آخر 10 مشاركات
110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          حق بين يدي الحق (1) *مميزة ومكتملة* سلسلة نساء صالحات (الكاتـب : **منى لطيفي (نصر الدين )** - )           »          سباستيان...أنيسة (112) للكاتبة: Abby Green (ج3 من سلسلة دماء سيئة) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حَمَائِمُ ثائرة! * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          593-الزوج المنسي- اليزبيث أوغست -قلوب دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > القسم الاجتماعي > الـمـجـلـة الـشـبـابـيـة > شخصيات صنعت التاريخ

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-12-11, 12:25 AM   #1

heba45

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية heba45

? العضوٌ??? » 1699
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 2,693
?  نُقآطِيْ » heba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond repute
افتراضي أبي بكر الصديق "رضي الله عنه"


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

اسمه – على الصحيح - :
عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي .

كنيته :
أبو بكر

لقبه :
عتيق ، والصدِّيق .
قيل لُقّب بـ " عتيق " لأنه :
= كان جميلاً
= لعتاقة وجهه
= قديم في الخير
= وقيل : كانت أم أبي بكر لا يعيش لها ولد ، فلما ولدته استقبلت به البيت ، فقالت : اللهم إن هذا عتيقك من الموت ، فهبه لي .
وقيل غير ذلك

ولُقّب بـ " الصدّيق " لأنه صدّق النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالغ في تصديقه كما في صبيحة الإسراء وقد قيل له : إن صاحبك يزعم أنه أُسري به ، فقال : إن كان قال فقد صدق !
وقد سماه الله صديقا فقال سبحانه : ( وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
جاء في تفسيرها : الذي جاء بالصدق هو النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي صدّق به هو أبو بكر رضي الله عنه .
ولُقّب بـ " الصدِّيق " لأنه أول من صدّق وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال .

وسماه النبي صلى الله عليه وسلم " الصدّيق "
روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم فقال : اثبت أُحد ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان .

وكان أبو بكر رضي الله عنه يُسمى " الأوّاه " لرأفته

مولده :
ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر

صفته :
كان أبو بكر رضي الله عنه أبيض نحيفاً ، خفيف العارضين ، معروق الوجه ، ناتئ الجبهة ، وكان يخضب بالحناء والكَتَم .
وكان رجلاً اسيفاً أي رقيق القلب رحيماً .

فضائله :
ما حاز الفضائل رجل كما حازها أبو بكر رضي الله عنه

فهو أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم
قال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم . رواه البخاري .

وروى البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر . وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ ، فأقبلت إليك فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر - ثلاثا - ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل : أثَـمّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعّر ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله والله أنا كنت أظلم - مرتين - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صَدَق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي – مرتين - فما أوذي بعدها .

فقد سبق إلى الإيمان ، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وصدّقه ، واستمر معه في مكة طول إقامته رغم ما تعرّض له من الأذى ، ورافقه في الهجرة .

وهو ثاني اثنين في الغار مع نبي الله صلى الله عليه وسلم
قال سبحانه وتعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
قال السهيلي : ألا ترى كيف قال : لا تحزن ولم يقل لا تخف ؟ لأن حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه .
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدّثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما .

ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل الغار دخل قبله لينظر في الغار لئلا يُصيب النبي صلى الله عليه وسلم شيء .
ولما سارا في طريق الهجرة كان يمشي حينا أمام النبي صلى الله عليه وسلم وحينا خلفه وحينا عن يمينه وحينا عن شماله .

ولذا لما ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضّـلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما ، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر ، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه ، حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي ؟ فقال : يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك . فقال :يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني ؟ قال : نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من مُلمّة إلا أن تكون بي دونك ، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الجحرة ، فدخل واستبرأ ، قم قال : انزل يا رسول الله ، فنزل . فقال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر . رواه الحاكم والبيهقي في دلائل النبوة .

ولما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ماله كله في سبيل الله .

وهو أول الخلفاء الراشدين

وقد أُمِرنا أن نقتدي بهم ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه .

واستقر خليفة للمسلمين دون مُنازع ، ولقبه المسلمون بـ " خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم "

وخلافته رضي الله عنه منصوص عليها
فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرضه أن يُصلي بالناس
في الصحيحين عن عائشةَ رضي اللّهُ عنها قالت : لما مَرِضَ النبيّ صلى الله عليه وسلم مرَضَهُ الذي ماتَ فيه أَتاهُ بلالٌ يُؤْذِنهُ بالصلاةِ فقال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصَلّ . قلتُ : إنّ أبا بكرٍ رجلٌ أَسِيفٌ [ وفي رواية : رجل رقيق ] إن يَقُمْ مَقامَكَ يبكي فلا يقدِرُ عَلَى القِراءَةِ . قال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ . فقلتُ مثلَهُ : فقال في الثالثةِ - أَوِ الرابعةِ - : إِنّكنّ صَواحبُ يوسفَ ! مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ ، فصلّى .
ولذا قال عمر رضي الله عنه : أفلا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ؟!

وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .

وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء فأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك ؟ قال : إن لم تجديني فأتي أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

وقد أُمرنا أن نقتدي به رضي الله عنه
قال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وهو حديث صحيح .

وكان أبو بكر ممن يُـفتي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ولذا بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج في الحجّة التي قبل حجة الوداع
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .

وأبو بكر رضي الله عنه حامل راية النبي صلى الله عليه وسلم يوم تبوك .

وأنفق ماله كله لما حث النبي صلى الله عليه وسلم على النفقة
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ، فوافق ذلك مالاً فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال : فجئت بنصف مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله ! قال عمر قلت : والله لا أسبقه إلى شيء أبدا . رواه الترمذي .

ومن فضائله أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال عمرو بن العاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : قلت : من الرجال ؟ قال : أبوها . رواه مسلم .

ومن فضائله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذه أخـاً له .
روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله . قال : فبكى أبو بكر ، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مِن أمَنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُـدّ إلا باب أبي بكر .

ومن فضائله رضي الله عنه أن الله زكّـاه
قال سبحانه وبحمده : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى )
وهذه الآيات نزلت في ابي بكر رضي الله عنه .
وهو من السابقين الأولين بل هو أول السابقين
قال سبحانه : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )

وقد زكّـاه النبي صلى الله عليه وسلم
فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة . قال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء . رواه البخاري في فضائل أبي بكر رضي الله عنه .

ومن فضائله رضي الله عنه أنه يُدعى من أبواب الجنة كلها
قال عليه الصلاة والسلام : من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ؛ فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الصيام وباب الريان . فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يُدعى منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

ومن فضائله أنه جمع خصال الخير في يوم واحد
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم اليوم صائما ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرىء إلا دخل الجنة .

ومن فضائله رضي الله عنه أن وصفه رجل المشركين بمثل ما وصفت خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لما ابتلي المسلمون في مكة واشتد البلاء خرج أبو بكر مهاجراً قِبل الحبشة حتى إذا بلغ بَرْك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارَة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكَلّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك ، فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج ، أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق ؟! فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة : مُر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له قال أبو بكر : إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله . رواه البخاري .

وكان عليّ رضي الله عنه يعرف لأبي بكر فضله
قال محمد بن الحنفية : قلت لأبي – علي بن أبي طالب رضي الله عنه - : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري .

وقال عليّ رضي الله عنه : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني منه ، وإذا حدثني غيره استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له ثم تلا : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) الآية . رواه أحمد وأبو داود .

ولم يكن هذا الأمر خاص بعلي رضي الله عنه بل كان هذا هو شأن بنِيـه
قال الإمام جعفر لصادق : أولدني أبو بكر مرتين .
وسبب قوله : أولدني أبو بكر مرتين ، أن أمَّه هي فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وجدته هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر .
فهو يفتخر في جّـدِّه ثم يأتي من يدّعي اتِّباعه ويلعن جدَّ إمامه ؟
قال جعفر الصادق لسالم بن أبي حفصة وقد سأله عن أبي بكر وعمر ، فقال : يا سالم تولَّهُما ، وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى ، ثم قال جعفر : يا سالم أيسُبُّ الرجل جده ؟ أبو بكر جدي ، لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما .
وروى جعفر بن محمد – وهو جعفر الصادق - عن أبيه – وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي – رضي الله عنهم أجمعين ، قال : جاء رجل إلى أبي – يعني علي بن الحسين ، المعروف والمشهور بزين العابدين - فقال : أخبرني عن أبي بكر ؟ قال : عن الصديق تسأل ؟ قال : وتسميه الصديق ؟! قال : ثكلتك أمك ، قد سماه صديقا من هو خير مني ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ، فمن لم يُسمه صدِّيقا ، فلا صدّق الله قوله ، اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما ، فما كان من أمـر ففي عنقي .

ولما قدم قوم من العراق فجلسوا إلى زين العابدين ، فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما ، ثم ابتـركوا في عثمان ابتـراكا ، فشتمهم .
وابتركوا : يعني وقعوا فيه وقوعاً شديداً .
وما ذلك إلا لعلمهم بمكانة وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبمكانة صاحبه في الغار ، ولذا لما جاء رجل فسأل زين العابدين : كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنزلتهما منه الساعة .

قال بكر بن عبد الله المزني رحمه الله :
ما سبقهم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ، ولكن بشيء وَقَـرَ في قلبه .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي = رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسأَلُ
اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَولِه = لا يَنْثَني عَنهُ ولا يَتَبَدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ وَفَضْلٌ ساطِعٌ = لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل

وجمع بيت أبي بكر وآل أبي بكر من الفضائل الجمة الشيء الكثير الذي لم يجمعه بيت في الإسلام
فقد كان بيت أبي بكر رضي الله عنه في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في الاستعداد للهجرة ، وما فعله عبد الله بن أبي بكر وأخته أسماء في نقل الطعام والأخبار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار
وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هي بنت أبي بكر رضي الله عنه وعنها

قال ابن الجوزي رحمه الله :
أربعة تناسلوا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أبو قحافة
وابنه أبو بكر
وابنه عبد الرحمن
وابنه محمد

أعماله :
من أعظم أعماله سبقه إلى الإسلام وهجرته مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وثباته يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن أعماله قبل الهجرة أنه أعتق سبعة كلهم يُعذّب في الله ، وهم : بلال بن أبي رباح ، وعامر بن فهيرة ، وزنيرة ، والنهدية وابنتها ، وجارية بني المؤمل ، وأم عُبيس .
ومن أعظم أعماله التي قام بها بعد تولّيه الخلافة حرب المرتدين
فقد كان رجلا رحيما رقيقاً ولكنه في ذلك الموقف ، في موقف حرب المرتدين كان أصلب وأشدّ من عمر رضي الله عنه الذي عُرِف بالصلابة في الرأي والشدّة في ذات الله
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر : يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ؟ قال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر : فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق .

لقد سُجِّل هذا الموقف الصلب القوي لأبي بكر رضي الله عنه حتى قيل : نصر الله الإسلام بأبي بكر يوم الردّة ، وبأحمد يوم الفتنة .
فحارب رضي الله عنه المرتدين ومانعي الزكاة ، وقتل الله مسيلمة الكذاب في زمانه .
ومع ذلك الموقف إلا أنه أنفذ جيش أسامة الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد إنفاذه نحو الشام .

وفي عهده فُتِحت فتوحات الشام ، وفتوحات العراق

وفي عهده جُمع القرآن ، حيث أمر رضي الله عنه زيد بن ثابت أن يجمع القرآن

وكان عارفاً بالرجال ، ولذا لم يرضَ بعزل خالد بن الوليد ، وقال : والله لا أشيم سيفا سله الله على عدوه حتى يكون الله هو يشيمه . رواه الإمام أحمد وغيره .

وفي عهده وقعت وقعة ذي القَصّة ، وعزم على المسير بنفسه حتى أخذ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بزمام راحلته وقال له : إلى أين يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أقول لك ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد : شِـمْ سيفك ولا تفجعنا بنفسك . وارجع إلى المدينة ، فو الله لئن فُجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدا ، فرجع أبو بكر رضي الله عنه وأمضى الجيش .

وكان أبو بكر رضي الله عنه أنسب العرب ، أي أعرف العرب بالأنساب .

زهـده :
مات أبو بكر رضي الله عنه وما ترك درهما ولا دينارا

عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : لما احتضر أبو بكر رضي الله عنه قال : يا عائشة أنظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبح فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين ، فإذا مت فاردديه إلى عمر ، فلما مات أبو بكر رضي الله عنه أرسلت به إلى عمر رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه : رضي الله عنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك .

ورعـه :
كان أبو بكر رضي الله عنه ورعاً زاهداً في الدنيا حتى لما تولى الخلافة خرج في طلب الرزق فردّه عمر واتفقوا على أن يُجروا له رزقا من بيت المال نظير ما يقوم به من أعباء الخلافة

قالت عائشة رضي الله عنها : كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج ، وكان أبو بكر يأكل من خراجه ، فجاء يوماً بشيء ، فأكل منه أبو بكر ، فقال له الغلام : تدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهّنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته ، فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه ، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه . رواه البخاري .

وفاته :
توفي في يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة ، وه ابن ثلاث وستين سنة .

فرضي الله عنه وأرضاه
وجمعنا به في دار كرامته

أعلم بأنني لم أوفِّ أبا بكر حقّـه

فقد أتعب من بعده حتى من ترجموا له ، فكيف بمن يقتطف مقتطفات من سيرته ؟





heba45 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
قديم 25-12-11, 12:27 AM   #2

heba45

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية heba45

? العضوٌ??? » 1699
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 2,693
?  نُقآطِيْ » heba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond repute
افتراضي

فضائل الصديق أبي بكر رضي الله عنه تعالى
أفضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأعلاهم منزلة، وأكبرهم كرامة، وأعظمهم منة على المسلمين هو أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، ونبدأ بشهادة الله سبحانه وتعالى له، ثم بشهادة النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم، ثم بشهادة الأمة المعصومة التي لا تجتمع على ضلالة‏.‏
أ- شهادة الله لأبي بكر الصديق‏:‏
شهد الله سبحانه وتعالى للصديق أنه كان الصاحب الوحيد والناصر الوحيد لرسول الله بعد الله سبحانه وتعالى، فقد مدح الله نفسه في القرآن أنه نصر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم وأخرجه من بين ظهراني الكفار عندما أرادوا قتله، أو حبسه، أو طرده ونفيه واختاروا قتله أخيراً فأنجاه الله وأخرجه من بين ظهورهم آمناً معافى‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين‏}‏ فكان من مكره سبحانه وتعالى بالكفار أن أخرج النبي محمداً مهاجراً من مكة إلى المدينة والكفار يحيطون به من كل جانب ولا ناصر له من الأصحاب والمسلمين إلا رجل واحد فقط، لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف العصيب قال تعالى حاضاً المؤمنين على نصر رسوله‏:‏ ‏{‏الا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا‏}‏‏.‏ فأثبت الله هنا كرامة الصديق وأنه كان الناصر الوحيد لرسوله يوم عز الناصر، وقل النصير، وأنه أعني الصديق، كان حزيناً أن يبصر الكفار موقع الرسول صلى الله عليه ولسم فيضيع الدين فيبشره النبي بأن الله معهما يرعاهما ويكلأهما‏.‏ ومعية الله هنا ثابتة للرسول صلى الله عليه وسلم، والصديق ‏{‏لا تحزن إن الله معنا‏}‏ وهذه شهادة من الرسول صلى الله عليه وسلم للصديق أقرها الله وأثبتها في كتابه الكريم، ناهيك أن أسرة الصديق كلها كانت في هذا اليوم العصيب في خدمة الرسول صلى الله عليه وسلم فأسماء بنت أبي بكر هي التي توصل الطعام لهما في الغار، وعبدالرحمن ابن الصديق هو الذي يغدو بسرحه عليهما ويتسمع لهما الأخبار ومال الصديق ورحائله هي التي حملت الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، والصديق هو المؤنس الوحيد بعد الله سبحانه وتعالى، وهذه منقبة ليست بعدها منقبة وكرامة كل كرامة هي دونها ولا شك، ويكفي هذه الكرامة أن الله أثبتها في كفاية وجعلها قرآناً يتلى إلى آخر الدنيا‏.‏
وأما شهادة الله الثابتة للصديق فهو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى‏}‏‏.‏
قال الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآيات‏:‏ ‏"‏وقوله تعالى ‏{‏وسيجنبها الأتقى‏}‏ أي سيزحزح عن النار التقي النقي الأتقى ثم فسره بقوله ‏{‏الذي يؤتي ماله يتزكى‏}‏ أي يصرف ماله في طاعة ربه ليزكي نفسه وماله وما وهبه الله من دين ودنيا ‏{‏وما لأحد عنده من نعمة تجزى‏}‏ أي ليس بذله ماله في مكافأة من أسدى إليه معروفاً فهو يعطي في مقابلة ذلك وإنما دفعه ذلك ‏{‏ابتغاء وجه ربه الأعلى‏}‏ أي طمعاً في أن يحصل له رؤيته في الدار الآخرة في روضات الجنات قال الله تعالى ‏{‏ولسوف يرضى‏}‏ أي ولسوف يرضى من اتصف بهذه الصفات، وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حتى إن بعضهم حكى الإجماع من المفسرين على ذلك، ولا شك أنه داخل فيها وأولى الأمة بعمومها فإن لفظها لفظ العموم، وهو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وسيجنبها الأتقى، الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى‏}‏ ولكنه مقدم الأمة وسابقهم في جميع هذه الأوصاف وسائر الأوصاف الحميدة فإنه كان صديقاً تقياً كريماً جواداً بذالاً لأمواله في طاعة مولاه ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكم من دراهم ودنانير بذلها ابتغاء وجه ربه الكريم ولم يكن لأحد من الناس عنده منة يحتاج إلى أن يكافئه بها ولكن كان فضله وإحسانه على السادات والرؤساء من سائر القبائل ولهذا قال له عروة بن مسعود وهو سيد ثقيف يوم صلح الحديبية أما والله لولا يد لك عندي لم أجزك بها لأجبتك وكان الصديق قد اغلظ له في المقال فإذا كان هذا حاله مع سادات العرب ورؤساء القبائل فكيف بمن عداهم‏؟‏
ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وما لأحد عنده من نعمة تجزى‏.‏ إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى‏.‏ ولسوف يرضى‏}‏‏.‏ وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏من أنفق زوجين في سبيل الله دعته خزنة الجنة يا عبدالله هذا خير‏]‏، فقال أبو بكر‏:‏ يا رسول الله ما على من يدعي منها ضرورة فهل يدعى منها كلها أحد‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏نعم وأرجو أن تكون منهم ‏]‏‏"‏ ‏(‏ابن كثير ج4 ص521‏)‏‏.‏
وقال الإمام الشوكاني رحمه الله في هذه الآيات‏:‏ ‏"‏وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة أن أبا بكر الصديق أعتق سبعة كلهم يعذب في الله‏.‏ بلال وعامر بن فهيرة، والنهدية وابنتها، وزنيرة، وأم عيسى، وأمة بني المؤمل، وفيه نزلت ‏{‏وسيجنبها الأتقى‏}‏ إلى آخر السورة، وأخرج الحاكم وصححه عن عامر بن عبدالله بن الزبير ما قدمناه عنه، وزاد فيه، فنزلت فيه هذه الآية‏:‏ ‏{‏فأما من أعطى واتقى‏}‏ إلا قوله‏:‏ ‏{‏وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى‏}‏ وأخرج البزار وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه وابن عساكر عنه نحو هذا من وجه آخر، وأخرج ابن مردويه ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏وسيجنبها الأتقى‏}‏ قال‏:‏ هو أبو بكر الصديق‏"‏ أ‏.‏هـ ‏(‏تفسير فتح القدير ج5 ص455‏)‏‏.‏
وحسبك بهذه شهادة من العلي الأعلى سبحانه وتعالى لهذا العبد الكريم الذي بذل ماله في سبيل الله لا يبتغي بذلك إلا وجه الله سبحانه وتعالى‏.‏
ومعنى ‏(‏من ضرورة‏)‏ التي جاءت في الحديث‏:‏ أي لا ضرر على من دخل الجنة وإن لم يدع إلا من باب واحد ما دام قد دخلها، ولكن هل لأحد من كرامة عند الله حتى يدعى من جميع الأبواب ثم يدخل من أي باب يشاء فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن نعم يا أبا بكر وأرجو أن تكون منهم، ورجاء النبي حق حتم لا شك فيه‏.‏
أبو بكر أسبق الصحابة إسلاماً‏:‏
قال البخاري‏:‏ حدثنا أحمد بن أبي الطيب حدثنا إسماعيل بن مخالد، حدثنا بيان ابن بشر عن وبرة بن عبدالرحمن بن همام، قال سمعت عماراً يقول، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر‏.‏
هذه شهادة من عمار بن ياسر رضي الله عنه – أن الصديق كان الرجل الحر الوحيد مع الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏ وأسلم في أول الإسلام‏.‏ ولا شك أن علي بن أبي طالب كان مؤمناً وقتئذ ولكنه كان غلاماً صغيراً في ذلك الوقت‏.‏
أبو بكر يدافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏
عن عروة بن الزبير قال‏:‏ سألت عبدالله بن عمرو عن أشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال‏:‏ رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقاً شديداً، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه فقال‏:‏ ‏[‏أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم‏]‏‏.‏ ‏(‏رواه الإمام البخاري‏)‏‏.‏
وفي هذا الحديث من الفوائد ما يلي‏:‏
1‏)‏ شجاعة الصديق وإنه كان يتصدى لمجرمي قريش وعتاتها ممن يؤذون رسول وهذا أحدهم عقبة بن أبي معيط الذي خنق الرسول صلى الله عليه وسلم بردائه، فما رده إلا الصديق رضي الله عنه‏.‏
2‏)‏ تمثل الصديق بالقرآن في دفاعه عن الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله‏]‏ والمعنى يا أيها المشركون هل تقتلون الرسول الذي ليس له ذنب معكم إلا أن يعلن أن الله ربه سبحانه وتعالى‏.‏ وقد جاءكم بالبيان على ذلك من ربكم الذي خلقكم‏.‏
أبو بكر يعتني بالنبي صلى الله عليه وسلم في الغار وفي طريق الهجرة‏:‏
قال الإمام البخاري‏:‏ حدثنا عبدالله بن رجاء حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال‏:‏ اشترى أبو بكر رضي الله عنه من عازب رحلاً بثلاثة عشر درهماً، فقال أبو بكر لعازب‏:‏ مر البراء فليحمل إليّ رحلي، فقال عازب‏:‏ لا حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكم‏؟‏ قال ارتحلنا من مكة، فأحيينا أو سرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا، وقام قائم الظهيرة فرميت ببصري هل أرى من ظل فآوى إليه فإذا صخرة أتيتها، فنظرت بقية ظل لها فسويته، ثم فرشت للنبي صلى الله عليه وسلم فيه، ثم قلت له اضجع يا نبي الله، فاضجع النبي صلى الله عليه وسلم ثم انطلقت انظر ما حولي هل أرى من الطلب أحداً‏؟‏ فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة، يريد منها الذي أردنا، فسألته فقلت له‏:‏ لمن أنت يا غلام‏؟‏ قال‏:‏ لرجل من قريش سماه فعرفته، فقلت‏:‏ هل في غنمك من لبن‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قلت فهل أنت حالب لبناً‏؟‏ قال‏:‏ نعم، فأمرته فاعتقل شاة من غنمه، ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه، فقال هكذا ضرب إحدى كفيه بالأخرى فحلب لي كثبة من لبن وقد جعلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة على فمها خرقة فصببت على اللبن حتى برد أسفله، فانطلقت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوافقته قد استيقظ، فقلت اشرب يا رسول الله، فشرب حتى رضيت ثم قلت قد آن الرحيل يا رسول الله‏؟‏ قال ‏[‏بلى‏]‏، فارتحلنا والقوم يطلبونا، فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له، فقلت‏:‏ هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله، فقال‏:‏ ‏[‏لا تحزن إن الله معنا‏]‏‏.‏ ‏(‏رواه البخاري‏)‏‏.‏
وفي هذا الحديث فوائد عظيمة منها‏:‏
1‏)‏ اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وحده دون سائر الصحابة ليصحبه في رحلة الهجرة وهي أخطر رحلة، وأعظم بلاء يتعرض له الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقد عزمت قريش على قتله، بعد مشورة وتآمر طويل وشرعت فعلاً في التنفيذ وكانت الهجرة ليلة التنفيذ لمؤامرتها المجرمة‏.‏ واختيار الرسول لأبي بكر في هذا الموقف واعتماده بعد الله عليه دلالة عظيمة على أنه كان أعظم الصحابة إيماناً ورجولة وقدراً وتحملاً للمصاعب ووقوفاً في وجه الشدائد، وكتماناً لسر الرسول ومحافظة على النبي‏.‏
2‏)‏ ظهر من الحديث إشفاق أبي بكر على الرسول وحدبه عليه وسعيه من أجل الحفاظ عليه بكل سبيل بل سعيه وحده من أجل راحته‏.‏
3‏)‏ هلاك من هلك في الصديق من الرافضة المجوسية الذين زعموا أن أبا بكر لم يصحب الرسول إلا ليطلع على عوراته، ويفشي أسراره للكفار‏!‏‏!‏ وهذا يدل على كفرهم ومروقهم من الدين، وطعنهم في سيد المرسلين الذي اتهموه أنه لم يكن يعلم حقيقة أخلص أصحابه وأصدقائه‏.‏ وأنهم كانوا يضمرون له الشر والرسول لا يدري، فلعنة الله عليهم لكفرهم بالله ورسالته، وطعنهم في أشرف خلقه وعباده، وأخلص أصحاب الرسول وأعظمهم منزلة‏.‏
أبو بكر أحب الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت‏:‏ أي الناس أحب إليك‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏عائشة‏]‏، فقلت‏:‏ من الرجال‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏أبوها‏}‏، قلت‏:‏ ثم من‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏ثم عمر بن الخطاب‏]‏ فعد رجالاً‏.‏ ‏(‏أخرجه البخاري في‏:‏ 62 – كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ 5 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لو كنت متخذا خليلاً‏]‏‏)‏‏.‏
وهذه شهادة من الرسول صلى الله عليه وسلم أن أحب الرجال إليه من هذه الأمة هو الصديق‏.‏ وقلب الرسول صلى الله عليه وسلم قلب طاهر معصوم والمحبة من الإيمان، بل الإيمان هو الحب في الله والبغض في الله، ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر من الإيمان، وإيمان الرسول صلى الله عليه وسلم معصوم‏.‏ وهذه شهادة عظيمة توجب على كل مسلم أن يحب ما يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر على رأس هؤلاء ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم‏.‏ وأم المؤمنين عائشة هي أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها زوجه، وأعظم الناس إيثاراً ومحبة له‏.‏ رضي الله عنها‏.‏
الله مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومع الصديق أبو بكر رضي الله عنه‏:‏
حديث أبي بكر، قال‏:‏ قلت للنبي صلى الله عليه وسلم، وأنا في الغار، لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا‏.‏ فقال‏:‏ ‏[‏ما ظنك يا أبا بكر‏!‏ باثنين الله ثالثهما‏؟‏‏]‏‏.‏ ‏(‏أخرجه البخاري في‏:‏ 62 – كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، 2 - باب مناقي المهاجرين وفضلهم‏)‏‏.‏
وهذه شهادة ثانية من الرسول صلى الله عليه وسلم للصديق أن الله مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعه في أحلك الظروف وأصعب المواقف في الغار محصوراً بعيداً عنه كل ناصر من البشر إلا نصرة الله ثم نصرة الصديق الذي لم يكن إلا هو في هذا الموقف العصيب والرسول صلى الله عليه وسلم مطلوب حياً أو ميتاً، وقريش والكفار يسعون في قتله والوصول إليه بكل سبيل‏.‏
أبو بكر أفقه الصحابة وأعظمهم على الرسول منة في المال والصحبة‏:‏
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جلس على المنبر، فقال‏:‏ ‏[‏إن عبداً خير الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده‏]‏ فبكى أبو بكر، وقال‏:‏ فديناك بآبائنا وأمهاتنا‏.‏ فعجبنا له وقال الناس انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول‏:‏ فديناك بآبائنا وأمهاتنا‏.‏ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر هو أعلمنا به‏.‏ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً من أمتي لاتخذت أبا بكر، إلا خلة الإسلام‏.‏ لا يبقين في المسجد خوخة أبي بكر‏]‏ ‏.‏ ‏(‏أخرجه البخاري في‏:‏ 63 - كتاب مناقب الأنصار‏:‏ 45 – باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة‏)‏‏.‏
وهذا الحديث يبين أن أبا بكر كان أفقه الصحابة وأعلمهم بمرامي كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وفحواه فقد كان وحده الذي فهم ما يرمي إليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ‏[‏إن عبداً خيره الله من أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده‏]‏‏.‏
إن العبد المخير هو الرسول صلى الله عليه وسلم قد اختار ما عند الله وهذا يعني الموت‏.‏ ولذلك بكى الصديق حدباً على الإسلام وإشفاقاً لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ولذلك حفظ الرسول صلى الله عليه وسلم له هذه المواقف والمناقب فأعلنه على الملأ في آخر حياته أن أعظم الأصحاب على الرسول صلى الله عليه وسلم منة في المال والصحبة هو الصديق الذي واسى الرسول صلى الله عليه وسلم بماله، وصحبة أكمل ما تكون الصحبة‏.‏ وهنا يعلن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الصديق في مكان الخلة من الرسول صلى الله عليه وسلم لولا اشتغال قلب الرسول صلى الله عليه وسلم بخلة الله سبحانه وتعالى وأية إن لم يكن خليل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه أخوه وصاحبه‏.‏ وحفظاً من النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الكرامة أمر جميع من له خوخة ‏(‏باب نافذ‏)‏ إلى منزله من المسجد أن يغلقه إلا الصديق فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ببقاء خوخته حفاظاً لمودته، وإكراماً لعهده، وبياناً لفضيلته‏.‏ فماذا بعد هذا أعظم‏؟‏
أبو بكر أعظم الناس إيماناً‏:‏
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال‏:‏ صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلاة الصبح ثم أقبل على الناس، فقال‏:‏ ‏[‏بينما رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها‏.‏ فقالت‏:‏ إنا لم نخلق لهذا؛ إنما خلقنا للحرث‏]‏ فقال الناس‏:‏ سبحان الله‏!‏ بقرة تكلم‏؟‏ فقال‏:‏ ‏[‏فإني أؤمن بهذا، أنا وأبو بكر وعمر‏]‏ وما هما ثم‏.‏ ‏[‏وبينما رجل في غنمه إذ عدا الذئب فذهب منها بشاة فطلب حتى كأنه استنقذها منه، فقال له الذئب‏:‏ هذا، استنقذتها مني، فمن لها يوم السبع، يوم لا راعي لها غيري‏؟‏‏]‏ فقال الناس‏:‏ سبحان الله ذئب يتكلم‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏فإني أؤمن بهذا أنا وأبو بكر وعمر‏]‏ وما هما ثم‏.‏ ‏(‏أخرجه البخاري‏:‏ 60 – كتاب الأنبياء‏:‏ 54 – باب حدثنا أبو اليمان‏)‏‏.‏
هذا الحديث فيه فوائد عظيمة منها‏:‏
1‏)‏ أن للحيوانات إدراكاً ما، وأن الله ينطق منها ما يشاء سبحانه وتعالى‏.‏
2‏)‏ أن لكل حيوان فوائد معينة فمنها خلق للركوب، ومنها ما خلق للحم، ومنها ما خلق للحم والجر، والبقر لم يهيئه الله ليكون حيواناً مركوباً‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون‏}‏ – أي بعضها – وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون‏}‏ فبين سبحانه أن هذه خلقت للركوب والزينة‏.‏ وقال تعالى أيضاً‏:‏ ‏{‏وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها، ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون‏}‏ – أي بعضها‏.‏‏.‏
ولا شك أن استخدام الحيوان في غير ما خلق الله إهدار لنعم الله ووضع لها في غير ما خلقت له‏.‏
أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما من خير أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بل خير أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الذين كانوا حول النبي صلى الله عليه وسلم وحدثهم بهذه الأحاديث العجيبة من كلام البقرة وكلام الذئب سبحوا الله تعجباً واستبعاداً أن يقع مثل ذلك، أو على الأقل استغراباً‏.‏ فبين لهم الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يتكلم بما يتكلم ويقول ما يقول مؤمناً به واثقاً من خبر الله سبحانه وتعالى، وأن أبا بكر وعمر يؤمنان مع الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك والعجب أنهما لم يكونا حاضرين‏.‏ وهذه شهادة كبرى من الرسول صلى الله عليه وسلم لهما بعظيم الإيمان والتصديق، وأنهما لا يترددان قط في قبول خبر النبي صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين صلوات الله وسلامه عليه والذي لا يقول إلا حقاً، ولا ينطق عن الهوى ‏{‏إن هو إلا وحي يوحى‏}‏‏.‏ فأي شهادة أعظم من هذه الشهادة وأي منزلة أعظم أن يشهد لهما الرسول وليسا حاضرين أنهما يؤمنان بما قال، ويصدقان ما يقول، لا شك أن هذه شهادة عظيمة من الرسول صلى الله عليه وسلم لصاحبيه المؤمنين المخلصين رضي الله عنهما وأرضاهما‏.‏
شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم للصديق بالجنة والمنزلة العليا‏:‏



heba45 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
قديم 25-12-11, 12:30 AM   #3

heba45

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية heba45

? العضوٌ??? » 1699
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 2,693
?  نُقآطِيْ » heba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond reputeheba45 has a reputation beyond repute
افتراضي

حديث أبي هريرة‏:‏ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏[‏من أنفق زوجين من شيءٍ من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب – يعني الجنة، يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام ‏(‏و‏)‏ باب الريان‏]‏‏.‏ فقال أبو بكر‏:‏ ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة، وقال هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر‏]‏ ‏(‏رواه الإمام البخاري‏)‏‏.‏
وفي هذا الحديث من الفوائد‏:‏
1‏)‏ رجاء الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون الصديق من الذي تنادي به ملائكة أبواب الجنة جميعاً كل منهم يرجو أن يدخل من الباب القائم عليه وهذا تشريف عظيم للصديق وأن أبواب الجنة الثمانية كلها مشرعة لدخوله وأن الملائكة تتنافس وتتسابق في تشريف الصديق وتكريمه بدعوة كل منهم إياه أن يدخل من بابه‏.‏
2‏)‏ أن أبا بكر كان مبرزاً في كل أبواب الخير في الجهاد والصدقة والصيام والصلاة بما لم يبرز غيره‏.‏
ومن هذا الباب ما رواه البخاري بإسناده أيضاً‏.‏
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة‏]‏، فقال أبو بكر إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏إنك لست تصنع ذلك خيلاء‏]‏‏.‏ قال موسى‏:‏ فقلت لسالم أذكر عبدالله من جر إزاره‏؟‏ قال لم أسمعه ذكر إلا ثوبه‏.‏
وهذه شهادة من الرسول صلى الله عليه وسلم أن الصديق لم يكن يعرف الخيلاء والكبر وليس فيه من خصائل أهل النفاق والكبر شيء، وأنه الصديق يحرص دائماً على اتباع السنة فهو يتعاهد إزاره ألا يسقط دون الكعبين، ولكنه يسهو أحياناً ويجد أن جانباً من إزاره سقط دون الكعبين فيفزع لذلك ويخاف‏.‏ ولقد بشره الرسول صلى الله عليه وسلم أن ذلك منه الذي ليس بعمد لا حرج عليه فيه وكان يمكن أن يبين له الرسول صلى الله عليه وسلم هذا فقط أي أن الغافل والناسي لا شيء عليه ولكن الرسول أراد مدحه أمام القوم كلهم فأخبر أنه ليس من أهل الكبر مطلقاً‏.‏
شهادة ثانية من الرسول صلى الله عليه وسلم للصديق والفاروق وعثمان رضي الله عنهم جميعاً بالجنة‏:‏
روى الإمام البخاري بإسناده عن سعيد بن المسيب، قال أخبرني أبو موسى الأشعري أنه توضأ في بيته، ثم خرج فقلت لألزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأكونن معه يومي هذا‏:‏ قال فجاء المسجد فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا خرج ووجه هاهنا، فخرجت على إثره أسأل عنه حتى دخل بئر أريس، فجلست عند الباب وبابها من جريد حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته فتوضأ، فقمت إليه، فإذا هو جالس على بئر أريس وتوسط قفها، وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فسلمت عليه، ثم انصرفت فجلست عند الباب، فقلت لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم، فجاء أبو بكر فدفع الباب، فقلت من هذا‏؟‏ فقال أبو بكر، فقلت على رسلك، ثم ذهبت فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أبو بكر يستأذن‏؟‏ فقال ‏[‏ائذن له وبشره بالجنة‏]‏، فأقبلت حتى قلت لأبي بكر أدخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة، فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القف ودلى رجله في البئر كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم وكشف عن ساقيه، ثم رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني، فقلت إن يرد الله بفلان خيراً يريد أخاه يأت به، فإذا إنسان يحرك الباب، فقلت من هذا‏؟‏ فقال عمر بن الخطاب فقلت على رسلك، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه، فقلت هذا عمر بن الخطاب يستأذن، فقال ‏[‏ائذن له وبشره بالجنة‏]‏ فجئت فقلت أدخل وبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القف عن يساره ودلى رجليه في البئر، ثم رجعت فجلست، فقلت إن يرد الله بفلان خيراً يأت به، فجاء إنسان يحرك الباب، فقلت من هذا‏؟‏ فقال عثمان بن عفان، فقلت على رسلك، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال ‏[‏ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه‏]‏ فجئته فقلت له ادخل وبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة على بلوى تصيبك، فدخل فوجد القف قد ملئ فجلس وجاهه من الشق الآخر، قال شريك قال سعيد بن المسيب فأولتها قبورهم‏.‏
وفي هذا الحديث من الفوائد والعلم ما يلي‏:‏
1‏)‏ أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا دائمي السؤال عنه، كلفين بمحبته وصحبته، محتفين به‏.‏
2‏)‏ أن الرسول بشر أبا بكر وعمر وعثمان بالجنة‏.‏
3‏)‏ أن ورود هؤلاء الصحابة الثلاثة في هذه الواقعة على النبي صلى الله عليه وسلم كان بترتيب خلافتهم تماماً وهذا من غرائب الوقائع، ومما جعله الله إشارة إلى ترتيب خلافتهم‏.‏
4‏)‏ أن نبؤة النبي صلى الله عليه وسلم في عثمان قد تحققت تماماً وهذا دلائل نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلامات صدقه صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقد أصيب ببلوى عظيمة عندما خرج أولئك السفهاء عليه وقتلوه وهو إمام المسلمين‏.‏
5‏)‏ أن الصحابة رضوان الله عليهم أشد الناس حرصاً على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏
فانظر إليهم كيف فعلوا تماماً كما فعل، وجلسوا على الهيئة التي جلس عليها وهذا من شدة متابعتهم ومحبتهم‏.‏ ومما يدل كذلك على شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر بالجنة والإيمان هذا الحديث‏:‏ عن قتادة أن أنس بن مالك رضي الله عنه حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحداً وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم، فقال ‏[‏أثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان‏]‏‏.‏ ‏(‏رواه الإمام البخاري‏)‏‏.‏
فالصديق أبو بكر، والشهيدان عمر وعثمان رضي الله عنهما وهذا من علامات نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقد عاش أبو بكر ومات صديقاً، واستشهد عمر واستشهد عثمان رضي الله عنهم جميعاً‏.‏
شهادة علي بن أبي طالب أن الصديق هو خير الناس بعد رسول الله‏:‏
قال البخاري‏:‏ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان، حدثنا جامع بن أبي راشد، حدثنا أبو يعلى عن محمد بن الحنفية، قال قلت لأبي‏:‏ أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال أبو بكر، ثم قلت ثم من‏؟‏ قال‏:‏ ثم عمر، وخشيت أن يقول عثمان، قلت ثم أنت‏؟‏ ما أنا إلا رجل من المسلمين‏.‏
وهذه شهادة من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن أبا بكر هو خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن عمر هو خير الناس بعد الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق فتباً وسحقاً لمن اعتقد أن علياً كان يبغض الصديق والفاروق أو كان يسبهما أو يلعنهما‏.‏ ألا لعنة الله على الظالمين الكاذبين‏.‏ وأبلغ من هذه الشهادة ما رواه الإمام البخاري أيضاً‏.‏
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ إني لواقف في قومٍ، فدعوا الله لعمر ابن الخطاب، وقد وضع على سريره إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي، يقول رحمك الله‏:‏ إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك لأني كثيراً مما كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ كنت وأبو بكر وعمر، وفعلت وأبو بكر وعمر، وانطلقت وأبو بكر وعمر فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما، فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب‏.‏
وفي هذا الأثر من الفوائد ما يلي‏:‏
1‏)‏ شهود ابن عباس رضي وعلي بن أبي طالب جنازة أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه‏.‏
2‏)‏ أن علياً رضي الله عنه كان يرجو أن يدفن عمر بجوار النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر لأنه كان كثيراً ما يسمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر نفسه ثم أبا بكر وعمر فيقول خرجت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر‏.‏ فاستنبط علي من ذلك أنهما لا بد وأن يكونا أصحاباً لرسوله في الآخرة، وفي البرزخ كما جعلهم الله أصحابا للرسول في الدنيا، وهذا من فقه علي بن أبي طالب رضي الله عنه‏.‏
الرسول صلى الله عليه وسلم يستخلف الصديق على الصلاة‏:‏
‏"‏عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه‏:‏ ‏[‏مروا أبا بكر يصلي بالناس‏]‏‏.‏ قالت عائشة‏:‏ قلت‏:‏ إن أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل، فقال‏:‏ ‏[‏مروا أبا بكر فليصل بالناس‏]‏، فقالت عائشة‏:‏ فقلت لحفصة‏:‏ قولي ‏(‏له‏)‏‏:‏ إن أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل بالناس، ففعلت حفصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس‏]‏، فقالت حفصة لعائشة‏:‏ ما كنت لأصيب منك خيراً‏"‏‏.‏
وفي رواية قال‏:‏ ‏"‏أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه، فكان يصلي بهم، قال عروة‏:‏ فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فخرج، فإذا أبو بكر يؤم الناس، فلما رآه أبو بكر استأخر، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أن كما أنت، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم حذاء أبي بكر إلى جنبه، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر‏"‏‏.‏
وفي رواية‏:‏ ‏"‏قال الأسود بن يزيد‏:‏ كنا عند عائشة، فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها، فقالت‏:‏ لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه، فحضرت الصلاة فأذن فقال‏:‏ ‏[‏مروا أبا بكر فليصل بالناس‏]‏، فقيل‏:‏ أن أبا بكر رجل أسيف، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس وأعاد، فأعادوا، وأعاد الثالثة، فقال‏:‏ ‏[‏إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل للناس‏]‏، فخرج أبو بكر يصلي، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة، فخرج يهادي بين رجلين، كأني أنظر رجليه تخطان من الوجع فأراد أبو بكر أن يتأخر، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أن مكانك، ثم أتي به حتى جلس إلى جنبه، فقيل للأعمش‏:‏ فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، وأبو بكر يصلي بصلاته، والناس يصلون بصلاة أبي بكر‏؟‏ فقال برأسه‏:‏ ‏[‏نعم‏]‏، قال البخاري‏:‏ وزاد معاوية ‏"‏جلس عن يسار أبي بكر، وكان أبو بكر قائماً‏"‏‏.‏
وفي رواية للبخاري، وفيه ‏"‏جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال‏:‏ ‏[‏مروا أبا بكر يصلي بالناس‏]‏، قالت‏:‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله، إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر‏؟‏ فقال‏:‏ ‏[‏مروا أبا بكر يصلي بالناس‏.‏‏.‏‏]‏ ثم ذكر قولها لحفصة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏إنكن لأنتن صواحب يوسف‏]‏، وأنه عليه السلام وجد خفة فخرج‏.‏‏.‏ ثم ذكر إلى قوله‏:‏ حتى جلس عن يسار أبي بكر، فكان أبو بكر يصلي قائما، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعداً، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس بصلاة أبي بكر‏"‏‏.‏
وفي أخرى نحوه، وفيه ‏"‏إن أبا بكر رجل أسيف، إن يقم مقامك يبك، ولا يقدر على القراءة، ولم يذكر قولها لحفصة‏.‏ وفي آخرة فتأخر أبو بكر، وقعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبه، وأبو بكر يسمع الناس التكبير‏"‏‏.‏
وفي أخرى لهما‏:‏ أن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏لقد راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلاً قام مقامه أبداً وإني كنت أرى أنه لن يقوم مقامه أحد إلا تشاءم الناس به، فأردت أن يعدل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر‏"‏‏.‏
وفي أخرى لهما قالت‏:‏ ‏"‏لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي، قال ‏[‏مروا أبا بكر فليصل بالناس‏]‏، قالت‏:‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله، إن أبا بكر رجل رقيق، إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه، فلو أمرت غير أبي بكر‏؟‏ قالت‏:‏ والله ما بي إلا كراهية أن يتشاءم الناس بأول من يقوم في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت‏:‏ فراجعته مرتين أو ثلاثاً، فقال‏:‏ ‏[‏ليصل بالناس أبو بكر، فإنكن صواحب يوسف‏]‏‏.‏ ‏(‏رواه البخاري ومسلم‏)‏‏.‏
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال‏:‏ ‏"‏مرض النبي صلى الله عليه وسلم فاشتد مرضه، فقال‏:‏ ‏[‏مروا أبا بكر فليصل بالناس‏]‏، قالت عائشة‏:‏ يا رسول الله، إنه رجل رقيق، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس، فقال‏:‏ ‏[‏مري أبا بكر فليصل بالناس‏]‏، فعادت، فقال‏:‏ ‏[‏مري أبا بكر فليصل بالناس، فإنكن صواحب يوسف‏]‏، فأتاه الرسول، فصلى بالناس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏ ‏(‏أخرجه البخاري ومسلم‏)‏‏.‏
وفي هذا الحديث من الفوائد ما يلي‏:‏
1‏)‏ اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر ليصلي بالناس دليل على إمامته، لأن الصلاة أشرف عمل للمسلمين، وإمامتها مهمة الإمام والقائد، ولذلك كان لا يؤم الجيش إلا القائد، فتقديم الرسول لأبي بكر ليصلي بالناس من أعظم الأدلة أنه قد ارتضاه بل عينه إماماً للناس في كل الشئون لأن الصلاة هي العنوان وهي أعظم شئون المسلمين‏.‏
2‏)‏ خوف السيدة عائشة رضي الله عنها على أبيها أن يتشاءم الناس من مقامه مقام الرسول مما يدل على نزاهتها وبراءتها رضي الله عنها وأنها لم تكن لا هي ولا أبوها طامعين في إمارة أو خلافة‏.‏ وإصرار الرسول صلى الله عليه وسلم على تولية أبي بكر يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن ليدع أهم الأمور وهي إمامة المسلمين دون أن يرشد إليها ويبينها وفي تولية الصديق الإمامة أتم البيان‏.‏
وعن عبدالله بن زمعة رضي الله عنه قال‏:‏ ‏"‏لما استعز بالنبي صلى الله عليه وسلم –وأنا عنده في نفر من الناس- دعاه بلال إلى الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏مروا أبا بكر يصلي بالناس‏]‏، قال فخرجنا، فإذا عمر في الناس، وكان أبو بكر غائباً، فقلت‏:‏ يا عمر، قم فصل للناس، فتقدم فكبر، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته -وكان عمر رجلاً مجهراً- قال‏:‏ ‏[‏فأين أبو بكر‏؟‏ يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون‏]‏، فبعث إلى أبي بكر، فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة، فصلى بالناس‏"‏‏.‏
زاد في رواية قال‏:‏ ‏"‏لما أن سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت عمر ‏(‏قال ابن زمعة‏)‏، خرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى أطلع رأسه من حجرته، ثم قال‏:‏ ‏[‏لا، لا، لا، ليصل بالناس ابن أبي قحافة‏]‏‏.‏‏.‏ يقول ذلك مغضباً‏"‏ أخرجه أبو داود وهو حديث حسن‏.‏
ومن مجموع هذه الروايات نستفيد الفوائد الآتية‏:‏
1‏)‏ أن اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ليصلي بالناس أعظم دليل على تقديمه وتزكيته لتولي أمور المسلمين والقيام بالأمر من بعده‏.‏ كما استدل بذلك الصحابة وقالوا ‏"‏رضيه رسول الله لديننا، أفلا نرضاه لدنيانا‏"‏‏.‏ وذلك أن الصلاة هي أعظم أعمال الإسلام بعد الشهادتين والإيمان، وهي أعظم أعمال الخلفاء والولاة كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر‏}‏ فبدأ بالصلاة أولاً حتى يشعرنا أنها أعظم أعمال الدين وأعظم أفعال ولاة الأمور، واختيار الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ليؤم الناس في مرض موته أصرح الدلالات على أن الرسول صلى الله عليه وسلم اختار الصديق لإمامة المسلمين وخلافة النبوة‏.‏ فلعنة الله على الزنادقة الرافضة الذين زعموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نص على خلافة علي أبي طالب فكيف ينص على ذلك ويولي الصديق إمامة الناس ويقول‏:‏ ‏[‏يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر‏]‏‏.‏
2‏)‏ أن الرسول صلى الله عليه وسلم أصر على إمامة الصديق مع مراجعة عائشة وحفصة له‏.‏ وقد ذكرت عائشة أن سبب مراجعتها خشيتها أن يكره المسلمون أبا بكر لقيامه مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أحبوه أكثر من آبائهم وأمهاتهم وأنفسهم‏.‏
ولكن الله سبحانه وتعالى جعل قيام الصديق مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم البركات والخيرات على الأمة الإسلامية، إذ قام خير قيام بخلافة رسول الله وقيادة الأمة إلى الرشد والسداد، وإبقاء سنة الرسول صلى الله عليه وسلم حية قائمة‏.‏
شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم بخلافة الصديق‏:‏
روى البخاري بإسناده عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال‏:‏ أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن ترجع إليه، قالت أرأيت إن جئت ولم أجدك، كأنها تقول الموت، قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏[‏إن لم تجديني فأتي أبا بكر‏]‏‏.‏
وهذه شهادة من الرسول صلى الله عليه وسلم وخبر صادق منه، ودلالة من دلائل نبوته وصدقه صلى الله عليه وسلم أن الذي سيرجع إليه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم إنما هو الصديق رضي الله عنه، فأي شهادة أبلغ من هذه وأصرح للدلالة على أن المرجع بعد الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هو أبو بكر رضي الله عنه‏.‏
ومما يدل على هذا أيضا هذه الرؤيا للرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏
روى الإمام البخاري بإسناده عن الزهري، قال أخبرني ابن المسيب سمع أبا هريرة رضي الله عنه، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏[‏بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو، فنزعت منها ما شاء الله، ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع بها ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف والله يغفر له ضعفه، ثم استحالت غربا فأخذها ابن الخطاب فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر حتى ضرب الناس بعطن‏]‏‏.‏
إن الخلافة بعد الرسول إنما تكون لأبي بكر ثم عمر وإن خلافة الصديق تكون قصيرة ثم تأتي خلافة الفاروق حيث يفيض المال وتعظم الفتوح وتستحيل دولة الإسلام إلى دولة عظمى، حتى يضرب الناس بعطن‏.‏‏.‏ ‏(‏والعطن‏)‏ هو مرقد الإبل وهذه كناية وإشارة إلى استقرار الأمة وكثرة عددها وقيام سوقها‏.‏
الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر الصحابة بحفظ مكانة الصديق وألا يؤذى أبداً‏:‏
روى الإمام البخاري بإسناده عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال‏:‏ ‏"‏كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبل أبو بكر أخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏أما صاحبكم فقد غامر فسلم‏]‏‏.‏ وقال إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء، فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي، فأبى علي فأقبلت إليك، فقال يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثاً، ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر‏.‏ فسأل أثمَ أبو بكر‏؟‏ فقالوا‏:‏ لا، فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه، فقال يا رسول الله‏:‏ ‏[‏والله أنا كنت أظلم مرتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن الله بعثني إليكم، فقلتم كذبت، وقال أبو بكر‏:‏ صدق وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي مرتين فما أوذي بعد بعدها‏]‏‏.‏


heba45 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:59 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.