آخر 10 مشاركات
أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          221 - مدللة - جيسيكا هارت (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          101 - من يزرع الشوك - آن هامبسون (الكاتـب : عنووود - )           »          [تحميل]مُبعثر فيك ِ مالا الحـزن لايُشفى ، للكاتبة/ ايمان يوسف "مميزة " (Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          بين الماضي والحب *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : lossil - )           »          امرأة تسعى خلف قلبه ـ ج1عندما تدق الأجراس مرتين[حصرياً]للكاتبةMoor Atia*كاملة&الروابط (الكاتـب : noor1984 - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          214 - العسل المر - لي ويلكنسون -حصـــــــــــرياً (الكاتـب : عنووود - )           »          488 - لن ترحل الشمس - سارة كريفن (عدد جديد) (الكاتـب : Breathless - )           »          1199 - مرارة الغيرة - روايات عبير دار النحاس ( كتابة /كاملة)** (الكاتـب : samahss - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree71Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-02-13, 10:53 PM   #9331

نزووف

? العضوٌ??? » 130402
?  التسِجيلٌ » Jul 2010
? مشَارَ?اتْي » 451
?  نُقآطِيْ » نزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond reputeنزووف has a reputation beyond repute
افتراضي


على ناااااااررررر

نزووف غير متواجد حالياً  
التوقيع
:qatarw_com_52228917
رد مع اقتباس
قديم 03-02-13, 11:06 PM   #9332

maroska

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وأميرة حزب روايتى للفكر الحر وعضوة القسم السياحى المميزة

alkap ~
 
الصورة الرمزية maroska

? العضوٌ??? » 141454
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 4,911
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » maroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond repute
افتراضي


اعزائي سأبدأ بتنزيل الفصل الان
لذلك اتمنى ان تتوقف التعليقات حتى لا تفصل اجزاء الفصل عن بعضها.
واتمنى بان ينال الفصل اعجابكم.


maroska غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملوك تحت رحمة العشق

رد مع اقتباس
قديم 03-02-13, 11:13 PM   #9333

maroska

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وأميرة حزب روايتى للفكر الحر وعضوة القسم السياحى المميزة

alkap ~
 
الصورة الرمزية maroska

? العضوٌ??? » 141454
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 4,911
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » maroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل الثالث والاربعون



حسناء



الأيام تجري بطيئة جدا عليَّ في السجن مع أنني أشغل وقتي الكامل بدراستي إلا أنني أشتاق لحريتي ولكي أكون أكثر صراحة أشتاق حتى أكون معه.



جذب لي الكرسي وأمسك بذراعي يساعدني على الجلوس .. فقد أصبح حتى المشي و الجلوس صعبا علي في حالتي هذه بعد أن أصبحت في الشهر الأخير لحملي .. رأيته يجر بعدها كرسيه حتى يجلس بجانبي وليس بمقابلتي .. ثم لمس خدي بحنان قائلا:" اشتقت لكما .. لم أعد أستطيع التحمل .. لا أصدق بأني أمضيت كل هذه المدة بعيدا عنكما .. الوقت يمر بطيئا جدا حبيبتي .. جدا."



"و أنا أيضا." قلت ذلك له و أنا ألمس يده التي كانت على خدي .. كي ابتسم تلقائيا عندما ردد قائلا:" أنا أشتاق لك "



حرك أصابعه على خدي حتى وصل بها لشفتي عندما داعبهما بأنامله .. نظرت إلى عينيه اللتين كانتا تقولان الكثير .. قبل أن يترجم إحدى كلام عينيه ذاك لكلمات قائلا:" أريد تقبيلك ولا ترفضي أرجوك."



حاولت الرفض بطريقة لبقة عندما قلت له:" ولكن الحارسة تراقبنا."



"وبعد؟" قالها كي لا يترك لي أي عذر آخر أتحجج به عندما اقترب مني برأسه .. كي يميل بوجهه يلمس شفتي بشفتيه يطبع عليهما قبلة رقيقة جعلتني أتنهد بعمق بعد أن ابتعد عني .. لكنه بقي على مسافة قريبة مني ينظر إلى عيني ممَ جعلني أحدثه بكل صدق قائلة:" دانييل .. أنا أريد الخروج من هنا .. اشتقت لك ولعائلتي .. أريد أن أُطمئن جدَي


علي بنفسي.. فأبي يحاول قدر ما باستطاعته ألا يتركهما يأتيا إلى هنا ويتحملا عناء السفر وخيبة الأمل عندما يروني في السجن .. افعل شيئا أرجوك فأنا أوشك على الولادة."



وضع يده خلف راسي يجذبني إليه برقة حتى يضمني إليه ولم أمانع بل أنا الأخرى ضغطت بيدي بقوة على كتفه ألتمس منه المزيد من القوة .. وعندما بقي صامتا يكتفي بضمي إليه قلت:" ليس هناك جديد في قضيتي صحيح دانييل؟؟ لم تجدوا دلائل قد تساعدني في تبرئتي .. أخبرني الحقيقة أرجوك."



أبعدني عنه حتى ينظر إلى وجهي .. ثم زفر الهواء بحزن قبل أن يقول:" سأفعل المستحيل وسأسافر حتى إلى ألمانيا كي آتي بوالدتي للشهادة في صالحك."



اعتلتني الدهشة لأنه فكر بوالدته بعد أن كان يكره الحديث عنها عندما علم الحقيقة من أسيل .. وهو فهم سبب دهشتي لأنه أمسك بوجهي بين يديه مؤكدا لي:" سأفعل أي شيء من أجلك حتى لو أرادتني أن أركع على قدمي و أتوسلها فسأفعل هذا بدون تردد."



"دانييل." هتفت بذلك بعينين دامعتين قبل أن يقترب مني من جديد ويطبع قبلة رقيقة على جبيني تلاها بنظرات متوسلة لي لم أفهم سببها إلا عندما رأيته يمد يده إلى بطني .. عندها تحفظت من حركته تلك .. فكنت أدعه يقترب مني ولكن ليس من ابنتي .. وضع يده على بطني لكنني مددت يدي أنا الأخرى و أمسكت بيده أبعدها بهدوء عني .. أردت أن أسحب يدي من يده لكنه أمسك بها بقوة قائلا لي بصوت معذب:" متى ستسامحينني؟"



"لا أعرف." قلت ذلك و أنا أتجنب النظر إليه .. لأضيف قائلة بحزم:" مازلت لم أنسَ كلامك و أنت تشكك في نسبها لك."



"لم يكن قصدي .. كانت حماقة مني."



رفعت عيني إليه وقلت بحسم أغلق به باب ذلك الحوار المؤلم:" دانييل لدي امتحان في الغد و لا أريد منك إقلاقي بهذا الموضوع من جديد .. أنه يؤثر على تركيزي."



نظر إلي بألم لثواني معدودة قبل أن يرسم على شفتيه ابتسامة جميلة حاول أن يخفي خلفها حزنه فقط لأنه أراد بث الاطمئنان في نفسي وهو يقول:" في الحقيقة أتيت خصيصا من أجل أن أتمنى لك التوفيق في امتحان الغد."



كلامه بعث الراحة في نفسي و أنا أبتسم أيضا بعفوية قائلة:" إنه آخر امتحان لي .. ستأتي اللجنة غدا للسجن وسأقدم امتحاني مع السجينات التي يردن أيضا إكمال دراستهن."



داعب خذي بيده قائلا:" بالتوفيق حبيبتي."



عندها تنهدت بقوة حتى تتلاشى ابتسامتي و أنا أطالبه قائلة:" أجل دانييل تمنى لي التوفيق .. فإنني بحاجة شديدة إليه في حياتي."



أسيل



كم يمر الوقت سريعا جدا .. أشعر أنه فقط البارحة اعترف لي بحبه بينما مر على تلك الليلة ما يقارب الشهرين أمضيتهما في كامل سعادتي ومازلت سعيدة ولكن لا يمكن أن أنكر أن سعادتي هذه يشوبها قلق باطني عندما تدور في عقلي هواجس كثيرة مثل: هل حقا يمكنني أن أفقد هذه السعادة التي أعيش فيها الآن؟؟ هل حقا نحن نعيش حياة قصة خيالية في هذا البيت المنعزل ولا بد لها يوما ما الانتهاء؟؟



"أوه."



هتفت بذلك بسرعة عندما سقط من يدي غطاء السرير الذي قمت بغسله توا كي يستقر على الأرض .. فنظرت إليه قبل أن أجثو على قدمي و أحمله عن الأرض .. حدقت بالتراب الذي لوث بياضه بعد أن مكثت وقتا طويلا اغسل فيه بكل جهدي حتى يصبح بذاك البياض والنقاء كله .. وفي الأخير أفلت من يدي بسبب شرودي و أفكاري الحمقاء .. أجل أفكار ليس لها أي معنى كما يخبرني رشيد دوما .. نحن سنكون بخير .. ثلاثتنا سنكون بخير وسنبقى مع بعضنا إلى الأبد .. رددت كلماته تلك التي يرددها هو الآخر على مسامعي كلما شعر بقلقي وخوفي.



وضعت الغطاء من يدي في دلو كبير فارغ كي أعيد غسله من جديد فيمَ بعد ونظرت لباسل الذي كان يلعب قريبا من البيت عند تلك المروج الخضراء بينما كنت أنا على شرفة البيت الواسعة .. ناديته بسرعة عندما رأيته قد ابتعد عن المساحة الآمنة الخضراء واستغل انشغالي بنشر الغسيل كي يتسلل مرة أخرى إلى المكان الأحب إلى قلبه وهو الممر الخشبي الذي يؤدي للبحيرة ويطفو جزء منه عليها.



"باااااااسل."



استدار إلي بسرعة كمن أفزعته بهتافي ذاك .. ونظر إلي بعينين واسعتين كالذي يضبط وهو متلبسا بجريمته .. عندها صحت قائلة:" عد إلى هنا و الآن .. كم مرة حذرت منا أنا و والدك من الاقتراب من البحيرة."



ابتسمت بتلقائية عندما عاد خائب الأمل .. اقترب مني وهو يمسك بذلك اللوح الخشبي الذي لا يفارقه وكل مرة يريد أن يخترع منه شيئا يلعب به .. نظر إلي من تحت الشرفة عند أسفل الدرجات الثلاثة وهو يضم حاجبيه الأسودين الجميلين لبعض ويقول:" ألا يمكنني أن أفلت من عينيك ولو لدقيقة واحدة؟"



ابتسمت في وجهه أكثر و أنا أقول:" لا أبدًا .. عيناي لا تفارقانك .. كما أنه من المفروض أن تكون سعيدا لأنني أنا من رأيتك تتسلل إلى البحيرة وليس والدك و إلا كنت قد وبخت وبشدة."



"و لكنني لن أغرق."



عندما قال تلك الكلمات بحزن .. حينها تحركت من مكاني و نزلت الدرجات الصغيرة للشرفة .. جلست على الدرجة الأخيرة وجذبته إلي أجلسه على فخدي قائلة:" ولكنك كدت تغرق في المرة السابقة باسل عندما سقطت في البحيرة حبيبي .. لو لم أكن أجيد السباحة لكنت غرقت وإياك في تلك البحيرة العميقة في الوقت الذي كان والدك غير موجود في البيت."



نظرت إلى ملامحه الجميلة بتعابير منكمشة وقد أثارت تلك الذكرى خوفي .. فكما كانت تجربة مؤلمة ومخيفة كانت أيضا ذو نفع كبير علينا .. فبسببها توطدت علاقتي بباسل ومنذ ذلك الحين عندما ضممته بقوة إلى صدري باكية أثناء إخراجي له من البحيرة ونحن نشعر بألفة قوية بيننا .. بل أني أصبحت أشعر به كابن لي من لحمي ودمي مع أني لم أتجرأ على قول هذا له يوما .. فقد كنت أخاف ردة فعله فربما يظن بأني أحاول أخذ مكانة أمه التي هي غالية في قلبه مع أنها ماتت في عمر كان فيه هو صغيرا جدا لا يستطيع تذكرها.. لكن كما أخبرني رشيد مرة إن جدة باسل قد حكت له كثيرا عن والدته وحببته فيها وفي المقابل شوهت صورة والده عندما كانت تقنعه أن والده السبب في موت أمه.



"أنا آسف أسيل."



"لا داعي للأسف حبيبي فقط لا تقترب من البحيرة لوحدك وعندما تريد اللعب بقربها سيكون ذلك برفقتي أو برفقة والدك."



أومأ لي بالموافقة .. عندها طبعت قبلة حنونة على خده وفي داخلي كنت أشعر بالفزع فعلا من فكرة أن يصيبه أي مكروه هو أو والده .. فقد ارتبطت حياتي بهم بقوة .. بقوة لدرجة أنني كنت مستعدة للتخلي عن العالم الخارجي بأكمله لأبقى فقط في عالمنا الصغير الذي بناه رشيد لنا.



التفت بسرعة إلى الناحية الأخرى عندما سمعت صوت محرك سيارة يقترب من البيت .. ووقفت على قدمي بسرعة البرق .. قبل أن أسمع باسل يهتف قائلا:" لقد عاد .. أبي .. عاد."



تمتمت بكلمات الحمد والشكر و أنا أراه يوقف سيارته السوداء بالقرب من البيت بعد أن ظهر بها من وسط تلك الأشجار الكثيفة الباسقة .. وابتسمت حين رأيت باسل يركض ناحيته بينما كان هو يخرج من السيارة وتوقف باسل عن ركضه ذاك عندما حمله رشيد بين ذراعيه بخفة .. وقد كان يمثلان دليلا قويا أن الدم الذي يتشاركانه يربطهما بقوة ببعضهما مهما كانت الظروف.. فكما كنت أكره أنا والدي عندما لم أكن أعيش معه كان ذلك أيضا بالنسبة لباسل الذي ربته جدته ولم يكن يرى رشيد كثيرا .. وكما عشت أنا مع والدي و أحببته بعدها .. أحب باسل رشيد بكل سهولة بعد أن عاش معه هاذين الشهرين .. بل في الحقيقة إنه طفل طباعه أسهل من طباعي بكثير .. فمنذ الأسبوع الأول الذي أمضاه مع والده لانت مشاعره كثيرا اتجاهه ورغم أن رشيد لم يتخلَ عن حزمه وشدته إلا أنه مده بكل الحب والحنان الذي كان طفله في أمس الحاجة إليه.



اقتربت منهما وابتسامة واسعة على وجهي و أنا أسمع باسل يسأل رشيد بإلحاح:" ماذا جلبت لي؟؟ هيا أخبرني أرجوك؟؟"



"أنت أخبرني هل تركض إلي لأنك تشتاق لي أم لأنك تريد أن ترى ما أتيت به في السيارة."



"امممم."



عندها قال رشيد له وهو يدعي الغضب:" وتفكر أيضا في الجواب .. يا لك من ولد طماع."



قهقهت عاليا و أنا أقف بجانبهما وحينها رفع رشيد عينيه إلي ونظر لي بنظراته الدائمة .. هادئة لحد إثارة جنوني .. فتلك الليلة كانت من النوادر التي لم تتكرر .. فهو لم يعاود أن اعترف لي بحبه حتى وإن كنت أنا لا أكف دقيقة واحدة على أسماعه ما يضج في قلبي له.. بينما هو كان يعاملني بعقلانية كبيرة أمام ابنه .. ولكن تنفجر مشاعره و تتأجج من دون كلمات مجرد أن نختلي بنفسينا.


ضل حاملا ابنه بين يديه عندما مال برأسه باتجاهي وطبع قبلة خفيفة على خذي قبل أن يعود للنظر إلى باسل الذي قال له:" لا أنا حقا أشتاق إليك عندما تذهب."



"واضح جدا."



"أرجوك صدقني." قال ذلك باسل بإلحاح طفولي ثم أشار إلي بيده وهو يردف:"حتى يمكنك سؤال أسيل."



نظر إلى رشيد وابتسم بهدوء لي قبل أن يبتعد بعينيه عني ويحطها من جديد على ابنه .. شعرت بحرارة الجو من حولي فقط لابتسامته تلك .. فأكثر شيء كان يزعزع سيطرتي بنفسي ويثير مشاعري بجنون هي ابتسامته .. لكنني معذورة لم أتعود عليه يبتسم .. فقط عندما أتينا لهذا البيت وفي هذا المكان أصبحت اعرف معنى أن تنفرج شفتيه عن ابتسامة رائعة صغيرة هذا إن انفرجت .. فعادة ابتساماته لا تتجاوز خطا رفيعا متناسقا يعتلي جانبي شفتيه المطبقتين .. ومع ذلك فحتى تلك الابتسامة كانت تطيح بعقلي.



أنزل باسل على الأرض حتى يقف على قدميه وأمسك بيده يأخذ به إلى خلف السيارة .. في الوقت الذي تبعتهما ووقفت بجانبهما أنظر لرشيد الذي فتح حقيبة السيارة .. فظهرت تلك الأكياس الكثيرة المملتئة بمشتريات للبيت وبطلبات باسل بكل تأكيد.



"أين هي الكرة؟؟ هل اشتريتها؟ تعرف بأن الأولى قد سقطت في البحيرة وهل اشتريت أكياس رقائق البطاطا أبي وكتاب الرسم أيضا؟؟ لأني حينها أستطيع تحدي أسيل في الرسم .. أبي؟؟"



"اهدأ .. اهدأ."


هتف رشيد بذلك وهو يراه يبحث في الأكياس بفوضوية عن طلباته .. في الأخير أوقفه والده عندما مد يده وجذب كيسين كبيرين له .. كانا واضحين بأنهما من محلات الألعاب للصور الكارتونية المرسومة عليهما .. وتلك الأسماء الاسبانية التي من خلالها علمت منذ زمن بأننا في اسبانيا .. ولست أعلم بأي جزء بالضبط في اسبانيا لأني لم أكن أريد السؤال كثيرا حتى لا أقلق نفسي أكثر مما هي قلقة .. لم أكن أريد أن أعلم غير أننا في مكان آمن لن يصل إليه أحد غيرنا والباقي لم يعد يهمني.



"هذا كله لي؟؟" صاح باسل غير مصدق قبل أن يقترب مني وبتلقائية بريئة فتح الكيسين لي حتى يطلعني على محتوياتهم قائلا:" أنظري أسيل ماذا اشترى لي أبي .. لقد طلبت فقط كرة وكراسة الرسم وهو جلب لي الكثير .. انظري إلى السيارة الحمراء والى اللعب الكثيرة .. انظري .. انظري .. هل رأيت كل هذا؟؟"



جثوت أمامه كي أنظر إلى كل ما اشتراه والده وقد شعرت بسعادة كبيرة فقط لأنني أرى سعادة باسل وحماسته الكبيرة تلك .. وقلت له و
أنا انظر معه لألعابه:" يا إلهي .. انظر كم تحظى منه من الاهتمام .. أنا بالتأكيد لم يجلب لي شيئا غير الخضر واللحم حتى أطهوها."



لكن الطفل قال لي في الوقت الذي بقي والده صامتا ينظر إلينا:" لكن هذا طبيعي أسيل .. أنت لست صغيرة .. أنت زوجة أبي ولكن لا عليك يمكنني أن أترك لك كراستي لبعض من الوقت حتى ترسمي لنا .. ألست رسامة كما تقولين؟"



قرصت وجنته بخفة و أنا أقول:" وهل لديك شك؟ أنا رسامة وطباخة ماهرة."



قطبت جبيني عندما رأيت باسل ينظر لي بتشكك قبل أن ينظر لوالده وهو يزم شفتيه بطريقة مضحكة حتى لا تفلت ضحكاته التي كان يحاول أن يخفيها عني .. ورفعت رأسي لرشيد فوجدته هو الآخر ينظر لي بشفتين مطبقتين لكنه لم يستطع خداعي بهدوئه المتظاهر فعينيه المتسعتين عن ابتسامة واسعة جعلتني أتأكد أنه يشارك ابنه نفس الرأي فهتفت بهما:" ماذا تقصدان؟!!"



عندها أفلتت ضحكات باسل الصغيرة من بين شفتيه و أنا أنظر إليه بذهول قبل أن يقول لي من بين ضحكه:" أنت لم تكوني طباخة ماهرة .. أبي من كان يعلمك الطبخ .. ولكنك الآن تعدين لنا طعاما لذيذا."



وقفت على قدمي و أنا أدعي اللامبالاة و لأقول لهما:" أناملي كانت للرسم وليس للطبخ." ثم التفت إلى رشيد الذي انفجرت أخيراَ شفتيه عن ابتسامة هازئة وأنا أقول:" والغريب هو اكتشافي أن والدك يجيد الطبخ."



"الحاجة تبرر الوسيلة و أنا عشت لسنوات وحيدا لذلك كان علي أن أجيد إعداد الأكل لنفسي." قال ذلك بهدوء رزين وهو يحني بجذعه لكي يبدأ بحمل تلك الأكياس المليئة بالمشتريات الغذائية إلى داخل البيت و حملت أنا أيضا كيسين من السيارة لأساعده ومشيت خلفه إلى الداخل بينما كنت أسمع خطوات باسل وهي تتبعنا ببطء وهو يجر ورائه أكياسه الكبيرة التي تحمل بداخلها ألعابه الجديدة .. صعدت درجات الشرفة حيث كان عليها كرسيين خشبيين كبيرين وبعدها دخلنا من الباب الخشبي .. تقدمنا من المطبخ مرورا بغرفة الجلوس التي أصبحت جميلة ونظيفة يملؤها الدفء كما كان يغمر البيت كله بجميع زواياه .. وقد أصبحت أرى ذلك البيت الخشبي أفضل من العيش في أفخم القصور الموجودة على وجه الأرض .. غرفة الجلوس كانت فيها أريكة بسيطة حمراء اللون .. ومقعد خشبي هزاز بالقرب من مدفئة تقليدية .. لم نكن نشعلها بالطبع لأننا كنا في أواخر فصل الصيف .. وكان باسل يسيطر تقريبا كل مساء على ذلك الكرسي الهزاز عندما ندخله للبيت فلا يكف عن اللعب به حتى ينتهي به الأمر نائما عليه .. وكانت هناك أيضا طاولة خشبية مستطيلة حولها أربعة مقاعد .. غطيتها بنفسي بغطاء مشجر جميل ووضعت عليها كأسا كبيرا زجاجيا أخذته من المطبخ حتى أضع فيه الزهور التي كان يقطفها لي باسل من المروج المحيطة بالبيت .. دخلنا المطبخ الذي كانت تصدر منه رائحة الطعام الذي تركته يطهى بهدوء على النار عندما كنت أغسل ثيابنا .. وضعنا الأكياس على طاولة المطبخ الصغيرة الخشبية وبدأت بإخراج محتوياتها بينما رشيد خرج من المطبخ من جديد حتى يجلب من سيارته بقية المشتريات التي تركناها فيها .. وكنت ابتسم باستمتاع و أنا أسمع باسل يصيح بسعادة كل مرة يخرج فيها لعبة من أكياسه التي كان يفرغها في غرفته .. غرفة نومه كما وعده بها رشيد .. لم تكن حقا بغرفة خاصة .. إنما زاوية بعيدة شبه مقتطعة من غرفة الجلوس بقيت فارغة ولم يشغلها أي أثاث وخصوصا أن موقعها كان تحت سلم العلية بالضبط .. فوضع له رشيد سرير صغيرا هناك .. واشترى له أغطية ملونة كانت عليها رسومات أبطاله المفضلين في برامج الكرتون .. ووضع له رواقا بنفس الرسومات الطفولية يفصل غرفته تلك عن غرفة الجلوس.


يتبع....


maroska غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملوك تحت رحمة العشق

رد مع اقتباس
قديم 03-02-13, 11:15 PM   #9334

maroska

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وأميرة حزب روايتى للفكر الحر وعضوة القسم السياحى المميزة

alkap ~
 
الصورة الرمزية maroska

? العضوٌ??? » 141454
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 4,911
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » maroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond repute
افتراضي

دخل رشيد ثانية المطبخ ووضع أكياسا أخرى كان من الواضح أنها لم تكن للأطعمة على الطاولة .. وبدأ هو يساعدني في ترتيب زجاجات العصائر والحليب في درج كبير للمطبخ .. في الوقت الذي أخذت فيه الكيس الصيدلي .. فتحته وبدأت اخرج منه مسكنات الألم الضرورية لكل بيت ومعجون الأسنان و ضماد طبي جديد لباسل الذي لا يكف عن السقوط وجرح ركبتيه وكوعيه أثناء لعبه .. لكن توقفت يدي عن الحراك عندما أمسكت بتلك العلبة البنفسجية بعد أن أخرجتها من الكيس الصيدلي .. وتوترت أنفاسي و أنا أنظر إلى العلبة النسائية للفوط الصحية .. وشعرت بالخوف ولكنني تمنيت أن تكون أفكاري ليست في محلها .. فمع أن أفكاري طبيعية إلا أن شيء في داخلي كان يعلمني بأن الوقت لم يحن بعد لمسؤولية كهذه.



"فيمَ أنت شاردة؟"



انتفضت بقوة في مكاني و أنا أسقط علبة الفوط الصحية من يدي لكي تحط على الطاولة الصغيرة عندما شعرت بذراعه فجأة تحيط خصري وهو يقف خلفي .. وابتسمت بخبث عندما لم أعد أشعر بقدمي على الأرض وقد حملني بذارع واحدة من خصري و أدارني إليه كي يكتم أنفاسي بقبلة قوية .. فأحطت رقبته أنا الأخرى بكلتا ذراعي بقوة أتعلق به بتهور شديد .. أبادله قبلته التي كنت متعطشة لها بعد أن فارقني بذات الصباح .. شعرت به يبعدني عنه ولكن دون أن ينزلني على الأرض وظل يحملني بلكتا ذراعيه المحاطتين بخصري بتملك كبير .. نظرت إليه من بين أنفاسي المتلاحقة وعيني المشعتين قبل أن يبعد عينيه عني عندما التفت إلى باب المطبخ يتأكد من أن ابنه لم يرانا ولا يزال ملتهٍ بألعابه في غرفته .. وبعدها عاد إلي بنظراته وقال لي بصوت متحشرج:" علينا أن نكون عاقلين .. ليس من اللائق أن يرى باسل منا مشهدا كهذا."



لكنني مددت يدي إلى خده التي كانت تكسوها لحية سوداء خفيفة ولمستها بحنان قائلة:" رشيد حبيبي .. كلما تغامر وتخرج من هنا .. أصاب بالفزع الكبير عليك .. قلبي لا يرتاح أبدا و أنت بعيد عنا أنا و باسل."



بقي ينظر إلى ذلك الخوف المتجسد في عينَي قبل أن يضعني على الطاولة الخشبية التي كان يقف بي عندها .. أجلسني عليها وبقي واقفا أمامي يديه تمسكان بخصري بقوة لم تخلو من الرقة وهو يقول لي:" تعلمين أنه من الضروري أن أخرج من هنا حتى أشتري كل حاجيات البيت وحاجاتنا نحن ... ثلاثتنا."



سألته نفس السؤال الذي أساله له كل مرة ويجيب علي الجواب عينه :" هل حقا لا يمكن لأحد التعرف عليك في المدينة عندما تتنقل بين المحلات و الأسواق؟؟ من الممكن أن تمسكك الشرطة .. ومن الممكن أن يتبعك أحد إلى هنا رشيد."



حضن وجهي بين يديه وقال بثقة يحاول أن يبثها بي:" أسيل حتى الآن لا تفهمين أني أستطيع إخراج نفسي من أي مشكلة أقع فيها؟؟ لقد تجاوزت حدود ثلاثة بلدان و أنا هارب من الشرطة حتى وصلت بكم إلى هنا ولم يعلم بأمرنا أحد .. ألا تظنين أني أحسب ألف حساب قبل أي خطوة أقوم بها؟ عليك أن تطمئني أني لا أخرج من هنا إلا و أنا أعلم إلى أين أنا ذاهب و أين علي أن أتنقل وكيف أفعل هذا من دون أن أثير الشبهات من حولي أو احتمالية معرفة أحدهم هويتي."



تمتمت بتردد قائلة:" أنا فقط خائفة عليك..."



قاطعني وهو يضغط على خدَي بكفيه قائلا:" لا تخافي .. أنا لا أذهب إلى المدن الكبيرة أسيل .. أذهب إلى المدن الصغيرة جدا وفي نفس الوقت بعيدة بمسافة كبيرة من هنا .. وكل مرة أغير المحال التي أتوجه إليها وحتى المدن حتى لا يتذكرني أحد أو يشك بأمري أي بائع إن ظللت أتردد على محله بنفس الطلبات الكثيرة."



طأطأت برأسي مستسلمة وماذا كنت أستطيع أن أفعل غير القبول على مضض وبقلب وجل بالدعاء ألا يصيبه أي مكروه و ألا تنتهي سعادتي الغربية هذه .. فما كنت أستطيع رفض له أي كلمة حتى لو رغبت في هذا .. كانت لديه هيبة وقوة كبيرة .. فقط بهدوئه الخطير ذاك يجعلك توافق على كل ما يقوله رغم أنك لا ترغب به .. فما بالك أن تثيرغضبه.



"انظري."



التفت حيث أشار كي أراه يمد يده للطاولة ويمسك بأحد الأكياس التي كانت ماتزال مغلقة.. فتحه و أخرج منه دفترا كبيرا.



"ما هذا؟"


ابتسم وهو يقدمه لي:" ألم تكوني تملكين واحدة مثلها ولم تكوني تفارقينها؟ إنها دفتر مذكرات عبارة أيضا عن كراسة رسم."



ملت برأسي بسرعة وقبلت خذه ضاحكة بسعادة لكي أبتعد عنه و أنا اشكره قائلة:" أشكرك لأنك فكرت بي."



صحح لي كلماتي بحزم قائلا:" أنا دوما أفكر بكِ."



"أين أنتم؟"



ابتعد عني رشيد في تلك اللحظة كي أنظر ناحية الباب بارتباك قبل أن أتدارك نفسي و أنزل من فوق الطاولة التي كان قد أجلسني عليها رشيد .. وبدأت أكمل ترتيب تلك الأغراض المنزلية .. في الوقت الذي اقترب رشيد من ابنه قائلا:" ها أنا باسل .. تريد شيئا؟"



"كنت أريد رقائق البطاطا التي وعدتني أن تجلبها لي."



سارعت بالقول له و أنا افتح درج خشبي أجلب منه صحنا صغيرا:" لقد جلبها باسل .. تعالى إلى هنا سأعطيك منها."



"لا."



توقفت يدي عن الحراك وهي ما تزال تمسك بذلك الصحن عندما أمسك رشيد بمعصمي .. في الوقت الذي توقف باسل أيضا عن الركض ناحيتي .. وتلاشت ابتسامته الفرحة من على وجهه .. نظرت لرشيد الذي سحب يده عن معصمي و أخذ مني الصحن يعيده مكانه ويغلق الدرج وهو يستدير لباسل ويقول له بهدوء:" ستملأ بطنك برقائق البطاطا وبعدها سترفض تناول طعام الغذاء."


"ولكن..."


قاطعه بحزم لا يقبل النقاش أبداَ:" في المساء يمكنك تناولها و أنت تعرف بأني لا أحب تكرير كلامي باسل."



"حسنا لا أريدها حتى في المساء."


صاح بذلك بغضب أكبر من سنه وخرج من المطبخ مصدرا بتعمد صوتا قويا لخطواته على الأرضية الخشبية .. رأيت رشيد يكز على أسنانه بقوة كما أني فهمت نيته باللحاق بابنه وتوبيخه للطريقة التي عامله بها بعد أن رفض طلبه لكنني سارعت و أمسكت بذراعه قائلة:" دعه رشيد..."



التفت إلي بقوة ينفض يدي بعنف عن يده وهو يقول:" إنه ابني وليس ابنك .. أنا الأدرى بالطريقة التي يجب أن أتخذها في تربيته."



أحسست بنفسي كمن أفرغ فوق رأسها دلو مُلء بماء شديد البرودة .. رفعت حاجبي بكبرياء شديدة و أنا أجيبه ببرود جليدي:" معك حق .. أنه ابنك ويصح لك التصرف معه كما تشاء."



ثم استدرت وتجاهلت وجوده و أنا أكمل ترتيب تلك الأغراض وقد كنت أفتح الأدراج و أغلقها بحدة في الوقت الذي كنت أشعر أنه ما يزال واقفا خلفي يراقبني .. قبل أن أسمعه يتكلم بنبرة تغيرت إلى اللطف فجأة وكأنه انتبه أخيرا لكلماته الجارحة التي وجهها لي:" أقصد أنه ليس عليك أن تلبي كل ما يطلبه منك .. هكذا ستفرطين في تدليله وتفسدينه."



زدت من الكز على أسناني .. حاول تلطيف الجو فأفسده أكثر .. لكنني فقط استمررت بتجاهله وتظاهرت وكأني لم أسمع شيئا .. وذاك ما أثار غيظه كي أسمعه يقول بصوت قاس:" أين هو المسدس الذي تركته لك؟"



كان يقصد المسدس الصغير الذي كان يتركه لي عندما يخرج من البيت وقد كان يحتفظ به في مكان سري في سيارته بينما المسدس الفضي الثقيل لم يكن يفارق حزامه الجلدي.



من دون أن أستدير إليه أجبته ببرود:" في العلية .. تحت السرير."



هتف بغضب من خلفي:" أنا أتركه لك حتى تبقيه معك وتستعمليه إن احتجته في غيابي لا أن تخفيه تحت السرير."



زفرت الهواء بحنق شديد قبل أن أستدير له و أقول:" أنا يا رشيد أنفذ فقط رغبتك و آخذه منك .. أما الحقيقة أنا لا أستطيع أن أتحرك في البيت والمسدس في جيب فستاني وحتى لو فعلت فلن أستطيع استخدامه أبدا .. أم أنك نسيت بأني حاولت تلك المرة وفشلت فشلا ذريعا."



نظر إلي بقسوة كبيرة وقد ذكرته كلماتي الأخيرة بليلتنا الأولى التي أمضيناها مع بعض عندما رمى لي مسدسه بغضب وحاولت قتله ولم أستطع.


توقف عن النظر إلي واستدار ناحية الباب حتى خرج من المطبخ حانقا .. عندها اتكأت بيدَي على حوض المطبخ و أنا أفكر بأن طمأنته الدائمة لي ومحاولته إقناعي بأنه ليس قلقا أبدا على حياتنا لأننا في أمان في هذا المكان ليست بالحقيقة فلو كان كذلك لما كان يترك لي المسدس الصغير كلما خرج من البيت.


يتبع.....


maroska غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملوك تحت رحمة العشق

رد مع اقتباس
قديم 03-02-13, 11:17 PM   #9335

maroska

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وأميرة حزب روايتى للفكر الحر وعضوة القسم السياحى المميزة

alkap ~
 
الصورة الرمزية maroska

? العضوٌ??? » 141454
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 4,911
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » maroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond repute
افتراضي

سارة


مشيت رافعة الرأس بين أروقة الجامعة .. أجل الجامعة .. عدت للدارسة ووجدت عملا أخر بنصف دوام .. لقد عدت أمارس حياتي الطبيعية .. بل التي أحاول أن أتظاهر بأنها طبيعية .. فلا شيء عاد طبيعي بعد ما حصل وبعد مرور هذين الشهرين .. التي برزت فيهما بطني ولم أعد أستطيع إخفاء حملي عن الناس أكثر .. وانتشر الأمر في الإعلام والصحافة و أخذت لي صور في الشارع و أنا ببطني المنتفخة .. يا للسخرية .. أصبحت كممثلات هوليود التي تترصد لهن الصحافة حتى تتأكد من خبر حملهن الذي يخفونه عن الإعلام .. مع أني كنت أخفي حملي ليس إلا حماية لنفسي من المزيد من المشاكل مع عائلة يانسنس .. كما أني كنت أنتظر أن يخبرهم هو بنفسه بحملي منه كما وعدني .. لكن كيف لرجل مختفٍ عن الوجود أن يفي بوعده.


كم أشعر بالغضب منه .. شهرين لم يسأل فيهما عني .. مع أنه هو من طلب الطلاق ولكن لم يصلني شيئا من طلاقه هذا طوال هذه المدة .. لمَ تخطط بيتر؟؟ لمَ تخطط أنت وعائلتك التي لم تدلي أي تصريح للصحافة عن أمر انتظار ابنهم لطفل من زوجته المسلمة؟؟


لا أعلم لمَ أشعر بانقباض في صدري من أمر صمت عائلتك الغريب هذا.


"كيف حالك سارة؟ وهل يتعبك الحمل كثيرا؟"


توقفت عن المشي والتفت إلى صاحبة الصوت التي علمت هويتها حتى قبل أن أنظر إلى وجهها المبتسم باستهزاء .. كلارا الأكثر جرأة بين زملائي في الجامعة لكي تكلمني بتلك الوقاحة المبطنة عن زواجي وحملي .. بعد أن كنت فارضة احترامي على كل من في الجامعة .. فلم يكن لدي صداقات فعلية مع أي زميلة لي هناك .. فبالنسبة لهم كنت دوما حتى قبل زواجي الفتاة المتدينة التي تغرق نفسها أكثر من اللازم في الكتب والمحاضرات .. أو بوصف آخر الفتاة المملة بشدة .. حتى الذين كانوا من نفس أصولي لم يتجرؤوا يوما للتقرب مني.. فالفتاة المتدينة لها مصطلح آخر للفتاة المعقدة .. لكنني كنت سعيدة بهذه العزلة التي أحاطوني بها .. فعلى الأقل بعد زواجي وكثرة الأقاويل لم يتجرأ أحدهم لتوجيه كلمة لي علما بأني أصبحت محط أنظار الجميع بعد ما كنت لا ألمح من أعينهم.


"أنا بألف خير كلارا .. أشكر لك اهتمامك." قلت لها ذلك بابتسامة مؤدبة والتي ازدادت اتساعا بهدوء عندما رأيت فك كلارا يتوتر وهي تطبق شفتيها على بعضهما بغيض .. استدرت حينها أمام نظراتها ونظرات من كانوا حولها .. وقد كان من الواضح بأني قد سببت لهم خيبة أمل كبيرة في إمكانية كلارا أن تقلل من شأني أو تسخر مني عندما قابلتها بكل هذا الهدوء المستفز الذي قطع عليها أي طريق تستمر فيه بالحوار الذي أرادته أن يكون جارحا هازئً .. واستمررت في المشي بين الأروقة غير مهتمة كعادتي للهمسات والنظرات الفضولية التي كان يرمقني بها الجميع كلما جئت إلى الجامعة .. حتى بدأت أكرهها بعد أن كنت أحب دراستي لدرجة لا توصف .. لكنني مازلت قوية كفاية كي أصمد أمام كل ظروفي فلست أنا من تخاف من نظرات الناس وكلامهم .. مع أني كنت أتمنى لو أن أحدهم بجانبي في هذه الأوقات التي تمر علي ببطء شديد ولا أعرف متى ستنتهي والمصيبة أني لا أظنها ستنتهي أبدا .. كنت أتمنى لو أن والدي بجانبي بعد ما أظهر لي اهتمامه من جديد الذي عقب موت ماريا .. لكنه عاود التخلي عني .. المشكلة أني هذه المرة أفهم أسبابه والذنب لا يقع عليه بل يقع علي أنا .. كلماته ما تزال تتردد في مسامعي بعد اتصاله الأخير بي .. بل إنها تعذبني كلما تذكرت قوله لي ببؤس وحزن كبير:" لم أتوقع يا سارة أني سأعلم بخبر اختفاء زوجك عن الساحة وأمر حملك من الصحافة .. يبدو أنك حقا لا تعتبرينني أباً لك."


لم أجد ما أقوله له حينها .. فأنا أخطأت ولم أعرف لماذا لم أخبره بخبر حملي .. لكني كنت مشوشة الذهن كثيرا ولولا علامات الحمل التي بدأت تظهر علي في الآونة الآخيرة بوضوح شديد لما علم أي أحد بسري الصغير .. كله بسبب بيتر الذي اختفى .. لم أظنه يوما جبانا .. تركني معلقة لا أنا متزوجة ولا أنا مطلقة و أنا الأخرى لم أستطع البحث عنه أو حتى الاتصال به .. كبريائي لم تسمح لي أن أبحث عنه ولو كان من أجل طلب الطلاق.


زفرت الهواء بألم قبل أن أدخل لقاعات المحاضرات الضخمة واعتليت المدرجات حتى جلست في المقعد الذي أجلس عليه عادة .. لم يكن هناك الكثير من الطلاب في القاعة .. ولم يبدؤوا بالتوافد إلا عندما اقترب موعد بدء المحاضرة .. امتلأت القاعة بالحضور قبل أن أرى عدة أساتذة يدخلون القاعة .. كنت قد جهزت دفتر محاضرتي في الوقت الذي كنت أعلم فيه أنها ستكون محاضرة مهمة جدا ..وقد كانت محاضرة سيقدمها عدة سياسيون ينتمون لأحزاب سياسية عديدة في البلاد .. لكن ما كان ينقصني أن تكون الصحافة موجودة لتصوير المحاضرة .. كان يجب أن أتوقع الأمر لتلك الأحزاب التي ستقدم برنامجها السياسي الجديد لجامعتنا أولا .. لكنني لم أحبذ وجود الكاميرات من حولي مباشرة .. مع أن عدساتها كانت تركز على السياسيين أكثر من الطلاب ومر البرنامج الأول الذي قدمه سياسي جديد من حزب تم تأسيسه جديدا في بلجيكا .. توالت عليه أسئلة الطلاب .. مع أني كنت أملك أسئلة عديدة له إلا أنني فضلت الصمت وقد تركت غيري يسألها له بدل أن أجذب اهتمام عدسة الكاميرا إلي .. وظللت على هدوئي عندما أعلن المقدم عن الحزب التالي .. كنت بكل تأكيد متوقعة أني سأحضر برنامج حزب والد بيتر .. لذلك أصبحت نظراتي باردة كالجليد و أنا أنظر لابنته سارة التي تقدمت من المنصة بكامل أناقتها وثقتها الكبيرة كي تلقي محاضرتها أمامنا .. وطبعا كان عدم حضور والدها متوقعا لأنه رئيس الحزب ولم يعد من مهمته أن يقدم محاضرات عن حزبه للجامعات منذ زمن طويل .. مرت بنظراتها على الجمع الغفير الذي كان أمامها .. ولم تتوقف نظراتها إلا علي عندما لمحتني جالسة بين الطلاب .. رمقتني بنظرات قاسية فلم تجد مني سوى نفس النظرات وربما أقسى ولم أتزحزح بنظراتي إلا عندما أبعدت هي عينها أولا عني كي تقول لنا بابتسامة واثقة:" نحن اليوم سنبتدأ برنامجنا بمفاجئة لكم جميعا."


ثم نظرت ناحية الباب الجانبي الذي كان يدخل منه السياسيون وقالت:" أقدم لكم العضو الجديد الذي انضم إلى حزبنا وهو قد أصبح إحدى ركائزه الأساسية .. بيتر يانسنس."


تعالت شهقات وصيحات الجميع المصدومة و المتفاجئة .. بينما أنا شعرت بهدوء غريب وسط كل تلك الضوضاء .. وكأني أصبحت أجلس وحيدة في تلك القاعة أنظر إلى تلك المرأة التي تحدثت لتوها عن الاسم الذي مازلت أحمله حتى الآن .. رمشت بعيني بهدوء عندما رأيته هو بشحمه ولحمه يعتلي المنصة .. وتناقض شديد في حلته الأنيقة السوداء وفستان أخته الملون الأنيق .. أزاحت له المكان حتى يستطيع الوقوف مكانها أمام المنصة. . وهناك نظر إلى الجميع بابتسامة مصطنعة لم تصل لعينيه حتى وهو يلقي تحيته على الحضور .. التقت أعيننا .. وبقيت أحدق فيه فاغرة فاهي غير مصدقة ما أراه .. هو الآخر ظهر وميض غريب في عينيه وهو ينظر لي قبل أن يبعد عينيه بسرعة عني وينظر للصفوف الأخرى من المدرجات غير الصف الذي كنت أجلس فيه .. ونهضت من صدمتي تلك على رؤوس رأيتها تلتفت إلي كي أعلم أني أصبحت محط أنظار الجميع في تلك القاعة وبات الكل يسترق النظرات إلي حتى يروا ردة فعلي .. حتى الكاميرات بنفسها وجدت الموقف كوجبة لذيذة يسيل لها اللعاب ولابد من التهامها .. موقف يجمعنا معا ويا له من موقف.


"حزبنا مازال في صراع مع من يريدون الشر لهذه البلاد .. هدفنا الأول أن نستعيد الأمان الذي فقدته بلادنا."


كان ينقل نظراته فقط الى الحضور الذين كانوا بلجكيين جداً عن أبا وهو يقول:" من منكم لم يتعرض للسرقة من الأجانب؟ من منكم من السيدات لم تتعرض للتحرش الجنسي والشتم والسب لأنها ترتدي ملابس قصيرة من طرف المسلمين المتطرفين مع أنها هي من تمشي على أرض بلدها؟؟ من منكم لا ينهض كل صباح مبكر حتى يذهب لعمله يكد ويجتهد من أجل حياة كريمة ويرى غيره من الأجانب يستغلون حكومته ومن دون أن يقوموا بأي جهد أو عمل يحصلون على مرتبات شهرية كبير بحجة فقط أنه لم يجد عملا في بلدنا أو انه مرضى ولا يستطيعون العمل."


ضرب بقبضة يده على المنصة وهو يكمل بحماس كبير:" لذلك علينا أن نكون يداً واحدة .. لانستطيع أن نعيد الامان لبلدنا إن لم تضعوا ثقتكم في حزبنا .. إنهم يسرقونا ويستغلونا ويعتدون علينا و يخربون ممتلكاتنا العامة في الشوارع وبسببهم أصبحت تجارة المخدرات تزدهر في بلدنا وأصبحنا نرى شوارع قذرة وبيوت عشوائية وبسبب خداعهم وسلبهم الأموال من حكومتنا كي تعيلهم بدون أن يعملوا مثلنا أصبحت مزانية البلاد تتراجع بعد ما كنا أقوى البلدان الأوربية سياسيا واقتصاديا .. بسببهم المسلمين الذين وصل بهم إرهابهم لإراقة دمائنا وقتلنا."


قال كلمته الأخيرة تلك كي تصطدم عينياه بعينَي .. ولكني لم أجفل حتى بل بادلته نظرة قوية أقوى من الجبال الشامخة نفسها .. مع أن قلبي في الداخل كان قد احترق بالكامل بسببه .. قبل أن يبعد أنظاره عني عندما رفع أحد الطلاب يده يريد توجيه سؤال له .. ضيق عينيه وهو ينظر للطالب الذي كان من الواضح أنه ليس بأوربي .. وكنت أعلم أنا بدوري أنه لم يكن عربي ولكن أصوله كانت أجنبية عن البلاد وديانته هي الإسلام:" حسنا سيد يانسنس .. كيف تطالب أبناء شعبك أن يضعوا يدهم في يدك لمحاربة المسلمين و أنت من تزوجت بمسلمة وعربية أيضا .. هل ستحارب زوجتك؟؟"


لم ينظر إلي بيتر مع أني شعرت بالعيون تسلط علي ممن كانوا يجلسون في القاعة وبقيت أنتظر لردة فعله التي كانت صادمة لغيري أما أنا فقد يئست منه تماما ولم يعد بقلبي مكان للألم لأنه قد تآكل بسبب نار هذا الحب وأصبح رمادا قاتما.


لم يتزحزح عن ثقته الكبيرة وبروده الشديد وهو يقول للجميع:" عبر كل العصور كان الإنسان يعلم أن أكبر خطيئة يمكن أن يقع فيها هي الحب المحرم و أنا وقعت فيه ولم أستطع منع هذا .. ولكنني سأحاول تصحيح خطأي .. والإنسان لابد أن يعود لأصوله وعاداته وتقاليده حتى لو ابتعد عنها لسنين طويلة."


بقيت على جمودي ذاك حتى عندما سمعت التصفيقات والهتفات تتعالى من حولي له .. لم أستغرب الشعبية التي حصل عليها حزبهم مؤخرا فالأحداث الأخيرة كانت في صف فيليب يانسنس بقوة بعد أن ماتت ابنته الصغرى وروعت المدينة بكاملها بسبب ذلك الهجوم المسلح.


لكنني سمعت صوت أنثوي من خلفي يقول:" أيها للحقير .. أنظري كيف يتكلم عنا وكأننا أسوأ البشر هنا."


كي يجبها صوت آخر أنثوي ناعم:" لكن الحقير وسيم جدا .. لا أفهم لمَ الحقيرين دوما وسيمين للغاية."


"ماذا هل أعجبك أيضا مثل تلك الخائنة التي تزوجت به .. أنظري كيف اعتبر زواجه غلطة ويريد تصحيحها لقد قال هذا أمامها و أمام الجميع."


علمت من صوتها الغاضب المرتفع أنها تحاول أن تسمعني رأيها بكل وضوح بينما صديقتها تكلمت بصوت اقل خفوتا وهدوءا ولا يخلو من العبث أيضا:" وهل قال غير الحقيقة عنا .. لا نستطيع أن نقول له بان ما يحصل في بلاده ليس بسببنا نحن المسلمين."


هتفت فيها الأخرى:" لسنا كلنا هكذا .. ولكن تلك الفئة هي من تشوه صورتنا جميعا."


عندها لم أستطع البقاء صامتة أكثر ورفعت يدي أمام الجميع مسببة له ذهولا شديدا .. ضيق عينيه وشعرت به كمن ارتبك لأنه لم يتوقع أن أتحدث أثناء محاضرته تلك .. طلب من الحضور أن يوقفوا تصفيقاتهم كي يعطيني الإذن بطرحي سؤالي وعندها تحدثت وأنا أثبتُ عيني المتحجرتين على عينيه هو لا غير:" سيد يانسنس اسمح لي بمناقشتك في النقاط التي تحدثت عنها .. و أولها أزمة البلاد الاقتصادية .. فيبدو واضحا أنك قبل أن تعتلي هذه المنصة قمت بمشاهدة بعض خطابات ادولف هتلر الزعيم العنصري."


سمعت بعض الضحكات من حولي .. كي يهتف بيتر بغضب أخفاه تحت غروره ذاك .. ناسيا أني عشت معه مدة جعلتني أحفظ تعابير وجهه جيدا وما يخفي خلف بروده:" ما تقولينه..."


لكني قاطعته بحزم قائلة:" سيد يانسنس لو سمحت دعني أقول رأيي كاملا ولا تقاطعني .. أنت تعلم هذا لأنك ابن بلد ديمقراطي .. أليس كذلك؟؟"


زم شفتيه رافعا رأسه وجزمت أنه كتم زفرة ضيق قوية بداخله قبل أن يقول لي ببرود:" تفضلي."


"جعلت الأجانب هم شمعتك كي تعلق عليها سبب فشلك في إدارة شركتك."


هتف من جديد غير قادر على الصمت على كلماتي المهينة له:" ما دخل هذا..."


"لا تقاطعني أرجوك .. لم أكمل كلامي بعد."


وعندما صمت مرغما عنه أكملت حديثي قائلة وسط همهمات الطلاب في القاعة:" يبدو أنك كنت تعاني من خطر الإفلاس ولهذا بعت شركتك واتخذت المجال السياسي الذي هو في الأصل ليس بمجال تعلم عنه الكثير وتريد للناس أن يثقوا بك .. سيد يانسنس سأوجه لك نصحية و هي أن تكون شجاعا وتعترف بفشلك بعملك بدل أن تحاول إيجاد لنفسك كبش فداء تلقي عليه باللوم لمَ وصلت إليه البلاد من مشاكل وترددات في قواها السياسية والاقتصادية."


كان الجميع ينتظر جوابه وكالعادة كان مفاجئا لا تستطيع التنبؤ بأفكاره .. فعندما توقعت كما توقع الجميع أنه سيثور ويضطرب بسبب إهاناتي المتكررة له .. حصل العكس عندما ابتسم ابتسامة جذابة خطيرة عكس أخته التي كانت ما تزال تقف بجانبه والتي كانت تنظر إلي بمنتهى الحقد والكراهية .. ثم قال بصوت يكسوه التحدي والثقة الكبيرة:" تحاولين تغطية الواقع بغطاء مليء بالثقوب للأسف." قال ذلك ثم نقل نظراته بين الجميع مؤكدا:" أنا لم أعلن إفلاسي .. أنا بعت شركتي ليس لأني فشلت في عملي بل لأني أردت أن أمنح ما تبقي من عمري لبلدي والعمل من أجل تنظيفها من الإرهابيين الذين قتلوا أختي وقتلوا الكثيرين منا .. أخبروني أنتم .. هل قلت شيئا غير صحيح؟؟ هل كذبت فيمَ تعانيه بلادنا بسبب المسلمين؟؟ هل كذبت فيمَ يتعلق بالسرقة والاعتداءات والمتاجرات الممنوعة والقتل؟؟ أخبروني؟؟" ثم التفت إلي والكثير من الرؤوس تومئ له بصحة كلامه كي يسألني أنا الأخرى بنظرات قاسية:" أخبريني أنت سيدتي هل ما قلته كذب؟؟"


ضممت قبضتي ببعض بقوة كبيرة .. فقد أحرجني بسؤاله ذاك .. كيف يمكنني الدفاع عن ديني والمسلمون أنفسهم أعطوهم دلائل ملموسة عمَّ يعتقدونه فينا كإرهابيين .. وشعرت بالغضب ينفجر بداخلي كي أقول له:"الآن أصبحوا المسلمون يثقلون عليكم؟؟ فقط لان فئة لا تمثلهم تقوم بتصرفات همجية غير مقبولة أصبح على كل المسلمين الخروج من هذه البلاد؟"


"ومنذ متى لم يكونوا غير همجيون إرهابيون قاتلون؟؟"


"سيد يانسنس ربما عليك التأكد أولا من هم الإرهابيون الذين يعشقون إراقة الدماء وسرقة ممتلكات غيرهم .. يبدو أنك تجهل تاريخ بلدك المشوه بالقتل والدماء سيد يانسنس .. المركز الذي تقف فيه الآن والهناء والرفاهية التي تتمتع بها هي على حساب الملايين قتلهم أجدادك في الكونغو أثناء الاستعمار وهُرب الذهب والألماس من هناك حتى أصبحت دولتكم عاصمة الألماس الأوروبية .. الملايين ماتوا وأريقت دمائهم فقط لأنكم أردتم سرقة ممتلكات بلدهم .. أنتم وكل البلدان الأروبية استعمرت أراضينا لوقت طويل ولم نحصل على الاستقلال إلا بعد سنوات من الصراع و إراقة دماء أبناء وطننا .. ومازلتم حتى الآن تقتلون وتنهبون في الأراضي الأفغانية وغيرها من الدول الإسلامية."


"هل أنت مجنونة .. تتحدثين عن ماض قديم جدا."


كان من الواضح أن كلامي قد استفزه لصيحته تلك الذي افتقدت لأول مرة منذ بداية ذلك اللقاء إلى اللباقة .. لكنني أجبته بكل قوة وقد استفزني كلامه أنا الأخرى غير قادرة على التعامل ببرود كما البداية:" الماضي يصنع الحاضر والمستقبل سيد يانسن .. وأنتم صنعتم حاضركم بأنفسكم لولا تهجمكم على بلداننا ما كنا سندري ببلدانكم ونأتي إليها بعدها .. إذا فكل الذي يحصل لكم الآن انتم السبب فيه وعليكم أنتم إيقاف جشعكم وإرهابكم حتى تتوقف هذه الضريبة الصغيرة التي تدفعون ثمنها الآن وتقومون بالتحجج أنها غالية."


ووقفت بعدها أمام أنظار الجميع أمسك بحقيبتي و أدس فيها دفتر ملاحظاتي وكل حاجياتي كي أنزل من المدرجات بقوة أمام الجميع الذين كانوا كمن ابتلعوا ألسنتهم وقد صدمتهم حقيقتهم .. توجهت إلى باب القاعة وهناك اعتلت الفوضى المكان عندما هجم علي رجال الصحافة الذين كانوا حاضرين في تلك المحاضرة السياسية .. حاصروني عند الباب وأسئلتهم تنهال علي بلا رحمة .. لم أستطع التركيز في كلامهم و أنا أشعر أنني سأنفجر .. بل غير قادرة على تحمل كل ذلك .. ودار كل شيء من حولي و أنا أمسك بجبيني .. حتى تهاونت قدمي في لحظة وتمايلت بوضوح في وقفتي قبل أن أفهم أنني كنت أوشك على السقوط عندما سمعت صرخته القوية:" سااااارة."


أغمضت عيني و أنا أشعر أني لم أصطدم بالأرض القاسية.


"سارة هل أنت بخير حبيبتي؟"


فتحت عيني عندما سمعت همسته تلك قريبة مني ولم تصل سوى لمسامعي أنا .. فالتقت عيناي بعنيَه الزرقاوتين .. ااه يا الله للحظة نسيت نفسي عندما رأيتهما تشعان بالحب .. ذلك البريق الذي افتقدته في عينيه منذ موت ماريا عاد للحظات إلى الحياة لكنه انطفأ في جزء من الزمن حتى يذكرني بواقعي الأليم .. كان قد تلقفني بين ذراعيه وطالب الجميع بقسوة من الصحافة والطلاب الذين اجتمعوا حولي قائلا:" ابتعدوا عنها .. افسحوا لها المجال حتى تتنفس."


رمشت بعيني عدة مرات و أنا أحاول الوقوف على قدمي في الوقت الذي كنت أرى فيه الوحيدة التي لم تبتعد من جانبه .. أخته التي كانت تكز على أسنانها بغيظ وهي تنظر لأخيها يسندني على ذراعيه محدثا انفجارا قويا أمام الجميع من تناقضه الشديد وقد كان لتوه يتلو خطابا عن محاربة المسلمين كي يركض عند زوجته المسلمة أمام الجميع يسندها عليه بخوف وقلق كبيرين مع أنها جادلته أمام الجميع بكل شراسة وقوة ..تركني أستقيم في وقفتي من دون أن تترك يده ذراعي وهو يردد علي سؤاله ولكن بطريقة رزينة:" هل أنت بخير؟ عليك رؤية الطبيب الآن."


نظرت إليه و أنا أحاول أن ألتقط أنفاسي المضطربة بسبب تعبي ثم قلت:" أنا بخير .. فقط هذا الجو سبب توترا وإرهاقا لي وقد أصبحت سريعة التأثر بسبب حملي."


رأيته يخفض بصره مع كلماتي الأخيرة إلى بطني ينظر إليها قبل أن يفاجأ بيد أخته وهي تضغط على ذراعه .. التفت إليها .. فقالت له من بين أسنانها بخفوت أمامي:" دعها بيتر .. يكفي فضائح أمام الصحافة .. إنهم لم يتوقفوا عن تصوير ما حدث."


رفع عينيه بيتر بعدها ينظر خلف كتفي للصحافة التي كانت تترصدنا وكان كمن قد نسي أمرها وتذكره لتوها .. كي ينظر لي بعدها.. فهزته أخته قليلا مرددة بخفوت وإصرار كبير:" يكفي .. دعنا نذهب .. كل جهودك ذهبت سودا بفعلتك الحمقاء هذه."


ابتسمت في نفسي بهزء عندما سحب يده من ذراعي وفي عينيه نظرات أسف لي .. على ماذا يتأسف؟؟ قلت ذلك و أنا أستدير مبتعدة عنه أنا الأخرى بعد أن أصبحت عائلته تسيره كما تريد .. فليس ذاك هو بيتر الذي أحببته والذي كان يمتلك شخصية قوية لا يمكن لأحد أن يتحكم فيها .. وقف أمام الصحافة أحد الدكاترة الجامعيين والذي كنت أحب حضور محاضراته والمشاركة دوما برأيي فيها .. طلب منهم إفساح الطريق لي .. وقد فعلوا ذلك على مضض عندما أخبرني أمامهم بوجوب ذهابي إلى عيادة الجامعة .. وقد رافقني إليها وهناك اطمأننت على صحتي وتركوني أرتاح على السرير الطبي حتى يذهب الدوار كاملا عني .. سمعت الأستاذ الذي كان في أوائل الأربعينات يقول لي بصوت لطيف:"لم يكن عليك أن توتري نفسك وخصوصا أنك امرأة حامل."


حاولت الابتسام قائلة:" أشكرك ولكني حقا أشعر أني بخير."


"تبدين شاحبة يجب عليك...."


قاطع كلامه طرقات قصيرة على الباب قبل أن يفتح بدون إذن أحدنا للطارق بالدخول .. ظننتها للوهلة الأولى إحدى الممرضات قبل أن أفتح عينَي على وسعهما عندما رأيت بيتر يدخل وحيدا وقد كان واضحا أنه بصعوبة قد هرب من الصحافة .. هو الآخر تفاجأ عندما وجد الأستاذ أيضا في الغرفة يقف بقرب السرير الذي كنت مستلقية عليه .. لكنه سرعان ما تظاهر بعدم المبالاة وهو يقترب مني سائلا:" هل أنت بخير؟"


أنا الأخرى أجبته بنفس التحفظ:" بخير .. شكرا لسؤالك."


"جيد .. فهذا يعني أنه يمكنني التحدث إليك."


قال ذلك وهو ينظر من حوله بكل وقاحة يطلب منهم الانصراف بصمت .. لكن أستاذي قبل أن يخرج من الغرفة مع الممرضة قال لي متجاهلا وجود بيتر:" لا توتري نفسك .. ويمكنك دوما طلب مساعدتي."


"شكرا دكتور هيرمان."


قلت ذلك بابتسامة ممتنة وبعد أن أغلق الباب خلفه تحدث بيتر بنبرة سمعت بين طياتها نوعا من السخرية المبطنة:" يبدو أنه مهتم بك."


نظرت إليه بشرر صامت .. حيث أنني لم أفكر يوما بلطافة أستاذي على أنها تودد لي .. إنه فقط رجل طيب محترم يحب اهتمامي الكبير بمحضاراته والمجال الذي درسه..ولذلك قلت لبيتر بحدة:" ما الذي تريد التحدث به معي؟ غير أن تقول لي متى سنتطلق وكيف تختفي لشهرين وتتركني معلقة هكذا؟؟"


اخفض عينيه بعبوس قائلا:" آسف لأني تأخرت عليك .. ولكنني كنت أسافر في الآونة الأخيرة كثيرا ومشغولا جدا بمنصبي الجديد فالأمر لم يكن هينا."


"ااه أجل صحيح مشغول أن تصبح رجل سياسي في حزب والدك."


نظر إلي بوجوم لا يفارقه قبل أن يقول:" لقد طلبت من المحامي قبل أسبوعين أن يبدأ بإنجاز معاملات الطلاق وتعلمين أنها تأخذ وقتا أيضا."


"ولماذا لم تطمئني على الأقل أنك تحدثت مع المحامي عن طلاقنا."


أجابني بتلقائية وهو يتحرك في مكانه خطوتين إلى الأمام:" كنت أنتظر حتى يعرفوا بخبر حملك أولا و لكن الصحافة كانت أسرع مني."


"أجل ففضلت أنت الهرب من مواجهة الصحافة وتركتني لوحدي في الساحة."


صاح مدافعا عن نفسه بقوة:" لم أتركك لوحدك ولكن ظهوري ما كان لينفعك ثم أني قلت لك أني كنت كثير السفر."


"لا يهمني هذا الآن .. فقط أخبرني ما كانت ردة فعل عائلتك عن حملي لأنهم لم يزعجوني بهذا الأمر."


"أجل لقد حذرتهم من فعل هذا .. و أجبرتهم على تقبل الأمر مع أنهم كان لديهم شرط و أنا نفذته لهم حتى يتركوك وشأنك."


ضحكت بسخرية مريرة جعلته ينظر إلي بتوجس قبل أن اصرخ فيه فجأة:" الآن أصبحت تحاول حمايتي؟؟ يا لحبك الكبير لي؟؟ لتوك أهنتني وجرحتني أمام زملائي في الجامعة و أساتذتي و أيضا أمام الصحافة .. كيف تجرأت على أن تحاربني و أمامهم؟؟ يا لك من حقير خائن."


"أنا الحقير الخائن الآن؟؟" أجفلت بشدة عندما صرخ في بذلك .. وهو يقترب مني كي يضرب جانب السرير بقبضة يده هاتفا من بين أسنانه المطبقة:" من قام بالفضيحة أمام الجميع؟؟ أليس أنت؟؟ ما كان عليك الكلام سارة .. كيف تجرأتي أنت على مجادلتي أمام الجميع وماذا كان كلامك .. أنتم هم الإرهابيون السارقون الحقيقيون سيد يانسنس وليس نحن ."


قال جملته الأخيرة وهو يقلد صوتي ساخرا بغيظ قبل أن يضيف بغضب كبير:" كان عليك أن تغلقي فمك سارة."


رفعت رأسي بقوة حينها كي أجلس مستقيمة على السرير و أهتف فيه أنا الأخرى بغضب مشتعل:" هل كان علي أن أصمت لك و أنت تتهمنا بكل تلك الأشياء الشنيعة من دون أن أدافع عنا نحن المسلمين؟"


"من تقصدين بكلمة نحن سارة؟؟ أنت لست منهم و أنا لم أكن أقصدك أبدا بكلامي .. بل قصدتهم هم."


"أنت مختل عقليا .. شئت أم أبيت .. أنا من أولئك الذين أعلنت عنهم الحرب الآن أيها المريض عقليا."


شهقت عندما أمسك بذراعي بقوة .. كي يهمس بغضب شديد وعينيه لا تتركان عيني:" أنا سُلب منه كل شيء .. أخذوا مني توأم روحي ماريا و أخذوا مني أختي الثانية وبراءتها."


رأى الاستغراب في عيني فأكمل موضحا:" من رأيتها أمامك هي جسد بدون روح .. تلك الشقراء التي أصبحت عيناها مليئتان فقط بالقسوة والكراهية كانت قبل سنوات ذو عينان مليئتان بالحب والحنان لرجل عربي مسلم منحته كل شيء قلبها وجسدها وفي الأخير تركها حامل منه وتزوج بقروية أتى بها من بلاده لأنه حسب ما أخبرها به أن أصوله وعاداته ودينه لا يمكن أن يسمحوا له بان يعطي عاهرة مثلها شاركته السرير قبل الزواج اسمه وشرفه .. لقد حطمها وجعلها بنفسها تذهب كي تجهض طفله .. ولكن كل هذا في كفة و أنت في كفة ثانية لأن اهم شيء حرموني منه في كل حياتي .. هو أنت سارة .. لقد حرموني منك ومن طفلنا .. دينك حرمني منه ولهذا أريد محاربته."


تتبع بعينيه دمعتي التي نزلت من عيني وتدحرجت بألم كبير على خذي قبل أن يطلق سراح يدي ويقول لي بقسوة:" علي الذهاب الآن .. اهتمي بنفسك وبالطفل وحبذا لو تتركين ذلك العمل الغبي الذي وجدته وتقبلين بالمبلغ الشهري المحترم الذي أرسله لك حتى لا تتعبي الطفل .. لا أريد له الأذى بعد الآن .. لأنه كان واحدا من أحلام ماريا أن ترى أطفالا لي منك."


تمتمت قائلة:" كنت تريد أن أجهضه."


"فكرت كثيرا ووجدت أن قراري ذاك كان متهورا .. ماريا ماتت فلا يمكنني أن أقتل لها حلما يمكنني تحقيقه."


"فقط من أجل ماريا؟"


أسبل أهدابه بحزن .. وقد اتخذ الصمت كجواب لي .. قبل أن يستدير ويتوجه للباب لكنه قبل أن يفتحه صحت فيه بقوة:" أنت لا تحب هذا الطفل .. لذلك أنا أحررك من واجباتك اتجاهه .. وسيبقى طفلي .. وحدي أنا."


التفت إلي بقوة قائلا بإصرار خطير:" مستحيل أن أترك لك هذا الطفل حتى تربيه لوحدك .. إنه يحمل دمائي ولا يمكن له أن يصبح واحدا مثلهم .. حضانته لك صحيح ولكن مع ذلك علي أن أحرص على أن يراني دوما حتى لا يعتنق دينك ويختلط بالعرب وعاداتهم."


ثم أردف بنفس القسوة:" ولحل وسط بيننا .. سيبقى هذا الطفل من دون ديانة حتى يصبح راشدا ويختار الديانة التي يريدها بنفسه.. أعتقد بان هذا هو العدل بعينه."


"مستحيل." تمتمت بذلك بذهول .. ولكن من كان ليسمعني أو يلتفت إلى المصيبة التي انهالت على رأسي لتوها .. فقد خرج بيتر بعدها وبقيت وحدي أنظر أمامي كالمخبولة قبل أن أرفع ذراعي و أحيطهما ببطني بخوف كبير.

يتبع......


maroska غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملوك تحت رحمة العشق

رد مع اقتباس
قديم 03-02-13, 11:20 PM   #9336

maroska

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وأميرة حزب روايتى للفكر الحر وعضوة القسم السياحى المميزة

alkap ~
 
الصورة الرمزية maroska

? العضوٌ??? » 141454
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 4,911
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » maroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond repute
افتراضي

أسيل



كنت أطوي تلك الثياب التي أدخلتها من الشرفة .. بعد أن جففها الهواء الطبيعي .. بينما باسل كان منبطحا أرضا يرسم على كراسته الجديدة .. ورفعنا كلينا رأسينا حتى ننظر للذي دخل البيت .. وكأننا لا نعرف أنه رشيد ومن غيره معنا في ذلك المكان المنعزل عن العالم الخارجي .. رميته بنظرات باردة لا مبالية قبل أن أحني رأسي وأتابع ما كنت أفعله وليس من الغريب أن باسل فعل المثل وتجاهل حضور والده مكملا رسمته بأقلامه الملونة التي كانت تتدحرج بفوضوية من حوله .. كنت أرى حذائه على الأرض وهما يقترب باتجاهي .. كي أشعر به يجلس بعدها بجانبي على الأريكة الوحيدة الموجودة في ذلك البيت .. بقي صامتا لدقائق طويلة يستمع لحركاتنا البسيطة .. ولأنفاسنا الرتيبة .. قبل أن أراه يمد ذراعه كي يمسك بذراع باسل الذي فزع من حركته تلك وأسقط قلمه على كراسته صارخا بطفولية وعناد عندما جذبه رشيد حتى يقف على قدميه وقربه إليه .. ولم أحرك ساكنا بل حافظت على صمتي وعدت لإكمال ترتيب الثياب عندما أجلس باسل رغما عنه على ركبتيه قائلا له:" لماذا أنت عنيد هكذا؟"



"أنا لست عنيدا."



رأيته بطرف عيني وهو يقبل باسل على خذه قبل أن يبتعد عنه ويقول بصوت واضح وكأنه يقصد أن يوصله لمسامعي أنا قبل مسامع باسل:" أنا لا أقبل لأحد أن يعاملني بهذه الطريقة غير اللائقة ولكن حبي لك هو ما يشفع لك أخطائك معي باسل."



هتف باسل بنفس العناد الذي لا يتزحزح عنه بسهولة:" أنا لم أخطئ أبدا أنت الذي رفضت طلبي البسيط وغضبت مني."



"أنا غضبت منك لأنك لا تستمع كلامي .. ثم أنني لم أرفض طلبك بل فقط أجلت تلبيته من أجل مصلحتك."



"لكن..."



قاطعه رشيد بهدوء:" أخبرني أولا .. هل كانت تنفذ جدتك كل طلباتك .. و ألم تكن تغضب أحيانا منك وتصرخ."



"لا جدتي..."



قاطعه رشيد ثانية وبحسم لطيف:" أخبرني الحقيقة باسل .. الرجال لا يكذبون."



ابتسمت باستهزاء مسموع .. كنت متأكدة أن رشيد قد رآه .. فهو آخر من يمكنه أن يتحدث عن الكذب بعد أن جعلني أعيش في كذبة كبيرة لأشهر طويلة .. لكن الذي كان يغيظني حينها و أنا في أوج غضبي أني سامحته بكل سهولة.


سمعت من جديد باسل يتحدث غير منتبه للتوتر الخفي بيني وبين والده:" حسنا أنا لا يجب أن أكذب .. جدتي كانت تغضب مني عندما لا استمع لكلامها و أحيانا كثيرة كانت تصرخ في وجهي."



"ولكنك كنت تبقي على حبك لها ولا تستمر في عنادك معها."



"لا لأنها تحبني."



""و أنا أيضا أحبك بني."



استرقت النظر إليهما من جديد عندما رأيت رشيد يضم باسل إليه .. فحل بي شعور غريب.. سعادة ممتزجة بالغيرة .. السعادة لرؤيتهما في ذلك المشهد الدافئ الجميل والغيرة لأني كنت خارج ذلك الدفئ ولأن رشيد صالح ابنه بينما أبقى على بروده معي الذي كان متبادلا.



"دعنا نذهب للمطبخ سأعطيك رقائق البطاطا التي تحب .. فقد كنت عاقلا وتناولت غذائك."



زفرت الهواء بضيق شديد عندما رحلا ودخلا المطبخ قبل أن أعود بسرعة للانشغال بالملابس التي كانت بين يدي لسماعي لخطواتهما العائدة إلي. وقف أمامي باسل وعندها رفعت إليه عيني عندما رايته يمد لي بصحن مليء برقائق البطاطا قائلا:" هذه لك أسيل .. فأنت أيضا تحبينها مثلي."



"لا أريد شكرا."



عبس بوضوح لذلك البرود الذي كلمته به قبل أن ينظر لوالده بصمت والذي على ما يبدو أومأ له أن يدعني وشأني فقد ابتعد باسل من أمامي بدون أن يلح علي أن آخذ الصحن منه ووضعه على الطاولة ثم عاد ووضع صحنه هو على الأرض حتى يتناول منه أثناء رسمه .. ونظرت إليه حينها بندم شعرت به ينخرني فقط لأني تحدثت إليه بتلك الطريقة الخالية من الحنان واللطف التي كنت أتعامل بهما معه من تلقائية لم أعرفها من قبل كما عرفتها مع ذلك الصغير ..لكن والده آلمني بشدة .. أعرف أنه ليس ابني و أنا لم أقل أنه طفلي .. لكنني صادقة في حبي له وصادقة في سعادتي بوجوده معنا في ذلك البيت .. فقد أصبحت أشعر أني مرتبطة بباسل بشدة وهذا الارتباط يزداد قوة يوما عن يوم.



وضعت سرواله الصغير الذي كنت أطويه جانبا على الأريكة وحينها رأيت رشيد يمد يده لسروال الجنيز ذاك ويتحسس ركبتيه بأنامله .. فقلت له و أنا أرى تلك البقع الخضراء التي كان يتلمسها على سروال ابنه:" لقد غسلته عدة مرات وقمت بأكثر من جهدي حتى أغسل عنه تلك البقع التي يتسبب فيها العشب الرطب عندما يسقط الولد عليه لكنها أبت أن تختفي."



استمر في لمسه لسروال ابنه وهو يقول:" أعرف هذا."



"من الجيد بأنك تعرف و إلا لكنت قد قلت أنني أتعمد ألا أغسل ثياب ابنك جيدا مع أن يدَي قد تورمت من كثرة الغسل."



لم أجرؤ على رفع عيني إليه .. فقد شعرت أن صمته لا يوحي إلا بغضبه على كلماتي .. ولا يبشر بخير أبدا .. لذلك استمررت في طوي تلك الملابس بسرعة عنيفة .. قبل أن أفاجأ بيده تمسك بيدي بجرأة وقحة وتوقفها عن عملها فكانت ردة فعلي أني شهقت عاليا للوهلة الأولى قبل أن أتدارك نفسي و أغلق فمي لكن بعد ماذا؟ بعد أن التفت إلينا باسل بسرعة .. عندها أبعد رشيد يده عني وهو يعود كي يستقيم في جلسته متمتما بصوت وصل فقط لمسامعي:" عليك دوما أن تفضحينا."



كلماته تلك أشعرتني برغبة في الضحك عاليا لكني كتمت ضحكتي في داخلي ولم تبقَ منها سوى ابتسامة تحتل وجهي لم أستطع إخفائها عن باسل الذي كان ما يزال يحدق بنا بفضول .. وقد ارتاب لمَ يحصل بيننا أنا ووالده .. عندها فتحت فمي وقلت له حتى أبعد أنظاره عني التي لم تريد مفارقتي:" باسل من الأفضل أن تنهي رسمتك لأنك بعد قليل عليك الذهاب إلى الحمام حتى تستحم وتنام."



وكما توقعت نسي ما جذب اهتمامه في نظراتنا أنا ورشيد والتفت إلى كراسته يكمل تلوينها وهو يقول معترضا بطفولية:" ولكن الوقت مازال مبكرا."



"فقط أنهِ رسمتك حتى أراها."



قلت ذلك في الوقت الذي رأيت فيه رشيد ينهض عن الأريكة .. راقبته وهو يتجه لباب البيت ومن دون أن يقول لنا شيئا فتحه وخرج .. يا للرجل الغريب لا يحلو له سوى في الليل التجول في الغابة وحيدا .. مازال غريبا وغامضا ومازلت لا أعرف عنه سوى عشرة في المئة من حقائق حياته .. لكني لا أعرف لمَ تمر علينا الأيام ولا أستطيع سؤاله .. ربما لأني في داخلي خائفة من معرفة المزيد عنه .. خائفة من معرفة شيء قد يجرحني بعد أن كانت كلمته التي اعترف لي بها بحبه هي المرهم السحري الذي شفى جروحي الماضية .. وربما أيضا لأن تكتمه وصمته شجعني على عدم إصراري على معرفة حياته خصوصا حياته الماضية.



كنت أطوي قميصا يخص رشيد قبل أن أتوقف و أسترق النظر لباسل الذي وجدته غارقا في ألوانه .. عندها رفعت القميص عند أنفي واستنشقت رائحته قبل أن أبعده عني و أنا أشعر بشوق جارف له أنساني غضبي منه وكان ضحيته باسل المسكين الذي كلمته قائلة:" باسل سأذهب لتجهيز الحمام لك .. حتى تستحم وتنام."



رفع رأسه إلي مستغربا وهو يهتف:" ولكن مازال الوقت مبكرا."



"غير صحيح لقد تأخر لوقت." قلت ذلك و أنا أمسك ببدلته المخصصة للنوم و التي غسلتها في ذلك اليوم وبعض من ثيابه الداخلية أضعها جانبا و أنا أردف:" وهذا ما سترتديه بعد أن تستحم."



جهزت للطفل الحمام بسرعة وتركته يستحم بعدها ثم تأكدت من دخوله للفراش وكما توقعت الحمام الدافئ والسرير المريح جعلاه يغط في النوم العميق خصوصا أن هذا لم يكن صعبا عليه مهما أظهر من رغبة في السهر .. لأنه كان طفلا كثير الحركة والنشاط وهذا ما يجعله في المساء مرهقا ومنهك القوى.



عندها صعدت العلية وهناك ذهبت حيث كانت ثيابنا ما تزال في الحقيبة وليس لدينا مكان آخر كي نرتبها فيه .. وأخرجت عندها أجمل قميص للنوم جلبه لي ضمن تلك الثياب التي كان قد اشتراها لي قبل أن يخطفني .. ولم يكن قميص من الحرير أو الدانتيل .. بل كان قميص قطنيا كجميع مناماتي .. لكنه كان قميصا جميلا رغم بساطته .. كان قصيرا يصل لأعلى الفخذين ولونه زهري منقط بالأسود بحمالتين رقيقتين بينما زين منطقة الخصر وتحت الصدر شريط ناعم أسود اللون.



خلعت عني ذلك الفستان الطويل الذي كنت أرتديه طوال اليوم وقد كان هو الآخر جميلا بدون أكمام لكن بقايا الطعام و أنا أعده وحتى الصابون أثناء الغسيل قد تركت آثارها عليه .. وارتديت بعدها بسرعة قميص النوم ذاك ثم نزلت درج العلية وبسرعة دسست أناملي في شعري الذي كان مربوطا في أعلى رأسي بفوضوية وقد أفلتت من الربطة عدة خصلات أحاطت وجهي ورقبتي .. فرميت الربطة جانبا وحررت شعري بيدي من عقاله تاركة إياه ينسدل بدلال على كتفي وظهري .. ثم خرجت من البيت بهدوء حتى لا أوقظ باسل .. زفرت الهواء بعمق و أنا أراه واقفا على المنصة الخشبية التي كانت عند البحيرة .. قبل أن أتحرك أخيرا إليه بهدوء وخطوات ثابتة .. .. ومشيت أنا على ذاك الممر الخشبي حتى وصلت إليه وهو يقف بقامته المديدة يضع يديه في جيبي بنطلونه يحدق أمامه بسكون كبير .. عندها تأملت أنا الأخرى ذلك المكان الذي كان رائعا .. إلى القمر الذي انعكس ضوئه على سطح البحيرة المعتمة والنجوم التي كانت تملأ السماء كأنها فوانيس سحرية و أصوات حفيف الأشجار والحشرات تصل لمسامعنا .. بقيت صامتة في مكاني و أنا أعلم أنه بكل تأكيد قد أحس منذ البداية بوجودي معه .. في الأخير التفت إلي قائلا:" كنت أنتظرك."



رفعت إحدى حاجبي عاليا وقلت له محافظة على برودي المتظاهر ذاك:" وهل كنت واثقا بأني سآتي إليك؟"



أومأ برأسه وهو ينظر إلي بنظرات سودواية تلمع في تلك الظلمة:" أجل كنت واثقا و إلا لما بقيت أنتظرك هنا."



"وهل علي أن آتي أنا إليك دوما؟"



"وما الفرق؟"



قال ذلك كي يمد يده ويمسك بيدي يجذبني إليه بلطف:" تعالي."



تنهدت بعمق عندما أحاط خصري بكلتا ذراعيه وهو يقف ورائي ملتصقا بي .. لكنني مع ذلك رفضت أن أستسلم له بسهولة لذلك قلت له و أنا أنظر أمامي إلى الغابة المظلمة التي كانت على الجهة الثانية من البحيرة:" مازلت غاضبة منك رشيد."



لم أستطع منع ابتسامتي عندما طبع قبلة حميمية على خذي قبل أن يقول لي بهمس دغدغني:" لقد أعطيت الموضوع أكثر من حقه .. أنه شيء تافه أن نتشاجر من أجل رقائق البطاطا."



قلت مصححة له كلامه: "لا ليس الأمر هكذا و أنت تعرف هذا .. لقد جرحت مشاعري .. اتهمتني بأني لا أعتني بابنك .. مع أني أقوم بكل شيء من أجل أن أشعره بالراحة والسعادة معي."



نظرت إلى يديه وهو يسحبهما من على بطني كي يمسك بذراعي بلطف ويديرني إليه ببطء حتى ينظر إلى وجهي .. كانت نظرته في كامل جديتها لي أثناء قوله:" أنا لم أشكك في اعتنائك بباسل .. أنا أرى كل شيء بعيني وأعلم أنك تحبينه أيضا حتى ولو لم تقولي لي هذا يوما."


أخفضت نظري عندما كشف عن مشاعري لابنه .. لكنني رفعتهما من جديد إليه عندما أردف:" ولكن أسيل أن تحبيه لا يعني أن تنفذي كل طلباته بالحرف الواحد إنها ليست المرة الأولى التي تلبين طلبه بدون تفكير .. تلك المرة فقط غبت عنكما قليلا حتى طلب منك أن تتجولا في الغابة وحدكما وكنت ستلبين طلبه لو لم أوقفكما .. أسيل عليك أن تكوني حاسمة معه من أجل مصلحته."



هتفت بتلقائية:" لا أستطيع رشيد .. إنهما فقط شهران أمضاهما معي و أخيرا بدأ يناديني بأسيل بدل زوجة أبي تلك الكلمة التي امقتها والتي كانت تخرج من فمه ببرود شديد ونفور مني .. وبدأ يتقرب مني ويطلب مني ما يحبه .. لا أريد أن أخسر ثقته بي التي كسبتها لتوي."



قال بحزم شديد:" ولن تكسبي حبه إن بقيتي فقط تلبين طلباته."


رميت بعض من خصلات شعري خلف ظهري و أنا أقول بعدم رضا:" كما تريد .. أنت الأدرى بابنك."

يتبع....


maroska غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملوك تحت رحمة العشق

رد مع اقتباس
قديم 03-02-13, 11:23 PM   #9337

maroska

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وأميرة حزب روايتى للفكر الحر وعضوة القسم السياحى المميزة

alkap ~
 
الصورة الرمزية maroska

? العضوٌ??? » 141454
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 4,911
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » maroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond repute
افتراضي

"لا تكرري هذه الكلمات ثانية."



رفعت رأسي إليه بسرعة أذكره بكلامه صباحا:" أنت الذي طلبت مني ألا أتدخل لأنه ابنك."



بقي ينظر إلي بنظرات جعلتني غير قادرة على إضافة أي كلمة أخرى .. قبل أن يرفع يديه ويمسك بذقني يضغط عليه بشدة خالية من القسوة قائلا:" أنا لن اكرر ما قلته صباحا أبدا .. هذا وعد مني سأفي به طيلة حياتي .. وعليك أن تعلمي أن أمنيتي أن يعتبرك يوما أمه الثانية بعد أمه التي ولدته .. علينا أن نمنحه بعضا من الوقت فقد ماتت جدته فقط قبل ستة اشهر وبعدها انقلبت حياته رأسا على عقب عندما أبعدته عن بلده وبيته وأصدقائه ومدرسته واتيت به إلى ايطاليا .. كان عليك أن تريه في تلك المدة لقد كان عصبيا كثير الصراخ وعنيف التصرفات .. لم يتقبل وضعه الجديد ولم يتحسن إلا الآن عندما جلبته الى هنا معك حيث بدأ يشعر بوجود أحد يفهمه ويجالسه مثلك أنت."



""أنا لا أريد أن آخذ مكان أمه...



قاطعني عندما وضع سبابته على شفتي:" ششش."



نظرت إلى سبابته و أنا أشعر بها تضغط على شفتي برقة مثيرة لمشاعري وقد كان واضحا أنه قد اكتفى من حوارنا ذاك .. قبل أن يبعد يده عن فمي ويمسك بيدي .. رأيته يرفع يدي إلى فمه ولأول مرة في حياتنا يلثمها ومن دون أن تطلق عينيه سراح عيني التي سجنتهما نظراته في عمق عينيه .. رمشت بجفني بتأثر كبير .. فحركته تلك قد تكون بسيطة وعادية لآخرين غيري .. ولكن ما لن يفهمه أحد أن رشيد ليس أي شخص .. رشيد مختلف وكل ما يصدر منه اعتبره خرافيا لا يصدق.



أبعد بعدها يدي من شفتيه لكي يقلبها وبدأ حينها يلمس برقة كبيرة كفَي المتورمتين وقد كانت تؤلمني خدوشهما والجروح الصغيرة التي كانت تملأهما بسبب التنظيف وغسل الثياب .. لذلك شعرت بالخجل لأنه يلمس يدَي تلك بعد أن كان في الماضي الحرير يغار من نعومتهما و أظافري دوما مقلمة ومطلية بألوان أنيقة جذابة .. فقلت له و أنا أحاول جذب يدي من يده:" يكفيك تتحسس خشونتهما."



لكنه ضغط بشدة رقيقة على يدي مصرا على أن يبقيهما في حضن يديه قبل أن يرفعهما لشفتيه ويقبل هذه المرة كف كل من يدي قبل أن يقول لي:" لم أرَ أجمل وأدفأ منهما."



وقبل أن أقول أي شيء أضاف وهو يداعب أناملي بأصابعه:" لكن ينقصهما شيء مهم."



كنت أعلم أن يدَي ينقصهما أشياء عديدة ليستعيدا جمالهما السابق ولكن مع ذلك كنت قد أحببت اطرائه لذلك انزعجت وشعرت بخيبة أمل ولم استسغ كلامه ذاك عن ما ينقص يدَي .. فآخر من كنت أريد أن أتلقى انتقادا منه هو رشيد الذي دوما أسعى للظهور أمامه بأجمل صورتي.



تحت مرمى نظراتي المنزعجة دس يده في جيب بنطلونه وأخرج علبة صغيرة لم أستطع تمييز لونها في تلك الظلمة لكنه أطلق سراح يدَي حتى يفتحها وقبل أن يريني ما بداخلها قال:" اشتريته اليوم .. كان علي فعل هذا منذ زمن ولكن الظروف لم تكن تسمح لنا بهكذا أمور."



لم أفهم معنى كلامه إلا عندما .. لمع ذلك الشيء الصغير الذي حمله بين أصبعيه .. برق بقوة في ظلام الليل و كأنه نجم لامع في السماء الكالحة .. ارتجفت شفتي و أنا أراه يمسك بيدي ويلبسني الخاتم وهو يقول:" هل أعجبك خاتم الزواج؟"



سحبت يدي من يده بسرعة هستيرية حتى أنظر للخاتم عن قرب وألمسه بأناملي .. بقيت أحدق في خاتم الزواج الذي كان عبارة عن خاتمين من الذهب الأبيض .. واحد رقيق ناعم مرصع بأحجار صغيرة براقة والخاتم الرئيسي كان به حجرة كبيرة تتوسطه بينما تحيطها نفس الأحجار الصغيرة التي تملأ الخاتم الآخر .. رفعت أنظاري إليه فوجدت نفسي أرتمي بقوة عليه أضمه بذراعي اللتين أحطت بهما كتفيه .. حتى أفلتت شهاقتي مني تفضح دموعي التي كانت تحط على كتفه .. عندها زاد من ضغط يديه على ظهري قائلا:" هل أعتبرها دموع السعادة؟ أخبريني هل أعجبك أم لا لأن ذوقك صعب للغاية ليستطيع أحدهم ارضائه؟"



تمتمت من بين دموعي:" بالطبع .. بالطبع أعجبني .. أنه رائع .. لم اتوقع أنك ستهتم لأمر كهذا."



أمسك بذراعي وعندها شعرت به يبعدني عنه بلطف .. أسبلت أهدابي وكأني أريد اخفاء دموعي عنه .. لكنه مد يديه إلى خدَي ومسح دموعي قائلا:" يكفي دموعا .. باسل نفسه لا يبكي بقدرك أنت."



انفرجت شفتي حينها عن ضحكة صغيرة و أنا أرفع يدي حتى أمسح عينَي ثانية من دموعي .. قبل أن أنزلهما عندما مد يده إلى شعري الذي جعله الريح يتطاير أمام وجهي ويحط أخيرا على كتفي .. أبعده عن رقبتي ووضعه خلف ظهري .. قبل أن يقترب برأسه مني ويميل به حتى مست شفتيه رقبتي كي أشعر به يضع يده خلف رأسي يتخلل بأصابعه خصلات شعري في الوقت الذي ازدادت قبلاته قوة وحميمية .. وضعت على أثرها يدي على قلبه .. اتشبث به وقد خارت قواي بسبب قبلاته المتعطشة .. قبل أن ينتقل بشفتيه على بشرتي حتى وصل لأعلى رقبتي ثم أذني التي قبلها قبل أن يهمس فيها بصوت متحشرج و أنفاس حارة:" متأكدة أن باسل يغط في نوم عميق الآن؟"



لم يقوَ لساني على الحديث فوجدت نفسي فقط أومأ له برأسي .. عندها أمسك بذقني ينظر إلى عيني بنظرات جائعة ويقول:" إذا دعينا ندخل إلى البيت."



اعتلت شفتي عندها ابتسامة لعوب و أنا أقول له بصوت أنثوي ناعم:" لماذا؟ تريد النوم مبكرا مثل باسل؟"



لم يجبني بل ضاقت نظراته وهو يحدق بي .. قبل أن أطلق صيحة قصيرة عندما أمسك بذراعي بقوة وجذبني إليه وفي لحظة زمن وجدت نفسي بين ذراعيه يحملني بخفة كبيرة .. كي أقهقه بعدها و أنا أتعلق برقبته .. قبل أن أقول له:" أخبرني أولا إن كنت أبدو جميلة هذه الليلة؟ أنت تعرف كم أكره ألا تلاحظ جمالي."



رأيته يزم شفتيه وكأنه يكتم ابتسامته الرائعة .. قبل أن يتكلم وهو يحني رأسه ينظر إلي:" أنت دوما جميلة أسيل .. بالليل بالنهار بقميص النوم هذا أو دونه .. دوما فاتنة."



عندها قهقهت ثانية بسعادة كبيرة و أنا أشعر به يمشي بي على ذلك الممر الخشبي .. ثم قال لي ونحن نقترب من البيت:" تحبين كثيرا أن يقدم لك الإطراءات بخصوص جمالك."



فقلت بتلقائية كبيرة:" حسنا أحب هذا لكن منك يكون له طعم خاص جدا."



توقف لفتح الباب بيد واحدة وعندها سألته:" ألا استحق هذا منك؟"



"ششش." قال ذلك كي يردف بصوت خافت:" اخفضي صوتك .. فإن تسببت في إيقاظ باسل وحرماني من هذه الليلة سأدفعك الثمن غاليا."



حاولت كتم ضحكتي بصعوبة و أنا اكرر نفس همسته:" ششش .. فمن دون أن تهددني رشيد أنا أيضا لا أريد حرمان نفسي من هذه الليلة."



شعرت باهتزاز عضلات صدره فعلمت بضحكته الخافتة التي لم أراها في الظلام كي أسأله قائلة:" ألن تشعل الأنوار."



"لا هذا سيزعج باسل."



"ستسقطني على الدرج في هذا الظلام."



هتفت بذلك ضاحكة وبصوت مرتفع عندما صعد بي الدرجات الأولى .. لكنه أمرني بالصمت بحزم ينهرني فيه عن قهقاتي :" أسيل."



همست بخفوت شديد:" آسفة .. آسفة لم أنتبه لنفسي."



.............


كنت أنظر بنعاس يداعب جفني للخاتم الذي يحتل بنصري و أنا أشعر في نفس الوقت بأنامله تداعب خصلات شعري الذي كان ملقا على صدره وكتفه بفوضوية .. قبل أن أسمعه يسالني قائلا:" فيمَ أنت شاردة؟"



ابتسمت ببطء و أنا ألمس الخاتم بأناملي قائلة:" فقط أتأمل جمال خاتم زواجنا."



"لا تكذبي .. هناك أمر يقلقك."



عندها نظرت إليه بحزن صادق وقلت:" بصراحة أشياء كثيرة تقلقني رشيد .. منها هذا الخاتم وجرح صدرك هذا."



قلت كلماتي الأخيرة و أنا ألمس آثار جرحه العميق برقة .. قبل أن يمسك بأناملي ويبعدها عن صدره مبقيا بها بين كفه:"ما بال الخاتم؟"



علمت بأنه تجاهل سؤالي عن جرح صدره واهتم فقط بالخاتم ظنا منه أن قلقي بشأنه ليس له علاقة بماضيه.



"بصراحة أفكر أنه يوما ما ستنتهي نقودك ..فماذا سنفعل حينها؟"



كان حقا ذلك الأمر يقلقني مع أني رأيت مرات عديدة رزمات من الأوراق المالية من الفئة الكبيرة يخفيها في الكوخ ويأخذ منها كل مرة مبلغا كبيرا كي يشتري حاجيات البيت ولكن تلك الرزمات لا يمكنها أن تعيلنا طوال الحياة .. مهما كانت مبالغ كبيرة إلا أنها ستنتهي يوما ما.



"لماذا لا تتحدث رشيد؟ قل شيئا."



نظرت إليه لعلي أقرأ أفكاره من تعبيرات وجهه .. ولكن لم يكن هناك أي تعبيرات على وجهه القاسي .. لكنه أراحني عندما تحدث أخيرا:" لا تفكري في هذا الأمر .. اطمئني أعلم ما أفعل."



بقيت أفكر لدقائق طويلة بعد جملته تلك .. قبل أن أتجرأ و أفصح له بالسؤال الذي كان يعذبني في صمت منذ وقت طويل:" من أين أتيت بهذه الأموال كلها؟" و أردفت بسرعة قبل أن أتردد:" أقصد هل هي فعلا أموال المخدرا..."



بترت كلماتي نظراته القوية التي رمقني بها .. وحاولت تصحيح الأمر عندما قلت:" أنا فكرت في هذا لأنك قلت أن جاد ورط رشيد الآخر معه في المخدرات و أنت كنت زعيم..."



قاطعني هذه المرة بحزم قائلا:" أعرف ما تقصدينه جيدا .. ولا أريدك أن تتحدثي في هذا الموضوع ثانية."



التفت برأسي للناحية الثانية و أغلقت عيني أدعي النوم لكنني فتحتهما من جديد عندما شعرت بيده تمسد شعري برقة قائلا:" تلك الأموال نظيفة اطمئني .. لن أورطك أو أورط ابني بشيء قذر كهذا .. و أنت عليك ألا تتحدثي في هذه المواضيع .. لا عن الماضي ولا عن أي شيء يتعلق به .. فقط انظري لحاضرك الآن معي أنا و باسل في هذا البيت في أمان .. نحن هنا لأننا نريد قتل الماضي فلا تحييه من جديد ولو حتى بفكرة تدور برأسك واطردي كل فضولك لمعرفة ماضي فيكفي ما عرفته حتى الآن."


يتبع.....


maroska غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملوك تحت رحمة العشق

رد مع اقتباس
قديم 03-02-13, 11:26 PM   #9338

maroska

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وأميرة حزب روايتى للفكر الحر وعضوة القسم السياحى المميزة

alkap ~
 
الصورة الرمزية maroska

? العضوٌ??? » 141454
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 4,911
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » maroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond repute
افتراضي

سارة



"تحملين بولد سيدة سارة."



نزلت دموعي بقوة و أنا أنظر للشاشة الصغيرة حيث كانت الأشعة الصوتية تظهر لي طفلي الصغير وهو ينمو في أحشائي .. رددت بصوت باك من الفرحة:" أتعنين أني أحمل بولد .. يا إلهي كم يبدو طفلي جميلا."



ابتسمت لي الطبيبة كي تدعني أستمع لنبضات قلبه بعدها .. فازدادت دموعي بالانهمار من عيني مع كل نبضة من قلبه الصغير .. كان شعورا لا يوصف .. شعورا خيالي جعلني أنسى كل هموم العالم التي كنت أحملها على كاهلي وأنظر فقط لطفلي وأسمع نبضات قلبه وهو في داخلي يتغذى على ما أتغذى عليه ويعيش معي كل لحظات تلك الأشهر الخمسة .. يا لدقات نبضه التي جعلتني أشعر أني أقوى امرأة في العالم .. طفلي الصغير .. أعاد لي بسمة الحياة التي كانت قد ضاعت مني إلى الأبد.



تمنيت لو أبقى عند الطبيبة كي أنظر لحركات ابني على شاشتها الصغيرة ولا أبتعد من أمامها حتى أضع طفلي وأحمله بين ذراعي .. لكن ذلك كان بكل تأكيد غير ممكن والذي صبرني على مفارقة تلك الشاشة الصغيرة هي الصور فوق الموجات الصوتية التي أعطتها لي الطبيبة قبل رحيلي من عيادتها ..صور طفلي وهو متكور في بطني.


كنت أمشي على الرصيف و أنا أنظر لتلك الصورة بدموع تترقرق في عيني .. كم كان جميلا .. كنت أحبه قبل أن أرى صورته والآن أصبحت أتمنى ولادته في تلك اللحظة حتى أحمله و أداعبه .. أقبله و أهمس في أذنه أنه ابني حبيبي .. ابني .. رددت تلك الكلمة بحالمية كبيرة و أنا أضم بطني بكلتا يدَي في الشارع غير مهتمة لأنظار المارة المستغربة لحركاتي الغريبة وابتسامتي البلهاء الواسعة .. كنت أفكر في كل شيء .. كل شيء يحوم في عقلي وكل الأفكار الجميلة عن ابني تنهال علي .. أردت أن أفعل كل شيء له في تلك اللحظة .. أن أختار اسما له وأشتري له ثيابا عديدة استعدادا لولادته و أن أفكر حتى في لون غرفته .. أزرق سماوي أم أخضر ربيعي؟؟ كيف سيكون حفل ولادته؟؟ سيحضره الجميع صحيح؟؟ أين سأولد؟؟ أي مشفى يجب أن أحجز لي غرفة فيها؟؟ يا إلهي ما زال الوقت مبكرا على هذا .. قلت ذلك ضاحكة من نفسي قبل أن تُنتزع مني تلك السعادة التي عرفتها لوقت قصير مني عندما رن هاتفي برنة صغيرة .. فتحت حقيبتي و أخرجت منها الهاتف ونظرت إلى الشاشة كي تتصلب ملامحي و أنا أرى اسمه يتصدرها من خلال رسالة قصيرة .. فتحت الرسالة لكي أجد جملة مختصرة منه.



"لا تنسي موعدنا اليوم عند المحامي مساءً فقد اكتملت اجراءات الطلاق وعلينا توقيع أوراقها."



لا لن أنسى بيتر .. وكيف أفعل و أنا أنتظر هذه اللحظة حتى أتحرر من كل شيء بقي يربطني بك .. أما ابني فأنا أعتبره لا يربطني بأحد غير نفسي .. أنه ابني أنا .. ولن أنجبه حتى في هذه البلاد .. بل سأرحل بعيدا بعد أن اطمئن على أختَي حسناء و أسيل .. وإن لم أستطع الاطمئنان عليهما قبل اقتراب موعد ولادتي فسأعتذر منهم لأنه علي أن أهرب بابني بعيدا عن شر آل يانسنس.



تحركت من مكاني بخطوات بطيئة .. كنت أمشي شاردة الذهن وقد عاد لي حزني .. فقد شعرت برغبتي في المشي بين الشوارع وحيدة .. ولذلك لم أتوقف عن المشي أمام أي محطة للمواصلات العامة بل استمررت في المشي بين الشوارع أنعطف يمينا وشمالا .. أمشي بلا هوادة وأنظر لصورة ابني .. تمتمت له بدموع ذرفتها عيني و أنا أتوقف عن المشي في شارع خال من الناس وصلت له قدَمي :" أنا آسفة حبيبي .. آسفة جدا طفلي الصغير لأني سأجعلك تعيش دون أب ولكن هذا لمصلحتك .. من الأفضل أن أكون لك أنا الأم و الأب وكل شيء طفلي الصغير .. لم أكن أتمنى هذا لك ولا لي ولكن من الأفضل لك ألا تعرف والدك .. سيجعلك واحدا منهم إن تركتك قريبا منه."



شهقت بقوة و ألم عندما اصطدم بي شيء قاس ولم ألتفت لأرى من كان لأني سارعت بإمساك صورة طفلي التي كادت تسقط على الأرض بعد أن أفلتت من أصابعي للوهلة الأولى .. شددت بأصابعي عليها بعد أن أمسكت بها وأنا ألتفت كي أرى من صدمني بتلك الطريقة العنيفة و أنا أقول:" ألا ترى أمامــ..."



بترت كلماتي عندما اصطدمت عيني بعينين خضراوين يقدح الشر والحقد الأسود منهما .. نظرت للرجل الذي كان قريبا مني بشكل غريب وقد كان من الواضح أنه هو من قام عمدا بالاصطدام بي .. قبل أن ألتفت للرجل الذي كان يرافقه كي أجحظ بعيني وأنا أرى قبعة سترته السوداء القطنية التي كان يضعها على رأسه وتنزل منهدلة على جبينه قد ألصق عليها صورة لشعار أعرفه جيدا .. وتمتمت بداخلي قائلة و أنا أنظر إليهما نظرات قد فاقت التوجس وصولا للخوف:" يا إلهي احمني واحمي طفلي."



أبعدت نظري بصعوبة عن شعار الحزب العنصري الذي أصبح بيتر واحدا من رؤسائه كي أنظر إلى عيني الرجل الثاني التي كانت تنظر إلي بشراسة كبيرة وهو يحدثني بصوت ناقوسي خطر:" هل نحن من يجب أن ننتبه لخطواتنا ونحن في بلدنا أم أنت أيتها الإرهابية."



" أنظر ديريك .. إنها ترتدي أيضا منشفة المطبخ فوق رأسها."



قطعت ضحكاتهما العالية عندما نفضت يده بقوة من على حجابي الذي تجرأ بكل وقاحة يلمس طرفه عند كتفي ..فأبعد يده عني بغضب كبير تجسد بملامحه .. لكني تحركت يمينا حتى أتجاوزهما و أذهب في حالي .. كي أفاجأ بصديقه يقف في طريقي عندها هتفت فيه من بين أسناني بغضب شديد:" ابتعد عن طريقي يا هذا."



وتحركت شمالا بسرعة كي يقف في طريقي الرجل الآخر .. والذي أمسك بذقني فهززت برأسي بقوة قبل أن أحاول دفعه بغضب عارم بيدي عندما تجرأ على لمسي .. لكنه كان أقوى مني عندما أمسك بذراعي ودفعني بقوة إلى حائط خلفي .. اصطدمت به بقوة جعلتني أتأوه ألما و أنا أضم بطني بكلتا يدَي .. عندها قال الرجل ساخرا وهو يقف أمامي:" مسكينة هل آلمتك؟ آسف لم ارَ أنك تحملين بإرهابي صغير في أحشائك." وقبل أن أتمكن من التقاط أنفاسي مد يده لحجابي وحاول نزعه مني بالقوة قائلا:" دعينا نرى ما تخفينه خلف منشفة المطبخ هذه .. ربما أنت صلعاء."



رفعت يدي وقد سقطت صورة طفلي على الأرض وحاولت التشبث بحجابي باكية .. لكنه وجه لي ضربة قوية لوجهي بقبضة يده .. جعلتني أكتم صرخة ألمي بداخلي للألم الكبير الذي شعرت به لتحطم عضلة خدي .. ثم نزع عني حجابي مرة واحدة مما تسبب في جرح في عنقي سالت معه دمائي أثر الدبوس الحاد الذي انتُزع بقوة والذي كنت أثبت به غطاء رأسي .. فتوالت شهقاتي بقوة للألم الذي كان يضج بي."



"ااه أنظر صديقي ليست صلعاء بل لديها شعر طويل أشقر .. إذا ربما تخفي أيضا تحت ملابسها هذه شيء قد يثير اهتمامنا."


أمسكت بأزرار سترتي صارخة بألم أتوسله أن يدعني لكنه أمسك بتلابيبها ومزقها بقوة قبل أن يوقفه صديقه قائلا:" ديريك توقف .. ملامحها ليست غريبة عني .. أنا رأيتها في مكان ما."



أعدت التشبث بسترتي أغطي صدري الذي كشف من القميص الصيفي عاري الذراعين والصدر والذيك نت أرتديه تحت سترتي الطويلة والمحتشمة .. وتوسلته مرة أخرى قائلة:" أرجوك دعني أرحل لم أقم بأذيتكما أو أذية أي أحد."



لكنه لم يهتم لكلماتي وهو الذي التصق جسده بي بوقاحة مشمئزة في الوقت الذي أمسك صديقه بذقني يحاول أن يتذكر أين راني مع أني لم أكن اعرفهما .. حاولت الصراخ لكني كنت أتلقى صفعات قوية على وجهي كلما فعلت ذلك في الأخير فتح الرجل عينيه على وسعهما قائلا:" أجل .. رأيتها في الصحف .. رأيت صورا كثيرة لها وهي معه .. وصورا لها بفستان الزفاف أيضا .. إنها هي زوجته العربية."



"من تقصد يا رجل؟"



صاح بصوت كريه قائلا:" زوجة بيتر يانسنس .. الذي خذل عائلته وشعبه وخاننا جميعا وتزوج بها .. والصحافة الآن تتكلم عن حملها بطفل منه."



"أجل بيتر يانسنس .. لكنه اتخذ الطريق الصحيح بعد أن قتلوا له أخته .. الغبي الخائن .. لكن ألم يقل الآن أنه نادم لخطئه الفاضح بالزواج من هذه المسلمة الإرهابية .. وأنه يسعى لتصحيحه الآن."



جحظت عينَي و أنا أراهما ينظران لبطني التي تحمل صغيري فيها .. قبل أن أسمعهما يقولان بعبث ضاحك:" إذا دعنا نساعد المسكين في تصحيح خطئه ونخلصه من العار الذي يؤرقه والذي يوشك أن يأتي لهذا العالم بسببه."



"النجدة...."



كتم صرختي تلك عندما وضع يده بقوة على فمي هذه المرة ولكنني مع ذلك حاولت أن أدفعهم عني ولكن تلك اللكمة القوية التي تلقيتها على بطني جعلتني أغيب عن الوعي لثوان لكي أفتح عيني و أنا أجد نفسي أسقط على الأرض أتأوه ألما .. قبل أن تتلوها شهقة ألم أخرى جعلتني ألفظ معها نفسا من أنفاسي التي أصبحت تعد على أصابع اليد الواحدة وذلك عندما قام أحدهما بركلي بطني بحذائه وبكل قوته .. ولم أتذكر بعدها الكثير غير الألم الشديد وكيف أني تكورت على نفسي أحمي بطني بكلتا ذراعي من ركلاتهم التي انهالت على كامل جسدي وليس فقط بطني .. على ظهري ساقي وصدري وحتى وجهي لم يسلم منهما وأصبح مدرجا بالدماء مثل كل جسدي .. وكنت بالكاد أطلق بضعة انفاس بصعوبة شديدة جدا و أنا أشعر أنني لم اعد أرى سوى الضباب عندما سمعت
أحدهما يقول للاخر:" يكفي .. ألا ترى بركة الدماء التي تغرق فيها .. يبدو أن الأمر قد وصل للقتل .. يا إلهي إنها تموت."



"اركض .. اركض بسرعة ودعنا نهرب .. إنها بلا شك تموت."



وأعقبت كلماتهما أن أغلقت جفني كي أعيد فتحهما وأنا أسمع خطواتهما الراكضة تبتعد عني .. تلاشى الضباب كمن غسلته دموعي التي نزلت من عيني تختلط بدمائي الحارة .. ونظرت لجانبي الأيمن إلى تلك الصورة التي طالتها دمائي فلوثتها .. صورة طفلي الصغير وهو مكور مثلي في بطني يربطه حبل المشيمة بي .. قبل أن أغمض عيني نهائيا وقد توقف شعوري بالألم.


يتبع......


maroska غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملوك تحت رحمة العشق

رد مع اقتباس
قديم 03-02-13, 11:28 PM   #9339

maroska

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وأميرة حزب روايتى للفكر الحر وعضوة القسم السياحى المميزة

alkap ~
 
الصورة الرمزية maroska

? العضوٌ??? » 141454
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 4,911
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » maroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond repute
افتراضي

حسناء



دخلت من ذلك الباب أسبق خطوات السجانة التي كانت تمسك بذراعي وحال أن رأيته واقفا ينتظرني حتى توقفت عن المشي متجمدة في مكاني عندما نظرت إلى تلك الملامح المنكمشة من الألم .. رايته يقترب مني حتى وقف أمامي وقال بصوت متردد لا يقوى على الحديث:" أتيت حتى أكون بجانبك في هذه اللحظة .. فأنا أعلم أنك قد رأيت الأخبار."



تمتمت غير مصدقة:" دانييل .. هل .. هل تعني أن تلك الأخبار صحيحة؟"



طاطأ برأسه غير قادر على النظر إلى صدمتي وهو يقول بخفوت:" أنا آسف جدا حبيبتي."



"يا إلهي أختي .. أختي سارة."



ارتجفت شفتي و أنا أقول ذلك غير قادرة على التصديق قبل أن يوقظني من صدمتي تلك الهزة القوية من الألم التي شعرت بها في بطني والتي جعلتني أضع يدي أسفل بطني منكمشة على نفسي من الألم .. قبل أن يرفع دانييل رأسه إلي عندما شعر بالتواء جسدي وقبل أن يمسك بي كنت قد أطلقت صرخة ألم قوية تردد صداها في أنحاء السجن بكامله.



كي أسمع صرخة الحارسة في دانييل الذي تلقفني يسألني بقلق هستيري عن ما بي.


" ربما هي ستلد الآن."



...........................


اسيل



زممت شفتي و أنا أدفن وجهي بالوسادة أكثر عندما سمعت خطواته على الدرج .. ها هو يصعد مجددا إلي وكما توقعت جلس على طرف السرير يسألني قائلا:" لم تستيقظي بعد؟ لقد تأخرت في النوم و أنا وباسل استيقظنا منذ زمن ننتظر حضورك حتى نتناول الإفطار جميعا."



تمتمت بصوت ناعس:" كم الساعة الآن؟"



""قاربت الساعة على أن تصل التاسعة صباحا.


هتفت هازئة:" اتسمي هذا تأخرا في النوم .. أنت فقط الذي لا تنام .. تنهض أنت وابنك مبكرا جدا." وقبل أن أدعه يقول شيء رفعت راسي عن الوسادة مبتسمة ومن دون أن أفتح عيني انقلبت حتى وضعت رأسي على فخديه أندس بين ذراعيه قائلة:" في التاسعة أتقلب في الفراش حتى ابدأ النوم الحقيقي الهانئ."



اتسعت ابتسامتي عندما أحسست بأنامله تندس تحت شعري لكي تداعب رقبتي بحنان.



فتمتمت حينها بصوت ناعس:" أنت تزيد من رغبتي في المضي بالنوم."



"إذا هيا انهضي."



قال ذلك وهو يبعد يده عن رقبتي محاولا النهوض لكنني استقمت بسرعة جالسة على السرير أصيح:" لا أرجوك لا..."



لم أكمل كلماتي تلك وقد رفعت يدي بسرعة إلى فمي أضعها عليه وأنا أسمع رشيد يسألني بقلق بعد أن لاحظ تبدل حالي فجأة:" ماذا بك؟"



لكني لم أستطع إجابته لأنني نهضت عن السرير أركض بسرعة كبيرة .. نزلت الدرجات الخشبية وفي كل مرة كانت تزداد معها حاجتي الشديدة للتقيؤ.



""أسيل أنظري لقد قطفت...



لم أهتم لكلمات باسل حينها و قد الذي وجدته أمامي بل أبعدته بيدي جانبا مكملة طريقي بسرعة إلى الحمام الوحيد الذي يوجد بالمطبخ .. وهناك من دون أن أتمكن حتى من إغلاق الباب خلفي .. أفرغت كل ما بجعبتي في ذلك مرحاض الحمام .. قبل أن اتكئ عليه بإرهاق شديد وأرفع وجهي الشاحب إلى المرأة الصغيرة التي ملأ الصدأ جوانبها لقدمها كي تصطدم عينَي بعينيه وهو يقف خلفي عند باب الحمام يراقبني .. عندما لم أنتبه له منذ البداية في خضم دواري ذاك للحاقه بي .. و أخفضت عيني عندما لمحت باسل يطل من خلف ساقي والده بفضول وتردد .. كي أعيد أنظاري لرشيد .. فارتجفت نظراتي عندها لشعوري بالخوف منه في تلك اللحظة.


maroska غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملوك تحت رحمة العشق

رد مع اقتباس
قديم 03-02-13, 11:31 PM   #9340

maroska

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وأميرة حزب روايتى للفكر الحر وعضوة القسم السياحى المميزة

alkap ~
 
الصورة الرمزية maroska

? العضوٌ??? » 141454
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 4,911
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » maroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 72 ( الأعضاء 69 والزوار 3) maroska, ‏hope 21, ‏حلاوة غير+, ‏moonsoon, ‏ammona101010, ‏angel hunter, ‏ستار22222, ‏sasad, ‏fibi, ‏amoula24+, ‏roro.rona, ‏خلود سعد, ‏لجين1991, ‏lelly, ‏luz del sol+, ‏الورد الاسود, ‏candy21, ‏che, ‏اغلى ناااسي, ‏سحر الخيال, ‏فوفو666, ‏canad+, ‏بياض القلب, ‏جودي الحب, ‏نسايم ليوا, ‏markunda, ‏مـ هـ ـــــا, ‏سها, ‏scilla, ‏ليلوسا, ‏بوعجيب, ‏جــــود~, ‏asmasma, ‏desert-rose, ‏fracas du silence, ‏زالاتان, ‏جلكسيه, ‏وردة الكاميليا, ‏الوردة الحلوة, ‏onlyme, ‏*Ay gul*+, ‏دريشه, ‏عبث الحروف, ‏7oureya, ‏دلال الدلال, ‏toga, ‏خفوق انفاس, ‏laraaa+, ‏khoukha, ‏مهرة..!, ‏smile2, ‏بعثرة روحـ, ‏دعاء 99, ‏braa, ‏غيداء هلال+, ‏Njoom+, ‏wom35, ‏hammam, ‏rewand, ‏اموووول, ‏nabooosh, ‏جنون الكتابة


احم احم انتهى الفصل اعزائي
وشكرا لغاليتي تميمة على تعبها معي في تدقيق الفصل الطوييييييييييييييييييييي يل
مع انها تقول لي بانه علي الهرب حالا وفورا ههههههه
لكن انا طبعا قلت لها لا .. معقول متابعاتي الحبيبات الطيبات يزعلوا مني؟؟؟؟ هما بيحبوني اكيد.


maroska غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملوك تحت رحمة العشق

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مذكرات مغتربات

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:03 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.