آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          زهر جبينها المكلل- قلوب أحلام غربية (118) [حصريا] للكاتبة Hya Ssin *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : Hya ssin - )           »          المز الغامض بسلامته - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة Nor BLack *كاملة&الروابط* (الكاتـب : Nor BLack - )           »          مابين الحب والعقاب (6)للرائعة: مورا أسامة *إعادة تنزيل من المقدمة إلى ف5* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          واثق الخطى ملكاً فى قلبي *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : حياتى هى خواتى - )           »          مذكرات مقاتلة شرسة -[فصحى ] الكاتبة //إيمان حسن-مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          دموع زهرة الأوركيديا للكاتبة raja tortorici(( حصرية لروايتي فقط )) مميزة ... مكتملة (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          أسيـ الغرام ـاد -ج2 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائــد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          قطار الحنين لن يأتي *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : رُقيّة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree7Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-03-10, 07:18 PM   #31

Jάωђάrά49

نجم روايتي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية Jάωђάrά49

? العضوٌ??? » 106278
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,312
?  مُ?إني » الدار البيضاء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Jάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك dubi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


شاء الله

الجزء الرابع عشر


مر الاسبوع بسرعة
لكن رغم ذلك كان اسبوعا تصافت فيه النفوس
وتعالت فيها نغمات بعض الارواح سعادة
فرحا وحبا

سعيد
تسافر به الاحلام مع وردته الندية
تضم عليها نقيطات ماء مصفات مكثفة تتدحرج وتذيب بذلك روحه
تضم اليها الاشعاع الرقيق الليلي وتتندى به حتى الخضل
ابتسامتها ورنت ضحكاتها مابين السماء والارض
في جو حياته
ملامحها الصافية وهي منشرحة له لالغيره
يدري فقط انها تعيد دفعات الهواء النقي في رأتيه
وتجدد بذلك الدم في عروقه
ويختزل العشق في قلبه الى ضربات ملتهبة متحرقة الى حب متبادل نبضات بعيدة عن اذنيها
يتمنى ان يجد يوما ما رأسها الجميل على صدره
ليسمعها نبضاته
ويسمح لها بالتطفل على خزائنه
التي لايصلها الا من هم اغلى مثلها
خروجهما الى فاس وزيارة معالمها التاريخية اثر بهما كثيرا
وخلق من ذلك التاثير انشراح غريب وتراجعت مشاعر النفور لتحل معها سعادة من الحنين عادت

جعل عبير
تشعر انه رجل نبيل بكل المعايير
رجل من ملكته ذات حظ لايعوض لكن لاتدري لما بدأت تتأقلم مع فكرة انها زوجته
ولاتتخيل غيرها في ذلك المحل
لربما لانها تدري انها عبير وهو سعيد
وتبقى ذكريات قوية بينهما تراها بمنظار طفلة لاخ أكبر
ولاتريد ان تفكر بعد الان بسلبية مادام كتب لها في قسمتها
وسعيد شعر بالزهو لانه استطاع ان يخرق احد الاسوار التي كانت تحجب عنه شخصيتها الرقيقة المفعمة بالحياة
المنعشة لصدره زفرات
كانت السعادة التي تنير حياته كشمس دافئة بعيدة عن ملمس يده تفرحه لهذا الوضع الذي بدأ يتعود عليه
ويحاول ان يبعد عنه افكارا
تكاد ترمي جسده بنيارن محرقة
او لربما يشعر بجميرات لهب تتدحرج في شريانيه
من انصهارات بركان ثائر يلجم جماحه بقسوة
وهو ليس مستعدا ليفقدها
وهي بدأت تحس انه سعيد الذي احبته دائما بطريقتها قد عاد
ليملأ حياتها سرورا ومرحا
وتحمد الله على ذلك



عثمان

أشعر تلك الزهرة بان ثريا فعلا زوجته
يبتسم لها
فيغور قلبها لرأيته هكذا
تسرح في ابتسامته وتكاد تبكي لانها
غير مصدقة انه يرفع من مستواها امام الاخرى
يظهر انه اكثر اتفاق معها امامهم
رغم ان الواقع مختلف
يجعلها تتشارك معهم مختلف المواضيع
وما يأرق احلامها
ويفقدها النوم بين ذراعيه هو
هل همساته لها في تلك اللحظات المجنونة
حقيقية ؟ام هي الرغبة فقط
تتمنى ان تصل قلبه
تريد ان تخرج من هته المتاهة الضيقة الخانقة وتصل الى مرسى قلبه عله يقبلها في قفصه حتى ولو سجنت كعصفورة صغيرة فسترضى بحبه لها كما هو بدون كمال
فهو لايظهر لها في وحدتهما سوى الهدوء الغريب عنه في حالته
ومعاملتها كزوجة طبيعية
يشعرها بالاطمئنان من تغير طريقته معها وهي ترضى به و بفرح
كان يفسحها ايضا بحيث يخرجان مع عبير وسعيد
لزيارة المتاحف والمساجد
وايضا المولى ادريس
وكم اشتروا من تلك الحلويات اللتي تفوح منها رائحة الزهر العطرة الشهيرة
وهي في جميع الالوان والاذواق من صنعهم الخاص
وايضا زيارة بقعة خارج فاس قليلا تقع شامخة بين مدينتين فاس ومكناس
وهي وليلي ماتبقى من حضارة عظيمة
حضارة بصمت وجودها في التاريخ ما قبل المرحلة الرومانية
وقد بقيت في وقوفها هذا طوال قرون طويلة مضت
اقواس عالية تدمع عيناك من اشعة الشمس اذا ما رفعتهما الى علوها
واعمدة نقشت عليها حروف رومانية ترسخت في اماكنها بعناد
ساحرة هي ينابيع السعادة التي انسكبت على الصدور المعششة فيها صرخات الحب الملهتة
كان اسبوعا لاينسى
عاشوا فيه ساعات سعادة لاتعوض
لكن هل سينتهي الحب بطرق جميع الابواب دفعة واحدة فتفتح ويجد كل منهم ظالته وتوئم روحه؟
ام ستخدش الجفون الى الخدود دماء فتزعجها دموع مالحة تتير الالم اكثر فاكثر؟
من يدري فما دام هناك مكان للحب فهناك سعادة ومعاناة





بعد اسبوع


في مدريد يوم الاتنين الساعة الثانية زوالا

احدى اللحظات الصعبة التي تفوق الاحتمال الحزن الذي تشبت باطراف الملامح وجعدها وهممها
قوة خفية مألمة
وحش ينشر ظلمة حالكة بسم الألم متجردا من الرحمة
يسحق الشرايين حتى الانين الذي يريد ان يفيض باصحابه الى النهاية
مريم في العزاء ما استطاعت ان تمنع دموعها
حاقدة هي على ابنها
تشعر انها بدون قيمة فطلبها كان رخيصا عنده
ارادت ابنتها وهاهي الان تراها ميتة
جثة خامدة ...جسدا خاليا من اي تعبير ....لاحياة فيه ولانفس
شبهتها تنعم براحة النوم
والله اعلم بموتانا اجمعين
احساس رهيب بان قلبك ياخد منك
تقطع منه قطعة
ويرد الى مكانه لتعيش انت وربع نبضك ممزوج برياح الم هوجاه
مدى الحياة تتصاعد الى قلبك مرارة الذكريات
تريد الانسحاب من مشاعر الاشتياق للاحبة
فلاتجد نفسك سوى وفيا لصور لهم من الذاكرة
متشبتتة هي بحضن ابنتها الباقية
رائحة الغالية
صدر قسم دفئه بين ابنتين النصف للميتة والنصف للحية
التي
وضعت راسها على رأس امها المغطى بشبكة سوداء عادة لدى الاسبان ارتداءها لتنتهي هي الثانية بتبليلها بالدموع
اللون الاسود طغى على الكل واستقبلت التعازي
من الاصدقاء و اساتذتها في الجامعة و اصدقاء عصام في ميدان عمله في القانون
عصام....
يداري احزانه متوشحا على معطفه الاسود غلاف التبات
القوة في التحامل على جرعات المر التي يلعقها بالغصب فلا يوجد بيده وسيلة يخفف به انفجارات القلوب حوله
ملامح متعبة جامدة من الاسى
جسد رياضي قوي تهوى ركائزه من الداخل
ليمسى جسدا فارغا من الامل بعد فقدانها
هي من احدى النجمات التي وضعها على سقف غرفته
يتأمل ويتخيل كيف سيقوم ببناء مستقبل لها اكبر من حياتها ومن سعادته
لاعبها وفضل تقاسم السهر على مرضها مع امها
داعب خدودها وحكى لها وسمع ضحكاتها على طريقته السيئة في الحكي

يريد ان يبكي ومن يواسيه؟؟؟

بعد ان انصرف الجميع
مريم شبه غائبة عن هذا العالم تسترجع لمحات من الماضي تريد ان تحيها بلملمت اجزاء منه
جرعة دمع مع ابتسامة مع فرح
تعطيها روحا خيالية لترتاح
لكن ابدا ما كانت لتحضى اكثر مما تلمح

نسرين ما تحركت من مكانها رغم تعب كتفها الا انها فضلت الا تستخسر في امها كتفها فهي تعاني الف مرة اكثر منها
ومهما تخيلت الم الام تدري انها لن تستطيع ان تشعره كما تشعره في هذا الوقت مريم
فالأم هي الوحيدة المقهورة من فقدان فلدة كبدها وبقوة كبيرة
عاشت في بطنها وتربعت فيه بكل الدقائق الحلوة والثواني المرة
بركلات افرحتها الى ابعد حد اينما ذهبت كانت حملها الوحيد
عاشت معها تسعة اشهر قبل ان تعيشها مع احدهم

هي
امها....
ومهما وصفنا في حرقتها فستبقى عميقة في القلب
كمن حفر سيجارته بقسوة في زربية ثمينة فمهما حاولت لن تعوض مكانها


بعد ان فرغت الشقة
توجه عصام الى غرفته واقفل الباب وراءه
ليس مصنوعا من حجر ولابد من ان تذرف دموعه مهما حبسها
اقترب من منضدته
يصر اسنانه على شفته السفلى والقهر يظهر من عيونه الحمراء حزنا
امسك قارورة العطر واراد ان يرمي بها على وجهه في المرآة لكنه عاد متنهدا بقوة وضعف ليرجعها الى مكانها
يكره نفسه في هته اللحظة بقوة
يشعربتانيب ضمير قاتل
هو من اراد ان يفخر بتربيتها
اراد ان يجعلها فتاة متخلقة في بلد متوحش بعادته على حياتهم الصغيرة
هل فعل الصواب ؟
انه السبب في موتها
لكن كيف كان ليتصرف غيره في مثل ذلك الموقف؟
كان ليتفاهم بالعقل
من يملك دما حار وقد ورثه عن اجداده المسلمين كيف كان ليتصرف غير ان يقوم بدبحها
بينما هو لم يفعل اراد ان يربيها ولم يعلم انه لم يفلح
حتى بات الخوف حليفا له في نظرته للباقيات
امه واخته

قال بحسرة:
-استغفرك يا ربي اللهم اعني على حالي فانت المعين

حمل حقيبته التي كان قد اعدها وخرج جارا اياها وراءه اوقفها واستدار ليقوم بتوديع اسرته المتبقية في الصالة الصغيرة
اراد الدنو من امه لكنها حاولت ما امكنها بوجهها المحمر ان تصب كل ما لها من كره في نظرتها اليه
ونفضت يده التي ارادت ان تحط على رأسها
فنهضت لتتركه واقفا فتزيده كربا بتصرفها الجارح معه

قالت نسرين تقف من مكانها لتقترب من اخيها
- ارجوك اخي لا تغضب منها من اجل ...اختي المتوفات
ضمت نفسها اليه تتدحرج دموعها هي الاخرى بصمت وراسها يصل الى تحت ذقنه وضمها بشدة ليتنهي بالقول
- ارجوك يا نسرين انها امانة في رقبتك لن اكون هنا في هذه المدة الصعبة بالنسبة لها... لذا لا تتركيها لا انت ولا ميغيل اعتمادي وكل اعتمادي عليكما
قالت تقبله على خده وترفع نفسها اليه
- لا تخف اخي ثق بي سأعتني بها عد لنا فقط انت سالما

قال مبتعدا :
- ان شاء الله

خرج من الشقة يشق له طريقا الى المصعد وبعدها يضغط الزر لينزل به

في الاسفل كان ميغيل مع بعض الاصدقاء المسلمين الذين ساعدو في انزال الجثة التي سيقوم عصام باخدها في صندوق عادي من الخشب في سيارته الكبيرة ويحمد الله لانها واسعة كفاية
كانت تريد مريم هي و نسرين ان تذهبا معه من قبل بساعات لكنه رفض متحججا بقسوة الطريق عليهما وطولها والامر ليس هينا فحمل جثة كمن يحمل جبلا على قلبه ويتمنى من الله ان يتحمل هذا القلب الى النهاية فالباقي كثير


بعد ان سلم على اصدقاءه الذين وقفوا معه في محنته
ركب سيارته وانطلق مع الاوراق اللازمة التي تصرح له المرور من الحدود بها دون عراقيل

وهو يعلم انه قد اتخذ ذلك القرار في المستشفى قبل يوم بالتحديد ولايدري ان كان في محله او لا
قرار مصيري





في المغرب
بالقرية المجاورة
ببيت العربي


جميلة
تقف امام النافذة التي تتوسط غرفتها تظلل عيونها من وهج الشمس لترفع نظرها الى طائر في السماء
يحلق بحرية منحه اياها الرحمان
تكاد تحسده عليها
بعد دقائق من الان سوف تحرم هي من حريتها
خناجر مغموسة في سم مميت تغرز في قلبها تتفرع منها انصال حادة تقطع تنفسها كانسان
بقوة وبدون اية رحمة
مسحت دمعة فارت من عينها
ابتعدت من النافذة
وكل المآسي في حياتها تذبحها آلاف المرات تعيد نفسها امامها بعناد لاتحاول ان ترأف بها حتى
و لملمت اطراف قفطانها الاصفر الناعم المتناغم مع وجهها الابيض وشقورة شعرها
رغم ماهو معروف على الناس في القرى
وجوه لفحتها الشمس من سعيهم وراء لقمة العيش
خلافا عليها هي التي لم ترى الشمس كثيرا الا من السطح او من النافذة لسبب واحد وهو ان والدها يكبتها دونما سبب

تتجنب ذكريات زحفت على جسدها
كل مرة تعيد نفسها عليها
تترك وراءها قلبا اهترت عروقه من الحزن
بعد معضلة المت بهم وهي في سن صغيرة

ابدا لن تذكرها
لكنها تعود

الان تريد النسيان
لاتدري لما تشعر انهابدون قيمة
لما فكرت ان رجلا اتر طيفه في حياتها
كم هو مثير مرور البعض من امامنا فقط لفترة وجيزة فتجد صورته اقرب اليك من نفسك
زادت من امساكها لنفسها من ذرف دموعها
فلايجب ابدا ان تشعر انها فريدة من نوعها
لكي تنقد من فخ كهذا


وتستحضر الان المعاناة المستقبلية التي تتنتظرها

سمعت مفتاح يتحرك في باب غرفتها نهضت من مكانها
لتجد انها امها مرتدية احدى قمصانها للمناسبات في لون كحلي ممزوج بورود برتقالية قانية

نظرت الى امها بحزن وهي غير مصدقة انها بعد لحظات ستبتعد كليا عن هذا المكان

قالت بأسى:
- لما يا امي ؟ابحث عن تفسير غير الذي في رأسي فلا اجد سواه ...

قالت رقية مقتربة منها وقد كست ملامحها علامات ضعف وتعب
- آسفة بنيتي لكن ان لم تفعلي ذلك فلابد من انني وحدي من سيدفع الثمن

قالت جميلة بقهر:
- لما يا امي؟ دعيني اهرب ان فقط شعرت... ان ذلك سيأثر فيك

قالت رقية برهبة:
-ماذا ؟ تريدين تسويد وجهي بنيتي... الست امك ؟الا ترأفين يا ابنتي؟ انا من كسر ظهري وانا احمل ظربه عنك

اسرعت جميلة في ضم امها بقوة تخفي دموعها وقالت:
- حاشاك اماه ابدا لن اسود وجهك ....الكل سيراني وانا ازف له ...ما يخنقني فقط... اننا للحين لم يكتب كتابنا ....اليس في ابي قطرة دم

قالت الام تبتعد عنها وتطبطب على وجنتاي ابنتها :
- اصبري سيجازيك الله على صبرك وسوف يتزوجك تعرفا على بعضكما كما قال ابوك وسيكون خيرا ان شاء الله

- ابي يا امي العزيزة لايعرف الله لو يعرفه حقا لكان .. ...آآآآآآه اريد قتله ...تحطيييمه خنقه

قالت امها تسكتها بيدها
- اسكتي ارجوك بنيتي بحق مارضعتي من امك من حليب.... لاتفعلي شيء تندمين عليه... ارجوك وانا ساسعى جهدي ليكتب عليك العقد

ذخل العربي عليهما ونظر اليهما كل على حذى بعيون كالصقر الكاسر:
- هل فاتني شيء ؟هل تعانين من مشكلة رقية؟

قالت الام بسرعة تربت على كتف ابنتها وتبتسم:
- لا سننزل حالا

وكانت عيون جميلة تضخ لوالدها حقدا وكرها خاصا
لم تعرفه في نفسها ابدا


في الاسفل
وجه قد يظنه البعض قدرا متسخا لكنه فقط يكاد لونه يكون ازرق قاتم او لونا قريبا له
سيماهم في وجوههم
رجل قبيح في الخلقة يا سبحان الله ولايحمل ذرة رحمة لديه اربعة اخوات اتنان عن يمينه بقفطانيهما واتنين عن يساره
تغنين وتطبلن على الدف بايديهن
فرحات لان اخاهن الوحيد وجد له هذه المرة ضحية اخرى بفضل ماله
اعطى للعربي ما اراده فوجد انه سيحصل بسهولة على مايريد

عند نزول جميلة واول ما وصلت نصف الدرج
توقفت
و توقفت امها وراءها ايضا
سرحت نظرة جميلة في الباب امامها ووجدت انها لربما لو ان صديقتها الوحيدة في هذا العالم هنا الان لكانت اعتقتها بطريقة ما لكن اين هي لما لم تحضر ؟
شعرت بالوحدة ببرد يجمد اطرافها رغم ان فصل الصيف حار في المنطقة
الا انه شيء من الرعب على بداية لها في فقدان الامل من الحياة

- هيا عزيزتي انهم ينتظرون

- لن اهرب امي

نزلت الدرج في رأسها الف حساب للذين يظنون انهم قد نشبو كامل انيابهم فيها فشلوها وحطموها
لديها اسلحة ستستعملها ان اضطروها
نزلت تحت زغردات وابتسامات حقودة من الجارات ومن تحسدها الان على وضعها
فتتمنى هي من القلب ان تاتي لمكانها فقط لتعيش هي حرة بدل هذا الدل





في منزل السي محمد

بعد ان علمت هند من امها عن التلميح حول حضورهم بعد اسبوع
كادت الصعقة ان تفني قلبها كليا فما بال اذا ما راته بعد ان غابت عن ناظريه
كانت تشعر انها تطير
وفوق السحاب تسير
شعرت بان قلبها يدفع نبضاتها خارجا كفقاعات نظِرة

لم يتصل بها ابدا
لاتنكر انها لربما تحتاج سماع صوته كل يوم
لكن قوانين في الحياة تفرض سيطرتها على الواقع
لتجعله ذا قيمة
لذي جعلها تشعر انه فعلا جونتلمان ويحترم كلامها

نزلت من غرفتها متوجهة الى الدرج لتجد امها تدخل في تلك اللحظة الى المطبخ
نزلت برشاقة هرة لتلتحق بها
وضمتها من كتفيها فشهقت رشيدة
لتبتسم بعد ذلك

قالت رشيدة:
- كل هذا اشتياق؟

قالت هند بفرح:
- وان لم اشتق لماما لمن ساشتاق اذا؟

قالت رشيدة تقترب من صفية التي كانت منهمكة في تحضير طعام الغذاء

- لست ادري... فبعد حكاياتك المطولة عن زوج المستقبل بت اشك

- اوه امي لما هذا القول الان؟ انا فعلا احبك لاتشعريني بالسقم

قالت رشيدة تقرص وجنتها:
- لن افعل ولكن اعلمي فقط انه... ينتظرك كيلوغرام كامل من التمر لتقومي بحشوه بكل الانواع التي علمتك غزالتي فلا تتهاوني

- حسنا ماما ....تريدين ان تذيقيهم من تصاميمي؟

قالت رشيدة تغضن جبينها بمرح
- تصاميمك؟ خبيثة...اليست من اختراع الكتب

قالت هند بابتسامة مشرقة:
- انها من اختراع الكتب لكنني اضيف عليها من غبار اصابعي السحري

قالت رشيدة تضحك وهي تخرج من المطبخ:
-هههه.... سنرى ما سيخلفه غبارك ذاك على الله الا يخلف زوبعة

اقتربت هند من مكان عمل صفية مبتسمة باشراق وقالت تحمل السلة التي تحوي التمر
:
- صفية كيف اصبحت الان بعد ذلك التعب؟

قالت صفية تتهرب قدر الامكان من الاجابة:
- بخير..و الحمد لله

- الم تذهبي الى الطبيب؟ ام تريدين ان استدعي طبيب العائلة؟

قالت صفية بعيون مدمعة:
- لاتفعلي سيدتي ..ارجوك

قالت هند مندهشة من تقلبها المفاجئ :
- ما الامر صفية؟؟... لاتخيفيني بدموعك...ما الذي يحدث؟

قالت صفية مرتبكة
- سيدتي....انا..انا... حامل

قالت هند مبتسمة بكامل فمها
تصرخ جارية الى امها تلحقها قبل ان تصعد الى فوق:
- امي ...امي
حاولت ان تمنعها صفية لكن دون فائدة
فقد كانت هند رشيقة بشدة ولم تستطع ان تلحقها

قالت رشيدة وهي تقف في اعلى الدرج

- امي... صفية حامل...حامل

ظهرت على ملامح رشيدة شيء من الامتعاض والضيق وقالت بعد ذلك
- مبارك لها
وانصرفت بسرعة وكأنها لم تفرح للخبر
لتبقى هند تحك رأسها غير فاهمة لما يحدث كان على امها ان تفرح لصفية اكثر منها
لكنها تناست الامر سريعا لتدخل وتساعد صفية قدر الامكان

قالت صفية مرتبكة:
- سيدتي ما كان عليك اخبارها

قالت هند بارتياب:
- لماذا؟ هل لاني الوحيدة لديها امي انسانة مثقفة ليست كالاخريات

زاد ارتباك صفية ففضلت الانهمك في ما تحضره وكذا فعلت هند




في القصر

بعد ان استقبل افراد العائلة الازواج المتعبين من السفر
قرر سعيد ان يذهب الى الاراضي فهو يضن انه ترك الشغل بما يكفي وعليه الاطمئنان وكذا اراحة والده من تعب التجوال المرهق له
لذى صعد الى جناحه حيث كانت عبير قد غيرت ببيجامة واسعة طويلة بقلوب بيضاء على لون سماوي جميل
وربطت شعرها شكل كعكة وحاولت ان تجاهد التعب وترتب ملابس كل واحد منهما
رغم انها شعرت ببعض الارتباك من لمس ملابسه الا انها وجدت ان شعورها ليس في محله
لكنها فقط تتعجب من حضور روحه القوية في ملابسه
وهذا هو المحرج
عندما ذخل عليها الغرفة
ووجدها تجلس على سريرها تحجبها الستائر المرفوعة قليلا
وقف للحظة
معجبا بوضعها حيث كانت تجلس والحقيبة عند قدميها
وكيف تضع اصابع قدمها على الاخرى كطفلة صغيرة
اثاره ذلك الانهماك والعناية التي تمسك بها ملابسه وتطويها بطريقة فنية
اعجب باصابعها التي تمررها على القميص المخطط بخطوط زرقاء
وشعر انها كما لو انها تمرر اصابعها الرقيقة البديعة على صدره القوي وباغثه الم العشق لهته المرأة

لذلك قال محمحما:
- احم احم....عبير اتمنى الا اكون قد ازعجتك

امالت راسها بابتسامة مشرقة من مكانها مطلة عليه:

- سعيد لا بالعكس كنت فقط ارتب ملابس..ملابسنا

قال يقترب من السرير يتكئ على العمود المزخرف للسرير ضاما ذراعيه على صدره :

- هل يتعبك ذلك؟... تعودت ان اهتم بتلك التفاصيل... فقط الامر انني مضطر للذهاب الى العمل الان..يمكنك ان شعرت بالتعب ان تتركيها هناك على السدادر وساقوم بطويها لاحقا

نهضت حاملة قمصانه
- ابدا هذا عملي وافتخر به لاتقل هذا... احب الاعتناء بهته الامور لطالما كنت هكذا

قال سعيد مبتسما بوسامته فضهرت غمازاته بقوة تعزز رجولته:
- ماذا ان تناوبنا؟
قالت مبتسمة بخجل تخفض نظرها
- لا سعيد ابدا ؟
قال يشاكسها :
- ابدا ابدا؟

التفتت تنظر اليه :
- الا اذا ما حكمت عليك في لعبة الورق اليوم
ما رأيك ؟

قال يفسح عيونه بقلب مفعم بالحب
خذر لذيذ من قربها و في ما منحها الله من صفاء :
- تتحدينني انا شاطر في لعبة الورق رغم اني لا احبذها

قالت عبير ببراءة:
- لما؟

شعر انه سيتورط مع اسألتها فقال ينقد نفسه مبتعدا الى الحمام:
- نسيت عبير علي ان استحم سريعا فالعمل ينتظرني

قالت عبير تلصق يديها على عضديها:
- وانا الن تعدني ان نلعب الورق للتسلية فقط

قال وكأنه يفكر:
- حسنا سنفعل

فابتسمت له حتى انه نسي نفسه وهو يقف في مكانه ينظر اليها بعشق الا انها باحراجها حمحمت فاستدار ليدخل الحمام ويتركها تستعيد وجهها المشرق من الخجل





في جناح عثمان

تركته بالاسفل منسجما في الحديث مع جدهما ووالده
وصعدت هي الى جناحها
رمت بحقيبة يدها على السرير
لاتدري لما تشعر انها عادت الى حصن حصين بين اسوار سجن عتمة
تشعر ان شيء يكتم على انفاسها ولاتدري ماهو
انه حدسها مرة اخرى وتخاف من تلك المشاعر التي تسبق حصول امور ما
خائفة هي من ان يكون وراء هدوء زوجها شيء مخفي
حتى نظراته لاتستطيع ان تفسرها هل هي نظرات توعد
ام نظرات حب
جلست على السرير واضعة يديها على خديها تفكر في مئات الافكار فزوجها بالنسبة لها لغز لايفك ولايوجد له حل
وتريد ان تصدق انه فعلا مع تغيره قد نسي الامر الذي اتعبها في البداية

نهضت من على السرير واقتربت من حقيبتهما تفتحها لتقوم باخد الملابس التي ستغسل والملابس التي لم تستعمل اصلا
واعادت الى الخزانة البعض والبعض الاخر وضعته في السلة الى ان تقوم بانزاله للغسل

اقتربت من الخزانة لتأخذ ما سيلزمها للاستحمام
واثارها فضول
ان تقوم بالاطلاع على محتويات خزانة زوجها
فضول قد تذفع ثمنه دون ان تدري





في جناح سعيد


خرج سعيد من الحمام اكرمكم الله
وكان قد ارتدى سروال تجينز وقميصا بنيا
وقد حلق دقنه بعد ان نمى شعره كثيرا
كان قد مشط شعره المبتل الكث وانتشرت خصلات حول وجهه مما زادته جاذبية
تنهد وهو ينظر الى من توليه ظهرها
كيف بالله يستطيع ان يبعثر مشاعرها
هو من كان فعلا بارعا في ذلك مع الباقين
تنهد بعمق وغالب رغبة في ضمها وتقبيلها على جبينها او وجنتها فقط لاغير
ان يحصل بذلك على دفعت رافعة للمعنويات قبل العمل
تجعله يعمل بنشاط اكثر متاكد هو من انها قادرة على ان تذيبه شريانا شريانا
واقترب من الباب عندها التفتت اليه عبير وهي تقول :
- سعيد...
التفت اليها
- اردتني
قالت تنظر اليه معجبة بوسامته الضاهرة التي لاتنكرها غير ان اي مشاعر من اي نوع لا تباغت نفسها
- تبدو وسيما هل كل هذا من اجل العمل؟

ابتسم فرحا من كلمتها مجيبا:
- اجل اعرف انني مفرط في الامر ....لكن عادتي ان اكون كامل الاناقة رغم ان الشغل الذي اقوم به يجعلني افقدها في دقيقة...لكن هل من اجل هذا ناديتني؟

قالت بخجل تغير الموضوع:
- في الحقيقة اريد ان أذهب الى ماما لكي انام عندها قليلا بعد الغذاء انت لاتمانع؟

قال يمعن فيها النظر وهو يشعر انه عليه ان ينفذ للجميلة طلباتها
فهي نفسها كثيرة عليه:
_ طبعا واذيقيها من الحلوى الفاسية ...ام تراك لم تتركي منها شيء ؟

زاد خجلها مع ابتسامة محتشمة:
- طبعا لا ...انت تظلمني.. احب الحلوى لكن لست شرهة

قال يبتسم بالمثل وعيونه الناعسة برموشها الكثيفة
تخفي عجائب الهوى في قلبه:

- اه ...لا حاشا ان تكوني كذالك انت كل شيء جميل في الحياة ...احم... سأذهب

كانت عبير في تلك اللحظة من حرجها من كلامه المعسول قد انتهت من توضيب كل شيء دون ان تشعر
فاقتربت منه تسال باهتمام:
- هل ستأتي للغذاء؟

تعجب لسؤالها لكن زاد ذلك من دفئ غريب بين اوصاله
وهو انه الان يشعر انه انسان يعيش في الحلال ويتمتع
بمحاسنه باهتمامها كغريزة انثى بحتة :

- لا لن استطيع ذلك ...مرر اصابعه في شعره مبعدا نظره مفكرا....اظن ان وجدت شيء في الاسفل فسآخذه معي وان لم اجد.. فساتناوله مع العمال

التقت نظرته بها وقال:
- لما السؤال ؟

ارادت ان تتكلم لكنها ابتلعت كلماتها خجلا منها كمن يريد ان يفرض على شخص شيء ما
- لا لالشيء ...رافقتك السلامة

- آمين

نظرت اليه وهو يخرج من الجناح بطوله وهيبته الطاغية
وهي تشعر انه فعلا لابد من انه لايشعر بالراحة في العمل في الاراضي
وكيف يا ترى ضروف الاكل هناك
تنهدت لتأخد حجابا من غرفتها وخرجت بدورها لتنزل الى اسفل حيث كان الرجال قد خرجوا الى الصلاة باكرا
وفاطمة ومليكة تحضران طعام الغذاء في المطبخ

ذخلت عليهما لتجد ان هناك امرأة اخرى معهما ولابد ان الشغل في القصر يتعبهما لذى وضفتا خادمة جديدة للمساعدة

قالت مبتسمة بخدود متوردة وقد تعود عليها الجميع خجلة على الدوام وهذا ما يسحرهم في شخصيتها
أعلنت حضورها:
- السلام عليكم...
التفتت فاطمة منشرحة الملامح وهي تنظر الى زوجة ابنها بحب

- اهلا بالغالية

اقتربت منها عبير تقبل يدها قائلة :
- كيف حالك امي
-بخير حفظك لي الله
اقتربت من مليكة بدورها مبتسمة لتقبل يدها ورأسها
- وانتي ماما؟
قالت مليكة التي كانت تقشر الجزر
- ظننت ان ابنتي نسيتني

- امي لا ...تدرين انني طلبت من سعيد السماح لي بالبقاء معك وراء الغذاء

قالت مليكة التي كانت تحضر السلطة
على المائدة وراءهم
- لديك بنات يا مليكة ماشاء البارئ متخلقات بارك الله فيهما

قالت مليكة تبتسم وهي تنظر الى عبير:
- الحمد لله
قالت عبير السؤال الذي كاد ان يفحم شفاهها من الاحتراق:
- امي فاطمة ...سعيد مر عليكما هنا؟

قالت فاطمة:
- لا لماذا؟

- لانه ذهب الى الاراضي ليتفقد العمل

قالت فاطمة بعتب:
- الله يهديه لما فعل ذلك ...لابد انه سيتغذى الان هناك كان عليه على الاقل ان يترك لنفسه اليوم للراحة ويستأنف عمله غذا

قالت عبير ساهمة :
- اذا هو لم يمر هنا؟

قالت فاطمة ترتب المعدنوس على القطعة الخشبية الخاصة لتقطعه:
- لا لابد انه نسي ...اعرف بني جيدا لايحتمل ان يحمل والده اعباء العمل

قالت مليكة:
- سعيد رجل قوي يا فاطمة مادام يحتمل مشقة العمل فدعيه يفعل مايراه مناسبا...لابد من انه يرى ان الوقت لايرحم

قالت فاطمة تمط شفاهها:
- كما تقولين ..رضي الله عنه ابني ذاك من بين اخوته الاكبر والذي يمتلك هيبة من جده مباشرة


كانت عبير تستمع باهتمام الى الحديث الدائر بين المرأتين ووجدت انها كما ترى زوجها فهو من كلام امها وفاطمة احسن من ذلك


قالت مليكة تسأل عبير:
- الم تتفقدي اختك لم ارها منذ صعدت

قالت عبير :
- لابد من ان السفر انهكها ونامت الان






في جناح عثمان

كانت ثريا تجلس على الارض
تمسك كومة اوراق ونفس الاسم يتكرر فيها
تكاد تنفجر لو انه اسم رجل لما فكرت بسلبية
لكنه اسم امرأة في كل الاوراق الطبية والتي تضهر ايضا انه عثمان من دفع مصاريف عمليتها مسبقا
من تكون هته المراة لتحتل ملابسه
اوراق تخبأت بين ملابسه بدقة لما؟
من تكون هته المختبأة
هته التي خرجت الان تضهر في ضوء الحقيقة وليس الخيال المرعب من ان تفني احداهن نبضها من الغيرة
من تكون تلك المراة؟ وهل تربعها بين قمصانه تعني تربعها في مكان غير ذلك
كانت تتحرك الى الامام والوراء وتشد يدها على الاوراق
التي تضهر ان العميلية بعد اسبوع
ذرفت دموع القهر بشدة رغم انها لحد الان لم تتاكد من صحة شكوكها
لكن قلبها على الهاوية
ولاتستطيع ان تبقى جامدة دون احساس وهي ترى من ستقوم بدفعه لينتهي قطع لاتجمع مهما خيطت

- اريد ان اعرف من هي هته الهام ....ارجوك ربي لاتجعلها شخصا انتهي بسببه في مستشفى المجانين فقلبي لايحتمل ارحمني ربي
ارجوك ارحمني

سمعت باب الجناح يقفل معلنا عن دخول شخص
تعرفه حتى من خطواته الواثقة على الارض
ابدا لايمكنها ان تحفظ شخصا كما تعلمت مع كل دقيقة ان تحفظ فيه كل شيء
مشيته التي تهز قلبها مع كل اقتراب منها
رائحته الرجولية التي تجعلها تنام على جنبات طرقات الضائعين في الحب
تريد لها سبيلا فلاتجد في ابواب سوى ظله الكبير

وقف ينظر الى الغرفة لتسقط نظرته السوداء عليها في الارض تجلس منكمشة بطريقة تقطع القلوب من الشفقة
اقترب منها ليقول بقسوة وعد نفسه ان يسترجعها لدى عودته الى هنا
الى القصر:

- ثريا...ما الذي تفعلينه جالسة هكذا؟...وماذا تحملين في يدك؟

نظرت اليه بالكاد تمدها له ليمسكها ويقرأها
وعندها علم جيدا ان وضعيتها كان نتيجة حسرة او تاتير ما وبات الان السبب واضحا بل مكتوبا امام عيونه

قالت ثريا بارتجاف :
- من ..الهام؟...من تكون تلك المرأة ؟هل تعرفها؟

قال ببرود رهيب جمد الدم في عروقها:
- والله اظن الامر يخصني ولم اسمح لك بالتطفل على شيء من اوراقي بل اعطيتك التصريح فقط للمس ملابسي ...ما الذي اذخلك في اموري ...
(امسك وجهها بقوة يرفعه اليه وقد اغرقته دموعها بين رموشها الحمراء:
- اخبريني يا ثريا ما الدافع لبحثك في ملابسي

قالت تبرر:
- لم افعل ذلك عمدا...كنت ارتب القمصان ووجدتها
اخبرني الان ارجوك من تكون الهام

جلس قربها يشبك ساقيه امامه وظهرت قوته وصلابته قربها هي التي بدت كقشة تلعب بها الرياح
قال ينظر الى الاوراق دون رحمة:
- كانت ستكون امرأتي قبل ان تأتي انت

صعق قلبها بدون رحمة
تبعترت شرايينها الما
شعرت انها كالمجانين في المروج الوحشية دون مخرج
ابعدت وجهها عنه واخفت دموعها
التي نتجت عن انفاعلها ونبضاتها التي تريد قتلها
خوف خافت هي منه
فتكون في دقائق الى اسد ضار
تلتهمها الوحشة والشعور المر

اكمل وهو يمعن النظر في تفاصيل وجهها قرب شعرها اللولبي الاحمر
وشعر بارتعادها واحس انه يصيبها في الهدف المباشر وانه يفوز لا محالة:
- كانت امرأة خلوقة جدا ذات جمال ذاخلي وخارجي ايضا
وفقط لانها مريضة لم ترضى ان تبقى قربي لانها خافت من ان تصبح عالة علي ...شريفة فعلا

نهضت ثريا من مكانها بسرعة مبتعدة عنه:
- اسكت...اسكت ارجوك اسكت...كف عن ذلك لما تصر على تعذيبي الست بشرا؟

قال بقسوة في ملامحه اكثر من نفسه:
- اصمتي ولاترفعي صوتك ....اخبرتك لتعلمي بانك صاحبة حظ ايتها المخادعة الكاذبة لدى لاتنتظري ان تدوم هدنة اسبوع العسل لانني ساعود بقوة كريهة لم تريها في حياتك

نهض برشاقة الى مكانها حيث وقفت مشعتة الشعر من كثرة تمرير اصابعها فيه من القلق وبيجامتها السوداء التي تصل الى تحت الركب

وقال ينظر اليها من فوق حيث ابعدت عيونها عنه فراقب شعرها الذي يكاد يغطي وجهها:
- انت ومشاعرك لاتهمني ...واكثر ما اتمناه هو ان تكفي عن دموع التماسيح تلك فلن تنفعك معي....ما يهمني حاليا جسدك لما لااستفيد منه مادام حلالي؟؟؟ لكن ..ابشرك انتظري الفرج من هذا الزواج قريبا فما ان اشعر انني عفت جسمك هذا حتى اقوم بترتيب الامر لاسهل الطلاق بيننا

رفعت نظرها اليه لكنه ابتعد عنها ياخد له ملابس مريحة ويبدأ في تغيير ما يرتديه في الحمام
قالت بنبرة مصدومة من وراء باب الحمام تسمعه كلامها:
- انت تمزح معي عثمان ....عثمان لاتقم بفعل كهذا والله اعدك انك ابدا لن تلمسني ان ظللت على هذا الكره لي وانا والله لست مذنبة

صرخت عندما لم تجد منه جوابا
- عثمان تسمعني ان اردت تطليقي فلن تلمسني ...لن تلمسني من الان ايها الكريه...اكرهك... انا اكرهك اكرهك
اجهشت بالبكاء بقوة فسمعت باب الحمام يفتح لبتر الدموع من عيونها
ولإحياء الخوف في جوفها:
اقترب من مكان وقوفها قرب السرير حيث تراجعت
فرأته يقترب منها متكدر الوجه متغضن الجبين
مكفهرا كسحب سوداء تحمل البرق والرعد في آن واح

- ما الذي قلته الان؟

- ما سمعته ولن اتراجع عن كلامي

- لا لااطلب منك التراجع الان عن قرارك بل ان تعتذري منه لانك فعلا تحديت حدودي كلها وطفح الكيل منك...قد اقوم يا ثريا باخذك بعيدا عن هنا وارميك من اعلى سفح يصادفنا وعندها اكون قد غسلت نفسي من عارك

- لا انت غير قادر على ذلك ...لو كنت رجل حقيقيا لما عاملتني هكذا ..لو حالفني الحظ قليلا لكنت الان انعم بحياة سهلة مع احدهم في باريس او اي بلد في فرنسا بدلا منك

شعرت انها كما لو انها مصارع غير محنك في عمله يحمل اللون الاحمر لينتهي بقرون الثور في قلب صدره

حملها ورماها على السرير بقوة من غضبه الاعمى
ليسجنها تحته يمسك كلتا يديها التي تحاربانه

- عث..مان دعني ..دعني

- هل قلت تنعمين بالراحة مع آخر تخونيني... حتى في خيالك يالك من كلبة... اكاد ارأف بك لكنك تظهرين يوما عن يوم ...على حقيقتك وانا فعلا حكمي حق فيك

- انت الرجل الوحيد المريض ....الذي شاهدته في حياتي ...ان لم تتركني ساصرخ

- ان صرخت فلن يكون من مستفيد سوى انا بوضعك في حضن امك ايتها الثريا لتشرحي لها لما خدعتنا عندها سنضحدك من هذه العائلة نهائيا

كانت لاتزال تتخبط تحت قوة يديه
وفي لحظت شعرت ان قواها بدأت تضمحل وتتضائل
ولم تستطع ان تكمل القاومة فضلت ساكنة وهو فوقها ينظر اليها ويشهد انتصاره عليها
:
- تقولين انك ستمنعينني عنك...اولا صفدت يديك بيدي والباقي اعرف انه سيكون سهل

- انت وغد ياعثمان ...صرخت... اكرهك

اقترب يدنو منها ولمح تغيرا في عيونها الرمادية يقترب من شفتاها المتوردتين تحت شفاهه القاسية فهمس
- والان لما لا تظهري لي كرهك الحقيقي

شعرت انها تلتهب من قربه وان نبضها بقوة يخونها
وتنفسهما امتزج بتناغم ساحر
حرر يديها فبدل ان تبعده عنها قربت يديها من عنقه وظلت تشعر بالحب الكبير له في قلبها يصبح مأثرا بها الى حد الجنون لذى انبتر من يديها قبل ان يكمل ما اراد فعله ليقول وهو يقف:
- انت تحت سيطرتي الى ان امل شئت ام ابيت يا ثريا
قلتها من قبل فلابد انك مخادعة وضعها الله في طريقي لاقوم بتلقينها درسا مهما لتثوب من كذبها وتلفيقاتها

وابتعد عنها يخرج بكامل ملابسه من الجناح
ويتركها وحدها تغوص في مستنقع المعانات المليئ بعلق اليأس والحب المستحيل له






في منزل يونس وياسمين



كانت تضع على المائدة صحون الطعام الذي منذ ان اصبحت وهي تقوم بتحضيرها
تحس ان يونس تغير وتدري انه منذ ان قالت ذلك الكلام الذي اقسمت على اخفائه عن الجميع ان زوجها الان غاضب منها دون ان يجعلها تشعر بغضبه
في الحقيقية باتت تشعر انه لربما يحبها فعلا وانها كانت مخطئة في جرحه لكنها ايضا تظن انه هو من اضطرها الى ذلك فلقد كذب عليها وهي لم ترد سوى بناء عائلة
لتجد هذا الشخص يخبئ لها انتقامه منذ زمن
كانت تضع آخر الاطباق على المائدة عندما دخل يونس الى البيت صامتا لعلمه ان لافدوى ابنة ياسمين ولايامنة تعلمان انه
يتحدث
لدى يفكر ان يبتعد لاسبوع او اكثر
ليترك لياسمين الفرصة في ترتيب افكارها من ناحيته
وايضا ليعود على اساس انه قد قام باجراء عملية على حباله الصوتية حيث كان يعاني من المشكل لكي يمارس حياته طبيعية معهم ويكتشفهم اكثر

التقت نظرته بجارحة الفؤاد منذ ان كان شابا يافعا
الى الان
وتعرف جيدا كيف تكون هته المرأة عاشقة بوفاء وتكون من اقسى النساء على كوكب الارض
لايزال منظرها امامه يبعث به براكين لن تنطفئ هذا يعرفه لكنه يصبر عليها
لكن بقدر الحب لها بقدر العتب على هذا الجرح الذي تفرع في باقي اوصاله فما إن يراها يشعر انه يتالم منها بشدة

احنى راسه لها وتلقى في يديه فدوى التي استقبلته تصرخ:
- بابا يونس ..اشتقت لك كنت اقول للجدة انني اشتاق اليك فانت الوحيد هنا الذي يشعرني بالمرح اما الباقون فهم مملون

عاتب الصغيرة باشارة اسكتي من يده ومن عينه ففهمته

قالت ياسمين لفدوى :
-دعي اباك عزيزتي يرتاح انزلي عنه ليذهب ويغسل يديه من اجل طعام الغذاء

انزلها واقترب من يامنة ليقبل رأسها فقالت:
- رضي الله عنك يابني كيف كان يومك

اشر جيد
فقالت ياسمين للجدة:
- يقول جيد امي....نظرت اليه تستجدي اهتمامه بما حضرته

فتلقت منه نظرة احتقار لما حضرت من طعام على المائدة وذخل الى غرفته دون ان يجلس معهم

بهتت من تصرفه ذاك
نهضت لتتبعه الى الغرفة التي هي اجمل من بيتها القديم بفراش تقليدي لكن انيق
عندما ذخلت عليه وجدته عاري الصدر
قالت تسأله:

- يونس الن تأكل؟
فك حزامه ليبقى بشورط قصير تعداها تحت نظراتها الغير فاهمة واخد روبا وتوجه الى داخل الحمام

تبعته الى الحمام تقول :
- لما تقوم بهكذا تصرف يا يونس اخبرني ما خطئي؟

نظر اليها بكره يحاول ان يحرجها
وقف امام المغسلة الصغيرة واخد معجون الحلاقة ليحلق دقنه
فلمست كتفه
ولم يفته ابدا جلده الذي احترق تحت لمستها الا انه التفت اليها ينظر بازدراء والى يدها بقرف
فاحست انها فعلا تائهة لما لايتكلم الان هل كلامه معها من قبل كان حلما؟

- كلمني يايونس اعلم انك تتكلم لست بيامنة او ابنتي لذى ....
قال يحلق دقنه برشاقة:
- محقة انا اتكلم لكن في الوقت المناسب وبما انك مصرة ساقول لك ما سافعله
اولا سادعي باني مسافر امام يامنة وفدوى وستساعدنني في الامر
اما في الحقيقة فسوف اقطن في غرفة مجهزة للعمال في حضيرة الدواجن الخاصة بي لاكثر من اسبوعين على الاقل اريد ان اتركك مع ذكرياتك العتيدة مع زوجك الاول رحمه الله ...لست من يستغل لذى كوني مرتاحة وقد اعود الى هنا على اساس عودتي من السفر بعد اجراء عملية على اوتاري الصوتية ما سيجعلني اتكلم بحرية في حضور يامنة وفدوى

بقيت مندهشة لهذا الرجل الذي يحول حياتها الى زوبعة تبعتر افكارها

- زوجي ليس لاني احب...
- اسكتي ارجوك لا اريد سماع المزيد لن اثقل عليك مايدفعني الى هذا هو انني انسان شهم ولاارضى بان ارغم شيء على احد

لم تستطع ان تقول اي شيء
فقال هو ينظر اليها وقد انهى غسل وجهه الحليق تاركا شاربه الطويل على اطراف دقنه يضهر بوسامة:
- هلا تفضلتي وخرجتي فانا اريد ان اريح عضامي قبل ان انتقل هذا المساء

خرجت وبقيت لحظات تحاول ان تستوعب ما يحصل اذا هو فعلا مجروح منها ومن كلامها
يالي من مجنونة ما الذي فعلته لم اقصد حتى ان...






في القصر



في مكتب الجد يجلس بشموخ فوق كرسيه وراء مكتبه الضخم الفخم ووراءه بالتحديد مجموعات من الكتب الثقافية والطبية التي يستفيد منها في تحضير خلطاته الرائعة من الاعشاب فهو يحاول ان يجعل ما امكن
من في البيت يستعملون الاعشاب التي كانت رفيقة دربه في مشوار حياته اي في بداياته
كان عشابا من الطراز الاول لديه في القصر غرفة شبه مختبر يقوم بتجربة الاعشاب فيها ووضع وصفات جديدة والى الان استطاع ان يدفع كتابين من الاعشاب المفيدة في السوق
يأمن انه الانسان مهما تخلى عن الادوية والعقاقير وتغييرها بالاعشاب فسيحافض الانسان ما امكن على مناعته
وصحته من اللادمان

اليوم يجلس على مكتبه مرتديا قميصه الطويل الابيض الذي يضفي عليه هبة خاصة على كبر سنه ويضع طاقية مشبكة جميلة صنعتها له مليكة من اعمالها في الحياكة والتطريز
وقد كان يضع على عيونه نظارتيه الطبيتين ويطالع كتابا عن معلمة الفقه المالكي

عندما سمع طرقا على الباب رفع نظارته ووضعها على المكتب معطيا الاذن بالدخول
وضع الخيط الى حيث وصل في الصفحة ليقوم بوضعه في الجهة اليسرى من يده
نظر الى الوافد بطلب منه وهو عبد الصمد
الذي كان مرتديا كامل ملابس الفروسية التي في بعض الاحيان
يجدها ملائمة لرشاقة جسده القوي الرشيق اكثر من اخوته من ناحية النحول عكسهم هم الاقوياء بشكل ملفة

قال :
- السلام عليكم جدي
اقترب منه كفارس من الفرسان المغوارين وقبل يده ليقول الجد
- رضي الله عنك بني اجلس ..لاتقف هكذا

- حسنا جدي تحت امرك

قال الحسين مرتاحا اكثر في جلسته يمعن النظر في حفيده:
- تعرف لما ارسلت في طلبك؟
- لا والله جدي لم يخبروني الا بانك تريدني فقط
- ارسلت فيك لاقوم بمناقشة مشروع زواجك

نظر اليه عبد الصمد بوجهه الوسيم دو القسمات الفاتنة:
- هذا كرم منك جدي

- طبعا ...هلا اخبرتني بما تنوي فعله ...من جهة اعرف جيدا العروس تلك الصغيرة تلزمها العناية فتعرف جيدا انك ان تزوجتها يافعة في مثل سنها العشرون فعليك ان تصبر على دلالها الذي تعودته في بيت والديها...ومن جهة عليك ان تعرف كيف تجعلها امرأة واقعية وناضجة التفكير

قال عبد الصمد بطريقة تدل على تمكنه من نفسه في الامر:
- لاتحمل هما جدي انا اعرف جيدا كيف اتعامل معها باذن الله ومساعدته فانا مدرب اصلا ...
ابتسم ليبادله جده نفس البتسامة

- اذا انت واثق؟... طيب باذن الله ستخطبونها هذا الاسبوع كما قال سليمان؟

قال بالايجاب:
- اجل جدي ...في هذا الاسبوع باذن الله لانريد ان نأجل ذلك والزواج سنحدد له في نفس الفترة قبل فصل الخريف

قال الجد :
- اتمنى ان تعلموا سي محمد بانكم ستقومون بعقد الكتاب في نفس ليلة الخطبة .....اصلا نحن اصدقاء وليس من الضروري ان تطولا في ذلك

شعر عبد الصمد بان فعلا صبره سيكون له فوائده
وحلمه الان بات يتحقق بسرعة والحمد لله واخيرا فرج الله اسره من ذلك النذر

- ان شاء الله جدي

يمكنك ان تذهب عبد الصمد واتمنى ان يبارك لكما الله في حياتكما
قال عبد الصمد بعد ان قبل يده مرة اخرى :
- امين جدي ان شاء الله وترى اولاد احفادك في القريب ان شاء الله

- امين بني ...لاتنسى ان تاتيني باوراق البيع والشراء في الاحصنة

- طبعا جدي الا تحتاج الى شيء الان ؟

- لا...يمكنك الانصراف

قال عبد الصمد مبتسما
- السلام عليكم

عند خرجه شعر انه يكاد يثقب السقف من سعادته الغامرة في روحه
ترفرف اطراف ورود تعبق بعطر هنديته الجميلة
وتعشش في انفاسه للان ادفائها السخية بالشوق





في القرية

في طريقه الى بيت العربي مرتديا في هذا الحر قميصا ابيضا بدون اكمام وسروالا من سراويله المميزة التي تزيده رجولة في اللون العسكري

كانت سمرته التي اكتسبها بجلوسه في الشمس ملفة فقد افتقدها كثيرا في ظلمات السجن العفنة
والان بات بحمد الله يطرد برودة الجنبات في ذلك القفص من مسامه الى الخارج لتنعم روحه الخاوية الا من عشق لفتاة ازهرة له
ومن غيض يتآكله لوحوش افترست شبابه اليافع قرب والدته

اقترب من باب المنزل المتكون من طابقين تحت اشعة الشمس الحارة
يقفز على حجر كبير برشاقة
وبعدها
وقف وسط الحي ينظر الى نافدتها الصغيرة وقلبه ينبض بقوة ياتراها سوف تطل لتراه يقف كالابله الولهان هنا لتنتهي بتبريد ناره بسطل ماء في هذا الحر
لكنه لم يحصل على مراده لذلك اقترب من الباب ليصعد الدرجات الفاصلة عن بيتهم
طرق ثم دفع الباب الحديدي المعوج ليدخل
لايدري لما شعر بفراغ غريب في البيت هذا
اولا لم يسمع صوتا في المطبخ يسال من الداخل والذي يكون صوتها طبعا هذا ما افتقده فعلا
لذلك لم يحضى هته المرة الا بطلة من امرأة يعرفها وهي زوجة العربي

قالت :
- أأه السلام عليكم اخي تريد العربي ...انه في الداخل
اشارت الى الصالة الديقة الصغيرة التي يتوسطها التلفاز المهتري والذي يكاد لايظهر الا القليل من الصورة
قبل ان يظهر للعربي نهض هذا الاخير ليبدأ بالسب واللعن وهو يضرب على التلفازلكي تصلح الصورة فيه وعندها عندما شهد لمعانا ما قريبا منه علم انه هود ونظرته الخارقة للعادة بالنسبة له:
- انت؟
- انه انا... جئت كيف الاحوال؟

- سنكون يا اخي بخير ان انت تنحيت عن طريقنا

قال هود يطل عن غرفة جميلة مبتسما بثقة
- اين جميلتي ؟ هل هي نائمة

شعر العربي انه سيفوز عليه هته المرة فقال:
- جميلة ذهبت ..باح.. لم يعد لها وجود هنا

تكهرب الجو اصبح لون هود قرمزيا من الغضب حتى ان عرقا اخد ينبض في جبهته بقوة والندبة في جبينه زاد ضهورها:
- كيف ؟
انقض عليه بسرعة يلصقه على الحائط بقوة يخنقه بيدين قويتين:
- اين هي جميلة ؟..اخبرني ايها النكرة والا طعنتك الى الموت اخبرني
قال يشدد على السؤال ويضرب له راسه مع الحائط بقوة:

العربي مصعوقا لونه احمر قان وانفاسه مكتومة
ذخلت رقية تحاول فك زوجها وهي تقول :
- ارجوك اتركه يا سيدي اتركه اتوسل اليك
- ليس قبل ان يعترف لي هذا النذل
- ساخبرك انا لقد ذهبت مع زوجها الى بيته فلا تفعل له شيء ارجوك... ارجوك

صدم هود والعربي بين يديه
شعر بالم مبرح في شريانيه يتراقص باستهزاء على حاله
انها الوحيدة التي تبقى له في هذا الكون كيف لهذا الكائن ان يحرمه اياها

امسك به بقوة يضعه على الارض ويجلس عليه يحطم له وجهه بقبضات قوية قوية حتى ان وجه العربي تكسر من الضرب
ورقية تحاول ان تعتق زوجها الا ان هود كان كالاعمى حبيبة قلبه هو تذهب بسهولة لغيره

قال يقف بعد ان رآى العربي تحته مفشلا كليا من النفس
- اخبريني انت ...الى اين اخدها؟ ومن اخذها؟ ومنذ متى؟ اخبريني والا قتلته وقطعته اربا ورميته الى الكلاب في الخارج
- انننننها .....

من خوفها اعترفت له بكل شيء عن مكانها ومن اخدها وكيف حصل كل هذا
ويا للعجب لدى خروج هود بقيت هته المرأة المغلوب في امرها تنظف جراح زوجها من حبها فيه الى متى مثل هذا (((((الا....))))))في حياتنا؟



خرج هود كالاعمى تقريبا يشد على يده بقوة تقلبه كان كالطوفان الذي يكون هادئ فلايفتأ ان ينقلب ما في الاسفل الى فوق بقوة
اخد العنوان الذي اضطره الى استعمال عربة بحصان وطلب من سائقها ان يسرع في قيادتها
كان يتحرق يتقلب كالخبز في الفرن تحرقه الافكار من كل الجوانب يكاد يختنق ويفقد صوابه كليا
توقفت العربة التي طلب من سائقها ان ينتظر وسوف يقوم بدفع ثمنه مضاعفا

كان المنزل يلوح له وراء السنابل الكثيفة في ارض صغيرة وتقدم ركضا لايدري كم يفرقه عن البيت لكنه يكاد يجن من فكرة ان يلمسها ذلك الخسيس


في ذاخل المنزل بغرفة نوم عادية جدا كانت جميلة بقفطانها الرقيق الاصفر لاتزال تجلس فقد استطاعت ان تتملص من هذا الخنزير وقد بررت ذلك بانها تريد ان تأكل فهي جائعة
قال .....:
- سوف يحضرون لنا الطعام الان ارتاحي انت ههههههه
نظرت اليه بكره تقريبا تخفيه في ابتسامت تشوبها تغيرات نفسها عن هذا الوضع:
- ان شاء الله

اقترب منها اكثر وابتعدت اكثر
- تعالي لما انت خائفة .؟
- انا جاااائعة ولست خائفة ولاتكن لحوحا

دخلت من الباب احدى اخوات عريس الغفلة كما نقول وهي تزغرد وتصلي على النبي
حتى العقد لم يكتب انهم فعلا حقيرون وابي احقر منهم

قالت اخته:
هاهو الطعام دجاج مشوي بالحامض والزيتون هنيئا مريييئا رووووووي

خرجت لتتركهم فقالت جميلة:
- هلا سبقتني لغسل يديك سانتظرك
قال بغباء ضاهر:
-حسنا
يا الهي لايذكر حتى انه للتو خرج من الحمام
اللهم اعتقني يارب
جذبت من صدرها قارورة ملأتها بسم الفأران الهاري
وسكبت منه في مكانه وتنفست وهي ترتجف بقوة لم تفكر ابدا انها قادرة على قتل احدهم لكن فلتموت على ان تلمس حدود الله بشيء

خرج يضحك وجلس قربها
فقالت بابتسامة :
- ابدئ انت
- ساطعمك
- لالا لا يا زوجي ....هه كل انت اولا وسآكل وراءك فانا اخجل ولاتنسى سمي الله وكل بيمينك وكل من امامك
شعرت انها تريد ان تبكي فليست هي بالقاتلة ولاهي بمن يتمنى بقتل نملة لكن ابدا لن يصل امرئ اليها الا في الحلال حتى لو ادخلت السجن فهو ارحم لها
ما ان شرع في غمس الخبز في المرق حتى سمع صراخ وعويل في الاسفل وتلى ذلك دخول هود
في تلك اللحظة التقت عيونهما ولاتدري لما شعرت انها الان فعلا بامان وشعر ان قلبه الان ارتاح قليلا على عزيزته
اقترب وقلب المائدة وسط ذهول الحاضرين من الاخوة من وراءه ومن زوج الغفلة الذي نال من الضرب ما لم ينله في حياته حتى ان هود كاد ان يقوم برميه من الشرفة لولا دراعه التي ارسلت من تلك اللمسة الى قلبه تيارا ابرد ناره
نظر اليها يقول:
- هل انت بخير؟
- بخير فقط انزله
انزله ليأخذ يدها ويخرج من البيت باكمله الذي تركه في فوضى عارمة حتى من الاخوات فتن كليا بالاخ الذي اكل فعلا مما اراد
في وسط الارض المسنبلة بنعومة توقفت وتوقف لينظر اليها فاخدت يدها منه وقالت:
- اشكرك سيدي على مافعلته لكنني لا استطيع ان اكمل معك

نظر اليها وقد تاتر بجمالها الرائع حتى خشي عليها من الشمس فاعطاها الجاكيت الخاصة به ووضعها لها على شعرها الذي نسيت ان تغطيه

- ما الذي انت خائفة منه انا لست هو؟
- اعرف لكن حياة في الحرام لااريد... وبت فاقدة للثقة مادمت لم اجدها في والدي ...ومن يخبرني انك لست مثل الزوج العتيد فوق ولن تكون نذلا مثله

شعر ان الغضب بدأ يعصف بقلبه لايريد منها ان تشعر هكذا:
- انظري ثقي بي

- لا استطيع... افهمني انا لحد الان كنت على وشك ان اقتل الرجل بالسم الهاري اتدري كدت ان اموت خوفا قبله

اراد ان يخفيها في صدره ان يبرد وجعه ويمسح خوفها
- هل ستعودين الى بيتك؟

- لا ...

- واين ستذهبين الان؟

قالت تضم ذراعيها حولها بارتباك
- ساتدبر حالي

- انظري ساتزوجك الان ان اردت فقط لن اتحمل رؤيتك وحيدة في اي مكان مختفية عن ناظري

بعث في نظرته كل العشق الذي يميله اليها
فنظرت اليه لاول مرة تسمع شيء كهذا ولاتعرف معناه لكنه يشعرها بالفرح هذا ما تعرفه
- اذا ارني انك فعلا ستفعل ذلك...وتستحق ثقتي

سبقته وسط السنابل المتمايلة بنسائم الهواء الصيفي الناعم
تحت نظراته التي التهمها جمال طلعتها وتبعها مبتسما الان فقط ارتاح كليا بعد ان فجج غضبه في من ارادوا ان يلمسو ياقوتته الثمينة
وشعر بالسعادة لانها ستصبح تحت سقفه له وحده في عزلة تامة عن باقي الخلق

يتبع.............


















ان شاء الله


الجزء الخامس عشر

بعد ثلاثة ايام

في القصر

كان عبد الصمد لايجد الوقت الكافي للحصول على بعض الراحة فقد كان عليه ان يذهب في المساء مع والد واخوانه وكذا امه الى منزل السي محمد لكتب الكتاب على هند
والقلق رغم كل هذا يبعث في نفسه عدم الارتياح البتة

كانت امه قد حضرت للعروس لوازم الخطبة والزواج في آن واحد
وكذا المهر
وقد سبق واتصلت برشيدة معلمة اياها انهم قادمون ليخطبوا ويكتبوا الكتاب فطلبت ان تسمع موافقة ابنتها
وهذه الاخيرة فرحت كثيرا ووافقت حتى تركت والدتها مندهشة من فرحتها هته واندفاعها العجيب نحو الموضوع لذى انتهت بتفسير الامر بانه فرحة العروس بزواجها
امر عادي






**************************


في هذين اليومين المنصرمين


وصل عصام الى العاصمة الدار البيضاء لانهاء الاجراءات اللازمة في دفن اخته في مقبرة الغفران
وكم آلمه قلبه وتحسر لفقدانها لكنه وعد الا يبكي عليها
ان يدعو لها بالرحمة والمغفرة عسى ان يرحمها الله ويسامحها ويبعد عنها العذاب
بعد ان دفنت
وقف ينظر الى قبرها البارد
والى الرجل اللذي يعتني بالقبور وقد طلب منه ان يضع لها من ذلك العشب المورد برقة
انعش قبرها بقطرات ماء بللت تربته
سرح صاحب النظرة العميقة في هدوء القبور
الا من الرجال اللذين يقرؤن على البعض منها في قبور متفرقة وبعيدة
مقبرة الغفران دات مساحة شاسعة تضن انها لن تتنتهي بتاتا خضراء
هانئة من تقلبات الحياة
سرحت نظرته كثيرا ودعا لها بالمغفرة
واستغفرالله في نفسه كثيرا وشعر بانه محظوظ فما دام في الحياة فلابد من ان الله يترك له الفرصة في اتخاذ الطريق السوي
تحرك من مكان قبرها
وشعر ان قلبه يعلق وراءه لكنه اتخذ كامل قوته وخرج من هذا المكان داعيا لكل الموتى بالرحمة
وقرر ان يذهب الى المعاريف حيث يقطن حاليا في فندق مريح ويحتاج فعلا الى الراحة فهو لم ينتهي بعد من هته المدينة
فينتظره شوط آخر عليه اجتيازه




**************




في حدود تلك الارض البهية



هود عاشق هو
وعشقه تفرع في كل مناطق جسده غلغل روحه ورفض التنازل ابدا
اصبح كالمجنون فعلا وبالخصوص بعد ان تزوجها
توجته كملك في عالم الحب
ورأى انه ابدا لم يعشق انسانة بعد حب امه الخالص الى الان غيرها
كانت قربه على زربيته المتواضعة الدافئة تنام فاردة شعرها على ذراعه القوية
يحمد الله لانه بدأ للتو حياته التي تمناها دائما رغم ان الحظ لم يحالفه
في بداية حياته
الا انه الان بات اكثر تأكدا من انه فقط يمر في الحياة من تجارب وصبره عاد عليه بالفوائد المفرحة لروحه
والمرضية لكامل عروقه
دفن رأسه في شعرها وتخذر هو مع عطرها
وما زاد نبضه قوة تنفسها ونغمته المتسلسلة دون ملل تدفئ صدره المرتعش
تركها على وضعها واقتنع بانه يكفيه
رفعته فجأة افكاره
اخطاء الماضي الجسيمة
يتمنى من الله ان يصبره بعد اقتراب اعترافه لها فان علمت قد تنتهي بقتله او تركه
ويضن ان هي قتلته سيكون اهون وارحم لقلبه
الذي تزيد اوجاعه بسببها الان
نامي ياجميلتي الغالية فلا اتمنى الان سوى لحظات السعادة هته الا تفنى ابد




*********************



بالقصر
في جناح عبير



تلوم نفسها كثيرا لانها فعلا تسببت في نهوض سعيد للعمل متأخرا
ضلت تلعب معه الورق
متحدية اياه بانها من سيفوز لكن كان يغلبها
شعرت بسعادة وحميمية خاصة في سهر الليل الى ساعة الفجر وكم ضحكت على نكاته اللتي تدري انها سخيفة فقط لانه يتعمدها كذلك
سبق واعترف لها بعشقه لها وكم كانت كلماته في بعض الاحيان تخرج منه دون قصد
فتتعداها بالاستمرار في احاديثهما الشقية
عن هذا وذاك
وبالخصوص كم كتمت ضحكاتها عنه عندما كانت صغيرة في مواقف عدة
سر جميل في علاقتها به انها تعلم انها لا تمله
ولاتعلم انه يكاد يهلوس باسمها في خياله
وربحته في النهاية في لعبة الورق
وبهذا كسبت ويعني انها من سيهتم على الدوام بكل اموره
ولديها مخططات اخرى من اجله
ويكاد هو ايضا بما يخبأه لها من مخططات يلين بها مشاعرها نحوه تخرج في لحظات يريد ان يفرحها بها
لكنه يتمالك قلبه ليحفظها للوقت المناسب
في الحقيقة تعجز عن فهم سعادتها بتواجده معها وحضوره وكذا امتاعها بخفة دمه
تعلم انه زوجها ويحق له مايحق وهذا فقط ما يجعلها تتغاضى عن كلامه المعسول في بعض الاحيان
لكنها لاتنكر انه يروق لها سماع المديح منه
وانتهت السهرة بسماع الاذان لصلاة الفجر واقفلت السهرة وقد اشعرها هذا بانها تتمنى لو يبقيا هكذا طويلا
وكان عليها ان تصلي وتقفل على نفسها الستائر لتنام براحة
لكن اهي فعلا مرتاحة؟
لم يغمض لها جفن الا وهي تسمع خطواته لدى عودته من المسجد سالما وبعد ارتياحها غابت في نوم عميق





*******************




في جناح عثمان


ضل الاتنان على نفس الحال
عثمان غاضب كل الغضب منذ ان ذكرت انه لمن الممكن كان لها ان تحضى بالراحة مع شخص آخر غيره
لايدري ولكن مجرد التفكير في الامر يجعله قادرا على ان يهد القصر بما فيه لكن ابدا لن يضهر لها شيء تتخده كسلاح ضده

هي من جهتها عذبها هذا التباعد بينهما
غالبت نفسها واحاسيسها المشتتة في درب الحب لرجلها المغرور
تضهر له انها غاضبة منه بالقدر الذي هو عليه فلا يتبادلان سوى كلمة السلام
بعد المشاجرة كل ينزوي في جهته من السرير
تحاول ان تشعر نفسها ان هكذا افضل لكن كيف لامرأة تحب شخصا بهذا القدر ان تفكر هكذا؟
تريد ان يمتلكها بالقوة حتى ولو بالغضب الاعمى فهي باتت تتوافق مع طبيعته الحادة لكن برود كهذا ما لاتريد
هل يعني انه يملها الان؟
هل يمكن ان تكون لتلك المرأة مكان في حياته في قلبه؟
تريد ان تسأله ان تتوسل له في ان يخبرها فقلبها ماعاد يحتمل
الالم يزداد بقدر التباعد
لكنها عدلت عن افكار الانهيار امامه فما عاد الامر ينفع

والشوق الغريب في دم عثمان يغلي مع كل نظرة يوجهها لها فكم هو صعب فرض الكبرياء على ساحة الصراع انه موجع ومؤلم بإفراط
لايعرف لما صعب عليه ان يفرض البرود في تصرفه
على ان يقربها منه رغم تواجد العائق الكبير بينهما
اعتاد على انصياعها بين ذراعيه
على اختطاف القبل من شفاهها
دفن اصابعه المتوجعة في قلب شعرها الاحمر العجيب
شيء بدائي بينهما يجهل قوته الخفية ومن اين تنبع
ما مصدرها الحقيقي
لايدري لما هو يحبذ ما تهديه اياه من جمال فائق واعترافات
حب له ويعشق تدللها
حتى الالم
انه يضعف وليس في صالحه ذلك فهي واحدة لاتستحق ابدا ان يغرم بها
هذا حلم يتمنى الا يتحقق
ولن يتحقق





***************************




في بيت يونس



الذي اصبح بيت الياسمين وحدها
هاهي الان تشعر بتأنيب ضمير لايفتأ ان يعذبها
انه يونس انسان سبق واعدمت روحه من قبل
وهاهي الان تشهد له قسوة لم تعهدها
لم تتزوجه الا لكي تعيل عائلتها وتكتشف في الاخير انه رجل من الماضي
قد عاد
تركها ليذهب الى البيت قرب حضيرة الدواجن خاصته مورد عيشه
وتركها كدمية الشيفون
مهدودة القوى لاتركز على امر وتستعين بابنتها الان في المطبخ وفي الاعتناء بالجدة
ولاتستطيع ان تفسر سبب هذه الوحشة التي ملأت غرفتها
حملت ابنتها لتنام معها في غرفتهما علها تقلل من وطئت الحال
لكن بدون فائدة كأنها غير موجودة اصلا
تشعر بوجع غريب مشاعر سخيفة لايجب ان تشعر بها ناحيته
لكن لاتنكر ان مكانه فارغ ان دفئه قربها شيء سخي على احاسيسها
انه ليس ببعيد ليس الا قريبا
لكن لاتستطيع ان تقلل من كرامتها وتذهب لمصالحته مادامت غير نادمة اصلا فهي لم تقل سوى الحقيقة


يونس

كان مدبوحا فعلا منخورا من كل عروقه التي كفت عن النبض
بعد ان خلا لها البيت وتركها وراءه
لانها حقا تجرحه كثيرا دون ان تدري
وتحيي الان لديه جراح الماضي لتزيد عليها بجراح الحاضر
الجروح اصبحت تتفجر وتجعل منه انسان مصنوعا من الصخر لايريد
ان يقسو عليها كثيرا لان الحب ليس بيد احد فلاهو بيده ولابيدها
لكن الافضل ان يحتفض بكبرياءه عاليا
مرفوعا الى فوق
ويترك الحكم في الامر بيد احكم الحاكمين



**********************




في منزل سي محمد



كما سبق واشرت ان اليوم حدد لكتب كتاب العروسين
وكل واحد منهما السعادة تأخده الى السحب بين النجوم المتلألأة
هند تحضرها والدتها وتساعدها في كل الامور البسيطة ايضا
فرحت رشيدة لانها اليوم ترى ابنتها عروس وفي نفس الوقت تجد ان ابنتها الوحيدة اللتي تملأ عليها البيت هرجا ومرجا ستتركها
الامر تتضارب فيه السعادة مع الحزن بل تجتمعان مما يسبب في عيون امها تلك الدموع
كانت تقف هند امام امها وهي تعدل لها قفطانا في الوردي الناعم بتفصيلة انيقة
وشاهدت الدموع في عيون امها:
- ماما لما تبكين؟
قالت رشيدة تنفض الدموع بعيدة :
- فرحة بنيتي
ردت هند تبتسم لها وهي تقول :
- ماما لاتخافي علي ساكون بمأمن وايضا نحن لن نكون بعيدتين على بعضنا البعض
قالت رشيدة :
- سيصبح المنزل فارغا من حضورك بنيتي ساشتاق لك ولجنونك

اقتربت هند تقبل امها وتضمها برفق:
-انا لا ازال هنا الى يوم العرس... احبك ماما ولن اتركك سآتي لرؤيتك كلما توفرت لدي الفرصة وعد
اجابت رشيدة مبتسمة:
- على الله توكلنا اتمنى ان تسعدي ابنتي فهذا هو الاهم

سمعتا طرقا في الباب وسمع معه صوت والدها:
- يامعشر الحريم مسموح الذخول

ضحكت الاتنتان معا لتقوم بفتح الباب رشيدة ويدخل الوالد
نظر الى ابنته
السي محمد اليوم بالذات يكتشف سر طلب عائلة صديقه المخلص سليمان يد ابنته فلابد من ان عبد الصمد شاهد الاختلاف الذي لم يشاهده هو في ابنته الذي ظنها ستبقى على الدوام صغيرة
قال يفتح ذراعيه:
- ماشاء الله ابنتي انا عروس اهدي والدك ضمة
اقتربت من والدها تضمه بحنان
فقالت رشيدة:
- ارجوك السي محمد لاتخرب لها شعرها للتو انتهينا منه بصعوبة

ابتعد ولاتزال ابنته في يده
فقال موجها لها كلامه:
- ارأيت كم امك غيورة لانك تضمينني ايه طبعا تريدك لها وحدها هههه
قالت رشيدة بعتب :
- سي محمد كف عن الضحك انا لست كذلك
علينا الاسراع فقد يأتي المدعوون على حين غرة ارتدي شالك ابنتي وحاولي تغطية كامل شعرك
قالت هند بتبرم:
- لكن لما امي انا لست محجبة؟
ردت رشيدة تعاتبها هي الاخرى:
- هيا ارتدي شالا يخفي شعرك ليس من المعقول ان تظهري للرجال هكذا الا تلاحظين ان نساءهم محجبات ليس من المستحيل الا يطلب زوجك الامر ذاته
قالت هند ببراءة مبتسمة ملأ ثغرها:
- حقا ...لااظن الامر سيئا سأوافق على الفور
ضحك سي محمد يغمز زوجته فأومئت هذه الاخيرة له لتبقى هند بينهما لاتدري فحوى كلامهما بالاشارة
- عما تتغامزان ها اخبراني والا آلمني رأسي؟
قالت رشيدة تضحك على غمزات زوجها:
- ليس مهما ابنتي...اقتربت منها تمسك يدها وتجرها الى المندضة حيث اجلستها
- تنقصك بعض التعديلات على الماكياج ...سي محمد اخرج هيا ماذا تنتظر ؟سيأتي الضيوف استعد للاستقبالهم وانظر اذا كانت صفية مع المرأة الاخرى قد حضرتا كل شيء ...واخبرها ان احتاجت للراحة ان تذهب للنوم فهي والطفل في بطنها يحتاجانها
قال زوجها بقلق غير ضاهر:
- حسنا
تبادلت مع زوجها نظرة مليئة بالذكريات المريرة لينسحب تاركا اياها تكمل تعداد ابنتها بقلب مهموم والله وحده العالم به





في القصر



في اكبر غرفة بالقصر
غرفة مولاي السلطان عبد الصمد
الفارس النبيل والمروض المحنك
انتهى للتو كذلك من تحضير نفسه طاقم حالك كسواد الليل المتعاظم
وحذاء لامع بدى في قمة الاناقة مع ربطة العنق اياها
كان راضيا عن نفسه كثيرا فيدري انه وسيم حتى الجمال ويمتزج مع القوة والصلابة
كان الطقم يضهر قوة صدره النحيل وبطنه الرياضية مع تناسب البنطال المفصل بعناية تامة
يهتم دائما عبد الصمد بمظهره ولايفوت الصيحات الاخيرة في الاسواق
لكن بطبيعة الحال يعطي التصاميم التي يريد ان يرتديها لمصمم خاص به
فصّال ماهر يعرف انه ان فقد زبونا مهما كعبد الصمد فلن يكون سوى الخاسر لانه يدفع له بشكل زهيد حتى يحصل على التفاصيل التي يريد
ويحب ايضا ان يرى اسمه بجانب اسم الفصال على الملابس
هذا يجعله يشعر بخصوصية في ملابسه اكثر

يهتم بمظهره ويعرف انه يؤثر في معشوقته الصغيرة
ما ان يفكر فيها حتى تعود قوة مشاعره نحوها بقوة اكبر
اسبوعان تقريبا مرا وهو يشعر كما لو كانا قرنان
وهما ولدا فيهما من جديد
يشتاق اليها بشدة حيث بات يبلغ تلك الدرجات العليا في الشوق

سيتصرف معها بحزم وقوة ...نعم يعشقها بكل انفاسه بل تكاد تجعل منه انسان احدتمت عليه الحالة في حبها
يريدها بسداجتها قريبة منه
وكم يبدو له الامر مشوق لطالما كانت البريئات في الحياة سعي الرجال
لكنه سيحصل عليها بالحلال ويدري انه الوحيد في القصة من حضي بالتجربة في فترة كان بعيدا فيها عن القصر
لكن الان هي من لوعته
هي من بسداجتها في العشق توهته
ستجده عاشقا مثالا حيا للرومنسية
وهذا ما يجعله سعيدا لضعفه الذي لن يضهره طبعا
فعزة نفسه تجعله غير قادر على ان يتدلل لفتاة
لكن عليه ان يروضها قليلا لتصبح خاضعة لاوامره في بيتها اي القصر

وقف يتأكد من مضهره في المرآة
واستدار لدى رؤيته لوالدته تذخل ابتسم لها وعلم مسبقا انها ولابد ستاتي للتتأكد من ان ابنها كامل الاناقة لاهو ولاإخوته يحاولون ان يتملصوا من عنايتها بهم
يتركونها على راحتها دائما
كانت قد ارتدت جلبابا اسود على قفطانها الاسود ايضا
واقتربت منه تحقق في اناقته
فعبست قليلا وتعجب عبد الصمد لامرها فقال:
- مابال والدتي الجميلة عابسة؟
قالت بحزن :
-تبدو كامل الاناقة بني ... اشعر انني ماعدت قادرة على مساعدتكم في شيء
اقترب منها يضمها:
- لاامي ماهذا الكلام فقط نحن نستطيع بالتأكيد الاهتمام بأنفسنا ولانرضى تحميلك ثقلنا في هذا السن كذلك
تنهدت وهي تعود الى طبيعتها:
- الان ستتزوج انت ايضا على الاقل ستكون لديكم من تهتم بشؤونكم
وتفكني من جنونكم رحمني الله ورحم زوجاتكم
ضحك عبد الصمد يقول:
- هههه امي تعلمين ان هند مدللة صغيرة لكنها محببة أتمنى ان لايكون طلبي للزواج منها قد كدرك ...امي اعلم انك تحبين ان تنقي على ذوقك لكن قلبي ارادها مابيدي حيلة
قالت تبتسم له :
- في الحقيقة بني صدمت في بادئ الامر لانها تصغرك تقريبا بعشر سنوات الفرق بينك وبين اخوتك ان زوجاتهم عاقلات و...لايمكنني ان احكم على هند باي شكل فهي مأدبة وهادئة غير هذا لست ادري ان كانت ملمة باشغال البيت لكن ذلك سيصلح مع الوقت
- امي سبق وطلبت منك اجابتي... انت راضي عنها؟
- بكل تأكيد بني... ولك انت ما كنت لارضى باقل منها لانها فتاة جميلة وقد ارضاني حيائها واحترامها انا راضية عنها كرضاي عنك فلاتحمل هما عزيزي
- ارحتني امي اشعر الان بالراحة اكثر لمعرفتي بنظرتك اليها وتأكدي من انها ستكون ان شاء الله سترضيك كما ابنك

قال يخرج معها من الغرفة الكبيرة
- لابد من ان والدي ينتظرنا في الاسفل
قالت تبتسم:
- يبدو كما لو انه من سيتزوج يقول ..لاتتاخروا علي اكره الانتظار
ضحك عبد الصمد:
-هههه ابي المسكين يحمل همومنا دائما ..حفظه لنا الله ولك ايضا يا سيدة السيدات
قالت تنظر اليه جانبيا :
- يا ولد كف عن هذا والا اعطيتك بالشربيل على رأسك
ضحك اكثر:
-هههه احبك امي وانت غاضبة تبدين بعكس الغضب مرحة ههه
بادلته ضحكته ونزلت معه ليركبا الجيب السوداء مع والده





في الاعلى بغرفة سعيد




كان قد انهى ترتيبه لنفسه
سروال رمادي كلاس مع حذاء اسود وقميص ابيض تركه مفتوحا عند الصدر عادته لايستغني عنها
كانت عبير تجلس وراءه فوق سريرها تنظر اليه باعجاب خفي فقد اثارتها طريقة تحضيره لنفسه بخفة لاتأخد اكثر من ربع ساعة فيبدو بعدها رجلا جذابا بكل المعايير

وضع قلادته في عنقه
وانتهى برش بعض العطر الذي اخترق هدوءها
واعجبها استنشاقه كثيرا فرائحته تنم عن ذوق رجولي مرهف
استدار ليقابل نظرتها الساهمة
وعقد حاجبيه على وجهها باهتمام فانتهت هي بالقول بخجل:
- تبدو انيقا ....
قال يسرح في طلعتها الرقيقة فوق السرير
ببيجامتها الطويلة السوداء الواسعة قد سبق واشترتها من مراكش بنصف كم واسع
وكم يراها نقية حتى شعرها المضفور وراءها يجذبه اليها
غالب مشاعره وتقدم نحوها يمد لها ساعته عمدا لكي تقوم بتركيبها على معصمه القوي
- هلا ساعدتني
نهضت من فورها تنظر الى مايمده لها وابتسمت ببراءة
تمسك بالساعة من بين اصابعه المتوجعة تحت ملمسها الناعم
ظل ينعم بلحظات وجع كبرى وهي تحت نظرته
مخذرا كليا تسلبه النشوة والعذاب بذلك كل ارادة
لما يزيد من عذاب نفسه
لكنه يدري ان العذاب في قربها اهون عليه من لاشيء يفضلها حقيقية امامه على صورة في عقله
رفعت نظرتها اليه فاحرجت حتى الاحمرار من نظرته المتبتة على شفاهها
تركت يده بأدب لتقول تكسر السحر الذي يثمله ويخجلها
- سعيد لقد انتهيت اظن انهم ينتظرونك
نظر الى ساعته يتظاهر بالنظر اليها وقال:
- محقة علي الذهاب ليلة سعيدة الافضل الا تنتظريني سأكون متعبا الليلة لن استطيع السهر ...قال ضاحكا...اشعر بالنعاس منذ الان اخاف ان انام في الطريق
- لا ارجوك لاتقد انت ان كنت متعب ....اعني الافضل ان يسوق عثمان مثلا
- كنت امزح معك لاتقلقي هذا فعلا ما سأفعله
على فكرة تذكرت ...سيارتي الصغير الرياضية تحفة علي ان آخدك في نزهة فيها يوما ما ذكريني فقط
ابتسمت بفرح:
- سيسعدني ذلك
همس
- تصبحين على خير
قالت مـتأثرة بابتسامته الجميلة
- رافقتك السلامة اهتم بنفسك
خرج مبتسما يشعر بالزهو فعلا لايطلب اكثر من هذا السحر الذي يلفه والباقي فل يقتله ان شاء فلن يتجاوز خطوطه الحمراء نحوها مهما حصل




في جناح عثمان

ساعدته في ارتداء سترته الرمادية القانية وابتعدت تحت نظرته
الملتهبة تقول:
- سأنام اليوم عند امي اريد ان اتكلم معها في عدة مواضيع
استدار مغضن الجبين :
- ماذا؟غير معقول هل اخبرتها بانك ستبيتين عندها؟
- ليس بعد
- جيد لانك لن تنامي الا في غرفتك
قالت تجابه نظرته بقسوة اكتسبتها هته الايام من فرط قسوته عليها
- لاتكن قاسيا انام دائما في غرفتي ما المانع ان نمت عند امي الليلة ...لقد قلت ان لدي....
قال يقترب من مكان وقوفها
- وما نوع المواضيع التي تريدين ان تتحدثي فيها معها ليس لي علم بها؟
قالت بارتباك
- امور تخص النساء
قال يزيد اقترابا منها
- وما هي؟
قالت تتكلم دون ان تنظر اليه:
- لاتكن حشريا يا عثمان ..ارجوك
قال يمعن فيها النظر ويفصل كل ملامحها على حدى:
- لن امنعك على عمتي فغلاها اكبر من غلاك عندي هذا لتعلمي فقط...اذهبي لها الان وعندما يقترب وقت وصولي ساعلمك وعندها اريد ان اجدك في السرير ...هه حتى وان لم يكن لك عمل فيه

شعرت بان قلبها يمتزق مع اهانته التي تشعرها انها لاتصلح لشيء الا ل...
- ما رأيك يا عثمان؟ لن تجدني وسانام لديها
قال بهدوء وهو يخرج من الغرفة الى وسط الجناح لتتبعه:
- ستعودين الى الغرفة وان لم اجدك فساقوم باحضارك من جناح عمتي لن يهمني ان احرجتك
خرج من الغرفة صافقا الباب وراءه
ليتركها تشعر بالهوان والهزيمة وانه عصي على الدمارلايهزم ابدا
منذ ان اشعرها انه سيحصل على مايريد متى اراد وهي مستعدة للقتال بكل ما تملكه ضد ضعفها
قسّت نفسها
لكنه بدل ذلك اظهر انه غير عابئ حتى بها فلم يحتويها ولا مرة منذ ثلاثة ايام بين ذراعيه
وهذا يشعرها بفراغ رهيب
لذى تفكر جيدا انه حان الوقت لتضهر له الدلائل وتحضر له الواقع وحقيقة انها شريفة على الارض امام عينيه
فبعدها فقط ستحضى بحياة كما تستحق
هي ليست من يستأهل هذه القساوة كلها فقلبها اضعف بدرجات كثيرة على القوة التي تضهرها في اوقات عديدة





في بيت السي محمد



استقبل الضيوف بترحيب كبير
ادخل الرجال الى الصالة الخاصة بالرجال وكذلك اتى العادل مع سليمان
لانه يدري ان الجد ان هو طلب شيء فهو لصالحهم

قال سي محمد مبتسما للجالسين :

- اهلا بكم كيف الاحوال يا سليمان ؟

قال سليمان المرتدي لجلباب بني غامق
- الحمد لله بخير كيف الاحوال عندكم انتم ان شاء الله مرتاحون؟

- بخير الحمد لله نحمد الله المحصول هذا العام يساعدنا كثيرا على تطوير المزرعة

قال سعيد الذي كن يجلس بجانب عبد الصمد ومن الجهة الاخرى لعبد الصمد عثمان بحيث يكون العريس في الوسط:
- انت محق عمي نحن نستعين بالعين التي نملك بجانب الارض الا ان المطر رحمة من الله بكل تأكيد مهما روينا لانستطيع ان نستغني عنه
والمحصول هذا العام مرتفع بفضل الله

قال سي محمد:
- اجل بالفعل مرحبا بكم مرة اخرى عندنا

شكره سليمان وقبل ان يتحدث
في نفس الوقت
همس عثمان لعبد الصمد كاتما ضحكته
- هل لجم لسانك؟
قال سعيد من الجهة الاخرى
- العاشق المسكين تائه اعذره ياعثمان يفكر بالصغيرة التي لوت قلبه
قال عبد الصمد يحاول ان يحتفض باعصابه في ثلاجة:
- كفا عن هذا لست برضيع
قال عثمان يبتسم :
- ومن يخاف؟ فانت ستتزوج فتاة جميلة من بعذ اذنك في مدحها لكنها فعلا تليق بك على الله ان ترينا الوجه الحقيقي لاخينا الاصغر على الاقل ان تطيح به على الاخر
قال عبد الصمد يدافع عن شخصيته من كلامه:
- ابدا سأتزوج لأبني عائلة وشخصيتي ابدا لن تتغير
قال سعيد بمرح:
- آآآآه... يا عبد الصمد ستتزوج وترى الحياة على حقيقتها
قال عبد الصمد يبتسم اخيرا
- لم ارى مجنونين اكثر منكما ...ولكن اوافقك يا سعيد لابد من انها تلف احبال الجنون على مخك للتتحدث هكذا
التفت سعيد عنه لكي لايضهر ضعفه لذكره اياها فقال:
- تكلم عنها باحترام
- طبعا اخي ولو انها في متابة اختي اليست زوجة الاكبر
وانت عثمان اخبرني فقط الم يحصل ولجمت لسانك لاتقل لا
قال عثمان بجدية اشعرها وكانه يقولها بمرح:
- لم تخلق من تلجمه لي


تحدث سليمان يقول:
- تعلم يا محمد لما اتيناك اليوم

تهامس الاخوة الاقوياء في جلستهم التي اضهرت الواحد منهم اضخم واكثر جاذبية من الثاني... ليسكتوا

- ورغم ذلك نريد بل ويشرفنا ان نربط نسبكم الرفيع بنسبنا بطلب يد ابنتك المصونة هند لابننا عبد الصمد ونتمنى ان يكون نسب الخير والمحبة

قال سي محمد مبتسما:
- والله يا سليمان كل الشرف لنا بان يرتبط اسمانا مع بعض وان شاء الله سأطلب موافقة العروس





استقبلت رشيدة فاطمة بكل لباقة في الترحاب
ادخلتها الى الصالة الخاصة بالنساء
كانت الصالة مفروشة بسدادر تقليدين في اللون الازرق وكان ثوبه ناعما
وجميلا ايضا
قالت رشيدة مبتسمة:
- اهلا بك يا فاطمة حللت اهلا ووطئت سهلا الله لايحرمنا من مجيئك عندنا البيت نور بوجودك

قالت فاطمة
- لك كل الشكر عزيزتي كيف احولكم انتم ان شاء الله بخير

قالت رشيدة مبتسمة:
- طبعا بخير مادمتم انتم بخير

- هذا من ذوقك غاليتي
اخدت عيون فاطمة تحوم على الصالة وتنتظر ظهور هند في اية لحظة
قالت:
- اين هند الن تشرفنا العروس بجلوسها معنا؟

قالت رشيدة :
- طبعا سوف تنزل حالا اخبريني عنكم كيف الاحوال مع العرسان الجدد سمعت انهم عادوا من السفر؟

قالت فاطمة:
- بخير الحمد لله الفتاتان في قمة الروعة لايزال جمالهما يؤثر في بطيبوبتهما ونبل اخلاقهما...ما شاء الله اذا ما وضعتهما على الجرح يلتأم

- حفظهما الرحمان بالرفاه لهما والبنين وايضا باحفاد يملأون عيونك يا فاطمة

- آمين يارب لاتدرين كم يسعدني ان اجد ان اولادي يبتعدون عن الحياة الحرة ليحصنوا انفسهم بزوجات نقيات مثقفات وايضا جميلات
والجميلة هند منهم طبعا

ضحكت رشيدة:
- اشكرك على المدح

- لاوالله ليس مدحا انه فعلا حقيقة ابنتك في تلك السهرة بهرتني بتغيرها الجدري وتستحق ابني الذي اعرفه قاسيا بطباعه لكنه ذا قلب حنون....هل عروستنا من محبي الطبخ؟

قالت رشيدة تشهد لابنتها:
- ايه طبعا انها بارعة في الطبخ والاعتناء بتفاصيل المنزل حتى انها من تعتني بملابس والدها واشياءه ...هههه اضنه الان سيقوم بطردي ان قمت ببعثرت اشياءه

ضحكت فاطمة:
- اذن الفتاة الصغير محنكة في شغل البيت
ما شاء الله في الحقيقة ولاصارحك هذه هي الانثى التي تلائم ابني فهو من محبي النظام في كل شيء
واظنها بعد كلامك ستناسبه كليا هنيئا لهما ان شاء الله

- آمين هذا كله من ذوقك والله اخجلني كلامك الله لايحرمني منك صديقة

في تلك اللحظة ذخلت هند في قفطانها الوردي
واضعة على شعرها شالا خفيفا ورديا يغطي كامل شعرها الاشقر الذي يصل الى اكتافها وقد صففته بدقة متناهية
ابتسمت امها وفاطمة لدى رؤيتها
اقتربت منهم تمد لهم التمر المحشو واخدت منه الاثنتان
وقد بدى على فاطمة انها راضية على هته الفتاة كزوجة لابنها فهو جذاب وما كانت لتقبل له باقل جمالا من هند
لربما هي انانية بعض الشيء حيال هذا لكنها تريد لابنها ان يبقى محصنا ضد الجميلات في العالم لفرط جاذبيته
وهذا لن يكون الا بزوجة ساحرة مثل هند

قالت هند بخجل العروس لحماتها :
- هنيئا امي

ضحكت فاطمة ممعنة في ابتسامتها العذبة وخجلها وكذا ادبها فقالت لرشيدة :
- ما شاء الخالق كما لو انني اراها لاول مرة ...وجهت كلامها لهند...اين خبأت كل هذا الجمال يا هند بارك الله فيك عزيزتي

همست :
- آمين

- هذا التمر لذيذ على ماذا يحتوي؟

قالت هند
- على عجين الفستق مع المكسرات

سألتها باهتمام:
- انت من صنعته؟

- اجل

- ماشاء الله ...ما شاء الله
وجهت فاطمة كلامها الى رشيدة

- ان شاء الله يا رشيدة اتينا اليوم لنطلب يد المصونة ابنتك الغالية هند
وهي ليست غريبة علينا اعتبرها ابنتي دائما

ابتسمت هند تنظر الى امها من تحت عيونها الخضراء
فقالت فاطمة:
- لنا الشرف ان تاتوا الينا بهذا الطلب المفرح لنا ...وهاهي هند موجودة لقد سمعت بنيتي وانت من عليها ان تجيب

قالت هند تبستم بخجل :
- اقبل




سمعت الزغردات حتى صالة الرجال وعندها نهض سليمان يسـتأذن منهم ليأخذ الجواب من ابنته وقف وراء الباب الى ان تقدمت اليه هند واعطته جوابها
وكان الفرح والسعادة يلم العائلتين
طلب منها ان تحضر الى مجلس الرجال حيث جلست لاول مرة امام عبد الصمد الذي ذهل لرقتها وجمالها الذي افتقده كثيرا
وذهلت هي من شدة وسامته وقد احتفضت بعيونها على المائدة التي وضعت عليها الاوراق
وامضى كل منهما على العقد
واستطاع اخيرا عبد الصمد ان تصفى روحه كليا وان ترتاح من القلق الذي كان قد انتابه من ان يفرق بينهما اي احد او ان تعود في قرارها في الزواج به
انسحبت العروس واستقبلتها الزغاريد وعلت اصوات الخادمتين بالصلاة على النبي
وطلبت فاطمة ان تجلس هند قربها
اوضحت لها بعض الاشياء وركزت لها على الحجاب ففي عائلتهم كما تقول لا تدخلها فتاة بدون حجاب وافهمتها ذلك بطريقة محببة
لكنها فقط لو تدري انه لاشيء يهم هند مادامت قرب حبيبها
الذي تعشقه منذ ان رأته في اول لقاء لها به
وهكذا بعد العشاء واتخاد كل واحد منهم مكان مريحا له
كان عبد الصمد صعبا عليه ان يركز على الكلام الذي يقال
وقد تغامز سعيد وعثمان على سهوه وضحكا معا
قال عثمان:
- مبروك ياعريس ...ياعريس.. هل تسمعني؟
قال عبد الصمد يفيق من خيالاته المجنونة في خالبة العقل لديه
- بارك الله فيك اخي هل اردتني
- ههه لاااااا يبدو ان الصدمة كهربتك ما الامر الهذه الدرجة تأثرت

تغضن جبين عبد الصمد:
- ارجوك عثمان بدون سخافات
- والله لست ادري ان كنت انا السخيف بينما انت ساه منذ ان وقعت العقد
قال ساهما في افكاره:
- اريد ان اراها
قال عثمان ضاحكا لسعيد يسمعه:
- هل سمعت سعيد يقول انه يريد رؤيتها
قال سعيد
- المسكين اتفهمك لابد وانك تقاسي

عدل عبد الصمد المسلوب القوى عن الاجابة تاركا لاخويه الوقت لرؤية اخيهم لاول مرة يضهر الخنوع غصبا عنه
التفت الى اخويه
- اريد فعلا رؤيتها علي ان اقوم ببحث بعض المساءل ...المهمة في زواجنا
قال عثمان
- اطلب الاذن من حماك اخي وانظر اذا كان سيوافق فهذا حقك
حار في الامر كيف له ان يفعل ذلك؟
لكنه تغلب على ارتباكه وسأله اذنه في رؤيتها وقال سي محمد انه سيعلمها لكي يقوما ببحث الامور الخاصة بهم في احدى القاعات بالفيلا
وسهل عليه تفهم الوالد حقه في رؤيتها على انفراد

دخل الى قاعة صغيرة تحوي مجموعة من الكنبات سوداء وثيرة للغاية
تتوسطها طاولة زجاجية فخمة فوقها مزهرية تحوي زهورا ذهبية لاتذبل
بجانب الكنبيات عن يسارها توجد شرفة واسعة تفضي الى حديقة البيت لديهم
انتظر مطولا في الصالة
وجلس يرجع جانبي سترته ورائه بعد ان فتح ازرارها واطلق سراح ربطة العنق في عنقه
اتكأ على ظهر الكنبة مرتاحا في جلسته
سرح في افكاره وفي هنده الجميلة صاحبة العيون الخضراء العميقة
الى ان اعلنت دخولها عليه





في القصر




لم يكن هنالك سوى الجد الذي اطمئنت عليه ابنته مليكة فقد نام
وابنتاها اللتان اجتمعتا في غرفتها تنتظران حضورها
كانت ثريا تتكئ على مخدة امها واختها امامها تربط ساقيها في جلستها
قالت ثريا:
- كيف زواجك عبير؟ هل انت سعيدة صغيرتي؟ اعلم انه كان من الصعب عليك التأقلم

قالت عبير تبتسم:
- لا والله انا سعيدة في ..زواجي طبعا سعيد جدا طيب ويعاملني بشكل يفوق الخيال لاتتصوري كم يلبي لي من طلباتي واشعر بالسوء لذلك

قالت ثريا متسائلة:
- لكن لما تشعرين بالسوء؟

اضطربت عبير ولعنت نفسها لانها خرقاء دائما تتكلم بغير عقل:
- لا ...فقط انا اخاف الا اوفينه حقه

قالت ثريا مبتسمة:
- كل هذا الجمال اختي ولايوفيه حقه هذا جنون انت اختي رائعة ولربما اروع مني
اكملت جملتها بنبرة اسى
قالت عبير تسألها:
- ثريا لما انت عابسة اختي هل يؤثر فيك اي مشكل هل هو عثمان ...صارحيني اختي فلربما استطعت المساعدة
قالت ثريا تقلب وجهها بابتسامة تظهر فيها السعادة كما لو انها تستحضر معها ذكرى تتبت لاختها انها حقا سعيدة:
- لا اختي انا سعيدة... كذلك عثمان...رقيق متفهم محب انسان طموح وهذا هو رجل احلامي احمد الله لانه كتبه لي... بدل ان ابحث عنه
ابتسمت لها عبير:
- انا كثيرا سعيدة...هل تدرين سوف يأخذني سعيد في جولة في تلك السيارة السوداء التي تظل مرصوفة في الجانب الاخر من القصر

- حقا مبروك ...لابد وانكما ستستمتعان كثيرا فهي من طراز سريع

- قال لي ان اذكره لنخرج فيها لكنني اخجل

قالت ثريا تعاتبها
- تخلي عن خجلك قليلا ليس طول الوقت خجل خجل هذا قد يجعل الامور بينكما معقدة بعض الشيء حاولي ان تتقبلي تلك الامور على انك مرتاحة وسعيدة ومنشرحة

نظرت اليها عبير بعدم فهم لكنها لم تستطع ان تفهم معنى كلام اختها جيدا لانها لاتدري في تلك الامور شيء
- هلا شرحتي لي اختي ....حركت رأسها....لم افهم جيدا ما الذي تعنينه

نظرت اليها ثريا بدهشة وعدلت المخدة وراءها لتقول:
- يا الهي الا تفهمين ابدا ..لاعليك كيف اشرح الامر؟؟؟ اتمنى الا تحرجي لعلمي جيدا انك تكرهين الحديث عن هته الامور....الرجل يعشق المرأة التي تأخد وتعطي ...ياالهي نظرتك الواسعة هته تجعلني اشك في ان المسكين يعاني الامرين في ضحد خجلك ...قبل ان تأتي امي ساقول لك
مثلا انت ضميه ...ق...

قطعت كلامها عبير خجلة حتى اذنيها تبعد نظرها لتخفي الصدمة على وجهها تخاف ان تكشف نفسها:
- اسكتي اختي فهمت ليس عليك ان تقولي

ضحكت ثريا رغم معاناتها هي الاخرى في وجه اختها لتلطف الجو وابتعدت عن الموضوع
- مارأيك في زوجة عبد الصمد اليست صاحبة عيون جميلة اتعجب كثيرا في رجال هته العائلة اشعر في بعض الاحيان انهم مغرورون الى ابعد حد ....اعتقد انهم يضنون انهم ان لم يختاروا من تجابههم في الوسامة وترضي حضراتهم لن يرضوا بها ابدا

- رأي في العروس انها جميلة وفاتنة لكن لما كلامك عن الرجال هكذا انهم لربما قسات كطبيعة القرويين لكن لااظن ان كلامك الاخر في حقهم جيد

قالت ثريا:
- لا عليك اختي لاتهتمي

ذخلت في تلك اللحظة عليهم مليكة وهي تقول :
- الله على الجميلات عندي لا أصدق انكما هنا مجتمعات لدي في الحقيقة انا سعيدة لذلك
جلست قرب ابنتيها
وذخلت النساء في احاديث طويلة عريضة





في منزل سي محمد




كان ينتظر بحرارة رؤيتها
في مكانه فوق الكنبة الوتيرة
امعن النظر فيها ولاحظ انها تحمر خجلا لوقوفها هكذا
اوجعته حتى السكر بحلاوتها ودلالها
اشار لها ان تقترب قربه فوق الكنبة
ولم تصدق نفسها انها فعلت
ولاتصدق انه امامها الان باتت في لحظة عرضة للبكاء لانه من تمنته طيلة حياتها هاهو الان امامها
فقد ضنت انها ستخور واقفة على الارض فشلت ركبها وارتعدت
وازداد ارتجافها بينما هو ضل صامدا بصلابة شخصيته
اعتدل بقوة جسده التي تغلب جسدها الرقيق الرشيق
وجلست قربه ضامة يديها في حضنها
كلمت نفسها
لما الخجل الان ياهند لاتفقدي قوتك

بدت له كانها الامطار التي تروي الاراضي القحلة
وكأنها قوز قزح الذي يزين سماء انقسمت بين سحاب ونور شمس بعد عاصفة ممطرة
عطرها اذابه الى ابعد الحدود التي اخترقت حدود الطبيعة الحية بكثير
يحترق هو من هذا البعد القريب ويدمره السكون الذي يلفهما
مال عليها وتبعثر كليا استنشق عطرها الاخاد وتاه عن ارض الواقع
همس لها تحت التاثير الذي هو فيه
بعيون حمراء كالنار
- مبروك
كان ينقل لها زوابع الحب الاهوج والى صدرها يترسى ليقلبها كليا
ردت بالكاد
- شكرا
كان كالسكران في حاله
اصابعه امتدت الى ظهرها صعدت عليه برفق
ارتعشت اوصالها للمسته وتوقف تنفسها مع سرعة نبضها
سمعت تنهيدة مديدة تخرج من صدره متحشرجة قرب اذنها وعيونه مغمضة كليا فكاد يغمى عليها
صعدت يده الى شعرها المصفف ليزرعها بجانب اذنها ويرفع الشعر قليلا ليهوى عليها بقبلة دافئة على كتفها الابيض الرائع شعر بارتعاشها واسعد لذلك
لكنها ابتعدت عنه قليلا تحاول ان تكون جدية اكثر
- عبد الصمد ...مممبروك لك.. ايضا
رفعت بالكاد نظرتها اليه لتجده ينظر الى كتفها بتمعن فاستغربت الامر وسألها بصوت عميق:
- هند ...اريد ان اسألك هل ذلك النمش على اكتافك ....اعني لديك منه الكثير؟
ذهلت لسؤاله فاجابته بصراحة لاتدري مايصبوا اليه في سؤاله:
- أجل لما تسأل؟
ابتسم ونهض يبتعد عن مكانها هوس جديد وضع امام عيونه لن يرتاح الليل مادامت تحمل جمالا اخادا على جسدها يعلم انه سيعذبه ذلك النمش لا يستطيع ان يتخلص من عشقه لها
تشل تفكيره وتحصرنه على محياها المزهر

قال ينظر اليها عائدا الى مكانه بعد ان هدئ الجنون الذي اطاح به منها وجلس قربها ويطوي ساقه تحت الساق الاخرى لتبقى هي تحت نظرته كليا :
- الم تشتاقي الي ايتها الصغيرة
لم تستطع ان تفصح له عن مكنون قلبها فهي اكثر منه تشعر بالحرج مختلط مع حب جارف فقالت مبتسمة
- لست ادري ...رفعت اصابعها امام عينيها تقيم القدر....اظن قليلا هكذا
نظر الى يدها وابعد نظرته عنها مغضن الجبين
نظرت اليه وسعقها حاله لدى قالت توسع المساحة بين يديها البيضاوان الرقيقتان
وانتظرت ان يهتم لكنه ظل مبعدا نظره عنها
عبست وشعرت بالحزن لم يكن قصدها ان تجرحه
فاقتربت منه تدس دراعها في يده وتهمس قرب شعره الاسود في اذنه
- اشتقت لك كثييييييرا عبد الصمد فلا تفعل هذا بي
كان وقع همسها قويا على روحه هز كل اوصاله وتربعت رغبته في ضمها الى صدره فوق عرش افكاره لكنه غير رأيه يلزمها تأديب فلتتأدب اذن
جرت ذراعه القوي فلم يستجب
قائلا:
- كفاك كذبا هند لم الكذب بالله عليك قلت الحقيقة في البداية وصدقتك لكنك لم تسمعي كم اشتقت اليك انا
قالت تسرح في عمق عيونه لاول مرة من هذا القرب
- كم ؟اخبرني
تتبع مخارج الكلمات في فمها وعض على شفاهه
- تت لا اذكر انني اشتقت اليك بالقدر الاول حتى؟
صدمت من كلامه
وابتعدت عنه لتنهض لكنه امسك ذراعها واقترب منها يهمس وراءها بصوت متأتر مخمور
- اخبريني يا حوريتي البرية كيف ترضين؟... دلالك استسيغه كما استسيغ كل شيء فيك لكن لااحبد ان اتار فالغضب عندي اقبح صفاتي
احمرت خجلا ونظرت اليه تقول :
- عبد الصمد اترك يدي من فضلك وقل لما طلبت
في رؤيتي؟
اقترب من اذنها يقول :
- لانني اشتقت لك كثيييييرا وفوق ما تتصورين
واحلم منذ ان رايتك بشيء واحد... ان اعانقك
شعرت ان صدرها يشق في النصف اول مرة في حياتها تسمع كلاما خارقا كهذا ولم تتخيل ولافي احلامها ان يحدث امر مماثل
مرر يديه على وجهها واخترق شعرها حتى البعثرة
وعانقها حتى الثمالة وكان وقع طعمها عليه مذيبا حتى العظام وتنهد بعمق فاخيرا يتحقق الحلم الذي لطالما عذبه وانتشار هذا الدفئ الذي لف قلبيهما بسخونة اعاد لكل منهما الحياة من جديد
ابتعد عنها وقد فقد شيء من ترتيب ملابسه وافقدها ترتيب شعرها الجميل وقال وعيونه عليها هي التي احنت عينيا خجلا واحمرارا
- لم اظن انك ستقصين شعرك...لكنت منعتك هند
مرر اصابعه في شعرها يرتبه لها
وقد كانت حالمة تنظر اليه
فقال مبتسما بوله :
- ارأيت انني اجعلك تدفعين ثمن تعجرفك ايتها الزهرية
قالت هند بصوت لا تعرف ان كان لها او لا:
- اليس من الاجدر الان ان نناقش امورنا الجدية
ضحك وقال:
- تعالي الى حضني وسنتحدث بجدية
قالت تنظر الى يديها متكأة على ظهر الكنبة
- تت لا انا هكاذا ...افضل فقط لنتحدث قليلا مثلا ماذا عن الاعمال في الاسطبلات كيف تجري تدري انني اشتقت لحصاني لركبه
قال عبد الصمد ولاتزال يداه ترتب لها الخصلات ببطئ وهو بجانبها
- وهو كذلك ينتظرك فلا تخافي عندما ستذهبين الى هناك ساحاول ان اخصص لك ولزوجات اخي وقتا لايكون فيه العمال حول الاصطبلات لتقوموا بالنزهة على راحتكم
قالت له تنظر الى عمق عينيه:
- اخبرني عبد الصمد انت تحبني؟
ابعد عنها عينيه مفكرا:
- هو لست ادري لكني شخصيا اعلم انه ما في صدري لك ينبوعة حبي ليس عاديا ولم اشعره مع احداهن
قالت مندهشة:
- كنت تعرف النساء من قبل؟
- قبل حادثة امي وبعدها سطوب علمت انه لمن الممكن ان اموت وانا في وضع ادخل على اثره جهنم الحقيقة ان الله موجود واحترامه واجب وان نقوم بمايريده منا هو الاهم اشعر بالراحة الان لن اتعرف على نساء اخريات مادمت املك اجملهن

ارتاحت لكلامه قليلا وسألته:
- تدري اريد اطفالا من سنتنا الاولى ما رأيك هكذا سنكون سعيدين اكثر
قال يصارحها:
- في الحقيقة من يراك من اول وهلة لن يصدق انه لمن الممكن ان تفكري في الاولاد
- اريد منهم الكثير وياريت توائم في كل مرة
جحظت عيناه وقال يضحك:
- جننت هو اجل يمكنك الولادة... هذا ما اشتهيه منك عمري...لكن طبعا لااريد منك ان تفقدي صحتك...اريد ان اعيد عليك سؤالا هل فعلا لديك من النمش على كتفيك الكثير
ردت بتلقائية:
- اجل في ظهري البعض منه و...نظرت اليه وشاهدت الاهتمام على وجهه ونظرة غامضة...انت خبييييث لما تسأل لست بريئا يا عبد الصمد تصدمني
- لا في الحقيقة اتطلع الى الشرح المفصل الذي سيصبرني في ليالي بدونك
- انت جريئ
- مع حلالي ليس في الامر عيب ...الم تحسبيها اعني النمش
ضحكت:
- انت مجنون لا بالطبع لا كيف لي ان افعل هذا سيبدو كما لو انك تعد النجوم وفي الحقيقة لست غبية لفعل ذلك
قال مبتسما:
- اريد ان افعل ذلك ان اعدها سيكون الامر ممتعا
احمرت وتضاهرت بالغضب لكن ابتسامة سبقتها
قال يتذكر امرا:
- نسيت تماما امرا مهما كنت اريد ان اهديها لك مع المهر والخاتم لكني اقتصرت على تركها بيننا
قالت بشك :
- ماهي ؟
- هذه
جذب من جيب سترته علبة بيضاء ناصعة توسطتها سنسلة ذهبية تحوي نصف قلب مليئ بحبيبات الالماس الجميلة
- عبد الصمد هذه لي
- اجل دعيني البسك اياها
البسها اياها مستمتعا بقربها وابتعد لينظر اليها عن كتب
- جميلة عليك بل انت من جعلتها جميلة حياتي
قالت بفرح
- حقا اريد ان اراها لكن لما هي نصف قلب اين الباقي
قال لها يفك ازرار قميصه العلوية ويجذبها ليريها لها
كانت نصف قلب من نفس القلب غير ان هذا الذي في عنق عبد الصمد نصف قلب عادي من الفضة معلق في سلسلة من الفضة
قالت تقرب يدها تلمسها تحت جاذبية صدره
- انها راقية هل صنع القلب هكذا؟
- اجل انت نصف ذهبي وأنا نصف فضي
ضمت نفسها له تدفن راسها في كتفه
- اشكرك حبيبي وعودك كلها تاج على رأسي أحبك

قطع عليهما خلوتهما صفية بعد ان طرقت الباب ابتعد الاتنان
عن بعضهما البعض
وقالت صفية معتذرة:
- آسفة سيدتي لكن السيد سليمان يطلب منك سيدي المجيء لانه حان وقت الذهاب
وخرجت صفية محرجة
قال عبد الصمد معدلا ملابسه واقفا :
- هيا صغيرتي علي الذهاب ساتصل بك غاليتي حسنا؟
قالت هند بعدم رضى :
- حسنا لاتنسى ذلك هناك اشياء كثيرة علينا التحدث فيها
وقفت بجانبه وقبل جبينها قائلا
- ساشتاق اليك
- وانا كذالك
- علي ان اذهب فطبع والدي انه لم يعد صبورا




في القصر

في جلسة الام وابنتيها
كانت تتحدث عن العرس وعن اللواتي اتين اليه من الطبقات الثرية
وقطع كلام مليكة صوت رنين هاتف ثريا الاحمر
فتحته
فقرأت الرسالة من زوجها
((حان وقت النوم يا سندريلا اذهبي الى السرير الان))
شعرت بانها كركوزة يلعب بها لكنها فعلا لاتريد منه ان ياتي ويجدها مستيقظة او ان يقوم بالدخول الى جناح عمتها كما قال فهذا امر مخيف لدى بادرت بالقول :
- امي عبير تصبحان على خير ...قالت تتمطى كقطة ساذهب الى النوم الان لابد ان الرجال في الطريق

- هل زوجك كان من اتصل؟
- لا لم يتصل بل ارسل رسالة عادة بيننا هههه
قبلت جبين امها وخد اختها وانسحبت لتنام

فقالت عبير:
- امي ستسامحينني ان ذهبت علي ان احضر السرير فسعيد متعب من العمل اتمنى الا تغضبي
قالت مليكة مبتسمة:
- لاياابنتي ابدا اعلم جيدا انه لمن الحظ لي ان اكون مع ابنتي في منزل ازواجهما هذه هي حسنات العائلة اذهبي زوجك اولى صغيرتي سعيد يستحق منك كل العناية تذكري ذلك ابدا لاتحاولي ان تقللي من جهدك في العناية به فالرجل يبقى سندا للمرأة مادامت هي سندا له

قالت عبير تبتسم لها مقبلة يدها بحنان:
- كلامك جميل امي على العين وعلى الراس لن يرى مني فارسكم ذاك سوى المعاملة الطيبة فقط




في جناح عبير


كانت قد ارتدت غلالة نومها البيضاء تحت الركبة وارتدت عليها روبها وازاحت الستائر الفاصلة بين الجهتين فسعيد يفعل هكذا دائما لابد وانه يحب ان يذخل الهواء الى رأتيه لدى لاتريد ان يشعر بالاختناق وراء هته الستارة الكبيرة
كرم منه حقا ان يتركها تنام وحدها في سرير بعيدا عن عضات الناموس اي الحشرات
فرشت له على السداري الواحد
شرشفا نضيفا ابيض وعدلت له مخدته بشكل جيد
وقفت واصطدمت بحائط دافئ وراءها





في جناح ثريا

نامت على جنبها الايسر
مرتاحة قليلا لان التعب خدرها كليا عن البقاء مستيقظة
اتعبها التفكير فيه لان الامر لن يجدي نفعا اصلا لن تصل بافكارها لبر سوي مادام
هو
كارها اياها بهذا القدر
اذن فلينعم بحياة دونها لانها فعلا ستفعل المستحيل لألاّ ينال منها شيء
سمعت دخوله الى الجناح وخطواته بعد ان ازال الحذاء اصبحت خافتة على الزربية بحيث لم تعرف اين هو في الغرفة اجمع

كان بعيدا عنها يغير ملابسه
بعد ان بقي بشورط قصير فهذا الحر استلقى على السرير
يضع راحتي يديه على عينيه لكن لم يبقيهما سوى بضع ثوان جذبته كما تجذب الفراشة الى النور
تنهد بعمق
تنام وكل شعرها مرمي باهمال ساحر وراءهاوكتفاها الجميلتان بارزتان لم تغطيهما من الحر
اقترب تحت الشرشف الذي يدترها واحتضنها
كان هذا يدفئ قلبها ان هو فعله دون ان يحصل على شيء او دون نية
الحصول عليه
استند على مرفقه الذي وضعه بجانب رأسها وهمس في اذنها
- نائمة ام تدعين النوم
وضع يده الاخرى على كتفيها يضمها اليه
- غريب امرك تدعين القوة وتنتهين بالضعف
ماسر ضعفك هذا اعترفي وتدللي فهذا ما اعشقه فيك

لم يعد في استطاعتها الاحتمال حرارتها ارتفعت تحت يده وهمساته
وتعلم علم اليقين انه لايبحث عن شيء سوى مراده اذا عليها المحاربة لا الخنوع
كلامه هذا ليس سوى فخ ينتصر لوقوعها فيه في النهاية
ظلت تحافظ على انتظام انفاسها
ولدهشتها لم يصر
لم يصر عليها او يوقظها بل ظل هكذا يضمها وهو الشيء الذي بهرها وملأ قلبها سعادة فياضة
دفن رأسه اكثر في شعرها ونام قربها
في تلك اللحظة فقط فتحت عيونها وابتسمت في حبها لهذا الرجل الذي لن ولن تفهمه ابدا وغموضه ما يجعلها اكثر تعلقا به





في جناح سعيد

بعد ان وقفت اصطدمت بحائط دافئ
او صدر قوي لا يتزحزح في الواقع لكنه تزلزل لهذا الالتصاق الطفيف الذي بعده جعلها تشهق وتستدير لتقابله
ابتسمت تضع يدها على صدرها:
- يا الهي اخفتني كدت اصرخ

- سلامتك عبيرتي من الخوف

اضطربت لكلامه مرة اخرى وغيرت الدفة
- كيف كان الزواج؟
قال شاعرا بشيء من اليأس الذي اخفاه عنها:
- جيد والحمد لله تم كل شيء على ما يرام
قالت بابتسامة مشعة :
- الحمد لله
نظر سعيد وراءها بسبب طوله الفارع:
- لما كلفت نفسك وحضرت السرير ايضا امره سهل لم يكن عليك ذلك؟
قالت بعتب:
- كيف تريد مني الا احضره وانت متعب بسببي هل تريد ان اجهز لك الحمام لتريح عضامك

قال بصراحة:
- لا اريد ان اريح عضامي بالنوم فقط عمت مساء
اقترب من فراشه ليجلس عليه وينتهي بالتمدد
مبعدا نظره الى السقف عنها

- الا تريد امرا آخر؟

- اريد الكثير لكن ليس القول بالفعل المناسب

لم تفهم كلامه وراقبت انسدال جفونه واسترخاءه
وابتعدت عنه الى سريرها بعد ان اطفئت الفنيارين الازرقين واضطجعت في سريرها
تشعر بتأنيب الضمير تشعر انها لاتستحقه لاتستطيع ان تمنحه السعادة وهو من يعشقها كما يقول
كيف لها ان تجتاز حاجز الخجل وتعبره اليه صعب عليها ذلك
حتى اختها تنصحها بالامر نفسه
هل سعيد فعلا يريد ان تفعل ما قالته اختها هو لم يلمح حتى الى انه يريد فعلا ذلك
اضطربت افكارها وانتقلت من دائرة ضيقة الى دائرة اوسع وصعب عليها النوم لمدة ساعة ظلت تتقلب فيها في السرير
لم تصل الى حل
فدعت الله في سرها بكل كيانها ان يفرج عنها وعنه

يتبع.............














إن شاء الله


الجزء السادس عشر



بعد يومين
من أيام الله



في ساعات الصبح الاولى
قبل بزغ الشمس الخجولة حتى



في جناح عثمان



بعد صلاته للفجر لم ينم

وبعد صلاتها للفجر نامت



وقف بكامل ملابسه وحلته الأنيقة تخطف الانفاس
تظهر قوة في نظرته تحت النظارة الصافية دات الاطار الذهبي
وذا وقفة كنمر يملك قدرة وطاقة ذاتية تظهر انه حاكم في بسط سيادته
على من حوله
قميص ابيض تحت صدرية رائعة في اللون الرمادي
وسروال كلاس في نفس لونها وحذاء ابيض يكمل منظر رجل بمعنى الكلمة تظهر صلابته تحت لباسه فتزيد مظهره هيبة وبأسا
يقف امام الشرفة ينظر في تلك الساعات الاولى
الى تلك الالوان البرتقالية في الافق البعيد
الى صباح رائع روعته تجلت في ما تحيط به
واستدار مدخلا يديه في جيوبه
يقترب منها نائمة وغافلة تماما عن اي حياة في الكون
زاد من اقترابه وتأملها
وغالب الشوق الذي يريد منه ان يوقظها
ان يزرعها بين أضلعه
ان يكفي شوقه الضاري منها
فهو يخرب كل نظام في تنفسه
لانه يعذبه وليس هو من يشعر هكذا وابدا لم يكن هكذا
وكأن اشجار حياته الخضراء
فرغت من الورق واستوطنتها الغربان
يتبدل حاله ويشعر انه قريب لا محال من مسامحتها لكن
اللعنة على كبرياءه التي ترفض كل الرفض حكم القلب في تصرفاته فلا تفتؤ ان تملي عليه امورا تجرحها وتعبث
بفؤادها
وان تذيقها من السقم الذي يسببه الحب بدل السعادة
غالب الميل الموحش لها
الكاسح لوجدانه والمستنزف لروحه
واقترب منها حيث كانت تنام ووجهها لنفس مكان وقوفه
يمنحها وهج الصباح مابين خيوط الفجر والصبح جمالا خاصا
جذب يده اليمنى واتبعها اليسرى
وتبت الهاتف امامها تماما
شغل الهاتف على الكاميرا واخذ لها صورة
له وحده لم يسبق لاحد ان رآها في وضع رقيق كهذا
ولن يراها احد مهما حصل هكذا فهي له وينتابه جنون وغضب قوي في التفكير في الامر
شعر مبعثر على المخدة والبعض منه على سحنة وجهها الابيض الصافي
على رموش طويلة حمراء وثغر مزهر على الدوام
تغضن وجهه تحركة العضلة في فكه واخذ لها الصورة بسرعة واعاد الهاتف الى داخل جيبه كره نفسه لهذا الضعف
تشد من قهره وتضاعف الالم في صدره وهذا ما هي مفلحة في فعله
انحنى على جبينها وأزاح الشعيرات عليه لتغرس شفاهه القاسية فيه
ولثم جبهتها النقية واستنشق عطرها
كذكرى بسيطة تستطيع ان تمنع عنه هذا الوجع
لكن لافائدة
ابتعد قبل ان يوقظها
واخذ حقيبته العملية مع حقيبة صغيرة وضع فيها من الملابس ما سيحتاج
ليخرج
من الجناح كله
تاركا وراءه فلق القمر كما يسميها في احلامه

نزل من القصر وحقيبتاه في يده
سوداوين كما افكاره المغمومة
نزل الدرج وخرج من الباب الكبير
اقترب من سيارته الجيب البيضاء وضع حقيبة ملابسه في الصندوق الخلفي لها
وحقيبة اوراقه قربه في مكان لايزال يستوطن عبقا من روحها فلا يستطيع ان يفكر سوى بها




بين زقاق في القرية



وبينها ظهرت حلته شامخة غريبة ومتناقضة مع هذا الحي الفقير
عثمان
اقترب من باب احدى البيوت وطرق على اصحابه
ليخرج الصبي الذي سبق وساعده في احدى المرات
كان الفتى يعلم جيدا انه ان ساعد عثمان سيقوم هذا الاخير بمساعدته فالصبي ما ان اخبر امه بافتخار انه يساعد عثمان ويتقاضى على ذلك اجرا سعدت للامر رغم انها لو علمت من ابنها انه يساعد احدا آخر لما سمحت له بذلك
ولكنها تعرف ان عائلة المنصور اناس طيبون يساعدون الناس بما استطاعوا


اقترب منه الصبي :
- صباح الخير سيدي

جلس عثمان القرفصاء لعلمه كيفية التعامل مع الاطفال واضعا يده على كتفه يعلم انه ما يجب ابدا اظهار القوة على الصغار
لان هذا يحبط من معناوياتهم والافضل دائما ان يجلس ليتكلم معهم ويساوي بين عالميهم
- صباح الخير كيف الاحوال يا رجل؟

قال الصبي بشموخ رافعا انفه:
- بخير سيدي

ابتسم عثمان وقال:
- جيد جدا هل تريد ان تقوم بإحضار الافطار لامك؟

قال الفتى يبتسم بحماس:
- اجل سيدي سوف تفرح

قال عثمان للصبي:
- إذن ما عليك هو ايصال هذه الورقة للاستاذة الهام الان وفورا لااريد تأخيرا واحرص على الا تقوم الفضوليات باخذ الورقة منك …انت تعرف الاستاذة الهام جيدا اليس كذلك؟

قال الصبي:
- اجل سيدي تعطيني الحلوى عندما احضر لها الورق انها لطيفة

اعطى عثمان للصبي الورقة وقال :
- اذن خد ولاتتأخر.. هيا
ضربه بخفة على كتفه مشجعا كان كما لو انه شغل سيارة
على الفور ذهب الفتى جاريا ليوصل الامانة



بعد ان اعطى الفتى الورقة لإلهام التي كانت في كامل ملابسها
ومتجهزة لحضور الفتى
منحته من الحلوى واخذت الورقة
قرأتها لتجد انه ينتظرها بسيارته على الطريق
سبحت في افكارها قليلا ومن ثم فكرت انه من الاجدر ان تترك للفضوليتين ورقة كتبت عليها انها سافرت على عجل لترى والديها
فلاتريد منهما ان تقوما بنشر الاشاعات عن انها مثلا خطفت
تعلم ان لهما خيالا واسعا
اخدت حقيبتها واستطاعت ان تخرج من المنزل دون ان تلحظ الاستاذتان شيئا


وصلت الى السيارة البيضاء بجلبابه الجميل في تفصيلته في اللون السماوي يصل الى اسفل الركب مع حجاب وسروال ابيض حريري وحذاء ازرق رياضي خفيف صيفي
حيث وجدت عثمان ينتظرها متكئ على سيارته واضعا يديه في جيبيه
يشدو اغنية من امداح النبي (ص) بخفوت
وانتبه لتقدمها فأنتصب في وقفته بأدب ينتظر اقترابها
قالت له بحياء:

- السلام عليكم

قال يبتسم :
- وعليكم السلام آمل الا اكون قد تأخرت عليك؟

قالت لاتزال محتفضة بابتسامتها :

- لا …

نظر اليها تقف خجلة فقال ليكسر حاجز الخجل بينهما كأصدقاء:

- اسمحيلي ان احمل عنك الحقيبة سأضعها في الخلف

قالت تنظر الى حقيبتها كالبلهاء واومئت :
- آآه ...اجل طبعا تفضل

اعطته الحقيبة التي وضعها في الخلف بالقرب من حقيبته واقفل الصندوق
ترك وراءه صوتا خفيفا
واقترب يفتح لها الباب الخلفي للسيارة ليتركها على راحتها :

- تفضلي بالركوب

قالت تنظر بالكاد اليه :

- اشكرك
سمت الله وذخلت الى السيارة
التي في حياتها لم تركب مثلها شعرت انها تغرق في المقعد الوتير لونه في (البيج) اي اصفر فاتح

اقفل الباب وراءها والتف على السيارة ليفتح باب السيارة و يجلس
وراء المقود
وضع( سِدي ) لسورة البقرة وقال يشغل السيارة لينطلق
لكن قبل ان يتحرك قال يسألها:
- هل انت حافظة لدعاء السفر؟فإذا لم تكوني كذلك اعطيتك كتيبا لست بحاجة اليه لحفظي لها اصلا

قالت بحرج تحمر لاي سبب وبالاخص لكلامه معها:
- لا اشكرك حافظة لها اشكرك كثيرا

قال مبتسما :
- العفو

وغاب كل منهما في عالم من الافكار المتأرجحة
الهام وهي تدعو الدعاء مخفية صوتها في صوت المقرئ
وتفكر في آن واحد كيف لها ان تقوم بالعملية وهي بعيدة عن اهلها؟
تخاف ان تموت بدونهم وفكرت انه لابد لها من ان تتصل بهم وتخبرهم بانها على وشك ان تقوم بالعملية بعد اسبوع



اما عثمان فقد كان منظما اموره بشكل جيد
يتمتم بالاذكار
وذكراه تأخذه الى ثريا
رغما عنه
لكنه لايريد ان يفكر بها
لكن ما باليد حيلة لايشبع ابدا من دفئها ولارقتها رغم قسوته عليها
الا انه يعرف الان وهو يفكر انه سيغيب عنها او هي ستغيب عن ايامه القادمة
وسيعاني الامرين في النوم فلابد من ان دفئها اصبح الوحيد الذي يساعده على الهدوء
الامر في حياته متناقض تماما فهو نفسه لايفهم مايحصل له
تحيره ولايريد لهذه الحيرة ان تنتهي لانه اصبح مدمنا عليها بحق
سيشتاق كثيرا الى مناقشاتهما الحادة الى الجنون بينهما الى حد الانهيار في لحظات حب مجنونة تذهله ولاتترك لعقله صوابا
تناقض افعاله مع احاسيسه كبير... لدرجة انه الان مسافر الى الدار البيضاء
ولم يعلم سوى اخوته ووالده وجده بعد خروجهم من مسجد القرية في الفجر
يلعن احتياجه لها ويريد ان يشعرها بعذابه بان يعذبها معه بالمثل
شيء عصي عن الفهم
نفض عن رأسه غيمة الافكار تلك ليركز على السياقة




***********************



في القصر


بساعة الافطار

بجناح سعيد

كانت عبير تجمع شعرها على شكل كعكة مرتبة جيدا لتقوم بوضع الحجاب البرتقالي عليه بشكل جميل
مع فسان طويل في اللون الاخضر الفاتح بأكمام واسعة مزمومة عند الكوعين
وانتعلت بعد ذلك صندالا جلديا يسهل عليها التنقل في القصر وخارجه
اصبحت لياليها مأرقة من كثرة التفكير
ان سعيد يعاملها بشكل جد لطيف لكنها تشعر ان هنالك شيء مفقود في تصرفاته لاتدري متى آخر مرة ربت فيها على كتفها حتى
او امسك يدها
انها لاتريد إلا ان يكون تلقائيا معها في التصرف
لكن غير ممكن لعاشق ان يكون تلقائيا في التصرف
ما يريده هو ان يحصل على شيء منها يبرد لهفته والاحتراق في جوفه لها
تشعر ببعض الغضب لان الامر لايمكن الا ان يصير على هذا الحال في العالم
كانت تشعر بالراحة معه عندما كانت صغيرة لكن الان كل الحال قد تغير
فما العمل؟
التفتت الى الستارة الكبيرة بينهما فبعد ان خرج من الحمام ملفوفا في روبه الكبير الاسود
ذخل الى الجهة الاخرى ولم يخرج حتى الان
اقتربت من سريرها وأخدت تشد اكثر على الستائر فيه لتبقى
مرفوعة ولتلهي نفسها الى حين خروجه


أزاح الستارة وهو يغلق ازرار قميصه متظاهرا بالاهتمام بها فقط
لمح ظلها قريبا لكنه تفاداه ووقف امام المنضدة بدوره ليتفقد مظهره
حاول ان يجاهد على نفسه
فهي كل ما يتنفسه بالاجماع من هواء واكسجين
ويشعر انه في قمة السكر ما ان تصل رائحتها الفريدة الى خياشيمه
فتعصف باوردته وتلخبط خلاياه
بل تجعلها ممتزجة حتى التوحد
وقال دون ان ينظر اليها هي التي توقفت عن العبث بالستارة وأخذت تنظر الى هيأته الرائعة القوية
معجبة عن غير عادة بهيبته وطوله وتموج العضلات في ظهره في حياتها لم ترى مثل بنيته الجسمانية
تبدو قوية لكن متناسقة
فسبحان الله وما شاء الله هذا ما استطاعت ان تنطق به لكي لاتصيبه عينها

- عبير تريدين ان آخذك في جولة هذا الصباح في سيارتي؟

قالت تبتسم ملأ ثغرها بفرح مقتربة منه:

- اجل بكل سرور.... لكن وعملك؟

قال يهز اكتافه الصلبة:
- لايهمك امر العمل ....سنقوم بجولة حول الاملاك منها ايضا ان اريك ما فاتك منذ سنوات وان تستنشقي هواء عليلا في هذا الصباح

قالت مبتسمة اكثر:
- اتمنى الا تكون السيارة سريعة كثيرا والا اضطررت الى التشبت بك طيلة النزهة

راقته للحظة الفكرة واتسم رده بالهدوء الممزوج بالرقة التي يحاول ان يغالبها لكن دون جدوى :
- لاتخافي ...مادمتي معي ساتخلى عن جنون القيادة الخطرة هذا اقوم به فقط في الاماكن الخالية ولأقوم بتصفية افكاري

نظرت اليه مليا:
- غير معقول ....اتفعل هذا ولاتخف ؟اعني الا تخاف من الحوادث؟

انهى رفع القميص عند ساعديه والتفت اليها يبتسم :
- حسنا في بعض الاحيان نحتاج الى الخلوة والراحة لنتلاحم بشكل قوي مع ارواحنا

قالت مخفضة رأسها:
- اتمنى الا تقوم بعمل خطر يا سعيد لانريد ان نفقدك...
كادت ان تبلع لسانها من الكلمة التي خرجت من فمها
متمازجة مع شعور قاس عليها اخفائه
ذهل لما سمعه واراد فعلا ان يكون التفسير الوحيد الذي ظهر بقوة في قلبه قبل عقله انها لربما تحبه
ان تكون في هته الاثناء كما هو تقطعه الاشواق اليها الى رقتها وصفائها
وحنانها الغير مبتدل ابدا
لكنه تراجع عن الفكرة وانتابه احباط اخفاه بحنكة
- لا تخافي يا عبير لست مجنونا ...اعرف جيدا ما افعله ولاتظني انني اسوق بطريقة مجنونة كما في راسك الجميل بل فقط بسرعة السيارة وليس بطريقة مجنونة...لكن مادمت تقولين هذا فلن افعله سوى من اجلك

قالت تنظر اليه بعينين بنيتين لامعتين:
- من اجلي.. انت لطيف جدا سعيد

رجاها في اعماقه الا تقوم بقول مثل هته الكلمات فلو قالها غيرها كان اهون
لكن ما ان تقول في حقه شيء جميلا يبدأ قلبه الذي ضعف لرقتها
بالذوبان وتقرعه طبول لا تريد ان تهدئ مهما حاول منعها
وتقف بروعتها في الحؤول بينه وبين التفكير السوي
إقترب منها لحظة طغى فيها بجسمه الكبير عليها
وبقي في مكانه ينظر الى ملامحها الذاهلة المنتظرة الى التصرف الذي سيبدر منه
كانت تأثر فيه وفي انفاسه وتجعل الدم يضخ في شريانيه
بقوة بركان هائج
تلاقت نظرتها معه للحظة
يدري انه يتحفز شيء فشيء للانهيار وان تنهار معه كل جوارحه
لكنها لاتدري لما ارتعشت لقربه وكستها سخونة غلفت وجنتيها ومن ثم عيونها التي انسدلت تحت هيبته


كل هذا كثير عليه
انها المرض الوحيد الذي يعاني منه
والبلسم بين يديها في شفائه
يريد ان يعيد تقبيل جبينها كما اول ليلة والح عليه الامر لكنه يخاف من الرفض لان الرفض بات الشبح الذي يطل عليه كل ليلة ليذكره بالليلة الاولى بينهما
وبانه ليس الرجل الذي تمنته ان يكون زوجا لها بل اخا فقط

نطق بثقل في كل اعضاءه:
- هيا للنزل الى الافطار

خرج الى الصالة الصغير
نظرت اليه يخرج وشعرت بالاسى بشكل كبير
وتبعته تسرع في خطاها لاتدري لماذا؟
لكنها تعلم انه يفعل كل شيء لاجلها فلما لاتفعل شيء من اجله؟؟
انسلت يدها في قلب يده النابضة
لسعته دارة كهربائية قوية اضفت الرقة في عينيه الملتهبتين عليها وانسحر كليا بابتسامتها العذبة الشفافة
ابعد نظرته عنها ليخفي ما يجري بذاخله وتحرك امامها
وخرجا ينزلان الدرج معا الى ان اضطر ان يبعد يده عنها مكرها
ولاتدري نفسها لما شعرت ببعض الأسى غلف روحها
وانتشر شيء من البؤس في نظرته
بقيت امام المطبخ الذي يسمع منه حديث زوجة خالها وامها وكذا الخادمة الجديدة
اشار سعيد مغضن الجبين لها بالدخول الى المطبخ
وشعرت ببلاهتها في وقوفها هكذا تنظر اليه فلوحت له بيدها كطفلة
مبتسمة ودخلت المطبخ

لتتركه هو في وسط الردهة في القصر
منخور القوى من الحب
يتقلب فيه كتفاحة تتقلب في الشكولا لتعطي الذ فاكهة حب على الاطلاق
حاول ان يستنشق الهواء الذي في الردهة ويبعد هذا الاختناق الذي بات مكرها عليه
حمد الله على كل حال
وابتعد ليدخل مجلس الرجال حيث سيقوم باخذ فطوره معهم
لكنه تراجع
فكر في شيء آخر لذى قام بالاقتراب من المطبخ الذي كانت تجلس فيه النسوة
ولم يرد ان يدخله فقط لانه يظن ان لربما زوجة اخيه ثريا فيه لدى قال بصوت مسموع يطرق بابه:
- احم ....السلام عليكم

قالت مليكة التي تجلس في الجهة المقابلة للباب على المائدة وعلى يسارها جلست عبير وقابلتها في الجلسة حماتها فاطمة بابتسامة نشيطة كالعادة في اهل القرى
ان النشاط هو علمهم المرفرف عاليا:
- بني... ادخل تفضل

قالت فاطمة تبتسم له بحب:
- اهلا بني وعليكم السلام هل تريد شيء ما ؟
ضحكت
- لابد من ان الجميلة من تريد ام انا مخطئة؟

ابتسم سعيد لتظهر غمازاته
لكن فقط لانه لاحظ لاول مرة ابتسامة خجولة على ثغر زوجته
- في الحقيقة امي انت محقة كنت اريد ان اقول انني وعبير سنخرج لنفطر في الخارج ونستغلها فرصة لنتنزه

قالت فاطمة تحرك رأسها باعجاب :
- فكرة مدهشة...حسنا من قد يمانع ..اسبقها انت وهي سأساعدها انا في تحضير السلة هيا اذهب قد تنزل زوجة اخيك

قال ينحني لهن مبتسما بمرح:
- آسف على الازعاج سيداتي افطار شهي

عبير كانت منسحرة بصوته رغم انها لم ترفع نظرها ابدا الا انها شعرت بشعور جميل جدا
انسان لها وحدها
يوليها اهتماما يعبق روحها بنسيم كريح حملت معها ذرات ذهبية تلفها في عالم غريب عنها
يحرص على ان تكون سعيدة وهو رجل شهم لم تكن لها تجربة مع احدهم كالبعض ولم تعرف ابدا معنى الحب
لكن تدري ان سعيد لديه قدرة على الاستحواذ على تفكيرها لسبب تجهله
ولاتريد افساد الامر

سالت نفسها بغثة
اتراني اصبحت احبه في اسبوعين ؟؟؟؟

شعرت بيد على رأسها وقالت لها امها:
- عبير انهضي حبيبتي لا تتركي زوجك ينتظرك في الخارج

قالت فاطمة وقد نهضت
- هيا صغيرتي سأريك الاشياء التي يحبها زوجك لكي تقومي بترتيبها

اعطتها تعليمات وتلك التعليمات كان العقل لها منفتحا بشكل كبير منسجما مع سماعها ولايفلت اي خيط منها
اخبرتها بمقدار حب سعيد لحب الرغيف الذي يعشقه مع العسل والمربى الحمراء
وكذا يشرب معه الشاي
وبعد لحظات يتبعها بقهوة ساخنة حارة بالتوابل الخاصة بالبهار المغربي العجيب
ويحبها ان تكون ساخنة بشكل كبير حتى وان كان في الحر فطبيعته تتأقلم مع الاشياء التي لا يستطيع البعض التأقلم معها
وهكذا كما حضرت لها هي من شطيرة التفاح الرائعة وبعض الكعك لعشقها لها

خرجت تودع امها ومليكة مبتسمة
وجدت ان سعيد ينظر الى باب القصر في انتظراها ونظراته عميقة تتألق لدى رؤيته
اقتربت منه بطلعتها الراقية
وقال يحني رأسه لها فاتحا لها باب السيارة:
- تفضلي
نظرت اليه :
- اشكرك

دخلت السيارة ودخلها هو بالمثل من جهة المقود قال ينظر الى السلة في حضنها:
- هاتها عنك ضعيها هنا بيننا
فعلت كما قال لها
بدى جدا جذابا وراء المقود رغم انها سبق وان راته هكذا الا ان الوضع الان مختلف تبدو سيارته راضية عن صاحبها بحيث رغم طوله الفارع وضخامة جثثه الا ان السيارة ذكية وواسعة من الداخل
وحيث تحتوي على مقعدين فقط
سوداء تعطي شخصيته سلطان وقوة








**************




في جناح عثمان




كانت تقف في غرفتها حائرة وقد كانت في كامل ملابسها
حجاب ابيض على جلباب صيفي احمر وسروال ابيض يظهرها رائعة الجمال ويضفي عليها سحرا خلابا لكن بطبيعة الحال تظهر انسانة هادئة
لاتثير من حولها ادنى ذرة
فالملابس الساترة لها هذا التاثير السليم على البشر
كانت زاوية الهاتف بين اسنانها واليد الاخرى على عضدها
تفكر منذ ان انتهت
كيف ؟
كيف ؟
كيف؟
تعودته باقيا قربها الى ساعة الافطار
يقرأ القرآن او يعود للنوم بعد الفجر
لتستفيق وتجد ان شيء غريبا في الغرفة لاتدري ما هو؟ ناقصا
ارادت ان ترسل له رسالة على هاتفه او تتصل به لكنها فكرت ليس مرة اخرى
ستقوم بجمع شتات كبريائها او ماتبقى منه اصبحت غير قادرة على الصبر اكثر
تتمنى ان تكون الوحيدة في افكاره
همه الوحيد في هته الدنيا
ان تحضى بالحب الصادق منه
لكن ملت ان تبقى هي من يحرك الدفة لتصل فلاتجد نفسها سوى تحوم في نفس المكان
تركت هاتفها مكرهة تتبع كبريائها لاول مرة فما عاد في استطاعتها ان تبقى الوحيدة من تهتم به وبكل شيء فيه
وهو يتركها كما لو انها فقط من يتودد له
اصبحت التعاسة عنوان كبير اسود في حياتها
لاتشعر بكلمة زوجة ابدا
لايمنحها ذلك الشرف بان تعلم عنه اسراره وتحمل معه همومه
اجل
لربما تكون هي اكبر همومه لكنه يحملها ما ليس في طاقتها
تركت الهاتف وخرجت لتنزل الى الافطار ساهمة في شتى الافكار





******************





في بيت هود





كانت تقوم بالعمل بقلب سعيد
فرحتها بمكانها الجديد او عش الزوجية
تعدى كل الحدود
في حياتها ما كانت تتصور انها ستحضى بزوج محب قمة في الروعة
يذيقها احلى الحياة الرومنسية اللتي ضنتها ابدا غير موجودة
تحب حضوره الغريب في هذا البيت الصغير الذي بات يتغلغل فيها حتى العمق
غرفة واحدة تشهد احلامها التي لاترى غيرها الان احلام الحب
بين ذراعيه
فعلا تعشقه حتى باتت لا تستطيع ان تراه دون ان تندس بين ذراعيه

هي الان في الباحة وراء البيت حيث كانت تقف امام عمودين خشبيين ترسخا في مكانيهما يضمهما حبل للغسيل في اللون الاصفر
كانت تقف امام البئر الصغيرة تقوم برفع السطل بكل ما اوتيت من قوة فلم يكن ابدا البئر واخد الماء منه مما تعلمت

حوط خصرها ساعدين قويين فاجفلت بخوف وسقط السطل في البئر

قالت بتأفف :

-ااه...افففففف يا الهي ....
قبلها عدة قبلات في عنقها اذابتها وفككت في الهواء كل كلمة ارادت ان تنطقها ادارها اليه ينظر اليها بوله ولوعة لاتنقضي:
- ماذا ؟....جميلتي انا... تتأفف.. لما؟ هل اكون انا السبب؟
اخدت رغما عنها بعضا من جديتها:
- اجل حضرتك السبب فلو لم تجزعني لما سقط السطل في البئر
قال يحاول ان يفهم:
- اذن انت الان غاضبة مني؟لانني اسقطت لك السطل في البئر؟
قالت تومئ :
- اجل ....قم باخراجه انت ...هيا

نظر اليها مستمتعا بتصرفاتها التي تنم عن امراة متزنة لاتعبث
جذب السطل بخفة ووضعه على الحافة وسكب منه في قدر نحاسي وامسك به مبتسما تحت نظراتها التائهة:
- والان الاتزالين غاضبة؟
قالت مبتسمة :
- لا مادمت قد جدبته انت
اقترب منها بالقدر ونظرة خبث في عيونه
فقالت تتراجع:
- هووووود ما الذي تنوي فعله ..اه لالا ...لا
اخدت تجري ويجري ورائها بخفة يحومان على البئر
يرميها بقطرات من الماء يحملها من القدر في يده ويرشها بها
امتعه كثيرا ضحكها المتتالي وشهقاتها لدى سكبه للماء فقال:
- لقد فرغ القدر تعالي لاتخافي لن افعل شيء الان

قالت مبتعدة في الجهة الاخرى من البئر :
- ومن يضمن لي انك لن تقوم بسكب ما تبقى من الماء في السطل علي
قال مبتسما :
- وعد لن اقوم برش الماء عليك لكن فقط تعالي هيا لاتكوني قاسية
اقتربت منه وجدبها الى صدره بقوة ودفن رأسه في عنقها وهمس:
- اين كنت تخبإين هذا السحر الفتاك حاسبي يا جميلة اكاد انسف ..بل تكاد شرايين تخرج من شدة النبض فيها
لفت دراعيها الرقيقتان على عنقه وهمست:
- قدرني الله لك وانا لك
نظر الى وجهها ورأى تلك القطرات تتدحرج على وجهها فابتسم بسكر يقبل خدها وانفها وقالت بين انفاسهما المتحشرجة:
- ارجوك هود دعني ...اقوم بتحضير الافطار

انسلت بين ذراعيه واخدت ما تبقى من الماء في القدر تحت نظراته
وتحركت من امامه بغنج تقلب عيونها بدلال
كانت كما لو انها تستوف كل ما له من نفس على الارض
تسرق اضلعه منه وكل العروق التي تنبض باسمها هوجا وتعصف بصورتها كبوق يعلن الحرب على كل جوارحه


نفض السحر الذي كان يقف فيه
كما لو انه يجرف تحت تربة متحركة
وتبعها الى الداخل حيث رفعت اكمام قميصها
وجلست على زربية هي في الحقيقة من ظهر الشاة اي من الصوف تحاول ان تحضر الاكل ما امكنها
مما يملكان في الكوخ حاليا
كانت تجلس قرب النار وجلس قربها بل وراءها بحيث ينظر الى ماتفعله من وراء كتفها عمدا
ليقوم بتشتيت تركيزها بنظرته السوداء الملتهبة على خبز الخبز الذي قامت بتركه يخمر
حملت خبزة تضعها على القدر فوق النار واخدت تراقبها وقلبتها بصمت تبتسم لدندنته وراءها رفعت عيونها للسماء وحاولت تجاهله
أخذ ينظر اليها يستفزها مستمتعا بالالحاح على النظر اليها
اخد يرتب لها القميص الازرق من جهة الخصر ومن جهة امامها بحيث لايفلت لمسها برقة وارهاف
عندما نضجت الاولى اخدتها ووضعتها فوق سلة صغيرة وضعت عليها منديلا يمتص حرارة الخبز
ظلا على ذلك الصمت الذي طبعا لايعني سوى انهما في قمة الانسجام والتفاهم معا
كانت قد جمعت شعرها من قبل الى فوق بمشبك ابيض وتناترت بعض الخصلات الشقراء حول وجهها
رفع يده الى عنقها ومرر اصابعه عليه برقة
وحط بشفاهه برقة عليها
قالت جميلة تنظر اليه وهو قريب منها:
- ارجوك هود ساحرق الخبز ان ضللت على هذا الحال ارجوك
نظرتها البريئة التي كانت تصيح بحبها له جعلته يتنهد بوله وترك عنقها ليمد يده على الخبز الساخن ليقضم منه يشتم رائحته التي نقلته الى ايام لاينساها ما حيا
قالت تسأله بعد ان اكل منه:
- هود ....كيف الخبز؟ أجيد؟
قال يستطعمه:
-دعيني ارى ...ممم...ممم...
- هود قل لا تجعلني اغتاض
قال مبتسما بسحرها الذي تنشره في المكان
- رائع جميلتي.... تدرين انك المرأة الثانية في حياتي

كادت ان تحرق اصبعها واجفلت بشدة وارتجاف
امسك اصبعها ونظر اليها يضعه بدفئ في فمه
وقد اطال ذلك الى ان اخدت يدها منه واشاحت بوجهها عنه شبه غاضبة
تنهد ليكمل متجاهلا غضبها لانه يدري انه لن يبقى بل سيتبخر عندما سيخبرها:
- امي كانت الاولى ..تطبخ وتديقني من خبزها الرائع واكلها الشهي
وبعد ان دخلت السجن ...ماتت حيث لم استطع ان اراها او اتسامح معها والشخص الذي سبب لي ذلك ساذهب اليه اليوم لاحصل على تعويض

التفتت اليه ونظرت اليه بحب جارف بعد ان ازاحت الخبزة الاخيرة
مررت اصابعها على وجهه وبالخصوص جبهته المشوهة قليلا لكن بالنسبة لها تزيده جاذبية تروق لها كثيرا
قبلته فيها وضمت راسه لصدرها واحتضنها هو بالمثل يتنفس عطرها الطبيعي الذي منح اياها الله
وقالت:
- هناك اشياء يا حبيبي لم تخبرني اياها امك رحمها الله انا متاكدة بانها ما كانت لتشعر سوى بالفخر انها ملكت رجلا مثلك
ابتعد عن صدرها ليهديها قبلة في عنقها الابيض ورفع نظره اليها:
- اخبريني من اين خرجت لي؟ اتعجب فقط
غضنت جبينها وابتعدت عنه تضع الماء على النار لتصنع الشاي

- من اين خرجت او من اين خرجت لي انت

قال يمرر يده على شعرها ووجهها:
- سلبت لبي يا جميلة يا عمري عديني انك لن تتركيني مهما صار؟
قالت مبتسمة:
- لست مجنونة لتركك فانت حبيبي انا ... هلا اخدت الخبز ووضعته على الطاولة

قال بطريقة تضهر الخمول:
- اليست بعيدة دعيني يا جميلتي الصغيرة احضى بدفئك فلا اشبع منك ابدا

قالت تكتسيها الحمرة:
- من يسمعك يقول اني لا اوفينك القدر الكافي من الحب

وقف يحمل السلة بيد واحدة والاخرى انحنى على وجهها يرفعه اليه مقلوبا من دقنها وقال:
- الحب معك كجنة من السماء ولدت على الارض لا مثيل لها انحنى على دقنها وقبله وابتعد يتركها مبتسمة على جنونه
وتصرفاته المتوحشة الرقيقة
تنهدت تكمل ما بدأته


بعد ان انهيا تناول الافطار خرجت جميلة الى الخارج حيث السقف يحمي من اشعة الشمس اذا ما ارادا ان يجلسا
سبقته بقميصها الازرق القاتم الطويل الذي ربطت اطرافه الى اعلى ليفسح لها المجال في الاشتغال دون عذاب وقد ارتدت تحته سروالا فضفاضا جميلا نسائيا اختارته هي بنفسها يوم تزوجا
تذكر جيدا كيف كان ذلك اليوم وكيف كان تعامل هود معها فيه برقة لامتناهية
رغم خجلها الا انه كان عطوفا حنونا استطاع ان يدفئ قلبها ويسعدها وان يهواها ويبعد عن عيونها الحزن الذي استعمرها
وقفت تنظر الى الارض التي لم تزرع ابدا امامهم والتي كانت ممتلأة بالاعشاب الضارة
قال هود يلحق عليها خارجا بما انه سيذهب في مشواره:
- حبيبتي ارجوك ان تبقي في المنزل ولاتفتحي لاحد ادري ان القرى يمكن ان تكون آمنة بعض الشيء لكنك جميلتي لااحبذ ان يحصل لك شيء في غيابي ولا في الخيال اتفقنا صغيرتي؟
قالت تضم نفسها اليه وتعبت بخصلات شعره:
- اتفقنا لكن ..ارجوك عد مبكرا ها ....لاتتركني وحيدة هنا ادري انني بامان لكني ...اه
احتضنا بعضهما بقوة تدفن راسها في عنقه ويستنشق عبق شعرها الاشقر
- لا عليك لن اتاخر اعرف جيدا ان الزيارة لذلك الشخص لن تكون سارة لكنها ستفيدني

ابتعد تاركا اياها تنظر اليه رجلا كما تحب متوحشا حنونا الى ابعد الحدود
تتمنى من الله الا ياخده منها هو الاخر
لانه الوحيد الذي من يستطيع سبر اغوار اعماقها
وتستسيغ طعم الحب واياه من دونه ابدا لاتساوي شيء في هذا الكون
دخلت تحت شمس الصباح الجميلة واغلقت الباب عليها




**********************



فوق الطريق التي اتخداها


اوقف سعيد سيارته بجانب حدود منها تبدأ صفوف مرصوفة من اشجار الليمون الرائعة
خرجت عبير من السيارة بعد ان فتح لها سعيد الباب
وجدت انه لمن الغريب ان تكون مرتدية نفس الوان الطبيعة فستانا فضفاضا اخضر ينزل على حنايا جسدها برقي وحجاب برتقالي
قال لها يمنحها يده اليمنى بينما يده اليسرى تحمل السلة:
- هيا معي ...سنجد لنا مكانا معزولا نفطر فيه
ابتسمت مرتبكة قليلا من اللمسة التي اصبحت الان امرا عاديا لكن لاتزال تزعزع نفسها بشكل غريب
تمشيا هكذا لمدة قصيرة ليصلا الى بين شجرتين تنشران ظلهما على بساط اخضر من العشب
ناعم تحت الأقدام
حط السلة على الارض وجال بنظره على الارجاء ليقول

-لابد من ان العمال في الجزء الاخر لن يقلق راحتنا احد هنا

امعن النظر فيها وهي تبتسم وتقوم بالجلوس على ركبها لفتح السلة واخدت شرشفا نضيفا ابيض وبسطته ليقوم هو بالركوع ايضا مساعدا اياها في بسطه
كانت حواسه تتحفز على الانهيار في اية لحظة
يا الهي لو تعلمين ما تفعلينه بقلبي وروحي ووجداني
اصبح جسدي كله متقشفا من قربك هذا ينادي بصوت عالي ان ارويه من دفئك وحنانك ليتك فقط تمنحين نفسك فرصة صغيرة لاحتضنتك لملأت حياتك احلاما لاتنقضي
اصبح الارق حليفي والوحشة انيستي
تكويني نار نظرتك وهاجة تلهب الاوصال

جلس سعيد في مكانه متكئ على الشجرة الكبيرة يراقبها مسكرا مخنوقا بالعشق مشبعا بالوجع الذي يسري في شرايينه مجرى الدم ويتشعب في الكريات بعروقه وتحفر فيها حفرا دون ان تشعر

نظرت اليه وشعرت بالاحراج من نظراته اخدت ما ستقدمه له في الصحن والشاي ايضا واعطته الكأس المزخرف باللون الذهبي
تحت نظراته التي لم تشأ ان تفلت اي لحظة من هذا الجمال الذي امتزج مع الطبيعة بشكل صيرها له وجعلها تروق عينه دون ملل

قالت له لتكسر الصمت وحرارة النظرات ولم تستطع ان تتحرك بحيث جلست بشكل معاكس له فباتت تحت رحمة عيونه المحرومة المتأججة:
- الجو جميل هنا ...لم يكن جدي مالكا لهذه الاشجار من قبل

قال سعيد يسرح في الاشجار والخضرة امامه:
- الارض له وخدمها العمال الى ان اعطت مع السنين ما اعطته تدرين ان الليمون الان هذا فوقك نظري اليه..

رفعت راسها ترى اوراق الشجرة التي تبسط جمالها فوقهم ولاحظت الليمون الشبه اخضر فوقهم
قالت تسال:
- مابه؟

وضع سعيد الكأس من يده :
- ظننا ان هذا العام لن تعطي ثمارا وخفنا من ضياع المحصول لكن الحمد الله رحمنا فقد ازهرت هذا العام متأخرة فقط وضننا انها لن تفعل ابدا وهذا هو سبب اخضرار الليمون كما ترين لم ينضج بعد

قالت تسكب له في الفنجان القهوة السوداء الساخنة:
- سبحان الله

مدت له الفنجان وامسكه واحنى راسه عليه يحرك السكر الذي وضعه فيه
قرر ان يجرب حظه فهي حلاله وليس عيبا ان حصل على شيء بسيط يطفئ ناره
قال يخفي الوهج الذي يهدد بالانفجار في اي وقت من عيونه الساخنة بشدة الشوق الذي يوجعه ويألم صدره بقوة:
- عبير
ردت تنظر اليه وقد وضعت كاس الشاي من يدها
- اجل
كان نبضه قويا سريعا
يهدده الا يفعل فقد تجرحه ويدوم الجرح كثيرا في قلبها ويصعب عليه العيش معها تحت سقف واحد بعد ذلك او شفائه:
- اذا طلبت منك ان تاتي الى هنا قريبة مني سترفضين؟

المت بها حيرة وتبعثرت كل افكارها و تاهت نظرتها لكنها اجابت بخضوع لعلمها انه زوجها ويفعل من اجلها الكثير فيجب ان تخضع له قليلا ولو بالغصب:
- لا ...اقصد ليس لدي ..مانع
نهضت تقترب منه بخجل لتجلس قربه تطوي قدماها تحتها وتجلس بارتباك
شعر بان الارض لاتسعه فرحة لانها لم تنفر بل استجابت
وضع الفنجان الذي ولايدري لما اليوم بات يشعر انه يزيد من سخونة الجو عليه بدل باقي الايام
التفت اليها ينظر اليها من فوق
وتكلم بما لجم لسانه منذ مدة تبدو له عهودا مضت همس بكل ما يملك من مشاعر تتراقص على قلبه وتريد ان تنهيه الى النهاية:
- عبير...
بالكاد همست مخفضة نظرها عنه:
- نعم
قال يفصح عن ما يثقل صدره ويكاد يتسبب له بنوبة قلبية من كثرة الضرب على اوتاره :
- انا..انا احبك

شعرت ان الكلمة تجاوزت اذناها لتغوص في اعماقها وترفرف بقلبها عاليا
ياربي ما الذي يحصل لي هل جننت رحمتك يا الله
لم تستطع ان تجبه لان الخجل يزيد من احمرار وجنتيها

- اعلم انه لربما هذه الامور صعبة لانك بريئة ..اعرف انه ابدو لك لربما متوحشا لكني عكس ذلك اتمنى فقط لو تفهمين

خرجت تنهيدة مديدة من صدره مثخمة بما يكتم على انفاسه
اقرب يده من يدها واخدها برفق يتمنى الا تقوم باي فعل يجرحه فقلبه لها وحدها ولم يعد باستطاعته التحمل اكثر
دفن شفاهه الرجولية في باطن كفها
ارتعشت ورفعت نظرتها اليه وقد اضمحل الخجل بل ما كان لم يعد له اثر سوى انها بقيت حالمة في ما يفعله يقبل يدها بحنان بالغ
بل وتجاوبت يدها بحيث وضعتها على خده
كل المشاعر في ذروتها تهدد بالانهيار في اية لحظة اقتربت منه تدفن نفسها بخجل بالغ في صدره لاتدري لفعلتها سببا لكنها اراحتها وبعثت بها شيء لم تعهده في نفسها
قال بين انفاسه المتهدجة:
- لقد انشاتني بدون مثال سابق
سمعت قلبه يضرب بهوج واستقرت يدها على صدره وتشبتت به تخفي نفسها في صدره القوي كليا لاتدري لما شعرت ان البرد موجود حولهما بينما الدفئ لا يختزل الا في حضنيهما مع بعض اغمض كل منهما عيونه تاخذه دوامته المنعشة الى عوالم خارقة لاتتكرر كل يوم
وشدد ذراعيهعلى خصرها وشعر بلهفته تزداد لكنه قرر ان ينعم بهته اللحظة
ابتعدت عنه قليلا ولاحظت عيونه التي بدت كالنعسانة قرب وجهها المحمر ولم تستطع ان تنطق بشيء ابدا
بعد ان استرجعت طبيعيتها قالت:
- الن تذهب الى عملك؟
وبدات تجمع الاغراض
قال ينظر اليها بين رموشه السوداء بابتسامة منتعشة فرحة:
- ومن يملك هذا الوجه الجميل يستطيع ان يذهب الى مكان؟

زاد تورد خدودها وقالت :
- اتحدث... بجدية ...انوي ان احضر لك طعام الغذاء ان لم ترد ان تتغذى معنا في البيت

قال ينهض ليقوم بطوي الشرشف
- سيكون ذلك رائعا ان تاتي لنتغذى معا هذا سيصبرني على بعادك يا قمري

يخجلها الى ابعد حد لاتدري الى اين سيقودها هذا الجدار الثاني الذي هدمته نحوه لكنها تدري انها تتبع فقط قلبها وان كان قد بدأ يغرم به فعلا فلابد من انها ستعرف

اراد اكثر من حضنها في صدره
بات يريد ان يخترق الحدود الفاصلة بينهما الى عمق اكبر
ويتمنى ان يلمس تلك الشفاه العذبة التي تعذبه في كل لحظة لكنه اقنع نفسه بانها تحاول ان تغالب خجلها فلا يجب ان يستعجلها لو كان الامر بيده لكان مختلفا لانه جامح بطباعه
لكن ولانها بريئة ورقيقة فيخاف عليها من الكسر

قال يمنحها يده بعد ان حمل السلة
ابتسمت تمسكها وتعززها بوضع اليد الاخرى على ذراعه تربطها فيها ملتصقة به ببرائتها اكثر
ويتجهان معا الى السيارة





********************

في القصر


ثريا تعلم انها لم تفعل الصواب
لكنها لتعرف مكان زوجها دون ان تكثر الترثرة سألت عبد الصمد الذي صادفته خارجا من مجمع الرجال ولعلمها بان عبد الصمد انسان متفهم قليلا اجابها بانه سافر في الصباح وفسرت انها فقط نسيت لابد من انها نسيت

ماهته السكاكين التي تشرخ صدرها وماهذه الالام التي تفضي الى بئر عميقة تسيل فيها دمائها ولاتعلم من اين ستعيدها
انكسر كل شيء فيها ككأس امتلأ بسائل ساخن وانشق ليترك مافاض يفيض على ساحت الحب الاعمى
انتشلتها عذابات الهوى بملاقيط حادة تنغرس في صدرها دون رحمة
تعلقت بين الشك والواقع كالشاة
بل ذبحت كالشاة وتركت مذبوحة بجسد حي
ميت في الاساس منذ ان امتزج نبضها بقلبه منذ ان تخلت عن اسلحتها في الحرب ضده منذ ان كانت له وحده
لماذا انا لما ياربي يفعل بي هذا
اكتفيت وتعبت يجعلني دائما على الهامش لانني طبعا لست سوى امرأة لعوب في نظره احبه وحبه يخرقني نصفين
ويكتنيني بوحشية

صعدت في قمة غضبها لاتدري ما عليها فعله لكنها يجب ان تعلم لما يعاملها هكذا يجب ان تفهم قسوته تلك هل لها من نهاية؟
صعدت الى جناحها واقفلت الباب وراءها بكل ما اوتيت من هدوء
دخلت الغرفة لتطلع على ملابسه وفعلا هنالك نقص فيها
وحقيبة من الحقائب المتسلسلة تنقص
اذن هو سافرفعلا لكن لما لم يقل لها

- لما لم يأخدني معه
ادمعت عيونها بحرقة لطغيان هذا الرجل والذي لايريد ان يتنازل عنه ابدا
اخدت الهاتف النقال واتصلت به
تنتظر بقلب مرتجف وما ان اجابها حتى شعرت انها تحتاج الى الجلوس

في تلك اللحظة كان قد اوقف السيارة واستاذن من الهام ليقوم بالأجابة
- الو..
قالت بصوت يشوبه الاضطراب رغما عنها:
- عث..مان
ابتعد عن السيارة
- اهلا وسهلا

قالت تقف منتصبة تحاول ان تضهر قوتها في مجابهته:
- اين انت الان ؟
قال لها باستهزاء لاذع:
- وهل من حقك ان تسالي اين اذهب واين امشي ؟؟ألست انا من لديه الحق في ذلك؟

قالت وقلبها يتوجع من حديثه والدموع تتدحرج صامتة على خدها وحتى الكبرياء بات في الخلف وراءها مكبلا لصق فمه مكتومة انفاسه:
- لما لم تخبرني في الفجر انك مسافر لما لم تأخدني معك؟
قال ببرود:
- حضورك معي ليس مهما

يوسع الجرح في قلبها بقسوته
يدمي فؤادها بطعناته الثثالية لها
جلست قرب السرير على الزربية تشد على يدها المتحرر بين ركبها من عصبيتها:
- الهذا الحد لست مهمة بالنسبة لك الا اعني لك شيء؟
قال بنفس البرود:
- اخبرتك لو كان حضورك معي مهما لاحضرتك ليس الا والان ماذا ؟

قالت تمسح عيونها:
- الا تحبني عثمان؟؟... ولو قليلا

قال وعيونه تسبح في خيالها بين انفاسه:
- عن اي حب تتحدثين بالله عليك..انظري ليس لي النهار كله معك علي الوصول الى الدار البيضاء بسرعة

قالت تصرخ بحنق مرتعدة:
- انت لعين عثمان ولم ارى انسان اقبح منك اكرهك ياذا القلب المتحجر
دون ان تقفل الهاتف رمته على الحائط حتى ملأت الغرفة باشلائه وانهارت هي تبكي على السرير تعتصر من الداخل اوتارها
وتتألم بكل ما في قلبها من حب تعيس

بينما هو نظر الى الهاتف بتفكير ليقوم باعادته الى جيبه ويدخل السيارة

- اسف الهام ان ازعجتك

-لا لا عليك

رات الهام انه بدى غاضبا قليلا من طريقة تحدثه في الهاتف
لكن الامر ليس من شانها






********************

في منزل السي محمد




كان سي محمد في مكتبه الخشبي الرائع يفضي من شرفة جميلة الى الحديقة الصغيرة المحيطة بالمنزل
كان اليوم يراجع الارقام التي وصلت ارباحه اليها لحد الان مع العلم انهم لم ينتهوا من الحصاد كليا بعد
فرح كثيرا لان ابنته الوحيدة قد تزوجت وحمد الله كثيرا
يفكر بان يجهز لها احسن عرس بالمنطقة ويفرح بها كباقي الناس
يتمنى فقط الا تظل زوجته رشيدة على هذا الحال
ابتعاد هند عنها بعد وقت قصير في اواخر الصيف يحبطها
وحمل صفية يأثر فيها كثيرا
يشعرها كل هذا بتعاسة لاتوصف وهو يحاول بحبه ورعايته لها ان يخفف عنها من مقاساتها

كان قد نادى على صفية لتأتيه
لانه ينوي ان يحدثها بجدية فمن اجل زوجته يفعل المستحيل
ويريد منها ان تكون خادمة مستمعة لاوامره كما هي دائما

سمع طرقا على باب مكتبه وقد كان يراجع اوراقه
فانتهى بتنحيتها جانبا في الروجيستر
وأذن بدخول الطارق
- تفضل... ادخل

كانت صفية من دخلت ولكنها بدل ان تتقدم اليه ليناقشها في الموضوع الذي ناداها من اجله لاحظ عليها نظرة غريبة توحي بشيء ليس بالسار قالت:
- سيدي شخص يقول انه صديق قديم لك يريد ان يراك
-هل قال ما هو اسمه؟
حركت صفية راسها يمينا وشمالا فقال :
- اذن اطلبي منه ان يعود ادراجه
انحنى على اوراقه ودخل الشخص دون ان يشعر الجالس على المكتب بذلك وقال للخادمة انصرفي بالاشارة يغمز بانه يريد مفاجئته فرفعت اكتافها وخرجت تغلق الباب بخفوت
لكن السي محمد الذي اعاد الاوراق قربه شعر انه ليس وحيدا في الغرفة وعندها رفع عينيه لينهض من الكرسي وتشل ركبه من الهلع ليجلس عليه مجددا

- ه...و...د.......



The---and
يتبع.............


Jάωђάrά49 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-10, 07:32 PM   #32

Jάωђάrά49

نجم روايتي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية Jάωђάrά49

? العضوٌ??? » 106278
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,312
?  مُ?إني » الدار البيضاء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Jάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك dubi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الجزء السابع عشر

ان شاء الله


قال ابو هند بعد سماعه للطرق على باب مكتبه:
- تفضل... ادخل
كانت صفية من دخلت ولكنها بدل ان تتقدم اليه ليناقشها في الموضوع الذي ناداها من اجله لاحظ عليها نظرة غريبة توحي بشيء ليس بالسار قالت:
- سيدي شخص يقول انه صديق قديم لك يريد ان يراك
-هل قال ما هو اسمه؟
حركت صفية راسها يمينا وشمالا فقال :
- اذن اطلبي منه ان يعود ادراجه
انحنى على اوراقه ودخل الشخص دون ان يشعر الجالس على المكتب بذلك وقال للخادمة انصرفي بالاشارة يغمز بانه يريد مفاجئته فرفعت اكتافها وخرجت تغلق الباب بخفوت
لكن السي محمد الذي اعاد الاوراق قربه شعر انه ليس وحيدا في الغرفة وعندها رفع عينيه لينهض من الكرسي وتشل ركبه من الهلع ليجلس عليه مجددا

- ه...و...د.......


اقترب هود مبتسما باستهتار من رؤيته للمتسبب له في دخول السجن
خائفا ويدري انه لديه سبب قوي للخوف
واحس انه قريب من ان يفك نفسه من تانيب الضمير
لازمه طيلة فترة سجنه لياليه وايامه
والان ولانه فعلا سيتلاعب بمشاعر ذلك السي محمد ببراعة
بات قادرا على ان يفرح داخليا لانه واخيرا اصبح والحظ في صف واحد
يدري ان الفاجعة قد تدمي قلب حبيبته لكنه لايستطيع ان يكتم اكثر
ولن يفشي شيء قبل ان تحين الفرصة المناسبة لذلك

كان سي محمد يشهد اقترابه ليقف امام مكتبه مباشرة
شاعرا باليأس والقنط يقترب منه رويدا رويدا ان نهايته قد تعلن في اية لحظة

(( هنالك منهم من يريد ان يشتري لمن يحب السعادة
ومنهم من سعادته في ما يدفئ جيبه بعد ان يبيعه تلك السعادة
ويبقى بين الطرفين من يباع ويشترى سبب تلك السعادة
هل تسائل البائع والشاري عن مشاعره
ابدا )))


- السلام عليكم
قال هود يرمق سي محمد بنظرات تحمل كل المعاني التي يجب لسي محمد فعلا ان يحسب لها حساب
يقف امامه منتصب القامة

لم يتمكن ابدا سي محمد من رد السلام لكنه قال بسخط:
- ما الذي تريده من حضورك الى هنا؟ الم اخبر الخادمة بعدم تركك تدخل

قال هود بهدوء يخفي الكثير
- مابيد خادمتك شيء كان من الافضل تركي ادخل دون ان تلفت الانتباه ....او ما رايك ؟

ارتجف ابو هند يحاول ان يضهر تماسكه:
- متى خرجت من السجن الم تكن فيه ...؟

- انك جاهل لكل شيء .....

تحرك هود يقف في النافذة الكبيرة المفضية الى الشرفة منها الى الحديقة:
- انت والعربي وانا لدينا الكثير ما نتناقش من اجله لكن سأنحي ذلك الخنزير من القائمة في ما بعد.... اما انت احتاج ان تعطيني القدر الذي ساطلبه منك من المال... كتعويض عن سنين السجن التي حكمت فيها زورا وايضا موت امي التي لم احضر جنازتها وجهلت تماما لوضعها

قال سي محمد يبدو على وجهه الانشراح وبعض الراحة من ذي قبل:
- اعطيك ما تريد على ان تعدني انك لن تعود الى هنا

ضحك هود باستهزاء على التغيرات في وجه سي محمد:
- انت لاتزال تضن نفسك الرجل الرائع في الموضوع تعطي الاوامر وكأن لك السلطة على تصرفاتي ....لاولا ولَّى الزمن الذي وضعت رقابنا فيه على المنصلة اذا لم تتم تنفيذ اوامرك ...اعلم انك هنا من سيرضخ لا انا ...ستعطيني ما اريده من المال لأأمن مورد عيش لي وزوجتي

قال زوجتي وقد لمعت عيونه بشيء من الانتصار كانه حصل على زمردة ناذرة الوجود
تنحنح ابو هند في كرسيه يتمنى ان يخرج هذا الرجل قبل ان تذخل عليه ابنته او زوجته فلن يكون التقديم مناسبا ابدا

جذب من المجر لديه دفتر الشيكات وبدا يخط لكن يد هود اطبقت على يد الرجل والدفتر بقوة ليقول :
- لا اريد منك شيكا ...لسنا هنا في المدينة والبنوك منتشرة ...اريد ان تعطين النقود كاش

قال ابو هند ينهض من مكانه غاضبا:
- لما جئت؟؟ الم تقل ان زمان الخدمة لدي قد ولى فاذن ساعطيك
المال وسترحل الى الابد لما اتيت بالله قل ؟؟

قال هود باعصاب باردة لكن لاتنفك المشاعر الصاعرة في صدره تحفزه الى الانفجار الان وامام عائلته لكنه تخلى عن الفكرة:
-اعطني المال الان و ستعرف عن قريب لما عدت

قال ابو هند يضرب بعصبية على المكتب ليهتز محتواه امام عيني هود الذي كاد في هذا الوقت ان ينقض عليه ليحطم له وجهه كما فعل مع العربي لكنه تراجع يترك للاخير الفرصة في الحديث مستفزا اياه بتلك الطريقة:
- اليس من حقي ان اعلم؟؟ اقر انني لربما عندما اورطتك في تلك الجريمة وادخلتك على اترها السجن استحق العذاب.... لكنني ثبت ولم اعد كما كنت فبالله القدير ان تصفح وترحم فانا الان شيباتي كثرت وهرم عضمي ولا .....

قاطعه هود متمللا من كلامه:
- كف عن النحيب كالنساء

قال سي محمد يشعر بالهزيمة لكن يحاول ان يكسب المعركة القائمة ضد هود:
- اتعرف انني اوكلت محاميا ليعيد النظر في قضيتك ولم يستطع فعل شيء اردت التكفير عن ذنبي لانني ثبت بحق ....وتعرف ايضا بعد ان فرغت يداي من الحلول لم استطع سوى ان اذهب للاستطلاع عن حال امك التي كانت متعبة

قال هود وكل ملامحه تتغير الى الاكفهرار :
- امي كنت تعلم بمرضها؟؟ هل انت من تسبب في موتها؟؟

قال السي محمد :
- ماعاد الله لقد كلفت فقط من يطل عليها ويعتني بها لاشعر ببعض العزاء يخفف عن روحي الكآبة التي ملأتها....اتذكر ايضا انني اتيتك الى السجن كم مرة لكنك رفضت رؤيتي

قال هود بنظرة تشكك :
- اعلم بدى لي الامر انك اتيت لتشمة بي لانني كنت احاول ابتزازك والخروج عن طاعتك

قال سي محمد يتحرك الى الخزنة بجانبه يفتحها:
- لكن الله يسامح اتمنى ان تسامحني ان انا عوضتك

جذب المال من الخزنة ووضعه على المكتب

قال هود دون ان ينظر اليه:
- لن استطيع مسامحتك أأسف لذلك لكني سآخذ المال بدون شروط

قال ابو هند ينظر جاحض العيون اليه:
- ماذا تعني بعدم مسامحتك اتنوي....

قال هود يقاطعه:
- لست ناويا على شيء الان اريد المال والذهاب... ام ستتشرف بضيافتي على الغذاء

قال ابو هند والخوف يعصف به:
- خد المال واتمنى الا تعود ومرة اخرى اقدم لك اعتذاري على مابدر مني في ما مضى

قال هود يتأجج غضبا لذى استرجاعه للذكريات:
- ليته مضى وانا في ذاخل غيبوبة بدل ان اعيشه وانا واع ....لاتدري حتى كم تعذبت في التاقلم في ذلك السن مع مجرمين حقيقين
قد اكون مجرما من نوع ما لكن الضروف حكمتني من اخناقي واستغلت يفعي وجهلي

قال ابو هند:
- اذن انت تعترف انك رغم ذلك مجرم اذا نحن متعادلين لما عدت تدري ان انت ركبت دماغك فلن يتأدى سوانا نحن الاتنين

قال هود يشير اليه باصبعه:
- انت وحدك لاني ان حاولت ان اسامحك والعربي فادري انني ابدا لن استطيع ان انعم بالراحة...فضميري لن يسامحني ما حييت تذكر ذلك فقط



في غرفة هند


كانت سعيدة جدا وهي تجلس امام مرآتها وهي تحاول تعلم كيفية وضع الحجاب كما رأت في احدى البرامج في التلفاز وقد سجلته وشاهدته عدة مرات حتى سجل في ذاكرتها جيدا
بل وحفرت لقطات البرنامج في مخيلتها بعمق
اولا تشعر ان الله يرضى عنها لانها كانت تنوي ان تتحجب لكنها كانت تتكاسل في الامر تريد وتجد نفسها تاجل ذلك
لكن الحمد لله انه اتى زواجها بالسرعة التي تمنت لتقوم بوضع الحجاب على شعرها الجميل
كانت مع ارتدائها لفستان تحمد الله لانها من قبل ما كانت ترتدي القصير ابدا الا ان كان عاري الكتفين فقط
ارتدت اليوم فستانا اشتهت ارتداءه بنفسجي اللون بطيات عديدة تنزل بخفة حتى قدميها وكان طويل الاكمام ايضا
وترست هند على حجاب بنفسجي فـــــــــاتح كان قد اشترت الكثير منهم في دولابها ولم تمسسها لكن الان باتت تريد فقط الفرصة في تزيين راسها بتلك الالوان الزاهية وارضاء النفس بها

يالفرحتها التي تسحبها من عالم الواقع الى عالم الاحلام الذي بعد ان ضاع منها استعادته من محبها عبد الصمد
الوحيد الذي ملأ قلبها
ولاتدري لتغيره سببا غير انه احبها ايضا كما يقول ويظهر
تعشقه فتبدأ النجوم بالاجتماع في غرفتها لتنير برقتها عمق احساسها وتعطيها الرغبة في الحياة قربه
يعتريها الدفئ اذا ما تذكرت لمساته الرقيقة
ابتسمت لنفسها في المرآة برضى انتهت اخيرا من الحجاب ونهضت تأخذ حذاءها المناسب لتنزل الى الاسفل
اقتربت حيث يوجد الهاتف
وركبت رقم مكتبه تدري انه في هته اللحظة ولابد في مكتبه بالاسطبلات
بدأت بلف الخيط على يدها والابتسامة تأبى مفارقة شفاهها ولاالتألق يرد ان يسكن في بيت غير عيونها الشديدة الاخضرار
كانت تنظر الى اطراف البيت حولها لكي لاتجد احدا ينظر اليها واقفة هكذا
بعد ان توقف رنين الهاتف لتسمع صوته
شعرت ان قلبها سيقع منها وان ضرباته تهدد بانهيار جسدها الغض من العشق انهيارا
للحظات سمعت اجابته بصوته الراقي الرائع:
- السلام عليكم .....


كان في مكتبه مزيلا سترة الركوب التي وضعها وراء المقعد الجلدي الوتير وقد ترك عدة اوراق مبعثرة على المكتب ليجيب

ويعرف الرقم جيدا رغم ان صاحبته لاتزال عاجزة عن النطق لدى فضل ان يحرك وجدانها بما يعصف بروحه هو الاخر:
- يا ذات العيون الخارقة لروحي وصاحبة الخصلات الموجعة لاصابعي او ياصاحبة اعذب ثغر عرفته على الاطلاق
كانت وتيرة المشاعر عليها تهد من شجاعتها تريد ان تذوب فيه الى آخر انفاسها
ان تعيش بين انفاسه وان تسمع كلماته اقرب من هذا القرب
كادت ان تهوى على الارض لولا انها تمالكت نفسها
اجابت بالكاد تدري اين هي وضهور تلك المشاعر على وجهها :
- كيف... حالك؟

قال يضيع فوق مقعده الجلدي الذي يعطيه شموخا خاصا مع تناقض اللون الابيض على كتفيه في سواده
- لماذا تستهويني برنة صوتك تجعلينني اريد ان اضمك الى صدري
تكفيني غابة الغرام التي اوغلتني فيها حتى شعر راسي

قالت بحب ودلال:
- سلامة شعر راسك ....تدري غير مسموح لي الان باي كلام آخر فلاتنتظر مني ...ان ...ان اخبرك بما في قلبي

قال يستقيم في جلسته مبتسما:
- اذا تعالي الى هنا

قالت تبتلع ريقها بحرج وقد احمرت خدودها كثيرا:
- انا آتي الى المزرعة ؟؟علي ان اطلب الاذن من والدي

قال عبد الصمد بثقة:
- والدك لن يمانع يعرف انني احفظ جمالك في عيوني

زادت ابتسامتها تشعر انه يستقطبها برقة كلماته ونباهته في الامر:
- اذن انت متاكد من انه سيوافق؟

قال :
- اجل ليس هنالك ادنى شك صغيرتي ...
قال حالما:
- تدرين انك بدلالك تجعلينني قريبا من ان اقلع من الكون كله
ساسمعك لحنا رونقه يتجلى في الطبيعة الحرة

انتظرت لحظات تسمع
فتناهى اليها صوت قلبه ينبض بقوة من الهاتف
كانت تتوجع من ما يضهره لها من حب تكاد تبكي لانها بعيدة عنه لاتستطيع ان تدفن نفسها بالقرب منه
سمعته بعد لحظة :
- اين غبت ؟
قالت بتوه:
- انا ...هنا لم اغب
همست برقة وتردد في ان يسمعها احد :
- احبك
كانت مشاعره مخدرة كليا يبيث في لياليه على ذكراها ليصبر نفسه على هذا الوجع الذي يفتك باوصاله
قال بلهفته في سماع المزيد:
- هلا اعدتها لي ...هيا محبوبتي اسمعي كلام زوجك
قالتها مرة اخرى بكل ما في كيانها من ارتجاف بسبب الحب

قال من الخط وهو ينظر الى العامل في الاسطبلات مصطفى ذراعه الايمن يدخل عليه المكتب
فحاول ان يواري مشاعره ليقول:
- ساقفل الان واتمنى ان تاتيني بعد ساعة الغذاء وان يحملك والدك لا اكثر تسمعين

اهتزت لنبرة الصرامة في صوته وخرجت من عالم الخيال الذي اغرقها فيه:
- حسنا ساخبره الان بذلك نلتقي همست احبك

واغلقت السماعة ليبقى هواء الكلمة دافئا يبعث في نفسه الهوس لهته الفتاة في شتى الاحلام والتخيلات
قال يبعد السماعة ليعيدها الى مكانها:


- احم ...ما الامر يا مصطفى هل من خطب؟

قال الرجل :
- نعم سيدي هناك شاحنة قد اوصلت للتو حصانين

قال عبد الصمد ينهض ليبقى بملابس الركوب عدى
السترة وامسك سوطه ليقول للخادم:
- هيا يا مصطفى لنذهب

قال مصطفى طوعا:
- حسنا سيدي



في منزل السي محمد


بعد ان خرجت من عالم القنابل التي تتفجر في قلبها لحظة بعد اخرى
وتذيب روحها بالهوى الذي يتخلل قلبها ويسري بين عروقها
بوجع لذيذ
توجهت الى مكتب والدها وكل الفرح في قلبها يدفعها بدون استأذان
الى الدخول
وجدت ان والدها لم يكن وحده وان رجلا يعدل وضع الحقيبة على كتفه
يقف قرب مكتبه

عندما رأى سي محمد ابنته شعر ان نوبة قلبية ستأخده من هذه الحياة
ومن قرب عائلته

اقتربت هند من مكتب والدها تحت نظرت هود الذي امعن النظر فيها لكن دون نية سيئة
قالت :
- ابي آسفة على الازعاج

قال سي محمد يسرع في الاجابة:
- لابنيتي السيد سيخرج الان اتمنى يا هود ان تستمع الى كلامي

لاحظ في تظرة هود صدمة قوية هو فقط بعد السي محمد من يلاحظ
وما لاحظه اثر فيه كثيرا لكنه قال متنهدا يحني راسه :

- طبعا... وفي الموضوع... لست في حاجة للتفكير فقد بت اعرف الان ان التفكير فيه مضيعة للوقت فحسب وكما قلت انا حاليا لست ناويا على شيء ... آنستي كيف الاحوال؟؟

قالت هند تنظر الى الرجل بحذر :
- بخير الحمد لله

قال هود يستطرد:
- سعدت بتعرفي عليك انسة هند عن اذنك سي محمد
وخرج هود يجر وراءه اديال الخيبة وتانيب الضمير لذي ازداد بحدة بعد هته المقابلة
المال يعتبره تعويضا لحياة صغيرته معشوقة قلبه
وليس له

بقيت هند تنظر الى الرجل الذي خرج حائرة من معرفته لاسمها وسالت والدها بحيرة:
- يبدو لي مألوفا لست ادري اشعر بشيء يا ابي ...

قال سي محمد يبدد كل مشاعرها المختلطة:
- دعك منه انه اتى فقط ليشتري بعض رؤوس الماعز انتي بنيتي اتيتني لشيء ماهو؟

قالت مشرقة الوجه لتذكرها للامر:
- اجل بابا ....قالت بخجل....طلب مني عبد الصمد ان اذهب الى المزرعة لديه الى الاسطبل بعد الغذاء ويريد منك ان تقلني الى هناك ...هل لديك مانع؟

قال سي محمد يريد ان يبعد ابنته عن المنزل قليلا لينفرد بنفسه ويفكر في ما سيحدث بعد حضور آخر شخص توقعه لينغص عليه حياته الهانئة ويقول:
- حسنا هند يا ابنتي ساقلك بنفسي واستمتعي بوقتك ليس لدي مانع

فرحت وسعدت لاجابته وانصرفت الى الخارج لتتمشى قليلا برفقة كلب الصيد خاصتهم





******************




في المزرعة بناحية الاصطبلات



كان عبد الصمد يشرف على الحصانين الذين احضرا من احدى المزارع الصغرى التي تحوي بعض افضل الاحصنة التي تشارك في السباقات
وقد كان كلا الحصانين في فترة نقاهة
ويريد عبد الصمد من العمال ان يخصوهم بمعاملة خاصة جدا
وطلب ايضا من البيطري الكشف على حالتهم من المرض الذي كانا يعانيان منه

كان عبد الصمد واقفا تحت ظل الاشجار الكبيرة قرب سياج الحلبة التي تدرب فيها الاحصنة
يطالع في الاوراق التي تتبت تواجد الاصحنة عنده
اقترب مصطفى من سيده يقول:
- سيدي لقد تم كل شيء حسب طلبك هل يمكنني الذهاب لتفقد الاصطبلات الاخرى
قال عبد الصمد دون ان يرفع عيونه عن الورق:
- طبعا اذهب لكن لاتتاخر احتاج الى تواجدك هنا بعد ساعة

قال مصطفى:
- حسنا سيدي

بقي عبد الصمد يراجع الورق للحظة لكنه رفع نظره الى صوت سيارة سوداء على التراب
رفع راسه ينظر الى الآتي وبقي للحظات ينتظر الى ان خرجت امرأة اجنبية من وراء المقود بنظارتين سوداوين على اعلى شعرها الاشقر او المائل الى البياض
ترتدي سروالا جينز اسود مزموم الى الاسفل وقميصا ابيض من الحرير
يضهر طول رقبتها تتلألأ فوقه سلسلة من الذهب الابيض مرصعة بالالماس بحرف ج بالفرنسية
كان ثغرها الاحمر يفرج عن ضحكت مغناجة للغاية وهي تنظر الى صاحب الطول الفارع امامها والسمرة الفتاكة ايضا
اقفلت باب السيارة وتحركت بطول يقارب طول عبد الصمد كثيرا
واقتربت تبتسم له وتمد يدها لتقول باللغة الفرنسية:
- صباح الخير كيف الحال اضن انك السيد ابد صمد

لايخفى عنكم ان عبد الصمد عدى عن انه لايحبد مثل هته المناظر منذ زمن ولايحب مثل هذا الاغراء المبتدل اخفى مشاعره عن انه فعلا وجدها تضهر نفسها كخوخة ناضجة لكن لايمكن معرفة محتواها من الداخل فيجوز ان يكون فاسدا جدا

مد يده لعلمه من سماتها انها ليست مسلمة لكن قرر بدل ان يسبق الاحداث ان يتاكد اولا
وشيء اخر لم يعجبه قط اسمه وهو ينطق بتلك الطريقة لكنه تجاوز عن الامر يبادلها ابتسامة محترمة:
- سعدت بلقائك آنسة ذكريني باسمك....
قصد ان يحط من اعتبارها لانه يعلم ان صاحب الاحصنة انسان منفلت في تصرفاته
يدعو له بالعفو من الله لكنه يعلم انه ياتي بعدة صديقات له من باريس الى مزرعته ويترك عائلته ورائه وهذه ليست سوى واحدة منهن

قالت تخفي امتعاضها فهي تدري ان الذي ارسلها مع الاحصنة التي تعشق قد اعلمه مسبقا بحضورها وباسمها لكنها ابتسمت رغم ذلك معجبة بشخصيته القوية:
- "جولييت سان بيير" انا فرنسية الاصل بالتحديد من ضواحي بلجيكا

قال يتعدى كلامها الاخير فهو غير مهتم ابدا بمن تكون هته المرأة مثل صنفها قد سبق وعرفه جيدا ومجرد النظر اليها يجعله يعرف ان اختياره الى غزالته البرية لايضاهيه اختيار:
- تشرفت بمعرفتك ....اريد ان اعرف هل ستمكثين هنا طويلا ؟؟

قالت تنظر اليه بغنج بين رموشها المطلية بالماسكارا:
- اجل الى ان تشفى تماما احصنتي

قال في نفسه
احصنتها طبعا لابد من انها ستبيث قربها لانها احصنة ثمينة ولابد من انها تحرص على الا تضيع فرصة النشب في ذلك العجوز لحظة

قال يتحرك من امامها بعدم لباقة لانه يعلم اساليبهن:
- تعالي معي لكي تري احصنتك وتطمئني

تبعته تقفز قفزات صغيرة بسبب حذائها العالي
وكادت ان تمسك ذراعه لتستند عليه لكنها عدلت عن الامر يبدو لها متوحشا جدا ومثيرا ايضا:
- هل هي بخير اليس كذلك؟

قال عبد الصمد يحاول ان يكبت عدائيته:
- اجل انها كذلك ولن تمكث هنا سوى اسبوعين على الاكثر لذلك الافضل ان تعودي الى المزرعة الاخرى لان هنا لن يكون مكانا مناسبا ..... اقصد لن تجدي نفس الاستمتاع هناك

شعرت انه يلمح الى شيء ما
لكنها لم تفهم جيدا المزرعة هنا اعجبتها فمنذ دخلتها لاحظت نظاما خلابا قلما تجد مثله في مزارع المغرب
وايضا مزرعة العجوز باتت تجلب لها الملل لانها صغيرة جدا
رغم ان المال في البنوك لديه كثير

دخلا الاصطبل ووقف يشير الى الاحصنة بسوطه
امام وجهها تقريبا بغضب لايظهر منه على وجهه:
-انها هناك اترين تنعم براحة كبيرة سنسهر عليها ولن ينقصها شيء

يندب حظه الان لانه وافق على استقبال الاحصنة هته في مزرعته لكن هوس الاحصنة يتربع في عروقه ويجري مجرى الدم فيها
يحب التحدي والعناية والوصول الى كل شيء في هذا المجال
يعشق التراب التي تخلفه الاحصنة الجامحة وراءها امر
من الامور الاستحال ان يتخلى عنها في حياته
يدري ان ذلك العجوز المستغل كريم في العطاء
لكن لايهم عبد الصمد ابدا المال مادام لديه هته الأحصنة في اصطبله
لم يعلم بوصول جولييت الا بعد ان حدد مع العجوز موعد وصول الاحصنة فصدم
لكنه لم يرد ان يفسد علاقة العمل بينهما

قالت تقترب من الاحصنة تنظر اليها من بعيد ولم تلمس حتى السياج
- رائع الان انا مرتاحة

قال عبد الصمد ينظر الى الاحصنة بدوره
- هذا يعني ان سيادتك قد تذهبين؟؟

قالت تبتسم بغنج تظهر كل مااستطاعت من بياض اسنانها
- لا...بل اريد البقاء قليلا كما طلب مني ......وارادني ان استمتع بوقتي اتمنى الا يكون حضوري قد اثقل على سيادتك ان كان كذلك ذهبت

ارادت بطريقتها ان تشعره بتانيب الضمير
فقال من اللباقة فقط
- ليس هناك من مانع لكن لدي بعض الشروط ان تبتعدي قدر الامكان من رجال العائلة لاننا
.......كاد ان يقول متزوجون لكنه توقف لايريد ان يظلمها لربما قد لاتكون لديها نية سيئة......
في الحقيقة متدينون يجتمع الرجال وحدهم والنساء وحدهن وعدى ذلك مرحب بك في اي وقت

شعرت بالاثارة للامر لربما اشبه بتحدي المواقف التي قد تصادفها:
- لاعليك سيدي لست متعودة على سماع هذا لانني في الحقيقة لي اصدقاء ويستقبلونني
عادي جدا لكن ان كنتم متدينون فانا احترم ذلك
وساحترم شروطكم.... لكن الان فعلا اريد ان اقوم بجولة في المزرعة تبدو كبيرة ورائعة اجمل بكثير من مزرعة........فعلا رائعة


قال عبد الصمد يستغفر الله في نفسه من تلك الكلمات التي تنادي بها العجوز
- يا انسة اتمنى منك الا تتحدثي كثيرا مع النساء في قصرنا عن العجوز لانهن لاينظرن الى تلك الامور بنفس منظارك قد ابدو فضا لكن قوانيننا صارمة

نظرت اليه تمط شفتيها:
- لطالما كنت معجبة بعرقكم لكني فعلا الان اصبحت معجبة اكثر من ذلك لديكم طاقة خطرة وقوية

خرج عبد الصمد وتركها تتبعه متجاهلا كلامها:
- اذهبي يا انسة الى ذلك المكان هناك لتغيير الملابس ستجدين ملابس الركوب ان لم تكن لديك ملابسك الخاصة

قالت سعيدة تعبر بيدها مظهرة خاتمين لامعين من الذهب ايضا:
- لدي ملابسي الخاصة انها في سيارتي وضعتها على حدى ساذهب للتغيير واتي حـــــــــــلا

ابتسم بالغصب وذهب الى السياج ينادي احد العمال لكي يقوم بتسريج حصانين لهما له هو الاحصان الاسود
وللانسة كما يقول الحصان الهادئ جيريمي

وبعد لحظات كان عبد الصمد قد صعد فيها على حصانه متفاديا البقاء على الارض لكي لايضطر لمساعدتها في الصعود
وهذا ما لاحظها واعجبه انه فعلا يعرف كيف يتصرف معهن
بعد لحظات استطاعت ان تركب حصانها بصعوبة
وتحرك يتركها بطريقة المبتدئة تحاول ان تسير به قربه
لكن عبد الصمد كان يبعد حصانه بنباهة لكي لايحصل اي احتكاك غير مقصود بينهما
واتخدا الممر العريض الواسع المشجر والذي تتسلل الشمس من بين اوراق الاشجار ليترك ظلالا خلابة على الارض المتربة فيه
وبدآ رحلة استكشاف المزرعة




**************************




في الدر البيضاء




عند وصول عثمان والهام الى المستشفى الذي ستقوم بالعملية فيها
ركن عثمان سيارته هناك وانزل حقيبة الهام التي حملها بعد ان فتح لها الباب واقفل السيارة بالمفتاح الاتوماتيكي
توجها الى الدرج يصعدانه وفتح لها الباب الزجاجي لتدخله
وتوجه فورا الى الاستقبال حيث سأل عن الغرفة التي خصصت بطلب منه لإلهام فاعطوه الرقم الخاص وطلب منها ان تتبعه الى المصعد

كانت الهام عكس عثمان الهادئ تشعر بان قلبها وسط صدرها يكاد يصبح اشلاء متناترة يصعب عليها ان تشعر بالراحة اولا في مكان يفوق مستواها وهذا لاتحبذه ابدا
كيف لها ان تتصرف مع الممرضات التي تبدوا كل واحدة منهن متعالية عن الاخرى؟؟
دخل عثمان بحلته التي ادارت رؤوس الممرضات واكثرت الهمسات ورائه من روعة مضهره وعرض منكبيه وسحر عيونه التي يخفيه تحت النظارة لكن ابدا لم يعرهن اهتماما ولاحتى شبرا
ضغط زر المصعد الى الطابق المعلوم
وعندما وصلوا تقدم الى الغرف التي تواجدت في صف رائع تحتهما بساط سميك اخضر غامق يخفي صوت الاقدام
واعجبت الهام من جهة بروعة النظام هنا وهي لاول مرة ترى شيء مماثلا فعندما كانت تذهب للمستشفيات العادية كانت تختنق من رائحة العفن وعدم النضافة والتجاهل التام
اما الان
شيء مختلف تماما

عند دخولهم الى غرفة يقبع في وسطها سرير ابيض رائع
والتبريد في الغرفة انعش قفصها الصدري انتعاشا ابعد عنها الحر الذي شعرت به للحظات في الخارج
وقف عثمان يضع الحقيبة على الارض يتحقق من ان الغرفة كما طلبها فكانت تطل على حديقة رائعة كبيرة وخضراء منتعشة
والنوافذ لامعة بحيث مفتوحة هي على مصرعيها
كانت الهام واقفة واقتربت من السرير الابيض الواسع لتجلس عليه تجربه لكنها ما ان رات عثمان يلتفت اليها
حتى قفزت خجلة تنهض واقفة
قال عثمان مبتسما يمعن النظر في الغرفة:
- جيد اليس كذلك تحققي ان لم تشعري بالراحة هنا فساطلب منهم تغيير الغرفة لك

قالت بخجل:
- لا اشكرك جزيل الشكر انا بخير هنا

قال ينظر اليها :
- ساعود حالا لدي لقاء مع الدكتور الذي سيشرف على رعايتك وساعرف منه ما الذي سيقوم به قبل العملية لاخبرك واهيئك لذلك

قالت لاتستطيع منع هته السخونة السخيفة من الصعود الى وجنتيها مما يزيدها جمالا خاصا رغم انها ليست جميلة بالمعنى الادق غير ان ملامحها تشد بطريقة ما:
- اشكرك استاذ اتمنى ان ارد في يوم ما معروفك هذا واسفة لانني تسببت في قطع شهر ال....

قاطعها يتذكر مهجة قلبه التي عصفت بكل كيانه وحرمته الراحة في افكاره :
- انك لست مضطرة لفعل شيء سوى الراحة انا عن نفسي ادعي لك بالشفاء ولو استطعت المساعدة اكثر لما بخلت هذا طبعي وانت تعرفين اتركك الان لن اتاخر


خرج عثمان متوجها الى مكتب الدكتور الذي اعلم من الاستقبال
ان عثمان قد وصل
بقيت الهام في الغرفة المشمسة ووجدت الان بالذات راحة في الاستمتاع بالجنة امام عينيها اجل لن تكون بجمال القرية غير انها الدار البيضاء الشهيرة تخفي من الجمال وتخفي من الخبث الكثـيـــــــــــــــــــ ر
رتبت الملابس في غرفتها بالترتيب الذي سيساعدها
ووضعت قرب السرير ساعة صغيرة كانت تحتفض بها من والدها العزيز

تذكرت وقالت في نفسها
_ ااااااه يا والدي العزيز ويا امي كم اشتقت اليكم اتمنى من الله العلي القدير ان يوفقني الى اسعادكم بخبر عمليتي واللهم يارب انصر عثمان واسعده يارب كما اذخل الفرح والسرور الى قلبي

دخلت عليها في تلك اللحظة احدى الممرضات
تحمل باقة كبيرة من الورد كانت باقة من ورد برتقالي حوافه حمراء
اعجبت بالباقة الكبيرة وقالت للمرضة التي وضعته على المنضدة الصغيرة قربها:

- انسة هل هذه لي؟

قالت الممرضة :
- طبعا سيدتي ومرسلها يتمنى لك الشفاء العاجل

لاتعرف لما شعرت بقلبها يدق في جوفها لاول مرة تشعر هكذا انه ولابد ليس عثمان ستعرف ان سالته كيف له ان يسرع في احضار الباقة لها لكنها اعادت سؤال الممرضة التي اوشكت على الخروج

- اخبريني من فضلك امتأكدة انت ؟؟لاني اتيت الى المستشفى للتو....

قالت الممرضة التي بدأت تفرغ من الصبر:
- يا انسة لولم تكن لك لما احضرتها ورقم الغرفة هو هذا ولم اخطئ اتشككين حضرتك في عملي ؟؟

قالت الهام :
- لاماعاد الله آسفة لم اقصد

كانت الممرضات في شدة الغيرة منها لان الرجل الذي اتى معها خطف الانظار اليه وبدت لهن كما لو انها لاتستحقه
كم التكبر في بعض الناس بسبب المضاهر مرض بل مرض عضال
فالمرئ لايفتش في الجوهر ابدا

شعرت الهام ببعض الاضطراب من تعامل الممرضة التي من ملامحها بدت حانقة
قالت في نفسها الله معينها لابد من انه ضغط العمل
اقربت انفها من الورد واشتمت رائحته ونظرت اليه مليا لم يرسل اليها ورد من قبل ولا في احلامها حتى تراها في الافلام
وتذكرت امر البطاقة بحثت بروية لتجد بطاقة معلقة بوردة ورفعتها لتقرأها
بدى الخط رائع بحق بل ويدل على ان مرسلها انسان
مثقف
قرأت في الرسالة المكتوب بالمغربية

"اعتبريني صديقا يتتبع خطواتك حتى الشفاء"

نبض قلبها تهاوى وارتجفت تضع يدها بشهقة على فمها من الذهول قررت انه من الاجدر ان تقوم باخفاء البطاقة
ماهذا يارب لما يقول ذلك الشخص كلاما كهذا
انه لامر مخجل
الحياء منعها من تقبل كلام الشخص بدون ان تحمر خجلا
اخفت البطاقة وقد اعبقها عطر رائع منها
شعرت بالخوف من ان يرى عثمان البطاقة في حال لم يكن هو المرسل فقد يظن بها الظنون

تقدم عثمان من الغرفة تحت نظرات احدى الممرضات اللواتي كن يواجهنه في الطريق
ودخل الغرفة المفتوحة على الهام بعد ان طرقها
و كانت قد انتهت من الصلاة
لاحظ مغضن الجبين تلك الورود هناك شعر ان الامر يدعيه الى السؤال

قال لالهام التي كانت في حجاب طويل الى اسفل قدميها واسع للصلاة
- تقبل الله منك

قالت مبتسمة بخجل:
- منا ومنك آمين

قال يحك دقنه القوية والعضلة تتحرك في فكه يسأل:
- ممن تلك الورود استاذة ؟

قالت بحرج لاتلاقي عيونه حتى:
- لست ادري احضرتها احدى الممرضات في الاسفل وعندما اخبرتها انه من المستحيل ان يحضر لي اي شخص الورود بدت حانقة وهي تاكد انها لي

اقترب من مكان الورود يبحث فيها
فقال يوجه نظرته اليها:
- الا تحتوي على بطاقة؟؟

قالت ترفع اكتافها والخجل يعتريها من اخمص قدميها الى اعلى راسها لانها مضطرة للكذب عليه هو من يساعدها:
- لا في الحقيقة لم ارى عليها اية بطاقة اظن لامحال انهم اخطئوا ...

قال متشككا مفكرا في آن واحد:
- ربما....على اي حال انت هنا كما لو انك في فندق... ارتاحي ساعود اليك في صباح الغذ ان شاء الله والان
سأذهب الى فندق قريب من هنا

شعرت ان هو تركها فستبقى وحيدة واقسى المشاعر هي الغربة
- اشكرك ساكون بخير

قال يبتسم :
- اذن ساقوم بطلب الطعام لك في الغد ساخبرك بما ستكون عليه مراحل الشفاء حسنا

اومئت بالايجاب وهي تشعر انه بعد ذهابه قد ترك فراغا رهيبا لم تشعر به من قبل ارادت ان تتصل بوالديها لكن كيف لها ان تخرج من غرفتها الساترة لمشاعرها حتى لتتحدث الى تلك الممرضات المتعاليات
تنهدت تحمد ربها على فضله وتاخد القرآن لتطيب نفسها بآياته الكريمة المريــــــــــــــــــــ ــحة







***********************




في القصر




كان وقت الغذاء قد حان ولم ترد عبير ان تتغذى معهم لانها تفضل
ان تأخذ لزوجها الاكل وتشاركه اياه هناك في الراضي بدل اكله ذاك مع العمال
لاتدري لما صعدت الى جناحها واخدت لها شور مريح لعظامها وصففت شعرها وعطرته وتحجبت باللون الزهري مع فستان زهري ايضا ساتر واسع في تفصيلة انثوية لكن محترمة
كان طويلا وقد بدى جميلا عليها مع حذاء خفيف في الوردي والابيض ايضا بدت رقيقة بحق وانثوية بحتة
كان يجب عليها ان تأخذ احدى السيارات الجيب السوداء ولم تكن تريد السياقة لكنها فعلت في النهاية ساقت السيارة الى حيث دلوها عن مكانه وهي في طريقها قربت في الوصول بين الاراضي الرائعة رغم الحر الا انها اعجبت بالاماكن التي ياتي اليها سعيد ليعمل
توقفت السيارة على ارض قد تم حصاد نصفها على مايبدو ولاحظت ان لدى وقوفها قد اقترب منها احد العمال جريا

- السلام عليكم سيدتي

قالت مبتسمة :
- وعليكم السلام ورحمة الله ...هل سيدك موجود هنا ؟ام في ارض اخرى؟

قال الرجل الذي كانت جبهته تلمع بالعرق تحت اشعة الشمس
- اجل سيدتي انه هناك هل اخبره بحضورك؟

قال تشكره:
- مشكور ان فعلت ذلك


كان سعيد قد نزل من آلة الحصاد الكبيرة وتوجه الى مكتبه القابع بين شجرتين كبيرتين تظللانه من الحرارة
وامسك منديلا يمسح يده فيه
فقد تعطلت الآلة وجدب من تحت المكتب عدة الاصلاحات التي هو ماهر فيها
ليذهب بعد ذلك الى الآلة ويبدأ في الصعود الى مقدمتها وقد كان قد نزع عنه قميصه...وبقي بجينز العمل وانحنى على الآلة يصلح العطب فيها لانه فعلا عندما يقوم بعمل لايستطيع ان يتركه الا وهو مكمل اياه حتى النهاية
اقترب الرجل من العمال يقترب من سيده ويدخل رأسه تحت ظل الآلة ليقول:
- سيدي هناك شخص يريد رؤيتك ...انها سيدة

لم يرفع سعيد راسه وهو منهمك ملئ الانهماك في الآلة وقال :
- دعها تنتظر واعطها مشروبا باردا مِن الذي لدينا
" كان يصر على الكلمات مع ضغطه على مكان العطل "
انا لن اتحرك ....حتى ...اقوم باصلاح...هته الالة

اتى الخادم المسكين جريا الى عبير يقترب من سيارتها وقال وعيونه في الارض:
- سيدتي يقول انه لن ياتي قبل ان يكمل اصلاح آلة الحصاد تريدين حضرتك بعض العصير البارد
خرجت من الجيب تقفز الى الأرض لتقفلها وقالت تحمل السلة التي تحوي طعام الغذاء في يد
واطراف ثوبها الخفيف الواسع الوردي في اليد الاخرى
- لا عليك ساذهب اليه انا

قالت في نفسها الله معين الرجال على هته الحرارة لاتدري فعلا كيف يستطيع سعيد ان يتحملها
بالحرارة المفرطة شعرت انه لربما ان ازالت حذاءها فالارض ستحرقها من الحر
اقتربت من المكان الذي تواجدت فيه الآلة لكنها توقفت قبل ان يراها لتسرع في الاقتراب من مكتبه
الجلوس على مكتبه على المكان الذي يعبق بعطره الذي اصبح يشعرها بدوخة غير عادية كان نعيما حقا
جلست على كرسيه ووضعت السلة على المكتب الذي يحتوي فقط على روجيستر وبعض الاقلام في علبة خشبية مكتوب عليها الصويرة وهي مدينة في المغرب ايضا
امسكت العلبة اشتمت رائحة العود وتأكدة من انه من خشب العرعار
تحولت نظرتها امامها بعد ان وضعت العلبة بعيدا قليلا
ورأت ما كتم انفاسها للحظات لاتذكر كم بالتحديد
كان هناك فوق الآلة منحنيا عليها وكل ملامحه تظهر التمعن في العمل
اما هي فلاحظت رجولته الطاغية المتوحشة والمندمجة بشكل كبير مع هذا المكان

بقيت تنظر اليه الى ان شعر هو ان نسيم الصيف الدافئ يحمل معه عطرها الخلاب
أغمض عيونه للذكرى التي اعتمرت عقله وارعشت جسده
كيف كان ملمس يدها تحت شفاهه عطرا وعذبا تذكره للموقف جعله يتوقف عن العمل والوجع في صدره يزداد
لعن بصوت مسموع
لينظر تلقائيا الى مكتبه بين الشجرتين
ليجد وردة
وتفتحت قلب الصحراء بزوابعها وسط قلبه
انعشت روحه كواحة روت ضمئه
بل واحرقت جوفه من الاشتياق
ترك العدة والمعجزة الفاتنة امامه تخلب لب افكاره
شعر انه يهواها بكل ما في كيانه من حب قد استنزفته اليها بكل طاقتها الشفافة
عندما توقف ينظر اليها وقفت تنظر اليه بالمثل
كان الوجع في صدره لها يزداد ويلويه عن اي شيء غير ان يشبع روحه المستضعفة بطيفها المشع امامه
استدار على المكتب وتوقف قربها تحت نظراتها الشبه منومة
قرب انفه من جهة اذنيها المغطتين
كانت رائحتها حلوة تميته وتحييه في كل نفس
قال يغالب الشوق العارم في صدره:
- اتدرين ما اريده ...ان اقبلك حتى الفناء ياعبير اريد ان اشغفك حبا لم تري مثله في حياتك...لم ارى لشفاهك مثيلا
نظر اليهما بوله وبادلته نظرة خجولة تحمر وتحمر من الخجل لم يكن كلامه هكذا من قبل اهذا فعلا مايريده؟
شعرت بالم طفيف لذيذ يحتويها وبدت لها هته المشاعر غريبة بعض الشيء
قال وهو في قمة اندغامه في رقتها و في اوج الانهيار :
- الاحمق فقط من يغفل عن مثل هذا الجمال...
يعلم انه متعرق ويداه متسختان لذلك لم يستطع ان يفعل اي شيء مما يتمنى بكل قوته
لذا قال بين انفاسه التي تعلو بصدره وتهبط:
- عبير تكلمي ارجوك وكفاك صمتا ....السنا زوجين....اليس من المفترض ان احصل منك... ولو على كلمة تبرد ناري

نظرت اليه وعيونها ملآى بالمشاعر الجديدة عن قلبها وعن صدرها
- تبدو ...اكثر جاذبية...وانت ...وانت تعمل هنا

قال يبتسم متنهدا:
- واخيرا قلت شيء... لن اعتبر هذا مديحا... فاعلم انني جذاب

نظرت اليه ترفع حواجبها

واكمل
- لكني اريد منك اكثر من جذاب بل كلاما لربما لم يذخل في ذاكرتك اللطيفة البريئة بعد لكنني انوي تعليمك الكثير عن الحب

قالت تبعد افكارها التي اصبحت تسبح في بحر كلامه وتتيه :
- لقد احضرت لك طعام الغذاء واردت ان اتناوله معك لكن يبدو لي انك تعمل الان

قال يمسك قارورة من الماء وسكب بعض الصابون السائل على يده
- هلا سكبت منه لاغسل يدي

الاضطراب يخالجها بشدة فما بعد هذا كله ياعبير؟؟
هل انت مستعدة لتمنحي زوجك حقوقه ؟؟
وهو من يعشقك وينقل اليك عدوى العشق الناذرة؟

ومازاد اضطرابها هو نضوج صدره رجولة ورحلت بافكارها في تلك الليلة بعد الزواج وكيف كانت مشاعرها خائفة بصدق والان تكاد تشعر انها تريد ان تلمسه لكنها تشعر بانه امر سيء ان تشعر هكذا ليست هي من تفكر بمثل هته الطريقة وخجلت من نفسها كثيرا

قال سعيد مسرورا وروحه تكتنيها فراشته المنعشة لاوردته المتوجعة شوقا :
- ما الذي احضرته معك

قالت تبتسم :
- ...اه..حسنا طلبت من امي فاطمة... ان تتركني اطبخ لك شيء على ذوقي و...اتمنى ان يعجبك طبخي فاول مرة لك ستتذوقه

قال ينظر اليها من قربه
- اذا اذيقيني منه

نظرت اليه وهي تفته شفاهها بتيه كم كان مسرورا بهذا القرب الذي يثير جنونه ويحفزه على تقبيلها في الحين لكنه يلجم نفسه
ويستمتع بالمواقف التي يحررها من خجلها فيها ببطئ
قالت تنظر الى العمال:
- والعمال؟
قال ينظر اليهم ويضحك:
- هههه يعرفون انها زوجة الرئيس الفاتنة .... فيولون ظهورهم البعيدة لنا لاتخافي لايتدخلون في غير شؤونهم والعمل

قالت تنظر الى الاكل الذي وضعته من السلة الى المائدة
- ساقوم بفرش الشرشف على الارض لن نأكل ونحن واقفين

راقبها مسحورا بجمالها وحنانها الفياض
لاتدري انها بدلالها الخجول ورقتها الفتاكة توجع بل تالم صدره بشدة
وبتعاقب هذه الاحاسيس على صدره فهو لاتزيد سوى تنفسه صعوبة
انه ينظر اليها هي فعلا من تستحق الالتفات والعناية
كزهرة موردة ان هو سقاها واغدق عليها من الحب في التعامل وسقاها من عشقه وهواه فلربما تصبح اكثر نضارة واشراقا
وسيوفيها من الحب حقها




*************************




امام القصر



اوقفت عبير سيارة الجيب
وقد حاولت جاهدة التركيز على القيادة
لكن خيال اللحظات العجيبة التي قضتها معه الهبت قلبها
واصبحت تشعر كانه ينكوي من اسم سعيد
ظلت في الجيب مبتسمة لنفسها وتنظر الى مظهرها في المرآة لاول مرة فقط تتاكد من ان لها فعلا شفاها جميلة كما يقول
لم تكن تضع فقط غير المرطب لانها في العائلة لاتحب الضهور بغير طبيعتها ولاحتى في اماكن اخرى
وجذت ان لها شفاها جذابة فاتنة ايضا بشقها الخفيفي في الاسفل
وهي من لم تلاحظ هذا لربما هو لاحظه بصدق
كانت تستشعر دفئ اصابعه وهو يطعمها من اكل الغذاء وكيف ان
ذلك اعجبها بل وصرف تفكيرها عن الواقع
ارجعت المرآة الى فوق
وخرجت من السيارة حاملة السلة وتتوجه الى القصر

عندما ذخلته كانت هائمة فعلا سابحة ولاتستطيع ان تربط تركيزها بمن حولها
لكنها توقفت عندما سمعت صوت ثريا يناديها وقد كانت تنزل من الدرج
وبدى على ملامحها البيضاء الجميلة الارهاق والتعب وقد اخفت عيونها تحت نظارات بنية

- عبير ...

توقفت عبير وفقط عندما رات اختها استعادت شيء من جديتها:
- نعم اختي؟؟؟

قالت ثريا بصوت شبه هامس بسبب بكائها المتواصل:
- عندما تنتهين التحقي بي في جناحي اريد ان اتحدث معك

قالت عبير تنظر الى اختها التي عادت تصعد الى فوق
تتذكر فقط انها سمعت بانها ترفض الاكل من امها
لكن لما ياترى احساس عبير يخبرها ان سفر عثمان المفاجئ
وتوتر اختها الدائم يدل على انها تعيسة في حياتها وتتمنى الا يكون ما تظنه صحيحا

عندما اعادت عبير السلة الى المطبخ ولم تجد احدا علمت من الخادمة الجديدة ان السيدتان قد خرجتا الى القرية للتبضع قليلا

صعدت الى جناح اختها
وطرقته لتدخل
بحثت باعينها عنها في غرفة الجلوس الصغيرة لتجدها قد ازالت حجابها وهي تربط ذراعيها على المخدة قرب النافذة وتنظر الى الطبيعة خارجا
اقتربت عبير منها وجلست قربها تتطلع مميلة راسها على وجهها
فوجدتها قمة في التعب عيونها متورمة حمراء من البكاء تالمت لرايتها هكذا
وبما ان عبير حساسة بكت في تلك اللحظة بحرقة
واحست ان اختها تعاني
بحيث انتحبت ثريا ايضا
تنظر الى اختها واقتربت تضمها الى قلبها
قالت ثريا تغالب حزنها:
- لما تبكين يا عبير؟ ليس انت من يجب ان يبكي

قالت عبير تمسح عيونها وتمسك يدي اختها:
- لما لا....تخبريني بما يحدث معك... ارجـــــــــــــوك اختي ان تخبريني

قالت ثريا تعيد نظرها الى النافذة المفتوحة الى المناظر الخلابة التي تضيف على حزنها حزنا اكبر والهواء الدافئ يعبث بغصلاتها
- انا ...احبه...احبه اشعر بالضعف ...بالهوان يتملكني آسفة لانني كذبت عليك سابقا وانت ادرى بحالي ...يعذبني يا عبير لايعرف معنى الرافة بقلب يعشقه بقوة ...والان هو ذهب الى الدار البيضاء تدرين لما.....لكي يقوم بحضور عملية لشخص هو اسمى مني واشرف مني وانقى مني ..وانا من يحبه يا عبير يحبه يتخلى عني في اولى ايام زواجنا من اجل امراة سبق وان طلب يدها للزواج
يقول انني مخادعة ....اننـــــي خاخائنة

مسحت عيونها التي ادمعت مع كل كلماتها التي خرجت من قلبها المدبوح المنخور
- انا يا عبير قادرة على ان اسامحه بل سامحته والله سامحته لكنه يزيد عذابي بدل شكري

كانت الدموع من عيون عبير تسيل على حسرة اختها فهي تضع الان نفسها مكانها وتشعر ان سعيد قام بفعل غير لطيف معها فقد تعاني وتخاف ان يحصل هذا لانها فعلا لن تتحمله

قالت تهدئها:
- ارجوك ثريا حبيبتي اهدئي وامسحي دموعك واستعيذي بالله من الشيطان صلي واطلبيه لست ادري ما يمكنني فعله لك لكن ان اردت مني ان اشهد معك فانا استطيع ذلك

قالت ثريا تنظر اليها بجدية وعيونها مدورة حمراء متناقضة مع رمادي عيونها :
- ابدا اتسمعين لن تفعلي ذلك لايمكنني ان اتحمل ان يقوم بتكذيبك على ذلك او يقوم بتهمي بانني اطلب مساندتك لانك اختي طبعا ستقفين معي

قالت عبير :
وما العمل؟

قالت ثريا تبعد نظرها الى الخارج:
- ساسافر الى افران علي ان احضر تلك الاوراق من المستشفى الذي كنت فيه اتمنى فقط ان تكون النسخ موجودة والا تكون قد ازيلت فقد مر وقت طويل على ذلك


قالت عبير جاحضة:
- ولكن ثريا اليس من الحمق ذهابك الى هناك؟ ماذا ستخبرين عثمان ...حسنا عثمان غير موجود لكن ماذا عن امي وزوجة خالي؟

قالت ثريا تنظر اليها:
- انت لن تخبري احدا بانني ساذهب لاحضار الاوراق ستقومين باخبارهم انني ذهبت الى هناك لانهم اتصلوا بي من اجل شهادتي التي نسيت اخدها من الادارة

قالت عبير تفكر:
- وستخبرين زوجك لانه اذا حصل واتصل واراد التكلم معك واخبره احد انك سافرت فقد تثور ثائرته

- هذا ما اريده بالضبط ان تثور ثائرته لانها في الحقيقة سيكون امرا بسيطا جدا في حقه رغم حبي له الا انني اريد منه ان يتعذب قليلا

قالت عبير تجلب كل التوقعات على ارض الواقع:
- واذا لم يريدوا ان تذهبي الا مع محرمك ...او حتى عودة عثمان

- ساذهب بدون اعلامهم بعد سفر جدي القريب
وستساعدينني بان تقولي انني اخدت الاذن من عثمان هو من اخبرني بموافقته على ذهابي وساذهله بهته الطريقة
اريد ان الجم لسانه اللاذع ذلك قليلا لانه يجرحني كثيرا وانا التي تحبه فعلا لا تستحق منه ذلك اخاف ان يهجرني ان يتخلى عني ..هو يهددني

قالت عبير بتردد:
- الست خائفة من ردت فعله ان اخبره احد بانه من اعطاك الاذن سيجد انك تخدعينه فعلا

قالت ثريا وعلى ملامحها شيء ن الياس:
- اتوسل لك اختي افعلي فقط ما قلته وتذكريه جيدا ...وارجوك لاتحبطيني فانا في حاجة ماسة الى اضهار الحقيقة والا ضاع من بين يدي وعندها ليس هناك من شك انني سانتهي بالجنون

كانت ثريا تتدمر حصونها القوية شيء فشيء فحبها له يتعدى كل قدر عادي بل يتعدى قلبها الى كون غريب
تتبعثر فيه بين ذراعيه تهواه بكل قواها وتحب ان يهمس في اذنها بشوقه لكن مع حبه ايضا
تشتاق الى حضوره الخاص الذي لم تشهد مثله
عطره وهو يتغلغل في صدرها وحتى شفاهه القاسية المحفورة على شفاهها كل شيء يعذبها ويقلبها في بقعة من نار
لاتستطيع ان تصبر الى سفر الجد لتقوم بما تريد فعله فهي تدري ان شموخ جدها الذي لايقهر قد يكتشف الامور بينهما وتصبح محسوبة على المتعوسين في الحب




*******************




في الاصطبلات



توقفت سيارة سي محمد على مقربة من الاصطبلات
وخرجت هند بعد ان قبلت والدها ليقول لها انه سيعود اليها بعد ساعة
ووافقت على ذلك
لاحظت بعد ابتعاد سيارة والدها ان هنالك سيارة سوداء مركونة اقتربت منها تطل براسها فلم تجد احدا هزت كتفيها ومطت شفتيها بلامبالاة
وتقدمت بفستانها البنفسجي
واقتربت من مكتب زوجها دلفت الى الداخل تطل قائلة :
- مفاجئة ....
بقيت كلمتها تصدح في المكان
تعجبت من ان عبد الصمد لم يكن في انتظارها شعرت ببعض الامتعاض من الامر لانها تريده ان يكون متلهفا لرؤيتها وانتظارها على احر من الجمر وليس الا تجده في مرة واحدة

خرجت من المكتب تنزل الدرجات بتملل تنظر حولها لتنتهي بمنادات احد العمال

فقال هذا الاخير :
- نعم انسة

قالت تنظر اليه وملامحها متكدرة:
- انا زوجة رئيسك الان فنادني بسيدتي

قال الرجل الذي لم يكن لديه علم:
-آسف سيدتي هل تريدين امرا؟

قالت هند تفسح عيونها الخضراء على المنطقة:
- في الحقيقة اريد زوجي الم تر سيدك عبد الصمد ؟

قال الرجل:
- لقد خرج في نزهة مع السيدة التي اتت من مزرعة((فلان))

قالت هند وهي تكاد تسقط واقفة :
- سيدة؟؟ لكن كيف هي هل هي ....اقصد هل نعرفها؟؟

قال الرجل يجيب خائفا من اي تانيب:
- لا سيدتي انها اجنبية لا نعرفها

شعرت انها تكاد تجن في مكانها :
- حسنا اذهب .... تعـــــــــــــال.... الم يخبرك عن الوقت الذي سيعودان فيه؟؟

قال الرجل:
- لا والله ياسيدتي لااعلم

قال بتنهيدة نفاذ صبر:
- اذهب الى عملك ...لايعلم لايعلم اوفـــــــــــــ منك

ذخلت هي الى مكتب زوجها تذرعه كالمجنونة في حالها
من تلك المرأة التي يخصها بمثل هذا القدر من العناية
يا الهي اكاد افقد صوابي لن اعيش هانئة مادام زوجي يرحب بالنساء في هته المزرعة
قد اقطعه اربا
وارتــــــــــاح
اقتربت من مكتبه ولاول مرة يحصل معها هذا شعرت بحميمية قاتلة لوجدانها
تنعمت للحظات بملمس الجلد الذي يحمل رائحته النفاذة
والاوراق التي تلمسها اصابعه الذهبية
وحتى السماعة التي اوصلت اليها تلك الكلمات المجنونة تكاد تقبلها على عملها ذاك
تراجعت تخرج من المكتب
لترى اتنين قادمين على احصنتهما زوجها بملابس الركوب التي تتثير في نفسها شتى المشاعر
ولاحظت انه يبتسم منحنيا على حصانه يربت عليه بينما انتقلت نظرتها الى صاحبة الطول الذي يقارب طول زوجها
وكيف كانت تحرك شعرها وتدلل على هواها
شعرت هند انها تغلي وتكاد تنقض على تلك المرأة من هذا المكان ان امكنها
طويلة ممتلأت الجسد غريبة الاطوار لكنها قد ترضي الكثيرين واغضبها هند ان ترى ان زوجها نسي موعد حضورها واعطى وقته لتلك وقد امضت معه وقتا طويلا ووحدهما
كادت ان تبكي من فرط غيضها

نظر عبد الصمد الى اسفل نحو مكتبه ورأى
هند بدت له وكانها احلى من ذي قبل بكثير وكما لو ان تلك اللحظات بين ذراعيه احيتها من جديد عروس حلوة الطعم

نزل من على صهوة جواده واقترب من مكانها يقول وهو يراعي لوجود العمال والمرأة وراءه
فمد يده يدعك يدها بخفة ارعشتها
وخلبتها
كانت تلحظ الشوق المترجي في عينيه
وبادلته حنين الحب بينهما في نظرتها

لكن ابطلت السحر اقتراب تلك الافعى
قالت بفرنسية سريعة:
- اهلا ....هلا عرفتني يا ابد الصمد عن الجميلة

قالت هند بعدم صبر ودون ان تتكلم بالفرنسية اصلا :
- ابد الصمد... الاتخجلين لاتعرفها بي يا ابد الصمد فانا فعلا اكره هته الاشكال

انصرفت من امامهم كزوبعة ودخلت المكتب
بقي عبد الصمد مبتسما متوجعا لفتاته الملهبة لاحاسيسه

وبقيت جولييت تائهة فقالت:
- ماذا قالت ؟؟

قال عبد الصمد بجدية ما امكنه:
- انها زوجتي وتتشرف بمعرفتك اعذرينا لدينا ما نناقشه معا

نادى عبد الصمد على احد العمال فاتاه مسرعا:
- ارجوك اوصل الانسة الى القصر سق انت

بقيت جولييت مندهشة لدى سمعها كلمة زوجتي وقالها بافتخار
تكاد تقسم ان زوجته تلك قالت شيء لم يكن" سعدت بمعرفتك" فذخولها الى مكتبه كالعاصفة تدل على انزعاجها
لايبدو ان اليوم من حظي
ذهبت مع السائق
واقترب عبد الصمد من باب المكتب ينظر الى هند مسكرا بنشوة وجودها ومظهرها الراقي
نظر الى المراة التي تكمل وتشبع اللهفة في اعماقه
والتي جلست في الجلسة المغربية امامه تضع رجلا على رجل وتهزها بعنف وغضب
اقفل الباب وراءه واقترب من المكان الذي جلست فيه يزيل سترته ويفك ازرار قميصه ببطئ ولاتزال نظرته القاتمة عليها ثملة بدون نهاية
كانت رجولته طاغية على المكان ولاتدري لثقل تنفسها امرا فلربما اخذ كل الاكسجين الموجود في المكتب
اندس بقامته القوية النحيلة قربها يضم كتفيها اليه
قالت تنفجر بغثة:
- انت من طلب حضوري واتيت لاجدك مع تلك المعوجة من راسها حتى قدميها ....قلدتها وهي جالسة تتمايل....تمشي هكذا وكما لو ان الارض تحتها مصنوعة من البيض
قال عبد الصمد يهمس بفرط الوجع الذي يسببه جمالها:
- لقد ارسلتها... الى القصر فلا تفتعلي ....
قالت بحدة :
- الى القصر ....ستضل في القصر تلك المتمايلة عبد الصمد تمزح؟؟؟

قال عبد الصمد متنهدا :
-تجدينني افكر في الامر... اعطيتها شروطنا في البقاء لدينا لتحضى ببعض المتعة عليها ان تبقى منحصرة مع النساء فقط

قالت هند تشعر ببعض الراحة :
- هذا افضل لكن ما الذي تريده اجنبية بحضورها الى هنا ؟

قال عبد الصمد وصوتها وعطرها الخفيف على انفاسه يكوي جسده ويهيج لوعته اليها:
- حبيبتي لنبقى في مابيننا اليس افضل ؟...
نظرتها الغاضبة جعلته يقول:
- حسنا لقد خدعني عجوز اعرفه بحكم عملي المتشارك معه في الاحصنة اتفقت معه في ان يرسل الي حصانين من نوع رفيع القدر....وبعدها اخبرني ان من تملكهم في الاصل تلك التي رايت جولييت ...وهي تريد البقاء قربهم في فترة نقاهتهما

قالت هند ونار خضراء تتاجج في عيونها :
- عبد الصمد لاتذكر اسم امرأة اخرى على لسانك احذرك لا...اريد سوى اسمي عليه

قال يميل راسه على وجهها الناعم يلمسه بانفه الذي احمر من مشاعرها المتبادلة:
- اشتقت لك كثيـــــــرا حتى الـألم

قالت تمرر اصبعها على وجهه وحواف فمه
- وانا ايضا اشتقت لك كثـــــــــــــيرا ....لكن لو كنت اشتقت الي فعلا ما كنت تركتني انتظرك هنا

قرب شفاهه منهايهمس ممررا اصابعه على فمها الصغير:
- شـــــوت لاتعذبيني اكثر
قبلها بلطف على شفتها شعر ان قلبه سينفجر بدون اية حدود
وشعرت وكان صدرها تسحب منه كل انفاسها دفعة واحدة
ويغيبا في لذة وجع لايوصف

قالت تضم نفسها اليه:
- عبدو ....

قال مغمض العيون:
- مــــم...
قالت :
- اليس من المفروض ان نتحدث في مستقبلنا مع بعض

قال يبتعد عنها ينظر الى جمال وجهها وهي لاتزال بين ذراعيه:
- حسنا ابدئي انت ما الذي تريدين؟

قالت تعبث بازراره :
- اين سنسكن ؟

قال عبد الصمد بنبرة اجشة تحت تاتيرها عليه:
- في القصر

قالت ترفع طرف فمها:
- الا تريد ان نسكن وحدنا؟

قال بابتسامة ذات معنى:
- سنكون وحدنا ماشئنا حتى اننا في جناحنا الذي يجهز لن يقوم احد بتكدير وقتنا الحلو

قالت تشعر انها من اجل ان تكون معه تفعل المستحيل:
- حسنا موافقة اعلم ان القصر كبير المهم ان نكون مع بعض

ضحك يملا اصابعه بتفاصيل ظهرها:
- هذا مااريد سماعه اعترافك غزالتي

قالت تنظر اليه بحب:
- وبالنسبة للعرس؟

قال يمرر اصابعه على دقنها وفمها الذي يبهره:
- لاتحملي هما مشكلتي انني لاصابرلي... حتى تكونين بين ذراعي هذا هو الامر سيتم العرس بعد مرور هذا الشهر وسوف ي جهزون له جيدا وان كانت هنالك اية امور اخرى تتعلق بالتبضع وهكذا ...سوف تاتي والدتي وعمتي ليصطحبنك معهن

قالت تبتسم :
- وتلك الجولييت هل ستضل هنا كثيرا لانني لااريد ان اتخيل حتى انك تكلمها

قال يعاتبها:
- لاتكوني هكذا غيورة اريتها حدودها تاكدي ان علمت بانها تفعل اي شيء سيء ستخرج على الفور لتعود الى العجوز ذاك طبعنا اننا مضيافون ولانريد ان نترك انطباعا سيء لدى اصدقاءنا

قالت :
- سياتي والدي ليقلني بعد ربع ساعة من الان

قال عبد الصمد يغضن جبينه
- بهذه السرعة ...اذن تعالي و نامي على صدري

نظرت في عمق عيونه النعسانة ووضعت راسها تحت عنقه
وبقيا في صمت ملأه خدر وسحر لفهما الى عالم آخر




*******************





في الدار البيضاء


عصام بعد ان اتخد لنفسه غرفة جميلة في فندق فخم
ارتاح فيه قليلا
لم تكن لديه رغبة في استكشاف الدار البيضاء ابدا
فالالم المتجدر في روحه
والمتشعب في كيانه
لايستطيع لحد الان ارتقاء سلم التقدم الى الامام وترك الاحزان وراء ظهره
لكنه يجاهد في النسيان رغم صعوبة نسيان سنين مضت تعلقت في كل ذكرياته طيف اخته فيها
صعب للغاية ضحد شخص عزيز عليك بهذه السهولة
كان الجو في المساء قليل الحرارة وقد بدأت الشمس في الغروب اي لم يبقى شيء على صلاة المغرب
كان يجلس في غرفته على حافة السرير
مرتديا روبا اسود على سروال اسود
امسك الهاتف في الغرفة وطلب الرقم الخاص بعائلته في مدريد
انتظر قليلا واجاب بعد ذلك على الخط ميغيل:

- السلام عليكم

ابتسم مرة اخرى عصام لدرايته بان ميغيل يحاول ان يبدل ما في استطاعته لكي يتاقلم مع العادات الحميدة في الاسلام:
- وعليكم السلام ميغيل كيف الاحوال

قال ميغيل :
- جيد كلنا بافضل حال رغم ان امك قلقة عليك تقول انك لم تتصل لاخبارهم بما فعلته هناك هل تم الدفن على خير ؟

قال عصام يكتم تنهيدة ملآنة بالحزن والغم الذي يستعيذ منه :
- الحمد لله تم كل شيء على خير وانا هنا في فندق ...اخبرها بان لاتحزن فلاشيء يدعوها لذلك بعد الان

قال ميغيل :
- لا اظن ياصاحبي انها ولاول مرة تضهر القوة بدل الانهيار
ليتك تراها فقد تصدم لاجلها لااستطيع ان اقول لها الا تحزن لشيء فموت اختك ياثر فيها

قال عصام يتقدم من الشرفة :
- ما ساقوله هو ان تهتم بهم جيدا يا ميغيل ليس من رجل هناك سواك اعتمد عليك

رد ميغيل بثقة وجدية:
- لاتهتم صديقي انهن في عيناي بالمناسبة متى ستعود؟

قال عصام ينظر الى السيارات في الشارع ويعود الى الغرفة:
- قريبا فقط اهتم بهن اتفقنا

- حسنا

قال عصام :
- هل نسرين قريبة منك لاحدثها؟؟

قال ميغيل وقد كان في غرفة الجلوس وحده:
- لا انها نائمة من تعبها وكذا امك

قال عصام يهز راسه :
- حسنا اذن ساعيد الاتصال بكم في الصباح لاتكلم معهن

اقفل عصام متنهدا وهو يسمع الاذان القريب من هنا هذا مايحبه في بلاده ان يسمع الاذان قريبا منه
استعد ليذهب الى الصلاة مرتديا جاكيت من الجلد الاسود وسروالا من الجينز اسود مناسبا
اخذ مفاتيحه ومحفظته وخرج من الغرفة



يتبع...........




ان شاء الله

جزء بسيط من الجزء
الثامن عشر



بعد وصول عصام الى المسجد الذي اعجب بنضافته وامتلائه
صلى صلاته
بقي هناك فقد احب ان يستمع الى بعض الدروس التي يبقى المسجد لها مفتوحا حتى صلاة العشاء
كان المسجد جميلا بزربياته الحمراء الناعمة والرفوف التي صفت فيها المصاحيف الراقية الجميلة
كذا وضعت سلل صغيرة في عدة اركان من المسجد تحتوي على سبحات يتخدها المصلون منهم اذا ما ارادوا الذكر المتواصل
شعر عصام بهدنة تعم على نفسه تهدئ روحه تجعله قادرا على الصبر اكثر واكثر
لان الله سبحانه اذا ما اراد شيء يقول له كن فيكن
كان يجلس عدد قليل من الناس بعد خروج المصلين
وبقي هو في مكانه يطالع الاسقف والسبحة في يده
كان الدرس الذي اطلق صوته يعم المسجد عن صبر ايوب عليه السلام
وقصصه ومعاناته
رآى عصام يد شخص امامه
تمد له المصحف الذي زين بزخرفات ذهبية
وقد كان عثمان من مده له اخده عصام يشكره رغم ان لهجته المغربية كانت ثقيلة بعض الشيء الا انه كان يوحي بالتبات
- شكرا لك اخي
قال عثمان بابتسامة :
- العفو اخي
جلس عثمان وسبحة في يده يسبح دون ان ينظر الى عصام الذي بعد شكره
فتح المصحف وبدأ في القرائة من حيث يذكر انه توقف في الفجر
كان جلوسهما مع بعض يظهر للعيان اقتراب الشخصيتان من بعضهما البعض
نفس الطول الفارع غير ان عثمان وسيم اكثر من وسامة عصام وعصام جذاب كما يقال
اكتافهما قوية وشخصيتهما تضاربت من مضهرهما بين الابيض والاسود وكل يرمز الى شيء حساس في شخصيته

لاحظ عثمان ان الرجل يبدو عليه انه اجنبي من سمرته المختلفة عن سمرة المغاربة بل يكاد يكون متاكدا من انه ايطالي او من النواحي هناك وزاد تاكده من لكنته المائلة الى الاسبانية رغم انها واضحة
اعطاه المصحف لانه كان قد انتهى منه فقد ختمه وسيقوم ببدأه في الفجر

بعد مدة اغلق عصام المصحف وقال لعثمان:
- مشكور اخي هل تريده ؟

قال عثمان :
- لا شكرا

نهض عصام تظهر طول قامته في المسجد ليضع المصحف على الرفوف ويعود الى المكان الذي كان يجلس فيه عثمان

قال عثمان وراء نظاراته:
- حضرتك اسلمت ؟

قال عصام بجدية:
- لا انا مسلم ابي مغربي وامي اسبانية

اومئ عثمان :
- سعدت بمعرفتك اخي اسمي عثمان

صافحه وامسك يده القوية:
- وانا عصام

قال عصام يشعر انه فعلا محتاج الى ان يتحدث قليلا
كان كلما تكلم احدهما عاد ليسبح لله
قال عصام
- اتيت من مدريد الى هنا لدفن اختي في مقبرة الغفران

قال عثمان يشعر بنبرة الاسى في صوته:
- عضم الله اجرك

قال عصام يدفن نظرته الحزينة غصبا عنه في سبحته

قال عثمان ينظر اليه :
- الله اخذ والله يعطي اتمنى من الله ان يعوضك

رد عصام بتبات:
- آمين


بعد صلاة العشاء تفرقت الجموع من المصلين واتخذ كل منهم طريقه
ووجد عثمان نفسه يدخل الى فندقه ويدخل الى المصعد ليجد ان عصام يدخله ايضا
قال عصام :
- السلام عليكم اخ عثمان تنزل هنا؟

رد عثمان :
-وعليكم السلام يا للمصادفة اجل

قال عصام :
- جيد وانا كذلك

خرج عثمان يلقي السلام على عصام واتخذ طريقه الى غرفته
ذخلها ينير الضوء وازال عن اكتافه العريضة
سترته الرمادية ليبقى بصدريته ووضع بطاقة الغرفة ونظارتيه وما يحتويه جيبه على المنضدة وتوجه الى الحمام ليستحم ويغير ثيابه

خرج وقد تغير مضهره ليضهر اكثر قوة بروبه الابيض
وفتنة شعره المنتعش تحت الماء
اقترب من المنضدة وامسك هاتفه للحظة اراد ان يتصل بها
هي ثريا من تجعله قمة في الهوس بفتنتها العجيبة
تستطيع من كيلومترات ان تحرك فيه اللوعة والرغبة الهوجاء في ضمها
تعصف كالنار المحرقة باوردته التي تتوجع لذكرياته وهي في قمة الدلال بين ذراعيه
حرك هاتفه تلقائيا لتظهر صورتها الرائعة والتي اتخذها لها في الصباح
شعر انه يزيد من احتياجه لدفئها قربه ابعد الصورة عن الشاشة وارادان يتصل بها
انتظر لحظت عديدة لكن الهاتف يبدو خارج الخدمة او غير مشغل
لعنها في نفسها واستغفر الله مرة اخرى
يعرف انه لن يعرف الراحة الان غير في حضنها ليس هو من يضعف ابدا
رمى هاتفه بعيدا عنه ونهض ليضطجع على سريره غاضبا والغضب يعصف بروحه نحوها هذا كل ما في الامر




في القصر

كانت ثريا قد ارتدت بيجامة حريرية بما ان زوجها غير موجود فلا داعي بها لارتداء الغلالة تلك
ازاحت الازار عن السرير وجلست عليه لتدثر جسدها وتقوم باخد الهاتف الذي كسرته اشلاء قربها تحت الاضاءة الخافتة
تلعن نفسها كم هي مجنونة لحد كسر هاتفها تستطيع ان تحضر آخر لكن المشكلة انها الان تريد ان تسمع صوته حتى ولو ان دلت نفسها واتصلت به
لكن الهاتف ابى ان يصلح لذلك تركته واطفئت النور اقتربت من مكان زوجها لتضم اليها المخدة التي تفوح بعطره الرجولي علها تواسيها وتأنس وحدتها
لكن الوجع في عدم احتوائه لها يفسد عليها لحظات الهدنة فبدل ان تشعر بالراحة تشعر ان النار في جوفها تزمجر باسمه وتحرق كل خلاياها باسمه هو عثمان



كان في غرفته الذي اظلمها بعد ان اطفئ الضوء
وقد كان يحاول النوم بجهد وكلما اغمض جفونه عذبته اكثر واكثر بخيالها ليته ماتزوجها ليته
استغفر الله مرة اخرى وحمده على النعمة التي في عقله نقمة
بينما في قلبه هي نعمة لاتعوض
اين له ان يجد مثل عيونها الساحرة عندما تتاجج باللوعة له وحده
اين يمكن ان يجد ثغرا غريبا زهريا على الدوام يثير جنونه دوما
اين له ان يجد شعر احمر يعشق لونه وتموجه والاحساس بخصلاته على صدره في وجهه
نهض من السرير
ووضع يديه على وجهه يضغط عليه
تبا لك ولفتنتك تبا


//////////////////







التكملة
ان شاء الله



في نفس الليلة


تقدم سعيد الى القصر ليفاجئ بمظهر احداهن ليست من المنطقة ابدا تقف امام القصر وبيدها سيجارة رمتها و خبئتها تحت قدمها وقالت تنظر ممعنة النظر فيه:
- مساء الخير هل تسكن هنا في القصر؟؟

قال ينظر اليها بشيء من الامتعاض الذي ابعده عنها:
- اجل لكن من تكونين؟؟

مدت يدها اليه باظافرها المطلية بعناية:
- ادعى جولييت

اومئ منزعجا وتلفت الى القصر ليدخله بدى عليه فعلا الامتعاض من اين اتت هته الاخرى؟؟
يظن انها ستشكل لهم مشكلة عويصة
دخل ليسأل عنها .. فيعلم ان هته الاشكال لا تاتي وحدها
نادى على عبد الصمد الذي كان يجلس في مجلس الرجال مع جده وابيه
واقترب هذا الاخير من اخيه فقال الاخ الاكبر سعيد بحدة وخفوت:
- من تلك الفتاة ؟؟تعلم انها تدخن؟؟ لانريد للنساء هنا ان تتزعزعن من ذلك المنظر

قال عبد الصمد يغضن جبينه وينظر ناحية الباب حيث كانت:
- يا اخي العمل من فرض علي حضورها ارجوك لاتحمل هما ساتولى الامر

قال سعيد بعصبية :
- اتمنى ايضا ان تشير عليها بان ارتداء الملابس الغير محتشمة يشكل فوضى وانعدام الاخلاق هنا
فتحمل مسؤوليتها عبد الصمد ارجوك لااريد رايتها هنا امامي مرة اخرى بذلك الشكل

كان يعلم عبد الصمد ان غضب اخيه من نوع خاص فإذا قال شيء ما عليه تنفيذه يحترمه كثيرا لانه اكبر منه لذلك قال:
- لاعليك اخي ساخرج لأحدثها حالا


ترك عبد الصمد سعيد وراءه وخرج ليجد الفتاة تمتع نظرها بجمال الليل في الخارج
واقترب منها يقول:
- يا انسة..

ابتسمت تنظر اليه بغنج وتعدل شعرها وراء اذنيها الجميلتان باقراط رائعة تتلألأ
- ابد الصمد تدري انني اعجبت كثيرا بجمال القصر وبهاء الجو؟؟؟

قال يتنهد ويقول:
- انظري انسة ...كاد ان يناديها باسمها لكنه عدل عن الامر....اتمنى ان تحترمي حرمة هذا البيت اولا السيجارة وتدخينها علنا شيء لانحبده ولانفعله حتى نحن الرجال ...ثانيا اتمنى ان اعطتك امي من العبايات الطويلة الخاصة بالبنات فوق فارتديها ولأنهم يشعرون بالنزعاج من مظهرك...

قالت تعني بكلامها شخصا:
- هل تعني اشعرتك واخوك الذي ذخل بالانزعاج ؟؟؟حسنا لم اقصد لو تعطيني والدتك من ملابسكم ال...جميلة سارتديها لاانوي على اي حال خسارة صداقتكم لي ...هل تعدني "ابد" بانك ستاخدني معك الى الاصطبل غذا

قال يبتسم غصبا عنه:
- ان شاء الله والان لو تفضلت بالدخول والالتحاق بجناحك فسارسل امي او الخادمة لكي تعطيك الملابس اما في غرفتك فانت حرة

ابتسمت تقترب منه اكثر:
- شكرا لك على شهامتك

شعر بالفعل بانها افعى تحت ثبن تحرك من امامها لكي يدخل فتبعته لتجد انه تجاهلها داخلا الى المطبخ وبعد ذلك عاد الى مجلس الرجال تجد انها يوما عن يوم تتعلق بهذا الرجل ولاتريد فعلا ان تحبه فلاتحبذ سوى حب المال الدائم والغير مؤلم
وانتظرت فقط لحظة لتشير اليها امه فاطمة الخاجة من المطبخ
باصبعها علامة اتبعيني وصعدتا الى فوق وجولييت تحاول جاهدة استراق النظر على مجلس الرجال لكن فاطمة جذبتها من يدها وصعدتا
وكانت فاطمة تكاد تزمجر غضبا لانها ابدا لاتحب ان ترتبط بعلاقة مع من هم ليسوا من ديننا ليست انانية منها لكنها تكره عاداتهم
وتحاول فقط مجارات عقول اولادها الفاطنة
في الحياة ومسايرتها





***************




بجناح سعيد



بعد ان تعشت بسرعة قبل ان ياتي زوجها وبعد ان اكل هو ما استطاع في السفل بعد عودته

بعد صعود عبير الى جناحها
افكارها تطفوا على قارب يتماوج من رياح المشاعر
الى امواج الخوف والرهبة
تتلفها هواجس تثنيها وترسم بها لوحات
الوانها من ظلال الخوف
نظراتها اقتدت بضباب العشق
فضلت طريق العودة الى الواقع
انعقدت خيوط اعصابها بين الخيالات وتشابكت واثقلت حركاتها
وانستها الوقت ودقات عقرب الساعة المسموع في الغرفة مع صمتها
زيادة على خربشاتها
على الشيء الذي تمسكه وهي غير دارية بما هو في الاصل
غيرت ملابسها بغلالة وردية فاتحة الى تحت الركب وفوقها روب بالمثل
لم تستطع التركيز على ماتفعله فتجد نفسها ان المكحلة الخشبية في يدها لاتجد لها طريقا الى عيونها البنية
او بالاحرى تجد الطريق طويلا غريبا مشوشا
تعوقه عقبات الهوى وضربات تصدح معلنة عن نزول صخور متفرقة على صدرها تألمها وتنزع عنها السوي في التفكير
بلعت ريقها في حنجرتها الجافة
كمياه عذبة سرت بروية تفرش رحيقها لتورق فيه
وادخلت المكحلة في عيونها في خطين جمعا عينيها الاتنتين
الغائمتين بغيوم بيضاء مع اشراقة دافئة منعشة
واعادت وضعه مكانه
لاول مرة بعد ان دخلت الى جناح اختها وجدت نفسها تستعير منها احمر شفاه وردي لامع
لتبسطه على ثغرها الصغير
وماسكارا افرغتها لها اختها لتعطيها من خلطتها العجيبة المقوية للرموش والتي تعطيها لمعانا رقيقا
زيت الخروع وزيت ارغان الحر الاصيل
بعد ان انتهت اخيرا وجدت نفسها في ابهى حلة
لكن تخشى من ان تفسد الامور التي قد تأخد مجراها الطبيعي بفرط خجلها
وعدلت بازدياد الحمرة في خدودها عن البودرة الحمراء
وخوفها مع وساوس تريد ان تستوطن عقلها تزيد من رعبها
اشعرتها بانها تختنق
فخرجت الى باب الشرفة تستنشق من الهواء قليلا
فوجدته حارا يزيد امتقاعها وعدم راحتها مما زاد اختناقها
دخلت الى الداخل لتجلس على سريرها تنتظر زوجها والى ما ستأول اليه هته الليلة
وتتمنى من الله عز وجل ان يريح قلبها وان يبعد عنها
الافكار المَرَضِيَّةََ تلك
والخوف اكثر




سعيد
كان يقف منذ مدة امام باب الجناح لايستطيع ان يدخل بكل سهولة كالايام الماضية
يشعر انه لربما حان الوقت لخرق آخر جدار بينهما
لكن يخاف ان تكون ردة فعلها سيئة
قد تجرحه
قد تطفئ ناره نحوها وتشتري بذلك برودا وصمتا مع تجاهل قد يفلح في وضعه لها كسياج محصن لشخصه
توكل على الله متنهدا ودخل



دخل الى الغرفة ليجدها كاملة الفتنة
مضيئة اكثر من نور الغرفة
تشبه القمر اذا ملأ الكون في سماءه
او الشمس اذا تألقت على سطح مياه دافئ
كانت تضرب بقفصه الصدري من ضلع الى ضلع
من واحد الى الثاني
تلمس اوتاره ..وترا وترا
تلمسها وتمر بها سهوا تاركة عليها احلى نغمات الوله والحب
ذهبت بعقله الى عالمها الصغير ودفنته تحت جنان التيم والهيام



إقترب من المنضدة وأزال ساعته وقلادته والتفت اليها يبحث عن اي كلام يلطف به الجو المتوتر:
- عبير؟

انتفضت عبير بالكاد ترفع عيونها:
- اجـ..... جل


لاياعبير لاتعودي الى سجن الخجل ذاك
اتمنى لو كان حقيقيا ملموسا لانقدتك منه


- ساذخل... لآخذ لي.. حماما

همست :
- حـ..سنا

ذخل سعيد الى الحمام
وبقيت هي تهدئ نفسها بما استطاعت اعتلتها رجفة غريبة
وحاولت فقط ان تاخد شهيق زفير لتريح نفسها وهكذا ركزت على التنفس الى ان خرج زوجها
عندها رفعت راسها اليه بتلقائية لاخوف فيها ولا حرج
تشابكت النظرات خفق قلبها لحظة وارتعشت لرؤيته رائعا
كامل الرجولة بشعره الكثيف الرطب على جبهته
وصدره بشعره الخفيف الاسود
اخفضت نظرتها خجلا وحياء
تجد انها تجردت من مشاعر البرائة التي كانت عليها
تبتعد عن قوسي الغباء
لتدري الان بنفسها انها تحب هذا الرجل فعلا
وانه يعجبها بشكله الخطير
ان كانت هته هي المشاعر التي يكتشفها الزوجين بعد الزواج فهي اذن منهم تحب زوجها اختلافا عن البداية العتمة التي كانت عليها


شعر سعيد انها خجلة فعلا فتحمر وتزيد نفسها جمالا امامه
يريدها هذا امرلا نقاش فيه
لكن ماذا ان اذاها باقترابه ذاك الن تبتعد عنه نهائيا؟
عاد ليقنع نفسه انه رجل دو خبرة وسيعرف كيف يغدق عليها من حبه لها ويجعلها تذوب بين احضانه
لكن اين كانت خبرته ؟؟؟؟ومع اي نوع؟؟؟

قال يقترب من مكان جلوسها:
- عبير ...
انحبس الهواء في حنجرتها
جلس قربها وهي لاتزال في خجلها تغرق
نظر الى وجهها بتعمق وابهر لجمالها الشهي
ثغرها الذي فتنه حتى الثمالة
كان على مبسمها عصفور
وفوق شفاهها بساتين زهور
مروية منتعشة على ارضه الجرداء وقسوته من الصبر
مع مخاوفه الموحشة من الرفض
والتي اختلجت وتمازجت لتغلب عليها الاشواق
والنزعة القوية لها
تنفذ اليه من كل الشروخ في جسده التي كانت سببا هي في شرخها
وتألمها بلطفها وبهائها
مد يده الى يدها وانبعثت حرارة احرقت كلا الزوجين بنار
تحت رماد تقلبت
وترقت الى افضل
من حرارة طفيفة
الى لهيب متأجج

شعرت باقترابه بل وانفاسه الحارة
وقبل ان تخرج انفاسها
اخدت تمر عبر كل العروق في جسدها وتستمد الحرارة منها لتعمر قفصها الصدري بلهيب حاد
واندست ذراعاه على ظهرها بلطف وبطئ
ورفع رأسها بين أصابعه
كانت نظراته ملتهبة على شفتيها
بل يكاد جسده يرشح من مسامه كل العشق ليضهره لها
انحنى وحكى في عيونه قصص الهوى
وتصفت كل خلية بجسده مع امتزاج نفسها به
وقرب رأسه منها
فاحتوى فمها بعنف لطيف وتنهيدة متوجعة
اخيرا روحه عادت الى وطنها الى جسده المهجور من نفسها وعبقها بشراينه
دما يغلي على فوهة بركان يكويه

كان الوقع عليها ساحرا بل وكاد قلبها يصبح بخارا في الهواء من احتراقه بفيض مشاعرها
شعرت انه يكتم على انفاسها برقة كادت تفجر قلبها
فابتعدت عنه قليلا

اللهفة عذبت تنفسه واراد ان تبقى راسية على صدره
لكنها ابعدت نظرتها عنه
هو فهم انه لربما هذا دليل على رفضها له
وهي كانت فقط تستعيد انفاسها الى صدرها مخافة ان تضيع منها

صدمت لانه نهض من قربها وقال بصوت قاس
اراد تدميرها به:
- تصبحين على خير


ابتعد يذهب الى جزءه الاخر وحرك الستائر بينهما
كان يشعر بالثورة في اعماقه
الهذه الدرجة لاتستطيع التجاوب او اظهار الحب له
ما الذي تريده اكثر
ان اركع وابدا في التوسل لها
غير معقول يا عبير
لقد اصبحت متعبا للغاية وهذا الامر لن يوصل بنا الى بر أمان
تخليت عن نفسي وقلبي لإمرأة
هل يعقل ان يكون حبي لها مستحيلا ؟؟
جرحتني ياعبير اظن انني لست بالرجل المناسب لك يا عمري
خرجت التنهيدة متحجرجة مغمورة باليأس من جوفه
اتخد له مكانا فوق السرير واطفئ ضوء الجلسة الصغيرة
ليغيب في السقف يحاول العبور الى مافوق ان يخرقه
و تسبح به جروحه غصبا عنه
ينزف بغزارة وان نشفت عروقه
مات وماتت معه احاسيسه



كانت في مكانها لاتزال النظرة على نسيج الثوب امامها تتمكن من دهنها بينها وبينه بل لقد اخد كل عيونها منها
تغضن جبينها بعدم فهم لما صار واخدت الكرة تضرب
وتعود لنفس المكان في راسها دون نتيجة
كيف كنت ياربي هل لم اكن كما يريد؟؟
عصفت بها زوابع الشك
واندست بين اضلعها طبول الخوف
واختبرت للتو الاحساس بالرفض
الان باتت تشعربالم ان يتركها وهي تريده فعلا
ولاتعرف كيف تتصرف؟؟
الان باتت تشعر به عندما تخلت عنه اول ليلة هو يريد منها ان تدفع ثمن
مافعلته وهاهي الان فعلا تتعذب

نفضت عنها الشبح الاسود الذي اخد يغلف عالمها بتسلسل
لتنهض من مكانها وتتوشح بالقوة وهي ترتجف من الخوف من اخمص قدميها الى شعرات رأسها المضفور
امالت راسها تفك الضفيرة بارتجاف وقلبها ينبض بعنف وعنفوان
وامالته في كلتا الجهتين ترتبه على كتفيها
وازالت عنها الروب وشعرت انها عارية بدون روب امامه لكنه الحب من يصبرها على هذا فلاتريد ان تفقده تريد ان تثبت له انها فعلا
قادرة على اسعاده
نظرت الى نفسها في المرآة
تراجعت للوراء وشعرت بشيء يضغط بخفوت تحت قدمها
توقفت وعيونها تظهر الرعب الذي سكنها
استدارت لتنظر الى الاسفل فوجدتها عقربا سوداء من اللواتي منتشرة منهن الكثيرات في القرى
نادت بخفوت تسيطر على نفسها

- سعيد.....سعيــــــــد ...ارجوك...سعيـــــــــد...

كان سعيد شبه غائب عندما سمع الصوت يناديه
نهض من مكانه
وغصبا عنه من النبرة المرتعبة في صوت عبير ازاح الستارة
واقترب من المكان الذي تقف فيه شبه بيضاء من الخوف
وتتبع نظرتها الخائفة لحين حطت على العقرب

قال مغضن الجبين
يقترب منها في نفس الوقت يحاول منع الرعب عن صدره لاجلها:
- لاتخافي لا عليك انها ميتة

قالت بشفاه مرتعدة تترجاه ناظرة تمد كلتا يديها اليه لتستند عليه :
- انا خائفة ...لقد دهستها برجلي سعيد يا الله اخاف ان ...ان اكون قد اصبت

كان هادئا لانه لمح ان العقرب نشبت ذيلها في جسدها بسبب قدم عبير
اعجب نوعا ما بشجاعتها للموقف وهدوءها
وما زاد التأثير عليه جمال كتفيها اللذان ولأول مرة يلمح لهما ظهورا ومقدمة صدرها الندية
ابعد نظرته ليجلسها على السرير ليجلس هو القرفصاء
وينظر الى قدمها من اسفل
التي كانت بين اصابعه الذكية
ولاحظ انها سليمة وزاد ارتياحه فقال وهي لاتزال بين يديه:
- لاعليك الحمد لله لم يحصل شيء

كان يبعد نظره عنها بينما هي الان فقط تنعم عينها من مظهره الفاتن
حررتها قبلته تلك من عالم الخجل
لوهلة احس انها تمعن النظر في مظهره لكنه تجاهلها ونهض يقول دون ان يرمق منظرها المعذب لكيانه:
- ساقوم باخذ هذه الى السلة واقفل الشرفة فنامي لاتخافي منها لاتأذي كثيرا الا اذا لمسها احدهم تعوّدنا على عيشها معنا في القرى

قالت بشبه الهمس تتخطى حدودها لكنها اكتسبت من ذلك الشجاعة:
- سعيد مابك ؟ لما نهضت ؟؟...الم ....اكن مرضية لك؟؟...اقصد...انت لربما تعودت نساء ليسوا مثلي ....لكني...

تلقى صدمة على جدار قلبه الذي يفتك به النبض وبقوة
اشتعل الغضب في نفسه من كلامها:
- عبير ...ماهذا الكلام....؟؟؟ لست مثلهن طبعا؟

قالت بتوتر وخجل اكبر لكن بشيء من التحفز:
- كيف تريد مني ان ...اكون ....انا لاعرف في تلك الاشياء؟

قال بصوت رق لكلامها
مافهمه انها تضن نفسها اقل مستوى :
- عبير انت امرأتي تدرين معنى ذلك؟؟... انت احسن من نساء العالم في عيني... ليس لهن دخل في مابيننا لكني شعرت بنفورك اتجاهي وضننت...
نظرة اليه بصدمت تحولت الى
نظرة حالمة تترجى قربه
اقترب يجلس بقربها وطغى بقوة اكتافه على جسمها الرقيق
قبل يدها وراحة يدها بلطف وبطئ عميق
- الم اخبرك ....انا من سيعلمك فنون الحب ..لذى غاليتي لاتعذبيني فانا في بعادك اتألم اكثر مما تتصورين




*********************




في بيت الياسمين



كانت قد انتهت من وضع حماتها في سريرها
وبقيت لفترة قرب ابنتها على سريرها واخدت تسرد عليها من القصص
قصة ""هاينة ""
"همسة"
"هته القصة خرافية رومنسية"
"قد انتهي بحكيها في بيت القصص القصيرة"

نعود
نامت فدوى ابنت ياسمين في حضنها
وانتظم تنفسها الصغير على المخدة بهدوء
اعتدلت ياسمين جالسة في مكانها تتآكلها الذكريات والاشوق في نفسها اليه
يونس منذ ان اتخد له بيت الحضيرة الصغيرة للدواجن بيتا حاليا له
تبعترت هي اوراقها المليئة بالافكار
ليميد بالحروف الحبر ويتبلل ويطغى التشويش على عقلها الراجح دوما في التفكير
نهضت ببطئ من السرير وعدلت الغطاء على كتف ابنتها بعد ان عودتها من الشيطان واطفئت النور قربها لتقف هي مبتعدة الى النافذة تنظر الى ساحة البيت الصغيرة امامها بشجرتين صغيرتين عند الباب وارض متربة نضيفة ترشها كل صباح بماء ينعشها وينقيها
رفعت شعرها بتنهيدة طويلة بين يديها وضمت ذراعيها حولها
ابتعدت عن النافذة تقترب من الدولاب وتتكئ عليه
معطية وجهها الى الاباجورة الاخرى المضاءة
ما الذي يفعله الان ياترى؟
كيف ياكل وكيف يعتني بملابسه؟
لايجب ان اكون سخيفة فلابد من انه لم يتغير شيء لطالما كان وحيدا في حياته
تذكرت الذكرى المألمة لرجولته ووجدانه
فتألمت لاجله لا تستطيع ان تفكر في انه فعلا عانى كل هته السنين من اجلها لانها رفضته
تتذكر زوجها وموته التي كادت ان تسلخ وجودها من الدنيا لولا فدوى التي صبرتها
لكن لم يعد لذلك الاحساس وجود بل تاسف لان يونس جدد قواها وانعش حياتها ولم تعرف كيف تتعامل معه انه زوجها ورضاه يدخلها الجنة
ولاتشعر انها تستحقه بل يستحقه من هو احسن منها

لكن لماذا يستحقه من هو احسن مني؟؟
انا ايضا احتاجه
افكر فيه اقلق عليه
احسب الثواني في انتهاء المدة التي اعطاها لنفسه ولي من اجل العودة لكن لا استطيع اكاد انفجر على هذا الحال

اخذت لها جلبابا من الدولاب في سواد الليل وظلمته
مع حجاب في نفس اللون
وتوقفت تنظر الى نفسها في المرآة
تبدو غاية في التعب والارهاق
هل يجوز ان تضهر امامه هكذا؟؟
لن ترضى لنفسها ابدا ذلك ...رتبت مظهرها قليلا وارتدت تحت جلبابها بيجامة تتكون من فوق بكمين طويلين وسروال
حمراء تتلئلأ بالنجوم الفضية الصغيرة عليها
اعادت ارتداء جلبابها وانخفضت الى تحت الدولاب تجدب شبشبا جميلا باللون الخشبي
وخرجت من المنزل مقفلة اياه
تدري انه لمن المخاطرة ترك امراة عمياء مع طفلة لوحدهما دون عناية لكنها تتمنى من الله المساعدة والستر والحفظ ايضا

كانت الحضيرة مقفلة وقربها بيت جديد العهد في ابناء صغير جدا
بباب اسود من الحديد كبيتها
كان النور فيه مطفئ فترددت الى انه لمن الممكن ان يكون في سابع نوماته
وستقلقه هكذا...
توكلت على الله وتمنت فعلا ان يكون هنا رغم تأكدها فعندما يرسل لها
يونس المرأة التي تساعدها في البيت تسألها عن احواله فلا تبخل عليها المرأة بإعطائها الجواب

طرقت الباب الحديدي وهي تجفل على صوت الكلاب الصادح في المنطقة
انتظرت واعصابها مشدودة الم يسمع الى الان طرقها اعادت الكرة بصوت اكثر ارتفاع وبقيت تنتظر على عتبة الباب تنتظر الى ان فتح الباب في ظلمة الليل
لم تميز ملامحه في الظلمة التي اسفرت عن ضوء خافت من الداخل
لكنه هو رآها
وتعالات الآهات في صدره من الاشتياق
والسماءات في عيونه تحكي لها عن عذاباته بخفاء
لكنها لم ترى ملامحه تلك التي حكت لها رغم الصمت

تكلمت تمعن النظر في قامته المديدة:
- هل ادخل ؟ يونس..

قال بشيء من التكدر:
- تفضلي

دخلت وانتظرت الى ان اقفل الباب وراءه
وتوجه رأسا امامها الى الداخل
كان تشتاق اليه بقوة والى حضوره الرجولي في حياتها
تبعته بثقل الى الغرفة
كان قد عاد الى مكانه يحمل احدى الكتب التي يستفيد منها في
العناية بالدواجن الذي يعمل فيه وعن كل مستجداته
وابعده عنه في النهاية تحت نظرتها الثاقبة

قال بصوت هادئ:
- ما الذي اتى بك اريد ان اعرف باي حق خرجت من البيت هناك؟

قالت مرتاحة الى انه واخيرا تكلم:
- اردت التحدث معك

قال وجبينه متضرم:
- كيف تركت حماتك وفدوى وحدهما ؟

ازالت الحجاب لتفرد شعرها وتضعه على المنضدة وجلبابها ايضا
وقالت:
- انهما نائمتان والبيت آمن من كل شيء بمشيئة الله

احتدم عليه الحال معها لما تراها تنازلت لتأتي الي
هل حصل مادعاها لذلك ايمكن ان تكون حاملا
شعر بانقباض قوي من الفكرة واستدار ينظر اليها
فوجد نفسه تميل الى مظهرها الانوثي الرشيق
تطورت على ما كانت عليه اصبحت اكثر رقة وزادت من جمالها تحت هذا الثوب الاحمر الجميل

لم يفتها انه قص بعضا من شعره الكث البني الغامق
وترك طبعا فيه من الخصلات الكثير لكنه كان اكثر من هكذا طولا
واعجبت بطول شاربه الى تحت دقنه ورقته على فمه المائل بسخرية

قالت متنهدة:
- عد الى بيتك يا يونس لا ينفعنا البقاء على هذا الحال

قال بتشدق:
- في نظرك هل انا من يجب عليه فعل ذلك؟

قالت بدون فهم تجلس ناظرة اليه:
- لاافهم ؟

قال بالتفاتة الى الامام بتكبر مزيف:
- الا تفهمين ان بيتك هو زوجك وان تعودي له كاملة هي ان تعودي من ماضيك وخرافاته ...هذا ما اعنيه اردت ذلك ستجدينني راضيا عنك ... لكن ان داومت على هذا الحال فلن اريحك بالمثل وقد اتزوج مرة اخرى لأحضى بما اريده وبالمثل احضى بمرادي الاخر منك ...اي الانتقام

قالت وعيونها تتحجر على فمه الذي اخرج مثل هذا الكلام القاسي :
- يا يونس لما انت هكذا عنيد؟؟ انا آسفة لذكري الرجل الذي مات في حياتي سابقا آسفة لاتعاقبني

نظر اليها بلوعة تهدر في عيونه
وتصهل بقوة في صدره:
- هل لي ان افهم انني عندما ....
قربها منه بقوة موجعة
- المسك هكذا لا تتخيلين شخصا آخر في مكاني
قالت بعجب ودوخة :
- لما سافعل؟
تنفس بصعوبة مرهقة من صبره على بعادها
دفن راسه في عنقها يرسل اليها بقبلات صغيرة على اطراف اذنها
حبه لها بل واشتياقه الى كل ذرة من كيانها
يريد ان يلتحم بروحه التي اصبحت شذرات متفرقة بروحها
الا تنحره بنفورها السابق
همست ترفع ذراعيها وتزيد في ضمها اليها :
- اشتقت لك يونس.....






***************



الدار البيضاء



بعد يومين



عثمان كان حريصا على تتبع كل الخطوات التي اخدت تمر منها الهام
من تخطيط للقلب وقياسات له
وايضا تم اعادة كل التحاليل التي ستضهر لهم المرض بشكل افضل
كان يحاول ان يفعل كل جهده في ملأ وقتها والتحدث معها في الحدود طبعا
بدى في بعض الاحيان يعم الصمت عليهما في الكافيتيريا وكل في افكاره يعوم
لكنهما يتجاذبان اطراف احاديث تسليهما في الوقت الذي يشعر هو بالشوق يدب في كل اوصاله لذكرياته الدافئة مع زوجته
والهام التي يبدو عليها انها مرهقة بعض الشيء تسترجع نشاطها بالحوارات المفيدة معه ووجدت انهما منسجمان اكثر من ذي قبل وان كل واحد منهما استبعد انه كان في الاصل طلب زواج من طرفه ورفض منها
لكنهما كاصدقاء افضل


في هذا صباح اليوم التالي

استفاق عثمان متعبا ترهقه الافكار اللامتناهية وتسقيه في فمه من غناءها بالعذاب, ترحلت به شهوب السماء الى القرية بالليلة الماضية مرة اخرى وترسخت به افكاره الى مهجته الضاوية
تراها بعد آخر حديث بينهما كيف تواجه الالم المستعصي عليه في آن واحد
يركز على اليوم فحسب يحاول بقدر مايستطيع
عاري الصدر ينظر الى نفسه في المرآة هل يهدي ام يهلوس ام تراه مايزال في احدى احلامه المجنونة
بل هي ذكرى اخرى تغتاله يدها وهي على كتفه القوية الصلبة و وتزرع نفسها بينه وبين المنضدة لتترسى يدها الدافئة
على جبينه من ثم خده وشفته
وتبخر الهوس ليترك سم العذاب يسري في عروقه مبحرا بدون شراع يكاد يجن
يضرب بكل قوته على المنضدة يضرب ويفجر كذا كربه ومحنته فيه
ولايكاد ابدا يخضع لرقابة الضعف من بعيد ابدا
يسدل عليه الستائر الشامخة ويبتره من اساسه ليرفع انفه ويبدأ في جر شعره بين انامله الى الوراء مستعدا في الذهاب الى محطة القطار حيث سيستقبل عائلة الهام

نزل بملابسه كاملة شعر اسود مسترسل الى مأخرة عنقه بنظام سالب
قميص ابيض مريح طويل الى الكعبين وشربيل في الابيض
ونظارات سوداء تظلم عيونه الساحرة عن كل اللواتي الهبتهن القامة والمنكبين
اصالة تريحه من ترفله بالدنياويات


استطاع ان يحجز جناحا كاملا للعائلة
بحيث تنزل فيه اخوت الهام الاربعة
والاخ الاصغر لديها وامها وابوها الكبير في السن المتعب على قولها وهي الوحيدة بذلك من تستطيع تأمين العيش لهم
فمدينة فاس كما سبق واشرت مدينة تخدع الناظر اليها دروب ديقة تعشقها الاعين والجيوب الدافئة ولكن الفقراء فيها يعانون
اما الابواب فان لم تطرقها لن تعرف لها عمقا ابدا

توجه الى سيارته وركبها ليقوم بلف المقبض راجعا الى الوراء ومن ثم يحركها لتجد لنفسها مكانا في الطريق المزدحمة

ركب البلوتوت على اذنه وباشر
ضغط استرجاع الرقم والضوء على الطريق أحمر
ينتظر واصابعه القوية الرجولية تطرق على المقود الذي الف سيده في حكمه وطغيانه المستبد
اجاب شخص على الخط كانت مليكة :
- السلام عليكم بني

اجاب مبتسما ينحني لينظر الى الضوء مجددا

- وعليكم السلام يا احلى عمة كيف الاحوال ؟

قالت تحمر خجلا :
- يابني نحن بخير اشتقنا لوجودك بيننا

قال بابتسامة واسعة:
- عمتي ان شاء الله ساعود قريبا انت بخير وامي والكل ؟

قالت مليكة :
- طبعا بني الحمد لله بخير سيسافر جدك في آخر الاسبوع الن تكون هنا لتودعه

قال عثمان يحرك السيارة على اشارة المرور ليلتفت على اليمين في طريق مباشرة:
- لا أأسف لذلك لدي اجتماع للاساتذة مهم حضوري فيه بالنيابة للمدرسين ولن استطيع العودة الا بعد مرور الاسبوع المقبل ...عمتي اسالك... هل زوجتي هناك قربك؟

قالت مليكة تقترب من المطبخ وتنظر الى الفتاة الجالسة بحجابها البني منحنية على افطارها بتعب وعدم شهية ولم تشعر بان عيون امها عليها او حتى تحدثه فقالت:
- اجل انها هنا.... ثريا ...تعالي زوجك يريدك

سقطت الملعقة في الكاس من يدها المرتجفة
عبرت الخطوات الفاصلة بينها وبين الهاتف في يد امها واخدته وابتعدت قليلا فتركتها امها لتدخل الى المطبخ

كان هناك على اشارة الطريق الحمراء قد توقف
توقفت الاصوات حوله وعلى اذنيه واراد استعادة الحياة فيهما
وما اعادها غير صوتها
قالت بارتجاف وانفاس متقطعة مختنقة في العبر:
- الـ..سلام ...عليكم..
اختفت جرأتها وغضبها وتبدد العرق النابض بالعصبية في راسها
وزحفت ارجل النمل على خيوط في دماغها ترسل تفكيرها في عدة لحظات كانت فيها له وحده عن غير مرأى للجميع

رد والهواء لايكفيه وبصوت واثق خالي من اي خمول في القوى بتخديرها له كاملا وتحت تاتير النشوة التي لايدري منها خلاصا فقال بقسوة:
- وعليكم السلام....اين كنت عندما اردت مكالمتك ؟؟اجد هاتفك خارج الخدمة هل فصلته؟

قالت تسترجي من الله ان يفعم قلبها بالهدوء فقد بات يهدر ويرتعد تحت سعقات مذبلة :
- دمرته...تكسر في اخر مكالمة لي معك ..تقول لست مهمة انا بالنسبة لك لما تتصل اذن؟
فإذن توصلت انا الى ..الى استنتاج انه غير نافع بـ...بعد اليوم

قال يشعر بالم ينخر اوطان عروقه وينسف شعاراته
التي ترسخت عليها تحت همساتها المتددللة في العشق:
- دمرته ؟؟؟...اجل لست مهمة فما من شأن لك هنا لكن بما انك ملكي يجب ان اعرف ان املاكي لم يصلها اي مكروه في غيبتي...غبية بفعلتك تلك

جرافة اخدت تجر مافي داخلها وتدميه :
- عثمان دعني وشاني يا اخي...ما... ما بالك دائما على هذا الحال معي؟

قال يذكرها بقسوة وغضب:
- اتراك نسيتي انني تزوجت بامرأة لم تكن عذراء ...كيف لي ان اثق بك ؟

سمع صوت بوق للسيارة وراءه فنظر الى الضوء الذي تغير لونه وانطلق ليركن السيارة امام المحطة

بقيت على الخط تحاول ان تحبس دموعها في مقلتيها المتوجعتين اللتان تحمران تنذران بالتفجر
ولانه الشوق
ولانها عظمة الحب
ولانه عثمان حبيبها وخليلها في هته الحياة
وعشيقها الوحيد الوفية له بدمها العزيز
والذي يتشعب في كل خلاياه الحمراء وفي كل انسجته المعقدة
حتى اصاب في فكها والشد عليها بكل الالم
ولانه هو عاشقها الخفي في ظلمات اللاوعي صنفها كفلقة تتناثر من جسم صلب بات دون حياة بدونه قالت:
- عثمان ...
هواء الكلمة ادفئ طبل اذنه يعرف نبرة الشوق في صوتها هذا هو مايريده ان يشعر بنفس اللهفة التي تميته
قال بصوة ثابت:
- نعم
قالت تمسح دمعة خانتها بكل القوى التي بذلتها :
- احبك.... بكل... كياني

ريح عصفت بروحه
هي القلب النابض في صدره التي تمنحه الهواء العليل عند قربها منه هي من تعبث بشعر صدره
تجعل من مسامه ممطر الهوى لاغير
ولاتلويه الا لها وعليها
هي من تتشبع في غنج يتلذذ به وبهمساتها المشتعلة
اخد يركن السيارة ومنذ فترة والصمت يعم على السيارة ينظر الى المارة الى هذا وذاك وكأن العالم لايتحرك بل هو جامد في عيونه
غير صوت روحها وعبث انفاسها الشقية في الهاتف من تصدح بعقر عواطفه
بل وكانه المتروبص في نهاره"النائم الصاحي"

قال يزيح الكم المتلف من المشاعر وراء ظهره وقال وكان شيء لم يكن :
- علي ان اذهب قد اعيد اتصالي بك في مابعد ...لكن بحق الله ان تقومي باخد هاتف ما... لااستطيع التكلم في هاتف المنزل وطلبك عليه كل مرة

شعرت انه غير مجد ابدا الكلام معه ملت من هذا الحال ان تقوم بفعل المستحيل لجذبه لكي تلينه وترطب الجو عله يلين نحوها بكلمة
لكن لاتحصل منه على كلام في الحب سوى في لحظات ...
غبية هي ان اعتقدت ان سيادته بهامة شخصه سيتنازل في يوم
عن شموخه الا اذا قامت هي ومرة اخرى بالتنازل
وهذا ماسيحصل

قالت تسأله بما يعصر قلبها عصرا ويذرفها الدموع السوداء :
- اراك مسترخيا.. هل الانسة هناك تمتعك كما لم افعل؟

قال يغضب من كلامها حتى انه لو وجد وجهها الجميل امامه لأدمى شفتها التي اطلقت ذلك الكلام الجارح لرجولته وشهامته:
-ثريا اقسم ان لم تبلعي لسانك ل.....اتدرين انها رفقة لذيذة في الكلام لكن طبعا انا انسان شريف يا سيدة ...لست من أولائك ولا انتمي لاي صنف الا الذي خيرني الله في سلكه لاكون بقربه...عساك تفهمين ...وكما قلت انها محترمة وقمة الشرف...فماذا عنك يا سيدة ؟؟؟

قالت تحكم نفسها من طوقها مانعة ماقد يصدر من كلام تزيد جرحه به وتوصل بذلك حزنها له:
- كرامتك اتزين بها ياعثمان لاتنزل هي ابدا عن المستوى المعهود تدري اشعر بالقلق حيال نفسي فحسب...
انا العفيفة فعلا اتلقى منك هكذا عقاب يألمني

قال يضحك باستهزاء لا يمة لشعوره بصلة :
- انظري ياثريا ساذهب الان لااستطيع الكلام اكثر لدي ما افعله مهم

قالت تشرك الخيط بالخيط:
- يخص الانسفة الشريفة العفيفة؟ هنيئا لك فقط على تمتعك بينما انا هنا يقتلني الضجر

قال يعدل عن الخروج من السيارة ليريح بدل ذلك اكثر كتفيه القويتين على المقعد والاثارة تشده الى التمتع بتغيرات صوتها الشاعري عند الكلام:
- انت تغارين وانا متأكد.. لم اعرف انك لم تكوني في اسرة الضجر عند قربي منك...همس بشيء من الدفئ في الكلمة... اتذكرين

ارتعشت وتضاعف الشوق في صدرها تريد ان يضمها لااكثر تحبه وتهاب تركه اياها على حين غرة فلايعيش الجسد بلاروح
ولن تعيش ارض حياتها بدون مطر قربه:
- عثمان ...
قال يريد زيادة ارتباكها:
- لا ...هه وايضا ..ما اخبار شفاهك المحتاجة دوما الى من يرعاها مني لا من احد سواي؟

تبعثرت وارتبكت وتعمق بها الحال الى الانهيار لكنها لم تتكلم
- اعرف نقط ضعفك السخيفة تلك ..ضعيفة انت وملكي ماشئت
لاتنسي وطدي العلاقة بين الاتنين الى حين حضوري الى المزرعة
السلام عليكم

اقفل الهاتف وماتت الابتسامة على فمه القاسي
وانغرست ثريا بين عضامه في كل عضم ترقص عليه
تعذبه عن غير عادة

انزلت ثريا الهاتف من يدها وابتلعت غصات الم وانهيارات في الخيال تنهارها فتتبت بذلك حصونها في الواقع
وتتبع خطاها الى الطريق المرسوم امامها لن تنسى ابدا وليس في يدها ان تغفو عن عشقها له
لكن متى فرج الرحمان سيحين


ابتعد عن السيارة برشاقته الرائعة
ونفس الارق في نفوس البعض اتجاه الجمال الفتان
دخل الى المحطة وعيون البعض منهن تتمايلن بلباس مسخرة للاعين عليه
لكن الحمد لله على نفوس هداها الله
اقترب ينظر الى شاشة وصول القطارات ووجد نفسه وصل قبل وصوله بخمس دقائق لكنه سيتاخر بعض الشيء
ذهب بنظارتيه السوداوين وطوله الفارع
الى الكشك الصغير ليأخذ منه من الجرائد ما سيقرئه وتحرك الى مكان ليجلس الى حين وصول القطار
لكن لسبب واحد يترك عيونه
تسبح اليها فتعذبها هي بشبحها الرقيق
كفراشات تحلق ترفرف بروحه عاليا ونوارس تعود في المساء لتترسى على مخدته تخترق افكاره بهوس
يخاف على نفسه ومهما صار لن يرى نفسه تهزم بل قلبه الاحمق سيدوسه وسيعمق تبات قدمه في الارض ليجبر نفسه على عيش الحياة بتلقائية بحتة


بعد ان استقبل عثمان عائلة الهام
واخدهم بسيارته الكبيرة الى الفندق
كان يبدو الذهول البريئ في عيون الصغار
والعجب والشعور بانها لحظات في نعيم الحياة على اقسى لحظات في الحياة
فالوالدان رغم هذا يشعران بالاسى على ابنتهما التي هي من تشق المحن في النصف لتعبرها الى النهاية
وتفرش لهم الحياة برفق على بساط سميك ليمشوا دون ان يتأذى احدهم من احد
تتحمل التعب من اجلهم ويتحملون كل شيء من اجلها
توطد وتعمق جذور شجرة لاتذبل هم يحبون بعضهم ويكونون السند لبعضهم وهكذا تسير الحياة بما قسم رب العالمين


كانت الهام في المستشفى


تقف مرة اخرى امام حضور الممرضة وخروجها مرتعبة من الوضع ورود اخرى ومن نفس الشخص هذه المرة محصت في الممرضة جيدا لتفهم منها عن مورد حضورها لكن تقول ان عاملا بأحد المتاجر للورد من يحضرها ويطلب السرية

جلست على السرير
تفكر علها تصل الى شخص تعرفه منذ مدة مثلا
لكن ابدا رأسها يؤلمها كما لو انها انسان محيت ذاكرته
انه غير موجود في ذاكرتها لكنه كائن من يكون لابد انه يحمله لها المستقبل على بساط السرعة
ياترى الى اي مسار سأقاد وراء هذا اللهم استرني







***************




ومر السبوع



بسرعة البرق عند البعض بالغرق في الحب والدلال
وبالمآسي التي تجفي القلوب بالهجران الكئيب عند الاخرين
ودع الجد الذي سافر
وقد اقيمت له حفلة بسيطة تعَوََّد عليها من طبخ الاكل بكثرة
ودعوة المساكين والمحتاجين واعطاء الصدقات للدين يحتاجونها
فمؤمن هو بمهية ان للفقراء حقا في ماله عليهم
ويعتبر ذلك من فضل الله تعالى فما خلق الله هذا هباء إلا لينفع به المسلمين ويبعد عنهم الاذية ويرحمهم



في مساء نفس ذلك اليوم


في جناح عثمان بالقصر


كانت تنتهي من ارتداء عبايتها واسرعت في وضع نقابها على وجهها
وآثار التعب لاتفرغ من التشبت بملامحها التعبة اصلا
اخدت حقيبة صغيرة بما انه الصيف لم يكن عليها ان تأخذ سوى بيجامات رقيقة وملابسها الداخلية وبعض الحوائج الضرورية لها
وبعد تحضيرها للحقيبة
امسكت هاتفها الجديد الذي لايعلم بوجوده عثمان لترسل الى اختها رسالة سريعة
وتقوم بالتاكد من ان الكل غير موجود في الاسفل لتخرج هي من المزرعة مستغلة ان لديها مفاتيح احدى الجيب بالمزرعة لتركبها وتنصرف بعد ذلك

نزلت الدرج لتجد اختها عند الباب تتنتظرها واخدت تحرك عبير يدها لها
لتسرع:
قالت عبير تمشي مع اختها الى مكان السيارة:
- هيا اختي لا نضمن ان لا ياتي احدهم على غفلة منا اسرعي

قالت ثريا منزعجة للوضع لكن تصبر حالها:
- اوف اللهم استر فحسب لااريد سوى فعل الصواب

قالت عبير تركب معها السيارة :
- هيا فلنتورى عن الانظار قليلا

ابتعدت ثريا بالسيارة عن القصر الى وسط الطريق القريبة منه
وأوقفته لتكلم اختها وتنزلها من السيارة بعد ذلك
قالت ثريا بنقابها:
- عفوا منك اختي لا انوي ادخالك في المشاكل لكن على الاقل ساضمن عدم ذلك بان تخبريهم بما قلته لك ولاتهتمي بعد ذلك ان كان اي شيء سيحصل ساتحمل المسؤولية فيه كاملة

قالت عبير تضم اختها:
- اختي بالتوفيق.. ساخبرهم بذلك لاتخافي وانا اصلا لا اخاف مادمت بريئة... ومتاكدة انا من ان عثمان سيتفهم الوضع

قالت ثريا:
- ان حصل واتصل في اي وقت وصادفته انت فقولي له انني اخبرتك بانه سمح لي باحضار الشهادة من الجامعة لن يستطيع فعل شيء امامكم ادري اشعر بذلك من حرصه منذ البداية على اخفاء الامر
لكن ادعيلي في صلواتك ان تفرج فقط فان حصلت على الاوراق ساكون في قمة سعادتي اختي قد يحبني بعد ذلك

ابتسمت للفكرة التي بعثت بقلبها دفئا يلفه :
- اتمنى من الله ذلك بات قلبي يوجعني كثيرا فالالم مبرح لااستطيع ان ا تحمله بعد اليوم سابحث عن الاوراق وساعود في اسرع وقت واتمنى فقط الا يتصل في هته المدة

قالت عبير تسالها:
- ولكن كم من الوقت ستمكثين هناك ...

قاطعتها:
- لست ادري بالتحديد على الارجح يومان او ثلاث لست ادري ما هو الوقت الكافي لكي يبحثولي عنها

قال عبير تنهي الكلام لكي لاتاخرها:
- اهتمي بنفسك حبيبتي ارجوك ..
ضمتها بحرارة ونزلت تلوح لها بيدها لتنطلق ثريا بالسيارة بعيدا فتعود عبير ادراجها تداعبها الرياح



في السيارة



ثريا والهموم تريد ان تنخر في راسها
وتحفزها على الجنون الذي لابديل له
تنقهر في كل دقيقة لانه هناك لاتدري ماهية الوضع الذي هو عليه تكاد تموت بالشك والهلوسة عن امكانية ان يكون قد تزوج الاخرى ويقضي معها شهر العسل بعيدا
ترتعش للوضع وتدمع عيونها لذلك لكن ليس بعد الان ستذهب الى
" افران مدينة بالمغرب "
وستبحث لتجد دليل برائتها علها تعلي من شأنها في عينيها وبذل المدلة يسكنها في قصر عيونه الحمراء الفاتنة






****************




في جناح عبير


مختبئة هي الى ان تصبح اختها في نصف الطريق لتخبرهم برحيلها في وقت العشاء
خائفة حتى مما قد تكون عليه النتيجة للعمل الاحمق والجريئ الذي اقدمت عليه اختها
الا تخبر احدا بسفرها وان تتخد السيارة كوسيلة للسفر ووحيدة
قد يكون له تأتيرات سلبية على افكار والدتها وعمها
وكذا زوجته اي حماتها لكن تتمنى فقط ان توصل الرسالة الخادعة اليهم وان يتقبلوها بدون اثارة جدل واسع حول الموضوع والا يتصل زوجها
ويقلب المائدة في وجهها ليريها حمق عملها تتمنى فقط ان يجاريها عثمان وان يحاول تفهم وضعها

انهمكت عبير في طي الملابس التي انتهت من اصلاحها
ولم تلحظ الهاوي العاشق لدلالها ورقتها
يدخل و أرجأ تفكيره في العمل الى ساعة اخرى
لانه بات يتنفس عبير
في الشهيق عبير
في الزفير عبير
وقال قرب اذنها :
- ما الذي تفعله الاميرة الاتزال نائمة وتحتاجني لاوقضها؟

قالت تضحك على جنونه
- لا والله سعيد.. ابدو لك نائمة؟

قال يطعم نفسه من منظرها:
- ياريتني مستحم فقط لأمسكتك ...

قالت تضرب على كتفه مبتسمة:
- هيا اذهب فعلا لتستحم وبعدها تعال

قال بصوت مليئ بالعواطف الجياشة يغمز:
- حسنا ...على السريع

دخل سعيد الى الحمام ليستحم
بينما هي تأكدت من نضارتها في المرآة لاتتخلى عن ضفيرتها ابدا لكن لاجله وكطلب منه تفكها وتترك شعرها على جهة من كتفها لان الحر يخنقها به
تعطرت قليلا ونفثت من عطرها في الغرفة وعلى شعرها ايضا تنوي اذابته
وان تجعل العطر مركز ذكراه ان صادفه في اي مكان
جلست على السرير تنتظره

خرج من الحمام بعد ان انتهى من الإستحمام والفوطة على رأسه
بروبه طلبت منه الإقتراب
كانت في روبها الأبيض الطويل وغلالتها الطويلة ايضا
لتقول:
- اجلس امامي على الارض

قال بامتعاض :
- عبير ...ماذا؟؟؟.. اريد ان...

قالت تبتسم مظهرة الحزم في كلامها:
- سعيد ارجوك عزيزي اسمع الكلام

جلس امامها ولايزال يضهر اكثر صلابة ونظرته تظهر عتابا لها من تغضن جبينه
تعرف انه يشعر بالتعب ويحب اظهار القوة
فاحنت رأسه الى اسفل واخدت المنشفة الصغيرة على رأسه تنشفه له بتدليك سريع خفيف
لاحظت انه يسترخي وهمست:
- والان؟
قال مرتاحا:
- لديك يدين من ذهب يا ..عبير اتمنى.. من الله ان يحفظك لي

قالت ترفع راسه تمعن في وجهه:
- تعالى الى حضني لننم قليلا قبل ساعة العشاء
ابتسم ونهض يسبقها يستلقي بتنهيدة طويلة لتزرع نفسها قربه وتمرر اصابعها على شعره الاسود
قال لايخفى عنه تبدل حالها قليلا ناظرا الى ملامحها الشهية:
- هل انت ..بخير غزالتي ...
قالت سارحة بعيونها بعيدا:
- بخير ...اجل مادمت انت حبيبي معي فانا بخير حال

قال سعيد بسعادة:
- سأصبح مغرورا من كلامك هذا

اندست على صدره متكأة تسرح بنظرها بعيدا فقالت:
- سعيد ...اريد اخبارك بشيء فعلته اختي كما قالت تحت طلب من عثمان

شعر سعيد بشيء غامض في الموضوع فسأل:
- مادامت اخبرها زوجها بذلك فلاداعي لاخباري ..إنها امورهم الخاصة

قالت عبير :
- انها ليست خاصة بالفعل لكن ....لقد سافرت ثريا اليوم وحدها الى افران لاحضار شهادتها من الجامعة
تقول انها اخبرت عثمان فاعطاها موافقته

رفع وجه عبير بين يديه ينظر اليها بتمعن وتعجب:
- هذا غير معقول ...فعلا سافرت؟؟ لكن وحدها فعلت ذلك؟

حركت عبير راسها الى اعلى واسفل بخفة
قال سعيد يميل راسه وكانه يقيم الامر:
- على اي حال هما حران يعرف عثمان جيدا ما يفعله لااستطيع ان اقول شيء لكن لو كنت انت طبعا ماكنت تركتك ذهبت وحيدة

قالت تهز حاجبها مبتسمة :
- حقا؟

قال سعيد مأكدا:
- وهل تضنينني امزح

قالت تهمس في اذنه:
- اعلم انك مجنون فيَّ.. فقط اريد ان اسمعها منك

نظر اليها رافعا حاجبيه ليدفعها على السرير قربه وضحكتها الخفيفة تملأ الجو:
- ماذا قلت تريدين سماع الكلام مني؟؟؟...حسنا

دفن راسه في عنقها واخذ يدغدغها بلذة
وانفجرت ضحكاتها وشهقاتها على افعاله الشيطانية



في ساعة العشاء


كانت مليكة وفاطمة وعبير في الصالة الخاصة بالنساء
وقد وضعت الخادمة الجديدة الطعام على المائدة
وبعد ان اعطت فاطمة التعليمات عن الاكل الذي ستقوم باصعاده لجولييت التي فضلت ان تبقى في غرفتها لانها طبعا مع المرأتان لاتستطيع التاقلم

كانت كل من مليكة وفاطمة تتكلمان وعبير تنصت
والخوف يبني في قلبها مدنا ويشيد عليها قصورا
تكاد تجن من فرط القلق ففي الوقت الذي تستمتع هي فيه مع زوجها اختها تعاني الامرين في حياتها الزوجية
وتخاف ان تهدم كل مابنياه في اليومين المنصرمين
حمحت لتتشجع والرهبة في قلبها تنفخ

قالت تكاد تشهق:
- احم... امي .....

قالت فاطمة تقاطعها او لتزيد من خوفها وارتباكها المتعاظم:
- اين هي ثريا الن تنزل للتتعشى؟

قالت مليكة تلح على ابنتها:
- اصعدي لها بنيتي لربما تكون مريضة او شيء ما؟

قالت عبير تضع حدا للسخافة القائمة على اربعة ارجل:
- ان ثريا امي قد ارسلت لي رسالة تخبرني فيها ان عثمان اعطاها موافقته على سفرها الى افران لتجلب من هناك شهادتها
ولربما هي الان قد وصلت الى افران في هته اللحظة

رمت القنبلة في حضنهم بسرعة ولتنفجر بعد ذلك ان ارادت

ظهرت الصدمة جلية على وجه المرأتين
ولافاطمة ارادت ان تظهر غضبها
ولا مليكة ارادت اظهار امتعاضها من عدم اخبارها كذلك
قالت مليكة:
- لكن يا ابنتي هل سافرت ولم تستطع ان تتنتظر الى ان تخبرنا على الاقل

قالت عبير :
- كانت مشوشة قليلا من اجل الشهادة تدرين امي انها من جامعة مهمة

قالت فاطمة لاتريد ان تضخم الموضوع:
- هل قلت عثمان تركها تذهب لوحدها الى هناك؟؟

قالت عبير تاكد:
- اجل هكذا تقول في رسالتها لي واظن انها تعرف ما تفعله مادام عثمان موافق

قالت فاطمة تنزل راسها الى المائدة تخفي عصبيتها التي اثيرت بهته الطريقة:
- طبعا مادام بني اعطاها الموافقة فليس علينا الا ان نقبل المهم اتصلي بها لتعرفي ان هي وصلت على خير
الامر وما فيه ان سفرها وحيدة على الطريق ليس بالامر الجيد ابدا نخاف ان يحصل لها امر سيء

قالت مليكة وقلبها ينغزها على ابنتها ومن كلام فاطمة:
- لايافاطمة ارجوك لاتقولي ذلك سنتصل بها احضري الهاتف من الردهة يا عبير اسرعي بنيتي

ارتاحت قليلا عبير
لتقبُّلِهم وانشغالهم بموضوع وصولها على خير
خرجت الى الردهة ووجدت سعيد خارجا من القصر
نادته لكنه لم يسمعها وبقيت لحظة تنظر لكنها جزمت بانه يمكن ان يكون لديه امر يريد فعله
اخدت الهاتف الى امها واعطته لها لكن بما انها لاتعلم برقم ثريا الجديد
قامت بتركيب الرقم من هاتفها
واعطتها السماعة لتنتظر بعد ذلك الاجابة


في السيارة على الطريق
وبالتحديد في محطة للبنزين

كانت تنتظر ثريا ان يفرغ العامل من ملأ البنزين في السيارة ليرن هاتفها
ويقطع عنها سيل الافكار والانتظار
صعدت الى سيارتها تحت ضوء الشارع في الليل
لكنها اشعلت الضوء في سيارتها واجابت من تحت نقابها
وعرفت انه رقم البيت

- السلام عليكم

قالت مليكة بعتاب :
- وعليكم السلام ابنتي ...كيف ياابنتي تسافرين من دون اخبارنا وفي هذا الوقت اين انت؟؟

قالت ثريا تمد المال للعامل وتتحرك قليلا لتفرغ المكان لسيارة وراءها
- انا يا امي قريبة من افران لم يبقى سوى القليل
وقد اتصلت بالفندق وحجزت لي فيه فلاتخافي ساكون بخير ...هل..هل عبير اخبرتكم بكل شيء؟

قالت مليكة امها تومئ برأسها:
- اجل وعندما تصِلين ابنتي أخبرينا بالامر

قالت ثريا تنظر الى الوراء في المرآة وتقفل عليها زجاج الجيب وتطفئ الضوء غير ضوء المصابيح الامامية فلاتريد ان يرى احد انها امرأة وحيدة على الطريق لاتنكر الخوف في قلبها لكنها تؤمن انها في حمى الله

- اجل امي ساتصل من الفندق لا تهتمي انت فقط ارتاحي

قالت مليكة بقلق :
- يا بنيتي كيف لي ان ارتاح الا بوصولك اتمنى لك على الطريق السلامة

ردت ثريا تطمئنها:
- يا امي ماهو مكتوب على الجبين تراه العين يا حبيبتي فلا تخافي انا بخير هيا امي علي ان اقفل الهاتف ساتحرك بالسيارة لا اريد ان اقوم باية مخالفة

قالت مليكة :
- حسنا بنيتي احذري السياقة السريعة عزيزتي رافقتك السلامة

كانت فاطمة تريد التكلم معها لكنها عدلت على الامر فلابد انها في الطريق
واصلا ما الذي ستقوله؟؟
تخاف ان تقوم بقول شيء يوصل بهم الى مشاجرة لان فكرة ان تسافر إمرأة ابنها دون محرم شيء جنوني ولاتوافق على الفكرة من الاساس لكنها تراعي للاصول فقط


سألت عبير:
- كيف هي امي؟

قالت مليكة بتنهيدة:
- الحمد لله بخير تقول انها بعد وقت قصير ستتصل بنا من الفندق الذي ستنزل فيه لتطمئننا على وصولها اللهم استرها يارب

قالت فاطمة :
- المهم ان تكون سالمة هيا لنسمي الله ونأكل

حمدت عبير الله كثيرا في نفسها لان حماتها لم تطلب ان تكلم عثمان لكانت الصاعقة الكبرى هذا المساء لكن تدري انه مهما ارادوا ان يواروا عنه فهو سيعلم في اية لحظة بسفرها






*****************



في بيت هود



بعد انتهائها وزوجها من اكل طعام العشاء
فرشت لهما زربية سميكة في الخارج
وجلست تنتظر الى ان اتى قربها ليجلس بدوره
كانت اسعد النساء فيحبها ويغدق عليها من العطف والحنان الذي افتقدته من والدها ولايبخل عليها فقد بات يحضر لها ملابس جديدة واشياء رائعة لم تحلم بان تكون لديها مثلها
اتكأ وضمها اليه بحيث وجهها مدفون في عنقه
قالت له تسأله:
- هود لما لحد الان ترفض اخباري بصاحب المال وايضا بما اشعر انك تخفيه عني؟؟
قال هود وترسبات الخوف تنتشر في جسده فترعشه:
- لا ياعزيزتي ليس الان عندما ستحين اللحظة المناسبة تعلمين ان المال هو لنا الاتنان لك حق اكبر من حقي فيه

نظرت اليه وتحاول سبر فكره المتواري عليها لكن من دون اية فائدة :
- يبدو لي انك دخلت حياتي بسبق تحضير

قال بجدية ينظر الى مدى البعيد في الأرض بهته الليلة المقمرة:
- لا والله ما كنت ابدا ناويا على هذا الامر الا عندما رأيتك تفتحت كزهرة حب ندية.. تدرين ؟ جذبتني بعصبيتك في ذلك اليوم عرفت ان سهم الحب انغرس بين اضلعي فلا يريد ان يرفع منه دون ترك اثر قوي على دخوله
وترك حبي لك

صرفتها كلماته الجميلة على الموضوع وعادت الى صدره
تحاول النفوذ الى دخائله وتدرك كنه حزنه لكنها تنسى الهم الذي يحيط
مظللا عليه عالمه وتمنح نفسها من دفئه الكثير


يتبع.................



Jάωђάrά49 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-10, 07:37 PM   #33

Jάωђάrά49

نجم روايتي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية Jάωђάrά49

? العضوٌ??? » 106278
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,312
?  مُ?إني » الدار البيضاء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Jάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك dubi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الجزء التاسع عشر


جزء مختلف بقوة الله اتمنى ان ينال اعجابكم
والله يابنات كتبت بس على شان خاطر عيونكم ان شاء الله اذا استطعت من تعب العيد وما سفرت اصلا راح اكتب يوم الاتنين من اجل عيونكم
واذا ما كتب الله ان شاء الله بيكون الخميس الجاي
عيدكم سعيد



في يوم ما قبل عملية الهام
اي بعد ازيد من يومين



كانت الهام فرحة سعيدة بل منشرحة وتتناسى كليا ان هنالك عملية ستقوم بها ولاتدري ان كانت ستقوم منها سالمة ام قد يفقدها من يحبونها فيها
تشبتت بحبل الله المتين تدعوه ان تشفى
وتعود لاهلها سالمة
كانت في غرفتها جالسة على سريرها الذي جلست عليه اخواتها واخوها الصغير ايضا الذي رفض ان يجلس في حضن احد غيرها
وامها ووالدها اللذين اخذا لهما كرسيين ليجلسان عليهما
كان الحديث نشيطا بروح الخفة عند اخواتها ضحك وفرفشة وتعظيم الجو في الفندق والاكل على اساس انهم ابدا لم يرو امورا كتلك من قبل

قال الوالد لابنته التي كانت تمرر اصبعها على شعر اخيها وهو ملهي في هاتف ابيه يلعب:
- الهام ياابنتي عثمان رجل طيب والله لا اعرف فقط كيف ساعيد له ما صرفه علينا وعلى العملية عندما افكر في ذلك اجدني اشعر بالغزي من نفسي لانني لا استطيع فعل شيء

قال الهام لابيها:
- لا ابي اصلا انا اعرف بان عثمان حتى ولو حضرنا له المال الان لن يقبله وزيادة على ذلك انت يا ابي تعاني تشنجات عضلية على الدوام كيف لك بالعمل حبيبي لا تفكر في ذلك واترك امرنا لله

قال الاب:
- ونعم بالله

قالت احدى اخواتها بخفوت:
- استتزوجين منه اختي انه رائع

قالت الهام تخرج عيونها من مكانها:
- مجنونة انت الرجل متزوج كفي عن ذلك

قالت الاخت الاخرى :
- اتمنى فقط لو كنت انا من ستقوم بالعملية ااااااااه

قالت الهام :
- امي بناتك تلزمهن السنة

ضحكت الام فهي تعرف انها تعني بذلك ضربهن على مأخرتهن
فقالت الام:
- طلبك رخيص ابنتي ستجدينهن غذا بعد العملية في اكمل وجه ولن يقلقنك

قالت احدى اخواتها تنظر الى الهام:
- اهذه هي الاخوة و...يا لك يا الهام من ناكرة تحرضين امي علينا

قالت الهام تضحك :
- لو لم يكن ابي حبيبي هنا لفعلتها والله ههههه

قالت الام :
- حبيبتي لا تجهدي نفسك ارجوك

قال الاب السعيد بسعادة اِلْتمام الشمل:
- يا ابنتي لانستطيع البقاء اكثر فقد انتهى وقت الزيارات الان سنذهب باذن الله وفي الغذ سنعود ان شاء الله تشفين صغيرتي

نهض يقبل راسها فقبلت يده المتشنجة
وكذا قبلتها وادفئتها اخوتها بضحكاتهن الرنانة
ووالدتها غمرتها بشتى الدعوات الراقية
ليخلى عليها المكان في الغرفة كليا وتنفرد بنفسها وبدعائاتها لله




***************************




في القصر



بطلب من سعيد كانت عبير قد غيرت ملابسها في هذه الليلة
وارتدت تنورة واسعة من موديل اسباني بعدة طيات في اللون الاخضر الفاتح مع قميص حريري في اللون الاصفر المائل الى الخضرة وحجاب يتمايل في اللون الاخضر من الفاتح الى الغامق
كانت قد انتهت من تحضير نفسها وارتدت حذاءا خفيفا في اللون الابيض
كان سعيد قد ارتدى سروالا من الجينز الازرق الغامق ووقف قربها
ابتعدت لتعطيه احدى القمصان الصيفية الزرقاء الغامقة وارتداه بعد ان اهداها قبلة دافئة
بدأت تستشعر لذة العيش مع هذا الرجل فهي الان تتنعم به ويتنعم بها
والحب يزداد يوما عن يوم

قالت تنظر اليه وهو يغلق ازراره:
- الى اين نحن ذاهبان لم تخبرني؟

قال يبتسم :
- الى مكان ساحر هادئ بعيد عن الجميع لن نكون فيه سوى نحن الاتنين

ابتسمت له تقترب منه ومدت يدها على السنسلة الفضية تعبث بها فوجدت عليها اسمه منقوشا وقلبتها لتجد آية الكرسي العظيمة الكريمة
نظرت اليه وقالت:
- هيا سعيد اعطني عنقك اضعها لك

نظر اليها منحنيا على ملامحها
وكما يقولون في بعض الاحيان لغة العيون تواصل للارواح واعماق الافكار
وضعت له القلادة وكل الحب يتبادلانه في نظرات عميقة صافية من اية مشاكل
قال بصوت ملأه المشاعر :
- لما تبدين اجمل من اليوم المنصرم ؟كل يوم تحلوين فيه اكثر

قالت بابتسامت سعيدة مرحة:
- أتمنى ان ابقى دائما في عيونك جميلة حبيبي

قال يغضن جبينه:
- لما هذا القول ؟؟حبي لك ليس لجمالك فحسب اشياء كثيرة فيك اعشقها
ودائما تذكري دائما وابدا

قبل جبينها بدفئ وضمها يمنحها قبلة على فمها وقال :
- اتصدقينني الان

قالت ولاتزال تلك المشاعر والعواطف العاصفة بينهما جديدة:
- أجل اثق بك طبعا

كانت تشعر بالسقم لانها تكذب على زوجها بخصوص اختها
فتخاف ان يغضب وهي لاتريد سوى ان تعيش معه حياة هانئة دون مشاكل
مفعمة بالحنان والامان

قال يبتعد عنها:
- هيا نذهب فلا اريد التاخر

قالت تاخذ هاتفها من المنضدة:
- حسنا ...انتظرني احمل هاتفي

امسكت ذراعه ونزلا الى اسفل
كانت كل من مليكة وفاطمة تحضران طعام العشاء
فذخل سعيد الى المطبخ يقول:
- امي ساخرج انا وعبير قليلا وسنعود متاخرين

قالت فاطمة:
- الى اين؟

قال سعيد ينظر الى زوجته التي كانت تنتظر ان يتكلم وابتسم عاقدا حواجبه ينظر الى امه:
- امي انها مفاجئة لعبير فان تكلمت حصلت على ما تريد

قالت عبير خجلة من الموقف:
- انا لا ...همست مأنبة ....يا لك من رجل

ضحك على خجلها فقالت فاطمة:
- اسعدكما الله بني

قالت مليكة التي كانت تنشف الاواني التي تقوم الخادمة بغسلها:
- عبير زوجك يحضر لك مفاجئة ها استمتعا فقط لاعليكما منا

قال سعيد يسأل بفضول لامه:
- ما الذي تحضرينه للعشاء؟؟

قالت فاطمة :
- اخبرني فقط ان كنتما جائعان ماذا ستأكلا ابقيا حتى تتعشيا واخرجا

قال سعيد يغمز لامه:
- لا امي...فانا انوي تجويع عبير

فغرت عبير تضحك من قلبها على كلامه

فقالت لامها:
- امي اترين ما ارى ينوي تجويعي امي ...

قال يقترب منها :
- لا ايتها الصغيرة امزح فقط هيا امي عمتي تركناكما على خير سنذهب

قالت كل من مليكة وفاطمة:
- رافقتكما السلامة

عند خرجهما قالت عبير تستفسر بابتسامة مفعمة بالمرح:
- هل تحضر لي طعام العشاء في مكان ما سعيد اخبرني بالله عليك

قال سعيد يستمتع بسؤالاتها:
- ابدا ستعرفين بعد ان نصل هيا

امسكت يده وخرجا معا من القصر
كان الجو في الخارج دافئ عن الليالي الماضية فقد كانت حارة
اخذها الى السيارة الصغيرة السوداء فتح لها الباب وركبت تتوعده بعيونها البنية المكحلة وابتسم لها على حركات وجهها الطفولية
ابتعد يركب وراء المقود فاقتربت منه تقبل وجنته وتربط ذراعها حول ذراعه القوي وتتكئ على كتفه
كان الان في هذا الوقت سعيدا للغاية للتغير الذي هز حياته
لايريد لهته السعادة ان تنتهي في اي يوم
ان يبقيا في انسجام طول الوقت يحبها وقربها يذيبه كالثلج
ولايسعى سوى الى توسيع هذا الحب اكثر فاكثر

قال لها وهو يحرك السيارة:
- محبوبتي اتمنى الا تنامي اريد ان تتفاعلي مع الموقف

قالت عبير تنظر الى عيونه السوداء في الظلام :
- لا عليك حبيبي لا اشعر بالنعاس ابدا

وتحركت السيارة بهما في الطريق لكي يصلا الى .....




*****************



في الدار البيضاء




خرج عثمان من سيارته في بذلته السوداء وقميصه الابيض تحت صدرية
جميلة في الاسود ونظارتيه الطبيتين كان قد انتهى من الاجتماع الذي نوقشت فيه العديد من النقاط المهمة حول ظروف التعليم والمناهج المتبعة عليه
و"الاصلاحات"التي سيحاولون بجهد كبير ان يقوموا بها في المدارس التي تحتاج الى اساتذة جدد

توجه الى الاستقبال في الفندق يسال:
- السلام عليكم الم يصلني شيء ؟

قال مضيف الاستقبال:
- لاسيدي لاشيء

قال عثمان :
- مشكور اخي

تحرك عثمان بسرعة الى المصعد الذي صعد فيه الى الطابق الخاص به لكنه تذكر عائلة الهام وقرر ان لاينزل اولا في غرفته بل ان يتاكد من ان جناح العائلة لايحتاجون فيه الى شيء
ضغط الزر مرة اخرى وصعد المصعد الى فوق ليخرج منه ويتوجه الى جناحهم الكبير
طرق الباب وبقي في الجانب متواريا عن النظر الى من يفتح الباب
فتح باب الجناح من قبل الاب الذي قال مبتسما لعثمان:
- اهلا اهلا بني

قال عثمان :
- السلام عليكم عمي كنت مارا الى غرفتي ففضلت المرور عليكم هل تعشيتم ؟

قال الاب محرجا:
- اجل لقد اقتصرنا على بعض السندويتشات و...

قال عثمان متكدرا من نفسه لانه نسي ان يوصي المطعم في الفندق عليهم
- حسنا عمي انت اذا سمحت انزل الى المطعم في الاسفل اطلب منهم من الاكل ما يشتهي اولادك وانتظرني حضرتك في الاسفل حتى انزل لك ساغير فقط

قال اب الهام محرجا:
- مشكور بني والله هذا كثير خيرك علينا كثير

قال عثمان يبتسم ليزيل الحرج بينهما:
- انت في مرتبة الوالد اتمنى ان احتجت لاي شيء ان تطلبه وتترك الفاتورة في اسمي حتى ادفعها ساذهب الان وسانزل لك بعد ربع ساعة

- حسنا بني
هكذا قال الاب المسكين الذي لايعرف كيف سيستطيع في حياته ان يعوض على هذا الرجل ما يفعله من اجلهم
يشكر الله في صلاته كثيرا لانه فعلا صادفهم مع رجل شهم جدا



في غرفة عثمان



كان فعلا متعبا من العمل
وضع السترة على السرير باهمال واتكأ للحظة على ظهره
انه من جهة متعب من العمل لكن في الاصل تعب الروح تعب المشاعر من التفكير والاشوق اليها من يعذبه فعلا هي
كيف لها هذا التاتير على حياته
انه شبيه بالبئر الذي بدون ماء ليس بئرا بل حفرة عديمة الجدوى
يبقى هو وافكاره انسان غائر في افعاله لايستطيع احد توقع افعاله مهما كان

نهض يفك الازرار الجانبية لصدريته السوداء
وقميصه وانتهى بارتداء جلباب انيق من ثوب يسمى
"الْمْلِيفًَة الحرة للرجال"
في اللون الابيض وسروال في الابيض مع شربيل في نفس اللون كان يحتاج الى الراحة في جميع جسده ويدري انه يرتاح هكذا عندما يحتاج الى الراحة فعلا شيء من اصالة تجدرت في الاعماق دون قياس
بل وزرعت منذ زمن بذرة اعطت جذورا لاتقلع البتة
اصالة مثل هذه في الدماء مع الذكريات تجري

نزل الى الاسفل في بهو الفندق
ليتوجه بعد ذلك الى المطعم الصغير الانيق فيه
وجد ان الرجل الكهل قد اتخذ لنفسه مكانا في المطعم وعندما شاهده حياه من بعيد بحرارة اقترب منه عثمان وانحنى يقبل يده

شعر الرجل انه فعلا لو كان له ابن كبير شديد التواضاع والحكمة والعناية هكذا لكان يفتخر به يوميا
لكن عثمان كان يحب ان يحترم الناس الكبيرين في السن
لانه يعرف ان الانسان يزداد ضعيفا وينتهي ضعيفا



"بنات البارح بالصبح حضرت درس في اداعة الناس والصراحة انصدمت بل فجعت عندما سمعت اللي بيعطي الدرس قال انوا لما كان في الحج حلف انوا سمع احد الرجال يدعي على ابنوا بان تقطع اطرافه ان يحصل له من الامور الشنيعة ما لاتتصورون بهتت
عندما سأله الرجل لما يا فلان تدعي حرام عليك فعل ذلك بهته الطريقة لابنك
قال الرجل الكهل المسكين ان ابنه يلعب الكاراتيه وانه يربطه يكبله وياخذ في ضربه امام جميع اخوته بتلك القوة الشبابية والتجبر وانه يعاني من ضربه حتى الالم
كادت عيوني تفر دمعا
الرفق بالوالدين فإن فقدهما احدنا ماتت روحه ولن ينفع الندم بعد ذلك فلا جنة بلا رضى الوالدين "



قال عثمان ياخذ قائمة الطعام مبتسما ليلطف الجو بينهما:
- سنطلب شيء يشبع جوعنا ...على فكرة هل طلبت لابنائك شيء؟

قال ابوا الهام:
- طبعا بني اخدت لهم العشاء بفضلك والله يا بني لست ادري كيف لي ان اشكرك

قال عثمان فهو لايحب الشكر كيفما كان ابتسم:
- لا ياعمي ولو الامر عادي جدا ليس الا طعاما المهم ان تكونوا جميعكم بخير

نظر عثمان الى القائمة بنظراته الطبية:
- حسنا سآخد لي كبد العجل وسلطة من الخس والطماطم وبعض السمك المشوي ما رايك ؟

قال أبو الهام مبتسما:
- والله يابني افعل ما تراه مناسبا ...اعطني مثلك ان اردت

اومئ عثمان للنادل الذي اخذ طلبهم لياتي به بعد لحظات
وبقي الاثنان في المطعم يتجاذبان اطراف الحديث الذي بعض منها كان عن التمريض وعن مستواه والتطبيب ايضا ودوره في البلاد
وايضا عن التعليم وقطاعه الواسع
وكان الرجل الكهل انسان علمته الخبرة في الحياة من الكثير بينما عثمان علمته دراساته المتعمقة وتعليمه وايضا خبرته في سنوات حياته الشابة الامور الكثيرة ايضا
عند انتهائهم من طعام العشاء:
قال عثمان
- انا ساخرج ان شاء الله

قال الرجل الكهل الذي شعر ببعض التعب في مفاصله وتشنجات في رقبته
- ان شاء الله بني انا ساصعد

عندما نهض كان يظهر عليه التعب بالفعل فنهض عثمان يلتف على المائدة ليساعده

- ساساعدك عمي على الصعود الى غرفتك

ابتسم الرجل في وجه عثمان رغم تعبه
- جزاك يا بني الله خيرا على عملك


عندما اوصله الى جناحه ليتركه في رعاية زوجته طلب منها
إن تعب او اي شيء ان تقوم بالاتصال عليه في رقم جواله فردت بالايجاب اجل
خرج عثمان من الفندق لكي يستقل سيارته رغم قرب المستشفى الا انه يفضل ان يستقلها فهي تشعره بالراحة اكثر من التعب مشيا



كانت الهام قد اتخدت مكانا فوق كنبة بالغرفة
وجلست بحجابها وكامل ملابس الصلاة تتلوا آيات قرآنية تريح بها نفسها من وسوسات الشيطان
كان فوق كل هذا الارباك من العملية في الغذ شبح ذلك الشخص الذي اقتحم حياتها عبر الورود التي تحاول جاهدة ان تخفيها قبل حضور عثمان لكنها تحتفض بالبطاقات كان يبدو لها انه من غير المناسب القائها في القمامة فهي تشعرها بدفئ خاص شيء رومنسي غني بالمشاعر الحساسة التي تشعر المرأة بالزهو لهته العناية السرية وراء الخفاء

قبل ان يدخل عثمان الى غرفتها طرق الباب عليها ثلاث وبعد اذنها تركه مفتوحا ليدخل:
- السلام عليكم

قالت تبتسم :
- وعليكم السلام كيف الاحوال في العمل؟؟ وما اخباره؟

قال يجلس على حافة السرير بعيدا عن مكانها هي:
- انا من يجب ان يسالك عن حالك فغذا العملية؟

قالت تبتسم بتفاؤل:
- الحمد لله على ما كتب لله الحمد لم اشعر بسعادة غامرة كهذه من قبل على الاقل هناك امل في حياتي

قال يجيبها عن سؤالها الاول:
- أنا عن نفسي بخير والحمد لله العمل لم يكن مفرحا كثيرا هناك تعديلات شتى في القطاع قد تكون بالنسبة لي تفوق المقدرة

قالت باهتمام :
- ماذا بالظبط؟

قال بتنهيدة باردة وعلى ملامح ادنى تغير:
- ينوون تغيير المقررات للعام المقبل انا لست ضد الفكرة بل افكر في المساكين الذين تعودوا على تبادل المقرارات بين اولادهم ستكون هذه بداية لمعانات اخرى تسفر عن معانات البنات
على اي حال لايجب ان استبق الامور حتى يحين وقت ذلك...المهم اطمئنيت عليك اتمنى لك الشفاء سوف آتي بعائلتك غذا الى هنا تصبحين على خير

قالت تومئ :
- وانت كذلك

على اي حال لربما هي وهو ماكانا مكتبين لبعضهما
اشياء واختلافات موجودة رغم توافق الافكار الا انها تشعر ان الله فعلا اراد لهما الخير
يبدو لها انسانا بارد قليلا لربما هذا ما جعله لا يحضر معه زوجته
هي لايهمها اصلا وضعه لكن تفضل ان يحبها زوجها حبا حقيقيا لا فقط تعاملا




******************




في الاراضي



بعد ان وصل سعيد وعبير بالسيارة الى احدى الاراضي الخالية التي تم الانتهاء من حصادها
نزل من سيارته وفي ظلام الليل الحالك خرجت عبير من السيارة
اقترب منها يمسك بوجهها بين يديه:

- انظري غاليتي المفاجئة مفاجئة ساربط عيونك وساقوم بتسييرك الى المكان المطلوب حسنا

قالت تبستم والفضول على وجهها وتتملص من يديه لترى وراءه :
- لكن لما ما الذي تخبئه؟

قال بشكل جدي:
- عبير ...

قال تتنهد بهيام في وجهه :
- لا اقدر على زعلك اربطهما وامري لله

جذب شريطا اسود من جيبه وربط لها عيونها واخذ يمشي بها الى وسط الارض المحصودة بتبات وهي تكاد تقع بين الفينة والاخرى لكنه وراءها يركزها لكي لاتقع

قالت عبير بضجر مزيف:
- آآآه عيوني يا سعيد الم نصل بعد اكاد اجن من الصبر

قال يمشي مبتسما لكلامها :
- يا ذكية ابدا لن ازيل الشريط الى ان نصل

وصلا الى مكان وضعت فيه صفوف عالية الى فوق من مستطيلات التبن الرائعة وسلم يرفع الى فوق
قال :
- الان وصلنا ساصعد اولا وعندها ازيلي الشريط واتبعيني

صعد الى فوق على السلم العالي
وترك عبير في الاسفل تحاول فك الشريط وعندما انتهت وجدت الرؤية بعد لحظات فذهلت لطول السلم امامها وجمال الصفوف العالية وابتسمت تتوكل على الله لانها لاتحب ابدا ان ترفع نفسها على سلم ابدا
صعدت بصعوبة وهي ترتجف خوفا ويتظاهر لها انها تفقد التوازن لكنها تغمض عيونها وتكمل الى ان استقبلتها يد قوية منحتها الامل والشعور بالطمئنينة
كانت المساحة كبيرة فقد قام بوضعها العمال بطلب من سعيد في الصباح وهو في العمل في الاراضي الاخرى
شعرت انها تحلم لان شموعا وضعت في كؤوس كبيرة لكي تتجنب اشتعال النار على التبن رائعة ووضعت مخدتان وازار كبير وسطها كان المكان رومنسيا للغاية
ترقرقت الدموع في عيونها لشدة تاترها
وكانت عيون حبيبها عليها طيلة الوقت لايشبع ابدا من ملامحها الجذابة الفاتنة له وحده فهو يراها ليست دات جمال عادي بل خارق لروحه ووجدانه وموجع لاوصاله التي تخفق بنبض قلبه المرتعش

كانت لاتزال تتأمل سلة مليئة بالفواكه المختلفة وصحنين مع ادوات الاكل الخاصة
ظنت مع جمال السماء المترصعة نجوما تتلألأ بجمال رباني خيالي مليئة هي سماء القرى عن سماء المدن بالنجوم
وظنت انها تسبح في الفضاء ولايوجد فيه غيرهما

همس قرب اذنها المغطات:
- جلبتك الى هنا حبيبتي لكي احضى بك بعيدا عن اعين الخلق واجدك سرحت

قالت تنظر اليه بعيون متاترة:
- ما كنت لاسرح لو احد غيرك فعل هذا

ضمت نفسها اليه تقبل كتفه لانه رجلها ووحده من يتوجها ملكة في سماء خاصة بهما فقط
جذبها من يدها واجلسها على الازار الابيض
وهو يقول وقد وضع راسه على المخدة ينظر اليها وهي تتامله:
- افردي شعرك وتعالي قربي فلننعم بهذا لوحدنا

قالت تفك حجابها وتسدل شعرها لتتكئ قربه على صدره:
- ماظننت ولاتخيلت انكم في القرية ممكن ان تكونوا رومنسين الى هته الدرجة

قال يبرهن :
- اولا انا وحدي اعتبريني رومنسيا...ثانيا نحن لسنا قرويين مئة بالمئة لاتنسي حياتي اننا درسنا وتعلمنا واشياء اخرى كثيرة تخول لنا الخروج من القرية والتأقلم مع جو المدينة واهلها

قالت تزيد من ضمه :
- لا والله اريد البقاء هنا ..في المدينة يمكنك ان تحسب النجوم من نافذتك وفي دقيقة وهنا سبحان الله امر جميل حقا اكنت هكذا دائما تاتي الى هنا؟

- لا ....اجل لن انكر في بادئ الامر ما كنت ابدا منسجما مع فكرة الزواج بك ضننتك صغيرة ولاتزال اسنانك مفسودة بالشوكولا و.....كشر...هكذا ضننت انني ساسجن في هذا الزواج بحكم ماضيَّ

قالت وقد شعرت بوخزة الم لانه فكر هكذا في يوم ما فيها ونظرت اليه بعمق :
- افعلا كنت هكذا ؟ اه نسيت اجل كنت هكذا لكن لما فكرت انني سانكد عليك حياتك

قال يلمس شفتها السفلى:
- والله ما ضننت انك ستنضجين الى هذا الحد اصبحتي منذ رايتك هوسي في الليالي وفي الايام كلها

ابتسمت لمديحه فسمعت بطنها تزقزق وضحكت:
- سعيد كنت محقا بانك ستجوعني انهض لناكل

قال يتظاهر بالكسل :
- هيا ...قطعي الفاكهة واعطيني منها بيدك انا متعب انظري الى حالي
اليوم كله وانا اعمل والان احضر جميلتي الى ابعد مكان عن القصر وافعل المستحيل لارضاءها وهي لاترضيني حتى....

قالت تضحك على كلامه:
- هههه حسنا حسنا سافعل تبدو كالطفل الصغير مسكين اشعر فعلا بالحزن على حالك

- الاجدر ان تبكي

قالت تقشر من التفاح والموز وتضع في الصحن :
- لا والله ...ابكي هذا ما ينقصني
مدت له مما حضرت:
- خذ يا مولاي اتنتظر مني ان اقوم باحضار سعف النخل لاريحك من الحر

قال :
- اجل لو سمحتي

ضحكت عليه:
- والله انك مجنون

هز حواجبه وقال:
- بك
فضحكت مرة اخرى فاردفت تبتسم بسعادتها :
- كل حبيبي ...قبلته على خده ....اشكرك عزيزي على كل ماتفعله من اجلي






*******************



في منزل السي محمد




كانت هند مع امها تجلس في غرفة النوم وهما هائمتان في التخطيط للعرس بشكل قوي
كانت هند في هته المدة التي مضت عن اخر مرة رأت فيها زوجها تتصل به فقط
تشعر انه في خطر او بالاحرى هي في خطر ان تلوت عليه تلك الاجنبية الفاسدة لايعجبها ابدا فكرة ان تكون تلك الخرقاء هناك وهو في نفس البيت تكاد تجن لكن فقط بعد الاتصال به تشعر بالهدوء من كلامه معها

بعد ان انتهت من الحديث مع امها قالت:
- ماما ساتصل بعبد الصمد ساخبره بما علينا فعله والى اين يجب ان نذهب لننهي الترتيبات اوف اشعر بالتوتر

قالت الام رشيدة:
- لا ياابنتي لا تشعري بالتوتر الان لايزال الوقت مبكرا على زواجكما فالافضل ان تتريتي وترتبي على مهل لن يهرب فهو زوجك

رفعت هند نظرها الى امها وكانما الكلمات هته افاقتها من موجة الضباب العاتمة التي كانت تغرق فيها :
- انت محقة انه زوجي وليس علي التوتر فلن يهرب ...احبك ماما

ضمتها وتغيرت نظرة رشيدة الى الحزن الذي يملأ نفسها دائما وابدا
- اذهبي الى النوم الان وغذا اتصلي به او في اي وقت اخر الا الان عليك بالراحة

قالت هند مبتسمة:
- محقة امي ....نهضت من مكانها الى الباب واستدارت....تصبحين على خير الخيرات يا احلى الامهات

خرجت هند من غرفة امها فتفاجئت عند استدارتها بصرخة رجولية افزعتها

- واااااا ههههههه

قالت هند الشبه مصدومة:
- من ؟؟؟ ايوب او يا لك من حقير لما اخفتني وثم منذ متى وانت هنا؟؟؟

قال بصوته ذاك مبتسما :
- منذ اكثر من نصف ساعة ومنذ برهة قلت لعمي بعد ان سلمت عليه اين هند ؟؟واعلمني بمكانك وقررت ان اخيفك كما صدمتني بخبر زواجك

قالت هند تنظر اليه بتعجب:
- ومن اخبرك اخاف عينك يا اخي؟

قال يضحك:
- هههه ليست هند من تآمن بالخرافات وعلى اي صلاة النبي على وجهك وحجابك

لمست راسها وابتسمت بافتخار :
- ارأيت يلائمني سبحان الله على اي لا تحزن لانك لم تحضر زواجي فالعرس لم يقم بعد في اواخر الصيف سيقام

قال يمشي معها الى ان وقفا امام غرفتها:
- اذن سابقى وهناك الكثير مما اريد ان احكيه لك على اي تصبحين على خير يا عصفورة الحب لاتنسي ان تسبحي في عالم الاحلام يا سندريلا

امسكت شبشبها واخذ ايوب يجري في الرواق الى ان اختفى تماما
وتركها وراءه تضحك
ومن ثم دخلت غرفتها مبتسمة لانها فعلا تجد انها لا عالم تنتمي له من دون حلمها الابدي
عبد الصمد
عبدوو


*********************


في الدار البيضاء المدينة الاقتصادية للمغرب
وبعد صلاة العشاء



كانت الهام قد طوت سجادتها ووضعت مصحفها على المنضددة الصغيرة لتبدأ في ذكر الله في نفسها وهي تنظر الى منظر الحديقة في الاسفل
كان منظرا جميلا بحيث انيرت ببعض المصابيح اللطيفة الاضاءة وبما انها لم تكن تستخدم كثيرا الا في النهار يبقى في المساء منظرا جميلا فقط

ابتعدت عن النافذة واقتربت من الكنبة الصغيرة لتجلس عليها تنتظر عشاءها
والذي بعد عدة دقائق قامت احدى الممرضات بجلبه لها الى الغرفة
كان عبارة عن حساء بالخضار وبعض الجبن والخبز الطازج
لم تفتح شهيتها ابدا لاتريد ان تعترف بان الخوف يبعثر تفكيرها ويزيد من توترها الكبير حيال ما هو قادم

بدأت في ادخال لقمة من الخبز مرفوقة بالجبن وملعقة لذيذة من الحساء الى فمها لكنها ما فتئت ان تركت المائدة لتجلس على سريرها تضبط المنبه الذي كان مضبوطا على صلاة العصر الى صلاة الفجر
خرجت التنهيدة متحشرجة واتبعتها باستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم لتحرك الازار وتدخل في فراشها وهمت تزيل حجابها لكن الطرق على الباب اوقفها

قالت تتعجب من قد ياتيها في هذا الوقت:
- ادخل

انتظرت لحظة لتظهر لها الممرضة وهي تقول:
- يا انسة هناك من يريد رؤيتك

قالت الهام:
- ولكن الم ينتهي وقت الزيارة واعلم ان عثمان وحده من يستطيع زيارتي في اي وقت؟؟

قالت الممرضة :
- لقد سمح له الدكتور بعيادتك انسة فهل ادخله؟؟

قالت الهام ترفع اكتافها
- ادخليه لكن ارجوك دعي الباب مفتوحا

قالت الممرضة للرجل تفضل سيدي
دخل الرجل الذي كان يحمل باقة ورد واقترب من المنضدة ليضعه
وهنا انسعقت هل هذا هو الرجل الغامض الذي ياتيها بالورود دوما
يا الهي كان رجلا جذابا ومرتديا لجاكيت اسود وسروال جينز ازرق مع قميص ابيض من تحت الجاكيت
بقيت تنظر اليه وقال هو يقترب من كرسي قريب ليقربه من السرير ويجلس:

- السلام عليكم ... ادعى عصام




******************





في وسط الاراضي بنفس الليلة





بعد ان اطفئ الزوجان الشموع حولهما وسبحا في صمت ليلة رومنسية بيضاء
اختلجتها العديد من مشاعر الحب والوله والعشق والتيم
كانت عبير متكئة على المخدة وسعيد ينظر اليها بعمق
ويعبث بشعرها تارة وباكتافها تارة وحتى انه نحتها تحت اصابعه وفصل كل ملامحها بدقة فنان
نهض من سباته ولاتزال المشاعر الاولى في حياتهم الزوجية تفتك به:
- هيا فلنذهب الى البيت صغيرتي

قالت عبير بكسل وجفونها تحت لمساته كانت تنسدل بنعاس لذيذ
- لما دعنا هنا سعيد

قال سعيد محتجا برفق:
- غزالتي رغم انها ارضنا لكن لايجوز النوم هنا ماذا سيقول عنا العمال لن نبدو في شكل جيد ومن ثم انا مشتاق لك جميلتي فلا تحرمينا هذه السعادة

قالت عبير تنهض وتجمع شعرها لتخفيه في حجابها
- حسنا فلنذهب على اي حال من يغلبك

قال مقبلا اياها برفق:
- انت من تغلبينني بدلالك والان ساسبقك لاتلقاك بين ذراعي في الاسفل وانت انزلي بحذر تبدين نعسانة

قالت له تمرر يدها على ذراعه:
- لاحبيبي كنت اتمتع بقربك فقط سانزل بروية لاتشغل بالك ...حسنا اشعر بالدوار لذا تلقاني لن اضمن لك انني لن اسقط اللهم استر

قال سعيد يفكر :
- تعالي ساريك طريقة سهلة ننزل فيها معا بهذا تبقين تحت يدي ولن تسقطي

وهذا ما فعلاه نزل الاتنين وكما لو انهما في شهر عسل في احدى الجزر الاستوائية لكنه فقط عالم جميل يبنيه الحب بعواصفه وبسرعة وجمالية مربكة
دخلا الى السيارة وركباها ليعودا الى القصر في نفس الوضعية الاولى لاتستطيع ان تبعد راسها عن كتفه القوية ابدا




*******************




في الدار البيضاء



بغرفة عثمان


كان عثمان في قمة القلق على نفسه من المشاعر التي بدأت تداهمه من جهة ثريا
فهذا الشوق الذي يكتسح وجدانه ويعصر عروقه ويكويه حتى بات لايفكر في شيء غيرها هي وغير انفاسها وعطرها وصورتها
على ذكر صورتها هو لم يستطع ان يمسح الصورة من هاتفه
فهو كلما اشتاق لرؤيتها اكثر نظر لصورتها فتزيده لوعة واشتياقا
اما من حل لهوسه بها الن ينتهي هذا الاحساس قربها بهذا الشكل؟
لكنه يوما عن يوم يظهر له ان بها شيء ما لايفهمه شيء مبهم للفهم اصلا
يبحث في اثارها ويحفر في اعماقها عبر ما كانت معه وعليه في زواجهما ما هو ذلك الشيء الذي يحيط بها
اهي الصراحة ؟هل يمكن ان تكون صريحة معه؟
لا يا عثمان انها امراة تزوجتها وخدعتك لتحصل على شهادة زواج تخول لها بعد الطلاق التحرر والحياة بحرية وكانها كانت في الاصل شريفة
هو الرجل الصبور القنوع الذي يتفهم المرئ قبل نفسه وهادئ حتى الموت
يجد انها منذ اول ليلة معه غيرته كليا بل اشعلت فيه نيرانا
لاتنطفئ
ايمكن ان اكون في صدد حب مجنون لها ؟
هذا غير معقول انا لست من يضعف لست من يخنع لامراة مهما كانت فلتبقى كما هي لن اطلقها ولن اطلق صراحها فلتتعذب هذا سيكون في مكان السلوى بالنسبة لي

بعد لحظات دخل الحمام ليستحم وبعد خروجه منه يلف على خصره فوطة سوداء
جلس على السرير ليحمل الهاتف كالاحمق مرة اخرى
نظر الى صورتها بامعان يحب منظرها كالبريئة النائمة لكنه يكره كذبها يكره ان تكون خائنة وهو المصاب بالعمى يسامحها منذ متى وهي فاقدة لعذريتها من يتبت له انها لم تقم علاقة مع احد
اضطرب فكه وصر على اسنانه بصرخة قوية يدفن على اثرها الهاتف في الفراش ولكنه بعد ان هدئ واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم
اخذ الهاتف مرة اخرى لكن هذه المرة
فقط لانه تذكر بانها لم تعطه رقم هاتفها الجديد الدافع لجرحها يدفعه لسماع صوتها لخلق الاضطرابات في نفسها مادام هو في محل التاتير القوي عليها

رفع الهاتف في اذنه نظر الى نفسه في المرآة سهوا ومن ثم غير نظرته الى مكان بعيد وانتظر يسمع صوت الهاتف يرن




في القصر وبعد ان دخل كل من عبير وسعيد الى الردهة ووصلا الى نصف الدرج رن الهاتف وهو يلح عليهما قالت مليكة متأففة من الاسفل ليرد احد
تركت عبير يد زوجها الذي قال بنفاذ صبر:
- عبير دعيه ليس الوقت ....

غمزت له :
- اذهب لن اطيل الكلام ساعرف من يكون فقط وآتي حالا

نظر اليها سعيد متوعدا فابتسمت له وهي تقول حاملة الهاتف:
- الو قصر عائلة المنصور من معي؟

رد عثمان بشيء من التحفظ:
- اهلا كيف الاحوال انا عثمان

قالت عبير في نفسها الحمد لله انني من رد:
- اهلا اخي كيف الاحوال هناك هل انت بخير؟؟ الكل بخير هنا

قال وقد عرفها من صوتها :
- مشكور يا زوجة اخي اجل انا بخير الحمد لله مادمتم بخير المهم كنت اتصل لتصلوني بثريا

قالت عبير بغباء:
- اختي؟؟؟

قال عثمان:
- اجل هلا اخبرتها باني اريدها على الهاتف لو سمحت

الان جاء دورك ياعبير يالله ما العمل اعرف انني لن اتورط مادمت اهيء لهم انني لا اعرف شيء لكن ان كشفني من صوتي
قالت بهدوء قدر ما استطاعت:
- اااه ثريا ...لقد سافرت الى افران وقالت بانك انت من اعطيتها الاذن بذلك لقد ذهبت كما قالت لتجلب شهادتها من الجامعة هناك

امتقع وجه عثمان غضبا عاصفا لو كان بردا لاصبح اعصارا ولو كان بحرا لاصبح طوفانا لو كان سحابا لانقض عليها سواعقا تنسفها من الوجود
ولو اصبح جبلا لانفجر بركانا وحمما تكوي حرارة

كان الصمت يعم على الارجاء قبل ان يقول عثمان اي شيء قالت عبير:
- عثمان انت معي انت تعلم اليس كذلك؟؟

اضطرت لتعرف جوابه هي الاولى في حالة كانت هناك اية مشاكل ستحصل قد تتلقى لها قبل اي شخص لانها اختها وستدافع عنها بكل كيانها

سمعت صوته متهدج من الغضب وهو يحاول ان يمسك نفسه على رمي العالم بقنابل ذرية فيشعره بالدمار في قلبه
- انا هنا ....بالطبع اعلم والا لما اعطيتها موافقتي كنت اسال لربما كانت لم تسافر بعد...مادامت سافرت اعطني عنوانها اذا عرفته؟

قالت تفتي عليه العنوان بصوت خلته من الارتجاف الذي هز قلبها فقال بسرعة :
- اشكرك عبير المهم ان سالك احد عني فاخبريهم انني بخير


اقفلت الهاتف وقلبها بين اضلعها ينبض بقوة ما الذي فعلته بتنفيذها لكلام اختها كانها حكمت عليها بالحكم شنقا او بالاعدام
ياربي مادام وافق كلامها كما قالت لربما لكي يستر لانها ابنة عمته لكن
ما سبب قبوله على تستره عليها لربما ياعبير يحبها ؟؟
لا لا لا تذكري كلام ثريا لقد كان تصرفه معها سيء هذا يعني انه قد ينتهي بقتلها يا ربي هو لايصدقها وما فعلته سيثبت عليها تهمة الخيانة حتى ولو لم تكن بالجرم المشهود

صعدت الى جناحها وازالت حجابها وهي تفكر وتفكر لكن هذا لم يجعلها تغفل عن زوجها المنتظر على احر من الجمر يجلس وقد كان نازعا لقميصه فاقتربت منه تجلس في حضنه وتضم نفسها اليه لتجد بعض العزاء والدموع تكاد تخرج مهددة الوضع بالانهيار تحت ضمة سعيد الحانية دفنت راسها في كتفه القوية وانستر جسدها الغض في ضخامة جسده وكانها تحاول التملص من عيون الذئب الحمراوتان اللتان تتربصان بها بين الظلال وهما في الاصل لضميرها المعذب



كان عثمان في احدى قمم افكاره المجنونة
لايستطيع ان يتحرك ولا التفكير في شيء غير نوع العقاب الذي سيلحقه بها ان ذهب اليها بقي هكذا وعلى هذا الحال لايدري الى متى؟؟



**********************



في احدى الفنادق الفخمة
بمدينة افران المغربية



كانت ثريا مرتدية لبيجامة بسروال وردية وتحقق النظر الى مرآة الحمام في ملامحها البيضاء المريضة
هالات حول العيون وقيء على الدوام
ودوامات دوار تداهمها في الصباح وبعض الاوقات الاخرى
شعرت بالياس من هذا الوضع
ذخلت الى داخل الغرفة التي تحتوي على شرفة كبيرة
شعرت بالبرد ""رغم انه الصيف لكن البرد في اوصاله فقط"" فذهبت اليها لتغلقها وتسدل الستائر فهي تنوي النوم طويلا ولاتحب ابدا الضوء في الصباح والذي يجعلها تنهض بسرعة وتكدر من النوم
اقتربت مع تضارب الزهري على جسدها والاحمر في شعرها الى السرير الذي يحتوي على شرشف اسود وابيض راقي في صنعه وخفيف
لكنها شعرت بالبرد يسري في اوصالها منه
لدى نهضت متأففة وتعبة بالفعل الى الخزانة التي تحتوي على اغطية اضافية للمساعدة في حالة احتاجها البعض
واخدت واحدة منها فسقطت من يدها التي تشعر بها اصبحت كالرغوة لاتستطيع امساك كأس حتى دون ان تكسره
فرشت الغطاء باهمال واندست تحته ولم تستطع النوم والضوء الخافة في الغرفة مطفئ فتركته مضاءا
تنعم بهته الراحة الان التي فعلا لاتريد لاحد بان يكدرها

بعد ان زارت المستشفى بعد وصولها الى هنا وجدت صعوبة في التعامل معهم فمظهرها الجديد جعلهم يتحرون عنها بشكل محرج لكن الدكتورة المعالجة الخاصة التي عالجتها من قبل هي من اثبتت انها هي ثريا فقد رأت بطاقتها الشخصية والتي رفضت ثريا ان تريها الى الدكتور فصورتها فيها لاتزال بدون حجاب لدى تفكر في تغييرها بسرعة
بعد ان تحدثت الى الدكتور اي المدير في المستشفى
اكد لها انهم سيحاولون البحث بشكل اعمق وسيتم ابلاغها وارسال الملف اليها في الفندق تحت طلب منها
وبعد ذلك بمدة ارسلوا لها الاوراق التي ما ان راتها حتى ضمتها اليها
وبفرط مشاعرها المظلومة اخدت تجهش في بكاء مرير ولم تكن من عادتها هي القوية ابدا الخضوع لهته الحساسية
تعبها ما ترك لها القدرة على المشي مطولا او حتى السياقة بشكل جيد
التعب لفها كلها وهي تفكر في زيارة الطبيبة في اقرب وقت من يعلم ما بها؟؟؟
تخاف من ان تكون تعاني من مرض ما تتمنى من الله ان يشفيها من تعبها هذا دون حاجة الى الطبيبة



*********************



في الدار البيضاء




في غرفة المستشفى التي تقطنها الهام
بعد ان ذكر اسمه لم تعرفه على اي حال انه غريب فما باله يحدق بها هكذا وماباله يهديها الزهور على الدوام وهته الليلة انها الليلة التي تليها العملية لما بالضبط هو هنا لما ؟؟؟ ما الذي يريده منها بحضوره؟
ويريدها ان تعتبره صديقا لكن ما هي المناسبة؟
اسألتها اخدت ترج في راسها كالرجاج وتحرك راسها يمينا وشمالا لتزيلها وتقول:

- من تكون حضرتك انا لا اعرفك ابدا وانا متاكدة واصلا ماهمي في اسمك اسفة ان كنت ابدو فضة لكني اتمنى ان تخبرني سبب وجودك في غرفتي؟

قال عصام بصوته الواثق وهمته الشامخة:
- انا المتبرع بالقلب

نظرت اليه بدهشة ومن ثم انحدرت عيونها الى اسفل حرجا لانه هو من سيهديها قلبا لكن هو كيف سيعيش؟
قالت بحرج:
- انت سيدي ستعطيني قلبك لماذا ان كان قلبك سالما لما تريد الموت؟

ضحك لانها فهمته خطا رغم انها اول مرة يضحك هكذا بعد وفات اخته:
- لا يا انسة الهام انا كانت لدي اخت توفيت ودفنتها منذ ازيد من اسبوع
ولذلك اتيتك لاخبرك بكامل القصة

قالت تسترجيه المتابعة:
- تفضل سيدي

قال ينظر الى الفراغ بدل ان ينظر اليها:
- ما هنالك انني السبب في موت اختي من احدى النواحي هذا موضوع لا اريد التطرق اليه لكن ما سبب حضوري والتفكير في التبرع لاحدهم به
فقط سعيا في سعادة امي

قالت الهام لا تفهم ما يعنيه:
- هلا شرحت اكثر

قال يمرر يده على وجهه من التعب:
- يا انسة انا الان اتبرع لك بقلب اختي قلب اغلى النساء على قلبي وارقاهن درجة رحمها الله ....اريد منك ان تقبلي دعوة على حسابي للذهاب الى مدريد في فترة نقاهة لا لشيء غير ان تشعر امي ببعض العزاء وان تتوازن نفسيتها وبعد ذلك عودي الى بلدك بامان ....قبل ان تقاطعيني ...اعلم انك استاذة في قرية اعلم عنك الكثير ولولم احقق في اي مكان سيقع قلب اختي لما وافقت ...ادري ان لديك التزامات مع عائلتك المحتاجة لكن صديقيني لن يعدوا ان يكون الامر سوى عطلة تقضين فيها فترة نقاهة راقية تليق بك ....سيشرف على حالتك فيها احد الاطباء المختصون وهو تونسي الاصلية اتمنى ان تقبلي...لكن فكري في كل كلمة قلتها انا بعد موافقتك سارتب امور السفر على حسابي فانا اسباني الجنسية ويخولني ذلك الكثير من الميزات

في البادئ صدمت لرؤية صاحب الورود والان تعرفت على صاحب الورود لكن لم تكن تدري انها ستصدم اكثر من هذا هو من يتبرع بقلب اخته لها وهو ايضا من يهديها رحلة نقاهة في اسبانية
لكن لما؟؟؟ فقط لانه يريد اسعاد امه غير معقول الهذه الدرجة اصحاب المال يشترون السعادة لاهلهم
الان هي توغلت لايمكنها ان ترفض العملية فهي فضل من الله وايضا لايمكنها ان تنكر الجميل الذي قدمه لها عثمان
لا وايضا لايمكنها سوى ان تشفق عليه على عصام فلو ماتت لها اختها لاسامح الله لكانت جنت اما هو فقد تبرع بقلبها لها هي لتعيش
مشاعر مختلطة ومتنافرة جعلت طابع الخير فيها يغلب على طابع الحذر
وقالت بهدوء وتفهم:

- اتفهمك سيد عصام يمكنني ان اقبل عرضك مادام ليست البلاد بعيدة ومادام من اجل امك لكن ان انا وافقت مبدئيا فهناك والدي وامي وان وافقا فساذهب معك

- مشكورة يا انسة الهام اعرف انك لن تندمي على اختيارك هذا

عندما رمى عليها السلام خرج وبقيت هي للحظة تخرج من قوقعة سداجتها لتقول :
- لكن كيف لي ان اتق به
نهضت من مكانها واتجهت الى مكتب المدير في هته الساعة لتساله
وحمدت الله لانها وجدته وطرحت عليه ما حصل معها واكد لها كلامه وانه فعلا انسان جيد ونبيل ومتاكد هو من هويته ومن عمق مشكلته

حسنا الان عادت الى غرفتها واقفلت الباب واستلقت تطفئ الضوء في الغرفة لتسبح في افكار مأرقة لنفسيتها التي من المفروض ان تكون مرتاحة





******************


في اليوم التالي


في منزل هود




كانت في هذا الصباح الجميل قد استفاقت باكرا اخدت الشراشف في البيت والزربية التي ينامان عليها وبدات في ضربها بعصى خشبية لتنفت عنها الغبار
وهي تحت نظرات هود
هذا الاخير الذي لم يستطع ان ينام بسهولة اجل هي بين ذراعيه والحياة في قمة الحلاوة لكن ماذا بعد افشاء السر الذي يخنقه ويعذبه انواع العذابات التي لم يسمع بها من قبل ؟؟؟
هو ضميره الصاحي لهذ الوضع ما يدفعه الى ان يفشي السر ومهما كان رد الفعل سيتقبله سيحارب سيفعل المستحيل وسيستعيدها من ضياعها
كانت حالمة وهي تنفث الغبار وهي تشعر بالسعادة تكتسحها مع زوجها الذي يضفي الان على حياتها شتى الاحاسيس التي لطالما افتقدتها

ابتعدت من مكان حبال واقتربت من المنزل ومرت قربه حيث يجلس على العتبة فامسك يدها بلطف يغمرها بقبلات دافئة وقال:
- اريد ان اكلمك

كانت ابتسامتها بريئة جميلة صافية

فقالت تانبه:
- هود لا يوجد كلام قبل الافطار هيا تعال ساضعه الان

على مائدة الافطار لاحظت انه يتاملها
ولم تكن شاعرة كم الوجع في صدره لانه للان لايدري تقبلها لما سيقوله
قالت باهتمام:
- ماذا بك هود؟ ما الامر لما لاتاكل؟

قال يريد ان ينهي هذا الموضوع بسرعة:
- اعرف قصتك عندما كنت صغيرة

قالت تنظر اليه بصدمة:
- ما..ما ذكرك في هذا ؟...

قال يبعد نظره :
- لانني اعرف كل شيء بالتفصيل ...اعرف انه كانت لك اخت صغيرة في سن الثالثة وفقدت وظننتم انها لربما ماتت

قلبها يركض بل النبض فيه اصبح شبيها بقطعان ثيران حامية:
- انا لا اعرف لما تذكر الامر يا هود؟

- كنت مراهقا في ذلك الوقت ...لي ام واحدة وانا وحدي من يعيلها كنت اعمل عند احدهم ...
((كان يِعصر مع كل كلمة يخرجها لانه يدري انها ستكون النهاية قبل البداية))
...كان رجلا ثريا شجاعا على الفقراء يهب وينهب كان يستغل ضعفي و...في الحقيقة والدك عندما قال انها ماتت كذب عليك فلقد كلفني بخطفها وانتم في السوق ووالدك العربي كان موافقا على ذلك تقاضى المال عليها وذهب ...بعد ذلك بمدة البسني تهمة ادخلتني السجن دفعت الثمن دون ان ادري.... لقد دفعته

نهضت من مكانها تترنح واستندت على الحائط عندما رآها هكذا في هذا الحال يعتليها ارتجاف مهين والجرح غائر ويغور ثقب اسود يزداد سوادا والالم ينهش وينهش حتى ضنت ان قلبها بجرح الحبيب سيقتلها في مكانها لكنها لم تمت وهو يحاول ان يهدئها وقد اخدها بين ذراعيه
لكنها في انتفاضاتها ابعدته عنها كما لو انها تراه لاول مرة ترنحت في خطواتها امام عيونه الجريحة
اقتربت من مكان جلبابها وحجابها ارتدتهما بايد مرتجفة لكنه قبض على ذراعها يديرها اليه

- لاتذهبي ارجوك انا لم اكن في وعيي ..يا الهي كنت مراهقا فحسب..
لقد استغلوني وسجنت دفعت الثمن مضاعفا لو تدرين

صرخت فيه بحدة:
- ابتعد عني ....ابتعد عني كنت اعاشرك انت وغد حقير ...اختي حية وانا لا اعرف كنت تعاشرني وانا من ..من كنت وفية لك بينما انت خنتني ...انت السبب في بعادي عن اختي كل هته السنين واعيش معك اخونها وتخونني ....اكرهك.... اكرهك ....

خرجت من البيت تجري وتبعها بكل قوته استدارت اليه :
- لماذ تتبعني هود دعني وشاني؟؟؟

كان صراخها يطعنه في قلبه ويجرحه بعمق لكنه بقي تابتا لا يشعرها بادنى احساس فقال:
- انت زوجتي ولي الحق في معرفة مكانك

قالت تكاد عيونها تدمع وتخونها هي الاخرى وهي تنظر الى الرجل الذي احبته بكل كيانها يدمرها ولايعرف شيء الان سوى ملكيته:
- دعني

ابتعدت عنه تشق طريقها وسط الارض ولايزال هو وراءها
وهكذا بقيت هي تمشي بكل سرعتها وهو يتبعها الى ان وصلت الى بيتها حيث العربي
ما كان يستطيع هود ان يتكلم او يقول اي شيء الا ان ينظر اليها وهي تبتعد عنه ولاحظ اخيرا انها عادت الى بيتها لكنه عندما تبعها وجدها تدخل الى بيت الياسمين وطرقت عليه بخفة لكن لم يجبها احد استدارت وعيونها سبحت في فوق وكل الالام تجرفها الى نهر الجنون لكنها خرجت وهي تنظر اليه بكره :
- ماذا الان ؟؟الا تسمع ابتعد عن طريقي يا هود

ابتعد منخور القوى مجروحا مئات الجروح البليغة عن طريقها لكن رغم ذلك تبعها
وتوجهت الى السوق حيث يعرف الياسمين هناك العديد من النساء والرجال واخدت تسال لها عن عنوانها الى ان تمكنت من معرفته
اتخدت لها طريقا الى بيت الياسمين ولكنها توقفت لتستدير وتطالعه باحتقار:
- هود ...توقف عن متابعتي ..فآخر المطاف هنا ..ساذهب الى الياسمين وسأطالبها راجية ان تساعدني في معاملاتي... طلاقي منك نلتقي عند العادل

ماهذا الذي تقوله كاد ان ينحر اليوم من نظراتها لكن طلاق لا ...لا يجب ان تتركه وهو يذوب في هواها

وابتعدت تكمل طريقها بين البيوت المتراصة وسمعته يقترب بسرعة الى ان اوقفها وهو يمسك اكتافها يألمها والالم في روحه اكبر من ذلك:
- انا ابدا لن اتخلى عنك انت الوحيدة التي اعادتني الى الحياة واعادتلي عقلي ارجوك انا احبك.... حياتي

ابتعدت عنه لتقف امام البيت
الذي كان حوشه مزين بشجرتين جميلتين وارض متربة
واقتربت منه تطرق الباب وتبعها هود ببطء الى ان وقف وراءها
- جميلة ايهون عليك كل الحب الذي تشاركناه

ارتجفت لكلمته لكنها غير قادرة على مسامحته
سالت الياسمين من الداخل :
- من ؟

قالت جميلة بصوت مخنوق بحيث ابتعد هود الى الوراء ونظراته على ظهرها المتشنج :
_ هذه انا ياسمين... انا جميلة

فرحت الياسمين بسماع صوت من صديقتها التي تحبها وتعزها كثيرا وارتدت حجابها لتفتح الباب وتصدمها جميلة بدخول عاصف واقفال للباب بقوة
وعندها انهارت من كل تلك القوة التي كلفتها الكثير بين ذراعي صديقتها
على الارض

هود كان يشعر ان الدنيا باتت تنهار من حوله لذا فضل ان يعود الى بيته حاليا الى ان تهدئ عسى ذلك ان يعيد المياه بينهما الى مجاريها






***********************





في هذا الصباح العليل ايضا

في افران





بدات تستعيد ثريا عافيتها عن البارحة فاذا بها اخدت لها حماما دافئا يريح جسمها من الحمى اللتي بطشت بها الليلة الماضية
وارتدت لها عباية من عباياتها وجلست قرب المرآة تحاول ان تخفي امام نفسها ظلال عيونها بالماكياج
ولترفع لنفسها المعناويات ايضا
فالآتي صعب رغم سهولته ان تعطيه العذر وان تريه الاوراق يبدو لها حملا ثقيلا ايضا رغم انه سيريحها لكن لاتدري لما لديها شعور غريب ....
وضعت يدها على فمها ونهضت بسرعة الى الحمام لتفرغ ما في بطنها الفارغة من مرار
وشعرت بهوان في جسمها مرة اخرى واستغربت انها استفاقت حتى التاسعة رغم انها لا تتعدى الثامنة وايضا فوتت صلاة الفجر وهذا ليس من مراسها ولا عاداتها
كانت تشعر بالم في ظهرها نهضت لتنظر الى نفسها في المرآة بعد ان غسلت وجهها ووجدت ان عليها اعادة الماكياج الساتر للعيوب مرة اخرى
عند انتهائها من ذلك
اقتربت من الشرفة المطلة على مجموعة جبال جميلة هذه هي افران موضع ثقة اذا مااردت زيارتها والتمتع بمناظرها
لاحظت ان هناك شتلة جميلة في الشرفة ذهبت الى المنضدة حيث قنينة الماء وقامت بسقيها وفتنها رائحة التراب الذي جلست على ركبها لمدة لاتدري مهيتها واخدت منه في يدها تشمه وكما لو انه يعيد الى عروقها الدم من جديد

بعد لحظات نهضت من المكان ونفضت التراب من يدها ودخلت الى الغرفة وامسكت بسماعة الهاتف لتقول:
- السلام عليكم من فضلك هلا اصعدتم اكلي الى هنا لااستطيع النزول فانا متعبة قليلا ...احضرولي بعض البيض اريد ان يكون نصفه نيئ ...اجل وبعض اللحم المقدد .... هل انقضت الكمية لديكم؟؟؟... لا ارجوك من الضروري جدا جدا ان يكون ....يمكنكم تدبر الامر حسنا وبعض الشاي اريده مرا بدون سكر لااريد سكرا في اي شيء ترسلونه ....ارسلولي امرأة من فضلك زوجي لايحبد ان تخدمني غير النساء...مشكور

تنهدت وجلست بعد اقفالها للسماعة
وبعد لحظات نهضت في انتظارها للخادمة التي ستحضر الطعام كانت متلهفة له بشدة لاتدري متى كانت لها هته الشهية الغريبة
امسكت شعرها الاحمر الكث وجمعته على شكل كعكة كبيرة في الخلف وسمعت طرقا على الباب ففتحته لتدخل المرأة فقالت ثريا:
- اتبعيني من فضلك هنا في الشرفة شكرا لك... اقفلي الباب وراءك

بعد خروج المرأة جلست ثريا مبتسمة لهذا الاكل الذي لاتدري لما اشتهته بهته الطريقة ولاول مرة في حياتها تحب الشاي مرا منعدم السكر تلذذت لفترة بطعامها الا في لحظة توقفت بعد ان مرت اللقمة من حنجرتها بسلام ولاتدري حدس سيئ اشعرها بشيء غريب التفتت الى الباب
وكانت صعقتها قوية بحيث نظرت الى عثمان يقف رابطا ذراعيه ومتكئ على الحائط بتراخ حتى نظرته التي رمقتها حمراء كانت مختلفة عن العادة لانظارات
قميص على اكتافه مهمل
وسروال كلاس رمادي وشعر يمكن ان نقول عليه اشعث
همست في مكانها وضغطها في ارتفاع دائم:

- عثمان...



يتبع............






*********************








الجزء العشرون


ان شاء الله




بعد خروج المرأة جلست ثريا مبتسمة لهذا الاكل الذي لاتدري لما اشتهته بهته الطريقة
ولاول مرة في حياتها تحب الشاي مرا منعدم السكر تلذذت لفترة بطعامها الا في لحظة توقفت بعد ان مرت اللقمة من حنجرتها بسلام ولاتدري حدس سيئ اشعرها بشيء غريب التفتت الى الباب
وكانت صعقتها قوية بحيث نظرت الى عثمان يقف رابطا ذراعيه ومتكئ على الحائط بتراخ حتى نظرته التي رمقتها حمراء كانت مختلفة عن العادة لانظارات
قميص على اكتافه مهمل
وسروال كلاس رمادي وشعر يمكن ان نقول عليه اشعث
همست في مكانها وضغطها في ارتفاع دائم:

- عثمان...

همستها كانت انبعاثا حارا من فوهة شوقها لا ذهول فيها باكثر ما تحمله من شوق اليه نظرت اليه من مكانها ولم يضل جامدا في تلك اللحظة اقترب منها ببطئ ونظرته تستعر بالغضب الحامي لبرودها وكانها لم تفعل شيء يذكر
وقف بطوله حين اخفض نظره على الاكل تعجب لشهيتها فهو عن نفسه فقد شهيته منذ ان سافر كانه العذاب بعينه من يرى
اخفضت عيونها الى الاكل فوق المائدة وشعرت بالاحراج وهي تجلس هكذا
ارادت مواجهته فهو ولابد علم ما فعلته مادام علم بمكانها بهذه السهولة تطلب في داخلها الله ان يكون قد ستر على ما جرى

نطق اخيرا بثقة لاتهتز:
- تبدين لي انك تستمتعين بوقتك

لم تفتها لهجة الغضب الخفيفة في كلامه لدى ردت:
- كنت هنا من اجل شيء مهم و....

قاطعها :
- شيء مهم ...اريد ان اعرف فقط لما تصرين على تمردك هذا؟؟
الا تدرين انك تجنين بذلك على نفسك المصائب

جعلها تشعر بغضب قوي لما قاله وتركزت عيونها الرمادية في عيونه السوداء الرائعة
للحظة كادت تسهوا عن الجواب الذي حضرته له
تبعترت انفاسها فكله رجولة لم يتغير في هته المدة التي تركها فيها باهمال وقساوة
حبها يضعفها وتنسى فعلا ما يفعله ان هو اخدها في حضنه
لكنها تراجعت عن الكرسي لتقف في مجابهته وترد وعيونها الى فوق تنظر الى وجهه

- اتراك نسيت انني زوجتك ..ها...اتراك تنسى ان من حقي ان اعلم بسفراتك انا الاولى قبل ان اسال من في البيت
الا تفكر في انه لمن الممكن ان احرج امامهم ....تفكر في نفسك كثيرا عثمان وتنسى انني ايضا خلقت ولي حق عليك

كانت تلاحظ التغيرات على وجهه والتلونات من اتر الغضب في قسماته القوية الخشنة وعدا هذا كله يزداد هيبة بطوله وعرض منكبيه

- هذا لا يعطيك الحق في الخروج دون اذن مني والانتقام مني لاني فقط لم اخبرك لا اريده اتسمعين... انت هنا من يطيع

عقدت حواجبها الرقيقة على رموشها الحمراء
تفكر في انه فعلا لايستحق ما تفعله من اجله ان اراد ان يحبها فعلا فلما لايتغاضى كما فعل الاخرون عن عيبها تعجرفه لا يطاق وباتت تحس انه لا يعتبرها سوى عبدة وعليها فعلا ان تفعل شيء تجعله يندم على كلامه

قال وهو يلاحظ سهودها:
- تدرين ماذا؟... لي رغبة في خنقك والله لي رغبة قوية في تلقينك الدرس المناسب لكي تعرفي جيدا حدودك

قالت تشهق من عنفه وهمجيته:
- انا لا اصدق انك بهذا البغض ....والله كان علي ان اهرب ليلة عرسي لالقنك انا بنفسي الدرس المناسب

رمى سترته على الكرسي بعنف وهو يقول وكل عروقه تنبض بعصبية من كلامها:
- ثريا لا تستفزيني بكلامك الى هنا وكفى... قد اصل الى فعل اندم عليه في ما بعد ...

قالت بمثل نبرته العاصفة تواجهه بمثل قوته :
- ماذا ضربي ..لقد سبق وفعلتها ...قتلي هاانا امامك فافعل ما يمليه عليك ضميرك لكي يرتاح

نظر اليها وقد تكهرب الجو بالفعل وقال يعصر راحة يده:
- لا تصرخي في وجهي ...لست مجرما لقتلك لكني لا انكر تلك الرغبة في فعلها لانك في كل مرة تفعلين امرا يدعوا الى عدم الثقة فيك مطلقا

قالت ترد وقد نفذ صبرها:
- اخبرني فقط ما الذي تشاهده علي
هل امشي في الشارع عارية مثلا او اقبل و....تبا لك تجعلني اخرج كلاما من فمي ما فكرت في حياتي انني ساخرجه

رفع يده وضرب المائدة قربه بكل قوته حتى انقلب محتواها
فكلامها يصيبه كانصال سيوف حادة سامة مغموسة في سم قادر على القتل والفتك في تلك اللحظة

اجفلت ترتجف لكن تحاول التشبت برباطة جئشها فهي لاتريد بعد ان علمت بانها قادرة على اتبات برائتها بان تضهر الخنوع لانها تشعر الان بالعزاء في تلك الاوراق التي هي قادرة على اخراجها من هته الورطة

ابتعد عنها برهة يتنفس بعمق خائف هو من ان يقوم بفعل مشين لها ويندم
عاد يستدير اليها ويعتدل في وقفته وعيونه لا تبرحها

- انظري يا ابنة عمتي المصونة ....لا اريد سوى ان افهمك انك زوجتي ولي وحدي ملكي اي ان تحركت فسيكون تحت عيوني ذلك...لكن اريد ان افهم رغم ذلك لما كذبت عليهم بشان السفر ما الغرض لك من تلك الطريقة في التسحب خارج القصر..؟...طبعا لن تجيبي فليست لديك براهين كافية...اين هي الشهادة اليس من المفترض ان تكون جاهزة والا تستغرق منك هذا الوقت لاخدها

كانت هي مع كلامه تتقوقع وترفض مسايرته لكي لا تفلت منها كلمة فلا تزال تشعر ان وقت الاوراق لم يحن هو شعورها هكذا دائما يسيرها في الطريق الخطأ او الصح لكن الاغلب في الصح

قالت لكي تغير الموضوع بموضوعه هو وتزيد من غضبه:
- وانت يا سي عثمان هلا اوضحت لي ماهية علاقة بتلك التي هي "عفيفة شريفة " لا تكذب... اجد انك لربما تزوجتها في سر من العائلة وتحسب نفسك انت هو ملك كل شيء طبعا ومن سترفض السيد المنصور بهامته ستكون غبية مريضة في عقلها بدون ادنى شك


انعقدت حواجبه السوداء حتى كادت تلتقي مع بعضها وبدى اكثر خطرا في هذا الوضع:
- تتهمينني بالكذب وبزواج ايضا ...خيالك خصب ثريا

ابتعد قليلا عنها يشعر بهالة تحيطها هي من تحثه على ان يتوخى الحذر في حركاته الغاضبة

قالت بابتسامة استهزاء:
- هه لا تخبرني انك بريئ سيدي فكما سبق انت بنفسك واشرت لابد من ان اختيارك لها كزوجة لم يكن صدفة
لابد وانها تتربع في قلبك القاسي نحوي فقط
الا تجد الامر واضحا وانني فعلا ذكية

صرخ فيها يشير اليها باصبعه:
- بل انت غبية عقلك فارغ لايصلح لشيء ...ك....لا.... يجب ان اقول انها في الاول والاخير فكرة روعة حقيقة انت الان السبب في اعادتي الى التفكير في طلبي لها سأرى ما سافعله بعد عمليتها قد انتهي بفكرتك على اي حال لطالما كانت المرأة المناسبة في عيني

كادت تبكي من غيضها:
- انت خسيس مريض ...

وشعر انه ينتصر ليضحك:
- ههه والله اخطأت بل انا رجل بكل ما للكلمة من معنى والف امراة في هته الدنيا تتمنى فقط نظرة مني فلا تنسي ان حياتك الحقيقية معي وانها على المحك وقد افنيها في اي وقت اشاء لربما قد حانت الفرصة لذلك .....اصلا الان اريد معرفة السبب مع الادلة التي تتوجب مكوثك في هذا الفندق الرائع لعلني اصدقك لانني بصراحة فاقد للثقة فيك

شعرت كانه جرح في قلبها وينصهر ويطعن الى الداخل بسكين محموم
- حرام عليك يا ابن سليمان والله عيب عليك ظلمي فان كنت لي معيلا ....على الاقل لا تمن واحتفظ باجرك في ميزان الحسنات فاقسم بان لك القدر الوفير منها معي

لاحظت ارتعاد الغضب من عضلاته وحركات يده وابعدت عيونها منه بتعجرف وهي تشعر انها وكانها تسكب الزيت على النار بكلامها هذا الذي لن ينفع ابدا
لكنها غاضبة منه تلعن الحظ السيء عندها لما لاتحصل منه على التفهم بدل هذه الحركات التي تثير الحنق في اعماقها شعرت بانها تكرهه بقدر ما تذوب في حبه

لم تشعر الا وهو يقترب منها بدفئه الذي بات يعيد الروح فيها
بعد ان اثقل صدرها بعطره النفاذ ودفئ انفاسه فوق راسها رفعت اليه عيونها برفق علا نبضها فشعرت انه يكاد يمزق قلبها من حبه ويكاد يصم اذنيها لولا ان صوته همس وهو يرفع دقنها بين يديه بتملك وخصرها يكاد يعصره على بطنه تحت راحة يده الرجولية الدافئة

- انا غاضب يا ثريا ...افعالك لاتغتفر ....

همست باضطراب:
- وانت ماذا ...عن اجحافك الدائم في حقي ماذا عنه ها ...؟..اخبرني ...انا ايضا غاضبة منك لانك لاتشعرني بانني زوجة لك فعلا كباقي الناس

نظر اليها وعيونه تغلبها الحرارة التي تعلو جوارحه باعلامها:
- كيف ...اضن انني لأبرهن لك انك زوجة فعلا فاما بالضرب.... او بشكل آخر لكي اريك فعلا مكانك... وان الزوجة مكانها بيت زوجها.... واحترامه وان تصغي الى اوامره على انها فقط اشياء بسيطة في حق ما يمنحها اياه


بدأت تشك في انها ان ارته النسخ انه فعلا سيبقى متعجرفا ولن يتغير
بالخدر الذي سرى في دمها من دفئ صدره وانفاسه التي هبطت على رقبتها استرخت وتبددت كل المشاكل في تلك النشوة الفرحة لاستعادته قربها
بدأ يدعك شعرها بين انامله حيث فكه بسهولة تحت رغبة نفسه الملحة واغمضت عيونها لتدليكه فمع هذا الجدال والتعب الغريب عنها الذي داهمها هي النشيطة
ارتاحت به وبعث فيها نيرانا ادفئت الجو حولهما
وهمس قريبا من فمها :
- هل اشتقت الي؟

خرج جوابها عبارة عن آهة صغيرة بالكاد كانت نفسا لفحه
عيونها فقدت السيطرة على مشاعرها فقد تركت اللجام واطلقت الجماح وبالكاد رمشت وعيونها تتكاسل على قسماته
راقب شفاهها بتفكير يكاد لاينسى ابدا الكلام الذي قالته لهم بلسانها عن انه تركها تذهب فكانما تهين رجولته بتلك الطريقة
فكان فعلا يرغب في معاقبتها وان يدمي شفتها لكنه عاد واحتله شعور غريب من العاطفة وانه لأمر سيء فعل ذلك اقتصر على تقبيلها بلطف وبطئ احرقهما معا وكل منهما متعلق بالاخر والعواطف تلعب دورها في ذلك ابتعد بعد قبلته مشلولا تماما بالرغبة التي زادت تتأجج وتالمه بلذة نحوها
قال بانفاسه المتقطعة:
- ساستحم واعود ...اريدك ان تدفئي السرير قبل عودتي

ابتعد عنها بل شعرت كانه انسلخ من جلدها للدخول الى الحمام
وكانت ترتعش لحلاوة لقائها معه
رغم ان العقل يعيدها الى ارض الواقع بانه يا ثريا ان لم تلقنيه درسا فلن يحبك ولن يعترف ابدا بذلك
وتسائلت هل من المفترض ان تريه الاوراق الان؟
لكن الافكار في هته اللحظات بينهما كانت تتبخر بدون وعي ابتعدت تحضر من نفسها فتنة له واقتربت من السرير تنتظره بحب وولع وكل نبضات قلبها تصرخ باسمه منادية عليه للخروج




*********************



في منزل الياسمين



بعد عودة يونس الى البيت وهو يمارس حياته بطبيعية تامة
بدى كم من الاندهاش على وجه الصغيرة التي ارتبكت للوضع وهو يشرح لها وللجدة ويشعر بالخزي من نفسه لانه ببساطة كذب عليهما وهو يخبرهما بامر العملية
ولاحظ نظرات الصغيرة فدوى المبهورة والصامتة فهذه عادة الاطفال برائتهم غريبة لذيذة
بدأ يجد سهولة في التعامل معهما والاخد والعطاء في الحديث ووجد ان فعلا الوضع هكذا احسن والطف وبدئ يزيد من التعرف عليهما بدقة باسئلته المتنوعة
اولا اخد الجدة في سياق اسئلة عن حياتها وزواجها ومحنها واكتشف انها جوهرة لاتقدر بثمن فلربما هي ام الرجل الذي اخد امراته منه في احد الاوقات لكنه ليس انانيا الى درجة كرهها لا بالعكس يجدها كأم له وهذا ادفئ الجو البارد الذي كان عليه بيته وهو فيه وحيد

اما فدوى فقد بدأ في المراجعة المكثفة معها لاجل معرفة مستواها في الدراسة
واعجب بفطنتها ونباهتها في دراستها وانها رغم العطلة الا انها تتذكر دروسها ليس كبعض الاطفال الذين ينسون بسهولة
وقرر ان ياخدهم جميعا في رحلة الى مدينة مثل الداخلة وهي عامرة بالسياح الاجانب بما انها مدينة صحراوية تحتوي على شواطئ خلابة فهي محط اعجابهم حيث يتمتعون فيها بلعبة " التزحلق على الامواج"

لكن
وجد الامر مستحيل مادامت جميلة تقطن عندهم مع الجدة والفتاة الصغرى وما علمه من الياسمين انها تعاني من الخدلان من زوجها قرر تاجيل السفر الى موعد آخر
انه ليس من الناس التي تحكم على كلام من طرف واحد ولايستطيع سوى ان يمنحها سقفه حاليا الى ان تجد لمشكلتها حلا فهو ايضا يعلم المعانات في الحب
يعلم ان زوجته الان له في خيالها وحقيقتها ولاتفكر ابدا في ما مضى لكنه يريد يوما ما ان يشعر بذلك الحب المجنون في قلبها ويتمنى ان ويكون في القريب العاجل لانه يريدها كاملة له وحده حتى بروحها ووجدانها



بعد ان خرج يونس الى عمله في الحضيرة

جلست كل من فدوى والجدة حول المائدة الجميلة في المطبخ وكذا جميلة التي بدت كئيبة للغاية عيونها الخضراء المائعة في ظلام الافكار المأساوية غارقة في لون الجزر البرتقالي وهي تقشره دون روح

خذلانك اثثني بشظايا من كسر
وعيونك رمتني بجمرات من نسر

الهواء مر باردا على جسدي
فعراه وهو رقيق بريء

تراك تذوق النوم يا من جرعت الالم لي
ام انك تنعم بالسكون في الليالي

عصرت المخدة حتى سمعت انينها تتوجع
وهمست باسمك فتضاعف الوجع

سوط من عقاب القضاء ارحم لي
من سوط خداعك وتجريحي

رمت السكينة من يدها ونهضت من مكانها تتوجه الى داخل الغرفة التي تتشاركها مع فدوى والجدة وجلست
بل والوهن اثقلها فدفنت وجهها المحمر الما وحزنا وذرفت دموع القهر والعذاب بحسرة وحيدة ليس هو الوحيد من يستطيع ان يهدئها موجودا معها
لما لم ياتي لحد الان وينوي تركها لانه بكل بساطة استغلها كأداة لانتقامه من اعدائه من والدها
يا ربي ...يا ربي ما ذنبي انا؟؟هل اموت في حزني من اجل ان يدفع الاخرون الثمن لكن لما ..لما..لما...
رددتها بانفاس متهدجة مختنقة


في المطبخ الياسمين لم تغفل عينها عليها هي الوحيدة التي تعتبرها اختا لها فلهما ذكريات تشاركتاها لاتنسى كانت تقف امام الجلاية نفضت يديها من الماء ومسحتهما وتحركت لتذهب اليها فسمعت الجدة تقول:
- ماذا يحصل يا ابنتي هل البنية المسكينة مريضة لاتزال على حالها ؟

قالت الجدة مريضة لكي لاتعلم الصغيرة فدوى بشيء

قالت الياسمين بقلق:
- اجل عن اذنك امي ساذهب لاراها

اقتربت الياسمين من الغرفة التي دخلتها وفتحتها لتغلقها بعد ذلك
لاحظت شهقاتها التي ولابد بعد ان خرجت بصوت عالي بدأت تخف ولم تتحرك ابدا بل ضلت على حالها كما هي
جلست الياسمين على السرير وحركتها تاخد راسها الذي بلل المخدة وهو في قمة الاحمرار والرعشة وكذا كل جسدها
ووضعت راسها على صدرها تمرر اصابعها على شعرها الاشقر
وهي تقول بعد خروج تنهيدة طويلة من فمها:
- يا صغيرتي يا قرة عيني اتوسل اليك في جاه الحبيب الرسول ان تكفي فما عاد للدموع نفع يا غاليتي فستمرضين وانا لن ...ولن ..ولن اسامح نفسي مهما حييت ان تركتك تغرقين في حزنك استهدي بربنا الكريم يا جميلة ...جميلة تكلمي ...جميلة

كانت جامدة بين ذراعيها فبسبب الدموع التي نزلت اصبحت شبه غائبة عن الوعي بل عقلها الباطني لايركز على الحراك
وخرج فقط الانين من شفتيها المرتعشتين
مررت الياسمين يدها على جبهتها فرأت انها غائبة

- جميلة ...استفيقي ..
ضربتها بخفة على وجهها لكن بدون فائدة
نهضت بسرعة الى العطر الذي تضع منه الجدة فهو هدية من يونس من عطور مكة

واسرعت في الجلوس تثني ركبها على السرير وهي تلاحظ عيون جميلة التي تظهر انها فعلا في غيبوبة
رشت من العطر في يدها واخدت تداعب به انفها الى ان بدات تتحرك جميلة وهي تحتج في تمتمات غير مفهومة وهي تكشر من الرائحة

- جميلة ...لا تضلي على هذا الحال ساطلب من يونس ان يحضر القابلة "القابلة وهي المراة التي تولد الحامل وتكشف على النساء عامة"

تحركت جميلة تفتح عيونها وهي لاتدري ما يحصل معها بالضبط وبعد سماعها للقابلة قالت:
-...لما...انا بخير ...لما القابلة؟

قالت الياسمين بحكم تجربتها:
- اخاف ان تكوني حاملا وان لاتنتبهي على نفسك

صرخت جميلة بضعف:
- انا مستحيل ان احمل منه ...انا...هو خانني ...انت لاتشعرين بناري يا ياسمين ...لاتشعرين بناري يا اختي فانا اعاني ...اتألم اموت مليون مرة مع كل انفاسي اشعر انني اختنق...ولم اعد احتمل ...فلاتزيديني على ما اعاني انا باذن الله لست حاملا وغير ممكن ابدا ...

قالت الياسمين تواجهها وجميلة متكأة على سريرها:
- اتمنى من الله ان يهديك عن افعالك يا فتاتي ...فابدا العناد ما كان حلا في هته الدنيا خديها مني تجربة والله على المرئ ان يضحي لكي ينعم بالهدوء ....ورغم قولك بالرفض فالقابلة ستاتي هي ستاتي ابدا لن اتركك على هذا الحال

دثرتها لكي تنهي الكلام
- هيا ارتاحي ولاتبكي اتوسل اليك من اجل ابنك لاتبكي والا اتعبك

شعرت جميلة بانه من غير المستحيل ان لا تبكي والان بالذات فالياسمين تصر اصرارا على انها حامل وهي تخاف من ان يكون الامر واقعا
وسبحان الله شعرت بانها تود النوم على البكاء ان كانت حاملا فعلا فلا تريد ان تاذي الطفل

خرجت الياسمين تطلب من فدوى ابنتها ان تهتم بكلا المرأتين في دقيقة خروجها
خرجت الى الحضيرة حيث زوجها ووجدته منهمكا في اشغاله
وعندما رآها ما استطاع منع نفسه من الابتسام تحت شاربه المستوي بدقة وكانما الحب وحده من يلفهما دون ان تدري المرأة شيء
انتقلت عدوى الابتسام لها ايضا وهي تنظر اليه قادما في طريقه اليها لينزويا في مكان بعيد عن العمال:
- ما الامر ؟ غزالتي هل طرأ خطب ما؟

قالت تنظر اليه لتطمئنه :
- لا عزيزي في الواقع اريد منك خدمة فلو تستطيع ان ترسل في طلب قابلة....

ابتسم يونس يقاطعها وكأن السعادة سكبت على جسده:
- لك ..هل انت..هل انت حامل؟؟

قالت وهي تشعر بانها ستجرحه بكلامها ولاتريد منه ابدا ان يتكدرفقالت تمرر اصابعها على ذراعه بخفة :
- آسفة عزيزي ليس بعد باذن الله سيفرجها الله علينا قريبا لم ادري انك تريد الاولاد ....

قال يونس وقد ابتلع خيبة الامل:
- اجل بالطبع اولاد انا فعلا اريدهم منك فلا تنسي... هذا ما جعلني اتزوجك

نظرت اليه دهشة:
- فقط تزوجتني من اجل الاولاد

قال يضحك:
- غريب امرك يا امرأة في المساء اخبرك لما تزوجتك وليس الان....اخبريني لمن القابلة ؟؟؟

قالت الياسمين بقلق وكانها تستعيد ذكرى ما كانت عليه جميلة:
- لجميلة الفتاة يا عزيزي حالتها في تدهور اصبحت تبكي بافراط واخاف عليها من المرض فلو فقط تحضر القابلة اولا لكي تكشف عليها ونعرف لنطمئن فقط بانها ليست حامل وبعدها احاول ان ابحث منها عن عنوان مسكنها مع زوجها لتذهب اليه وتحاول فهم الامور منه عزيزي

تنهد يونس وهو يشعر بالاسى على المراة المسكينة:
- لا تخافي عمري اول ما سافعله الان هو الذهاب بنفسي لاحضارها...لاتنسي في المساء

ابتسمت له وضربته على دراعه:
- اذهب لاتتاخر حسنا

ذهب يونس بعد ان نزع عنه ملابس العمل وارتدى ملابسه التقليدية المريحة واتخد طريقه تاركا العمال وراءه في الحضيرة يكملون عملهم
ليذهب ويحضر القابلة



********************



في القصر



كانت عبير مع خروج زوجها الى العمل تنزل الى الاسفل لمساعدة والدتها وزوجة خالها في اشغال البيت
بعد الافطار طبعا استطاعت ان تجد بعض الوقت لكي تصعد الى غرفة جولييت وتطمئن عليها فهي مهما كان ضيفة
طرقت الباب فاذنت جولييت لها بالدخول بالفرنسية
دخلت عبير المحجبة في فستانها الطويل
وقالت لجولييت التي كانت تزين وجهها امام المرآة:
- صباح الخير آنسة صعدت لاطمئن ان كنت قد افطرت

قالت جولييت المنهمكة في الماسكارا السوداء
- طبعا شكرا لك لقد اكلت طعامي

نظرت اليها عبير ولاحظت انها ترتدي لباس الفروسية
فقالت عبير تسال بفضول:
- هل ستخرجين هكذا هنا؟

قالت الاجنبية:
- لا طبعا تحت رغبة ابد الصمد مضطرة لارتداء العباءة وعند وصولي بسيارتي الى الاصطبل اقوم بخلعها

قالت عبير متنهدة:
- حظك جيد لحد الان لم اركب احصنة واود ان اطلب من زوجي اخدي الى الاصطبلات للركوب اعشق الخيل ...حسنا سانزل انا ان احتجت شيء لا تبخلي على نفسك بالطلب

ابتسمت بدلالها المعتاد لتسال بدهاء:
- اشكرك كثيرا عزيزتي ...سؤال فقط هل ابد الصمد موجود ام ذهب الى الاصطبل

قالت عبير بدون ان تفهم لما تسال هته السيدة عنه لانها تدري انه متزوج ولاتدخل الشك ابدا في راسها:
- اجل لقد ذهب بعد ان افطر اذهبي فستجدينه في الاصطبل صباح سعيد جولييت استمتعي بوقتك

لوحت لها عبير بيدها وانصرفت بينما ابتسمت جولييت في المرآة لنفسها وبعثت قبلا في الهواء لنفسها في المرآة
اقتربت من السرير واخدت العبائة وهي تشعر بالضيق لانها سترتديها
وارتدتها في الاخير:
- يا الهي ابدو كما لو انني في كيس بلاستيكي لست ادري كيف يحتملون هذه الملابس الواسعة اووووف



في الاصطبل


كان عبد الصمد قد تلقى عدة مكالمات من اصدقاء له في العمل يهنئونه على زواجه ورفض ان يتركهم دون اجابة فاضطر الى اجابتهم وشكرهم على بادرتهم وهو يدري انها الالسن من تنقل بهته السرعة الاخبار وبالخصوص ان انهى احدهم حياة العزوبية فيبدو للبعض منهم كما لو انه انهى حياته بينما هو لا يزال سوى في بدايتها ويدري انهم جهلة فعلا جهلة فلااحد يشعر بمثل شعوره الذي قلبه رأسا على عقب
حب غريب في قفص صدره يتقلب ويبعث فيه كل المشاعر الموجعة ما ان يفكر بها حتى انه يظن انه يبالغ في مهاتفتها فقط لسماع صوتها لدى اقتصر على اتصال من حين لحين وينتظر ان تبادر بنفسها

وهذا مافعلته البارحة تخبره انها بدأت في التجهيزات
وانها ستسافر مع امها للدار البيضاء لجلب كل اللوازم
ورغم الحاحه عليها لكي تسافر مع امه رفضت تقول انها لاتحتاج لتكديرهم وانها وامها في الكفاية وقادرتان هما على انهاء الامور الصعبة بسهولة

خرج هذا الصباح لتدريب بعض لاحصنة فالوقت يداهمه ويريد ان ينهي الاعمال العالقة عنده قبل الزواج
دخل الى الحلبة وكان يهتف بمساعده ان يدخل الحصان الصعب المراس والذي لحد الان لم يروض بعد وبدأ في تروضيه وقد ركب على ظهره والحصان يحاول جاهدا ان يرمي راكبه على الارض لكن دون فائدة فصلابة عبد الصمد تجعله قادرا على التعامل معه الى حد خنوع الحصان لسيده

توقفت سيارة جولييت في وسط الاصطبلات ولاحظت ان الحلبة الثالثة كما الحلبتين الاخريين مشغولين بالترويض الذي تمتاز به المزرعة
وخرجت من السيارة بحيث كانت بملابس ركوبها فقط
فقد نزعت عنها العبائة في السيارة

خرجت تسأل احد العمال عن سيده لكن هذا الاخير ما استطاع ان يعرف ما تقوله لدى نادى على مصطفى المراقب من بعيد فاقترب هذا الاخير من صاحبة الطول الفارع الغير عادي في بلادنا
ودلها على الحلبة التي يروض فيها عبد الصمد الحصان الذي بدى انه طبيعي جدا فقد مل من التملص الغير منفع من يد سيده
لكن الحصان عاود القفز مرة اخرى ودون جدوى لم يتحرك عبد الصمد من ظهره شبرا

في الحقيقة زاد اعجاب جولييت بعبد الصمد بل وتظن انها تحبه وتعشقه
بهذه السرعة ايضا فهي تميل الى الخشونة في الرجال
كانت تراقبه ولاحظها عبد الصمد فلوحت له لكنه للاسف بالنسبة لها لم يبادرها باي اهتمام


بعد ان انهى عمله نزل من صهوة الفرس واخد يمرر له يده على الجهة اليسرى من وجهه واهداه سكرة حلوة ليألفه واعطاه لاحد العمال الذي ساعده آخرون في اخد الحصان الى الاصطبل للراحة فهو بطبعه عنيد

اقترب عبد الصمد من مكان جولييت التي ابتسمت له لكنه اخفض نظره على السياج الذي قفزه واتجه صوب مكتبه وهو يعلم انها تلتصق به كالعلق

تبعته الى مكتبه وهي تقول:
- ابد الصمد عملك رائع انت ماهر

رد وهو يدخل وراء مكتبه ليراجع احدى الاوراق
- اعلم..هل اتيت من اجل الجولة؟

قالت بحماسة:
- اجل

قال لها وهو يجلس على كرسيه الوثير:
- لا للأسف اليوم انا متعب من العمل لا املك الوقت كثيرا للجولة اذهبي مع احد العمال ان خفت من الضياع

بدت عليها خيبة الامل واقتربت من المكتب:
- ارجوك ابد الصمد سأمل من دونك فانت رفقة مفيدة بالحديث .... لكن مع عامل لايفهم حتى لغتي اتمنى ان تفهمني ساشعر بالغربة

قال في نفسه لابد من انها تحصل دوما على ما تريد لا احب هذا الدلال الزائد عن حده

قال :
- يا انسة اقول لك انني متعب فلتأجلي خروجك الى يوم آخر يمكنك الذهاب الى الاصطبل فلقد اطمئنيت على الحصانين وهما يتعافيان بسرعة اذهبي والتهي فيهما

اقتربت منه تضع يدها على كتفه متوسلة:
- ارجوك

عقد ينظر الى اصابعها فوق كتفه باحتقار
- هلا احترمت حدودك يا انسة

اجفلت لقسوته :
- اسفة

تنهد وهو ينهض آخدا سترة الركوب وسوطه وهو يشير لها بيده
- تفضلي اسبقيني الى الاسطبل

ابتسمت واستدارت ولمحة من الانتصار تغلف عيونها

كان يجدها تتطاول فعلا لكنه يعذرها لانها كبرت في وسط منحرف اصلا لايجب ان ينتظر منها ان تعلم بان لمسة بسيطة هي ليست في محلها بل وسيئة ايضا هي تبدوا لها عادية ولاتطاول فيها
يجهل تماما كيف سيفهمها الا تلمس الا تقوم بتلك الحركات لكنه تراجع عن الفكرة ليس من الجيد ان يتحكم في تصرفاتها فهو لا يريد مشاكل من وراء ظهرها هي الاخرى فافكاره الان في زواجه وعمله الذي يجب ان ينتهي بسرعة





******************



في الدار البيضاء



في المستشفى




كانت الهام منذ حوالي الساعة ونصف في غرفة العمليات
عائلتها تنتظر مرور وقتها بفارغ الصبر مع الكثير من الدعاء
والوالدين اللذان يحبانها يدعوان لها من الصميم لتنهض على خير
كانت في تلك اللحظة بين ايدي الاطباء وروحها معلقة بين يدي الله

بدى الاضطراب على الاخوات اللواتي اجتمعن في مكان الواحدة في حضن الاخرى تستمد منها الصبر والسلوى والصغير يتربع في صدر امه والاب المسكين يصارع الخوف في جوفه تحت غلاف القوة والصلابة المتزعزعة لحظات قاسية هي الانتظار والدعاء من الخالق ان يعيد لنا احباءنا على خير


تعرف عصام في فترة وجيزة على عائلتها واللذين ما ان يدرون بانه احد ممن هم يقفون لمساعدة ابنتهم يدعون له بالخير والشكر
كان عصام قلقا لا يستطيع ان يقف امام غرفة العمليات لانه ببساطة قلق للغاية على الفتاة في الداخل وشعر انه من غير المناسب ان يقوم بدرع المكان جيئة وذهابا هكذا دون اثارة شكهم لدى فضل الخروج الى الحديقة والانتظار هناك

علم انه هنالك من دفع تكاليف عمليتها ليته يلتقيه فقط
لايدري لما حب الحماية لديه تحفز اليها كما لو انها اخته او تعني له شيء اجل بالطبع فهي تحمل قلب اعز شخص كان قد فقده لكنه فقط ولعلمه بان عضوا منها سيساعد شخصا في الحياة وسيحيا هو ايضا في جسدها يشعره ببعض السعادة ويدري لربما ان امه ستسعد وستغفر له انه كان السبب في موت اخته لايريد منهم ان يلوموه لانه ما بقي في نفسه ذرة من القوة ليدافع عن نفسه بل يشعره ذلك باليأس




********************



في منزل الياسمين



وبعد ان احضر يونس القابلة واستأذن من جو الحريم ذاك لعودته الى عمله
ترك القابلة والياسمين تدخلان الى الغرفة التي بقيت جميلة مستلقية فيها وهي شبه نائمة غائبة او تسبح بين عالمين
وكم ارادت ان تبقى هكذا في هذا السكون وهذا الهدوء دونما ان تعود الى ارض الواقع لتتالم مجددا من افعال ذبحتها ونخرتها حتى آخر حد من هود

اقتربت القابلة منها تقول وبحكم تجربتها تبدوا قاسية بعض الشيء لكنها تكون بطبيعة الحال محترفة امرأة ممتلأة الجسم ومحجبة في الخمسينات من عمرها:

- ياسمين هذه هي الفتاة ؟؟؟

قالت الياسمين تومئ:
- اجل انها نائمة على ما اعتقد

قالت القابلة تزيل حجابها وجلبابها
- لاعليك انت ابقي خارجا وانا سأوقضها واقوم بعملي على الا تدخلي الا باذن مني

نظرت الياسمين الى القابلة مبتسمة:
- حسنا سيدتي ساخرج وساذهب لاحضر لك شيء لتأكليه فلابد من ان المشوار من القرية الى هنا اتعبك

قالت المرأة التي تبدوا قمة في النشاط
- حضري لي بعض الشاي لو سمحت واذا موجود شيء من الرغيف لن امانع مع بعض السمن جزاك الله خيرا

تعجبت الياسمين من شهية المرأة لكنها قالت تجيبها:
- طبعا واذا لم يكن حضرته ساخرج الان بالتوفيق ...و..ا..ارجوك رفقا بها انها شابة ولأعلمك فقط هي لم تلد من قبل فلم يمر سوى بضع اسابيع على زواجها..و..

وضعت المرأة كلتا يديها على خصرها:
- هلا خرجت اعرف جيدا عملي يا سيدة واعرف تلك الاشياء فهي امور سهل معرفتها فشكرا لا احتاج لتخبرني

خرجت ياسمين وهي تشعر بالقشعريرة لصوتها تبدوا المرأة قاسية وجلفة تخاف على جميلة منها اتراها ستعرف كيفية التعامل معها
يارب سترك
دخلت ياسمين الى المطبخ حيث وجدت ابنتها تساعد في فصل الجلبان عن قشرته بيديها الصغيرتان اقتربت منها وهي تقبلهما وتقول:
- حفظ ربي لي فدوى تساعدني يا ناس

ضحكت فدوى بصوت خفيف لامها على كلامها
فقالت الجدة يامنة التي تسند كلتا يديها على عصاها برداءها الاسود وعيونها الشبه مغمضة:
- ياسمين كيف حالها هل هي بخير ؟

قالت الياسمين للجدة وهي تطل على الطنجرة فوق النار:
- علمي علمك امي لحد الان لاتزال القابلة عندها وعندما ستنتهي ستناديني ..علي ان احضر لها الشاي وبعض الرغيف ماشاء الله امرأة قوية...اتذكر المرأة التي ساعدتني في الولادة كانت شابة اعني ممرضة ويمكن ان تقولي قابلة ايضا رحمه الله لست ادري كيف احضرها واتذكر انها كانت لطيفة لكن هذه المرأة تبدو جافة في تعاملها يا الله

ضحكت الجدة فسمعت الياسمين اسمها ينادى بصوت مرتفع على لسان جميلة وعلمت انها ولابد لم تتحمل قالت ياسمين:
- فدوى ابقي هنا حبيبتي ولاتأتي الى الداخل ابقي مع جدتك حسنا

اومئت الصغيرة فخرجت من المطبخ متوجهة الى الغرفة التي فتحتها ووجدت ان جميلة منكمشة على نفسها ترفض اقتراب القابلة منها
اقفلت الباب وراءها وهي ترى ان المرأة لم تستطع ان تجاري جميلة لرشاقتها
- ما الذي يحصل يا جميلة ..دعي المرأة تفحصك عزيزتي ارجوك

قالت القابلة :
- ان لم ترد فسأذهب لدي ثلاث حالات ولادة في المساء مستعصية ...ولا استطيع ان ابقى لمدة طويلة

قالت جميلة:
- الياسمين ارجوك اختي لا تدعيها تقترب انا بخير ولست احمل طفلا لا اريدها ان تلمسني بتلك الطريقة

تعرف ان جميلة خجلى ولم تكن متعودة على شيء مماثل لدى فضلت ان تلطف الجو:
- صغيرتي ان احتمل وكنت حاملا مثلا.... اترضين لصغيرك ان يتأدى ؟ دعيها تفحصك ولاتخافي سابقى معك ان شئت

قالت جميلة تهمس لياسمين:
- انها قاسية ارادت ان تخلع عني ثيابي بالقوة

قالت الياسمين للقابلة:
- سيدتي الم اطلب منك ان تعامليها بالراحة "غمزت للقابلة" ستزيل جميلة ملابسها وحدها وانت قومي بعملك ما رايك الان

قالت القابلة
- حسنا انتظر

قالت جميلة لياسمين:
- يمكنني ان ابقى معها لوحدنا لا اريد ازعاجك

ابتسمت الياسمين لجميلة وخرجت تدعو الله في سرها ان تكون جميلة حاملا لانها تريدها ان تعود لزوجها ليس لانها قنطت منها لا بل لانها تدري ان الزوجين يجب ان لايفترقان فشعورها كان مريرا وهي بعيدة عن يونس والان لاتستطيع ان تعيش بدونه رفضت الاعتراف بهذا لكنها تحبه فعلا وقد دخل قلبها من باب كبير وتربع فيه



*********************



في الفندق بافران



كان يقف بكامل ملابسه امام الخزانة المفتوحة على مصرعيها وثريا تقف وراءه وقد ارتدت عبائتها السوداء ايضا
بقيت تنظر الى الحقيبة في الارض والى ملابسها التي توضع فيها باهمال فصرخت بعثمان الغير مبالي كما هي عادته :
- عثمان كلمني ما الذي تفعله الان؟؟؟...لما لانبقى قليلا هنا ؟
يمكنك ان تشتري لنفسك ملابس جديدة وان نمضي شهر العسل الذي لم نقضه كاملا الا باسبوع واحد في فاس من عادتي السفر والتجوال في الصيف لاتسجني

تنهد يرمي ما تبقى من الملابس في الحقيبة وجلس القرفصاء يقفلها وينهض يوقفها معه ايضا
قال لها بعجرفة:
- شهر عسل ؟؟الا تملين من فلسفتك ما هو شهر العسل في نظرك لمن خلق في الأصل لو انت امراة شريفة في الاصل لما كنت تركتك سجينة في القصر

تجمدة اوردتها وجرحتها كلماته العقيمة:
- انت انسان اناني... اتيت لتاخد مني ماخدك وتقوم بنعثي هكذا...متى سيرحمني الله منك

قال يقترب وهو يعصر لها كتفها :
- يرحمك مني ...ما الذي رايتني افعله لك ..هل اذيقك من العار الذي الحقته بي؟
ما الذي سيظنه بي اهلي الان؟
زوجها تركها تذهب وحيدة الى افران اذن زوجته تتحكم في تصرفاته ...لعلمك فقط ليس لتلك اللحظات بيننا ان تشفي شيء كوني عاقلة الان فقط سانزل بك عقابي وليعلم الجميع من في القصر انك لم تطيعي كلامي فارسلتك الى
طنجة"مدينة في شمال المغرب تطل على البحر الابيض المتوسط"
الى عمتك هناك علك تستوعبين مدى الدفئ الذي اضيعه من اجلك

نفض ذراعها المتألمة بقوة حتى كادت تقع من طولها
ارتجفت وترقرقت الدموع في عيونها وعادت لتجلس على السرير وهو يقترب من الهاتف دون ان يوليها اهتماما ليتصل بالاستقبال ويدفع الفاتورة ويطلب منهم ان يجهزوا السيارة التي اتت بها من القصر
اقفل الهاتف
سمع صوتها في الحمام بحيث كانت تستفرغ ما في بطنها اسرع بدون وعي اليها ليجدها منحنية تغسل وجهها الذي اصبح احمر من مرضها
اقترب منها وقلبه في صدره يتوجع لحالها ويموت خوفا ان يحصل لها اي مكروه
تناقض في الافكار والافعال

وقف وراءها يميل عليها بحيث رفع شعرها المبتل بالماءوهو يقول بقلق:
- ما بك ثريا هل انت مريضة؟

كانت مريضة فعلا لكن المرض الاكبر يكمن في فؤادها المتأذي من كلامه
وشعرت بالحقارة بعد نومها واياه انبثرت من بين ذراعيه ومشت الى حيث حجابها وهي تقول:
- دعني وشاني مادمت تكرهني فلا دخل لك بمرضي

قال وهو يعيد اقترابه منها لينظر الى ملامحها بين يديه:
- مابك ان كنت مريضة اخدتك الى الدكتورة

نفضت يديه بقسوة تقترب من المرآة لتضع حجابها على وجهها مع النقاب:
- خدني الى عمتي كما قلت وآسفة منذ اليوم لم يعد هناك حديث مر بيننا اكتفيت منك
فقد تجرعة السم وانتقمت لنفسك فكفى ..
اتسمع كفى لااريد لهذا الزواج ان يبقى ...
التفتت له لتنظر اليه يتنهد وهو ينظر اليها ونظرة غريبة تتماوج في عيونه....
-اقسم يا عثمان عندما ساذهب عند عمتي سابقى عندها الى ان ترسل لي بريقة طلاقي هل فهمتني

كان الجرح في الصدور مشترك لاهي تتكلم بما تريد ولا هو يريد ان يحارب من اجل استعادتها لاشيء غير العناد المفضي الى انهار مظلمة من الحزن
قال :
لست المرأة التي تستحق ان يحارب المرئ من اجلها....فلا انت ممن احتفضوا بشرفهم ولا انت ممن احترموا اهلهم....

قاطعته شاحبة فكلامه هذا ما يزيد دمارها:
- ساريك الان لما جئت لما انا هنا يا عثمان
اقتربت من المنضدة الصغيرة وجدبت المجر بحيث اخرجت منه مغلفا كبيرا يحتوي اوراق الطبيبة التي كشفت عليها بعد الحادثة

- خد انظر اليها علك تعرف انني لم افقد عذريتي الا بحادث ولم يلمسني احد وانني فعلا شريفة

نظر اليها لدقائق قبل ان يفتح الظرف وهو شبه تائه عن مايقرأه
وبين السطور لمح ما علم انه الشهادة بانها فقدت العذرية اتر الحادثة

لوهلة شعر وكان قلبه ينار بإنارة بيضاء تطرد افكار الظلام المستوطنة لكيانه لكن الشيطان لايحب ان يترك فرصا للبشر في التصالح ففكر انها لربما اقامت علاقة بعد الحادثة بسهولة فماذا تفسر تجاوبها معك وغنجها في بداية الزواج
رمى الاوراق على صدرها والغضب للفكرة يكاد يفنيه

بينما هي صدمتها طريقته تلك حتى انها مهما منعت دموعها من الانهمار انهمرت وارتجفت ونزلت الى الاوراق تجمعها وتضعها في المغلف وبدون ان تنظر اليه تخطت مكان وقوفه ضامة الاوراق الى صدرها وخرجت من الغرفة

سب ولعن وكاد يدمر الغرفة ومافيها زيادة على المائدة التي قلبها في الصباح
شعر بنفسه تتداعى كليا لا ارادة تحفزه على استرجاعها وكبرياءه سيد المواقف صاحب اللجام فكلما فكر في انها قلبه والهواء الذي يتنفسه وانه لايريد اكثر منها على صدره تتفكك الصورة الى الماضي لترسل اليه موجات عذاب لاتقهر
امسك الحقيبة وقد تغلف من وجهه الى اخمص قدميه ببرود جامد لايتزعزع وخرج من الغرفة لكي يلحقها ببطئ لايظهر اي اهتمام بمكان وجودها الان في الاسفل



نزلت شبه مغشي عليها ووصلت الى باب الفندق تنزل درجاته الى العامل الذي اعطاها المفاتيح وركبتها في الخلف فآخر شيء تريده ان تكون قرب رجل بات هو الظلمة الحالكة السواد في حياتها اي الظلم الاجحاف الانانية الاستغلال وانتظرته ولم تنتظره
بل اقفلت عيونها الى ان سمعت الباب الخلفي للسيارة يغلق على الحقيبة وبعدها باب السيارة خلف المقود يغلق بعنف حتى انها اجفلت لكنها لم تتحرك تنتظر ان يكلمها في اية لحظة لكن ولا اعطاها اهمية ابدا كما لو انها غير موجودة
وبما انه يعرف اين تقيم عمتها لم يسألها عن عنوانها
في طنجة في جبال رائعة امرأة اخدت من جمال ثريا واب ثريا العيون والشعر الاحمر وشيء اخر لم يرثه احد في عائلتها وهو خامة صوتية رائعة عريقة بشدو الاغاني الاندلسية بشكل ساحر







*****************



في منزل الياسمين



بعد خروج القابلة التي اكلت حتى اثخمت
بقيت الياسمين في غرفة جميلة قليلا تواسيها فما ان علمت من القابلة انها حامل حتى بدأت غصبا عنها تبكي بكل حرقتها

قالت جميلة توجه وجهها الى الياسمين التي تجلس قربها على السرير:
- كيف لي الان ان اتحمل طفلا كيف؟؟؟
انا اموت حزنا مما اصابني مع هود وتريدينني ان احتفظ به حسنا لااستطيع


قالت الياسمين تمرر اصابعها على شعرها:
- ستعودين الى زوجك هذا هو الحل انت لاتريدين ان تذهبي الى جهنم بسبب قتل روح بريئة ولاتستطيعين ان تبقي على هذا الحال لان الطفل ان لم يعش مع ابيه فلن يسامحك يا جميلة كوني واثقة

بدت جميلة يائسة هي لاتريد ان تعود فهي تعلم انها تحبه تحب هود كثيرا بل لقد اصبح دمها وهواءها وكل شريان فيها ينبض بات يرفض التخلي عن صورته وان حصل ولمسها فقد تفقد السيطرة على نفسها وتدل نفسها تحت رحمة حبه وهي لاتريد ان يمسها مطلقا

قال ياسمين:
- كفي عن تعذيب دماغك بالتفكير ستنقلين الغم للصغير والدموع له ولن تنامي الليل فقط لانه سيبكي كما تفعلين انت الان لاتديقيه الحزن والمرارة والا سيكبر في بطنك ضعيفا عزيزتي ارجوك لاجل الله لوجهه الجميل ارجوك تخلي عن عنادك وعودي اليه فعلى ما حكيت لي انه يحبك

قالت بشبه صرخة:
- لا ...هو لو كان يحبني فعلا لما خدعني واستغلني سلاحا ضد اعدائه

قالت ياسمين:
- الم تقولي انه كان مراهقا ولديه ام الم تكوني انت لتضحي ب...باي شيء اي شيء في وقت اغلقت كل الابواب في وجهك من اجل عائلتك بالله عليك لاتقولي لي لا....حاولي ان تتفهميه فقط استمعي له الان يمكنك فقط ان تعيشي معه من اجل ابنك ضحي كما ضحى وكما يضحي الكل يا جميلة هذا واجب كل ام

مسحت جميلة دموعها:
- من اجل ابني فقط ....من اجل بني ومن اجل ربي سافعل ذلك لكن لن يحلم بان يلمسني لن امانع ان تزوج حتى فعندها ...عندها ساخد طفلي واذهب

- المهم الان انك وافقت واتمنى من الله ان يبرد النفوس وان يصلح الوضع بينكما في المستقبل ساذهب لاحضر لك بعض الطعام ولاتتحركي

كان من دواع سرور ياسمين ان تعتني بها وتحضر لها من الاكل ما سيفيدها ووعدتها بان تزورها على الدوام لكي تاتيها باكل شهي ينفع الحوامل في شهورهم جميعها




*****************



في المساء




بطنجة في مدينة تترسخ عليها جبال عظيمة رائعة على البحر الابيض المتوسط
ولم ياثر ابدا هذا الجمال في عثمان الذي غرق في بحر من الافكار المجنونة حتى انه بات يتمنى لو ان هته السيارة تقف تتعطل لكي لا يكملا الطريق لكي تبقى قريبة منه فللاسف قد شغلت قسما كبيرا من روحه فبعد لقاءهما علم انه لايوجد غيرها من يرضيه و....
لكن الكبرياء اللعين لايحتمل ...يرفض التعاطي مع اي نوع من العواطف بل ويعذبه لكي يبقى رافع الراس بشموخ وكانها امراة كايها نساء تشبه الكثيرات ويمكنه ان يطلقها ويتزوج اخرى بسهولة

اما هي فقد كانت صورة الاوراق وهي بين يديه تعذبها
الهذه الدرجة يمقتها الم يفكر في اعتذار يمحي من قلبها غمامة الحزن الثقيلة
الم يشعر بانها بشر وان يستغلها في لحظات ضعفه كرجل تشعرها بالحقارة
فما ان ينتهي منها حتى يبتعد عنها بقساوة وكانها عاهرة
اتته بالدليل امام عينيه ولم يعتذر لما رفضت ان تعيد قرائة الاوراق او تحريكها من حيث ضمتها على صدرها فلم ترضى لنفسها مذلة اخرى تنتظر ان تصل والا تراه مجددا وان تنسى انه هناك رجل مثله مر في حياتها او شاركته احلامها في الخفاء وامنياتها باولاد يترعرعون في دفئهما
كم تخيلت صبيا في شهوره الاولى تجلسه بينهما في جو حميم هي الحمقاء التي ظنت ان رجلا بدويا خشنا مثله فضا سيلين لها
اجل فهو لن يلين الا لصاحبة الشرف والنبالة والاخلاق
الهام
هه ياترى كان يخطط لفعلته هته وهي الغبية ساهمة في العشق والهوى اتراه يريد الزواج منها فعلا والطلاق منك يا ثريا بسرعة
افكارها لم تنقطع طيل المسافة التي اتخداها الى طنجة وهاهما لم يبقى سوى لحظات على صلاة المغرب وسيصلان الى عمتها الحبيبة اخت والدها المتوفى والتي لم ترها منذ سنين مضت تعلم انها امراة وقور رغم مهنتها كمغنية للأندلسي الا انها شريفة ومحترمة


عند وصول السيارة الى فوق طريق صغير في تل كبير يقع عليه بيوت كثيرة مطلية بالازرق الفاتح
اوقف عثمان سيارته بقوة حتى سمع صرير المكابح مثيرا صوت العجلات على الارض خرج عثمان يقفل الباب وراءه بقوة اهتزت لها مرة اخرى ثريا ولم تنتظر ان يفتح لها الباب بل استغلت دقيقة وقوفه وراء السيارة لتصعد التلة التي يظهر منها بيت عمتها في بداية البيوت الرائعة
ناداها يقول :
- ثريا توقفي لن تصعدي وتلك الاوراق في يدك

لم تجبه بل تجاهلته تصعد والتعب يفتك بها
صعد بخطوات واسعة الى ان وصل امامها ليهزها يعنف وينظر الى وجهها الجامد من اية ملامح قد تفضي له بما تخبئه من مشاعر

- عندما اناديك لاتتجاهليني

عبرت عيونها وجهه الى صدره وتنحت عنها ببطئ تكمل طريقها

شعر بالبأس انه يكاد يختنق
عاد الى حيث ترك الحقيبة وتبعها يصعد الى ان توقفت ثريا امام البيت المطلي زرقة ورنت الجرس تتمنى من اعماق قلبها ان تكون عمتها هنا فهي لاتريد سوى الاختباء والبكاء حرقة مما فعله بها ومن نهاية هته العلاقة المشؤومة

فتح الباب وسمعت اناشيد عن الرسول الحبيب وآلة الدف تهدي نغماتها متمازجة مع الكلمات ونظرت ثريا الى عمتها التي فتحت الباب مرتدية قفطان وقبعة رائعة على شكل مثلث مزين بجمالية تبهر العين التقت العيون الرمادية مع بعضها بعضا
ولم تحتج عمتها الى ان تطلب منها نزع النقاب فعيون ثريا ذكرتها باخيها تذكرها فيه تماما
ضمتها عمتها بحرارة تقبلها

- يا ابنة الغالي كيف حالك يا حبيبتي ثريا عزيزتي اليس كذلك اعرفك صغيرتي
كادت الدموع تفر من طيبوبة قلبها وجاهدت ثريا في عدم السقوط حالا بين ذراعيها

وراءها كان عثمان ينظر اليهما يشعر بالاسى يتملكه انه سيعود فارغ الوفاض لايريد مالا ولاجاها
بل يريدها هي
كم يريد ان يسمع صوتها وان ينعم بدفئها يشعر انه ينسلخ منها بقساوة
يعشقها وقد ادرك ذلك يموت عشقا فيها وفي سحرها الخاص الذي وهبته له
لكن لما لايستطيع ان يثق بها
لانه يخاف ان تكون المخادعة المنتصرة في القصة
لم يحبد ان يرى زوجته تقطن عند هذه العمة التي تتخد من الغناء مورد عيش لها لكنه رفض ان يبدي ادنى اهتمام بينهما
سمع عثمان صوت حبيبة قلبه الذي هزه الضعف فيه

- انها انا عمتي غريب كيف عرفتني رغم انني لم ازل نقابي لقد اشتقت لك لم ارك منذ زمن طويل

قالت العمة تلاحظ الرجل وراءها:
- ليس بوقت طويل ازيد من 6 سنوات لكني اتذكر احبائي لم اعرف انك تنقبت على فكرة عيونك تشبه اباك رحمه الله ...هل السيد زوجك؟

اومئت ثريا دون ان تلتفت اليه فقالت عمتها:
- اهلا بك بني سعدت انا بلقاءك

- اشكرك سيدتي ساترك حقيبتها الى ان تحمليها من فضلك ساذهب فلايزال مشوار طويل ينتظرني الى البيضاء شكرا لك سيدتي

دخلت ثريا ولم تمنع نفسها من النظر الى عثمان الذي اخد ينزل التلة برشاقة نحو السيارة ونظر اليها بالمثل لكنها ابتعدت لان قلبها هدد بالانفجار في اية لحظة
لم تكن العمة تدري ما يحصل لكن بدى لها انه لاوفاق بين الزوجين لدى اخدت الحقيبة ووضعتها في غرفة فارغة تستعملها صديقاتها اللواتي تزرنها في المناسبات
ولم تبخل على نفسها بتعريف النسوة اللواتي تشدون بابنة اخيها الميت وابهرن بجمالها عندما ازالت نقابها ولاحظن الشبه الكبير بينهما

صعدت ثريا وراء عمتها التي اهدتها من الراحة ما كانت في حاجته لم تثقل عليها بالاسئلة بل سألتها فقط عن الطعام فردت ثريا بانها لاتريد
وبذلك خرجت وتركتها بائسة غائرة تحت شمس المساء البرتقالية القانية التي اخترقت الزجاج للغرفة الصغيرة اتكات عليه و انتحبت بصوت يكسر الفؤاد القاسي في بكاء مرير لم تستطع ان تتمكن من مقاومته

وعمتها فكرت انه من الافضل تركها وحدها رغم فضولها حول حضورها الى هنا بهته الطريقة فلابد ان هنالك امرا ما يزعجها لكنها قررت ان تسالها في الغد




*****************




في الدار البيضاء



بعد وصول عثمان متاخرا في تلك الليلة الى المستشفى
علم من الطبيب ان المريضة قد خرجت من العملية بسلام وانها في غرفة العناية المركزة لدى قرر ان يعود في الصباح فتعبه النفسي اثر جليا على جسده رغم صلابته الا انه كان يبدوا انه فعلا يحتاج الى الراحة والنوم
لكن كيف به ان ينام

في غرفته لم يستطع ان يستحم بل رفض كليا ان ينهض من سريره الذي تحمل ثقل جسده
يفكر في حياته الهذه الدرجة هو غريب عنها وهي غريبة عنه
اتته بدليل يتبت انها عذراء لكن من سيثبت انها لم تعاشر شخصا مهما كان قبله اليس هو المظلوم في هذا كله
لما لاتفهمه لما تتشبت بدفاعها عن نفسها وتنسى انه رجل
وان كان الرجل لايعاب فهو يعاب في شيء واحد شرفه
دنست هي شرفه وتحمل ذلك بكل عنفوان وتباث ولم يرتكب فعلا احمق في حقها اجل كان يحاول ايصال الجرح الذي استقر في صميمه لها عبر كلماته تلك
وكان بذلك يجرحها ويدمي جرحه ايضا يعيشان في عذاب لن ينتهي واذا ما بقيا مع بعضهما اكثر فسينتهي الامر بان يكشف ما هو مستتر
ولايريد من احد ان يعلم لانه يخاف على ماء وجهه
لقد وافق على فكرة الطلاق وانتهى الامر وسيغلق على هذا القلب ويرمي المفتاح في فوهة مظلمة ولن تستطيع امراة بعدها ان تفتحه وتسبر اغواره ففي تلك اللحظة لن تجد سوى ثريا صاحبة العيون التي تذبحه





في صباح اليوم التالي



دخل عثمان المصعد المأدي الى فوق في المستشفى ببذلته البنية الصيفية الراقية وساعته الذهبية السواتش
لكن ما كان مذهلا انه تخلى عن خاتمه الفضي في يده اليسرى فقد بات كارها لذكراها بقدر ما هو يشتاق اليها بوجع ومرارة
انفتح المصعد وخرج منه رأسا الى غرفة العناية المركزة هناك وجد عائلة الهام البعض منهم جالس والبعض الاخر ينظر اليها من زجاج الغرفة

تقدم عثمان من مكان وقوفهم ليقترب من الاب ويقبل راسه مسلما:
- السلام عليكم كيف الاحوال ؟

قال الرجل الكهل خجلا من اهتمام الرجل:
- بخير بني الحمد لله انها بخير هكذا قال الدكتور

قال عثمان ينظر الى جسدها الغائب في الغرفة:
- الامر طبيعي فهي في حالة تخدير لايزال حالها غير مستقر عليهم التاكد من انها لن تعاني من مضاعفات جراء القلب في جسدها وهل سيلائمها تماما امور تخص الطب لن نتمكن من زيارتها الى ان تعافى كليا

قال الاب المسكين :
- اتمنى يا بني ان تتعافى فعلا دعوة راجيا من الله معالجتها انها فلدة كبد يا ابني ستجرب ذلك وتفهمني

اصابه العجوز بكلامه في الصميم كما لو غرس في قلبه سهما قويا
طفل يعلم ان الرجل لم يتكلم بسوء لكن فكرة الطفل آلمته
لربما الان فقط في الفكرة احس بلهفة الى طفل

فكر كثيرا انه عندما سيخبر عائلته بفكرة الطلاق انه فعلا لن يمر الموضوع عليهم مرور الكرام وسيأثر كثيرا على انفسهم لايستطيع سوى ان يظهر انه لا يحبها وهي لاتحبه ولم يتوافقا
قد يحاول ان يذكر لهم فكرة ان العالم تطور رغم تناقض الفكرة مع مبادئه وهو يعلم انه ابغض الحلال عند الله الطلاق
الا انه في حالته العويصة لايوجد حل مجد سوى الطلاق وان يمضي كل في حال سبيله
وعد نفسه انه سيشرح لجده العنيد كل شيء ويعلم انه من اراد هذا الزواج
هما لم يتفاهما وهذا فقط سبب انه لكل منهما نظرته للحياة
يدري ان الامر صعب وقد ينتهي برفض قوي من اطراف العائلة لكن سينتظر لمدة وحسب وبعدها يطلق الخبر لهم وليتقبلوه كما شاؤوا فالقرار الاول والاخير له ولثريا


سمع عثمان وقع اقدام يتوجه نحوهم وسمع رجلا يسلم على افراد العائلة فتسائل من يكن عندما استدار قابله صاحب الطول الذي يوازيه عصام قال وهو يتذكره:
- انت عصام اليس كذلك؟؟

نظر الشاب الى عثمان وابتسم لرؤيته لكنه لم يتسائل عن سبب وجوده هنا:
- اجل عثمان ....كيف حالك اخي؟؟

تصافحا فرد عثمان :
- بخير لكن ما الذي جاء بك هل لديك مريض ما في المستشفى

قال عصام ينظر الى ما وراء كتف عثمان الى غرفة العناية:
- اجل الانسة الهام

قطب عثمان فهو لحد الان لايفهم كيف تعرفت على هذا الرجل الذي يدري انه اتى من اسبانية في الحقيقة شعر بانه لايستطيع ان يربط بين الامور:
- لكن لما هل تعرفان بعضكما؟

قال عصام ينظر الى العائلة التي جلست مجتمعة وراءه واقترب منه يقول:
- هلا ذهبنا الى الكافيتيريا ان كانت موجودة هنا وساخبرك بالتفاصيل

قال عثمان يحتاج ليفهم فعلا:
- تفضل سادلك عليها

ذخل الرجلان الى المقهى الصغير في المستشفى واتخد كل منهما مكانا له بحيث طلب كل منهما قهوة مرة فهما يحتاجها بالفعل لها

بادر عصام بالكلام:
- تتذكر انني سبق وقلت انني اتيت لدفن اختي؟؟

قال عثمان :
- اجل لكن ما علاقة الامر؟؟

قال عصام وكانه وجد اخيرا جوابا على سؤاله:
- انت عثمان من دفع ثمن العملية؟؟

قال عثمان :
- اجل انا ....ارتشف من قهوته ...لكن لحد الان لم تجبني

قال عصام يرجع ظهره العريض على الكرسي:
- انا في الحقيقة تبرعت بقلب اختي للانسة الهام

ذهل عثمان للحظات وشعر بعد ذلك بان الرجل امامه لشجاع لفعل شيء مماثل:
- لكن يا عصام اليس من الصعب فعل ذلك التبرع امر قاس الا تشعر بالالم لتبرعك بقلبها؟


قال عصام ينظر الى الحديقة من النافذة بجانبه:
- لا ...بل بالسلوى هذا هو التعبير الصحيح امر كهذا يسعدني ويشعرني ان اختي لاتزال بيننا رحمها الله

قال عثمان مقطبا:
- تجدني لااستطيع تقبل ذلك رغم التطورات في الطب لكن عندي ايمان ان الجثة عليها ان تدخل القبر كاملة لكن ان تشعر ببعض السلوى عن موتها فلن الومك لم افقد شخصا عزيزا علي من قبل ....لا بل فقدته لكن ليس بالموت ولا استطيع سوى ان اقول انك شجاع لفعل كهذا انقاد روح لشيء جيد ....انت اذن لاتعرف الانسة الهام؟

قال عصام ينظر اليه :
- لا بل تعرفت عليها فقط قبل العملية..وانت هل انت خطيبها ...او زوجها؟

قال عثمان يحرك راسه بشموخ:
- كنا من قبل خطيبين لكن لم يدم الامر لفترة وجيزة فقط
امر المرض اعاقها لكني انا الان متزوج بامرأة اخرى ...
""لاحظ النظرة المتسائلة في عينيه""
....اساعدها لانها زميلة لي في العمل كاستاذة في القرية وايضا لان عائلتها معوزة لم استطع تركها تموت بتلك الطريقة

فهم عصام الان الامر واحس بالراحة لانه ليس زوجها فهذا سيساعده على اخدها الى اسبانيا دونما عراقيل

قال عصام بتردد:
- عرضت عليها ان تمضي مع امي واختي في اسبانيا فترة نقاهة وايضا اريد بذلك اسعاد امي بان قلب ابنتها الصغرى انقد فتاة من الموت احب امي كثيرا ...واعاني من معاناتها منذ ان تخلى والدي عنها اريد اسعادها حقا هذا ما اريد


شعر عثمان ببعض التحفظ لايستطيع ان يمنعها ان هي وافقت لكن ان تسافر مع رجل وهي ليست متزوجة منه امر سيء :
- اعتبرني ايضا موافق على سفرها معك لكن بشرط فهي الان بالنسبة لي كاخت ....ساذهب معكم الى بلدك لاتأكد من انها فعلا ستكون بخير فوالدها يودعها امانة في رقبتي اتمنى ان تكون قد فهمتني حضرتك

قال عصام موافقا:
- حسنا لايوجد لدي اية مشكلة يمكنك الاطمئنان عليها وفي نهاية العطلة اعني عندما يبدا الموسم الدراسي يمكنك ان تأتي وتاخدها من بيتنا
فقط اتمنى ان يسعد وجودها امي
احتاج فعلا اليها هناك من اجل عائلتي

تفهم عثمان وضع الرجل فوضعه معقد وحرج ان يحاول جاهدا كسب محبة اهله امر صعب وبكل هته التضحيات لابد من انه يعاني لدى وافق على الامر فإلهام فتاة مهذبة ومتخلقة وقبل اي شيء واعية لافعالها ويثق في انها لن تجرح عائلتها ومن يحبونها
وان هذا الرجل امامه يستحق فرصة لاحياء علاقة ود قوية مع عائلته






********************



بعد اربعة ايام



خرجت هند من منزلها هي وابن عمتها ايوب في نزهة صباحية تروي الدم انتعاشا في هذا الصباح المبهر
كانا قد انتهيا من افطارهما مع والدها وامها وقررا ان يتمشيا في الخارج
اقتربت هند من كلب الصيد لديهم وفكت وثاقه لتاخده معهم في نزهتها

قال ايوب في طريقهما :
- هذا الكلب لايستحق هذه المعاملة

التفتت هند متعجبة تعقد حواجبها:
- ولما في نظرك لايستحقها
انه كلب وفيّ
قالتها وهي تلاعبه

رد ايوب:
- لايبدوا عليه انه يحبني فعندما لاتكونين يبدأ في النباح وكانني لص

ضحكت هند:
- هههه لابد من انك توحي له بذلك ملابسك وهيأتك لاتطمئن ههههه

اردف هو بتفاخر:
- مابها ملابسي تكسر جو البادية بعصرنة رائعة ومتقنة

ضحكت تستهزء:

- هههه اه اه يبدو ذلك فعلا عصرنة ....ايوب لحد الان لم تحكي لي شيء عن وضعكم هناك الاتزال في وضع جيد بعد المضاهرة التي قمتم بها

قال وقد كسى ملامحه الجد:
- جيدة لقد اعتقلوا الشابين المتورطين في مقتل صديقي لكن لايزال الحكم مأجلا الى تاريخ قريب

قالت تحول رسن الكلب في اليد الاخرى:
- مسكين الفتى الذي مات رحمه الله ومسكين انت ايضا الذي تحملت وضعا كذاك

اردف ايوب بشجن غير ظاهر :
- الحمد لله على كل حال المهم ان يعاقب الفاعل هذا هو الاهم...وانت لحد الان كتومة استطعت بسرعة ان تلفي شباكك على ذلك الرجل لست سهلة والله

ضربته على كتفه:
- قل ماشاء الله الاتدري انه هو من اراد ان يتزوجني ولست انا فماكان مني الا ان وافقت ومن لن يوافق عليه
رجل بمعنى الكلمة شهم ولطيف ايضا

- اهااااا لطيف ساحسدك وابحث لنفسي عن زوجة في القريب العاجل

قالت تفغر بفمها:
- اوه غريب لم اعلم انك تنوي الزواج لكنت دبرت لك احداهن ....تدري شيء..؟ هناك شخصية جديدة تقطن قصر المنصور حاليا

سالها بفضول :
- ومن هي هذه الشخصية ؟

قالت تجيبه بتنهيدة :
- تدعى جولييت فرنسية لست ادري من اين خرجت لي هته ايضا؟؟
اتعلم انها توحي بالاغراء طيلة الوقت؟؟
قد نذهب الى مكتب عبدو واعرفك عليها عساك تخبرني بما افعله لاقوم بابعادها عنه لااشعر في حضورها باية راحة

ضحك ايوب يخرج شيء على شكل كرة بيزبول مصغرة واخذ يضغطها بيده:
- مسكينة ابنة خالي تغارين من اجنبية اتعلمين انه لذلك الرجل شخصية وان هو اختارك فليس عبثا كوني متأكدة و....

شعر بالكلب في الاسفل ينهش الكرة من يده فترك الكرة صارخا
فكان من دور هند الا ان تضحك على موقف ابن عمتها وهو خائف منه بتلك الطريقة تظاهر بانه قوي في النهاية لم يرضى ان يظهر غبيا امامها فشاركها الابتسام

كانت هند مراقبة في هته الاثناء فلم يجافي هود النوم هته الايام وزوجته بعيدة عنه بات الان يتحرق شوقا لافشاء السر لهته الفتاة امامه الممسكة بكلبها عل الامر يصلح بينه وبين زوجته ويكفر عنه ذنبه




*********************




في القصر



في جناح عبير وسعيد


خرجت عبير من الحمام تلف نفسها في منشفة كبيرة وراسها بالمثل لتجد زوجها يجلس على السرير منهمكا في ارتداء حذاءه عندما لمحها اطلق تصفيرة اعجاب لما ظهر امامه ذهبت الى المنضدة حيث جلست وحررت شعرها تبتسم على هبله فكلما رآها متجملة او في اي رداء كان يجعلها تخجل بكثرة تصفيرات الاعجاب التي تطلقها شفاهه
نهض يقترب من مكانها وقبل راسها ينظر اليها باعجاب

- هل تنوين بقائي قربك يا حوريتي

قالت تضحك:
- هيا سعيد الى عملك
كفاك مزاحا اليوم لدي عمل في هذا الجناح يجب ان انظفه جيدا عزيزي فلا يجب ان تبقى
احب دائما ان اقوم بالتنظيف وحدي

قال يجلس القرفصاء وبما انه فارع الطول فقد بقي راسه قريبا من كتفها
- لاانت من تمزحين عروس في اوائل ايام زواجها تنظف
على الخادمة في الاسفل فعل هذا

قالت عبير تحرك راسها بعناد:
- بل انا من سينظفه جننت انت لا اريد لأحد ان يطلع عن اسراري فجناحي هو بيتي...اعني بيتنا فيه اسرارنا ولن تدخله امي حتى
آسفة عزيزي لكني احب العمل واجد في الراحة الخمول

قال يضحك ويقف:
- يوما عن يوم اكتشف فيك اشياء تسلب العقل
شعر بلفح ريح دافئ عن غير عادة اقترب من الشرفة يغلق النافذة ويعود اليها ناظرا بعد ذلك الى السماء:
- اليوم منذر بعاصفة السماء حمراء لربما قد تمطر

قالت عبير تشهق بعجب:
- في الصيف ؟

قال يحمل كرسيا ليجلس قربها ويراقبها في مراحل تزيينها البسيط:
- لربما قد تمطر والله اعلم لكن المطر في هذا الفصل قد يفسد لنا المحاصيل نحمد الله ان لدينا اماكن نخزن فيها المحصول ضد هذه الضواهر

استدار الى النافذة وقال بانتصار :
- الم اقل لك لقد بدأت بالامطار علي الذهاب

ابتسمت له وهي ترد:
- على حبيبي ان يعمل في الارصاد الجوية هههه

قال يغضن جبينه ويقترب منها يرفع راسها :
- تضحكين ...اعني هكذا تصبحين جميلة قبل خدها وانصرف يشدو

ضحكت لكن قبل ان يصل الى باب الجناح تبعته

- سعيد ما الذي تريد ان احضره لك في الغذاء

اجابها:
- ليس مهما المهم ان ياتيني بالطعام انت لاغيرك باي ...على فكرة سارسل لك عربة بحصان فلااريد ان يحصل لك اي مانع في الطريق بالسيارة

ابتسمت له ولحنانه عليها واقتربت من المنضدة وهي تسبح لله وتذكر دعاء الرعد الذي بدأ يصدح في السماء


كان المطر يهطل بكثافة ويصحوا مرة اخرى كما نقول السماء تتوجع في مثل ذاك الجو
ارتدت حذاء جلديا يمنع تسرب الماء الى قدميها وسروال مع سترة طويلة رياضية خضراء قاتمة ونزلت بسلة الطعام الى العربة وصعدتها بحذر لتجلس عليها وقد كانت تظللها من فوق
وقد عاد المطر في الهطول ثانية
اعجبها الجو لدرجة انها بدأت تشكر سعيد لانه ارسل لها هته العربة الرائعة فالآن فقط تستطيع التمتع برحلتها الى الاراضي

كان الجو احمر تقريبا فالسماء غيومها حمراء والتراب في الارض اصبح مبللا
ونسيم بارد قليلا يلفح خياشيمها
كما رائحة التراب تعبق بالكون اثارها الجو كثيرا وبدى لها انها فعلا الان تعيش ولايوجد شيء اجمل من الطبيعة التي خلق فيها الانسان

توقفت العربة لحظة فسالت عبير السائق :
- ما الذي يحصل ؟؟

قال الرجل :
- هناك جدوع شجر ساحركها بسرعة ونتحرك

امومئت براسها بالايجاب وجلست والسلة في يدها
وفي لحظت سريعة شعرت بشخص يجلس قربها على العربة
التفتت خائفة وهي تنظر الى امرأة لاينقصها الجمال ولا الاناقة

فقالت عبير مخنوقة من الخوف تكاد تصرخ على السائق:
- من انت يا هذه...؟ انزلي والا ناديت سائقي؟

قالت المرأة التي حدجتها بنظرات محتقرة:
- انت اذن هي من كان لها الشرف في اخده مني لاتخافي انا لا آكل البشر اتيتك فقط لاتحدث معك قليلا

ردت عبير ونفس الهواجس في نفسها تبعث فيها الخوف:
- وما الذي تريدينه اختي

قالت المرأة:
- اولا انا اسمي سميرة وما اريده اخدته لكن هذا لايمنعني من سرد بعض الحقائق عليك صغيرتي البريئة



يتبع.............











الجزء الواحد والعشرون



ان شاء الله


توقفت العربة لحظة فسالت عبير السائق :
- ما الذي يحصل ؟؟

قال الرجل :
- هناك جدوع شجر ساحركها بسرعة ونتحرك

امومئت براسها بالايجاب وجلست والسلة في يدها
وفي لحظت سريعة شعرت بشخص يجلس قربها على العربة
التفتت خائفة وهي تنظر الى امرأة لاينقصها الجمال ولا الاناقة

فقالت عبير مخنوقة من الخوف تكاد تصرخ على السائق:
- من انت يا هذه...؟ انزلي والا ناديت سائقي؟

قالت المرأة التي حدجتها بنظرات محتقرة:
- انت اذن هي من كان لها الشرف في اخده مني لاتخافي انا لا آكل البشر اتيتك فقط لاتحدث معك قليلا

ردت عبير ونفس الهواجس في نفسها تبعث فيها الخوف:
- وما الذي تريدينه اختي

قالت المرأة:
- اولا انا اسمي سميرة وما اريده اخدته لكن هذا لايمنعني من سرد بعض الحقائق عليك صغيرتي البريئة

واردفت تنظر الى السائق في الاسفل اللذي انتبه اليها :
- اتمنى فعلا ان تستمعي الي وان تطلبي من سائقك ان يبتعد لبرهة

شعرت عبير بالضياع لم تكن تريد ان يذهب السائق فلادراية لها باناس لم تخالطهم قط ارادت الان بالذات زوجها لتحتمي قربه

قالت سميرة تظهر نفاذ صبرها بتعجرف:
- هيا هل سابقى اليوم كله وانا انتظر؟

نادت عبير على السائق واخبرته ان يبقى بعيدا قليلا لان لديها حديثا مع تلك المرأة
فاومئ الرجل رغم عدم ارتياحه للتي قربها لكنه فضل ان يسمع الاوامر

نطقت عبير بحذر:
- ماذا تريدين مني انا لاافهم ما الذي تسعين لتحقيقه يا سيدة سميرة من تكلمك معي؟

قالت سميرة وهي مغتاضة لكن تخفي ذلك تحت ابتسامتها بدهاء وتفجر غيضها في القادم من كلام:
- شيء اشتركنا فيه نحن الاتنتان ...لا ليس شيء بل هو رجل... سعيد

تجمد الدم في عروق عبير وشعرت كما لو ان الحرارة اشتدت مع بزوغ الشمس من خلف السحب وبدأ العرق ينضج تحت ثيابها وكأنما سميرة قامت بالشد على جميع اوتارها بذكر اسمه :
- عفوا... ماذا ذكرت... للتو؟

قالت سمير تجيبها ولم تزح نظرها منها متفحصة اياها:
- كما سمعت ...للاسف لست ادري ما اعجبه فيك تدرين انه رغم زواجه بك لازال وفيا لي حيث ان الكوخ في حدود المزرعة يجمعنا في سهرات حميمة ...زوجك رجل ...رجلي عاشقني بل واحبني ولم يرضى ان يتزوج بدون اخباري وكم كان آسفا لذلك كان يدري انه زواج فرض عنه بالغصب
ولكن هذا لم يمنعه من احتفاظه بي كعشيقة ماهرة في ارضاءه ...صراحة تبدين سادجة كما يقول حتى انه يمل منك على حسب قوله لي...تبدين غير ناضجة وعديمة الخبرة لا اخفيك انه رجل لحوح ومتطلب ..ولايخفى عنك انه فعلا يحبني رغم ما قد يظهره لك من حب مزيف...اقصد انه لايزال يعيش على حبي الذي ينفض عنه عذاب ارضاء جده المتعجرف....

توقفت لحظت تنظر الى عبير
عبير التي كانت تعتصر من الذاخل تطعن بقوة تتقلب على نار محرقة وتكاد تنفجر احاسيسها دموعا ساخنة
بابتسامة منتصرة استطردت سميرة:
- ما بك ...هل صدمت؟؟
ما كان عليك ذلك
يعرف انه مضطر للخضوع واحترام العائلة وتحمل العذاب لكني العزاء الوحيد له

اعتلت عبير رجفة قوية واقشعر جلدها اشمأزازا لهذا الكلام المألم وارتجفت شفاهها
تكاد تنفجر دموعها لانها لا تستطيع ان تنطق او ان تدافع عن نفسها
فهذه المرأة تبدو صادقة لايرف لها جفن

اكملت سميرة بسم تزيد به الوضع سوءا:
- انظري الى هته الصور وستفهمين ما اقصده....هذه حيث ذهبت معه الى مراكش في افخم الفنادق وحيث استمتعنا كثيرا بوقتنا ...وهذه.....انظري بنفسك

كانت نظرات عبير مصدومة تكاد تصرخ بالالم الذي تشعب فيها ونزف في قلبها ومن جروحها وارتعدت بقوة لم تعرف كيف فعلت ذلك لكنها انهالت بصفعة قوية للمرأة وصرخت:
- انزلي حالا ...انزلي هيا انزلي...

نزلت سميرة وقد ادهشت لردة فعلها لكنها كانت تتوقع مثلها على اي حال وصلت الى هدفها ولايهم والباقي بالنسبة لها قادم
فقد تعرفت على عبير من مصادرها الخاصة
والن ستحرمها من النوم


بعد ابتعادها بقيت عبير تغرس اضافرها الصغيرة في جلدها اقترب السائق من العربة وقالت عبير بصوت لانقاش فيه:
- لاتخبر احدا بما رايته... او سمعته... امفهوم قولي؟؟؟

قال الرجل الذي كان يتحرق شوقا لاخبار سيده لكن خاب امله من امرها:
- حسنا سيدتي

انت يا سعيد ...انت وحيدي بعد ابي
الرجل الذي منحته نفسي بكل حب
الذي اكتناني عشقه الفولاذي من بين كل الناس
الذي حرمني النوم شوقا فقط وانا بين ذراعيه
الذي....
كان العذاب ينخرها يزيد جروحها انكسارا وتناترا بذكرى الصور يظهر ابتسامته واسعة رائعة لكنها انخدعت فيه الى هذا الحد
بطبيعة الحال كيف لشخص ان يحب بهذه السهولة في وقت وجيز وان يمنحها كل الحب الذي تتمناه في حين انها هي الطاهرة البريئة ضنت ان هذا هو الحب
لكنه كان حنونا شغوفا بها بل لقد تحدت لحظاتهما حدود التمثيل
وحدود العقل
احبطت و ترقرقت الدموع في عيونها والخناجر تذبحها من اعماق قلبها الى حنجرته تحفر فيها بصورة متكررة
كانت مضطربة تريد ان تنزل من العربة ان تختفي الا تراه ابدا ان تبتعد ان تنسف من هذا المكان
لا تريد رؤيته فهي تحبه وهذا الحب اصبح مألما لقلبها الطاهر
الذي لم يعرف حبا من قبله فهو البكر

عند اقتراب العربة من مكان عمل سعيد توقفت بقيت قليلا جالسة في مكانها
رموشها منسدلة تعتصرها لكي لاتخرج قطرة دمع واحدة امطرت في تلك اللحظة مرة اخرى
نظرت الى مكان وجود سعيد
هيئته تجعل كل كيانها مندمجا في اعصار قوي وذلك الاعصار يخنقها الان لاتريد ان تصدق ما دام يحبها كما يقول
لكن ايوجد شيء اكثر صدقا مما قالت سميرة تلك
ازداد حزنها عندما التقت عيونه بها وابعدتها عنه
اخد يقترب منها

غريب امرها هته الامطار فكانها تحكي ما في قلبي الذي يهواك
وانت بتلك الابتسامة تزيد في حيرتي وعمق جرحي فما الذي سافعله بعد هذا كله هل ....سانساك ؟؟؟
وقفت تنزل تحت المطر دون ان تعيره اهمية بينما اقترب سعيد وهو يحدث السائق بان يبعد العربة في مكان مظلل ووضع سترته الجلدية على راسها واخدها حاميا اياها بعيدا عن المطر ليقترب بها من مكتبه المظلل
أخذ منها الطعام ووضعه على المائدة وهي تزيح الجاكيت عن راسها وتنظر الى شعره الذي ملأته قطرات الماء وبدى جذابا وابتسامته لها بريئة ابعدت عيونها المدمعة عنه وغضب اعمى يلتف عليها كعنكبوث تحتفظ بها في فخها

قال سعيد ينظر الى المطر ويقول:
- اللهم حوالينا لا علينا ..اتمنى من الله ان تكف هته الامطار عن الهطول والا فسدت المحاصيل ...ممم يبدو الطعام شهيا

نظر الى قامتها الملتفة في ملابسها وابتسم يمازحها:
- هل تشعرين بالبرد اتحتاجين الى تدفئة... قد تكون مجانية

قالت بجفاء ولا تستطيع اخفاء ارتجافها:
- انا بخير هكذا... ولا اشعر باي برد بل ما اريده هو الذهاب فورا الى القصر

نظر اليها لم يفهم ما بها وضع يدا على كتفها يحاول ان ينظر الى عيونها لكن دون جدوى:
- عبير هل انت متوعكة تشعرين بالمرض غزالتي؟

نظرة غاضبة تلقاها منها وهي تقول بصوت اعلى من المتوقع:
- انا بخير وابعد يدك عني...اريد ان اذهب الى القصر فقط

ماتت ابتسامته وتاهت نظرته وراءها الى حيث وصل صوتها الى العمال الذين التهوا في عملهم ابعادا لإحراج سعيد
واعاد نظرته ليقول بجدية لم يتخيل نفسه فيها بصوت قاس خفيض:
- عبير لما الصراخ ؟؟...وما هذه العدائية ؟؟
لست برجل تصرخ عليه امراة احترميني فانا زوجك ليس امام العمال ...ومن ثم اخبريني ما امرك لما العصبية هل يوجد شيء لايعجبك هنا ام تراني اترت غضبك بشكل ما؟

نظرت اليه تكافح لكي لاتبكي
وهي تشعر انها لاتريد سواه
وان ياخدها بين ذراعيه
ويهدئها وان يمسح على راسها
ويمحي شكها وان يزرع يقين انه يحبها ولم يخنها في راسها وكيانها العاصف:
- لكنك يا سعيد من الرجال الذين لا يكتفون بواحدة في ....
توقفت وقد شعرت بالدم يخنق وجنتيها اللتان اصبحتا قانيتان فاكملت تخفض راسها خجلا غصبا عنها:
-انظر... اريد الذهاب الى القصر فانا لاتحمل هذا الجو نادلي على السائق

شعر بشيء غريب فلقد اوجعه وضعها هكذا
وهي من لم يرها غاضبة يوما
اقترب منها اكثر وسالها بهدوء
يخفي اهتزازا في عيونه السوداء الدافئة :
- عبير هل الجو فقط ما يتعبك؟ انا لا اصدقك اريد ان اعرف ما بك ما هذا الغضب ..هل حدث امر يكدرك؟

بدى لها فعلا انه مهتم
من عليها ان تصدق تلك الصور كانت تنطق اكثر مما تظهر وبديا كعاشقين يمضيان شهر عسل كان كلامها يطن في اذنيها يكاد يعمي عيونها :
- سعيد انا لست احتمل البقاء هنا ...والان هل ستنادي على العربة ام امشي على قدمي

اخترقي يا عيوني روحها
اخترقي الجدار الفاصل بيننا
اين هي عبير الذي اعرفها
لابد من اني اهلوس ما الذي يجعل خدودها في هذا اللون وعيونها تائهة عني بل اراها اختفت عن عالمي الذي صيغتها فيه

هل تراها غاضبة منه لامن غيره
لكن يقسم انه يتذكر انها كانت ودودة عندما تركها
اخذ يتذكر كل الدقائق التي قضاها معها
لكن لم يتذكر شيء فعله قد يغضبها منه
كانت عيونه تحاول ان تسبر اغوار روحها لكنه تغلف ببرود جعلها تشعر اثره بالدمار والهوان

عندما صعدت الى عربتها اختفى وجهها عنه بل ولاحظ انها تضم ذراعها الى صدرها بقوة علامات لم يلحظها فيها من قبل انها فعلا غاضبة
اراد ان يترك العمل ويذهب معها ان يختلي بها ان يفهم ما يحدث لكنه لم يستطع فالعمل يناديه
كان يعمل لكن عقله كان مشغولا بها
بكيانه الذي ذهب معها
وقلبه الذي احتضنته في صدرها الدافئ بحبه
وروحه التي تجسدت فيها
فكيف لا يفكر بها وهي كل حياته





******************



في مزرعة السي محمد





كان كل من ايوب وهند يتظللان تحت شجرة مع كلب الصيد الذي لم يفارق الكرة التي اخدها من بين يدي ايوب فقال ايوب :
- هذا الجو لديكم غريب

نظرت اليه وابتسمت:
- هو من الناذر جدا ان تمطر في هذا الفصل لكن لربما هي سحابة مارة والله اعلم

قال ايوب وهو ينظر الى الكلب الجالس قرب اقدامها :
- انا ساذهب هل تاتين اشعر بالجوع

ضحكت وقالت تهز حواجبها:
- لا اذهب انت وسالحقك لن اذهب الى المنزل الان اعرف انك تموت لإدخالي المطبخ تحتكرني
الان اذهب وانظر بنفسك ان تركتك امي او صفية تذخل

قال بدهشة مصطنعة:
- اها ....جيد اذن ان لم تدخلي الان لتحضري لابن عمتك الاكل الذي يريده فستدخلين عاجلا ام آجلا ....سلام

ردت مبتسمة :
سلام يا ابن عمتي احذر المطر هههه

قال وهو يضع جاكيته فوق راسه :
- في فرنسا تسقط يوميا تقريبا فلا تشغلي نفسك بي ...

بقيت واقفة في مكانها وجلست القرفصاء تملس يدها على فروة الكلب الذي تجاوب معها
وشعر بالدفئ في قلب هته المخلوقة قربه
بقيت لانها تعشق البقاء في مثل هذا الجو خارجا فليست ممن يختفون تحت الاغطية في يوم ممطر
وقفت واقتربت من الشجرة حيث اتكأت وضلت سارحة
تفكر في شخص واحد فقط زوجها
تحاول ان تتخيل كيف ستكون حياتها معه تشعر ما ان تتذكر طيفه بالدفئ يحتويها وكانه موجود وتعيش الحلم وكانه حقيقة
وعطره الذي استوطن صدرها وكل عروقها بوجع يابى ان يهجرها
حبها له يتطور كل يوم يصبح عميقا جدا
وتتمنى فقط متى تكون معه تحت سقف واحد

سمعت قربها شخصا يتكلم:
- انسة هند؟

انتفضت اولا لانها لاتذكر انه لمن الممكن في ممتلكاتهم الخاصة ان يزعجها احد
لكنها رمقت الرجل بفضول تقول:
- سيد...

قال هود بهدوء:
- هود من فضلك ناديني هكذا دون رسميات فلست سيدا بالفعل

شعرت هند ببعض التوجس منه فذلك التشوه الطفيف قرب جبهته ما كان يترك لها احساسا بالامان
لكن عيونه وتلك النظرة هي فقط من طمئنتها فلم تكن تحمل اية نوايا سيئة تنهدة بخفوت وقالت تساله:
- هل اتيت الى هنا لرؤية والدي؟ ستجده في مكتبه كما تعرف ...

قال هود يسعل ليوضح نبرته وقد ابعد نظرته عنها:
- آسف لكني اتيت اليك انت واريد ان تستمعي الي واتمنى ان تصدقي كلامي لان ما ساقوله سيريح ضميري من عذاب طال لسنوات عدة

احست هند ببعض الحذر مما قد يقوله بل ونظرت حولها فلم تجد اي احد التفتت اليه وسالته وقد اثارها الفضول:
- ما الامر ..هود هل الامر يخصني بالتحديد؟

قال هود يحرك راسه بالايجاب:
اجل يخصك انت انستي

قالت هند تصحح الخطأ:
- انا الان سيدة فلقد تزوجت منذ فترة قصيرة ...هلا اخبرتني بما تريد قوله فعلي العودة الى البيت فقد يبدأون في السؤال عني

قال هود يتنفس بعمق:
- ارجوك قبل اي شيء اتمنى ان تحاولي ان تتماسكي لان الكلام هذا ليس بالهين وهو متعلق بحياتك ككل ....انت يا سيدتي لست ابنت السي محمد بالدم... اعني انك ابنته فقط بالاسم فقد رباك منذ الصغر

صرخت راعدة تقول :
- يا هذا.. من انت حتى تفتري بمثل هذا الكلام عن والداي انا ابنتهما... فعلا ...لابد من ان معلوماتك خاطئة

قال هود يدري انها ستنفعل كثيرا بعد:
- اسف لكن ليس ان كنت انا من اخدك اليه بنفسي وانت ابنة الثالثة اعوام طبعا لن تتذكري انهما فقط ربياك لان زوجة السي محمد رشيدة لا تستطيع الانجاب الم تسالي نفسك يوما عن الاختلاف في لون العيون والشعر او عن سبب عدم انجابها اختا لك ...ولديك عائلة انهم فقراء واختك الشبيهة بك تكون زوجتي حاليا انها الان تعلم بوجودك

اقتربت منه تشده من ملابسه وعيونها جاحضة من الالم :
- انت تكذب ..تكذب ...ايها النذل مخادع الى ..ماذا تسعى الى المال ...

اخدت في ضربه تنفس بذلك عن الالم الذي سببه كلامه لكنه تبت يديها بعيدا عنه يدفعها الى الوراء:
- ارجوك يا هند اتمنى ان تستمعي الي فالقصة طويلة ولاتحتمل كل
هذا ....

قالت تهدده والالم ضغط عليها بفعل سيء:
- ان لم تسكت الان فساطلق عليك كلبي لينهشك اتسمع

نظر اليها هود حذرا يريد ان يهدئ الامر بعناد:
- اذا لم تصدقي كلامي فعليك بسؤال والدك وسيخبرك وانا اذا ما اردت ان تري اختك فما عليك سوى زيارة بيتي انه على حدود ارض الاخوة "...."الذين يتصارعون عليها في الارث اسالي عني وستجدينني...السلام عليكم

بقيت هند مصروعة تماما في مكانها والكلب قربها يلهث
ارادت الصراخ ارادت ان تعرف الحقيقة لدى اسرعت في الجري والكلب يجري معها حتى وصلت الى الفيلا

وفي تلك اللحظة اقتربت من باب الفيلا تطرقه بقوة حتى انفتح من قبل صفية
دخلت هند الى المكتب بسرعة لتفتحه بقوة:
- ابي ...ابي هل صحيح انك لست ابي ...هل ذلك صحيح اخبرني ...انت لست ابي لست من ولدني امي ليست امي ...اخبرني

صدم السي محمد من رؤية ابنتها التي كانت تتكلم وكل اعصابها ترجف بقوة شعرت بان بركان فيها يغلي لينفجر مراة ومراة يؤلمها هذا الذي سمعته يؤلمها ويقتلها بشدة
لم يستطع سي محمد ان يقول شيء فقد كان متاكدا من ان في يوم من الايام هود سيفضح امره لدى لم يدافع عن نفسه

دخل الى الغرفة ايوب الذي سمع صراخها بل وسمع كل شيء
قالت هند لوالدها بقسوة:
- تكلم اخبرني الان انك والدي انك لم تربيني فقط اخبرني ارجوك ...ارجـ..و.ك
انتحبت تصرخ وتبكي وتفجر ما في داخلها بعنف بالضرب على كل ما راته امامها

نهض الاب من مكانه ولم يستطع ان يقترب من ابنته التي سقطت على الارض تبكي وتتلوى

قال ايوب يحاول امساكها مناديا بصوت مرتفع:
- صفية....صفية....

وهند لاتزال في وضع الركوع تنتحب بقوة حالتها تسوء وتسوء والاب في مكانه جامد نبضه يتعالى يصم اذنيه مع صراخها المتقطع فهو لم يجبها لكن ما ان رات نظرته المغلوب في امرها حتى تيقنت انه فعلا ليس بوالد لها ولا الام المغبونة في حالها بام لها

حضرت صفية ومدت الكاس المملوء بالماء مع المهدئ الذي كان قد وصفه الطبيب النفسي لهند منذ وقت واعطاه لها

قال ايوب ينظر الى خاله وقد انابته من الصدمة جانب ايضا فالوضع واضح الفتاة ليست بابنتهما ولم يدر احد بالامر:
- خالي هل ....هل فعلا ما سمعته صحيح

اومئ الخال المكلوم بالايجاب
كانت هند بين ذراعي ايوب ترتعش بقوة فقد حذرهم الطبيب من قبل من ان يِأذوها باي كلام جارح
فبالرغم من قوة شخصيتها الا انها لن تتحمل الصدمات

كانت صفية تنظر الى المنظر المرعب بحيث الفتاة المسكينة اصبحت غائبة عن الوعي تماما حملها ايوب وهو يقول وقد بدت اثار الصدمة على وجهه لكنه اقتصر على الاحتفاظ برزانته:
- صفية ارجوك تعالي معي ساضعها في الغرفة وانت تولي امرها

قال صفية:
- اجل انا معك

كانت صفية تشكر الله لان ام هند كانت قد خرجت بعد خروج الاتنين الى النزهة لترى احدى جاراتها التي مرضت وذهبت لتعودها
وبعد ان وضع ايوب هند على سريرها خرج مغلقا الباب وتركها
مع صفية التي غيرت لها ملابسها المبللة والبستها ثياب النوم وقد بدأت تفتح هند عيونها لكنها ما كانت لديها القدرة على الصراخ او البكاء بل كانت مسترخية تماما تصغي الى كلام صفية:
- آسفة سيدتي على ما حدث لم اعلم انك ستدرين بسرعة هكذا...لكن لتعلمي فقط ان من رباك قد احبك سيدتي والله احبك... هو ووالدتك السيدة رشيدة كوني واثقة.... ارجوك سيدتي تغلبي عن هته القرحة وسامحيهما فهما لن يحتملا مثل هذا التعامل ارجوك صغيرتي


عند نزول ايوب الى الاسفل وجد السي محمد واضعا وجهه بين ذراعيه متعبا من ما حصل للتو
دخل يقفل وراءه الباب وهو يقول:
- خالي الان هلا تفضلت بشرح شيء لي قد لا تستطيع الكلام مع ابنتك ان لم ارطب الجو ...فارجوك ان تشرح لي ما الذي حصل بالتدقيق

قال الخال يرفع راسه سابحا في غمامة من الاسى والحزن:
- ساشرح لك كل شيء لكن ارجوك ساعدني لكي لا اخسر بنيتي يا ايوب



*****************




في الطريق بين منزل جميلة ومنزل الياسمين



كانت كل منهما ترتدي جلبابا في الاسود وحجابا في نفس اللون تضهر جميلة رقيقة صافية بريئة والياسمين تضهر جميلة واثقة من نضرتها السوداء القوية

كانت الياسمين قد اعدت لها بعض اللحم بمرقه اللذيذ بالبصل وايضا بعض الرغيف الذي اذابت عليه الزبدة واشياء اخرى من صنع ايديها الجميلة ووضعت الكل في السلة التي تحملها في يدها

قالت الياسمين وهما تقتربان من بيت جميلة الفارغ:
- حاولي الاسترخاء ما امكنك جميلة وان ترتاحي ولا تحاولي تكدير زوجك بل اكسبيه خذيها مني نصيحة ستشعرين بالوحدة ان انت عانقت العناد بدل زوجك لاتحرميه منك فانت والجنين في بطنك تحتاجان لدفئ الاب ..فهمتني جميلة

حركت جميلة راسها المطأطأ الى الارض رفعت عيونها وهي تصعد الدرجات الى البيت وشعرت بالحنين والدفئ يخترقها ليترسى بين جوانحها المتعبة والمنقهرة

قالت تفتح البيت بالمفتاح الذي كان موضوعا تحت شتلة قرب الباب
وفتحته ولاتدري انها اشتاقت لرائحة الحطب في المدفئة الصغيرة والى رائحته الرجولية التي تملأ البيت عبقا تروي روحها المستنزفة

استدارت الى الياسمين التي ابتسمت لها :
- اشكرك كثيرا على كل ما فعلته من اجلي ادري انني انانية في بعض الاحيان لكنك محقة اشتقت له اكثر من شوقي للهواء في هته الغرفة
احبه وكل روحي تتألم لما فعله
لكني يجب ان احاول ان اتفهمه فلن ينفعني البكاء على الاطلال هو ايضا يستحق فرصة فهو يبدو انه يحاول اصلاح الوضع ...ساحاول ان اتناسى ما فعله يا ياسمين

ضمتها صديقتها وانصرفت خارجة توصيها:
- الزمي الحذر لن اطلب منك عدم العمل في بيتك لكن مهما كانت الاشياء ثقيلة لاتحاولي ان تحمليها

- لاتخافي علي... ساشتاق لك

قالت ياسمين تمازحها:
- ههه لا يسهل التخلص مني عزيزتي ساتي اليك في ظرف يومين لاطمئن عليك واحمل لك من الطعام هناك وما ستحتاجينه من خضار وفواكه واشياء ضرورية لك ايضا

قالت جميلة تبتسم:
- ارجوك لا تدلليني اكثر فقد يلبسني الغرور واعتمد عليك في كل شيء

قالت الياسمين تضغط على يديها :
- وهل لدي اكثر من جميلة

قالت جميلة مترددة:
- تدرين يا ياسمين... ان امي بقيت وحيدة هناك مع ابي ادري ان ضعفها فقط ما يمنعها من البحث عني لكن اذا ما صادف ورايتها اخبريها انني احبها واخبريها كل شيء عني من دون ان يراك ابي

شعرت الياسمين بالقهر لان تلك المرأة المسكينة مقهورة من زوجها المخادع:
- لا تشغلي بالك سالقاها واخبرها ان شاء الله

راقبت جميلة الياسمين وهي تنزل الدرج وقد لوحت لها بيدها فلوحت لها هي بالمثل ودلفت الى الداخل تقفل الباب وراءها
وتتكأ عليه متنهدة دخلت الى الداخل ونظرت الى القدر النضيف والى الشراشف المطوية انه هود تعرف انه تعود على النظام حتى ولو لوحده تنهدت وذكرياتها الجميلة معه تشلها بل وتخذرها بنشوة
تريد قربه هذا ما تريده ان هو ثاب عن خطأه فالله تواب يغفر الذنوب لما لاتغفر له وهي من تموت في عشقه وهواه
اقتربت من الخزانة الصغيرة في الجهة الاخرى من مكان نومهما وجذبت
ثوبا يصل الى الركب في اللون الاسود بانكماشات عند الصدر
عاري الكتفين تميل حمالاته الى اسفل كتفيها ملابس كهته تاتي من المدينة كثيرا
لدى فضلت ان ترتديه بما ان الحر كثيف حاليا فالمطر قد خف منذ وقت
اخذت مرآتها عكست لها وجها بيضويا دو بشرة ناعمة وعيون خضراء زاهية
وضعت مواد التجميل
وعززت رموشها بكحل لطيف وزينت ثغرها برقة باللون الاحمر الخفيف اللامع
و اكملت ببعض البودرة التي اخفت شحوب وجنتيها
امسكت المشط الذي ساعدها في فرد شعرها الناعم الاشقر حول سحنة وجهها
وبدى التناقض راقيا بين السواد على جسدها الرشيق الجميل
وشعرها المسترسل وراءها
اللألم من الداخل موجود لكنهم لم يخطؤوا في قول ان من يحب يسامح بسهولة وهي بدموعها وحزنها اكتفت من البعاد

وجدت نفسها تنتعل خفها العالي الرقيق وانحنت تشعل النار في المدفئة لكي تضع الاكل فيها ليسخن

وبعد ان وضبت المائدة جلست تنتظره عسى ان ياتي في الوقت المناسب قبل ان يبرد الاكل لكنها تدري ان الأكل في الصيف لايبرد بسهولة




****************



في بيت السي محمد



بعد ان علم ايوب بكامل القصة قرر فعلا ان تكون له يد ايجابية في الامر
فهو يعز زوجة خاله وخاله ايضا
ولايرضى ان يتألما في هذا الوقت بالذات وزواج ابنتهما على الابواب

بعد عودة رشيدة شعرت بالاجواء في ساعة الغذاء غريبة بعض الشيء فسالت زوجها الذي يجلس على المائدة وبقربه ايوب الساهم في افكاره:
- محمد اين هند لما ليست معنا على المائدة ؟

قال السي محمد وهو ينظر الى ايوب:
- انها في غرفتها متعبة على ما يبدو تعاني من صداع اخدت عليه مهدئا واظنها نائمة

قالت رشيدة تسال ونفس الاحساس الغريب يغمرها:
- ولكن لما انتما صامتان ايوب هل ضيافتنا لاترضيك عزيزي

قال ايوب يكاد يقفز من مكانه:
- لا سيدتي الحمد لله اكثر من هذا ما كنت لاجده في اي بيت آخر....تدرين انني سادفع لجامعة بفرنسا لدراسة الطب ...انا فعلا متحمس لذلك العمل

قالت رشيدة مبتسمة:
- الحمد لله بني جيد ان يكون في عائلتنا رجل وطبيب ايضا ارفع رؤوسنا عاليا بني

وعم الصمت من جديد فقالت رشيدة وقد فقدت الشهية فجأة فابنتها هي من تمنحها الفرح والسعادة:
- الحمد لله انتهيت ساصعد لارتاح
وانادي صفية اذا انتهيتما ان توضب المائدة هل تريدان بعض الشاي؟؟

اجابا بنعم ولاحظا انصرافها في بيجامتها المفضفضة الزرقاء
قال سي محمد وملامحه مشدودة من الحسرة:
- يا ربي رحمتك والله ان علمت بما حصل لسوف اشعر بالذنب ...تدري انني متأكد من الشخص الذي اوصل الخبر
واتمنى ان انزل به عقابا يندم على اثره مدى الحياة ان هو كواني في فلدة كبدي فساحرق قلبه



عندما صعدت رشيدة الى الاعلى قررت ان تمر بغرفة ابنتها
التي طرقتها ودخلت نظرت الى ابنتها التي اوجعت قلبها في تلك اللحظة
فقد بدى عليها ارهاق غريب وهي فاتحة عيونها على النافذة من الجهة الاخرى
قالت تغلق الباب :
- السلام عليكم ابنتي... صغيرتي كيف حالك الان ؟

اقتربت منها لتجلس قريبة من راسها:
- عزيزتي يا ماما اخبريني هل اصبحت افضل حالا؟

استدارت هند اليها تنظر اليها بقسوة لاتعكس نفس الاحساس المألم في دواخلها بل تغلف ملامحها فقط بذلك لانها ردة فعل طبيعية فهي لاتزال غير مصدقة
ان يفيق الانسان على حقيقة ان والديه ليسا والديه امر مارق مؤلم ومحزن
بل يكاد المرأ يريد عدم تصديقه وانه كان يحلم فحسب
وهو من يكن لهما كامل الحب والاحترام
قالت هند بعد نظرها:
- امي انت امي اليس كذلك؟؟

شعرت رشيدة بنوبة رعب تقلب معدتها :
- لما هذا السؤال غاليتي؟ طبعا الست من سهرت عليك الليالي يا حبيبتي

انحنت لتقبلها لكن هند انتفضت مبتعدة وهي تهم بالبكاء:
- لاتكذبي ماما انت لم تلديني ...انت اخفيت عني انك لست امي ....لما ماما لما بالذات انت وهو ....ان احببتموني كما قلتما لما فضلتما احتكاري لكما فقط الا املك والدين... اليس لدي اصل لتحرماني منه....لا اصدق ...لا اصدق ساجن ساجن ...ساجن...

ذعرت رشيدة وهي تسمع صراخ ابنتها التي حطمت عالما كانت تعيش في دفئه رشيدة منذ زمن الان باتت تعرف حقيقة انها لم تلدها كما لو انها لم تكن تدري الحقيقة من قبل لقد احتفضت بالسر بينها وبين زوجها لما انفضح وكيف؟؟؟
اقتربت رشيدة والسكاكين تطعن في صدرها من كلام ابنتها الجارح :
- ارجوك صغيرتي.... انا امك انا التي ربتك... كيف تقولين كلاما جارحا لامك التي احتضنتك من البرد هكذا كيف تقولين ذلك؟؟

صرخت هند والهالات تحيط عيونها وهي تقفز من السرير الى الارض:
- اخرجي من غرفتي ...اخرجي انا لا...اريد...رؤيتك.. لا انت ولا هو ....انتما كذبتما علي...انتما... انتما ....اه...

انهارت تبكي وتصرخ فهرعت اليها امها تحاول ان توقف ارتجافها المجنون وهي تضرب وتتركل بعنف بين ذراعيها
صعد في تلك اللحظة كل من ايوب الذي وصل بخفة اولا وحاول ابعاد رشيدة التي ذرفت الدموع على حال ابنتها
وقال لخاله الذي ذخل واتار الالم تعصف بملامحه:
- خالي خدها من هنا فعمتي لا تتحمل هذا ارجوك

اخذ سي محمد زوجته الى غرفتهما وقد بدت هي الاخرى منهارة ومحطمة
اما ايوب فقد اخد الماء واعطى لهند حبة من الدواء الخاص بها وقد اتت صفية التي غطت لها شعرها المبعثر
ورفعها ايوب للسرير وهي تهدي بكلام غير مفهوم لكنها كانت واعية لما تقوله:

- ايوب ...ايوب...ارجوك ...نا نادي عبد الصمد ...اريد ان ياتي زوجي الي ...فلم يعد..لي شخص في هته ...الدنيا... ارجوك..ارجوك

قال ايوب يانبها برقة:
- لا يا هند لديك نحن فنحن نعزك.... ساناديه فقط ارتاحي



خرج ايوب
بعد ان اوصى صفية الا تتحرك من مكانها قرب هند التي استرخت كليا تحت تاثير الدواء
ونز الى الاسفل بحيث امسك الهاتف وبحث في المذكرة ليجد رقم القصر المنصوري

بعد ان وضع السماعة في اذنه انتظر بضع لحظات الى ان اجاب احدهم وقد كان سليمان الذي كان سيخرج في تلك الساعة:

- السلام عليكم هذا قصر المنصور اليس كذلك؟

قال سليمان :
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اجل من المتكلم من فضلك ؟

قال ايوب بصوته الجدي:
- هذا انا ايوب اتصل من بيت السي محمد

قال سليمان يضحك :
- اهلا اهلا كيف الاحوال بني وكيف احوال من في المنزل عندكم

اجاب ايوب بثقة:
- الحمد لله بخير كنت اريد ان اكلم عبد الصمد عمي لكي اساله عن حصان اعجبني في الاصطبل هل هو موجود الان؟

قال سليمان:
- اجل يابني ساناديه


بعد ان نادى سليمان ابنه واخبره بمن يسال عنه
شعر عبد الصمد ببعض الغرابة لما سيتصل به الرجل ذاك الم يسافر؟؟؟:

- السلام عليكم عبد الصمد معك

قال ايوب يختصر الكلام:
- انا ايوب عبد الصمد انا في فيلا خالي هنا بمزرعته ..هند ..منهارة اخي عليك ان تاتي فورا فحالتها تسوء كثيرا لو لم اكن اعلم انك ستستطيع شيء لما اتصلت بك

قال عبد الصمد وهو في يشعر كما لو ان قلبه ينتزع منه:
- لكن كيف ..هل حدث..هل حدث معها شيء اخبرني ارجوك

قال ايوب يطمئنه:
- لا شيء سيء اخي مشكلة حصلت هنا وفي الحقيقة نفسيتها لم تتحمل فالافضل ان تاتي بسرعة فهي تطلبك

قال عبد الصمد وعقله مع من تتربع في قلبه والتي هي منبع الحب الجارف الذي يكتسحه:
- اخي ساتي حالا... لن اتاخر.. السلام عليكم






*******************




في منزل هود




بعد ان انتظرته بكل الاشواق وكم كانت متلهفة لرؤيته لم تستطع مقاومة التعب والملل وهي تنتظر هنا وحيدة حتى انها استسلمت لقرار النوم
وقامت بوضع صحون اخرى على الاطباق لتقوم بحفظها
نزلت جاثية على الزربية الدافئة ونامت على جانبها الايسر رغم ان ياسمين نصحتها بالنوم على ظهرها من اجل الجنين
غير انها وجدت ان لاراحة لها في النوم غير في الجهة اليسرى
نظرت الى مكان نوم هود قربها
حتى انها انتزعت المخدة التي تتحمل ثقله لتضمها اليها وتستنشق عطره الرجولي الذي يتغلغل في اعماقها والذي يترسخ مع كل ذكرى مرت في ذاكرتها
لحظات حميمة ادفئة قلبها ارضته واذابتها حتى الثمالة
ارادت لابنها او ابنتها ان يعرف انه والده وان قلبها له مهما حصل
استسلمت للنوم لفترة لم تدري مهيتها



بعد ان اخبر الفتاة كل شيء او نصف القصة فقط
قرر ان يتمشى طويلا رافعا قامته على الارض يضرب الحجارة الصغيرة في كل الجوانب من سهوه
كم شاق عليه نزع تلك الجميلة التي اغتصبت احلامه في هته الليالي الطوال التي عذبته فيها بجمالها واريجها الاخاد
تنزرع في كل خلية من جسده تجعل النار تغلي غليانا في عروقه
انها المرأة الوحيدة في حياته كيف له ان ينساها وهي من ذاق معها الذ اللحظات في الحب
يخزنها في خياله ويتعذب والوجع في صدره يزداد في كل مرة يتخيلها معه يشتاق اليها هي امراته الوحيدة التي اذابته
كانت قاسية فعلا لكنه لايلومها بل يلوم نفسه

اقترب من الباب ولايدري لما احس ان البيت دافئ اكثر عن غير عادة
فتحه بالمفتاح الخاص به
واربكه ما راى معجزة صغيرة تتقوقع بدلال على فراش حبه
اقفل الباب بهدوء عكس النار التي اصعرت في جوفه عكس تنفسه الذي التهب بعبق عطرها الخفيف في الغرفة
لقد عادت ايعقل؟؟
ام انه اصبح كالغريق في الصحراء
العطش ليروي ضمئه حتى بات يرى السراب
يحتاج ليتاكد
اقترب منها
يا الهي كم هي كاملة الفتنة تلعب بعروقي كاوتار قيتارة الحانها موجعة مرة
لكنها بدت حلوة شهية في مظهرها
دنى منها ولمس كتفها انها موجودة ولاشيء سيغير هذا الواقع فلايريد ان يتاكد من انها سراب بل يريدها هكذا حية انفاسها على المخدة الخاصة به تنفخ بعذوبة مصفات...
خرجت تنهيدة من فمها وحاولت ان تستدير لكنها فتحت عيونها ونظرت اليه يعلوها بعيون مشتاقة بجوع قالت:
- هود...
وضع اصبعا على فمها وضم نفسه اليها في عنقها الرقيق لتبتسم هي وتضم راسه برقة بين يديها
وهما هكذا يشعران كما لو ان الروح التي ابتعدت عن الجسد عادت ترتبط به بوجعها وضمأها وشوقها المرهف





*****************




منزل السي محمد




وصل عبد الصمد على وجه السرعة بحصانه الذي انتهى بالنزول بلباسه المتكون من جينز ازرق انيق وقميص ابيض تحت حزام اسود
ربط حصانه بشجرة قرب الفيلا ودخل اليها يرن الجرس

فتح ايوب الذي ادخله مرحب:
- السلام عليكم كيف الحال سيد عبد الصمد بخير

قال عبد الصمد وقد بدى عليه انه متلهف لرؤية صغيرته :
- وعليكم السلام بخير اشكرك اين زوجتي؟

قال ايوب يسبقه :
- ساقودك اليها لكن اولا عليك ان تعرف ما جرى فانت الان واحد من هته العائلة ولانستطيع ان نخفي عنك الامر

عندما انتهى ايوب من سرد كل ما حدث واخبره كل شيء بالتفصيل اتفق هو وعبد الصمد ان يحاولا اقناعها بان ما تفعله ليس لافي صالحها ولا في صالح عائلتها

شعر عبد الصمد بداخله ينهار مع رؤيته لها في ذلك الوضع المزري كانت غير واعية تماما على ما حولها فقد كانت تفضل ان تبقي نفسها نائمة على الاستيقاض
كانت صفية قربها تمشط لها شعرها وعندما شعرت بهما قادمين غطت لها شعرها بحجابها
فهمس ايوب من وراء ظهر عبد الصمد العريض ان تاتي صفية ليبقى زوج هند معها
دخل عبد الصمد الى الداخل واقترب منها بحيث صعد الى السرير بجسده الضخم وانحنى على هند ينظر الى ملامحها البريئة الحزينة
كم كانت توجعه وتوصله الى الفناء بوضعها هذا
لم يفكر ولا في احلامه ان سرا كبيرا في حياتها كهذا سيؤثر عليها بهته السهولة هي العنيدة دوما

ناداها بصوت خشن اجش ويظهر فيه اهتمامه بحالتها
- هند….هيا هند استقظي عصفورتي.. ليس جيدا لك ان تبقي هكذا …

شعرت بوجوده فعلا ولكنها ابت ان تفتح عيونها بل اقتربت من كتفه
ودفنت نفسها فيه تبكي المها وحسرتها وترتعد بين يديه كما لو كانت ترتجف بردا
لم يهن عليه ابدا رؤيتها في هذا الوضع بل ضمها وهدهدها:
- هيا هند كفاك بكاء عزيزتي …وانا من كنت اضن انك قوية لايهزك امر …تدرين لست اول فتاة تتربى في كنف اسرة دافئة مثل اسرتك …اعلمي انهما والداك وواجب ان تحترميهما فقد ربياك لاتفقدي احترامك
لنفسك ….

قالت تشهق بعنف:
…انت تقول ذلك ….لكن …لكن لو تشعر فقط بما فففي ذاخلي... لعذرتني ….هما والداي لكني لا استطيع ان اشعر بغير هذا لقد آلمني ان …ان يخدعانني ….فقط ليحصلا على ابنة…..لما يا عبدو لما
انا بالذات ؟؟
لما افسدوا فرحتي هكذا...تدري …انا لدي اخت….انا من ضننت انني وحيدة …للللدي اخت …اه اه لو تشعر …بي...لو تشعر....

بقي عبد الصمد صامتا وملامحه الجميلة الوسيمة جامدة لاتعكس الالم الذي يوجعه في رؤيتها حزينة هكذا

قالت هند ترفع عيونها الحمراء اليه:
- عبدو …

قال يمرر اصابعه على شعرها الاشقر:
- ماذا؟أأمري صغيرتي

قالت بتوتر ضاهر:
- اريد ان تاخدني من هنا حالا فانا ضقت درعا بهذا المكان فالالم كثـــــــــيرا علي كثـــــــــير

اصبح الان عبد الصمد مندهشا من كلامها:
- لايجوز يا سيدتي …

قاطعته:
- بل يجوز وان رفضت فانساني افضل

انبثرت من ذراعيه تخرج من السرير تقترب من الشرفة التي اتكات عليها بثقلها

لم تدري كم جرحته بتلك الكلمة ان ينساها هو امر من سابع المستحيلات فهو يذوب حبا بها لكن تريد فقط ان تشعره بالهزيمة
نهض بخفة واقترب منها ينظر الى شعرها الذي انتهى بوضع دقنه عليه وضمها اليه يشعرها بالدفئ التي احتاجت له ليزيح عنها هذا الكم الهائل من الالم

قال بهدوء وشجن:
- هل هكذا تعاملين زوجك المحب الست فضة مثلا؟؟... حياتي هذا الكلام لايقال…لا استطيع اخدك الان حفاظا على صمعتك وصمعتي لانريد ان يظن بنا الناس الضنون وإلا ما رايك غاليتي؟

التفتت تضم نفسها اليه :
- خدني ارجوك لااستطيع البقاء هنا اكـــــــــــثر

قال يانبها:
- علينا اقامة العرس هند لو تعلق الامر بي لاخدتك الان فشوقي لك كبير وحبي اعظم لكن لااستطيع سوى ان اخدك باشهار وحفل نعزم فيه معارفنا ….انظري الي هيا...هل ترضين لحبيبك ان تمس صمعته بكلمة سيئة

حركت راسها نفيا :
- لا …سامنحك اسبوعا فقط عبدو اقسم فقط من اجلك حبيبي فقط لك وحدك وتكلف انت بتحضير العرس او….

قال عبد الصمد :
- ساكلف امي بذلك واحكي الضروف التي نمر منها ومتاكد من انها ستتفهمك….تبدين شهية هكذا من اين لك هذا الجمال كله

ارتفع تدرج الاحمر الى خدودها وقالت تبتسم بالكاد:
- لا...اعرف ابدو مريعة اعرف ذلك فقد بكيت كثيرا

قال يقبل جبينها ويبتعد:
- بل انت فاتنتي ...علي ان اذهب الان ساعود وسازورك هذا الاسبوع متى اردت ذلك حسنا

اومئت له ونظرت اليه يخرج وكم تمنت بقاءه لينسيها واقعها المر
اكتشفت انها كانت فضة فعلا مع والديها اللذان ربياها على الاقل عليها احترامهما فهي لاتنكر انها تحبهما كثيرا لكن افكارها حاليا مشتتة عادت الى السرير وهي تسال في نفسها اسالة كثيرة
عن من يكون والديها الحقيقيان ؟؟
وهل تشبهها اختها؟؟
وهل بعد كل هذا سيضل عبد الصمد راضيا بها ان كان اصلها من عائلة فقيرة مثلا ؟؟
اسالتها آلمتها ومسحت دموعها تحاول ان تنفض عنها هذا الجنون الاهبل





****************



في القصر
بساعة العشاء


بمجلس النساء



كانت فاطمة لاتزال في المطبخ تتاكد من وصول الطعام الى غرفة جلوس الرجال
بينما كل من مليكة وابنتها عبير قد جلستا في انتظارها على المائدة
قالت مليكة لعبير:
- صغيرتي هل تعرفين شيء عن ثريا وعثمان ..؟؟

كانت عبير تعض ضفر ابهامها وساقها تهتز من فرط قلقها
فنادتها امها تسال:
- عبير اتسمعينني؟

انفتفضت عبير تنظر الى امها بشرود:
- اه امي هل قلت شيء ما؟

قالت مليكة تضع يدا فوق الاخرى:
- يا بنيتي هل انت مريضة ؟؟لقد سالتك عن اختك

قالت عبير تجيب امها محرجة:
- اضنها مع زوجها في افران اتصلي بها بعد العشاء امي قد تخبرك بكل شيء لكن امي اليس من المفترض انهما زوجان فلما نسال عنهما ؟

قطبت مليكة :
- عبير ما بك يا ابنتي انها اختك وزوجها يكون ابن اخي يا عزيزتي لاتبدين بخير

قالت عبير لامها:
- في الحقيقة انا متعبة امي فلقد انتهيت متاخرة من توضيب الجناح واشعر بانني منهكة حتى انني أسفة اشعر بالنعاس ساصعد لجناحي لن اتنوال الطعام هته الليلة


دخلت فاطمة على جملتها فقالت:
- كيف لا عزيزتي عليك ان تاكلي فعليك اكتساب بعض الوزن هذا ضروري

اعتلى عبير خجل رهيب وقالت تبرر:
- لا امي ادري انه يجب علي ان آكل لكني لست نحيفة وايضا انا فقط متعبة وساستغني على الاكل هذا اليوم

قالت فاطمة تجلس تسكب الحليب الساخن لنفسها والشاي لمليكة
- حسنا عزيزتي لن افرض عليك شيء لا تريدينه

نهضت عبير من مكانها واقتربت من مليكة فقبلت راسها وكذلك قبلت راس حماتها
- تصبحان على خير

ردتا وانت من اهله
كانت افكارها متضاربة
لاتنكر انها مفجوعة لحد البكاء مما سمعته وراته اليوم بالذات
ولاتزال ذكراه وهو يسالها تعذبها هل فعلا مهتم هو بامرها
ام انه يدعي ذلك فقط
في كل هذا التشويش
خرجت من المجلس لتفاجئ بنفسها امامه
نظرت اليه بعمق بدى متعبا لكن نشاط عيونه الملتهبة ما اخافها
هته النظرة تعني شيء واحد انه يريدها

ابتعدت عنه لكنه اوقفها وامسك يدها يقربها اكثر رغم انها تريد ان تبتعد عنه قالت:
- سعيد اتركني لايجوز ما تفعله...قد يرانا احدهم

قال وكل كيانه يصرخ وجعا ملتهبا:
- لاتقومي باستهبالك ذاك ...الم تتعشي ؟

قالت تريد تحرير يدها لكنها بدت كانها انتمت اليه وخانتها:
- لا ليس لدي شهية للاكل اذهب وتعشى انت مع الرجال

رفع يدها اليه وطبع في راحة يدها قبلة دافئة وهمس عليها كلمة حب ارعشت اوتارها كلها اخدت يدها التي بقبلته التهبت كليا وبعثت اللهب في كامل جسدها
ابتعدت عنه وفقط ما ان تمر ذكرى سميرة تلك حتى يعود الدمع حارا على وجنتيها


في جناحها الذي بدى في قمة النضافة
فقد افرغت كل حزنها في توضيبه
ونفض الغبار عنه واعادة ترتيب الملابس في الخزانة وبالخصوص ملابسه كم بكت وهي تتجرع مرارة الكلام الذي سمعته في الصباح كم شعرت بالبؤس

توضئت وخرجت من الحمام اكرمكم الله للصلاة وبعد انتهائها اكملت بقراءة بعض الايات من القران الكريم
بعد انتهائها نهضت ترتب لوازم الصلاة في مكانها واخدت ملابس النوم التي حضرتها وارتدت غلالتها السماوية التي ولاول مرة ترتديها فوق الركب ليس بكثير
عارية الظهرالى المنتصف قررت ان تسدل ستائر السرير الزرقاء وتعلمه من مكانها انها لاتود ان يبقى قربها هته الليلة
رغم ان هته الرغبة هي آخر ما تريده فلقد تعودت على النوم فوق صدره اقوي المليئ بالشعر تعودت انيكون هو المسيطر دائما
تنهدت باسى واندست تحت الشرشف الابيض

لوهلة تذكرت اذا ما كان يرضي جده فقط
لما يعاملها معاملة مليئة بالحب لما لايكون باردا معها
في تلك اللحظات تتفتح ابواب السماوات وتشع بنور اخاد لكن ما ان تعود كلمة من الكلمات الاخرى التي نطقت بها تلك الافعى حتى تصبح مرمية في عالم مظلم حالك

سمعت باب الجناح يقفل وخطوات زوجها على ارضه تسمع
وبدأ قلبها بالنبض كما لو انه يحاول الركوض الى مكان بعيد
عنه
ان يبتعد لانه يعرف انها ضعيفة تحت رحمة لمسة واحدة منه بل فقط همسة تحملها فوق سحابات العشق



نظر سعيد الى السرير ولاحظ انها عن غير عادة لها قد اسدلت كل الستائر حتى من جهته ونامت وهي توليه ظهرها
امر اشعره انها ولابد نافرة منه لكن ليس هو من سيتركها تفلت بفعلتها بسهولة
اقترب وقد ازال قميصه وحذاءه وازاح ستارة من جانب المكان الذي ينام فيه
فالتفتت اليه تقول بثقة وقسوة رغم ضعفها لمظهره امامها:
- سعيد من فضلك ...لا اشعر باني بخير هلا تركتني هته الليلة وحدي اعني اريد منك الذهاب الى الجهة الاخرى

تغضن جبين سعيد فوق وجهه الاسمر الخشن:
- وانا لا ارتاح هناك وسانام في مكاني لا اضن ان في هته الدنيا امراة عاقلة تشعر بتوعك ان تطرد زوجها من السرير ام انا مخطئ

جلس في مكانه تحت نظراتها التي ارادت اختراق وججه واكتشاف ما يخفيه
وللفكرة شعرت انه ولابد وهو معها يخونها في افكاره انه ليس بالزوج الصالح الذي لن يكذب
الم يخبرها انه كان رجلا منفلتا من قبل

ازال ساعته لكنه بقي بجينز العمل شيء ما يدفعه لاستفزازها ومعرفة ما بها:
- سعيد من فضلك انهض عن سريري لن تنام وانت ب...بهذا الشكل ...بملابس العمل

قال مبتسما ببرود:
- مارايك انني لن انهض الا اذا اخبرتني حضرتك ما الدافع الذي يجعلك حانقة علي ...لاتجبريني حلوتي على معرفة ذلك بالقوة

نهضت تجلس على ركبها :
- اتدري انك وحش اناني يا سعيد ما حلمت يوما انني ساقول مثل هذا الكلام عنك...لقد...لقد التقيت فتاتك القديمة سميرة

صعق سعيد لما قالته والان بدا يستوعب:
- سميرة ...

قالت عبير والارتجاف عاودها:
- تلك ..المراة يا سعيد.. اخبرتني باشياء اجهلها تماما عنك ..ارتني صورا معك تضهر انكما كنتما على وفاق تام ...مادمت تحبها لما تزوجتني انا لما ..؟؟

شعر سعيد بالغضب ينضج في نفسه فقال بحدة:
- عبير لاتظلميني لاتنسي قول الله في القرآن انه يحثنا على عدم تصديق كل ما يقال فقد نندم

قالت عبير تحاول كتمان ما بداخلها:
- ما الذي نفسر به تلك الصور في مراكش وفي اماكن اخرى الهذه الدرجة كنت تعشقها

قال سعيد وقد شعر بالاحراج الذي تغلب عليه الغضب:
- الامر ليس كما تضنين ....انا اخبرتك انني لم المس احدا منذ خطبتنا اقسم عبيرتي ...هل تصدقين امراة لاتساوي ضفرك على زوجك الذي يعشق بل ويكاد يفني روحه من اجلك

- لست ادري ما الذي اصدقه يا سعيد ...ذكرت اشياء حميمة وانك لاتزال معها لحد الان وانها ترضيك كما لا افعل انا ...هذا جرح كرامتي كانثى فان لم اكن ارضيك فلا عشرة بيننا

كم توجعه بكلامها وكانما تنفث السم في جسده ليصعر بحمى الوجع والالم:
- عبير ...استغفر الله...ان ..ان انت امراة تقدر زوجها وتحبه وتتذكر كل شيء بينها بينه فستجدين انني لا اشبع منك حتى بل افكر فقط كيف سانهي يومي للعودة راكضا الى بيتي الى حضني زوجتي ...عبير ...انت زوجتي واقسم بالله انني لم اخنك

نظرت اليه يقرب يده من خصرها ويرفعها في حضنه ويدفنها في صدره ليكتفي من هذا الوجع الساحق لم تستطع ان تشعر بالراحة رغم حبها الكبير له لاتستطيع ان تشعر بانها ستحبه دون ان تشك به لدى نظرت الى عيونه باسى تقول:
- اتركني ارجوك ...لاتجبرني على شيء لا اقدر عليه... ارجوك ابقى بعيدا سعيد

ذبحته كما تذبح الشاة بل مزقت اوردته واعتصرت قلبه دما احمر يصرخ بانه يريد البقاء فيه وان يصرخ باسمها وان تلبي ذلك النداء
كيف له ان يبتعد عن مهجة حياته الشمس التي تنيرها والقمر الذي يكون انعكاسه عليها اجمل من انعكاسه على صفحة مياه عذبة
لكن بقدر ماهي حلوة وبهية في نظره بقدر ماهي مجحفة في حقه سلم امره في يد الله ووعد نفسه ان يبقى باردا حتى ولو اضطر ليدفن نفسه في بركة من الثلج فلن يتدلل لها بعد اليوم مهما كان هذا الحب اعمى فلن يكون اعمى عليها بل سيراها ويتذكر كل شيء قالته

نهض من قربها المهين بالنسبة له ووعى على نظراتها التائهة ايضا
لكنه لن يغفر لها انها شكت به هو عاشقها هي لاغيرها
التقط قميصه من الارض وارتداه ليخرج من الجناح صافقا الباب بقسوة

بقية جاثية فوق الفراش على ركبها تعصر قبضتيها عليها وهي تنطوي وتحاول ان تغالب الدموع لكنها خرجت لضفاف الواقع دونما رحمة




اقفل سعيد ازرار قميصه
وخرج من القصر مباشرة على سيارته الصغيرة الرياضية
اول ما فعله انه ذهب لبيت احد عماله بحيث طرق بابه بقوة متناسيا ان هناك عائلة بالداخل لكنه فقد الكم المتبقي هته الليلة من الاعصاب الباردة لديه
قال سعيد للعامل:

- هيا لدينا عمل مهم علينا القيام به هلا ذهبت لاحضار بقية الرجال

قال الرجل:
- حسنا سيدي حالا سارتدي ملابسي واتي معك

انتظر سعيد يذرع المكان بساقيه القويتين حتى ضن انه سيحرثها مشيا:

- هاقد اتيت سيدي ما هو نوع العمل؟

قال سعيد:
- تعالى وستعرف


بعد مدة قصيرة ذهب سعيد مع الرجل الذي بدا في جمع العمال
واكملوا طريقهم وراء سعيد الذي كان غاضبا الى ابعد حد حتى ان هو نظر الى نفسه فلن يعرفها

اقترب مع الرجال تحت اوامره من الكوخ في حدود الاراضي
وطلب منهم ان يدرموا النار فيه

بهت الرجال لطلب سعيد لكنه صرخ فيهم بصوته الخشن راعدا:
- نفذوا ما امرتكم به والا فلن يعمل بعد اليوم احدكم عندي

اقترب الرجال جريا من الكوخ الذي كان يصدح بالاغاني والموسيقى
وبدا رجال سعيد في سكب البنزين على الكوخ من كل الجوانب
وتعجب الرجال لانهم لم يسمعوا اذنا من سيدهم بافراغ المكان

اقترب احدهم من سعيد:
- سيدي اليس من الاجدر ان نخلي الكوخ

شعر سعيد وعيونه تحترق بالنار المألمة في صدره وكاد يتبع شيطانه لولا انه استعاذ بالله منه وقال وعيونه تكاد تدمر المكان باكمله:
- اخلوه واحرقوه لاتدعوه قائما ابدا....هل تسمع

انحنى الرجل لسيده هيبة :
- حاضر سيدي

بعد دقائق سمع من في الداخل من سكارى وراقصات مع غناءهن الشعبي وكذا سميرة التي استطاعت ان تعوض سعيد بغيره سمعوا ان الكوخ سيحرق فاذا بالنساء تولولن وتصحن وبدأ الكوخ امام الجمهور يتآكل تحت النار

كانت سميرة تقف في مكانها تنظر الى المكان الوحيد الذي ضمها وادفئها يحرق
والغالية تجلس على الارض تندب وجهها وتجر التراب وتضرب به صدرها عادتهم في النحيب

استدارت سميرة تبحث بعيونها عنه فوجدته ينظر اليها وكانه سينتهي بقتلها
اقتربت منه مسرعة :
- ايها النذل عديم الشرف ....كيف فعلت ذلك

ذفعها سعيد حتى سقطت على الارض وقال :
- اظنك نسيت انني سيد المكان وانك حشرة هنا فاحذري قد اطلب منهم دفنك ولن يوصل الخبر احد

نهضت تلملم ما تبقى من كرامة محتقرة فيها:
- يا سعيد ...تحسب نفسك ذكيا باحراق مورد عيشنا اليس كذلك اقسم بشرفي...

سمعت ضحكته ترن مستهزئة شريرة عن كلامها:
- اي شرف يا ....صاحبة الشرف... وعودك تلك لاتهمني فقط ان لمحت ظلك قريبا فساقوم بنسفك من هذا الكوكب

قالت وانفاسها تتلاحق :
- انت حقير ونذل ..وسوف ترى انك ستدفع الثمن على ما فعلته سترى يا سعيد يا منصور سترى بام عينيك ما الذي تساويه كلمة من سميرة

ابتعدت عنه وتركت ابتسامته ضائعة فلا يهمه احد سوى زوجته
ابتعد تاركا رجاله يقومون بعملهم
وابتعد يمشي في طريقه عله يصحوا من هذا الكابوس
تخيل كم ستكون لياليه باردة وانفاسها الضعيفة بعيدة عن صدره وشفاهها الصغيرة الذائبة بعيدة عن نفسه
كم عانى ليسمع همساتها الملتهبة تروي روحه
وكم ضناه الشوق حتى تتشبت بذراعيه تمنحه من دفئها
كم يشتاق ان يدفن راسه في عنقها العاجي المخملي بعضامه البارزة كم يتمنى ان تتمسك اصابعه بشعرها الذي لايخلوا من عطر الليمون الفواح
هل سينتهي به الجنون ان ضل هكذا

لايستطيع ان يدل نفسه اكثر فلقد كان في البادئ صبورا مكافحا ليجعلها تتقبل حبه وبعد كل هذا ترميه بالنار
وكانه كان سرابا في حياتها العادية
الم يرها طعم السحر الم يفتح لها ابواب جنة ساحرة لتعيش فيها
وهكذا تجازيه
انه يتالم ولايستطيع ان يصل الى بر بافكاره غير التسلح بالبرود

اه يا حبي كم تألمينني حتى الموت......


يتبع.......



Jάωђάrά49 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-10, 07:46 PM   #34

Jάωђάrά49

نجم روايتي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية Jάωђάrά49

? العضوٌ??? » 106278
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,312
?  مُ?إني » الدار البيضاء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Jάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك dubi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الجزء الثاني والعشرون





ان شاء الله





في مدينة طنجة
بعد يومين



في بيت عمة ثريا وعبير



بعد فترتها التي امضتها مع عمتها
تحت سقف هذا البيت المتواضع
على تلال طنجة البهية

انتعشت لوجودها هنا فالجو لطيف اكثر من القرية التي جوها حار خانق
تعودت في هذين اليومين على عمتها كثيرا فلقد انطلقتا كل ما توفرت لهما الفرصة في التواجد مع بعضهما
في احاديث شتى كانت في البادئ
عن حياتها وامها واختها مع والدهم
وبعد ذلك سفر الام بعد ذهاب البنات الى جامعة الاخوين ومن ثم ذخلت في سرد المشاكل التي صادفتها هناك وبالاخص يوم الحادث
الذي ما ان بدأت في التحدث عنه حتى بكت غصبا عنها فلو لا ذلك اليوم المشؤوم لكانت تعيش وزوجها بخير

شرحت لعمتها سبب النقاب وعناد عثمان في ذلك وهي التي لم تستطع سوى ان تنفذ اوامره لكنه رغم ذلك يظل يهينها كما لو انها ليست بشرا تحس
والان فقط تتضامن مع السجناء الذين يحكمون ظلما وليس عدلا فالحكم يكون له تاثير سيء على نفسية الانسان حتى الاحباط واشد

كانت تجلس في شرفة عمتها الصغيرة وراء البيت رغم تواضع المكان الا ان الزهور والخضرة الانيقة بفضل العناية بها اعطت افضل منظر مع هواء البحر المالح بعذوبته يخترقهم بدفئ جميل

كانت الشرفة تتكون من طاولة وكراسي بيضاء
وقد جلست عليها ثريا وقد فضلت التحرر من ملابسها المنزلية الطويلة لذا ارتدت فستانا كانت تملكه في اللون الازرق الشاحب وقد انار لونه عيونها بشكل جميل
تقدمت عمتها لتضع الصينية التي احتوت الشاي والخبز الطازج مع الزبدة والجبن والمربى وايضا الشوكولا بما ان ثريا تحبه

قالت تبتسم تجلس قربها

- اليس بصباح جميل ومختلف
الاحساس بالوحدة سيء وقاتل ولاتظني انني اقنط لا حاشا لله لكن تواجدك يا بنيتي يسعدني ويملأ قلبي فرحا

قالت ثريا تحني راسها على اقدامها العارية
والتي اخدت تحركها امامها كطفلة
- عمتي الجو هنا ساحر ورفقتك لايشبع منها الواحد منا
لدى ترينني انا ايضا احببت المكان....

قالت العمة تصب الشاي في الكاس البلوري:
- ولكن....

نظرت ثريا الى من تشابهها في لون العيون وحمرة الشعر:
- لكن؟؟؟ هههه تعلمين جيدا ما اريده اليس كذلك حبيبتي ....نظرت الى الافق امامهم في مكان لايمكن لمخلوق رؤيتهم منه....
آآآآه استغفر الله ...لكن ياعمتي اتمنى لو يتغير كــــــل شيء واصبح حبيبته فعلا ...لكنها مع شخص قوي كعثمان مستحيل ذلك
وانا التي تعرفه لن يتغير
انسان تربى على شيء جعل منه قاسيا عديم الرحمة ....ما ..ماذا ينتظر من واحدة لطخة شرفه وعلى الاقل يخفي ذلك للحفاظ على ماء وجهه....

قالت العمة تمد لهاالشاي وفي نظرتها نفس الحزن المستوطن لكيان ثريا:
- خذي بنيتي ...ولا تقولي ذلك عزيزتي فانت تؤدين روحك النقية مادمت شريفة فليذهب هو حيث يريد المهم ان يكون ضميرك انت مرتاحا...هل تريدين في الخبز بعض الشوكولا ام ....؟؟

قاطعتها ثريا ترتشف من الشاي الساخن:
-... لا اريد شيء ....انا يا عمتي لا اقول ذلك لاذية نفسي بل لانه هو بذكراه يؤذيني لست في حاجة الى الكلام لكي ابكي ...آسفة عمتي اضنني جلبت لك الملل بهذا الموضوع

اردفت العمة بابتسامتها الحنونة:
- لاياثريا لا يا ابنتي ليس لي في كل يوم ان ارى بنات اغلى الناس كان على قلبي اجل ميدان عملي في الغناء الاندلوسي لم يكن بموافق عليه لكن رغم ذلك
كان يعزني وكنت احبه بشدة كان هو سندي المتبقي في هته الحياة رحمه الله ....وبالعكس ان استطعت اعطائك حلا لاعطيتك اياه لكن لم احصل انا نفسي على زوج لطالما فضلت البقاء هكذا سوف تسالين لما؟

قالت ثريا تبتسم رغم سقمها:
- اجل لما ان لم اكن متطفلة على خصوصياتك؟

ردت عمتها:
- لا بنيتي لا ابدا...انا كنت مثلك عندما كنت شابة تغيرت كل حياتي باعتناقي لميدان الفن الاندلوسي
تعرفين عندها في وقتنا ذاك... كنت قد التقيت باحد التجار الكبار وهو اسباني... تعلمين اننا هنا نتكلم كثيرا باللغة الاسبانية
فكان ان كان التفاهم معه سهلا احببته كثيرا لربما قد اظهر لك بشيء من الخروج عن العادات والتقاليد لكن قلبي نبض فعلا بحبه ....

قالت ثريا وقد عشقت اكتشاف ماضي امراة مثلها:
- اكملي ارجوك انا اسمع

اكملت عمتها تقول:
كان يسافر الى الخارج كثيرا ولم اكن اراه سوى في العطلة الصيفية ايام كانت حلوة بالفعل لكنه رحل تركني ولم يعد ...مات

تاسفت ثريا على حالها:
- آسفة عمتي ...آسفة لم اكن انوي ان اقلب عليك المواجع

قالت العمة تبتسم وكأن شيء لم يكن:
- لا عزيزتي الوقت يشفي الجروح رغم انها موجودة الا انها تكون قد اندملت في الخفاء

قالت ثريا تعود الى موضوعها:
- اشك في ان هناك مخرجا لي من قصة عثمان غير الطلاق اعرف انه ابغض الحلال لكني ساشعر بالتحرر بانه ابتعد او...او انا ابتعدت عن طريقه لكي لا ازيد من عذابه ...في بعض الاحيان اتفهم شعوره لكن اغلب الوقت ارى انه مجحف في حقي انا لا ارسى على فكرة معينة وليست لدي خبرة ولاانوي استخدام خبرة احد في هذا الموضوع فلن احاول بعد اليوم كسبه
يصر على الاحتفاض بكرامته وانا لن ارضى لما تبقى لي من كرامة معه ان تهان ...طفح الكيل فليخبرهم بطلاقنا وعندما ستتصل امي ساشرح لها الوضع ....رغم ان المشكل كله في جدي الا انني لن استطيع ارضاءه فلا احب ان يفرض احدهم سيطرته علي ...لو كان عثمان انسان متفهم لما تركته لكني ما عدت احتمل

نهضت من مكانها تخفي آلامها احمرار عيونها الرمادية السريع وتركت للهواء في مسحها على هوادة منه
مررت يدها في شعرها الاحمر في لوياته الجميلة
وقاومت كل كيانها بالا تنهار ابتلعت الغصة التي مرة كالحجر في بلعومها وتنهدت تخرج بذلك نفخات الحزن من صدرها
فمع ذكرياتها معه واحاسيسها اتجاهه لا تظن ابدا انه بالانسان السهل نسيانه
وعندما تسترجع لحظات الالم منه في كفة وحبها ومقدرتها على السماح في الكفة الثانية فتجد انها بحبها قد تصفح عنه تناقض مع اقوالها القاسية

سمعت عمتها من مقعدها تقول بصوت مرتفع لشدة الريح التي يشتته:
- الا تفكرين في الطلب منه ان يتزوج باخرى والا يتركك ...اعلم الامر قاس عليك لكن على الاقل ستشعرين بانه معك اعلم ما تشعرين به ينهش في صدرك اعلمه جيدا فقد عانيته
الفراق صعب حبيبتي لكن زواجه من اخرى والاحتفاظ بك في نظري فقط اظنه ارحم ...ما قولك؟

كانت الكلمات تنهش في كيانها تقطع اوصالها لا ليس لان العمة ذكرت ذلك هي ايضا وضعت ذلك الاحتمال لكن وضعته بعد ان تتطلق منه
استدارت تنظر اليها بحزن جعل من عيونها عالم يكتشفه الانسان مظلما يخفي اغوارا مليئة بالحسرة:
- فكرة ان يتزوج هو حر
لكن ليس على حساب تعاستي
افضل البقاء خارج حياته وليفعل ما يحلوا له ...قد ينتهي مني ويضعني على رف الارشيف في حياته اعرفه ...
قد ينتهي باتعاسي اكثر فاكثر وقد ينعم باولاد من الاخرى ويخرج معها ويعاملها افضل مني وامام عيناي ...لا ابدا لن احقر نفسي الى تلك الدرجة لست من تسمح لنفسها بالبقاء في صف الانتظار الى ان يفرج كربها معه فلينتهي هذا الامر بسرعة لم اعد اتحمله كرهته ...

ذخلت البيت مسرعة ودخلت عمتها المتوسطة الطول وراءها والتي لاتزال تبدوا شابة رغم امتلاء جسدها قليلا
نظرت اليها وهي تصعد الى الطابق الاعلى وقد لاحظت عليها بوادر الالم والامتعاض خافت ان تكون مريضة لذلك اسرعت اليها لتجدها في الحمام الذي يتشاركه الكل فوق

قالت لها عمتها بتوتر:
- انت مريضة يا ثريا ....خدي نفس حاولي جهدك... لم تاكلي حتى الان لتستفرغي

اسندتها عمتها وارتمت ثريا بتعب على السرير
وحاولت عمتها ان تدثرها لكنها من ملامحها بدى انها كرهت التدتر فدفعت الشرشف بقدميها
وراء عيونها المغمضة لم تكن ترى سوى صور من الماضي
اتعبت روحها ورسمت الهالات حول عيونها
هو صاحب الشموخ الذي لايهد اراد ان يوصلها باحتقاره وكرهه لها الى نهاية حتفها
كان زواجا بدون امل وكانت تعلم نهايتها لكنها ابت ان تصدق انه سياتي اليوم الذي ستفقد صورته فيها الى الابد والتي لن تمسها لن تستند اليها

استدارت والارتعاشة تهز كامل جسدها
وكيف لاتتصور المستقبل هي من نسجت خيال انه يضمها في ليلة ممطرة
تلى الارتعاش دموع بحر من الدموع الخالصة المهانة المسكينة التي بدات تتوسل عدم الخروج من عيون لاتستحق الدموع الا ان تختفي في دفئها





***********************



في المستشفى بالدار البيضاء

وبالضبط في الكافيتيريا



كان عثمان في قميص طويل اسود يزيد من تبيان رجولته للعيان
مع شربيل في اللون الابيض الناصع من صنع فاخر من الجلد
كان يجلس في مكانه وهالة من ضوء الشمس الساطع في ذالك الصباح تسترسل على شعره الاسود
ازال في تلك اللحظة نظارته السوداء الشمسية ووضعها قربه على المائدة بانت عليه نظرات فارغة
لايستطيع شيء في حياته سوى مسايرتها وعدم الوقوف في صف اية مشاعر قد تهين وتنقص من كرامته

نظر الى ساعته الفضية الكبيرة التي التمعت مع الوهج ونظر الى باب الكافيتيريا وفي تلك اللحظة بان الرجل اللذي كان ينتظر وصوله ابوا الهام

اقترب الرجل الكهل الى مائدة عثمان الذي وقف بطوله في انتظاره وسلم عليه وهو يقول:
- كيف حالها عمي ؟

قال الرجل :
- يقول الطبيب انها ستخرج اليوم من غرفة العناية وسنتمكن من زيارتها

ابتسم عثمان للسعادة التي ضهرت على الاب وهو يتحدث وغير مصدق للنعمة التي اعطاه الله
فتناسى الموضوع الذي اراده من اجله عثمان:

- بني استميحك عذرا لقد انجرفة في فرحتي على بنيتي ونسيت انك اردتني لتحدثني فتفضل بالكلام

قال عثمان يريح ظهره ويستريح اكثر في جلسته :
- اردتك يا عمي فعلا فالموضوع يخص ابنتك الهام واتمنى ان تصغي الى ما ساقوله لانه مهم

قال الرجل باهتمام واثق :
- حسنا انا كلي آذان صاغية...اسمع





*****************



في القصر



كان هذا الصباح القصر هادئا
فمعضم الرجال قد خرجوا باكرا
والجد ايضا الذي بعد عودته من سفره متعبا قرر ان يقوم بجولة ويظهر حضوره وراء احفاده على العمال وقد خرج مع سليمان وسعيد اما عبد الصمد فقد بقي في المنزل لانه فضل ان يطلع امه وهي وحيدة على مستجدات حياته



في جناح سعيد


كانت عبير ولاول مرة ترفض النزول فكانت عادتها ان تنزل باكرا بعد نزول زوجها لكي تساعد في تحضير الافطار واكمال الواجبات مع امها وحماتها
لكنها ظلت كما هي يومان مرا على تخاصمهما
لاحظت فيها تغيرا جذريا سعيد الاول في بداية الزواج تحول الى قطعة ثلج مغلفة بالجليد باحكام
اين هو الرجل العاشق الولهان
هل تكون قد ظلمته واخطأت في حقه
يدخل متاخرا جدا حتى انه لايترك حركة وراءه لاتشعر بوجوده وبذلك تذهب مع الريح كل رغبة لها في رؤيته ولو حتى من بعيد
لا صدف تجمعهما ولانفس منه تشعر به قريبا منها
اين هو فعلا اين تسبح به افكاره
ماتحلله الان انه ولابد تلك سميرة كذبت
الم يعترف لها من قبل بانه يحبها ويموت حبا بها؟
الم يعترف بانه كان انسان منفلتا وفي ثاني يوم من زواجهما؟
كان صريحا معها لربما ما ارته وقالته تلك المرأة كان في الماضي قبل مجيئها هي
لكن ما يؤلمها ان تلك المراة كانت عشيقته
ما ينحرها ويشد على اوتارها انها عرفته
تمنت الا تعرف ابدا شكل النساء في حياته
فرغم انها تقبلت انه كان منفلتا الا ان الواقع في ذلك مر مرارة العلقم
ان يبقى المرأ جاهلا في بعض الامور يجعل حياته تشع نورا بشكل غريب راحة لامثيل لها
لكنها لاتتمكن من ضحد المراة من تفكيرها الان لاتستطيع

رمت الغطاء عنها وازاحت الستارة لتخرج من سريرها
اقتربت من مكان نومه حتى ان هته الستارة لم تزحزح فلم تعد تراه حتى من بعيد نائما
ازاحتها واقتربت من مكان نومه
واضطجعت فيه تلف نفسها في عطره ودفئه الذي خلفه
وتغمض عيونها في احلام تشفي هذا الغم من مكانه



في الاسفل



توقف عبد الصمد قرب باب المطبخ ودخله بعد ان طرقه

- صباحكم خير يا احلى البنات

ضحكت مليكة تقول:
- بنات اول مرة ارى شابا يصبح علينا يا بنات صغرتنا كم سنة بالضبط؟

قال يقبل راس عمته:
- تبدين انت وامي ما شاء الله في ريعان شبابكن

قالت فاطمة تضع فنجان القهوة الممزوجة بالحليب الذي ياتى به من المزرعة محلوبا طازجا من البقر:
- انت أليس لديك عمل ؟

اقترب منها يقبلها على خدها:
- امي اريدك في امر لن آخد من وقتك الكثير

قالت لمليكة امامه تشير اليه:
- ارأيت اولادي اصبحوا يريدون فقط ...لا يعرفون العطاء

ضحكت مليكة وجذب عبد الصمد امه من يدها برفق واخدها معه الى مجلس النساء اجلسها ووقف يقول:
- امي الحبيبة تدرين والكل ان زواجي سيقام في اواخر الصيف اليس كذلك؟

قال فاطمة تغضن جبينها باهتمام:
- اجل... لماذا؟

قال عبد الصمد بشيء من التردد:
- لقد قررت ان اتزوج الاسبوع المقبل ...وارجوك امي لا تسالي الامر وما فيه ان القصة صعب شرحها الان لكني...

قاطعته امه:
- كيف ؟؟؟ لكن اتدري معنى كلامك يا عبد الصمد اننا يجب ان نضاعف سرعتنا ومجهودنا في التجهيز

ركع قرب امه يمسك يديها ويقبلها:
- امي ثقي بي الامر لو كان بيدي لانتظرت الى موعد الذي سبق وحددناه لكن المشكل الذي طرأ يستدعيني الى الاسراع في الزواج واعطيك يا امي كامل الصلاحية في تحمله ارجوك يا امي حاولي فهمي

قالت فاطمة تطأطا راسها:
- احاول فهمك انت واخوتك فلا استطيع
اتضنني غافلة عما يجول في هذا المنزل ...اولا سفر ثريا وحدها دون استشارة احد سوى زوجها كما لو كانت تعيش وحيدة هنا ...ثانيا ارى تغيرا في تصرفات سعيد هذين اليومين يعود حتى ساعة متاخرة من الليل وبسيارته الشيء الذي كان قد تخلى عنه منذ مدة زواجه كلها...وثالثا انت عليك على الاقل تفسير المشكل لكي اقتنع فانا لاانوي اقامة عرس يتشمة الناس في به


نهض عبد الصمد وقد تغيرت ملامحه وهو لايدري ما ستأول اليه حياته بعد اليوم لتغير ضروف زوجته لكنه قال:
- ساخبرك باختصار امي لكن عديني الا تتسرعي في حكمك عليهم فهي مهما كانت حياتهم الشخصية وانا الان زوجها وعلي ان اقف معها في محنتها الى ان تسوى الامور بينها وبين والديها

سالته والفضول يكاد يقفز من عيونها:
- وما الذي بينها وبين والديها؟؟

قال عبد الصمد يتكئ على مائدة الاكل
- هند ليست بالابنة البيولوجية لسي محمد اي انها ليست ابنته فعلا لم تلدها لا رشيدة ولاهو من امراة اخرى لقد ربياها وهي ابنة عائلة فقيرة لكن هذا لايمنع انها لاتزال ابنة السي محمد فالاسم هو الاسم


اصابت ام عبد الصمد صعقة امتزجت بشيء من عدم الفهم ونفور من العائلة بطريقة مفاجئة :
- ليست ابنتهم لكن لما اخفو عنا ذلك... لما؟

قال عبد الصمد بهدوء:
- لان هند ما كانت تعلم شيء
ضروفهم يا امي قاسية في هذه الاثناء اريد ان اتزوجها في حفل بسيط هناك واجلبها الى القصر علني استطيع تسوية هذا الخلاف واتمنى فعلا الا احتاج الى ذلك

بدى الامتعاض الشديد على وجه امه
لطالما حلمت بان ابنها الفارس المنصوري يتزوج بامرأة تليق مقاما به
كانت تعلم جيدا انه في الجمال يغلب اخوته بحيث يتبعه عثمان في ذلك
كم كانت تخاف عليه من تلك الاجنبيات اللواتي كانت تلتففن عليه كانت تخاف بان يدخل باحداهن في يوم الى القصر لدى فضلت ان تسرع في تزويجه وتحصينه
نظرت بعين فاحصة الى هند ووجدتها مرضية فعلا قوام وجمال
لكن الاصل اصلها ليس مرتبطا سوى فوق الورق بسي محمد اذا صادف وعلم اي احد بحقيقتها فقد تدمر صورة العائلة التي تشكلت عبر الزمن لايرتبط باصل هذه العائلة سوى من هم اهل لها


شعرت وكان الارض تدور حولها امسكت راسها بين يدها

قال عبد الصمد يجلس قرب امه يمسك يدها:
- امي ماذا بك ...هل انت بخير هل يالمك راسك؟

قالت تنظر اليه وفي عيونها تصميم:
- بني لست ادري ما ساقوله....اولا لن احرمك منها ان كنت تريدها لكن على الا يعلم احد باصلها ...ان صادف ووصل خبر ان اصلها من عائلة فقيرة الى احدهم فستطلقها

نهض عبد الصمد وقد علت الدهشة وجهه وبدى فكه في غاية التوتر
فشعر ببعض الامل في طلب امه لدى قال ليقفل الموضوع ويخرج:
- لاتخافي امي تلك المرأة زوجتي الى الابد ولن يعلم احد باصلها ان كان هذا سيرضيك

نظرت اليه وابتسمت غصبا عنها فهي تحب ما هو خير لاولادها:
- انا يا حبيبي ...يا بني تعرف انك واخوتك من اعشق واتمنى لكم ما تحبون
المهم لاتنسى شرطي واعتبر طلبك منذ الان مقبولا
ولاتحمل هما فزواجك في الاسبوع المقبل ..الحمد لله اننا لم نرسل الدعوات بعد ...هيا اذهب وانا ساتولى الامور

انحنى على راسها يقبله وخرج متوجها الى عمله
خرج وقد لاحظ ان سيارة جولييت غير موجودة لكن لفترة وجيزة فقط
فقد تغيرة وجهة افكاره الى المراة الوحيدة التي يتمناه حتى الالم ويتمنى فعلا الا يتسرب امر اصلها لان ذلك سيدمر له حياته وحياتها




في الاصطبلات


وبالخصوص مكان الحصانين الخاصين بجولييت الطويلة المغناجة
دخلت تتسحب دون ان يراها احد
ذكية رغم جمالها المزيف الذي تغدق عليه من كل وقتها فتبدو كالبهلوان لكن بدون ان نكذب على انفسنا
فاصحاب الانفس الضعيفة يرون ما نراه مزيفا على انه الشيء الاكثر سحرا وروعة وهذه مجرد نظرية مني ولكم واسع النظر

اقتربت جولييت بحذائها العالي الذي تعودت على الجري به حتى دون ان تكسر اقدامها البيضاااء
ونظرت الى الفرسين اللذان فصلا كل واحد منهما في جهة جذبت من جيبها شيء وضعت منه في كلتا يديها واكلته الى الحصانين
وخرجت بسرعة تتاكد من انه لم يلمحها احد
ارادت ان تكمل لعبتها رغم ان الوقت الذي طلب فيه عبد الصمد البقاء في المزرعة قد نفذ ومكتوب للحصانين انهما سيخرجان غذا لكن
سنرى بعد ان يتورط عبد الصمد في تسميم الاحصنة وليس موتها طبعا كيف سيضطر لارضاءها وابقاءها هنا مدة اطول





*******************


في المستشفى





اخرج عثمان تنهيدة تنم عن تفكير في الوضع وكيف سيخبر الرجل امامه:
- عمي عليك ان تعلم بان المتبرع بالقلب يطلب ذهاب ابنتك معه الى الخارج في فترة نقاهة تقضيها هناك لكي تسترجع صحتها
اخبرته انا من بعد اذنك انني ساذهب معها فقط لكي اضعه تحت التجربة فان كان صادقا لن يرفض ولم يرفض طبعا
لكن بطبيعة الحال لايمكن لالهام الا ان تذهب ومعها محرم وقبل ان اقرر شيء اردت اخبارك بالامر في حالة وجدت انه يمكن لاحد معارفك او اي شخص اخر الذهاب معها فسكون هذا قرارك طبعا فانت والدها


الرجل شعر ببعض التحفظ لم يكن ليحبذ ذهاب ابنته لكنه الف بعدها طيلة السنة في مدينة او بالاحرى قرية بعيدة تسكنها وحدها لدى قال :
- ليس لدي سوى اخ واحد وهو ليس هنا فلديه اعماله واشغاله لم تكن في يوم العلاقة بيننا جيدة لكن انا املك جواز سفر يخولني الذهاب معها ولكني لا اعرف كيف ساخرج الاوراق التي ستساعدني على السفر واياها

قال عثمان وقد توضحت الامور الان:
- اذن حضرتك لاتمانع ذهابها هناك؟
لكن على ان تذهب انت معها يمكنني ان اساعدك وهي في اخراج الفيزا في وقت وجيز لدي اصدقاء في القنصلية سيساعدونكم في ذلك ...لا عليك ساتكلف بالامر

قال الرجل يشكره:
- اشكرك بني اعرف اننا اثقلنا عليك كثيرا فلسنا ندري كيف لنا ان نرد لك الجميل هذا

ابتسم عثمان يعيد ارتداء نظارتيه السوداوين:
- لاعليك لاتشكرني فانت بمثابة ابي ...هيا ماذا تطلب للافطار انجرفنا في الحديث




بعد اخراج الهام من غرفة الانعاش
كانت تعاني من اثار العملية وتعبها لدى فضلوا ان يزوروها في وقت آخر حيث تكون قد اصبحت افضل حالا
حتى عصام الذي كان يطلع على حالها كان قلقا حقا
يدري انه شديد القلق وشيء جديد يشده اليها
ولم يغفل لحظة عن عائلته التي اخد ياخد اخبارهم من ميغيل
وعلم بذلك عن استعادة امه بعضا من توازنها بعد تقبلها للوضع
و اخته التي لم تبخل بمد يد العون لها ان احتاجتها




**********************



في القصر



بعد مدة من بقائها في جناحا
نزلت عبير بعد اخدها لحمام بارد في هذا الحر والذي انعشها منه
وارتدت حجابا ورديا وفستانا ورديا كذلك
لم تنزل الا في ساعة الغذاء رغم انها لم تفطر الا انها احست انها تريد اكل شيء يسد عليها زقزقات بطنها المزعجة

نزلت الى الاسفل ورات امها تحضر مائدة مجلس النساء وقالت ترفع يديها:
- واخيرا ابنتي نزلت ...ارحتني كنت ساصعد لاجرك الى الاسفل فاطمة خرجت منذ مدة تدرين ان عبد الصمد قرب زواجه في الاسبوع المقبل

ازاح هذا الخبر بعض الغم عن راس عبير:
- حقيقة؟ لكن لماذا هذه السرعة؟

قالت الام :
- ساخبرك ساحضر السلطة فقط واعود

انتظرت عبير امها الى ان جلست قربها لتشرعا في الاكل
فقالت عبير :
- امي قبل ان تكملي الم ياتي الرجال للاكل اليوم؟

اجابتها امها :
- المنزل فارغ لاتوجد سوانا فيه
ذهب جدك وزوجك الى القرية لربما عزمه احدهم او شيء ما لست ادري اذا جاء زوجك اسأليه...
لاكمل لك اخبرتني انه قرب الزواج فقط لانه لايحتاج الى كل تلك الترتيبات فهو يريدها في القصر بسرعة ...لا اظن ان شباب اليوم عاد عندهم ادنى صبر

قالت عبير وهي تضع يديها في حضنها دون ان تلمس الطعام:
- هل اتصلت بثريا ؟

اجابتها امها تحرك راسها بالايجاب:
- ورغم ذلك لم تجبني لابد من انها ضحدت الهاتف من سفرها اظن ان عثمان ذهب اليها كما اعتقد ويمضيان شهر عسلهما على راحة تامة

اخرجت عبير تنهيدة متحشرجة فنظرت اليها امها تسال:
- مابك صغيرتي لما لاتاكلين ؟

قالت عبير لامها بكل صراحة:
- حصل شجار بيني وبين سعيد امي اعلم انه شيء لربما تافه لكن لست ادري اتمنى فقط ان لاتخبري حماتي بشيء

غلفت الجدية وجه مليكة:
- وتدرين انني كنت انتظر فقط ان تخبريني انت وثريا عن اي شيء في زواجكما لاقوم بما علي فعله اي النصح
ماذا الان ما المشكلة تكلمي فلن يسمعنا احد؟

قالت عبير تسند ظهرها على المخدة:
- لقد صارحني سعيد بانه كان من قبل ...لست ادري ان كان من الصواب اخبارك بهذا لكن احس انني سانفجر
اولا في بداية زواجنا اخبرني انه كان على علاقة بالنساءو بالخمر ايضا
لاتنظري الي هكذا هو لم يعد اليه منذ زواجنا لاتخافي
انه انسان شهم وو....ولكن قبل ثلاثة ايام اتت احداهن الي على طريقي الى الاراضي واخبرتني بانها على علاقة به لحد الان ...امي اكاد ابكي ..انا لااريد ان انقص من صورته امامك لكنك امي وانا زوجته ولن اسمح بان يتخلى عني من اجل اخرى اخبريني ماذا افعل؟

قالت مليكة والجدية والصرامة بادية على كل ملامحها:
- هو اعترف بانه تخلى عن الاثنين اليس كذلك اذن لما انت تصدقين فاسدة تغار منك ....اعلم انه صعب على المراة لقاء من كن في حياة زوجها من قبل
لكن سعيد انا اعرفه واحبه لايمكنني ان اضع اللوم على طريقة سير حياته اجل لربما كان ...ككل الرجال عليك ان تعرفي انه لم يكن محصنا بزوجة جميلة مثلك وهو شاب كامل الرجولة ان هو لم يقترب من تلك الامور فعلى الارجح ستتقرب منه احداهن وتضعف نفسه
مهما كان يا ابنتي ومهما فعل الرجل لايعاب
عليك انت فقط ان تعرفي مفتاح الغازه وبهذا سيبقى زوجا محبا طيلة حياته
الماضي انسيه وركزي على اعترافه فهذا شيء قلة من الرجال يفعلونه
ولانه الرجل الانسب لك ....
اخبريني ما الذي فعله عندما علم بلقائك بتلك الحقيرة؟؟

قالت عبير تخفض نظرها خجلى:
- اراد مني ان اصدقه انه لم يقرب غيري منذ زواجنا والله ويحلف انه يحبني بصدق لكن رغم ذلك ....

قالت مليكة تمسك يد ابنتها:
- يا ابنتي انت صغيرة وجاهلة في هته الامور خذي نصيحتي وحاولي مصالحته رغم الشك ففي الاخير ستتاكدين بغريزتك انه لايعاشر غيرك ثقي بنفسك ومقدرتك على ذلك


رغم كلام امها احست عبير بشيء يمنعها من مصالحته لربما تعودة الدلال الزائد عن حده لدى تنتظر ان يبادر بالكلام فتعتذر بعد ذلك شيء يرضي غرورها






********************




في الاصطبلات



هم عبد الصمد والتجهم باد على وجهه بدخول مكتبه شبه عاصف
بلباس الركوب المتكون من سروال وبوط اسود وقميص في الابيض المتناقض مع سمرته
اقترب من مكتبه وجولييت تتبعه وهي تجلس على الكرسي الجلدي امام المكتب بينما هو يجلس وراء مكتبه
مغتاضا من صوت نحيبها وكانه موسيقى مزعجة حقا

قال بعد ان شعر بان الوضع يستفز عصبيته:
- ارجوك يا انسة جولييت الافضل ان تتمالكي نفسك ترين ان الطبيب يسيطر على الوضع فلاتكدري نفسك

قالت تمسح دموعها باظافرها المطلية:
- اعرف ابد الصمد لكن الوضع يصعب احتماله اتمنى ان اعود الى المزرعة الاخرى بسرعة لانني اشتقت لجوها الرائع لكن هذا لايمنع ان اقول انني فعلا استمتع هنا معك في الاصطبلات واوضاع العمل تسليني هنا ...لكن...

بدأ يتجاهلها عبد الصمد وهو يتصفح الروجيستر امامه ليلهي نفسه عن الغضب الذي يعصف به
اولا لايستطيع فعل شيء لان ما حصل حصل في مزرعته
ولاينوي الحصول على مشاكل زيادة
وما يفنيه هو اسمه المبتدل من فمها يكره الوضع مايجعله هكذا حاقدا على الجنس اللطيف الاجنبي انه اصبح يشعر بالغثيان من كثرة العلاقات القديمة في حياته فلم يحصل ان استمالته في ذلك الوقت غير الاجنبيات يستغفر ربه كثيرا لانه فعلا كان في ذلك الوضع ويحمد الله لانه اطال في عمره ليصلح خطأه بزواج بات يشعره بشعور انه انقى واطهر واصفى بكل المعايير وكان كنزه لايتمتع بمثله احد
وما يوتره اكثر وضع حبيبته فهل سينتهي كل شيء على ما يرام هذا مايتمناه
لايعرف بالتحديد ان خرج الوضع عن السيطرة كيف سيكون ردة فعله ومع اي اتجاه

قالت جولييت وهي تلاحظ سهوه على الروجيستر:
- هل قلت مايزعجك ابد انا فعلا لم اقصد

قال ينتبه لها اخيرا:
- لا اخبرتك قبلا اننا ناسف للوضع الذي نجهل من فاعله بالضبط لكن سنتكلف بضيافتك على احسن وجه الى ان تعافى الاحصنة

ابتسمت ترمش له بعيونها وابتسامة جريئة اكثر منها بريئة فوق شفاهها
حول نظره عنها فقد بهت لجرائتها دخل في تلك اللحظة الطبيب البيطري

قال عبد الصمد بصوت صارم:
- كيف حالها هل استطعت معرفة علتها؟

قال عمر :
- لا سيدي لكن ما ساقوله ان ما اعطي لها كان كفيلا باتعاب عضلاتها بشدة ستبقى تحت العناية لمدة تزيد عن الاسبوعين هذا ما قدرته ..هذا بطبيعة الحال ان لم تمت وهذا ما ساسعى سيدي لعدم حصوله

قالت جولييت وهي الادرى بعملها فهي اذكى منهما طبعا بما انها من سممت حصانين يساويان ثروة لكن كما يامن الغربيون
المال يجلب المال
قررت المغامرة بالاحصنة لتلعب لعبة الاغراء وان تحاول الاطاحة بعبد الصمد عله يكون صيدا زهيدا

- يا الهي رب السماوات كيف تموت ؟؟؟؟
لكن غير معقول اتمنى الا يحصل ذلك

قال البيطري وقد شاهد علامات الامتعاض على سيده:
- لا يا انسة هذا احتمال وارد فقط وليس مؤكد مادامت الاحصنة بين يدي فاعدك بانها ستبقى على خير ان شاء الله

استمع عبد الصمد للكلام وهو غير قادر على التقاط شيء في الهواء يبدو وكانه يصل الى استنتاج ما احساس في بعض الاحيان يحصل معنا لكن سبحان الله نفقده بسهولة
قال وقد تناسى شعوره:
- حسنا اذهب لعملك عمر شكرا لك

- لاشكر على واجب سيدي

قال عبد الصمد ينهض من مكتبه يحمل سوطه ويقول :
- اعتبري نفسك في مزرعتك لدي امر مهم علي فعله

قالت بسرعة تقترب من مكان وقوفه:
- هل آتي معك

ابتعد ببخفة ينزل الدرجات في الخارج :
- لا سازور زوجتي ليس داع منك ان تاتي استمتعي بوقتك

نظرت جولييت وعيونها تقدح شررا منذ ان ذكر زوجتي
تريد ان تلفت انتباهه باي طريقة لكن كيف؟؟؟
ابتسمت وهي تدري انها ما ان تسال شيطانها الكافر حتى تاتيها الفكرة على وجه السرعة لانها تعودت المماطلة والالاعيب




*****************




في صباح يوم الخميس

بالساعة التاسعة
في مدينة طنجة الساحلية




كانت العمة في الاسفل تغسل اواني الافطار فبعد ان شعرت بابنة اخيها تتعافى طلبت منها بعد الافطار الذهاب لكي ترتدي ملابسها وترتاح قليلا الى ان تنهي اشغال البيت الصغير القليلة
بعد ان اعادت كل الاواني الى مكانها ازالت وزرة العمل الصفراء بزهورها البرتقالية ووضعتها على كرسي قرب المائدة في المطبخ واسرعت في ارتقاء السلم الذي قادها الى فوق حيث ثلاث غرف للضيوف مع غرفتها هي
فالغرف الكثيرة في بيتها ليست الا لانها تستقبل لديها صديقاتها الفنانات الاندلسيات

عندما وصلت الى غرفة ثريا وجدتها قد جلست امام المرآة القديمة فوق منضدة خشبية قديمة ايضا لكن بزخارف جميلة
قامت ثريا بتتبيت شعرها الاحمر بعد ان مشطته كعكة فوق راسها ووضعت حجابها ومن ثم نقابها واخدت تتفقد محتويات حقيبة يدها

قالت عمتها التي اخدت جلبابها من الغرفة المجاورة وارتدته :
- سنذهب الى دكتورة شاطرة رغم انها متواضعة لكنها فعلا شاطرة في ميدانها

اجابت ثريا وهي تضع بعض المناديل الورقية في الحقيبة مع الهاتف
وهي تتفقد محتوى محفظتها الذهبية الراقية
- اجل عمتي اثق بك على اي حال ليست سوى نوبات استفراغ اضنها من تقلبات معدتي لا اكثر

قالت عمتها وهي تلاحظ انها تجذب دفتر الشيكات من حقيبتها:
- بنيتي لاتحملي هذا معك انا من سيدفع

قالت ثريا مبتسمة لعمتها :
- لاعمتي حان الوقت الذي ساستعمل فيه المال الذي ورثته من والدي سيكفيني لمدة طويلة وابدا لن اضيف من اعبائي عليك هيا فلنذهب

تنهدت عمتها تنظر اليها بحنان وتتسائل كيف لرجل مثل ذلك الرجل ان يتخلى عنها لم ترى لقلبها مثيلا ماشاء الله

وهما تنزلان الدرج قالت ثريا:
- آخر مرة كنت فيها بافران اتيت بسيارة الجيب وللاسف اخدها مني عثمان لربما ترك الاخرى في الدار البيضاء واتى في القطار السريع تصرفاته غريبة حقا

كان عثمان قد ترك السيارة مع والد الهام لكي يسهل عليهم التنقل من المستشفى الى الفندق

قالت عمتها تجيبها وهي تعلم سبب قولها ذاك:
- لاتحملي هما سناخذ سيارة تاكسي صغيرة وسنصل في ضرف خمس دقائق ليست الدكتورة بعيدة كثيرا...تدرين انا اصر بعد ان نطمئن عليك ان نذهب الى البحر قليلا لتغيري وتنضفي راتيك ببحرنا سيعجبك متاكدة من ذلك

قالت ثريا تجيبها:
- طبعا اعرف فلقد كنا هنا في طنجة لكن في منطقة مختلفة تماما وبعيدة وهذا احد الاسباب الذي جعلنا لاناتي اليك دائما

بعد ان استقلتا السيارة العامة كان فعلا الموعد الذي ذكرته عمتها دقيقا
بحيث وصلوا بعد خمس دقائق ما اعجب ثريا في طنجة النضافة فلأنها مدينة تستقطب السياح الاجانب بكثرة والإسبان فاصبح مطلوبا من السكان تزيين واجهات بيوتهم دائما بالورود واصبح زائرها كما لو انه في بلاد اوربية جميلة وانيقة وقد لقبت بعروسة الشمال المغرب

صعدت العمة وثريا في مصعد قديم من طراز فرنسي يفتح يدويا كباب مقفل وليس تلقائيا
عند وصولهما الى الطابق الاخير خرجت الاتنتان منه واغلق الباب الثقيل وحده
واقتربت العمة تحث ثريا لتتبعها طرقت عمتها بابا كبيرا خشبيا وقد كانت هناك لوحة كتب عليها الدكتورة
ماري لاغوز فرنسية

قالت ثريا تسال عمتها:
- هل الدكتورة فرنسية ؟

ردت عمتها:
- اجل فرنسية هي الان في سن الثانية والخمسون لكنها تبدوا اصغر اما انا فاصغرها بعام

انبهرت ثريا تنظر الى عمتها وهي لاتصدق انها في ذلك السن فقطعت جملتهم الفتاة المغربية التي تستقبل الحالات

- تفضلا من فضلكما كيف حالك ؟

اجابت عمة ثريا بابتسامة للفتاة:
- بخير الحمد لله اعرفك ابنة اخي رحمه الله

- تشرفنا

ابتسمت لها ثريا تومئ وقالت العمة تسال الفتاة:
- هل الدكتورة لديها مريض

اجابت الفتاة:
- لا يمكنك الدخول عندها لكن اسرعي فستبدأ في استقبال مرضاها ابتدائا من العاشرة

دخلت ثريا وعمتها التي تكلمت مع صديقتها:
- صباح الخير لاغوز كيف حالك يا امراة ؟؟

رفعت المرأة الشقراء صاحبة عيون زرقاء حادة الى العمة وابتسمت:
- اهلا بالتي لاتزورني الا اذا كانت مريضة

ضحكت ثريا وعمتها واقتربت عمتها من الدكتورة تسلم عليها في وجهها:
- انا بخير يا غوز بخير

قالت ماري تانبها:
- إما ناديني لاغوز يا نفيسة او ماري لاتنقصي من اسمي

قالت نفيسة العمة:
- لا ساناديك بما يحلوا لي تقدمي يا ثريا وارفعي نقابك لتتعرف عليك غوز

اقتربت ثريا ورفعت نقابها ولاحظت ما كانت متاكدة منه فقالت الفرنسية:
- نفيسة ايتها الكاذبة متى ولدت هته الفتاة المسكينة وخبأتها عني طوال هته السنين تشبهك كثيرا

ضحكت نفيسة عمة ثريا وقالت :
- يا لك من مجنونة تذكرين عهدنا ...لارجال ...انا لحد الان لارجال الا اذا كنت انت خنت العهد

قالت الدكتورة:
- طبعا لا
فتجون
لم يترك قشة صغيرة تلعب بقلبي دفنه معه
كم حياتنا متشابهة ...لكن فعلا من هته الفتاة هل تقربك؟

قالت نفيسة:
- انها ابنة اخي والشبه اخدته منه لذى تشبهني اتيت عندك اليوم لانها مريضة اخبريها يا ثريا لتعرف حالتك

قالت ثريا اخيرا:
- انا يادكتورة اشعر عندما استيقض بالدوار وكان النجوم تحوم حولي وايضا اتقيئ وكانما بي التهاب ما
اتيتك تحت اصرار عمتي لولاها ما كنت هنا

قالت الدكتورة تقف لتقول لها:
- هيا اسبقيني لغرفة الفحص هناك

وضعت ثريا حقيبتها ونقابها على الكرسي وذهبت الى غرفة الفحص فبقيت المراتان نظرت كل منهما بحكم العشرة الطويلة كانت غوز تتحدث بلغة البلاد فقد تعلمتها بسرعة وبما ان نفيسة وهي صديقتا العمر اخترعتا لغة اسمها" الهوس" اكشف لكم اسرارنا
وهي لغتنا او اية لغة مقلوبة الامر صعب جدا في تعلمها لكن مع التعود يستطيع البعض فعلها
هذه اللغة نتحدث بها بيننا اذا حصل ووجدنا انفسنا في مازق وتنفع في غالبية الاحوال

قالت الفرنسية:
- له يه تجوزتم؟
تعني "
هل هي متزوجة؟

اجابت نفيسة بتنهيدة مقطبة :
- لجا
تعني"
اجل

فقالت الدكتورة غوز :
- ىرنس ام اهب
تعني"
سنرى ما سنفعله

اردفت نفيسة مغضنة الجبين:
- اهجوز ىلخت اهنع و نوكتس تنحم ول تناك لماح
تعني"
- زوجها تخلى عنها وستكون محنة لو كانت حامل

ردت الدكتورة تربت على كتفها:
- اهيلع نا اهريغف اوربص ىلع دئادش ربكا
تعني"
- عليها ان تصبر فغيرها صبروا على شدائد اكبر

كانت ثريا تحاول في الداخل سماع الحديث بينهما لكنها تاهت لاتدري ان كانتا تتحدثان ام ماذا بالضبط
ارتدت وزرة زرقاء وجلست على الكنبة البيضاء الباردة حتى دخلت الدكتورة التي فحصتها بخبرتها في الميدان

بعد انتهائ الفحص قالت الدكتورة التي بدت متجهمة:
- ارتدي يا ابنتي ملابسك واتبعيني

قالت ثريا والقلق يدب في اوصالها:
- حاضر دكتورة

خرجت الدكتورة التي جلست تتحدث بنفس اللغة الى صديقتها وبعدها توقفت الاتنتان على الكلام لرؤية القلق باد على محيا المراة التي اكملت ارتداء عبائتها

قالت الدكتورة وقد شعرت بان الفتاة مسكينة وقالت:
- تعالي اجلسي يا فتاتي انت جميلة حقا ولاتستحقين مثل هذه الملامح المتجهمة افردي وجهك بابتسامة متفائلة اولا

غصبا عنها ثريا ابتسمت واتبع ذلك كلام الدكتورة وهي تنحني على اوراقها:
- انت حامل بنيتي والطفل في مرحلة خطرة جدا بل وتحتاج منك الى عناية فائقة ولكن انت بامان كوني واثقة ...امسكي يدها يانفيسة

فعلت نفيسة ذلك لتشعر ثريا بانها لاتحلم وتشعرها بالثقة

اكملت الدكتورة :
- ساخبرك بشيء انت الان يجب عليك ان تشتري كل ما يلزمك لكي يكبر الطفل في بطنك بشكل سليم ...هل انت متزوجة من ابن خالك

قالت ثريا :
- اجل

ردت الدكتورة:
- في مثل هته الحالات قد تحصل تشوهات للطفل لان صلة الدم قريبة لكن مع التعليمات التي ساخبرك بها والفيتامينات المكملة للنمو الصغير لن يحصل شيء سيء كوني مطمئنة

انحنت عمتها تطل على ملامح ثريا وتقول مبتسمة برقة ودفئ وتضغط على يدها لتشعرها بالامان:
- عزيزتي ...الحمل امر عادي اجل انا لم اجربه لكنه اجمل ما قد يحصل لامراة

قالت ثريا بصوت خفيض وعيونها تترقرق فيها دموع الحزن:
- لكن هل سيكبر من دون اب يالي من جاهلة درين انني لم آكل منذ زواجي ولاحبة منع الحمل
لما لم افعل لما لم افكر في ذلك

قالت الدكتورة تنصحه:
- الراحة ثم الراحة يا ثريا يحتاج ابنك للراحة لانه لمن الممكن ان تفقديه في الشهور الثلاث الاولى لان ما لاحظته انك تعانين من سيالان طفيف من الدم وهذا يجعل حالك اسوء

قالت ثريا بخجل:
ماكنت اضنه امرا سيء بل لم افكر سوى في انها الدورة وهي متقطعة اشعر بالخوف الان

طمئنتها الدكتورة:
- ليس عليك من الخوف بل اسعدي اضحكي انشرحي وحتى ولو كنت حزينة حبيبتي اشتري مجلات مضحكة فهناك العديد منها واملأي فراغك بالقراءة الكتابة اي شيء لكن لاتختلي بهمومك وهذا يانفيسة من عملك حاولي ان تتاكدي انها ستبقى مشغولة ومرتاحة في ان واحد

اومئت نفيسة باجل
اخدت ثريا الاوراق منها وهي تمسكها وتشعر بانها غريبة والاكثر غرابة ما يحمله بطنها يتكون رويدا رويدا وهو يعاني ايضا يا للبيبي المسكين
وجدت نفسها تدعي ربها في نفسها كثيرا وتعد ان هي تمكنت من قيام الليل فقط الا يسقط ما في بطنها
جذبت دفتر الشيكات لكن الدكتورة رفضت بحدة فنهضت الاتنتان تشكرانها وتخرجان من المبنى
وحارت ثريا وسبحان الله سبحان مبدل الاحوال فمن مرض الى سعادة غامرة فاقت حزنها بقليل تعوض عنها غياب الحبيب





*********************




في الدار البيضاء


عثمان
لديه موعد في النيابة على الساعة العاشرة
انتهى من ارتداء سترته السوداء ورش العطر المفضل لديه على ملابسه واخد المفاتيح لينزل الى اسفل الفندق حيث خرج ببذلته المفصلة بدقة حيث اعطته هيبة وشموخا غريبا قوة وفي داخله ضعف يكبر ويكبر لها لكن من جهة اخرى سلاح الكبرياء فيه اقوى
فالى متى
الى اي حد يتمنع عن ممارسة حياته بطبيعية
الى متى يخنق روحه التي تعشق امتزاجها بروحها
الى متى يحرم على نفسه احلام اليقضة واحلام النوم
الى متى
يخترق التعب قلبه شيء فشيء يلهبه ويحرقه يعذب اوصاله ووجدانه ويتزوبع في دماءه الالم باستهتار
كائن يبدوا في نظرته ومظهره قمة في التوحش الهادئ لكنه على حافة انهيار من التفكير
يستطيع وهو في السيارة ان يحركها ويقودها حيث يريد لكنه ابدا لايستطيع ان يحول مشاعره المرهفة المتبلورة حولها لما تبدوا له هي الاميرة التي خرجت من زهرة منتعشة لما كان احمق وجاهلا حتى وقع في غرامها لما
يترف نفسه يعشق اظهار القوة واخفاء الضعف
لكن ما لم يفلح في فعله هو اخفاء ذلك الواقع المر المرير عن نفسه فآخر لقاء اظهر له ان قلبه قبل ان يلمسها حتى يكاد يفتت قفصه الصدري من شدة القرع كالطبول المجنونة في خفايا افريقيا الغريبة

يعشقها يحبها يهواها هو لم يحلم حتى بهذا القول وعندما كان يسمعه في اي مكان او زمان كان يمر عليه مرور الكرام كما لو انه من دون معنى خارج عن الواقع
لكنه الان يذبحه يعذبه انه المسجون في سجن الحب وهي مالكة المفتاح
صرخ راعدا يكاد يضرب شخصا على الطريق ضرب بكفه على المقود :

- تبا تبا تبا لهذا الوضع ...تبا له

اعتذر من الرجل وانطلق مجددا في طريقه الى موعده
يتمنى فعلا ان يركز على ما سيقوم به في هذا الاجتماع لانه سيجن لامحال
لكنه دو عزيمة قوية اتبت لنفسه انه سيتناساها لمدة العمل لديه وكونه انسان واثق من نفسه يترك له وراء تلك الثقة كما من الارهاق النفسي لانها عصفت ببساطة بكل كيانه وصدره القوي العريض
وكانه طفل لكنه رجل وعاشق متذمر ويدمر



****************



بطنجة الساحلية

في مساء ذلك اليوم بالساعة الخامسة
على ضفاف شاطئ



كانت تجلس كل من نفيسة وثريا على الرمال في مكان بعيد عن السياح الذين يسبحون
قالت ثريا ساهمة :
- الشمس برتقالية

قالت نفيسة تمسك بيد ثريا:
- ارى الحزن في عيونك يا ثريا هلى ارحت بال عمتك واخبرتني في ما تفكرين

قالت ثريا تنظر الى الرمال تحت اقدامها
المغلفة بجورب اسود شفاف
فقالت بعد تفكير:
- لن افعل شيء عمتي ساخفي عنه حملي لن يره ابدا اضن انني الان قد اعيش هنا معك ان لم تمانعي الامر
ساصرف على نفسي واستخدم شهادتي في عمل دو مركز قوي فلقد تخرجت برتبة عالية لاتخافي لن افعل سوى الرضاء بحكم الله عز وجل

خرجت التنهيدة حارة من جوف عمتها:
- انا لاامانع في بقائك عندي لكن الطفل حرام يا ثريا حرمانه من والده

وجدت ثريا نفسها تصرخ بدون وعي :
- ابوه ذاك....اخفضت صوتها...ابوه ياعمتي يضنني عاهرة ليس...هناك ماهو اسوء من الظلم انا عمتي ...انا مظلومة انا مذبوحة حتى الموت بكلامه ان يخرج من فم اي شخص لكنت تناسيت
لكنه من فم الشخص الذي اعشق كيف تريدين مني ان افكر في قول ذلك اتدلل له مرة اخرى ويقول عن ابني لقيط ماذا افعل بعد ذلك ...ماذا افعل قد اجن قد تنتهي حياتي وحياة هذا الصغير لذلك لن افعل شيء يعيد المياه العكرة الى مجاريها الافضل ان يرحل عني رغم عذابي فسانساه ولن اتذكره كثيرا الوقت سيشفيني وابني سيكون ظلي الوحيد في هذه الدنيا قد اكون سلبية في تفكيري لكن لربما هذه تجربة الحمد لله ان انا خرجت منها سالمة
علي اذن ان اعمل ان تستمر حياتي وان اتزوج مرة اخرى فالكثيرات فعلن ذلك ولم يحدث سوى ماكتب الله

قالت عمتها تتاسف:
- ياابنتي يملأ قلبي الالم لرؤيتك شابة في ريعان شبابك وتتاترين بهته المشاكل لاتفكري بعد اليوم ودعي الامر في يد الله فكري في الذي يسكن احشائك فهذا انت مسؤولة عليه لاتنسي

قالت ثريا :
- هذا ما سافعله ...عمتي هلا ذهبنا اشعر بالتعب

-حسنا عزيزتي هيا بنا



بعد وصولهم صعدت ثريا الى الطابق الثاني وتركت عمتها تحضر طعام العشاء ودخلت هي غرفتها وهي تشعر ان دموعها جفت وانعدمت وان شبح ابتسامة من القلب يعلو شفاهها
وهي تقيم بطنها التي لم تكن في يوم مهترئة
ستتخد شكلا دائريا بعد شهور
لكن الرعب دب في جوانحها عندما تذكرت كلام الدكتورة عن التشوهات وفقدانه وتوقفت على انه هو الله سبحانه قادر على الاعتناء باي شخص على كوكب الارض
سترضى بحكمه وستدعي ان يحفظ ابنها ويحفظها له
وان يكون ذرية صالحة حنونة طيبة القلب بريئة
لاتجرح كابيها ولاتظلم كابيها


في الاسفل بعد ان انتهت الاتنتان من طعام العشاء جائت صديقات نفيسة
واخدن في التدريب على الاغاني الاندلسية بالدف والعود
وهي جلست في مقابلة النافذة المطلة على المدينة واضواءها المتلألأة وتفكر به رغم انه بعيد عنها ولربما هي بعيدة عن مكان النبض في صدره وكذا افكاره وحنينه الا انها تعيش في الخفاء والافكار في دفئ ذكراه




في اليوم التالي



بدى فجرا هادئا على المدينة الخلابة
استفاقت غصبا عنها ثريا في الصباح الباكر وقد استطاعت الاغتسال والوضوء للصلاة وقراءة القرآن الحكيم وشعرت بنفسها وكانها مع كلام الله ترتاح وترتاح وترتفع الى السماوات وترفرف شعرت بخفة في اوصالها وحياة ونشاط سبحان الله مشاعر رائعة هي تلك السعادة الربانية

نهضت ولاول مرة تنزل باكرا قبل عمتها وشرعت في تحضير الافطار الصباحي
وصنعت بعض العجة بالبيض والتوابل الحارة التي اشتهتها وايضا صنعت الشاي بروية لكي يكون اول شاي جيد تتذوق منه عمتها


بعد انتهائها حضرت المائدة وصعدت الى غرفتها
اقتربت من المنضدة ورفعت عنها الحجاب لتقوم بتمشيط شعرها
ذهلت لانها ترى شعرها يتساقط بتلك الكمية وذعرت

سمعت وراءها عمتها :
- صباح الخير على ابنة الغالي

ابتسمت ثريا لعمتها وقالت :
- عمتي حبيبتي صباح الخيرات عليك يا اعظم عمة اخبريني كيف نمت

ضحكت العمة:
- تسالينني ...نمت جيدا في الحقيقة انا من يجب عليه سؤالك وانت ؟

قالت ثريا بخفة لم تعهدها في نفسها:
- انا نمت افضل من جيد الحمد لله انه الطفل الشقي يحب ان يهدي امه ساعات من الراحة يحب الكسل ...عمتي انظري الى شعري في نظرك الحمل السبب


قالت نفيسة :
- انه كذلك لكن اعتني به فقط وسيمر ذلك سانزل لتحضير الفطور انت استريحي انزلي وافتحي التلفاز اذا اردت ذلك

قالت ثريا تلحق عليها
بمنامتها الحريرية السوداء

- عمتي لقد حضرت الافطار انا اعرف انك متعبة من العمل لدى قررت فعله بنفسي

تحدثت عمتها بدهشة:
- لا من فضلك حاولي الا تجهدي على نفسك كثيرا الطفل في مرحلة حساسة نريده قويا




على المائدة

سالت ثريا بمرح:
- هل تاتين معي عمتي الى السوق التجاري لكي اشتري بعض الملابس الصغيرة لاتدرين كم ...كم اريد ان اشتري منها

الم بعض الخوف بقلب العمة فهي بقدر ماتريد ان تشارك ابنة اخيها الفرحة بقدر ماتريد ان تجعلها تتروى الى ان تتاكد من ان الحمل تابت لكنها قالت بابتسامة:
- بالطبع لكن بنيتي اليس مبكرا بعض الشيء

قالت ثريا وغمامة من الحزن تغشى عيونها:
- اخاف فقدانه يا عمتي...
اريد ان اشبع من هذه الفرحة عسى ربي الكريم بها ان يشفي مافي صدري
ولاتخافي فالله كبير رحيم ادعوه كثيرا منذ ان علمت بالحمل
وسادعوه الى حين الولادة هو بقدر كرمه مستجيب للدعاء... اتخلى عن كل شيء... فقط ان يبقى ابني على قيد الحياة


قالت العمة التي اغبنها الوضع:
- سنذهب الى سوق اعرفه فقد سبق وذهبت اليه لشراء ملابس لي ولاحظت ان هناك الكثير للاطفال الصغار

ابتسمت ثريا بين دموعها واخفضت راسها تتمتم في روحها المرتبطة بذلك الجنين ان يكمل الله فرحتها وان يدع الصغير يرى النور في دنياها فهي تحتاجه



ارتدت ثريا عبائة زرقاء قاتمة ومعها نقابها وحملت حقيبة بلون ازرق شاحب من الجينز راقية في صنعها حملت هاتفها ولاحظت انه مطفئ لكن متى اطفئته اشعلته وتوصلت بعدة ميساجات وعدة اتصالات من القصر ومن اختها لابد من انهم قلقون لكن ما احزنها ان من تعشقه بشدة لم يفكر بها حتى ولو باتصال خاطئ

شغلت الهاتف ووضعته في الشاحن لان البطارية هي من اطفئه
ركبت رقم اختها فهي الاقرب لعلها تخبرها بما يستجد هناك انتظرت للحظات


في جناح سعيد

كانت عبير ترتب له سريره عندما رن هاتفها
اقتربت من الهاتف ونظرت الى الرقم وشعرت بالسعادة وكان جبلا انزاح من القلق على نفسها

قالت ثريا التي جلست تنتظر عمتها حتى تحضر نفسها:
- السلام عليكم

قالت عبير بصوت مخنوق وقد شعرت لمدة طويلة بتانيب الضمير وقد اخفت القلق الذي كان ينهشها عنهم وعن امها:
- وعليكم السلام ثريا اختي كيف حالك يا عزيزتي اخبريني ما الذي حصل معك هل تقبل عثمان الوضع خفت ان ...ان ..يكون قد قتلك

قالت ثريا تبتسم بشحوب:
- ولربما لو فعل....لا... لاتفكري هكذا
ليس مجنونا ليلطخ يديه بدمي فهو يعرف ربه وعقاب ذلك
انا بخير تدرين انني عند عمتي نفيسة التي لم نرها منذ زمن

قالت عبير باندهاش :
- ولكن ما الذي جيئ بك اليها

قالت ثريا بحمحمة:
- لقد افترقت و عثمان الم تعلموا للان؟؟
لم يخبر احدا؟؟
ظننته فعل ولذلك الاتصالات ملأت هاتفي
على اي حال انت تعرفين الان والاجدر الاتخبري احدا شيء
حتى يتحدث هو بنفسه وجدت انه لايصلح لي ولا انا اصلح له...وانا حامل


كانت عبير في حاجة الى الهواء بدل من ثريا التي تعاني كل هذا شعرت ان مشكلتها مع سعيد لاتضاهي ضخامة المشكل مع اختها لدى قالت:
- آآآآآه يا اختي المسكينة انه لسيء ومجحف ما يحصل معك لكن الله وحده من يعوض حبيبتي اعانك الله....ستصبحين اما وانا خالة هذا جميل ورائع

ابتسمت ثريا وقالت :
- ادعي لي بالحفظ ارجوك لاتنسيني وان سالوك عني وعنه اخبريهم اننا بخير فقط لاشيء آخر اصلا هو لايعلم بالحمل ولا اظنه سيصدق انه ابنه لدى من الافضل الكتمان مفهوم ....سلمي على امي السلام عليكم ساتصل بك لاحقا ساخرج الان .


بعد ان اتت اليها عمتها خرجتا من المنزل الذي قامت باغلاقه عمتها باحكام وذهبتا لتستقلا سيارة تاكسي والتي حملتهما الى المحلات التجارية في السوق
واعجب ثريا كثيرا بنظام الامور فيها وجمال الالبسة الصغيرة الصغيرة جدا حتى ظنتها تصلح للعرائس التي تلعب بها البنات
اختارت كما هائلا من الملابس لفصل الشتاء القادم الوانا زاهية للبنات والوانا غامقة للصبيان والوانا تتماشى مع الاتنين شعرت انها تود اخد كل شيء لكنها حافظت على توازنها فلاتنوي خسارة كل المال ويضل الكثير الكثير مما تحتاجه ناقصا


بعد انتهاء جولتهم عادتا الى البيت
محملتان بالالبسة الرائعة والاحذية الصغيرة الصوفية ايضا جلست ثريا في غرفتها وهي تنظر الى كل ما جلبته معها وحنان متدفق يريد العبور منها الى الجنين في بطنها تريد ان تمنح ما تملكه منه كله للجنين
فهي تحتاج لتبادل الحب ان تعطي وان تحصل عليه ايضا
كم تتخيله بين ذراعيها ينام بحضنها يبقى في الصورة مكان الاب فارغا لكنها ستمنح للصغير الحب الكبير كما لو انه يملك ابا رغم عدم وجوده بدأت تخطيطاتها الكبيرة الصغيرة بكل حب وصفاء بال ولايكاد يخترق عثمان هذا الهدوء الذي تنعم به كثيرا
ولكن هذا لايعني انها لاتعاني منه الامرين من الاشتياق والوجع في الحب



قالت العمة التي صعدت اليها تنظر اليها منهمكة في صف الملابس مع بعضها بسعادة غامرة:
- حبيبتي ثريا انهضي وخذي لك دوشا ساخنا لقد حضرت لك الحمام

نهضت من مكانها وهي تقول:
- الحمل ممتع رغم تعبه الا انه يسعد المراة الحامل انا فعلا سعيدة

قالت عمتها بحزن:
- سعيدة فعلا بنيتي ؟

نظرت اليها ثريا بتمعن وفي نفس الوقت تعود ذكراه المريرة الى ارض الواقع بقوة لتكسر تلك السعادة الهشة المبنية على السحب بعناية:
- انا...سعيدة لايسعني ان اكون سوى ذلك ....الحمد لله على كل حال

اقتربت من الخزانة واخدت لها منشفة كبيرة وادواتها الخاصة بالاستحمام في حقيبة صغيرة وتوجهت الى الحمام تحت نظرات عمتها القلقة

نظرت نفيسة الى سريرثريا
واقتربت منه تلمس تلك الملابس وتتنهد بثقل التفتت لتجد حقيبتها قربها نظرت اليها للحظة وقد واتتها فكرة مجنونة لكنها فكرة
نظرت الى الباب واخدت الحقيبة وبحتث فيها بتأن لكي لاتخرب ترتيبها وعندها لمحت ماارادته الهاتف النقال ....
اخذت رقم عثمان بما انه زوجها ولاتملك سوى رقم واحد بهذا الاسم قامت بارساله كرسالة الى هاتفها الخاصة ومسحت اثر فعلتها وهي ترتعد من الخوف اعادت المحتوى الى مكانه ونهضت تخرج من الغرفة
لتدخل غرفتها



وجدت الرسالة على هاتفها وقامت بتخزين الرقم دون الاسم اياه قررت ان تتصل بزوج ثريا ان تخبره انها حامل
لاتريد ان ترى ابنة اخيها تنهار امام عيونها
وان تجرح بتلك الطريقة وهي مسكينة بريئة وشريفة سهلة الكسر رغم ادعائها القوة

ركبت الرقم واقتربت من ضجيج المدينة المنبعث من النافذة التي تتلألأ فيها النجوم والاضواء في الليل بجمال



كان عثمان في غرفته يراجع عمله
رغم كربه هو ايضا لكنه رآى انه عليه ان ينهي عمله ويتعب كثيرا ايضا حتى الجري بالليل ان اضطره الامر الى ذلك
فهو يحتاج الى النوم بعد حمام بارد

تراجع على الكنبة وقد فتح ازرار قميصه وفتح كامل ربطة عنقه ليشعر بالهواء يضرب صدره عله يبرد هته الحرارة
رن هاتفه النقال بصوت الاذان

قام برفع جسده ليتمكن من جذبه من جيبه وجد الرقم غير مرئي
تعجب للامر لكنه اجاب رغم ذلك:
- السلام عليكم من معي؟

قالت نفيسة بشيء من القلق:
- السيد عثمان المنصور

قال عثمان بشكل متراخ:
- هو... من معي؟

قالت نفيسة تعض على اصبعها:
- سيدي عليك ان تعلم ان زوجتك حامل ...و هي حامل في شهر تقريبا ومنك... اعلم انني لربما اتطفل على حياتكما لكن لتعلم ان لها من يستطيع الدفاع عنها
اريد ان اعرف حضرتك هل تصدق انها حامل منك ام هته المرة ان هي ارتك الاوراق ستقوم برميها في وجهها


ضاعت عيون عثمان في سراب من الافكار ردد لنفسه شهر
وتذكر وتذكر وشعر انه عليه ان يتاكد لانه ان كان حملها في شهر فهي حامل منه هو يتذكر جيدا يعرف ذلك
ثريا تحمل ابنه وهذا سبب مرضها
انها تحمل ابنه من صلبه من لحمه ودمه ثمرة حب مجنون ولحظات لاتنسى
تنفس الصعداء يحاول ان يتحلى بالهدوء :
- من حضرتك؟؟

قالت نفيسة:
- اكون عمتها نفيسة يا عثمان انت تذكرني لانك سبق واتيت الى هنا في سن صغيرة وانا للاسف لم اتذكرك الا عندما اخبرتني ثريا من انت لكن يا بني ان لم تعطني الجواب على سؤالي الان فلن تراها مجددا ...هل تصدق وانت الاعلم انها في شهرها الاول وان الابن ابنك؟؟

قال عثمان:
- اجل الحساب يؤكد ذلك ...

قاطعته:
- هل ستاتي؟

اجاب :
سآتي اليها اخبريها انني آت لأسوي الامور بيننا فلم يعد هناك من طلاق بعد هذا الخبر

قالت العمة:
- هل تعدني بالله انك لن تاذي مشاعرها بكلام جارح
او ان تشكك في نزاهة ابنها
ان لم تفعل فاقسم انك لن تراها وثق بي كما لك نفوذ لي نفوذ اكبر منك ساجد لها مكانا تختبئ فيه منك
فهي لعلمك تعاني تعاني من كلامك الحقير في حقها
لست نادمة عن اي كلمة قلتها اليوم والان لكن اعلم انك تملك امراة شريفة واقسم بالله انها شريفة ولو لم تكن كذلك لما اتصلت بك ....لتعلم ايضا انها بسببك تعلق امالا كبيرة على ذلك الطفل فان فقدته اعتبر نفسك فقدتها وفقدت آخر الفرص لك في استرجاعها


كان عثمان يسمع الكلام بعقل منفتح واع الكلام آلمه وعذبه ويشعر انه يوجع صدره المغلول بقيود الكرامة المريضة تلك
نهض يضع الهاتف بين اذنه وكتفه القوي واقترب من المنضدة ليقول:
- اعدك يا سيدتي انني لن ااذيها واتمنى من الله ان يحفظها وطفلي اخبريها باي شيء فساتي الليلة الى هناك

اقفل الهاتف ووضعه على المنضدة
وعيونه ملتهبة كالنار
العاطفة في قلبه لها قوية وبالذات الان لايصدق انه آذاها فعلا
وهو يزرر ازرار القميص وينزع الربطة وادخل القميص في داخل السروال وبدأ في توضيب ملابسه وهو لايدري حتى كيف له ان يطلب منها ان تسامحه على تفاهته فهل ستسامحه؟؟
ام ان كرامته ستتشبة بتقبل الطفل وتركها هي على الهامش ؟؟
لايزال خائفا من ان يكتشف يوما انها خانته ماهو الشيء الذي سيبرأها من تهم الماضي
فالحاضر يعلم انها لم تخنه لكن الماضي فقط من يعذبه





في بيت العمة
خرجت من غرفتها على اثر ثريا التي جلست تنشف شعرها وهي تقول:
- تدرين عمتي اريد ان اشتري الالعاب واشياء اخرى كالرضاعة الصغيرة تخيلي كيف سيكون حجم يديه وفمه يا ربي اتمنى ان تحفظه يا رب

قالت العمة التي غزت الحمرة خدودها:
- ثريا اتصلت بزوجك وهو آت
وقد تقبل فكرة حملك ولم يقل شيء سيء ادري انك قد تكرهينني لذلك لكنك تحتاجين اليه الان في فترتك هته آسفة
آسفة بنيتي سامحي تطفل امراة عجوز ارجوك


شحب لون ثريا وتراخت كل قدرة لها على الاحتمال سقطت في السرير على ظهرها شبه غائبة عن الوعي

بعد ساعة في فراشها كانت في منامتها الوردية تتكمش على نفسها ولاتستطيع منع عيونها من البكاء المرير
وكانت عمتها تشعر بالكرب لما فعلته واعادت قولها:
- ثريا ان لم تسامحيني فلن اسامح نفسي وساضل ادعي عليها حتى الموت واكرهها الى ما لانهاية ارجوك انهضي اصرخي فجري ما في نفسك في ولاتبكي

همست ثريا بصوت ضعيف:
- لا الومك على شيء عمتي... اجل لربما تدخلت في.. حياتي ..لكنني أأمن بشيء...اسمه القضاء والقدر

لمست نفيسة يدها الملمومة على المخدة واخدتها بيدها وارتاحت لتشبت ثريا بها وكانها تستمد منها الطاقة التي سترى بها زوجها في هذه الليلة
قالت العمة:
- تريدين ان احضر لك بعض العصير الماء اي شيء؟

حركت راسها نفيا تقول :
- ابقي قربي... فقط ...ولاتذهبي

- حسنا بنيتي لن اذهب صغيرتي نامي فلن يصل سريعا نامي فقط

في عمق احلامها شعرت ثريا بيد على كتفها
تخرجها من احلامها
فتحت عيونها لتعرف انها في غرفتها وان عمتها التي سهرت قربها ونامت قليلا توقظها وهي تقول:
- ابنتي قومي لنصلي ان كنت طاهرة عزيزتي

قالت ثريا بصوت نعسان :
- حاضر عمتي سانهض الان ...هل اتصل ...؟؟

قالت نفيسة:
- لا لم يتصل لحد الان لابد من انه على الطريق السيارة فليحفظه الله

همست ثريا في خفوت :
- آآآآمين

نهضت وصلت صلاتها وتخشعت ليحفظ الله كل من تحب من عائلتها واسرتها وزوجها رغم ايلامه اياها ودعت الله ان يفرج كربها ويحفظ جنينها
بعد ان انتهت وتركت عمتها حانية على القرآن فوق سجادتها وقفت تزيح عنها الحجاب وجلست على حافة السرير
لم تستطع ان تبقى راسية هكذا نهضت واخدت هاتفها لتطمئن فقط وضعته على ان يخفي الرقم ان وصله
واتصلت فان سمعت صوته الصوت الذي يذيب اوصالها ويرعشها حبا وشوقا فستقطع الاتصال الى حين مجيئه
رن الهاتف لدقيقة كاملة واخيرا اجيب
لكن الاختلاف موجود وشيء مفقود

- الو ...الو من معي

لم يكن هو
اخدت تتنفس بعمق رغم الشحوب الذي اختطف كل الدماء من جسدها

- الو من حضرتك ؟؟....انا زوجة صاحب...صاحب... الهاتف هل هو هناك؟؟

قال الرجل بصوت متقطع:
- آسف سيدتي لكن صاحب هذا الهاتف نقل الى المستعجلات ولاندري عن حالته شيء صبرك الله سيدتي

جمد الدم في كامل جسدها واسندت نفسها على السرير الذي حمل ثقلها
لاحظت عمتها حالها فنهضت مسرعة تسالها:
- ما الامر ...اخبريني بنيتي

ارتعدت بشدة وهي تنطق والدموع والرهبة وعدم التصديق تهاجم قلبها المعصور:
- عـ...عـــعثثثثمان لق...د...تعرض لحا....حادث.....عمتي ارجوك ...ارجوك ...ار..جوك خذيني اليه...هات يدك اقبلها... افعل...اي شيء فقد خديني اليه...اتو...اتوسل اليك..اتوسل ...اليك

لفت الصدمة العمة المكلومة لحال ثريا
ونظرت اليها فقد بدت كالمجنونة وهي تبحث عن نقابها بينما كل شيء في الغرفة واضح
نظرت اليها وهي تشعر بالذنب
للحظت شهدت توقف ثريا وانخراطها في بكاء مرير
اقتربت منها وهي تقول :
- هيا تعالي اجلسي هنا ...اهدئي الله سترك يارب اللهم احفظه ساتي بملابسك والبسك اياها ونذهب

قالت ثريا جاحضة العيون تكاد تفقد ما تبقى من عقلها:
- يارب اتوسل اليك يارب اتوسل اليك يارب رحيم ارجوك لاتحرمني منه ارجوك لاتحرمني من عثمان لاتحرم ابني من والده ..ارجووووووك.....


يتبع.........









************************************************** ************






الجزء الثالث والعشرون


ان شاء الله


لفت الصدمة العمة المكلومة لحال ثريا
ونظرت اليها فقد بدت كالمجنونة وهي تبحث عن نقابها
بينما كل شيء في الغرفة واضح
نظرت اليها وهي تشعر بالذنب
للحظت شهدت توقف ثريا وانخراطها في بكاء مرير
اقتربت منها وهي تقول :
- هيا تعالي اجلسي هنا ...اهدئي الله سترك يارب اللهم احفظه
ساتي بملابسك والبسك اياها ونذهب

قالت ثريا جاحضة العيون تكاد تفقد ما تبقى من عقلها:
- يارب اتوسل اليك يارب اتوسل اليك يارب يا رحيم ارجوك لاتحرمني منه ارجوك لاتحرمني من عثمان لاتحرم ابني من والده ..ارجووووووك.....

بعد ان البست العمة ثريا ملابسها بعناية وهي تحاول تهدئتها قالت:
- ارجوك ثريا حافظي على هدوءك فالان زوجك يحتاجك

كانت ثريا وهي تنزل الدرج مع عمتها ترتعش في داخلها
تتمنى ان يحمي الله فؤادها
ان يحفظ الله القلب النابض فيها
فان حصل ومات عثمان فلن تستطيع العيش
تعلم انها سيكون مصيرها الضياع من بعده
قد يكون قاسيا مستبدا
لكنه زوجها ولن تتخلى عنه الى ان ترى انه بخير بام عينيها

خرجت الاتنتان ومشتا الى موقف سيارات الاجرة
كانت ثريا تائهة ضائعة لاتستطيع ان تفكر في شيء سوى عثمان وحالته
تهاجمها اشنع الهواجس
وتحرك راسها بعنف لتنفض عنها الخوف
وانفاسها تتحرك مهددة بالانقضاض على وجنتيها دمعا حارا
يشفي اذا كان سيشفي شيء مما في صدرها
لكنها لاتريد ان تبكي انه بخير باذن الله بخير ولن يحرمه الله من ابنه ولن يحرم الله ابنه منه
دعت وتعالت روحها مع نور الخشوع
وارتبطت بالسماء وكانما ترى بابها مفتوحا
وهو ليس سوى ايمانها بان الدعاء سيصل وان الله موجود ينتظر ان يستجيب له العبد بالدعاء

شعرت بيد عمتها على يدها الباردة وهي تقول:
- ابنتي حبيبتي ارجوك اصبري هيا لن ندع السائق ينتظر اركبي في الخلف ساركب قربك

ركبتا السيارة بسرعة ولم تكن ثريا واعية تقريبا فقد اتكلت على عمتها في كل شيء
كان قلبها يتوجع في افكارها التي توسوست كليا

تراجعت الى الخلف لتسند نفسها على المقعد
نظرت اليها عمتها بقلق
كانت تضهر فقط عيونها ترى فيهما الحزن
وتاسفت لانها لم تعش مع هته الفتاة مدة اطول لكانت علمت كيف تفكر الى ماذا تحتاج الان قبل اي وقت
الاسى يملأ جوها ويخترق عالمها المسكين

عيون ثريا الرمادية كانت هائمة
تفكر فيه وفي هيبته في قوته ارادته
دائما هكذا حتى وان آلمها فلن تريه آلامها فحبها له غريب
يكتسح فيها السعادة ليحولها الى جمرات موجعة
ونظرة اليه تحول الالم في قلبها الى حياة
فهي لاتنسى قلبها التي تقشفت عروقه وكاد ان يموت من حسرتها
لكنه اتى وكأنه كأس ماء ارواه وجعله مزهرا باشواك قاتلة
تدري انها لن تستطيع مهما فعلت ان تضهر القوة بدل لضعف
لكن لايمكن لاحد ان يجبرها لانه قلبها
فآآآآآآآآه لو ذهب قلبها عنها فستفقد طعم الحياة والوانها البهية
ستنطفأ الشمس
ستقفل نوافذ بالهواء ترضيها وستذبل
لن تستطيع ان ترى احدا بل قد تقفل على نفسها لمدى الحياة لانه هو الهواء في راتيها هو عيونها الرمادية
فهو يخلق فيهما التألق هو يشعلهما عاطفة وهو من يجعلها تتقلب غضبا
لكن لذة العيش معه لاتنسى
اعطى طعما لعمرها كله لن تتخلى عنه في هكذا ضرف ابدا
ستسجد لله ستدعوه بان يطيل في عمره لانه الشعلة المضيئة في افكارها وقلبها وكل عروقها


اهتزت لدى سماع صوت السائق الكبير في السن يقول:
- وصلنا سيدتاي

نظرت الى ماحولها باهتمام يصعب على عمتها عدم اظهار الشفقة فيه على حال ثريا
التي بدت عيونها حمراء من دون دمع بل محمرة بالجمرات التي تكوي كيانها التي تعصرها عصرا
فالقادم يصعب عليها تحمله
خرجت بسرعة من السيارة ونسيت حتى حقيبة يدها قطعت الطريق الفاصل بينها وبين المستشفى ودخلت اليه

نظرت اليها عمتها بتوتر
وهي تتبعها بعد ان اعطت السائق الاجرة وتاخد حقيبتيهما

توجهت الى حيث وجدتها
تسال الفتاة المحجبة في الثلاثينات من عمرها:

- ارجوك ..سيدتي هل دخلت هنا حالة ...اقصد رجل في الثلاثين من عمره تعرض لحادث في سيارة جيب على الطريق السيارة هته الليلة

قالت الشابة التي شهدت القلق في عيون الفتاة:
- اجل هناك ثلاث حالات... اثنان منهما فوق في الطابق الثاني والاخرى في حالة خطيرة ادخلت لغرفة العمليات

دون ان ترد حتى بشكرا
تحركت ثريا بحذائها العالي قليلا الى المصعد وقد لاحظت ان المشفى ممتلأ بالحالات التي تقشعر لها الابدان
خافت وخوفها بات كالغشاوة على عيونها

كانت عمتها وراءها تحاول ان تستعلم اكثر عن الحالات لكن الفتاة لم تخبرها بشيء كثير تقدمت من ثريا وهي تقول :
- ثريا عزيزتي تحلي بالايمان ....ارجوك

وضعت يدها على ذراعها
ونظرت اليها ثريا بعيون تائهة محترقة لاتريد ان تصدق بل انها تضن انها ليست هي الان من يندفع الى المصعد الذي خرجت منه ممرضتان ودخلته هي وعمتها

في الطابق الثاني بعد ان خرجت من المصعد
بقيت واقفة مسمرة في مكانها لم تستطع الحراك
تتذكر اثنان هنا والاخر في غرفة العمليات
قالت تمسك بيد عمتها وانفاسها تتلاحق:
- اذهبي واسالي انت انا ... انا سابقى هنا... لا استطيع اخشى انني لن اتحمل

اقتربت من مكان للجلوس وجلست منحنية الظهر فقالت عمتها:
- هل... هل انادي لك على ممرضة ان شعرت بتوعك؟

قالت ثريا تحرك راسها بعصبية :
- لا عمتي
ارجوك اسرعي لم اعد استطيع الصمود اكثر ارجوك اذهبي وتحققي

اجابتها لترضيها باي شيء:
- حسنا ساذهب حالا لن اتاخر

ذهبت عمتها
وبقيت ثريا في مكانها تنظر الى القلق البادي على وجوه بعض الناس ورائحة الدم والادوية تعبئ المكان
اغمضت عيونها وضمت يديها على حضنها والخوف يالمها ويزيد اضطرابها واخدت الدموع تتدحرج فلم تعد تستطع
تخيلت ان عمتها تاتي
وتخبرها انه هو من في غرفة العمليات وزادها الامر نكبة على نكبة
- لا ....يا ربي اتوسل اليك لا ...انا اريده بخير ...ارجوك يارحيم

المشكلة الكبرى انها لم تعطي نفسها الوقت للتفكير في العائلة
اذا حصل واتصل المشفى بهم ما سيكون رد فعلهم ؟؟
ماذا ستقول لهم اذا ماسألوها؟؟

سمعت وقع الاقدام يقترب منها ابت ان ترفع عيونها خوفا من القادم
يد عمتها ربتت على كتفها وهي تقول:
- انه بخير يا ثريا ...انظري الي وكوني قوية اذا اردت رؤيته الان فهو تحت تاتير المخدر...اعطني يدك وتعالي لنذهب اليه سمح لنا الدكتور بذلك

لم تستطع ثريا النهوض
فقد كادت تموت رعبا
ولم تبقى قوية لمدة طويلة بل ازداد نحيبها المقطع للقلوب
انتحبت وبكت بحرقة
اشفقت عمتها عليها وجلست بالقرب منها تضمها اليها بقوة
عسى ذلك يشعرها ببعض القوة والايمان

قالت بعد ان انتهت الدموع في جوف عيونها من النزول:
- فلنذهب.. عمتي

اسندتها عمتها بحنو:
- هيا..صغيرتي تماسكي ابنتي

امسكت ثريا ذراعها وكانها تحاول الاختباء من الالم والجرح والنزيف الغزير في قلبها عساه يزول
ودخلتا الى الغرفة التي كانت مشاركة مع رجالان آخرين ويبدو التعب والدماء من تحت الضمادات تقطع القلوب

كان هناك في السرير الاوسط مغمض العيون
مضمد الراس ويبدو على يده اليمنى ورجله اليسرى انهما مكسورتان من البياض الذي يلفهما
كانت ترى ذلك الوجه العزيز على قلبها يبدو متعبا
ارتعدت شفاهها تحت النقاب وارتعشت العيون بالدموع التي ان عبرت فهي تعبر عما يخالجها من ضعف من الم ومن حزن اكتساها كلها تقريبا استندت على عمتها التي لم تفتها حالها
وعلمت من نظرتها التي تشبتت بملامحه التي علتها بعض الخدوش
ان هته المراة صعب عليها الكذب
وصعب عليها تحمل البعاد عنه مهما ادعت ذلك

اقتربت منه وحمدت الله لان الرجلان الاخران نائمان ايضا لكي لايشهدى انهيارها هذا والدموع تبلل نقابها بدون هوادة

اقتربت منه وجلست على السرير بقربه
لم تدري ان هو فتح عيونه هل ستصمد
ام ستنتهي بالهروب

عساني انا قبلك انا ولاتكون انت في هذا المكان
ااه يا منبع حياتي يا حبيبي ليتني مكانك

همست بالكاد يستطيع احدهم تمييز صوتها ورفعت يدها التي ازاحت عنها القفاز ومررت راحتها التي انقلبت من البرود الى دفئ
بعد تاكدها من صحته وانه بخير:
- عزيزي ..ايها الغالي .. يا قلبي افتح عيونك ارجوك...عسى قلبي يستعيد نبضه من جديد

كان جامدا الجمود هذا ارعبها
لكنها حركت يدها قرب انفاسه المنتظمة وكانها تنفخ في جسدها لتجدد كل خلية فيه
انه حي يرزق لكن لو يتحرك فستكتمل سعادتها
نزلت فلثمت كتفه من تحت النقاب

اقتربت منها عمتها تضع يدها على كتفها:
- ثريا فلنخرج عليهم ان ينعموا بالراحة حبيبتي

قالت ثريا حيث نظرت الى عمتها ومن ثم اعادت عيونها على وجهه
فاخدت تعيد يدها في القفاز:
- س...سارى الطبيب



خرجت ثريا برفقة عمتها
وتوجهتا الى الطبيب الذي اشرف على حالتهم سالته ثريا تقول:
- ارجوك سيدي كيف حال الحالات في الغرفة ...هل سيستفيق الرجل الذي في السرير الثاني قريبا ...ارجوك طمني؟

تكلم الدكتور وبدى عليه البرود وعدم الاهتمام الشخصي:
- بخير سيستفيق بعد ساعتين على الاكثر فلقد عانى من الكسرين في يده ورجله لكنه سيتعافى بسرعة انه قوي حضرتك تقربينه

قالت ثريا بشجن:
- اجل انا زوجته

قالت العمة تسال:
- هلا اخبرتنا حضرتك ما حصل في الحادث؟؟

قال الدكتور :
- شاحنة دات حمولة ثقيلة
انقلبت الحمولة من الشاحنة
ما وجدناه ان السيد عثمان على ما اعتقد ...قد كان محظوظا فقد رمى بنفسه من السيارة في حين السيارة التي كانت وراءه صاحبها والاخر بقيا في سيارتهما
مما ادى باحدهما الى التاذي على مستويات شتى صعب الجزم بانه سيعيش
عن اذنكما لدي حالة تنتظرني

شكرته العمة نفيسة على اعلامهم بالوضع
تنفست ثريا الصعداء واقتربت من المقعد لتجلس عليه ووضعت كلتا يديها في حضنها فقالت عمتها تضع قربها الحقيبتين
وفتحت حقيبة يدها لتجذب منها محفظتها وتقول:
- ثريا ابقي عزيزتي هنا ساذهب لاحضار شيء نأكله اتفقنا

اومئت ثريا وقلبها وكامل عقلها مع الشخص في الغرفة البعيدة
تفكر كم هي محظوظة بان انقذه الله من تلك الحادثة التي كادت توذي بحياته
تحبه وتعرف الان ان حبها له يتعلى فوق اعلى قمم جبال في العالم ينشر علما بل اعلام الحب بكل شموخ
لاتتمنى شيء في الحياة غير كمالها وهو كمالها هو الجزء الناقص فيها
هو مفتاح الروح في جسدها
ليت الامور تسير بعد الان على خير ليتهما يعودان لبعضهما فلا يتطلقان
كيف لها ان تتركه كيف لها ان تتحمل سماع خبر مرضه وهي بعيدة عن حضنه
كيف تتخيل سعادته في فتراة من حياته دون ان تشاركه اياها
اجل يرفضها وهي ليس بيدها خيار
لكن خيارها ان تطلب الرحمان في ان يحافض على الصغير في بطنها عساه يجمعهما من جديد






**********************




في القصر



في هذا الصباح المختلف
نسائم الصيف الدافئة تعبث بالستائر البيضاء المفضية للشرفة
تغريد تلك العصافير ورونق صباح البادية الساحر لم يكن سبب استفاقة
عبير نشطة عن غير عادة
هو كلام امها الذي اخذ يصبوا الى عقلها
وانعاش قلبها الذي تالم لمدة بعد ما افترقت عن سعيد في الغرفة
انه الشخص الوحيد الذي يملأ خيالها وهي بين ذراعيه وهو يغلغل خصلات شعرها على صدره بنفحات انفاسه الدافئة
كم تعشقه حتى الدمار
وكم تشعر بالاسى لانها تعرف انها جرحته
باتت تشعر انها تنضج على يده
تتزين كسماء متلألأة في مرآآآآآآتها نهر هادئ صاف ولامع
انه في الغرفة فقد عاد من صلاة الفجر
ودخل على الجهة الاخرى التي تحافض على عزلته بتلك الستائر
انه بارد وجاف للغاية فالسلام تخرج من شفاهه الرقيقة القاسية
وكانما يستهزء منها متكبرا بطريقته
لم تعرف انها في يوم من الايام ستبدا في الاكتشاف ان للرجل طرق في جعل المرأة تندم ان هي ركبت دماغها او اسائت اليه
البرود هو ما لم تعهده فيه وما لاتريده ان يبقى
تريده ان يختزنها بين اضلعه ان يبقيها حوريته اللطيفة
ستسعى الى الوصول الى قلبه مرة اخرى
وستحاول ان تفتح معه صفحة جديدة عله يسامح جهلها وقلة خبرتها في هته الامور


بعد خروجها من الحمام وقفت قرب المنضدة واخدت المصفف لتقوم بتجفيف شعرها الاسود البني
واطفئته بهدوء
اقتربت من الخزانة واخدت فستان قصير فوق الركب
وبدون حمالات في اللون الاصفر الرقيق المزين بورود صغيرة بيضاء
انسدل ببساطة على جسدها
تعرف انها تبالغ فلا عادة لها في ارتداء شيء كهذا
وايضا مضطرة هي للتغيره لكي تنزل الى الافطار
لكن ان يراها جميلة يغرق مبسمها في بحر ابتسامات خجولة مشعة واحمرار طفيف يعلو الخدود
رسمت شفتاها باحمر شفاه في اللون الزهري ولمعته بحيث منحها روعة واضافت ماسكرا فوق رموشها المكحلة
اعجبت بنفسها بعد ان خللت اصابعها في شعرها
اقتربت من الخزانة
وشفاهها المبتسمة تشدو بدندنة رقيقة عساه يسمعها ياليته يفعل ذلك


لكن من اخبرها انه نائم؟؟؟
بل كان صاحيا
عاري الصدر بسروال في اللون الاسود
كان يشتم عطرها من هنا
والوجع يكتنيه من هنا
بل هي من توجعه حتى الالم بصوتها العذب الرقيق وهي تشدو بعدم اكثرات
الا تدري انها بذلك تحفز ما تبقى له من صبر عليها للانهيار
لايريد ان يخرج ليحتضنها
ويكتفي من وجعها المعذب هذا فقد يكون عاصفا
وقد لايضمن ان يكون لطيفا معها
احتفض برباطة جأشه ووقف يضع يدا على خصره القوي ويدا يبعثر بها شعره دون شعور
حار في كيفية الخروج حتى
لكنه خطى الى الامام وخرج
قبل حتى ان يرفع عينيه الناريتين اليها عصف بقلبه وبعروقه العطر الذي يتغلغل اصلا في صدره حتى صار ممزوجا بانفاسه لايمكنه تجاهله


رآى ما صعقه بمرة واحدة
كم تبدو له شهية وبريئة حتى في وقفتها امام سريرها دون ان تنظر اليه منحنية على قمصانه
الوجع منها تسلل الى كامل اوردته اذاب كل خلاياه وتسرب كحرارة وغليان اهوج من جميع مسامه
اذن هي تعتني بنفسها هكذا
لكن لما بالتحديد تفعل ذلك وفي الصباح
ابعد اهتمامه من جمالها
فان اطال ذلك سيتحرك منوما اليها ولايريد ان يفعل ذلك
ترسى على قمصانه بين يديها الدافئتان
الان عليه ان ياخذ قميصا ما
وهي لم تفكر في اعادة ترتيبها سوى الان


دخل الى الحمام لينعش نفسه بحمام بارد
عله يبرد النار في جوفه
ان الفتاة تعبث بكيانه كما لم تفعل امراة فليس هذا في مصلحته
يحبها اجل يكاد يفني عمره من اجلها
لكن ليس عليه ان يدعها تشعر انه بدونها لن يستطيع ان يعيش
رغم ان هته هي الحقيقة فقد عادت الشيء الوحيد الذي يستطيع تشتيت تفكيره عن اي هم او عمل او اي شيء آخر
فما ان تتربع على صدره وتخفي راسها في عنقه حتى يشعر ان قلبه سيقفز من اذنيه



علمت انها تلعب بالنار لكنها نار حبها فليست بالنار الحقيقة
وان كوتها فسيكون ذلك اجمل شيء يحصل لها
خرج من الحمام وقد لف جسده بقطرات المياه الباردة على جسده في روب الحمام" اكرمكم الله"

كانت تشعر بوجوده لكنها لم ترد ان تستدر

مشط شعره الكث ولم يحلق ذقنه منذ يومين فاراد ان ينبث الشعر فيه قليلا يعطيه جاذبية اكثر
ارتدى سروال الجينز الاسود
ولعن في نفسه فقامتها المديدة المنعكسة في المرآة تكاد تدمر كل ما يملكه من ارادة
اقترب من مكان وقوفها وهي تشدو بدفئ
غمره احساس بالشوق المألم اكثر فاكثر
فقد كانت قمة في الروعة لم يفته منها ولا جزء

تنفس الصعداء ومد يده وراءها على قميصه الاسود
واخترقه عطرها الندي
ضن انه سيفقد عقله سيجن ان لم يلمسها انها تتلاعب به يشعر بذلك فليس بالغبي

كانت تحس بالدوار وانفاسه تقترب من كتفها واذنها
تطرب قلبها بسعادة عله يضمها وينتهي هذا الوضع
لكنه همس ليظهر قمة التحكم في النفس:
- عبير غيري هذه الملابس وارتدي شيء محتشما

جحضت عيونها وترقرق الدمع فيهما
واعتلتها رجفة والم لايضاهيه الم
استدارت تنظر اليه لتفهم كلامه:
- انا لا افهم... ماذا.... في ...ملابسي؟

قال يقاوم النظر الى فمها الذي يذكره بلحظات تكاد تبعثر كلامه في الهواء:
- ....ليست محتشمة ولسنا في الليل الان

ابتعد يرتدي قلادته والقميص ويرش بعضا من عطره ليقول من دون ان يراها او ينظر اليها:
- سآتي اليوم الى الغذاء... السلام عليكم

خرج ليتركها تشعر بالاسى الكبير
لمحت شبحها الشاحب في المرآة
والذي بكلامه فقد الدم من عروقه
وشعرت بالخجل من نفسها جلست واتكأت على العمود في السرير
نظرت الى الفستان وحركته الى اسفل قليلا
غصة تبتلعها كالصخر في حلقها اوقفت الدموع قبل النزول





**********************



في بيت هود




كانت بين ذراعيه نائمة غائبة عن العالم الان
تثير فيه حب الحماية والرعاية
يعرف الان انها انسانة بقلب كبير خلافا عن الاب الكريه
ويتمنى من الله ان تكون اختها بمثل رقتها وسماحها
المهم لديه الان هو عشقها السالب للروح من مكانها ليرسلها الى اعالي السموات تحلق بين الطيور
كانت قد ابحرت به في بحر السعادة الى ما لا نهاية بخبر الحمل
انه اسعد الرجال وسوف يصبح ابا
سيتبث لابنه او ابنته انه رجل يستحق ان يحصل على امراة وطفل
سيحقق لنفسه ذلك النجاح فهو يستحقه


تململت جميلة لتعتدل وتنظر اليه بين رموشها المنعسة
- انت مستيقظ ...؟؟؟اوف منك لما لم توقظني.. لكنت حضرت الافطار

قال يعيد راسها الى المخدة قربه ويسند نفسه على ذراعه:
- انا من سيحضر الافطار لست جاهلا ...نسيت انك البارحة كنت مريضة واكتفيت حتى اللالم من الاستفراغ اخفتني فلاتفعلي بي ذلك مرة اخرى

ابتسمت تتمطى مغمضة الاعين كقطة :
- تعرف انه ليس بمشيئة لي ما يحصل
تدري انه من يختبئ في بطني السبب واحـلــــــــــــى سبب

قبل جبينها واسند راسه عليه
ومرر يده على بطنها وهو يهمس:
- جميلة ...حبيبتي ..علي اطلاعك على امر...يخص اختك

فتحت عيونها وقد اندهشت لكنها تشعر بالحزن بدل السعادة
- هود ...ماذا تعني باختي؟

قال يبعث الدفئ في بطنها بلمساته الحانية:
- اخبرتها بما عليها ان تعرفه
تركت الامر بيدها الان
وان هي ارادت فسنتمكن من رؤيتها عن قريب

قالت جميلة تمرر يدها على يده فوق بطنها وتنفسه بعمق:
- هل تشبهني اختي ...هل لها من ملامحي شيء؟

قال يجيبها وهو يحتضن يدها ويقبلها قبلات دافئة:
- اجل....تشبهك انت اروع
هي تبدوا اصغر منك واكثر دلالا فالعائلة التي تعيش في كنفها غنية ولامحال هي الان تحاول الاستفسار

نظرت جميلة اليه تحرك وجهه اليها:
- الم تتسرع اليس من الخطير اسراعك في اخبارها لربما لانها مسكينة وصغيرة صعب عليها تفهم الامر ليس مثلي انا ...فعلا اشفق على حالها
فلربما تتالم لمعرفة ان من احبتهم كعائلة لها لم يكونوا كذلك

قال هود يمرر اصابعه على وجهها وخصلاتها:
- عاجلا ام آجلا كانت ستعرف لست انا المذنب فلقد كنت يافعا ومراهقا احمق لايعرف لتلك الامور شيء
لكني الان اعلم جيدا مهية عملي ان تعرف هو المهم...والمخطئ في الامر برمته والدها المزيف...ومع احترامي لك ووالدك الخبيث الفاسد ايضا

عندما تتذكر والدها وما فعله بها وما كان يفعله بامها
تشعر ان الله افرج عنها كربها فلو لم يكن هود قد احتضنه حبها فلاتظن ابدا كيف كانت ستعيش مع الحقير الاخر

ضمت نفسها الى صدر زوجها واغمضت عيونها تقول:
- الم تخبرك هند متى سنلتقي

قال يحرك راسه:
- لا للاسف ...ولكن لاتحملي هما فمتى شعرت بالحاجة لمعرفة تلك الامور فستاتي الينا على وجه السرعة

قالت تساله بفضول:
- الا يزال اسمها هند الم يغيره ذلك الرجل؟

قال هو بجدية:
- لا في ذلك الوقت الصغيرة كانت آلفة لاسمها ورشيدة المراة التي ربتها كأم احبت الاسم فلم تشعر برغبة في تغييره


تاسفت جميلة لان اختها كبرت بعيدا عنها
لكن من جهة اخرى حمدت الله على ذلك
لانها لم تضطر للتعرض للضرب المبرح والسجن
ولكن الخوف اعتلاها هو والاهتمام لتعرف كيف الان هي ردة فعلها مع اسرتها






**********************




في القصر



بجناح سليمان وفاطمة



سليمان الذي اخذ جلبابه الاحمر القاني وارتداه وقف امام المنضدة يعدله جيدا ويمشط شعر راسه ولحيته

قالت فاطمة التي كانت توضب السرير وتنفضه
- سليمان ...عزيزي لم اخبرك بآخر الاخبار

قال سليمان يقفل ازرار القميص عند ياقته
- وماهي هته الاخبار اللهم اسمعنا خيرا؟

قالت تحمل روب نومها لتقوم بتعليقه على المشجب :
- انه عبد الصمد لقد عجل بموعد الزفاف في الاسبوع المقبل

نظر سليمان الى زوجته وقد علت حواجبه ورفعت كتفيها علامة ليس بيدي حيلة:
- هلا افهمتني مايدور في خلد ذلك الولد
اعجز فعلا عن فهمه
حسنا على اي حال هو زفاف فقط اسرع فيه كان ام ابطئ فهو من سيتزوج

طال بفاطمة الكتمان فهي تشعر انها لاتستسيغ الزواج من اساسه :
- عزيزي شئنا ام ابينا ذاك ابننا وعلينا ان نرى ما يرضيه وتلك الفتاة تعبث بمشاعره ....لست ادري ان كانت فكرة سديدة بان زوجناه منها لكن كن واثقا ان زواجه سيجلب لنا الفضيحة على اي حال

استدار سليمان وقد انتهى من وضع عطر المسك على ملابسه ليجلس وينتضر ان تلبسه جواربه وشربيله
- لكن عن اية فضيحة تتكلمين يا امراة الفتاة مادبة بل ووالدها رباها افضل تربية

اجابته فاطمة ممتعضة تلبسه جواربه:
- يقول ان مشاكل قد صادفتهم ما يدفع بابني انا ان يتزوجها بهته السرعة...انها ليست ابنة سي محمد فعلا اكاد ابكي على بني المسكين وحظه الذي جمعه بها

قال سليمان بصوت غامض:
- لاحول ولاقوة الا بالله...انا ادري عن الامر هو سر بين صديقين لايقال ووعدته بذلك فلاتنظري الي يا زوجتي بعينيك تلك

قالت فاطمة تنهض بغضب:
- ولم تخبرني ...لم تخبرني يا سليمان عيب عليك والله كنت منعتني من عرض الزواج على تلك الفتاة لما فعلت بي ذلك لما ....ااه اه

نظر سليمان لزوجته التي بدت حساسة للوضع وكانها مستفزة الى اقصى درجة:
- يا غاليتي يا ام اولادي سواء اخبرتك ام لا الولد يريـــــــدها هذا يجعل الموضوع من اساسه مستحيل فيه الرفض
الفتاة تربت احسن تربية ودرست احسن دراسة وتعرف كيف تتعامل مع الطبقة التي هي مثلنا لاتنسي انها عاشت مدللت الى اقصى الدرجات ....وسبق ومدحت طبخها يا امرأة وجمالها وعيونها وانها بدت لك في قمة الجمال وستحصن ابنك من الزلل فما الذي تريدينه....؟؟؟
ارجوك يا فاطمة لاتكوني انانية وفكري في ان ابنك يحتاجها وان رفضناها
لاتنسي انهما زوجان قد نفقد ابننا قد ينتهي باخذها والذهاب بعيدا ولست بمستعد ليبقى كل اولادي بعيدين عني....تاخرت عن العمل

انحنى يقبل راسها رغم غضبها وخرج
بعد ان اطلق السلام

شعرت فاطمة انها تستفز فعلا بهذا الوضع
هي تريد الاصل قبل كل شيء بعدها يليه الجمال وما الى ذلك
كيف الان ستعاملها ستنظر اليها دائما كما لو من مرتبة الخدم
ولاتزال الفكرة في راسها مترسخة
الاصــــــــــــل هـــــــــــو الاهـــــــــــــــم





**********************



في المستشفى

الساعة تقارب الحادية عشر والنصف




وجدت ثريا نفسها بعد عودة عمتها جائعة فعلا فبعد ان علمت بان الطاغية في حياتها حي يرزق
انشرحت ملامحها وبدات تهتم لمن حولها وتشعر بالاسى على عائلات الضحايا في الطرقات
كيف للانسان ان ياتي ويتاكد من ان الميت يخص عائلتهم
الصعقة تكون قوية ويصعب التحمل
لاتدري ما كانت عليه الان لو ان عثمان مات لكانت انهارت بل جنت
والان لم تستطع عمتها تحت طلبها من الجلوس فكلما جلست تعود لترى ان استفاق عثمان من التخدير الذي يسبب له النوم

جلست العمة بالقرب منها تقول بصوت ثابت:
- قالت الممرضة سيستفيق بين الفينة والاخرى وفي هذا الوقت ....اسالك ياثريا ما الذي ستفعلينه بعد ان يفتح عيونه

قالت ثريا والارهاق باد على وجهها وعيونها الرمادية المنتفخة بالدموع:
- لست ادري لا استطيع رؤيته ...لااعرف ما ردة فعله لدى رؤيتي اشعر بالخوف فلربما رغم الحادث لن يتغير ..واشك قي ذلك

ربتت عمتها على ذراعها فوق العبائة :
- لاتكوني متشائمة اتينا اتنين وسنراه اتنين لاتتركين مع الشاب لوحدي وانت زوجته ...اصلا كلامك غير منطقي من قد يفكر في المشكال وهو على فراش المرض عليك ان تريه والا ساجعلك ترينه بالغصب

نظرت الى عمتها بامتعاض :
- عمتي انت لاتفهمين انا خائفة من ان يرفضني ان يراني و...

تقدمت احدى الممرضات تقول لنفيسة بصوت رقيق:
- سيدتي المريض الذي تسالين عنه في الغرفة رقم سبعة قد استفاق

قالت العمة تبتسم:
- اشكرك ابنتي...هيا ثريا كفاك ارتجافا الان لن يعضك فانت معي

قالت ثريا بشجن:
- لانني فقط معك لكن ان بقيت واياه وحدي فمن يضمن لي انه لن يعيرني

امسكت عمتها بيدها بقوة واجبرتها على الخضوع
حاولت ثريا جذب يدها من عمتها وهي تتوسل:
- ارجوك عمتي ارجوك لاتفعلي ذلك ليست لي القدرة على النظر اليه ارجوك عمتي

قالت العمة تقترب من الغرفة :
- اصمتي ولاتكوني بلهاء هو زوجك والواجب ان تكوني معه واضمن لك انه لن يفعل شيء يزعجك

قالت ثريا تحاول ايجاد الاسباب:
- ليس هذا عمتي تفهميني انا ..لا اقدر قد انهار

جرتها عمتها من يدها ودخلت تطرق الباب المفتوح اصلا
حيث كان الرجل في السرير الايسر يحدث عثمان عن حالته

استطاع الان قلبها ان ينبض بالحياة انه يتكلم لم يراها في تلك اللحظة لكن فقط بعد ان طرقت عمتها الباب حينها استدار
اوجعتها نظرته التي تسمرت على وججها المخفي وراء النقاب
تحركت عمتها تسبقها الى الاقتراب من عثمان
تحدثه بينما هي بقيت قرب السرير اسفل قدميه المدثرتين تشعر بالاحراج والحب في قلبها لهذا الرجل يتعدى البحار بعمقها وطولها
نظرت الى ملامحه الرجولية وقد بدأ التعب الغادر يغادرها
بدى لها كما تحبه رغم المرض الا انها شعرت انه فقط بصوته الذي تحدث انه ينفذ الى كيانها من كل منفذ تمسكت بمأخرت السرير الحديدية

قالت العمة مبتسمة:
- نحمد الله على سلامتك بني كيف تشعر الان؟

قال عثمان بصوت لايخلوا من رجولة تهز كيان ثريا :
- بخير الحمد لله فرؤيتكم اسعدتني ...الحمد لله على فضله اكثر وعلى كل حال

اردفت العمة تقول وملامحها تشفق على الشاب كما تقول:
- خفنا عليك يا ابني كثيرا سمعنا انك نجوت باعجوبة عساها تكون من مغفرة الذنوب لك

قال عثمان يبتسم بشبح ابتسامة ويطالع تلك العيون السابرة البعيدة عنه ترمش وترتجف بخفة احس بشيء يزعزع كيانه انها حامل وقد نسي حتى الان ذلك قال يسالها:
- ثريا كيف حالك ؟

اهتزت ثريا لدى سماعها لاسمها ينطق من اعز الشفاه الى قلبها:
- بخير ...ونريد سلامتك

قالت العمة :
-ثريا اقتربي من زوجك ساخرج قليلا لاجري اتصالا يهمني هيا

نظرت ثريا لعمتها بخوف وهي تراها تخرج من المكان
نظر عثمان لها بقلب وجع ملهم حتى الثمالة وقال يطلب منها بتلك الطريقة الاقتراب:
- تعالي ثريا هلا رفعت السرير قليلا وعدلتي لي المخدة ارجوك

اقتربت ثريا منه وفعلت له كما طلب
شيء واحد انعش عروقه الموجعة وهو عطرها الخفيف
رواه الى آخر قطرة لذيذة
لاحظ عيونها الظاهرة منها وهي تعدل له المخدة باضطراب تحت كتفيه ليصبح جالسا باعتدال
كانت تلك العيون الشقية التي تلعب بمشاعره فلايتذكرها سوى وهي قاتمة من الشوق هذه المراة لايسهل نسيانها مهما حاول ان يفهم ذلك لنفسه

همس لها :
- اشكرك ...آسف على التعب

قالت ترفع حواجبها وابتسمت خلف النقاب:
- لا ارجوك لاتعب..هل تشعر انك هكذا افضل؟

قال يشعر بالسعادة لاهتمامها به
وتلك العيون التي تسبر اغواره وتفهمه :
- بخير ...اجلسي هنا قربي لاحدثك قليلا

شعرت ان العالم بدأ يدور حولها
عما سيحدثها الان هي لاينقصها كلام عن الطلاق لانها ستموت ان هو فعلها واصر
جلست في المكان الذي اشار له بيده اليسرى المتحررة

قال بصوت لايصل الى الزملاء في الغرفة :
- كيف حال حملك ثريا هل تشعرين بانك على ما يرام؟

قالت تنظر اليه ومن ثم تبعد نظرها عنه وفي الفكر تقول:
لايهمك سوى حملي يا ربي الا يستطيع ان يفكر في ولو مرة واحدة؟

قالت تجيبه بصوت اجش:
- بخير احمد الله على فضله
على كل حال لست متيقنة ان كان سيعيش لكني اتشبت بحبل الله

آلمه ما قالته والحزن عميق في عيونها تحت رموشها المنسدلة
نظر حوله بتنهيدة تنفس عما يكبث في صدره
لو لم يكن مع احدهم في هته الغرفة لامسك وجهها ومسح عنه الحزن كليا

قال يمسك بيده اليسرى يدها في القفاز
شعر بان الحواجز كبيرة الان فلم تعد كما كانت يشعر بذلك
نظر الى عيونها وهي تبعد يدها
فعلت ذلك وقلبها يسقط بين قدميها فلقد اكتفت من جنون هذا الزواج ان كان الصبي او الفتاة من سيربطهما ان كتب الله فليفعل لكن ليس كليا
فالخوف يبثر افكارها وقراراتها من الجذور

نظر اليها بقساوة مغضن الجبين وعاد التعجرف الى العلو الى فوق :
- لو سمحت هلا ..ناديت على الممرضة فراسي يألمني احتاج الى مسكن الم فوري


نظرت اليه تقول:
- لكنك لم تفطر بعد ....لاحظت النظرة الثاقبة التي اعطاها لها فشعرت بنفسها تداس بقسوة تحتها
...حسنا ساذهب لجلبها

نهضت ومشت الى خارج الغرفة حيث دخل في نفس اللحظة عائلة الرجل الذي يجلس في السرير الايمن له
لم يعلم ان للحب طرقا عصيبة في الإيلام
يشعر ان شرايينه تجذب بقوة موجعة ساحقة ليست كما هي
تغير حصل ويعرف انه السبب فيه
لكن الى متى وهذا التعجرف بدل الخضوع ولو قليلا ليستعيدها فيه
لايعرف كيف يطلب السماح حتى فكيف لها ان تسامحه
العشق بات وجعا خطيرا يزداد
ويشعر انه يعصر كل كيانه دفعة واحدة
وينسف كل ما في وجدانه بقسوة ليت الفرحة تتم لكان عاش وهي بسلام

دخلت الممرضة التي اقتربت منه لتعطيه الدواء
ونظر وراءها لكنه لم يراها فسال الممرضة:
- زوجتي التي ارسلت في طلبك اين هي؟

- لست ادري سيدي اخبرتني بالمك وضننتها تبعتني لكن ....هزت اكتافها تعطيه الدواء ويتمنى ان يهمد هذا الوجع فهو يكاد يفنيه


دخلت ثريا الى حمام السيدات واقفلته انسدحت في الارض تتكأ عليه
قلبها ينزف وبكت بحرقة وارتجاف قوي
الهذه الدرجة انت قاسي
حتى في نظراتك لااشعر بذرة حنان لما ...لما
يا ربي كم احبه اكاد اهديه عمري ان اراد فقط لايعاملني بجفاء




عثمان بعد ان شعر بالصداع يخف وقد طلب من الممرضة ان لايتصل احد بعائلته او يعلمهم بوضعه
شعر انه بالغ في نظرته القاسية المحقرة تلك على ثريا
لما لا يحاول ولو يوما ان يراجع حساباته ويعطيها فرصة
لطالما نددت رغم كل العوائق انها بريئة شريفة
اعجبه ان يرى في تصرفاتها ادنى عناد
رداءها الاسود لم يتغير
واحترامها لنفسها من تصرفاتها اصبح اكثر نضوجا
حولها بل وروضها ويصفق لنفسه على ذلك
لكن ما الفائدة التي استفادها يمكن حسنات في ميزانه هذا افضل شيء
لكن قلبه الان يتذمر وحصون دفاعه تتلاشى كالسراب
لايضل سوى وجهها الذي يخترق قلبه بكل المقاييس فقط ولاغير

دخلت العمة نفيسة تنظر اليه والاستغراب يعلوا وجهها:
- عثمان بني كيف تشعر الان؟

قال يجيبها بعد ان هدأ الالم:
- بخير والالم لن يكن اقسى من...الحمد لله على كل شيء

قالت تساله:
- اين ثريا ؟

قال ينظر اليها مغضن الجبين:
- لقد خرجت منذ مدة ولم تعد لست ادري اين هي

قالت تنظر اليه وتسال:
- انت لم تكدرها اليس كذلك؟

شعر عثمان ببعض الغضب يجتاحه
فيمقت مقتا من يتدخل بحياته فما يعانيه يكفيه
لكن الاحترام فرض السيطرة:
- لا لا اذكر انني كدرتها فارتاحي سيدتي

قالت العمة تنهض :
- حسنا بني ساذهب لابحث عنها وساحضر لك بعض الطعام لابد من انك جائع

قال يبتسم من جانب واحد:
- مم ان شاء الله

خرجت نفيسة وقلبها غير مطمئن البتة عن ابنة اخيها
تشعر انه لمن الممكن ان توجد في اي مكان
بدأت تبحث كان صعبا عليها ان تجد من يساعدها
توجهت راسها الى الحمامات فهي تدري انها تحتاج اليها في فترة الحمل هذه
فتحت الباب لكنها لم تجد احدا
تنفست بعمق وخرجت لتجد ثريا تسند نفسها على احدى النساء وتخرج من غرفة فحص ما

اقتربت بهرولة منها امسكتها من كتفيها تسندها وهي تسالها :
- ماذا بك صغيرتي هل انت متوعكة؟؟

قالت المرأة التي اسندتها حتى اوصلتها الى مكان الجلوس:
- لقد كنت في حمام النساء عندما وجدتها تبكي وفي حال يرثى لها حتى انها اغشي عليها ضننت انه لمن الممكن فقدت شخصا ما او ...لكنني تاكدت من انها حامل فالممرضة فحصتها كان ضغطها مرتفعا وهذا ليس في صالحها

قالت العمة تشكر الفتاة:
- اشكرك اختي والله اتعبناك

قالت الفتاة دات الوجه البشوش:
- لا سيدتي ان شاء الله ت شفى...عليها ان ترتاح فقط

اومئت العمة مبتسمة تنظر الى الفتاة التي ذهبت ونظرت الى ملامح ثريا الحزينة:
- انت يا بنيتي ما كان عليك ان تاتي
انا غبية حقا نسيت حتى ان مرحلة حملك هته في الخطر سامحيني

وضعت ثريا كلتا يديها على وجهها المتعب وتسند مرفقيها على ركبها:
- انا بخير عمتي ...لاتشغلي بالك طمئنتني الممرضة ان ابني قوي وسيتحمل لا عليك

قالت العمة:
- يتحمل ماذا هل حصل شيء بينكما في غيابي؟؟

قالت ثريا لاتريد ان تجذب الموضوع :
- لم يحدث شيء فقط انا حساسة اكثر من اللازم

واستوطن الحزن عيونها حكم عرش قلبها
وغرز فيه نبلة مسننة حادة تخترقه بعنف
وتجلب لها يأسا ورعبا من المستقبل





********************





على ممتلكات السي محمد



شعرت بسعادة غامرة وفرحة لاتوصف وهي تستقبل زوجها بحماس
عرضت هند على عبد الصمد ان يخرجا قليلا في الحقول ليمشيا قليلا
وتنفرد به عساه ينسيها المها وحزنها

اراد عبد الصمد ان ياتي اليها لكي يطلع على اوضاعها
تبدوا سعيدة بوجوده وهي تتابط ذراعه
كانت جميلة بحق وعيونها كالاسهم الرائقة له تعبر فؤاده
لابد من ان حزنها ما يكدره ويجعله ماخرا في قمة العصبية

قال وهما يقفان قرب احدى الاراضي قرب احدى الاشجار
- هند لحد الان لاتزال العلاقة بينك وبين والديك متوترة

اخفضت هند راسها بحزن وهي تشعر بتاتر كبير من الموضوع:
- لاتقلب علي المواجع عبدو ارجوك ....انا حائرة في ما علي فعله

قال عبد الصمد ينظر الى فوق حجابها ساهما يفكر:
- لست بمتدخل في امورك صغيرتي لكن الافضل ان توطدي علاقتك بهما الان قبل اي وقت فهما والداك حتى لو كان الواقع مختلفا لاتنسي انهما تعبا كثيرا من اجلك

قالت باسى:
- وحرماني من اختي وامي وابي الحقيقين

قال عبد الصمد الذي يعرف كل شيء من ايوب:
- انت مخطئة وسوف تفهمين ان والدك الحقيقي ليس بالرجل الجيد كما تعتقدين ...آسف لقول هذا لكنه من فرقك عن عائلتك باعك وخدع الاخرين بانك ميتة ....

اقترب منها وهو يرى نظرات الهلع في عيونها
ضمها اليه عساه ينفض عنها ذلك

- اسف يا عمري ليس لي الحق في هذا القول اعرف الصراحة والحقيقة صعب تقبلها
لكن هذا فقط لتعلمي ان والدك رجل جيد ان امك المسكينة المريضة تحتاجك فليس عدلا
وانت احكمي...ليس عدلا منك ان تعامليها بتلك الطريقة
لربما هما اخفيا عنك الامر لكن فكري لربما فعلا ذلك لانك كنت ستعيشين مضطربة وما كنت لتجدي الراحة التي نعمت بها حتى نضوجك

غادرتها القدرة على ذرف دمعة واحدة فلايهمها الان
ستذهب الى بيت زوجها في الاسبوع المقبل وليس هناك ضرر في رفع هذا الغلاف القاسي عن ملامحها نحو والديها ومعاملتهما بشيء من الرقة فانهما يستحقانها
اليس عليها ان تشكر والدها فعلى الاقل كان من الاسباب من حبه الكبير لها ان اهداها دروسا لدى هذا الرجل صاحب الرجولة والنبالة

اطلت على ملامح زوجها بابتسامة شاحبة:
- سافعل ذلك ليس سيء لو حاولت كما تقول
فكلامك كله منطقي
ادعوا من الله ان يسامح فضاضتي وقسوتي عليهما

رفع راسها قليلا بين انامله وتاملها مسحورا:
- جمالك تكمله رقتك فلاتفقديها وعززيها بطيبوبتك

انحنى يلثم جبهتها بحنان ارعشها
وضع ذراعه القوي على اكتافها يضمها اليه ويبادلها الابتسام

قال عبد الصمد :
- حضري نفسك ففي اية لحظة قد تاتي امي لكي تاخدك معها الى الدار البيضاء حيث ستختارين الالبسة وتلك الاشياء"الاخرى"

قالت تمازحه وتقرص وجنته التي مرر يده عليها مغضن الجبين:
- يا لحظك الجيد انت لست مضطرا سوى لارتداء لباس او اتنين ولست مضطرا لتسريح شعرك او ....اوف يتطلب العرس الكثير فعلا اشعر بالتعب وانا احاول التفكير فما بالك بالتطبيق

قال يهمس لها:
- المهم ان نكون معا وتحت سقف واحد الا تظنين؟

ابعدت عيونها عنه تبتسم بخجل:
- هه لاتفكر في شيء آخر

قال بصراحة:
- احب التفكير في زوجتي وحلالي فهل من مانع ...ترك كتفيها ودفعها بكتفه ...وافكر في النمش...دفعها مرة اخرى... وفي اشار بحاجبه الى ثغرها وغمز

ضربته وهي تشعر بخفة وتضحك:
- مجنون لم ارى شخصا مجنونا مثلك يااااااه

سبقته تضحك
وتشعر بالحزن لانها تسعد هنا بينما هي نفسها تسبب الحزن لوالديها اللذان سيقومان بدفع تكاليف سعادتها
عليها فعلا ان تسعدهما وتعلن مسامحتها فليس لها قلب اسود البتة

نظرت الى زوجها بابتسامة وراءها واكملت طريقها امامه


شعر عبد الصمد بالسعادة الابدية هذه هي السعادة الغريبة العجيبة التي تخلفها امراة حقيقية رغم صغر سنها رغم ما قد يجلبه المستقبل الذي علمه عند الرحمان
فحبها يلخبط الدماء بين الحلو والمر
بين النار والبرد الذي يجتاحه ليتدفئ بها
وبين سحر عيونها البرية وجمال وفتنة ثغرها


بعد وصولهم الى البيت الكبير
دخلت هند بسرعة ترتقي الدرج بينما عبد الصمد ياخذ وقته في التمتع بمظهرها السعيد توقفت تنتظره على الدرج وقالت بعد ان رفعت اعينها اليه تظللها من الشمس
- حبيبي عليك الدخول معي لا استطيع ان انظر الى والدي وانا من صرخت في وجهه ذلك اليوم اشعر بالخجل من نفسي ارجوك حبيبي

قال يمسك يدها :
- حسنا والدك فقط اما امك فعليك الذهاب اليها بنفسك ايوب طلب مني بعد الصلاة ان نلعب لعبة الشطرنج مفتخر الاخ بنفسه وكانه سيربحني

قالت تبتسم بتوتر :
-اتمنى ان تفوز

عند اقترابهم من الباب قالت ترجع الى الوراء خلفه:
- عبدو ارجوك انت ادخل اولا وساتبعك

تنهد عبد الصمد وطرق المكتب يسمع الصوت من الداخل الذي اذن اليه بالدخول:
- السلام عليكم عمي كيف الاحوال؟

قام سي محمد من مكانه ينتظر وصول عبد الصمد ليسلم عليه:
- وعليكم السلام بني بخير والحمد لله تفضل اجلس

قال عبد الصمد ينظر الى هند باشارة من عينيه لكي تبادر
- اشكرك عمي

اقتربت هند من والدها والدموع تغشى عيونها
انحنت تقبل يده وضمته بقوة دون ان تمنع نفسها من ذلك

ابتسم السي محمد وربت على راسها المحجب زينته وردة من الحجاب نفسه على اذنها اليمنى
- ابي عفوك عني سامحني ارجوك لا استطيع مسامحة نفسي على ما فعلته انا سيئة

قال سي محمد يمنع دموعه:
- لا يا غاليتي ...انا احبك بنيتي واسامح ما بدر منك لاعليك

نظرت اليه بخجل:
- اتركك بابا اريد رؤية ماما سيخبرك عبدو بما سنفعله من اجل الزواج اتمنى الا تشعر بالحزن من قراري ارجوك

اومئ والدها يعود الى كرسيه
وينظر اليها تخرج من المكتب تلوح لهما وبقي عبد الصمد مع والدها ليطلعه على ما وصلوا اليه من ناحية الزواج


عندما صعدت هند الى فوق
نظرت الى باب غرفة امها بحزن وشجن تخاف ان تكون قد كدرتها كثيرا انها تحبها بل لاتحب شخصا اكثر منها فهي امها انيسة دربها في كل حياتها التي مضت فلم يكن عليها جرحها بتلك القسوة



مررت يدها على الباب وبعدها
طرقته ودخلت
وجدتها جالسة على سريرها تمسك القرآن بين يديها تقرأ فيه ما تيسر
عندما رفعت عيونها الى ابنتها من وراء نظاراتها
شعرت رشيدة بانها تائهة فما الذي ستفعله هل تبتسم لها ام تتركها الى ان تدخل وترى ما بها
لكن ما اعاد الروح الضائعة منها الى جسدها وهو شبح الابتسامة البريئة الحزينة فوق ثغر ابنتها

قالت رشيدة بتعب لهند:
- اقتربي عزيزتي هل تريدين شيء؟؟

جلست هند تضم امها وتدفن راسها في صدرها الحنون الدافئ الذي لايهدئها غيره ولايشعرها بانها دائمة الوجود على هذا الكوكب سواها وان الطاقة للعيش تستمدها منها لا من غـيرها
- امي اريد رضاك فقط ولاغير فارجـــــــــــوك سامحيني انا مخطئة في حقك ووالدي ارجوك امي قولي انك سامحتني قولي انك تحبينني واني ابنتك واني لاازال في نفس المرتبة بالنسبة لك كما في الماضي
ارجـــــــــوك ماما

لم تستطع الام منع دموعها فلم ترد سوى ابنتها وطول هته الحياة لم ترد سواها ربتها وكبرتها وزرعتها في احضانها الدافئة من البرد وكم اغدقت عليها من الحب والاحاسيس التي افتقدتها من عقرها
لكنها توالدت وتوالدت لدى مكوث هذه البنية بين ذراعيها وهي صغـــــيرة

قالت الام:
- رضي الله عنك ابنتي ...وحماك برحمته من كل شر وانت ابنتي وحبيبتي والغالية على قلبي ...يا صغيرتي اسامحك من اعماق قلبي فقط على الاتعيدي جرح امك عزيزتي

نظرت هند الى امها من بين دموعها :
- شعرت بالسوء لما فعلته
انتم تستحقون افضل من الخير امي انا احبكما اكثر من الكرة الارضية اقسم على ذلك فقط اتمنى ان اضل ابنتكما مهما حدث

مررت رشيدة يدا مرتجفة على وجه ابنتها:
- ابنتي ولن ينزعها من فمي مخلوق

ابتسمت لها وبادلتها هند الابتسامة براحة راحة عمت على افراد هذا المنزل لتنسيهم كليا ما حدث

قالت هند :
! – امي؟

اجابتها رشيدة تسال:
- ماذا بنيتي؟

قالت هند بخوف :
- ماما ساخبرك بشيء واخاف ان تحزني او تغضبي...قررت انا وعبد الصمد ان نقرب موعد الزواج في الاسبوع المقبل

ازالت رشيدة نظاراتها واقفلت القرآن لتعيده الى مكانه:
- اليس هذا تسرعا يا هند كيف سيكون العرس في اسبوع ولم يتم تحضير كل شيء؟

قالت هند والخجل يملأ خدودها حمرة:
- ليس مهما العرس بالنسبة لي امي يمكن تحضيره ببساطة والتخلي عن تلك الاشياء المترفة لا اريد ان ازيد من عبئي...

قاطعتها امها :
- هل حددتما اليوم ؟

قالت هند :
- السبت المقبل سيكون هنالك وقت للتحضير لاتخافي فحماتي ستساعدني في ذلك وانت ايضا ماما اليس كذلك؟؟

قالت رشيدة تبتسم:
- مندفعة وقد تضعين نفسك في المتاعب يا هند
المهم سنحاول الاسراع في كل التحضيرات وساتصل بفاطمة للتاكد من انها ستوافقني على تلك الاشياء ايضا ساحدد معها وقتا لكي نسافر الى البيضاء عسانى نلحق الامور بسرعة

ضمت هند امها تقول بسعادة:
- اشكرك ماما انا فعلا سعيدة بذلك لاتدرين كم سعادتي بزوجي وهو ايضا كبيرة

اردفت امها بدعاء:
- اللهم اتم سعادتك به وسعادته بك يـــــــــارب يارحيم







*******************



في الدار البيضاء




قبل ان يسافر عثمان
كان قد ترك تعليماته للفندق بترك الجيب البيضاء تحت تصرف العائلة
وايضا اجرى بعض الاتصالات التي ستساعد كلا من الاب وابنته الهام في امور الجوازات

كان قد علم عصام من عثمان ان والد الفتاة سيرافقهم الى اسبانيا
واعجب بمساعدة ذلك الرجل لهته العائلة
رغم انه لاحظ على عثمان انه ليس انسان سهل اختراق عقله لكن يبدو انه يتعب من التفكير المتواصل
وكانما يتوقف على عمره الآلاف من الناس





في المستشفى


الهام التي كانت تعاني من التعب في بداية العملية
وبعد ان قامة بالفحوصات ما بعد العملية
توضح ان القلب يتجاوب بشكل جيد جدا مع جسدها
وذهب التعب الذي كان ينهكها فقد عادت قادرة على الخروج الى الحديقة في الاسفل الوضوء الاستحمام حتى بكل بساطة اصبحت قادرة على العيش في حياتها بشكل عادي ومريح

اما ما زاد من ارتياحها زيارة اهلها لها والسعادة على ملامحهم اعادت لها الارادة والصحة من جديد
لكن كان هناك عنصر اساسي صديق وفي اعاد اليها الحياة رغم انه السبب فحسب ولكنه بقي دا اثر قوي في قلبها

تتسائل دائما لما لم يعدها عثمان لما لايأتي ويطل عليها
وخامرها شعور بالوحدة وبانه ولابد يتهرب منها الان فلم يعد له فائدة من زيارتها
لكن لما هي بهته الغباء كيف لها ان تقول شيء كهذا عن شخص متزوج في بداية زواجه وايضا منحها من الوقت الكثير

وقفت مرتدية لبيجامة طويلة الى تحت الركب بسروالها في اللون الوردي القاتم مع حجاب في الوردي الفاتح
تحرص اخواتها على الاعتناء بها كملكة
تشكر الله على فضله فلولاه لما اعطاها شخصا كعثمان الذي تكلف بدفع تكاليف الفندق لأزيد من شهر
وكذا السيارة التي اعطاها لابيها لكي يتنقل بها
شخص في مثل عطائه ونبالته لم تجد

لكن شبح عصام تلى افكارها المنحصرة على عثمان
فذلك الرجل ايضا غامر بقلب اخته لاعطاءها فرصة في العيش
ويريد ان يمنحها عطلة صيفية في بلاد تسمع بها في الاخبار فقط

ابتسمت وهي تنظر الى الحديقة من النافذة فتدخل صوت رجولي يحمحم:
- احم ...السلام عليكم

التفتت تنظر الى عصام بابتسامة واسعة وهويقترب من المائدة الصغيرة ليضع الزهور
و نظرت اليها برقة:
- سيد عصام لما ازعجت نفسك ارجوك ما كان عليك ذلك؟؟

اقترب من السرير المرتب يقول:
- هل مسموح لي الجلوس؟

قالت بابتسامة اوسع:
- تفضل ارجوك

اقتربت تنظر الى الزهور الرائعة
- انها لابد وغالية اشكرك كثيرا عليها انها تلهم

قال والابتسامة على شفاهها تعديه:
- لا ..لن تساوي شيء فانت اغلى بكثير

احمرت لكلامه كانت الكلمات تخرج بشكل رجولي اكثر وهي ممزوجة باللكنة الاسبانية

اقتربت من الكنبة البعيدة قليلا عنه وجلست تقول:
- كيف حالك سيدي اتمنى ان تكون بخير؟؟

قال يضم يديه ويسند مرفقيه على فخديه:
- بخير المهم انت كيف تشعرين؟؟

قالت والابتسامة الخجلة لاتفارق ثغرها:
- بخير فبعد ان تاكد الدكتور من فحوصاتي اخبرني انه يمكنني مغادرة المشفى متى شئت

حرك راسه بالايجاب:
- جيد هذا يخول لنا البدأ في الحديث عن بلدي هناك تدرين ان اختي الصغرى نسرين لن تدع لك الفرصة في حك راسك كما تقولون
انها فتاة نشيطة وذكية وتتاقلم مع الجميع بسهولة


اومئت لاتجد ما تقوله صعب هو الكلام مع شخص غريب لا تعرفه كثيرا فالكلام ينفذ ويبقى التوتر لكنها قالت:
- اعلم انك اخبرت والدي بانني ساسافر معك وهو وافق ...لست ادري لم السيد عثمان لم ياتي؟؟؟


شهد الاهتمام الذي على تألق عيونها ولايدري لما ملأه احساس غريب بان السيد عثمان لمحظوظ بالفعل:
- اظنه سافر آنستي لربما الى زوجته او لديه اعمال ما لايبدوا عليه شخص حر طليق ويملك الوقت كله

قات الهام بتبعثر:
- اه زوجته انك محق كان انسانا جيدا ويستحق كل الخير

قال يغير دفة الحديث لانه لايشعر بالراحة كثيرا وهي تمدحه هكذا:
- لقد دفعت بمساعدة والدك الاوراق الى القنصلية واخبرونا ان ...""وجد انه لمن الصعب التخلص من سيرة عثمان بسهولة""....ان عثمان قد اتصل ببعض المعارف
وهناك من سيسهل وضع الاوراق وعلى اكبر وقت ستكون جاهزة في الاسبوع المقبل مابين الاثنين والاربعاء على حسب التحضيرات ...المهم...

نهض من مكانه يجذب الهاتف النقال خاصته حيث وجد اتصالا من اخته وبما انه وضعه على الصامت حتى دون رجاج لم يسمعها قال لإلهام :
- اسف علي ان اخرج الان وان شاء الله الرحمان الرحيم ساتي في المرة المقبلة والاوراق معي


قالت تنهض هي ايضا:
- اذا سافر والدي معنا اين سيبقى اخوتي وامي؟

قال عصام يقفل الهاتف ويضعه في جيب سترته:
- يمكنك القول انهم سيبقون في الفندق وبعد عودة والدك سيعود اليهم فلا تحملي هما ...شيء ما مر بباله بعد ان نظر الى ملامحها الهادئة لكنه ابتسم ...السلام عليكم

قالت خجلانة من نظرته تلك :
- وعليكم السلام


نظرته كانت
انه في بلاد الاسبان يجد بينه وبين الاصدقاء ان السلام بقبلة على الخد امر عادي جدا
لكن ما فتنه انه هنا وجد من يضع الحدود القسوى ضد اي نوع من التقارب حسنا الكلام يكون له تاتير قوي
لكن احترام الجسد في الاسلام وبالخصوص لهذه المراة التي اشعرته بشيء مختلف جعله يبتسم لانها تضع نفسها في برج امين احتراما لخالقها
احب ذلك كثيرا فهي بتصرفاتها ولباسها وصلاتها وقراءة القرآن تلك الاشياء المفقودة لدى اسرته باسبانية ادفئت قلبه
حسنا كان عليه ان يغض النظر لكن والله يشهد انه لاينظر اليها بنية سيئة


خرج من المستشفى وهو ينوي الاتصال باخته التي منذ ان علمت بعملية الفتاة التي تحمل الان قلب اختهم
حتى اخدت في الاطمئنان عن حالها
قلب ومن لحم اختهم الميتة اشعرهم انها حية تنبض بتلك العضلة بينهم





************************



في المستشفى
الذي ينزل فيه عثمان




بعد ان هدأت ثريا طلبت غصبا عن ما يقوله لها عقلها
ان تحمل بنفسها الطعام لزوجها
وان تكون هي ايضا معهما
عليها ان تظهر له انها قوية ولم تعد ضعيفة انه انضجها وكان افضل استاذ لها في مادة القساوة والجرح


كانت عمتها تجلس على جانب السرير تحادثه
في موضوع الحادث وكيف نجى منه:

- اذكر فقط انني عندما لمحت تلك الحمولة التي تاتي من البواخر تميل
اندفعت من السيارة وبعد ذلك لاشيء الظلام لفني

قالت العمة باسى:
-الشخص الذي ادخل غرفة العمليات هذا الصباح
مات و آآآه فقط لو رايت عائلته كان دمهم يحترق من اجله

كانت ثريا تجلس قربه تفتح اكياس الطعام وتضعها على الطاولة قربه
قال يعتدل قليلا في جلسته بهيبة جسده الذي يخلق في قلبها الدفئ غصبا عنها فليست تملك السيطرة على جماح عواطفها

- رحمه الله وصبرهم ...كنت سالقى حذفي لكن ساعتي لم تحن بعد

نظرت ثريا اليه بغضب
واخفضت نظرتها
كيف يتحدث هكذا كما لو انه رخيص لايوجد من يتالم لاجله ترقرقت دموعها فلايوجد شخص اقسى منه راته في حياتها

ردت نفيسة على كلامه:
- طول عمرك يا بني لديك زوجة وابن والله يرأف بالعباد

تسائلت العمة لما يقتصران على كلام العيون تعلم انه كلام ليس بالجيد فهو ان عنى شيء فهو العتاب الشديد الذي يكنه كل منهما للاخر

قالت عمتها تنظر الى الطعام الذي احضرته:
- انا ساخرج لاتمشى قليلا وشافاك الله والمسلمين يابني رائحة المستشفى تبعث على الغثيان

عند خروجها نظر عثمان بمكر الى الطعام ومن ثم الى ثريا الصامتة التي انحنت على بلاستيك الخبز الصغير تفتحه:
- ثريا ستساعدينني في الاكل ...لايمكنني الاكل باليسرى لست متعودا سوى على اليمنى

همست بالكاد:
- حسنا

حملت منديلا ابيض وضعته على ياقة قميصه
قالت مغصبة:
- هل ازيل قفازي الان؟

نظر الى المتواجدين في الغرفة ولم يكن المريضين مستيقضين
اما العائلات فلسن سوى من النساء والأطفال
اجابها وهو يبتسم على تملكه فيها:
- ليس هناك مانع ولكن ستعيدينه عندما انتهي

خرجت تنهيدة متحشرجة من حنجرتها المزمارية تلاقي نظرته :
- حاضر

شرعت في اطعامه وكان متطلبا لايستمتع بالاكل اكثر
ما يتمتع بوجودها
بدفئ يدها التي تمنى ان يلتهمها بين شفاهه
ولكن الذي يتمناه ان يرى كامل وجهها ويتمناه بقوة
لانه مهما حفر صورتها في قلبه وعقله لاتكون بنفس الوقع الجبار وهي واقعية

مدت لفمه الملعقة وصعقتها النظرة في عيونه
تابعت تعطيه الطعام وهي تشعر انه بهاته النظرة سيحضر انهيارها
تحمد الله لان السرير تحتها يساعدها على الصمود
لكانت سقطت من اضطرابها ومن رخوت ركبها وهشاشتهم تحت تاثيره
فهو لاينظر بشكل عادي
درست وتعمقة في تلك النظرة تحكي لها عن اوقات حميمة
راتها في شوقه المدمر لاوصالها والذي يرعش قلبها والهوى فيه بشدة
تعرف ان تلك النظرة ان عنت شيء فهي اريدك
كم هي غبية متى ستثوب عنه

قالت تساله بصوت بعيد عن الاخرين فهي تشعر بانهما معزولان ولايوجد غيرهما:
- هل شبعت...؟

قال يمسك يدها برفق لكن بتملك:
- لا وليتني فقط... اشبع

لاقت نظرته وقالت تماطله عساها تهرب من سحره:
- هل تريد اي شيء آخر لاحضره لك؟

زاد من احتضان يدها يرسل لها رسائلة خاصة تقتلها وتبعثر تنفسها:
- ما اريده هو الان ....امامي

نظرت الى السرير الايسر والى السرير الاخر مع العائلة الاخرى ايضا ولاحظت انهما رغم خفوت كلامهما غير ان ذلك يبعث عن الفضول والعيون الحسودة:
- عثمان هلا تركت لي... يدي من فضلك
اريد ان انهض لكي آخذ الصينية ...خارجا


بعد ان عصر اناملها من غضبه المفاجئ
بين اصابعه القوية حتى اختفت فيها
تغضن جبينه ونفض يدها بقسوة

امسكت يدها تعيد اليها القفاز رغم المها فقد ظهر من ارتعادها
ونهضت تحمل الصينية فسمعته يهمس:
- لاتختفي مرة اخرى فانا اود الذهاب الى الحمام

جحضدت عيونها من تكبره
وعاد الى الاستلقاء
كأمير لايقهر
حملت الصينية الى الخارج والتقت بعمتها تجلس قرب احدى النساء يتحدثتن عن حالة ابنها الذي كاد ان ينتحر لولا انهم اعتقوه قبل فوات
الاوان

اقتربت ثريا من عمتها بعد ان تخلصت من الصينية تهمس في اذنها:
- عمتي هلا ساعدتني في اسناد عثمان يريد ان يذهب الى الحمام تعلمين لااستطيع اسناده فهو ضخم ما شاء الله عليه

نظرت اليها عمتها تضحك وهي تنهض :
- والله لم ارى لتناقض كتناقضك مع نفسك يا ابنتي مثيلا
اعذريني سيدة نعيمة ان شاء الله ينهض ابنك سالما... ساذهب
ردت المراة الجالسة بآمين

وانصرفت العمة مع ثريا وهي تقول تقول:
- يبدوا عليك الارهاق بنيتي لكن اصبري سيخرج وناخده معنا الى البيت وستجدين الوقت للراحة

نظرت ثريا اليها :
- هل سنستقبله في بيتك عمتي ؟؟

قالت العمة:
- يظهر انه لم يخبر العائلة لدى فهو لايريد ان يخيفهم حسنا اشعر بالمسؤولية اتجاهه فانا من اتصل به والحادثة اشعرتني بالذنب

وضعت ثريا ذراعها حول عمتها:
- انه طاغية
والحمد لله انه بخير
لكن انت امراة عظيمة فلاتحملي نفسك عبئ شيء كتب وقدر

قالت العمة قبل ان تصلا الى الغرفة:
- ورغم ذلك ساعتني به الى ان يتعافى

ابتسمت لها ثريا ودخلتا اليه
ورغم ذلك تشعر ثريا بالحنين لهذا الرجل بالسعادة لانه قريب منها الان انه بخير وعافية حتى خانتها الابتسامة التي اظهرت ان عيونها تبتسم له دون ان تشعر
رغم قساوته فقلبها خائن كل الخيانة
الحب الذي يجرفهما حب خطير حساس يهتز بعمق مع اية شائبة

اقتربتا من سريره وقالت ثريا :
-اعطني ذراعك كي اساعدك ...عمتي الا تظنين انه يحتاج الى عصى او....

قالت عمتها :
- لا انتظرا سآتي حالا

تحرك يجلس والالم يظهر من امتعاضه
اقتربت ثريا تجلس قربه وتقول باهتمام:
- هل انت بخير اتريد ان انادي الدكتور؟

قال بدون وعي:
- لاحياتي انا بخير

اخفضت راسها واوجعتها الكلمة تلك حتى السعادة
ولاحظ هو ذلك من عيونها التي اختلجت وانحنت بعيدا عنه
لعن نفسه لما لم ينتبه فقول تلك الكلمة ستعطيها قوة ضده عليه ان يحترس بعد الان عما يطلقه قلبه النابض باسمها في هوس دائم
بدل عقله

نظر الاثنان الى عمتها التي دخلت تجر مقعدا متحركا
نظر اليه عثمان بنفور عليه ان يستعمله منذ الان الى ان يشفى هذا واضح فرجله وذراعه مكسورتان كيف له ان يمشي او يستند الى العكازين

قالت نفيسة تطلب من ثريا:
- ساعديه بنيتي ليجلس عليها

اقتربت ثريا منه باكراه وزرعت كتفها تحت ذراعه وبجهد قوي استطاعت ان تساعده في الجلوس عليها
يقول في نفسه
ليتك اكثر قربا يا حبي لشفيت من عجزي هذا بسرعة

قالت العمة لثريا التي التهمها دفئه وعمق عيونه السوداء القاتمة:
- ثريا هيا ابنتي...حاولي دفعه اذا استطعت او افعل ذلك انا

قالت ثريا تدير الكرسي بثقل زوجها عليه:
- سافعل ذلك انا

بعد فترة من عودته الى السرير ودثرته ثريا بعناية قالت نفيسة :
- عثمان بني ...ثريا تحتاج الى الراحة كثيرا
فليس بالجيد لها ان تبقى هنا سآخدها واعود لك في ساعة الزيارة الاخيرة بالمساء اتفقنا

قال عثمان يشعر ببعض الاسف لانها ستذهب وقد استمتع اليوم بتواجدها قربه فلم يمر وقت بينهما طويلا بهذا الشكل وساحر بل خالب للبه فسال:

- ومن سيضل معها في البيت لا اريدها ان تبقى وحدها

تسائلت ثريا هل يهتم لها ام يهتم لابنه؟

اجابته نفيسة تقول :
- هناك صديقاتي انهن لطيفات وتستطعن ان تهتممن بها

فقال عثمان براحة من استرخاء اساريره لكن القوة لاتغادره:
- بالطبع ...انظري ثريا اذهبي مع عمتك وارتاحي لا اريد من ابننا ان يحصل له مكروه مفهوم

نظرت اليه تقول :
- حسنا لاعليك فهو في بطني انا واعرف كيف احافظ عليه

خرجت ثريا كالعاصفة من الغرفة فقد انتظرت التفاتة تخصها لكنها تدري ان هذا طبعه وعليها ان تتحمله

شعر كانه جرحها بشكل ما لربما كان عليه ان يظهر اهتمامه بها لكنه لايستطيع كرامته تفوق قدرته
لكنه لايتراجع ابدا عن شيء قاله:
- المهم ياعمة نفيسة اتمنى الا تشعري بانك مضطرة لكي تاتي في المساء يمكنني تدبير اموري

قال نفيسة تربت على ذراعه لتنهض من قربه:
- لا سآتي واطمئن على راحتك
ساحضر معي شراشف نضيفة واشياء اخرى فهنا المستشفى يجلب القرف لاشيء منظم البتة ما علينا ...السلام عليكم بني اراك على افضل من الخير

رد بهدوء :
- وعليكم السلام

خرجت تنهيدة من فمه
وهو ينظر الى صاحبة تلك الرشاقة في الخارج وتبدو غاضبة
التي رغم احتواءه لها لاتكفيه يريدها قريبة في كل الحالات ان يتحدث اليها
يريد ان يهمس لها بشيء ما
اسرار بينهما لايسمعها غيرهما ان يلمس بطنها ان يستنشق عبيرها الذي لايفنى
لكنه بتعجرفه يجري على نفسه في عالم من البرد بدل البرود
وسمع الرجل في السرير قربه يقول بتعب:
- هذه عائلتك يا سيد عثمان ؟
فقد تعرف عليه في الصباح

حرك عثمان راسه بالإيجاب يقول:
-واحلى عائلة المنقبة زوجتي والاخرى عمتها

قال الرجل بابتسامة:
- ونعم الزوجة ...تبدو مرتاحا فلولا عنايتها ياصاحبي لشعرت بالمرارة مثلي انا ...انا لا املك عائلة كل واحد مرمي في بلاد الوحدة قاتلة

شعر عثمان بالرجل
فليس لانه يملك عائلة لايشعر ببعض الوحدة
فهذه الوحدة تخلفها وراءها زوجته برائحتها ودفئها الشهي
يشتاق اليها لكن لما هو غريب الاطوار على الاقل ما يعيشه الان يستطيع ان يغفر لها الماضي الذي يوسوسه
لكن طباعه القوية الصلبة من تمنع ذلك

يتبع.................





الجزء الرابع والعشرون




في موعد خروج عثمان من المستشفى كانت العمة
تساعده في ركوب الكرسي النقال
وقامت بترك سيارة التاكسي بالاسفل تنتظر نزوله
حيث ساعدته في دخول المصعد
وايضا ساعدته بمساندة السائق في دخول السيارة وقام السائق بوضع الكرسي في المقعد الخلفي

ارتاح في مقعده بعد هته الثلاثة ايام التي قضاها في المستشفى شعر فعلا بمعانات المرضى
شعر بمعانات المساكين وغضب لان المستشفى ولعلمها بمركزه في المجتمع خصوه بتعامل فريد من نوعه طلبت منه العمة نفيسة ان يغير المستشفى لكنه رفض وقرر البقاء ليبقى بالقرب من اولائك الناس ويشهد على مآسيهم في مثل تلك الحالات الصعبة

قالت نفيسة وقد اتخدت مكانا لها في التاكسي :
- ماذا اخبرك الطبيب يا عثمان حول الكسر

اجابها يتفقد حاجياته التي احتفظ بها في المستشفى:
- اخبرني ان الكسر في يدي قد ازيل عنه الجبيرة بعد اسبوع اما قدمي فساقوم بنزع الجبيرة عنها بعد اسبوعين واحمد الله على فضله الحمد لله الذي منحني الحياة مرة اخرى لاعيشها باذنه وارى ابني كذلك لاتوصف سعادتي يا سيدة نفيسة

قالت تبتسم :
- محق الحمد لله وان شاء الله تشفى كليا تدري
المسكينة ثريا تسال عنك كلما راتني ادخل من الباب تلك الفتاة لاتقدر بثمن

اراد ان يقول انت محقة من جهة لكن
ماذا عن الجهة الاخرى

قالت تساله مجددا:
- هل زال الم الراس عندك ام انه يعاودك

قال يمرر اصابعه في شعره الاسود:
- لا ليس كليا ساشتري بعض الدواء الذي وصفه لي الطبيب و...ترين لقد نزعوا الضماد

قالت نفيسة :
- هلا اعطيتني الاوراق ساقوم بجلب الدواء لك عندما اتركك في البيت

ابتسم يقول:
- اشكرك يا عمة على اعتنائك هذا
لست مضطرة لاتعاب نفسك

قالت تبتسم وتربت على كتفه:
- لايابني اشعر بالمسؤولية لا استطيع تحميل ثريا كل شيء فاعلم انها تحتاج للراحة كثيرا

قال يستفسر باهتمام:
- اخبريني عن حالتها

اردفت العمة تجيبه:
- هي حاليا بخير الحمل لم يكن في وضع طبيعي كليا لانها تعاني من بعض النزيف لربما من المشاكل او تعبها النفسي

شعر عثمان بانقباض في صدره
كيف يحصل هذا هل يمكن ان يكون المسبب لشيء خطير كهذا
هل يمكن ان يكون جرحها وعذبها بتصرفاته القاسية ويكون ظالما لها

قالت العمة تنتزعه من افكاره:
- هي الان تعلق يا عثمان امالا كبيرة على الطفل لاتدري كم اشترت من الملابس وكيف تمضي وقت فراغها في التأمل فيها ...ارجوا ان تفهمني انها ابنة اغلى الناس كان على قلبي
فارجوك ان تحاول التوصل الى اتفاق لايؤلمها في زواجكما على الاقل الى حين الولادة

دون ان ينظر اليها وعيونه متبتة قربه على النافذة تنهد بصوت خافت :
- ان شاء الله




في المنزل




بقيت ثريا تحاول ان تبعثر قلقها من خلال توضيب المنزل
ومحاولة جعل نفسها مفيدة لبعض الشيئ فلا تستطيع ان تشكر عمتها بالكلام فقط
قليل في وقتنا هذا ان تجد شخصا من العائلة ليس الكل لكن من الصعب وجود شخص يقدم لك يد العون دون الاستفادة مما قد يعود عليه بالنفع

ذخلت الى غرفة عمتها ووجدت بعض الملابس في سلة الملابس للغسيل
اخدتها وابتعدت خارجة فعمتها تقوم بتوضيبها قبل ان تبدأ العمل في البيت كله
نزلت الى الاسفل ودخلت الى غرفة الغسيل ووضعت كمية من الصابون فيها وقامت بتفريق الالوان لتبدأ باللون الابيض اولا وتتركها وراءها

دخلت الى المطبخ والتهت في جذب ما تمكنت من الثلاجة لتحضير ما تعرفه رائعا في الطعام

ورغم الهاء نفسها في ماتمكنت
ما استطاعت ان تضحد طيفه من ضباب الافكار في عينيها
تجد افكارها تصل اليه فتتشوش
تحاول ان تهرب منه من مكان لاخر لكنها لاتستطيع
حسنا لما جعلها تشعر انه فقد فكرة الطلاق مع الريح واشعرها بانه يتودد اليها
تخاف ان يكون ضامرا لها على شر تخاف ان يخدعها ويجعل بعد ولادة الطفل حياتها جحيما
تخاف كثيرا ان ياخد منها لحمها ودمها ويرميها بعد ذلك
انه من عائلة المنصور وهو ذكي ليس بغبي تخاف كثيرا على ابنها منه


وهي في المطبخ اشعرها كل هذا العمل بالتعب
خرجت لتنهي الغسيل وعادت الى المطبخ بعد ان تاكدت من ترتيبها للسلطة
ووضع الاكل لينضج فوق النار وجلست في الخارج على الشرفة لتستنشق الهواء اللذي يجدد الراحة في رأتيها
وفي يدها فنجان من الشاي الاخضر الدافئ

سمعت من الداخل الباب يغلق وصوت عمتها يناديها تركت ما في يدها
ونظرت الى نفسها في زجاج نافذة الشرفة
كانت ترتدي فستانا في اللون الرمادي الغامق بخطوط رقيقة فضية وصندال خفيف جلدي
ونظرت الى تنظيم شعرها الذي سرحته بدقة وعقصته كعكة مرتبة في وسط راسها خرجت من الشرفة الى داخل البيت

ونظرت اليه
نفس الاحساس المرير العميق الذي يزعزع كيانها حبا
لابد من انه بنظراته لايشعر بشيء تجاهها
امر عادي فلقد باتت تتقبل كل شيء منه ببساطة

نظر اليها من فوق رموشه كانت تبدو له الان هزيلة ولم تعد كما كانت تزين وجهها او ....اختفت ثريا التي كان يعرفها معاندة دائما لربما الحمل ما غيرها

قطعت العمة الهدوء تقول:
- عثمان ساتركك الان وساذهب للصيدلية لن اتاخر يمكنك ثريا الاعتناء به ومساعدته في الدخول الى غرفته

قالت ثريا بهدوء:
- اجل عمتي ستذهبين للصيدلية؟؟ هلا احضرتي لي شيء معك يخص الفيتامين الاخير الذي لم اشتره بعد فصاحبة الصيدلية تقول انه لم يجهز

قالت العمة :
- هيا اسرعي بنيتي اذهبي واحضريه سانتظرك

صعدت ثريا وهي تمر بالقرب منه ولم تستطع النظر في عيونه المخترقة تلك فهي ان فعلت شيء فهي تعذبها وتحيرها
لاتعرف كيف تجذب منها الصراحة
ما الذي يظنه وهو يراها هل يفكر فيها بشكل جيد ام انه يضمر لها الشر

قالت العمة لعثمان:
- لابد من انك متعب اتريد الدخول لغرفتك الان؟؟

قال بصوت واثق:
- لا... ساقتصر على الجلوس في الصالة اذا لم يكن لديك مانع

قادته العمة الى الصالة واسندته الى ان جلس
وارتاح اكثر من الجلوس في المستشفى
لاحظ ان هناك تلفاز اشعلته نفيسة واعطته آلة التحكم وهي تنصح بشتى النصائح حتى حولت افكاره الى امه المسكينة لو تعلم بما كاد يحصل له لانهارت هذا السبب فقط ما منعه من الاتصال بها الى القصر

نزلت ثريا من فوق بخطوات خفيفة فانبتها عمتها:
- ثريا لا تقفزي هكذا ليس جيدا للبيبي في بطنك هيا ساذهب ...ارى انك قمت بالاعمال لم ارى راسا كالحجر مثلك

ضحكت ثريا بخفة وقالت :
- عمتي وطبخت ايضا عسى طبيخي يكون لذيذا هذا اليوم حضرت من الاكل الذي تحبين والذي احب والذي....يحبه عثمان

ابتسمت عمتها متوجهة الى الباب تفتحه:
- لاتشغلي بالك ساتي لاكمل التحضير عنك اذهبي للجلوس قرب زوجك

بعد ان اغلقت العمة الباب شعرت ثريا بالنفور واحساس شاق عليها
كيف لها ان تذهب وتجلس قربه
كيف لها ان تستشعر دفئه من بعيد فقط وهي حلمها وامنيتها ان تضمه بقوة قبل ان يضمحل
تنهدت واقتربت من الصالة حيث يجلس منشغلا بالتمعن باخبار في احدى الاداعات الخارجية
اقتربت منه وجلست قربه وقالت تساله:
_ كيف حالك الان عثمان هل تشعر بانك بخير؟؟

قال دون ان يوجه لها اية نظرة :
- بخير

امتدت نظرتها الى كامل ملامحه وحاجب في وجهها مرتفع
كانت تتفحص فكه الصارم وقوة ملامحه انفه ورقة شفاهه
لم يسر الدفئ في اوصالها بقدر ما سرى فيه من القشعريرة التي اخافتها
ابعدت عيونها عنه ونهضت من مكانها
فقال يجمدها في مكانها القريب"
- ما هذا المنظر الكئيب يا ثريا هل هكذا تستقبل زوجة زوجها المريض اشعرتني بان المستشفى ارحم لي من الجلوس بقربك

انصدمت من كلامه وقالت تشاهد نظرته الرائعة على كامل وجهها وجسدها باحتقار:
- انت لن تتغير سواء ارتديت الجواهر ام ارتديت ملابس مقززة اليس كذلك عثمان ؟؟ ارحم نفسك فانا لا ارضيك لنفسك بل لله لانني زوجتك وفرض علي ان اعتني بك وليس لك دخل في مظهري ...

قال بجفاء :
- اذا اردت ارضاء الله فارضيه برضاي واذهبي لتغيري من شكلك اريد ان ارى شخصا نظرا وليس كئيبا هكذا لسنا اروبيين ثريا

نظرت اليه بعمق وشعرت بانه دارة كهربائية تصعقها بدفعات متكررة
قالت باستسلام:
- حسنا لك ما تريد لكن بشرط لا يوجد بعد قرار الطلاق بيننا شيء يقال عثمان لاانوي ابدا اعطاءك مني ماتشاء كن واثقا ابني فقط مايهمني

قال بقسوة:
- لم يعد هنالك طلاق لتعلمي فقط

اللعنة على هذه التي تمنعه من الوقوف وجعلها تبتلع كلامها الجارح
نعم انه يجرحه بعمق كما لو انها تنتزع منه كل الانوار التي تريه الطريق الى الفرصة الاخيرة التي قد تنقد هذا الزواج

خرجت من الغرفة وتركته لايستطيع ان يذهب وراءها تعرف انه الان في موقف مكبل وتفعل ماتشاء
لكنه سيجد فرصة ما يجعلها تطلب منه ان يضمها ولو لمرة
سترى

صعدت الى الغرفة وهي في قمة الغضب
شخص خبيث لايستطيع المرأ ان يفهمه البتة افكاره تجعلها تشك ان كان انسانا عاديا
كبقية الناس

اخدت تفك شعرها بقوة وتضربه بالمشط بسرعة
وضعت من الماكياج بشكل خفيف
وارتدت تنورة تصل الى الركب بطيات منتفخة قليلا في اللون الابيض مع قميص بدون اكمام وبدون حمالات في اللون الاصفر وصندالها الجلدي لم تغيره فهو يريحها

نزلت واختبئت في المطبخ تساعد في تجهيز المائدة
وقالت عمتها التي عادت بعد ان وضعت الدواء في الغرفة التي سيشغرها عثمان
بان تقوم بنقل ما في المائدة الى المائدة في الصالة للغذاء مع عثمان
شعرت ان الوضع يضغط عليها بقوة

دخلت الى الصالة لتضع الاطباق وشاهدت نظرة الاعجاب الهادئة الملتهبة في عينيه
نظر اليها عثمان مندهشا من الاختلاف اللذي جعلها اجمل بكثير مما توقع فهو يراها جميلة غير ان الوضع في انه لن يستطيع ان يلمسها وهو يحتاجه
يعقم عليه الامر
انعشت كيانه وكانها وردة متفتحة بعناية ودقة تامة
ينظر الى هذه المراة التي تحمل ابنه ويحمل لها هذا الكم من المشاعر
فتنته بشدة حتى انه تخلى عن النظر الى التلفاز بل تابع حركاتها وكانه اصبح مهوسا لايستطيع وقف ذلك
نفسه تنزعه اليها فليس له الا ان يستمتع بوجودها هكذا تمشي وتجيئ وتعذبه بحلاوتها العذبة لايدري انه الحب السبب
فان استوطن قلبا يجعله ايلا للانفجار او يجعله يتدمر ويتكسر من الالم وهو يعاني من الاثنين لكنه قوي ويصبر وسيعيد المياه الى مجاريها لكن في الاول عليه ان يبدا في تصفية نفسه من جهتها وبعد ذلك
سيرى ما سيفعله





**********************


المساء
في القصر



بعد العشاء الذي لم تلمس منه الكثير صعدت عبير بعد ان تمنت للجميع ليلة طيبة
صعدت الى جناحها وهي هائمة البال في التفكير التقت في صعودها بجولييت التي قالت وهي مرتدية لعباءة مزركشة سوداء

- مساء الخير ابيغ كيف حالك صغيرتي هل تريدين ان ترافقين لنتمشى قليلا

قالت عبير تشعر بنفسها تحتاج للعزلة:
- اسفة لكني اريد ان ابقى لوحدي قليلا

قالت جولييت ولا يستطيع ان يغلب على افكارها احد:
- تعالي معي اراهن على انك لاتخرجين كثيرا البقاء في المنزل يجلب التافف تعالي ....امسكت يدها تجرها الى الاسفل....هيا

تبعتها عبير الى الخارج واتخدتا طريقا وسط الحديقة الغنية وراء القصر
قالت جولييت :
- انت تخرجت اليس كذلك؟

اجابت عبير بصراحة:
- اجل لكن لما تسالين؟

- لربما تستطيعين العمل بدل الضجر الذي تعانين منه كل يوم

قالت عبير بتفكيرها التلقائي المتمدن:
- انا لا اسعى حاليا سوى لارضاء زوجي وبقائي قربه افضل لي ...لربما انتم الاجانب تعانون من الوحدة والسبب فقط انكم تحبون ان تخرجوا وتكونوا على حريتكم لكن نحن هنا لانشعر بالحرية سوى في كنف عائلاتنا ...وازواجنا

قالت جولييت ملاحظة:
- انت سعيدة مع زوجك كيف كان لقائكما في الاول ؟

قالت عبير تبتسم:
- عاديا رغم انه كان رومنسيا غير انني لم افهم في الرومنسية الا بعد مدة

غضنت جولييت تجلس على احدى الكراسي البيضاء
- لم افهم؟

قالت عبير وهي تشعر انها ليس من الجدي اعطاء اسرارها الى هته الغريبة لكنها قالت :
- اعني اننا تزوجنا والحب اتى بعد ذلك ...لم نلتقي ابدا في اي وضع وانا وهو كنا نعرف بعضنا منذ الصغر اي منذ صغري فهو يكبرني غير ان كل هذا انمحى واختلجت حياتي بمشاعر الحب ...انا الان احبه فعلا وان لاحظتي الحب هكذا يكون طاهرا
الاسلام شيء نبيل سامي ونحمد الله عليه كثيرا فهو يجعل لكل شيء طعما مميزا

حولت جولييت نظرها الى بعيد:
- انا لست وحيدة اعني انا لست وحدي في العائلة لدي اخوين وام واب
غير ان كلا منا اتخد مصارا مختلفا والداي يعيشان في بريطانيا واخواي واحد منهما في سويسرا يعمل في شركة ضخمة للمعلوميات والاخر اختفى تقريبا لاندري عنه الا انه فضل السفر الى احدى الجزر الاستوائية ولم يعد يتصل او يسال التحرر كما قلتي له بالنسبة لنا فوائده وسيئاته لكننا نعشق الحرية على اي شيء اخر

ابتسمت عبير بالغصب فكلام هته الامراة يجلب لاوصالها البرود تنهدت ونهضت تقول:
- علي ان اذهب الى جناحي عمت مساء

قالت جولييت :
- ابيغ شكرا لكلامك معي

اجابت عبير ببساطة:
- لايوجد مايمنع ذلك الى اللقاء

صعدت عبير الى الجناح بسرعة لاتدري لكنها تشعر ان زوجها الان هناك ولربما يتسائل عن مكانها
عند دخولها وجدته يجلس على سريره وقد نزع ملابسه وضل بسروال قصير يريحه من الحر
شعرت عبير ببعض الرهبة فنظرة من عيونه انبأتها بانه كان ينتظر ان تكون في الغرفة وان تحضر له سريره

قال يسالها بصوت يملأه الجفاف والخشونة:
- عبير.. اين كنت ؟

قالت تدافع عن نفسها منه وباضطراب:
- لما تسال سيدي انا لااسالك اين تكون طيلة النهار ...اقصد انا لا اسال ومن ثم انا لم اذهب الى مكان بعيد كنت في الحديقة مع جولييت
في ذلك شيء سيء؟؟؟

شاهدت نهوضه والنظرة المشتعلة في عيونه وشعرت بالخوف يبعث الرعشة في اوصالها
لكن بدل ان يصل اليها قام بدفع الستارة بينهما بقوة حتى ظنتها ستقلع من مشابكها

شعر بالثورة في عروقه كيف لها تكلمه بهته الطريقة
والتي تدل على شكها به والذي يزيد الطين بلة انها مدللة مفسودة ويعترف بخطئه ما كان عليه معاملتها مثل الاميرة
جلس يضرب الوسادة بقوة ويستلقي ليغمض عيونه رغم انها لاتختفي من عقله


ارتعشت عبير من تصرفه
لم يكن ابدا غاضبا منها الى هته الدرجة لربما يريد ان يفرض عليها سيطرته بالكامل لكن ماذا ان هي خرجت ولم تحضر له مايرده كل ليلة ماذا في ذلك
الغضب كما عصف به عصف بها

بعد ان غيرت ملابسها بغلالة في اللون الازرق القاتم تصل الى ما تحت الركب
جلست على المنضدة تسرح شعرها وتشعر باختناق سيء
دلكت يديها بكريم اليدين برائحة الياسمين الزكية ورشة من عطرها الخاص وراء اذنيها وعلى ساعديها ونهضت من المنضدة
تحلل نفسها وتتذكر كلام والدتها الاثنان اوصلاها الى انها اخطئت بشكها بزوجها وجرح مشاعره تلك العاهرة سيئة الخلق اخبرتها وارتها ما ارادت ووصلت الى النتيجة التي ارادت وهي تفريقهما وابعاد الثاني عن الاخر
اقتربت بتحد لغرورها ودلالها التي تعرف انها تبالغ فيه فما عادت بريئة الان وعليها استعمال ما تعلمته في فنون الحب لتصل الى زوجها وتستمد منه السماح والحنان

اعادت شعرها كاملا الى كتف واحد ومررت يديها على خصرها تعدل نفسها واقتربت من الستائر تزيحها كليا
نظرت اليه مستلقيا على ظهره في السرير ولم تتفاجئ من الدفئ الذي سرى في جوانحها فلكم تعشق هذا المتغطرس ولاتستطيع تحمل ان يعاملها بشراسة وجفاء بل تريد ان يدللها كما كان
شبه ادمان او تعود

قالت تقترب من مكان نومه وقالت بصوت مغناج:
- سعيـــــــد ...سعودتي

جلست على الزربية قربه ووضعت يدها على كتفه تحركها بطريقة مستفزة:
- سعيد حبيبي استفق ولاتدعي النوم استفق

امسك يدها وهو ينظر اليها من بين رموشه السوداء بنظرة تتطاير شررا:
- هل جننت دعيني عنك يا عبير فلست حمل تصرفاتك الطفولية اتفهمين

علمت انه غاضب
عليها الا تصاب بالياس وتزيد جرعة التصالح بطريقة اكثر:
- حبيبي سعيد انا آآآآآآآسفة ...انا مخــــــــطئة فلقد كنت زوجة سيئة وان بعد الظن اثم
لكن افهمني انا قلبي ينبض بك حبي فكيف لي الا اغار من شخص مثلها

احس بموجة من المتعة واستند على يده فوق ذراعه القوية ينظر اليها بكسل وقال:
- وماذا تعنين؟

قالت تلوي الخصلات من شعرها على اصابعها بدلال:
- اقصد انني اسفة لظني السوء بك اعرف انك شريف ونزيه حبيبي واسفة ايضا لاني لم اكن هنا عند مجيئك واسفة....

اوقفها مغضن الجبين بصفحة يده:
- كفى ...تريدنني ان اصدق بعد هذا ان الاعتذار نابع من قلبك ومن ثم لما ذهبت مع تلك المراة الى الحديقة الاتخافين من ان تجرك الى عالمها

قالت بصوت رقيق :
- لست بلهاء لكنها لربما شعرت بالوحدة تعرف انهم وطباعهم من يخلق ذلك ولم اجد ضررا في الكلام معها....

قال سعيد ولايزال في نفس وضع الملامح الغاضبة لكنه يخفي بها استمتاعه بتدللها وغنجها اللذيذ:
- حسنا فلنقل انني تفهمت لما جلست وتكلمت معها لكن ما اريد ان افهمه كيف سامحتني انا لا استطيع ان اتغاضى عن كلامك المسيء الى شخصي يا حضرة السيدة

اقتربت منه اكثر وغرست اصابعها برفق في شعره الكث تقول:
- انا احبك سعيد واصدقك سعيد ولا استطيع ان اعيش من دونك حبيبي فلا تكن قاسيا علي

قال ينتعش بلمستها الرقيقة التي استقرت على فكه استنشق انفاسها القريبة منه بلطف وقال يهمس:
- اذا راضيني ....ام تريدين ان ابادر اولا

ابتسمت بخجل وقربت راسها لتدفنه في صدره وساعدها لتستلقي في السرير الضيق قربه وكل منهما ينعم بدفئ الاخر له




*********************



في طنجة
وفي منزل العمة



بعد ان صعدت العمة لغرفتها تركت ثريا في الاسفل تحضر الغرفة السفلية لعثمان فهي لاتنوي ان يشاركها غرفتها تحت اي ضرف من الضروف
ويعلم انها اوصلت له الرسالة شفهيا في الصباح

دخلت وهي تجر كرسي عثمان الى الداخل وتوقفت تاركة اياه لتحضر له الشراشف النضيفة على السرير
قال يسالها:
- ما الذي حصل للسيارة والملابس التي فيها فلا انوي البقاء بهذه

قالت ثريا دون ان تنظر اليه وهي تلتهي في وضع الشرشف وتعديله على السرير:
- احضرناها عثمان وقد سبق ورتبت الملابس الخاصة بك في الخزانة

قامت بفتح الشرشف وتعديل المخدات الاربعة
واقتربت منه بقلب نابض تقول:
- هلا استندت الي لكي اضعك على السرير

قال ونظرته لاتبرحها
- تفضلي

ساعدته على الوصول الى السرير
وشعرت ان اللمسة على خصرها يتعمد جعلها جريئة
نظرت اليه بشيء من التوتر والغضب لكنه لم ينزعج بل نظر الى الخزانة يقول:
- ثريا احضري لي قميصا ابيض طويل لارتديه فلا اشعر بالراحة في هذا السروال

اقتربت من الخزانة وجذبت قميصا ناصع البياض ومدته له
فنظر اليها بتمعن والى القميص في يدها ليقول بشيء من العجرفة:
- هل تريدين مني ان ارتدي القميص وحدي هل ابدوا لك في وضع يسمح بذلك

قالت تشعر باللون الاحمر يغزوا خدودها:
- حسنا لا اقصد شيء
ساساعدك عثمان فلا داعي لتكبرك هذا ...الا تستطيع نزع الملابس وحدك

قال باستهزاء:
- طبعا سافعل ... لكن ثريا ماهذا الاستهبال الذي تلعبينه علي تدرين انني عاجز الان ...فساعيني من دون نقاش

كان يقسوا عليها فقربه يالمها يعذبها لانها تحبه
ولانها تشعر بدفئه التي تحرم الان منه ويحرم ولدها منه
وتتذكر القسوة التي تعانيها منه فهو لايرحم مشاعرها ابدا

كانت تخاف ان تنهار فمع التماس اصابعها لصدره النامي شعرا اسود واكتافه العريضة القوية كانت تجزء لجزيئات ضئيلة يصعب جمعها

قال بعد ان ارتدى القميص الابيض الطويل الى كعبيه:
- والان هلا جلبتي لي دوائي فانا اريد ان انام ...وهناك شيء اخر لكن احضري الدواء اولا

لم تستطع ان تنظر اليه لم تعرف انها كالعبدة
يعاملها بهذا التحكم الكامل وهي لاتفقه كيف تستطيع ان تجد لديه نقطة ضعف واحدة تستطيع بها ان تالمه ايضا


كان عثمان بالخلاف عنها يتمتع في تعذيبها واذاقتها مرارة الكلام الذي تفوهت به
يبتسم لنفسه يعرف جيدا انها تموت عشقا به لكنها تتضاهر بالقوة
سيعرف بالتروي كيف يخترق حصونها المنيعة التي صنعتها منذ لقائهم في افران
نظر اليها وهي لاتزال بالملابس الفاتنة التي ارتدتها في الصباح
شعر بالنصر لانه قادر على ادارتها متى شاء الى حيث يشاء
لكنه يعلم ان لها ايضا قوة غير ضاهرة في مجابهته

مدت له الاقراص وتتبعها بالماء وهمست بصوت منخفض:
- بالشفاء ان شاء الله

قال يجيب:
- امين...ثريا ..هلا اقتربت من فضلك

نظرت وحاجباها يشكلان قوسا فوق وجهها المشع بياض وصفاء:
- ماذا عثمان ليس لانني اساعدك تقفز الى استنتاجات انا لم ولن....

قاطعها يتكئ بعجرفة دون ان يوليها اهتماما :
- انا لست اهتم بك الان فتعالي اريد ان اهمس لابني اريده ان يتعرف الي

قالت في نفسها:
- ابنه حسنا هذا ما كنت خائفة منه انه يريد ان يتعرف على ابنه ولايهمه امه يا له من رجل خبيث

اقتربت تجلس قربه بعد ان تركت صندالها على الارض
شعرت به يميل عليها وانفاسه قرب جدعها وصعقتها اللمسة التي منحها لبطنها
انه يمنحها لابنه وليس لي كم انا سخيفة

قال يهمس:
- انه هنا المسكين ...لا الومه لابد من انه دافئ اليس كذلك ايها الصغير ههه لا اصدق انه في الشتاء القادم ان شاء الله سيكون هذا الصبي او الفتاة بين يدي سبحان الله اضن انه سيكون ...خارق الجمال

كانت نظرتها بعيدة ولم تشعر بنظرته على ثغرها واكتافها وتابع يكلم ابنه ويرسل له الغازا تتعلق بثريا وهي تسمع وتشعر بشيء يدعى الغيرة وكانها تشعر بالغيرة من ابنها
لكنها نفضت الفكرة من دماغها

قالت بجدية:
- اريد ان اذهب للنوم

قال بشبه ابتسامة وعينه لاتبرح وجهها مفتونا بها:
- اذهبي واتركي ابني لم انهي الحديث معه بعد

نظرت اليه باندهاش وابعدت نظرتها عنه مجددا
لمسته على بطنها كان لها وقع الخذر على نفسها وقلبها ينبض سعادة نوعا ما لانه تقبل الطفل على الاقل من دون اية مشاكل ويهمس له
الان فقط تستشعر مواقف النساء وكيف تشعرن بالحاجة لدفئ يد الزوج او قبلاته على البطن او وضع راسه عليه فلكم تبدو رائعة

لكن كيف لها ان تستمتع بهذه المواقف وهو لايعتبرها شيء
بينما يهمه ابنه فحسب

قال يصارع المشاعر المتوهجة في جوفه كالنار الملتهبة وقبل اطراف اصابعه ووضعها على بطنها ببطئ وقال:
- اذهبي الان

نظرت اليه بكسل تقول وقد حملها فوق بساط مشاعر تشتاق اليها :
- ماذا...؟؟؟

قال بجدية يرتاح اكثر على المخدات:
- اذهبي ثريا واعتني بطفلي جيدا ...اه على فكرة غذا احضري الى غرفتي كل ملابس ابني لايجب ان تحتكريها لك وحدك

شعرت وكانه يخرق قلبها بسيف:
- لعلمك عثمان انه ابننا اي ابني ايضا والملابس اشتريتها من مالي فلايحق لك ان ....

قاطعها لسبب وجيه:
- ستحضرينها الى هنا ولاتخفي شيء اذا اردتي تخيل شكل الطفل وتلك الاشياء فلن تفعلي ذلك وحدك اريد ان اتخيله ايضا فهو ابني ام بطلبي هذا اكون شريرا ومتكبرا

تركته تقول:
- تصبح على خير سيد عثمان

وصفقت الباب بقوة
خرجت من بين شفاهه تنهيدة قوية كان يكتمها فهي ان دلت فستدل عن مدى تعاسته
ان هو طلب منها ان تحضر الملابس فلكي يخلصها من شيء اسمه هوس
يخاف ان يقدر للطفل ان يسقط وهذا ما لايتمناه لكن ان قدر فلايجب الا ان يرضيا بحكم الرحمان
لكنه لن يستطيع تحمل ان يراها تنهار والا تتحمل وترفض الصمود





******************



في اليوم التالي



في الاسطبلات
وبالتحديد في مكتب عبد الصمد
كان اليوم بالنسبة له من سائر الايام التي مضت اصبح يراكم الاعمال بجدية اكبر لكي يستطيع التفرغ للزواج بسهولة
وراحة بال

لايدري لما يشعر بان الوضع الان اصبح في غاية الحساسية
اولا جولييت التي ظنها ستذهب في وقت مبكر فهاهي الان تبقى الى اسبوعين
يشعر بالضيق من الموقف الذي يتذكر فيه زوجته فحتى انه لم يفعل شيء يسيئ في امر في ذلك اليوم
لكن هند غضبت ويشعر بالقلق ان هو اخبرها بان الاجنبية ستبقى هنا اسبوعا اخر

اما الامر الاخر الذي يشعره بان اعصابه تكاد تنفجر
الامر المتعلق باصل هند لم يشعر بالغضب من امه كما يشعره الان انه يحبها
لكن ان تفرق بينه وبين من يحب لاجل الاصل فقط سخيف لدرجة لاتصدق
يصلي ويدعوا كثيرا لكي لاينفضح اصل الفتاة ويوضع حد لزواجه بها
ان حصل ذلك فقد ينهار هو الجبل الشامخ الذي يعهده رجاله من اصلب الرجال في العائلة

قال يحدث نفسه:
- يجب ان يسير كل شيء على مايرام

سمع رنين الهاتف قربه وطالع فيه برهة ليمسكه ويقوم بالاجابة:
- السلام عليكم من معي؟

تكلم الرجل العجوز :
- اهلا سيد عبد الصمد كيف الاحوال ؟

نهض عبد الصمد يلتف على المكتب ليسند طوله على حافته :
- بخير سيدي وانت ؟

اجاب الرجل:
- باتم الصحة والعافية كنت اتصل لاستعلم عن جولييت واحصنتها فالانسة لم تتصل بي منذ ذهابها عنكم وضننت انها سحرت بشيء ما

كان يعني شيء محددا بكلامه
فقال عثمان بدهاء:
- لاسيدي لااضنها سحرت بل فقط الاحصنة من تاخد وقتها بل لربما هي فوق المهووسة بها تراها الوقت كله وتاكلها من يديها وتريد ان تعود الى المزرعة عندك باسرع وقت ...لكن يجب ان تصح الاحصنة اولا ويمكنها العودة بعد ذلك

قال العجوز يبتسم:
- هلا اخبرتها باتصالي

قال عبد الصمد:
- ساناديها ان اردت محادثتها

قال العجوز:
- الوقت غير مناسب وانا لدي ضيوف كثر على اي اخبرها باتصالي وساكون شاكرا لك مع السلامة

ابتسم عبد الصمد ابتسامة جانبية تدل على تملله من هذا الرجل والاجنبية التي بدات تضهر شيء مما يسميه مخالبهن الذهبية لتغويه لكنه بغنى عن اغواءها فهو مكتف بعصفورته ولايتخيل حياته مكتملة الا بها
فكيف بامه ان تكون قاسية عليه الى هته الدرجة
لايريد ان يجرحها من حيث اصلها ولايريد ان يذكرها به
لكن من يضمن تصرف امه تجاهها

دخلت في تلك اللحظة جولييت تغلغل يدها في شعرها بدلال وتنظر اليه باغواء
فابعد نظره عنها يعود الى مكتبه يقول بعجرفته المعتادة:
- السيد يريدك ان تعلمي انه اتصل ويتمنى ان تسرعي في العودة اليه

وضعت يديها على المكتب تميل عليه:
- هل اخبرته انني وجدت ظالتي هنا

قال بغضب مكبوت:
- هلا فعلت انت ذلك خذي الهاتف واخبريه بنفسك

اقتربت تضع يدها على كتفه:
- اخشى انني لا اعرف الرقم هلا ركبته لي ابد

نفض يدها بسوطه وشعرت بالالم فيهما
ونهض بهيبته وطوله يكاد يخنقها من مكانه:
- استرجعي الرقم لحالك يا ...جولييت

خرج من المكتب بعد ان اغلق الادراج وتركها
شعرت انها منبوذة فامثالها يعيشون على الفسق نعود بالله منه
فلاتكتفين بشخص واحد
اللهم استرها معنا يارب
المهم انها شعرت بعد هذا الكلام الجاف منه بالخواء فاخدت الهاتف وبحتث فيه ووجدت ما كانت تبحث عنه
ركبت الرقم وهي تقضم اضفرها بدون اذيته طبعا

عندما سمعت الهاتف يرفع اطلقت ضحكت رنانة:
- ههههه ابد الصمد انت مضحك فعلا ..اوه...اه الو مزرعة السيد ...

قالت هند التي شعرت بلون وجهها يتحول الى القرمزي فلم تجب الا لانها تعرفت على رقم حبيبها:
- الو من انت ...هل انت تلك الاجنبية الوسخة

سمعت هند جولييت تقول وكانها تكلم احدهم:
- لابد من انني اخطئت حبيبي ....او اسفة عزيزتي اظنني اخطئت الرقم

اغلقت جولييت الهاتف بغنج وهي تتنهد بدلال
ومحت جريمتها بذكاء شيطاني
وخرجت من المكتب بسهولة تامة تتمايل كالهرة
حظ يحالف الباحثين عن الشر

وضعت هند يدها على فمها حتى احمر من قبضتها عليه
واعادت السامعة وكل اعضائها ترتجف صعدت الى غرفتها بسرعة وتجاهلت منادات ايوب لها
واستلقت على سريرها تبكي كالمجنونة في حالها





****************



في القصر

بعد الافطار



توجهت كل من مليكة وابنتها السعيدة اكثر من السعادة نفسها
دخلاتا الى المطبخ للشروع في طبخ الاكل للغذاء
اما بالنسبة لفاطمة فقد اخدت الهاتف من على الطاولة الصغيرة
وانصرفت الى حيث يمكنها التكلم بدون ان يسمعها احد

ركبت رقم منزل السي محمد وانتظرت لفترة الى ان اجابت صفية:
- الو السلام عليكم من ؟

قالت فاطمة بشموخ ظاهر:
- انا فاطمة زوجة سليمان المنصور هلا اعطيتني سيدتك رشيدة واسرعي ليس لدي الوقت كله

قامت صفية تصعد الى فوق حيث تتواجد سيدتها تضع الملابس قربها وتقوم بطيها :
- ما الامر صفية؟

قالت صفية:
- انها السيدة فاطمة المنصور تريدك على الهاتف

قالت رشيدة بهدوء:
سانزل حالا

وضعت رشيدة ما في يدها ورفعت حجابها على راسها ونزلت الى الاسفل لتستقبل المكالمة وهي تتوجه بالهاتف الى الصالون

- الو السلام عليكم كيف حالك الغالية فاطمة كيف الاحوال في بيتكم؟

قالت فاطمة وهي تشعر بعدم الرضى لانها تحدثها:
- كلنا بخير الحمد لله المهم الان اريد ان احدثك في موضوع زواج ابنائنا او بالاحرى ابني من الابنة التي تبنيتها...اعني هند المهم اريد ان اخبرك انني سامر في الغذ عليكما لكي نقوم بالذهاب الى الدار البيصاء وتجهيز الذي يمكن تجهيزه للعرس

قالت رشيدة التي كادت تبتلع لسانها والحزن هاجمها من افضل صديقة لها:
- اسفة يا فاطمة لانك علمت بان هند تكون ابنتي بالتبني لاني فقط ربيتها اتمنى الا ياثر هذا على صداقتنا فهي تضل هند صغيرتي التي اشعر وكانها تكونت في احشائي انا عاقر ولا الد واتمنى ان تتفهميني فانت ام

نهضت فاطمة ترفع حاجبا بتكبر لاتستطيع عليه امرا:
- اجل اتفهمك واتفهم الامر لكن مالا افهمه لما الكذب علينا حسنا كنتما تخفيان عنها الامر
لكن ما ذنب مولاي عبد الصمد في الامر تدرين انه يستحق ان يرتبط بصاحبة اصل ونبالة وفي مجتمعنا الناس لاترحم فان خرج خبر انها ليست ابنتكما الحقيقية فقد تنتهي صمعتنا في الطين وهذا ما لانريده لا لنا ولا لك

شعرت رشيدة بالاهانة الشديدة وكانهم خيروا صديقتها بين ان تخنق او تذبح فبدل ان تنقدها من احباطها فعلت الامرين بنفسها جعلت قلبها الرقيق رغم سنها ينزف هي امراة شريفة ونبيلة وابنتها ليست الا صورة طبق الاصل عنها فكيف بامراة مثل فاطمة ان يخرج منها هذا الكلام

قالت فاطمة بصوت ناعم:
- اعلم انني قسوة عليك يا رشيدة لكن اعلمي فقط انني اشبه الهرة التي تدافع بشراسة عن اولادها واولادي هم نظري فان فقدتهم او مسهم احد بضر قد اصبح شريرة لابعد حد

لا لا هذا غير معقول كيف لرشيدة ان تسلم ابنتها لهته العائلة
ولكن كيف لها ان تطلقها منه وهي تعلم انها تحبه
لكن كيف لها ان تطلقهما وهي تعرف ان ابنتها سيتأذى شرفها وقد لا تتزوج بعد ذلك فقد يظن الناس بانها كانت غير شريفة ولذلك تركها عبدو
او قد يظن البعض انها عاشرته قبل الزواج
كانت الافكار السوداء حول كيف تحمي ابنتها تدور كالزوبعة في راس رشيدة فقالت:
- انظري يا فاطمة انا اعرف انك سيدة مجتمع راقية
انعم الله على ولديك بالزواج من بنات عمتهما من اصلكم تماما
لكن بقي عبد الصمد وهو رجل قوي قادر على معرفة مصلحته انه يعشق البنت وياتي اليها كل يوم تقريبا بل هي تموت حبا فيه تذكري انت وزوجك وانا وسي محمد ما الذي جمعنا في الزواج غير الحب فان انبثر وهو في ريعانه قد يتاذى الاولاد لمدى الحياة والجرح في سنهما صعب ان يندمل

قالت فاطمة بجفاء لتعود الى جلستها الاولى وهي تشعر ان ابنها يخونها بزيارة الفتاة وراء ظهرها :
- اخبريني الان هل موافقة على الذهاب ...لكن طبعا موافقة يا رشيدة فليس لديك خيار وللاسف لاجل ولدي ولاجل انه طلبني سازوجه بها لكن لو فقط لم يحبها لكانت الان طالق وهذا فقط بسبب الغضب الذي في نفسي عليك لانك كذبت علي انا اعز صديقاتك يا رشيدة .... الى الغذ ان شاء الله


عند اقفال السماعة في وجهها شعرت رشيدة بانها تموت حسرة على نفسها وعلى ابنتها الهذه الدرجة استخسرت فيها الدنيا سعادة ابنتها
استغفرت الله كثيرا ثم نهضت لتعيد السماعة الى مكانها

نظرت الى فوق لتشهد نزول ابنتها المحجبة مسرعة واقتربت من الباب لتفتحه
فقالت رشيدة وهي ادرى بتربيتها لابنتها عن نوع الاحساس الذي يظهر من ملامحها لكنها تعلم انها تزوجت الان ولابد لها اسرارها مع زوجها :
- الى اين هكذا هل اعلمت زوجك بخروجك؟

قالت هند بصوت مبحوح:
- ليس علي اخباره بشيء فاصلا انا ذاهبة اليه السلام عليكم

ردت رشيدة تقفل الباب وراءها:
- وعليكم السلام


بعد وصول هند الى مزرعة المنصور بسرعة هائلة
توقفت السيارة ونزلت منها تصفقها بقسوة
وذهبت لترى ان كان زوجها في مكتبه وفعلا وجدته
دخلت وصفقت الباب بقوة فنظر اليها عبد الصمد وقال بين الدهشة لوجودها والدهشة لما يعلو وجهها:
- هند ....ماذا بك وما الذي جاء بك الى هنا؟؟

قالت تقف امام المكتب وهي تقول ووجهها يعصف غضبا:
- اتصلت بي من هنا من رقمك وكنت معها عبد الصمد ..كيف كيف تفعل بي انا ذلك ...كيف تدمرني كيف ؟

نظر اليها وشيء من عدم الفهم يمسح على وجهه:
- هند ما الذي تقولينه وقبل اي شيء اجلسي واستنشقي الهواء جيدا لانك تخيفينني بهذا الوجه

نهض من مكانه واقترب منها لكنها نفضت يديه عنها:
- عبد الصمد اريد توضيحا الرقم من هنا من المزرعة صعد على الهاتف هذا الصباح وسمعت ...سمعت صوت تلك الحقيرة الاجنبية تكلمك وتقول حبيبي ...."صرخت "...فلا تقل لي انني كاذبة اللعنة عليك وعليها تبا

قال بصوت صارم اعادها الى وقت مضى:
- هند اجلسي حالا والا استعملت طريقة سيئة في اجلاسك واقسم ان قساوتي لن تعجبك وستترك عليك كدمات شتى فاجلسي

تقدم من الباب يقفله بالمفتاح ويضعه في جيبه وهي تجلس في مكانها ويعود اليها قائلا يجلس على الطاولة جاذبا الكرسي لتكون هي بين ساقيه حتى ان الحرارة غزت خدودها من الخجل:
- هيا الان اخبريني بالتفصيل ومن دون صراخ من اتصل بك وماذا اخبرك؟؟

قالت تشعر بالتوتر يهزها تحت نظرته وطغاوة رجولته القوية:
- انا ...انا كنت اتفرج على التلفاز في الاسفل مع ايوب...ووردني اتصال رأيت الرقم وهو هذا الرقم الذي تتصل بي منه...عندما اجبت سمعت شخصا امراة تتكلم وهي تضحك وتقول ابد الصمد حبيبي وبعدها قالت اسفة الرقم خطأ شيء كهذا ....فهمت انها تتصل من هنا من هذا المكتب وانها الخبيثة جولييت

قال بشيء من الدفئ وابتسامة تعلو وجهه الوسيم:
- وانت صدقت ؟

قالت تنظر اليه بغرابة :
- اجل ...ما...لست...

قال ينظر اليها بخبث:
- تعالي وتاكدي بنفسك هيا

نظرت اليه وهي تقول :
- اتي ؟؟

قال بجدية يامرها :
قفي الان واذهبي الى الهاتف وابحثي عن الرقم الذي ركب ان كان الخاص بك...ولتعلمي انني لست الوحيد في هذا العالم الذي خلق اسمه عبد الصمد ويمكن لاي احد ان يلعب بمشاعرك

نهضت فعلا واقتربت من الهاتف تبحث وهي تشعر بالخجل من نفسها ونظرت اليه يقترب منها والخطر في عيونه السوداء النارية:
-لا اجد اي اتصال

قال يمسك يدها ويقول:
- انا كنت هنا للإعتراف فقط....وكانت جولييت معي ولكن السبب في تواجدها ان ذلك الرجل الذي ارسلها من اتصل بها ولكنها لم تكن موجودة
وعندما اتت اخبرتها باتصاله

امسك بالسماعة واراها الرقم واتصل به رغم احتجاجها على انها صدقته:
- الو السلام عليكم سيدي كيف الحال اخبرك ان الانسة جولييت قد وصلها خبر اتصالك وهي تود ان تتصل بك ايضا ...الم تفعل...ها ...المهم ستفعل اذا في ما بعد على الارجح....هناك شخص انا في غاية السعادة يا سيدي لوجوده الان بقربي فهلا قدمت حضرتك التهانئ لزوجتي هند بزواجنا القريب

اعطاها عبد الصمد الهاتف هي تشعر بالحرج من تكذيبه وقالت:
- الو ...شكرا لك مشكور سيدي هذا لطف منك....ان عبد الصمد في عيوني ...اشكرك

اعطت السماعة لعبدو وهي محرجة ممتقعة اللون ووضعها على الهاتف
فقالت تتوسله:
- انت لست غاضبا مني عبدو ؟؟

قال عبد الصمد يفكر في جمع قطع البوزل وهو يعود وراء مكتبه ليجلس:
- انا لست غاضبا منك عمري لكني افكر فقط ...ولا انكر ان كلامك وطريقة دخولك غير مأدبة البتة جعلتني اضن اننا من تربية الشوارع

قالت تقترب منه بخجلها الذي يجعله في قمة السعادة لضمها:
- اسفة يا عبدو والله انا لو لم اكن احبك لما فعلت ما فعلته وبالخصوص عند نطق اسمك تماما كما نطقته تلك المراة لكنني الان نسيت فلا تحزن من كلامي

قال بحبور يجرها من يدها ليجلسها في حضنه:
- روعة غيرتك وخجلك يكادان يفنيانني ويصرعانني جنونا من اين لك خضرة هته العيون يا الله عليها... تسحرني

قالت تبتسم:
- الحمد لله خلقني الله جميلة لاعطى على طبق من ذهب لك فعليك ان تشكر خالقنا على ذلك

قال بهمس:
- الحمد لله حلالي يفوق الخيال






********************



بعد ساعة الغذاء بالقصر



كان قد صعد عبد الصمد وسعيد الى مكتب جدهما لبحث الامور المالية والى ما تصل اليه المزرعة من تطورات
وكل منهما سعيد والانشراح باد على محياه
الحب يلطف جو الانسان بل يجعل شعلته دائمة لاتنطفئ ابدا


قبل ان يصعد سعيد كانت عبير تقف امام المطبخ تنتظر بزوغ شمسها من المجلس
وجهت له نظرة فيها غنج وتلاعب وابتسامة تكشف عن ما في داخلها
وعندما لاحظت عبد الصمد معه خجلت وتوقفت عن النظر
غير انها نظرت الى زوجها مرة اخرى ولاحظت انه يغمزها
فقد علمها طرقا غريبة في التواصل اي شيء بينهما يتواصلان به بحركة فتدري ويدري انهما ليسا وحيدين في هذا المنزل
ولكن عبير تجد الامر كبير في التسلية ومثير ايضا ان تكون الامور رائعة وان تكون الحميمية بينهما الى هته الدرجة لكن لا احد يفهمها غيرهما يجعلها ذلك تضحك بشكل يستطيع ان يفضح امرها

ارادت الصعود الى جناحهما لتبخره قليلا بالعود
لكن امها قالت تناديها:
- عبير الى اين ؟؟؟تعالي علينا ان نتصل باختك لنطمئن عليهما

شعرت عبير ببعض الاحباط لكنها تعلم ان البعد يولد المحب اكثر
قالت تجيب امها:
_ حسنا ساضع المبخرة واتبعك امي

بعد لحظات كانت عبير تتبع امها الى المجلس وقالت لها وهي تنظر اليها حاملة الهاتف:
- امي ساتصل بها على رقمها الجديد

جلست امها قربها تنتظر ان تركب ابنتها الرقم والمشكلة انها لحد الان تشعر بالخوف من ان تعلم امها بمستجدات ثريا وحياتها
اجابها صوت ناعس:
- السلام عليكم

قالت عبير بمرح لتشعر امها بما تعانيه ثريا:
- اهلا بالعروس الهاربة من القصر كله... لا اتصال ولاشيء

نهضت ثريا بتكاسل تثائب وتتمطى كقطة كسولة:
- يا لك من مزعجة اليوم فقط احصل على الراحة عبيرة مجنونة انت لتزعجي ...امراة حامل في شهرها الاول

قالت عبير تبتسم بمرح اكبر:
- يارب اتمنى ان اكون مثلك انا ايضا اشعر بالسعادة لاجلك

قالت ثريا تقف ببيجامتها الوردية الحريرية وتلمس بطنها:
- لاتدرين كم انا سعيدة تدرين شيء.. عدلت انا وعثمان عن فكرة الفراق او الطلاق ليس بالوقت الجيد لذلك والطفل يحتاج لوالديه وساتحمل المر من اجل ان اراه وسابقى بقربه ما حييت ان شاء رب العالمين

قالت عبير تسالها دون ان تدير شكوك امها اليها:
-اخبريني هل هو سعيد مثلك؟

قالت ثريا تبتسم لذكرى دفئ يده على بطنها :
- اجل وقد احبه خلافا على ما ظننته ...اه لم اخبرك انه حصلت له حادثة كادت ...يا الله ...كادت تودي بحياته لكن الحمد لله الذي ادام الله في عمره وهو بخير ارجوك... لاتخبري احدا حسنا

قالت عبير وهي تسمع الحاح امها على اخد السماعة:
- المهم الحمد لله يا ثريا الحمد لله ...هههه وخدي امي تريد التكلم معك

قالت مليكة بابتسامة واسعة تكاد تفر الدمعة من عينها:
- اهلا بنيتي يا صغيرتي كيف حالك يا ثريا؟

قالت ثريا وهي تشعر بالحنين لحضن غاليتها وهي تقول:
- امي اتوسل اليك سامحيني على ما مضى وما هو قادم ان شاء الله ...انا اتفهم مشاعرك فقد اصبحت اما انا حامل ماما حامل

ضحكت الام وشعرت عبير بامها سعيدة حتى البكاء:
- اه يا غاليتي وكيف انت ...هل...هل تعتنين بنفسك... كيف احوالك؟

قالت ثريا تبتسم وهي تعود للفراش لتجلس عليه بهدوء:
- بخير يا احلى واغلى الامهات على وجه الارض اشتاق لرائحتك امي

قالت مليكة:
- عليك اذا ان تاتي انت وزوجك الى عرس عبد الصمد اخبري عثمان بذلك الاسبوع المقبل عليكما ان تاتيا ارجوك اشتاق لتواجدك بحضني بنيتي ..آآآآآه...

قالت ثريا تريد ان تبعد الحزن عن امها فقالت:
- فليحفظك الله من الآه يا اماه سناتي في الاسبوع المقبل ولن نتاخر الموعد في اي يوم؟

قالت مليكة :
- يوم السبت لاتنسي...والان صغيرتي كيف حال الصغير اخبريني وبصراحة وان احتجت للسؤال عن اي شيء فاساليني انا والمثل المغربي يقول<<سال المجرب لاتسال الطبيب>>

قالت ثريا تضحك:
- حاضر امي ساخبرك بكل شيء ان شاء الله انا بخير وزوجي كذلك

قالت مليكة :
- هاته لي لاكلمه فهوابن الغالي سليمان

قالت ثريا تبعد العبوس عن وجهها وكأن امها تنظر اليها الان:
- لا انه في الحمام يستحم<<استغفر الله من كذبتي>> في المرة المقبلة حسنا

قالت مليكة بحبور وشجن:
- ابنتي اتمنى لك حياة سعيدة مليئة بالراحة والهناء عزيزتي الحمد لله ستاتين الى هنا وساعتني بحملك فلا تخافي

قالت ثريا تلتفت الى الباب حيث تواجدت عمتها :
- حسنا امي ساقفل الان مع السلامة حبيبتي دعاءك لاتنسيني

بعد ان اقفلت الهاتف الخلوي
سمعت عمتها تقول:
- من كانت هل تلك مليكة كيف هي؟

قالت ثريا تطمئنها:
بخير تسال عني وعن عثمان فاخبرتها باننا بخير ...هل اردتني يا عمتي الغالية

قالت عمتها تبتسم:
- اجل زوجك يريدك فانزلي اليه لتساعديه في الخروج من الغرفة

قالت ثريا تمسك ظهرها :
- تدرين اشعر عمتي بالتعب فعلا ...اتمنى ان يشفيه الله بسرعة

قالت العمة:
- ان كنت تشعرين بالتعب فابقي في السرير وانا ساتولى اموره

قالت ثريا تنهض دون ان تلقي نظرة على شعرها المشعة وبيجامتها التي تضهر جدعها مع بداية صدرها :
- لا ابدا سانزل لاخرجه الى الشرفة ولكي يستنشق هواء البحر اللذيذ هنا وانا ساعود للنوم اشعر ان النوم في العالم كله لايكفيني

ضحكت عمتها وتوجهت الى غرفتها
بينما نزلت ثريا بهدوء الدرج
دخلت الى غرفته حيث وجدته كما تركته بعد صلاة الظهر بنظارتيه وشعره المرتب وقميصه الطويل المفتوح عند الصدر يقرأ القرآن
قالت تعلن وجودها:
- احم..عثمان ...ناديتني

نظر اليها وفقد الرغبة في الكلام
فلقد سحره منظرها وخدودها المحمرة من النوم
وجسمها الملفوف باهمال في بيجامتها الحريرة في لونها الوردي
واحمرار شعرها زاد من فتنه كاملا
فقال اخيرا وهو يزيل النظارة ويضعها على المنضدة الصغيرة قربه والقرآن ايضا وقال :
- اردتك ..اجل لكي تساعديني في الخروج من هذا السرير

اقتربت منه والكسل باد على محياها اسندته ليجلس وفعل شيء لم تتوقعه ولا هو توقعه جذب خصرها اليه وقال:
- كيف حال ابني الصغير؟.... هل نام دافئا؟

وضع راسه على بطنها يدعي انه يسمع:
- اخبرني هل ادفئتك جيدا...جيد... لابد من انه محظوظ

نظرت اليه وقالت بصعوبة:
- لقد سلمت على ابنك والان هلا اعطيتني ذراعك لاجلسك على المقعد

نظرته القاسية اجمدتها كم تهاب هته النظر التي تتغير بسرعة
قالت لتغير مجرى تفكيرهما:
- تدري اتصلت بي امي وهي تقول ان صهري عبد الصمد سيتزوج في الاسبوع القادم وعلينا الذهاب لحضور زفافه

قال عثمان مغضن الجبين:
- اتمنى انك لم تخبريهم بحادثتي والا لفزعت امي والغوا كل شيء

قالت تساعده في الجلوس وتدفعه:
- لم اخبرهم بشيء غير عبير وهي لاتتفوه بكلمة...المهم يجب ان نعود في الاسبوع المقبل الى هناك

قال عثمان وهو يتوقف في الشرفة ويقول:
- اجلسي قربي في احدى الكراسي يا ثريا

قالت :
- لكن ارجوك يا عثمان اريد العودة الى النوم فلنتحدث في وقت اخر ..اعرف ان المهم الان هو الطفل والطفل في بطني فلا تخف سافعل كل ما تجده مناسبا
من اجله فقط سابقي على هذه العلاقة
فلم انسى انك عيرتني بما يكفيني واهنتني ...

قال يقاطعها بحدة:
- ثريا ليس لاني الان عاجز تستطيعين قول ما تشائين لا يعطيك الحق في التطاول على شخصي يا سيدتي المحترمة فالزمي حدودك والمرة المقبلة تذكري مركزك اذا اردتي ان تبقي قرب هذا الطفل فالافضل ان تكوني مطيعة وان تحترميني مفهوم

شعرت بارتباك هزها واخفضت نظرتها بعيدا عنه اخدت الكرسي وجلست
ليتحدثا لم تستطع ان تنظر اليه
وهو شعر انه يزيد الطين بلة ومن دون فائدة ترجى
- انظري ثريا هناك الان من يربطنا سواء اردت ام لا انا زوجك وانا أأمر هنا ستصغين الى كلامي ومن دون عصبية

قالت بهدوء لاتدري من اين لها به:
- تفضل انا اسمعك

قال يعود بظهره ويظهر صدره القوي وقوته رغم كسريه:
- علينا ان نتفق نحن لن نتطلق ابدا فلا اريد لابني ان يعيش بعيدا عن دفئ والديه فهمتني

حركت راسها باجل
اكمل بنفس العجرفة في ملامحه وصوته الخشن:
- انت تفهمين ما عليك من واجبات

نظرت اليه بصدمة:
- ماذا تعني بواجبات انا ...همست...لاتحلم بلمسي عثمان
من اجل ابني سابقى قربك وانت ...
اذا اردت فتزوج باخرى انا لن انام بعد اليوم في فراشك

شعر وكان خجرا متوحشا طعنه بقوة حتى الالم:
- ومن اخبرك انني ارغب فيك
لقد مللتك ولو لم اكن مللتك لما وافقت على الطلاق في السابق
فلا تشعري بالفرح لاجل شيء

شعرت بانها تريد ان تبكي بشدة
فهو يالمها اكثر مما تفعل هي
- ارحتني هكذا ...نكون قد تفاهمنا

قال يصر على اسنانه وفكه يتموج بخطورة:
- يمكنك الذهاب وان رايت ان هناك ما قد يجمعنا في الحديث فساناديك و...لاتنسي حافظي على ابني قدر الامكان

لم تستطع ان تلاقي نظرته فالالم في قلبها يفوق البحار باسرها
صعدت الى غرفتها وانسدحت على السرير بقوة تبكي وتتلوى بالم قلبها المبرح يرد ان ينهي امرها هذا ما يريده انه خبيث اناني انه قاس ومتسلط الى ابعد الحدود

- اه يا ابني لاتصدق ما اقوله في نفسي ابوك رجل حنون سيحبك ...فلتحبه انت ايضا مهما كان قاسيا احبه فقط احبه


يتبع...................






Jάωђάrά49 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-10, 07:57 PM   #35

Jάωђάrά49

نجم روايتي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية Jάωђάrά49

? العضوٌ??? » 106278
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,312
?  مُ?إني » الدار البيضاء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Jάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك dubi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



Jάωђάrά49 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-03-10, 12:02 AM   #36

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي

ألف الحمد لله على سلامتك جوهرة و تسلمى على البارتات الأكثر من رائعة ... الأحداث تسارعت بصورة كبيرة ...


ثريا ... أيكون حملك و جنينك سبباً فى إصلاح الأمور بينك و بين عثمان >>> مع تصرفاته السابقة و الحالية ... ما أعتقد ... الله يستر


عبير ... سعيد ما فى مثله و حاولى قد ما تقدرى تحافظى على بيتك و حياتكم السعيدة ... ربى لا يغير عليكم


هند ... الله يكون بعونك من حماتك و تصلبها و يقدرك على تحمل الفاجعة التى أصابتك و إن شاء الله عبدالصمد يقدر يحتويكى و يمحى الحزن من حياتك


جميلة ... ربى يتمم لك الحمل على خير و ديرى بالك على هود >>> أصلك عالمه اللى ما بيقدر يعيش من غيره و إذا ربى كاتب راح تلتقى مع هند


جوهرة متابعاكى و شكراً لك


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 14-03-10, 03:26 PM   #37

mahaty73

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية mahaty73

? العضوٌ??? » 103213
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,724
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » mahaty73 has a reputation beyond reputemahaty73 has a reputation beyond reputemahaty73 has a reputation beyond reputemahaty73 has a reputation beyond reputemahaty73 has a reputation beyond reputemahaty73 has a reputation beyond reputemahaty73 has a reputation beyond reputemahaty73 has a reputation beyond reputemahaty73 has a reputation beyond reputemahaty73 has a reputation beyond reputemahaty73 has a reputation beyond repute
افتراضي

العزيزة جواهر.....روايتك غايةً في الروعة......فنانة انت في سرد الاحداث باسلوب شيق و مؤثر......اتابعك بكل الحب....الف شكر على الاجزاء المتتالية
مهاتي


mahaty73 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-03-10, 11:25 PM   #38

bobos
 
الصورة الرمزية bobos

? العضوٌ??? » 79238
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,165
?  نُقآطِيْ » bobos is on a distinguished road
افتراضي

تسلمي علي البارت الاكتر من رائع

bobos غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-03-10, 01:04 AM   #39

Jάωђάrά49

نجم روايتي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية Jάωђάrά49

? العضوٌ??? » 106278
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,312
?  مُ?إني » الدار البيضاء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Jάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك dubi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم
انا جد سعيدة بتواجدك الدائم والمساند لي يا هبة يا مشرفتنا الغالية هذا حافز كبير لي مشكورة يا غاليتي

اشكرك كثيرا على متابعتك ولمن دواعي سروري يا ماهاتي ان اكتب لكن هذا يسعدني

مشكورة بوبوس اسعدني تواجدك ومتابعتك

تابعوني سانزل الاجزاء المتبقية بعد لحظات


Jάωђάrά49 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-03-10, 01:17 AM   #40

Jάωђάrά49

نجم روايتي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية Jάωђάrά49

? العضوٌ??? » 106278
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,312
?  مُ?إني » الدار البيضاء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Jάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك dubi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

[COLOR="DarkRed"]

الجزء الخامس والعشرون




الاربعاء


في هذا اليوم كانت الشمس حارة تنذر بيوم مقلق من فرط العرق
والاختناق
استفاقت فاطمة باكرا لكي تذهب الى رشيدة وابنتها لكي يسافروا الى الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية
ولكنها لاتستطيع ان تمنع نفسها من الشعور بالخوف من القادم
تخاف ان تكشف حقيقة الفتاة وتفقد النظرة المحترمة التي تحضى بها من الناس وهي تعلم جيدا ان المجتمع لا يرحم


حضرت لها حقيبة صغيرة بعد خروج سليمان من المنزل وبعد ان اخدت الاذن منه لذهابها الى اهل العروس
جمعت كل ما ستحتاج اليه في سفرتها

خرجت من الجناح كله تحمل الحقيبة في يدها فلم تكن سوى متوسطة الحجم
وقد ارتدت جلبابا اخضر قان في تفصلية رائعة
وايضا حجابا في نفس اللون ونزلت الدرج حيث وجدت مليكة تساعد الخادمة في صنع الافطار فقالت:
- صباحكم خير هل نزل الاولاد يامليكة؟

ردت مليكة تنظر الى حقيبة فاطمة على الارض ولباسها:
- اجل نزل عبد الصمد لكن سعيد على ما اضن ليس بعد لكن لما؟

قالت فاطمة تجلس على كرسي لتنتظر نزول ابنها:
- ساسافر مع رشيدة الى البيضاء لكي نكمل التحضيرات اللازمة لهذا....الزواج

قالت مليكة تضع صحون الافطار على المائدة:
- اتمنى من الله ان تسرعوا في الوقت المحدد

ابتسمت فاطمة بالغصب
وبعد ان رات عبير تهم داخلة الى المطبخ وعلى وجهها ابتسامة واسعة ومنشرحة قالت عبير موجهة كلامها لحماتها:
- صباح الخير امي

واقتربت من امها مليكة :
- صباح الخير يا احلى ام على وجه الارض

غمزتها امها بمعنى قد تغار فاطمة من الكلام الحماسي الموجه لمليكة بدل فاطمة
لكن فاطمة كانت شاردة الى ان قالت اخيرا:
- عبير اين هو سعيد ؟

قالت عبير متوردة الخدين :
- اضنه يستحم وسينزل حالا لما امي هل من خطب ؟

جلست عبير قرب حماتها تسمع جوابها:
- لا كل الامر انني اريد منه ان يقلني الى منزل سي محمد بنيتي تدرين عن امور الزواج

قالت عبير تحرك راسها بالايجاب:
- اجل ولابد الان هند تشعر بالسعادة ومسرورة لزواجها ...لكن طبعا مع الاحساس بالتوتر

وقفت فاطمة وهي تخفي ضيقها بشكل قوي:
- هلا صعدت الى زوجك يا عبير لن انتظر الدهر كله

شعرت عبير بجلدها يقشعر لصوتها المتغير الغاضب ونظرت الى امها التي لاحظت نفس الشيء فقالت عبير بسرعة لتخرج:
- حالا امي اجلسي فقط افطري لايجوز خروجك وانت لم تاكلي شيء

الابتسامة على فم عبير وراحة يدها على كتفها اشعرتا فاطمة بشيء غريب بالرضى الكامل نظرت الى ابنة اخت زوجها والتي هي زوجة ابنها وتضن انها امراة مناسبة فعلا


بعد ان صعدت عبير الى جناح زوجها
وجدت انه يرتدي بنطال الجينز ويغلق سحابه ويربط الحزام فاسرعت لتحضر له قميصا سالته:
- اي لون؟

قال ببساطة:
- الاسود

قالت بتلقائية:
- اليس ماصا للحرارة

قال يبتسم وهو ينظر اليها في المرآة حيث تساعده في ارتدائه
- لا تخافي علي يا عصفورتي فانا اتعود على الحر فلا ياذيني كما قد يفعل مع بشرتك النظرة

اعتلاها الخجل واحمرارطفيف
واتسعت عيونها عندما تذكرت ما اتت من اجله
فرفعت راسها الى وجهه المرتفع عنها:
- امك اعني امي حماتي تريدك ان تقلها الى بيت رشيدة وسي محمد من اجل ان تقوم بالامور الخاصة بالعرس

ضحك بشكل ساحر ومد لها قلادته لتقفلها حول عنقه
وقال بابتسامة:
- لاشك في ان اخي الصغير يموت فرحة بزواجه القريب لا الومه واخيرا سارى المتفاخر بخيوله في القفص الذهبي المهيب

نظرت اليه عبير مندهشة:
- القفص الذهبي المهيب وفي ما هو مهيب يا حضرت السيد

دفعها امامه يلف ذراعه حول كتفيها ويقول:
- ان تاخرنا ستطردنا امي من البيت

ضحك وتبعته في ضحكته لكنه ما ان وصلا الى المطبخ حتى ضربته عبير بمرفقها بخفة على بطنه وتشير له بان يقفل فمه من الضحك

نظرت فاطمة بارتياح الى ابنها وهي تقول:
- ظننتك لن تنزل هيا اقلني الى بيت سي محمد بني لايجب ان اتاخر

قال سعيد ينظر الى عمته التي اتخدت مكانا لها على المائدة لتاكل:
- صباح السكر يا احلى عمة ...وانت يا امي هاك قبلة على راسك

جعلها ابنها تخرج من عبوسها بتدليلها والجو اللطيف الذي يخلقه بشخصيته الخفيفة رغم قوته
بعد ان قبلها قال:
- هات عنك ساقوم بحمل الحقيبة امي

قالت تربت على كتفه القوية:
- اشكرك بني حسنا مليكة عبير ....تقدمت تسلم على كل واحدة منهما وهي تقول....ارجوك مليكة لاتنسي انت كوجودي هنا فلاتنسي تحضير الامور الاخرى سنعود على ابعد تقدير الخميس بالمساء فانا سريعة واعلم الاماكن التي ساذهب اليها

قالت مليكة بابتسامتها الطيبة:
- اذهبي انت ولاتقلقي

بعد ان خرجت من البيت صعدت الى سيارة ابنها السبور
وهي تقول:
- يا بني لست ادري لما تصر على ان نذهب في هته السيارة انها سريعة واول مرة اركبها ..والله بني كلما رايتك فيها كان قلبي ينقبض بقوة

قال سعيد يمسك يدها ويقبلها:
- لا امي الحمد لله دعواتك واستجابة الله تحفظنا من الاذى

استدار ليحرك السيارة وامه تضع حزام الامان وهي تحاول جاهدة ان لاتصرخ من الهلع
فهي انسانة متمدنة وهادئة ولاتتوافق البتة مع عالم الشباب الان غير انها لاتمانع بان يعيش اولادها في جوه



في مزرعة السي محمد

وبعد ان توقفت السيارة خرج سعيد ليلتف حولها بخفة ويجذب الحقيبة منها وتقدم ليفتح لامه الباب فقال:
- امي الحقيبة لما؟؟؟ هل انت راحلة عنا اماذا؟

كتم ضحكته عندما ضربته امه على راسها فقالت:
- يا لك من ابن غريب سعيد هيا الحقيبة ليست بهذا الثقل
فقط احضر فيها ما ساحتاجه فقط هيا اتبعني

تبع سعيد امه وصعدا الدرج الى ان وضع الحقيبة امام الباب وسالها:
- من سيقلكم ؟

قالت ترن الجرس بالحاح:
- اضنه ايوب المهم انت اذهب الى عملك بني ولاتنتظر دخولي

انحنى يقبل راسها ويدها وانصرف الى سيارته لينطلق بسرعة فهمست بدعاء الحفظ له ولكل اولادها في نفسها وفتح الباب من قبل صفية لتحمل الحقيبة الصغيرة وتدخل





*******************





في طنجة
بمنزل عمة ثريا


بعد ان صلت ضحاها
نهضت ثريا من على السجادة لكي تزيل عن ظهرها ملابس الصلاة
وتضعها مع السجادة وتجلس
شعرت بقدميها تالمانها فقد استفاقت باكرا مع صلاة الفجر من ذلك الوقت لم تنم
بل نزلت الى الاسفل حيث ساعدت عثمان في وضوءه
لقاءها به لم يكن لها مفر منه لذلك تعودت ان تبدي البرود ويبدي هو الامر ذاته ولاشيء ظاهر
لكن في ذاخل الجليد القاسي كان هناك فوهة بركان ثائرة تتلوى من الحمى التي تبطش بها ولاتستطيع ان تبردها لكليهما طبيعة خاصة وغريبة في التعامل
فهو ينظر اليها ويشعر بالغيرة تقتله لجمالها ورشاقتها وذكراها كيف كانت في الماضي
تزعجه اشد الازعاج لذلك وجد نفسه بادر بوضع النقاب عن وجهها فهذا سيريحه لايتمنى ان يكون قربها في احد الايام ليتم اللقاء بينها وبين اصدقاء قدماء

اما هي فقد كانت منتهية اصلا وكانت تشعر بالسقم السقيم لانها
لاتحضى منه بما يحضى الاحباء من تعامل رقيق ولطيف لمسات حانية وعطف ابوي في بعض الاحيان
تحتاج لذلك بشدة لدى تجدها متشبتة بالطفل وكانه عيونها التي ترى النور بها


بعد ان اختارت من بين ملابسها ما قد يناسب
اختارت تيشورتا لاصقا في اللون الوردي وتنورة في اللون الابيض قصيرة الى ما فوق ركبها وانتعلت صندالا خفيفا في الابيض

نظرت الى الملابس الصغيرة والجوارب الصغيرة الصغيرة على سريرها شعرت بالاسى لانها مضطرة ان تعطيها له
لكنها كانت تماطله اما بحجة التعب اوالنعاس

نزلت الدرج ببطئ لتجد انه خرج اليوم الى الشرفة وبمفرده دون مساعدة
استغلت الفرصة ودخت الى غرفته واخدت تجذب منها ملابسه وتعزلها الى ان تكومت شيء فوق شيء وامسكتها لتاخدها الى المغسلة وتغسلها

وبعد انهائها من عمل المغسلة ذهبت لكي تشرع في تحضير طعام الغذاء لها ولزوجها
عمتها افطرت معهما ولكها خرجت بحجة ان لها عملا مهما مع احد الاشخاص وعليها لقاءه في الجمعية النسوية

بعد ان انتهت من الاعمال المنزلية
قامت باخراج الغسيل من المغسلة ووضعته في سلة لتاخده الى الشرفة التي تستعمل ايضا في نشر الغسيل

اقتربت من الشرفة ووجدته يرتدي تيشرتا مثلها في الاسود
وسروالا في الاسود كذلك
صعقتها جاذبيته التي ظهرت جليا من قوة اكتافه وعضلات ذراعيه وساعديه
وزادته النظارة الطبية سحرا مع شعره المبتل باهمال وهو منحن على كتاب
ليتهما يصبحان يوما عاشقان عاديين
بدون الم وبدون جراح تعذب وتنخر في العمق الذي انحد منذ وقت طويل


اقتربت من حبل النشير ووضعت السلة الارض لتبدا في اخذ الغسيل منها وتنشره وسمعته يقول وعيونه الساحرة السوداء تكاد تثقب جسدها او تلتهمه بالمعنى الادق:
- اتمنى الا تجلسي امام صديقات عمتك بهته الملابس اتسمعين

لم تعره اهتماما رغم انها كانت تتقلب بين الغضب الكاسح
وبين الخوف من عدم الايجاب بنعم
فسمعته يقول وقد اقترب منها بعد وضعه للكتاب الذي كان يتصفحه والنظارتين :
- ارى انك لاتسمعين جيدا يا ثريا

التفتت اليه تجابه نظرته الشرسة من فوق:
- لقد سمعت كلامك ولن ارتدي الملابس هته هل ارتحت الان؟

نظر اليها وهو يشعر ان قلبه يتعذب بشتى الطرق ومن كلامها غير اللطيف فلكم كان سعيدا بتدللها والان تراها اصبحت تكرهه فعلا هل عذبها وجعل منها انسانة تستمد القسوة الى قلبها حتى تفقد الحب
ان كان ذلك صحيحا فقد ينتهي امره وهو يردها حتى تمتزج في خلاياه وتروي دماءه الحارة العطشانة

قالت بعد ان تغلبت بصعوبة عن ارتباكها في نشر الغسيل وقد حملت السلة على جانبها الايسر من خصرها:
- هلا افسحت لي الطريق عثمان

لاحظ الحمرة التي غزت خدودها واستمتع بذلك لابد من ان عيونه التي اشبعت من النظر الى قوامها قد سلبتها ارادة التحكم في النفس فلابد من انها الهبتها
واراد ان يعذبها فاستدار بالكرسي النقال ليفسح لها المجال لتمر
كم يعذبه دلالها ومشيتها تلك التي لايدري من اين لها بها مستقيمة ومترفعة لاقصى حد رغم رقتها التي تصرخ من كامل مسامها مهما ادعت

تبعها الى المطبخ
بهدوء وهي تشعر بوجوده
فقال:
- ثريا اشعر انك تتهربين مني الى متى؟

نظرت اليه وقد فهمت من كلامه انه لربما يريدها قريبة منه :
- انا لا افهم؟

قال بنصف ابتسامة غامضة:
- اين ملابس الصغير اقسم ان لم تنزليها ليكون مصيرك شيء لن تنسيه

وكانت عيونهما تشيد القصور وتهدمها بين رموش حمراء وسوداء كانت الحروب تالم وتذبح
والاحلام تروى وتذبل لكن الى متى
وانصرف تاركا ايها في دوامة عتماء
تنهدت بصوت عال حتى كادت تطفئ النار على الموقد الفارغ

بعد الغذاء
الذي تشاركاه بصمت لم يكسره غير صوت التلفاز في الصالة
نهضت توضب المائدة والتقت عيناهما بدون ان تقصد فغار قلبها الى اعمق حد
انصرفت الى المطبخ وبعد ان انتهت من غسل الاطباق
سمعته في وسط المنزل يتحرك بالكرسي الى ان دخل الى غرفته
علمت انها لن تنجو ان لم تنزل له ملابس الطفل جففت يديها بمنديل ازرق فاتح
وصعدت الى فوق على مهل منها فخوفها الان اصبح على جهات عديدة منها ابنها والاخرى تكونت من الذي تعشقه اكثر من نفسها هي
انه عثمان

قامت بجمع الملابس في الكيس الكبير ونزلت الدرج بدون حماس فهي تشعر كما لو انها سخيفة جدا بهذه الاشياء
اولا حملها لايزال في بدايته
ثانيا في مرحلة خطيرة
وثالثا تخاف من نظرة السخرية الجارحة في عيني الذي زرع هته البدرة الدافئة في احشاءها

طرقت الباب بادب وسمعت صوته من الداخل يأذن دخولها
قالت تقترب من السرير الذي يجلس ممددا في الجهة الاخرى عليه
بينما هي سكبت محتوى الكيس الكبير قربه
وقفت تنتظر كلمة منه

هو يشعر ان قلبه ينبض بشدة كم هي حنونة
لم يكن هذا من الانطباعات التي اخدها عنها لكنه يراها مفرطة في الحنان على ذلك المسكين
ويشعر انه مجحف حقا في حقها فكم مرة اغدقت عليه من حنانها وهو كان انانيا حقا ياخذ ما تهديه اياه وينبذها بقسوة حتى يرى الالام في عيونها الرمادية
نظر اليها مطولا وهي مطرقة براسها وقال :
- اجلسي قربي واخبريني بالتفصيل عن كل قطعة اشتريتها لاي شيء هي مصنوعة ولاي شيء تصلح ولما بالضبط الالوان كل شيء فاتني اريد معرفته

ادفئتها نبرة اللطف في صوته الخشن الرجولي
واختطف من ملامحها شبح ابتسامة
التي اخفتها في الجانب الاخر من وجهها
وبدأت تخبره بكل شيء عن كل قطعة حتى سبح هو في حركات يدها التي اصبحت عفوية بحماس ووضع ذراعه تحت راسه ينظر اليها ويومئ ويتكلم برقة من ثمالته من مضهرها وجمالها الساحر
حتى انه لم يعهد انها تخجل لم يكن يعطيه الوقت الفرصة في التمعين في مضهرها في مثل هته الاوقات الرائعة لايدري كيف منع نفسه طيلة هته الفترة من هذا المشهد الذي ادفئ قلبه وعبث به على نار ومهل




********************



في مزرعة السي محمد




بعد ان دخلت الى البيت استقبلتها رشيدة التي على ما يبدو خجلة هي بدل ان تخجل فاطمة عن الكلام الجارح الذي رمت به المرأة
وضايفوها احسن ضيافة حتى ان هند هي من احضرت لها طبقا شهيا من اصناف شتى من الحلويات من صنع يديها
لكن لا شيء من هذا استطاع ان يمحي نبرة التسلط من فم فاطمة ولاايضا عبارات تتقصد فيها ان تشعر هند وامها بانهم فقط وجدوا ضربة حظ لاتعوض وان ابنها كذا وابنها كذا

لم تكن هند مستاءة يوما كما هي اليوم
بعد صعودها الى غرفتها بحجة ان تحضر نفسها وجدت انها كرهت حماتها تلك الى اقصى الدرجات
ضربة كل المخدات على السرير وجلست محبطة ومثبطة العزيمة
ما عساها تفعل
كم من العلاقات وجدت فيها الحماوات شريرات الى هته الدرجة
كم من امراة تقبلت الوضع وهي الان تعيش معها بسعادة
لكن هي تعلم جيدا ان الخبر قد وصل الى حماتها وانها الان لربما تستنكر ان يتزوج ابنها منها لانها ليست ابنة سي محمد الفعلية
هل تخشى هته المراة الا ترث هند شيء
او هل تريد ان تمتلك زوجة تملك المال لابنها الغني
ابنها انه حبها انه العشق الموجع لوجدانها
انه المتاصل بابر وخيوط في قلبها
فان حاول ان يمسه احد او ان يجذبه لها احد من قلبها فهي تشعر بالالم
ليتهم يتفهمونها ويتفهمونه تريده وهو يريدها
ومهما عاشت لن تهوى غيره

سمعت طرقا خفيفا على الباب
واذنت بالدخول ليطل عليها ابن عمتها ايوب
ترك الباب مفتوحا وتقدم يتخطى المخدات عن الارض ليقف ويسال:
- ماذا الان ؟؟؟لما العصبية يا هند ما الذي جرى؟؟ ظننت انك حضرت نفسك لكي نذهب فلن يكفيكم الوقت للتحضير يا هند

قالت تقف مقتربة من الخزانة لتجذب منها ملابس تتكون من تنورة طويلة في البرتقالي وقميص حريري في الابيض

قالت وهو ينظر الى حجابها المبعثر فوق راسها المغطى:
- انظر ايوب انا انسانة يحق لي ان احب واحب وانت متحرر كفاية لتشاركني حديثي

اومئ يجاريها:
- اذن اخي اخبرني بنصيحة واحدة ما الذي علي فعله لكي انسي حماتي انني لست ابنة ابي وامي اني اشعر انها اتت لمساعدتنا بدون ان تحب ذلك

قال ايوب ينظر اليها وهي تجذب اشياءها ادوات التجميل من المجر:
- افهمك لكن ان انت تحبينه فعلا فصارحيه بما يحصل لربما قد لايعجبه ان تتكلمي بتلك الطريقة عن امه لكن يمكنك ايضا ان تتجاهليها وان تعيشي مع من تحبين اقصد زوجك بسلام

قالت بعبوس وحزن:
- كلا الامرين مؤلمان الاول سيجرح عبد الصمد لانه يعشق امه والثاني لانني ساشعر بالضيق رغم عيشي معه

قال بصوت من نفذ صبره :
- وما الذي تنوين فعله؟

نظرت اليه تائهة:
- لاشيء اضن انني لن اقوم بشيء بل الشيء وحده من يقوم تلقئيا بنفسه ...على اي حال ساتناسى نظراتها القاسية العاتبة وساعيش هذا سيكون حلا وسطا لكن مع العصبية التي تتملكني لست ادري ان كنت قادرة على لجم لساني وقد انتهي بالعودة الى بيت اهلي

اقترب ايوب من الباب ليخرج ويقفله قائلا:
- اظن الصبر سيفيدك ليست لدي خبرة في هته الامور والاجدر ان تسالي امك
بعد ان خرج ارتدت الوانها الزاهية وغيرت الحجاب البرتقالي بحجاب متعدد الالوان الزاهية حريري خفيف انعش وجهها الابيض وعيونها الخضراء
وسمعت طرقا على الباب فقالت:
- آتية

فتح الباب لتظهر منه فاطمة فصدمت هند وبقيت في مكانها صامدة تحاول الا تنهار من الرعب الذي انتابها من قساوة النظرة الغريبة الشبيهة بشراسة ابنائها عند الحاجة:
- لاعليك هذه انا ...
اقتربت منها ببطئ ووضعت يديها على كتفيها تكمل:
- انظري يا بنيتي... انت جميلة ..ورائعة... وايضا شابة ومثقفة... وذات تربية ماشاء الله عالية

اومئت هند وقد انسحب الدم خوفا بدلا منها
وترك اللون الابيض على وجهها مرعبا
وشفاهها ابيضت واختلجت ضربات قلبها منتظرة الباقي فاكملت فاطمة بلؤم:

- وايضا انا اعرف ان ابني الاهبل كما اقول ...يعشقك ويريدك لست ادري فمنذ البداية كنت اشعر بعدم التوافق بينكما رغم ما قد تكنانه لبعضكما ...اريد ان اعرف كيف اطحت به لانني لااشعر برغبة في خوض حرب معك عزيزتي؟؟

قالت هند بهدوء لم تعهده في نفسها :
- احبني واحببته بالنظرات ولاشيء اكثر

قالت فاطمة تطلق تنهيدة قوية نفخت صدرها اثر ذلك:
المهم عندي ان تكوني فتاة طيبة ومطواعة الحياة الزوجية ليست سهلة فيتطلب منك الاستيقاض باكرا صغيرتي وانا اخاف على عيونك الجميلة من التعب

قالت هند بتحد:
- ساستيقظ متى تامرين

قالت فاطمة :
- ستكون الاشغال مقسمة بينك وبين زوجات صهريك لن يكون هناك دلال زائد ولا كلام عادي مع ابن عمتك الذي ليس كذلك فهو عاد غريبا الان...اريد ان اكون يا بنيتي صريحة معك منذ هته اللحظة لتعلمي انك ستدخلين القصر من بابه ولكن قد يشعرك المكوث فيه بالضيق

قالت هند وقلبها يتمزق من الادلال لكنها تدري ان المرأة لها الحق بعد الخداع في ما تفعله
وان هند من اجل زوجها قد تحفر الارض ان اراد:
- امي ساكون عند حسن ظنك
فانا اعي جيدا ان الزواج مجموعة التزامات وانا سالتزم بها

صرت فاطمة ظنا منها ان الكلام الجارح لهته الفتاة سيمنعها من الزواج لكنها تبدو متاكدة من نفسها
فان جئنا لتحليل ما يجول في نفس فاطمة من احاسيس
تكون الشعور بالخيانة وانها امسكت في مصيدة
وان الصياد صديقتها كانت ذكية بان نشبت في ابنها انيابها
هي من تحب؟؟تحب ابنائها
تسعى لارضاءهم وايضا لكي يكونوا دائما دوي اسماء مرفوعة فوق
لكن ان تعلم ان لهته الفتاة فرعا وسخا من والد وسخ فهي تشعر بالذل والمهانة
وان تكون رشيدة ذكية بحيث توقعها في مثل هته الكارثة فهي غير قادرة على مسامحتها وايضا تفكر في ابنها ان تلعب عليه هته الصغيرة التي تبدو ان البرائة مخزن في عيونها لامر غير سار بالمرة

قالت :
- لأعلمك ابنتي... انت ستكونين بمتابة ابنة لي فستكونين الغطاء والستر لولدي ..لكن عليك ان تعلمي انك محظــــــــوظة لانك امتلكته ..فهو لايقدر بثمن ولابمال الدنيا كلها...ان حصل وانتشر خبر اصلك غاليتي فالافضل ان تبتعدي عنه لاجل صمعته فالرجل لايملك سوى صمعته وشرفه واتمنى ان يكون كلامي قد وصلك


ظنت هند انها في دوامة الكلام الشديد السوء الذي جرحها سمعت شخصا وراء الباب يسمع لكن لابد انها تهدي
فقالت بصوت مجروح من الالم الذي قاومت لتخفيه:
- حسنا امي ...سافعل كما تامرين وأصلي ذاك ...لن يعلم به احد وانا احب عبد الصمد واخاف على صمعته من المس اكثر من خوفي على نفسي فكوني حضرتك مطمئنة

ابتسمت فاطمة وضمت هند الى صدرها وهي تمعن النظر في لباسها ورشاقتها :
- ما شاء الله اراهن على ان ابني سحر بفتنتك فلست سهلة ههههه

ابتسمت هند غصبا عنها لاتدري كيف تشعر حيال هته المراة فهي تارة تشعر بالكره وتارة تحبها فقد ضمتها وكانها ابنة لها
تخاف كثيرا والخوف الان بات اعمق مما مضى


بعد ان نزلت كل من هند وفاطمة
توجهتا الى الخارج حيث السيارة تنتظرهما وكان ايوب مشغول البال بينما امها تنظر الى ابنتها وحماتها الغريبة الاطوار
وشعرت بالارتياح لان نظرت المراة كانت مرتاحة بعض الشيء




*******************




بمنزل العمة بطنجة


كان عثمان لايزال في نفس وضعيته مستلقيا مستندا على يدها فوق المخدة التي تقبع وراء ظهره وكانت نظرته على سترة قمة في الصغر كانت تحت عيونه
فرشها وقام بتمرير يده عليها
ولم تكن ثريا بعيدة فقد كانت تجلس في مكانها قربه تنظر اليه وقد اسندت وجهها على ذراعيها وتنظر الى حذاء يربط باشرطة صغيرة في اللون الازرق القاتم والابتسامة تحتل وجهها بما ان عثمان لم يكدرها بعد

نظر عثمان بفضول الى قدميها وساقيها ومن ثم حطت نظرته على بطنها حيث يسكن عصفور صغير يتمنى ان يجلسه على ركبه ليلاعبه منذ الان
مد يده الى بطنها وشعر باجفالها فقد كانت مسافرة في افكارها وعيونها ابتعدت عن الحذاء الصغير لتستقر على وجهه لم يكن ينظر اليها بل الى بطنها فقط وسال بفضول:

- متى ستكبر ؟

قالت وهو يحرك فيها مشاعر الشوق الى اخد يده وزرعها في شعرها وبين شفتيها:
- عثمان انت استاذ الا تعلم ان البطن لاينتفخ الان بل يحتاج بعض الوقت

قال باسما ونظرته تحرقها :
- ومن اخبرك انني لم اكن اعلم فقط اردت لمسه وسؤاله وليس سؤالك انت ...ولم اعن البطن بل الطفل

شعرت بالعصبية من اصابعه التي تدور وتدور كما لو انها تنومها مغناطسيا:
- انت فظ يا عثمان.. اترك بطني من فضلك

ابعد يده وشعرت بالبرد بدل السخونة يسري في اوصالها
وسمعته يقول وهو يمسك بالقطعة الصغيرة:
- سيكون بهذا الحجم اعرف ستسالين انا استاذ ولا اعلم
ساقول لك انني درست عن ذلك ولكني فقط لم ارى صغيرا من قبل تبدو ملابس للدمى سبحان الله

ابتسمت لكلامه وهمت تنهض وتقول:
- حسنا ساحضر ملابسك فلابد من انها جفة في هته الحرارة

على الكلمة الاخيرة كان يلاحظ وجودها طيلة الوقت ويشعر بشيء خلاب يروي عطش روحه وليس عطشه الجسدي فهذا لايدري لما يتوهج مع بزوغها امامه غير ان روحه سعيدة ومنشرحة ويشعر بالكسل حتى انه يود ان تبقى اكثر وان تتحدث معه فهي زوجته ولم يحصل ان تحدثا مثل البشر
بعد ان عادت قامت بفتح طاولة اصلاح الملابس امامه في طرف الغرفة وركبت آلة الكي لتقوم بكي ملابسه برقة وعناية

هته اللحظات عززت الثقة في روحه ازدادت الثقة بانها له وحده اكثر من وساوس الشيطان التي اتعبت نفسه
يراها الآن صافية كلون الحليب الطازج

بعد ان انتهت وقامت بطي الكل بالترتيب وضعتها في رف الخزانة واقفلته واستدارت اليه محمرة الخدين من حرارة الآلة
لكن منظرا رقيقا صادفها
يا الله انه نائم والذي زاد من حبها له تشبته بالقطعة الصغيرة على صدره
اقتربت منه وحملت الملابس الصغير بدون صوت الى الخزانة وخبأت الحذاء الازرق في جيبها في التنورة بينما تركت له السترة الصغيرة على صدره ولم تمسسها
قالت في نفسها والابتسامة توشك ان تصبح بكاء
حرام لايجب ان امنعه من الاستمتاع بابوته حتى من قطعة ثياب
عاد شيء من الاندفاع الغريب يشد عروقها المتوجعة اليه
وشعرت ان قلبها وهي تدنوا منه يتبعثر كليا حتى ظنت انها غيمة ستتبدد قبل ان تصل الى ما تريده
وبابتسامة خجولة وضعت قبلة صغيرة بريئة على فمه فبدى لها وكانه ولد صغير منعت اصابعها من ان تمر على خطوط خده وانسحبت على رؤوس اصابعها والصندال في يدها تغلق الباب بخفوت

نطق في نفسه
مجنونة او ستفنيني بجنونها
فلم يرد ان يبعد الدفئ الذي لفح فمه من برهة
بل لم يستطع الا ان يفرح لانتصاره المجيد فهاهو الخنوع الذي جعله يهواها واكثر رائحتها التي باتت الطاقة التي تعمل بها اوردته كل يوم
اطلق تنهيدة عظيمة وانصرف هته المرة في نوم عميق





************************




في مطار محمد الخامس
بالدار البيضاء



بعد ان تحقق عصام من التذاكر
شعر بالراحة لانه الان يستطيع ان ياخذها معه
على اي حال كان الوداع بينها وبين عائلتها طويلا
فشقيقاتها كن تبكين بين الفرح لانها ستذهب الى بلاد لم يسبق لها ان زارتها ويمازحنها بخصوص الشاب الوسيم
ومن ثم يبكين لانها ستذهب وسيفتقدنها
كان يصعب على ابيها الذي بقي في انتظارها مع عصام في ردهة الفندق ان يفعل شيء
فحب اهلها لها كان كبيرا لايوصف
هي شمسهم الغالية وضوءها الساطع لطالما كانت مصدر الهامهم فهي الهام واحدة تلك التي يمتلكونها بالدماء

بعد ان انتهت فوضى الاصوات الباكية ودفا الاحضان بين الام والاخوة والاخ الذي تشبت باطرافها علها تحمله
لكنها اقتصرت على النزول اليه وضمه لمدة صعب عليها فيها ان تزيله عنها الا بمساعدة اختها
وقد بدا يبكي ويندد بانه يريد الذهاب معها ويصرخ بحدة
كانت تتقطع فقلبها رغم العملية الا انه لايجب ان تتعرض لاية صدمات عاطفية فيقول الاطباء ان ذلك قد يسبب لها تشنجات كثير
لدا قبلت راس امها وخرجت تستجمع قوتها وتمسح دمعاتها

وعند نزولها الى الردهة اخفضت راسها وفضلت البقاء قرب ابيها في السيارة حيث تحدث اليها وتحدتث اليه واخبرته بخفوت عن بكاء اخوتها وكادت تبكي لولا ان والدها هدأها بصوت اختفى عن آذان الذي يجلسون في المقاعد الاولى للسيارة الاجرة
وكان صوته ابويا وعطوفا جدا


اما الان وهم يركبون الطائرة
تجلس في جهة النافذة ووالدها قربها وعصام من الجهة الاخرى لم يتبادلا الحديث كثيرا
فهي تخجل ومن ثم امام ابيها كان الامر محالا فهي تحترمه ولاتريد ان يظن انها تستغل الوضع لعقد الصداقات
اصلا ما ان تحط برحلة افكارها في عصام الجالس بمعطفه الجلدي الراقي ومظهره الانيق
تجد انها في صدد دخول مغامرة فكيف هي عائلة هذا الرجل لا هو يشبه المغاربة في تفصيلة الجسد ولافي تفصيلة العيون الناعسة والملامح السمراء القوية
يبدو اسبانيا حقا فكيف هي عائلته تلك انه يتحدث عنهم بخفة وسرور لكن هي لاتعرفهم وتخاف من ردة فعلهم


كانت الهام بالنسبة لعصام امله الوحيد
يمكن ان يقول انه منحها قلب اخته لكنه ينتظر ان تكون متفاهمة مع عائلته يمكن ان تظن الهام انه يريد ان يحررها من الاحساس انها مدينة له
لكن شعوره نحوها ليس كذلك ابدا
يريد ان يسعد عائلته فحسب




*******************



بعد ان حطت الطائرة

ارتاحت الهام كثيرا لانها شعرت انها سيغمى عليها من الخوف فقط من طلوع الطائرة كما لو ان احشائها تريد الخروج الى فمها
وفي النزول تشعر كما لو انها ستنتهي بالدخول الى اعماق الارض في اية ثانية

اثناء الرحلة كان كل شيء طبيعيا
لم تشارك اباها وصاحب الراس دي الشعر الاسود الحديث
فقد اكتفت برؤية
المنظر الخلاب للسماء وقرصت نفسها بدون ان يراها احد اذا كانت في احدى احلامها المجنونة لكن الواقعية جعلتها تدمع وتسبح لله لانه خلق كونا مبهرا كهذا والبشر في الارض يطغون فماذا لو اعطاهم الله جوانح ماذا كان سيتبقى في هته السماء الرائعة
استغفرت الله كثيرا واخدت من تلك المجلات وجدت انها لم تقرأ في حياتها نوعا من المجلات كتلك وجدت البعض منها مفيدا والبعض الاخر تافه
ولم تكن تلاحظ ان عصام كان يلاحظ تحركاتها كما الطيليسكوب

عند خروجهم من المطار قال عصام ينظر الى جو اسبانيا المشمس او بالاخص مادريد:
- ما رايكما كيف تبدو لكم المدينة؟

قالت الهام بابتسامة مشعة:
- من هنا وكل شيء رائع ان الشيء الذي الحظه النضافة

قال عصام ينظر الى الباركينك امامه:
- انها العاصمة ...اه هاهي اختي الشقية ..تعاليا ساحمل انا الحقائب

كانت هناك حقيبة لعصام والاخرى لالهام فانحنيا معا على حقيبتها :
- اسفة لاعليك ساحملها انا

نظر اليها بدون الافصاح عن مكنون خاطره:
- لاباس لاعليك استطيع ان احمل اكثر منها فالسيارة قريبة

احمرت خجلا وتركته يحملها واقتربت من والدها الذي سبقها الى الفتاة التي ترتدي جينزا وقميصا بحمالات في الابيض خطت عليه كتابة سوداء
قالت نسرين تمد يدها الى والد الهام الذي اخفض عيونه دون ان يسلم:
- السلام عليكم سيدي كيف حالك؟

قال الرجل الذي ملأه الحياء:
- بخير ابنتي

قالت تقترب من الهام وتنظر اليها والدموع في عيونها وتقدمت تضمها بطريقة تنم عن ان الفتاة ذات نية صافية
لاتكبر ولا افكار سوداء ولا اي شك في هته الفتاة:
- انت الهام؟؟ كم انا سعيدة لانك قمت سالمة كم سعادتي لاتوصف بقدومك الينا ياه انا فرحة

قالت الهام التي نظرت الى عصام الذي وضع الحقائب وراء السيارة :
- اشكرك نسرين اليس كذلك؟؟؟ حكى لي السيد عصام عنك الكثير

قالت تضحك وقفزت الى اخيها الذي اقترب منهم وضمته وهو ايضا بحرارة:
- انه اعظم اخ كم احبك عصام لقد اشتقت لك

قال عصام :
- هيا انا متعب خدي انت القيادة

تقدم يفتح الباب ويقول:
- تفضل سيدي بالصعود

ذخل ابوا الهام وكذلك الهام التي جاهدت لاخفاء حمرتها من الخجل لكنها لم تستطع
شعرت انها تسرعت في الحكم عن اخته هته الفتاة طيبة الى درجة قد يخاف عليها الانسان كما يخاف على طفل في ثلاث سنوات من عمره فهي تبدو بلهاء اذا صح القول لكن بقلب ابيض كالثلج

قالت بفرح ومرح:
- اخي كيف كانت رحلتك الى هناك ؟

قال بصوت هادء:
- جيدة الحمد لله

قالت تساله مرة اخرى ولكن بتردد:
- واختي هل ...؟

قال عصام وعيونه على المارة:
- رحمها الله يا نسرين قولي رحمها الله ...واجل لقد دفنت

شعرت نسرين بالاحباط والاسى لانه وبخها على كلمة نسيتها
في الخلف شعرت الهام بانه ولابد يعاني فاذا كان ملتزما بدينه فلما لايجبر اخته على دخول دار للقرآن؟؟
فلربما موجود منها هنا في مدريد لما لايحجبها تسائلت؟؟

قال والد الهام:
- يا بني هذه البلاد كبيرة وغريبة

قال عصام بابتسامة:
- انت محق كبيرة وغريبة لكننا الفناها وهي تضمنا اليها بدفئ رغم اشواكها الضارة

حرك الاب راسه فقد فهم ما يعنيه الولد
والاب في الحين داته شعر بشيء من الخوف كيف له ان يترك ابنته هنا مع اناس غرباء
لكن التعقل بدل العاطفة سبق فلايبدوا رغم ان اخت عصام متهورة الا انها طيبة هذا شعر به من نبرات كلامها وتعلقها المفرط باخيها
وايضا يشعر ان عصام انسان نبيل ومثقف ومتدين وهذا تاكد منه بدخوله للمسجد معه ونعم الشاب الصالح

تحرك عصام ينظر الى اخته الجميلة التي تملك من جماله المثل
ملامح بهية وشعر اسود عقص كعكة لابد انها كانت تسرع لكي تكون هنا في استقباله بقلب فرح
كانت ملامحها متالمة من كلامه
وهو الان يانبها انه لايفعل ذلك عمدا يحاول ان يعلمها لكنها بسبب زوجها ذاك تجرف لعالم التلبد في الدين
لكنها اخته يحبها بشكل كبير كالاخرى رحمها الله
لم يستطع ان ياخد يدها ويقبلها لدى قام بقرص وجنتها وهو يقول:
- هل كنت عاقلة في غيابي ؟؟

ضحكت بشيء من الطفولية ودموعها بقيت عالقة فوق رموشهما وهي تعلم انه يصالحها بكلامه:
- اجل كنت عاقلة وطبخت وكنست وغسلت ياه لقد تعبت فعلا وزيادة على ذلك كنت ابحث كثيرا عن مدرسة تقبلني العام المقبل فمعدلي كان منخفضا يا للكارثة
...قالتها بخجل

ابتسم وهو يقول:
- ستعوضين ان شاء الله فقط لا تتهاوني

ابتسمت الهام لا اراديا فلهذا الرجل مسؤوليات كبيرة ويحاول ان يوفق بينها وبين اعطاء الحنان لعائلته الخاصة

بعد لحظات قالت نسرين بسعادة تبدوعلى محياها كاشراقة شمس:
- لقد وصلنا انه ميغيل....اشرت على الممشى...ذاك هو زوجي

بعد خروجهم وتوجههم الى المبنى قفزت بسعادة الى ان وصلت الى ميغيل لكن ولان اخاها يفرض عليها تعليمات صارمة فهي لاتستطيع سوى ان تسلم على زوجها باليد بدون ان تقبله حتى على وجنته

قالت نسرين تقدمه:
- هذا زوجي ميغيل ..ميغيل ...هذه الهام التي تعرف عنها من العملية وهذا السيد المحترم والدها

قال ميغيل بشيء من العربية:
- اهلا بكما

ميغيل تعلم اللغة من زوجته وصهره ولايجد صعوبة في فهمها لكن المشكلة في التحدث بها
قال عصام :
- نسرين ارجوك اصعدي والانسة الى فوق واجعليها تتعرف الى امي بينما اصعد انا الحقائب

قالت نسرين بابتسامة خفيفة:
- حسنا اخي هلا رافقتني الهام

ابتسمت الهام رغم شعورها بالخوف او التردد لرؤية تلك المراة
التي هي امه لما يشغل تفكيرها كيفية ملاقاتها او كيف ستقومها وتنظر اليها
للحظة وجدت نفسها امام الشقة التي بدات تفتحها نسرين وازالت حذاءها كما فعلت الهام ذلك ايضا وقالت نسرين :
- تفضلي الى الصالة وانا سانادي امي

حركت الهام راسها بالايجاب من دون ان تزيل الابتسامة على وجهها
واقتربت من الكنبة لكنها اجفلت فقد ضنت ان احدهم هنا ايضا لكنه فقط خيالها في المرآة وشاهدت انها لاباس بها فهي ليست بجميـلة ولا بسيءة ولكنها مليحة كما نقول بحيث تجذب الى النظر اليها وقد تصل الى سحر الشخص الذي قد يمضي معها فترة من الوقت

جلست تنتظر في الصالة وبعدها رات نسرين فنهضت وهي تراها تمسك باكتاف امها بلطف وتقول:
- امي هذه هي الهام ...انها الفتاة التي تحمل قلب اختي قلب ابنتك الحبيبة

قالت الهام وهي تقترب منها :
- سعدت بلقائك سيدتي اتمنى الا اشكل ثقلا عليكم وعلى ضيافتكم الكريمة

قالت والدة عصام مريم :
- اهلا وسهلا.... تعالي الى حضني..يــــــــا عزيزتي

نظرت الهام الى نسرين المبتسمة واعادت نظرتها الى مريم واقتربت منها وهي مبتسمة وحضت في تلك اللحظة بدفئ ام مسلوب قدرتها على البقاء من غير طيف او صورة لابنتها سمعت تنهيداتها وحاولت تهدئتها وقادتها الى الاريكة وهي تقول:
- انت بخير سيدتي؟؟

قالت مريم وهي تنظر اليها ومن ثم تشيح بنظرها :
- اسفة عزيزتي لم اقصد ان اخيفك لكني ام وفقدت ابنتي ولست ادري كيف يمكن ان اشرح لك

اقتربت نسرين من امها تقول:
- امي لا تشرحي شيء فكلنا هنا نحبك والهام تحتاج الى الراحة فالعملية كانت دقيقة ....الهام لقد حضرت لك غرفة مريحة ستمكثين فيها طيلة فترة راحتك وانا ساتكلف باسعادك

ضحكت الهام على تعابير نسرين وشهدت مراقبة مريم لها وكانها تريد ان تستخلص منها ابنتها لعلها تعود

سمعت النسوة صعود الرجال الى الشقة وهرجهم وكلامهم
قام بالتوجه الى الصالة ميغيل الذي اتخد مكانه قريبا من زوجته وكانه اشتاق وقد غابت لدهر عنه
وقدمت نسرين اب الهام لامها بمرح

قالت نسرين:
- ساذهب لتحضير شيء لنأكله فلابد من انكم جائعون

قال ميغيل :
- اجل كثيرا

ضربته بمخدة وغمزها فقالت:
- سخيف انظري اقوم اليوم كله بتعليفه يشبه الثور هههههه

هربت وتركته لايستطيع ان يعيد ضربها امام الضيوف
يدري ان هي ابتسمت او ضحكت فتبدو كالطفلة اما هو فالامر مختلف وانطلق في الاحاديث رغم صعوبة اللغة الا انهم اتطاعوا التواصل

انصرفت نسرين ولكن بدل ان تدخل الى المطبخ ذهبت الى اخيها الذي ادخل حقيبته الى غرفته ومن ثم ادخل الحقيبة الاخرى الى غرفة الهام فقالت:
- اخي هلا ذهبت لتحضير القهوة وانا سارتب لالهام حاجياتها...

قال عصام متنهدا :
- حسنا لكن اسرعي نكاد نموت جوعا

قالت وهي تبتسم:
- الهام جميلة اخي اجل انا لم ارى منها الا وجهها لكن فيها شيء يدفعني لقولي هذا

ابتسم وقد فهم ما ترمي اليه اخته:
- اتمنى ان تصبحي مثلها حتى لا يُرَى منك شيء لكن راسك ذاك مفسود بالدلال هيا اسرعي

بعد خروجه شعرت نسرين بان اخاها يتكلم بالحق
هي لابد مفسودة بالدلال لذلك لاتستطيع ان تستمع جيدا لاقواله وان تفهم المغزى منها وانه يريد لها الخير قبل اي شيء




*******************



في المزرعة بمكتب عبد الصمد



بدى في قمة العصبية والعاصفة من عيونه تنذر بشر قوي
نظر اليها امامه فقد نادا في طلبها وهي الان تبدوا وكانها قمة في البراءة

قال وكانه يزمجر ويضرب السوط على يده مضهرا شدة غضبه:
- الن تعترفي يا انسة جولييت بما فعلته ؟؟

قالت ببرود الدنيا :
- لا افهم عما تتحدث يا ابد
انا انسانة نبيلة فوق كل شيء
وان علم السيد الذي ارسلني واحصنتي الثمينة عما تفعله الان وعن الكارثة التي كادت تلم باحصنتي فاضن انه سيفعل ما لا تحمد عقباه


قال بشزر:
- انظري الي جيدا انت ان كنت وسخة ويلطخك الوحل من كل جانب فالفتاة التي هي زوجتي اشرف منك بمئات المرات ظننت نفسك ذكية ان تتصلي وتمحي اثر ما فعلته كاف بان يفرقنا وان يجمعني بك ..هه...اظنك مجنونة فلو حتى افترقت عنها لن تكوني ولا احد غيرك في حياتي والان ...
اقترب منها وجرها من كتفها بعنف متوحش لم تستطع ان تقاومه من شدته ودفعها من امام المكتب:
- اذهبي ولاتعودي الى هنا....ناد بصوت عال وقوي ومن حرارة عيونه الغاضبة يدل على انه قادر على خنقها .....مصطفى...مصطفى..تعال خد السيدة رافقها واعطها احصنتها واذهب لكي تقوم باخذ ملابسها الوسخة من القصر واحرص على ان ترافقها كظلها لاتدعها شبرا وان اضطررت فاستعمل معها العنف ليس مهما افعل ما تشــــــاء

فهم مصطفى كلام سيده وكان الهدف امامه عليه ان ينفذ وحسب وهو غني عن اي اغراء
وهكذا رمى عبد الصمد السوط من يده وضرب الكرسي الى ان انقلب قرب مكتبه عاد الى كرسيه وهو يفكر
لابد من ان هذا الحب سيقتله ويخاف ان يحدث هذا في احد الايام



يتبع................








الجزء السادس والعشرون



يوم الجمعة



في هذا اليوم الذي قرر فيه عثمان العودة الى المزرعة
وقد اتصل مسبقا ليعلمهم بذلك
وقف امام المنضدة القديمة وقد انتهى من تدليك المرهم على بضعة مناطق من جسده كانت قد خدشت في الحادث
واكملت ثريا تدليك منطقتين على ظهره ومن ثم ارتدى قميصه
وشكر ربه لان الكسر في ذراعه لم يكن كسرا خطيرا مما ساعده في ازالت الجبيرة فيه ووضع له الدكتور ضمادا خاصا يساعده على تحريك يده دون مشاكل
واكمل ارتداء سرواله الاسود واختلس نظرة على صاحبة الوجه المتجهم
يريد ان يبني الثقة على ما يراه
لكنه لايستطيع فمزاجه المتقلب يتركه غير عابئ البتة باخبارها بشيء يجعل صورته ضعيفة مهزوزة اتجاهها
وليس هو من يبَدِر لعابه في الكلام الحلو والفارغ دوما
سيترك الامور كما هي ولن يتنازل عن كرامته مهما كان
يتمنى ان يجد سبيلا للتحرر من شكه نحوها
ورغم ذلك كاي رجل خدع من زوجته وصدمه خبر موجع كذاك فهو يرى انه تنازل بالفعل فاغلب من يعانون من مثل مشكلته اما يعيدون الفتاة لاهلها او يقومون
ولا يجد نفسه في الدور
غير دور البرود وتجريعها الالم
يفكر
كيف لي ان اراها بشكل حنون ولطيف في يوم
وفي اليوم التالي اتغير كما لو انني اكون تحت تاثير سحر ما


ثريا تضع له ملابسه على السرير ومن ثم ترتبها في الحقيبة
وتنهيداتها تكاد تصبح عواصف رعناء
الان سيعودان وتحت سقف واحد
في القصر الذي شهد لها كل انواع الاذلال
تحاول ان تسبر غور افكاره
وتقيم تعامله معها
فبعد ان اعطته الدليل ورآه
واكثر من ذلك احتقرها ورماه امام وجهها
لابد انه لايظن انها تشعر بشيء بينما هي تتالم وتتوجع
يحيرها فتارة هادئ وتارة قمة في الثورة
والان ما يزيد احباطها ترداد كلامه على اذنيها
اللتين تنقلان موجات من الحزن الشديد لروحها
لايهتم بها انها بكل بساطة لاتهمه لم يعد يراها كما كانت
الان لايرى سوى البطن التي تكبر يوما بعد يوم ببطئ
وهي ما عليها سوى التحمل من اجل طفلها وهذا الحب المستحيل بكل المعايير

سمعته يقول آمرا:
- اسرعي عينا الا نتاخر اليوم والمسافة طويلة.. هل انتهيت؟

تحرك لينظر الى ما تفعله وهو يستند على عكازه الخاص:
- اين ملابس الصغير؟؟.. اين وضعتها؟

قالت تشعر بالالم لاهتمامه الزائد بالطفل بدل صحتها:
- انها في الكيس اسفل ملابسك

قفلت سحابة الحقيبة
وهي تشعر بمروره وراءها لكي ياخذ محفظته ويجلس يفتح مذكرته الخاصة يراجع ما يكتبه فيها عادة
واضعا نظارتيه الصافيتين الرقيقتين

نظرت ثريا اليه وقلبها يتدمر
ينسحب منه الدم بالم ويعود ليفجر الما اكبر منه
لم يلتفت لها منذ ان تكلم بعدم اهتمامه بها
وهو على هذا الحال ظنته سيتنازل
سيعود كما كان
لكن بروده العقيم فتت قلبها
التفتت تخرج من الغرفة والدموع الحمراء ترف على رموشها
وصعدت لتقوم بارتداء حجابها وتكمله بالنقاب الساتر لوجهها
عدا عيونها الذابلة
ونظرت الى عبائتها اللطيفة الملمس في الاسود
وخرجت تحمل معها حقيبتها الصغيرة وحقيبة اليد

عندما وضعت الحقائب امام الدرج هي وزوجها
انصرفت الى المطبخ حيث عمتها وقالت:
- سنذهب عمتي...

اعتدلت عمتها التي كانت منحنية على المائدة تجمع اواني الفطور للمغسل وهي تقول بشيء من الحزن والوحشة:
- ساشتاق اليك غاليتي ...وكثيرا ايضا اخبري امك انني ابعث لها بسلامي الحار

ابتسمت ثريا وهي تضمها اليها بقوة
وتكاد تشعر ان هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير
فما ان ضمتها حتى انسابت دموعها الحارة وكانها تنذرها وتعلمها

إنها دموع أبدية لآتفنى...وتتبعهآ تعآسة يآزمــــــان...تعآسة لآتنضب


بعد ان ودع الاثنان العمة ن***ة
استقلا سيارة التاكسي التي كانت قد سبق ان طلبتها لهما
وقد وضع السائق الحقائب في وراء السيارة
جلست ثريا قربه وهو في الجهة الاخرى
بعيد كل البعد عنها
تفرقهما مسافة ضئيلة بينما يفرقهما الهوىآ مسافات كبيرة
كل مولي وججه الى نافذة توضح له صورا ليست بذآت اهمية
حجبت ظلام الحزن في عيونها عنه
شعرت انها تعيش قصة تعيسة بدون امد
هو حبيب قلبها المتوجع المتعذب حبا مجنونا له وحده
يعزلها عن عالمه عن حنانه وحبه
وشكت فعلا ان يكون هناك حب في جيناته
فلعل الحب الوحيد الذي يشعره
هو الحب البوي او الاخوي
اما عن حب القلوب المجنونة
فهي بالنسبة له عالم صغير ضيق خانق لايجوز هو صآحب النبالة والمروءة ان يدخله
مسحت دموعها بيدها
وتركت نفسها تعيش في حياة بين الوعي واللآوعي


لاتدري كيف اوصلتها قدماها الى محطت القطار
وجلست بقرب الحقائب حيث طلب منها عثمان ذلك حتى يحضر التذاكر
نظرت حولها كانت السكة خالية من اي قطار
والركاب لم يكن منهم الكثير
لكنها لاحظت بين امراة تحمل ابنها على ظهرها
وفتاة تقف من الجهة الاخرى

لمحت بينهما رجلا يفوق طولها ببضع انشات
وله شعر اسود قصير جدا
مرتديا سروالا في اللون الابيض وقميص تيشرت في اللون البنفسجي
وللحظة تذكرت ونست
تذكرت وجه بشوشا من الماضي
ونست ان زوجها قد يحضر في اية لحظة
ولكن تصرفها في الاقدام على السلام عليه لم يكن سيء الى اي حد

نادت بصوتها عنه تحاول جذب اهتمامه:
- سوفيان ....سوفيان.....

التفت الرجل ينظر خلفه
ومن ثم ينظر الى صاحبة النقاب
لكنه لم يعرف ان هي من نادته او هو شخص اخر
عندما هم باشاحة وجهه عن مكان وقوفها
لقي منها اشارة باليد ملوحة له
فاشار لنفسه :
- انا....؟؟

قالت بابتسامة لم يلمحها وقد اقتربت من مكان وقوفه :
- الم تعرفني ....حقق فقط..بل حقق جيدا

بدت على ملامح سوفيان الدهشة من ثم شيء من الاستمتاع وبعدها اطلق ضحكت رنانة وهو يمسح بدهشة على وجهه:
- ث..ر..يا ..غير معقول يا فتاة هذه انت؟

اومئت بضحكت خفيفة:
- اجل انا هي بشحمها ولحمها...ما رأيك

قال ونفس البشاشة على وجهه المفعم بالحيوية:
- لكن من فعل بك هذا ؟؟ اصبحت مغلفة واعترف لولا عيونك الشهيرة لما عرفتك البتة...لا تخبريني انه ممنوع ضمك او تقبيل وجنتك او حتى السلام باليد

ابتسمت من تحت نقابها:
- ولىآ زمن التحرر يا سوفيان

قالت بصوت متردد:
- ....لقد تزوجت ...

بدت على محياه الصدمة:
- تزوجت؟؟؟...ولكن ...الم...

قالت تقاطعه معتذرة:
- اعرف وآسفة لكنه القدر

بدت على ملامحه انه استاء للخبر:
- ثريا بحق الله ..الم اكن انا من طلب منذ ذلك الوقت يدك.. ورفضت دون عذر.. والان انت ...

قالت تلطف الجو:
- عذري معي ولايزال معي غير ان الامور الان تغيرت كليا وهذا لن يمنعنا من ان نبقى اصدقاء اتذكر

قالت بابتسامة ينظر الى حذاءه:
- محقة اصدقاء ...لربما شعرت ببعض الاهانة فحسب.. من لباسك لابد من ان الزوج مسلم وليس غريبا

حركت راسها وتذكرت :
- حسنا انه معي علي ان اتركك الان سعدت كثيرا لرؤيتك
مدت يدها المغلفة بالقفاز ولاحظت النظرة الغريبة في عيونه
التي تدل على انه استنفر امر ان يكون زوجها متملكا الى غاية ان يغلف جسدها كله

رد :
- وانا مسرور لرؤيتك ايضا

سمع الاثنان صوتا وراءها يقول بصوت خشن:
- ثريا... هلا عرفتنا على الاخ

التفت وهي تبثر يدها من يد الاخر
تكاد تفقد توازنها لكنها بررت انه فقط يشعر بانه يملكها
ويريد ان يضهر شموخه امام الناظر
او يعرف الشخص الذي اثار اهتمامها
والذي جعلها تترك الحقائب وحدها قرب الكرسي

- انه سوفيان صديق من الجامعة تخرج قبلي بسنة ...انه زوجي عثمان يا سوفيان...

مد سوفيان يده بدون حقد لكن بنظرة نافذة وناقدة للرجل:
- يشرفني ان القى السيد المحترم زوجك تشرفت بمعرفتك اخي

كانت ملامح عثمان جامدة :
- آسف... لكن لايشرفني ذلك البتة

تنحى عثمان عن الطريق يقول:
- تفضلي يا زوجتي بالعودة الى مكانك

شعرت ثريا بالاحراج وخافت ان تطمئن سوفيان بنظرتة منها
لكنها لم تلتفت بل عادت الى مكانها لتجلس بانتظار القطار

بينما قلب انسان
تمناها بقوة في احد الاوقات يتفطر الما عليها وعلى حالها
فقد لاحظ اناقة الشخص الفواحة والقوية
بقدر ما لاحظ عنفوانه وسيطرته عليها
تاسف واشاح بوجهه ينتظر القطار بدوره تاركا اياها
شبحا من الماضي عاد ليضهر ويذكره بذكريات لطيفة
وبذكريات مرة تجرعها


تجلس في مكانها غير قادرة على النظر الى عثمان
وهي تخاف ان يزيد الالم في صدرها
من نظرة احتقار واحدة حتى تنهار كليا
تمنت في تلك اللحظة
لو تعرف ...هل يحبها ويغار..؟؟
ام هو انسان ينفذ ما وعدها به من آلام...؟؟
وتمنت لو انها لاتحمل هذا الطفل
لكانت تخلصت من خناقه عليها
لكانت تحجبت كاختها وازاحت عنها النقاب
الذي يشعرها انها اكثر من سجينة لديه



في القطار


بعد وصوله صعد الاتنان اليه
اختارا ان ينزلا في الطابق السفلي للقطار
لانه يسهل عليه ان يمشي بالعكازين
كانت تنتظر ان ينفجر في اية لحظة
لكنه كان يتصرف وكما لو ان وشيء لم يكن
كان في مقدمة المقطورة مكان مخصص لوضع الحقائب حيث وضع خاصتهم هناك

واراد ايجاد مكانين قرب بعضهما
لكن للاسف كانت هناك اماكن عديدة شاغرة
اختار ان تجلس قرب النافذة وهو بقي في الجهة المقابلة من الصف الاخر اي بعيد عنها
لا يكاد يلمحها فالمراة بقربها تحجبها كليا

اما هي تكاد تقسم ان حدسها يشعرها
ان شيء سيء سيحصل وان عودتهما ليست مطمئنة لها بالمرة
شيء يجعلها تفقد منذ يومين نبضات من قلبها بشكل مخيف

كان المكان قربها تجلس عليه امراة
وامامها طفلة صغيرة
بينما الكرسي الرابع شاغر بصحيفة وحقيبة سوداء
تحمل لابتوب في الداخل


اما المكان الذي جلس فيه عثمان
فقد جلست به فتاتان جميلتا القد والملابس
وبقربه كانت هناك امراة عجوز وضع قربه العكاز واسند ظهره بتنهيدة قوية
لاحظ نظرات احدى الفتياة اليه لكنه تجاهلها


اقترب شاب في العشرينات من عمره
ليجلس في المكان امام المرأة قرب ثريا
هته الاخيرة التي كانت تسبح في الصور
قرب الزجاج صور تزحف الى بعيد وبسرعة
وهي وقلبها المقسوم نصفين يتأرجح متألما
حتى انها الآن تريد الهرب... الركوض... الصراخ ...
ان تفجر الالم الذي طال كبته


عثمان في مكانه امال وجهه
ولاحظ ما حفز كل عضلاته الى النهوض
لكنه كبت نفسه
ذلك الشاب ينظر الى الكتلة السوداء بعبايتها السوداء
او بالاحرىآ قيم درجة نظره فشهدها مرتفعة الى ناحية عيون امرأته
انفاسه اضطربت كوحش لكنه فضل ان يستخدم شيء اخر
التفت الى المرأة قربه وشرح لها الامر كما اراد
فحركت المراة راسها وهي تنظر الى الشاب الذي يجلس قبالة ثريا باشمأزاز مما يدل على ان المرأة من المتحفظات
نهضت واقتربت من مكان جلوس ثريا ونادتها

- يا فتاتي ...يا ابنتي...

التفتت ثريا وعيوها ذابلة اكثر من قبل لكنها تنبهت للمرأة
- ...نعم؟

قالت المرأة:
- تفضلي باخذ المكان قرب زوجك وانا سآخذ مكانك

نهضت ثريا واقتربت من حيث يجلس زوجها
نظرت بغيرة الى الفتاتين اللتين تجلسان امامه
والىآ ساقي الفتاة امامه تميلهما تحت تنورتها بحركة مقصودة
ومرت متفادية ساقي زوجها
ولكنها دفعت الفتاة عن قصد منها وهمست:
بآسفة رغم انها بعيدة كل البعد عن كونها كذلك


كانت الرحلة تشد من ضيقها كونها صامتة وتنصت باذن صاغية الى كلام الفتاتين مع زوجها عن هذا الامر وذاك
نظرت اليه متكأ على المسند
والابتسامة الكسولة على فمه
لاشك ملأت قلوب الفتاتين شاعرية وعشقا خياليا

تذكرت ثريا ما فعله عثمان امام شخص كان محترما لها اكثر من غيره في الماضي ونطقت بما لم تظن نفسها قادرة عليه:
- انتما... انا حامل وارجوكما لا استطيع ان اتقبل ضحكما هذا مع زوجي فان كنتما متخلقتان فالافضل ان تصمتا.. لانني لا اضمن فقد اتقيئ في اية لحظة ولن يكون ذلك جميلا

جعلت الثلاثة قربها يدهشون من كلامها الفض الغليظ والخالي من اللباقة
ولم تستطع الفتاتين ان تقولا شيء
مخافة ان تخسرا الصورة الجميلة
التي لربما كونها عنهما عثمان لذلك قالت احداهما:
- انا اسفة لم اقصد شيء... لم اعرف سيدي انها زوجتك... اسفة

قال عثمان بضحكة خالية من المرح:
- لا عليكما... انه الوحم ياثر عليها في هته الفترة كثيرا

لابد ان ثريا الان جعلت من نفسها اضحوكة هي ليست هو
ولا تعرف كيف تجعل من كلمتها
الاخيرة في الساحة


حمدت الله كثيرا في نفسها واخيرا وصلا الى محطة "سيدي قاسم"
بعد نزولهما استقلا سيارة تاكسي
لتاخدهما الى المزرعة
وكان تعب السفر والتعب النفسي ينهكها بقوة
حتى انها استسلمت لستائر النوم بان تسدَلَ على عيونها



*************************




في منزل السي محمد




كان اليوم بالنسبة لهم كالغذ تماما
فاليوم بالذات ليلة الحناء
حيث تحني العروس يديها وقدميها مع صديقات العائلة
والنسوة ان احببن ذلك

هند بعد ان عادت من الدار البيضاء
اغتنمت الفرصة في اراحة عضامها في حمام المنزل
وتخلت كليا عن تقليد حمام العروس فلم يكن لديها رغبة في الاجتماع في الحمام العام معهن
مع نساء كثيرات وفتيات ايضا
تذكرت ما الهب قلبها وجعله ينتفض حزنا

اختي "جميلة"
ادمعت عيونها وبكت بحرقة وهي تضم ذراعيها على المغسلة
اين هي الرحمة والرأفة
اين هي من كل هذا
ان هي تمنت فهي تتمنى اشياء كثيرة
وتلك الاشياء الواحدة منها تقتل الاخرى بعنف
تريد ان ترى اختها
تريد ان تكون معها الان وبقوة
تحتاج لحضن دافئ افتقدته لسنوات
وتتمنى لو يحضر والديها الحقيقيان
لكن
ان هي حققت امنيتها هته
فهي بدون شك ستفقد من ينبض قلبها باسمه
نصفها الاخر ...عبدو..
فإلى متى ستستمر معاناتها؟؟
وما هي نهايتها ان هي فكرت بالانفجار في احد الايام؟؟؟
خرجت من الحمام اكرمكم الله لتبقى تحت تصرف امها
والنكافة التي اتت مع لباس العروس الكامل
اضطرت رشيدة ان تضيف الضعف لتجد نكافة لعرس ابنتها
في الموعد الذي اردنه
فقد كان الصيف فترة الاعراس والنكافة تكون حريصة على المواعيد


لم يات عبد الصمد اليها ولم يهاتفها بل لم تستطع مهاتفته
كل منهما منهمك لكي يلقى الاخر بلا حمل ثقيل على الكاهل
لكن هند وللان تشعر بشيء ما
تشعر ان حماتها تحركت فيها الغيرة العمياء على اولادها وكانها ستخطفه منها
فلايكفيها انه يقطن في نفس البيت التي هي فيه....

قالت لها امها في تلك اللحظة التي شردت فيها:
- كوني واعية صغيرتي ...اشعر بانك حزينة...

- لست ادري يا امي الحبيبة... لابد من انه شيء من المشاعر التي تهاجم العروس

ابتسمت امها وانطفئت ابتسامتها
فتخاف ان تكون ابنتها ناضجة لدرجة ان تكتشف
ان حماتها حاقدة عليهم من ناحية هذا الزواج
ولولا عبد الصمد وسط هذا كله لما زوجتها

قالت رشيدة بابتسامتها المشعة:
- سيكون عرسا جميلا ..ليس كبيرا ..لكنه سيكون في مقامك الرفيع غاليتي

قالت هند بشجن:
- مقامي يا امي ...مقامي رفيع بكم وليس لي علاقة في هته الرفعة

جلست الام قرب ابنتها
التي انتهت من الباسها بيجامتها البرتقالية:
- كفاك عن هذا الكلام ...انك تتالمين بنيتي ولست الوحيدة... بل انا بنفسي اتألم

اخرجت هند تنهيدة طويلة وقبلت امها ونهضت:
- هيا امي فلنختر وساعديني

وقفت الاتنتان امام السرير الذي وضعت امامه النكافة القفاطين التي ستختار هند اجملها للعرس

لكن ماذا بعد العرس ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟






***********************




في القصر



كان الرجال مجتمعين في المجلس الخاص بهم
ضيوف جائوا لتحية الجد والاب والمباركة للعريس
وكانت جلستهم رجالية مئة بالمئة
ومعهم سعيد يساند اخاه بابتساماته وضحاكاته ونكاته العجيبة
يزيد من الجو اكثر مرحا وسرورا

اما بالنسبة للنسوة اللواتي ارسلت في طلبهم فاطمة للمساعدة وهن اربعة في الاسفل واثناتان معها
فقد استغللن المطبخ لتحضير الشاي وانواع الحلويات وارسالها اليهم ليضل الضيف مكروما حتى اخر انفاسه



بالنسبة لفاطمة

كانت منشغلة بغرفة عبد الصمد
الذي رغم طلبه ان يحضر لهما جناح خاص بهما
رفضت امه بحجة ان الوقت ضيق
وانها ستحضر غرفته على اكمل وجه

وبهذا قامت بمساعدتها المرأتان في تنفيد جميع طلباتها
ورغم عصبيتها في بعض الاحيان
غير ان النسوة صبورات جدا في القرية من اجل المال الذي يحضين به والطعام الذي ياخدن منه لابنائهن الذين لم يتذوقوا من قبل مثله

اعد الحمام بوضع كل المستلزمات الاستحمام الخاصة بعبد الصمد
وكذا الاخرى والتي تخص هند
اشترتها لها فاطمة لانها تعلم انها ستحتاجها
قاموا ايضا بفرش السرير بفراش ابيض ومائل في وروده الراقية للاصفر البارد
الوان خاصة بالعرسان الجدد
ترسخت فكرة في دماغ فاطمة وتضن ان عليها ان تنفذها ولتشعر العروس او امها بما تريدان
عليها ان تتأكذ من بكارة البنت في ليلتها
قامت باخد الصندوق الذي وضعته على الارض
وجذبت منه سروالا ابيض ناعم فضفاضا يشبه سراويل الهنود في التفصيلة غير انه نسائي
كان مطرزا بورود رقيقة بيضاء ناصعة على جنباته
قامت باخده ووضعته فوق السرير بعناية
ولم تشعر النسوة اللواتي توضبن الغرفة بادنى حرج
لان الامر ذاته كن قد مررن منه


خرجت لتنزل الدرج الى الصالة القريبة من غرفتها هي وسليمان
ودخلتها كانت مفروشة بطريقة عادية جدا باللون البني ولا تحتوي سوى على زربية من ظهر الماعز
كانت هناك موضوعة "طبوقة"
حيث توضع جهاز العروس ملابس جميلة لها
وايضا توضع فيه الحلويات التمر المملوء باللوز
او حلوى مليئة بالشوكولا

تحمل هته الهدايا الى العروس في يوم العرس
عليها ان تضهر بصورة لائق امام النساء في المجتمع
واللواتي ايضا لهن مكانتهن
وقررت ان تحتفض بالتقليد





سمعت بعض الهتافات واصوات
ومنها صوت عزيز على قلبها ابنها "عثمان"
خرجت من الصالة بخطى سريعة رغم ثقلها
وشهقت بقوة وهي ترى ابنها الحبيب الاوسط يتكئ على العكاز
نزلت الدرجات الفاصلة على الباب واقتربت منه وهي تبكي بحرقة وتقول:
- بني ..حبيبي عثمان ما بالك يا .... كيف حدث لك هذا ابني اخبرني
وانحنت على ساقه لتعاينها باصابع ترتجف


كانت مليكة بينهم تسلم على ابنتها بحرارة
لكنها هي وثريا بقيتا تنظران الى الام التي سالت فاجابها عثمان:
- ليس هناك من شيء امي... الحمد لله على فضله انا بخير

قالت ثريا تحاول تهدئتها
وهي تنظر الى الشحوب الذي على وجهها:
- انه بخير امي لا تخافي الدكتور طمئننا فلا تشغلي بالك ....كيف حالك انت؟

قالت فاطمة بشيء من الامتعاض :
- بخير ...لكن يا ابنتي لما لم تقولي شيء لما اخفيت عنا ذلك في اتصالاتك

نظرت ثريا الى عثمان الذي اجاب بدلا منها:
- انا من منعها من الا تخبر احدا...لم يحصل شيء امي يدعي كل هذا
التكدر منك ....هل يا امي كلكم بخير ؟؟...عمتي ؟

قالت فاطمة بتنهيدة متالمة لحال ابنها:
- بخير يا حبيبي اتمنى فقط الا اراك ضعيفا امامي فهذا يحزنني

وقالت العمة:
- نحن بخير والحمد لله على سلامتك

اقترب من امه وقبل راسها
وحدثها بسعادة كما لو انه لم يصدق حتى التقى بها
ليجد الابتسامة المرحة على فمه

شاهدت ثريا عثمان يذهب مع امه الى صالة النساء الخالية
حتى يحدثها حديثا خاصا بين الابن وامه


قالت مليكة التي شاهدت ابنتها شبه مغمومة:
- صغيرتي ازيلي عنك النقاب وتعالي لنصعد الى فوق لابد من ان عبير نائمة ساخبرها بمجيئك ونأتي اليك اذهبي

صعدت ثريا الى جناحها الذي ان هي شعرت ببعض الحنين اليه
فقد شعرت باختناق مفاجئ منه
لكنها دخلت وغيرت واغتسلت
وارتدت غلالة بيضاء رقيقة حتى ركبها
وخرجت تجفف شعرها فوجدت امها وعبير تجلسان على السرير
وقفزت عبير تركض اليها وترتمي في حضنها بضحكاتها المنشرحة

قالت ثريا بتعب:
- اهلااااا.... بك يا عبيرة .....كيف حالك؟

قالت عبير :
- دعي عنك المنشفة ساجففه لك اجلسي ..انا بخير الحمد لله وفي افضل حالاتي

قالت ثريا تنظر الى امها في المرآة:
- وانت ماما تدرين انني اشتقت اليك فوق ما تتصورين؟؟

قالت امها تنظر اليها بمحبة:
- وانا كذلك اشتقت لك يا ثريا... تركت المكان في القصر فارغا وشعرت بالوحشة بدونك

قالت عبير بمرح:
- وانا يا سيدتي العزيزة الم املأه

قالت امها بملل مزيف:
- شبعت منك دعيني ارى ابنتي الحبيبة ثريا

قالت ثريا تضحك:
- والله يا امي ليس لي اغلى منكما حبيباتاي تملأن حياتي

شعرت عبير بصوت اختها يرتعد وهي تنهض
لتتوجه وتتكئ في حضن امها
تتبعها عبير وقد وضعت المشط على المنضدة

قالت مليكة:
- ما الامر غاليتي هل الحمل ما يتعبك ...اه ..تدرين لم نخبر فاطمة للان بحملك لكن اضن ان زوجك سيفعل

سمعت عبير جواب اجل من اختها فقالت:
- لا لا انت لست عادية بالمرة ....

لاحظت نظرت ثريا لها فتغيرت لتقول:
- تبدين في قمة بهائك دون مبالغة....


بقيت ثريا تحاول ان تماطل حزنها
لألآ يصل الى عيونها وتحمر
خشيت ان تكتشف امها الحقيقة
و تشعرها بالخوف وعدم الراحة في النوم
لطالما كانت امهما هكذا وهي تدري ذلك
وحكت مع امها وعبير عن الاشياء الجميلة وعن عمتها وعن كل ما هو رائع صاغته في قالب جميل



في الاسفل بعد ان خرج عثمان من حضن امه التي اختصر لها ان الرحلة كانت جميلة وانه عندما اراد الالتحاق بزوجته حدثت له الحادثة رغم التأنيب الذي سمعه رطب الجو وانساها بطريقته الموضوع
واخبرها ان ثريا حامل فلم تسعها الفرحة
وبهذا لم يستطع ان يتركها الا وهي مرتاحة من البكاء

توجه عثمان الى المجلس حيث يجلس اخوته ابوه وجده
ولاحظ نظرة القلق في عيونهم المحبة فقال قبل ان ينهضوا لمساعدته:
- انا بخير يا جماعة... لاتقلقوا ليس امرا خطيرا

قال والده :
- بني كيف ؟؟ لكن متى هل هو سقوط ام حادث ام ماذا؟؟

قال الجد الذي توترت ملامحه:
- بني عثمان طمئنا هل انت بخير ؟؟

- قال عثمان يجيب وقد جلس:
- ...كان حادث سيارة الحمد لله لقد نجوت

قال سعيد وعبد الصمد في آن واحد:
- وزوجتك؟

قال عثمان يشيح بنظره نحو الباب:
- انها ترتاح فوق ولم يحدث معها شيء غير...

قال جده بصوت متوتر:
- طمنا يا بني قلوبنا لا تستحمل

رد عثمان ينظر الى جده :
- جدي ..ابي ...ابشروا ...ان شاء الله لا يوجد الا الخير.... هناك منكم من سيصبح ابا وعما وجدي سترى باذن الله ابن حفيدك

حلت الفرحة على ملامح الاخوة ضربه سعيد على كتفه وكذا فعل عبد الصمد
وسمع الجد الذي فرح وابنه بالخبر:
- سانهض بنفسي اليك

اراد عثمان ان ينهض:
- لا جدي ارجوك...

نهض الجد واقترب من حفيده يقبل له راسه
فانحنى عثمان على يده يقبلها له

- هذا احلى خبر الحمد لله ...الله عوضك بعد الحادث الحمد لله

قال سعيد:
- ان شاء الله القادم يكون من نصيبنا او من نصيب الباشا

نظر سعيد يغمز لعثمان والتفتا الى عبدو
الذي عقد حاجبيه ينتظر ان يتكلما لكنهما بقيا صامتين ينظران اليه:
- ماذا ؟؟هل يوجد في ملابسي او وجهي شيء ما؟؟

قال سعيد:
- يا اخي يا عثمان.... المسكين لم يتحمل وجعل العرس في اقل بكثير من موعده

كتم عثمان ابتسامته يقول:
- اللهم استر اخاف ان يسبقنا في ولادة اولاده

قال عبدو بعصبية:
- وانتما الم تسرعا في الزواج كالصاروخ

قال عثمان يرفع حاجبا:
- هذا لايمنع ان يكون الاصغر في طور التقليد

قال عبدو ضاحكا :
- لست ادري هل تقرران فتح سباق لمن يلد اولا ...
اذا انفياني من الموضوع انوي التمتع مع زوجتي قدر الامكان

قال سعيد:
- لاتحلم الاولاد اولا نريد ان نراك وان تركبهم على ظهرك وتغير لهم الحفاظات هههههه

ضحك عثمان بدوره يقول:
- والله اكاد ابصم اصابعي باكملها انه سيفعل ذلك ههههه

قال عبدو وابتسامته الجميلة على وجهه القوي:
- اخبرني الان اخي انت بخير..اليس كذلك متأكد...

استرجع عثمان جديته:
- انني استرجع عافيتي الحمد لله

قال سعيد:
- لابد من ان تحضر العرس غذا

قال وهو ينظر الى الزربية تحت قدميه:
- لست ادري ....

قال عبد الصمد:
- ستاتي وإلا ....

قال عثمان بابتسامة تخفي الكثير :
- طبعا سآتي وهل انا مجنون لترك عبد الصمد وحده في تلك المحنة

ضحك سعيد وهو يتمنى بدوره ان يرزق بطفل
فسيملأ عليه حياته
لم يظن ابدا في حياته التي مضت ان للزواج سحر خلاب كهذا
وهو من كان في البداية كارها له الان بات يعشقه بشغف






********************




في بيت السي محمد




بالمساء

حضرت النساء وصديقات العائلة للبيت وشغلت الموسيقى الامداح
وحضر مكان العروس الذي زين بملائة خضراء على الحائط وعلى كرسي العروسة
وهذه الليلة لايحضرها سوى النساء اللواتي فرحن كثيرا بزواج الفتاة هند
فرحن بها
ونقشت الايدي حناء
وعلت الزغاريد المكان واحتفلوا بها احسن احتفال
وكما يقال نقشت الفال الجيد على يدها
لان ترك الحناء عندنا تعد فأل سوء
فهل لنا ان نؤمن بمثل هته الخرافات
ان كانت المشاكل متارة اصلا

كانت هند تتناسى كليا امر خوفها من اكتشاف اصلها في اية لحظة وتناغمت مع الاحساس المتوتر اللذيذ
والسعادة التي عززت ثقتها بنفسها وبمن تحب



فضل اهل العريس ان لا يحضروا هته الليلة
حتى العرس لكي يكون التحضير كاملا
ورشيدة ايضا كانت تشرف على الخدم
الذين ذبحوا الدجاج بكثرة والذبيحة التي احضرت كانت "بقرة"
وحضرت الطناجر الكبيرة للطهو وعملت النسوة بشكل كبير لكي يتم انهاء الطبخ ويبقى المرق فقط




**************************




في القصر



كان الرجال ينوون السهر لمنتصف الليل
وفي جمعيتهم يتم تلاوة القرآن من طرف كل واحد منهم
وهي الفرحة هكذا يكون لها طبع ديني متأصل

طلبت فاطمة من ابنها عبد الصمد عدم دخول الغرفة التي وضبتها مع النسوة له ولعروسه
وحضرت له مكانا لينام في صالة من الصالات
وافقها فهو يرضى بان تسير امه الامور
مادامها راضية على زواجه



سعيد
كان سعيدا بالفعل واقتصر على التركيز على شيء واحد وهو الانجاب
وما قد يتطلب عليه من امور
فهو اكبر اخوته وعليه ان يكون العزوة في العائلة
رغم تساويهم لدى والدهم لكن يبقى سعيد هو الاكبر
ويملك مفاتيح المزرعة ومخارجها ومداخلها
والثقة الموضوعة فيه كبيرة
والجد يعتمد عليه ويقولها دوما
انه هو من سيقود هذه العائلة الى الامام
الهدف من تركيزه على الانجاب هو هدف ان يكون في البيت صغار يفرحون الكبار في العائلة
فيعرف عن رغبتهم في رؤية اولادهم قبل موتهم
ويتمنى ان تنفذ رغبتهم
وايضا امور الارث تلك هي آخر ما قد ياتي الى دماغه كفكرة



صعد عثمان الى جناحه واصرت امه على مساعدته رغم انه كان
يستطيع ان يسند نفسه غير انها رفضت
ان يصعد وحده مخافة ان يسقط من الدرج
بعد ان اوصلته الى باب الجناح قبل راسها قائلا:
- امي سادخل الان اشعر بانني سانفذ من التعب

قالت تبتسم له وهي تدعوا:
- اتمنى من الله ان يحفظك ويسترك يارب

- امين امي تصبحين على خير

اجابته:
- وانت من اهله بني


دخل الى الجناح حيث لم يلمح من الضوء سوى ضوء الغرفة التي استقبلته
اما غرفة زوجته فقد كانت مظلمة
اقترب من السرير واضاء ضوء الاباجورة الصغيرة قربه
ولاحظ ترتيب اشياءه على المنضدة
لابد من انها هي من رتبتها


كانت ثريا مستيقظة واعلمها حفيف حركته انه موجود
استدارت وجلست تقول وهي تشعل الضوء من جهتها:
- عثمان هلا تفضلت...و... وخرجت

التفت اليها بحدة وهو يقول:
- ماذا؟

قالت تشدد على الكلمة بخوف دون ان تنظر اليه :
- لاتحلم بمشاركتي غرفتي ..يمكنك النوم... خارجا

قال بكل قسوته المرة وهو ينظر الى منظرها باشمئزاز:
- بالمناسبة قبل ان...اخرج..من ....الغرفة
هناك حديث طويل بيننا.. لحد الان لم نتحدث بما حصل اليوم

قالت بحذر وتهرب تلاقي نظرته السوداء القاحلة من اية رحمة:
- عن ماذا؟

اعتدل في مكانه ينظر اليها
وبعيون كالصقر الذي يهم بالانقضاض على فريسته
- اتضنين انني اهبل.....هه كنت فعلا محقا يا ثريا ...سمعت كلامك مع الرجل ... كان اذن يضمك ويقبلك على وجنتك ...جيد ...ايضا بدوت تتاسفين ...ممتاز ...هلا.. تفضلت بشرح حضرتك واخبرتني ما نوع العلاقة بينكما؟..اه او لا ستخبريني ان ما رايته سراب ليس موجودا او تلفقين كذبة مثل انا بريئة يا عثمان ارجوك صدقني ....

شعرت انه وراء نظرته تلك عالم لايمكنها سبره
ووراء كلماته القاسية نيران تحرقها بالم:
- كان ...كان يعزني شخص... ارادني زوجة فلم اقبل....

صرخ بحدة:
- يعزك او يعشقك...تبا لك ...تبا لك ...لست ادري من اين لك بهذه الحرفية في المماطلة..؟؟ خبيثة ...يمكن ايضا ان ينطبق عليك سافلة ...صديق هه..صديق ""رفع الغطاء وضربه بها بعنف""
ساخرج واعلمي انني فعلا بت اكره ان اشتم عطرك في المكان
بل اكاد اشعر انني امقت اليوم الذي فرضت علي فيه ...تبا...
اكره صورتك المنمقة ايتها المخادعة رخيصة لست سوى كذلك

ضرب بيده المحتويات مع الاباجورة التي تدلت
وانتفضت بعنف ثريا
عضت على يدها بعنف تمنع انهمار دموعها
او انفجار السدود عن طوعها
بكت بحرقة
وهي تنظر اليه ياخد ملابسه ويخرج من الغرفة لينسدح خارجا
فهمست بصوت مرتجف:
- انا بريئة ...انا بريئة... لم افعل شيء صدق..ن..ي...صدق..ن..ي...عثمان...

صوتها لم يكن صوتا بل همسا ما شهدت في حياتها قساوة مثل هته
ليته يكف عن جرحها ليته يتركها تذهب من دون رجعة
فنظرت الى بطنها كما لو انها بدأت تكره ابنها لانه سبب سجنها هنا ....انه السبب...






**********************




في اليوم التالي
السبت8 صباحا



بمدريد




وكما قررت نسرين استفاقت باكرا وحضرت الافطار لكل العائلة
وللضيفة طبعا
كانت قد حضرت الطعام على الطريقة المغربية والتي ركز عليها عصام
فلا يود ان تفقد اصالتها وثقافتها بثقافات الاخرين

بعد ان ساعدت ميغيل في تناول افطاره وشرب الكمية الكبيرة من القهوة التي يعشق
اخدت تحضر قهوة اخرى في الالة الكهربائية
وخرجت تعدوا بنشاط الى غرفة امها
وقفزت على سريرها :

- امي...امي...استفيقي امي هيا هيا هيا ...

قالت امها متكدرة من ضجيج ابنتها المزعج:
- ما الذي تريدينه مني اتركيني في حالي ....اريـــــــد ان انام ...عصـــــــــــــام....

قالت نسريت تضحك:
- ههههه عصام ياخذ الشور لن ياتي لينقدك ماميتا حبيبتي هيا ضيفتنا اليوم علينا ان ناخدها لزيارة معالم مدريد امـــــــــــــــــي

تنهدت مريم مشعثت الشعر:
- حسنا من اجل الضيفة فقط....."قرصت وجنة ابنتها"يا لك من فتاة نشيطة تكدر الناس في نومهم...ايه اياك ان تقومي بايقاظ الضيفة هكذا..

ضحكت نسرين تقفز من السرير الى الارض:
ههههههه ستجد طريقتي ظريفة....لكن لا ساذهب لاقلق راحة عصام

قالت مريم تصرخ من حمامها اكرمكم الله:
- لاتقومي بذلك دعي اخاك وشأنه

خرجت نسرين وطرقت الباب لتسمع صوتا من الداخل
فدخلت بهجوم مباغث لتجد اخاها عاري الصدر بسروال كلاس :
- انت قلت ادخلي فعليك تحمل المسؤولية دع كل شيء من يدك انا من سيقوم بمساعدتك ايها الاخ المدريلينوسي

نظر الى اخته باسما وقال :
- تعالي اذن ساعديني في ارتداء القميص يا فالحة


في غرفة الهام الصغيرة
اعجبها كثيرا النظام والمشاجب الخشبية واشياء
كانت قمة في الرقي
رونق اسبانيا ومدريد الحالمة جعلتها حالمة بكل المقاييس
ساعدها عصام عندما طلبت منه تواقيت الصلاة لكي لاتتيه في سحر البلاد
واحضر لها ورقة التواقيت بدون مشاكل
اعجبت بشخصيته المحافظة والفذة
اعتبرت نفسها رغم مرضها من المحظوظات لحصولها على عطلة كهذه

اطلت من الشرفة مرتدية فستانا من الموضى الجميلة
فضفاضا رمادي اللون طويلا الى الكعبين
باكمام قصيرة
ارتدت اسفله قميصا مخططا بالابيض والرمادي وتحجبت

سمعت طرقا على بابها قالت:
- تفضل ...

دخلت نسرين مبتسمة ملأ فمها الصغير وهي تنظر اليها :
- انت جميلة فعلا ملابسك ..جميلة اجل...

قالت الهام مبتسمة بخجل :
- اشكرك اذا اعجبتك فعلا يمكنك المجيئ الي لتقيسيها في المساء

اومئت نسرين برأسها:
- سافعل فعصام يحاول دوما ان يجعلني اتحجب...لكني اعجز عن تقبل الفكرة

قالت الهام:
- انها امور تحتاج التعود فقط...هل اردتني لشيء؟

قالت نسرين تمسك يدها:
- هيا لنفطر لقد حضرته بنفسي اخاف ان يقوم اخي ببلع الافطار كله في ملعقة واحدة انه يملك شهية كبيرة

قالت الهام تداعبها:
- قولي ماشاء الله... تدرين ....العين قد يمرض

نظرت اليها نسرين وحركت راسها :
- ماشاء الله..عليه

دخلت الاثنتان الى المطبخ حيث كان عصام يجلس في قميصه الرمادي
ودهشت من تشابه الالوان فقالت:
- صباح الخير

ابتسم بسرور:
- صباح النور تفضلي بالجلوس ...افطري جيدا انسة.. فلابد من ان السيدة المحترمة نسرين.. ستقوم بدور الدليل السياحي ...واخبرك لن تملي بل ستستفيدين مجمل الوقت

ضحكت الهام بخجل ونظرت الى نسرين :
- انت دليل سياحي؟ تحبين التاريخ اقصد مادة التاريخ

قالت نسرين:
- اعشقها واعرف الكثير من الامور لكن للاسف المواد الاخرى السبب الرئيسي في رسوبي

قالت الهام تسال بفضول:
- هل السيدة مريم ستفطر معنا؟؟

دخلت مريم في تلك اللحظة بملابسها السوداء
ووجهها البشوش وشعرها الاحمر المختلط الالوان مرتب بعناية:
- شكرا على سؤالك عزيزتي طبعا سافطر ...اسكبي لي يا نسرين فنجان قهوة

فعلت نسرين ذلك
وكان الجو مرحا على الدوام بمشاكسات نسرين
ونكاتها وكلامها الغريب
حتى حركاتها وقفزاتها الطفولية
تبدو كروبورت نشيط يحب المساعدة


بعد انتهائهم من الافطار
اخبرهم عصام انه سيجعل السيارة تعمل لتسخن قليلا بينما تنزلن
ودخلت نسرين الى غرفتها مع الهام والتي اعطتها بعض النصائح الاخوية في ارتداء ملابس جميلة وتبعث على الاحتشام والوقار وبحجة انها متزوجة ويجب ان تظهر كذلك
بهذا ارتدت نسرين بذلة سوداء وقميص مع سروال بدل الشورتات والملابس الكاشفة

خرجت الثلاثة من الشقة لتنزلن الى السيارة
وبدا مشوارهن عبر طرقات مدريد
وكانت نسرين نعم الدليل بحيث لم تترك مكانا لم تخبرهم به وبتاريخه
وبدأوا بالمركز الثقافي الاسلامي
والذي تم افتتاحه عام 1992ويحتوي على مساحة 12000 متر مربع
وقد تم انشاءه بتبرع من خادم الحرمين الشريفين
الملك فهد بن عبد العزيز
وذلك لجعل هذا الصرح بعد ان عاش المسلمون سنوات طويلة يتطلعون لمكان مناسب لقيام الصلوات فيه
وتضم اول مدرسة عربية اسلامية
مع مكتبة وقاعات للمعارض
ويعمل هذا الصرح ولله الحمد في تحسين صورة المسلمين للغرب

ايضا قاموا بزيارة متحف الشمع
ذلك المتحف المدهش الذي يحوي العديد من الثماثيل المصنوعة من الشمع لعديد من الشخصيات العربية البارزة
ومن اهمها ياسر عرفات وصدام والملك ملكنا الحبيب محمد السادس نصره الله ملك المغرب
وايضا ثماثيل من التاريخ العريق
مثل عبد الرحمان الداخل
والحاجب المنصور

وانهوا مشاويرهم بزيارة ابرز المتاحف في مدريد بل وفي العالم اجمع وهو متحف البرادوا
ولضخامته اضطروا ان يختاروا الوجهة التي يودون رؤية اللوحات فيها من اجمل اللوحات بيكاسوا وراسامين مشهورين آخرين ايضا

وبعد ذلك قرروا ان يتيهوا قليلا بين مقاهي شارع كلاو وقران فيا
وبين رساميهم الذين يرسمون البورتريهات
كان يوما من أيام عديدة روعة
وعدتها بها نسرين وهي تلهث تقريبا ومتفاخرة بمعرفتها لكل هذه المعالم الرائعة والقديمة الحديثة فقد سبق وزارتها واكثر منها ايضا
وكان يوما لاينسى
ولاحظت انها اصبحت اكثر انشراحا من ذي قبل مع عصام
الذي ساهم في الاجابة عن اسالتها واعجبته السعادة المشعة من ابتسامتها وبرائتها....



يتبع.............


في الجزء المقبل نشهد العديد من التقلبات النفسية عند بطلاتي
واخصها ثريا وهند تابعوني
وبنات بلييز اعذروني عن اي تقصير واعطوني من اقتراحاتكم وتعليقاتكم الكثير
فبالله ارقى وبكم





بسم الله الرحمان الرحيم

:
:
:
ولا حول ولا قوة إلا بالله
:
:
:
:
وأستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم

:
:
:

الجزء السابع والعشرون






ليلة غريبة وليست اعتيادية

فمنهم من انهكه التعب
ومنهم من إحتواهما الدفئ بعيدا عن هموم الدنيا
ومنهم من فرقته المسافات حتىآ بات الليل يطول عن غير عادة من السهاد في البعاد
اشتياق لحضن الاخر وهو قريب وليس بالبعيد يأرق أحلامهم
موجع هو الصدع الذي تسلل منه الحب كما لو انه يجرف للخارج
ومنهم من ينهكه التفكير في يوم غذ الذي سيغير حياته وتكون بداية لحياته
يتذوق فيها حلاوة الزواج وعذوبته
ينتظر بفارغ الصبر ان يكتفي من هذا الشوق الذي اذاب فؤاده وزاد من عشقه لها اضعافا مضاعفة


في جناح عثمان


كانت الظلمة في غرفة ثريا التي عادت لها وحدها تلفها من كل جانب
فلايوجد الليلة القمر الذي يضفي رونقه على الغرف بضوءه الجميل
وقفت بغلالة نومها البيضاء
وتوجهت الى النافذة علها تسترجع القليل من التعب يساعدها على النوم
شعرت بيدين قاسيتين وبقدر تلك القساوة كان الدفئ منهما جنة خيالية في نظرها
صعدت اليدان على ظهرها وجذبتاها من كتفيها الى صدره
التفتت تنظر بهول الى زوجها العاري الصدر والمشعت الشعر
وهمست:
- عثمان….لكن…

وضع ابهامه على شفتها حتىآ التهبآ معاً
وهمس وانفاسه قرب رقبتها:
- بدون لكن …أنا آسف ساحرتي على ما بدر مني

إبتسمت بارتياح تام وشعور عميق بالرضىآ
كآن كل منهما يذوب في عيون الآخر
زرع أصابعه في عمق شعرهآ وجذبها بيأس إليه
لم يفرق بين شفاههما المندغمة أصلاً سوىآ القليلُ القليلْ
وعندها أشعرها عثمان من إبتعاده المفاجئ أنه هنآك شيء مآ

همست بالكآد وشبه مختنقة:
- مآذآ ...لما ....
أشار لها أن تنظر إلىآ الجهة الأخرىآ
فنظرت وقد خفق قلبهآ بشدة رهبة وحنينا
إحساس بالسعادة والفرح
وبين عدم التصديق لرؤيته

اقتربت من مكان وقوفه والهالة تلك الهالة تحيط به نوراً

همست مختنقة العبرة وفي عيونها دموع وداخل قلبها حزن لآ يضمحل:
- أبي....آسفة ...لم أرك

شاهدت ابتسامته ملأ فمه ويطلب منها الاقتراب
- لاتخآفي هات يدك

إقتربت منه وضمت نفسها اليه بحب :
- أبي غبت عنا طويلاً أيها العزيز...أخبرني مآ الخطب هل ستبقىآ

قال لها بصوت حازم:
-لآ ...

قالت بشجن مهمومة في ملآمحها:
- خذني معك اتوسل اليك أبي يا أبي أست...

- لآتكوني لحوحة يآ ثريآ فهنآك مختلف وأنت لآيزآل ينتظرك الكثير ...أتيتك لشيئين

قالت تمسح دمعتها :
- مآهمآ؟

أشار بإصبعه إلىآ عثمآن الجالس على طرف السرير الذي ينظر اليهمآ:
- ان ترضي بالقدر خيره وشره

لم تفهم لكنهآ إلتفتت إلى والدهآ تحرك رأسها بالإيجاب:
- أجل حبيبي سأفعل ...والأمر الثأني

أشار لهآ من النافذة إلىآ أختهآ في الاسفل :
- أطلبي منها أن تحذر

- أبي اترىآ أختي.... تلدغهآ الأفاعي...سأذهب إليهآ

أمسك والدهآ بيدها يقول:
- أطلبي منهآ أن تحذر

وتحرك والدها يخرج من الغرفة لكنها قالت تتبعه وتمسك يده:
- لآتذهب أبي ارجوك خذني معك

قال لها يبتسم:
- لآتكوني لحوحة يا ثريآ ...

قالت تقبل يده:
- إذن إدعي لي

رفع كفيه لله سبحانه وتعالى ورفعت يديها تردد وراء كل جملة آمين قال:
- اللَّهم انر طريق ابنتآي يا رب ...اللَّهم إرضي عنهما...واحفظهمآ يآ رحمان آمين

خرج والدها من الغرفة وشعرت بفرآغ غريب
إلتفتت إلىآ سريرهآ ودخلته وتدرترت

للحظة شعرت بيد علىآ جبهتها وشخص يهمس باسمهآ
كانت عيونها نصف مغمضة مابين الحلم والواقع

- ثريا ....ماذا بك ...؟؟

إستفاقت اخيرا كليا وشاهدت يد زوجها علىآ وجهها
واعتلتها الحمرة فهي تدري انها كانت تحلم
وكم كانت رغبتها قوية في البوح بما يخنقها
ان تبكي بحرقة لمن اختفىآ عن ناظريها الحبيب الغالي والدها

قالت لعثمان الجالس قربها على السرير:
- ما الذي تفعله يا عثمان في غرفتي؟؟

قال وقد احتل الغضب ملامحه بدل الاهتمام:
- ثريآ لست هنا إلا لأني دخلت لكي اتوضئ قبل صلاة الفجر ....وسمعتك تتكلمين فقلقت ضننتك مريضة

قالت بنفس عصبيته:
- انا بخير فابتعد عني من فضلك...

تنهد عثمان بما يثقل صدره من هموم هته المراة
وابتعد ليدخل الحمام اكرمكم الله
بينما ظلت في مكانها تخفي عيونها الحزينة في مخدتها الوحيدة التي تدري عن اسرارها الخفية
ظلت هكذا تفكر في كلام والدها
إنها رؤية فكرت في كلآم والدهآ إلىآ أن خرج عثمان من الحمام
إلتقت بنظرته وشعرت كانهما غريبين من عالمين مختلفين
نهضت هته المرة لكي تتوضئ وتصلي وتدعي لوالدها بالرحمة













في مدريد




خرجت الهام من الحمام بعد وضوءها
وقد ارتدت ملابس الصلاة
وجلست تقرأ من القرآن ما تيسر سمعت وقع اقدام في البهو وبعدها سمعت الباب يغلق
فعلمت انه ولا بد عصآم من خرج إلى الصلاة
ابتسمت وشعرت بغبائها لفعل ذلك
فخطرت لها فكرة نهضت بعد أن وضعت القرءآن في مكانه وخرجت متوجهة بخفوت الى غرفة نسرين وزوجها
فبجرءة لاتدري من اين لها بها طرقت الباب
ونادت:
- نسرين...احم...نسرين...


في الداخل حيث كانت نسرين توجه وجهها للباب وهي نائمة
ويحيطها زوجها بذراعه القوية
تحرك لأنه الأول من سمع صوت إلهام فهمس وملامحه ممتعضة من إنقطاع نومه:
- نسرين ...نسرين...

تململت وهي تجر الغطاء علىآ رأسهآ

جر ميغيل الغطاء من فوق رأسهآ
- نسرين ...حياتي "مي أمور" إنهضي

رفعت نسرين رأسها وعلى وجهها تكشيرة أضحكت ميغيل فقالت بنعاس:
- ماذا ميغيل دعني أنام من فضلك أوف

قال بخفوت:
- لست انا من ينآديك بل الآنسة إلهام

نهضت نسرين تسمع الطرق مرة أخرىآ
- لكن ماذا تريد في مثل هته الساعة؟؟

وقفت إلهام تائهة فقررت أن تعود أدرآجها إلىآ غرفتها
في تلك اللحظة فتح بآب غرفة نسرين ونادتها وهي تغلق باب غرفتها:
- إلهام هل من مشكلة اتريدين شيءً؟؟

قالت إلهام بابتسامة خجولة:
- هلآًّ أتيت معي لنصلي

بهتت نسرين وحكت شعرها وجذبت على نفسها الروب :
- أنا...لكن لمآ تريدين ان أصـ..لي معك ؟؟

قالت إلهام:
- آسفة إن ازعجتك لكني أخاف الظلمة هنا في البيت ..وأحب صلاة الفجر مع شخص ما... فأشعر بالأنس

شعرت نسرين بالإمتعاض من نفسها أكثر من إلهام :
- لكن يا ....إلهآم انت لن تضحكي علي ...إن أخبرتك أنني لآ أعرف ...كيف أتوضأ أو أصلي

لم تشعر إلهام بالدهشة بل بالنصر :
- سأريك كيف... تعالي

ذهبت نسرين معها الىآ غرفتها وشعرت بشيء مألوف فالجو في غرفة إلهام مشابه للجو في غرفة عصآم السجادة والقرآن
كانت نسرين مترددة لكنها شعرت ان من غير اللآئق ان ترفض لضيفتهم طلبا لذلك أرتها طريقة الوضوء المناسبة
ووعدتها بجرءة أنها ستتعلم كلما صلوا الفجر معاً

بعد ان انتهوا من الصلاة جلست إلهام على السجادة لتقرأ من المصحف الكريم
وكانت تنظر إليهآ نسرين بشيء من الإهتمام
التفتت إليها إلهام وسألتهآ:
- هل هنآك شيء ..؟؟

أجابت نسرين بأنتفاضة:
- لآ كل مآ في الأمر أنآ أتمنىآ أن أتعلم ...الـ...العربية في الكتابة أعني فعندمآ ينتابني الفضول نحو القرآن لأقرأه كما يفعل أخي لآ أستطيع لأني جاهلة في اللغة

انصدمت إلهام واندهشت من خجل نسرين
وكأنها تخجل من أن تعترف بأمر عادي
كهذا فابتسمت لتشعرها بالإرتياح:
- أمر ليس بالسيء أن يكون المرأ جاهلا في بعض الأمور لكن العيب في أن يرفض تعلمهآ

- منذ الغذ..أقصد منذ اليوم...سأبحث عن معهد للغة فلآبد من ان هنآك وآحد

نهضت إلهآم من مكآنهآ تقول:
- يمكنك أن تبحثي عن دآر للقرآن وهكذآ تكونين قد ضربت عصفورين بحجر وآحد

نهضت نسرين أيضآ تجمع حاجيات اخيهآ التي استلفتها منه
- أنت محقة سأفعل ...صراحة أنا أشكرك من كل قلبي علىآ ما علمتني إيآه

- لاشكر علىآ واجب


مضت نسرين تقفل الباب وراءها
وتتوجه إلىآ غرفة أخيها التي فتحتهآمن دون استأذان

قال عصام بدهشة:
- نسرين...؟

أجابت نسرين وهي خجلة:
- آسفة اخي ظننت أنك لاتزال في الخآرج ...

قال والاهتمام يحفزه لسؤالها :
- ماذا تفعلين بأغراضي؟

قالت تبرر:
- آسفة إن ازعجك أنني استلفتها فلن اعيد الكرة مرة اخرىآ

ابتسم ورد :
- اليس من المفروض أن اعرف اولا وبعدها اجيب...ماذا فعلت بهآ؟

قالت نسرين بتردد:
- انا ...صراحة نادتني إلهآم لأأنسهآ في الصلآة وقد صليت معهآ
يـــــــــآي أخي آه لو تعلم مقدآر السعآدة التي شعرت بهآ وأنآ أصلي
روعة ....

استغرب عصآم ما تقوله اخته لكنه فهمه:
- جيد جدا وعلىآ عملك هذا تعالي لأعطيك قبلة

اقتربت مسرعة إلى حضن اخيهآ الذي قبل وجنتهآ
- تهآنينآ أختي علىآ ذلك

توجهت للباب تقول بحبور :
- تصبح على خير أخي

ابتسم لهآ:
- تصبحين على خير نسرينتي نامي جيداً


يآللدهشة التي اصابته
كيف بإلهآم ان تصل إلى شيء لم يستطع هو أبدآ الدهر ان يصل اليه
فيتسآءل هل فعلا شعرت بالوحدة لصلآتها الفجر
او الامر مختلف كليا ومحض ذكاء منهآ







في المسآء
بالقصر
اَلْمـَــــنـْــــصـُـــو رِِـــــِي




كآنت التحضيرآت بالنسبة لعآئلة العريس بسيطة وبدون تعقيدآتٍ
الهدآيآ الخاصة بالعروس جاهزة ووضعت كلها في السيارة التي سيقودها
الجد وسليمان
وايضا فاطمة ومليكة
اللتان اوصتا الخادمات بالتأكد من أن كل شيء بالغرفة جاهز

نزلت عبير في قفطانها البراق المتلألأ بزهور متمازجة في الالوان الخضراء والزرقاء المخضرة والصفراء
وسعيد يرتدي بذلة بنية اللون بقميص مفتوح عند الصدر في اللون الابيض
احتلآ مكانهما في السيآرة التي سيقودها سعيد




في جنآح عثمآن




الوضع هو الوضع
والضغط الموتر للأعصاب لآيزآل قآئمآ بينهمآ
بعد أن استحم عثمآن وحلق ذقنه
خرج من الغرفة كلهآ وفي يده بذلة سودآء وقميصه

بدىآ لهآ أنه يتجآهل وجودهآ ويتصرف كمآ لو أنها غير موجودة
فلم تهتم كثيرآ هي الأخرى وإدعت نفس الشيء

نهضت من السرير بعد خروجه
شكرت الله لأنهآ لن تضطر لإرتدآء سوىآ الحجآب وليس النقآب
لذىآ إختارت قفطآناً وردياًّ قاتما يميل علىآ الأكتاف
وينزل علىآ ثنايآ جسدهآ يكوِّنُ منهآ صورة فاتنة
واِرتدت الأكسسوآرات الخآصة مع القفطان والتي زآدت من حسنهـــآ ورونقهــــآ ورقـَّــةِ بهآئِهـــآ



مشَّطت شعرهآ ووضعت مآكيآجاً خآصاً بالمنآسبة بخفة يدٍ متقنةٍ
وسمعت حذآء عثمآن علىآ أرض الغرفة يطرق
وكآن بالإمكآن أن تلتفت
لكن لم تشئ أن تنظر إليه
وهي تدري أن بسبب روعة طلته يشظىآ قلبهآ
يستنبط أية وسيلة في خلق الوجع الذي يثخن فؤآدهآ منذُ عَرفتهُ
ارتجفت يدهآ الحآملة هي لأحمر الشفآه البرآق علَىآ شفآههآ العذبة
أعادته إلى مكانه ونظرت إلىآ عثمان في المرآة تقول:
- هل تريد...شيء ؟؟ هل أحجبه عنك...؟؟؟

إستمر في صمته وهذآ زآد من إنزعآجهآ
وإستوجف ذلك قلبهآ تخشىآ الضعف
وهو يلعب بأعصآبهآ
بنظرته تلك


- توقف يآ عثمآن عن النظر إلي هكذآ... من فضلك

أجاب أخيراً وهو يقترب منهآ أكثر ليزيد توترهآ :
- هذه هي الطريقة التي سيضل من في العرس كلهم يبحلقون فيك بهآ...

سألته وقد إكتستها الرعشة:
-وما الذي تقصده..؟

قال يمسك شعرها ويجذبها اليه ليهمس في عمق أذنهآ وشفآهه
ملتصقة عليهآ تزيد من عذآبهآ:
- لن تذهبي إلى العرس ...ولو علىآ جـ..ثـ..تــي

شعرت بالألم في شعرهآ وبالألم المعنوي ينحر قلبهآ :
- دعني ..لمآ أنت شرس هكذآ ..أنت تألمني يآعثمآن ...أترك شعري إن الخنزير نفسه أحسن منك...

سحب شعرهآ اليه أكثر يقول:
- إن كنت أنآ أسوء من الخنزير فلآ بأس ..لكن لآ تنسي نفسك فأنت أدنىآ مستوىآ

تألمت من جره ومن نفضه لهآ بقسوة
رمقته وقد التفتت اليه وتحارب الدموع من الوصول إلى عيونهآ :
- وانا أكرهك كمآ لم أكره رجلاً في حيآتي... أو أكثر.. كمآ لم أكره إنسآناً في حيآتي ...وأنت لآتهمني ...ولأزيدك ...أخبر الجميع بقصتي فلآ...يهمنـــــي ...لآ يهمني..

اردف بصوت واثق:
- لن تذهبي إلى العرس وكفىآ أزيلي هذه الملآبس وارتآحي أفضل....لست مجنونآ بتركك تأتين العرس ...أخاف أن تفضحيني

سقطت علىآ كرسي المنضدة
يتلف عروقهآ هذآ الحـــبــــ المـــــوجع
ويتمـــــزق فؤآدها من شدة كرهه ومقته لهآ
أليس في صدره الرجولي قلــــب
ألم يفكر أنهآ إنسآن وكيآن وروح تعيش علىآ وجه آلأرض
ألم يفكر أن تنفسها يكون عآديا كبآقي البشر لكن بسببه تفقده تَقْرِيباً
ألم يفكر أنها إنسانة تبرد وتحتآج لحضن وقلب ينبضــــ


رآقبته بين رموشها الكثيفة المنسدلة
راقبته وقد طغىآ علىآ قلبهآ غمآم الحزن
رآقبته وقد أنطلقت رصآصآت قآتلة تخرق صدرهآ من دون صبـــر
رآقبته وهو يضع من العطر على ملابسه
نظرت لأنعكآس عيونه السودآء الفحمية علىآ المرآة وغلبتها رغبة في البكآء
إنها تُعَدُّ ممن فقدوا الأمل في الحبـــ
أبداً لن تحصل علىآ يده حانية يومـــاً تربت علىآ شعرهآ
أبداً لن يكون الأب الحآمي الذي فقدته
أبدآ لن يستجمع دموعهآ ويبعدهآ عنهآ في لحظآت البؤس
بل ستضل في قصْرِهِ السجينة وليته السجآن
بل تلبس شخصية الجلآّد القآسية بنفسه


مآعآدت تهمه
فهآهو يستدير ليخرج ويتركهآ في بحر دموعهآ الغَافِيَةِ تَغْرَقُ
وبمهل تتذوق ملوحتهآ الممزوج طعمهآ بالمرارة ألّــــآمتنآهِيَـتــــِـ




بعد نزوله إلىآ أسفل
وجد أمه وعمته تتحدثان مع الخآدمآت فسألته مليكة:
- عثمان... أين ثريآ؟؟

قآل عثمآن بتبآت مبتسماً:
- إنهآ تشعر بالإعيآء قليلاً لن تأتي معنآ

تكلمت أمه:
- لكن هل هي بخير؟؟... أتشعر بأنها علىآ مآيرآم؟

رد ببرود:
- أجل لآ تقلقي

قالت مليكة وهي تهم بمغآدرتهم إلىآ فوق:
- سأصعد إليها لأرآها إن إحتاجت إلىآ شيء

قال عثمآن بصوت وآضح:
- طلبت مني ألاَّآ يدخل أحد للغرفة عمتي إنتظري حتىآ نعود إنها لآ تحتآج إلىآ شيء فلقد تأكدت بنفسي من ذلك وأظنها نآئمة

تعجبت مليكة لكنها تقبلت الأمر
خرج الثلاثة إلى السيارتين
ذخل عثمان السيارة وراء عبير وسعيد
اما فاطمة ومليكة فقط ركبتآ مع الحآج وسليمآن














في إحدىآ المزارع البعيدة قليلآ




يجلس علىآ كرسيـــه ورآء مكتبه الفخم وبين إصبعيه سيكآر من نوع فرنسي غالي الثمن
نظر أمامه مباشرة للواقف أو الواقفة أمامه
فقال بصوت خشن هرم:
- لما أخفيتي عني كل هته المدة الأمر ذآك

جلست على المكتب ترجع شعرها الأشقر الى الورآء:
- آسفة لكنني لست شريرة حبيبي ..تدري آنا رقيقة بطبعي وعطوفة ..وأنت أكثر شخص إلتمس ذلك في شخصي

قال يضرب على المائدة:
- وأنا الذي ضننت أنه....

قالت تقف وتتحرك مبتعدة من المكتب:
- أنا أحبك يـــآ عجوزي فلا تنفعل هكذا
إن أخفيت عنك فلصدآقتك معه


قال العجوز بتبرم:
- انا ليس لي اصدقاء اكتسبت عبرة من حياتي ألا أصادق أحداً مهماً كان فقط للمصلحة...لكن أن يقوم فتى مثله بطردك بالطريقة التي قلتها فسأدفعه الثمن غاليـــاً

التفتت إليه بابتسامة منشرحة واقتربت منه والسيجارة في يدها تخلف دخانآ رماديآ ورآئها:
- الليلة نفذ... إن كنت تريد بقائي ...ما رأيك..؟

ابتسم يمد يده لهآ:
- لآيغلىآ عنك شيء

ضحكت بغنج وهي تضع يديها حول عنقه وتضع دقنها علىآ صلعته:
- ههههه هذا ما اسميه رجلا ...رجلي وحبيبــــي











فـــِي فـِــيــــلـَــآ سِّـــي مُـــحَـــمـــَّــدْ


يبدو عرســــاً مثاليــــاً
حُضِّرت صالتان للرجال والأخرى للنساء
حيث وضعت موائد إضافية مزينة بالورود ومعدة بمنآديليهآ المطرزة والصحون الخآصة

كآن في صآلة الرجآل فرقة موسيقية شعبية
تصدح بأغانيها النشيطة
والتي تصل حتىآ صآلة النسوة التي أطربن
وأخدن في الرقص بكل طآقتهن


في الأعلى كآنت النكآفة تسآعد العَرُوسْ على إرتداء الملآبس الخآصة
وعبد الصمد في غرفةٍ أُخرى تهيِّئه أيضا النكافة في إنتقاء اللِّباس المتمآشي مع ألبسة العروس


في الأسفل حضرت العآئلة في السيارات
ونزل كل من سعيد وأخيه وأيضا رافقهما سليمان والجد
حيث استقبلوا أحسن إستقبال
وبجانبهم كل من عبير ومليكة وفاطمة حيث انزلت الهدايا من السيارة
وهتفت "الدقة "بأهازيجها الصاخبة الرآقية
للإعلآن عن حضور أهل العريس
وإحضآر الهدآيآ


بعد لحظآت
فوق في الغرف خرج عبد الصمد من إحداهآ
ينتظر مهجة فؤاده المغزوِّ عشقاً من قبلهآ
بعد ان خرجت هند في كآمل أناقتهآ وأنوثتهآ التي تذيب الحجر من الغرفة الأخرىآ
دنىآ منهآ وإندغم في محيآها
والمسحة التي تعلو ملآمحهآ الألمآسية
أمسك يدها في ذرآعه
وإنحنى مقبلاً جبينهآ يختطف تلك اللمسة الدافئة بجهد جهيد
فالنكافة كانت تعطيهمآ التعليمآت
عن كيفية الوقوف في أعلى الدرج

وهناك استقبلتهم انوار المصورآت والكآميرآ
وزغردآت المدعوين والنكآفآت
وتوقفت الفرقة الموسيقية عن العزف
وبدأت الدقة في إعلان نزولهمآ

وهكذا نزل الإثنان ووجدت هند صعوبة في عدم الشد على يد عبد الصمد
الذي اسعد لذلك وهمس لها:
- إسترخي...

قالت بشيء من الذهول:
- هآ ..يا الله أطلب أي شيء إلا هذه ....عبدو...

ضَحك وشآركته الضِّحكة وإنعكَس سُرُورُهُمَآ علىآ المَدْعُوِّين
حيث قآدتهم النكآفة
إلىآ مجلسهمآ اَلملكيِّ وسآعدتِ العَرُوسَ
لكي تجلسَ وطلبَت عدة مرات من عبد الصمد ان يساعد زوجته في وضعية الجلوس


ومضىآ نصف العرس هكذآ
مابين تغير ملآبس العروس ومرآفقة زوجهآ لهآ كعمل متعب ومرهق
لكن تبقىآ ذكرآه محفورة في الذآكرة
مَهْماً صَآر تَبقَىآ ذِكــــرَيــــآتٌ كَهَتِهِ تُحَرِّك فِي كَيَآنِنآ حَنِيناً لآيُعَوَّضُ


ومَرَّتْ لَحظَآتٌ تأتي فِيهآ عآئلةُ اَلْعريسِ أو ألأصدقآء
لِيَأْخَذوا الصُّورَ معَ اَلعُرسَانِ
وَكآنتِ ألإبتسَامَةُ لآتفَارِقُهُمُ مَعَ النكاتِ الَّتِي تشرحُ الصَّدْرَ فِي جوٍّ كَهذَا


بعد أن تركت عبير زوجهآ يعود إلى المجْمَعِ
عآدت بدورهآ إلىآ المآئدة حيث تجلس فيهآ هي وأمهآ وحمآتهآ
مع إحدىآ النسوة وإبنتيهآ
جلست عبير تفتشُ فِي مُحتَويات حقيبتهآ لتعدِّلَ مآكيآجهآ

بينمآ أصغت إلىآ حديث حمآتها مع المرأة الَّتِي لآبُدّ َمن أنهآ من الصديقآتِ الرآقيآتِ للعآئلةِ:
-ومتىآ سيحدث ذَلِكَ...؟؟؟ , سؤآل طرحته فآطمة بفضولهآ

أجآبت المرأة التي تحيط بهآ إبنة من كل جانب :
- نهآية هذآ الفصل إن شآء الله

قآلت فآطمة ترفع حوآجبها بشيء من ألإستنكآر:
- لكن أتزوجين الصغرىآ ...أقصد زينة ...ومآذآ عن اَلْبَآتُولْ

أجآبت المرأة بدهآءهآ:
- الله موزع الأرزآق ونحن لآيهمنآ سوىآ الخير لأولآدنآ ومهماً طآل الزمن أو قصر إن شآء الله البَآتُولْ ستتزوج

شَعرتْ البَآتُولْ بالخجَلِ
من هذآ الكلآم فنهضت تستأذن لكي ترقص مع البنآت:
- أستأذنكم ..أمي حقيبة يدي معك سأرى إحدى صديقآتي هنآكـَ

بعد إبتعآدهآ من المآئدة التي تجمع النسوة قآلت المرأة لإبنتهآ الأخرىآ :
- زينة إذهبي وأرقصي أيضاً

نظرت زينة إلى الجآلسآت بترفُّعٍ
فهي تكره أشد الكره أن تتحدث إحدآهن عن أختها بسوء

قآلت مليكة تشآرك الحديث:
- بنآتك جميلآت مآشآء الله عليهن

قآلت المرأة بتفآخر:
- نحن من عآئلة متعلمة ومثقفة ... والزواج أولاَ لم يكن سوىآ صدفة الشآب يريد الذهآب إلىآ بلآد المهجر وقد تعآرفآ في الجآمعة وهو أيضا من عآئلة مرموقة أصلاً سنقيم الحفل وسيتم الزفآف و يسآفرآن بعده

أردفت فآطمة بفضول:
- والبآتول كيف تشعر وهي الكبرىآ وتضل من دون زوآج

- إبنتي ترضىآ بالقدر سيدتي ...ليس عليهآ أن تغآر مثلاً فهي تعرف جيدا أن ألف شخص يتمنآهآ وهي لآتزآل في سنهآ الثلآثين ليس بالكثير وتضل فآتنة رغم ذلك...لكن لديهآ نظرة خآصة للمستقبل...

رنَّ هاتف عبير وانهىآ
إستمآعهآ إلىآ حديث النسوة لتحمل الهآتف وتبتعد عن الجمع:
- ألو...

ردت ثريآ من الجهة ألأخرىآ:
- هلآّ أتيت يآ عبير من فضلك أريد أن آتي إلىآ العرس

قآلت عبير تسأل:
- لكن ...ألم تكوني تعبة ونمت ؟


قآلت ثريآ في نفسها
هذآ مآ أخبرهم إيآه سأريه
يخآف أن أفضحه كمآ لو كنت عآهة أو بي خلل مآ

- عبير إسمعي أنت تعآلي لي حآلاً أريد حضور العرس لقد أصبحت بخير لكن لآتقولي لعثمآن أو أي أحد شيء

ردت عبير من دون أن تسأل:
- حآضر...المشكلة في المفآتيح لست أدري إن أخدهآ سعيد أم إنها تَضَلُّهَآ في السيآرة ..لآعليك سآتي...ألسلآم عليكم

ردت ثريآ بقلب نآبضٍ منَ الخَوْفِ:
- وعليكم السلآم ورحمة الله

شعرت ثريآ أن نبضهآ يتضآءل
وكأنما ستنتهي بأن يغمىآ عليهآ
رغم شجآعتهآ يبقى نفس الخوف
والَّذي زَرَعَهُ عثمآن بِحِنْكَةٍ بين جوآنحهآ يعصف بهآ


إقتربت عبير من المآئدة الدآئرية وهمست لأمهآ بأنهآ ستخرج
بعد ذلك خرجت من الصآلة لتذهب إلىآ حيث سيآرتهم مرصوفة
نظرت إليهآ من الزجآج وعلى وجههآ إمآرآت السعآدة

ركبت السيآرة وتوجهت بهآ رأسآ إلىآ القصر


في القصر كآنت ثريآ قد حضرت نفسهآ جيداً
وَجلسَتِ في الشرفة تنتظر سمآع السيآرة تقتربُ
بعد لحظآت من وقوفهآ تقدمت سيآرة عبير الَّتي أوقفتهآ وخرجت تلوح لهآ
فأومئت لهآ ثريآ بالإنتظآر
نزلت ثريآ الدرجَ وتَوَجَّهَت إلىآ البوآبة
وخرجت رآكضة إلىآ أختهآ

- هيآ أنت لم تخبري أحداً بأني آتية

قآلت عبير تأنبهآ:
- هل تضنينني صغيرة طبعآ لم أخبر أحداً ...لكن أعذريني لمآ السرية

تحركت عبير بآلسيآرة فأجآبت ثريآ وفي عيونهآ تحد قوي:
- مفآجئة فقط ...


بعد وصولهم إلىآ المنزل
نزلت الإثنتآن
فقآلت عبير وهي تمسك بطرفي القفطآن الطويل:
- أتمنىآ ألآ يكون أحدٌ قد إنتبه علىآ خروجي من البيت

قآلت ثريآ بإبتسآمة :
- وأنت معي لن يظنوآ بك شيء


دخلت ألإثنتآن إلىآ صآلة النسوة
ونزعت ثريآ عنهآ الحجآب فإسترسل شعرهآ ألأحمر في لويآته حول ظهرهآ وأكتآفهآ
وإقتربت ألأختآن من المآئدة
فظهر التفآجئ علىآ كل من فآطمة ومليكة وأظهرتآ ألإهتمآم الشديد
قآلت فآطمةٌ تُخْلِي لهآ الكرسي لتجلس:
- ثريآ أخْبَرَنآ عُثمآن أنك تعبة فلما أتيت

قآلت ثريآ تمزح:
- هل أبدوآ لكمآ تعبة أُنظرآ إلي لآتخبرآني أنني آبدوآ سيئة إلى هته الدرجة

قآلت مليكة تمسك وجه إبنتهآ:
- مآشآء الله حبوبتي تبدين كالقمر المنير في سمآءه

إبتسمت ثريآ ونظرت لعبير للحظة وقآلت:
- عبورة...تعآلي معي أريد الذهآب إلىآ الحمآم لتعديل شعري

نظرت إليهآ عبير ففهمت
إن شيء غريباً في عيونهآ يدل على عكس ذلك:
- هيآ سآخذك إليه

توجهت ألإثنتآن إلىآ الحمآم فدخلتآه وكآن فآرغاً أكرمكم الله
نظرت ثريآ إلىآ المرآة ومشطت شعرهآ حتىآ يبدو برآقاً أكثر:
- مآ رأيك هل أبدو جميلة؟

قآلت عبير تضحك:
- لكن ثريآ هل كنت تريدين فعلاً الحمآم....أم أنا مخطئة....؟

أجآبت ثريآ بإنفعل ظآهر:
- أنت محقة أنظري عندي شيء أريد منك تنفيذه بالحرف الوآحد

- حسناً إسمعي....


خرجت عبير من الحمآم
وتقدمت إلىآ حيث مجلس الرجآل
فلم تستطع أن تقترب أكثر لذلك أوقفت نآدلاً يحمل صينية من الحلوىآ
وقآلت له:
- هلاًّ نآديت علىآ زوجي...

قآل الرجل يسأل :
- زوجك سيدتي لكن كيف لي أن أعرفه؟؟

- إنه من عائلة العريس يكون أخاه في الحقيقة... فمن فضلك أخبره أنني أنتظره ..

تحرك النآدل فأعادت منآدآته:
-... إن إسمه سعيد

ردد النآدل يومئ :
- سعيد ..حسناً

مرة أخرى أوقفته قبل أن يصل إلىآ البآب:
- من فضلك سآخذ هذه الحلوىآ... تبدو شهية شكراً

وقفت في مكآنهآ تنتظر خروج زوجهآ في هذآ الجو الصآخب
بالموسيقىآ والكلآم الذي لآينتهي

بعد لحظة أجفلت بيد علىآ كتفهآ فلم سمع خطآه
قآل سعيد عآقداً حآجبيه:
- مآ الأمر ....؟

قآلت تبتسم وهي تلوح بالهآتف في يدهآ:
- لآشيء عزيزي كلُّ مآ هنآلك أتمنىآ أن تخبر عثمآن أن زوجته تريده

قآل سعيد يسأل :
- ثريا؟؟

قبل أن يزيد من أسإلته دفعته برفق:
- هيآّ أخبره بذلك


عند دخول سعيد إلىآ الرجآل جلس قرب أخيه وهمس له في اذنه من فرط الصخب
- زوجتك تريدك فإنهض لمكآلمتهآ

نظر عثمان نظرة حآدة كنصل السيف تقتل من يعترض طريقهآ:
- كيف لكن أين؟

قآل سعيد يصرخ مرة أخرى:
- لآبد من أنهآإتصلت بك من البيت إنهض قد تكون في حاجة إلىآ أمر ما

نهض عثمآن يسند نفسه علىآ عكآز أسود رآق في صنعه
وخرج من المجلس لينظر يميناً ومِنْ ثُمَّ شمالآإلىآ أن رأى عبير:
- عبير ...أختي هل من مشكلة؟

عبير مبتسمة :
- لآ... لآشيء سيء لكنهآ تريد رؤيتك

قست ملآمح عثمان
ولفته صعقة قوية
هل ترآهآ فعلتهآ وأتت؟؟
تغير لون عيونه من الغضب:
- أين هي؟

عبير بنفس الإبتسامة:
- تفضل معي سآخذك إليهآ


كآن يتحرك بعصبية
يتبع عبير إلى المكآن الذي تأخده إليه
وفجأة صدمته صورة الشابة الواقفة قرب حمآم النسآء
يكره إشتياقه لها
يكره نفسه التي تجتاحهآ بعوآلمهآ وتترك لهآ المفآتيح بسهولة


رآقبته يقترب وتسآئلت
مالذي يآترى يحملني على هته التصرفآت؟؟
هل لأنه يتجآهلني وأريده أن يهتم بي؟؟؟
أم أنه التحدي الذي يجري مجرىآ الدم في عروقي؟؟؟


شَذََآكِــــ ...هذا الشَّذى الَّذِي يُسْكِرُنِي بحلآوَتِــــهِ
عُيُونُـــــكْ ..يآآ الله لم أرىآ لفتنتهآ مَثيـــلاً
وَخُصــــُوصاً... وهِيَ تَتَمآيلُ تحتَ أنوِآرٍ خَافِتـــةٌ
ومـــآذآ عن خُدُودِكِ أيتهآ العَنِيدَةُ ...نُعُومتُهآ كبَتَلآتِ وَرْدَةٍ نَدِيَـــــةٍ
تَتَفـــَتَّحُ بِـــــغُرُورٍ
وَثَغـــْرُكِ ..ثَغْرٌ لآتسْبَرُ أغْوَآرُهـــــُُ
لَـــــــهُ مِنَ الرِّقَّةِ وَاَلْعُذُوبَةِ مآ يُوجِعُ أوْصَالِـــــي


مَــــآذآ عَنْ جَبَرُوتِكَ الطَّآغــــِي
وَعَـــــنْ قُوتِكَ الَّتِي تَقْسِمُنِي أنصآفآ عَدْيدَةً لآتعـــــدُّ
يـــآ الله ..وَعُيُونُكَ مَآ بآلهآ سَوْدَآءٌ كَسَوَآدِ الَّليــــْلِ
عِرْقُهَـــــآ أصِيلٌ تتَأجَّجُ بِحَرَآرَةِ دَمٍ عَرَبِـــــيٍّ


إقترب عثمآن منهآ أكثر
أسند يده علىآ الحآئط فوق رأسهآ
وإستعذب رآئحتهآ التي تروي عظآمه
همس بمآ يكنه في صدره من حمىآ لإمرأتهِ ومن جُنُونٍ:
- تبدين...فآتنة...لم ..أعهدك بهذآ الجمآل

ثريآ ويَهِيجُ قلبها تحت سِحْرِهِ وقربه وكلمآته:
-... فقط...ومآذآ أيضاً...؟
دنت بشفتيهآ من فمه السآخر
لآحظت إنسحآره بفثنتهآ حتىآ تآه عن الكلآم
وعندهآ قآلت وهي تضع أصابعَ رقيقة خفيفةً علىآ صدره:
- لكن ألست غآضباً مني لأنني أتيت ...آه ..وتحديت غرورك سيدي وهزمت جبروتك...وأيضا..ألم أكن الفآئزة...فلو كنت تعيش في الجحيم فلن أرحمك...وبعد اليوم لن يمس إصبع منك جسدي...هه

أبعدت وجهها عنه
حيث شهدت العاضفة التي بدأت تتكهرب بصوآعقها علىآ وجهه:
- إذن تفعلين كل هذا للإنتقآم...

إلتفت عنها ورفع ذراعه ليصفعهآ بظآهر يده بقوة
وقسوة جآرحة حتىآ التصقت بعنف مع الحآئط
وإنصرف بعد أن رمآهآ بنظرة إستحقآر
فقد إرتمت علىآ الحآئط ومنه على الأرض
وبكت بل وفرغت كل ما في صدرهآ من حب قد يضعفهآ بعد الآن
ستنآل منه ..وقريباً جداً
ستجعله يندم علىآ مآيفعله بهآ
وهآهو اليوم يخل بوعده عن الصفعة
فمآ الذي يحمله الغَذُ إذاً













بعد ساعة




وبعد أن حُطت أطباق شهيةٌ من الطعام
على موائد المدعوين
لم يبقى إلا القليل علىآ إنتهاء العرس

وكم كانت فرحة سي محمد ورشيدة كبيرة
وتحملت الأم التعب أيضا فقد مرضاةً لإبنتها


هند إستنزفها التعب هي الأخرى
ووجدت فترة أكل العشآء هي الفترة العظيمة ففيهآ إرتآحت
وفضل عبد الصمد أن يتنآول العشآء مع عائلته في الأسفل وبين الرجال
وحديثهم وضحكاتهم


هند رغم أن الطعام شهي إلا أنها تجد صعوبة في إبتلاعه
فكلمآ حطت عيونها علىآ مكان
تتذكر هذآ البيت الجميل الذي عآشت فيه مع والديهآ طفولة مبهرة

ومع ذكر الطفولة
تسآئلت
أين عآئلتي الآن أضن اختي أعلم مكان سُكنآهاآ
لكن أبي ... أكرهه مما قيل لي عنه
وأمي الحنونة المسكينة يــــآ الله اللَّهُمَّ إعطف علينا يــــارب

وعآدت الإبتسامة إلى ثغرهآ المشمشي
بحيث تسآفر بهآ عوآلم كآئن من أجمل خلق الله في نظرتهآ
بل في عيونهآ المعشوشبة من خيآل البرآري

إن عبد الصمد بالنسبة لهآ لغز رآئع
فإن تعآيشه حتىآ آخر حدٍّ
وإن تكتشف شخصه عن قرب قريب
وأن تكتسح عوالمه وتقيس أغواره بعمق
لأمر يثير حماستهآ ويملأها سعادة خلاّآبة لآ توصف
فيُنآر قلبها بقنديل صاف من البلور
وتمتلأ أمام عيونها صحاري قاحلة بأرآض مخضرة موردة
فإسمه وحده كفيل بإشعارها بالدوخة التي لم تفارقهآ ابدٌ


بغض النظر عن حمآتهآ
التي شعرت أنها غير متحمسة لرؤيتها كزوجة إبن عزيز لهآ
فهند تحاول أن تصبر علىآ تلك الجهة وتتمنىآ أن تقنع عبدو بأن يقتنيَ لهمآ بيتاً في مكآن قريب لتعيش بعيداً عن أمه بهنآء
وتنسىآ جرح أصلهآ



وقف عبد الصمد وسط المجمع وإستأذن منهم
خرج من هناك وصعد تحت طلب من النكافة
لكن صوتاً نادآه فتوقف ليجد ذرآعه الايمن مصطفىآ
وقد بدت عليه إمارآت التعب والإجهآد

نزل إليه مسرعا وقال بإهتمام وشيء من الخوف:
- مصطفى هل هناك شيء ...؟

مصطفى بإضطراب غريب:
- سيدي أولا زوآج مبآرك وإتمنىآ من الله أن يسعدك

عبدوا بحركة من رأسه :
-آمين... مشكور علىآ مباركتك وإن شاء الله أنت أيضا

مصطفى بضحكة صغيرة :
- أجل سيدي ...سيدي لست أدري من أين لي أن أبدأ

لآحظ عبد الصمد التعب فعلاً علىآ محياّآ مصطفى وأخذ ذرآعه إلىآ مكان معزول:
- مآ الأمر؟

مصطفى بنفس التوتر الجالب للعصبية:
- الإصطبلات سيدي ..احتُرقت..ومعها كل الاحصنة...رغم أننا أنقدنا منها...غير انها سممت..

شحب لون عبد الصمد وتراجع :
- غير معقول ...ياربي ماهته المصيبة...يا الله...

مصطفى بترقب:
- ماذا ستفعل سيدي فالنيران تأبى التوقف...

تحرك عبد الصمد إلى الداخل وهو يفك ربطة عنقه بعصبية
وحركاته تدل على اليأس
ذخل إلى الصالة وهوشبه تائه فلم يستطع أن يتجاوب مع إبتسامة أو نكات أحد
توجه صوب مائدة عائلته
وهمس في أذن سعيد
الذي قفز من مكانه مصدوما وعيونه تكاد تخرج من محاجرها:
- ماذا ..مستحيل..لكن كيف؟

انتبه كل من عثمان الهائم وسليمان لوقفت الرجال
عثمان بشيء من البرود المعتاد:
- مابكما تبدوان وكأن أمرا سيء قد حصل

سليمان بتوجس:
- هل فعلا... صحيح؟

قال سعيد بتوتر ظاهر:
- آسف أبي ...يا الله ....لاحول ولاقوة إلا بالله

نهض عثمان وسليمان على آخر كلمة:
- ما الذي يحصل ياسعيد ما بالك عبد الصمد أخبرآنا

تكلم عبد الصمد واليأس يتملكه حد الدموع ازال سترته بعنف :
- الإصطبلات أحترقت وسممت كل الأحصنة ولانعرف من الفاعل ابي...سأذهب..

قال عثمان ياخذ عكازه:
- سنأتي معك....

سعيد بصرامة:
- انت وأبي أوقفا العرس وحاولا ألا تثيرا جدي فقط طمئناه سأذهب معه...."تبعه يجري"عبد الصمد إنتظر سآتي معك

دخل الأخوان إلى السيارة
وانطلق بسرعة يخلفان وراءهما عاصفة من التراب

عثمان تكلف بإخبار الجميع عن الحادث
وطمئنهم أن كل شيء على ما يرام
وقد بدت الصدمة على وجه الجد وسليمان أكثر من غيرهم
وحاول سي محمد ان يهدئ من روعهما


بعد لحظات وصل الخبر للنسوة
وهن تدعين بان تفرج
بدى الاحراج على وجه فاطمة حتى اصبح وجهها قرمزيا
أما مليكة وفاطمة فقد سعتا لجعل الجو لطيفا
لكن وللهول بدت وكأنما فاطمة تلوم رشيدة على ذلك ليس مباشرة لكن بكلام يخفي معاني كثيرة


هند وصلها الخبر من النكافة التي حضرتها بفستان العروس العاري الأكتاف بدون حمالات
وطرحتها البيضاء الصآفية
أخفت دموع حزنها وهي تنزل الدرج لتلتحق بالنسوة

- هل ذهب عبد الصمد...؟؟

سمعتها كل من عبير ومليكة أما فاطمة ورشيدة فقد كانتا تسبحان في حديث ليس بلطيف
وثريا بعد ما جرحها الحبيب القاسي
وترك علامآت واضحة على وجهها
حاولت التملص والإنسحاب
حتى عادت إلى القصر من دون مساعدة أحد


مليكة بشجن واضح
وقد تقطع فؤادها لمشهد هند بطرحتها والحزن يطل من عيونها:
- هند تعالي بنيتي تعالي واجلسي

عبير بنفس النبرة العطوفة:
- لاعليك امور كهته تحصل فلا تحملي هما

أومئت هند وهي في قمة حسرتها والمها
مما حصل في آخر اللحظات جمالية في زفافها

- الحمد لله ...على كل حال

قالت فاطمة بصوت غريب:
- طبعا فلستم انتم من تأذى الآن ابني فقد ثروة في تلك الأحصنة ...إنها حياته..لاحول ولاقوة إلا بالله...المصائب تأتي دفعة واحدة مجرد...نحس

رشيدة وهي تقف لترد:
- فاطمة إستهذي بالرحمان... يا امرأة ماحدث ليس إلا حادثا والحوادث تقع متى أمر الله بها

فاطمة باستغراب:
- هكذا ؟؟...وفي ليلة عرس ابني وفي آخر اللحظات...أتمنى من الله أن تنحد المشاكل إلى هذا الحد ..أتمنى يا ابنتي يا هند... أن تكون أقدامك خيرا علينا

نهضت فاطمة وهي ترتدي شالها :
- هيا بنا لنذهب إلى البيت يا عبير إتبعيني...مليكة من فضلك اخبري سليمان أننا ننتظر في السيارة

نطقت عبير بنبرة ذات معنى:
- العروس أولا حماتي العزيزة ...انتظري ..هند سأنادي النكافات يجب أن تدخلي السيارة الخاصة وأنت معززة

تلقت عبير من حماتها نظرة سوداء
وتبادلت هي وهند ابتسامة لطيفة
وبعدها لانت قليلا فاطمة تقول :
- فاطمة ..هيا لندخل العروس إلى السيارة علينا أن نصل هناك إلى البيت لنكمل السهرة


خرجت العروس تحت الزغاريد
وهند تشعر بفراغ كبير أين من يجب أن يتأبط يدها ؟؟
هل من الممكن أن تكون الإصطبلات أهم له منها هي؟؟؟

اقترحت عبير أن تسوق سيارة العرس
حيث ركبتها كل من فاطمة ورشيدة ووسطهن العروس المغبونة
وركبت في الكرسي الامامي مليكة
اما السيارة الأخرى
فقد ركبها كل من سليمان وعثمان هذا الأخير الذي رفض أن يتركهم يذهبون إلى سعيد وعبد الصمد فأقنعهم أن اخواه يكفيان لذلك



~ فِـــــي اَلْقَـــــــصْــــــرِِ~
~ ~ ~ ~




دخل الرجال أولا إلى صالة الرجال
وصعدت النسوة إلى صالة صغيرة فوق قرب غرفة العروس
التي طلبت منها فاطمة أن تدخل معها إلى غرفتها
شعرت هند بالإهانة الشديدة
فهي تريد الدخول إلى الغرفة هته كما تخيلت دوما
أنها غرفة لها ولعبد الصمد
أن يحقق لها حلمها غصبا عن أنوف الجميع
ويحملها بين ذراعيه
لكن الضروف والواقع المر يفرض حضوره

دخلت وراء فاطمة
التي أظهرت ضيقها الشديد

- يا الله ما هذا الحظ السيء...لكن لما أتسائل فهو واضح كالشمس

جلست هند على طرف السرير
تخفي دموع القهر مما تسمع وراء طرحتهآ

- عساك الآن مرتاحة ...أنا لست كذلك... فمنذ البرهة الأولىآ لهذا الزواج شعرت بشيء ليس بالجيد وكان إحساسي صوابا..أتمنى ألا تفرحي كثيرا فالزواج ليس لهوا طيلة الوقت فهو مسؤولية ..وإن لم تتحملي هته المسؤولية فالأفضل أن ينصرف كل منكما لحاله... فهمتني بُنيتي

أومئت هند من قسوة هته المرأة
راودها إحساس أنها تود الهروب والإرتماء في حضن أمها الجالسة خارجا

- كل الامور الضرورية هنا...وهنا ..على أي حال لن تحتاجي لشيء
نحن سنبقى سهرانات في الخارج إلى أن يأتي عبد الصمد ...ويعطينا العلامة...إرتاحي الآن

ارتعشت أطراف هند
وسرت قشعريرة هزت كامل بدنها
سمعت أن هته العادة موجودة لكن ليس بين الأوساط الغنية


نثرت طرحتها بعيدا
وانكمشت تبكي وترتجف
التفتت الى السرير فرأت ما وضعته حماتها
الم تفكر أنها فتية لاتعرف في مثل تلك الامور ؟؟
وأنها قد تخاف ؟؟
انها قد تشلها الصدمة أليس من العدل الثريت في مثل هذا الشيء؟؟


امتقعت خجلا

بعد أن انتهت من الإغتسال والوضوء
فضلت ان تصلي مافاتها
وإلى أن يعود عبد الصمد ستصلي معه الركعتان المباركتين
لكنها بعد أن إرتدت لها غلالة بيضاء ناصعة وطويلة
وسرحت شعرها الأشقر بروية ومهل إلى أن إلتمع
غالبها التعب وانسدحت لتفكر
لكن النوم سرقها من الواقع ونامت


بعد عودة سعيد وعبد الصمد منهكين
نصحه بان يصعد وهو سيشرح لهم الوضع

كان عبد الصمد في شدة تعبه وارهاقه
ونفسيته في الحضيض
لكنه ما إن وصل إلى غرفته حتى نادته أمه:

- بني عزيزي ...ما الأخبار...

عبد الصمد كان شبيها بالغريق التائه مرر أصابعه على رقبته:
- لاشيء أمي ...إنا لله وانا اليه راجعون...ولاحول ولاقوة إلا بالله...و لم يبقى شيء غذا سنقوم أنا وسعيد بتولي الأمر سنتصل بالشرطة أما الليلة فقد كان الجميع منهكا ...

فاطمة وهي تضرب يدا على يد بحزن:
- الم يكن هناك حراس...

امتعض عبد الصمد وتحرك فكه...:
- قتل...سمم كما سممت كل الأحصنة...سأنام أمي فأنا مرهق

فاطمة بجرءة ولطف :
- عبد الصمد لايمكننا الإنتظار إلى الصباح...نريد العلامة

صدم عبد الصمد وترسخت نظرته على الباب ومن ثم على أمه:
- العلامة...ما يعني..؟

فاطمة بابتسامة:
- تعني ...أنت تعرف بني فرشيدة عليها العودة و...

أحرج عبد الصمد وتلونت خدوده:
- امي كيف بالله تريدين مني أن...

فاطمة تطبطب على كتفه:
- لاتخجل فهي حلالك والعلامة تقليد...

عبد الصمد بتساؤل:
- وإخوتي عندما تزوجوا...

فاطمة بكذبة بيضاء كما تعتقد:
- وهم كذلك... فعلنا نفس الشيء...هيا عزيزي لاترفض فلنكمل السهرة بسعادة ...الأمر ليس بهته الصعوبة...

عبد الصمد واللون يزداد إحمرارا على خديه:
- حسنا أمي عفوك سأدخل

أومئت أمه وفي نظرتها النصر


أقفل عبد الصمد الباب وراءه
واتكأ عليه من فرط تعبه
تحرك يرمي السترة على الكنبة وتوقف للحظة
وقع نظره على قطعة رائعة البياض ملقات على الأرض

"هذا ما تعنيه أمي بـ..."

نظر فوق السرير
وهناك أصابته الدهشة
والحبور لوىآ نفسه عن أي شيء آخر
رؤيتها كالخيال و هي السحر بعينه
فأية فثنة هته التي تقبع على سريره
هذا السرير الذي اكتفىآ وملأ من كثرة الأحلام التي لاتتحقق
حتى أنهآ اليوم تحققت وتجسدت بكل مآ للكلمة من معنىآ

كم هي موجعة حَدَّ السُـّكْرِ
لذيذة بعطر فتآن يلف جمآلها ويبهره
وهاهي عيونه تلمح في فتنته جمآلا خلاقا لم يره من قبل
ابتسم وشعور مثمل لحوآسه
يُسمعه النبض الذي بدأ من أكبر شريان في جسده وهو أبهر حيث مرت الدماء منه متفرقة في كوآمل التشعبات والعروق فيه
تروىآ قليلا قبل أن تصل يده المهزوزة المتعطشة للمس
الأكوآم المهلوسة من النمش على أكتافهآ وجدعهآ ومن ثم إلى أكثر حميمية

إنها تشبه تحفة فنية كآملة يستحيل لمسهآ
إبتعد بخفة وإبتسامة السعآدة علىآ شفآهه ليأخذ حمأّمه
وكمآ لو كآن صبياَ حصل علىآ لعبته المفضلة اخيراً


خرج من الحمام أكرمكم الله
وقد التف في روبه الرجولي الأسود الكامل في التناقض مع بياض رداءها
وقف للحظة مبهورا حتى آخر ذرة من أنفاسه

- آسف إن أيقظتك ...

هند وهي تلعب بخصلة من شعرها ببراءة
وتبعد عيونها عنه والخجل يستوطن عيونها إلى أعماقها:
- لا ...ما الذي حدث في... الحريق ؟؟

عبد الصمد يضع عطره المفضل والذي يعرف بتأثيره عليها:
- ما الذي سأقوله ..الحمد لله على كل حال قضاء وقدر ..لاتفكري في ذلك سيدتي ...فلنصلي....


بعد فترة الصلاة
هند بشيء من الإضطراب من رجولته الطاغية وأثر الإهانات من أمه:
- ...أضن أنني كما قيل لي ...جالبة للنحس ...

نظر عبد الصمد لها مغضن الجبين واقترب ليجلس عند قدميها الملتفتان في ذراعيها:
- قيل....ومن قال ذلك؟

ابتلعت هند الغصة:
- أمك يا عبد الصمد ...لا أريد أن أكون إنسانة تجلب المتاعب لهذا البيت..ولا أر..يـ..د لا أريد أن أكون منحوسة..

وضع يده على ركبتها فشعر بخجلها وإجفالها
وانتهت أصابعه بالإلتفاف حول يدها البيضاء المتناقضة مع الحناء الرقيقة المتقنة

- أمي ...ليس عليك أن تكوني حساسة يا هند... هي تحب الجميع هذا واقع
لربما..كانت مضطربة فحسب..

أومئت هند فلم تكن لديها رغبة في أن تناقشه
- أنت بخير هل ..اطفئت النيران؟؟

دنى منها ووضع ذراعه حول كتفيها
واختنقت من الخجل :
- لابأس ...لقد أطفئت رغم أن الضرر كبير ...إلا أنها همدت
والحمد لله ...احم ..مارأيك في الغرفة؟؟

ابتسمت بخجل دون أن تنظر اليه:
- جميلة وراقية أيضا

شعرت بثقل جسده يزداد دنوا منها
حتى انصهرت تحت نظرته لكن الإختلاف عن المرات الأخرى أن هته ستكون نهائية
لمس خذها بقبلة طويلة ودافئة
وبعدها جبينها وانحنى على ثغرها بالكاد لمسه
عندما همست هند بخوف:
- لن..أنت ..لن تعطي ...لحماتي العلامة...

تغيرت نظرته للإحراج الفعلي الذي لم يسبق أن شعر به في حياته:
- احم...أجل العلامة...تدرين التقاليد ..ويجب فعل ذلك...

وضعت يدا مرتعشة من الخجل على صدره العاري الخشن
كأن ماسا كهربائيا أوجع اصابعها
واستدارت للجهة الاخرى بعيدا عنه

- انا ...لا اريد...

نظر عبد الصمد بيأس اليها:
- هند ..أرجوك ماذنبي أنا ...لاتزيدي من وجعي ...

قالت هند بعناد:
- أمك الأولى وأنا الثانية اليس كذلك...إذن لا تقترب مني ...أنت لم تلمسني إلا لضرورة العلامة... ولن اعطيها العلامة...

شعر عبد الصمد بالغضب
خاف أن يتكلم وينقلب كل شيء في وجهه وقد تصبح زوجته نصفه الآخر الذي تعب من إنتظاره
وأمه الحبيبة
تنهد:
- أستغفر الله...إنا لله وإنا إليه راجعون...هند تعرفين شوقي لك أنا فعلا أحتاجك فلا تتعبيني

جلست تنظر إليه بريبة وانزعاج ممزوجين بخجل ونظرات غير تابتة:
- وما همني أنا ؟؟ ..أنت تريد أن تعطيها العلامة ...أنا لا إذن لن يحدث شيء ...لا أستطيع الليلة انا خائفة..

همس يلمس كتفها:
- مني...؟

همست بنفس نبرتها:
- اجل...هل يمكن عندما اكون ..أكون جاهزة احم... ان اعلمك؟؟...لكن الان لا انا مرتعبة عبدو...

صرخت التنهيدة مثقلة من صدر عبد الصمد
ورفع يديه دليل الاستسلام
تحرك الى الحمام وبعدها عاد يجلس على السرير
اقتربت منه هند بفضول:
- ماذا ستفعل عبدو

عبد الصمد وهو يرفع الروب عن ركبته:
- ساعطيها ما تريده لايمكنني ان اجعلها تنتظر

وضعت هند يدها على فمها تشد على كتفه من الخوف:
- كفى يا عبدو لاتفعل...

عبد الصمد وقد شعر ببعض الامل:
- هل غيرتي رأيك

مطت شفتيها اللتان فتنتاه حد الثمالة
فانصرفت عيونه عنها لكي لايزيد من احتراقه:
- علي اذن ان اعطيها هذا... والا لن اسلم من عقابها فهي امي يا هند تفهميني...

عادت الى الخلف وهي تشعر بالغيرة
من امه التي تحتل كل تصرفاته

جرح جزءا بسيطا جدا من ركبته واخد السروال ليضعه عليها
هند بتوتر وهي تضم يديها الى صدرها:
- ساجلب لك شيء تضعه على الجرح

عبد الصمد بامتعاض:
- حسنا بسرعة

سمعا طرقا على الباب
امه جريئة لايمكن لاحد ردعها فهي ام الرجال في هذا البيت

ركعت هند امامه
ووضعت له الضمادة اللاصقة على ركبته
فسمعت صوت انفاسه الرجولية تدنوا منها ويقول:
- ..اريدك..

رفعت هند عيونها بدهشة وعضت على اصبعها:
- عبدــ...ـــو ..ارجوك..لا..

تنهد مرة اخرى وقال بصرامة :
- ادخلي الى السرير واضهري شيء من...

حركت هند راسها وانسلت بين الاغطية
وهي في ذروة خجلها وحزنها وتكدرها مزيج لايحتمل من المشاعر

فتح عبد الصمد الباب ومد لامه التي اطلت بفضول على الداخل لكن عبد الصمد قال:
- امي نود ان ننام...

قالت فاطمة:
- حسنا بني...

عاد عبد الصمد يدخل الى السرير من الجهة الاخرى
على اثر سماعه للزغاريد والاغاني المعنية بالامر
التفت الى هند التي كانت تنظر اليه فانزلت نظرها :
- تعالي هند فلننم....لن افعل شيء تعالي فقط..

اقتربت وولته ظهرها بعد ان اطفئ النور اندس قربها يضمها بتملك
وشعرت بالاسى عليه فهو بين شد وجذب
لكنها لن تترك لحماتها ان تاخده منها
لكن ماذا ان اخدته منها فعلا









في جناح عثمآن




بعد ان تفرق المجمع وكل منهم اعلن على تعبه ورغبته في النوم
صعد عثمان بخطى مثقلة الى جناحه
دخله واقفل الباب وراءه
اسند ظهره عليه ومسح على وجهه من التعب
توجهت نظرته امامه للباب المغلق
شعر بالالم يعصر صدره
والدم يجري حارا في عروقه
فهي اليوم برهنت له انها قادرة على خرق قوانينه
هي ملكه ولن يتنازل مهما حدث
يتركها
وهو يعشق عطرها ان هي خلفته
او صوتها حتى لو كان في خصام فله لحن يصعر الشوق في جوفه
يكاد يتنازل عن كل شيء فقط ان تروي ظمأه
يا لهذا العذاب

رمى سترته على السداري
وفك ربطة عنقه
اقترب من بابها واراد فتحه لكنه كان موصدا من الداخل

عثمان بنفاذ صبر يناديها:
- ثريا...افتحي ..ثريا ..اريد أن آخذ لي دوشا فجسدي متعب...ثريـــا...

كانت تجلس امام المنضدة تخفي كامل وجهها بين ذراعيها في غلالتها الزمردية بروبها
ثريا بصوت مخنوق:
- دعني وشأني ..اذهب للحمام في الاسفل لست بفاتحة لذلك.... البـــــاب


صرخ عثمان يضرب الباب:
- انت مجنونة ام ماذا افتحيه ...فلسنا حمل فضائح في هته الساعة

رفعت راسها
واجفلتها صورتها والالوان الطفيفة الزرقاء والخضراء
التي تهدد بان تصبح قرمزية على خدها
نهضت بقلب متخن بالحزن والاسى
فتحت الباب واخفت وجهها في شعرها المنسدل

ابتعدت لكنه امسك يدها
وجذبها اليه يرفع وجهها بخشونة بين يده
تغيرت لمسته وهي تصبح لطيفة
ونظرته التي تألمت من هذا المشهد القاسي

- ما..ماهذا..؟

ثريا انسلت من يديه واندست بين اغطيتها لتخفي المها وبؤسها:
- ضربني حائط ...حائط قوي لم يرحمني فهو مجرد حائط...

عثمان باحساس غريب
التألم لفعلته فهو يدري انها يده من وصلت الى وجهها الذي يعشقه ويعشق صفاءه
اين كان ؟؟
كيف سمح ليده ان تطال وجهها رغم مافعلته به؟؟؟
كيف استطاع شوقه المبثور لها ان يدفعه لضربها؟؟
تحرك ليجلس قربها
فشعرت بيده على كتفها:
- ثريا ...انت من بدأ ...تعرفين انني لا احبد من يعصاني

صرخت به:
- ابتعد عني عثمان ...ابتعـــد...

ضرب عثمان على ركبته ونهض والحيرة تتآكله
ذخل على الحمام اكرمكم الله
وبعد عدة دقائق خرج
ليجدها في عمق نومها تحلم

اقفل الباب وراءه
وانسدح ويعلم انه يغالب الرغبة الغبية في ذرف الدموع
فهو ليس بالضعيف
المتزعزع
الذي تصل به الآلآم الى ذلك الحد

بينما ثريا تحجرت كل الدموع في عيونها
فقد اكتستها القسوة
ومنحتها القوة
لتتعايش مع حاضرها المرير........


يتبع...............









بسم الله الرحمان الرحيم

:
:
:
ولا حول ولا قوة إلا بالله
:
:
:
:


اَلْجُــــ اَلــثَّـــآمِــنُ ـــ وَـــ اَلـعِــشْــرُونَ ــــزْءُ




فـِــــ صَبَـــآحِ ـــ اَلْيَـــوْمِ ـــ اَلتَّـــآلِـي ـــي




منذ صلاة الفجر سُمعت الحركة في القصر
منهم من عاد لغرفهم ومنهم من دخل المطبخ لتحضير افطار شهي
عبد الصمد فضل بعد صلاته ان لايعود الى غرفته
وان يذهب ليتفقد ما خلفه الحريق البارحة
فذهب وإياه سعيد لكي لايتركه وحده


بعدأن صلت هند صلاة الفجر
إستلقت على السرير
وأفرج مبسمهآ علىآ ابتسآمة سعيدة
وهي تتذكر مآ فعله زوجها في الليلة الماضية


وكيف أنها شعرت بأنفاسه المنتظمة خلال النوم
كان المسكين متعبا منهكا
والان يعاني من تعب نفسي اكثر منه جسديا
تعلم انه لن يعود من الاصطبلات بسرعة


كيف يكون للإنسان حلم وقد تحقق بجهد
وقوة وتنازلات عدة حتى كبر وصح
وبعدها تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن
ويبآد ذلك الحلم بسرعة هكذا

تسآئلت

ولمآ سأشعر بانني قد اكون فعلا منحوسة
أرهبتها الفكرة
فاستعادت بسرعة من الشيطان الرجيم
فيصرفه عنها الله ويصرف نفثاته الخبيثة


رمت الغطآء جانبا
ونهضت وهي تلمح من بين الستائر
التي اخترقها شعاع الشمس باشراقها الصباحي الهادئ الدافئ

التفتت الى نفسها
وشعرت بالسوء لأنها لم تكن ذات تفكير راجح
كيفما كان الحال هو زوجها
وهي الان بفضل حماتها تلك حرمت على نفسها
ليلة من اجمل الليالي التي تحلم بها كل عروس

نفضت غبار الافكار التي ترفض مغادرتها
وجذبت من الخزانة قفطانها الابيض الذي ستستقبل به اسرتها
رمته على الفراش
وجذبت شيء من الاكسسوارات الذهبية الرقيقة
لتشرع في تغيير مظهرها كليا






عَــــبِِــِــيــــرْ





بعد ان ساعدت من في المطبخ
وحضر الافطار من حساء ونسميه"الحريرة"
وأيضاً طبق الارز بالحليب وما تبقى من حلويات وفطائر وتمر


صعدت إلى جناحها لتعد نفسها هي الاخرى
وبعد انتهاءها مرت على جناح أختها ثريا بما انها لم ترها منذ البارحة
فتسائلت ان كانت متعبةً
وبما انها تعلم ان عثمان قد خرج صباحا
طرقت ودخلت الجناح




۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞





ثـُـرَيـَّــآ




قبل سآعة




استفاقت
لآ بل لقد بقيت مستيقظة
بعد صلاتها جلست على سريرها في بيجامة سوداء
تتقصد ان تصفد عيونه عن النظر اليها
او
أن تطعمه من علقم مر مرارة قشرة الليمون أو اكثر


بقيت في مكانها
تنظر للغرفة التي اصبحت كسلسلة حديدية باردة تشد على عنقها
فتعدمها اعداما لاموت فيه
ولاراحة يحتوي
وتتمنى لو بيدها سندان
يخلص اخناقها من هذه الظلمة التي تكسوا حياتها

وكأنها من مساجين حكم عليهم
بالحبس في دياميس مغلقة
رائحة العفن فيها
تتمثل بمرارتها والاشجان التي تغرق فيها


شعرت به يدخل الى الغرفة
وهو يميل شيءما
فرجله لاتزال يلفها الجبس على الكسر

كسر
كسر من هو مؤلم بالصدق
كسر لايلتحم في قلبها ولايصلب أثره
أو كسر جسدي أذا ما تقدم الوقت يوما بعد الاخر
فهذا لايفلح سوى في اعادته الى طبيعته



ذخل عُــثـْــمـَــآنُ الغرفة
وتوجه مباشرة إلى الخزانة
فتح بابها وأخذ له بنطالاً وقميصاً
وعلبة تخصه بها ساعة تخصه

واستدار
كالسهم المثوارث بكل الآلام التاريخية
والصدور التي اخترقها
اختار ان يجعل صدره هو ملاذا له
قاس وموجع حتى بات الألم يشكوا من فيضه

عجبا بدت كغراب جريح وهي تلتف في جسدها
وملامح وجهها مغروسة بين ركبها
يدثرها شيء من تلك الخصلات التي اهملتها
يلفها اليأس والغم
أن يتنازل ليعيد ما فعله البارحة وترفضه
لن يكون مجنونا فيفعل ذلك
وتجرح كرامته مرة اخرى
فضل الخروج على الانصياع لما قد يكون تمثيلا منها
رغم بعده البعيد عن كونه كذلك


خرج من الغرفة كلها
فاليوم لديه اجتماع في الادارة بالمدرسة
بحيث سيثم مناقشة افتتاح المدرسة بالعام المقبل


رتب مكان نومه
وشرع في تغيير ثيابه
مع ارتدائه لبنطاله وقميصه
كحركة سريعة اعتيادية وتلقائية زر ازرار قميصه
فتفاجئ بمكان كمه فارغا من زره
تنهد فلم يكن وقت فقدان زر في هته الساعة بالذات حيث يتمنى ان يبتعد عن المنزل قدر الامكان
وايضا لايتنبئ في امنياته ان يصلح الوضع بينهما
كما لو كان ينتظر بزوغ الرضيع في هته الحياة عله يغير مزاجه ويغير عنادها


ذخل الغرفة مرة اخرى وهو يتفادى الحاح الحاجة المرة المريرة لرؤية وجهها الذي شوه بعض منه بيده


قميصه غالـٍ ثمنهُ ويحتاج لإغلاقه
ام انه سيضطر لتغييره؟
بحث بعيونه عن الزر في الخزانة لكنه لم يجد له اثرا
سمع صوتها من سحر عذوبته ورقته حيث يبعثر اوتار نفسه
فقد اَلْكَـــثِـــيــــرَ
بحيث اصبح صوتا يغلب عليه التعب والاعياء
وليته بمجهود جسدي بل فقط نفسي

ثريا فاقدة الرغبة في الحديث لولا الضرورة
غلَّبت نبرة اللامبالات بدل احتجاج صدرها بدفع كل مايحمله من حزن
في دموع :
- أتبحث عن... هذه ؟
رفعتها بين اصابعها بذراع متهالكة


رفع نظره اليها وقد تغضنت ملامحه
عيونها ووجهها شاحب حتى الموت
أوجعه قلبه لحالها فقال :

- أجل...

ثريا تحرك يدها الى المجر قربها في منضدتها الصغيرة لتجذب خيطا وابرة وتشبكهما بيد مرتعشة:
- انت لديك القميص وانا لدي الزر ... أخيطه لك؟؟

اقترب من السرير ليس بقريب منها ولابعيد :
- افعلي ذلك..

قطعت من الخيط واعطته له

عثمان بتساؤل:
- لما ...؟

ثريا بنظرة تائهة في ملامحه لايسبر منها شيء:
- ضعه بين اسنانك...لايجوز ان اخيط عليك شيء ...الميت فقط من يخاط عليه

عقد حواجبه:
- ماهته الخرا....

ثريا بتمعن دون ان يرف لها جفن:
- على مايبدوا ليس لك الوقت الكافي لتنزعه

اعادت وجهها على كمه تخيط له الزر على ضوء الاباجورة

عثمان بتحفز من نفسه:
- لما تضيئين الاباجور بينما ضوء الله موجود

ثريا بنفس نبرة البرود والتعب
كشخص يرفض المحاربة ففضل الاستسلام
- يؤلمني ذلك الضوء في عيني ....ومن ثم ساعود لانام فليس لي ما افعله...

قال عثمان بشيء من الخشونة:
- ثريا ...هل تريدين ان اشعر بالذنب لحالك؟

رفعت عيونها اليه وافتر مبسمها على ابتسامة معذبة في دواخلها
ومتوجعة لاكبر حد
- ههه لا ...لقد انتهيت ..اتمنى لك مشوار عمل موفق

اعادت العلبة الصغيرة الجميلة
وعيونه على ملامحها فيحتله الغضب بذل ذرة تفهم
نهض يخرج من الغرفة باكملها
ارتعدت شفاهها بقهر ووجع
وترنحت بين الدموع وبين منعها من ان تذرف مهما حصل
انسلت بين الاغطية وحاولت ان تنام





۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞


بـَـــعْـــ سـَــــآ عـَـــةٍ ــــــدَ





بعد ان دخلت عبير الى الغرفة
تفاجئت بأن رأت غطاء مطويا بعناية على سداري في غرفة الجلوس الصغيرة
مع وسادة ايضا
عادة لباب الجناح واقفلته
وهي تتنفس الصعداء مهما كانت
عليها ألا تفضح اي سر اكتشفته فاختها تحتاجها


أكملت خطاها إلى الغرفة التي بالكاد رأت عبرها
فقد كانت الظلمة تلفها
فنادت بصوتها:
- ثريا ...أختي هل انت هنا ؟..أأنت نائمة؟

تحركت الى حيث تواجدت الستائر وباعدت بينها
فتململت ثريا تصيح:
- من؟؟...أوف عبير اتركيها منسدلة لا اتحمل شعاع الشمس

عاندت عبير وتجاهلت طلبها فقفزت قربها تجلس
- أهذا ما فعله الصغير ذاك؟

ثريا وقد فقدت حس الهدوء:
- ياعبير ارجوك اخرجي واتركيني بسلام

حاولت عبير ان ترى ملامحها لكن من دون جدوى
فقد اخفت ثريا وجهها عنها
نهضت عبير والتفتت لتجلس على الجهة الاخرى
عندها شعرت بالغرابة فاختها لاتتهرب من شعاع الشمس
فهاهي تشيح بوجهها كانها تخفيه عنها

عبير بحزن:
- هل فعلت لك شيء يا ثريا اغضبك مني؟

ثريا وهي تاخذ نفسا عميقا:
- لا ..لم تفعلي لي شيء

التفتت ثريا الى عبير
فاندهشت لرؤيت تلك العلامات على وجهها
عبير بعدم تصديق:
- ضربك...هل ضربك عثمان...ألهذا ينام في الخارج ؟

ثريا بعدم انكار:
- اجل ...هل ستخبرين امي ؟

قالت عبير تحرك راسها والرعب يدب في جسدها ويغرق قلبها :
- لماذا ضربك ...لايبدوا عليه ذلك ..بل انه يبدوا انسانا متزنا ...ثريا...؟

قالت ثريا تنظر الى اختها بحنان:
- لاتهتمي تعودت على اكثر من هذا ضربة لاتهم
هو صفعني ولم يقصد ضربي


عبير بعدم تفهم:
- انه يعد ضربا ايضا ...فلا تبرري له وكفي عن هذا الهراء ...لما لا تطلبي الطلاق اختي بدل العيش تحت رحمته كالعبدة

تنبهت كل اعصاب ثريا لقول اختها:
- طلاق؟؟ والطفل موجود لآ....

عبير وهي تشعر بالارتباك:
- ماذا اذن ماهو الحل؟؟

ثريا والالم يعصر قلبها:
- دعينا من موضوعي...كيف ثم الحفل البارحة؟

عبير والهم يبدوا عليها:
- ياربي لو تري ما حدث لكنت تجهمت فعلا ...لقد احرق الاصطبل البارحة...

بدت الدهشة على وجه ثريا:
- حقا..؟

- الم يخبرك احد..حسنا احرقت الاصطبلات البارحة ...واتينا بالعروس وحيدة الى هنا فقد اضطر عبد الصمد الذهاب الى الاصطبلات مع سعيد...والله احراج حتى ان حماتي بدت لي وكانها تلوم اهل العروس ..أو العروس نفسها

ثريا بنتهيدة:

- لا حول ولاقوة الا بالله...لكن من فعل ذلك؟

عبير تجيبها :
- لا علم لنا حتى الان لكن لابد من ان سعيد وعبد الصمد هناك الان ينتظران الشرطة ..لايمكن تسهيل الامر هكذا...الان امي ستتسائل عن سبب عدم نزولك...سيبدوا عدم نزولك لقلة ذوق...قد تأتي اليك لتسألك..


ثريا تعود للنوم او فقط لابعاد نفسها عن الواقع المرير
من خلال الاحلام:
- أخبريها انني متعبة وعلي ان ابقى في الفراش ..لست ادري ان رأت وجهي ما ساخبرها؟

عبير باستسلام:
- على اي حال لا استطيع فعل شيء ..لكن يمكنك أن تكذبي إلا إن فضلت ان تعترفي وترتاحي


ثريا بشجن:
- أنت لا تفهمين شيء عبير ...


وضعت عبير دقنها على كتف اختها تبتسم بجدية:
- بل أفهمك تماما....أتمنى من الله أن يفرج كربك


ثريا بتنهيدة طويلة:
- آمـــــــــــيــــــــن ه





۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞




فــــِ مَوْقِعِ ــــ اَلْحَرِيقِ ـــي

اَلإِصْطـَبْلاَتُ سَآبِـِـقاً




فبعد الحريق أصبحت مجرد رُكام
ورماد وقطعا سوداء مثناترة
حالكة السواد
والدخان رغم إخماد النيران لايزال يثناتر كذرات رمادية في الهواء رائحتها خانقة


عبد الصمد وهو في السيارة جالس
متواريا عن شمس النهار الحارة يمسك في يده كوبا من الماء البارد
يرتشف منه جرعات متقطعة
كما لو كان يمتص من برودته
ما يبرد به حرارة جوفه
فالكارثة هته ليست بالسهلة

وهو يدري كل الدراية
أن الاحصنة لم تكن ملكهم كليا وانها تساوي الملايين
فأية مصيبة هته التي حطت على أدمغتهم

نظر إلى خارج السيارة وهويسند ذراعه عليها
وينظر الى أخيه الذي يزود عمالهم بالارشادات

لاحظ توجهه اليه
فوضع الكوب امامه ونظر الى اخيه الذي انحنى ليكلمه

- الكارثة كبيرة يا عبد الصمد ليس بيدنا شيء

عبدو بانزعاج:
- أترى أخي هدية زواجي كانت سخية جدا معي

ربت سعيد على كتفه:
- لا اخي لا تقل كذلك ...علينا ن ننتظر اكثر فالشرطة العلمية التي تحلل مثل هته المصائب لايزالون في نصف الطريق....أخي من له يد في نظرك في مثل هته الفعلة؟

تنهد عبدوا بيأس:
- لست أدري لو كنت أعلم لما وجدتني هنا أنتظر كالاحمق ...المشكلة أن الحارس الليلي ...توفي ودفنت معه شهادة كانت لتهمنا

رد سعيد:
- لابد من أنهم فضلوا التخلص منه لفعل فعلتهم ....لكن اتدري حجم الخسارة اللهم ارحمنا ...جدي البارحة كان يظهر عليه التعب يا عبد الصمد لو رأيته لخفت

خرج عبد الصمد من السيارة
وفتح سترته ليخرج منها علبة سيجارة زرقاء
ويشعلها
دهش سعيد فقال:

- عبد الصمد ما هذا لما التدخين الان الم نتفق انك اوقفته منذ زمن

نظر اليه وكأنه لايراه تحجه عنه دخان السيجارة:
- لاعليك اخي لست مدمنا...أشعر بحاجة لها فلا تمنعني اتمنى من الله ان يفرج عنا كربنا


أخذ أنفاسا متتابعة من سيحجارته وبعدها ضحدها من يده
الى تحت حذاءه:
- أفكر يا سعيد لكن والله ما استطيع ان اتوصل الى شخص قادر على فعل شنيع كهذا

سعيد يضم ذراعيه اليه:
- لك اعداء..؟

عبد الصمد بتفكير مغلق تقريبا:
- لا ..لا لا ..أبدا فلا اضن ان لي اعداء لم اعادي احدا في حياتي ...


مع نظرة اخيه له قال:
- سعيد اخبرك بالحقيقة ....هل تريد مني ان اشك في العمال تدري انني لم اطرد احدا من قبل ...وبالعكس احرص على تعلمهم


سعيد يحرك راسه بالايجاب:
- حسنا نستبعد الان ان لك اعداء ....لكن هل يمكن ان يكون حسدا غيرة ؟؟...لكن مِنْ هذا كله علينا انتظار الشرطة العلمية ...مآ أفكر فيه هو كيف ساخبر والدي وجدي اللذان منعتهما من القدوم الى هنا غصبا...كيف ساعطيهما حجم الخسائر على شكل ارقام تصور المعضلة ...أنا قدرت فقط ....أنها فعلا تفوق "مئات الملايين "


عبد الصمد بغضب:
- لو يا أخي حصل والتقيت مع فاعل هذا فسأكسر عضامه...وبالخصوص عضام وجهه

ربت سعيد على كتف اخيه:
- هدئ من روعك أخي فلن ينفعنا أبدا أن نفقد اعصابنا





۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞




فــــِـ اَلْقـَــصْــرِــ اَلًمَـــنْـــصُــورـِي ـــــي




أشرفت كل من مليكة وفاطمة على ترتيب المائدة
وعن ألا ينقصها شيء في الافطار
لاستقبال الضيوف


نزلت عبير الى المطبخ بحلتها الجميلة
ولاحظت ان فاطمة من طريقة رفعها ووضعها للاشياء واهتمامها بهته وتلك
أنها غاضبة وهذا منذ البارحة
اقتربت عبير منها :

- أمي ….

كانت فاطمة تتشامخ في حركات وجهها

عبير بالحاح:
- امي هل انت غاضبة ..لاني…

قالت فاطمة بعصبة إن ذكرتها فهي تذكرها بعصبية زوجها:
- لا لما سأغضب أصلا أنا جاهلة حتى تذكريني امام الضيوف البارحة بأننا سننسى …"مثلا" العروس..هل ابدو لك غبية الى هذا الحد لاتلقى منك اهانة كتلك

صدمت عبير فماهي بقاصدة لفعلها البارحة
وتقدمت تحاول ان تقبل يدها:
- بنيتي عليك ان تعلمي انك ان كنت تحبين امك وتعزينها فانا اقوم في مقامها لن يخصك شيء مادمت تحترمينني

فضلت عبير الا وتزيد البنزين على النار
فهي ان دافعت عن نفسها ستجعل من الامر مشكلة كبرى وهي ليست بحمل ان يؤنبها سعيد على شيء فهي تحب ان يبقيا في قمة التفاهم

- آسفة يا أحلى ام …أعرف أنني أخطئت فوعد مني لن أكرر ذلك…والان هل سامحتني …من أجل سعيد امي فقط لأجل عيونه..أرجوك

جالت عيون فاطمة في المكان وهي تزم شفاهها ليس بحقد لكن بتعجرف
فافرجت اساريرها على ابتسامة :
- حسنا سامحتك لكن مرة اخرى لا مفهوم

قبلتها عبير وعلى صوت امها مليكة التي دخلت الى المطبخ:
- أهلا وانا اسأل اين تفوزع قبلات بناتي فلم يعد لي منها نصيب

ضحكت عبير :
- هههه بالله عليك امي ….
اقتربت منها وطبعت بوسة على خدها

- والان ماما ما رأيك

- جيدة وافضل ….لكن اين ثريا الم تنزل بعد سيصل الضيوف لايجوز بقاءها فوق

عبير بتردد:
- إنها متعبة قليلا ماما لاعليك عندما ستصح سوف تنزل

نظرت اليها مليكة بشيء من الاهتمام والقلق:
- ساصعد اليها البارحة كدت افعل ذلك لكنني نسيت وتهت

فاطمة وقد غسلت يديها ونشفتهما بالمنديل الذي وضعته على المائدة:
- ساصعد اليها ايضا تلك المرأة باتت تقلقني يا مليكة تعبها لم اشعر بربعه انا في ايامي حملي

قالت مليكة تدافع :
- ولكن يا فاطمة في وقتنا كان كل شيء مختلف ..الشباب اليوم مختلف واصبح كما لو ان مناعته ضعيفة

فاطمة وهي تتوجه للباب:
- تعالي لنصعد اليها ….عبير …ماذا بك واقفة هناك تحركي ابنتي احملي صحون الحلوى تلك وضعيها على مائدة الافطار في الصالة والصحن الاخر في صالة الرجال علهم يأتون بسرعة


دعت عبير في سرها
اللهم استر يا رب




في جناح ثريا
كان من الذكاء ان اخدت عبير الاغطية والوسادة بعيدا عن الانظار

دخلت المرأتان الى الجناح
ولاحظت فاطمة ممتعضة من انه مظلم

- مليكة لابد من ان ثريا لاتزال نائمة…

ردت والدتها :
- لست ادري لكنها لاتحب ان تشاح الستائر فاذن ستكون نائمة

فاطمة بفضول:
- سندخل اليها

دخلت المرأتان الى غرفة ثريا التي كانت تختفي تحت الغطاء كاملة
فالدموع تغلبها رغما عنها وتبكي في ظلمة دثارها
وتنتحب عسى هذا الالم يزاح
وبذلك تكتسب صورة قوية لدى نفسها

- ثريا …ابنتي استفيقي عزيزتي ..

تحركت ثريا قليلا ولم تزح كامل الدثار تخفي شيء من وجهها:
- نعم امي …هل من خطب؟

قالت فاطمة الواقفة قرب مليكة التي جلست تربت على راسابنتها:
- جئنا نطمئن عليك…تدرين بنيتي ان النوم والجلوس كثيرا ليس دافائدة لك

قالت ثريا بخمول:
- انا اشعر بالتعب يا امي لهذا انا نائمة ولا استطيع ان انهض واعمل الا لان الطبيبة حذرتني من فعل ذلك حملي ليس بالحمل السليم كليا

فاطمة وهي ترفع اكتافها:
- على اي حال اذا ما شعرت بنفسك قادرة ولو قليلا على النزول فلتنزلي فقط لتسلمي على العروس واهلها حسنا

حركت ثريا راسها بنعم

- مليكة ساذهب لارى عروسنا الحلوة وانت انزلي لتفقد المائدة حسنا

- سافعل اطمئني

امسكت ثريا بيد امها:
- لاتقلقي علي ماما فالتعب هذا وعدتني به الدكتورة ….

قالت مليكة تنهض:
- حسنا في اي وقت شعرت بالم او اي شيء واحتجت لي اتصلي علي في الهاتف بالاسفل وسارد


خرجت مليكة
وشعرت ثريا بالراحة فما فضلت هي ابدا ان يعلم احد بشيء
فهي تؤمن بشيء يدعى حياة خاصة لايطأ ارضها سواها



في الاسفل



استقبل والد هند ووالدتها أحسن استقبال
بحيث دخلت رشيدة الى صالة النسوة حيث جلست مع مليكة وعبير

وسي محمد مع سليمان والحاج

في مجلس الرجال

قال سي محمد بعد ان سلم عليهم ملاحظا:
- الحاج ..تبدو لي تعبا …

رد سليمان :
- ما حدث للاصطبلات لشيء سيء حقا وليتنا فقط نعلم المجرم الذي ارتكب فعلته وفر هاربا أتمنى من رب العالمين ان يحرقه حرقا

سعل الجد بصوت متحشرج مخنوق
فنهض سي محمد يعطيه كأس ماء بينما سليمان ينظر الى ابيه قائلا:
- يا والدي اتوسل اليك ان لاتنفعل ..لم يحدث شيء

قال الحاج بتعب:
- الحمد لله… على كل حال


سي محمد يشاركهم الاسى:
- اتمنى من الله ان يجعلها لكم في ميزان الصدقات



في مجلس النساء


بعد نزول هند التي ارتدت حجابا ابيض يتلألأ بخطوط فضية
وقفطان ابيض مرصع يتلألأ كذلك
اقتربت من امها وسلمت عليها بحرارة
جلست فاطمة تنظر الى الجالسات


رشيدة بحبور لابنتها:
- سعيدة عزيزتي …كيف اصبحت لآ ولما اسأل فيبدو لي انك بالف صحة ما رايك فاطمة

ابتسمت فاطمة تقول:
- طبعا ماشاء الله عليها تبدو جميلة

قالت هند بسعادة وهي شيء ما تشك في صدق كلام حماتها:
- اشكرك امي وانا سعيدة بتواجدي معكم

عبير بصراحة:
- تبدين قمة في الجمال هند ماشاء الله عليك فاتنة

مليكة وهي تسكب الشاي في الكؤوس :
- فلنفطر…


بعد الافطار
سألت رشيدة فاطمة ان كان عبد الصمد سياتي لتراه

ردت فاطمة:
- عزيزتي في هذا الوضع الحساس بالذات لاتساليني فولدي يعشق الخيل وتصوري معي انه فقدها فكيف تريدين منه ان ياتي

قالت هند :
- ساعود حالا ماما لن اتأخر

سألتها حماتها:
- اين ستذهبين ؟

قالت هند تتقصد احراجها:
- الى الحمام

كتمت عبير ضحكتها بعيدا عن نظرة فاطمة التي بدت تخفي عاصفة على وشك الهبوب لكنها تكبت نفسها فقط


اقتربت هند من صالة صغيرة في الاسفل واختفت فيها
جذبت جوالها وركبت رقم عبدو وانتظرت تسمع رنين الهاتف في اذنها
بعد لحظات اجاب عبد الصمد :

- السلام عليكم عبد الصمد المنصور من معي؟

قالت هند بابتسامة:
- اهلا حبيبي

تحركت العاطفة في صدره كجميرات ملتهبة وهويتذكر ملمس جلدها اللطيف ودفئها الابدي يتغلغل في عروقه:
- اجل ..كيف حالك .؟

هند بشيء من الانزعاج:
- اهكذا تستقبل مكالمة من عزيزتك..؟

قال عبد الصمد والمنظر امامه يذكره بواقع مرير:
- ليس الان يا هند من فضلك اتجدين الوقت مناسبا لاتصالك

شعرت هند بشيء يشرخ في قلبها :
- حسنا لست بمتصلة فلا تقلق هه
اقفلت الهاتف وهي كئيبة لدرجة البكاء رفضت حتى التزحزح من الصالة بل وجدت نفسها تجلس لتستكين قليلا ولاتظهر شيء مما حدث

"لكن كيف يخاطبني بتلك الطريقة الفضة
بدل ان يبتسم ويبارك لي رغم عدم حدوث شيء
يا رحمان ما ان وصلت من طيارة احلامي لارض الواقع حتى اصطدمت مرات عدة
كل ما ظننته رومنسيا في الزواج تبدد
اصبحت اشعر بالحزن"

نظرت الى الهاتف ببؤس
وخرجت لتعود الى صالة النسوة

وهي بين الجالسات
تتناول افطارها بثبات ورزانة مثلهم
كعروس
رج هاتفها في حجرها فأخذته لتنظر اليه وهي تستغل فرصة تحدتهن

فتحت المسج
وقرأت
" ما الذي فعلته بي يا هند أتعسني اغلاقك الهاتف في وجهي"

عضت على يدها وهي تقول باحراج:
- هلا عذرتموني ساعود حلا

لاحظت الامتعاض على وجه فاطمة
لكنها تجاهلتها وانصرفت تغلق عليها في الصالة المجاورة

ارسلت من هاتفها"
" لو لم تكن فضا معي لقلت لك انني اشتقت اليك وفوق ماتتصور"


في السيارة نفسها حيث يجلس عبد الصمد في انتظار الشرطة
وجعلت نفسه ترتاح قليلا مما يشع فيها من عصبية

ارسل
" هههه اشتقت الى ماذا بالتحديد؟"


تلقت رسالته وهي مبتسمة بخجل فهمست
خبيث لن اجيبك


في اللحظة التي كان يهم عبد الصمد بارسال مسج اخر
نظر الى مجموعة من السيارات وكانت اربعة
فخرج بسرعة ليستقبل الشرطة
ويحدثهم في الامور المتعلقة بالحادث



في الصالة وبعد فترة
ظنت انه نسيها او ان عدم ردها ازعجه فهمت بالاتصال به:
- الو…عبدو

عبد الصمد بانشغال بمباشرة الشرطة عملها:
- ماذا؟

هند بتجهم:
- عبد الصمد ما الامر انت تتقلب بسرعة

عبد الصمد بعدم اهتمام وانزعاج لم يتقصده:
- ارجوك ..هند اتصل في ما بعد

هند بتسائل ملح:
- لكن يا عبدو و..الن تاتي عليك ان تستقبل والدي معي من غير اللائق…
لكن الخط اغلق في وجهها بعد ان كرر انه سيعيد الاتصال بها
شعرت بالالم
وكان عبدو تملكه الاحصنة والاصطبلات
او لربما ان اتصلت به والدته لكان آتيا على وجه السرعة
منعت دموعها من النزول
وعادت غصبا الى المجمع تجرجر اديال الخيبة والحزن الاليم



يتبع………..


/COLOR]


Jάωђάrά49 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:08 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.