ولهذا كنت أعامل عندما نخرج سويا ً في اجتماع أو إلى السوق على أنني الصغرى وهذا كان يضايقني جدا ً , ولكن ماذا أفعل ؟
آثرت البيت وتحاشيت أن أخرج كثيرا ً مع أخواتي , والغريب أنهن يرحبن بهذا القرار أو هكذا تراءى لي .
فمهما كانت المناسبة : زواجا ً , استقبالاً , اجتماعا عائلياً كنت أرى والدتي تهتم بالأخريات وبتسريحة شعورهن وماذا سيرتدين , حتى إذا جاء دوري كانت دائما ً إجاباتها ارتدي ما يعجبك .
وان كان هذا حال منزلنا فإنه لم يكن هو حالي في المدرسة بل كنت فتاة لي صـديـقـات وإن كن قلة إلا أنه لي من يحدثني وأتحدث إليها ولكن دوام الحال من المحال , انتقلت أختي الصغرى من المرحلة المتوسطة إلى المرحلة الثانوية وأصبحت معي في المدرسة لا أدري لماذا بدأت تتوتر علاقتي بصديقاتي , بدأت ألحظ حديثهن معها , وضحكاتهن معها بل كانت ضربة قاضية لي عندما اتصلت صديقتي تدعوني لزيارتها وطلبت مني أن ترافقني أختي الصغرى .
كم كان يوما ً قاسيا ً بالنسبة لي .. شعرت بأن أخواتي أخذن يحاصرنني حتى في مكان واحد كنت أجده مناسبا ً لي أليس من حقي أن تكون لي حياة خاصة بي دون ملاحقتي وهل فـعـلا ً يقصدن ايذائي ؟
وضعت أسئلتي بجانبي وبدأت أطعمها أفكاري السلبية , وتصوراتي عن نفسي وعن أخواتي حتى كبرت تلك الأسئلة و أصبحت جداراً من الصلب حال بيني وبين أخواتي و صديقاتي .
غبت ذلك اليوم عن المدرسة و أنا على يقين أنهن لن يعنين لغيابي , ولكن ما أن بدأت الساعة تشير إلى الثانية وهو موعد الخروج من المدرسة حتى جاء صوتها عبر الهاتف كانت أحداهن رفيعة الصوت . ما إن سمعت صوتها حتى أخذتني العبرة , وسمعت صوتها يتعالى خوفاً علي , فما كان مني إلا أن اعترفت لها بما قررت من مقاطعتهن والعيش بمفردي وترك المجال لأختي لتصاحب من تريد منهن . وعلى الطرف الآخر من الهاتف كلمات استغراب لكل ما أقول .
لكـنـنـا نريدك أنت أنت صديقتنا .. هل حقا ً يردنني أنا أم أنها كلمـات يتـفـوهـن بهـا ؟! لماذا بدأت لا أثق بمن حـولي , لا بمشـاعـرهـن وان بدت صادقة ؟ لماذا بدأت أقلل من شأن نفسي وإن كنت أملك مقومات نجاحها ؟
ثقي بنا وثقي بنفسك .
أربع كلمات قالتها لي ذات الصوت الرقيق و أغلقت الهاتف وتركتني أبحث في نفسي عن ثقتي .. هل فعلا ً مشكلتي عدم ثقتي بامكاناتي وبنفسي ؟! هل ممكن أن أبخس حق نفسي بمجرد أنني لا أعرف كيف أخرج كنوزها ؟ نعم أعتد أنني وضعت يدي على مرضي . ومن الآن فأنا لست الأقصر ولكني الأذكى ولست الأقبح . ولكني الأطيب ولست الأضعف ولكني الأكثر ثقة .
ربما يطول الوقت والطريق إلى أن أصل إلى كنوز نفسي ولكن المهم أنني قد بدأته