زوايا حالكة

[نسيم الغروب]

مساء الخير
لا اعرف كيف كتبت ما كتبت وبعد ان قرأتها وجدتها بسيطة
لكن تلك الفتاة الصغيرة المفعمة بالامل رغم اعاقتها تنير ابتسامتها قبل الشمس وهي لاترى فرق بينها وبين طالبات المدرسة الاخريات وهي تمضي بكرسيها بأتجاه مدرستها ... أشعرتني كم أني تافهة بأحزاني وآلامي ويأسي .. هي تتحلى بالأمل وتنظر الى المستقبل بينما نحن نتشبث بالماضي ونعود لتلك الزوايا مراراً وتكراراً
فهذه لكِ يا شعلة الأمل .

** زوايا حالكة **

سكبتُ محبرتي

وأغرقت كلمتي

وبعدها

أحرقت صفحاتي

وأطفأتها بدمعاتي

فيا قارئ حرفي

لا تعجب لقدري

لم يبقى شيء من عمري

سكنت في قصر من حزني

وغرقت ُ في نهراً من دمعي

تهت في غابات من ألمي

حتى بَعُد عني كفني

وضاع عني قبري

(عذراً لكل من قرأ لي كلمة من قبل وكل من شجعني لاستمر في هذا الطريق .. هذه ستكون آخر الكلمات لان اليأس استبد بي والألم استحل قلبي فلم يعد قادراً أن يعزف على أوتار القصائد أو يحلق معكم في عالم اصنعه من أحاسيسي ومما يدور حولي لتكون قصة تختتمون بها أسبوعكم فلم يتبقى إلا الحزن وليس لي الحق أن أغرقكم معي في مستنقع آلامي ).

كانت خاتمة وضعتها كاتبة حلق معها الأمل لكن تلك الأجنحة احترقت بنار اليأس , قررت أن يكون وداعها لقرائها حتى تنزوي بزاويتها الحالكة

......................

صباح أخر .. هاهي الشمس تشرق كل يوم .. تنشر ضيائها كل يوم دون كل أو ملل حتى لو تذمر البشر من حرارتها ومن ضيائها القوي فهي رغم ذلك تطل ببهائها وقوتها .
لابد أن أبقى مثل الشمس أقاوم كل يوم من أجل مستقبلي وكي أحقق أكبر أحلامي ولا أترك أي شيء يقف عقبة في طريقي ويمنعني من الوصول إلى هدفي ..
أيها المنزل الموحش يبدو أنك وجدت من يؤنس وحشتك ويسامرك في لياليك ويضيء تلك الغرف المظلمة بنور الحياة ويشتت السكون القاتل بضحكات أفراحهم و حكايات يومهم .... كان صباح آخر كباقي الأيام كما ظننت لكنه كان البداية لان استعيد جزءاً بثقتي بمن حولي .

...............

البداية كانت مع شمس خبأت ضيائها عمن حولها وأبدلتها بضباب من الحزن , ابنة الجيران الجدد الذين ذهبنا لزيارتهم أول مرة بدءاً بالأم التي رغم الابتسامة على وجهها لكن هنالك الكثير والكثير من الألم الذي استحل ملامحها الجميلة دون شفقة أو رحمة , ذهبت قليلاً لنسمع صراخ تلك الفتاة على والدتها وهي ترفض أن ترى أحد بصوت يقطر مرارة وبنبرة ترجي تطلب منها أن يتركوها تعيش في عالمها كيفما تشاء .
بعد ذلك الصراخ عادت الأم بحزن أكبر من الذي خط على محياها وأظهرها بعمر يفوق عمرها وكأن جبال من الهم ربضت فوق ظهرها وهي تعتذر عن سلوك ابنتها وما سمعناه قبل قليل
- لم تكن ابد هكذا كانت تحب الحياة وتعشق التعرف على أناس جدد وتستمع بحكاياتهم ولكن منذ أن أصيبت برصاصة الاحتلال في عمودها الفقري بعد إن كانت عائدة من جامعتها و أصبحت حبيسة الكرسي كما هي حبيسة أحزانها وآلامها حتى أنها من طلبت منا الانتقال إلى هذه المنطقة كي لا تلتقي بأي من معارفها أو معارفنا .
- لا تقلقي نحن نقدر ظروفها وليس من السهل أن تتأقلم بسهولة مع ما أصابها .. أجابت بوالدتي بتعاطف
إذا الظلام نشر أجنحته على هذه الفتاة وأخذها إلى طريق ليس باختيارها لكني لن ادعها تصل إلى ذلك المفترق لتختار الظلام بدلاً من النور .

(صديقتي التي لم أعرفها بعد

اسمحِ لي أن أقول لكِ صديقتي لاني متأكدة أننا سنكون صديقات .. ليس غروراً إنما ثقة من إنسانة ظنت إن الحياة توقفت وبيدها أن تتحكم بنهايتها وتتخذ من العزلة والانطواء ملجأ لها لكن اكتشفت قبل فوات الأوان إن الحياة لن تتوقف إن أرادات ذلك .. كل شيء يسير حسب ما هو مقدر له شئنا أم أبينا .
لا أدعي إن ما مررتُ بهِ مشابه لما تمرين به لان تجربتك صعبة على أي إنسان أن يتقبلها لكن بداخل كل إنسان قوة خفية تمده بالقدرة على الاستمرار .
أرجو أن لا أكون أزعجتك لكن لن أتوقف حتى تقرري مواجهتي .

إلى اللقاء )

تظن أنها تعرف ما أعانيه , كلهم يقولون ذلك يظنون انه من السهل أن أبدا حياة جديدة .. كل شيء مضى وليس هنالك أمل بعودته .. مزقت تلك الورقة بعد إن وجدتها على حافة شباك غرفتها لتستقر داخل سلة المهملات .
هذه هي الطريقة التي دأبت عليها سلسبيل كل يوم تضع لها رسالة وأحيانا زهوراً بيضاء وتطرق الشباك وتختبئ في مكان لا تراه شمس .. تريد أن تشوقها وان تستدرج غضبها حتى تخرج من صومعتها بتلك الحكايا عن نفسها وعن يومها وعمن يحيطون بها بأسلوب ظريف واحياناً جدي .. هكذا كان الأمر بعد إن استأذنت من والدي شمس .

(شمس الشموس

اليوم جعلت الكل يعترف بحقيقة إني أكثرهم ذكاءاً وإصرارا بعد إن كانوا يسخرون مني .. لا اكذب عليكِ أن قلت إني أرى الكثير من الكره في عيونهم لا اعرف من منا حقاً يجب أن يكره الأخر .. لم افعل لهم شيء ولكنهم مصرين إني لا ارتقي لهم وخصوصاً أولئك الحمقى فبرغم جمال فتيات ووسامة شباب تلك المجموعة ألا أنهم يملكون من الغباء والغرور والإهمال مايؤهلهم كي يكونوا ملوك على جزيرة تكون فقط لأولئك الذين لا يرون ابعد من انفهم .
وملكة الحقد كانت اليوم تتمشى بكعب عالي لا يكاد يرى في الحديقة بعد أن تم سقيها فانغرس في الأرض وانخلع من قدمها فانكفأت على وجهها في مكان مليء بالطين وتخيلي أنتِ ذلك الموقف ..
لا أتشمت بها ولكنها اليوم جرحتني بقوة وخدشت الأنثى التي في داخلي .
حسناً سأذهب الآن

إلى الملتقى )

ألا تمل تلك الفتاة من رسائلها ..لكن صدقاً لم اضحك هكذا منذ فترة طويلة , فيها براءة وعفوية وفي نفس الوقت قوة يبدو أني أدمنت تلك الرسائل القصيرة , اشعر أنها كصلتي بالعالم الخارجي .
هذه حال شمس بعد أن توقفت عن تمزيق رسائل سلسبيل وصنعت منها دفتر مذكرات كل يوم تضيف له رسالة أخرى وأحيانا تعيد قراءتها مرة أخرى وتلك الضحكة التي هجرتها عادت لترن من جديد وتنير حياة والديها .

وعكة صحية أصابت سلسبيل أرغمتها أن تتوقف عن رسائلها لشمس , تلك الأخيرة أصبحت كل يوم تترقب لكن لاشيء حتى طلبت من والدتها أن تذهب وتسأل عن سلسبيل دون أن تذكر أنها أرادت ذلك .. لم تعرف أن والدتها ووالدها يعرفان بكل شيء .
في نفس الوقت أدركت سلسبيل إنها توصلت إلى الخطوة الأخيرة دون أن تدري , لأنها إن استمرت برسائلها ستجد شمس فيها العزاء وتستمر في عزلتها وبذلك توقفت نهائياً

....

أين هي لماذا لم ترسل شيء .. أنا اعرف أنها شفيت وعادت لجامعتها إلا تعرف بأن كلماتها هي زادي كي اصبر على ما أمر به أم أنها ملت مني وهي لا ترى أي تجاوب مني .. يا الهي ساعدني لا أريد الخروج من هنا وأخشى رؤية أي احد لكن سلسبيل تختلف عنهم .. صحيح أنا لا اعرف بأي كلية هي ولماذا الباقين يستهزئون بها .. كم أنا ناكرة للجميل هي تساعدني وتسليني ولكن هي من يساعدها ويعطيها الصبر لتواجه كل ما تتعرض لهُ من مضايقات .

...............

(أصبحت أكثر هدءواً لكنها شاردة طوال الوقت كأنها تفكر بشي ازداد خوفي عليها ) هذا ما سمعت والدة شمس تخبر به أمي .. سأرى إلى أين تصل بتفكيرها تلك العنيدة
يبدو أن انتظاري لم يطول ووالدتها تدعوني لزيارة شمس
فعلاً هي شمس صدق من أعطاها هذا الاسم .. جميلة رقيقة هادئة .. ملامح جذابة .. عينان بلون الذهب ناعستان لكنهما حزينتان وعلى ملامحها الكثير من الألم.

ناعمة تشبه الدمي في تفاصيل جسدها فيها الكثير من الطفولة .. سعادة تشع من وجهها .. ابتسامتها مليئة بالحياة .. عينان واسعتان تشعان قوة بلون اسود رغم إنهما يختبئان بخجل خلف نظارتها لكن ذلك الجرح.
- مساء الخير
- مساء النور
عم الصمت وكل واحد منهما تفكر بما ستقوله وكيف سيبدأ الحوار .. شمس ابتعدت فترة عن ملاقاة الناس حتى أصبحت مترددة فيما ستقوله وسلسبيل تحاول أن تنتقي كلمات مناسبة حتى لا تكشف كل أوراقها منذ اللقاء الأول وتجعل الأخرى تتحمس للقائها مرة أخرى .
- هذا المنزل أصبح أكثر جمالاً مما كان أصبح فيه الكثير من الدفء
- نعم أمي تصر أن تختار كل شيء بعد أن تشعر معه بالألفة
- كيف تقضين وقتكِ ؟
- لا افعل شيء كل وقتي فراغ
- وماذا عن دراستكِ ؟
- تركتها بعد أن أصبحت حبيسة هذا الكرسي
- ماذا كنتِ تدرسين قبل ذلك
- اللغة العربية .. وماذا عنكِ ؟
- أدرس القانون
- متأكدة ستكونين محامية لامعة لأنك ذكية وقوية ولا تتنازلين عن هدفكِ بسهولة
- أتمنى ذلك .. أخبرتني والدتكِ انكِ كنتِ تكتبين في أحدى المجلات
- نعم كل أسبوع انشر قصة أو قصيدة
- حسناً .. ما رأيكِ أن تزورينا او نخرج لمكان ما في المرة القادمة
- لا .. اقصد لا أستطيع .. بخوف تمسكت بمسندي الكرسي
- لا تقلقي المتنزه قريب وليس هنالك فيه الكثير من الناس .. أعدك إنني لن أجبرك أن تبقي إن لم يعجبكِ المكان
- حسناً .. ولكن لوقت قصير لن نطيل البقاء كثيراً
- إذا اتفقنا نذهب يوم الخميس عصراً .. سأذهب الآن
- أرجوك ابقي قليلاً
- لا تقلقي ستملين مني في الأيام القادمة حتى تطلبي رحيلي .. إلى اللقاء
- إلى اللقاء

.....

[نسيم الغروب]

بخوف وترقب تنتظر ذلك الخميس تشعر إنها تسرعت بالموافقة .. كيف ستواجه الناس ونظراتهم


والأخرى تشعر إنها متحمسة لذلك اليوم والتحدي أصبح صداقة جميلة ممكن أن تبقى عمر طويل


............

خابت أمالي وأنا أرى نظرة والدتها التي تحمل الكثير في طياتها وهي تخبرني برفض شمس للخروج لم أتمالك نفسي وأنا استأذن والدتها للدخول .. لا اعرف ولكن الحزن والغضب كانا يسيراني وانا اشعر باختناق والذكريات تعاودني بقوة .
مستلقية بسكون فظيع فقط أنفاسها ما يدل على الحياة .. عيناها شاخصتان لمدى بعيد كأنها منفصلة عن العالم أردت التراجع واحترام ذاك الهدوء الرمادي لكن كل مرة أستعيد جزءاً من حياتي أشعر إني أريد أن أساعد جميع الناس .
- لماذا هربتِ من المواجهة
- لم أهرب لاني لم أذهب أصلاً إلى ذلك العالم
- هو عالمي وعالمكِ كلنا ننتمي إليه لكننا أحيانا نختبئ منه
- أرجوكِ كفى لم اعد أستطيع التحمل أشعر إني مشتتة ضائعة لا اعرف أين أذهب..أتمنى أن أرحل بصمت كل شيء يخنقني هنالك شيء يجثم على صدري ويخنق أنفاسي ...بدأت تضرب صدرها بقبضتها هرعت إليها أضمها لصدري وكأني احتضن جزء من نفسي ظننت انه ضاع ..بكائها مرير لم استطع أن أقول لها أي كلمة فقط تركتها تتكلم وتبوح بكل آلامها بجمل متقطعة وأحيانا غير مترابطة ..فما اشد احتياجنا لصدر يسندنا ويسع أحزاننا ويشعرنا بدفء وتفهم .
بعدما هدأت أردت أن أخترق حصونها وهي في أشد ضعفها وعدت ألح بطلبي لنخرج سوية رغم شعوري بأني استغللت لحظة ضعفها لكن إن تركتها أكثر ستنسحب أكثر إلى تلك الزوايا الحالكة فما كان منها إلا أن توافق .

............


أتى صباح ذلك اليوم يحمل في طياته أمل وشوق لفتاتين عانت كل منهما


شمس أحيطت بغيوم بيضاء لم تخفي جمالها بل أظهرتها أكثر طهراً ونقاء .. هكذا كانت بعد أن زين حجابها الأبيض ملامحها الجميلة .


طوال الطريق مطرقة برأسها تخشى أن ترى نظرة تجرحها والأخرى احترمت صمتها ولكن ليس لوقت طويل .

- ها قد وصلنا
- فعلاً ليس ببعيد
- نعم انه قريب والآن سأعرفكِ إلى هذا المكان الذي لا يأتي أليه سوى قليل من الناس .. انظري للأشجار كل واحدة منها استمعت لأحزاني وآلامي وأفراحي كتمت سري ولم تبح به .. أفضيت إليها ما بقلبي دون أن أخشى أن تمل مني ولا تسمعني وتلك الطيور حملت معها أجمل أحلامي والشمس مدتني بدفء المشاعر والأرض شهدت لحظة انهياري
- كلامكِ جميل يصلح موضوعاً لقصة
- نعم قصة تكتبيها أنت بقلمكِ وجزءاً من مشاعري
- لم اعد اكتب تركت الكلمات وهجرتني الأحرف وضاع ذلك العالم الذي انسج منه الحكايا التي ظننت أنها لن تنتهي
- لن تنتهي .. حدثيني أكثر عنكِ
- منذ أول حرف تعلمت معه القراءة وجدت صلة كبيرة وخفية تشدني لأي كتاب أجده احتضنه أريد أن ادخله في صدري أتنفس وجوده بعمق .. أبحر بعيداً مع الكلمات وتتراقص أمام عيني الأسطر فتعانقها بشوق وهي تستجيب بلهفة .. نما والدي هذا الحب في داخلي وأخذني إلى أعماقه رغم أنها بعيدة .. جلب لي قصص الأطفال ولكنها لم تشبع روحي ولم تقنع عقلي فبدأت رحلة التسلل إلى مكتبة والدي وقرأت كتب أكثرها لم افهمها في تلك الفترة ..أحببت قصص التاريخ وأنا أتصورها تحدث أمامي بكل تفاصيلها , كنت أظن أني متسللة بارعة لكن كنت مكشوفة منذ البداية حتى ذلك اليوم عندما أردت أن أقرأ ذلك الكتاب الذي يقرأه أبي كثيراً وهو يتحدث عن المعلقات لكنه أخذه مني وقال لي بأنه سيسبب لي الإرباك والحيرة لان كلماته صعبة واني مازلت صغيرة على هذا البحر .
كبرتُ وزاد عمر شغفي وحبي لهذا العالم بدأت بالكتابة منذ سن الحادية عشرة لمجلات الأطفال ولكن بعد ذلك تغير أسلوبي وبدأت أفكار أخرى تداعب مشاعري وتحثني أن اجعلها تبصر النور .
فوجدت أني مجرد إنسانة في هذا العالم تحركني مشاعري فأترجمها كلمات سواء لي أو لغيري , أتأثر بمن حولي أحزن لحزنهم وافرح بفرحهم .. أحب إن أجالسهم استمع لهم أساندهم ولا أتخلى عنهم .. كل كلمة من قصتهم ومعاناتهم وأفراحهم انسج منها قصة أو اكتب منها شعر.. لا أعرف كيف تتشكل الأحرف وتملأ المشاعر الثغرات فقط أجد نفسي طوع أحاسيسي وقلمي يستجيب لها
أحياناً انسج شخصيات ليس لها وجود أضع نفسي في مكانهم أعيش ما يمرون به أتخيل كي أعرف ردة فعلي حتى يكون كل شيء اقرب للحقيقة ..أحياناً استيقظ في الليل وأجد تلك الأفكار تستنجد بي حتى أدونها خوفاً من هروبها لم أجد نفسي إلا وان أتوج موهبتي بالدراسة حتى أصبح تلك الكاتبة التي أراها في صحوتي قبل منامي , فرحتي لم تكن تسعها الحياة لكن كل شيء ذهب واندثر تحت أكوام الأحزان .. بعد الابتسامة الحالمة التي زينت عينيها قبل شفتيها احتلت السحابة الرمادية ذلك المكان وكأنها أرادت الهروب قبل أن انطق بكلمة بسؤالها : وماذا عنكِ ما قصتكِ مع تلك المجموعة ولماذا يفعلون ذلك ؟
- ليست قصة بل هي مرحلة عذاب عشتها وما زلت أعيشها . منذ أن كنت في الثانوية كانت هي صديقتي تذهب حيث اذهب تحب أن تبقى معي إلى أن حصل ذلك الحادث وأثر على نظري كثيراً حتى أصبحت تلك النظارة لا تفارقني وذلك الجرح الذي وسم قلبي قبل وجهي كأني أنا من اخترت أن تصدمني تلك السيارة ,عندما عدت للمدرسة وجدتها إنسانة أخرى تكرهني بشدة وتسخر مني وتلقبني بالقبيحة والكثيرات أصبحن معها ولهن نفس الرأي لم أكن اعرف السبب حتى ذلك اليوم عندما استوقفني ذلك الشاب يسألني عن حالي استغربت له وحذرته أن لا يقترب مني مرة أخرى وفجأة ظهرت هي وبدأت تتكلم بصوت عالي وتستهزئ منه لأنه يقف معي وتقول له إني لا أحبه وكنت أتسلى به .. صدمت لذلك كيف أتسلى به وأنا لا اعرفه وهو الآخر كان مصدوم وهو يخبرني عن رسائلي له وعشقي لهُ لم اعرف بما أجيب وهو يتهمني بالخيانة عن أية خيانة وأنا لا اعرفه تركني وهو يتوعدني بأن يقلب حياتي إلى جحيم .. كم كنت مغفلة تبين أنها كانت دائماً معي حتى توقعني معها في مستنقعها القذر .. بقيت أيام خائفة إلى أن قررت أن اخبر أبي قبل أن يحصل أي شيء ,رغم غضبه وصراخه بأني لا أعرف أن اختار ممن أثق بهم لكنه تفهم الموضوع .. بدأت رسائل بكلمات بذيئة تصل للمنزل واتصالات من شباب مختلفين يطلبوني بأسمي وأولئك الذين يجرون عروضاً بسياراتهم أمام منزلنا يهربون فور ان تأتي الشرطة هذا غير عن السكاكين التي تنحرني وتنحر عائلتي من كلام الناس.. اعتزلت العالم واستحالت حياتي جحيماً حتى المدرسة لم اذهب إليها وارفض تناول أي طعام أردت أن أعذب نفسي أكثر حتى اغفر لها .
استمر الحال شهر إلى أن جاء شاب إلى المنزل واخبر والدي إن صديقه الذي يدعي أنه يحبني يريد اختطافي انتقاماً مني وجاء يحذرنا, صب أبي جام غضبه على ما موقع أمامه حتى ذلك الشاب نال من الحظ نصيب ولكنه بقي إلى أن هدأ ونصحه بأن يذهبا إلى الشرطة ..تبين انه كان يريد أن يختطفني حقاً بعد إن أقنعوني أن أعود للمدرسة حتى يستطيعوا ألقاء القبض عليه وبعد يومين حصل ذلك .. يا الهي كم خفت وقتها بعد أن أصبح المكان يعج بالشرطة وهو يضع السكين على رقبتي حتى بدأت أشعر بجرح حافة السكين.. اكره ذلك اليوم وكل تفاصيله .. لكن بعد ذلك انقلبت حياتي وأصبحت واحدة أخرى القوة هي ما أملك حتى تخصصي نابع من ذلك الخط الذي ألتزمته لكني أحبه .. بالمناسبة ذات الكعب العالي هي نفسها سبب تلك المصائب .
- لا تقولي إنها في نفس الكلية وكل يوم عليكِ أن تريها وتفعل ما تفعله بكِ ؟
- نعم لكن كل شيء لم يعد كما كان أصبحت أواجهها بدل أن اهرب بعيداً إلى زاويتي المظلمة في نفسي
- تلك الزاوية اشعر براحة معها تبعدني عن التفكير بما سيحصل استسلمت لها وهي تأخذني بدوامتها إلى حيث تريد
- ماذا عن اهلكِ .. هل رأيتِ وجه والدتك كيف استحله الحزن ووالدكِ يتلهف أن يسمع ضحتكِ ألا تشعرين بالذنب لما تسببيه لهم ؟
- الأمر ليس بيدي .. بدأت ببكاء يقطع نياط القلب
- أنه بيدكِ أن تحاربي وحش الضعف والاستسلام وتقضي على جيوش الحزن , أعدكِ أني سأكون معكِ ولا تنسي أن ربنا منحنا الكثير من النعم
- نعم لا ندركها إلا بعد نفقدها , كم شعرت أني مقصرة في شكري لربي بعد أن فقدتِ القدرة على المشي
- وباقي النعم ؟؟ أنتِ ترين وتتكلمين وتسمعين ولديكِ قلب يسع الجميع وأهل يحبوكِ وموهبة لا يجدها الكثيرين
- لكن من أين سأبدأ وكل شيء تلاشى وبصيص الأمل انطفأ بهدوء
- هل صدقتِ تلك الكذبة أن الأمل بصيص ينطفئ ؟؟ الأمل موجود وشعلة دائمة لا تنطفئ برياح اليأس بل هي بانتظار من يسعى لها فقط أن يزيل ذلك الحاجز وان يعرف وجهته , ما رأيكِ أن تبدأي بكتابة أي شيء
- الكتابة ؟لكن بشرط واحد أن اكتب قصتكِ وارى كيف ستكون لكن لدي سؤالين لماذا لم تجري جراحة تجميلية لذلك الجرح وقلبكِ ألم ينبض بحب خفي ؟؟
- أجريت الجراحة الأولى ولان الجرح كان عميق جداً احتجت لجراحة أخرى لكن حالتي لم تكن تسمح بذلك فقررت إجرائها بعد فترة لكن كل مرة يدخلونني غرفة العمليات يرتفع ضغط الدم وأعاني من صعوبة في التنفس ويتراجعون عن ذلك حتى قررت بالنهاية أن لا اخضع لها ,يبدو إن جزء في قلبي مازال ضعيفاً خائفاً فلم يكن أمامي إلا أن أغمض عيني عن حقيقة ما بقلبي من حب وادفن المشاعر التي انبجست منه لأنه لا يستحق أن يتحمل معي كل هذا الألم وأهله سيكونون عائق دائم بيننا لأنهم لم يتقبلوني وعادوا ينبشون الماضي .. حاول كثيراً ولم ييأس لكني لست أنانية لأحرمه من أهله.
- إذا سنحتاج إلى الكثير من الشجاعة والعزم لنصلح ما أفسدناه بضعفنا وخوفنا والمشوار لن يكون سهلاً لاننا غرقنا كثيراً في تلك الزوايا, أنظري إلى الشمس بدأت بالمغيب .
- لكنها ستشرق غداً ومعها أمل بحياة جديدة وفرح ربما قريب


شكراً
وجع لا تتحديني

[*مياسين*]

نسوم ماشاء الله عليك اول مره اقرا لك
بجد اذهلتيني اسلوبك شيق جدا
وفكرتك رائعة وهادفة
نبشتي بين الزوايا الحالكة لتبحثي عن شق نور وامل
تاثرة من الياس الذي اصاب الفتاتين
وتنفست بزوغ الامل في النهاية
اتمنى لك التوفيق يامبدعة
بالمناسبة الخاطرة رائعة وماثرة

[جلنارag]

اسو الغالية الحبيبة ..
لقد نقلتينا من عالم وهمي ..إلى عالم واقعي مؤلم ..
خاطرتك كانت جميلة ..
الأمل ..هو مايحدونا للصبر على الشدائد ..إنه أمر فعلي ..وشعور حقيقي حينما ننتظر بزوغ فجر جديد ..مهما كانت أللامنا فنحن نتطلع إليه بوجه مشرق ..وكأن كل مامررنا به لم يكن ..
لقد تأثرت كثيرا ..
في انتظار مزيد من الأبداع

[~sẳrẳh]

نسيم الغروب


قلم رائعه وفكرة راقية
كتبتي فاجدتي الصياغة ..

الامل شعله لاتنطفئ برياح الياس

الكثير من الحكم والعبر بين سطور قصتك

لاشي يقف امام الامل..

زوايا حالكة عنوان مميز

[mona hamuda]

بكل ما تحمله كلماتكِ من وجع وألم فهي في طياتها تحمل الأمل

رائعة أنتِ وتعبيراتكِ

[نسيم الغروب]

مساء الخير
شكراً لكل من مر هنا وترك ولو كلمة شكر
لي عودة اخرى ان شاء الله بعد ان استطيع

شكراً

[وجع الكلمات]

نسيم من أين لك هذا
من وين طلهت هالفكرة الحظيرة
وكيف نحتها بحنفرة فنان وجستها بهذه الطريقة
رائعة ما شاء الله عليك صحيح تغيبين عن الكتابة لكن لما ترجعين ترجعين بذرة نفيسة برافوووو
دمتي بحفظ الرحمن ورعايته

[نسيم الغروب]

مساء الخير
أهلاً وجع
هي مني ومن تلك الفتاة ومن أخريات القليل منا يعرف معاناتهن واكثرهن لم يجدن من يقف الى جانبهن
عذراً مو قادرة اكتب انفلونزا بالعظام موتتني واذاني ملتهبة
سلملم

[لؤلؤة سوداء]

اسم مميز لقصة مميزة..الأمل يجب أن يكون موجود دائمآ و رحمة ربنا فوق كل شيئ..
قصة جميلة جدآ عزيزتي نسيم الغروب..يسلموا و لا تحرمينا من كتاباتك.