آخر 10 مشاركات
بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          25 - أصابع القمر - آن ميثر - ع.ق ( نسخه اصلية بتصوير جديد) (الكاتـب : angel08 - )           »          249- عذاب الحب -بيني جوردان -مكتبة مدبولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          واهتز عرش قلبي (1) .. سلسلة الهاربات (الكاتـب : ملك جاسم - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          93 - قمر في الرماد - جين دونيللي (الكاتـب : فرح - )           »          و أمسى الحب خالدا *مكتملة* (الكاتـب : ملك علي - )           »          انتقام عديم الرحمة(80)للكاتبة:كارول مورتيمور (الجزء الأول من سلسلة لعنة جامبرلي)كاملة (الكاتـب : *ايمي* - )           »          لاجئ في سمائها... (الكاتـب : ألحان الربيع - )           »          4 - لعنة الماضي - بيني جوردان (دار الكتاب العربي) (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > القصص القصيرة (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-05-16, 07:13 PM   #1

صديقه القلم الكاتب

? العضوٌ??? » 348649
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 254
?  نُقآطِيْ » صديقه القلم الكاتب has a reputation beyond reputeصديقه القلم الكاتب has a reputation beyond reputeصديقه القلم الكاتب has a reputation beyond reputeصديقه القلم الكاتب has a reputation beyond reputeصديقه القلم الكاتب has a reputation beyond reputeصديقه القلم الكاتب has a reputation beyond reputeصديقه القلم الكاتب has a reputation beyond reputeصديقه القلم الكاتب has a reputation beyond reputeصديقه القلم الكاتب has a reputation beyond reputeصديقه القلم الكاتب has a reputation beyond reputeصديقه القلم الكاتب has a reputation beyond repute
B10 مجموعه قصصيه ... بقلم نجلاء مجدي


كانت راضيه عن نفسها ، فتعمها لمسات السعادة وتغبطها الابتسامة المرسومة على شفاه الآخرين ، تحدث باليقين في قراراتها ولا توجز بها قط ، وهى ألان على يقين من قرارها الصعب هذا الذي اتخذه قلبها دون أن يأذن عقلها المفعم بالأفكار ، فما راودها من شعور على يقين ولكنه يؤدى بها الي دوامه الحيرة والتفكير ، فتروح من حين لآخر تسل نفسها لماذا هو ؟
لماذا لم أكن إنا ؟
هل سيحبني ؟
هل سأنال الباء منه؟
وان لم يكن لماذا كان الحب ؟
تتأرجح مشاعرها حين تجده يرمق إليها بنظرات البهجة ويلقى عليها سلام الصباح، تكاد إن تحرق الأرم حين تراه يحدث الأخريات بأسلوب ناعم لا يعرف غيره ، فكم تتمنى إن تقتضب علاقته بهؤلاء الأخريات، كانت تأنس بوجوده ، تقتفيه كل يوم عند تناوله كوب القهوة المفضل وتتمنى في دخيلة نفسها إن ترشف مكان شفتيه ولو رشفه واحده تتذوق منها طعم الحب القاصي .
ما أجمل ساعات المساء حين تجلس في ظلام غرفتها وتشعر بالبرودة العارمة وتتخيل انه يدفئها بين أحضانه ، وتستمر تفكر الي أن تغلق عينيها ويحلم به باطنها وتظل تحلم الي أن يدق المنبه بالصباح ، وتبتدئ ساعة العمل الذي تستند عليه الي إن ثبتت وجودها بفترة قصيرة فيه
فقد ابتدأت قصتها حين أن شغلت منصب كاتبه بمجله شهيرة منذ تخرجها مباشرة ، وكانت اصغر الصحفيات سنا ، وأجملهن حسنا ، وأهندمهن مظهرا ،وأكثرهن بلاغه وحكمه بالحديث فضلا عن ذلك كانت مبدعه الأفكار ومميزة الأسلوب ، فقلمها الثمين كان يكتب موضوعات من ذهب الي أن أضحى لها كثيرا من المعجبين
ولكنه لم يكترث بها ولم يحاول محادثتها مثل الأخريات المستهترات الضاحكات ، كان يقرأ موضوعاتها ويبدى إعجابه بأفكارها وهى أيضا كذلك تعبر عن آرائها بكتاباته ولكن لم يمتد الحوار الي سبيل آخر ، كان محدود العلاقة معها فلو سألته أجاب وإذا سألها ردت بكلمتين لا ثالث لهما وذلك ليس لأنها لا تميل الي الحديث إليه ولكنه هو من لا يترك مساحه للحديث معها ويكتفي بفتح الحوارات المثرثرة التافهة مع زميلاتها .
فيتوارى إحساسها بفؤادها الذي لا يعي به احد وتكبت مشاعرها المكنونة التي تستحق التبويب بكتاب يحوى الشوق والحنين الذي ينتابها ، وتسل نفسها من جديد ماذا تصنع بهذا الحب المترنخ بقلبها وان كان النسيان سبيلا ما أصبح الحزن وباءا في حياه البشر .
ومازالت المشاعر حاكمه ، ولم يستطع القلب التنصل منها ربما تزيد التشبث به، والتفكير يراودها والليل يؤنسها والخيال يقطنها وكلمات النهار تذكرها، فما من حديث تم بينهما إلا واستدعته في ذهنها وما لديها سوى لقطات قصيرة تجمعهما وتبنى عليها الآمال، حوارات بسيطة ولكنها تزعم انه ينساها فهي لا تعي ما به من إعجاب وقلق وحيرة ولكن ما المفترض إن كان التشاؤم سيطر على فكرة وحياته و إن كان حبه الأول يعيش على ذكرياته الموجعة
فلماذا يذهب للمجهول ويتخيل حدوث المشئوم ،أليس من المستبعد تكرار الحدث ، أم مازال حبه الأول يمتلك قلبه رغم رحيله عن الزمان والمكان ، فلما شخصيته غامضة ولا يتحدث عنها كي يفهمها الآخرين ، فهي تشعر برغبته الجامحة في توارى ذاته ، فما بيديها سوى التريث والانتظار ريثما يأتي قلبه بحل يقوده إليها
فالحياء يمنعها إن تمضى إليه وتبوح بعواطفها ومشاعرها فلم تستدعى أنوثتها الشجاعة التي تدفعها بذلك رغم أنها مستعدة إن تعلن حبها إمام الناس جميعا ، فقد بدأت تحس بالسأم والملل فما زال متريثا لا يكترث بها ولا يشعر بما تقوله عيونها ربما لو تنازل لوهلة ونظر إليها بعاطفة قد يقرأ مابين تعبيرات ملامحها ونظرات عيونها
فمن تارة يبادلها الاحترام ويمدح بإبداعها الفكري ومن تارة أخرى يلقى عليها بالحيرة والريب في مشاعره وان كان الصمت اعتاد عليه والكلمات البسيطة التي تظفر من فمه مكتفيا بها فهي لا تجد لنفسها سبيلا سوى إن تنكب على عملها كل يوم فأن كانت لاتحد حلا عنده فما لديها إلا إن توارى حبها وتغلق قلبها عليه للأبد
وجلست تكتب له الآتي
أنت أيها الغريب الحبيب
( تحياتي إليك ، وعتابي أرسله لك ، وحيرتي ألقيها عليك وأتمنى إن تقضى عليها وتقطن مكانها السكينة التي بها أغمض جفن عيني وتهدئ نبضات قلبي ، اطلب منك إن تبحث عن جذور نبات الحب التي شابت في حقل قلب وترعرعت أوراقه وشابت سيقانه دون إن تعي وجوده فعينيك تبصرني ولكنى اطمع في بصيرة قلبك الطيب الذي يفتقر الحب ولكنه يخمد ويتراجع في البحث عن أنيسا له وربما إنا مخطئه فيما أزعم فقد تكون مجرد افتراضات تراودني ولكن لا ريب بأن السعادة لا تفتح بابها لشخص واحد ، عزيزي فنحن على أبواب الشتاء وكثيرا منا يشعر بالوحدة في لياليه الطويلة ولا يؤنسنا غير الأحباء والأهل والأصدقاء وكلا منهم له مذاق مختلف ، فأشعر بما يبالى بك ومد له يديك فهو أيضا محتاجا لك رثيما تجد فيه الحبيب والأخ والصديق
ولك خالص تحياتي )
صاحبه القلم الكاتب

ودست الرسالة بين الأوراق التي على مكتبه وصادف قرأتها وابتدئ يبحث عن المجهولة صاحبه الرسالة فنوع الخط والأسلوب ليس غريبا عنه فهو يذكره جيدا ولكن أين كان ؟ .... وراح يسأل نفسه ويبحث في كل من حوله عن صاحبه القلم الكاتب الا إن وجدها بالصدفة إمامه ترمقه بعينيها الجميلة وما إن لمحها أدارت وجهها سريعا وراوده الشك فيها وذكر ذلك الخط الرقيق انه قلمها الذي يرسم بين السطور وابتدى يدنو منها يرغب بصداقتها ويطمع بأن يكون حبيبا لها وفتحت قلبها على مصراعيه فهذا ما كانت تتمناه طويلا ، وأحست بالسعادة في سبيلها إليها فما أحلى لحظاتها معه حتى ولو قليله ، فرويدا رويدا شعرت بالأمان معه ، دأبت على وجوده بحياتها، فكان شخصا جميلا فكه لم يكن في طبعه الفسول والفسوق
ولكن كان من غريب صفاته انه ينسى ما يقوله لها ، يسرح حين محادثتها ولا يتكلم عن نفسه ولا عن حياته كيف تمضى ، تشعر بأنه كتوم الأسرار ، كثيرا ما تسأله ولا تجد أجابه ، بل واضحي لا يتكلم يستمع إليها فقط كتلميذ صغير يسمع معلمته وإذا سلته قد تجد عنده الإجابة أم لا ، ولكنها اكتشفت انه يمتلك الحنان والحب والإحساس ولكن ليس لها ما يملكه حتى الإعجاب ذاته حين اعترف لها به كان وهم لم يبلغ إليها إلا مؤخرا ربما قد يسمى بصفه تطلع لشخصيتها ، وابتدت تسأم من تريثها لكلامه حتى كان يرد بكلمات مختصرة لا تجد بها راحة البال .
واندهشت حين علمت انه مرتبط بفتاه قريبته من بلده بالأرياف وفى سبيل زواجه منها وانه لا يمانع في إن يفتح قلبها لها أيضا فهو يفرحه مجالستها ومحادثتها ولو نشأ بينهما الحب الصادق لحسم زواجه منها هي الأخرى ، وصدمت بقراره وحاولت ان تفهم منطقه ولكن لم تظفر منه بما يريحها فيطلب منها إن تعيش مشاعرها اليوم ولا تفكر بالماضي ولا المستقبل فكيف لها تنسى ماضي ترتبت عليه أشياء حدثت ومستقبل ستترتب عليه ما نأمل حدوثه وقد تكون أحلاما نبنيها بخيالنا ونجدها مهدمه حتما وأضحت سراب لا نبصره بالواقع القريب ، وكيف بعد زواجه استكمال الطريق وهى تعلم انه تؤذى مشاعر زوجته التي لا تعرفها ، فهي لم يكن من دأبها الأنانية والحياة على حساب مشاعر الآخرين .
ضجر كثيرا من تفكيرها بهذه الأمور واتهمها بعدم الثقة وعاب على المستقبل البعيد الذي تفكر فيه وأحس أنها لا تعلم معنى الحب ولا قيمه الإحساس وإنها تملك مشاعر مذبذبه ووسواس قاهر يراودها وطلب إن تنسى كل ما قاله لها ويعود لنقطه الصفر من جديد كأن شيئا لم يكن وان يكون صديقا لها تحتاجه وقت شدتها .
عادت الحيرة من جديد وتقول لنفسها جاءني غريبا ومضى غريبا يوارى بنفسه الإسرار ، يزرع بباطنه الأحلام ، يرى إن أمور الزمن حلها بسيط ولا يكترث بما تظفره الأيام ، ومن الغريب أنها شعرت أنها ترغب بمعرفته أكثر لم تتخيل إن يأتي وقت لا يحادثها فيه ، فهي الآن تود إن تستمع إليه وتأمل في إن يسمعها وهى تحكى عن نفسها ، تريد إن تتكلم عن حياتها معه فهي تتحمل كثيرا من العبء التي لم تسنح لها الفرصة في الحديث عنه ، فبرغم ما قاله هي لا ترتاب لوهلة في إنسانيته ورقه مشاعره فبداخله تفاءل للغد ويحمل عقله كثيرا من الجمال والخيال
فهي الآن تتمنى إن يعود يجالسها ويحادثها مثلما كان وان يمضى الزمان مثلما يريد ، فكثيرا ما تكبت الأحلام حينما لم تجد نفسها تفوقت وبلغت عالم الواقع
وان أغلق ذلك السبيل إمامها فستترك العمل وتلحق بآخر وتحاول نسيانه وتختلف لتحقيق مآربها الأدبية وهى تشعر إن هذه النهاية بالفعل خصوصا بشعورها أنها لا تفرق معه كثيرا حتى إذا توارت من حياته للأبد لا تزعم انه سيذكرها في يوم من الأيام ولا تبلغ حتى بمثابة الذكرى عنده ، فكثيرا ما نطمع بمكانه عند أشخاص لا نعنى عندهم شئ ولا حتى حياتنا تفرق معهم .


قصه صرخة المدينة




تنبيه هام : انوه الي كل ما ورد في هذه القصة لاستند الي فكرى الذاتي ولكنه يستند الي فكر شخصيات إبطال القصة ولا يقصد به اى أهانه أو ازدراء للأديان السماوية
_____________________________
القصة
بداية الحدث 23 يناير لعام 3900 ميلادية
بشقت أبرار بحده حين صحوت من نومها الطويل الي زوجها الجالس إمامها على مكتبه الصغير في غرفه النوم يكتب قصته الجديدة وفى مطفأته عنقود لسيجاره واحده كما يقبض على القلم بين إصبعيه بشكل ملحوظ ويرمى بحبره على سطور الورق الأبيض، فأبطرها أطواره فمن ديدنه كثره التدخين إثناء الكتابة فصعبا ما يبلغ التعبير الى عقله بسهوله ، فقد يبقى يوم كامل يشغل الورق الأبيض بكلمات شتى ولا تنال رضاه ، فوثبت من فراشها متقدمه نحوه بخطوات قليله قائله : ما حالك اليوم يا رامي أراك مقبل على الكتابة بحزم ؟
قال رامي : تراودني أفكار رائعة بقصتي الجديدة وتدفعني الي إنهائها بأدنى وقت ممكن
أبرار : أرى حماسك لهذه القصة يبدو للغاية
رامي : اشعر بالتفاؤل بها، ربما ستكون بصمه حقيقية لشهرتي أكثر
أبرار : أتمنى لك الخبر حبيبي وان تكون أعظم كتاب الدنيا
فقبل يدها رامي وقال : يكفيني أن أكون عظيما بجانبك
فوضعت يدها على بطنها وقالت مبتسمة : لا أتمنى أن يكون ولدى كاتبا مثل أبيه حتى لا يصلع من كثره التفكير
فضحك قائلا : أليس التفريط بشعر الرأس تضحية بسيطة كي يكون الإنسان مفكرا عظيما
فانشغلت بنظرها بالساعة واستطردت قائله باندهاش الساعة مازالت الخامسة أيعقل قد نمت ساعة واحده فقط ؟!!! ...... ، فاشعر أنني قد نمت طويلا
قال رامي بحيرة : إنا أيضا من بداية الصباح اشعر أن الوقت يمضى ببطء ، فأمور الحياة أحيانا تشغلنا عن متابعه الوقت
فمالت برأسها على صدره قائله : بالنسبة لي فأنا انسي المكان والزمان حينما أكون بجانبك فأنت حبيبي ومعبودي
فأدار وجهها إليه قائلا : كثيرا من الرجال بعد الزواج يشعرون أن الحب يبرح طعمه مع الوقت ويضحى كشئ رمزي فقط مطلوب لتكوين بنيه أسريه لاستكمال مسيره الحياة ، وأنا على نقيض ذلك فالاشتياق كل يوم بقلبي يزداد إليك ، وصوت الحب يعلو بالغناء ليبلغ إلى قلبك ويعلمه انه لا يغنى إلا لكي
فضحكت أبرار وقالت : لا أتعجب إذا نزل قريبا ديوان شعر ينتمي إليك يا معبودي العاشق
ولم تستكمل كلامها حين برق بصرها مره أخرى على xxxxب الساعة الملتصقة بالحائط فقالت ببطر شديد : الساعة مازالت الخامسة يا رامي ما الأمر ؟
فقال رامي بحيرة : ربما قد تكون هذه الساعة متوقفة ، سأنظر في هاتفي النقال لأعلم
بهت لونه حين نظر لساعة هاتفه ثم دنا بخطوات قليله إلى التلفاز وفتحه وكانت الصدمة العجيبة هي سقوط إشارات المحطات الفضائية فلم يحدث ذاك قط في حياته فوقف يفكر بشئ بداخله إلى أن قاطعت فكره أبرار قائله : ما الأمر يا رامي ؟
فتصنع بكلام لا يقتنع به وقال متعلثما : يتضح أن هناك مشكله بالإرسال
فقالت أبرار : عجبا ...... فالتلفاز كان يعمل صبيحة اليوم وكانت الشبكة فعاله ، سأتصل بأمي ريثما أجد عندها ما تطمئنني به
ولعل المفاجأة الأخرى كانت صدمتها الكبرى حين أمسكت بهاتفها النقال ووجدت الشبكة غير متاحة في ذلك الآن فصاحت بوجه رامي قائله : أنا لا افهم شيئا ، فالوقت ثابت وشبكات الإعلام والاتصالات منقطعة كدت اجن حقا
ولم ينبث لسان رامي بكلمه واحده كأنه يوارى شيئا بداخله واندفع فجأة وفتح الشرفة فوجد الكسوف مغطى الأرض والرؤيا مبهمة بعض الشئ غير الدائب عليه ، وقليل من السيارات تتحرك ذهابا وإيابا وشبه منعدم القائدين أرجلهم
فلحقته أبرار ناحية الشرفة وقالت : لقد سمعت الأخبار بالصباح ولم تخبر بكسوف في أحوال الطقس ، فلأرصاد أكدت أن الطقس معتدلا كباقي الأيام
قال رامي وكأنه يصبرها حبيبتي فالأرصدة الجوية تتوقع ولا تؤكد فالأمر يظل غير معلوم حتى يأتي الميعاد
فقالت بلهجة من الذعر : بداية الصباح كان الزمن يمضى بطيئا الي أن أضحى ثابتا هذا الآن ، أنا خائفة يا رامي حاله من الخوف تمتلكني وتخفق قلبي .
رامي : لا تفكري بشئ يا حبيبتي ، إننا لا نقطن المدينة بمفردنا فالعالم يحتوينا من كل جانب فلا تتوقعي بذهنك الكوارث والنكبات ، فلا تخشى من اى شئ فنحن بسلام
فقالت أبرار بلهجة سريعة ربما قد تكون شبكه الانترنت تعمل سأفتح الحاسوب لأستنتج الأمر
وما أن نهضت حتى امسك يدها وقال : لا تكلفين نفسك بالنهوض فلإرسال منقطع وقت العصيرة تقريبا
فقالت بخذل : أيعقل هذا لابد ان نخرج الآن فالجلوس هنا لا يطمئن؟
ولم يرد عليها رامي فاستطردت قائله : ما بك يا رامي أتوارى شيئا عنى ؟
فسعل فجأة وقال : لا شئ يا حبيبتي فأنا مثلك ، أسئلتي بلا أجوبه
فطأطأت برأسها قائله : ومن عنده إجابات يا رامي لابد أن نخرج ونعلم ماذا يحدث بالمدينة ، فلا ينبغي أن نتريث هكذا
ونهضا للخروج بسيارتهما وآثارهما الدهشة فيما رؤيا فلم تضحى المدينة على حالها فالطرقات لا تسير ولا أجساد البشر متناثرة كالعادة فربما كانت المدينة تحلم سابقا بالتخلص من ظاهره الزحام التي تكبل حركه المواطنين وتشعرهم بالاختناق.
وابتدت السماء تكشف عن ذاتها فالأول وهلة تدهش الأعين فكانت مبرشقة بالألوان التي يصعب تمييزها ، فما يتضح للأعين المجردة إلا سحبا ناعمة رمادية اللون تسير بساحتها كالدخان ، وبعد قليل انقشع قليل من الغيوم عن الأرض حتى أوضحت الرؤيا بعض الشئ ، فتسللت قليل من التباشير إلى قلب أبرار الخاشية ، ولكن لم تدم طويلا حيث ارتطمت الأرض فجأة بهزه أرضيه عميقة لم تتعرض لها قط ، زلزله قويه أوديت بأعمار البنيان الشامخة العالية أرضا ، وتقلبت الموازين رأسا على عقب ، وسرعان ما أضحى فوق ضواحي وطرقات المدينة الكبيرة قطعا وكتلا من جدران المباني العملاقة فإزدات الصرخات علو ووضوحا تستنجد بقوه عظمى تحميها من المصير المجهول ، فلم تكن هناك روحا حيه تحت الأنقاض تذكر قريب ولا حبيب فكل روح تفكر بذاتها كيف تنزعها من الكهف المظلم المجهول ، كان فزع المدينة لم تشهده من قبل فلم يكفيها بلاء الجوع الذي يشهده العالم كله وما هز الأرض من ثورات الجياع واليوم اكتملت لعنتها حين طرق بابها هذا الصرع والرعب الذي لم يبلغها منذ مئات السنيين ، ولم تعلم المدينة أن ما أحل بها من حدث يشهده العالم بأكمله الآن ، هو سخطا وغضبا على العالم ككل فقد تكون لعنه تؤدى بحياة الأرض بأمر من الذات العليا فسكان الأرض عباد لشهواتهم يتعبدون للطعام إذا جاعوا وللمياه إذا أحاحوا، وللجنس إذا اشتهوا ، بل فقد أضحى منهم آله لأنفسهم أيضا
كان لرامي وأبرار عمر آخر بعد أن حالفهما الحظ ولم يكونا ضحايا الأنقاض، فنزلا من سيارتهما وحاولا تسلق الأحجار الكبيرة التي تشغل الطريق إلى أن دخلا بطريق معتدل يخلو قليلا من المبعثرات والعقبات ....
كانت الكارثة الجديدة هي نشوب إنفجارات وحرائق بأماكن شتى بل أجمت النيران حتى بلغت جوانب الطرقات ومازالت الصرخات تعلو والهواتف تناجى ولا احد يسمع ولا يرى غير نفسه ، فالصغار كانوا مداسا للكبار لينجو بأنفسهم من لهيب الاحمرار المشتعل ، وما بقى بالمدينة إلا أشلاء للبشر وأنقاض من المقاطن وغبار اسود يكتم الهواء ، وصرخات تخترق الأذن وقلوب بقت كالحجر لا تحمى إلا نفسها وتدفع من حاول حتفها للمصير.
وعاد اهتزاز الأرض مره ثانيه وازداد الأمر نكبا وسوءً فما زال المأزق يدخل في مصير أعمق ، فلا يوجد أسباب أو حلول على الألسنة إلا لعنه أوديت بهلاك ودمار المدينة .
فمازلت إبرار تمضى على غير هدى ، ولا تعلم السبيل الذي يقودها رامي إليه ، فكانت تبتعل وتنقاد له فقط دون أن تفكر ولا تسأل فكفاها من تساؤلات بلا أجوبه ولكن كان جسدها يتكلم بالعويل والصرع والترح فوجهها يعبر بما لا ينبث به اللسان ، ولماذا تتحرك الشفاه وان كان الكلام لا يجدي ولا يفيد ؟
كانت طرقات المدينة الساكنة الصامتة الحالمة بالأمان هذا الآن فبل بداية الحادث أضحت على حال آخر بعد حدوثه فقد تناثرت الأرواح في شتى الطرقات والشوارع تمضى بين المبعثرات والمبعزقات باحثه عن مأوى يحميها من كوارث الزمان .
رق قلب أبرار حين رأت عجوز ينحني عند مسيره الطريق ولا يستطيع فتح قدميه من الإعياء الذي يبدو عليه ويمتد نظره إليهما كأنه يأمل في استعطافهما وصاحت أبرار قائله بعطف :انتظر يا رامي ، سنأتي بهذا الرجل العجوز معنا انه لا يتحمل الاعتماد على نفسه
فدفع رامي ظهرها للإمام وقال : أسرعي ..... ليس هنالك وقت لننظر لهذا وذاك ، الإنفجارات والزلازل تهددنا بالخطر فقد تغادرنا الروح في لمحه البصر
فصرخت أبرار وأومأت على الرجل قائله : القلب لا يخلو من الشفقة يا رامي فهذا رجل عجوز
فقال رامي متعصبا بصوت عال : امضي معي صامته يا أبرار ولا تفكري بأحد قط فكاد عقلي أن يجن منك تفكري بحماية الناس ونحن لا نملك حماية أنفسنا
فانقادت له ومضت وراءه على إطراف أصابعها يؤنبها الضمير يحتقرها القلب الذي رق وعقلها لم يستجيب لندائه، فقد خابت آمال العجوز بها حيث استسلم اى مصير يأتيه، أما رامي فقد كان يقفز الصخور العالية يسرع من دخول درب لآخر ، ويعبر الممرات ليخترق الحواجز الي أن يختلف حيث يجد الآمان ، وقد تحملت أبرار مالا تتحمله امرأة فهي بالشهور الأولى بحملها وتشكو بكثير من الآلام ورغم ذلك كانت عازمة على تخطى العقبات والصدمات للبلوغ أدنى سبيل آمن
وبلغا ساحة هادئة غرب المدينة تخلو جوانبها من المباني العملاقة يتجمهر بها حشد كبير من الناس ولم يبرح الخفاء الى هذه اللحظة

وبلغا ساحة هادئة غرب المدينة تخلو جوانبها من المباني العملاقة يتجمهر بها حشد كبير من الناس كان الجود يغسل عيونهم والنباح يحرق قلوبهم , فكل من فقد حبيب أو قريب يصرخ بأعلى صوته صرخات تهز ارض المدينة ، أخيرا أتى يوما صارت فيه المدينة الفاتنة الشامخة الزاحمة فحماء خرساء شمطاء، يلتهب قلبها من جم الوكد يعلو بأنفاسها الآلام تتريث على أبوابها ساعات الخطر ، يرفرف في أحضان سمائها المصير الدامي وصارت تسجد للسماء خشوعا لما لها من ارب تنجو بأرواحها من الردى الغامض المنتظر ولا دون ذلك تبغي شيئا آخر، فما زال الدخان أبراجا في السماء تمتد إلى ما لانهاية ، وألوان الوجوه مختلطة تتجمع على أنيين واحد
لبثت أبرار بين الناس شاردة وجثا رامي بجانبها يدقق النظر في كل من حوله الي أن وقع بصره على سيده ترتدي ثياب شبه عارية تحدق النظر إليه وتبتسم شفاها بمكر لمرآه كأنه تعرفه فتجاهلها وأدار وجهه عنها والتفت لزوجته قائلا :
أيعقل أن تكون هذه النهاية يتحول خيال قاطن بورق إلى حقيقة ترتطم بالطبيعة
أبرار : لا استفهم منك شيئا ...... ماذا تقصد يا رامي ؟
رامي : القصة التي كتبتها يا أبرار ، تتحول الي واقع بالفعل وما تحتويه من إحداث تترجم على ارض الواقع بالتفصيل حاليا
أبرار : أي قصه كتبتها فلقد كتبت قصصا كثيرة؟
رامي : قصتي الأخيرة التي لم تنشر بعد
أبرار : أي قصه ؟
رامي : قصتي التي كنت اكتب فيها اليوم بعنوان ( صرخة المدينة ) فكل ما رويته بها قد حدث بالفعل من حرائق وزلازل وغيوب حتى ثبات الزمان حدث بالفعل، لم أكن أتوقع لوهلة أن الخيال القاطن بعقلي سينال إعجاب الطبيعة وتقرر إتمام المغامرة .
فردت أبرار ببطر: وبما أنهيت القصة يا رامي أين سيمضى بنا الحال ؟
ورد رامي حائرا : لم تستكمل يا أبرار فما زلت في منتصف الإحداث
أبرار : أيعقل ان يكون قلمك اللعين هو الذي أودى بنا الي هذا الحال
قال رامي بعطف :ولكن لا تخشى يا حبيبتي فنحن الآن بأمان وسنكون بأفضل حال
أبرار : كيف يا رامي ؟ فمن المحتمل بعد كل هذه الكوارث أن يكون الموت هو الزائر الأخير بل وقد يكون ارحم من ذلك الهلاك
وصاح رامي قائلا : يستحيل ان نستسلم للموت قط فمن المستبعد أن تكون نهاية العالم بهذه الطريقة البشعة
وانفجر بالضحك فجأة الرجل العجوز الذي كان يقتفى حديثه من بعيد فاندهش رامي من ضحكته الصفراء البلهاء وصاح مشمئزا : على ما تضحك أيها الرجل البغيض العجوز الأحمق ؟
واندهشت أبرار عند نظرتها المفاجئة للرجل وقاله صارخة بفرح : انه العجوز يا رامي الذي قبلناه منذ قليل غرب ساحة المدينة انه مازال على قيد الحياة فقد توقعت ألا ينجو من الهلاك
فرد العجوز قائلا : لقد نجوت بفضل الله تعالى
فسألت أبرار بدهشة : الله ! .... من الله هذا ؟
فقال رامي بحده : أغلقي فمك يا أبرار ، فلا يهمنا حياته أو هلاكه فنحن في مأزق يستدعى النظر إلى أنفسنا فقط
فرد العجوز متهكما : لم تقل الغريب يا بني فهذا هو حال أخر الزمان موت الضمير ، غياب الحق ، انتشار الفجور
فرد رامي ثائرا : أتزعم الوقت مناسب لإبداء فلسفتك الفارغة أيها العجوز الأحمق ؟
فضحك العجوز ونهض من مجلسه قائلا بصوت عال : أيها البشر التائهة العقول ذات القلوب الغافلة ، والأخلاق السافرة ، والصفات الفاسله ، فأخير سيأتي ساعة الميعاد ويعلو صوت الحق وتفتح السماء أبوابها للصالحين وتسحق بالطالحين ، سيأتي وقت الحساب ويعاقب العاصي الذي ساعد على نشر الفجور في الأرض وتعدى على حدود الله
فسألت أبرار سؤاله مره أخرى : من الله ؟ .... فنحن عندنا كثير من الآلهة ولسانك يحكى عجائب الكلام فعن اى اله تتحدث ياجداه ؟
الرجل العجوز : الله واحد لا شريك له حلق السماوات والأرض وانزل الأديان وعمر الارض بالبشر
فضحك رامى قائلا : عن اى أديان تتحدث يا رجل فأنت من الشواذ المنحرفين اللذين يورثوا للأجيال أساطير آدم وحواء ونوح وموسى وغيرهم وتلعبون بعقولهم ليقتنعوا بفكره الإله الواحد وما زلتم لا تفهمون ان هذه الاديان سبب الدماء والحرب بين شعوب العالم ، أيها الجهلاء إن أمثالكم عار وعبء على العالم الكبير
فرد العجوز بسخرية : اقتربت ساعة الحساب وسنعلم من الذي يعيش في ظل الخرافات ومن يقوده عقله الى طريق النور ، سنعرف يا بني من هو الحق ومن هو الباطل
فقال رامي متحديا بصوت عال : منذ ميلاد الأرض وتختلف الآلهة باختلاف العصور واختلاف الأمم وكانت اكبر خرافه حملتها بعض العصور القديمة وألقنتها للأجيال هي أسطوره الإله الواحد ويأسفني فما زال في عصرنا عقول سوداء خرقاء بين الشعوب تؤمن بهذه الأساطير كحقيقة فكفا ما نشب من فتنه وحرب بين المجتمعات في العصور الماضية بسبب وهم الأديان مما نتج عنها دمار العالم وراحت لأجلها أرواح الكثيرين من الأبرياء الغافلين زعما بأنهم يدافعون عن أديانهم وعقائدهم للثواب بالجنة التي ما وراء الطبيعة ، وانت من أمثالك اليوم قله مدسوسة تفشى أفكارها البلهاء بين ضعاف العقول وتروج خزعبلات لا تقنع حتى طفل في العاشرة من عمره
وكرر العجوز كلامه للمرة الثانية ببرود : دنا الميعاد وسيأتي الحساب وستندمون على أفكاركم أيها الفاسقين الفاسدين
فهز رامي كتفي الرجل قائلا بصوت عال : كف عن أوابد حديثك يا رجل فلا توجد جدوى لتفاهتك هذه لم تكن باقرا فى العلم لتتحدث فنحن بزمن العلم وليس بزمن الأديان ، فالعلم هو قانون الأرض وسبب تقدم البشرية
فصرخت أبرار فجأة قائله : اسكتا الاثنان فنحن بوقت عصيب لا يرغب بتواجد مناوشات لا تجدي لحالنا الآن فالموت يعبث بنا وربما نرحل بعد قليل عن العالم الذي تتنازعون علي أفكاره وطقوسه فتراجعا عن هذه المنازعات فالهلاك ينتظرنا والموت يفتح أحضانه لنا ونحن على حافة المصير ننتظر طريق الأمل .
وأجهشت بالبكاء وتواصلت الدموع تتدفق على وجنتيها الحمراوتين حينما رسم خيالها أمام عينيها المستقبل التي كانت ترتقبه مع طفلها المنتظر قبل ان يقودها التشاؤم إلى طريق الظلام الحالك ، وماذا بعد أن أودى القدر بها الي حافة الردى الفاتح ذراعيه على مصراعيه ، وماذا بعد أن طارت الأقدار بين الأهل والأحباب وأضحوا كالعواثر في وطنهم ، فحتى الساحة المكتظة بالبشر ليس من المحتمل أن يكون الهلاك في سبيله إليها بعد أن زحفوا الناس لها بعناء وشقاء عارم ولم تكن هي بر الآمان المطلوب وما الاستمتاع بالأمان إلا لحظات ولم يكن استمتاع بقدر ما هو طمأنينة مؤقتة فكيف يشعرون بالمتعة وقد ودعهم الجذل وقتلت في قلوبهم الغبطة وما عادات الشفاه تشرق بالابتسامة كالمعتاد بعد أن لثمها الحداد بطرحه سوداء فقد أكرث الحال بالناس أجمعين وهم في سبيلهم لبحور الظلمات ، حتى الأطفال الأبرياء يشعرون بالأحاح وما على ألسنتهم إلا احتساء المياه الطبيعية العذبة فيحلمون بالمناهى التي تروى أجسادهم وتفتح زهورهم الذابلة مره أخرى بعد أن انبعثت العاصفة وأخذت كل شئ في طريقها حتى الماء قد أجم وانفضي به الحال .
وفى ركن آخر وليس قاصي تجلس كاميليا في حال غريب يبطر نظر الآخرين إليها وفى يدها اليمنى سيجاره تتناولها وهى شاردة وفى يدها الأخرى زجاجه من الخمر تقبل على احتسائها بشوق رهيب حيث يتدفق السائل على ثيابها العارية كالطفلة البلهاء ، وما يدهش الأمر أن الخمر هي المتناول الوحيد الذي لم ترنق ولا تجم وربما السبب انه متناول رجسا بطبيعة حاله
وكان يلتصق بكتف كامليا شاب يدعى ( جورج ) ربما يصغرها بسنوات قليله ، يجلس شاحبا الوجه مكفنا بقماش الذعر والخوف ترتجف فرائصه من المصير الغائب، وفجأة اتكأت كامليا برأسها على كتفيه حينما أوشكت على غياب الوعي فدفعها بقوه عنه وبصق في وجهها قائلا : ابتعدي عنى أيتها العاهرة فرائحتك كحيفت الميتة ، فكادت أن تشعرني بالغثيان وألقئ
فضحكت كامليا وقالت ساخرة : ألم تكن هذه العاهرة كنت معها بفراشها وتستنشق عبيرها من فمها وتتغزل فى جسدها الذي يثير غرائزك منذ ساعات قليله
فقال جورج بقنوط : أضحيت لا ابغي استئناف عبيرك الفاسد ولا جسدك النجس
فقالت متهكمة : انتم يا معشر الرجال تنهشون بجسد المرأة ثم تدعون لها العظام بعد ما أكلتم منها أشهى الطعام فتصبح كالشمطاء لا تستطيع الحياة ولا مقاومه ما تواريه الأيام
ونهضت من مجلسها تتأرجح على قدميها حين بلغت بالقرب من رامي وأبرار وركعت أمام رامي قائله : استشهد بك ايها الشاب الوسيم لتقول إن كانت رائحتي كحيفت الميتة او كعبير الزهور فى الربيع
فبهت وجه رامي وتعلثم لسانه حتى صاحت أبرار قائله : ماذا تبغين من زوجي أيتها العاهرة ، أمضى بك الحال للحديث الى رجال لا تعرفينهم
فقهقهت كامليا وقالت بمكر : ومن لا يعرف رامي خليل مؤلف الأفلام الإباحية والأكثر رواجا بين الناس وأعلى مبيعاتا في الأسواق الفنية
فردت أبرار متبرمة : ماذا تقولين أيتها الفاجرة ؟
فنهضت كامليا قائله بأعلى صوت : اعترف لزوجتك يا رامي بأنك اكبر قوادا للمتاجرة بأجساد النساء في عالم الفن واخبرها عن الأفلام الإباحية التي كتبتها لي واحكي لها عن كأسنا الذي شاركنا تناوله في ليالينا الحمراء التي قضيناها سويا
فصاح رامي قائلا : اخرسي أيتها العاهرة الساقطة فقد كنني ماضي اسود بحياتي وانقضى وأنا اليوم صاحب قلم حر يعبر عن القيم والمبادئ ويؤدى رسالة أخلاقيه للناس ولا يشرفني معرفه أمثالك من بائعات الهوى ولا حتى ذكرهم يوما .
فانفجرت كامليا بضحكه ساخرة قائله : ومن أين علمت ان زوجتك لم تكن يوما بائعه هوى ، بعد ان أضحينا في عصر لا يبالى بشرف المرأة مثلما كانت تهتم العصور السابقة في قديم الأزل
وانصدمت فجأة حين صفعتها أبرار على وجهها بقوه هائلة قائله : اخرسي يا فاجرة فزوجي أول علاقة بحياتي فلم أكن يوما اتصف بقذارة أمثالك واعشق معاشره الرجال مثلك يا رخيصة الثمن
فدفعتها كامليا بامتعاض الي أن سقطت على الأرض واقبل رامي يعتدي على كامليا بالضرب ويلقى عليها بأقذع الشتائم حتى تدخل جورج مسرعا قائلا : دعها لي سأقتلها ليستريح الناس من قذارتها فهي كائن لا يستحق الحياة
وابتدى يقبض على رقبتها وكادت أن تودع أنفاسها الأخيرة حتى تدخل بعض الناس وأبعدوه عنها
وصار يقول : مثل هذه لا يستحق الحياة حتى الموت يستعر أن يستقبل جسدها بين أحضانه ، فلا مصير لها سوى حدفها في النيران لتأكل جسدها النجس حتى يصير رماد
وقتئذ تدفقت الدماء على ركبتي أبرار حتى امتلأت الدماء أسفل ثيابها وابتدت تصرخ وتطلب النجاة فالتف حوليها الكثير من النساء ولكن ما بالأيدي العاجزة شئ فلبث رامي بجانبها يبكى ويتألم لحالها وتدخل العجوز قائلا : ادعى رب السماء يا ابنتي أن يخفف عنك الآلام ويزيح عنك السوء ويكتب لكي النجاة فهو الشافي المعافى
فامتد نظرها الي السماء وهى راقدة على قدمي زوجها قائله بصوت ضعيف هادئ : دائما يراودني إحساس إن لهذا الكون حاكما عظيما يتحكم فينا وفيما نملكه فما أحلاها كلمه الإله وما أجمل أن يكون لنا حكيما عظيما نطلب منه ويقدم لنا
وأوغلت في عالمها الروحاني ورأت بخيالها ماكثة في قلب هاله من النور مع طفل جميل تداعبه وتلاعبه بين رحيق الأزهار ، تشعر بلمسات الدفء والأمان حين تحتويه بذراعيها بل وقد يكون هذا طفلها الذي فقدته في عالمها الدنيوي ، فكانت حين تنظر للسماء تشعر كأنها تبتسم لها كأنها راضيه عنها ، فأحست حينها أن مستقبلها في هذا العالم الروحاني يفتح منافذه على شروق الحب والخير والرخاء مما جعلها تتفاءل بحياة هادئة كريمه وبلغت إلى قلبها الطيب رسالة من العالم الأخر جعلتها في قمة أسارير الفرح فرسمت على شفاها ابتسامه أخيره وانقضت .
وحينئذ انبعثت رياح شديدة حركت برى الأرض بشده حتى صار رهجا في الهواء يكتم الأنفاس وابتدى النور يتوارى رويدا رويدا وراء ستار سوداء حتى استطاع المشهد مبهم يصعب وصفه لتخوض المدينة أطوار أخرى مرجوة
24 يناير من العام
استيقظ رامي في الرابع والعشرين من يناير في تمام الساعة الخامسة وقد زعم أن الرواية التي يألفها حاليا سيطرت على فكره الي أن جعلته حلم بأحداثها فظل يبتسم ولم تلبث الابتسامة على شفتيه حتى انتفض حينما رأى زوجته بجانبه غارقة في دمائها وقد انقضت حياتها فجذبها الي حضنه وهملت عيناه بالدموع ولم تكن وحدها التي رحلت بل رافقها في رحله الموت الرجل العجوز وهو تاركا على جسده في الدنيا ابتسامه رضا عن نفسه ، بل وقد توفى كل الصالحين الموحدين بالله في آن واحد ولا يعلم احد السبب الخفي وراء ستار الألغاز وقد فسرت الجهات المهنية الحدث بأن الأرض قد قررت التخلص من هؤلاء البشر الشواذ فكريا لتطهير العالم من خزعبلات قد تقوده للوراء وتجعله يعيش في ظلام وأوهام الأديان مثلما عاشت العصور السالفة
أما كامليا قد صحوت من نومها وابتدت تغرق جسدها بالعطور ومكثت تتلذذ في لمس مفاتنها المغرية أمام المرآة وأخذت تصفف شعرها المنسدل على كتفيها فهي اليوم تتأهب جسديا ونفسيا لأنها على موعد في الفراش مع اكبر الشخصيات المسئولة عن وطنها الغافل
ولكن جورج قد أرجحته الحياة على أسوأ الأطوار وتكالبت عليه الأزمات وارتمى على حافية طريق الفقر ، وغادرته السعادة إلى سبيل لا رجعه منه ، لذلك عزم على وداع الدنيا ويوم تنفيذه حكم الوداع لعن يوم وجوده بها
شارك العالم بأكمله في حلم واحد عان فيه الغنى والفقير ، والخير والشرير ، القانع والطامع ، الشقي والسعيد ، فقد تجمعوا على أنيين واحد في حلم قاسح عاسر حتى انجلى البلاء وصحوا من الكابوس الصادم واستأنفوا حياتهم كما كانت تمارس في السابق ولا حكمه يستجيب لندائها غافل

ولم يتمتع العالم بالاستقرار إلا أياما معدودة وقد أعلن خبر هز أرجاء الأرض كزلزال هالك مضى بالناس الي دائرة الهم والغم مره أخرى وذلك بعد ما توقعت أشهر الوكالات العالمية للملاحة الفضائية بتعرض الأرض كليا بعد شهور قليله لظلام حالك لعد أيام وتليها مباشره ظهور الشمس من مغربها .



قصه عابر تحت المطر



نزل من القطار بحقيبته في فحمه الليل ماضيا على قدميه بين الأشجار المتحانية من الهشيم في البلدة الساكنة العارية من أجناس البشر ...... يخترق درب لآخر بين الشوارع والحقول ليبلغ أقصى هذه البلدة ..... كان في فصل الخريف , وبروده الجو عارمة الي حد ارتدائه معطفا والسماء لم تنجم والبدر ينبط ويتوارى بين انسجه السحاب ولا يرسل الي الأرض اى خطوط فضيه حيث كان يجوب الشوارع على ضياء القناديل النادرة ليسلك سبيلا الي غايته .......... وفجاه هبت رياح قارصه البرودة جلست تدفع تراب الأرض من موضعه وتخطف أوراق الهشيم من الأشجار وتطايره في الهواء البارد الي إن تخايلت السماء بالمطر وبدت خطوط البرق وجلجله الرعد التي تصيب الفزع ثم رذت بقطرات خفيفة لم تستوقفه عن المسيرة حتى أغرقت بالمطر الغزير الذي لا يتحمله سائر في ظروفه حينئذ انقطع التيار الكهربائي عن البلدة وأغطش الظلام غطشا كاملا وانتابه لون من الذعر حيث كان في ساعة متأخرة من الليل وكانت المضاجع نائمة ........
استمر يمضى تحت التجاويد دون أن يبصر جيدا إمامه الي أن وقع في بركه من الحثرب كانت مفيض للماء فابتلت ملابسه الثقيلة التي كانت تدفئه حتى أصبح لا يدرى ما الذي يصنعه في جم ذلك المطر ودمج الليل الذى لاينبلج منه نهار فما زالت السماء ترش الأرض أكثر وأكثر بالغيث حتى ورزت منه فلم يجد لنفسه مخرجا سوى تخطيه الوحل حتى يتجاوز ادني مكان ينقذه من قوة المطر ورجس الرعد وعند مسيرته تبين كوخ صغير لا يبدو له صاحب فجحا به دون أن يسرة موقعه حيث كان الكوخ دانيا للقبور ويخشى أن يأتيه منها شبحا او تلبشه أفعى في هذا المكان بين غيوم الظلام وجلس منكمشا ُ من البرودة ولا يسمع همسات لأي كائنات بشريه تغدو وتروح فقد كان كل ما يبلغه هو نباح الكلام وصرير الضفادع وحسيس طيور الظلام التى لا تحمل منها ريبا ولا قلقا الى ان بلغه أرير خفي عجيب يصعب تمييزه فلم يسمه من قبل مثلما يسمع البوم والخفاش فجلز الأمان من قلبه وقطن مكانه الخوف وثانيه وراء ثانيه ودقيقه تليها دقيقه بدأ الصوت يتكرر والخوف يتصاعد حتى أصبح على علاقة طرديه
تسرح عن المكان وتحدس في السير مرتعد الجسد عندما أحس بأقدام خفيه تتعبه والأرير الخفي يلاحقه .... وتوارى كل ذلك حين بلغ أدنى مسكن في أول الطريق...... يبدو عليه القدم به حديقة ذابلة محطمه الأشجار وما أن قرع الباب قرعتين حتى سمع ما بالداخل يقول : من الطارق
قال : عابر غريب ..... يرجو المبيت عندكم الليلة
ففتحت له فتاه كالغادة تبدو في متوسط العشرين واستقبلته بالداخل
ثم قال حين جلس : أين صاحب الدار؟
قالت : إنا صاحبتها ....... ألبث فيها بخلوتي
قال : ولماذا أدخلتني إذن .... ألم تخشى منى
قالت : ولماذا أخشاك ؟
قال : ربما أكون سارقا أو فاسقا
قالت : نفترض كما تقول فلماذا أخشاك وأنا عندك العقل ؟
قال : ما دخل العقل في هذا ؟
قالت : العقل الواعي يعطى الثقة بالنفس التي تنبثق منها القوة الروحية لذلك إن كنت تنوى شرا ستكون عديم العقل لأن العقل الخير لا يرغب في أذية الناس كما انه يمتلك قوة خارقه تنتصر على الشر .
قال : إذن إنا عندي العقل والجسد أما أنتي تمتلكين العقل فقط لذلك أنا أقوى منك .
فضحكت قائله : لكي تتحقق منها قوتك ينبغي أن يكون خصمك يمتلك نفس آلياتك ومهارتك ، فمثلا لا يجوز إلتقاء
العالم بالجاهل في مناظره علميه وتحكم بينهما حيث من الطبيعي تفوق العامل فى عمليه التقييم ويبدو قويا للآخرين
قال :تثقين بنفسك وتبرزين ثقافة لا تبدو على فلاحه مثلك
قالت : الهوية ليست مقياس للمعرفة
فأستطرد قائلا : ما اسمك ؟
قالت : لقد تعارفت إشكالنا ..... فلا دعي لذكر أسماء فلأسماء بديله لصورة الإنسان وأنا لا أقبل البدائل ...... كما لا يعنيني من أين جئت والى أين ستختلف
فدنا منها وقال وهو يستهويه فكرها : تتزوجيني ؟
فضحكت قائله : تتزوجني لجمالي أم لجسدي ؟
فدنا الي وجهها وكأنه يريد أن يقبلها وقال : للاثنين معا
فابتعدت وقالت : لا ازعم انك بعد عشرين عاما ستظل عاشقا للروح والجسد
قال : أنت متشائمة للغاية
قالت : وانت ثرثار للغايه فلقد استطال تسامري معك وأنا ارغب النوم حيث ورائي إشغالا ثقيلة في الصباح
فأكرمته كضيفا وذهبت للنوم , ثم نضا ثيابه المتسخة المبتلة وارتدى ثيابا نظيفا ومضى في سبيل النوم الي أن سرى الليل وفى الصباح صحا وهى تهز جسده سيده عجوز ترتدي ثياب الحداد وتقول صائحة : ما الذي أدخلك إلى دارى أيها الرجل الغريب ؟ ....
قال : أنا عابر سبيل دخلت للمبيت هنا بإذن من صاحبه الدار
قالت مندهشة : أنا صاحبه الدار
فوجد صورة الفتاه على الحائط فؤمئ إليها قائلا : هذه صورة صاحبه الدار التي أدخلتني بالليلة الماضية ....... أين هي الآن ؟
قالت والجود كاد أن ينحدر من عينيها : ماذا تقول يا ولدى فهذه ابنتي قد ماتت منذ عشر سنوات
فأنتفض جسده من مقوله العجوز وقال في دخيلة نفسه بحيرة .... من خاف العفريت ظهر له .....ثم اختلف الي حيث يشاء


قضيه ضد جمهور



ذهب منصور بائع الفول والطعمية الي بعض المثقفين في منطقته قائلا لهم بحده : عندي عجز في الورق الذي ألف به سندوتشات الطعمية
قالوا بعجب : وماد خلنا نحن في ذلك ؟
منصور : أنتم رأس الأفعى للموضوع ..... تدعون الي الثقافة والمعرفة الي أن أصبح أهل المنطقة يحتفظون بالكتب والصحف حتى الأطفال لم يعطوا لي ورقه واحده ..... فلا يوجد على ألسنتهم سوى كتبنا للعلم وللذكرى حين نكبر ونشاب .
قالوا : هذه حريتهم
منصور : هذه آراؤكم التي فرضتموها عليهم
قالوا : حرية الرأي واتخاذ القرار لهم ...
منصور : لا بد إن تحددوا حل لمشكلتي هذه وإلا ارفع عليكم قضيه
قالوا ا: قضيه .... ترفع قضيه على الأناس المثقفين ... فانك لمجنون
منصور : كلا.... فأنتم المجانيين بثقافتكم هذه يا جمهور المثقفين والمتعلمين
واختلف متحديا الي المعلم خميس صاحب قهوة السعادة الذي كان قاضيا خاصا للمنطقة ........ يتولى القضايا الاجتماعية الخفيفة التي لا تستحق البلوغ الي النيابة والمحاكم العامة . كان متوسط التعليم لا تبرمه الثقافة ولكنه لا يسعى إليها .
تحمس الي قصيه منصور رغم اندهاشه بها وتقبل المثقفون فكرة أهل المنطقة رغم عدم اقتناعهم بها بكل احترام ودخلوا القضية متهمين في ظهور الكساد الاقتصادي للسلع الورقية بالمنطقة ، وأقيمت دعوى كبيرة لأهل المنطقة لرؤية القضية وعند المجادلة قال القاضي خميس : أنتم جمهور المثقفون متسببون في أزمة الورق عند منصور الطعمجي بعد أن نشرتم الثقافة ورفعتم راية العلم
قال متحدث المثقفين : وما عليه لو وضع السندوتشات في ورق ابيض؟
قال منصور : إنا بذلك سأخسر مائه جنيه شهريا
قال متحدثهم : مائه جنيه لا تستحق هذه المهزلة كما لا يجوز تفوق مصلحتك الخاصة على مصلحتنا العامة
قال القاضي خميس مبتسما : ما جدوى التعليم والثقافة في دوله ليس بها عمل ؟
قال متحدثهم: العلم في حد ذاته غاية، فنحن نتعلم ونتثقف لتنميه لغتنا وفكرنا الإنساني
قال القاضي خميس : وما الذي نظفره من تنميه اللغة والفكر ؟
قال متحدثهم : نرضى عن أنفسنا وننمى شخصيتنا التي تساعدنا على احترام الذات واحترام المجتمع لنا
قال منصور: وماذا اصنع إنا باحترام الذات والناس سأعيش أكل واشرب منهما ؟
قال متحدثهم :الثقافة التي لا تنال إعجابك تقضى على الفساد وتهذب النفس البشرية وتنميه السلوك الإنساني وبذلك تخلق مجتمعا يتحلى بالقيم والفضائل الدينية وخاليا من العوامل المتطرفة والسلوكيات المنحرفة
صاح منصور مرة ثانيه : ما أنتم أيها المثقفون المتعلمون سوى ألسنه تتحدثون بها و ..
فقاطعه خميس قائلا :لا جدوى من العلم الذي بدون عمل , كيف يعيش الإنسان ثريا للعلم فقيرا للمال , ماذا نصنع بكل ذلك العلم ؟
قال متحدثهم :حسنا دع العلم كما تقول ، كيف يكون العمل وحده هو العامل الأساسي بالمجتمع ، كيف ستواكب الحياة والتقدم الخارجي ، كيف ستتعامل مع العولمة في ظل انتشار الطبقات الطفيلية وظهور الجمود والتخلف الفكري ، أنت لست فقط محتاج للصناعة والتجارة بل محتاج إلى الطب والهندسة والفلك والعلوم الأخرى
قال خميس في إعجاب : أتريد توضيح أن العلم والعمل في قالب واحد
قال متحدثهم :العلم والعمل وجهان لعمله واحده ، تدعى التقدم ، فالتعليم أساس كل حرفه والثقافة قنديل لكل طريق نسلكه
قال خميس القاضي : أحسنتم يا شباب اليوم والغد
صاح منصور : إنا لم أتى لهنا لأستمع الي ندوة فارغة عن الثقافة والعقل والتقدم
قال القاضي خميس : ماذا تقول ، العلم نور يا جاهل
منصور : والأكل غذاء وكثرة المال راحة للبال يا قاضى ، ماذا اصنع بهضم لكتب وشرب الثقافة ، هل سيوفرون لي المسكن والملبس والصحة ؟
قال القاضي خميس :أنت غبي ، لا تؤمن بأن العقل يعطى معنى للحياة
منصور : أجئت لأتلقى الشتائم إذن ، أم للحصول على الورق من إتباعهم ؟
قال القاضي خميس : يا بني ادم ..... يا بخيل افهم ، هم أحرار في كتبهم يتصرفون فيها كيفما شاءوا ، لا دخل لك بها
منصور : فلماذا إذن قبلت شكوتى ؟
قال المعلم خميس : لأني كنت مغفلا وكان عقلي مظلما
قال منصور : افهم من ذلك انك سترفض الدعوة ولم تصدر حكما عليهم
قال المعلم خميس : بل سأصدر حكما عليك أنت
فصاح الحاضرين بالتصقيف والهتاف : عاش المعلم خميس
وصاح منصور عابسا : لا يستحيل هذا لن اقبل بأي حكم
قال القاضي المعلم خميس : تم الحكم على منصور بالحبس بالمكتبة لمده خمس سنوات لتعلم القراءة والكتابة وتنميه عقله الأحمق
فصرخ منصور : يستحيل ذلك ... مستحيل ........ أأكون متعلم ...... مثقف ؟
وسقط على الأرض فاقد الوعي ، وبعد قضاء المدة كان يروح ويغدو بالمنطقة مرتديا نظارة ، حاملا للكتب ، حيث ترك الفول والطعمية ، وأصبح بائعا للكتب ومتثقفا منها .


وهكذا تمضى الأيام


عشقت خيالا ملائكيا بالظلام الدامس وايقين انه لا يخشى ضياء القناديل ورويدا سيجهر حبه للنور ولما اشرق النهار وانقشع القناع بدا منه الخساء والرياء والدهاء ، واضحي الحب الصافي مكدرا عاجزا عن الاحساس بمشاعره الطاهره ، ايعقل ان يكون نهايه القلبان اللذان تجشما طويلا من القحم في الظروف الغامضه حينما كانت المشاعر محتدمه من نيران الحب المتأججة هذا المصير الاليم ؟....

فعند نزول الستار أحثل الي بالكثير من أوابد لسانه ، وحدأت بجناني الآلام والنكبات وصار قلبي سقيما لا دواء ولا شفاء له ولن يصح يوما إلا بعودته الىّ ، وتمتد أذني لتسمع من قصي نداء يقول ما جدوى الأماني وقد أضحى الزميم مغترب فقد زهاكي بحبه الزائف وخطفك الي ساحة الخيال حتى احتساك قدحا من العذاب فيصرخ قلبي الأليم قائلا تمضى الأيام ورغما عنى لا استطع النسيان وما نهاني النهى يوما عن الحنين إليه فأحلم أن يأتي يوما تتقصف فيه حواجز الفراق فأنا لم أتوب عن حبه رغم انه الهكم المغتصب القلب فقد أسقطت في جم حبه المختار وأمت بالعودة إليه فلا توجد كرامه بين الأحباب ، فقد طارت بيننا الأيام وقدر لي الردى وانقضيت ، فعسى لو رأته عيناي يوما لأغبطني مرآه وارتدت الروح وعدت الي الحياة مره أخرى .

(فيدخل العقل متبرما قائلا لقد أحبيتي رجلا كان محبا لمجالس النساء قدم إليك مشاعر باشكه وكنتي نزوة من النزوات ، وقد ألوت مشاعره الزائفة حبك الطاهر ، فلم يولع بحبك يوما فكانت مآربه تحطيم قلبك بعقله الماكر فهو لاستحق النسيان بقدر ما يستحق قتل ذكريات )
اضحك في دخيلة نفسي وأنا أتعجب لزمن متوجا بالمراء و الفسول فكم يغبطنا مجالسه أناس يبتسمون بوجوهنا ومن خلفنا يلقون علينا بالماء الكدر ليغرق مشاعرنا الطيبة البريئة فلا تحزن أيها القلب الطيب واعلم إن الجروح العميقة تلتئم وتضمد مع انصرام الأيام ، أما قلبه الأصيد فسينال جزاء خسارة قلب قد أحبه بصدق وما كان لسلطان القلوب إلا عقول تمضى بها لسبيل أفضل .


الطريق الى الدمار مابعد الموت



لقد وصلت الي طريق بمثابة اخطر طرق الدمار ربما قد يكون دمارا إلى ما بعد الموت , دمارا لن ينتهي فقط بمفارقه الحياة , أحيانا تغيب عقولنا وتنجرف إلى أقصى الحدود إلى أن تأتى بسؤالا يضع أمامه علامات استفهام كثيرة, فمن أين أتينا وأين سنذهب , كلاما خطيرا بين هذه السطور وان كانت توجد أجوبه فهي اخطر.

البداية عندما ذهبت الي فرنسا الصيف الماضي قابلت صديقا لبنانيا بقهوة الكارديدور وشعرت وقتها إنني أتعرف على إنسانا جديد . لقد كان اندريه نموذج للفتى المتدين يهتم بالذهاب إلى الكنيسة , يحافظ على تعاليم الإنجيل محبا الى الله, اليوم أراه شخصا أخر يعبث ويلهو. كم من المضحك لا اذكر اندريه قد تناول كأسا من الخمر قبل ذلك , اندريه قد تحول من مؤمن الي منكر للأديان , منكر للمسيح والأنبياء بل والذي أصبح اخطر انه أنكر الله نفسه وظل يناوشني بنظرياته العلمية كي يقنعني وبأبحاثه التي أتثبتت أن الإنسان كان حيوانا مر بمراحل تطور على مر الزمان وقصص الأنبياء ما هي إلا أساطير , كنت أجادله بحده وحزم وكثيرا ما كنت اعجز عن الرد ويراودني الريب

تركته ولكن فكرة ظل يقتفيني رأيت نفسي اذهب الي العلم والدين وأكتشف كثيرا من التناقض بينهما , فلم يرتاح لي بال , حتى القرءان لم استمتع بقراءته , اشعر أنني وصلت لمرحله الحاد جزئي اشعر بالخوف على نفسي

أتأمل كثير للسماء وما يتوجها من نجوم وكواكب هل يعقل كلام ستيفن حينما قال أن الكون نشأ نتيجة انفجار عشوائي ولادعى لخالق له , أيخلق الانفجار العشوائي كون بهذا الترتيب والنظام والكمال ؟

من اختار ان نعيش على كوكب الأرض, ولماذا فضله عن بقيه الكواكب ؟

لماذا لا تصطدم الكواكب يبعضها ويحدث إنفجارات,ومن الذي أوقف انفجارات الكون؟

ألسنا اعتادنا على أن المفعول له فاعل ؟

لماذا الزعم بأن سيدنا ادم أسطورة خرافية , ما العجب في أن تكون حقيقة كاملة , ربما قد يكون نظريه داروين صحيحة والإنسان كان أصله قردا مر بمراحل تطور وارتقاء حتى وصل إلى هذه الصورة , ولكن أنا لا اعلم ماذا قبل ميلاد سيدنا ادم ربما كانت هناك بشر غير عاقله من فصيلة القرود , وبعدها خلق الله إنسان من طين

أصبحت لا أنكر وجود الله لان الكون دليلا على وجوده ومن حقه أن يخلق رسلا وأنبياء يكرمهم عن باقي البشر يكونوا مرسالا له نعرف عن طريقهم فوانيين الأرض والقيم الروحية , الآن أقول لك يا صديقي الملحد ليست الأديان تخلق الحرب والدهاء والدماء, فالعيب فينا كمخلوقات عاقله لم تلتزم بمبادئ الرسالة السماوية, لم أجد في الإلحاد سوى القضاء على الفضيلة وعدم وضع قواعد للأخلاق , إن كان الإلحاد حقا فستسير الناس في الشوارع عرايا ولا يوجد فرق بين أجناس الرجال والنساء ربما سنضحي مثل الحيوانات والطيور نعيش بلا مشاعر ولا قواعد ولا قوانين

تعلمت من الأديان أن الله عظيما بعلمه ومهما بلغنا من العلم لم نبلغ له , فكيف يكون الله عالما ويحارب العلم بالأديان

اشكر صديقي الملحد اندريه لأنه جعلني اعشق الأديان أكثر وأفكر في عظمه الله كثيرا وأتأمل إبداعه في تصميم الكون

أدعو لصديقي الملحد أن يعد الي صوابه ويفكر جيدا فهذه الأمور ليس بها ازدراء فأفكاره ستقود روحه بعد الموت الي طريق الدمار والجحيم , فمن نحن لنفكر أمام الله ونبحث عن ما صنعه بالماضي وما قبل الزمان, وهو الذي قد علمنا قوانين الحياة


إشارة من العالم الآخر


عاش يحلم بأن يكون رجلا له مكانته الاجتماعية ، فتحققت مآربه وعرفه المجتمع واحترمه الناس حيث كانوا يرونه صورة مثاليه أخلاقيه لمواطن مكافح ظل يحفر في الصخر حتى بلغ إحراز مآربه ولكن الباطن صوره على نقيض ذلك .....
هذا الرجل إنسانا معربدا حياته هي الليل ومجالسه النساء في ملاهي الرزيلة والتغزل في مفاتن أجسادهن والإنصات الي سماع أغانيهن المتفجرة ثم يعود الي منزله في جنح الليل وهو يتبختر يمينا ويسارا وتفوح رائحة الخمر من ثغرة ويستلقى على فراشه ولا ينهض إلا وقت الظهيرة .
هذا الرجل انهي حياه مواطن صالح وحطم أسرته عندما انذره بأن يكف عن تمويل مشروعاته وإلا يخبر بها جهات الدوله .
هذا الرجل هذا الرجل شارك فى تجارة المواد المخدرة ودمر مستقبل الآف من الشباب وهم فى ربيعهم ليربح ملايين محرمه نظير هلاك صحتهم وفناء اعمارهم وضياع مستقبلهم .
هذا الرجل يعيش عالمه الدنيوى فى سعاده سوداء حيث يخضع للذه الدنيا وعبيرها الزائف الذى يشعره بكذبه البقاء الدائم لذلك لم يسعى الى التفكير وهله فى انجاز مآرب دينيه تحقق له مكاسب ادبديه فاذا ذكر انه له وطن لم يذكر انه له دين ، لقد افرغ القيم والمبادئ من كأس حياته حتى ان عبرتهذه الحياه على شئ جميل فسدته وبترته ، فكل يوم له ينصرم على ممارسه الرذائل اللااخلاقيه الفادحه
وكان نائما ذات ليله متأخرا، رأى نفسه بالمنام مذعورا وهو بين زوايا حجرة مظلمه لا يبدو فيها اى كائن او جماد حتى اشع من بين غيوم الظلام رجلا ممتلئ الجسد ،يضى وجهه كالشمعه يرتدى عباءه بيضاء ، يفعم عبير رائحته الطيبه المكان فأقبل على صاحبنا قائلا : لما تذعر يااخى ، وانت بحياتك تمتلك الشجاعه التى بها تلهو وتعبث وترشى وتسرق وتزنى وتعيش الحياه على نهجك الذى يمتعض الله منه ،فأخبرنى الآن كيف ستقابل الله متجشما كل هذه الذنوب وانت ستموت غدا ؟ ...
وسترحل وتترك كل ماتشتهيه بالدنيا
ففز صاحبنا من نومه مخفقا القلب ثم وثب من فراشه وفتح شرفه الحجرة فوجد الصباح قد اسفر فظل ثابتا فى موضعه يفكر بالمنام الذى رآه وجعله يذكر الحقيقه الوحيده التى بالوجود الا وهى الموت الذى لم يذكره قط بحياته حتى لاحت له نفسه بأنه اقوى منه وراح يسل نفسه كيف سيقابل الله وهو مسجل اسمه فى كل ابواب الفساد وملعونه ذنوبه فى كل كتاب ؟ ...... فقد كان فى الظاهر صالح وفى الباطن طالح وكل ما يحفل به هو ان يعلو شأنا امام الاخرين ولا يكترث بمنزلته عند الله ، ووجد انه لا محص من الموت ولا جدوى من زجر فكرته بين الحين والحين وفجأه ذكر الحكمه التى تقول " اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل للآخرتك كأنك تموت غدا " ثم راحت محكمه نفسه تعاقبه وهو يبكى فى بئر من الدموع لكثره المعاصى الذى ارتكبها ويسأل هل سيغفر الله لخ كل هذه الذنوب لقد قتل وسرق وزنا و......و
وذكر ان الله رحمته واسعه ويقبل التوبه من اى مؤمن ووقتئذ خشى ان يكون ذلك اخر يوم بحياته وقرر فى دخيله نفسه ان يقتحم مناخ آخر يستأنف فيه حياه جديده مفعمه بالايمان ، كما اكتشف ان الانسان بأعماله الصالحه فى الدنيا يقدر ان يصنع سعاده ابديه بالاخره ، وان كان يرتاب فى ميعاد ساعته التى علمها فهو على يقين أنها ستأتي ولو بعد ردحا من الزمان ، لذلك ينبغي إن بتريثها ويتأهب لهذا اليوم الغير معلوم ، ونهض للخروج من مسكنه وقرر إن ينفق ذلك اليوم إن كان آخر أيام حياته أو تليه أيام وسنوات أخرى فئ الهم بأدوار إنسانيه اجتماعيه فعاله واحتراز أعمال ايجابيه مرنه لذلك تخلص من جميع نقوده غير المشروعة ووضعها في الأعمال الخيرية والاجتماعية ثم اختلف الي المسجد ومكث يصلى ويتلو آيات القرآن الكريم وهو يذرف الدموع بين الحين والحين ويطلب من الله المغفرة على كل إثم ارتكبه في حق نفسه وحق الآخرين واستمر يمارس العبادة ويستبطئ الموت كأنه حقا يتأهب للرحيل غدا


وقد ذابت الأحلام
الرؤية ..... الإحساس ..... التعبير كانوا منهجا لفنها الصامت الذي تراه بالبصر وتحسه بالبصيرة ، لقد تعلمت من هذا الفن إن الدنيا رسوما متحركة والحياة ألوانا من المشاعر الصادقة والكاذبة ، كما تعلمت منه إن البدر قنديلا لسبيل الغد وشروق الشمس بداية لحياه جديدة وغروبها وداعا للماضي الأليم ، لقد كان الرسم عندها فن صادق يترجم مشاعرها في لوحات فنيه مبرقشة بالألوان والحركات الثابتة ..... الرسم هو المرآة التي تشاهد فيها نفسها لأنه يخلق من فطرتها إبداعا يجعلها راضيه عن وجودها ..... الرسم هو نصف السعادة التي تعيشها...... لذلك دفعها إياه لدراسة الفنون الجميلة رغم الظروف التي تحالفت ضدها فهي تحلم إن تكون مثل بيكاسيو او فلاسكز هي فقط تحلم ومن حقها إن تحلم كي تحقق .
عندما أنهت دراستها في كليه الفنون رأت نفسها قد بلغت سبيلا غير الذي قد رسمته بخيالها ، هي لا تطمع بشئ سوى إن تحقق حلم اليقظة البسيط فبرغم من امتلاكها التذوق الفني والإحساس الأدبي الذي يسهل بلوغه للمشاهد إلا إن لوحاتها لم تتجاوز المعرض لان إطارها الأسرى مغلق يرفض الانفتاح على المجتمع فقد تربت نشأه ريفيه تحكمها العادات والتقاليد فإذا بلغت الفتاه العشرين قد يمضى حالها الي القلق إذا لم يقرع بابها الخطيب فابتدي التشاؤم
وثوى سوء الحظ بحياتها
وكان الحب هو نصف السعادة الآخر الذي تبحث عنه فهو الذي يدفعها الي اختيار شريك الحياة مثلما تختار موضوعات لوحاتها.... هي تأمل فلتحلم حلما يتمنى إن يكون ملموس فيما بعد ، فهي لا ترغب في البناء الأسرى القائم على ما يدعى زواج الصالونات ، لذلك بحكم فنها وموهبتها قد رسمت في ذهنها صوره لفتى أحلامها بل حولت صورتها الي لوحه ملموسة رسمتها من نسيج خيالها لتتذوق منها الحب والإقدام على العمل كانت تحدثه وتشعر انه يرد عليها بل امتد ذلك الشعور الزائف الي البحث عنه في عيون وعقول وقلوب الشباب وعاشت على أمل سنوات تليها سنوات حتى بلغت الخامسة والعشرين ولم تلتقي بأصل الخيال فدفن الحلم في بطن الظلام .
وبدأت الألسنة تتحدث عن سر رفضها للزواج حتى الآن وبدأت العيون تقتفيها إثناء دخولها وخروجها فاشمأزت من هذه الحياة التي ذابت في يمها الأحلام ، فلم يعترف احد بفنها ولا بمشاعرها فما حياتها إلا لمسات فنيه على لوحات مائية فكاد قلبها إن يتمزق حزنا على بختها ، ولكن تحملت أسرتها أفكارها واقتناعاتها كثير ا ولكن ليس إمامها إن تتريث أكثر من ذلك فقد يمر قطار العمر دون إن تشعر وينطفئ قنديلها إلى الأبد فأرغمتها على الزواج من شخص ثرى لا يتلافق مع ميولها وأفكارها حتى كان اقل منه تعليما وثقافتا ، فاختزلت برأيها المتعارض وقتا حتى أكد كثيرون لها إن الحب بعد الزواج يؤدى الي الزواج الناجح المنتصب على عمود الاستقرار ....... كما أغروها بماله الذي سيصنع لها لونا من السعادة وربما يسنح لها الفرصة في المجتمع المفتوح لتثبت وجودها على ساحة الفنون ، فهوت نفسها الي التجربة ربما تجد فيها الحب والمستقبل المشرق لفنها ، فتزوجته وحاولت جما القضاء على العلاقة الرثيه بينهما وتدنيه من اهتماماتها وميولها فكان يصدها ويسخر من تفكيرها الفني وآرائها الإنسانية، فوجدت لا عبث من الجدال معه ، بعد إن انجلى لها طفيليته فما أضحى لها سوى كتله من المال تبعثر به يمينا ويسارا ..... لا يؤمن بفن ولا عاطفة وكانت العلاقة تكل بينما يوم بعد آخر حتى تئدت في بيته غريبة مستسلمة بهذه الحياة المفتقرة للمشاعر والتفاهم .
وكان من ديدنها إن تنفق معظم وقتها في الاعتكاف على مزاوله الرسم فضجر منها وابتدى يقذفها بعبارات سخيفة مجرحه تشعرها بالخذل فعزمت على إن ترسم خفاءً كأنها تصنع جرما حتى تتجنب مناوشته وتهكمه عليها
شاءت الحياة إن تسعدها بأطفالا تقدم لها لونا من السعادة التي تفتقرها وكانت تلاينه لتمضى أمور شتى بالزواج من اجل أولادها الذين تأثروا بفكرها ومنطقها ودون إن تدرك غرست جذور الفنون في قلوبهم حتى أضحى منهم من يهواها وكانوا يطلبون النصيحة منها حيث يشعرون إن والدتهم ارقي فنا وفكرا وعلما من والدهم ، فاستيقظت غيره الأب وقام بالتلاحي والنزاع مع إلام من حين لآخر بأسلوب غير أخلاقي يفقدهم احترام أولادهم لهما ، واشتدت الخلافات ذات مره فتركته وهى متخذه قرار التنصل من سجن الزوجية فكفا من حياه مريرة معه تحطمت في طياتها الآمال وذابت في قلبها الأحلام
أعلنت إمام الناس أنها تفضل حياه حائلة لأبنائها بين أبوين منفصلين بتبادلين الاحترام عن حياتهم في مكان واحد لا يربطهما فيه اى حب او تقدير مما يقلل من شأنها إمامهم وانفصلت عنه وهى راضيه عن قرارها وعاشت حياه تشغلها بآمال جديدة تسعى لتحقيقها

ساعة سفر

اقتفيتها حين صعدت من باب القطار ولبث قلبي يخفق تدريجيا ً حينما وجدتها تدني نحوي بخطوات قليله الي أن جلست بهدوء في المقعد الذي أمامي ، كانت الحسناء ذات القوام الملفوف تحمل حقيبة سفر وتغطي عينيها بنظاره سوداء متوسطه الحجم ، وترتدي ثيابا غامقة اللون تميل قليلا ً الي اللون البني المحروق ، ويبدو علي ملامحها الكسل والشجن القليل ، كانت شاردة بذهنها الي أقصي الحدود ولا تكترث بالجالسين حولها ، كما يبدو أنها تستنكر سماعها للأصوات المحيطة بها
ماذا صنعت بي هذه الفتاه كي تجعلني أحفل بالتفكير في شخصيتها المجهولة أمامي ، فمن أول نظره لها جعلت قلبي ينبض نبضات مؤثره تشي الي قدوم الحب وأنا لست من أنصار الحب من أول نظره ولا أزعمه إلا وسيله لقلوب محرومة خالية من المشاعر ولكن أنا لا أعشق إلا مَن يتواصل فكرها بفكري ويلتحم قلبها بقلبي ، وربما على وشك الإيمان بهذه اللحظة بأن العين أحيانا ً قد تهوي قبل القلب .
ذكرت حينئذ صديقا ً كان عاشقا ً لجارته الجميلة التي لم يحاكيها قط بحياته حتى لو كان عن وسيلة العينين وكنت أندهش حين يحدثني عن أقصي درجات ولعه وشغفه بها ، وكنت أعتري الذهول حين أنصت لحكاياته ولم ألبث حين يتم حديثه فأقاطعه متسائلا ً هل أنت عاشقا ً للروح أم الجسد وكان يرد بكلام ممزوج من الضحك قائلا ً الإجابة عند قلبي وحتى الآن لم يخبرني بها .
يبدو أن الحب له أكثر من منهج يلقنه لعشاقه في مدرسة الحياة , فلا اعلم اى من الدروس قد تكون من نصيبي ، وأي نوع من الجراح ينتظرني في المرحلة القادمة إذ كتب عليا الفراق.
سرعه القطار تزداد تزامنا ً مع ارتفاع دقات قلبي وهزه القطبان الحديدية تسبب لي شيئا ً من التوتر القليل الذي يجعلني قلقا ً من المجهول الداني بعد أقل من ساعة تقريبا ً.... الي أين سينتهي ذلك الشغف المفاجئ الذي لم يرتب له حسبان في خطه اليوم , فعندما أتي الصباح أحسست بارتياح بعدما تصفحت الجريدة اليومية وقرأت في باب الأبراج عن حاله حب سأعيشها في القريب العاجل فتفاءلت قليلا ً رغم أنني ضمن المتسلين بقراءة حظوظ الأبراج اليومية ولكنها لا تشغلني حتى أنني لن يحالفني معها الحظ يوما ً ، ولكن الهدوء النفسي الذي وصلني بالصباح ليس كالمعتاد فكان يشمل النشاط والبهجة والتفاؤل لكل ما هو قادم
ولا سيما في حالها الظاهر للجميع فيبدو عليها التعب والإجهاد كأنها قادمة من سفر بعيد لتلتحق بسفر آخر ، تغلق جفنيها من حين لآخر كنها تسترخي في هدوء أو تستعيد في ذهنها الشارد ذكريات ما قد مرت بحياتها الغريبة عني
دفعتني نفسي الي فتح باب الكلام معها ولا سيما بشئ مجهول يجعلني أتراجع في أخذ القرار ، ولكن قطعا ً لابد من محادثتها عسي أن اخترق قلبها المغلق ، فربما أجد عندها مقومات الفتاه التي أبحث عنها منذ سنوات طويلة، فلم أكن عاشقا ً لجمال لصورة فقط دوما ً ، فلقد لبث طويلا ً باحثا ً عن الجمال المتكامل ولن أصادفه حتى حاضري هذا ، وعلي أمل أن أجد عندها كل ما كان يطلبه قلبي في السنوات الغابرة ، أنا لست قنوع بل مستغلا ً لدرجه الأنانية كما لست راضي عن كل ما أملكه ، فان أحببت يوما ً فسأعشق شكلا ً وطبعا ً وفكرا ً وسلوكا ً وحنانا ًبل وطامع في المزيد اللامنتهاه كي أنعم بالحب الدائم البعيد عن اى غرار يؤدى بى للدمار الروحي ،, وتجنبا ً لما كنت أسمعه من رفاقي المتزوجين ، فقد كانت تحل بهم الشكوى المتكررة من زوجاتهن بعد الزواج كتغير نبرات أصواتهن الأنثوية واختفاء الرومانسية في رحم ضباب الحياة ، ونضب المشاعر التي كانت تروي شرايين القلوب ، حتى عبيرهن العذب استوطن محله روائح الطعام والتوابل ، وبل وقد أضحت الرشيقات في زمن كان بعدما غلبتهن قوانين الحياة الثابتة واستسلمن للحمل والرضاعة وتربية الأولاد ولا يكفن عن الصراخ والعويل من كثره المتطلبات العائلية ، فلست متأهبا ً لقياده معركة اجتماعية شبيهه لذلك ، فأنا رجلا ً هوائيا ً بطبيعتي ، قائدا ً بهدوئي ، مجذوبا ً بشخصيتي التي يلتفت إليها الكثيرون بعلامات استفهام التي لا تصل دون عوائق الإجابات فمعظم الأسئلة ليس لها جواب واضح ومباشر ولا سيما أن الغموض والفكر المبهم هو منبت الجدال وكثرة الكلام نحو شخصي الذي يسعي الكثيرين لاكتشافه .
بكل وضوح أنا أبحث عن شمسا ً أختبئ بدفئها في برد الشتاء القارص ، ووطنا ً أقطنه في شده أزمتي ، ونسمات صافية عذبة أستنشقها عند كتم أنفاسي من غبار الحياة المكدر ، ومعطفا ً من الثناء ألتف به عند قسوة الأقارب والأصحاب ، وثمرات من الآمان أقطفها عند غدر الأعداء ، بل وأبغي جمالا أنثويا يملأ عيني ويجعلني رافضا ً النظر للنساء ، كل ما ذكر كان جزءً من مواصفات فتاتي الباحث عنها ، ولن أقبلها إلا إذا كانت حامله لمعظم هذه الصفات التي اتخذتها قواعد ثابتة وآمنت بها كمنطق أخطط على أساسه حياتي المستقبلية
أرغب في نفسي أن تكون هذه الفتاه ذي الجمال المبالغ ما يتمناه عقلي ويهواه قلبي ، كما أخشي من عدم لوصول الي قلبها ، ربما لا ترتاح الي أو لا يهواني قلبها أو قد تكون من المختصر عاشقه لقلب آخر ، أو قد تكون حسناء الصورة سوداء القلب وتخفى شخصيتها المجهولة عيوبا لا يحتملها أي إنسان ، ودارت رأسي بين تشتت الأفكار وكثره الارتياب ، فتارة تشي ملامحها بشئ من الحذر فتخذلني عن الإقبال لمحادثتها وتارة آخري أشعر بالفضول كاد أ يقتلني إذا لم أتطلع لشخصيتها وأتطلع لهويتها الغير معروفة .
فجأة رفعت نظارتها قليلا ً فوق رأسها ، وهمت بفتح حقيبتها السوداء ، وسحبت منها تذكرة السفر وراحت تقلبها بين أناملها الرقيقة ومكثت تحدق فيها طويلا ً كأنها استحوذت علي قيمه غالية من الذهب الخالص ، ولمحت بالصدفة من خلف التذكرة أنها ستفارق القطار بمحطة الإسكندرية فتسللت الي قلبي أسارير الفرح والتباشير بأن المغامرة لن تنتهي عند مغادرة القطار .
لمحت الكمثري قد دخل العربة تزامنا ً مع فتح حقيبتها وحين أقبل معلنا ً عن التذاكر سمعت صوتها لأول وهلة وهى ترفع يدها اليمني إلية حامله بتذكره بين أصابعها وقالت بلطف : تفضل .... كانت نبراتها ناعمة دافئة ومخارج حروفها توحي بثقتها الحاسمة نحو نفسها ، وكان يتسرب من عينيها العسليتين اللامعتين براءة الطفولة وتحملها عوائق الحياة ، وكان شعرها الفاحم السواد المنسدل قليلا ً على كتفيها كخميلة وردية في بحر الليل الدامج ، تلوح لنفسي أن أغمر بطياتها لأنتعش بأنوثتها الطاغية وأستجم بين روائحها المتطايرة لأستنشق عطورها العابرة على أنفاسي وتغرس فى صفاء نفسي سهمها الصائب لأتذوق لفحه الحب وتتأرجح نيرانه في حنايا قلبي وأضحى من مغرمين العشق من نظرة عين .
تناولت مرة أخري من حقيبتها كتابا ً صغيراً تتصفحه صفحة تلو أخري ثم فتحت النافذة لتستقبل الهواء الذي واجهها بتطاير شعرها حول وجنتيها وأسأنفت مطالعتها للكتاب حتى استقرت علي صفحه من الصفحات ، كنت أهوي معرفة عنوان الكتاب حتى أتسلل الي جزء من أفكارها ولكن خذلني فضولي ولن يناولني ما أبغيه .
باقي من الزمن ساعة إلا ثلث
، فأنا بمثابتي شاعر وكاتب أعشق ذلك النوع من النساء الذي يهوى الاطلاع والمعرفة ، وكنت أتمنى علي الأقل أن أعقد صداقه معها في بداية الأمر فرغبتها في القراءة تدفعني إلي عتق نفسي من قيد الخجل الذي يضيق صدري ولا يسنح للحب فرصه بطرق بابي ...... أجل سأمضي علي بساط الإقدام ربما تحتاج هي الأخرى لقلب يفتح زهورها الذابلة ويقتل أحزانها المشوهة ويخطفها من مفترق الطريق متجها ً بها إلي جسر الآمان ، فربما قد تنتظر اللقاء بمن يخرجها من ظلمات الحياة إلي سبيل الأحلام ونور الأيام وضياء المستقبل .
أنا الشاعر الذي أبدعت في أبياتي عن وصف عيون وأجساد النساء ، أجلس أمام أنوثة طاغية نادرة لم تتكلم عنها كتب الشعر والحب قبل ذلك ، هي ذات أنوثة فريدة مبهمة لا يتجلي منها إلا الغموض الدافع لاختراق جدرانها لتكشف الستائر كل الأبعاد والخفايا وتنجلي الحيرة التي لم تخمد نيرانها ، فمن أطماعي أيضاً أن تكون فتاتي كاتبة أو قارئة علي الأقل تتابع إصدارات الكتب وتجادلني بما أقرئه وهي مرحبة النفس دون ضيق أو ملل وأن تكون منسقة الحديث ومرتبة الأفكار تناقشني في نظم الحياة وتساعدني علي الإبداع والابتكار وربما ذلك من أمثل الصفات التي تحمها الأنثى بل ووسيلة لاختراق قلب أي رجل بكل هدوء ومساندته في شتي الأمور ، فالقراءة علي الأقل عند المرأة تترك أثرا ً إيجابيا ً يعدل ويطور من ذاتها دون شعور .
باقي من الزمن نصف ساعة
نبضات قلبي تطرق ، ولكن لن تتأخر نفسي في البدء عن ذلك فالدقائق تمضي سريعا ً والوقت يأزف ولم أقدم بخطوة واحدة وقررت أخيرا ً قطع صفوها متدخلا ً بهدوء ..............
( أخيرا ً حدد قراره ، وعزم علي إتمام رؤيته نحوها لعلمه جيدا ً أن في زحام الطرقات والمواصلات والأماكن العامة بل والحياة ككل أناس يشبهون ملامحنا وطباعنا ويفكون ألغاز أعيننا بشكل جيد ويقدرون ما تتحمله قلوبنا من أحزان ، وحين التفتت عيناها نحوه بالصدفة قطع صفوها وتساءل بهدوء : هل سيادتك من هواه قراءة الكتب ؟؟
فاندهشت من حديثه معها وسؤاله لها وفكرت أن تتجاهل سماعها للسؤال ولكنها لم تعتاد أن تحرج أحدا ً فردت بجدية : القراءة تمثل لي جزء ً هاما ً بالحياة بل وهى الحياة ذاتها
وكادت أن تنسدل من عينيها دمعه واهية فاستعادت قوتها وابتسمت سريعا وحاولت استئناف القراءة فشعر بشئ ما بداخلها تواريه وراء التلال البعيدة حتى ابتسامتها تبدو مبررا لظروف ما قد أمضت بحياتها او مازالت باقية كالأفعى تلدغها وتهدد سلامتها وراحة بالها
فاستطرد قائلا بهدوء : أنا شاعر وكاتب بإحدى الصحف ، أهوي القراءة منذ الصغر ، ولا يمضي يوما عندي دون مطالعه الكتب وأحدث الإصدارات .
قالت مبتسمة : تاقت نفسي للاستماع إلى الشعر والشعراء فأصغي إلقاء الشاعر للآبيات بتمعن ليصلني إحساسه المكنون ولكني منذ فترة أقرأ الروايات والقصص القصيرة لعلني أصادف قصة شبيه لقصة حياتي .
قال مقطبا ً : إن كانت قصة حياتك تستحق أن يكتب عنها الأقلام بمقدوري أن أكتبها إذا رغبتي . فلمعت عيناها بابتسامه بسيطة وقالت : أنا كفيله بكتاباتها إن أخذت ذلك القرار يوما ً ، فلا يتقن التعبير عن الذات غير صاحبها .
بدأت الحيرة تتسرب إلي قلبه ، فشعورها بأن ذاتها ليس لها نظير يحتاج إلي تفسير ، فما تقصد عن أبعاد شخصيتها غير ما يدور من ظروف ومعيشة حولها ، فربما قد يستحوذ الغرور عليها أو قد نالت منها مهالك الحياة ،هذا تحليلي الشخصي في حين عدم توافر الإثباتات ، وقد يستلزم الأمر للتوضيح لتكتمل الصورة .
هى كانت ترغب الحديث الي أي شخص فبداخلها شيئا ً يضيق صدرها ويؤلم أنفاسها حين تخرجها ، ولكن كيف تتكلم وهي لا تستطيع الكلام كثيرا ً ، فحنجرتها تتمزق بسبب عويل وصراخ الليلة الماضية وصدرها منشرخ من آلام البرد الحاد الذي انتابها منذ يومين .
لبست ملك نفسها كي تتحكم في ظروفها ، هي ملك أب مدمن للنبيذ وأم يدمر جسدها السرطان ولخمسة أخوات منهم أخ هلفوت أهوج كل حياته النساء وسهر الليالي الماجنة والذهاب إلي البيوت المأخورة .
باقي من الزمن ثلث ساعة
الوضوح هو أبسط الطرق للوصول للغاية فكان عليه أخذ القرار مبكرا ً لحديثها ولكن قد رسم الموقف حاله علي هذا الشكل ، وابتدي خلال الثلث ساعة الحديث معها وعرفها بنفسه بوضوح أكثر ورويدا ً رويدا ً بدأ يتطلع لشخصها محاولا ً تحطيم الأقفال واختراق سراديب حياتها المغلقة .
تسللت لنفسها قليل من الراحة اليه التي بدأت تزداد تدريجيا ً مع الوقت ولكن الوقت يأزف والدقائق الباكية فى موضعها التنازلي والحوار يزداد ويتعمق ولحظه الفراق تتأهب للميعاد ، أعجبها أسلوبه وتسلسله في الكلام وأمور قليله استنتجتها حين حديثه القليل معها ، وابتدت تتابع نظراتها الساعة كأنها تتمني أن يبقي الوقت قليلا ً لا يتحرك مثلما تمنت أن يكون قد فتح الحوار معها مبكرا ً .
باقي من الزمن خمس دقائق
يتسرب اليه اليقين بأن حواره لن ينتهي معها عند مفارقه القطار ، فلا يشعر بالقلق الذي يوترها فهي تحسب الدقائق بالثانية ، بل وقد بقي أربع دقائق ، نضارة وجهها تتلاشي وتميل الي لون آخر يصعب تحديده فأمالها تضمر مع كل دقيقه تودعها ، فقد تعلقت به نفسها في تلك اللحظات القليلة ، فلا تندهش المكتوب فقد يلهج القلب بآخر في أقل من ساعة سفر في أوقات نادرة .
آنا الأوان
استوقف القطار وتأهب الركاب للنزول ، والتفتت الي رفيق القطار بقنوط وودعته بسلام وهى كادت أن تتوق عيناها بالدموع واختفت سريعا من أمام عينيه مقبلة الي رجل مجهول يبدو في العقد الخمسين كان ينتظرها بعيد وسط المارة ، استقبلها بفتح أحضانه إليها ثم تناول منها حقيبة سفرها الكبيرة ، واختلفا يعبرون ممرات المحطة للنزول الي الطريق العام .
نظراته رفيق القطار تمزق عيناه فلقد صدمته بالفراق المكتوب ففي البداية كان الصمت سيد الموقف ، والسؤال سيد النهاية ، فمن الرجل المرافق لها والى أين ستختلف معه ؟؟ ....... ولكن يراها وهى تمضي تلتفت خلفها لتشاهده لحظة الوداع كأنها تستجدى به أو ترسل إليه رسالة تحمل ألغازا ً بعينيها الحزينة فمازلت تتواصل نظراتهما وهو ثابتا ً بمكانه لا يتحرك حتى اقتربت تتواري وتضيع بين المارة ، فخفق قلبه وأحس أنه قد ترك أثرا ً، وانساب الأمل صعودا ً الي حناياه وقرر ألا يستسلم للفراق واستعاد آماله وأحلامه ليتمها فهرول مسرعا ً وراءها الي حيث ستمضى .

( الموعد )
هذه رغبتي منذ أن تشابكا قلبانا بأغلال الحب ، أن نقطن بتلك الجزيرة القاصية التي وراء الطبيعة ، تستهوي أرضها الصامتة كل من يحمل راية الحب والسلام ، تحتفي بالوفود القادمة من معظم الأزمنة والأمكنة دعما لتعميرها بالخير الأبدي وإنشاء مجدا لروحها العفيفة
تواعدا قلبانا علي موعد الحب في وطن الحياة بعدما تحملنا جشما من قلوب البشر فاستوقفتنا عصا الترحال هنا ، عند ذلك الشاطئ خصيصا ، ليستمر نبض الروح .
نجلس علي تلك الحظيرة ، تتلاحم أنفاسنا علي أوتار مشاعر الطبيعة ، أغرس أصابعي الأنثوية الناعمة بين خصلات شعره الأسود لأداعبه مداعبة الأم لطفلها ، ونتبادل حكايات الحب القديمة ، فمن ترك نصف حياته خاضعا لشبح الظروف ومكدودا لفتور نفسه، مغلقا علي يأسه باب الأمل ، وتمكث روحه ترتقب موعد المنية ، الي أن ينقضي كيرقة من شجرة الحياة ارتدت الثوب الأخضر وانتزعته حين حاصرها الهشيم ، ونضبت حين صارت كالرماد وطمرت بين ثري الأرض بلا أثر
كان الاختيار قوة ودفع لتنفيذ القرار ، حطمت كل زويا الجداران الصلدة بيني وبينك ، لم أكن دوما مهيضة أو مكدودة ، فالحب كxxxx روحاني يمنح القوة لمن تناول جرعاته ، وحين التقي قلبي بالحب صرت كعصفور قوي الجناح ، عصفور مارد ، يلتهم كل من يحاول سلب رحيق قلبي ، أو كسر زوايا نفسي
يا صريع النوم علي مقعدي ، ترنو أذني الي عزف السماء تدعونا القيام بالرقصات علي نغماتها المتشبعة بالسعادة ، فقد خدعت الأمور حينما أقصينا عن عالم البشر وتركنا لهم الخيانة والدهاء والكره وملذات الانتقام ، هنالك لا مكان للأشياء الطيبة ، ولا مقطن للنفوس الضعيفة ، ولا حصن لمظلوم من ظالم .... كان يتسلل الي أعماقي فضول الأخريات ليكتشفن حالي ، أفراحي .... أحزاني ... ذكرياتي ... انفعالاتي ، فودعتهن دون نحيب أو ندم فما عليهن بكاء ولا عويل فما كان في قلوبهن دون حقد وشماتة إن أعلنت الحزن يوما ، فدفعتهم بعيداً عن ناظري وأعلنت الإضراب عن عالمهم ، ضجيج حياتهم المبعثرة وعيون نافذتهم المفتوحة علي حياة الآخرين ، انشلني الحب من نارهم وأشواكهم المرة وأصد عليهم الأبواب ، حتى لا يتسرب وباؤهم الي عوالم المحبين
خدعت الشمس عن عالم البشر ، راحلة معنا الي عالمنا ، لتشرق زهرة الحب التي تحتضنا بقلبها في تلك الحياة .... تلك الطبيعة ... تلك الأسطورة ..... أي مسمي يصف المكان هو لي في النهاية وطنا للحب طالما يجمعني بك ، هنا روحي تستظل بثنائك ... يندمل كلمي بكلماتك ،... يرتوي إعصار فؤادي باحتوائك ، أنتعش بكلماتك التي كجرعات مخدرة تجعلني أثمل لأغرق دون شعور في بحر الحب فما أحلاه الغرق في عالمك أيها العاشق ، فأستحلفك بكلمة الحب ألا تجعل لهوانا مرسي ولا نهاية فدعه يمضي بأنفاسه وخطواه إلي نهاية الزمان
نتنسك هنا بين أورده الحب ورحيق يرقات الشجيرات ، التي ترحب . تتكلم ، ترقص ... بل وتغني علي ما تعزفه الطيور من ألحان ، فلتفرح أيها العاشق ، فقد جفلت القلوب آلام الكلم خلفها ، و شهدت هذه الأرض علي حبنا ، وأعلنت جميع الأنام إخلاص قلبينا ، وهنأتنا حين صرنا مالكان لتلك الأرض العتيقة
مع كل رزة غيث تتدفق من قلب السحاب رسالة ضاحكة تحملها الي قلبينا تضمن لحنا وأغنية هدية من السماء ، فأرقص تحت قطرات المطر وغيوم الغسم ، فأمسيت داخل وطنك لا أخشي رحيل الشمس ولا ألام البرد ، فوطنك كالعهن يحصن من صقيع الثلج وبرد الشتاء القارص
وراء ستائر الليل أري صفحة جمالك ، تعبر عن كلمات معسولة تنبع من إحساس صادق دافئ كحضنك في برد الشتاء القارص ..... أنصت الي أجمل ما سرد عن أساطير الحب القديمة، فيلهج قلبي بأسطورتي معك التي ستقف علي بابها العقود القادمة ، لتتعلم منها عزوبة المشاعر الصافية ومصدقية القلوب الملتحمة بكيان واحد ،
نحن قلبين تحابيا في سماء الحب نستهلك أجنحة المشاعر لعبور الدروب في محيط الخيال ، تكف عيناي بدموع الغبطة التي تغسلني من جروح الحياة الغابرة حين كانت عابرة علي أشواق الطريق ، ولم يدم صبرك طويلا حين سمعت أريرها الباكي وجئت بغتة ً علي أطراف أقدامك ، ومسحت بكفك الناعم علي شعري وأدخلتني عالم حضنك الدافئ الذي قائم بحوافه قناديل الأمان وشموع الليل التي تبتسم لحياتي معك
أجل ...... اندملت جروحي ، ولحنت قصائدي حتي باتت ذات معني ، سأشق طريقي معك الي نهاية الزمان ، فالحب كذرة الأيون ربما نظفر منه بمشاعر سالبة أو موجبة ولا يعلم الأمر إلا في أيان المجهول ، ولكن قدر لي نصيبا من النجاح في احتلال مدينة قلبك المنشود
أرسم علي السماء قلبا ً بحروف أسمائنا ، وأدير ظهري لعقبات الزمن ، وابتدت تتحرر أنفاسي المتجمدة في عالم الصمود والثبات ، وفكيت الرباط المعقد حول رقبتي لتلقي كامل الحريات ، فمعك لن يدني ما يضيق صدري ، ومن يهدم جدران أمالي ، فقد حطمت فقرات الباغيين وكسرت أعمدتهم الصلبة وسيبقي حبك في قلب جدار صلد الي اللامنتهاه


أحلام شبه أنثويه

تدور برأسي أشياء لا محل لها في الحقيقة ، تسترأي نفسي لهلاوس حنايا عقلي ، وتستسلم لمصير الغد الحتمي لن أسنح لخلايا عقلي فرصه الاختيار بين كافتي الميزان ليس عندي ما يطلبه الرجل من المرأة ... أجل إنا شبه معدومة الوجود ، أسرح في طيات عقلي الحزين فأشعر أنني أقل من الأشياء .
مستنقع كبير كالبئر يدعوني للتعايش به فلا أتعجل بالرحيل ، هذا مصير أنثي معدومة الملامح ، أحيانا يجدها البعض دميمة بشكل منفر فيهرولون منها بحثاً عن الجمال الجسدي في منفي آخر دون أن يفكر أحدهم لوهلة في جمال روح قائمة أمام أنظارهم
أي من الذات الذكورية تبحث الروح الطيبة، اي من الذات تفهم وتقدر ، مصر أنثي قد حكم عليها الغد أن تأتى له مكسورة الجناح ليحتضنها بأشواكه الخشنة الجارحة
يختلج صدري المتاعب ويهدد شبح القلق بقرعات أبوابي


سيمفونية عشق يصلني عزفها من بعيد ، وليس أي بعيد سنوات لا تحصي غبرت علي أوهام وحقائق رسمتها من ظروف الطبيعة ، فيتسلل عبر هذه الرحلة الطويلة غيمة تندفع من حناياها طيف يعبر الطريق متخذا سبيله إلي محلي القائم علي وجهة الشارع الرئيسي ، وما أن تدانت الخطوات حتى خفق قلبي ، فما يتوارى خلف الشارب الأبيض أذكره جيدا ، فلن تخونني التجاعيد التي تبرز من ملامحه ، لن تغدر بي الذاكرة التي منحت إشارة لقلبي ليصطك من عطش السنيين
معالم الانفعال يتسرب مفعولها إلي جسدي الذي يلهج بالحلم الضائع في براثين الذكريات ، فأنهض حينما دني إلي مكاني وتصلبت أقدامه أمام ناظري ليشرد عقلي في وجهه الذي يحتضن معالم الشيب ، يعجز لساني عن الكلام وتسرد ذاكرتي الذكريات التي كانت ترياق سعادتي في زمن فات بجروحه ودفن سرابه في طي الذاكرة
سبحت بعينيه التي كدرت بصفار المرض ، وشعرت بيده التي تبتلع كفي ثم يعلمني حفاوة الروح ببسمة تنبعث من بين شفتيه البنيتين
"فالزمن دائما لا يخلص للبشر " مقوله كان دائما يتفوه بها إلي أن ثبت صحة قوله أمام ناظري فالزمن يعشق التغيير أين وسامة الذي كان تسعي الحسناوات لعبور قلبه ......؟ وأين الغطرسة التي كانت تخترق صدره فيفرد ضلوعه ويمضي ورأسه كأنها تحدث السماء ؟! ..... الآن ماتت العجرفة ودفنت بضريح الزمان
وهكذا تبتدى الرواية دائما ... ببسمة تصدح بأنشودتها علي أجنحة المشاعر ...... وتنتهي بدمعة علي وجنتي الظروف وينطوي الورق في دفتر الذكريات
ومضيت وحدي في سفينة .... لا تعرف لها مرسي ..... وأجوب بمرافئ الزمن ولا أصل لمرفأ الراحة ...... وأركب xxxxب الساعة لتأرجحنى علي حافتي الهزيمة والانتصار ...... وبين أصابعي سراج يسهر بين الشموع ..... ويلثم جلدي بلفحته الطفيفة ، ولا تصرخ أطرافي ولا تهزها كهربة اللفحات ، فبعد الجروح الوخيمة التي أضرت القلب ، لم يعد بجسدي عضو يصرخ أو يشكى من علته
وجاء اليوم الذي سلبت فيه بقايا معاملي ، ورغم عني قدست الحياة واتخذت عهدا بأن أغرد من أجل من هم أغلي من روحى ..... وأصنع من صوتي أحبالا أقوى من زم العصفور وهديل الحمام ... ولن أهاب رحى الأيام ......لأعيش في وطن خلقت لأجله ولمجتمع صغير له مهاما في رقبتي
وهكذا كان عهد كفي بين راحة الزمن ، ونضبت مآقي العيون ، وأشهرت سيف الأمل بالحياة من أجل عيون صغيرة وقلوب ناضرة ، كنت أحلم بمستقبل لهم وأدمث لألمسه بيدي فأسدلت ستارا ليكن حائلا بيني وبين قبح الحياة لترقص البشائر دائما علي ساحتي الضيقة
لكن العالم الكبير والوقت الفسيح لم يمنعا قط جمع شمل القلوب واحتضان العيون ، ولتبق دائما الذكري عروس ترقص في أذهاننا حتى تندفع من ثقب صغير لتهبط في عالم العيون
والآن أستحي وأنا أقف بين عينيه ، فأدثر وجهي براحتي كي لأخفي ما تركه العمر لجسدي وما سرقته السنوات من معالم حسني وشعري التي طرسته هموم الزمن بالأبيض
واقترب نحوى، فشعرت بأنفاسه الدافئة تحط علي قلبي السكينة ، ليذكرني حينما كنت أحتسي من منهله العذب أمان الروح ورضا النفس ، ثم احتضن أيدي الصغيرة ليذهب بعقلي إلي سنوات انصرمت كعبور الريح ، كان بها العبث والجنون والفكر والدراسة والذهاب إلي الأندية ودور السينما
وجلس يسرد تاريخ عمره الذي مضي بين الوحدة والترحال ، ومحاولة صعوده القمم وعبوره البحار ليهرول من الجروح التي تلاحقه حين يناظر كل مكان كان يجمعنا ، وكل شجرة كنا نستظل تحتها ونرسم بتفاؤلنا خطوط المستقبل الذي نحلم به ، وتعاهدت روحانا أن تبقيا متلاحمة مهما تهبط بنا الظروف إلي مستنقع شطون ، وانحدرت دمعة واهية ابتلعها شاربه الأبيض ثم استطرد : لن يحتسب من عمري غير سنوات الهناء التي عشتها بين أحضانك ، وبعدها عاهدت نفسي بأن لا يركض في قلبي حب أخر ، وغضبت ضلوعي واعتصمت عن احتواء أي امرأة أخرى
فقلت بوجد : وأنا لم يبق عندي شئ أقدمه لك ، فاليوم أرتدي ثياب الحداد علي زوجي الذي توفته المنية منذ شهرين ، وغدا البقية من عمري سيسرقها أولادي وأحفادي ، هكذا هي الحياة ، دائما تصنع الخبيثة معي ....... اعتدت منذ ميلادي ألا أكون لنفسي ، أنا دائما ملك الناس ، فهم يمتلكون في جسدي أكثر مني ، حتى قلبي جاء من يحاول اغتصابه وادعي انه نجح رغم انه خاب
فقال والحزن يبرز بعينيه : أنا أيضا فنيت عمري في لحد الغربة ، لكني لم أقدمه لقلب ، واكتفيت بالحب الذي أهداني به قلبك ..... عاش قلبانا عقيمين ، لا يلدا حبا ولا راحة ، فكفانا من عذاب طعنته السنون بصدرنا
فقلت بيأس يخترق أنفاسي : الزمان لن يعود للخلف ، لا يلتفت إلي النهر الذي نضب بعد انهمار دموعه ، لن يندم علي سعادة غمرت مآقي العين ، لن يكرر رسم صوره تشبه لائحته القديمة ، لكنه دائما يحن لرؤيتها ، ربما وقتها يقتله ندم .... أو تغبط روحه ذكرى جميلة خطفها العمر ومضي بها إلي اللامعلوم
فأومأ بوجهه الشاحب نافيا كلامي وقال : مقدرتنا أن نصنع ما يرضينا ويسعدنا ، فالشمس لن تأفل يوما علي كلمة وداع ، فدائما تستعيد صباها وإشراقها ، ونحن البشر نستطيع أن نعيش ، نستطيع أن نصنع المعجزات، فنحن أقوى من الشمس التي سخرت لخدمتنا ، ونور قلبينا أشد من نور القمر الذي يهدى الغريب إلي دروب المكان
قلت وشفتاي ترتجف : أنا أهاب كل الأشياء حولي ، لم أعد المرأة التي سكنت قلبك وهدأت كثيرا من روعك ، لم أعد الأنثى الماهرة في غزل الكلام ، واستحضار طاقات الأمل ، فالعيون لم تعد تحتمل الدموع ، حتى الجسد الصلب صار عظاما مهشمة تكسرها نسمة الصيف وتوجعها لفحة البرد ، أرحل ... ليس عندي ما أقدمه لك ، فلن تستحق بقايا امرأة عجوز
فقال وهو يضغط علي أيدي : أنتي امرأة قلبي ، ولن يتغير شئ ، فأنا لم أعود لأستمع حديثك الملون باليأس ، أنا عدت لأغير عنوانك لكني لم أوصد بابك
فقاطعته قائلة : أنت جئت في الوقت الضائع ، فماذا تنتظر من قلب بلا جسد ، فماذا تهبك عجوز في منتصف العقد الستين
فرد بحزم : وإن كان الجسد هو الحائل بيننا ، فما فائدة الإنسان ؟!
فنظرت إليه دون إجابة تخطر بذهني ، فربما أشعر بأن آراؤه صائبة وإحساسه صادق ، لم تغير ملامحه السنون ، فلن يتردد لسانه وطلب إعلان حياته من جديد ويصفح عن المشاعر المرتهنة بقلبه عشرات السنيين .
أوقات وأوقات كان النوم يحلم بالحياة الثانية التي كان سيدها هو ، ورب المسكن الصغير ، وراعي الصغار ، لكن العين كانت تصحو علي حياة مريرة ، باردة كأواني الثلج ، لكن الإنسان تطبع ألا يكون لنفسه ، ودوما حياته للآخرين ، لمن لم يمتلكون زمام أمورهم ، كانت الدموع تنسكب من عيني كسيول الشتاء ، ولن يسهو الحزن قرع أبوابي ، فكان يداوم علي زيارة قلبي ، فأصمد ،وأعيش من أجل أرواح كنت سببا بتواجدها بالحياة ، لكن بهذه اللحظة ،
كنت أشعر بخيانتي ، واستحقار نفسي حين أراه بمخيلتي زوجي في شرعي ، وحبيبي الوحيد الذي نبض قلبي ، فيحاصرني الندم عندما أري السراب ذنبا في حقي ، حتى الحلم ليس لي ملكه ،فسأكون في عيني الخائنة .. العاهرة .... وأنا المغبونة ... المظلومة ... الزنيمة في أرض ليس لي مسكنها .... أنا التي اغتصبت أرضي الجروح ، وحرثت نباتي ، وبذرت بذور الوجع
وماذا أقول له ، وهو يتألم لحاله .... وماذا يجدي إذا سردت متاعب السنيين إلا أنها تقيظ ندمه وتزيد نحيبه .... فالأفضل يبقي العذاب موءود ، والنفس صامدة لا تحركها رياح الذكرى، وأصابتني فشعيرة حين لمس شعري ،
وأستأنف قائلا : أضاعنا الكثير من عمرنا فكفانا من متاعب ... كفانا من معاشره الناس ،، فقلت لكي أنا هنا لأجلك ولأجلي لنعيش السعادة المؤجلة ، لنبعث المشاعر المكسورة التي دفنت في قلب الفراق الذي اصطلينا بناره
ثم انسدلت دمعه واهية من عينيه الذابلتين ، فتحركت مشاعري لتدفع أيدي نحوه لتمسحها برفق ، فأذكر حينئذ الكثير والكثير من ماضي الحب الجميل ، حين كان يندفن في حضني ويشتكى من ضيق الحال وعبث الحياة فأداوى جروحه بابتسامتي وقبلاتي حتى تتسربل الأنوار علي دربه وتشرق روحه الحزينة ، كنت الحبيبة والأم والصديقة ، وهو كان كل أشيائي التي لا تحصي
جاء لأجلي ، وأنا دائما لأجله ، فما يمنعني عنه ؟! .... أولادي ... أحفادي ... المجتمع.. فقد كرست شبابي لأجلهم ، فليتركوا لي ذبول زهري أرمرمها بشباب الحب، وليغلقوا عليهم أبوابهم ، فأنا لي الكثير في نفسي ، فالبقية من عمري ليست بكثيرة ، والوقت يأزف علي لا شئ ، فلتفسح لي الحياة قليلا لأستأنف روحي وأجمع زهوري من حدائق الشوق وأعيش لنفسي مره واحدة فقط
فاستعادت قوتي وضغطت علي يده قائلة : أنا معك !!!
فأشرقت ابتسامته وقال : وأنا معك حتى الموت ، فلن يمنعني عنك إلا الرب ، وأنتي لى روحي التي لن تمت
ومسك أيدي ونهضنا سويا نمضي علي قدمينا ولا نعلم أين ذاهبون ، لكننا نبحث عن شئ ضائع ، أو مكان مؤجل نسعي إليه بعد كل هذه السنيين
وسلكنا طريق الحلم الذي يشهد علي إخلاصنا بتاريخ الحب ، فسنوات الدراسة فهي الذكرى الأولي التي تحمل الآمال بين راحتيها ، وصاح الوقت من غيلته ليسلك السبيل المراد ، ويجتاز دروب الأمل دون احتساب لشئ ، وإن كنت خلفت الطريق ، فأنا قد عدت له ، مثلما عادت الشمس من بحور الأفق ، واختلفنا إلي المكان الذي تشهد فيه السماء علي عقد قراننا ، فتنحني الوعود احتراما لروحينا الصادقة ، ويغتبط قلبي وترقص دقاته علي دفوف الحب ، وأخيرا يا قلبي جاء اليوم الذي اختلطت فيه أسماؤنا في خانة الزواج
عند باب الحلم وطأت خطواتي إلا أن نفسي شجعتني علي خوض المعارك وكسر أبواب اليأس ، فأصعد الدرج معه ، وجسدي يرتجف كعروس في الثامنة عشر ، ثم يجمعنا عزلة المكان الذي يحتفي بالعرس المسن ، فلثم خدي بقبلة الأب الحنون والحبيب الصدوق ، وظل يحدق بوجهي طويلا ليروى وحشة السنيين ، وأحسست بخفقات قلبه تزداد فيسقط حثيثا من بين أحضاني مودعا اللقاء الأخير
وانطفأ السراج الذي كان يسرج قلبي وأخذت برأسه علي ركبتي دون نحيب أو صراخ... ولكن خشونة تخترق صدري فأحس في الحال بمسيان روحي ربما البشائر ستقرع أبوابي ،وأنفاسي ستسافر معه ، وأقول وداعا لقحط الحياة .....


صديقه القلم الكاتب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:36 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.