عالم الدين
قبل ثمان سنين
عندما كنت في الخامسة عشر من عمري لم استطع تقبل الحقائق و العادات و التقاليد التي يسير عليها بعض المجتمعات و من بينهم مجتمعي فالأنسان عندما يولد يقوم ابويه ببرمجته ووضع الخطوط الحمراء له و يسري في حياته وفق هذه البرمجه و الخطوط حتى و ان كانت بلا داعي أو خاطئه و لا يستطيع حتى أن يفكر مجرد تفكير بأن هذه الأفكار التي زٌرعت فيه ربما تكون غير صحيحه . لقد كنت هكذا أيضا لكن لم استطع الصمود و حمايت هذه الأفكار اذ لم أكن أعرف لماذا وضعت او من وضعها, فمن أجل حمايت كل ذلك لابد لي من معرفة ما الذي يجعل هذه الأفكار صحيحه و ليس فقط لأن والدي قالي لي ذلك, بدأت التسألات عندي بخصوص العادات و التقاليد حول العالم و ما أساسها فوجدت بأن بعض التقاليد و الأفكار ترجع الى طابع ديني أما البقيه فهي مجرد أشياء قد صنعها القدماء في تلك المناطق لسبب كان منطقياُ في ذلك الزمن الغير متطور أما الأن لا يوجد سبب للأبقاء على تلك العاده أو الفكر, بدأت البحث لكي أحمي أفكاري فوجدت بأن افكاري تغيرت ووجدت بأن ما كنت أعتقده حقيقي فقد ظهر زيفه و يفتقر للدليل المنطقي بعدها لم استطع قبول أي شيء جديد بدون اسباب منطقيه و واضحه, في الأغلب أقوم في البحث في الموضوع لأتأكد من صحته ومع الوقت تجمعت عندي الكثير من الأسئله الغير مجاب عليها أو مجاب عليها و لكن لا يوجد أثبات على انه الجواب الحقيقي و من هنا اردت أن اضع مقاييس للحقيقه و لكن لم استطع فكان ذلك صعباً, اذ لم اعرف ما هي الحقيقه فلن أستطيع وضع مقاييس لها و نشأ عندي هذا السؤال "ما هي الحقيقة المطلقة؟" كنت استغرق وقت كثير في التفكير في هذا السؤال و لم أعلم اني سأظل طوال ثمان سنين أبحث عن جواب هذا السؤال .
في أحد الأيام و عندما كنت خارجاً مع أحد اصدقائي و بينماً كنا نتحدث قلت له:
- عندي سؤال يشغل تفكيري منذ فتره و لم اجد اجابته الى الأن؟
- ما هو؟
- ما هي الحقيقة المطلقه؟
- ماذا تعني بالحقيقة المطلقه؟
- الحقيقه المطلقه هي الحقيقة التي لا شك فيها و تسعى اليها وتكون منطقيه و خاليه من كل الشوائب و التي تستطيع الأعتماد عليها في..........

قاطعني قائلاً "توقف لا تألم رأسي بهذه الأشياء الفارغة و لكن أعرف أحد الأشخاص ربما يجيبك على هذا السؤال" هززت رأسي بالأيجاب و انا انتظره أن يخبرني من هو هذا الشخص ,لم ارتح كثيراً حين أخبرني بأن هذا الشخص هو عالم الدين الذي يسكن في منطقتنا لأن لم تكن لي علاقه قويه مع الناحيه الدينيه أبداً و لكن قلت في نفسي لما لا سأذهب اليه حتى و ان لم أكن مطمئناً من ذهاب فربما يعطيني الأجابه فأنا استغرقت فتره طويله و لم أجد الأجابه و بما أنه عالم فبالتأكيد أنه أكثر معرفه مني . أتفقنا على أن نذهب اليه في عطلة نهاية الأسبوع لكي أسئله عن السؤال الذي يحيرني.

أخيراً انها عطلة نهاية الأسبوع كنت أنتظرها بفارغ الصبر مع أني كنت أفكر بالأمر كثير الا أنه لم أخلق اي توقعات عن كيفيه مسار الحوار أبداً, الساعة تشير الى الثامنه مساء وهو الوقت الذي أتفقنا بأن التقي أنا و صديقي للذهاب الى عالم الدين, رن هاتفي المحمول و كان المتصل صديقي يخبرني بأن أخرج فهو ينتظرني بالخارج, ذهبنا الى منزل عالم الدين و قد كان على علم مسبق بقدومنا عندما وصلنا قام بأستقبالنا بوجه مبتسم و دعانا للدخول و بعد أن تبادلنا الأحاديث الرسميه المعتاده قال لنا " كيف أستطيع أن اخدمكم" فخبره صديقي بأني أريد سؤاله عن شيء ما ,فألتفت الي و قال "تفضل بالسؤال" فقلت له:

- سؤالي هو ما هي الحقيقة المطلقه؟
- فقام بالرد سريعاً " أن الحقيقة المطلقه التي لا شك فيها هو الأله"
- وضح ذلك لو سمحت
- ان الاله خالق كل شيء فهو الأساس وهو الحقيقة المطلقه و نحن المخلوقات حقيقه و لكن ليست ثابته.
- كيف أستطيع بأن أعرف ان الاله هو الحقيقه المطلقه و انا لا أره أو اسمعه أو اشعر به؟
- لا تحتاج الى أن ترى الاله لكي تصدق بانه الحقيقه المطلقه أنما انظرالى مخلوقاته و سترى بأنه لابد لها من خالق .......
- ما تقوله لا يثبت وجود الأله فكيف يثبت ان الاله هو الحقيقة المطلقه بالأضافه الى ان قاعدة لكل مخلوق خالق يجب ان تنطبق هذه القاعدة على الاله أيضاً؟
- بني, نعم لكل مخلوق خالق و هذه القاعده تنطبق على الاله لو كان مخلوق و لكن الاله ليس مخلوق و انما خالق بمعنى أخر الأله غير موجود وانما واجد
- كلامك منطقي ولكن ما ازال اره يفتقر الى الدليل, ان كلامك يحتمل الصحه او الخطأ و يتطلب من تصديق كلامك بأن اعود الى سابق عهدي بأن اصدق بدون اقتناع و للأسف لا أستطيع العودة الى ذلك.
- اسمع بني, كما تعلم فأن في هذه الدنيا متغيرات وثابت واحد, فالأله ثابت و جميع هذا الكون متغير فبهذا يكون الأله هو الحقيقة الوحيده بما أنه غيرمتغير.

عندها صمت قليلاً ولم اقم بالرد عليه ربما بسبب انني لم اكن أملك الدليل على أن هذا الكلام غير صحيح فعندها شكرته انا وصديقي و هممنا بالخروج وفي الطريق سألني صديقي " هل أقتنعت بكلامه ؟ اني أرى بأن كلامه و افكاره منطقيه أليس كذلك؟" لم ارد على ما قاله و انما اكتفيت بالصمت و انا افكر في كلام عالم الدين و قد كنت شبه مقتنع بكلامه و لكن قررت أن ابحث عن الجواب اكثر و لم أعلم بأني سأواجه سؤال صعب أخر بعدها بسنوات قليله بالأضافة الى انني لم اكن اعلم بأني سأقابل فتاة ستغير واقعي كله.

يتبع.....
××××××××××××××××××××××××

نتاليا
قبل ثلاث سنوات
قد وصلت الى عمر العشرين وقد قبلت في أحد الجامعات اعتقدت في بادء الأمر بأن تفكيري سيتغير بدخولي الجامعة لكن لم استطع تغييره فما أزال أبحث عن الحقيقه المطلقه و لكن كنت متأثرا بكلام عالم الدين فقد كنت في الخمس سنوات المنصرمه أقرب الى الجانب الديني في حياتي فقد لاحظ من حولي أقترابي من الدين لما يقارب الثلاث سنوات و لكن بحثت أكثر في ديني و في الأديان الأخر ووجدت مغالطات في مفهوم الناس لأحكام الدين و عندما أحاول أصلح مفهومهم لذلك يقومون بالرد بأني كافر او أحاول أدخال شيء جديد عليهم في دينهم وقد كان الأمر واضحاً جلياً بأنهم لا يهتمون لما يمليه عليهم دينهم انما يرون ما يفيدهم و ما يسير مع مصالحهم و حتى ان كان لا يوافق الدين هنا بدأت بالتفكير في أسباب ذلك ونشأ عندي السؤال الثاني " هل الأنسان بطبيعته طيب أم شرير؟" و قد كنت أريد التصديق بأن الأنسان بطبيعته شرير بعد أن رأيت ما يفعله الناس من جشع و طمع و حب السلطه ولكن لا أستطيع ذلك بدون دليل بأن الجميع هكذا و لم اكن أعلم بأن هناك فتاة ستغير هذه الفكره.

انها السنه الأولى لي في الجامعه وهي السنه التي التقيت بها بـ نتاليا فقد كانت تدرس معي في محاضرة الأقتصاد و الرياضيات و قد كانت في غاية الذكاء, منذ اليوم الأول الذي رأيتها فيه و قد تعلق قلبي بها و لكن لم أعتقد بأن هناك فرصه لي معها فهي كانت تتمتع بجمال فائق و أخلاق رفيعة و محبوبه من قبل أغلب الطلاب و انا كنت مجرد شخص عادي لم اكن وسيماً و الميزة الوحيده لي هي بأني كنت أهتم بأناقتي دائما و بالعكس فلم تكن ميزة بل كانت سبب في أنً الجميع يعتقد بأني شخص مغرور و متكبر بسبب طريقة لباسي و صمتي الدائم بل أذا حاولت التحدث يزيد شعورهم بذلك فلم اكن متحدث جيد على الأطلاق, لم أحاول التقرب منها لأني اعلم بالأنطباع الذي تولد عندها, فهي بالتأكيد كما الأخرون تعتقد بأني مغرور تافه و لم اعلم بأن الأبتسامه الساحره التي تبتسمها عندما أنظر لها كانت تحمل معنا أخر غير المجامله البحته.

مضى الأن أكثر من شهرين منذ أن أبتدء الفصل الدراسي الأول , وقد كنت متفوق على زملائي في الدراسة بشكل ملحوظ حيث أحصل على أعلى علامة في أغلب المواد و كان تأتي بعدي في المرتبه الثانيه نتاليا حيث كانت تحصل دائما على ثاني أعلى علامة من بعدي و هذا ما جعل الطلاب يعتقدون بأننا نتنافس, لم أرتح لهذه الفكره فهي تبعدني أكثر و أكثر عن أن أكون بقرب نتاليا, لم أكن أريدها أن تعتبرني كذلك و لكن لم أستطع التحدث معها لكي لا أجعل الأمر أسوء و أن لم أتحدث معها فستتأكد بأني شخص مغرور لقد كنت في حيره من أمري و لكن أخترت عدم التحدث معها و كنت أكتفي بالنظر لها من بعيد ,الى أن اتى أختبار منتصف الفصل و قد كان أختبار مادة الرياضيات الماليه , كنت أول الطلاب أنتهاءً من الأختبار فقمت لتسليم ورقة الأختبار و هممت بالخروج و لكن البرفيسور أوقفني و قال أنتظر خارجً فالأمتحان ينتهي في الساعة السادسة و يتبقى لنا ساعة من وقت المحاضره سأكمل فيها شرح القسم الرابع من الكتاب, خرجت و وقفت قريب من قاعة المحاضرات أنتظر و بعدها بقليل بدء الطلاب يخرجون واحد تلوى الأخر و تبدو عليهم علامات الأنزعاج من الأختبار, خرجت نتاليا وتبد عليها علامات الانزعاج ايضا و وقفت بجانبي و التفتت الي و هي تقول "لا أعلم ما حدث في الأختبار لقد كان سهلاً و لكن لا أعلم لما لم أستطع الأجابه على بعض الأسئله", لم أصدق بانها كانت تتحدث الي فألتفت ورائي كالأبله لعتقادي بأنها كانت تتحدث مع شخص يقف ورائي و عندما اعدت النظر لها فقد كانت تنظر لي وهي تبتسم كأنها كانت تعلم ما كنت افكر فيه فوقفت صامتاً كالأبله مرة أخرى و لكنها اكملت وقالت "اللعنه على السؤال الثالث فقد اضاع كل وقتي في محاولة حله و لم أجد الحل الأ عند قرب أنتهاء الوقت, أن الجواب خمسة و ستون بالمئه اليس كذلك؟ " فاجبتها بكل ثقه, بالتأكيد لا فالجواب هو سبعة و عشرين بالمئة لان عند تقسيم العدد المساوي ل...... عندها سكت عندما بدء عليها علامات الأنزعاج مرة اخرى و علمت بأن من المفترض أن لا أجيب بهذه الطريق فهي كانت منزعجه و ليس من المفترض أخبارها الأن بأن السؤال الذي أضاع كل وقتها في أجابته خاطئ عندها عدت للنظر كالأبله و لكن هذه المرة أكثرغباءً, فقامت بالضحك و قالت:

- لا عليك فأنا لن أنزعج اذا علمت بأن أجابتي خاطئه لأني بدلت جهدي و لااستطيع فعل أفضل من ذلك, أذن تقول بأن أجابتي خاطئه اللعنه على ذلك السؤال.
- هذا جيد
- عفواً؟
- أقصد هذا جيد بأني لم أزعجك و ليس جيد بأن أجابتك خاطئه
- كيف كانت أجاباتك هل قدمت كل الأجابات صحيحه؟
- بالطبع

ساد صمت لبضع ثواني و انا أنظر في عينيها الجميلتين تارة و في أبتسامتها العذبه تارة أخرى الى أن كسر البرفيسور ترافر جونز حاجز الصمت عندما خرج وقال لقد أنتهى الأختبار عودوا الى مقاعدكم , بأبتسامه ملائكيه أخرى قالت لي أراك لاحقاً و همت بالدخول الى القاعة بينما أنا ظللت واقف في الخارج و أنا سارح في جمالها الصارخ , دخلت القاعة بعد أن دخل جميع الطلاب و حاولت أن لا أنظر في الجهة التي تجلس هي فيها في محاوله مني لعدم لفت أنتباهها الى حقيقة أني مهتم بها ولكن لم أستطع ذلك فقد كنت أختلس النظر لها و انا أمشي بين المقاعد متوجهاً الى المقعد الذي كنت أجلس عليه و ما أدهشني أنها كانت تنظر لي أيضاً, عند جلوسي على الكرسي جال في تفكيري بانها ربما تكون مهتمه بي أيضاً.

أنتهت المحاضره و لم أقم بكتابة أي شيء في دفتر ملاحظاتي الخاص بهذه المادة أنما أنقضى الوقت و انا أرسم خطوط عشوائية لا معنى لها فكل تركيزي كان منصب في نتاليا و كيف أتقرب منها فلقد جائت لي فرصة للتحدث معها ولم أستغلها ولكن بالنسبة لي فقد كان هذا تقدم كبير و ربما أستطيع التحدث معها بعد أنتهاء المحاضره , تخيلت الكثير من السيناريوهات في رأسي بيني و بينها ولم أجد واحد منهم يبشر بخير لذا قررت بعد أن انتهت المحاضره بأن أخرج و أتصرف كما كنت دائماً أتظاهر بتجاهل الجميع , رتبت حقيبتي و أدخلت كتابي و دفتر ملاحظاتي بها و علقتها على كتفي و نظرت الى المقعد الذي كانت تجلس عليه نتاليا فوجدته فارغ بل كانت أغلب المقاعد فارغة فقد خرجوا و لم يبقى الأ القليل في القاعة و لكن عندما خرجت رأيت نتاليا تنتظر .........
يتبع.......
××××××××××××××××××××××××× ×