ سيظل يؤلمها حتى النهاية0
- سخيف؟
قالت مارجي ذلك وهي تهز رأسها, وواصلت مزاحها المرح غير مدركة آثره البالغ على الفتاة التي اضطرت للإنصات إليه:
- لماذا تخجلين من الحقيقة يا عزيزتي؟ لست خجله من علاقتي مع دينبي وسنتزوج قريبا جدا ألن يكون لطيفا لو تزوجتما انت وغارث ايضا, سيكون هنأك زواج ثنائي عندما نعود جميعا إلى ساوثهامبتن0
- مارجي أرجوك كفي عن هذ الهراء ! غارث لا يحبني ولا يمكن أن يفعل إطلاقا فهو اعزب بالسليقه اسألي فريزر إذا كنت لا تصدقينني ! غارث وأنا مجرد رفيقين في هذه الرحلة0
ونظرت إليها بتوسل وقد ظهرت بوادر الظلال والخوف في عينيها البنفسجيتين الجميلتين وأضافت:
- لا تذكري شيئا على الإطلاق لغارث عديني يا مارجي ن عديني بأمانة!
ونظرت إليها مارجي في رعب وقالت:
- عزيزتي تبدين في غاية الانفعال00 إن المرء يظن أن حياتك نفسها متوقفة على عدم سماعه الشائعة التي تدور حولكما00 هل هناك شيء ما؟
وجف حلق ويندي وهي تقول متسائله في خوف:
- هل هناك شائعة تدور حقا؟
- بالطبع00 لكن هناك شائعات تدور حول عشرات آخرين ممن تآلفوا معا منذ وطأت أقدامهم سطح السفينة00 هناك دائما قصص عاطفية فوق سطح السفينة تعقبها حفلات خطوبة وزواج لذلك لا أستطيع أن أدرك لماذا أنت قلقة هكذا0
ورده قاييـن
- غارث لن يحب الشائعات من هذا النوع وسينبذني 0
وهكذا كشفت عما في قلبها وإذ لم تكن مارجي قد أدركت الآن أنها ينبغي ألا تذكر شيئا لغارث فإنه لن يكون هناك في وسع ويندي أن تفعل شيئا إزاء ذلك0
- فهم إذا إنه الحب من جانب واحد في الوقت الحالي0
لكن إنتبهي لكلماتي ياعزيزتي00
وواصلت مارجي حديثها بطريقتها المباشرة المميزة بينما كان مفروضا أن تتكلم ويندي :
- لن يستمر الحال هكذا دائما إنك أجمل كثيرا من أن لا يقع في حبك بالتأكيد أخبرك بأنك جميلة؟
- أجل00 فعل0
وتعجبت وندي مما إذا كان وجهها قد شحب كما شعرت0 كلمات مارجي هزتها بالتأكيد0 وجعلت قلبها يدق بصورة مؤلمة000 لو نبذها غارث00لا00 ينبغي أن لا يفعل 0 لن تكون قادرة على تحمل ألم فقده 0 أو عذاب رؤيته يحول اهتمامه إلى فتاة أخرى 00 ربما الى نيكول رنتون0
- كنت أعرف ذلك! لا ياعزيزتي اعدك بألا أقول كلمة تجعله يشعر بأنه أحمق أو يقرر أن يتخلى عنك 0 لكنك تخشين أن يفعل وهكذا كما قلت سأغلق فمي مهما كان الأمر صعبا علي0
وفكرت في أن تضيف شيئا لكن ابتسمت ابتسامة عريضة آثرت على ويندي التي استجابت بابتسامة سريعة من شفتيها اللتين كانتا ترتجفان منذ لحظة واحدة وتعكسان القلق الذي تغلغل في داخلها عندما سمعت تعليقات مارجي 0
ووفت مارجي بوعدها فلم تقل شيئا على مائدة العشاء بشأن علاقة الحب كما سمتها فيما بعد, لكنها فاجأت ويندي عندما قالت وهي تنقل بصرها
بين غارث وريفرز , وقد اتسعت عيناها وارتسمت فيهما البراءة:
- هل سمع أيكما شيئا عن نجمة السينما المفروض أنها فوق سطح " الفايسون " 00 تقوم بالرحلة متخفية؟
وجفلت ويندي بوضوح إذا هذا ما كانت مارجي تقصده عندما قالت إن ويندي ستعرف قريبا كيف ستمضي في محاولة معرفة شيء عن وجود نجمة السينما فوق السفينة0
وعندما أدركت ويندي فجأة أن كلا الرجلين ينظران إليها0
احمر وجهها بشدة اذ كانت نظراتهما المحدقة فيها أكبر من أن تتحملها دون أن تنهار أمامها 0 ونكست رأسها وهي تلمس بلا هدف رغيف الخبز في الطبق أمامها وجاء التعليق الناعم من غارث :
- تبدين مضطربة بعض الشيء يا وندي هل هناك شيء يتعبك 0؟
واضطرت الى رفع رأسها وردت على نظراته الغير مبتسمة وقالت بنبرة متلعثمة يسودها الارتباك:
- لا شيء البته 00 لماذا تسألني ؟ لا أعرف لماذا تسألني؟
غمغم ضاحكا :
- فضول لا شيء أكثر أو أقل ياعزيزتي0
ونقلت مارجي نظراتها بين كل منهما وهي حائرة ومتجهمة0 وقد اتضح أنها مرتبكة بشأن كل ما يجري , وواصلت حديثها السابق:
- إنكما لم تجيبا على سؤالي هل تعرفان شيئا عن نجمة السينما هذه؟
ولمعت عينا غارث جذلا وقال :
- لما لا تسألين ويندي ؟
ونظرت ويندي بدهشة وقالت:
- أنا ؟ لماذا أنا؟
وقال فريزر الذي دخل في الحديث فجأة:
- أعتقد أننا ينبغي أن نغير الموضوع فإنه ليس من شأن أيا منا إن كانت لينيز ما فار فوق السفينة أم لا ولو كانت موجودة وترغب في أن تظل مجهولة الشخصية فأي حق لنا أن نبدأ البحث والتقصي0
ونظر مباشرة إلى غارث ثم قال:
- انا واثق أنك توافقني0
وبدأ أن غارث يكتم الضحك ورد بعد فترة:
- أجل اوافق من كل قلبي آسف يا مارجي لكن لا يمكن أن نقول شيئا عن الفتاة , وكما سمعت لا نعتقد إنه من اللائق اقتحام عزلتها0
ونظر إلى ويندي ثم قال متسائلا وهو يرفع زجاجة الشراب :
- مزيدا من الشراب؟ 00هيا اشربي, مالذي أصابك الليلة ؟
ولم ترد لكنها أخذت كأسها وشربت بعضا من السائل الأحمر القاني الذي بها وملأ غارث الكأس مرة أخرى وهو يركز عليها بعينيه الداكنتين 0
ولكن لو قصد أن يتحدث مرة أخرى فقد ضاعت منه الفرصة بظهور المضيف مما أدى إلى وقف الحديث وعندما استأنف كان يدور حول المسائل العادية ويتركز حول أوجه النشاط في اليوم الذي انقضى في سلفادور 0
ورده قايين
وكما صبحا عاديا بعد العشاء اتجه غارث وويندي إلى أحد الأندية الليلية وبعد ذلك إلى المرقص وكالمعتاد اختتما الليلة باالمشي فوق سطح السفينة حيث قضيا نصف ساعة أو نحوها واقفين بجانب الحاجز وبالنسبة إلى ويندي كانت هذه العلاقة كما يسميها الناس هي كل ما ترغب فيه قمت سعادتها, تحقيق أمنية قلبها , فقد كان غارث أول حب لها وسيكون آخر حب, وأراحت رأسها تحس بدقات قلبه السريعة وتتعجب كيف يكون ردة فعله لو علم الحقيقة0


الساعة الآن 12:44 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.