آخر 10 مشاركات
متى تحضني عيونك اذا هذي العيون اوطان ؟ , متميزة"مكتملة" (الكاتـب : توآقهَ ♥ لِــ ♥ لُقّياكـْ - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          608 - المرأة الضائعة - روايات عبير دار ميوزيك (الكاتـب : samahss - )           »          الإغراء الحريري (61) للكاتبة: ديانا هاميلتون ..كاملهــ.. (الكاتـب : Dalyia - )           »          بين الماضي والحب *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : lossil - )           »          عروسه المقامرة (63) للكاتبة Rebecca Winters .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عزيزى ديزموند(62) للكاتبة K.L.Donn الجزء5من سلسلة رسائل حب Love Letters كاملة+الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عزيزتى لينا (61) للكاتبةK.L. Donn الجزء4من سلسلة رسائل حبLove Letters كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          كُن لي عناقً وسأكون لك ظلاً كُن لي مأوى وسأصبح لك وداد (الكاتـب : تدّبيج - )           »          عزيزى مافريك(60)للكاتبةK.L. Donn الجزء3من سلسلة رسائل حب Love Letters .. كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-07-09, 10:05 PM   #11

ЄҺểểяΨ
 
الصورة الرمزية ЄҺểểяΨ

? العضوٌ??? » 9097
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 809
?  نُقآطِيْ » ЄҺểểяΨ has a spectacular aura aboutЄҺểểяΨ has a spectacular aura about
افتراضي


يسلموووووو الايدين ياعمري :icon30:

بانتظار التكملة


ЄҺểểяΨ غير متواجد حالياً  
التوقيع


الشعبية :
هي أن يحبك الناس عندما تغادر منصبك
كما يحبونك عندما تتسلمه

رد مع اقتباس
قديم 29-07-09, 10:35 PM   #12

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 2ـ من أمن للرجال...

طلع الصباح متألقا. استيقظت كيم على عالم بلوري مشرق، ونظرت إلى الخارج حيث السطوح البيضاء المتلألئة وقلبها يغني.
إنها بداية جديدة لامعة، حتى الجو أثبت ذلك، وهي ستبدأ البحث عن مكان جديد للسكن. ربما شقة صغيرة مع حديقة، أو منزل صغير، فهي ستجني ثروة صغيرة، وسيصبح بإمكانها تسديد بقية الديون، وبعدئذ تعود حياتها ملكا لها مرة أخرى. آه، ما أجمل الحياة!
بعد أن نامت ميلودي مرة أخرى، اتصلت بماغي تزف إليها البشرى.
وصلت كيم أمام المبنى الضخم فيما كانت جين وست توقف سيارتها في المكان المحجوز لسكرتيرة المدير التنفيذي. فسارت المرأتان إلى مكتب الاستقبال معا.
ـ متوترة؟
كانت جين تبتسم بعطف وحرارة وهي تقول ذلك، فبادلتها كيم الابتسام بضعف:" قليلا، بل كثيرا في الحقيقة. وظيفتي السابقة لا تقارن بهذه الوظيفة البالغة النفوذ"
ـ لا تقلقي، ستكونين بأحسن حال
راحت جين تنظر إليها عن قرب، وعندما دخلتا المصعد وانغلق الباب عليهما، قالت بصوت خافت:" المفروض ألا أخبرك بهذا في الحقيقة، ولكن كان هناك عشرات النساء اللاتي سعين وراء هذه الوظيفة.. وكان لدى بعضهن مؤهلات أفضل مما لديك، لكن لوكاس اختارك أنت، وهذا يعني أنك الأفضل لهذه الوظيفة.
أدركت كيم أن جين أرادت بكلامها هذا أن ترفع معنوياتها ولكن كان لهذا تأثير معاكس. وكل ما استطاعت أن تقوله، عندما وقف المصعد وخرجتا منه هو:" أنت لا تسمينه لوكاس؟ في حضوره"
قالت جين ضاحكة:" بل أناديه لوكاس. ستجدينه مختلفا جدا عن صورته بين الناس، حين تعرفينه، وهو إلى ذلك يكره الرسميات حين يكون بمفرده. ولكن، طبعا، أمام زملائه وعملائه في العمل، يُدعى دوما السيد كين والآنسة ويست، وفي حالتك السيدة ألن"
ـ هذا حسن!
ـ صدقيني إنه رئيس جيد، وإلا لما بقيت معه عشر سنوات
سألتها كيم متوترة:" كم.. كم عمره؟"
ـ إنه في السابعة والثلاثين. وقد استلم العمل حين كان في الخمسة والعشرين بعد أن مرض أبوه. استلم لوكاس العمل بعد أن أمضى في الشركة أربع سنوات منذ ترك الجامعة. ولكن حين استلم المسؤولية، كان من الكفاءة، بحيث قرر أبوه أن يتقاعد ويسلمه الشركة نهائيا، ومنذ ذلك الحين بدأ العمل يزدهر أكثر فأكثر.
فتحت جين باب مكتبها، وخفضت صوتها وهي تنظر إلى الباب الموصل بين المكتبين، ثم أضافت:
ـ التراب يستحيل بين يديه إلى ذهب، ولكن ما لا يمكن إنكاره هو أن لديه ذهنا عمليا حادا. كما أن منافسيه لا يرون الساعات الطويلة التي يمضيها في العمل. إنه يستحق كل نجاح وصل إليه. لم أعرف شخصا مجدا في العمل مثله.
ـ تعجبني حفلات التكريم والأوسمة، يا جين، ولكن عندما تنتهي هذه النغمة، ألفت النظر إلى أن منظفي المكتب قد ضغطوا خطأ على زر الاتصال الداخلي.
كان الصوت جافا للغاية. ولكن عندما نظرت كيم إلى جين، لم تر أثرا للخجل أو الارتباك عليها، وهي تقول:" خلاصك كان معجزة، يا لوكاس. دقيقة أخرى وكانت أذناك ستبدآن بالاحتراق لتنصتك على الآخرين"
ـ تعلمين جيدا أن أذني لا يمكن أن تحترقا يا جين، هل أفهم من كلامك أن السيدة ألن معك؟
ـ نعم إنها هنا
ـ إذن أحب أن أتبادل معها كلمة، قبل أن تبدئي بملء ذهنها بمائة مسألة ومسألة. أحضري أيضا كوبا من القهوة السوداء عندما تصبحين جاهزة لذلك.
ـ سآتي حالا
وابتسمت جين لكيم بمرح وهي تشير إليها بأن تذهب إلى مكتب كين. ووجدت كيم نفسها تفكر مجددا في أنها لا يمكن أن تماثل جين في استرسالها على سجيتها مع لوكاس كين المنيع.
خلعت معطفها بسرعة، وسوت شعرها اللامع الناعم المنظم بشكل ضفيرة أنيقة، ثم أخذت نفسا عميقا واتجهت إلى الباب وفتحته ثم دخلت إلى مكتب لوكاس كين
ـ صباح الخير. إذن فأنت لم تغيري رأيك؟
كانت العينان الفضيتان المدمرتان في انتظرها. وبالرغم من استعدادها لهذه المقابلة، أخذ قلبها يخفق بعنف، وحدقت في هذا الجسم الكبير الجالس خلف المكتب، وقالت بدهشة:" أغير رأيي؟ لا، بالتأكيد يا سيد كين. لقد أخبرتك بأنني سأكون هنا في الصباح"
فسألها بنعومة وعيناه تضيقان إزاء احمرار وجهها:" وهل تفين بوعودك دائما؟"
ـ نعم. هذا ما أفعله
كان في كلماتها عدوانية خفيفة لاحظها لوكاس بتسلية خفية، لكن صوته لم يكشف عن شيء من شعوره وهو يقول:" هذا حسن، سيدة ألن، لأننا، في هذه الحالة، سننسجم معا تماما"
ووقف وهو يتكلم، فأرغمت نفسها على ألا تظهر أية ردة فعل على الإطلاق عندما جثم على جانب المكتب:" سنستلم السيارة الزرقاء عند الساعة الرابعة. وهذا يمنحنا وقتا كافيا تتآلفين فيه مع أجهزة التشغيل والتحكم في الآلات، وإلقاء الأسئلة المتعلقة بها"
ـ شكرا
ولم تعرف ما تقوله غير ذلك.
ـ سيسر اللون ابنتك حين تراه.
عند ذلك نظرت إليه بحدة، لكن لوجه الجذاب كان خاليا من أي تعبير، وكذلك صوته وهو يتابع:" في الأسابيع الثلاثة التالية ستتعلمين كيف هذا يعمل المكتب"
طرفت بعينيها الواسعتين، لكنها لم تقترف غلطة الاندفاع في الكلام، والتوت شفتاها قليلا وهو يتابع:" هل أوفر قليلا من الوقت وأضع بعض القواعد لمصلحتنا نحن الاثنين؟"
كان الهدف من وراء هذا السؤال على ما يبدو هو التأثير في النفس لا الحصول على جواب، ومع ذلك، بدا لها، بشكل ما، متوقعا.
ـ كما ذكرت أمس، أتوقع لا بل أطلب ولاء كليا من أولئك القريبين مني، وأقل من ذلك غير مقبول. بصفتك سكرتيرتي ومساعدتي الشخصية، ستكونين على علم بكل المعلومات السرية المتعلقة بالعمل وبحياتي الخاصة معا، وأتوقع منك أن تكوني حذرة متحفظة مع الأمرين.
كان قد أشار إليها بالجلوس، عندما جلس على حافة المكتب، وكانت الآن شاكرة لهذا، بعد أن شعرت بأنها مأخوذة بمغناطيسية هذا الرجل الذي أصبح الآن رئيسها. نعم، رئيسها. وابتلعت ريقها بصعوبة قائلة:" طبعا، ياسيد كين"
ـ بل لوكاس.
ومال إلى الخلف قليلا، فأظهرت أشعة الشمس خلفه مدى سواد شعره.
ـ الأمر الثاني الذي عليك أن تتعلميه هو أن الرسميات كلها تتوقف عند ذلك الباب.
وأشار إلى الباب الموصل بين المكتبين خلفها:" أنت عيناي وأذناي في هذه المؤسسة وخارجها. وعليك أن تكوني حليفة عليها أن تكون صريحة داخل هذه الجدران الأربعة وتعطيني رأيها"
فسألته بحياد حذر يخفي اضطراب أعصابها:" وإذا كان رأيي يتماشى مع رأيك"
صمت لحظة ينظر إليها بعينيه الثاقبتين، ثم ابتسم أول ابتسامة حقيقية تراها منه:" أنا لا أريد منك أن توافقيني، بالضرورة، ولكن إذا لم توافقيني، أتوقع أن تكون تعليقاتك منطقية ومبنية على معرفة صحيحة. لدي ما يكفي من المتملقين، ولا أريد شخصا آخر يا كيم"
كانت هده هي المرة الأولى التي يلفظ فيها اسمها الأول، فشعرت، ويا للسخافة، بأن ذلك ترك داخلها تأثيرا ما. كان قريبا جدا منها. راودتها هذه الفكرة فحدثت نفسها بحدة بأنها تتصرف كتلميذة مدرسة وليس كامرأة ناضجة في السادسة والعشرين.
ولكي تحارب الضعف، أرغمت نفسها على مبادلته الابتسام وهي تقول بصوت مرح:" هل يمكنني أن أذكرك بقولك هذا في المستقبل؟"
اتسعت الابتسامة التي حولت ذلك الوجه الرجولي العدواني الصلب إلى ملامح أنيسة حلوة المعشر. وكانت هي تنظر إليه مفتونة حين قال:" لدي شعور بأنك ستفعلين ذلك سواء شئت أن أبيت"
قال هذا بتكاسل قبل أن ينزل عن المكتب بحركة واحدة، ثم يعود فيجلس على كرسيه وراء المكتب الضخم:" لاحظي كثيرا، قولي قليلا، وكوني يقظة في الأسابيع القليلة التالية يا كيم. يسرني أن تكوني معنا"
ـ شكرا لك.
وكان هذا طردا صريحا فنهضت بشيء من الاضطراب، آملة ألا يبدو توترها جليا.. فقد كان أكثر الرجال الذين عرفتهم شغلا للبال، ولكن عليها أن تجد طريقة تواجه بها شعورها.. فهذه الوظيفة فرصة لا تعوَّض. هذه الفكرة مكنتها من مغادرة مكتب لوكاس بخطوات متزنة ورأس عال ووجه جامد.
وطمأنت نفسها إلى أن لديها جين لتخفف من تأدية دور سكرتيرة لوكاس كين وذلك لمدة أسابيع قليلة، وبعد ذلك...
أخذ قلبها يخفق فتملكها الغيظ من نفسها لتوتر أعصابها هذا. ستصبح لاحقا كما يريدها أن تكون... آلة كفؤة هادئة قادرة، تدير مكتبه بنظام. بمكانها أن تفعل ذلك، فالوقت الذي أمضته مع غراهام، عدا النتيجة المشئومة بعد موته، جعلها تدرك أن لديها طاقات خفية لم تكن تعلم بوجودها.
تذكرت اليوم الذي اكتشفت فيه أنها ليست مفلسة فحسب، بل غارقة في الدين. لكنها اجتازت ذلك، وصنعت لنفسها ولميلودي حياة مقبولة، ومن الآن فصاعدا ستصبح أفضل ثم أفضل. إنها مسئولة الآن عن مصيرها ومصير ابنتها.. والعهد الذي قطعته على نفسها بجانب الضريح المحفور حديثا، ما زال قائما، وهو ألا تثق برجل مرة أخرى، فقد تعلمت درسا صعبا، لكنها حفظته جيدا.
إنها الآن مستقلة.. مستقلة بشكل رائع يجعلها سعيدة محظوظة.. ولا شيء، لا شيء يمكن أن يقنعها بخلاف ذلك. وهذه الوظيفة ستضمن لها الأمان المادي، وهي فرصة العمر لها.
سكرتيرة لوكاس كين؟ ونظرت إلى الباب المغلق، الذي تسمع من خلفه أصوات خافتة. ستسعى جهدها لتكون أفضل سكرتيرة له.

***


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 29-07-09, 10:42 PM   #13

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11

نهاية الفصل الثاني


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 29-07-09, 10:47 PM   #14

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
1111

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Cheer مشاهدة المشاركة
يسلموووووو الايدين ياعمري :icon30:

بانتظار التكملة

الله يسلمك و يعزك حبيبتي
شرفت الموضوع بمرورك




na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 30-07-09, 09:24 PM   #15

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 3ـ بداية التحدّي

3ـ بداية التحدّي


في الأسابيع التالية، عملت كيم كما لم تعمل قط ووضعت ملاحظات بكل ما أخبرتها جين به وكانت تأخذ كل مساء إلي بيتها رزما من الأوراق ثم تجلس إلى ما بعد منتصف الليل، تستظهر عن ظهر قلب كل ما فيها. درست كل ملف، وكل شركة، وكل شخص لعب دورا في حياة لوكاس كين العملية حتى أصبح في رأسها من المعلومات أكثر مما لدى جين.
إحدى صديقات ميلودي كانت تعيش قرب المدرسة، فاتفقت كيم ما والدة الطفلة على أن تدفع لها أجرا لقاء أن تحضر إليها ميلودي في الساعة الثامنة صباحا، لتستطيع كيم أن تكون في الشركة عند الساعة الثامنة والنصف يوميا.
تصورت كيم، في اليوم الأول، أنها ستكون بمفردها في المبنى، لكن سيارة لوكاس الفارهة كانت مركونة عندما أوقفت هي سيارتها.
كان قد وقف بباب المكتب عند وصولها وأخذ يحدق فيها لحظة ساخرا، ولكن عدا عن طلبه كوبا من القهوة، أمضى النهار بطوله من دون تعليق.
جاء عيد الميلاد وابتلعت كيم ريقها قليلا وهي ترى هدية العيد السخية من لوكاس وقد كانت شيكا مصرفيا... وفي الأسبوع التالي من شهر كانون الأول انتقلت مع ابنتها إلى كوخ جميل صغير مؤلف من غرفتي نوم وقريب من مدرسة ابنتها.
وحل يوم الاثنين من أسبوعها الثالث في الشركة، وهو اليوم الأول الذي لن تكون فيه جين موجودة لتسندها.. ووجدت كيم نفسها متوترة كطفل يدخل إلى المدرسة في يومه الأول.
مكّنها بدل الملابس من الشركة من أن تشتري بذلات أنيقة وبلوزات وبعض الزينة ما أظهر بشكل رائع الصورة التي ينبغي أن تكون عليها سكرتيرة لوكاس كين. وكانت كيم تعلم أن الطقم الرمادي والبلوزة الوردية الحريرية تلائم بشرتها الصافي.
ومع ذلك، كانت عيناها البنيتان الناعمتان واسعتين قلقتين نوعا ما وهي تتفقد ضفيرتها المرتبة، وغرتها الكثة المستقيمة التي تصل إلى قمة حاجبيها.
قالت بنعومة تحدث صورتها، في المرآة:" لا شيء تغير في اليومين الماضيين. فقد اشتغلت طوال الأسبوع الماضي ولم تساعدك جين إلا قليلا، وهذا يعني أن بإمكانك مواجهة أي شيء"
وكان عليها، بعد دقيقة أو اثنتين، أن تذكر نفسها بهذه الكلمات.
اعتادت في الأسابيع الماضية، على تحضير قهوة لوكاس فور وصولها إلى المكتب، لكنها الآن، عندما فتحت الباب، بعد أن قرعته، أدبا، كالعادة، لم يكن ذلك الثري البالغ الأناقة الذي تعودت عليه هو الذي رفع بصره إليها من وراء المكتب.
بدا واضحا أن لوكاس كان نائما حتى اللحظة التي أيقظته فيها، وحين استقام في جلسته وحدق إليها بعينين كليلتين، تصاعدت خفقات قلبها. ولم يكن ذلك لأن شكله المشعث يثبت أنه نام بملابسه.
كان قد خلع، في الساعات الأخيرة، سترته وربطة عنقه، فبدت عضلاته القوية.
لقد نجح.. نجح بكل تأكيد. وجمدت كيم مكانها، واهتزت الصينية بين يديها بشكل خطر. فقد كان.. حسنا، كان مختلفا، كما اعترفت بصدمة صامتة. إنه، في ملابسه، موهوب الجانب فياض الرجولة، أما بنصف ملابسه.. لا عجب أن جين قالت لها إن مرور النساء الفاتنات في حياته هو بسرعة سيارات السباق لأن العمل يأتي عنده في المقام الأول.
هذا لا يعني أنه يتملص منهن بالطبع، كما قالت جين، ذلك أن الدائرة التي يعيش فيها لديها التفكير ذاته... وهذا عامل مساعد. ولم يكن لوكاس قط من ملاحقي الشقراوات الغبيات، فهو يطلب الذكاء كما يطلب الجمال. وكل النساء يعتبرنه جذابا لا يقاوم.
لم تنطق حينذاك بأي تعليق رغم أنها حدثت نفسها بأن كلمة ( لا يقاوم) ليست الكلمة التي تخطر ببالها حين التفكير في لوكاس كين. أما الآن، فبإمكانها أن تفهم ما الذي يجذب مثل أولئك النساء إليه. رأت في استلقائه هذا كل تلك الجاذبية البدائية التي أحست بها مرة أو اثنتين.. حسنا، بل أكثر من مرة أو اثنتين.
ـ رباه! لم الساعة؟
بدأت العينان الفضيتان تصفوان، واحتل الصوان مكان لون الدخان في عينيه.
ـ الثامنة والنصف
كان جوابا مختصرا لكنه كل ما استطاعته قبل أن تتمالك أحاسيسها.
ـ هل تلك قهوة؟ أنت ملاك.
عاد يستند إلى الخلف في كرسيه، وأخذ يتمطى باسطا عضلاته المفتولة قبل أن يأخذ في تمسيد شعره إلى الخلف، وهذان الأمران لم يفلحا في حفظ توازن كيم.
ـ لقد أمضيت هنا معظم العطلة الأسبوعية. وصفقة " كلاركسن" انفجرت في وجهنا وكنا بحاجة إلى وقت لنحلها.
ـ هذا صحيح
وضعت القهوة والبسكويت على المكتب أمامه، راجية ألا يكون وجهها محمرا خجلا.
ـ لكنني قلمت أظافره.
وتناول قطعة بسكويت وأكلها بنهم قبل أن يتناول أخرى. فسألته بحذر:" متى أكلت آخر مرة؟"
بدا الشرود في العينين الثاقبتين عادة :" أكلت؟ لا أتذكر. أظن يوم السبت"
ـ هل تحب أن تأكل شطائر باللحم؟
فحدق إليها باهتمام:" شطائر باللحم؟ لا تخبريني بأن بإمكانك أن تجهزي هذا في لحظة، يا كيم!"
قالت بصوت جاف:" تقريبا. هنالك رجل في زاوية الشارع، وشطائر اللحم هو اختصاصه"
ـ أريد إذن ست شطائر مع صلصله.
مال برأسها وكأنها تتصور ما كانت جين ستفعله في نفس الظروف، ثم أرغمت نفسها على التوجه إلى الباب وهي تقول من فوق كتفها:" سأتأخر عشر دقائق أو نحو ذلك"
تأخرت ربع ساعة، وعندما قرعت باب مكتب رئيسها ودخلت، كان قد تحول إلى شخصيته المعتادة وذلك بفضل الحمام وغرفة الملابس في جناحه الخاص. ولكن بالرغم من بذلته النظيفة وقميصه الأزرق الباهت وربطة عنقه المناسبة، لم تر كيم فيه إلا صورة ذهنية لعضلات رائعة. ولم يخفف عنها أن شعره ما زال رطبا ووجهه الحليق الآن أكثر ارتياحا من العادة.
ناولته الطبق وهي تحاول أن تبدو جامدة قدر إمكانها:" إنها ست شطائر محشوة. وهي ساخنة"
ـ تتكلمين كما تتكلم أمي.
أمه؟ وضاقت عيناها، ثم ابتسمت بعذوبة زائفة:" لا تقل لي إنك من أولئك الرجال المرتبطين بأمهاتهم"
قالت ذلك بهدوء بعد أن فكرت فيه طويلا ولم تجرؤ على أن تنطق بذاك الجواب اللاذع الذي خطر لها.
ـ لا أظن ذلك.
وكان ينظر إليها وعيناه تلمعان، ولكن تلمعان بماذا، هذا ما لم تعرفه كيم.
ـ كانت أمي امرأة رائعة، ومناسبة لأبي بشكل مثالي، ولكن.. لا، لا أظن ذلك.
وأخذ قضمة من شطيرته وأغمض عينيه متلذذا
ثم سألها مستنكرا تقريبا:" كيف حدث أنني لم اشتر شطائر اللحم هذه من ذلك الرجل من قبل؟"
ـ لأنك لم تطلب!
نظر إليها بحدة، ثم قال ببطء:" وهل عليّ أن أطلب فقط؟"
كان عليها أن تعلم أنها لا يمكن أن تنتصر عليه في حرب الكلمات! وكانت واعية، باضطراب، إلى أن شيئا ما قد تحول في الدقائق الأخيرة.. شيئا كان يغلي في الأعماق منذ اللحظة التي وقعت فيها عيناها على لوكاس كين... شيئا لا يمكن... لا يجب التعبير عنه.
ـ سأحضر لك فنجان قهوة آخر.
وأسرعت تغادر المكتب قبل أن يجد وقتا يأخذ فيه قضمة أخرى.
ارتسمت على شفتيه ابتسامة باهتة. هناك أكثر، أكثر بكثير بالنسبة للسكرتيرة الجديدة الكفؤة الرائعة الجمال من مجرد تقابل الأعين. لقد عرف ذلك منذ البداية، وهذا هو السبب في أنه اختارها من بين مرشحات أكثر خبرة.
لكن هذه الفكرة لم تعجبه فاستحالت الابتسامة إلى تقطيب وهو يحدث نفسه بحدة بأنه اختار كيم لأنها أنسب المرشحات. أما المؤهلات والخبرة فهي ليست بالضرورة كل ما تتطلبه علاقات العمل. يجب أن يكون هناك لمعان ف ي الشخصية، وشيء لا يمكن وصفه وإنما يحدثك بأن أي اتفاق سيكون صحيحا مثمرا، فهو لا يرغب أبدا في سكرتيرة شاردة الذهن بطيئة الفهم ولهذا اختار كيم. كما أن مؤهلاتها جيدة بشكل لا بأس به، وكذلك خبرتها. هكذا كانت جين... فلطالما استمتعا بمشاجرات حقيقية في زمنها، كما طمأن نفسه بحزم، متجاهلا صوتا خافتا صادقا يقول له إنه يقارن الجبن بالطباشير.
شعر بعدم الارتياح فجأة لهذه الأفكار، ثم حول أفكاره إلى ملف كلاركسن الموجود أمامه، صارفا من ذهنه كل تفكير في كيم بذلك التركيز الذي لا يرحم والذي كان سبب نجاح شركة كين الكتريكال في العقد الأخير.

***


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 31-07-09, 09:34 PM   #16

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 3ـ بداية التحدّي

أمضت كيم وقتا أطول بكثير حتى استطاعت أن تحبس أفكارها غير اللائقة، وعندما نجحت بذلك، صممت على ألا تسمح لتلك الأفكار بالانطلاق مرة أخرى. بإمكان لوكاس كين أن يتبختر حولها كيفما شاء، من دون أن تهتز منها شعرة..
اضطرت إلى الاعتراف بأن فيه شيئا ما.. شيئا مغريا للغاية... وقد أراحها، في الواقع، أن تعترف بذلك وتظهره إلى العلن.. كان جذابا إلى حد بالغ... وهو من الرجال الأثرياء الذين تحيط بهم السلطة والهالة وهي غير مضطرة إلى الشعور نحوه بالمودة، ما دامت تحترم حدة ذهنه العملي وتستمتع بعملها، فهذا كل ما تريده. أما طراز حياته، والطريقة التي يقود بها علاقاته الشخصية، فلا شأن لها بها مع أنه يجسد كل ما تكرهه في الرجال في ذلك المجال.. لكن لا يعني أن ليس بإمكانها العمل معه. إنه يراها جزأ من أجهزة المكتب، وليس امرأة، وهذا يشكل كل الفرق.
وعندما أوقفت سيارتها أمام بوابة المدرسة، كانت قد استراحت إلى هذا التعليل. وسارت في الممشى ثم وقفت مستندة إلى الباب الخشبي الكبير فيما بدأ الثلج بالهطول.
عندما ظهرت ميلودي مع اثنتين من زميلاتها كان الثلج قد تحول إلى رقاقات سميكة بيضاء بعثت البهجة في نفوس الأطفال.
تقدمت ميلودي نحوها متراقصة والحماسة في وجهها:" أمي، السماء تثلج حقا. هل يمكننا أن نصنع في الحديقة رجل الثلج؟"
ـ ربما غدا، إذا كان الثلج كافيا.
كانت ميلودي تثرثر بثقة وحيوية فحمدت كيم الله لأنها لا تتذكر الأشهر الأخيرة الفظيعة بعد موت غراهام. لم تشأ أن تطيل التفكير في زوجها الراحل، وركزت أفكارها على ابنتها، فأخذت تسألها عن يومها. ولكن عندما نامت ميلودي في سريرها، وهدأ الكوخ، أخذت الذكريات تتدفق عليها بالرغم عنها.
لقد ظنت أنها مغرمة بغراهام.. كانت واثقة من أنها تحبه.. لكن المثل الذي يقول إنك لا تعرف الشخص إلا بعد أن تعاشره، كان صحيحا فيما يتعلق بزوجها..
الشاب الوسيم اللامع، ووحيد والديه العجوزين، أفسده الدلال منذ الطفولة. حاول والداه أن يمنحا ابنهما كل ما يطلبه رغم مواردهما المحدودة حتى أنهما موّلا عمله بعد تخرجه من الجامعة مما استفد آخر فلس يملكانه.
لم تكن واعية حينذاك إلى ذلك.. وبعد موت غراهام برز كل شيء إلى الضوء.
لم تكن تعلم أنه مدمن على الكحول، وكان غراهام بارعا بارعا في إخفاء إدمانه. وعندما عرفت ذلك، كانت حاملا بميلودي.
كان عمل غراهام قد فشل حالما بدأ تقريبا... وكانت هذه نتيجة محتومة لقلة الوقت والجهد اللذين بذلهما فيه... وعندما علم بعجز والديه عن مساعدته، أخذ يستدين، مستغلا كل ما لديه من ظرف وجاذبية. وكان دوما يحصل على ما يريد بجاذبيته التي لم يكن يستطيع أحد أن يقاومها.
رفعت كيم بصرها فجأة عن عملها...
لا يستطيع أحد مقاومة جاذبيته.. هذه الجملة جعلتها تدرك فجأة لماذا أخذت تفكر بغراهام بعد أشهر من صرفه من ذهنها.
( يبدو أنهن لم يستطعن مقاومة جاذبيته) هذه الكلمات هي نفسها التي قالتها جين في وصف نيكولاس.
زمت كيم شفتيها بقوة، وضاقت عيناها البنيتان القاتمتان وهما تنظران إلى غرفة الجلوس المريحة دون أن تريا شيئا. ربما ( كلهن) لا يستطعن مقاومة جاذبية نيكولاس كين، ولكن هنا امرأة تلقت لقاحا قويا ضد هذا المرض، برغم أنها لم تفكر في أنه أول رجل حرك مشاعرها منذ موت غراهام. والآن بعد أن أدركت هذه الحقيقة وما تمثله من خطر، ستكون على حذر. وهذا لا يعني أنه يهتم بها على المستوى الشخصي، وكادت تضحك عاليا وهي تتصور لوكاس كين القاسي البارد يميل إلى سكرتيرته. لكنها لا تريد أن تنجذب إلى أي رجل مرة أخرى خصوصا إذا كان يماثل غراهام في طباعه.
لم تخبر أحدا عن آخر سنة أمضتها مع غراهام وما عانته فيها من إذلال على يديه، لن تخبر أحدا أبدا فهي ليست مضطرة إلى ذلك. فهي غير مسئولة من أحد، وهذا ما تريده. ميلودي هي الشخص الوحيد الهام في حياتها وبإمكانها، بفضل هذه الوظيفة الجديدة، أن تمنحها لها. لا شيء، لا شيء أبدا يجب أن يتدخل في ذلك، وعادت عيناها إلى التركيز على المعطف الأحمر الصغير بين يديها وشفتاها متوترتان.



***


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 01-08-09, 01:29 PM   #17

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 3ـ بداية التحدّي

في الصباح التالي كان مستوى الثلج عاليا ما بعث البهجة في نفس ميلودي، لكن " الب ام دبليو" الفخمة تجاهلت تفاهات كالثلج على الطرق.
عندما أنزلت كيم ابنتها في مدرستها وتوجهت نحو عملها، وجدت نفسها تفكر، كما فعلت أكثر من مرة في الأسابيع القليلة الماضية، بحسن حظها الذي جعل لديها مثل هذه السيارة المريحة فارتاحت من الهرولة في الشوارع وعلى الأرصفة بقدمين مبللتين أو الجلوس في الباصات الباردة التي تصل متأخرة.
عندما وصلت، كان لوكاس في مكتبه كالعادة. كانت تشعر بأنها إذا بدأت في العمل في الخامسة صباحا فستجد لوكاس موجودا هو أيضا.
خلعت معطفها وسوت شعرها بسرعة في استراحة السيدات، ثم حملت له القهوة إلى المكتب.
ـ صباح الخير، يا كيم.
قال هذا دون أن يرفع بصره عن التقرير الذي يقرأه. وكان صوته هادئا مهذبا.
أجابته بنفس اللهجة، ووضعت الصينية على المكتب، ثم خرجت مرغمة من المكتب دون أن تسمح لنفسها بإطالة النظر إلى الرأس الأسود الشعر المنحني، وملامح وجهه الخشنة، لكنها شعرت بالغيظ عندما رأت قلبها يخفق بعنف وهي تجلس إلى مكتبها ويدها التي ترفع كوب القهوة إلى شفتيها ترتجف.
سرها أن يعودا إلى علاقتهما الجادة التي كانت بينهما في الأسابيع الماضية.
في العاشرة وخمس دقائق، حولت كيم إليه مكالمة من شركة كلاركسن انترناشيونال، وفي العاشرة وعشر دقائق أطل لوكاس برأسه من الباب:" أحد تلك الأشرطة على مكتبك هو عقد كلاركسن المعطل حتى الآن. ركزي على هذا الأمر أولا، من فضلك يا كيم. أنا بحاجة إليه في الساعة الثانية عشرة. كما أننا سنتناول الغداء معهم في الساعة الواحدة اليوم، فهل لك أن تحجزي لنا مائدة من فضلك في مطعم فونتيلا؟"
حدقت كيم إليه وأفكارها تتسارع، ثم قالت بأدب ووجهها وصوتها يخفيان كل أثر للضيق:" هل تعني أنك تريد مني أن أرافقك؟"
ـ نعم، وعليك أن تحضري قلما ودفتر ملاحظات، وأيضا تقريرا ماليا من المحاسبة، فقد نحتاج إلى ذلك.
كان يتحدث بأسلوب عملي كامل. ودل شروده على أنه يفكر في عدة أمور في وقت واحد. وقد لاحظت عليه عدة مرا من قبل. وكانت هذه إحدى ميزاته الكثيرة التي تثبت أنه غير بشري.
أومأت إيجابا، وعندما انغلق الباب خلفه مرة أخرى، جلست تحدق في أنحاء الغرفة بنظرات فارغة.. غداء عمل مع زبائن، هذا كل ما في الأمر ويمكنها مواجهة ذلك. سيحدث هذا مرة بعد أخرى فعليها أن تعتاد.
فترة الاستراحة في مكتب لوكاس كانت في الساعة الحادية عشرة والنصف، وكانت كيم تنتظر بهدوء بينما هي متوترة مضطربة داخليا. وفي الثانية عشرة والنصف، اتصل بها من الهاتف الداخلي ليقول إنهما سيغادران. توترت عضلات معدتها عندما سمعت صوته العميق، ولكن عندما برز من مكتبه بعد لحظات كانت غاية في البرودة.
ـ سنقابلهم في المطعم، ولهذا أحب أن أصل قبلهم بدقائق.
أمسك بذراعها يقودها إلى الباب الخارجي بسرعته المعتادة فلفحتها رائحة الكولونيا التي يستعملها، وشعرت بطوله وعرضه وهما يدخلان المصعد، حيث ابتعدت عنه جاعلة مسافة بينهما.
ـ ماذا حدث؟
ـ المعذرة؟
وحدقت إليه وهو يميل نحوه سخرا. ولم تستطع أن تمنع خديها من الاحمرار. كانت تظن أن ابتعادها الاحترازي عنه كان لبقا بحيث لا يُلاحظ، ولكن كان عليها أن تدرك أن ذلك الذهن الحاد سيلحظه.
قال بهدوء وقد ضاقت عيناه:" لم يعجبك أن ألمسك، لماذا؟ هل هو موجه نحوي خاصة أم أنك كذلك مع كل الرجال؟"
أي رجل آخر... نعم، ولكن أي رجل آخر ما كان ليلاحظ عدم ارتياحها أو ما كان ليواجهها به. وصدمتها هذه الفكرة، فقالت متحدية:" لا أحب، بطبيعتي، الاحتكاك الجسدي"
فقال ببطء جاف:" سأترك جانبا المزاح وشأن حملك بابنتك من غير دنس، وأكرر نفس السؤال. هل لديك مشكلة معي، يا كيم؟ إذا كان الأمر كذلك، فالأمر يحتاج إلى الصراحة وحل المشكلة. فأنا لم أتعود فرض نفسي كما لا أؤمن بمزج العمل مع المتعة. هل هذا واضح؟"
كان هذا فظيعا ولم يسبق لكيم أن شعرت قط بمثل هذا الحرج.
حدقت فيه، ورأت لمعانا في عينيه، ربما كان غضبا أو ضيقا أو أي شيء آخر، ولكن زاد في شعورها بالمذلة اشتباهها في أنه يشعر بتسلية عميقة. وأنعش هذا فيها روح المقاومة بطريقة ما كان لغير ذلك أن يفعلها.
قالت معذبة:" صدقني أنني لا أعرف عما تتحدث عنه، كل ما قلته هو نني لا أحب الاحتكاك الجسدي وهذا كل شيء"
قال ببرودة وحزم وجمود تام:" أنا لا أعتبر إمساكي بذراعك احتكاكا بالمعنى الذي تقصدين، ومن الأفضل إذن أن تعتادي على ذلك، اتفقنا؟ أنا لا أريد أن أراقب كل حركة أقوم بها كيلا أجرحك، ياكيم. وهكذا دعي عنك هذا ووفري علينا كلينا كثيرا من الإزعاج"
فتحت فمها قليلا دهشة، وعندما انفتح باب المصعد ومد يده يمسك بمرفقها، لم تقاوم. خرجا من المبنى ووصلا إلى موقف السيارة في غضون ثوان. ثم فتح لها باب السيارة لتصعد بانحناءة اشتبهت بأنها غير طبيعية.
غصت كيم في المقعد الوثير وأخذت تنظر إليه بارتباك وهو يدور حول السيارة، شاعرة بأنها تكرهه... كان أكثر من عرفت من الرجال صلابة وقسوة وعدم مراعاة للمشاعر. ولا يمكن لأي مبلغ من المال أن يعوض عن هذا.
ـ كيم؟
تابعت التحديق أمامها وقد التهب خداها. وبعد لحظة طويلة تكلم، فقال برقة أجفلتها وجعلتها تنظر في عينيه:" طريقتي في مناقشة هذا الموضوع كانت سيئة جدا، وأنا آسف"
لو أن الأرض انشقت تحتها وابتلعت السيارة، لما كانت دهشتها أكثر. وقال بلطف: " لقد ضربتني في الصميم. فأنا لا أحب أن أشعر وكأنني منحرف جنسيا. لم يحدث لي هذا قط من قبل"
ـ لوكاس أنا...
وشعرت بحرارة تغمر جسدها وأحست بالعجز. ليس بسبب اعتذاره فقط، بل بسبب اضطرابها البالغ لأنه كان أقرب إليها من أي وقت آخر، فكانت رجولته الفياضة تكتسحها بشكل حبس أنفاسها. كان أسمر، كبير الجسم، قوي العضل، ذا صوت أبح قليلا وكانت عيناه المحيرتان مسمرتين على وجهها، والحقيقة أن المغناطيسية التي كانت جزأ من جاذبيته الخطرة تضاعفت عشر مرات.
قال برقة زائدة لم تكن تعلم أنه قادر عليها:" هل هو زواجك؟"
آه، رباه! ما الذي ستقوله الآن؟ وقالت الشيء الوحيد الذي خطر لها:" نعم إنه زواجي"
قالت هذا بجفاء وتوتر. فقال:" أنا آسف"
بدا حقا آسفا، فلم تجرؤ على مقابلة هاتين العينين الباردتين المدمرتين مرة أخرى. وكل ما استطاعت أن تقوله هو: " لا بأس. أليس علينا أن نذهب الآن؟"
ـ هل آلمك؟ أعني جسديا؟
كان في صوته لهجة غريبة ولم تكن تعرف عن رئيسها القاسي البارد العديم المشاعر أن لديه مشاعر. وامتد بينهما الصمت إلى أن بلغ منها التوتر حدا شعرت معه بأنها إما ستصرخ وإما سيغمى عليها. لكنها لم تفعل سوى أن قالت بصوت خافت بارد:" لا أريد أن أكون عديمة التهذيب، لكنني لا أريد أن أتحدث عن ذلك يا لوكاس"


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 01-08-09, 01:32 PM   #18

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 3ـ بداية التحدّي

لم تتوقع منه أن يترك الأمر دون كفاح، لكنه أدهشها للمرة الثانية عندما تحرك بالسيارة دون كلمة أخرى، مندفعا من الموقف بعنف جعل السيارة تهدر.
ـ وخلافا للمفهوم القائل بعدم ذكر الميت بالسوء، أحب أن أقول إن من حظك أنك تخلصت من السيد ألن.
إنه لعلى صواب. وأطلقت ضحكة غريبة: "أعرف هذا"
ـ كيف حدث ذلك؟
نظرت إليه لحظة، إلى ذلك الوجه الخشن العابس وهو يركز على الطريق أمامه، غير واثقة مما سألها ثم عاد يسألها فجأة:" كيف مات؟ لم تذكري في طلب العمل سوى كلمة ( متوفى)"
ـ مات في حادث
لم تشأ أن تستمر في الكلام. وانتبهت إلى عينيه النفاذتين مسمرتان على وجهها، رغم أنها عادت تنظر أمامها مرة أخرى. وعاد يسألها بصوت بعث الاضطراب فيها:" حادث سيارة؟"
ـ لا.
كان وعي كيم موجها إليه وإلى اليدين السمراوين القديرتين ورائحته. مهما كان نوع الكولونيا التي يستعملها يجب أن تمنع لخطورتها على حالة النساء الذهنية. ولكن ربما لن يكون تأثير الرائحة نفسه على شخص آخر.
ـ قطع غراهام شريانه عندما سقط على واجهة متجر.
مضت نصف دقيقة ينتظر فيها المزيد... ولم تستطع كيم احتمال مزيد من الضغط، فأكملت قولها بفتور:" كان ثملا"
ـ الحادث المعتاد؟
فقالت بصوت جامد:" نعم"
ـ والآن تريدين أن تتحدثي عن شيء آخر.
أرادت أن تتحدث عن شيء آخر منذ اللحظة التي صعدت فيها إلى السيارة! وكبحت نفسا مرتجفا وأخفت يديها المرتجفتين في حجرها: " إذا لم يكن لديك مانع"
أومأ ببطء:" حدثيني عن ابنتك"
ـ ميلودي؟
قالت هذا مجفلة وهي تنظر إليه، وقابلت عينيها البنيتين الواسعتين لحظة، ولكن أهدابه الكثيفة السوداء أخفت ما فيهما من تعبير.
ـ إنه اسم غير عادي. هل هو من اختيارك؟
زدت حرارة رجولته من اضطرابها في هذه السيارة الفخمة المقفلة مرغما إياها على الاعتراف:" كان مخاضا طويلا وعسيرا"
ولم تضف أن غراهام كان في الخارج في حفلة شرب وصخب، ولم يأت إلى المستشفى لا في الصباح التالي" إحدى الممرضات كانت بالغة اللطف معي. وكانت من جمايكا، واسمها..."
أكمل لها الجملة:" ميلودي"
أومأت قائلة بهدوء: " لكنه يناسب ميلودي. فهي طفلة سعيدة، تضحك وتغني دوما"
كان في صوت كيم حرارة وحلاوة، وهي تتحدث عن ابنتها، بشكل لم بعهده لوكاس فيها من قبل، وفجأة، كان هو من يريد تغيير الموضوع. فقال بهدوء:" أنا واثق من أنها كذلك. والآن دعيني أدخل في الهدف الرئيسي من هذا الاجتماع قبل أن نقابل " جيم كلاركسن" وابنه"
أخذت تستمع بهدوء وهو يوضح الأمور، لكنها في الداخل كانت من الاضطراب بحيث لم تستوعب سوى نصف ما قاله.
تمنت لو أنها لم تأخذ هذه الوظيفة قط. فالبرغم من الراتب المغري، والسيارة، فقد تمنت لو أنها لم تخط خطوة إلى شركة كين الكتريكال. كانت تعلم مكانها مع بوب كيرتس. كان صاحب عمل لا يرحم، ولا يخجل من استغلال الناس لمصلحته الخاصة. لكنه كان سمينا أصلع ومتوسطا في السن، ولم يهتم يوما بطرح سؤال شخصي عليها.
تحرك لوكاس قليلا في مقعده الجلدي فشعرت بأعصابها تتوتر. كان بوب يشتري بذلاته جاهزة، وغالبا رخيصة الثمن. ولم يكن يرتدي قميصا حريريا، بينما لوكاس... حتى في ملابس السباحة تبقى حوله هالة الثراء تلك.
تصورها للوكاس في بذلة السباحة كان كافيا ليصبغ وجهها بالاحمرار، فتمنت لو ينسب ذلك إلى حرارة جو السيارة، هذا إذا لاحظ ذلك.
وقد لاحظ ذلك، والشعور الذي تملكه في المصعد عاد فاكتسحه مرة بقوة متجددة قبل أن يرغم نفسه على الهدوء. لابأس، فهي مضطربة كقطة على سطح صفيح ساخن، بهذا كان يحدث نفسه بعنف. لكن الشيطان وحده يعلم ما حدث لها أثناء زواجها. على الأقل ذلك الحشرة ميت الآن. وتنفس ببطء وهو ينظر أمامه بعينين ضيقتين مرغما نفسه على التركيز على حالة الطريق. إنها سكرتيرته، وهي لا تريد غير ذلك. وماضيها لا يؤثر فيه إلا بقدر ما قد يؤثر في عملها.
ساد الصمت بقية الرحلة إلى المطعم التي لم تكن مريحة على الإطلاق. وإلى أن اتجهت سيارتهما إلى الموقف خلف المطعم، كانت أعصاب كيم قد شارفت على الانهيار. وخرج لوكاس من السيارة ثم كان عند بابها يفتحه لها قبل أن تتحرك في مقعدها. وعندما نزلت من السيارة، تنفست الصعداء بصمت.
كانت تعرف مطعم فونتيلا، ولكن لم يحدث قط أن غامرت بدخوله.
ـ ارفعي رأسك.
لم تكن منتبهة إلى عيني لوكاس عليها أثناء سيرهما نحو الباب الرائع المؤدي إلى داخل المبنى. لكن عندما نظرت إليه، تابع يقول:" جيم طائر عجوز ماكر، ولكن عندما يحط على الأرض يصبح في منتهى اللطف، وابنه مثله. وستحبينهما"
ربما، ولكن التعرف إلى رئيس شركة كلاركسن انترناشيونال ليس هو ما يهمها، بل ذلك الرجل الأسمر الكبير الحجم الذي بجانبها. فقد أحدث، لسبب ما، تأثيرا بالغا في عقلها وجسدها لم تستطع التحكم فيه بالمنطق أو قوة الرادة. وكان يزداد سوأ مع مرور الوقت.
أحبت كيم جيم كلاركسن وابنه روبرت. كانا رجلي أعمال حاذقين وبنفس عناد لوكاس إذا اتصل الأمر بالتجارة، ولقد أحست على الفور بأن الرجال الثلاثة تعاملوا سويا في الماضي وهم يحبون بعضهم بعضا.
تملكتها الدهشة وهي ترى الحديث لا يخلو من المزاح رغم ارتفاع سخونته أحينا، وبالرغم من أنهما اثنان مقابل واحد، كان لوكاس متمالكا نفسه وهو يدير الأمور ببراعة وهدوء إلى أن حصل على معظم ما يريد. وكان واضحا أن هذا لم يغب عن جيم كلاركسن عندما ودع الأربعة بعضهم بعضا في موقف السيارات، وجيم يقول لها وهو يصافحها:" إنه ماكر، السيد كين هذا. لكنك تعرفين هذا طبعا"
ـ هذا بالضبط ما قله عنك، يا سيد كلاركسن.
وابتسمت كيم للرجل العجوز الأبيض الشعر وهي تقول هذا فقهقه ضاحكا وقد بدا الإعجاب واضحا في عينيه بالمرأة الرائعة الجمال الواقفة أمامه.
ـ الإطراء سيوصلك إلى كل ما تريدين، يا عزيزتي.
كان لوكاس يقف جانبا ينظر إليهما بعينين تعكسان لون السماء الماطرة فتقدم يمسك بمرفق كيم وهو يقول:" سأتصل بك غدا، يا جيم، بعد أن ينتهي المحاسب من مراجعة بعض الأمور"
ـ وداعا يا سيدة ألن.
ومد روبرت يده لها مصافحا وهو يقول ذلك ما جعل لوكاس يؤجل مغادرته:" لقد سرني التعرف إليك"
قال لها هذا برقة بالغة والدفء في عينيه.
ـ وأنا كذلك.
فتح روبرت فمه ليقول أكثر، لكن لوكاس سحب كيم بسرعة، وسرعان ما وجدت نفسها في لسيارة وهو يغلق الباب بعنف.
كان عمله هذا يقارب الفظاظة. وأخذت تنظر إلى رئيسها وهو يدور حول السيارة متجها إلى مقعده، ولم تستطع أن تقرأ شيئا في وجهه الجامد. ولكن ربما كان متجها للعودة إلى المكتب لسبب ما.
ـ سارت الأمور بشكل حسن.
كانا قد خرجا لتوهما من موقف السيارات وكانت قد ردت على تلويح روبرت لها بيده، وهو يقف بجانب السيارة المرسيدس الرائعة، وبالرغم من مضمون كلماته الإيجابي، كانت لهجته تنبئ وشيء مختلف. فقالت موافقة بأدب:" نعم. هذا ما رأيته"
قال بجمود:" يبدو أنك انسجمت جيدا معهما"
ـ كنت على صواب. إنهما طيبان للغاية.
أومأ بحنكة ولكن دون تعليق.
أطالت التحديق في جانب وجهه الصلب، شاعرة بأن فيه شيئا فاتها، ولا تعرف ما هو بالضبط.
كان الأمر هو نفسه عندما عادا إلى المكتب. فقد توارى في مكتبه بعد أن أعطاها بعض الإرشادات، مراجعا الملاحظات التي دونتها وقت الغداء. لكنه بدا شاردا بشكل ما، وبما يقرب من الضيق.


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 01-08-09, 02:08 PM   #19

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

يعطيكِ العافية عزيزتى

اختيار موفق


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 01-08-09, 02:37 PM   #20

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 3ـ بداية التحدّي

لم تهتم كيم بالأمر لأن المشاعر التي تملكتها طوال النهار أرهقتها ذهنيا وجسديا. فأصبحت بحاجة إلى كل ذرة من التركيز لكي تحول الاختزال الذي أخذته وقت الغداء إلى طباعة أنيقة. والواقع أن الطعام الممتاز لم يساعد على تخفيف مشاعر التعب لديها وهذا ما جعلها تهفو إلى غفوة بعد الغداء.
وعند الساعة الرابعة والنصف، أخذت رزمة أوراق ودخلت بها مكتب لوكاس ووضعتها على المكتب.
فقال دون أن يرفع بصره:" شكرا"
ـ سأعود بعد عشر دقائق عندما تجد وقتا لتوقع الرسائل، فهي على وجه الأوراق.
فقال بصوت جامد وهو لا يزال مطأطئ الرأس:" هذا حسن"
قبل أن تصل إلى الباب تذكرت أنها لم تذكر له تقرير سكرتيرة المدير المالي الذي استلمته لتوها فوضعته مع الأوراق، فالتفتت بسرعة والكلمات على شفتيها، وإذا بالكلمات تتجمد وهي تراه ينظر إليها متأملا.
تقابلت أعينهما وبقيت كذلك دهرا، فضة لامعة مع لون بني قاتم، ثم تحولت عيناه إلى خصلة من الشعر أفلتت من ضفيرتها الأنيقة في مؤخرة رأسها.
قال بذهن شارد تقريبا:" ألوانك غير عادية أبدا. شعر أشقر مع مثل هاتين العينين الداكنتين"
ـ لون شعري طبيعي
قال برقة:" أعلم هذا. بإمكاني تمييز ذلك"
طبعا بإمكانه التمييز بعد كل ما عرف من شقراوات. هذه الفكرة أزعجت كيم، ولكي تغطي اضطرابها، وجدت نفسها تثرثر:" ميلودي لديها نفس لون الشعر والعينين"
فأومأ برأسه ببطء وقال برقة:" إنها الجينات الوراثية. ربما لدى أحد والديك نفس الألوان"
أرادت أن تبتلع ريقها، وشعرت بغصة، لكنها تنفست بعمق:" إنها أمي. أنا لا أتذكرها لكن لدي صورتها. كان أبي أشقر هو أيضا ولكن عينيه زرقاوان"
ـ هذا حسن
بقي وجهه جامدا، فلم تكن بحاجة إلى أن تشعر بأي خطر من أي إغراء، ولكنها شعرت بذلك بالفعل. أخذت توصي نفسها بأن تتماسك، فهذا حديث محترم وهي تتصرف كمعتوهة.
ـ سوف... سوف أعود بعد دقائق لأجل الرسائل إذن.
ـ ماذا؟
وحملق فيها رئيسها الذكي القاسي البارد بنظرات فارغة لحظة، ثم أومأ فجأة:" نعم. افعلي ذلك يا كيم"
ثم أحنى رأسه وخرجت. ولكنها لم تتذكر إلا في مكتبها أنها نسيت أن تخبره عن التقرير المالي الذي ينتظره. حسنا، لن تعود إليه.. فهو سيجده بنفسه، كما حدثت نفسها وهي ترتجف.
مضت عشر دقائق قبل أن يرن لها الجرس الداخلي، فأخذت الأوراق التي ناولها إياها، ونظرت في عينيه عندما قاله لها بهدوء:" اجلسي لحظة، يا كيم. هناك شيء أريد أن أقوله لك"
ماذا تريد الآن؟ جلست برزانة على حافة الكرسي قبالة المكتب، وركبتاها مضمومتان معا وعلى ملامحه الحذر.
ـ بصفتك سكرتيرتي الخاصة، تعرفين كل أسرار العمل التي لا يعرفها غيرك من الموظفين.
كان صوته ثابتا هادئا. ولم تعرف ما إذا كان عليها أن تجيب. لكنها قالت:" نعم، طبعا"
ـ ستجدين أن الناس سيحاولون الوصول إليها من خلالك لأسباب مختلفة، بعضها هام والبعض الآخر ليس كذلك. وأحيانا سيتقربون إليك على مستوى شخصي، لكن جين وجدت أن من الأفضل أن تتوخى الحذر وتنفرد بنفسها أثناء العمل وتقصر صداقاتها على أولئك الذين لا علاقة لهم بشركة" كين الكتريكال"
ما الذي يريد أن يصل إليه؟ وسألته بدهشة:" لكنني ظننت أن خطيبها عميل لشركتنا؟"
طرف بعينيه لحظة:" الشذوذ يثبت القاعدة"
نظرت إليه بارتباك. هل هذا كل شيء؟
ـ الأمر هو، يا كيم...
وسكت لوكاس لحظة وعيناه مثبتتان عليها، فشعرت، كما شعرت مرارا من قبل، وكأن عقله ينظر في عقلها مباشرة متفحصا منقبا عن أفكارها الخفية ومخاوفها.
ـ نعم؟ ما هو الأمر؟
ـ أظن أنك ربما ستتلقين مكالمة هاتفية من روبرت كلاركسن.
ـ روبرت كلاركسن.
ونظرت إليه كأنه مجنون:" ولماذا يتصل روبرت كلاركسن بي؟"
ـ أليس ذلك واضحا؟
كان صوته خشنا ولا بد أنه لاحظ ذلك لأنه عاد إلى طبيعته الهادئة حين قال:" لقد أعجب بك. عندما ذهبت إلى استراحة السيدات بعد الغداء سألني عنك"
فوجئت كيم تماما، وارتباكها البريء ارتسم على وجهها.
ـ ولكن...لكنني لم...أقصد..
ـ أنت لم تلحظي ذلك.
قال هذا بسخط خفيف، فقالت وقد أحست بانتقاده:" لا لم ألحظ. كنت هناك بصفتي سكرتيرتك وقمت بعملي، هذا كل شيء"
ومن ذا الذي يلحظ شخصا آخر في وجود لوكاس؟ وصدمتها خطورة هذا التفكير وبعثت الاحمرار إلى وجهها.
ـ هذا شيء يستدعي المديح تماما. حسنا، سيتصل روبرت بك في المستقبل القريب، ويدعوك إلى الغداء أو العشاء.. أو إلى موعد، بما أن شركة " كين الكتريكال" وشركة " كلاركسن" مشتركتان في مفاوضات دقيقة حاليا...
ـ أتظنه سيحاول استغلالي للحصول على منفعة؟
قالت هذا بجفاء لأنه يظن بأنها من الغباء بحيث تتحدث مع أي كان عن أسرار الشركة! كيف يجرؤ؟
ـ ليس بالضرورة.
ـ ماذا إذن؟
لم تستطع منع صوتها من الارتفاع فقد كانت غاضبة جدا.
ـ كنت أشير فقط إلى أشياء معينة.
كانت عيناه عنيفتين ضيقتين، لكن السخط منعها من أن تبالي.
ـ أنا أشتغل عندك ولديك الحق في أن تطلب الولاء الكامل والحذر بالنسبة إلى كل ما يتعلق بالعمل. ولكن ليس لك الحق في أن تحدد لي من أخرج معه.
قالت هذا بتوتر وقد شحب وجهها.
لم يكن لديها النية في الخروج مع روبرت كلاركسن.. بل لم يكن لديها النية في الخروج مع أي شخص. ولكن، إذا ظن لوكاس كين أنه يمتلكها روحا وجسدا، فليصحو من سباته. يا الغطرسة هذا الرجل!
قال غاضبا:" ولا أنا سأحاول ذلك"
ردت عليه ثائرة:" ولكن هذا بالضبط ما كنت تحاوله لتوك"
ساد بينهما صمت مشحون، ولكن رغم غضبه البالغ، بقي وجهه هادئا. لقد لاحظ طوال فترة الغداء اللعينة تلك، كيف كان روبرت يبذل جهده كله لكي يؤثر فيها. وكانت هي تبادل روبرت الابتسام بطريقة لم تستعملها معه قط. ولم تجفل عندما لمس روبرت ذراعها وساعدها في ارتداء معطفها. تبا لذلك.
كان يحارب مشاعره طوال فترة بعد الظهر، وهي مشاعر جديدة ومزعجة للغاية. كان دوما مشهورا بأنه رجل منطقي.. رجل حرص على أن تكون حيته حرة منظمة ويريد أن تكون علاقاته كذلك.
المشكلة الأبدية، الحب والغيرة... كان يجد دوما مثل هذه الأمور مزعجة ولا فائدة منها فكان يتجنبها كما يتجنب الوباء. إنه يحب النساء اللاتي يفكرن كالرجال من ناحية العواطف.. أو مثله على الأقل. دون ارتباط، ومستقلات، مستعدات للفراق عندما تنتهي العلاقة دون دموع ولا روابط.
وما زال يفكر على هذا النحو... تبا لذلك. لا شيء تغير. لا شيء.
قال بصوت كالثلج وعيناه ثقابتان كالفولاذ:" لا حجة بك لإثارة أعصابك. كل ما في الأمر أنني أحذرك، لقد عملت معي ثلاثة أشهر ولم يحدث أمر كهذا بيننا من قبل"
وعندما انتهى من الكلام نهض وسار نحو الباب وفتحه وهو يقول:" ربما عليك أن تتأكدي من أن تكون هذه الرسائل في البريد الليلة"
إنه يصرفها كما يفعل الناظر مع الولد الحسن السلوك!
نهضت واقفة وقبضتاها تشدان الأوراق التي تمسك بها ثم أرخت أصابعها عنها قليلا.
أرادت أن تمر بجانبه بعدم اكتراث وغطرسة رافعة رأسها، لكن الغضب الذي سيطر على كيانها جعلها لا تنتبه ولم تعرف ما إذا كان كعب حذائها قد اشتبك بالسجادة، أم أن ساقيها كانتا ترتجفان. إلا أنها كانت على وشك أن تنبطح عند قدميه... ثم أوشكت أن تقع عندما وصلت إلى الباب.
انتشرت الرسائل من يدها وهي تحاول أن تستعيد توازنها، وإذا بيدين قويتين تحيطان بها وتضمانها إلى صدر رجل قوي العضلات.
دار رأس كيم وتشوش ذهنها بحيث لم تقم بأي حركة للتملص منه. كما بدا أن لوكاس جمد مكانه، ثم أنعدها عنه قليلا لكي يتمكن من النظر في وجهها:" هل أصابك أذى؟"
أصابها أذى؟ إنها لا تعرف ماذا جرى لها، وهو يحتضنها بذلك الشكل. كان يمكن أن تكسر قدمها دون أن تنتبه.
كانت تعلم أن عليها أن تقول شيئا... فهي لا تستطيع الاستمرار في النظر إلى وجهه... ولكن كل أحلامها في الأشهر الماضية تجمعت الآن.
كانت يداها قد استقرتا على صدره العريض، فشعرت بخفقان قلبه تحت أناملها، ورقة قماش قميصه الأزرق تحت يديها.
كان قلبها يخفق دافعا الدم بعنف في أوردتها مرسلا دقات قلبها إلى عنقها ما خنق الكلمات التي أرادت أن تقولها لتنهي هذا الأمر بسرعة دون مزيد من الارتباك. كانت تحس بقوته الجسدية، وقوة عضلات ذراعيه تحت راحتيها. ولكن بدلا من أن يجعلها هذا تقفز مبتعدة، كما كان ينبغي أن تفعل، زاد ذلك من عدم قدرتها الغريبة على الحركة.
ـ كيم؟
كان ذلك تمتمة رقيقة تقرب من الهمس، ثم أحنى رأسه وحك أنفه في شعرها الذهبي وهو يحركها بين ذراعيه مرة أخرى ويقول بصوت متوتر:" لا بأس، أنت بخير"
كان يعلم أنها تتوقع منه أن يعانقها، بل تريده أن يعانقها. لكنه لم يفعل.
شعرت وكأنما غمرها فيض من الماء البارد، فتملصت منه في اللحظة التالية، ومضت، مجروحة المشاعر، تلملم الأوراق المتناثرة. وعندما حاول أن يساعدها، قالت:" يمكنني أن أتدبر أمري جيدا شكرا"
جمد على الفور، ثم قال بشيء من التوتر:" طبعا يمكنك ذلك".
لم تشعر قط من قبل، حتى عندما كان غراهام في أسوأ حالاته، بهذا الإذلال الذي تشعر به الآن.
أنهت جمع الأوراق واستقامت وقد توهج وجهها وبان الخزي في عينيها ما جعلها تتصلب في وقفتها. ثم قالت بألم وهي تنظر إلى لوكاس:" سأحرص على أن تذهب هذه الرسائل إلى البريد الليلة"
كان قد ابتعد قليلا عن الباب، فخرجت منه بسرعة وسمعته ينغلق خلفها ما زاد في تصلب أعضائها، كان كل ما تريده هو الهرب.
وضعت الرسائل في مغلفاتها بسرعة كبيرة بحيث لم تهتم بدقة طيها أو أي شيء آخر. ثم بدلا من أن تتصل بالمحاسبة لتعلمهم بأن بريد السيد كين جاهز للتسليم، أخذته بنفسها، وهناك تلكأت لحظات لتتحدث إلى سكرتيرة المدير المالي قبل أن تعود إلى الطابق الأعلى.
عندما دخلت إلى مكتبها كان لوكاس يتحدث في هاتفه الخاص، فدارت في المكتب تجمع أشياءها ومعطفها، وتحرص على أن تترك كل شيء منظما. ثم خرجت إلى المصعد وكأن الشيطان يلاحقها.
لم تتعود قط أن تخرج دون أن تلقي عليه تحية المساء، ولم يحدث أن خرجت قبل الخمسة فالساعة الآن هي الخامسة إلا ربعا... ولكن هذا كله غير مهم. فإذا كان عليها أن تواجه لوكاس الليلة، وتنظر إلى هاتين العينين الساخرتين وتلمح فيهما المعرفة بضعفها، ستنهار. إنها تعلم هذا.
ولم تسمح لأول دمعة ساخنة بأن تسيل على خدها، إلا بعد أن أصبحت آمنة في سيارتها، وانطلقت مبتعدة عن الشركة.

***


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:27 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.