آخر 10 مشاركات
خائف من الحب (161) للكاتبة : Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          ندوب من الماضي ~زائرة~ || ج2 من وعاد من جديد || للكاتبة: shekinia *كاملة (الكاتـب : shekinia - )           »          طبيب قلبي .. *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : lolla sweety - )           »          عرض مغرى (148) للكاتبة Michelle Conder .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          دموع بلا خطايا (91) للكاتبة: لين جراهام ....كاملة.. (الكاتـب : *ايمي* - )           »          حقد امرأة عاشقة *مميزه ومكتملة* (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          651 - الجميلة والسجين - Iris Carole - د.م (الكاتـب : الحبــ الكبير - )           »          69– يدان ترتجفان - كاي ثورب – روايات عبير القديمة(حصريا) ( مكتوبة/كاملة )** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          آسف مولاتي (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > المنتدى العلمي > منتدى البحوث والمعلومات العامة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-12-07, 10:10 PM   #1

asrinet
 
الصورة الرمزية asrinet

? العضوٌ??? » 20
?  التسِجيلٌ » Nov 2007
? مشَارَ?اتْي » 3,748
?  نُقآطِيْ » asrinet has a spectacular aura aboutasrinet has a spectacular aura about
افتراضي رسالة الماجستير المستعمرات الصهيونية في الضفة الغربية وقطاع غزة ..




المستعمرات الصهيونية في الضفة الغربية وقطاع غزة


مقدمة عامة
تُعرّف الدولة وفقاً لأحكام القانون الدولي على أنها وحدة قانونية وسياسية تنشأ حينما تتمركز مجموعة من السكان فوق إقليم محدد ويخضعون لسلطة سياسية واحدة , واليهودية دين وليس أمة أو قومية , فالدين وحده لا يشكل دولة , بناء على هذا عمد الفكر الصهيوني من أجل إرساء أركان دولته المصطنعة إلى أسلوب بناء المستعمرات لتحقيق نوع من الاندماج البشري في كيانات يهودية مصغرة بحيث تشكل نواة للمجتمع اليهودي.
وقد أدرك الزعماء الصهاينة أهمية الدور الذي تلعبه المستعمرات كأسلوب للاستيلاء والسيطرة على الأرض الفلسطينية وكطريقة لخرق وتبديد المجتمع العربي لذا جعلوا عملية الاستيطان من أولياتهم وأحاطوها بدراسات دقيقة وخطط منظمة وتمويل كبير حتى غدت المستوطنات لديهم من المقدسات التي لا يجوز المساس بها إطلاقاً في أية مفاوضات أو اتفاقات تسوية مع الطرف الآخر.
يشكل بناء المستعمرات في الضفة والقطاع خرقاً لقواعد القانون الدولي العرفي والمقنن ( أحكام اتفاقية لاهاي عام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة عام 1949 والبروتوكول الأول الملحق بها عام 1977 ) وعلى الرغم من هذا تستمر إسرائيل في سياسة بناء المستعمرات بل تكثيف بنائها وتسمينها لخلق وقائع جديدة يستحيل تغييرها مستقبلاً دون أن تولي أي اهتمام لعشرات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة والتي تؤكد عدم شرعيتها لما يترتب على هذا البناء من عمليات طرد وإجلاء للسكان العرب ومن تغيير للطبيعة الجغرافية للأرض العربية وإضرار بالموارد والبيئة.
تؤكد الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على انطباق اتفاقية جنيف الرابعة " المتعلقة " بحماية المدنيين زمن الحرب على الأراضي العربية المحتلة وبالتالي عدم قانونية الأعمال الإسرائيلية ومن ضمنها بناء المستعمرات في الضفة والقطاع وأخذاً بنصوص البروتوكول الأول الملحق باتفاقية جنيف لعام 1949 والموقع عام 1977 ( لا يُعد المستوطن الإسرائيلي داخل المستوطنات مواطناً مدنياً محمياً بموجب القانون الدولي الإنساني ) لأنه نُقل بشكل غير طبيعي وغير قانوني إلى أرض محتلة اُستخدم فيها اللإستيطان أداة حربية أو عسكرية لخدمة الجيش الإسرائيلي فالمستوطنون بالدرجة الأولى هم جنود قبل أن يكونوا زُراعاً أو صُناعاً أو مجرد قاطنين عاديين وبالتالي لا يمكن تصنيفهم كأهداف مدنية محمية من عمليات الكفاح المسلح.
هناك أدوار أخرى تؤديها المستعمرة لا تقل أهمية وتأثيراً على المجتمع الفلسطيني كدور المستعمرات السياسي الذي يمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة تتمتع بالسيادة على كامل أرضها . كما تستخدم المستعمرات ورقة ضغط ومساومة تستخدمها إسرائيل عندما تشاء بالإضافة إلى الدور الاقتصادي والنفسي والديموغرافي لما ينطوي عليه من نهب لموارد الأرض الفلسطينية لا سيما الثروة المائية .
تقوم استرتيجية اللإستيطان على ثلاثة أركان :
أولاً الإستيلاء على الأرض الفلسطينية بعدة وسائل " المصادرة, الضرورات الأمنية , الضرورات العسكرية , حاجات المصلحة العامة , إعلان الأرض أرضاً حكومية , الإستيلاء على أملاك الغائبين"
ثانياً استراتيجية الطرد والإبعاد التي تنفذها يومياً لإرغام الشعب الفلسطيني على الرحيل
ثالثاً استراتيجية الهجرة اليهودية إذ تشكل هذه الهجرة الدم الذي يسري في الكيان الإسرائيلي من أجل المستوطنات الإسرائيلية تحت دوافع شتى " دينية , سياسية , اقتصادية , نفسية ... ".
من أجل الإحاطة بجوانب العملية الإستيطانية لا بد من بيان أهداف هذا الإستيطان وسماته وطابعه العنصري وإظهار دور المؤسسات الصهيونية الحكومية وغير الحكومية التي تعمل بالتنسيق فيما بينها على وضع الخطط والمشاريع الإستيطانية موضع التنفيذ الفعلي والعمل على تحقيق التكامل بين مختلف الآراء والمشاريع والاتجاهات الإستيطانية لما فيه خدمة لهذا الكيان في نهاية المطاف .

الفصل الأول

المستعمرات الإسرائيلية في الضفة والقطاع بجانبها العملي

يشكل الإستيطان حجر الزاوية في الفكر الصهيوني و القاعدة التي قامت عليها الدولة الصهيونية و الأساس الذي تعتمده لإضفاء صفة الأمر الواقع السكاني على توسعاتها العسكرية المتتالية, ولما لم تكن فلسطين بلداً خالياً من السكان فقد كان على الصهيونية أن تقوم بطرد سكانها العرب الذي يشكل وجودهم عائقاً أمام حركة الإستيطان الصهيوني,لذا شكلت عمليات مصادرة الأراضي وتهجير السكان العرب (سياسة الترانسفير transfer ) الوجه الآخر لعملية الإستيطان .
ففي بعض الحالات كان لا بد من طرد السكان العرب الفلسطينيين لإقامة مستعمرة ما ,أو تهديم قرية عربية لبناء مستوطنة فوقها أو إلى جانبها ، وفي بعض الأحيان كان قيام المستعمرات يؤدي إلى رحيل السكان العرب أو تفتيت كثافتهم .
عند إعلان قيام دولة اسرائيل في 15/5/1948 كان عدد المستعمرات اليهودية التي أقامتها الوكالة الصهيونية والمنظمة الصهيونية العالمية( 285) مستعمرة@ ، أقيمت على شكل حزام متكامل من القلاع العسكرية الإستيطانية حول الخطوط التي حددها قرار التقسيم لعام /1947/ أو ما يعرف بالخط الأخضر .
وبعد حرب حزيران /1967/ واحتلال اسرائيل لأراضي الضفة والقطاع تابعت هذه الأخيرة السياسة الإستيطانية نفسها لكن خارج الخط الأخضر, وبدأت بعد الحرب عمليات استيطان واسعة في كل أنحاء الأرض الفلسطينية لتحول بذلك خطوط وقف إطلاق النار إلى حدود مرحلية جديدة ( لإسرائيل ), يتم تثبيتها بفرض الأمر الواقع إلى أن يتم الحاقها رسمياً بدولة اسرائيل كما حدث للقدس في 30/7/,1980 والجولان في 14/12/1981 .

المبحث الأول : ماهية الإستيطان

المبحث الأول : ماهية الإستيطان

تعد المستعمرات الإسرائيلية الأداة الاستعمارية الأكثر خطورة من حيث غاياتها وأساليبها ، قوامها خلق كيانات يهودية غاصبة لها نظامها العرقي والحياتي المحصن ولتصبح تلك الكيانات المختلفة الوسيلة الفضلى التي تعتمدها إسرائيل لاحتلال الأرض واستفزاز أهلها وطردهم وإنكار أي حق لهم في الحياة الكريمة والحرية والتملك , وإنكار حقهم بالعودة وبناء دولة لهم ذات سيادة .

المطلب الأول : أهداف الاستيطان الإسرائيلي في الضفة والقطاع

تهدف إسرائيل من وراء سياستها الاستيطانية في الضفة والقطاع إلى تحقيق مجموعة من الأمور السياسية أهمها على الإطلاق جعل إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة متمتعة بالسيادة على أرضها أمر مستحيلاً ، فهي بإقامة المستوطنات وتوزيعها بكثافة وبشكل مدروس بين المدن والقرى العربية تقطع أوصال الضفة والقطاع وتخلق أمراً واقعاً يصعب تغييره في هذه المناطق لاستحالة تفكيك المستعمرات الإسرائيلية فيما بعد .
كما أنها تستخدم المستوطنات كحدود لحماية أمن دولة إسرائيل فتلعب المستعمرات بذلك دوراً عسكرياً لا يقل أهمية عن الدور الذي يلعبه الجيش الإسرائيلي .
كما أن بناء المستوطنات في الضفة و القطاع يزيد من موارد الدولة الصهيونية الاقتصادية لاسيما عبر استيلائها على الثروة المائية .
وهكذا فإنها تقف في وجه أي تواصل داخل المجتمع الفلسطيني بمدنه وقراه و بالمقابل وصل المستعمرات بالكيان الإسرائيلي في جميع النواحي .
و الأمر الأهم في نظر اليهود يتمثل في أنهم لا يعتبرون الضفة الغربية جزءاً من أرض إسرائيل فحسب بل قلبها الحضاري (و هي أرض يهودا و السامرة ), وأن عملية نقل السكان اليهود إلى أراضي الضفة بعد إخراج السكان الفلسطينيين توصف بأنها عملية تحرير الأرض أو عتقها أو استردادها بعد ثلاثة عشر قرناً من الاحتلال العربي .@
و قد حددت السلطات الإسرائيلية أهدافها من وراء زرع المستوطنات في الأرض العربية المحتلة عقب حرب 5 حزيران 1967 بما يلي :
1- تغيير المعالم العربية و تهويد الأماكن الرئيسية جغرافياً و ثقافيا ًوتاريخياً .
2- تطويق الأراضي المحتلة ذات الأكثرية السكانية العربية بشريط من المستوطنات لتطويقها عسكرياً واقتصادياً.
3- الرد الانتقامي على الأقاويل بالحد من التوسع الصهيوني والحد من التحدث عن السلام وعن إمكانية انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967 .
4- التوسع الجغرافي لاستيعاب المزيد من المهاجرين الجدد ولتحقيق مقولة (غولدا مائير) رئيسة وزراء إسرائيل السابقة و هي: (إن الحدود حيث تقف الجنود , إن الحدود حيث تسكن اليهود).@
تختلف ظاهرة الإستيطان الإسرائيلي في فلسطين عن أنماط الإستيطان الأخرى كالإستيطان الفرنسي في الجزائر في بعض النقاط , وتتشابه معها في نقاط أخرى .
أما نقاط التشابه فهي :
1- القاعدة الديموغرافية المتمثلة في عمليات الهجرة الجماعية المنظمة.
2- الحصول على القاعدة الجغرافية من خلال الإستيلاء على الأرض والسيطرة عليها.
3- غزو الإقليم والسيطرة على السلطة.@
أما نقاط الإختلاف :
بين الإستيطان الإسرائيلي وغيره من أنماط الإستيطان الأخرى تتجلى في النقاط التالية :
1- إن الإستيطان الإسرائيلي يعد استيطانا ًإجلائياً إحلالياً تقوم فلسفته على نفي الآخر و اقتلاعه وعدم القبول بوجوده@, فبينما يسعى الإستعمار الإستيطاني إلى استثمار ثروات البلاد المستعمرة , بما في ذلك قوة العمل للسكان المحليين , من خلال تحويلهم إلى طبقة عاملة في خدمة المؤسسات الإستعمارية , إلا إن إسرائيل لم تكتف باستقلال الأرض , بل استئصال المجتمع الأصلي لإحلال مجتمع يهودي جديد بجميع طبقاته محل المجتمع الأصلي .
2- إن الإستيطان الإسرائيلي يهدف لبناء دولة مستقلة بعكس الإستعمار الإستيطاني الذي كان في الغالب لمد نفوذ دولة معينة إلى إقليم الأرض المحتلة ليشكل هذا الإقليم إمتداداً جغرافياً للدولة الأم , كما حدث خلال فترة الإستعمار الفرنسي في شمال إفريقية وكذلك الإستعمار الإيطالي في ليبيا .
3- إن الإستيطان الصهيوني استيطان عميل , حيث أنه على الرغم من أن هدف الإستيطان بناء دولة مستقلة , إلا أن هذه الدولة ارتبطت حتى قبل إنشائها بالمشاريع الإستعمارية في المنطقة العربية , وخططت الصهيونية منذ البداية لدعم مشروعها لتأييد الدول الإستعمارية الكبرى بدءا ًمن انكلترا ممثلة بوعد بلفور و سياسة الإنتداب البريطاني في فلسطين وانتهاء بالتحالف الأمريكي – الإسرائيلي.
لهذا السبب بقيت الدولة الصهيونية (التي تبدو دولة مستقلة) ظلت باستمرار مرتبطة بالمخطط الإستعماري في المنطقة وأداة لتنفيذ سياساته @.
4- إن الإستيطان الصهيوني استيطان توسعي لم يكتف بالمناطق التي سيطر عليها ولم يعترف بالحدود التي أقامها , بل ظل يسعى إلى توسيع هذه الحدود حسب الإمكانات لاستيعاب الأقاليم المحتلة , ويعتمد في ذلك على القوة العسكرية لفرض الأمر الواقع .
5- إن الإستيطان الصهيوني يحاول تبرير شرعيته استناداً إلى أسس أيديولوجية و إدعاء ديني يقوم على أساس أن اليهود يملكون حقوقاً تاريخية ودينية في فلسطين , وأن وجودهم لا يعتمد فقط على الغزو العسكري , بل على إيمان اليهود بأنهم يشكلون قومية محرومة من أرضها , ومن واجبها استعادة هذه الأرض لتمثل وطناً لكل اليهود أينما وجدوا , واعتبار إسرائيل هي المسؤولة عن رعاية شؤون اليهود في العالم .

المطلب الثاني: الطابع العنصري للمستوطنة

إن الأوامر العسكرية التي استخدمت لتسهيل عمليات الإستيطان في أراضي الضفة والقطاع , لم تذكر في نصوصها كلمة (اليهود) , كما لم تذكر هذه الكلمة في الخطط التي أعدها الإسرائيليون , وكذلك الوثائق الإستراتيجية التي أعدتها المنظمة الصهيونية العالمية التي على أساسها تقوم سياسة الحكومة الإسرائيلية .
لاحظ (ليهن) مشكلة رموز الكلمات التي (تحجب حقيقة العنصرية الكامنة فيها) ويدل الواقع العملي أن كلمة (الناس) التي وردت في الأوامر العسكرية لم تكن تعني إلا اليهود ما لم يذكر غير ذلك , والمهاجر والمستوطن ليس إلا يهودياً , وكلمة مستوطنة تعني مستوطنة لليهود وحدهم , وكلمة الأرض القومية تعني أرض يهودية (لا إسرائيلية) .
إن نحو 17% من المواطنين الإسرائيليين هم عرب ممنوعون من العيش في المستوطنات التي تتكون بأكملها تقريبا ًمن اليهود . والصفة التي تؤهل المرء لأن يعيش في إحدى المستوطنات هي أن يكون الشخص يهودياً لا إسرائيلياً , وتنص المادة الأولى من القانون الأساسي لإسرائيل (ملكية أراضي إسرائيل سواء كانت أراضي الدولة في إسرائيل أم سلطات التنمية أم الصندوق القومي اليهودي لا تنتقل سواء بالبيع أو أية وسيلة أخرى) .
مرة أخرى تحجب العنصرية الكاملة , فكلمة (تنقل) تعني (تنقل إلى غير اليهود) فأرض الدولة (الأرض القومية) تشمل 92% من إسرائيل ,وهذه الأرض والأرض التي تم الإستيلاء عليها في الضفة الغربية لا يجوز طبقا ًللقانون الأساسي لإسرائيل نقل ملكيتها إلا لليهود , والملكية الفعلية حق ينتفع به الشعب اليهودي , والصندوق القومي اليهودي هو الذي ينوب عنه @ و عقد الإيجار الذي يعده الصندوق القومي اليهودي يتضمن شرطاً مدته 49 عاماً يقضي بأن المستأجر يجب أن يكون يهودياً , والقواعد التي تقوم عليها حركة (غوش إيمونيم) لا تسمح لغير اليهود بالعمل في مستوطناتها وأراضيها , وعندما تشترى لا يجوز أبدا ًبيعها لغير اليهود , ولهذا فإن المستوطنات التي أنشئت في الضفة الغربية توصف بأنها مستوطنات يهودية , على الرغم من عدم وجود مناطق عنصرية صريحة كالتي كانت موجودة حتى عهد قريب في جنوب إفريقية .
وفي مناقشات الكنيست بشأن القانون الأساسي الإسرائيلي رقم 1 , قال رئيس لجنة الدستور والقانون والعدالة إن (أرض إسرائيل تنتمي إلى شعب إسرائيل ... ومن الناحية الأخرى فإن المقيمين في الدولة يشملون أناساً لا ينتمون إلى شعب إسرائيل ) , وقد أشار مناحيم بيغن إلى أن (هذا غير واضح) فأجاب الرئيس (لا يمكننا أن نوضح هذا) @.
عنصرية التخطيط :
ينتهك تخطيط الإستيطان اليهودي في الضفة الغربية قواعد الأخلاق المهنية الخاصة على نطاق واسع , وهي القواعد التي تقضي بألا يسعى خبراء التنظيم إلى تغليب مصلحة جماعة عرقية على مصلحة جماعة عرقية أخرى @.
وعلى نقيض هذا استغل المهنيون الإسرائيليون منذ عام 1967 الإستعمار اليهودي للضفة الغربية عن طريق إعداد سلسلة معقدة من المخططات التي تنقل جزءاً من السكان الإسرائيليين إلى الضفة والقطاع وهذا يشكل انتهاكاً واضحاً لمبادىء القانون الدولي , على أن تغليب مصلحة الجماعة العرقية اليهودية في الأراضي والحقوق المدنية أدى إلى إلحاق الضرر بصورة حتمية بالسكان العرب المحليين في الضفة الغربية هذا بعد أن أهمل الإسرائيليون وخربوا التنظيم الذي كان ساري المفعول زمن الإنتداب والذي كان هدفه تعزيز التنمية في المنطقة.@
وقد استعمل الإسرائيليون هذا التنظيم كوسيلة لخنق التطور الفلسطيني وتقييد النشاط الإقتصادي وحصر وتشويه نمو المدن والقرى الفلسطينية وتهديم عدة آلاف من المساكن الفلسطينية بالجرافات وحصر النمو العمراني للمدن والقرى الفلسطينية .
وقد أدينت سياسة إسرائيل العنصرية في مؤتمر دوربان الذي انعقد في صيف 2001 .


المبحث الثاني:آلية الاستيطان

أن آلية الاستيطان تتم بدقة وتنظيم شديدين ووفق تخطيط مدروس على عدة أصعدة من قبل جهات متعددة , وهيئات تختص كل منها بجانب استيطاني , ليتمخض عن هذا التنسيق المدروس أنواع مختلفة من المستوطنات تتناسب كل منها مع طبيعة الأرض وطبيعة السكان , وتبعاً لموقعها الحدودي , وغاياتها الدينية أو الدفاعية أو الزراعية أو المدينية , وهذه الآلية مدعومة بتمويل كبير من عدة روافد تخدم مصالح الحركة الصهيونية و غاياتها الاستيطانية

.
المطلب الأول :مؤسسات الاستيطان

نظرا ًللأهمية الفائقة التي أعطيت وما زالت تعطى للاستيطان فقد عملت في هذا المجال مجموعة كبيرة من المؤسسات والهيئات الحكومية وغير الحكومية وتعاونت هذه المؤسسات فيما بينها في مجال دعم عمليات الاستيطان .
وفيما يلي أهم هذه المؤسسات :
1- حركة الناحال العسكرية (الشباب الطليعي المحارب):
وتقوم هذه الحركة ببناء المستوطنات العسكرية الدفاعية في مناطق خطوط وقف إطلاق النار وفي المناطق القريبة من الحدود , وتتركز مستوطناتها في منطقة الأغوار.
2- الأجهزة الحكومية :
وتتمثل في مجموعة من الوزارات ذات العلاقة بالعمليات الاستيطانية وهي : وزارة الاستيعاب , وزارة الإسكان , وزارة العمل , وزارة الزراعة , وزارة الدفاع , وزارة الشؤون الاجتماعية .
ونظراً لتعدد الأجهزة الحكومية المعنية بالاستيطان , فقد كلفت وزارة الإسكان والاستيعاب في المؤتمر الصهيوني السابع والعشرون , مهمة التنسيق بين عمل الوزارات الأخرى في مجال الاستيطان , كما تتولى لجنة حكومية وضع خطط الاستيطان المستقبلية وتوفير مصادر التمويل من الداخل والخارج .
3- الأجهزة الحكومية : وتتمثل في مجموعة من الوزارات ذات العلاقة بالعمليات الاستيطانية وهي: وزارة الاستيعاب , وزارة الإسكان , وزارة العمل , وزارة الزراعة , وزارة الدفاع, وزارة الشؤون الاجتماعية .
ونظراً لتعدد الأجهزة الحكومية المعنية بالاستيطان فقد كلفت وزارة الإسكان والاستيعاب في المؤتمر الصهيوني السابع والعشرين , مهمة التنسيق بين عمل الوزارات الأخرى في مجال الاستيطان .
وتتولى لجنة حكومية وضع خطط الاستيطان المستقبلية وتوفير مصادر التمويل من الداخل والخارج , وتتولى وزارة البناء والإسكان البناء والتطوير .
4- أجهزة الاستيطان التابعة للمنظمات الصهيونية :
أ-دائرة الاستيطان التابعة لصندوق الجباية في الوكالة اليهودية , ويظهر عملها من خلال تمويل اللجان الاستيطانية والجباية والخارجية .
ب- دائرة الاستيطان التابعة للمنظمة الصهيونية العالمية , ومهمتها توفير مصادر التمويل والهجرة من الخارج .
ج- حركة غوش أمونيم : وهي حركة دينية متطرفة نشأت في حزب المفدال , وتقوم إستراتيجيتها الاستيطانية على الاستيطان داخل المدن العربية المكتظة بالسكان , بغض النظر عن المخططات الحكومية , ومن أهم مستوطناته ا(كريات أربع, وآلون مونيه , ومسحا , وعفرا)
د- مجموعة الحركات الإستيطانية الملحقة بالأحزاب, وأهمها :
*- الكيبوتز الموحد :وهي تتبع (أحدوتها عافوداه) في حزب العمل .
*- كيبوتز هشومير هتسعير: وتتبع حزب الماباي اليساري .
*- اتحاد الكيبوتسيم والكيبوتسوت : وتتبع حزب الماباي.
*- الكيبوتز الديني: ويتبع الحزب القومي الديني ,ومن أبرز مستوطناته روش قرب طولكرم.
*- الموشاف وهي منظمة استيطانية تتبع الهستدروت ومرتبطة بالحزب القومي الديني وتستوطن حول القدس والمناطق التاريخية كالخليل .
*- الناحال الديني: وهي منظمة دينية عسكرية , وأهم مستوطناتها (تكوع) قرب بيت لحم .
*- منظمة حزب أغودات يسرائيل : وهي منظمة تعمل بالتعاون مع حركة غوش أمونيم وحركة (ولا شبر أرض).
ونتيجة لتشابك الصلاحيات وتعدد الجهات التي تعمل في مجال الاستيطان , ومن أجل منع التعارض و التصادم ,فقد تم الاتفاق على ما يلي من أجل تنظيم العمليات الاستيطانية .
أولاً : توزيع المهام بين هذه المؤسسات بحيث تختص كل مؤسسة بنوع من العمل يتناسب مع طبيعة مهمتها :
1- المنظمات العالمية المرتبطة بالوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية العالمية والصندوق القومي اليهودي (كارن كايمث) تنحصر مهمتها في توفير مصادر التمويل والمهاجرين كما تشارك في الدعاية للعملية الاستيطانية .
وقد تم توزيع المهام بين دائرة الاستيطان في الوكالة اليهودية ودائرة الاستيطان التابعة للمنظمة الصهيونية , بحيث تهتم الأولى بالاستيطان في نطاق الخط الأخضر وهو حدود إسرائيل بقرار التقسيم عام1947 بينما تهتم الثانية بالاستيطان وراء هذا الخط في الأراضي المحتلة بعد عام 1967.
2- الأجهزة الحكومية وتتولى كل وزارة فيها دعم عمليات الاستيطان حسب طبيعة عملها , فتتولى وزارة الدفاع مثلاً اختيار مواقع المستوطنات وتوفير الحماية لها وتقوم وزارة الزراعة بتوفير التربة والتصريف وغيرها وتتولى وزارة الاستيعاب تزويدها بالعناصر المستوطنة من المهاجرين أو المقيمين بالتعاون مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي تتولى توفير فرص العمل للمستوطنين وغيرهم .
3- الحركات الاستيطانية الحزبية : وهي تتولى الأعمال التنفيذية للاستيطان من حيث إقامة المستوطنات وإدارتها و تدبير كل ما يتعلق بحياة المستوطنين وعلاقاتهم مع الأجهزة الحكومية والصهيونية .
ثانياً : تشكيل لجنة (مشتركة من الحكومة والحركة الصهيونية) تتألف من أربعة أعضاء من اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية وأربعة وزراء يرأسها وزير العمل الإسرائيلي نائباً عن رئيس اللجنة التنفيذية للوكالة لتتولى عملية التخطيط لبناء المستوطنات ووضع المشاريع المستقبلية وتوفير الدعم اللازم لها , كما تتولى عملية الدعم والإشراف والمراقبة على مؤسسات الاستيطان المختلفة , وقد تعطل مفهوم هذه اللجنة بعد تشكيل اللجنة الوزارية لشؤون الاستيطان , إذ استطاع أرييل شارون رئيس اللجنة الثانية تعطيل عمل اللجنة المشتركة وسحب الصلاحيات المنوطة بها .

المطلب الثاني :أنواع المستوطنات

يمكن تصنيف المستوطنات إلى:
1- عسكرية(مراكز الناحال) وتشمل مراكز عسكرية وقرى زراعية وهذا النوع هو جوهر قوة الدفاع الإسرائيلية يجمع بين الأعمال الزراعية والخدمة العسكرية .
2- مدينية وهي نوعان : كيبوتس (المزارع الجماعية) والموشاف (مزارع فردية) .
وتشمل المزارع المدينية الأنواع التالية :
1- المدينة : وهي مجتمع مديني متماسك ,يعمل كمركز إقليمي وصناعي وثقافي ومركز خدمات . يبلغ عدد سكانها أكثر من /10/ آلاف عائلة (42000 شخص) وتتراوح مساحتها بين /7-15 / ألف دونم .
2- "كيرياه" (بلدة) وهي مركز مديني يتكون من ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف عائلة (12000 - 20000 شخص) كما أنها مركز خدمات إقليمي ثانوي تكون الكثافة السكانية فيه منخفضة وتتراوح مساحة الأرض الواقعة عليها 2500-5000 دونم .
3- "توشافاه" (ضاحية) وهي منطقة سكنية مجاورة للمدينة وفيها حد أدنى من الخدمات , ولكن اتصالها بالمدن الكبيرة ميسورة وسهلة , وتقع على بعد 30 دقيقة للراكب في السيارة من مراكز المدن . وتتراوح مساحتها بين500 و2000 دونم (من 500-2000 عائلة أو 2500- 8500 شخص) وتقوم وزارة الإسكان أو شركات تنمية خاصة بتخطيط المستعمرات المدنية .
ويقوم الأفراد بشراء وحداتهم السكنية , أما التوشافوت فيقوم بتخطيطها و بنائها شركات تنمية خاصة مع درجات مختلفة من المساعدة الحكومية .
أما المستعمرات الريفية - شبه المدينية فهي أيضاً على أنواع :
1- الييشوف كيهلاتي (المستعمرة المجتمعية) : وهي مستعمرة تعاونية غير زراعية تؤسسها المنظمة الصهيونية العالمية التي تقوم بتقديم البنية التحتية والمساكن والصناعات الأساسية وتعطى هذه المستعمرة إلى مجموعة من مجموعات الاستيطان (غيرعين) تشكل تعاونية لها أنظمتها الداخلية و يجب أن يوافق أعضاء المستعمرة على دخول الجدد ضمن فترة اختباريه مدتها سنة كاملة , ويعمل معظم المستوطنين خارج المستعمرة في الوقت الذي يتوقع فيه أن يعمل 15% من أرباب البيوت في فروع الإنتاج في الموقع نفسه ,وأن يبلغ الحجم السكاني 200-300 عائلة (من800-1200 شخص) وتبلغ مساحتها من400 - 800 دونم , وتنتمي هذه المستعمرة التعاونية إلى الحركة الاستيطانية التابعة لغوش إيمونيم و المسماة (آمناه) , ويخطط عادة لأن يشكل عدداً من هذه المستعمرات بلدة (كرياه) .
2- التعاونيات الزراعية : هي أشكال تقليدية للمستعمرات الريفية (الكيبوتس , الموشاف, والموشاف التعاوني) , وتقوم كلها على الزراعة والصناعة, مع إنتاج في الموقع وملكية جماعية (بدرجات مختلفة) لوسائل الإنتاج , ويبلغ الحجم السكاني لهذه المستعمرة من 80-160 عائلة (350 - 650 شخص) ومساحتها تساوي مساحة الييشوف الكيهيلاتي أما المنطقة المزروعة فتتراوح بين (3-5 آلاف دونم) وتعود هذه المستعمرات التعاونية إلى حركات استيطانية مختلفة وقد أنشأتها ودعمتها المنظمة الصهيونية العالمية.
3- المركز الاستيطاني (مركاز أخلوس) وهو عبارة عن وضع سكاني غير محدد يتم تخطيطه ليشكل نوع المستعمرة الدائمة التي يودون تشكيلها .
وتصنف المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية حسب المناطق الجغرافية في الوثائق الإسرائيلية إلى ثلاث مناطق على أساس العرض والطلب.
وحدد منطقة الطلب المرتفع بمدة السفر إلى مراكز المدن الرئيسية على شبكة الطرق الحديثة وهي 30 دقيقة من المستعمرة إلى مراكز المدن في منطقة تل أبيب , و20 دقيقة سفر إلى القدس .
أما منطقة الطلب المتوسط فتمتد من المحيط الخارجي لمنطقة الطلب المرتفع في الغرب إلى 50 دقيقة سفر من تل أبيب , و 35 دقيقة سفر من القدس .
وتمتد منطقة الطلب المنخفض إلى الشرق والجنوب من منطقة الطلب المتوسط وصولا ًإلى نهر الأردن وشاطئ البحر الميت .
وتتنوع وتتعدد تصنيفات المستعمرات في الأراضي المحتلة 1967 , فهناك مستوطنات كبيرة , وأخرى صغيرة , ومستعمرات قريبة من الخط الأخضر وأخرى نائية , وهناك مستعمرات زراعية وأخرى سكنية تسمى (مدن المنامات) وبعض المستعمرات تسمى مستوطنات حزبية تتبع للأحزاب الصهيونية مقابل المستوطنات غير الحزبية , وتصنف بعض المستوطنات على أساس طبيعة الحياة فيها ,منها ذات نمط أمريكي مثل مستوطنة (عمانوئيل) وأخرى يقطنها ذوو الأصول اليهودية الأمريكية المتدينون الذين جلبوا معهم عادات أمريكية مختلفة , وهناك تصنيفات أخرى للمستوطنات مثل : مستوطنات أمنية ومستوطنات سياسية وأخرى دينية و أخرى علمانية والمستوطنات الحدودية القريبة من الخط الأخضر والمستوطنات غير الحدودية البعيدة عن ذلك الخط .
وينبغي هنا التعريف ببعض المصطلحات الاستيطانية :
1- نقطة ناحال :
عبارة عن مستوطنة عسكرية زراعية تقيمها مجموعة من شبيبة الناحال (الشبيبة الطلائعية المحاربة) . وعادة ما تكون نقطة الناحال من اختيار وزارة الدفاع نظراً لأهميتها الإستراتيجية وهي تتحول إلى مستوطنة دائمة لدى توطينها بالمدنيين . وتعتبر الناحال مرحلة انتقالية تسبق التحول إلى مستوطنة دائمة.
2- مستوطنة مجتمعة :
عبارة عن مستوطنة تعاونية غير زراعية تقيمها المنظمة الصهيونية العالمية التي تقوم ببناء البنية التحتية وتعهد بها إلى مجموعات الاستيطان (غير عين , تتراوح مساحة هذا النوع من المستوطنات من 200-300 عائلة (800-1200 نسمة) وهذا النوع من المستوطنات تابع لحركة آمناه .
3- غير عين : عبارة عن مجموعة تثقيفية في حركة الشبيبة الصهيونية يتم تجنيدها للناحال , وهي الوحدة القاعدية لهذه الأخيرة .
4- الكيبوتس : وهو عبارة عن شكل من أشكال الاستيطان الزراعي الاشتراكي أو الزراعي- الصناعي يقوم على المشاركة في التملك والعمل الذاتي دون الحاجة لعمال بالأجرة مع تأكيد المساواة في الإنتاج والاستهلاك , يتراوح عدد سكان الكيبوتس من 1000-1500 نسمة , ومساحة تتراوح بين2000 - 20000 دونم , والعمل في الكيبوتس إجباري والحياة فيه أشبه بالحياة العسكرية , وإلى جانب الوظائف العديدة للكيبوتس فإن له وظيفة أمنية مميزة .
5- حركة آمناه : عبارة عن منظمة قطرية استيطانية تأسست عام1981 , وهي مرتبطة بحركة غوش أمونيم .
6- منظمة هاتسوفيم : الحركة الكشفية الاستيطانية .
7- الكيبوتس المتدين : منظمة قطرية تتألف من المستوطنات والكيبوتسات الدينية المرتبطة بحركة هابوعيل همزراحي (العامل الشرقي) وبحركة بني عكيبا تأسست عام 1938.
8- حركة بني عكيبا : حركة صهيونية استيطانية .
9- الكيبوتس القطري : حركة هاشومير هاتسعير أو الحارث الشاب عبارة عن منظمة قطرية لعدد من الكيبوتسات المرتبطة فكرياً بحركة الشبيبة العمالية و بحزب مبام .أسست عام 1927 .

المطلب الثالث : بنية المستوطنة وتمويلها .

إن وقف البنية المادية للمستوطنة يقوم على ركيزتين , الركيزة الأولى الحماية أو التحصين والثانية الرفاهية والترغيب في العيش داخل المستوطنة .
تلجأ إسرائيل إلى تحصين المستوطنات بشدة لأنها تعرف أن وجود أية مستوطنة يعد أمراً دخيلاً وجسماً غير طبيعي في المكان الذي تبنى عليه, فالمستوطنة محاطة بكاملها بسلسلة من الأسلاك الشائكة والمكهربة تتخللها حقول ألغام , وأقيمت على مسافات بعيدة أجهزة تلفاز ورادارات شديدة الحساسية لمراقبة الداخلين والخارجين , وهناك آلات تصوير ليلية يتحكم بها الكمبيوتر وأجهزة التصوير الحراري وأدق المعدات التي تلتقط الأصوات وتضبط وتحدد بصرياً أية حركة في منطقة الأسوار حتى في أحلك الليالي وترش أيضاً حدود المستوطنة بمواد كيماوية تبيد الأشجار وتسمم الأعشاب لمنع الرعاة الفلسطينيين من الاقتراب من المستعمرة , ويتولى حرس مسلحون أمر البوابة المؤدية إلى المستوطنة .
ومن أجل اجتذاب السكان اليهود وإغرائهم للسكن في مستوطنات الضفة والقطاع يتم بناء المستوطنات على أحدث المستويات وأرفعها .
يحيط بالمجمع التجاري المركزي للمستوطنة بيئة شبيهة بما هو موجود في أمريكا الشمالية ويوجد حمام سباحة بمعيار أولمبي ومجمع تجاري ومدينة سكنية لطلاب الجامعة ومدينة للعلوم فيها كثير من الملحقات لشركات يهودية أمريكية ذات مستوى تكنولوجي مرتفع .
كما أنشئت الحكومة الإسرائيلية طرقاً عامة وقدمت خدمات بريدية واتصالات لاسلكية ووسائل نقل عام وترتيبات لتسويق الحاصلات الزراعية ومدارس وإدارات للخدمات العامة وإمدادات المياه والكهرباء .

تمويل الاستيطان :

إن لوائح الصندوق القومي اليهودي شكلت القاعدة والإطار للاستيطان عام 1908 الذي كان آرثر روبين يخطط له .
لقد أدى آرثر روبين دوراً رئيسياً في التخطيط الاستيطاني المركزي , فهو الذي بلور نظرية التواصل الجغرافي كأساس لترسيخ البنية الأرضية لدول المستقبل ووضع الخطوط الجيوستراتيجية لانتشار المستعمرات الموجه , إذ ليس بالمصادفة أن جاء انتشار المستعمرات وحتى الثلاثينات على شكل حرف (n)بحيث يشكل القسم الأيسر الاستيطان الساحلي بين حيفا ويافا والضلع الأيمن الإستيطان بين بحيرة طبريا وأعلى حوض الأردن والضلع الأوسط الإستيطان عبر السهل الداخلي , ولكن موارد الصندوق القومي لم تسمح لروبن بالتوسع لشراء الأراضي فلم تزد مساحة الأراضي التي كانت في حوزته سنة 1914 على 16400 دونم.
لكن رصد الأموال المخصصة لعمليات الاستيطان استمر مع الزمن وتزايد باضطراد مترافقاً مع تخطيط منهجي كثيراً ما كان يكتنفه الغموض لاسيما بعد احتلال إسرائيل أراضي الضفة والقطاع واستنكار المجتمع الدولي بناء مستوطناتها فوق تلك الأراضي والتأكيد على عدم مشروعيتها.
يقدر ما استثمرته الحكومة الإسرائيلية عام 1986 نحو 140 مليون دولار ووصلت في بعض القطاعات (الصناعة والإسكان) إلى 20 %-25 % من إجمالي الميزانيات الإسرائيلية.
وهذا المستوى في الإنفاق لم يكن من الممكن تحمله لولا المساعدات الأمريكية إذ يتوقف مشروع الاستيطان مثل الاقتصاد الإسرائيلي بأثره على استمرار معونة الولايات المتحدة , وقد قدر تشومسكي معونة الولايات المتحدة لإسرائيل في أوائل الثمانينات بمقدار ألف دولار في السنة لكل مواطن إسرائيلي , وهذه أعلى معونة تحصل عليها أية دولة , والحكومة الأمريكية التي تعارض الاستيطان ظاهريا ً, حصلت على تأكيدات من إسرائيل بشأن تقديم ضمانات قروض لإسكان المهاجرين مقدارها 400 مليون دولار في سنة 1990, لكنها لم تنجح في أن تحصل من إسرائيل على بيان صريح على النشاط الاستيطاني الذي تقوم به في الضفة الغربية.
وعلق أحد المسؤولين الإسرائيليين على ذلك (المشاريع التي تمولها في إسرائيل غير محددة ولم يعهد قط إلى أي موظف في وزارة الخارجية الأمريكية أو برنامج المعونات بالإشراف على استخدام الحكومة الإسرائيلية لأموالنا) .
وتهدف الحكومة الإسرائيلية إلى جذب الصناعيين والمهاجرين اليهود إلى الضفة الغربية , بتقديم حوافز للصناعة والإسكان أعلى بكثير مما هي في إسرائيل و ضرائب أقل .
وقد عمدت حكومة باراك في موازنتها لعام 2000 إلى تعزيز سياساتها الإستيطانية بتمويل المشروع الاستيطاني بكل محاوره وبما يحقق لهذه الحكومة ترجمة قراراتها إلى فعل ميداني رغم كل الأصوات المطالبة بوقف هذا المشروع وبما فيها الأصوات من داخل إسرائيل ومن داخل الحكومة ومن حركات السلام التي تطالب جميعاً بتحويل أجزاء كبيرة من هذه الموازنات لصالح التطوير الاجتماعي والصحي في إسرائيل.
وجاءت هذه الموازنة لتتجاوب مع شهية المستوطنين وممثليهم في حكومة باراك الذين ضغطوا بكل قوة لتأمين الموازنات اللازمة لمواصلة توسيع المستوطنات وإكمال شق الطرق الالتفافية في أنحاء الضفة الغربية وتحويل البؤر الاستيطانية التي أقيمت في عهد نتنياهو وفي فترة الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية إلى مستوطنات تزودها بمقومات التواصل والتطور والتوسع.
طرحت حكومة باراك هذه الموازنة الاستيطانية أمام الكنيست.
ابن بيتك بنفسك:
هنالك شكل آخر يشارك فيه رأس المال الخاص في مجال الاستيطان عن طريق يسمى بن بايتخا (ابن بيتك بنفسك) وتبعاً لهذا النظام فإن المستوطن لا يلجأ إلى شركات الاستيطان الحكومية أو شركات المقاولات الخاصة لبناء منزل له في إحدى المستعمرات بل يقوم ببناء منزله بنفسه وفق رغبته وقدرته عن طريق مقاول رئيسي أو ثانوي وهذا الأسلوب في البناء يتوسع باستمرار في مستعمرات الضفة بما في ذلك بعض المدن الاستيطانية القائمة مثل: أرئيل والكانا وعمانوئيل .
إن لهذا البرنامج ميزة كبيرة تتمثل في انخفاض تكاليف البناء إلى ما يقارب النفقات الحقيقية , وعلاوة على ذلك يحق للمستوطن الذي يبني منزله وفق هذا النظام أن يحصل على دعم مالي ومزايا أخرى من وزارة البناء والإسكان .
ضريبة الأرنونا:
تفرض إسرائيل أنظمة ضريبية مرهقة على السكان الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة لا تعود بالفوائد والمنافع المرجوة منها رغم ادعاءات إسرائيل عكس ذلك فجميع أبناء المدينة من مالكين ومستأجرين يدفعون مبالغ ضريبية باهظة كضريبة الأرنونا التي تتحول في 95% من قيمتها إلى الخزينة الإسرائيلية حسب تقديرات عدد من الأوساط الإسرائيلية .

................................................

فقدت راما نظرها كليا في عمر الخامسة عشر وبعد عدة سنين استطاعت أن تنجح في شهادة الباكالوريا ثم درست الحقوق وحصلت على الدبلوم والماجستير في القانون الدولي من جامعة دمشق وهي تحضر لنيل درجة الدكتوراه ..
قبل أشهر قليلة طبعت راما ديوانها الشعري الأول "إن وصديقها سان" ..

رسالة الدبلوم كانت " واقع اللجوء الفلسطيني ومنظمة الاونروا " .

رسالة الماجستير " المستعمرات الصهيونية في الضفة الغربية وقطاع غزة " .

.............................

من يملك أي رابط على النت , للتسجيلات الصوتية للكتب وخصوصا الحقوقية منها , باللغة العربية أو الفرنسية , لمساعدة أصحاب الحاجات الخاصة , نكون ممتنين لو يضعها لنا هنا .




المبحث الثالث :مشاريع الاستيطان في الضفة والقطاع

اختلف الباحثون في مجال الاستيطان حول تصنيف مشاريعه , فبعضهم صنّف تلك المشاريع تبعاً للنهج الحزبي في حكومة الكيان الإسرائيلي , فميزوا بين مشاريع حزب العمل ومشاريع حزب الليكود ورغم الاختلافات الهامشية بين النهجين إلا أنه لا يوجد اختلاف جوهري بينهما فيما يتعلق بغاية الاستيطان الأساسية بل إن كل نهج يكمل ما كان قد بدأه الآخر .
ولعل التصنيف الأفضل لمشاريع الاستيطان يتمثل بمدى انتهاك تلك المشاريع لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه و حياته .

المطلب الأول :المشاريع الاستيطانية في الضفة والقطاع من1967 إلى الثمانينات

تقدم حزب العمل بعد عام 1967 بعدة مشاريع بخصوص الاستيطان في الأراضي المحتلة وحاول عدم تقديم موقف موحد بخصوص السياسة الحكومية في مجال الاستيطان , ولجأ إلى عرض مجموعة من المشاريع التي تمثل آراء شخصية للزعماء الصهاينة تكاد تكون متضاربة مع بعضها ولكنها تتكامل في أهدافها , كمشروع آلون الذي يدعو إلى استيطان المناطق الأمنية , ومشروع دايان الخاص بالدمج الاقتصادي لسكان المناطق في إسرائيل , ووثيقة غاليلي التي فتحت المجال لمزيد من الاستيطان , وبقيت السياسات الحكومية تدور حول بنود هذه المشاريع دون التزام بأحدها .
أ- مشروع آلون:
قدم إيغال آلون مشروعاً للحكومة بتاريخ 16/7/1967 ولكنه رفض آنذاك نظراً لرغبة الحكومة الإسرائيلية بعدم إلزام نفسها بمشروع معين , وأهم بنود هذا المشروع:
أن تكون حدود إسرائيل الشرقية نهر الأردن والخط الذي يمر وسط البحر الميت .•
. على إسرائيل أن تضم المناطق التالية لكي تخلق تجمعاً دفاعيا جغرافيا•
1- قطاع من الأرض عرضه 10-15 كم على طول غور الأردن من بيسان حتى البحر الميت .
2- شريط أرض بعرض عدة كيلومترات في شمال طريق القدس- البحر الميت حتى طريق عطروت (اللطرون) ويشمل أيضاً اللطرون.
3- من الشمال حتى السفوح الشرقية لجبال الخليل إضافة إلى منطقة غوش عتسيون , الخليل , بيت لحم .
4- يجري تحديد ممر يربط البقية الباقية من الضفة الغربية مع الأردن على محور رام الله –أريحا .
وقد علق إيغال آلون في مقابلة له : (إذا قمنا بتحديد نقاط الاستيطان لحكومة إسرائيل نرى أن المستوطنات تقام في مناطق ذات أهمية إستراتيجية بمحاذاة خطوط الحدود القائمة أو متاخمة لمناطق يحتمل أن تصبح خطوط حدود في المستقبل)
على أن هناك تفسيرات أخرى لمقاصد سياسة إنشاء المستوطنات , إذ قال بول كويرنغ مدير وكالة منونيت للإغاثة (قام المستوطنات على ثلاث خطوط تهدف إلى تطويق المجتمعات الفلسطينية وعزلها:
1- الخط الأول : يمتد بمحاذاة نهر الأردن لذي يفصل بين الضفة والأردن ويقوم هذا الحزام من المستوطنات بعزل الفلسطينيين في الضفة الغربية عن الأردن .
2- الخط الثاني : يمتد بمحاذاة خط هدنة 1948 بين الأردن وإسرائيل (الخط الأخضر) وهو يفصل ما بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وإسرائيل.
3- الخط الثالث : ينطوي على إقامة مستوطنات حول أكثر المدن الفلسطينية ازدحاماً بالسكان مثل نابلس و القدس الشرقية .
ويحرص مشروع آلون على تحقيق مجموعة من العناصر هي :
1- عدم العودة إلى حدود 1967 , واعتبار الحدود الأمنية لإسرائيل موازية للحدود السياسية , أما الحدود الأمنية فيجب أن تستند إلى نظام استيطاني داعم .
2- إقصاء التجمعات الرئيسية عن عمليات الاستيطان ومحاولة الحصول على أكبر قدر ممكن من الأراضي العربية بأقل عدد ممكن من السكان العرب لضمان نقاء الدولة اليهودية .
3- ضم القدس للكيان الإسرائيلي ومحاولة تطويقها بطوق من المستوطنات التي تجعل عملية رجوعها للسيادة العربية مستحيلة .
ورأى آلون الذي كان وزيراً في حكومة العمل عام 1976 , أن حدود إسرائيل الدائمة يجب أن تعتمد على عوائق طبوغرافية دائمة تستطيع أن تقاوم أي هجوم للجيوش البرية الحديثة , وتساعد في شن هجمات مضادة واسعة , وأضاف إلى أن هذه الحدود الآمنة يجب أن تكون حدوداً سياسية أيضاً , ويتحقق ذلك إذا أنشئت المستعمرات اليهودية على طولها .
ورغم رفض حكومة العمل لمشروع آلون إلا أن سياستها العملية نفذت كامل البنود حسبما وردت في المشروع .
ب- وثيقة غاليلي:
تنسب هذه الوثيقة إلى إسرائيل غاليلي أحد وزراء حزب العمل , وتتضمن مجموعة من النصوص الخاصة في مجال الاستيطان :
1- تطوير سياسة الاستيطان من خلال إقامة مستوطنات جديدة وتعزيز المستوطنات القائمة ضمن التجمعات الاستيطانية في الغور وشمال البحر الميت وغوش عتسيون , ومحاولة زيادة عدد سكانها عبر تطوير مجالات الصناعة والسياحة فيها .
2- استمرار العمل بسياسة الجسور المفتوحة بين الأردن والضفة الغربية وإتاحة الفرصة لسكان الضفة لإقامة علاقات مع الأردن , وتشجيع المبادرة الذاتية لسكان المناطق المحتلة في مجال الخدمات و التعليم والثقافة وغيرها ,مع عدم الإخلال بتفرد الحكم العسكري بالسلطة ,وتأمين متطلبات الأمن الإسرائيلي .
3- توسيع دائرة شراء الأراضي اختباريه لأغراض الاستيطان واستخدام كافة الطرق للسيطرة على الأرض .
تعتبر هذه الوثيقة بمثابة استكمال لمشروع آلون , ولكنها فتحت الطريق أيضا لاستيطان إسرائيلي أوسع وفي مناطق أكثر بهدف تحقيق ما يسمى بالضم الزاحف للضفة الغربية من خلال التدرج في عمليات تهويد الأرض العربية , كما أن هذه الوثيقة صيغت بطريقة غامضة لكي تحتمل أكثر من تفسير , ولقد جعلت كل طرف من أطراف حزب العمل يفسرها على هواه .
مشاريع الاستيطان في عهد الليكود بين 1977-1984 :
تنبثق مشاريع الاستيطان في عهد الليكود من اعتقاداتهم المسبقة حيال مصير المناطق المحتلة , والتي تخطط لضم الضفة الغربية وقطاع غزة نهائيا إلى إسرائيل من خلال خطوات متدرجة , ونتيجة لذلك ظهرت عدة مشاريع استيطانية تعبر عن وجهة النظر هذ ه, التزمت بها الحكومات الإسرائيلية رسمياً وأعلنت تبنيها . وأهم هذه المشاريع :
أ- مشروع شارون- العمود الفقري المزدوج :
اقترح شارون مشروعه حين كان وزيراً للدفاع في حكومة بيغن عام 1978 , وحاول تطبيقه فيما بعد حين أصبح رئيس اللجنة الوزارية الاستيطانية , وأهم بنود هذا المشروع :
1- إقامة حزامين متوازيين من المستوطنات على النحو التالي :
أ- الخط الأول في الغرب : ويمتد على الشريط الساحلي الذي يمثل الكثافة اليهودية الأساسية .
ب- الخط الثاني في الشرق : ويمتد من الجولان شمالاً حتى شرم الشيخ جنوباً , وبذلك تكون الضفة الغربية جيباً عربيا محاطاً بالمستوطنات .
2- إقامة ثلاثة مراكز مدنية كبيرة داخل الضفة الغربية , أولها على مداخل القدس والثاني قرب الخليل لدعم (كريات أربع) والثالث فبالمثلث الشمالي للضفة الغربية لفصل عرب 1967 عن عرب 1948 .
3- العمل على زيادة عدد المستوطنين اليهود في الضفة , من خلال السعي لكسب المزيد من المهاجرين وتشجيع السكان اليهود في حدود 1948 للانتقال إلى الضفة الغربية , وقدر شارون العدد المتوقع بحوالي مليوني شخص .
وكان هذا المشروع يسمى بمشروع أبراهام فوخمان , الأستاذ في معهد الهندسة التطبيقية في حيفا الذي قدمه عام1967 في حكومة المعراخ لكنها رفضته معتبرة إياه غير قابل للتنفيذ , ثم تبناه أرئيل شارون وسمي بالعمود الفقري المزدوج لأنه يدعو إلى إقامة عمودين فقريين من المستعمرات في فلسطين خلال عشرين عاماً .
ب- مشروع غوش إيمونيم :
ينبع هذا المشروع من إيمان هذه الحركة بواجب وحق شعب إسرائيل في الاستيطان في كل أنحاء أرض إسرائيل ,ويقوم هذا المشروع على :
1- محاولة إقامة وتوسيع نقاط استيطان في المناطق العربية , في مناطق سبسطية , كفر قدوم , وجبل جرزيم في نابلس.
2- إن من واجب الإسرائيليين القيام بالاستيطان في عمق الأراضي المحتلة والأولوية عندها الاستيطان في جبال نابلس و جنين , ولذلك تشمل الخطة إقامة ثلاث مستوطنات مركزية للسيطرة على تقاطع طرق نابلس طولكرم .
3- العمل على توسيع الاستيطان شرقاً حتى الأغوار وحتى حدود 1948 غرباً , حيث تشمل جميع الأراضي المحتلة , وتضمن بذلك السيطرة على سلسلة جبال الضفة الغربية , وتشمل الخطة إقامة ثلاث مدن رئيسية قرب نابلس , الخليل , الظاهرية.
4- التخطيط لمضاعفة سكان الأراضي المحتلة من المستوطنين لخلق أغلبية يهودية فيها .
ج- المخطط الاستيطاني الشامل حتى عام 2010 :
تم اعتماد هذا المخطط منذ عام 1983 من قبل شعبة الاستيطان في الوكالة اليهودية , ويهدف إلى بناء 165 مستوطنة يهودية جديدة في الضفة , لتوطين 1300000 مستوطن جديد عبر إقامة خمس مدن استيطانية تستوعب من 10-30 ألف عائلة يهودية , وإقامة من خمس إلى ستة آلاف وحدة سكنية سنويا ً, وبناء طرق استيطانية يبلغ طولها 400 كم وتوسيع المستوطنات القائمة من خلال 18 مستوطنة بلدية , وتحويل 15 موقعاً للناحال إلى مستوطنات مدنية , وإقامة وتطوير 57 مستوطنة مهنية , وتطوير مناطق صناعية بمعدل 400-500 دونم سنوياً , وإقامة تجمعات صناعية تستوعب 3000 مهني كل عام , واقترح واضعو المشروع إقامة ثلاث سلاسل استيطانية على النحو التالي :
1-سلسلة تمتد من بيرزيت حتى بيت لحم .
2-سلسلة تربط بين الخان الأحمر وجبال الخليل .
3- سلسلة تربط بين رام الله وغوش عصيون .

المطلب الثاني : الاستيطان في التسعينات إلى عام 2001
إن حزب العمل تاريخياً هو الذي أطلق حملات الاستيطان في الضفة والقطاع بعد الاحتلال الإسرائيلي لهما منذ عام 1967 , وبقي على رأس السلطة حتى عام 1977 , حيث أن أبرز وأكبر مشاريعه آنذاك كان مشروع (معاليه أدوميم) ضمن سياسة تكثيف الاستيطان في القدس والأغوار , وتابعت حكومات حزب العمل المتعاقبة هذه السياسة حتى عندما أعلن رئيس الحكومة إسحاق رابين عن التقسيم الشهير للمستوطنات بين سياسية وأمنية , ونيته في دعم و مواصلة الاستيطان الأمني فقط.
لكن الاستيطان بكل أنواعه تواصل وبلغ الذرى , لم يبلغها من قبل في فترة حكم حزب العمل (92-96) فقد زاد عدد المستوطنين في هذه الفترة 39% (145 ألف مستوطن سنة 96 بينما كان 105 آلاف سنة 92) .
وصادقت الحكومة الإسرائيلية على 83 مخطط هيكلي جديد للمستوطنات وأقامت 110 آلاف وحدة سكنية جديدة .
وعندما جاء بنيامين نتنياهو إلى الحكومة (1996) زاد بناء المستوطنات حتى وصل عدد المستوطنين (170ألف مستوطن) , كما أجاز مخططات موجودة لبناء 26 مستوطنة , وشهد عام 1997 إقامة مستوطنتين جديدتين إلى جانب الإعلان عن بدء سريان عدد كبير من المشاريع التفصيلية وإيداع عدد كبير منها بلغ أكثر من 28 مشروع , بهدف توسيع المستوطنات القائمة وبما يشمل مساحات واسعة من الأراضي بلغت 1597.22 دونم لبناء 4483 وحدة سكنية .
وفي 1998 جرى إيداع 14 مشروعاً بمساحة 8219 دونم , وأعلن عن بدء سريان ثمانية مشاريع توسعية في ثمان مستوطنات شملت مساحة 8460.9 دونم, لإقامة 9000 وحدة سكنية .
وتصاعدت في عام 1999 وتيرة الاستيطان بشكل كبير , فقد شهدت الأشهر الأخيرة من عهد حكومة الليكود تسارع كبير عرف بحرب التلال التي أطلقها شارون , وشملت احتلال 22 تله من قبل المستوطنين في الضفة والقطاع وإقامة البؤر الاستيطانية .
فاق الاستيطان في فترة حكم حزب العمل برئاسة باراك عهد حكومة اليمين برئاسة نتنياهو , ففي عام 1999 بلغ عدد المخططات الهيكلية المصادق عليها 30 مخطط بمساحة تقدر ب 9953 دونم , أما عدد المخططات المودعة للمصادقة بلغت 27 مخطط بمساحة تقدر بحوالي 9741 دونم , بينما أقيمت 22 بؤرة استيطانية ليصل عدد البؤر إلى 42 بؤرة , وشهد نفس العام إقامة مستوطنتين جديدتين :
1- معاليه مودعين شمال غرب رام الله على أراضي قرية تيتين .
2- معاليه زهاف جنوب غرب نابلس في محافظة سلفيت على أراضي دير بلوطو كفر الديك , وأغلقت إسرائيل بموجب أوامر عسكرية ما يقدر ب 20% من مساحة الضفة الغربية وكان عدد الوحدات المصادق عليها 5752 وحدة سكنية .
وأعلن باراك أن حكومته مدركة للقيمة العظيمة للاستيطان من الناحية القومية والاجتماعية لذا شكل لجنة حكومية لبحث قضايا المستوطنات في الضفة والقطاع من أجل تحقيق ما يلي :
1- تحويل الضفة إلى معازل مقطعة الأوصال تفصل بينها الجيوب الاستيطانية والطرق الالتفافية بما لا يفسح المجال للتواصل الجغرافي فيما بينها لتسهيل السيطرة الأمنية الإسرائيلية عليها .
2- الحؤول دون إي توسع عمراني أو سكاني للفلسطينيين ومنع أي تطور زراعي في الريف لحساب المستوطنات التي تنمو بشكل متسارع صناعياً و زراعياً على حساب الأراضي الفلسطينية لخنق السوق وتدمير الثروة الحيوانية .
3- مع دخول حكومة باراك مفاوضات التسوية اتخذت سلسلة من القرارات العسكرية تهدف إلى مصادرة وإغلاق مساحة واسعة في أراضي الضفة بهدف دفع حدود الرابع من حزيران 1967 م إلى داخل الأراضي الفلسطينية لعدة كيلو مترات وضمها إلى إسرائيل .

4- تعزيز الفصل الإقليمي لأراضي الدولة الفلسطينية ومحيطها العربي عبر إصرار هذه الحكومة على الاحتفاظ بسلسلة مستوطنات غوش قطيف في قطاع غزة وإصرارها على إبقاء مستوطنات الغور تحت سيطرة إسرائيل التامة وتعزيز هذه السيطرة بالكتل الاستيطانية الراسخة على مشارف الأغوار مثال ذلك قرار توسيع مستوطنة أيتمار وغيرها .
وفي 22/1/99 أعلن مجلس التنظيم الأعلى الإسرائيلي عن إيداع مشروع تنظيم 2/8/115 وهو تعديل للمشروع رقم 8/115 لفتح شارع وبناء حي استيطاني في مستوطنة كرمئيل في الخليل يستهدف مساحة 100 دونم لبناء 1406 وحدة سكنية كان قد صودق عليها في 4/4/97 م .
وفي شهر آب 1999 تم الكشف عن مشروع مشترك بين وزارة الإسكان الإسرائيلية وحركة أمنا اليهودية يرمي إلى بناء مدينة دينية يهودية استيطانية جنوب رام الله بمساحة 700 دونم لاستيعاب 30 ألف مستوطن متدين ويطلق عليها اسم تل صهيون , وفي شهر تشرين الأول 1999 جرى إيداع مشروع تنظيمي تفصيلي رقم 407/2 بهدف إقامة مركز أعمال إقليمي استيطاني .
كما أقرت الحكومة الإسرائيلية في شهر تشرين الثاني 1999 م توسيع مستوطنة أيتمار شرقي نابلس ليتضاعف حجم المستوطنة عشر مرات لتصبح 10000 دونم لتتحول إلى كتلة استيطانية ضخمة تصل حتى مشارف الأغوار , وأعلنت اللجنة الفرعية في 17/4/2000 م للاستيطان عن إيداع مشروع رقم 419/4 لإقامة مركز سياحي في مستوطنة بات عاين .
إن استمرار بناء المستوطنات رغم اتفاقات ومخططات لإعادة الانتشار كان أحد دوافع الانتفاضة لمواجهة المستوطنين وردع حكومتي أيهود باراك و أرئيل شارون عن بناء ما يسمى بالمواقع الاستيطانية فقد أشار تقرير لحركة (سلام الآن) أنه تمت إقامة 15 موقعاً استيطانياً جديداً في الضفة الغربية منذ تولي أرئيل شارون السلطة في آذار 2001 م .

المطلب الثالث : الطرق الالتفافية الاستيطانية :
في منتصف عام 2000 م , تابعت إسرائيل تنفيذ المزيد من الطرق الالتفافية بعد أن أعلن عن هذه المشاريع في أيار 2000 م , وكانت هذه المشاريع قد أُقرت سابقاً في الأعوام 1998-1999 م والطرق المعلن عنها هي 14 طريق كلفتها الإجمالية 114.2 مليون شيكل .
كان اسحق رابين قد قرر عام 1995 م العمل على تنفيذ مجموعة من الطرق الالتفافية في الضفة الغربية بالتزامن مع انسحاب الجيش الإسرائيلي منها تنفيذاً لعملية إعادة الانتشار وفق اتفاقات أوسلو وكان الجيش الإسرائيلي قد اشترط عدم الانسحاب من المدن الفلسطينية إلا بعد تنفيذ هذه الطرق كبديل يؤمن سلامة وأمن المستوطنين وتحركات قوات الجيش .
وكانت الحكومة الإسرائيلية تتذرع باتفاقات أوسلو لشق المزيد من هذه الطرق الالتفافية على طول الأراضي المحتلة وعرضها ملحقةً الدمار بالريف والأرض الفلسطينيين بشكل يفصل بين مختلف القرى والمدن الفلسطينية , وفي الوقت نفسه تربط بين المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لخط الهدنة ومستوطنات الأغوار شرقاً مروراً بكتلة المستوطنات في وسط الضفة الغربية مما يعزز أهداف إسرائيل للاحتفاظ بهذه المستوطنات والطرق على المدى البعيد كما عمدت هذه الطرق إلى إلحاق الأذى بالأرض الخصبة في الريف الفلسطيني للتضييق على قاطنيه وحرمانهم من أهم موارد حياتهم ومحاصرة البلدات والقرى الفلسطينية بحزام إسفلتي لحدود لا يمكن تجاوزها وبالتالي الحد من التطور العمراني والسكاني فيها بالإضافة إلى ذلك تشكل هذه الطرق الالتفافية محاور أمنية تستخدمها إسرائيل لفرض سيطرتها على الأرض المحتلة وتقليص إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على ترابطها الوطني .
إن الطرق الاستيطانية قد نفذت في وقت سابق عدة مشاريع للطرق من أبرزها مشروع الطريق رقم 50 وهو أول مشروع للطرق نشر عام 1984 م وكانت أهدافه الظاهرة هي :
1- وصل المستوطنات بعضها ببعض وبإسرائيل .
2- تجنب المدن والقرى العربية .
3- العمل على وصل المستعمرات في الضفة الغربية بالمدن الكبرى في إسرائيل .
فقد وضع هذا المشروع لخدمة المصالح الإقليمية والقومية لدولة إسرائيل على حساب الأرض والسكان الفلسطينيين فقد منع هذا المشروع القيام بأي بناء لمسافة 100-150 م على جانبي الطريق ولم تتخذ أية احتياطات لمنع وقوع الأضرار الناجمة عن تنفيذ هذا المشروع .
وعندما نظرت حكمة العدل العليا الإسرائيلية إقامة هذه الطرق على أنها وضعت لخدمة السكان المحليين ولم تستند في دفاعها إلى الاعتبارات الأمنية والتي كانت قد استندت إليها في دعوى سابقة قدمت ضد هذا المشروع أمام المحكمة نفسها مما أثار دهشتها فطالبت بالتشدد على الاعتبار الأمني الذي يكمل الاعتبار المدني ورأى القاضي أن الطريق تخدم فعلاً مصالح السكان المحليين وقررت المحكمة بالإجماع عدم قبول الدعوى . ويرى عدد كبير من المحللين أن تنفيذ هذا المشروع أمر مستهجن وأنه ذريعة لتحقيق أهداف أخرى , لأن المنطقة التي أقيمت فيها الطريق تحتوي على شبكة طرق تخدم كافة المدن والقرى ولا حاجة لهذا المشروع ثم أن حجم حركة السير لا يبرر إقامة شبكة طرق موازية لاسيما بالنظر لما يترتب عليها من أضرار كبيرة نتيجة للاتساع غير العادي لعرض الطرق واتساع الأراضي المحتجزة على جانبيها إذ يتراوح عرض الطريق بين 40 -120متر .
إن العلاقة بين الطرق والمستوطنات علاقة مدروسة بدقة إذ أن النمط النموذجي المتبع من قبل إسرائيل وضع لكي يتلاءم مع وضعية المستوطنات بحيث تتبع الطرق الأودية المخفضة في حين أن المستوطنات تبنى عادة في المناطق الإستراتيجية المرتفعة فتكون بذلك هذه الطرق تحت مراقبة دائمة من قبل المستوطنين .
ويتاح للفلسطينيين استخدام هذه الطرق بنفس الشروط المتاحة للإسرائيليين (على نقيض خدمات البنية الأساسية كالماء والكهرباء ) فيعود بذلك على الفلسطينيين ببعض مزايا المواصلات لكن المستفيدين الأساسيين هم المستوطنون اليهود وخصوصاً سكان المستوطنات التي في وادي الأردن والمستوطنون في الضواحي القريبة الذين يعملون في أماكن أخرى يقومون برحلات طويلة إلى تل أبيب بسرعة أكبر وهذا يشكل حافزاً لزيادة الاستيطان اليهودي في المناطق المجاورة لهذه الطرق الجديدة .
ومن الجدير بالذكر أنه في العام 1997 م بلغت مساحة الأراضي المصادرة والمغلقة لشق الطرق الالتفافية أكثر من 3410 دونم ومنها (مشروع رقم 3/923 , شارع رقم 90 وشارع رقم 60 , ومشروع رقم 15 /901 , شارع رقم 70 , وشارع رقم 90 ) .
وتم وضع اليد أواخر 1997 م على مساحة 20 دونم من أرض حلحول لفتح طريق استيطاني بطول 810 م وعرض 20 م بموجب أمر عسكري رقم ت/28/97 .
أما عام 1998 م تم المصادقة على 28 شارع التفافي وعدد المشاريع التي تم إيداعها بلغت 11 مشروعاً بمساحة تصل نحو 10157 دونم .
وفي سنة 1999 م بلغ عدد الطرق الالتفافية المصادق عليها 14 طريقاً بمساحة بلغت 10129.5 دونم ووصل عدد الطرق للمصادقة 13 طريقاً .


المبحث الرابع
عملية الاستيطان :
تُعد عملية الاستيطان الإسرائيلي خزاناً متأججاً تتفاعل فيه مختلف التيارات الإسرائيلية الحزبية والدينية وتؤثر على توجهاتها العديد من العوامل الجغرافية والديمغرافية والسياسية إضافة إلى التأثير الكبير والهام لأعمال المستوطنين وتصرفاتهم المشجعة لزيادة عمليات الاستيطان والدفع بالحكومة لبناء المزيد من المستوطنات متجاوزة أية صعوبات تعترضها على كافة الأصعدة .

المطلب الأول
عملية الاستيطان في قطاع غزة :
بدأت عمليات الاستيطان الإسرائيلي في قطاع غزة في مرحلة متأخرة مقارنة بالضفة الغربية فقد أنشأت أول مستوطنة يهودية في القطاع في عام 1970 م وواجهت عمليات الاستيطان فيما بعد مجموعة من العقبات التي حدّت من فعاليتها ومن إمكانية توسيعها ومن هذه العقبات :
- المشكاة الديمغرافية المتمثلة في الكثافة العربية البشرية الكبيرة مع رقعة محدودة من الأرض الصالحة للزراعة حيث تغطي الرمال مساحات واسعة داخل القطاع ويزيد من أهمية هذه المشكلة وتعقيدها الموقع الجغرافي للقطاع بالقرب من النقب في فلسطين المحتلة عام 1948 م والذي يمتاز بقلة الكثافة البشرية اليهودية فيه , ولمجابهة هذه المشكلة لجأت إسرائيل إلى تشتيت التجمعات الفلسطينية بخاصة في مخيمات اللاجئين في القطاع ومحاولة تقسيم القطاع إلى ثلاث كتل رئيسية معزولة عن بعضها البعض بواسطة حواجز (أوتاد) من المستوطنات اليهودية الصغيرة التي تعمل على تفتيت الوحدة الديمغرافية للقطاع .
- المشكلة الاقتصادية المتمثلة في ندرة المياه وضيق الأراضي الصالحة وضعف الحياة الاقتصادية بشكل عام , ولمجابهة هذه المشكلة لجأت إسرائيل إلى تدبير المياه اللازمة للمستوطنات من خلال حفر الآبار ومد خط أنابيب مياه (زهر نسئيلم ) واستخدام البيوت الزجاجية في الزراعة .
كما لجأت إسرائيل لخلق قاعدة صناعية في القطاع من خلال إقامة مجموعة من المصانع في مستوطنة آزر للاستفادة من الأيدي العاملة العربية الرخيصة في القطاع .
كما بنت السلطات الإسرائيلية ميناءً جديداً في منطقة غزة ليشكل تجمعاً يربط المستوطنات داخل القطاع , ويساعد في تصريف منتجاته , ويكون مصدراً للرواج الاقتصادي هذا إضافة إلى الأهمية الاقتصادية لهذا الميناء بالنسبة لمنطقة النقب والأهمية الأمنية والإستراتيجية له للسيطرة على قطاع غزة وشمال سيناء ومراقبتها .
وعلى الرغم من الصعوبات السابقة الذكر استطاعت إسرائيل بناء حوالي 21 مستوطنة في القطاع لإثبات الوجود اليهودي فيه والسيطرة عليه والقضاء على تطلعات أهل القطاع بالتحرر والاستقلال وممارسة حقهم في تقرير المصير .
أ- الاستيطان في قطاع غزة في عهد حزب العمل "المعراخ" من 1967-1977 م
تمكنت السلطات الإسرائيلية في العشر سنوات الأولى لاحتلال القطاع من إنشاء
سبع مستوطنات , وقد بدأ معظم هذه المستوطنات على شكل مستوطنات
(ناحال) ولكن مع مرور الوقت تحولت هذه المستوطنات إلى موشاف أو كيبوتز حيث
المستوطنات باستقطاب مجموعة من العائلات اليهودية للعيش فيها .
وبدأت تمارس بعض النشاطات الاقتصادية ومع هذا فقد ظل عدد سكانها محدوداً
أما من حيث توزيع المستوطنات في القطاع فيلاحظ أن عملية الاستيطان تركزت
في هذه الفترة في قلب القطاع وعلى المنطقة الساحلية الواقعة بين غزة وخان يونس.
ويلاحظ أن الفترة السابقة لحرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973 م قد شهدت بناء الجزء الأكبر من المستوطنات وبعد الحرب تجمدت جهود الاستيطان في القطاع حتى عام 1977 م لانشغال إسرائيل بالتخلص من نتائج الحرب.
وقد سيطرت الحركات الاستيطانية غير الرسمية على عملية الاستيطان , ونظراً لتوجهات هذه الحركات الإيديولوجية والدينية فقد تركزت عمليات الاستيطان في الضفة الغربية وابتعدت عن ممارسة أي نشاط استيطاني في القطاع .
ب- الاستيطان في القطاع في عهد حزب الليكود 1977-1984 م :
بدأت عمليات الاستيطان الأولى في القطاع في عهد الليكود عام 1978 م وذلك من خلال بناء ثلاث مستوطنات هي تل أور , غاني طال , ميراف . وذلك استجابة لوعود الليكود الانتخابية باستيطان كل فلسطين وعدم الرغبة في التخلي عن المناطق المحتلة عام1967 م .
وبعد ذلك سارت عمليات الاستيطان خلال السنوات اللاحقة بصورة بطيئة في قطاع غزة انطلاقاً من إستراتيجية الليكود التي تدعو إلى تركيز الاستيطان في الضفة الغربية لأسباب إيديولوجي وكذلك نتيجة الضغوط المحلية والدولية التي كانت ترى في الاستيطان عقبة أمام تحقيق السلام في المنطقة , في الفترة التي تكثفت فيها الجهود للوصول إلى تسوية سلمية بين مصر وإسرائيل .
وتركز الاستيطان في هذه الفترة في المنطقة الحدودية جنوب القطاع قرب خان يونس ومشارف رفح , لعزل القطاع عن سيناء التي بدأت بوادر قبول إسرائيل للانسحاب منها مقابل السلام مع مصر وتم بناء ثلاث مستوطنات إسرائيلية هي غيدور –دغان أور –ويفول خلال الفترة بين 1979-1981 م وتم الإشراف على إقامة هذه المستوطنات من قبل حركة هبو عيل همزراحي .
أما بين 1982-1984 م فقد شهدت هجمة استيطانية جديدة بقيادة غوش أمونيم , والوكالة اليهودية في محولة للرد على عملية تفريغ مستوطنات سيناء وقطع الطريق على أية محاولة إسرائيلية مقبلة للانسحاب في القطاع وإزالة المستوطنات منه .
ج- استمرار عملية الاستيطان في القطاع خلال فترة التسعينات :
لم تشكل رقعة القطاع البالغة 360 كم مربع , حاجزاً أمام النشاط الإسرائيلي طالما أن هدف إسرائيل هو تفتيت الوحدة الجغرافية لهذه الرقعة المكتظة بمئات الآلاف من الفلسطينيين فاندفعت إسرائيل إلى تنفيذ حملات مصادرة ضخمة من أراضي القطاع بغية تحويلها إلى مستوطنات وشوارع استيطانية وليصل حجم الأراضي المصادرة حتى أيار1991 م إلى 23.150 دونم .
ورغم كل التنازلات التي قدمتها سلطة الحكم الذاتي (لا سيما أواخر التسعينات) فإنها لم تفلح في إقناع الصهاينة بإزالة بقعة استيطانية ولو صغيرة "نتساريم" في حين أن القطاع معرض من جديد لهجمة استيطانية تقضي على ما تبقى منه في حوزة أبنائه.



المطلب الثاني : عملية الاستيطان في الضفة الغربية :
تحتل الضفة الغربية مكانة كبيرة في الفكر الصهيوني فهي المنطقة التي يطلقون عليها تاريخياً اسم يهودا و السامرة وتعتبر جزءاً ي دولة إسرائيل لذا فإن النشاطات الاستيطانية أخذت فيها مكانة كبيرة حتى وصلت إلى 46% من مساحتها وهناك سعي دائم للوصول إلى 51%من مساحتها .
أ- الاستيطان في عهد حكومة العمل (المعراخ) من 1967-1977م :
إن عدد المستوطنات في الضفة الغربية في هذه الفترة فاق عدد المستوطنات في بقية المناطق المحتلة بما فيها أراضي عام 1948 م إذ بلغ مجموعها حوالي 62 مستوطنة في الضفة مقابل 40 مستوطنة في بقية المنطق وتركزت عملية الاستيطان في الفترة الأولى من 1967 حتى 1973 م من منطقة الأغوار والقدس إذ بلغ مجموع المستوطنات 25 مستوطنة 21 منها أنشئت في الضفة خلال هذه الفترة .
كانت منطقتا رام الله ونابلس خاليتين في المستوطنات وذلك انسجاماً مع مشروع آلون الذي خطط لإعطاء هذه المناطق نوعاً من الاستقلال الذاتي لإلحاقها بالأردن لكن في الفترة الثانية بعد حرب تشرين الأول أكتوبر 1973 م وبروز نشاطات حركة غوش أمونيم وبدء الحديث عن تسوية سياسية قد تفتح المجال لنشوء دولة فلسطينية اتجهت الجهود لتطويق مدينة نابلس والمناطق الشمالية بالمستوطنات وبدء عملية الاستيطان في منطقة رام الله مع مواصلة بناء المستوطنات في الأغوار والقدس والخليل وبمعدل أكبر .
أما من ناحية نوع هذه المستوطنات فإن النسبة الكبرى كانت من نوع "ناحال" وخاصة في منطقة الأغوار وبلغت نسبة الكيبوتز بين عامي 1967 و1973 م حوالي 20% والموشاف 35% وفي الفترة مابين 1973 حتى 1977 م قلت نسبة الكيبوتز إلى14% وانخفضت نسبة الموشاف إلى21% فيما زادت نسبة الأنواع الأخرى مثل المزارع والأحياء السكنية والقرى التعاونية وذلك نتيجة لأن عمليات الاستيطان أخذت تزحف إلى قلب المناطق العربية الكثيفة السكان .
ب- الاستيطان في عهد حكومة الليكود 1977- 1984 م :
هناك تشابه بين استيطان المناطق المحتلة في كل من عهدي المعراخ (1967-1977م) والليكود (1977-1984 م) سواء من حيث الاستيطان ومشاريعه أو من حيث اعتباراته الأمنية والأيديولوجية والسياسية والاجتماعية , لكن هذه الفترة تميزت عن سابقتها بثلاث خصائص هي تصاعد حمى الاستيطان لفرض وقائع جديدة على الأرض , وازدياد ثقل رأس المال الخاص في معظم النشاطات الاستيطانية وتزايد الاتجاه نحو الاستيطان المدني قياساً بالاستيطان الريفي .
أقام الليكود في الضفة الغربية خلال سنوات حكمه السبع نحو120 مستعمرة من مختلف الأنواع وتمت السيطرة على أكثر من مليون دونم , وتعتبر الزيادة السنوية في عدد المستوطنين في الضفة الغربية أحد المؤشرات على الجهود التي بذلها الليكود لفرض وقائع جديدة على الأرض وتعود أسباب هذه الهجمة إلى عاملين :
العامل الأول : اجتماعي اقتصادي يتمثل في قرب الجزء الغربي من الضفة من مراكز الاكتظاظ السكاني في إسرائيل حيث الأزمة السكانية الحادة والنشاط الاقتصادي الكبير وهذا ما يفسر رغبة 72% من المستوطنين اليهود في السكن داخل المستعمرات القريبة من تل أبيب والقدس .
أما العامل الثاني : فهو سياسي متمثل في توجه الليكود إلى ترجمة إيديولوجية (أرض إسرائيل الكبرى) إلى وقائع استيطانية تمهد الطريق إلى ضم الضفة كاملة لذا أطلقت يد القطاع الخاص في مجال الاستيطان وجاءت الحوافز المادية والإغراءات الضخمة والقروض الميسرة التي قدمها الليكود للشركات والأفراد لتزيد من العمليات الاستيطانية وقد تفننت شركات عمليات البناء في العروض التي طرحتها لجذب الزبائن وقامت بإبراز نماذج مصغرة للبيوت والأحياء التي بنتها في المستعمرات التي قامت بإنشائها لجذب المستوطنين لشراء هذه المنازل .
ج-الاستيطان في عهد حكومة نتنياهو :
جاء بنيامين نتنياهو إلى الحكم وهو يحمل شعار حق اليهود في استيطان كل جزء من أرض إسرائيل واعتبار مدن الضفة مدناً يهودية بأغلبية عربية كما وصفت غيئولا كوهين مدينة الخليل وقد أحدثت هذه الحكومة شروخاً استيطانية عميقة في الأراضي حيث وصفت هذه الأرض (بجلد النمر المنقط) كما اتبعت حكومة نتنياهو نشاطاً ذا هدف مركب استيطان (إجلاء أو حسب التعبيرات الصهيونية استيطان ) ترانسفير , فهو نشاط استيطاني يهدد امكانية البقاء الفلسطيني على الأرض .
د- الاستيطان في عهد حكومة باراك :
كانت حكومة نتنياهو قد أقرت 42 بؤرة استيطانية وتسارع العمل فيها بعد التوقيع على اتفاق (واي ريفر 23-10-98) , لكن عندما أتى باراك إلى السلطة أزال 15 بؤرة واحتفظ ب27 , لكن حقيقة الأمر لم تخل هذه المواقع فعلياً , فالمناطق التي أزيلت منها الكرفانات بقيت تحت سيطرة المستوطنين لأغراض زراعية وأمنية بالاتفاق مع باراك نفسه , وقد جاءت خطوة إخلاء موقع ماعون بهدف تحقيق كسب إعلامي ودبلوماسي لإظهار الحكومة نفسها أمام الرأي العام العالمي بأنها تسعى لتحقيق تسوية مع الجانب العام العالمي بأنها تسعى لتحقيق تسوية مع الجانب الفلسطيني وأنها جادة في تخفيف العقبات التي تعترض التسوية بما فيها المستوطنات وأن تقسيمها للبؤر الاستيطانية إلى شرعية وغير شرعية هو تضليل أراد منه باراك أظهار هذه الأخيرة على أنها حكومة نظام وقانون .
وقد تصاعدت عمليات مصادرة الأراضي الفلسطينية وإصدار قرارات الإغلاق العسكرية علماً بأنها تتخذ وفق إجراءات عسكرية احتلالية لا تستند إلى أية قوانين أو مسوغات متذرعة بحجم الأرض أو التدريب العسكري أو لشق الطرق الالتفافية .
ه- عمليات الاستيطان في عام 2000:
وصل عدد الوحدات السكنية التي يجري العمل بها في المستوطنات حوالي 14647 وحدة سكنية على مساحة تقدر ب 2899 دونم.
المطلب الثالث : انتهاكات المستوطنين
إلى جانب سياسة الحكومة الإسرائيلية المعلنة بمواصلة حربها الاستيطانية ضد الأرض الفلسطينية فهي تطلق يد المستوطنين لتنفيذ اعتداءاتهم اليومية ضد أبناء الشعب الفلسطيني ومزارعيه وتحت ذرائع الأمن شكل المستوطنين ميليشياتهم المسلحة مع أجهزة حراسة تجوب دورياتها مختلف المواقع في الريف حيث يخربون المزروعات (زيتون,كرمة,حمضيات... إلخ) ويستولون بالقوة غلى المزيد من الأراضي دون أن تحرك حكومة إسرائيل ساكناً .
وتشكل جماعات المستوطنين مجموعات ارهابية مليئة بالحقد على العرب ومشبعة بالأفكار التوارثية والصهيونية وتعمد تلك الجماعات المسلحة بالقنابل والرشاشات إلى بث الرعب في قلوب الفلسطينيين لحملهم على الرحيل عن طريق تنفيذ مجموعة من الانتهاكات تمس حق الشعب الفلسطيني بالحياة والحرية والكرامة .
وتتم غالبية هذه الأعمال بتشجيع من الجيش الإسرائيلي بل أحياناً بمرافقته , وظهر التعاون جلياً بين الجيش والمستوطنين منذ عام 1979 م حيث توصل 25 مستوطن من جماعة إيلون موريه إلى الفوز بموافقة الحكومة الإسرائيلية في إقامة أولى الستعمرات المدنية في ضواحي نابلس بعد أن رفضوا أن يتزحزحوا عن بعض حواجز الجيش الإسرائيلي واتسعت حلقة التعاطف مع حركة المستوطنين إلى أبعد حد في حكومة بيغن , وقد ألقى دور الحكم العسكري والجيش بعد قضية إيلون موريه الضوء على التطور البالغ الأهمية في موافقة الجيش على تصرفات المستوطنين المتطرفة وتنامي التعاون بين الطرفين .
وقام الجيش أنذاك برئاسة وايزمن وزير الدفاع بدعم تصرفات المستوطنين ضد الفلسطينيين وأراضيهم , أدى هذا إلى النجاح في الاستيلاء على الأرض إذ كان مسح الأراضي يتم مع أخذ غايات المستوطنين بعين الاعتبار .
كما أن الجيش الإسرائيلي يتميز بعدم التدخل والتلكؤ في تحقيق في شكاوى العرب .
وهكذا بدأ المستوطنون يشعرون بتنامي قدراتهم على فرض مشيئتهم في الأراضي المحتلة وعندما تنامي حجم المجتمع اليهودي في الضفة الغربية تزايدت ثقة المستوطنين بقدرتهم على التصرف لا ضمن سياسة الحكومة بل بصورة مستقلة أيضاً.
وعلى سبيل المثال في أوسط نيسان 1979 م قطع لمئات من أشجار الكرمة في تلة الجعبري من قبل اليهود في مستوطنة كريات أربع.
وقد أدى إغضاء الطرف عن أعمال المستوطنين الإرهابية إلى تشجيعهم إلى المزيد من هذه المصرفات ففي أيار 1979 م نقلت صحيفة ( جيروزالين بوست ) خبراً عن (حملة مقيدة جداً
ومكشوفة) لاختيار رجال من أجل تكوين وحدات من الأنصار المسلحين لقمع الاضطرابات العربية وقال المستوطنون : إن هدف هذه الجماعات شبه العسكرية حماية المستوطنين اليهود عندما يعجز الجيش عن ذلك ووضع حد لغليان العرب .
ولم يكتف مستوطنو غوش إيمونيم بممارسات الحكومة كحظر التجول على العرب واعتقالهم وضربهم وترويعهم ولم يجدوها شديدة كما يجب (يجب ألا يسمح لهم بأن يرفعوا رؤوسهم ) وقد كانت السلطة العسكرية على علم بنيات هؤلاء المستوطنين , ولم تقف يومها في طريقهم إذ علمت في 4 أيار 1980 م أن أعداداً صغيرة من اليهود المتطرفين يعدون لهجمات إرهابية على العرب .
وفي 8 أيار أعلن المستوطنون إنشاء (لجنة أمن مركزي ) قصد منها أن تكون جزءاً من جهاز أمني مستقل عن الحكم العسكري (بدأنا نسجل الملاحظات ونقوم بالمراقبة) كما جاء فيه (الرجاء أطلعونا على أي سلوك عاص أو تحريض أو رشق بالحجارة أو شغب وعلى أي حادث تمنعت قوى الأمن من معالجته بصورة فعالة) .
كما صرح مئير كاهانا في الثمانينات أنه يدعو الحكومة لأن ترمي القنابل اليدوية والمتفجرات لتقتل العرب وتجبرهم على الفرار (ليس لدي شك في أن ثمة جماعات من اليهود ستقوم بأعمال إرهابية وتلقي القنابل على العرب) .
وفي 18-9-1999 م أقام مستوطنو خارصينا باقتلاع أكثر من 400 شجرة كرمة من أرض أحد المواطنين العرب.
ففي 28-9-1999م وصلت إلى مدينة الخليل عشرات الحافلات التي تقل متطرفبن يهود قاموا بأداء طقوسهم الدينية في ساحات الحرم الإبراهيمي ونصبوا مكبرات الصوت التي تبث الشعارات الدينية المعادية للعرب .
وفي 14-11-1999 م قان عشرات المستوطنين من كريات أربع بدوريات مسلحة في الشارع الواقع بين الحرم الإبراهيمي والمستوطنة وفتشوا المواطنين العرب مع الاعتداء بالضرب على عدد منهم .
وفي 13-12-1999 م قام ستون مستوطن وبحراسة قوات الاحتلال بالاستيلاء على أرض مواطن فلسطيني وزراعتها بأشجار الكرمة .
وجدير بالذكر أن النسبة العظمى إن لم تكن هذه الاعتداءات تسجل لدى الشرطة الإسرائيلية تحت عنوان ضد مجهول , علماً أن المستوطنين معروفون تماماً للمواطنين ولقوات الاحتلال وذلك لدفع أبناء القرى والبلدات من مناطق ج لترك أراضيهم وإهمالها تمهيداً لاستيطانها .
اعتدى ثلاثة مستوطنين مسلحين وللمرة الثالثة خلال شهر 9-1999 م بالضرب المبرح على عدد من المواطنين في قرية يانون في محافظة نابلس . كما واصل مستوطنو عيلي شرق نابلس أعمال العربدة على الدراجات النارية في قرية تلفيت المجاورة.
اقتحم عشرات المستوطنين في 28—9-1999 م مجدداً قرية كفل حارس محافظة سلفيت بحماية الجيش الإسرائيلي بحجة أداء الطقوس الدينية في مواقع يدعون أنها أماكن مقدسة واعتدوا على مدرسة القرية وحاصروها لعدة ساعات .
وفي 10-1-2000 م هاجم المستوطنون من بؤرة أبراهام أبينو المنازل المحيطة بالبؤرة بالحجارة والزجاجيات وألقوا النفايات باتجاه منازل الفلسطينيين وأثاروا أجواء من العربدة والإرهاب تحت حماية جنود الاحتلال .
وفي 11-1-2000 م قامت سلطات الاحتلال على اتخاذ قرار يعد بمثابة تطهير عرقي إرضاء لمستوطني ماعون وأخلت 15 عائلة فلسطينية من مساكنها .
وفي 1-2001 م أضرم مستوطنو الخليل النار في السوق المركزي للخضار والمغلق من قبل قوات الاحتلال للمرة الثانية.
ومن الجدير بالذكر أن المستوطنين ليسوا مجموعة متجانسة على عكس ما يشاع عنهم , وبالنسبة لمزاياهم ومؤهلاتهم التعليمية فإن 25% لديهم شهادة جامعية ودخلهم مرتفع و 44% يعتبرون أنفسهم متدينين و33% يقولون أنهم يهود عاديون وليسوا متدينين بالضرورة و30% يمتلكون منازل داخل إسرائيل غير التي يسكنون بها في الأراضي المحتلة و 72% ولدوا في إسرائيل بينما الباقي جاؤوا 10% من الولايات المتحدة وكندا و6% من إفريقيا وآسيا و5% من الاتحاد السوفيتي السابق.
لقد أظهرت بعض الدراسات التي أعدت حول مسألة استيعاب المستوطنين القادمين من الاتحاد السوفيتي السابق في السنوات الأخيرة النتائج التالية :
*78% يشعرون بأنهم مظلومون.
*84% اصطدموا بمظاهر تمييز بشكل شخصي .
*78% يشعرون بوجود تمييز ضد كل من يتحدث اللغة الروسية .
*72% يشعرون بالتمييز بالإعلان .
*54% يشعرون بالتمييز في الشرطة .
*67% يشعرون بالتمييز في مجال الحصول على فرصة عمل .
*48% يشعرون بالتمييز في المكاتب الحكومية .
*37% يشعرون بالتمييز في وسائل النقل (معاريف 13-3-1998 م) .
وقد امتنعت المستوطنات من استيعاب يهود (الفلاشمورا) القادمين من معسكر أثيوبيا وقبلت بهم ثلاث مستوطنات فقط .( هآريتس 16-3-1998 م) .


المبحث الخامس :
أثر التسويات الفلسطينية الإسرائيلية غلى الاستيطان في الضفة و القطاع:
كانت إسرائيل في كل مرة تجري فيها مفاوضات مع السلطة الوطنية الفلسطينية من أجل التوصل إلى تسوية معينة محاولة استباق نتائج المفاوضات بأعمال تتنافى مع مسار المفاوضات قبل وأثناء وبعد التسوية من أجل خلق وقائع جديدة تدعم فيها موافقتها وتجعلها ذلك الطرف القوي الذي يفرض شروطه وبذلك تغدو أية تسوية عديمة الجدوى.

المطلب الأول: الاستيطان ومؤتمر مدريد
ذهبت الوفود العربية إلى مؤتمر مدريد للسلام مستندة إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الذي صدر إثر حرب 1967م ومنذ ذلك الوقت تمحورت مجمل محاولات التسوية على ذلك القرار الذي عرف فيما بعد بشعار مبادلة الأرض مقابل السلام وكانت الوفود المشاركة بالمؤتمر هي سورية , لبنان , مصر , إسرائيل والأردن لكن الفلسطينيين مُثلوا بوفد مشترك مع الأردن لا علاقة له بمنظمة التحرير الفلسطينية وكان المؤتمر تحت رعاية كل من الولايات المتحدة وروسيا.
انطلقت أسس السلام التي طرحها العرب من القرارات 242,338,425, وهذا يعني الانسحاب من كامل الأراضي العربية بعد العام 1967 بالإضافة إلى جميع المسائل المتفرعة عنها كقضايا المستوطنات الإسرائيلية .
بينما تركز الموقف الإسرائيلي على مبدأ السلام مقابل السلام تهرباً من تطبيق أحكام الشرعية الدولية ومتجاهلاً لثلاث قضايا رئيسية هي : المستوطنات , المياه , الأسلحة غير التقليدية .
وعبر العديد من الدول في هذا المؤتمر عن رفضه للاستيطان فقد صرح رئيس المجموعة الاقتصادية الأوروبية هانس فان دان بروك (وزير الخارجية الهولندي) في مؤتمر مدريد دعا إسرائيل لوقف النشاط الاستيطاني وقال :
(إن وقف نشاط الاستيطان الإسرائيلي مساهمة ضرورية للغاية وإن نبذ المقاطعة التجارية العربية لإسرائيل مساهمة ضرورية أخرى ) وأكد على مبدأ الأرض مقابل السلام .
وجاء في كلمة رئيس الوفد الفلسطيني حيدر عبد الشافي (المستوطنات يجب أن تتوقف الآن فالسلام لا يمكن إحلاله بينما الأرض الفلسطينية تصادر بطرق لا حصر لها وتحتل كل يوم بواسطة الجرافات الإسرائيلية والأسلاك الشائكة هذه هو الواقع والأرض مقابل السلام تصبح أضحوكة عندما تكون الأرض للمستوطنات غير الشرعية سياسة إسرائيلية وممارسة رسمية)
وتطرق الوفد السوري برئاسة وزير الخارجية فاروق الشرع (إن إقامة المستوطنات في الأرض المحتلة عمل غير قانوني ويعتبر باطلاً ولاغياً وعقبة كبيرة في طريق السلام مما يحتم إزالتها وإن استمرار الاستيطان بعد البدء بعملية السلام هو دليل ملموس على أن إسرائيل لا تريد السلام الحقيقي) .
وبالرغم من بدء المفاوضات في مدريد عام 991 م فقد أكدت مصادر الأرض المحتلة خلال الجولات الأولى من المفاوضات أن سلطات الاحتلال كثفت من بناء المستوطنات ومصادرة المزيد من الأراضي وكتبت صحيفة معاريف الإسرائيلية آنذاك (من السبعينات لم تشهد الأراضي المحتلة تسريعاً لأعمال الاستيطان كما يتم اليوم حيث يتابع وزير الإسكان وعلى نحو محموم إقامة مستوطنات جديدة وتوسيع المستوطنات القديمة القائمة وشق الطرق وإعداد الأراضي لأعمال البناء)
ثم جاء تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية أن بناء المستوطنات عام 1991م زاد بنسبة 25% بالمقارنة مع عام 1990م.
وقد أصبح موضوع الاستيطان بعد بدء المفاوضات العربية الإسرائيلية واحداً من أهم القضايا التي يطرحها الفلسطينيون خلال جولات المفاوضات الثنائية والمتعددة لما لهذا الموضوع من أبعاد هامة.
ويربط الإسرائيليون الاستيطان بمسائل المياه والحدود والأمن وفي حديث لنائبة وزير العلوم غيئولا كوهين حول علاقة السلام ببناء المستوطنات قالت :
إذا قيل إن المستوطنات عقبة أمام الحل الوسط الإقليمي ... فهذا صحيح , وذا قيل : إن المستوطنات عقبة أمام الإدارة الذاتية "للفلسطينيين"... فهذا صحيح , وإذا قيل : إن المستوطنات عقبة أمام دولة فلسطينية ... فهذا أكثر من صحيح) .
واستمر الاستيطان الإسرائيلي على الرغم من وعود راعيتي السلام في مؤتمر مدريد أمريكا و روسيا اللتين تريان أن بناء المستوطنات يجب أن يتوقف وأنه عقبة أمام تحقيق السلام لكن إسرائيل رفضت كل النداءات والمناشدات التي توجهها دول العالم لوقف المستوطنات وقال عضو الكنيست ديدي تسوكر: (إن سياسة الاستيطان هي جزء من خطة وزير الإسكان للإسراع في توطين اليهود في الأراضي المحتلة لعرقلة أي تسوية مع العرب تقوم على مقايضة الأرض بالسلام).
وأشار عضو الكنيست أحاييم أورون أن معدل القروض السكنية للمستوطنين (بعد بدء المفاوضات)بلغ ضعفي القروض السكنية خلال الأعوام السابقة .
وفي رد على الموقف الأمريكي وقبيل ساعات قليلة من وصول جيمس بيكر لدعوة الأطراف لحضور مؤتمر السلام في مدريد قامت وزارة الإسكان بتثبيت منازل جاهزة في منطقة هداسا في الضفة وبعد جلسة المفاوضات الأولى قامت حركة غوش إيمونيم بإنشاء مستوطنة جديدة شمالاً على مقربة من مستوطنة أريبك وقد تم البناء بعيداً عن وسائل الإعلام وذكرت مصادر حركة غوش إيمونيم (أن هذه المستوطنة هي رسالة يجب أن يفهمها بيكر ).


وجاء إعلان خطة استيطانية جديدة كرد فعل لأرئيل شارون (وزير البناء والإسكان آنذاك) على مؤتمر السلام في مدريد وفق ما يلي:
1 . تكثيف بناء المستوطنات والوحدات السكنية ومصادرة الأراضي وشق الطرق في مناطق يهودا والسامرة وقطاع غزة .
2 . بناء مستوطنات جديدة على طول الخط الأخضر الفاصل بين أراضي 1948-1967م.
وقامت جمعيتان استيطانيتان هما عطرات كوهيثم, عطرات ليوشتا بمصادرة أملاك الغائبين العرب بتوجيه ودعم من وزارة الإسكان والحكومة وقاموا بمراقبة منازل الفلسطينيين وجمع المعلومات عنها ومصادرتها وبلغ عدد الوحدات السكنية الجديدة في الضفة والقطاع 13650 وحدة منها 9980 وحدة دائمة و 3670 وحدة متحركة وتم التخطيط لبناء 10000 وحدة جديدة والاستعداد لبناء 24000 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات القديمة لإسكان حوالي 88 ألف مستوطن جديد .
المطلب الثاني :
الاستيطان واتفاق أوسلو
جاء في إعلان المبادئ الإسرائيلي –الفلسطيني الموقع في 13 أيلول 1993م بشأن الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة والقطاع وضع خطة تعطي إسرائيل بموجبها بعض السلطات الإدارية إلى الفلسطينيين وقد جاء فيه ما يلي :
1. تستمر إسرائيل في مسؤوليتها بصفتها صاحبة السيادة الفعلية ضمن الحدود الواردة في الأعراف الدولية المتعلقة بالاحتلال العسكري في زمن الحرب.
2. تتخلى إسرائيل عن أي حق لها في ضم الأراضي خلال الفترة الانتقالية.
3. لن يدلي الفلسطينيين بتصريحات أحادية الجانب بشأن الاستقلال مثلاً والتي تهدف إلى تغيير وضع المناطق.
ومنذ التوقيع الأولي على الاتفاق تبين أن السيطرة على الأرض والمستوطنات تقع خارج صلاحية السلطة الفلسطينية كما أن المستعمرات الإسرائيلية تتمتع بوضع قانوني وإداري يختلف عن وضع التجمعات الفلسطينية ولإسرائيل وحدها أن توفر الأمن للمستوطنين أما التصرف في أراضي الدولة في الضفة فقد بقي تحت سيطرة إسرائيل .
تحدثت القيادة الفلسطينية بعد أوسلو أن الاتفاقات مع إسرائيل ستقيم دولة عاصمتها القدس وتعيد النازحين واللاجئين وتفكك المستوطنات وتحرر المعتقلين وتمهد لأوضاع اقتصادية لتصبح الضفة الغربية سنغافورة المنطقة لكن وبعد عدة سنوات من أوسلو تم سحب المزيد من الأراضي واتساع الاستيطان حيث أجلت اتفاقات أوسلو موضوع الاستيطان إلى مفاوضات الوضع النهائي ولم تكتف هذه الاتفاقات بالتسليم علناً ببقاء المستوطنات ومناطق الحماية الأمنية المحيطة بها تحت السيادة والسيطرة الإسرائيلية بل خلت من أي تعهد ملزم لإسرائيل بالامتناع عن مصادرة الأراضي أو توسيع المستوطنات خلال المرحلة الانتقالية.
وتحت مظلة السلام ومنذ توقيع اتفاق أوسلو الأول واصلت حكومة إسرائيل سياستها في مصادرة ونهب الأرض الفلسطينية على نحو فاق المعدلات المصادرة قبل مؤتمر مدريد وبعدها إذ أن معدل الارتفاع الشهري في عمليات الاستيطان المباشر وصل إلى 4,6 ضعفاً عما كان عليه قبل انعقاد مؤتمر مدريد , الأمر الذي يفضح ادعاءات مفاوضي أوسلو بأنهم يسعون إلى حماية الأرض والدفاع عنها.
وكان هذا الاتفاق قد أعطى إسرائيل المسؤولية الكاملة وحرية التصرف بنحو 40% من مساحة قطاع غزة و 70 % من أراضي الضفة فبدلاً من أن تشكل هذه الاتفاقات مدخلاً لوقف الاستيطان شكلت تغطية لإسرائيل لاستباق نتائج مفاوضات الوضع النهائي وباتت تحمي إسرائيل من التعرض لأي ضغوط أو ردود فعل دولية ضد ممارستها الاستيطانية .
ويتعاظم الضرر الواقع على الشعب الفلسطيني وأرضه لما توليه إسرائيل من سعي دائم للسيطرة على مصادر المياه والاستيلاء على الحصة الأكبر من الموارد المائية في الضفة والقطاع (تستولي على 4/5 كمية المياه الجوفية ) إضافة إلى الاستيلاء الكامل على الحقوق الفلسطينية من مياه حوض الأردن وعلى نحو 30% من المياه الجوفية في القطاع وانتزعت لنفسها الحق بعد اتفاق (أوسلو1) في تحديد سقف كمية المياه المستخرجة من الآبار حتى في المنطقة الخاضعة لسلطة الحكم الذاتي أو ما يسمى بمنطقة (أ) في الضفة الغربية مما يلحق ضرراً بالغاً بمصالح المزارعين وجميع المواطنين الذين يتأثرون من شح المياه المتوفرة للاستهلاك العادي .
لم يتراجع المشروع الصهيوني عن أهدافه وخطوطه الأساسية في ( تهويد كل أرض ) غير أنه جرى العمل على كسب عامل الوقت بغية خلق (واقع جديد) و (حقائق منتهية) بعد أن تبين أنه ليس من السهل القيام بهضم سريع للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م.
وطوال الأعوام المنصرمة كانت مهمة النشاط الاستيطاني خلق الوقائع الجديدة التي لا تراجع عنها حتى ولو تحت يافطة السلام الذي يحلو للصهاينة الحديث عنه كثيراً وفق شرط أساسي قوامه : المحافظة على الواقع الراهن بما يعنيه من وجود جزر معزولة للتجمعات الفلسطينية لا يمكن لها أن تشكل وحدة جغرافية متكاملة يقوم عليها الكيان الفلسطيني حتى بات أفضل وصف للواقع القانوني والإداري للأراضي المحتلة عام 1967م أنها مراكز فلسطينية للسكن في أرض "إسرائيل" ويسمح للفلسطينيين بمقدار محدد من السيطرة على الأرض التي يملكونها فعلاً وهم مقيدون ومحصورون في هذه المناطق أما ما تبقى من الأراضي فهو إما مستوطن وإما أنه مخصص للاستيطان في المستقبل القريب من جانب أصحاب الأرض الوحيدين المعترف بهم (إسرائيلياً).
ويخضع المستوطنون لأحكام المحاكم الإسرائيلية فلا السلطة الفلسطينية ولا المجلس الفلسطيني المنتخب الذي سيحل محلها يملكان أية سلطات تشريعية حيال المستعمرات أو الإسرائيليين .
تعطي مسيرة أوسلو إسرائيل القدرة على التحكم بمسار ونتائج المفاوضات الوضع الدائم بما يضمن مصالحها وطموحاتها التوسعية التي تصل إلى حد الاحتفاظ بالضفة الفلسطينية بكاملها كما أن أوسلو يكرس الحكم الذاتي الهزيل حلا نهائياً للقضية الفلسطينية.
ومن الجدير بالذكر أن اتفاق أوسلو هو تنفيذ حرفي لدراسة أعدها رئيس شعبة الاستخبارات "شلومو غازيت" في معهد جافي للدراسات الإستراتيجية.
ولقد فاخر رابين بأن حزب العمل عندما وقع اتفاقه مع الفلسطينيين قام بتثبيت المستوطنات بينما قام حزب الليكود بتفكيك المستوطنات خصوصاً مستوطنة باميت عندما وقع اتفاقه مع مصر.
المطلب الثالث:
الاستيطان واتفاق طابا "أوسلو2"
"أوسلو2" هو الاتفاق الإسرائيلي الفلسطيني المؤقت بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة أو ما عرف باتفاق طابا نسبة إلى الموقع المصري الذي تمت فيه المفاوضات وقد وضع الخطوط العريضة للمرحلة التي تلي إعادة الانتشار في الضفة الغربية وتم ذلك عام 1995م.
لقد حول اتفاق "أوسلو2" جيش الاحتلال إلى"جيش ضيف" يعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة ليس فقط بفضل انتصار عسكري بل بتفويض من الفلسطينيين أنفسهم وهذا الأمر يمثل إنجازاً كبيراً لحزب العمل الإسرائيلي الذي كان يسعى دائماً لإيجاد شركاء فلسطينيين بينما هو يضمن السيطرة العسكرية للجيش الإسرائيلي ويتابع المخططات الاستيطانية.
قسم هذا الاتفاق الضفة الغربية باستثناء القدس الشرقية إلى ثلاث مناطق يوجد في كل منها خليط من المسؤوليات الإسرائيلية والفلسطينية على الشكل التالي:
المنطقة(أ) : تضم سبع مدن رئيسية هي :جنين ,قليقلة ,طولكرم ,نابلس ,رام الله ,بيت لحم ,الخليل لكن يبقى الخليل رقعة مساحتها 3,5كم2 يقطنها 400 يهودي و20 ألف فلسطيني تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة بينما يتمتع المجلس الفلسطيني في المنطقة المذكورة بكامل السلطات في مجال الأمن المدني .
المنطقة(ب) : تشمل سائر مراكز السكن الفلسطينية باستثناء بعض مخيمات اللاجئين مساحتها 27% من أراضي الضفة الغربية تحتفظ إسرائيل في هذه المنطقة بالمسؤولية الأمنية العليا.
المنطقة(ج) : تشكل 72%من الضفة بما فيها المستعمرات والقواعد العسكرية وأراضي الدولة (يقع بعضها على أراضي فلسطينية خاصة) تحتفظ إسرائيل حصراً بالسلطة الأمنية ويتم تحويل السلطات التي لا تتعلق بالأرض إلى المجلس الفلسطيني.
ويضم الاتفاق جدولاً زمنياً لتحويل أجزاء غير محددة من المنطقة (ج) إلى السيطرة الفلسطينية في أواخر سنة1996م.
وتضم إجراءات الحماية في أوسلو 2 ما يلي:
1. عدم إخلاء أية مستعمرة خلال فترة الأعوام الخمسة الانتقالية .
2. استثناء المستوطنات والمستوطنين والموارد المائية والشرايين الحيوية (طرق رئيسية وأنابيب مياه وخطوط الكهرباء والهاتف) من أية ولاية أو تدخل أو سيطرة فلسطينية.
3. تكوين كتل من المستعمرات مع تأمين التواصل الإقليمي فيما بينها .
4. ترتيبات واسعة النطاق ومعقدة للتعاون الأمني بين القوات العسكرية والشرطة وقوات الأمن الداخلي الإسرائيلي والفلسطيني.
5. فرض القيود على حجم قوات الأمن الفلسطينية وعلى تسليحها وولايتها.
6. استمرار الإشراف الإسرائيلي على استخدام جميع الأراضي وتسجيلها.
7. فرض قيود على استخدام الأرض من قبل الفلسطينيين في المناطق المجاورة للمستعمرات واستمرار السيطرة الإسرائيلية على القرارات الفلسطينية المتعلقة بفرز الأرض واستخدامها .
يؤكد أوسلو 2 المبدأ الذي كرسه اتفاق القاهرة من أن المستوطنين والإسرائيليين المقيمين في مناطق الحكم الذاتي لن يكونوا في أية حال خاضعين للسلطة الفلسطينية حتى في الأمور الجنائية وبهذا فإن التشريع الفلسطيني لا يمكن له أن "يعالج أمرا أمنياً يقع ضمن مسؤولية إسرائيل " ولا أن يهدد جدياً أي مصالح إسرائيلية أخرى يحميها هذا الاتفاق وقد قال رابين : (إن الملحق القانوني يشترط أن السلطة الفلسطينية لن تملك أية سلطات حيال المواطنين الإسرائيليين والمستوطنات الإسرائيلية والمنشآت العسكرية وهذا يعني أن الشرطة الفلسطينية لن تتمكن من توقيف الإسرائيليين ومحاكمتهم في محاكمها فإسرائيل وحدها تملك هذه السلطة كما كان الأمر سابقا أما الفلسطينيون الذين يلحقون الأذى بالإسرائيليين أو يحاولون ذلك في المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية يتم القبض عليهم واستجوابهم من جانب إسرائيل).
وقد حدد رئيس الحكومة الإسرائيلية أنه (حتى لو ارتكب إسرائيلي جريمة في المنطقة الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية –في شارع غزة مثلاً- فمن واجب السلطة الفلسطينية أن توقف المشتبه فيه وتستدعي السلطة الإسرائيلية التي لها وحدها الصلاحية بإلقاء القبض عليه وإيداعه السجن).
لقد ضمن أوسلو 2 اعترافاً من جانب المجلس الفلسطيني المنتخب بحقوق الإسرائيليين المتعلقة بأراضي الدولة وأراضي الغائبين وكرس استمرار السيطرة الإسرائيلية على جميع أراضي الدولة حتى في المنطقتين (أ) و (ب) وهذا تنازل حيوي للغاية من جانب الفلسطينيين وكانت إسرائيل قد أعلنت قبل الاتفاق أن 50 إلى 75% من أراضي الضفة هي أراضي دولة.
وبعد توقيع أوسلو 2 بقليل أوضح اللواء عوزي دايان وهو رئيس شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي وأحد المفاوضين في هذا الاتفاق أن العناصر المتعلقة بالأمن استرشدت بثلاثة اعتبارات:
1. موقع الضفة في المفهوم الأمني والاستراتيجي الشامل لإسرائيل.
2. حماية المستعمرات وحياتها العادية .
3. منع هجمات الفلسطينيين المسلحة على مراكز السكن الإسرائيلية .
لقد كان اتفاق طابا غريباً و فريداً في نوعه بين اتفاقات فك الارتباط فقد جرت العادة أن يكون حلول الجيش محل آخر ونقل السلطة المفصل في مثل هذه الاتفاقات واضحة وكاملة ولا يعتريها أي غموض لكن إذا استعرضنا اتفاق إوسلو 2 يظهر لنا أن الاحتلال لم ينته وصلاحيات إسرائيل الواسعة كجيش احتلال لم تتغير ومنظمة التحرير الفلسطينية لن تتولى سلطة ذات سيادة في الحقيقة فالحكم العسكري لم يُلغ وإسرائيل بإقرار من ياسر عرفات تبقى صاحبة السيادة الفعلية في المناطق التي تديرها السلطة الفلسطينية بموجب عقد مع إسرائيل.
ولقد حاولت إسرائيل جاهدة منع ياسر عرفات إعلان قيام الدولة الفلسطينية في شهر آب العام الماضي وإن ما يجري في فلسطين اليوم من إعادة احتلال لأراضي الحكم الذاتي وقصف مقر القيادة الفلسطينية وتدمير البنية التحتية لأجهزة السلطة الفلسطينية أكبر دليل على أن إسرائيل ضربت عرض الحائط بكل الاتفاقات التي وقعتها مع السلطة الفلسطينية .


الفصل الثاني
المستعمرات الإسرائيلية في الضفة والقطاع من الجانب العقائدي
إن أهمية الاستيطان بالنسبة للفكر والإيديولوجية الصهيونية هي الوسيلة والهدف لتحقيق الصهيونية السياسية فنمو الاستيطان وما رافقه من تزايد في أعداد المهاجرين كان من أهم الوسائل العلمية لتحقيق الهدف الصهيوني كما أن هذا الاستيطان كان على رأس الأهداف التي وضعتها الصهيونية لتحويل الحلم الصهيوني إلى واقع مادي في المنطقة العربية .
أما بالنسبة للكيان الإسرائيلي فقد كانت المستوطنات بمثابة النواة التي ينمو حولها الجسد السياسي لهذا الكيان ,فكلما اتسعت مساحة الاستيطان كلما قويت القاعدة الديموغرافية للكيان القومي اليهودي في فلسطين وتدعمت أركانه ,كما أن الاستيطان العامل الحاسم في النهاية لتقرير حدود هذا الكيان وتقرير مصيره .
وقد مر هذا المجتمع الاستيطاني خلال إنشائه بعدة مراحل متناسقة كل مرحلة تساعد في وضع القاعدة الأساسية وتهيئة الظروف للمرحلة التالية:
_ المرحلة الأولى : نزعات ومحاولات الاستيطان ( الفكرة الصهيونية ) .
_ المرحلة الثانية : هجرة وأرض ( استيطان ) .
_ المرحلة الثالثة : دولة .
_ المرحلة الرابعة : توسع .


المبحث الأول : الاتجاهات الفكرية الداعية للاستيطان في الضفة والقطاع
إن أبرز الحجج التي كانت ولا تزال تبرر الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الضفة والقطاع وإنشاء المستعمرات عليها تتمثل أولاً بتحقيق الأمن لدولة إسرائيل التي ترددت في أوساط حزب العمل ولاسيما في بداية الاحتلال وتقوم ثانياً على فكرة تحرير الأرض اليهودية وفقاً لتعاليم دينية توراتية والتي تجد مناصرين كثيرين لها في صفوف الأحزاب اليمينية ويقف الرأي العام الإسرائيلي موقفاً متأرجحاً بين الحجتين بالإضافة إلى وجود أصوات وتيارات قليلة داخل المجتمع الإسرائيلي تدعو إلى الانسحاب من الضفة والقطاع.
المطلب الأول : اتجاه يغلّب الاعتبارات الأمنية
يتسم هذا الاتجاه بسيطرة الاعتبارات الأمنية حيال مسألة الاستيطان على فكر واعتبارات النخبة السياسية الممثلة له وقد برز هذا الاتجاه عقب حرب 1967م وتبلور فيما بعد على يد قيادات حزب العمل المختلفة باستخدام الأراضي وعمليات الاستيطان للمساومة من أجل الضغط على الحكومات العربية لقبول التفاوض مع إسرائيل ثم تدرج هذا المفهوم إلى النظرة الأمنية التي تقول بأن بعض المناطق لا يمكن التنازل عنها وبخاصة القدس والجولان وقطاع غزة .
وقد أجمعت القيادات الإسرائيلية على أهمية الاستيطان ومحاولة ربطها بنظرية الأمن القومي الإسرائيلي التي بدأت تأخذ أبعاداً جديدة بعد حرب 1967م وأصبحت تدور حول ضرورة توافر حقائق جغرافية تضمن الأمن الإسرائيلي وضرورة بناء الحدود الآمنة المستندة إلى نظام من المستوطنات الحدودية .
ومن أهم الاتجاهات في الفكر الاستيطاني خلال هذه الفترة :
1. الأرض والاستيطان كورقة مساومة : كان كثير من الزعماء الإسرائيليين يرون بأن الاستمرار في بناء المستوطنات سيقوي الموقف الإسرائيلي التفاوضي وسيزود إسرائيل بورقة مهمة للغاية في أية مساومات مقبلة للوصول إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية ولذلك حاول قسم كبير من الزعماء الإسرائيليين ربط مصير المستوطنات والمناطق المحتلة بالتوصل إلى اتفاق سلام وأهم من عبر عن هذا الموقف بن غوريون حيث يقول : (إن إسرائيل على استعداد للتخلي عن كافة مكاسبها عدا القدس وغزة إذا كان من الممكن الوصول إلى توقيع اتفاق سلام ).ويرى دايفيد هاكوهين رئيس لجنة الأمن والخارجية في الكنيست بأن السلام هو الأهم مع العرب وأن المفاوضات معهم تستلزم التنازل عن بعض المناطق المحتلة للوصول إلى سلام دائم .
2. ارتباط الاستيطان بالحدود الآمنة : لقد أدى الانتصار الإسرائيلي في عام 1967م إلى تغيرات كبيرة في الإستراتيجية الإسرائيلية وغدت مسألة الحدود الآمنة تشكل أهم المتغيرات في نظرية الأمن الإسرائيلي ,وقد حاول كثير من الزعماء والمفكرين الإسرائيليين الربط بين مفهوم الحدود الآمنة وسياسة الاستيطان الإسرائيلي على أساس أن حدود 1967 تعد حدوداً مثالية بالنسبة لإسرائيل ,وقد تدعمت هذه النظرة بعد دخول عدد كبير من العسكريين إلى القيادة الإسرائيلية بعد الحرب ,وتزايدت قدرتهم على التدخل في رسم السياسة الإسرائيلية إزاء المناطق المحتلة ومن أبرز أولئك الذين كان لهم دور خلال هذه المرحلة موشي دايان وآلون.
وتعرف غولدا مائير الحدود الآمنة التي تسعى إسرائيل لتحقيقها بأنها تلك الحدود التي تحقق خاصتين :
*الحدود التي تجعل العرب يفكرون قبل الهجوم مرة أخرى علينا وتجعل الهجوم مخاطرة.
*أن تساعد هذه الحدود على تحقيق النصر بأقل عدد ممكن من القتلى .
ويحاول شارون التوسع في تفسيره لنظرية الأمن الإسرائيلي من خلال الربط بين هذا الأمن وضرورة الاحتفاظ بالضفة الغربية بالكامل ويعبر عن هذا بقوله : (يجب أن يكون أمن إسرائيل هو العنصر الأساسي في الموقف الإسرائيلي حيال المناطق المحتلة وأن أمن إسرائيل يفرض عدم التخلي عن الضفة الغربية).
أما عن أهمية المستعمرات لدعم الحدود فيرى أن هناك فترة حرجة قبل تهيئة الاحتياط لمواجهة أية حرب مفاجئة فتقوم المستعمرات بمهمة حماية الحدود لذا فإن تنظيم المستعمرات يجب أن يكون مندمجاً في الدفاع الإقليمي العام .
ويتفق حاييم بارليف مع شارون بضرورة دمج الاستيطان المدني بالنظام الدفاعي العسكري ويؤيد إقامة المستعمرات على طول الحدود.
لكن وعلى الرغم من أن الاعتبارات الأمنية هي الأكثر شيوعاً لدى الأوساط الإسرائيلية إلا أن الحكومة الإسرائيلية ناقشت دور مستعمرة إيلون مورييه في تحقيق الأمن الإسرائيلي أثناء القتال بين العرب وإسرائيل وقد وقع خلاف حول هذا الأمر وتسلمت محكمة العدل العليا التي نظرت في الاستئناف المقدم بشأن هذه القضية من محامي المستأنفين بتصاريح مدعمة بأقوال العسكريين الإسرائيليين الذين رأوا أن استيطان المدنيين في الضفة الغربية يقوض الأمن ولن يكون ذا قيمة إذا نشبت الحرب .
وعبر اللفتانت جنرال احتياط حاييم بارليف عن تقويمه وهو أن (إيلون موريه لا تساهم في أمن إسرائيل ولا في الحرب ضد أي نشاط إرهابي في زمن الهدوء أو في حال نشوب حرب على الجبهة الشرقية عندئذ سترابط القوات المسلحة في الجيش في مكانها لحماية المستعمرة المدنية بدلاً من الاشتراك في الحرب ضد قوات العدو).
وقال موشي آرينس الذي كان يرأس وقتها لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست : (إن من المضحك إن نظن أن بإمكان مستعمرة مدنية القيام بدور عسكري وأن تجربة حرب يوم الغفران في مرتفعات الجولان تؤكد هذا الاستنتاج فجميع المستعمرات قد أخليت في جميع المواقع مما شكل عبئاً غير ضروري على قوات الأمن حين كانت تجابه مهمة صعبة وهي منع تغلغل العدو).
وأضاف أيضاً موشي آرينس أن الاحتفاظ بشريط ضيق من الأرض(كالضفة الغربية) ضمانة واهية للحماية من الهجوم ومن المؤكد أنه يمكن الحصول على ضمانة أقوى في حال التوصل إلى اتفاق سلام شامل فهذا ضمانة أفضل لأمن إسرائيل .
لكن من الواضح أن المشاكل اللوجستية لم تكن الاعتبار الرئيسي لدى أولئك الذين يبررون الاحتفاظ بالضفة الغربية لمنافع أمنية فمعظم الإسرائيليين يرون في مجرد إقامة دولة فلسطينية جوارهم –ولو كانت منزوعة السلاح- تهديداً حقيقياً .
ويقول مرحاف في مقاله في صحيفة جورزاليم بوست (لقد أخذت الأعوام الأخيرة من الاحتلال تحوّل المستوطنين إلى استعماريين ,لقد أخضعنا أمة أخرى وأخذنا نستخدمها مورداً رخيصاً للعمال وسوقاً لسلعنا ... ثم جاء رئيس الحكومة بيغن وعقد السلام مع مصر لكن السلام الذي يبحث عنه تكشّف عن حياة لحكم الفلسطينيين بصورة دائمة وتقطيع أوصال أرضهم وتحويلها بشبكات الطرق والمستوطنات إلى عشرات من المناطق المغلقة وذلك لكي لا تتصل مرة أخرى وتؤلف منطقة متماسكة تصلح للوجود الذاتي إن لم نقل الوجود المستقل.(


المطلب الثاني : اتجاه يستند لأسباب دينية وتاريخية
إن معظم مناصري هذا الاتجاه الديني التوراتي ينتمون إلى الحركات الدينية المتطرفة أبرزها على الإطلاق حركة غوش أيمونيم (كتلة المؤمنين) التي تأسست رسمياً في شباط 1974م ولعبت دوراً رئيسياً في تأسيس المستوطنات اليهودية في الضفة.
وحركة بني عكيفا المتشربة بالأفكار التوسعية الإقليمية الصهيونية عن طريق الندوات الدينية والمدارس العالية (اليشيفوت) التي تمولها وزارة التعليم في إسرائيل ,وحزب المفدال المتفرع من حركة غوش أيمونيم(الحزب الديني القومي) وحركة شاس وحركة أغودات يسرائيل وحركة هبوعيل همزراحي.
وكان الحاخام يهودا كوك الذي رأس مركز هراف يشيفا في القدس هو أكثر المتأثرين بحركة غوش إيمونيم وقد اندفع نحو الضفة الغربية فور احتلالها سنة 1967م صرخاً (كل هذه الأراضي هي لنا وتخصنا جميعاً ولا يمكن أن تنقل للآخرين حتى ولو قسم منها ... من الواضح والأكيد أنه لا مناطق عربية أو أراضي عربية هنا إنما أراضي إسرائيلية فقط الإرث الدائم لأسلافنا وإليها جاء الآخرون –العرب- وعليها بنوا دون إذن منا وفي غيابنا).
وبعد سنة 1967 طالب الحاخام كوك بضم الناطق المحتلة طبقاً لشروط (الهالاخاه) الصريحة وقال : (أقول لكم بكل صراحة ...إن هناك حظراً في التوراة للتنازل عن أي جزء من أرضنا المحررة ,لا فتوح هنا ,نحن لا نحتل أرضاً أجنبية, إننا نعود إلى بيتنا , إلى إرث أسلافنا ,لا أرض عربية هنا , هنا فقط إرث من إلهنا وبتزايد اعتياد العالم على هذا التفكير يكون أفضل له ولنا جميعاً ).
ينظر القادة الروحيون لغوش إيمونيم إلى الفلسطينيين كمقيمين مؤقتين أغراب وكسكان قبلوا العيش هنا على مضض وقد نقل عن ناطق بلسان غوش إيمونيم (مئير إيندور من كريات أربع ) أنه قال سنة 1980 : (على العرب أن يعلموا أن هناك سيداً هنا هو الشعب اليهودي ,إنه يحكم أرض إسرائيل , العرب سكان مؤقتين صودف أن سكنوا هذه البلاد وهناك وصايا في التوراة تتعلق بمثل هؤلاء السكان المؤقتين وينبغي لنا أن نتصرف وفقاً لذلك ).
وبحسب قادة غوش إيمونيم الروحيون لا حاجة إلى أخذ السكان العرب بعين الاعتبار لأن إقامتهم للبلاد ممنوعة منذ مئات الأعوام وهي تعتمد على السرقة والتشويه لذلك حان الوقت للصوص العرب أن يرحلوا.
وكما يشرح الحاخام ( شلومو أفنير ( يشبه الأمر رجلاً دخل منزل جاره من دون إذن وسكن فيه طوال سنوات وحين عاد صاحب البيت الأساسي زعم الغازي "العربي" أنه منزله قائلاً : ما زلت أسكن هنا منذ أعوام ,ماذا يهم؟ طوال هذه الأعوام كان لصاً ,الآن يجب عليه أن يرحل وأن يدفع أجرة السكن أيضاً ,يمكن للمرء أن يقول أن هناك فارق بين السكن 30 عاماً والسكن 2000 عام ,لنسأله هل من قانون يحدد للص حقاً في ما ينهبه؟ كل إنسان سكن هنا عرف جيداً أنه كان يسكن في أرض يملكها شعب إسرائيل , لعل العربي الذي سكن هنا لا يعرف ذلك , لكن كون هذا الرجل استوطن أرضاً لا يجعلها ملكاً له ,من الناحية القانونية إثبات فقط على زعم "الملكية" لكنها لا تخلق الملكية , إن حيازة العرب للأرض هي محض "حيازة" لا تؤكد حقاً ...إنها حيازة الأرض إذ أن من الواضح أنهم ليسوا مالكيها القانونيين وليس لمثل هذه الحيازة أي شرعية قانونية أو خلقية.
إن هذه الأفكار الدينية المتطرفة التي كانت هامشية في الماضي أصبحت قريبة من مركز التفكير السياسي في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات ,فعلى سبيل المثال فإن عوفاديا يوسف رئيس حاخامي إسرائيل سابقاً والمرشد الروحي لحزب شاس الديني دعا إلى وجوب إحراق العهد الجديد لأن المسيحية شكل من أشكال الوثنية.
ونشر الحاخام بار إيلان في شباط 1980 مقالة عنوانها ( وصية الإبادة في التوراة) جاء فيها (إن اليوم غير بعيد حين كلنا إلى هذه الحرب المقدسة التي هي وصية القضاء على العمالقة أي الفلسطينيين حسب التعبير التوراتي).
ويستشهد هس بالوصية التوراتية التي يعتقد بأن إسرائيل يجب أن تعمل بموجبها (فالآن اذهب واضرب عماليق وحرموا كل ما له ولا تعفُ عنهم بل اقتل رجلاً وامرأة ,طفلاً ورضيعاً,بقراً وغنماً,جملاً وحماراً...).
وما يقترفه اليوم أرييل شارون كرئيس وزراء من جرائم متنوعة ولاسيما جرائم ضد الإنسانية في فلسطين المحتلة أمام سمع وبصر العالم أجمع دون أن يحرك ساكناً خصوصاً في الولايات المتحدة وذلك بسبب الدعاية القوية للوبي الصهيوني الذي يسيطر على أكبر شركات الإعلام مما يؤثر على الرأي العام الأمريكي المقتنع بغالبية أن ما يحدث الآن في فلسطين هو مشيئة إلهية كما جاء في تعاليم العهد القديم في حين أن نفس هذا الرأي العام الأمريكي قام بمظاهرات كثيرة تدعو إلى خروج الولايات المتحدة من فيتنام .


المبحث الثاني: أبعاد الاستيطان
إن إشادة إي مستعمرة لا يقتصر على مجرد عمليات بنائها وتزويدها بكل مقومات العيش بل إن أبعاد إنشاء المستعمرات يتعدى إلى نواح ٍ نفسية وإيديولوجية وديموغرافية وعسكرية واقتصادية وسياسية تنعكس بشكل خطير على المجتمع العربي على المدى الطويل , وتلك الأبعاد تؤخذ بعين الاعتبار منذ أن تكون المستعمرة مجرد فكرة مقترحة للتطبيق.
المطلب الأول: البعدان النفسي و العسكري
لم تستطع النخبة الإسرائيلية تقبل وجود الأقلية العربية في الدولة اليهودية إلا بصعوبة كبيرة ورغبت بعدم رؤية عربي واحد في أراضي 1948م.


أولاً : البعد النفسي:
يلعب بناء المستعمرات دوراً كبيراً في الحياة النفسية لكل من المستوطن الدخيل والمالك الأساسي للأرض:
1. تشكل المستعمرات في المناطق المحتلة بالنسبة إلى اليهودي وخاصة المهاجر حديثاً "الغيتو الجديد" الذي يوفر له الحماية والرعاية كما يحاول الإبقاء على حالة الاستنفار لديه وتأجيج الحقد في نفسه ضد الآخرين مما يضمن استمرار تماسكه مع غيره من اليهود والولاء لدولته .
2. إشعار الفلسطيني بأنه غير قادر على اجتياز المستعمرات باعتبارها قلاعا حصينة مسلحة وأداة قمع وتهديد جاهزة ضده, الأمر الذي سيؤدي إلى إرهابه وخلق شعور دائم بالخوف والقلق لديه .
3. محاولة جعل الفلسطيني مجبراً على قبول الواقع السكاني الجديد والعيش جوار المستعمرات عيشة ذل ومهانة إلى أن تتمكن السلطات الإسرائيلية من طرده وإبعاده.
4. إن إقامة المستعمرات في المواقع المرتفعة والمسيطرة داخل المناطق المحتلة تحمل بعداً نفسياً يتمثل في زرع الاطمئنان والمنعة لدى المستوطن اليهودي كما أن عملية السيطرة على أراض واسعة تعطي المستوطن نوعاً من الإحساس بالأمن والطموح , بالمقابل إن وجود اليهود سيخلق نوعاً من اليأس والقنوط لدى العرب وبالتالي الشعور بعدم الارتياح في العيش في المناطق القريبة من تلك المستعمرات .
5. تراعى العوامل النفسية بصورة كبيرة لدى المستوطنين أو المراد توطينهم في المناطق المحتلة قبل البدء في عملية إنشاء الأساس المادي للمستعمرة وذلك بهدف خلق حالة من الولاء والارتباط العضوي بين المستوطن و المستعمرة ومن هذه الاعتبارات:
1. مشاركة المستوطن منذ البداية في عملية تخطيط المستعمرة وإقامة النقاط الاستيطانية لتبدو العملية كأنها بدأت من الصفر من خلال جهوده ومعاناته اليومية لما يكسب المستوطنين صفة الرواد الذين يشقون الطريق لغيرهم للاستيطان.
2. منح المستوطن شعوراً بالاستقلالية والارتباط بالأرض من خلال منحه بيتاً وقطعة أرض خاصتين به مما يزيد من تشبثه بالمستعمرة ويعطيه الحافز للدفاع عن نفسه وممتلكاته.
ج. العمل على إيجاد أكبر قدر من الانسجام بين أهالي المتوطنة من أجل سرعة
دمجهم وتأقلمهم مع البيئة الجديدة .
د. اختيار اسم ملائم للمستعمرة قادر على إثارة نوع من العاطفة لدى المستوطن
مثل اسم له علاقة بحادثة تاريخية تهمه او مقتل جندي أو ارتباط ديني أو أي
شئ آخر يربط المستوطن بالموقع.
ثانياً: البعد العسكري :
في عام 1970 شرح إيغال آلون طبيعة الاستيطان وأهدافه العسكرية بقوله إن استيطانا تدعمه قواعد ومراكز عسكرية ... يشكل رداً على مقتضيات الأمن لدولة العدو) فمشاريع ومحاولات الاستيطان الصهيونية إحدى المكونات والركائز الأساسية لسياسة خلق الحقائق ومخططات الضم والإلحاق التي حاولت سلطات الاحتلال تنفيذها في هذه المناطق وعلى هذا الأساس كانت خطط الاستيطان في عهود المعراخ المتعاقبة منذ الخامس من حزيران عام 1967م تتمشى بشكل عام مع المخططات التوسعية وتحاول رسم ما يسمى بالحدود الآمنة التي أصبحت بعد الهزيمة العربية إحدى مكونات الأمن الإسرائيلي .
وقد صرح اسحاق رابين في أواخر الستينات (إن المستوطنات التي أقيمت خارج الخط الأخضر توسع الحدود وتعزز أمن إسرائيل وتدعم مطالبنا بالسلام والحدود القابلة للدفاع).
وانطلاقاً من هذه المبادئ يصبح استغلال أراضي الضفة الغربية إلى أقصى حد ممكن هو الدرع الواقية من الضربات الموجهة إلى داخل إسرائيل وذلك بنقل الحرب من الأراضي التي احتلتها عام 1948 إلى أراض عربية أخرى , لهذا فإن الهدف الأساسي من إقامة المستوطنات الحدودية هي الناحية العسكرية والتي تمثل ميزة المستعمرة التي تم تحديدها بموجب الموازين الأمنية والعسكرية فمن خلال هذه الإستراتيجية الأمنية تخطط دولة العدو وتعمل جاهدة على استكمال مفهوم (صندوق الحصن) فهي تزرع المستعمرات على طول نهر الأردن وسيناء وهضبة الجولان بحيث تصبح هذه المستوطنات حصوناً طبيعية ومراكز عسكرية "هجومية-دفاعية" حسبما يقتضي الموقف و وهذه المستعمرات وفق الرؤية الصهيونية ستغنيها عن الاحتفاظ بقوات عسكرية ضاربة على الحدود وبذلك تستطيع أن توفر القوة البشرية العاملة والمختصة من أجل تشغيلها في التنمية الاقتصادية بدلا من تجميدها على الحدود.
كما ان الدولة الصهيونية بدأت تدرك أن حياتها مهددة بالخطر خصوصاً بعد حرب تشرين 1973 بدون الشريط الاستيطاني المحيط بالمركز وقد عبر في حينه عن ذلك وزير الزراعة أرئيل شارون بقوله إن الاستيطان هو هدف الصهيونية الأساسي وأنه جزء لا ينفصل عن حياة إسرائيل وإن إسرائيل لا تنوي إيقاف إقامة المستوطنات وأن الخطط لإقامة المزيد من المستوطنات بحاجة إلى موافقة حكومية .(
فالمستعمرات باعتقاد السلطات الصهيونية ستحول دون نجاح عمليات الفدائيين العرب وقد قال الحاخام ميلوبيتش : (إن الاستيطان المكثف في جميع المناطق العربية هو الوسيلة الوحيدة لمنع رجال المنظمات الفلسطينية من القيام بعملياتهم في إسرائيل وبالتالي المحافظة على أمن إسرائيل).
ولكن العمليات الاستشهادية الأخيرة وخصوصاً عملية "مجدو" في يافا وعملية القدس في تاريخ العملية أثبتت وبشكل قاطع فشل نظرية السور الواقي التي اتخذتها إسرائيل حجة لبناء المستوطنات.
فالمستعمرات تُقام لحماية المناطق الداخلية في إسرائيل من أي هجوم خارجي طارئ وتحصن تحصيناً قوياً وتبنى فيها الملاجئ تحت الأرض درءاً للمخاطر وهذه المستعمرات وإن تبدو ظاهرياً وكأنها أماكن سكنية للمهاجرين اليهود فقط هي في الواقع قلاع حصينة أهدافها عسكرية بحتة , والفلاح الصهيوني الذي يقيم في أي مستعمرة جماعية أو تعاونية أو دينية هو كائن عسكري قبل أن يكون فلاحاً والمهاجرين المستوطنين هم الأزواج الشباب القادر على القيام بالمهمات العسكرية والسلطات الإسرائيلية حريصة على عدم إرسال المسنين إلى هذه المستعمرات.
إن تواجد المستعمرة في المنطقة الحيوية غير كاف بل المطلوب أن يكون مكان إقامتها ذا قيمة من الناحية التنفيذية المحلية حسب الدور الذي تلعبه زمن الحرب لذلك يجب أن تقام المستعمرة على نمط حيوي مسيطر كي تؤدي دور الموقع العسكري المتقدم والحصين في الحرب .
المطلب الثاني : الأبعاد السياسية والإيديولوجية والديموغرافية
أولاً: الأبعاد السياسية :
يعد البعد السياسي من أهم الأبعاد في حركة الاستيطان اليهودي في المناطق المحتلة إذ أن الهدف السياسي للاستيطان هو الهدف الأسمى الذي تسعى السلطات الإسرائيلية لتحقيقه ,وبذلك فإن الأبعاد الأخرى التي تحكم عملية الاستيطان تهدف في النهاية لخدمة الهدف السياسي وأهم هذه الأبعاد:
1. تقوية المركز السياسي لإسرائيل من خلال سيطرتها الكاملة على الأرض ذات الأهمية الإستراتيجية في المنطقة وتوسيع الرقعة الجغرافية لإسرائيل من خلال العمل على إضفاء الشرعية على المستعمرات والتمهيد لضم الضفة الغربية باعتبار أن السيطرة على الأرض تمتد لتشمل السيطرة السياسية وبالتالي فإن الاستيطان عامل أساسي في منع قيام دولة فلسطينية .
2. تأكيد ملكية إسرائيل للمناطق المحتلة واستخدام المستعمرات للمزايدة السياسية كما أن المستعمرات ستقدم كورقة ضغط وأداة تأثير ومساومة في أي مباحثات حول مصير المناطق المحتلة حيث يثار موضوع تفكيك المستوطنات مقابل حق العودة للفلسطينيين .
3. محاولة خلق أمر واقع وحقيقة ديموغرافية يصعب تغييرها بقرار سياسي وتبعاً لذلك تبذل الحكومات الإسرائيلية قصارى جهدها لكي تجعل من المستحيل على أي حكومة إسرائيلية قادمة الانسحاب من المستعمرات وقطع الطريق أمام أي محاولة لإعادة هذه المناطق للحكم العربي .
4. تتنافس الأحزاب الإسرائيلية على إنشاء المزيد من المستعمرات في المناطق المحتلة لدعم موقفها لدى الجمهور الإسرائيلي المؤيد لبناء المستعمرات والاحتفاظ بها .
ثانياً :البعد الإيديولوجي :
ترتبط عملية الاستيطان في الأراضي المحتلة بمجموعة من الاعتبارات الإيديولوجية الدينية أو الصهيونية وهي:
1. الادعاء الإسرائيلي بخاصة من الأحزاب اليمينية والدينية بأن لإسرائيل حقوقاً تاريخية في الضفة الغربية (يهودا والسامرة) التي تمثل مركز الدولة اليهودية القديمة ) دولة داود وسليمان) وبناء على ذلك حاولت إسرائيل إحياء المواقع والأماكن الأثرية اليهودية التي لها صلة بالفترة الزمنية التي عاشها اليهود في فلسطين, واليهود بإنشائهم هذه المستعمرات يشيرون إلى أحد المفاهيم التاريخية القديمة وهي إحياء الدولة القديمة وليس إنشاء دولة جديدة وأن هذه المناطق أرض محررة ولهم حق الاستيطان فيها.
2. إن الاستيطان يرتبط بالأسس الدينية التي تعود إلى مفهوم أرض إسرائيل , إن حرب 1967 والاستيطان الذي تلاها عبارة عن وفاء للوعد الإلهي بالعودة إلى أرض إسرائيل الحدود التوراتية إذ جاء في الكتب اليهودية بأن الرب قال لإبراهيم: (أنا سأعطيك وذريتك من بعدك أرض إقامتك أرض كنعان للاستملاك إلى الأبد وسأكون ربهم.(
3. ارتباط فكرة الاستيطان بالفكر الصهيوني الحديث وما يقدمه من معتقدات للارتباط بالأرض وأن الاستيطان واجب وحق لليهود لإحياء الشعب اليهودي وربطه بأرضه.
ثالثاً: البعد الديموغرافي:
تهدف عمليات الاستيطان لإنجاز مجموعة من التغيرات الديموغرافية في المناطق المحتلة وأهما :
1. زرع أكبر عدد ممكن من الكثافة اليهودية في الأراضي العربية سواء عن طريق نقل مجموعات من سكان إسرائيل (أراضي 1948) أو التخطيط لجلب عشرات الآلاف من المهاجرين لتوطينهم في المستعمرات لتحقيق الانغراس اليهودي في المناطق التي لا يوجد فيها اليهود بكثرة بقصد إعادة التوزيع الديموغرافي وخلق أغلبية يهودية راجحة فيها.
2. تهدف المستعمرات إلى تحقيق مجتمعات يهودية متكاملة في المناطق المحتلة لا عناصر مشتركة بينه وبين السكان العرب فالمدارس والحوانيت واللغة والبرامج الترفيهية وغيرها جميعها يهودية كما أن هذه المجتمعات على صلة مستمرة بالكيان الإسرائيلي وتمثل امتداداً له تهدف في النهاية إلى خلق أمر واقع سكاني يصنع حدود إسرائيل المستقبلية حيث أثبت التاريخ في السنوات الماضية أنه لم يتخل اليهود عن مستعمراتهم طواعية ولديهم إحساس بأن وجودهم في هذه المناطق هو الذي يصنع حدود إسرائيل .
3. تحويل العرب إلى أقلية معزولة محاصرة بالمستوطنين و المستوطنات وبالمرافق الحديثة التي لا تخصهم كالطرق وشبكات الكهرباء .. إلخ, إضافة إلى مصادرة الأراضي العربية لمنع أي توسع عمراني عربي مما يؤدي إلى تهديد الوضع العربي في المناطق المحتلة ومنع الفلسطينيين من إقامة دولة ذات أغلبية عربية .
4. بناء شبكة من المستعمرات على الحدود الفاصلة بين الأراضي المحتلة عام 1967 وحدود الكيان الإسرائيلي عام 1948, وذلك لتفصل بين الاحتلالين وتمنع الاتصال بينهما خشية حصول تقارب بين عرب 1948 وعرب 1967 الأمر الذي يؤجج الروح الوطنية بين الطرفين بعدما اعتقدت إسرائيل خاطئة أنها انتهت من دمج عرب 1948 ضمن سكانها .
5. استهداف الشخصية الوطنية للعرب في المناطق المحتلة من خلال سيطرة المستعمرات على أرضهم وطردهم بمختلف الوسائل وكذلك تصفية الشخصية الوطنية التاريخية للأرض العربية من خلال طمس المعالم العربية فيها وهدم القرى العربية وإقامة المستعمرات كي لا يبقى في المستقبل ما يثبت عروبة فلسطين ولذا غيرت إسرائيل أسماء القرى والمعالم العربية ووضعت بدلا منها أسماء عبرية بقصد تغيير خريطة فلسطين بالكامل.

المطلب الثالث :البعد الاقتصادي
لا توجد علاقة اقتصادية بين المستوطنات والقرى العربية المحيطة بها ولا تعتمد عليها في سد حاجتها الرئيسية فالمستوطنات بأسلاك شائكة ولا بد من التفتيش قبل الدخول إليها.
1. الاستيطان الزراعي :
إن الركيزة الأساسية في الاستيطان الإسرائيلي هي الزراعة نظراً لتأثير العمل الزراعي سيكولوجياً على المستوطن اليهودي من حيث ربطه بالأرض .
إن بناء المستعمرات الزراعية يعود إلى ما قبل وعد بلفور عام 1917 القاضي بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ,وقد بنيت المستعمرات منذ ذلك الوقت على غرار حصون الحدود الأمريكية التي كانت هي الأخرى بمثابة مراكز أمامية لغزو أمريكا وانتزاع الأرض من أصحابها الأصليين بعد إبادتهم أو تهجيرهم , والبعض يقول : إن التجربة الأولى لإقامة مزرعة جماعية كانت المزرعة التدريبية في قرية الشجرة عام 1908 وبذلك يكون قد ارتبط إقامة المستعمرات الزراعية (الكيبوتس) بالعمل اليدوي وجاء في مقررات المؤتمر الصهيوني الأول (العمل على استعمار فلسطين بواسطة العمال الزراعيين والصناعيين وفق أسس مناسبة )وقد قدس زعماء الحركة الصهيونية الأوائل منذ بدء الدعوة العمل اليدوي والغاية المنوطة بهذا التقديس والتمجيد هي نجاح دعايتهم بين المهاجرين لربطهم بالأرض وعبر بن غوريون عن أهمية ارتباط المهاجر اليهودي بالأرض عن طريق العمل اليدوي عندما قال إن عرق الجبين هو الذي يصنع الوطن القومي ,وبعملنا وكدحنا سوف نحصل على وطننا القومي إن إسرائيل تصبح ملكاًً لنا عندما يكون عمالها وحراسها من صفوفنا).
ويبدو أن هذا القول يحمل في طياته الأبعاد الاقتصادية والسياسية والعسكرية وقد بقيت سياسة الصهاينة الجدد أمينة على الأسس الاستعمارية – الاستيطانية التي وضع أسسها آباء الحركة الصهيونية ويقوم الجهاز العسكري الذي أنيطت به مهمة تشجيع الاستيطان الزراعي بإخضاع عملية الاستيطان الزراعي للأنظمة العسكرية الصارمة .
إن الأراضي العربية التي يقام عليها المستعمرات تشكل عاملاً اقتصاديا مربحاً وخاصة في الزراعة حيث تعتبر الأراضي العربية عامة وأراضي الضفة الغربية وهضبة الجولان خاصة من أخصب الأراضي ,بالإضافة لأهمية بعض المناطق العربية من الوجهة السياحية التي تستقطب سنوياً آلاف السائحين من مختلف الجنسيات عام 1977 تبين أن (هناك 77 مستوطنة يهودية في الأراضي العربية المحتلة تعمل بالزراعة وبعض الحرف الصناعية الخفيفة).
ووضع المستعمرات في الأراضي العربية يختلف من منطقة لأخرى من الناحية الزراعية باختلاف طبيعة الأرض التي أنشئت عليها المستعمرة , كما وتخضع الزراعة لعوامل طبيعية خارجية كتوفر المياه وخصوبة التربة والمناخ...إلخ.
ومنذ عام 1967 وسلطات الاحتلال تسعى لإلحاق الضفة الغربية بعجلة المصالح الاقتصادية الإسرائيلية لاستيعاب الأيدي العاملة العربية بأرخص الأثمان ويعود ذلك للمجتمع وتركيبه حيث أنه كغيره من المجتمعات المتقدمة يحتاج إلى طبقة عاملة رخيصة تساعد صناعته على إنتاج السلع الرخيصة والدخول في الأسواق التنافسية الدولية.
أما بالنسبة لاستغلال الأراضي العربية عن طريق التوسع والإلحاق من أجل إقامة المستعمرات كان له المردود الاقتصادي الأكبر لدولة إسرائيل عن الصادرات الزراعية إلى أوروبا والتي تأتي بالعملة الصعبة.
2. الاستيطان الصناعي :
إن الصناعات الإسرائيلية في الضفة الغربية تعد مجالً هاما لاستثمار رأس المال الإسرائيلي الخاص وتقوم الحكومة الإسرائيلية بتشجيع المستثمرين على بناء معامل صناعية في الضفة من أجل إيجاد فرص عمل للمستوطنين ولتعزيز السيطرة اليهودية غلى المنطقة من خلال تقديمها مساعدات مالية كبيرة لهم مما يجعل المستثمرين مؤهلين لمنح تبلغ 30% لقروض نسبتها 40% من قيمة الاستثمارات مع فائدة نسبتها0.5% أو 6.1% إذا كانت مربوطة بالدولار.
كما يحق لهم الحصول على بنية تحتية مجانية وعلى تسهيلات ائتمانية قصيرة الأجل ونتيجة لمثل هذه الإغراءات والأرباح الطائلة التي يجنيها المستثمرون فقد تدفق الصناعيون الإسرائيليون وحتى الأجانب إلى الضفة .
وفي خطة شاملة للاستيطان بدأ الحديث عنها في أواخر أيلول 1982 وضعت من قبل قسم الاستيطان في الوكالة اليهودية ودائرة الاستيطان في المنظمة الصهيونية وتدعى خطة الاستيطان الرئيسة وخطة التطوير تضمنت الاهتمام بالاستيطان الصناعي على مراحل قصيرة وبعيدة الأمد حتى سنة 2010 وتتحدث الخطة عن ثلاثة أنواع من المناطق الصناعية في الضفة الغربية :
النوع الأول :عبارة عن مناطق صناعية ملاصقة لتجمعات استيطانية تكون قائمة بصورة كاملة على التكنولوجيا المتطورة وتهدف إلى تقليص تنقل المستوطنين بين المستعمرات وأماكن عملهم ومنع تشغيل العمال العرب.
أما النوعان الآخران من الصناعات يوجدان في مناطق تبعد 15 ميلاً عن التجمعات الاستيطانية الرئيسة وتهدف خطة التصنيع إلى تلبية 20%من مجموع حاجات إسرائيل الصناعية ,وتحظى هذه الصناعات بأقصى قدر ممكن من المساعدات الحكومية المالية إضافة إلى أنه من الممكن للمستثمرين أن يبيعوا ممتلكاتهم القديمة بأرباح عالية ويحصلوا على قطعة أرض مجانية مع بنية تحتية متطورة.
وهناك خطة تدعو إلى إقامة سبع مناطق صناعية جديدة في الضفة بحلول عام 2010 على مساحة 15ألف دونم مما يوجد 83500فرصة عمل للمستوطنين .
3. الشركات الخاصة العاملة في الاستيطان :
هناك عدد من شركات القطاع الخاص الناشطة في الضفة الغربية في مجال تجارة الأراضي وبناء المستعمرات وإقامة المشاريع الصناعية وأبرز هذه الشركات:
• هكيرين لغئولات هكركاع (صندوق افتداء الأرض) : وهي أكبر الشركات العاملة في تجارة الأراضي في الضفة الغربية أسست عام 1981من قبل مجموعة من المستوطنين المتدينين كانوا قد خرجوا من حزب المفدال والتحقوا بحركة غوش إيمونيم ويعتبر القيمون على الصندوق أنها شركة لا تهدف إلى الربح وتعمد هذه الشركة إلى تقسيم الأرض "المشتراة" إلى قطع تبيعها إلى كل من يطلبها (شرط أن يكون يهودياً) وبحسب أقوال المسؤولين عن الشركة يتراوح سعر البيع في الأماكن البعيدة عن خط الهدنة ما بين 2000- 2500 دولار للدونم الواحد ويرتفع السعر في الأماكن التي يكثر عليها الطلب إلى ما يتراوح بين 3000-3500 دولار للدونم الواحد وهم يرون أن مثل هذه الأسعار تغطي الكلفة والنفقات فقط أما نسبة الربح التي يتضمنها السعر في الأماكن ذات الطلب المرتفع تستعمل لتمويل عملية شراء الأراضي في منطقة (شرق السامرة) ذات الطلب المنخفض.
• شركة شخونوت مغوريم يهودا فيشومرون : هي الثانية بين شركات تجارة الأراضي من حيث الحجم.
• شركة جمبو للاستثمارات : تأسست سنة1981 وتولت بناء المستعمرة المدينية "رامات كدرون".
• شركة كوخاف هشومرون :يبلغ رأس مال الشركة 35مليون دولار.
• "إينام" هي شركة أرض إسرائيل للصناعات المتقدمة تأسست عام 1982 للاستثمار في الصناعات الإسرائيلية في الضفة الغربية وغزة والجولان.

المبحث الثالث: استرتيجية الاستيطان :


المقصود بإستراتيجية الاستيطان ,الخطط المرحلية الكبرى الموضوعة باطراد للوصول إلى ما يسمى بحالة الاستيطان , فالأمر يبدأ باستخدام أساليب استيلائية متنوعة وثغرات قانونية للاستيلاء على الأرض العربية ومن ثم التخطيط بكل الوسائل المتاحة لطرد وإبعاد وقتل السكان العرب تمهيداً لإخلاء المكان للمستوطنين اليهود المستقدمين من جميع أنحاء العالم لشغل المستوطنات المخصصة لهم.

فاستراتيجية الاستيطان تقوم على ثلاث مقومات هي الاستيلاء على الأرض والطرد والإبعاد وجذب المهاجرين اليهود.



المطلب الأول : الإستراتيجية حيال أراضي الضفة والقطاع

إن أهم الشروط الرئيسية لتهويد الضفة الغربية يتمثل بامتلاك الأرض لذا حاولت الحكومات اليهودية المتتالية الاستيلاء على ما يمكن الاستيلاء عليه من الأراضي بأساليب "قانونية" ابتدعتها خلال أعوام الاحتلال السابقة.

أما فيما يتعلق بالأرض المتبقية فالسياسة المتبعة ترمي قدر الإمكان إلى منع حدوث تنمية فلسطينية فيها ومنذ بداية الاحتلال حتى عام 1979 كان الأسلوب المتبع في غالب الأحيان هو الاستيلاء على الأرض بمصادرتها لأغراض عسكرية وقد حمل قرار محكمة العدل العليا الإسرائيلية في قضية إيلون موريه الحكومة على التخلي عن هذا الأسلوب وتبني أسلوب أخر يعلن أن الأراضي المستولى عليها أراضي الحكومة وبمقتضى الأمر العسكري 59 المعدل اعتبرت مئات الآلاف من الدونمات أرضاً حكومية ونقلت إلى المستوطنين اليهود.

ولتقويم الأساليب القانونية التي يمكن للسلطات العسكرية استخدامها للاستيلاء على مساحات الأرض المطلوبة بدأ المكتب القيم على أملاك الغائبين (الذي يخضع لسيطرة سلطة أراضي إسرائيل بإشراف بليا ألبك التي تعمل مع وزارة العدل الإسرائيلية ) بدأ هذا المكتب في كانون الأول 1979 بمسح شامل لملكية أراضي الضفة الغربية وكشف المسح الشامل عن أن أغلبية الأراضي في الضفة لم تكن مسجلة وأنها تقع في فئات الميري , والمتروك , والموات وعليه قررت الحكومة أن تعتبر أن جميع الأراضي غير المسجلة أرضاً حكومية . وقضت التغيرات التي أجريت في النظام القضائي بأن تكون المحكمة الوحيدة المؤهلة للنظر في الاستئنافات التي يقوم بها أصحاب الأراضي الأصليون هي لجنة الاعتراضات الخاضعة لسيطرة وإدارة السلطات العسكرية التي هي مصدر القرارات.

يعتبر هذا الأسلوب من أكثر الأساليب شيوعاً للاستيلاء على الأراضي في الضفة من أجل قيام المستعمرات اليهودية فعندما تقرر اللجنة الوزارية للاستيطان إقامة مستعمرة جديدة أو توسيع مستعمرة قائمة يقوم خبراء قانونيون في وزارة العدل بالنظر في مساحة الأرض المطلوبة ثم يحال القرار إلى سلطة أراضي إسرائيل التي يشكل مكتب القيم على أراضي الغائبين والأراضي الحكومية في الضفة دائرة فيها ثم يقوم هذا المكتب الرئيسي بإحالة القرار إلى مكتب القيم على أملاك الغائبين والأراضي الحكومية في المنطقة التي توجد فيها الأرض المطلوبة وجرت العادة أن يستدعي القيم مختار القرية ويأخذه إلى الأرض التي أعلنت أرضاً حكومية ويريه إياها ومن ثم تقع على المختار مسؤولية إبلاغ أفراد قريته الذين يملكون هذه الأرض ويبلغهم أن بإمكانهم الاستئناف ضد هذا القرار فعليهم أن يتقدموا بطلب إلى لجنة الاعتراضات العسكرية .

وبسبب غموض الإشارة إلى الأرض المعلنة (أرضاً حكومية) كثيراً ما يختلط الأمر بالنسبة إلى موقع الأرض ومساحتها وما يحدث فعلاً هو أول إشارة إلى مالكي الأرض بأن أرضهم أعلنت أرضاً حكومية هي رؤية الجرافات الضخمة تعمل في الأرض من أجل التمهيد لإقامة مستعمرة يهودية عليها لذا كانت السلطات العسكرية الإسرائيلية تعين المخاتير الذين يكونون على علاقة سيئة بأهل القرى.

وبحسب القواعد التي جاءت في الأمر رقم 172 فيما يخص الاستئناف ضد إعلان الأرض أرضاً غير حكومية ينبغي على صاحب الاستئناف (الذي يقع عليه إثبات أن أرضه غير حكومية) أن يرفق استئنافه بخريطة مساحة من إعداد مساح مجاز لجميع الأراضي المتنازع في شأنها تبين بدقة حدود جميع قطع الأرض التي يطالب بها جميع المستأنفون وفي العادة تبلغ مساحة الأرض التي يشملها الإعلان أكثر من ألفي دونم وقد تكون تكاليف إعداد خريطة لأرض بهذا الارتفاع باهظة جداً وتقضي القواعد بأن يرفق كل مستأنف استئنافه بتصريح يبين فيه الأساس الذي يستند إليه في ملكيته للأرض وبنسخ عن جميع مستنداته ويجب تقديم هذا كله بعد صدور إعلان الأرض (أرضاً حكومية) وعندئذ يقدم القيم على الاستئناف ثم تنظر لجنة الاعتراضات في القضية .

وعلى الرغم من أن الخطوات الإجرائية التي تتبعها اللجنة تخولها إصدار أوامر مرحلية بوقف العمل على الأرض المعنية إلى أن ينتهي النظر في القضية إلا أن اللجنة لا تصدر مثل تلك الأوامر عادة.

وترفض اللجنة اعتبار إيصالات دفع الضريبة على الأرض أو تسجيلها في دائرة الضرائب إثباتاً كافياً للملكية لأن استغلال الأرض هو أساس المطالبة بالملكية لذا ينبغي للمستأنف أن يثبت "الاستغلال المتواصل" أي زراعتها خلال الأعوام العشر السابقة.

ويكون لدى القيم صور من الجو للضفة الغربية جرى التقاطها دورياً وكثيراً ما تقدم هذه الصور إلى اللجنة لإثبات أن الأرض لم تزرع بصورة مستمرة ولما كانت السلطات ترفض منح المزارعين الفلسطينيين رخصاً لحفر الآبار الارتوازية فإن الزراعة في أكثر الحالات تتوقف على الأمطار غير المنتظمة وغير الكافية ففي بعض السنوات يشح المطر إلى حد يجعل زراعة الأرض غير مجدية .

كما أنه منذ بدء الاحتلال أخذ توافر العمل في المصانع الإسرائيلية يجتذب سكان الضفة الغربية ويحملهم على ترك أراضيهم والعمل من أجل أجر مضمون من أصحاب العمل لذا أدت هذه الأوضاع علاوة على الشروط التي تفرضها لجنة الاعتراضات على أصحاب الاستئنافات إلى تدني نسبة نجاح الاستئنافات كما أن التكاليف لقاء خدمات المساح والمحامي هي أكبر مما يتحمله الفرد العادي في الضفة الغربية.

وحتى إذا نجح صاحب الاستئناف في أن يكون على المستوى العالي من الإثبات الذي تشترطه لجنة الاعتراضات فإن اللجنة غالباً ما تحكم ضده.

فالمادة الخامسة من الأمر رقم 59 تنص على أن (كل صفقة تمت بحسن نية بين المسؤول وبين شخص أخر فيما يتعلق بملك اعتبره المسؤول عند عقد الصفقة من أملاك الحكومة لا تلغى ويبقى معمولاً بها حتى لو ثبت أن الملك لم يكن في ذلك الحين من أملاك الحكومة) ,على أن إقناع اللجنة بأن الصفقة أبرمت بحسن نية أمر ليس سهلاً.

وما إن مضت خمسة أعوام على العمل بهذا الأسلوب للاستيلاء على الأرض حتى كانت أغلبية الأراضي التي من الممكن الاستيلاء عليها قد تم إعلانها نهائياً أرضاً حكومية وقد عادت السلطات العسكرية إلى إتباع أسلوب المصادرة للاستيلاء على المزيد من الأرض.

هناك أساليب أخرى لجأت إليها إسرائيل في الضفة الغربية والقطاع كإعلان الأرض أملاكاً متروكة من قبل أصحابها بعد حرب 1967 ووضع اليد على الأراضي التي كانت مسجلة باسم الحكومة الأردنية ونزع ملكية الأراضي لأغراض عسكرية وكذلك الأراضي التي استولي عليها كمناطق مغلقة للتدريب العسكري وحاجات الجيش والأراضي المصادرة للخدمات العامة كخزانات المياه والمجارير .


المطلب الثاني :إستراتيجية الطرد والإبعاد

منذ بداية احتلال إسرائيل للضفة والقطاع ظل الإبعاد والطرد جزءاً من سياستها في هاتين المنطقتين وقد قامت هذه السياسات على مجموعة من القرارات السياسية التي تؤمن إحياء وإنشاء بنية معدة إعداداً جيداً من التشريع العسكري والأساليب الإدارية المتعددة للاستحواذ على الأرض والسيطرة على السكان الفلسطينيين وتقليل أعدادهم وشملت هذه الأعمال : الاحتجاز الإداري وتحديد الإقامة داخل المدن , هدم المنازل وختم المحلات التجارية , فرض غرامات, تقييد السفر, إعلان حظر التجول فترات طويلة, والحصار الفعلي ,إغلاق المدارس والجامعات وإبعاد الزعماء السياسيين والدينيين .

وكان الإبعاد يطبق بهدف القضاء على القيادة السياسة المحلية واستمرار السيطرة على السكان المحليين وهذا الهدف اقترن بالهدف العام لتقليل أعداد السكان الفلسطينيين.

ودافعت إسرائيل عن سياسة الإبعاد بحجة الأمن كما مارست سياسة الإبعاد والطرد على أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين كعقوبة جماعية لتسهيل ضم الأراضي وتوسيع المستعمرات وفي حزيران 1967 خلال الأيام الأولى للاحتلال أبعد بالقوة آلاف الرجال الفلسطينيين الذين تراوحت أعمارهم بين 20-70 عاماً من الضفة الغربية وقطاع غزة عبر نهر الأردن.

وكان من شأن هذه العملية التي لا يعرف عنها سوى القليل أنها مهدت السبيل إلى تطوير سياسة الإبعاد الإسرائيلية وكان هناك أربع جماعات من المبعدين المنفيين في إطار سياسة إبعاد واحدة تألفت الجماعتان الأولى والثانية من المقيمين الذين صدرت أوامر بطردهم طبقاً للمادتين 108و112 من أنظمة الدفاع البريطانية (الطوارئ ) الصادرة سنة 1945 أو الأمر العسكري 329 (الضفة الغربية) والأمر العسكري 290 (قطاع غزة) في سنة 1969 وتكونت الفئة الأولى من الذين اتهموا "بالتحريض " أو بانتمائهم إلى "منظمات غير شرعية" وتألفت المجموعة الثانية من الذين وصفوا بأنهم متسللون بغض النظر عن كونهم ولدوا أو أمضوا معظم حياتهم في الضفة والقطاع.

وتعطي المادة 3 "أ" من الأمر العسكري رقم 329 أي قائد عسكري سلطات واسعة تمكنه من إبعاد أي متسلل من المنطقة سواء اتهم أم لم يتهم بارتكاب مخالفة بموجب هذا الأمر كما أن أمر الإبعاد هذا يشكل أساساً قانونياً صالحاً لاحتجاز المتسلل المذكور ولكن الاختيار الفعلي للمبعدين كانت تقوم به "شاباك"( جهاز الأمن العام)


المسؤولة أمام رئيس الحكومة وحده.

شملت الفئة الثالثة من المبعدين الفلسطينيين الذين يفترض بأنهم محتجزون لارتكابهم جرائم أمنية وأبرموا صفقة مع السلطات الإسرائيلية تخفض بموجبها فترة سجنه مقابل مغادرتهم الأراضي المحتلة أما الفئة الرابعة الأكثر شيوعاً فتتألف من الذين تم نفيهم بناء على خلفيات تقنية وقانونية متنوعة مثل عدم تجديدهم لهوياتهم أو عدم تسجيلهم في إحصاء سنة 1967 الأمر الذي حال دون بقاء عدد كبير من الفلسطينيين في بيوتهم ومنعهم من العودة إليها .

كما إن إبعاد شكل من أشكال العقوبات التي لا تصدر بأحكام قضائية وإنما بأوامر إدارية ويحرم المبعدون من حق التقاضي إذ توجه إليهم اتهامات عامة لا يعاقب عليها بموجب نص القانون ولا تسمع اقو الهم أمام المحكمة ولا يطلع محاموهم على الأدلة التي يستند إليها قرار إبعادهم ويتمثل غياب الإجراءات القضائية الملائمة أيضا بغياب إجراءات الاستئناف الحقيقية فبعد أن سمح منذ سنة 1977 للمبعدين بالاستئناف كانت المحكمة العليا الإسرائيلية لا تراجع إلا إجراءات الطرد التي اتخذها القائد العسكري لتقرر إذا كان هذا الأخير قد تصرف في حدود السلطة المخولة له أم لا .

كان مئير شمغار بصفته رئيس المحكمة العليا في أيلول عام 1985 وقد أشار إلى أن إبعاد الفلسطينيين إلى الأردن يتم لأنهم رعايا أردنيين "طرد مواطن أردني إلى المملكة الأردنية" لينكر بذلك وجود هوية وجنسية فلسطينية متميزة .

نشرت مجلة "نيو أوتلوك" الإسرائيلية الشهيرة التي تصدر باللغة الإنكليزية في آذار 1990 مقالاً بعنوان " الترحيل المتسلسل يصيب الضفة الغربية " أوضحت فيه كيف قام الموظفون والجنود الإسرائيليون المسلحون في نهاية أيار 1989 بالانقضاض على القرى والبيوت الفلسطينية ليلاً ودفعوا بالأطفال والنساء والشيوخ المذعورين إلى سيارات أجرة مصادرة لترحيلهم عبر الحدود إلى منفى غير محددد في الأردن, وكان أغلب المبعدين قرويين ليس في سجلهم ما يثير المتاعب وعيبهم الوحيد هو عدم التقيد بصورة خاصة بالتشريع الإسرائيلي, خلال الثمانينيات وحتى عام 1992 كان الكثير من المعلقين السياسيين في إسرائيل وخارجها يحاولون الإجابة على سؤالين رئيسيين :
الأول في أي الأوضاع يمكن حدوث الطرد الجماعي ؟
والثاني ما الشكل الذي يمكن أن يأخذوه ؟
وقد أشار المعلقون السياسيون إلى عدة احتمالات:

يمكن "للترحيل" أن يصحب حرباً بين إسرائيل وأي بلاداً عربي كسوريا مثلاً إذ أن الجنرال في الاحتياط أهارون ياريف وهو رئيس سابق لجهاز الاستخبارات العسكرية وقد أشار عام 1980 إلى أن هناك رأياً يؤيد استغلال حرب قد تنشب في المستقبل لطرد عدد يتراوح بين 700-800 ألف فلسطيني وقد أقر بوجود مثل هذه الخطة فعلاً .
يمكن تنفيذ سياسة الطرد الجماعي في حالة الحرب كرد فعل انتقامي على تصعيد الإرهاب الفلسطيني والمقاومة العنيفة لسياسات إسرائيل بعد فشل مساعي السلام ,إذ أن الفلسطينيين لن يجدوا أمامهم خياراً أخر سوى اللجوء إلى العنف ومن الناحية الأخرى فإن الزعماء الإسرائيليين قد يميلون إلى إجلاء جزئي لتخفيف السكان نتيجة لإدراكهم إن المجتمع الدولي مشغول بأزمات وأحداث أخرى وأن العالم العربي ضعيف ومنقسم ولا يستطيع الرد , (( وهذا ما يؤكد مسؤولية إسرائيل عن تفجيرات الحادي عشر من أيلول 2001 في نيويورك وواشنطن لشغل المجتمع الدولي لإبعاد نظره عما تفعله إسرائيل في أراضي الحكم الذاتي من جرائم حرب وإبادة )) فهي تعمل على إرهاق الفلسطينيين على كافة الصعد لإرغامهم إلى اللجوء إلى العنف حيث لم يبقى أمامهم سوى اللجوء إلى العمليات الاستشهادية وعندها تستغل إسرائيل هذه العمليات كالقيام بالمزيد من عمليات الإبعاد والطرد وقد أبعدت إسرائيل حديثاً بعد اجتياح الضفة الغربية في أيار 2002 ثلاثة عشر فلسطينياً إلى جميع دول أوروبا بدون أي محاكمة .
ومن أساليب الطرد المتبعة من قبل إسرائيل مواصلتها تقليص فرص العمالة العربية وعرقلة النمو الاقتصادي الفلسطيني وإنشاء أوضاع "الغيتو" في الحياة اليومية الفلسطينية لإرغام العرب على الرحيل.


المطلب الثالث : إستراتيجية الهجرة اليهودية

شكلت الهجرة مع الاستيلاء على الأرض العربية أهم الأعمدة التي ارتكزت عليها الصهيونية والتي اعتبرت اليهود السوفيات خزاناً قيماً جداً من المهاجرين وهذه الهجرة هي الدافع الأساسي لبناء المجتمعات الاستيطانية واعتبر "حاييم هيرزوغ" (إن هجرة اليهود من الاتحاد السوفيتي تجديداً للصهيونية ... وأكثر التطورات أهمية منذ قيام إسرائيل).

ويبين نتنياهو دروبلس عام 1982 ,إن مشروعه الاستيطاني الضخم الذي يهدف إلى إسكان مليون ومئتي وخمسين ألف مستوطن يهودي في الضفة والقطاع ويتطلب هجرة مليون ونصف يهودي من الاتحاد السوفياتي و في سياق تفكك الاتحاد السوفياتي ورغبة موسكو في كسب الحظوة لدى الولايات المتحدة من أجل الحصول على المساعدات والقروض والتسهيلات الإنمائية والتجارة والاستثمار ,خضع الاتحاد السوفياتي للضغط الأمريكي بدلاً من إسرائيل فسمح لعدد لم يسبق له مثيل من اليهود بالمغادرة .

كانت الأغلبية اليهودية السوفياتية قد توجهت إلى فلسطين المحتلة بينما فضلت الأقلية عدم الهجرة إلى فلسطين وبلغ عدد اليهود المتجهين إليها بين عامي 1990-1995 مليون مهاجر وقد أثرت هذه الأعداد الضخمة على طبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تأثيراً كبيراً لأن إسرائيل صادرت على أثره المزيد من الأراضي الفلسطينية والموارد المائية لبناء مستوطنات جديدة لإيواء المهاجرين الجدد وارتفعت نفقات المستوطنات والبنية التحتية إلى 500 مليون دولار وحل المهاجرون السوفيات محل الفلسطينيين العاملين في إسرائيل مما أدى إلى إفقار الشعب الفلسطيني وهذه العملية تصاعدت حدتها كثيراً خصوصاً بعد حرب الخليج.

اعتمدت الصهيونية لتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين على عدة عوامل اقتصادية ودينية وسياسية :

فالعامل الديني يبين أن فلسطين هي أرض الميعاد ويظهر هذا الأخير على شكل رسالة دينية تحقيقاً لوعد إلهي , مزج بقوة مع العداء للسامية المعتبر بحد ذاته كفيلاً للحض على الهجرة فهو يصور اليهودي هارباً بدينه وخصوصيته ومتجهاً لتحقيق وعد الرب بعد أن انكفأ طويلاً في "الغيتو" المغلق.

وهناك العامل السياسي الذي يتخذ عنوان بناء الوطن القومي لليهود حل المسألة اليهودية التي واظب على طرحها عدداً كبير من المنظرين الصهاينة (كقضية مستعصية على الحل بدون هجرة واستيطان) ,ويقول ليفي أشكول في هذا الإطار: (سوف لا نترك للعالم راحة طالما منع اليهود من الخروج من البلدان التي لا تسمح لهم بالعيش كيهود ).

أعلن ليفي أشكول أن مصير الحركة الصهيونية يعتمد على مدى نجاحها في إقناع اليهود بالهجرة إلى إسرائيل .

ويبرز أخيراً العامل الاقتصادي بحيث يشكل اليهود في دولتهم القومية اقتصاداً قوياً فعالاً قادراً على استثمار العلم والمال اليهودي من أجل السيطرة اقتصادياً على كل فعاليات المنطقة العربية (والتي تعتبر الشرق الأوسطية أحد وجهوها ).

وجرى العمل بهذه الدوافع مجتمعة باستغلال ظروف موضوعية ملائمة لتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين ولم يخف الزعماء الإسرائيليون سرورهم الشديد بهذه الهجرة لكنها جاءت ملازمة لأوضاع معقدة في إسرائيل ومنها الأوضاع الاقتصادية الصعبة وغياب طرق الاستيعاب ,وقد عبر إسحاق شامير بقوله: (إن هجرة كبرى تتطلب إسرائيل كبرى ).

عند وصول المهاجرين الجدد إلى فلسطين كان هدف مجيئهم العيش بأمان واستقرار داخل أرض إسرائيل (أرض 1948) ولم تكن لديهم الرغبة في السكن داخل مستوطنات الشاغرة المخصصة لهم في الضفة والقطاع لكن حكومة إسرائيل استغلت أزمة السكن على أرضها وأجبرتهم على السكن داخل المستوطنات بعد أن أمضوا شهوراً داخل إسرائيل يفترشون الأرض والحدائق العامة ومداخل البنايات .

وكانت الوكالة اليهودية ووزارة الاستيعاب قد أعدتا خطة لتشجيع الهجرة من الدول الغربية وتقدر الكلفة الإجمالية للخطة ب 80 مليون دولار من ميزانية الدولة و3 ملايين دولار من صندوق الوكالة وصنفت الوكالة ثلاث دول غربية كأهداف للهجرة : الأرجنتين بسبب الأزمة الاقتصادية فيها – جنوب أفريقيا بسبب الأزمة الاقتصادية وازدياد الجريمة – فرنسا بسبب اتساع ظاهرة العداء لليهود حسب إدعائهم (يعيش فيها 600 ألف يهودي ) , حسب ما ورد في جريدة هآريتس في عددها 29\8\2001 .

لكن الواقع الحالي في إسرائيل بدأ يفرض هجرة يهودية معاكسة نظراً لسوء الأوضاع الأمنية والاقتصادية وإن ما يزيد عن 58% من المهجرين غادروا إسرائيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية يديعوت أحرنوت 17\8\2001.





asrinet غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-06-09, 11:40 AM   #2

الطارق

? العضوٌ??? » 6451
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,276
?  نُقآطِيْ » الطارق is on a distinguished road
افتراضي

شكرا لك على البحث الرائع...........وفلسطين حكومتها غير موجودة....وبالتالى
قطاع غزة والضفة الغربية سيضمان الى اسرائيل ولذا لن يبقى هناك وجود لفلسطين
وهذا لعدم دعم المقاومة وتموينها بالأسلحة.......فدول الجوار باتفاقها مع اسرائيل
لحمايتها من المناضلين المسلمين......فلتحسب الساعات و الأيام لأن دورها آت لا
محالة.......لا سلام فى هذه الأرض بغير الاسلام لذا فالذى يدعو الى السلام هوأكبر
دجال.....فالسلام وهم لأننا لسنا فى الجنة ....والأرض منذ خلقها وهى فى حروب
لذا لا يمكنك أن تعيش اذا لم تقاوم وتحارب من أجل أرضك........تحياتى


الطارق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-04-11, 05:14 PM   #3

هاوية كتابة

? العضوٌ??? » 8420
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 18
?  نُقآطِيْ » هاوية كتابة is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
اتمنى توضع لتحميل .........


هاوية كتابة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-04-11, 09:59 PM   #4

وردالهنا

? العضوٌ??? » 144781
?  التسِجيلٌ » Nov 2010
? مشَارَ?اتْي » 807
?  نُقآطِيْ » وردالهنا has a reputation beyond reputeوردالهنا has a reputation beyond reputeوردالهنا has a reputation beyond reputeوردالهنا has a reputation beyond reputeوردالهنا has a reputation beyond reputeوردالهنا has a reputation beyond reputeوردالهنا has a reputation beyond reputeوردالهنا has a reputation beyond reputeوردالهنا has a reputation beyond reputeوردالهنا has a reputation beyond reputeوردالهنا has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
الف شكر لك لنشر الوعي بالخطر المحدق بنا نتيجة السرطان المتشفي ببلادنا المسمى بالمستوطنات


وردالهنا غير متواجد حالياً  
التوقيع
عشقي الاوحد
رد مع اقتباس
قديم 14-04-11, 12:16 PM   #5

عيون2008

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية عيون2008

? العضوٌ??? » 25176
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 2,897
?  نُقآطِيْ » عيون2008 has a reputation beyond reputeعيون2008 has a reputation beyond reputeعيون2008 has a reputation beyond reputeعيون2008 has a reputation beyond reputeعيون2008 has a reputation beyond reputeعيون2008 has a reputation beyond reputeعيون2008 has a reputation beyond reputeعيون2008 has a reputation beyond reputeعيون2008 has a reputation beyond reputeعيون2008 has a reputation beyond reputeعيون2008 has a reputation beyond repute
افتراضي

شكرا حبيبتي علي الموضوع واتمني استفاده الجميع

عيون2008 غير متواجد حالياً  
التوقيع

غفرانك يا ارحم الراحمين
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التقارير الاستخبارية الصهيونية عن الجزائر لؤلؤة الجزائر منتدى القضية الفلسطينيـة 2 15-02-10 12:10 AM
تبسيط كتابة البحث العلمي من البكلوريوس ثم الماجستير وحتى الدكتوراة هبهوبة منتدى البحوث والمعلومات العامة 5 10-04-09 03:18 PM


الساعة الآن 04:37 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.