11-06-12, 05:16 PM | #1121 | ||||||||||||||||||
نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء
| اقتباس:
اقتباس:
بس السؤال القوي شو كان يعنيله هاد الشخص اللي مات ؟ متشوقة اعرف ردة فعلك عالقادم .. اقتباس:
انتِ الرائعة بمرورك العذب سرسورتي .. اقتباس:
أتمنى أن تعجبك القصة .. أنووومة ... نورتِ اقتباس:
بانتظار اعرف رأيك عالقادم بشوووووووووووووووق الله لا يحرمني طلتك الحلوة هاي يا غالية اقتباس:
حبيبتي أواه ... إن شاء الله بيعجبك القادم .. وبإذن الله إجابات كثيرة قادمة انتظر اعرف ردك عليها .. الله يخليلي اياكِ يا أحلى اوااااه | ||||||||||||||||||
11-06-12, 05:28 PM | #1122 | |||||||||||||||
نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء
| اقتباس:
يا عمري .. خذي كل وقتك ، ومخمخي تمام .. وعودي إليّ فأنا حتمًا لا أعرف لروايتي معالمًا دونكِ . كوني بخير ، اقتباس:
سعدت أنكِ لم تتوهي في خضم كل ما أكتبه ، شكرًا لكِ يا صديقة على متابعتك الغالية .. وأتمنى أن تجدي اجابات على كل تساؤلاتك الرائعة بصدق ... سعيدة بأنكِ فهمتني إلى هذه الدرجة من الرواية .. اقتباس:
والله جي يا ندى .. انتِ استني بس وكل حاجة حتمشي زي ما انا عاوزة بالزبط ههههه بانتظار ردك بشووووووووووووووووووووووو ووووووق عالقادم .. | |||||||||||||||
11-06-12, 05:35 PM | #1123 | |||||||||||||||
نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء
| اقتباس:
بل على العكس أنتِ أسعدتني بشكل بالغ بردك الأنيق هذا ... أتمنى أن أظل عند حسن ظنك .. وأن يعجبك القادم .. اقتباس:
المهم أنكِ عدتِ .. ومن الآن فصاعدًا .. لن أتخلى أبدًا عن رد دائمٍ منك .. اتفقنا ؟ اقتباس:
أتمنى أن تعجبك الأحداث القادمة .. حتمًا انا سعيدة بمتابعتك الغالية ... وأن تأتي متأخرًا خيرٌ من أن لا تأتي أبدًا .. سعيدة بكِ أنا | |||||||||||||||
11-06-12, 05:50 PM | #1124 | ||||||
نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي
| [QUOTE] اقتباس:
..................... الفصل الثاني بالتو خلصته اسفة لتاخري رغد لكن من هنا وهناك رواية ( جنتي هي صحراء قلبك ..في محراب العشق .. صفعتني بالورد .. توام الروح .. اهرب منك اليك .. رفقا بقلبي .. حرب مع الراء .. مذكرات مغتربات .. وانطفات الشموع .. قسمة الروح .. سر حياتي <<فقط بهذا القسم) وكتابة قصص وطلعات ماشاء الله بما انه عطلة ودوران ولف بالجهاز حقي يعني ههههههههههـ فصلولك تحمس كثير فعلاً واسلوبك رائع فكرتك مغايرة للافكار العامة للروايات ما اقدر اقول غير مبدعة اتمنى انك تعذريني .. و اي فصل اختمه راح اكتب انطباعي عنه يعني راح اكون متاخرة شوي تحياتي لكِ رغوودة دمتي بود مس موون نارا ساحاول ان اتقدم بقراءة الفصول قدر الامكان | ||||||
11-06-12, 06:42 PM | #1125 | ||||||||||||
نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء
| سيتم نزول الفصل حالًا .. وهو طويل طويل طويل ... مثقل مثقل مثقل بالأحداث ... أتمنى أن يعجبكم .... بسم الله .. | ||||||||||||
11-06-12, 06:45 PM | #1126 | ||||||||||||
نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء
| الفصل العاشر ..أرجوكَ ، لا تتغير .. ! " من يكون هذا ؟ " بوضوحٍ أعلنَ سلام عنْ تساؤلِه .. دونَ أنْ يسمَحَ لنفسِه بالتروي بغيةَ الوصولِ إلى أنّ الزائرَ محضُ ضيفٍ لا ينبغي الحديث عنه بصيغة الـ " هذا " .. بوضوحٍ ناسَب شخصيّتَهُ تمامًا .. فلطالما كان حادًا كالسيفِ في آرائه وإن كانَ بعضُها متطرّفًا .. على الجانبِ الآخر دعونا نفكر ... أَمِنَ المُنْصِفِ لوْمُه على كلمةٍ قالها بطريقةٍ قليلةِ تهذيبٍ ربما رآها البعضُ قالَها في لحظة طالَب فيها بأنْ يفهمَ حقيقةً ما ، بعدَ أنْ كانَ بعقليّتِهِ التلقائية قد رتّبَ بالفعلِ كل الأوراقِ ترتيبًا شبه صحيحٍ ! هناكَ شيءٌ ما ربما لا يدعو للقلقِ لكن يكفي أنه لم يعرفْ عنه شيئًا بعدُ !! اجتماعُ العائلةِ بتلك الطريقة المريبةِ والمثيرةِ للشكِ ونظراتُ التوجّسِ التي نضحَتْ بها عيون الجميعِ لأسبابٍ عديدةٍ وخاصّةً نظراتُ والدتِه التي واءمها وصف الضائعة نجحتْ بفضِّ جوّ الأريحيّة الذي اختصتْ به كل اجتماعاتهم السابقة على مدار سنواتٍ طويلة .... وِقفَةُ سلام المهيبة بطولِهِ الفارِعِ وصوْته الذي كان قاسيًا بقوةٍ وهو يتساءَل بـتعبيرٍ جافٍّ ... جعلَ جوفَ أندلُس شاطئًا هجَرَتْهُ المياهُ بعد جَزْر ليلةٍ مكتملٍ قمَرُها .. أخذتْ تبتلع ريقَها تأهبًا .... وبتلقائيةٍ كانت تعتصِرُ ساعد آدم الذي تأبّطَتْهُ قــَبلاً بينما رمقتْهُ بنظرةٍ تضجُ غِبْطَةً على هدوئه الشديد .. أما شادن ... فاكتفت بتضرعٍ وحيد ناجتْ فيه ربها وهي تهمِس بعدَ أنْ كانتْ قد ابتعدتْ قليلاً عن الباب لتسمحَ لوالدِها بالترحيبِ بهذا الضيفِ الذي جاء الآن ليخلط كل الأوراقِ .. " يا ساتر " " هكذا ترَحّبُ عائلةُ معلى بالضيْوفِ .. ؟ " قالها مجد بطيبة وهو يُرَبّتُ على ظَهرِ سلام ليدعوه بعدَها إلى الجُـلوس مومِئًا إليهِ بتعبيرٍ مريح وقدْ تقدّم الرجل إلى الداخل ... جلس سلام وهو يحل أزرارَ جاكيتِهِ الرّسمي .. وهو يشعُرُ ببعض الامتعاضِ.. الكُلُّ في جلبتِهِ الخاصة كان غافلاً عما تعانيِه قلورياس .. من جِهةٍ كانت تكامدُ شوْقها الذي يحثّها الآنَ على احتضانِهِ بكل ما أوتيت من قوةٍ وإن أحرقَ لهيبُ شوقِها أضلُعَهُ بين يديْها .. لليالٍ طويلةٍ كانتْ تتخيّل شكله .. قسماتِ وجهه ، تدرجاتِ لونِ شعرِهِ ، شبحُ زُرقةِ عينيْهِ الذي كان يلاحِقُها كلما رأتْ زرقة مشابهة في عينيْ ابنتِها الصغيرة .. تخيلته طفلاً لم يتجاوَزْ مِنَ العمر عامًا تُرْضِعُهُ أخرى ضانّة عنه بقليلٍ مِن حنانٍ .. بعدَ أن أبعَدَهُ عنها والدُهُ الذي كان مِنْ عِليةِ المجتمعِ بحجةِ أنّ طفلَه لنْ يتربّى على يدِ امرأةٍ عاديةٍ .. ! سحقًا .. أصبحتْ عادية الآن بعدَ أنْ أفلسَ والدُها وأصبحتْ شراكتُهُ غيرُ مجدية ... ما ذنبها إنْ كان متورّطاً بحبِّ امرأةٍ أخرى وقدْ أجبرَ عليْها ، كيف أصبحَ إذلالُها انتقامًا مِن عائلتِهِ التي أرغمتْهُ على الزواج بها ... لتجدَ نفْسَها أخيرًا في الشارِعِ دونَ طلاقٍ رسميٍّ منه بعد أن لاذت بالفرار يائسةً مِنَ الدنيا وما فيها ... بقليلٍ من المالِ وجدت نفسها تنساقُ إلى حيٍّ متوسّطِ الحالِ خُصِّصَ لجاليةٍ أجنبيةٍ .. ليقودها القدَرُ إلى " عائشة " الفتاة التي كانت تقاربُها عمرًا ...... كانتْ على مشارِفِ هوةٍ لا قرار لها عندما كان يوغِلُ فيها الظمأ .. ليسَ ظمأ معتادًا .. إنما ذاك الذي جفـَّـف فيها كل الآمالِ والتطلعات .. لتقاسي مُرَّ ولادةٍ جديدةٍ لا تشبه بحالٍ من الأحوالِ ولادةَ ابنها الذي عرفت مؤخرًا بأن اسمه " فابريغاس " .. مُرُّ التشردِ ، لمْ تستطِعْ وقتها اللجوءَ إلى عائلتِها التي لنْ تستقبِلها بالترحابِ الآن وقد خرجتْ كسيرةً تحتَ جُنْحِ الليلِ تعاني آلامَ الولادةِ مِنْ قصرِها الفاره .. لسببٍ ما لن يسامحوها على فِعلتِها ... لتشعُرَ بالضياعِ وهي لا تجدُ لها ملاذًا آمنًا إلى حين استردادها عافيتَها على الأقل ... عائشة التي ما حاولتْ بكامل جهدها معرفة الكثيرِ عن زميلة السكنِ الجديدة وجدتْ في صمتِ قلورياس ستارًا لهمٍّ إضافيّ هي بغنى عنه .. لكنّها خرجت من بوْتقة صمتِها عندما بدأت قلورياس تحتسي الشراب غير عابئة بقِرشِها الذي لن تجدَ غيره إن صُرِفَ الآن ، حيثُ أنها لا تستطيعُ العيشَ في بيتٍ تفوحُ مِنه رائحة الشراب فذلك لا يرتضيه دينُها ..... دينُها ... كلمةٌ عرفتْ قلورياس أبجديّتها فقط من فمِ عائشة ... لتلتفتَ بعدها إلى زيها المحتشمِ الغريبِ .. ولترى نفسَها أخيرًا مُبْصِرَةً النورَ عندما تمّ اختيارُ الله لها ... لكنّها مجددًا ولا شعوريًا ظلت تفكر بابنها .. فلنضعْ بعدَ المسافةِ جانبًا هناكَ الآنَ بعدٌ آخر ستقاسِيه ... بعدُ الديانة ! وها هو فاصلٌ جديدٌ يحولُ بينَهما .. حالتُها كانتْ تسوء مع أنها تشعُرُ الآن بأنّ حزنَها لنْ يذهبَ هدَرًا فقد أخبرتها عائشة بأن هناك شيء ما يدعى " الاحتساب " .. حيثُ أنّ الله سيجازيها إنْ هيَ صبرتْ .. أخذتْ تقرأ وتقرأ وما ازدادتْ سوى اقتناعاً بما فعلتْ .. أحسّت بذلك عندما وجدتْ ظمأها يُروى تدريجيّاً .. ويصير بذلك همّها الشاغل أنْ تنتَشلَ ابنها من جوِّ تلك العائلة الفاسقة .. ! عائشة التي انتهت مدة إقامتها لمْ يَحْلُ لها تركُ قلورياس وقد أضحتا أختيْنِ في الله .. مُدْرِكةً بأنّ قلورياس قد تفعلُ أيّ شيءٍ في سبيل استعادة ابنها بحميّةِ الأم وإنْ كان في ذلك تخلّيها عن دينها الجديد .. فالشيْطانُ لمْ يمُتْ وهي لا تزال تشعُر بفقدِها كلما خَلَدتْ إلى النّومِ وفاقتْ منه .. قلورياس التي ما سألَ عنها أحدٌ قطُ منذ ذهابِها أحستْ بالغَدْر يقفُ وقفة السنَدِ إلى جانب كل أوجاعِها .. فلو سأل عليها أحدهم لاستطاع إيجادها بيدهِ الطويلة .. ومع كل محاولاتها لأخذ ابنها والتي باءت بالفشل لمْ تجدْ بُدّاً من الرحيلِ .. لتجدَ نفسَها في هذا الوطن ، ولتعملَ بعدها في مركزٍ للغاتِ كمعلمةٍ ويشاء القدرُ أنْ تلتقي بمجد ... خانتها عيناها عندما ذرفتْ دموعًا كثيرة .. لتتوجّه الأنظارُ ناحيتَها ، أنظار متباينة لكنّ أحدّها كانت الموجهة من قبل سلام ... بمباشَرةٍ قال مَجْد .. " أعرّفكم ... فابريغاس دي ألبرتو ... " لتقاطِعَهُ شادن وهي تقول بتساؤل " أخُ أمي .. أليسَ كذلك .. ؟ يكونُ خالي !! " شهقةُ حنينٍ صدرتْ مِنْ قلورياس جعلتْ شادن تتأكدُ مِنْ شكوكِها ، لثوانٍ فقط قبلَ أنْ تتبددَ مزاعمها في الهواءِ ويحل محلها الصدمة على وقعِ صمتٍ خيّمَ على الجميع ... " لا يا شادن ... إنهُ أخوكِ أنتِ " أندَلُس التي أخذتْ تنظّفُ أذنها في حركةٍ تلقائيةٍ انفلتت منها ضحكةٌ قصيرةٌ في صدمةٍ جوبهت على إثرِها بنظرةٍ قاسيةٍ من آدم أغنتْها عن نظرةِ والدها المشابهة ... لتفغَرَ بعدَها فاهًا في محاولةٍ لعدمِ التصديقِ ... تُصَدّقُ ماذا ؟ أنّ أخًا لها لا تعرفُ بوجودهِ أصلاً يقفُ أمامها رأيَ العينِ بعد خمسٍ وعشرين سنة !!! شادِنْ التي رسمتْ مسبقًا في ذهنها كل السيناريوهات المحتمَلة لمْ يحفَلْ عقُلها بتعقيداتٍ مشابِهةٍ ... لكنها أخيرًا وجهتْ طرفها ناحيةَ أوس علها تستشفُ شيئًا يجدر بها القيامُ به .. لتجدَ ملامِحًا ساخرةً تُشرِفُ على القهقهة يعجّ وجهه بها ، الوضعُ لا يحتمِل .. ولذا كانتْ تعضُّ شفتها في محاولةٍ مِنها لردعِهِ عنْ تلكَ الملامِحِ التي لا تليقُ بالموقف .. ردُّهُ الوحيدُ كان إيماءة منْ وجههِ حملت لها تعبيرًا صادقاً مفاده " وماذا تنتظرين مني .. أنظري إلى وجه الجميع .. ملامحهم لا تقلُ غرابة عن ملامحي ! " وتلقائيًا كانتْ تجول بعيْنيْها على صفحة وجه سلام ... لتجدَ تعبيرًا مشابهًا تمامًا يستقرُّ على وجهه ... " أخُ مَنْ ........ شادن .. ؟!! " قالَها سلام بسخرية شديدة ليضحكَ حانقًا قبل أنْ يلتفتَ إلى والديْهِ قائلاً بوقاحةٍ و بفوْرة من بينِ أسنانِه : - أخوها لأبيها أم لأمها ....... آه تذكّرتْ لأمها ، لأن اسمه فاب .. ماذا كان اسمه ؟ " لو أنّه أصغَرُ بكثير .. أو أنّ زوجَتَهُ لا تجلس بجانبه .. كان ذلك سيُسَهّل عليهِ الأمر ... صفعُهُ الآن على وقاحتِهِ ليسَ جيّدًا .. هذا ما فكّر بهِ مجد وهو يستغربُ الوحشَ الذي استيقظَ فيه .. كان يتوقّع ردةَ فِعلٍ قويةٍ منه .. ولكن ليسَ أن يكون وقِحًا في لهجته ... " سلام ....... فلتحفظ حدودَكَ .. إنه أخوك ، شئتَ أم أبيْت .. واسمه فابريغاس دي ألبرتو ... " بقوةٍ رد مجد ليبرهنَ للجميعَ أن زمام الأمور ما تزال بيدِه .. وأنّ الأمر صار واقعًا لا مجال للتشكيكِ فيه أو عدم تقبّله ... لكنّ ذلك بالتحديدِ ما جعل سلام يفورُ أكثر وهو يرى صمتًا مُحدِقًا من الجميع لم يجد له تفسيرًا منطقيًا .. صمتٌ كرهه وسط أنظارهم الذاهلة وعلى إثر ذلك قامَ مِنْ فوْرِهِ وهو يصرخُ بناي لتحضِرَ رويد معلنًا عن عدم احتمالِه لتلكَ المهزلة .. وقبلَ أنْ يخرجَ منَ البيتِ نظرَ لأمهِ شزرًا قبل أن يقول لها بلؤمٍ : اشبعي فيه .. ( ورفع حاجبًا بتعالٍ ليكمل بقسوةٍ ) يا أم فابريغاس .. قلورياس التي غاصتْ عيناها تأثرًا في غيابٍ كاملٍ عن واقِعِها وكلمَتُهُ تترددُ في مسمعِها " اشبعي فيه " وكأنه يقول لها بملء فمِهِ أنها المرةُ الأخيرةُ التي ستراهُ فيها كانت على شفيرِ السقوطِ وقد خارتْ قواها ... يا الله ... تعلم حالي ، أفقد ابنًا عندما أجدُ الآخر ,, ! همساتٌ خجولة أخذت تتعالى بينَ كلِّ زوْجين نجحت بفضِّ الصمتِ المقيتِ الذي خيّمَ على الأجواء بعدَ رحيلِ سلام وناي .. إلى أنْ سقَطَتْ قلورياس أرضًا لتتلقّفَها يدُ فابريغاس السريعة ... توالتْ بعد ذلك الأحداث ... إذ تم استدعاءُ الطبيبِ لمعاينةِ قلورياس من ثمّ غادر الجميع منشغلي البال بعد الاطمئنانِ عليها باستثناء فابريغاس .. بناءً على طلبِ مجد .. كُلٌّ كان يفكر بنفسِـه .. غاضًا فِكْرَهُ عن حقيقةِ الأمرِ وعما قاسَتْه قلورياس وحتى فابريغاس الذي لمْ يعرفْ أحدٌ عنه شيئًا بعد .. !! * - مِنْ عادتِكِ زجري أثناء القيادة .. قال آدم وهو يركّز بصرهُ على الطريق ليكسر جو الصمتِ البهيمِ المخيِّمِ عليهِما .. ليسمعَ تنهيدة تعبٍ صدرت منها قالت على إثرها بصوتٍ غائبٍ وهي تحدّقُ في الأشجارِ المارةِ مِنْ جانِبِها مرَّ الريحِ مودّعةً إياها في الطريقِ إلى البيْتِ ... " ومنْ يقوَ على الكلام بعد الذي حصل ! " آدَم الذي أثارتْ الحادِثةُ وحشَ الذكرى فيه بقسوةٍ وسطوةٍ أخضعتْا عقلَهُ ليرحَلَ إلى الراقدةِ بسلامٍ تحت الثرى ... أراد أن يفهَمَ فلسفتها الخاصة حولَ الموضوعِ بكاملِ كيانِه ليرى إنْ كانَ قادرًا يومًا على التنفيسِ عما يكبِتُه ... ومن زاويةٍ أخرى كان يؤمِنَ أشدّ الإيمان بأنّ قلورياس تحتاج دعمَ ابنتِها ، ولذا قال بنبرةٍ متفرّدة أوصلتْ إليها ألَمَهُ وأمَلَهُ في آنٍ لسببٍ لم تتفهّمه ... - وما الذي حصل ؟ أنتِ لمْ تنتظري حتى لتسمعي شيئًا من والدتِكِ عنْ حقيقةِ الأمر ... فورَ استيقاظِها أشرتِ لي لنَـرْحل ... لمْ أتوقّع أنْ تكوني قاسيةً بهذا الشكل .. مَنْظَرُها وهي تستجدي مِنكِ دَعمًا مادّة يدها إليكِ أمامَ الجميعِ لتخذليها كان يفطِرُ القلب .. ما حدثَ اليومَ كثيرٌ جدًا عليْها ... ويأتي هو في آخر النهار لينعتَها بالقاسيةِ .. لمَ ؟ هو لا يشعُرُ بما تشعرُ بهِ مِن إحساس ... لا يشاطِرُها ألمَ صفعةِ القدرِ غير المتوقعة ... لا ينتظِرُ كما تنتظرُ هي نظراتِ الناس التي لن تلبث أن تتراشَقَ حولَها والعائلةَ متسائلةً بلؤمٍ عن الغموضِ الذي يكتنِفُهم الآن ... هل فكّرَ أصلاً بالوَرْطَةِ التي وقعتْ بها العائلة الآن إثرَ ظهور هذا الدخيلِ .. هل فكّرَ بكيفيّة رأب الصدعِ الذي تشكّل بين سلام والعائلة وبينهم جميعًا ؟ .. الجواب بالطبعِ نفيُ كلِّ ما سبَقَ .. إذن لا يحلُّ له باختصارٍ وصفُها بالقاسيةِ على ما فعلتْ وهو أقلُ ما استطاعتْ أنْ تظهرهُ أمام الجميع من خيبتِها الكبيرةِ بوالدتِها نتيجةَ صبرٍ الله وحده يعلم مقدار ما بذلتْ من قوةٍ لتتحلى به لأسبابٍ عديدة منها أن أمها لمْ تعلن لها قبلاً عن وجودِ أخٍ لها ربما كان سيعني لها شيئًا وجوده في حياتها منذ زمن ! - ششش ... أنتَ لا تعرفُ شيئًا ، لا تنعتْني بالقاسية ... فأنتَ تظلمُني بادّعائك .. الصدمةُ كانتْ جدُ قويةٍ .. وغيرُ ذلك انتظارُ الآتي الآن لا يمكنُ لكلمةٍ وصفه .... لذا باللهِ عليكَ ، قلْ خيرًا أو اصمتْ ... العدائيةُ التي كشّرتْ نبرتُها عنها أيقظتْ في آدمَ خذلانًا لا حدودَ لهُ فتعامُلها بإيجابيّةٍ مع الأمر كان يعني لهُ الكثير .. أما وقد تفاعلتْ مع الأمرِ بتطرّفٍ فذلك دفعَ لسانَهُ لنطقِ ذاك السؤالِ بعد دقائقَ من الصمتِ عملاً بنصيحتِها الأخيرة و الذي لو أعادَ التفكيرَ فيهِ لمرةٍ أخرى ما نطقه ... - كنتِ لتفعلي ذات الشيء معي .. ؟ - أيُّ شيءٍ ؟ استفسارُها السريع منَحَهُ وقتًا إضافيًا ليعاودَ التفكير .. ومع ذلك أردفَ بشجاعةٍ متسائلاً ... - أقصدُ ... لو أنني فعلتُها بكِ .. ما كنتِ لتسامحينني !!!!!!!!!!! جاءها سؤالُه ماكِـرًا ليستميلَ قلبَها ناحيةَ أمها .. هذا فكّرت .. وهو إنْ كانَ يظنُّها ستلين بسؤالِه الغريب هذا فهو مخطئ بالتأكيد ... ردتْ بإصرارٍ أتاهُ مخيفًا .. - ما كنتُ لأسامِحَكَ قطّ يا آدم .. قطّ ! لا يدري كيف انفلتت منه السيارةُ في لحظةٍ خاطفةٍ من التخبّطِ أسراه جوابها فيه ... لتصدُرَ منها شهقةُ رعبٍ بل صرخة ! سرعانَ ما استعاد زمامَ القيادةِ وهو يصرِفُ بصَرَه الذي كان مستقرًا عليها للحظاتٍ ناحية الطريق بعدَ إغماضةٍ واحدةٍ لعينيْه جَلَدَ بها كل إحساسٍ بالخوفِ اعتراه .... مجددًا كان يتحوّلُ بنَبْرتِهِ إلى المتندّرة ليبدد اختناقَتَهُ المفاجئة وهو يقولُ لها مُـسرّيًا لا كاذبًا .. - حسنًا ... لحسنِ الحظِّ أنني لمْ أفعلْها إذن ... ( وأردَفَ بتعقلٍ ) أمكِ لمْ تفعلْ شيئًا خاطئًا يا أندلس .. كانتْ متزوّجة قبلَ إسلامِها .. وعندما لمْ تجدْ صلة تستطيع أنْ ترتبط بها بفابريغاس الذي يكون "أخوكِ" فضلتْ أنْ تحتفظَ بألمِها لنفسِها وألا تشارككم إياه ... والدُكِ كان يعلم ..... أينَ المشكلةُ إذن ، أنا أرى ما فعلـَـتْهُ تضحيةً كبيرة .. يكفي بعدُها عن ابنها لمدة تقارب الخمس وثلاثين عامًا ! حاجبا أندلس كانا يرتفعان في ذهولٍ مع كل كلمةٍ قالَها ... لتصلَ أخيرًا إلى حقيقةٍ أخبرتها بها كلماته المنسابة " إنه يعرف كثيرًا من التفاصيل التي تجهَلُها " ... وبكيانٍ ذاهلٍ وجدتْ نفسها تقولُ بصدمةٍ ... - كنتَ تعرفُ كلَّ شيءٍ من قبل ....... ! وأنا كالحَمقاء .. أحاولُ تفسيرَ هدوئك المتبلّد ذاك .. بينما أنا في قمةِ توتري وترقبي ..... لمْ أتوقع منكَ فعلاً مشابهًا أبدًا !!! ( وأكملتْ بعنفوان وصله كإهانة ) هاتِ ما عندك ... ماذا تعرفُ أيضًا ... ! إنها حقاً في قمة الغباءِ اليوم ....... هل تحاولُ استنطاقَهُ مثلاً .. ثمّ إنّه لا يسمحُ لامرأةٍ بأنْ تخاطِبَهُ بذاك التعالي المتعدّي الحدود ... يتفهّمُ أنها ما تزال تحت تأثير الصدمة .. لكن ليس أنْ يصلَ بها الحالُ إلى أنْ تخاطِبَهُ بتلك الطريقة .. أخيرًا اصطفَّ على قارعةِ الطريقِ بحركةٍ مفاجئةٍ جعلتْ أندلس تشهقُ مجددًا ليقول لها فورَ أنْ توقفت السيارةُ بغضبٍ كبير ... - هااي أنتِ ... ماذا جرى لنا ؟ أرى لسانكَ قد انطلقَ الآن .. من يراكِ قبل قليلٍ يظنّ بأنكِ قد ابتلعتيه .. ويستحسنُ لو فعلتي عوضًا عن هذا الكلامِ الفارغِ الذي تفوهتِ به .. أندلس ..... ( وأشارَ بسبابته إليها محذرًا ) أحذركِ مِن استخدامِ هذه النبرةِ معي مجددًا ... أنا حقًا لن أتورّع عن ردعكِ بأي طريقةٍ ما دمتِ ستستخدمينها ... حسنًا قد يكون انفعالها زائدًا عن الحدِّ لكن يجبُ عليهِ تفهُّم توترها .. إنها مشوّشة ولا تدري ما تفعل ... لمَ هو قاسٍ هكذا ! كلامُه أيقظَ فيها الرغبةَ في البكاءِ والتي كبتتها منذ فُجرتْ تلك القنبلة .... لن يتورّع عن ردعها ! ... هل سيضرِبُها يومًا ؟ .. حملقتْ فيهِ بعدمِ تصديقٍ .. بينما أخذت الدموعُ تنهَمِرُ من عينيْها متدفقةً من ينبوعٍ لا ينضب لأسبابٍ كثيرةٍ كان آخرها آدم ، دموعٌ لم تتمكّن من السيطرةِ عليْها جعلتْه يشعر بأنه في قمةِ الحقارة لأنه كان سببًا بتحرُرِها .. لقد نجح بمهارةٍ بجعلها تنسى كلّ شيءٍ لتفكر بآخر كلمةٍ قالها ... - ستضربني يا آدم ... ! بتهدُّجٍ نطقت الكلمة من بين دموعها وبالكادِ فهِمَها .... إنهُ لنْ يفعَلَها ما دام حيًا .. كيفَ تُفكّرُ بأنه قد يملك القدرة على فعلها أصلاً ... - ستُقطَعُ قبلَ أنْ تفكرَ بأن تمتدّ عليكِ يا أندا ... ( ونظَرَ إليها بحنانٍ ليكمل ) ولوْ ،........ أنا آدم ... الذي ما كان ليفعَلَها ما دامت روحُهُ تتنفس .. كلماتُهُ كانت كل ما تحتاجُهُ فعلاً لتستمرّ في البكاءِ ، لكن هذه المرة لأنها بحمايةِ رجلٍ بكل ما للكلمةِ من معنى ... أمَاْ قالتْ قبلاً أنه لنْ يخذلَها !! - أنا مُتْعَبة ... متعبة بشكلٍ لا يمكنُ لعقلٍ تخيُّله ... أحتاجُكَ جدًا ... جدًا .. كمْ يعشَقُ ضعفَها الذي تُصرّحُ له فيهِ علنًا دونَ خجل ... يعشقُ أنها ترى كمالها فيه ، أنها تقولُ بصراحةٍ أنها تحتاجُ إليْهِ حتى يكونَ كما ترغبُ بالضبط .. إنها توأمُ روحِه الذي طرَقَ بابَهُ قبل زمنٍ في يومٍ لمْ تسطّرْهُ ذاكرةُ النسيانِ ولنْ تفعل .. يومَ كانت تمشي في الشارِعِ بلا أدنى اعتبارٍ للسياراتِ المارةِ بحذوها .. بثقةٍ عمياءَ جعلتْها تهجرُ الرصيفَ وكأنها تعلنُ للشارعِ أنها لا تقلُّ قوةً عن المركَباتِ العابرة فيه ... دونَ أنْ تُخْبِرَهُ بأنّ رجلاً واحدًا فقط استطاعَ رؤيتها بشكلٍ مغايرٍ مما حدّهُ للنهوضِ منقذًا إياها مِنْ براثنِ تلك الحافلةِ التي كانت ستفتكُ بها لوْلا أنّ قدرهُما ليلتقيا كان أسرعَ ... أتراها تذكر ذلك اليوم وهي التي ما منحتْهُ يومَها سوى نظرةِ امتنانٍ كادت تطيحُ بهِ .. - أرجوكَ .... لا تتغيّر ! باستجداءٍ قالتْ عندما شعرتْ بحرارةِ صدرِهِ وهي تصهَرُ كل بواعثِ الخوفِ والترقب داخلَها .. بينما هو يشدد عناقَهُ لها ، فهو وإنْ لمْ يصرّحَ يحتاجُها ربما أكثر مما تحتاجه هي .... ( استغفِرُ الله ... استحِيا ... وأنتَ خفْ على شرَفِك ودع بنت الناس تذهبُ في حالِها ! ) رجلٌ حمائيٌّ تجاوزَ الخمسين قالَها وهو يمرُّ ببطءٍ شديدٍ بسيارتِه مِنْ جانِبهما وكأنّهُ لنْ يذهب إلا في حال اطمأنّ على " بنت الناس " .. كمنْ رُصِدَ متلبّسًا بجريمةٍ كانت أندلس تعتدلُ في جلستِها بينما اصطبغ وجهها كليًا بالأحمرِ .. أما آدم فوجدَ شمالَه ترتفعُ تلقائيًا ليشيرَ بإبهامِه إلى بنصره مُظْهِرًا حلقةَ الفضةِ التي التمعت بفعل نور انعكسَ عليها من الشارعِ قائلاً وهو يبتَسِمُ شبهَ ساخِرٍ ... - إنها زوْجتي يا عمّ .. - مَنْ !!!! آدم حشكي لمين .. ؟ كان الرَّجُلُ قدِ استطاعَ تمييزَهُ بعد أن ابتعدَ عنه ظِلُ الفتاةِ التي كان يعانِقُها والتي صرّحَ له بأنها زوْجَتُهُ ليكشفَ النورَ عن تفاصيلِ وجهِهِ ... أما نبرتُهُ التي استمَعَها قبلاً في البرنامجِ فأكدت له أنه هو .. ( يا وَقعة سودة ! ) قالها آدم بهمسٍ لأندلس لتضحكَ بدورِها بالسرقةِ وهو يحكّ رأسَهُ متبرّمًا عندما رأى الرجلَ يركنُ سيارتَهُ في موضِعِها ويترجّل منها بغيةَ مصافحتِه .. ترجّلَ آدمُ بدوْرِهِ وصافَحَهُ ثمّ التقطَ معَهُ صورةً وبعدَها عاد أدراجه مستحوذًا كرسيّ القيادة .. أما الرجل فتقدّمَ من أندلس ليقولَ لها غامزًا تحتَ أنظارِ آدم الشاخصة وكأن مزاجَه الحشري قد اختلفَ تمامًا " أعتذر عن الحرجِ الذي سببتُهُ لكِ .. " وأردف بنبرةٍ ممازِحة .. " لو كنتُ مكانكِ لمنَعتْهُ عن التمثيل .. كثرٌ هنّ المعجبات وابنتي إحداهُن .. ستجنّ إنْ عرفتْ بأنني التقيتُ به .. " ضحكَتْ بخفةٍ مانعةً نفسَها مِنْ تهشيمِ واجهةِ الرجلُ الأمامية نظرًا لإعجاب ابنتِه بزوْجها .. إلا أنه أخيرًا انصرفَ قبلَ أنْ تفقِدَ صبرَها ليضحكَ آدم مطوّلاً وهي كذلك حتى أنهما كادا يقعانِ أرضًا من شدة الضحكِ عندما استرجَعَ آدم ما كان يقولُه الرجلُ بنبرةٍ حانقة " دعْ بنتَ الناسِ تذهبُ في حالِها " وغمزَ مجيبًا بجرأةٍ مشيرًا إليها بقلةِ حيلة " وكأنها سترضى أنْ أدعها تذهب في حالها .. " لَكَزَتهُ بيدِها وهي تعي ما قالَه لتستشهِدَ بكلامِ الرجل " استحِ ... " وليغضا بالتالي طرْفَهما عما يحملـُهُ قادِمُ الأيام .... * يتبع ... | ||||||||||||
11-06-12, 06:46 PM | #1127 | ||||||||||||
نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء
| * - لم أجدْ تفسيرًا منطقيًا واحدًا للكرنفال الذي كنتَ تفتعلُهُ بحركاتِ وجهِك ... قالتْها شادن بصوتٍ حاولت جعلَهُ منخفضًا فوْر خروجِها من غرفةِ الطفليْنِ بعد أن تأكدت من خلودِهما للنومِ .. لترى برودًا شديدًا ينضحُ من عينيْهِ وكأنها تكلمُ الحائط خلفه بينما هي تغلي لألفِ سبب .... - ومن طلبَ منكِ إيجاد تفسيرٍ منطقي ... نحنُ بالعادة نـُخدعُ بكنّ دون أن نجدَ تفسيرًا واحدًا أيًا كان نوعه ! كلامُهُ الذي قاله بلؤمٍ ليحمِلَ معنىً واحدًا غُرزَ في قلبِها تاركًا جرحًا خمنتْ أنه سيضاف لقائمة الجروح التي لم تندمل .... - ماذا تقصِد .. ؟ حاولتْ أن تجدَ لكلامِه تفسيرًا آخر .. محاولةٌ كانت تعلم أنها ستبوء بالفشلِ من قبلِ أن تختلِقَها ... لتجابهَ بصمتِه الذي يُتْبِعُهُ عادةً برفعِ إحدى حاجبيْهِ بمعنى " تعرفينَ قصدي .. " - أوس ... لن أكونَ قادرةً على فِعلِها من جديد ! قالتْ محذّرةً إياهُ مِنْ قوْلِ المزيدِ بمعنى أنها لن تستطيع مسامَحَتَهُ مجددًا ... بينما همَسَتْ برجاءٍ " أرجوكَ .. لا تتغير ، كان كل شيءٍ رائعًا منذ فترة ! " ضحكَ بغلٍّ وهوَ لا يأخذُ كلامَها على محملِ الجد بينما حلّ زِرّيْ قميصِه العلويّيْن بعد أن نزع ربطة عنقه .. ليردّ بمرارةٍ عليْها ، - كلكنّ خائنات .. مخادعات ، حتى أكثركنّ شرفًا تقدِرُ على الغدرِ بلا رحمةٍ دونَ أنْ تسأل بمشاعِرِ أحد .... كانَ يقولُ كلماتِهِ بحُرقةٍ وهو يُـغرِقُ بصرَهُ في اللا مرئي .. دون أن يتطلّعَ إليْها ... وكأنه يقولُ أنّ كم الكُرهِ الذي أبدَتْهُ نبرتُهُ يكفي تمامًا لتعرفَ حقيقةَ مشاعِرِه ... " مقتٌ خالص " لكل ما خُتِمَ بتاء التأنيث ونون النسوة .. لكنها لن تصمتَ أبدًا بعدَ أنْ فتحَ عليْها النارَ ... لنْ يلطِمَها بقسوةِ كلماتهِ لتعطي له الخد الآخر .. ! - واللهِ ... كلٌّ يرى الناس بعينِ طبعِه .... بعينِ من ......... طبعِه يا أوس ... وأنتَ تفهمُ جيدًا ما أعنيه ... ردتْ عليْهِ بنبرةٍ تشبهُ إلى حدٍّ بعيدٍ نبرته الخاليةَ مِن الرفق أو اللين ... ليصدِمَهُ أنها لا تزالُ تتذكر ... وهو الذي ظنّ أنها استطاعتْ بعدما بذلهُ من إخلاص نسيانَ الأمر ... قالَ بعدمِ تصديقٍ ... - عن ماذا تتحدثين ؟ مضى على القصة أعوام !! لمْ يُحرجْها بسؤالِهِ بقدرِ ما أزعجَها بارتمائه على الكنَبةِ بألمٍ علقمٍ شعرت به يتجرّعه ؛ لتشعرَ أنه نفسه لم يتجاوز الأمر أبدًا ولن يفعل ... وإلا ما ظهر الأسى عميقًا من عينيْهِ حنينًا لها .... هكذا كانت تعتقد ... إلا أنّ الأسى الذي ظهر ما كان سوى لأنه شعرَ مجددًا بمرِّ خيانته لزوجته .. ومرِّ خيانةِ تلك له لتذهب نحو رجلٍ آخر تكون تجربته الأولى – ولو كذبًا – أمام الناس ، بعدَ المشاعر التي علّمتْه شادن كيف تكون والتي لم يبخل بها عليها عندما شُغلتْ عنه بحملِها الأول .. لترحلَ مخلّفةً وراءَها عُقدًا فيه .. و ........... كرهًا لنفسِه لأنه خان حبّهُ الأول ! - أنظر لشكلك ! يمكنكَ أن تكونَ لقطةَ الموْسمِ تحتَ عُنوانِ " الرجل الذي يُقتـَلُ التياعًا " أظننتَ أنّ مُضيّ الأعوامِ كفيلٌ بجعلكَ تنساها يا أوس ... أنا حقًا أستغرب ؛ فأنا كامرأة ما كنت لأستطيعَ أن أترك زوجي لأجلِ رجلٍ أحبه ، خوفًا من الفضيحة ... أمّا وأنت رجلٌ فيمكنكَ ذلك ببساطة ... فقط بكلمةٌ تقولها .. تتحرر إلى الأبد .. لمَ لمْ تقلها يا أوس .... حتى أكونَ حرة أنا الأخرى منك .... كان يسمَعُ كلامَها دون أنْ يصدق أنّ شادن التي يعرفها استطاعت أخيرًا أن تنطِقَ به ... الكلام الذي انتظرَ لليالٍ طويلةٍ اللحظة التي ستقوله بها ... كان يتخيّلُ أنه سيكون قاسيًا .. إلا أنه لم يعتقد بحالٍ من الأحوالِ أن يكون قاتلاً .... قاتلاً محييًا ليعود ويقتُلَه من جديد !! .......... لكن ماذا قالتْ في الأخير ؟ كوميضٍ يقاومُ اندثارَهُ اندفعَ نحوَها حتى أنها لمْ تعرف متى صار يقفُ أمامَها بكامل سطوتِه وملامِحِه التي تكون مخيفةً عندما تنبعجُ رفضًا ..... وأمسكَ ذقنها بقسوةٍ قائلاً وهو يحملقُ فيها بغضب .. - أنتِ لنْ تتحرري مني .... لا الآن .. ولا لاحقًا ... وظلّ يحدّقُ بها لثوانٍ إضافيّة عندما شعر بارتجافتِها نظرًا للقوةِ التي أمسكها بها كما لاحظ تضييقَ عينيها في محاولةٍ للتماسك .. أفلتَها كالملسوعِ وهو يزجُرُ نفسَهُ على ما فعلَهُ ... ليشْدَهَهُ تعبيرُ القرفِ الذي ارتَسَمَ بفنٍّ على محياها كلِّه .. لتقول بعدها بنبرةٍ تشابه تعبير وجهها ... - أعرفُ أنني لن أتحرر منكَ وإنْ حرّرتني منكَ فعليًا ... ولذا لا أزال واقفة هنا ... لا تصدّق أبدًا لعبةَ اشتياقي للبيتِ أو حنيني إليْك ... وهل من عاقلةٍ تحنُ لرجلٍ مريضٍ مثلك ... لوْلا أنّك كبلتَني بطفليْكَ لما رأيتَ وجهي أبدًا منذ زمنٍ .. كانت تتوسّلُ داخليًا أنْ لا يصدّقَ كلامَها ... فهي محضُ كاذبة ..... لن تتحرّر منه فعليًا لأن قلبَها الغبيّ معقودٌ به نبضُهُ ، لا تزال واقفةً هناك لأنها تشتاقُ إليْهِ وتحنّ .. أما عن عقلِها فهي لا تهتمُّ لمن ينعتها بالجنون لأجله ... و عليّ ونور ....... آهٍ منْ عليّ ونور ؛ هما أجملُ قيْديْنِ يمكنُ لأحدِهِم أن يُكبَّل بهما ! لكنْ لا بأس ... يجبُ عليْهِ أنْ يعرفَ بأنّ الكونَ لا يدور حولَ المُخلِصِ الوحيدِ الزائفِ المدعو أوس ... التفّتْ تغادر الصالةَ فهي لم تعد قادرةً على احتمالِ المزيدِ اليوم .. يكفيها أنه شغَـلَها عما يجدر أنْ تفكر فعليًا به ... لكنّ عيناها وقعتا فجأة على الظلينِ القصيريْنِ للطفليْن الواقفينِ حذوَ البابِ .. كانا يرمقانِهما بخوفٍ شديدٍ وعلى وجهيهما الحبيبيْن آثارُ النومِ اللذان أقعداهما منه بصراخِهما ... أخيرًا لاحظت يدَ نور التي ارتفعت لتستقرّ على خدّها مؤنبةً عليْ بقمةِ الصدمة .. وأسنانَها التي عضتْ شفّتَها السفلى عندما بدأ يعلو بكاؤه ... وعندما نظرت شادن له أذهلَها بنطالُهُ المبلل ... أوس الذي ابتعدَ تلقائيًا عن الموقِفِ بقمةِ الأسى وجدَ نفْسَهُ يخرجُ مِنَ البيتِ طمعًا بنفَسٍ خالٍ من التوترِ والتعب عله يجدُ فيه شفاءً لألمِه الذي أصبحَ الآن فتّـاكًا برؤيته عليّ وقد بلَّ نفسه ونور التي لمْ يقلّ حالُها عنه سوءًا بملامِحِها المتغضنة ... أما شادن فقد صرّحتْ له فعليًّا أنّها لولا طفليْهِ لما جلستْ لديهِ دقيقةً واحدة ! ربعُ ساعةٍ فقط عادَ بعدَها إلى البيتِ ليجد شادن قد أنهت تبديل ثيابِ عليّ ووضعتْهُما في سريرِهما ... كانت تهدهد عليًّا في محاولةٍ لطمأنَتِه ... ولا يدري ما السؤال الذي وجهه إليها لتجيبَهُ بـ " لا يا عمري ... أنا أحب بابا أوس جدًا " كانَ يعرفُ أنها تقولُ كلمتَها لإشاحةِ الخوفِ الذي رآه على وجهيهِما قبلَ وقتٍ قليلٍ فقط .. لكنّه أراد استغلال الفرصةِ فما كان منه إلا أن جلس على طرفِ سرير نور التي كانت منكمشة بدورِها ليقول بعدها بصوتٍ حنون : - وأنا أيضًا أحب ماما شادن ........ جدًا جدًا .. جدًا نظرَ شادِنْ الذي كان قاسيًا لوهلةٍ عندما توجّه إليهِ منحه شعورًا بالازدراء .. لتعودَ وتلتفت عنهُ مؤكدة ما قاله لهما بإيماءة وحيدة صدرت منها ... ظلا معهما إلى أن ناما ... وخرجا بعدَها معًا إلى الخارجِ قبلَ أن تقولَ شادن باتّةً في الأمر بنبرةٍ منخفضة هذه المرة .. - يبدو أنّ علينا إعادة ترتيبِ الأوراق ... ( وصمتت لتعود وتردف ) " أحكيلك " رتبْ وحدَكَ ما شئت .. سأخلد للنوم .. قليلٌ من الوقتِ ريثما أحضرُ لكَ وسادة وملاءة .. راقبَ ظلّها يغيبُ عن مرمى ناظريْه .. وهو بلا حولٍ ولا قوة يقفُ خجِلًا من نفسِه ، يرمقُ حكايتَهما وهي تذوي بعينٍ خانعة ... فهُما وإن ظلا معاً بحكم الرباط الذي يوثقهما .. حتمًا لن يعودا كالسابق ! * - أسد ........... ! أسد !! كررت مروة نداءها لابنها دون أن تلقَ استجابة أو حتى كلمة " لحظة " التي يقولها بمعنى أنه قادمٌ بعد قليل .. لتحنِقَ عليْهِ مُجددًا بحُكمِ أنه يتثاقَلُ عن تلبيتها كالعادة .... سارتْ بخطواتٍ ثقيلةٍ متوجهةً صوبَ غُرفَتِه .. لتجدَ بابها مفتوحًا .. والستارة البيضاء تتحركُ .. أي أنّه إما على الشرفةِ أو أنه خرجَ ونسيَ بابها مفتوحًا .. وفي كلتا الحالتين يستحقُّ توبيخًا .. ففي الحالةِ الأولى تجاهُلُها ليس جيدًا .. وفي الأخرى خروجُهُ دون أنْ يُغلقَ الباب يعني تركُهُ البيتَ دون إعلامِها وفتح البابِ على مِصراعيْهِ أمام جموعِ " البعوض " الذي يقتنِصُ فرصًا مشابهة لاحتلال المكان في مثل هذا الوقت من كل عام ... حسنًا هو في الداخِلِ وهذا جيّد ... نجحتْ بمعرفةِ ذلك عندما رأت طرف بنطالِ بيجامَتِه من الأسفل .. تقدّمت إلى الداخل بخطى خفيفةٍ لكي تضبِطَهُ بالجُرمِ وهو " ينامُ " على هاتِفِه ذائبًا تمامًا وهو يستمع إلى الطرف الآخر ... !! بخفةٍ كانت تنتشِلُ الهاتِفَ منْهُ وتضعُهُ على أذُنها ثم قالتْ بعدها بـ " تحقيق " – ألو ... ألو ..... من معي ، ردي عليّ يا ابنة الـ ... وكان محدّثه قد أقفلَ الخطّ بوجهها ... أسد الذي ارتَـبَكَ عندما رأى الهاتفَ خاصتَهُ بحوزة أمه في لحظة واحدة .. وجّهَ طرفَهُ ناحية الشرفةِ المجاورة ... لينجح برؤية صاحبة الخرقةِ البيضاء وهي تتسحّبُ حبوًا خارجةً من الشرفة بعد أن نزلت تلقائيًا إلى أخفض من مستوى " الدرابزين " ... ليتنفّسَ الصعداء وهو يرى نظرَ أمّهِ في ناحيةٍ بعيدةٍ كلَّ البعد عن شرفة الجيران .. تفرّغَ بعدها لمحاولةِ قلبِ الموضوعِ على رأسِ أمّه كما يفعلُ الشبابُ عادةً ... - أنتِ كيف تأخذين الهاتف مني هكذا ... ماذا يقول عني صديقي !!؟ أمُّهُ التي فهمت تمامًا ما سيفعَلُه تبسّمتْ في وجهه ابتسامةً خبيثة فهِمَ منها أنها حفِظتْ لعبته الغبيةَ هذه .... - صديقَك !!!!!!!! أخشى أنْ يكونَ " محمد سليم " كما في تلك المرة ! حسنًا ... لقد أصابتْ .. فهو الاسم الوهميّ الذي قفزَ لذهنِه - كما دائمًا - مذ بدأت علاقته بندى تتخذ منحىً آخر ... لكنها بلفظِها الاسم جعلته يضحكُ مقهقهًا ليقولَ بعدَها مستذكِرًا آخر مرة .. - لنْ تطلبي مني أنْ أعتذر له عن الشتيمة التي كنتِ ستتلفظين بها .. أليسَ كذلك ! مروة .. كانتْ تريدُ أن تلقّنَهُ درسًا .. وهي إن لمْ تعرف بعدُ بهذه الشيطانة ستعرفُها يومًا ... وريثما يحين ذاك الوقت ... ستغزِلُ غزلَها على الناعم لتستدرجَ أسد ... فهو لنْ يلبث أنْ يقع في حبائلها معتـرِفًا بلسانِه الذي سرعان ما ينفلت ... - لا ... لا تعتذر لي منه فقد بتنا عشرةً منذ آخر اتصال ... وهو لا بدّ أنه يتفهّم حرصي عليك ... ( وأردفت باستخفاف ) يا ليوني الذي لن يصبحَ أسدًا بالمرة ! ... وخرجتْ بخطواتٍ ثقيلة هذه المرة ... ليتنهّدَ تنهيدة عميقة ... لم توازي بحالٍ من الأحوالِ مقدارَ العُمقِ الذي أراد للأكسجين الذي عبّهُ أن يصل إليه .. وبالتالي لمْ يستطِع أن يفكّر جديًا في مسرى حياتِه .... ولم يتساءَل ، متى نقطةُ التحوّل ! * يتبع .. | ||||||||||||
11-06-12, 06:49 PM | #1128 | ||||||||||||
نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء
| * ^ بعدَ أربعةِ أشهر ^ تطلّعتْ أندَلُس بعينٍ راضيةٍ إلى المرآة تعبيرًا عن إعجابِها الشديد بمظهرِها الذي كان بالأناقةِ التي تريد تمامًا .. لتحيدَ بعينيْها بعدُ عن المرآة موجّهة بصرها نحو ساعة الحائط الكبيرة ... ولتزفر بعدها بتذمر " ما يزال هناك ساعتان على الموعد " ... توجّهتْ بعدها إلى الصالون .. حيث آدم لا يزالُ يحتَضِنُ حاسوبَهُ الشخصيّ بشكلٍ فجرَ فيها الغيرة كما في الآونةِ الأخيرة ... - آدم .......... لا تزال جالسًا هنا ! ستثير جنوني بلا مبالاتك ... ( وأكملتْ بخوفٍ حقيقيّ ) صحتك حبيبي .... الطبيبُ أمَرَكَ بتلافي الجلوسِ لساعاتٍ طويلةٍ والتحديق في الحاسوبِ بهذا الشكل ... ! آدم الذي كان يطـّلع على ملفاتٍ مهمةٍ حصلَ عليْها بعدَ بحثٍ طويلٍ عن اسمٍ شهيرٍ لمَعَ اسمه فجأة إثر تقليدِه منصبًا مهمًا في البلد .. كان يفكر في أي شيء سوى صحتَه والحفلَ الذي سيقامُ بعد ساعتيْنِ من الآن تقريبًا ... - آدم ........ هل أحضرت بذلتك من " الدراي كلين " ، بنفاد صبرٍ سألتْه وهي تراه منغمِسًا بشكلٍ غير منقطِعِ النظير .. يمسَحُ نظّارتَهُ الطبيةَ التي ما عادت جديدة بالنسبة لها وقد اعتادت بالفعل عليها بعد شهرين وأكثر بمنديلٍ خاصٍ دون أنْ يتوقّفَ عن القراءة .. - آاااااااااااادم !! هلا قمت لتحضِرَ بذلتك ... بغضبٍ قالت وهي تطبق واجهة الحاسوب الشخصيّ ليقوم متذمّرًا وهو يقول لها بنَزَق .. - حاضر ... حاضر يا أندلس ..... لا أعرِف منذ متى صرنا نحضر حفلاتٍ موسيقيّة ... سأقوم لأحضِرَها حالاً ... وَرَفَعَ بصرَهُ عن أوراقِهِ التي لَـمْلَمَها مُسرِعًا لينظُرَ إليْها " مصفّـرًا " بإعجابٍ قائلاً وقد ابتسم ابتسامةً بلهاء بعد أنْ تمطّى قليلاً ليخفف من تشنج عظام رقبته إثر انحنائه الطويل ... - يا أمي ........ !!!!!!!! متى صرتِ جميلةً هكذا ... ها هو ذا يعودُ آدم .... ابتسمتْ بحبٍ وهي تقولُ مذكّرةً إياه .. - منذ أن ارتديتَ النظاراتِ ولم تعُد ترى أمامك سوى الحاسوبَ والأوراق و...... الكاميرا وقت التصوير ، حسنًا .. فكر آدم بأنها تعود مجددًا لإلحاحِها الدؤوب عليهِ ليتركَ عملَهُ جانبًا في البيت .. لكنّها ما عرفتْ بعدُ بأن عودته إلى العمل كممثل ستاند أب كوميدي بناءً على إلحاحِها أيضًا بالتزامن مع إلحاح السيد رامي وبعد جلساتٍ كثيرةٍ من الإقناع حتمتْ عليْهِ أنْ يتفرّغَ في البيتِ للاستمرار في أبحاثِه حول بعضِ الشخصيات الهامّة لينشُرَ حوْلها مقالاتٍ موثقة بالمعلومات الدقيقة والمراجعِ في مدوّنتِه التي تأكد من أنها لا تحملُ أيّ صلةٍ به ... فهو لمْ يصرّح باسم ممتلكِها الذي باتَ يشكِّلُ ما ينشرُهُ موضوعًا هامًا للكثير من البرامِجِ الحواريّةِ السياسيّةِ ، الإذاعية منها والتلفزيونية .... أخيرًا قام على عجَلٍ لينسى في خضمِّ صخبِهِ الخاص بعد الكم الهائل من المعلومات التي حصل عليها إقفال حاسوبِهِ أوْ حتى انتزاع " الفلاش " خاصتَهُ من الحاسوب كما جرت العادة .. غادَرَ دونَ أنْ يُعَقّبَ مسرعًا ليحضر بذلته بعد أن طبعَ قبلةً شقيةً على خدها .. - واللهِ أنتَ ستثير جنوني حقًا بما تفعَلُه ... قالتْ فورَ خروجِه عندما ركّزت بصرها بشكلِ الصالون الذي صنفتْهُ " بالمريعِ " بتبرم .. وتوجّهتْ إلى الطاولةِ بغيةَ ترتيبِ الأوراق المتناثرة هنا وهناك وإن كانت تعلمُ أنّ الأمر سيثير حنقَهُ عندما يعود ... لكنها أخيرًا التفتت إلى الحاسوب الشخصي المتربّعِ على عرش الطاولة .. لتبتهِجَ وهي ترى القطعةَ المستطيلةَ البيضاء الخارجة من إحدى أطرافِه ...... لتنتشي نصرًا وهي تقول بفورةٍ .. - أخيرًا يا كـــَـنزي المنتـَظـــر !! وبسرعةِ البَرْقِ كانتْ تهرعُ إلى حقيبتِها لتُخرِجَ منها هاتِفها والوصلة الخاصة به .. وهي تُفَكّرُ بأنها ستعرِفُ أخيرًا سرَّ عملِهِ الدائم ... والذي لمْ يحكِ لها عنه شيئًا ... اللهم يُسمِعُها كلماتٍ مُبهَمة حول ما يعنيه له وأشياءَ من هذا القبيل .... بيدٍ مرتعشةٍ كانت تقوم منتَفِضةً لتقفلَ الباب خوفًا من قدومه المفاجئ ... لتعود وتفتح الحاسوب الذي أقفَلَتْهُ بنفسِها بيدٍ مرتعشةٍ أيضًا خوفًا من معرفتِه بما تفعَلُهُ فهو حتمًا لنْ يتجاوزَ الأمر بسهولةٍ .. لكنها فكرت أخيرًا بأن من حقها معرفةُ ما يجري ... أدخلت طرف وصلة الهاتفِ بالحاسوب والطرف الآخر بهاتِفِها .. وبأنملةٍ متلهّفةٍ لمعرفةِ حتى شكل محتوياتِ فلاشته الخاصة كانت تنقُر نقرتيْن متتابعتيْن على عنوانِها الذي كان فقطْ رقمَ هاتِفِه ... أخيرًا فتحتْ عينيْها على وسعِهِما وهي ترى عددًا كبيرًا من الملفاتِ لن تكون قادرة على تصفحِها لعام مقبلٍ كامل ! جالت بعينيْها على عناوين الملفات وفي نيّتها إقفالُ هذا العالمِ الذي لمْ تعرفْ له مدخلاً من مخرجٍ .. إلى أنْ لَمَحتْ ملفًا عُنْوِنَ بـ " VIP " ليسيل لعابُها ترقبًا لمعرفةِ ما فيه .... فتحت الملف ففوجئت بثلاثة ملفاتٍ مترتبةِ فيه على التوالي .. ( 2009 trip with Sami ) ( يومياتُ عاشقٍ شرقيٍّ ) و ( New folder ) حسنًا ستنقُلُ هذا الملفّ ... وبسرعةٍ كانت تنقر على اسمه لتفعّل خيار " إرسال إلى " وتنقله إلى هاتفها .. بينَما هي تكاد تطيرُ سعادةً للشيء الجديد الذي ستعرِفه عن زوجِها الذي باتَ صندوقًا محكم الإقفال في وجهِ كل محاولاتِها لاستنطاقِه ورأسها يعجُّ بالتساؤلات حول ما تخفيهِ هذه الملفاتُ عنها .... كما قامتْ بسرعةٍ بإنجاحِ الأمر قامتْ بإعادةِ كلِّ شيءٍ كما كان عليْهِ تمامًا و حتى الأوراق أعادت نثرَها على الطاولة لنفيِ أيِّ شبهةٍ أو ذرةِ شكٍ قد تتسللُ لعقلهِ لتوصل إليه أنها عبثت بمكنونات حاسوبه الشخصي .... نهضتْ عن الكنبةِ التي كانت جالسةً عليْها وهرعتْ تُشغِلُ نفسَها بشيءٍ ريثما يعود ليخرجا فهما يجب عليهِما حجزُ مقعديْهِما قبلَ أنْ يمتلئ المسرحُ عن آخره ... أما الملفات ... فستتصفّحُها غدًا حرفًا حرفًا عندما يغادرُ إلى عمله في الصباح .... وياااه ما أبعدك أيها الصباح ! * تِك تك .. تِك تَك .. .............. طق طق طق ، سماعُهُ لتكتكاتِ الساعة تزامنَ مع طرقاتٍ خفيفةٍ على الباب ... ليقولَ بصوتٍ أنيقٍ .. " تفضّل " فـُتِحَ البابُ .. لِتُطـلّ عليهِ ناي ومعهَا باقةٌ مِنَ الوردِ جلبتْها له خصّيصًا كتهنئة قبلَ الجميعِ على نجاحِ الحفلِ الذي هي متأكدةٌ منه منْ قبل ابتدائه ... قامَ إليْها وقبّلها بحبٍّ وهو يأخذ منها باقةَ الوردِ الجميلة ... أخيرًا قالَ لها بامتنانٍ ... - كل معزوفاتي ... هي إهداءٌ حصريٌّ لكِ أنتِ يا ناي ... يا عُمُري الذي لنْ ينتَهي أبدًا ما دمتِ تتنفّسين ، كادتْ تبكي وهي تعي حجمَ الذي عاشه والدها من معاناةٍ ليخرجَ هذا الحفلُ بهذا الشكلِ الذي واضحٌ أنه متعوبٌ عليْهِ من كمِّ التجهيزاتِ التي رأتْهُا منذ وصولِها .. فالكلّ يحوم في جلبةٍ لإنهاء ما كُلِّف به .. ما لمْ تصدِّقهُ أصلاً أنّ والدَها عاد ليعزِف .. حتى أنّه لمّا أخبرَها عن نيته إقامةَ حفلٍ موسيقيٍّ لم تصدق إلا عندما رأت إعلاناته تغزو شوارِعَ الأحياء الراقية يوم كانت وسلام في جولةٍ حول المدينة ... - أعرِفُكَ عازفًا لا شاعِرًا ... قالتْ وهي تحركُ حاجبيْها امتنانًا لكلامِهِ المنمّقِ جدًا فوقَ العادةِ اليومَ .. أخيرًا احتَضَنَتْهُ مادّةً إياهُ بكل ما احتاجَ مِنْ دَعمٍ ليعطي كلَّ ما لديهِ اليوم بينَما هو يضحكُ تأثرًا عِوضًا عن دمعة كان من الممكن أن تخونَه لولا أنه كان أسرع منها ... - أثقُ فيكَ بابا .. وأثقُ بأنني سأسمعُ اليوم أجمل ما عزفتْ يداك ... وشددتْ من احتضانها له وهي تستَرجِعُ ذكرى آخر مرةٍ عزف فيها على البيانو .. يوم خطبَتِها .. لتمنَحَهُ سريعًا قبلةً على خدّه قبلَ أنْ تذرفَ دمعةً سيكون تأثيرها سلبيًا بالتأكيد .... وخرجت ... انتهى من وضعِ ربطةِ عُنُقِهِ ولمْ يسمَحْ لنفسِهِ أبدًا بتجاوزِ صورِ وجوهِ الأطفالِ الذينَ سيذهب ريع الحفلِ لهم ... أخيرًا جاء أحدُ القائمينَ على الحفلِ ليُعلنَ له أنْ حانَ موْعِدُ البدء .. * سلام الذي استقر في مقعدٍ من المقاعدِ الفخمةِ والتي تناسِبُ روّاد الدرجةِ الأولى مِنْ رجال الأعمال .. أثار وجودُ عددٍ من المدعوين حَنْقَهُ .. أمثالُ سناء التي كانتْ تجلـسُ على مقربةٍ منه بحُكمِ أنه قد تمتْ دعوَتُها للحفل من قِبَلِ القائمينَ عليْهِ وهي بالطبعِ وجدَتْها فُرصة مقدمةً على طبقٍ من ذهب لتحققَ مأربًا ما وبالتالي لم ترفُضْها ... ليس وجودُ سناء فقط ما أثار حفيظَتَهُ ... وإنّما عائلتُهُ بالكاملِ والتي اصطف أفرادها جلوسًا بجانبِ بعضِهم دون أنْ يفْصِل بينهم أحدٌ غريب ................... تبًا سلام ! بلى ... هذا الدخيلُ الذي يجلسُ بجانبِ أمكَ من جهةٍ وبجانب شادن من الجهة الأخرى .. قُم ماذا تنتظر .. لقد شغَلَ مكانَكَ أنت ... وكأن وجوده يغني عن وجودك .... وهذه الغبيةُ شادن .. كيف تجلسُ بجانب هذا الرجلِ وتضحك معهُ بهذا الشكل المبتَذَل ...... ها هي ذا تضربُ كفًها بكفِه بتلقائيةٍ إثر نكتةٍ قالَها أحدُهُم أو ربما لمحاولتِه النُطقَ بكلمةٍ ما بالعربية بطريقة لم تنجح بالطبع !! والدتُهُ لم يبدُ له أنها تأثرتْ بغيابِه – كما هو واضحٌ - طوال الأربعة أشهرٍ المنصرمةِ .. إنها حتى لمْ تحاوِل أن تتصلَ به فهو لمْ يسبق له أنْ أقفلَ هاتِفَهُ في وجهها .. يبدو أنها اكتفت بهذا الغريم .... معقول !! تنساه هكذا فقط لأن بكرها الحقيقيّ أصبحَ تحتَ كنفِها !! كان سيرضى بقليلٍ من الاهتمام .. اهتمامٌ يسكتُ غيرتَهُ التي لم يختبِرها من قبل ... ما سمِعَهُ من شادن إثرَ محاولتِها مرارًا فتحَ الموضوعِ معه أوضح لهُ أنّ أمه لمْ تفعلْ شيئًا خاطئًا تستحقُ به عقابه أو تعصُّبه تجاهها ... لكنّ أحدهُم لمْ يحاول أنْ يبرّرَ له شيئًا أصلاً سوى شادن .. حتى أندَلُس التي قلّما رآها في الآونة الأخيرة وكما سمِعَ منها في آخر اتصال منذ أسبوعٍ تقريبًا أنها قلما ما تزور بيت العائلةِ أيضًا نظرًا لانشغالِ آدم الدائم .. كانت تتحَفّظَ على الخوضِ في حديث معه عن ذلك اليوم .. هو حتى لا يعرِفُ وجهة نظرِها أو حتى إنْ كانتْ تعرف .. لكنّ جُلوسَها وآدم مع العائلة أوضحَ له أنه الوحيدُ المنبوذ ....... أخيرًا نظَرَ إلى الساعةِ وهو يتأففُ مِنْ بطءِ سيرِ ****ِبها .. بقيَ بالضبط اثني عشرة دقيقةً على بدءِ الحفل ! أيْ ما يعادل اثني عشرَ شهرًا وأكثر .. سيقضيها وهو يرغي ويزبد في نفس الموضوع مع الشخص الوحيد الذي يسمعه ........ نفسُهُ ... وهذا دفعه للتساؤل .. أين هي ناي ؟ وكأنها سمعتْهُ سرعانَ ما جاءتْ لتجلس على المقعدِ المحجوزِ لها بجانبه .... منتظِرَةً إطلالة والدِها التي ستكون رائعةً بوسامته .... لكنها عندما دارت بعينِها دورة سريعة على كلِّ المقاعد فوجئت بآخر إنسانةٍ توقعتْ أن تراها .... * يتبع .. | ||||||||||||
11-06-12, 06:51 PM | #1129 | ||||||||||||
نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء
| * قلبُها يتفَطـّرُ مجددًا وهي تراهُ يجلسُ بعيدًا نائيًا بنفسِهِ عنْها في أولِ مرةٍ تراهُ بعدَ أربعةِ أشهر وكأنّها لا تعني له شيئًا ، لتشعرَ أنها وسط كلِّ عائلتِها ليست سوى منبوذةً ... هي لا تنكر امتنانها لأنها استطاعت كسبَ شادن وأندلس بعض الشيء ... لكن سلام لا يزال يشكّلُ لها معادلةً صعبة لا تعرفُ لها حلًا ! بتلقائيةٍ كانتْ تتحسّسُ يدَ مجد الجالس على يمينِها لتشيرَ له بعينيْها إلى حيث يجلسُ سلام في نظرةٍ حملتْ كل معاني الحسرةِ والفقد .. ليومئ لها مُطمئنًا بأنّ سلام مصيرهُ العودةَ إلى كنفِ عائلتِهِ المـُحِبّة ... نظرتُهُ أشعَرَتها براحةٍ وقتيّةٍ .. لكنها ما إنْ أشاحتْ وجهها ناحية فابريغاس حتى أحسّت بأن المشوار أمامها طويـــــل وأن الخطوة الأولى فيه ليست إلا تصالُحها مع سلام ... هناك الحاجزُ الذي بناهُ دينُ ابنها المختلف ... وحاجزٌ آخر أسسه الشقاقُ الذي سينشبُ بسبب سلام وفابريغاس اللذان يتسمانِ ببعض الصفات المتشابهة وإنْ تقبل كل منهما وجود الآخر في حياتِه ... منها العند والاعتداد بالنفس ... وهذا سيشكّلُ عقبةَ ما يعرفُ بالتقاء الجبالِ الذي يكون بالطبع مستحيلاً في مثلِ حالتها هذه ! * تصفيقٌ حارٌ علا أنبه الجميعَ إلى دُخولِ نجمِ الليلة ... " يعرب " ... العازف الذي تركَ فراغًا كبيرًا في سماء عالمِ الموسيقى منذ اعتزاله .. لتنقشعَ غماماتُ الأفكار من رأسِ كلِّ واحدٍ منهم ... وليصبّوا جُلّ تركيزِهم على القادمِ من الألحان ... بلا مُقَدّمات ... كانَ يتحرَّكُ إلى البيانو الأبيض خاصتَهُ بعدَ أنْ حيّى الحضورَ بانحناءةٍ واحدة لبقةٍ إلى الأمام .. ليُعَدّل بعد وضعية المايكروفون بحركاتٍ متمرّسة ... نحنحاتٌ بسيطة أتبَعها بالترحيب بضيوفِ الشرفِ و الجمهور ... ليقول بعدَ ذلك بصوتٍ أبح ... - أقدمُ لكم مقطوعَتي الأولى الجديدة ... " مدينةُ الدموع " ... وهي إهداءٌ لابنتي التي كنتُ لأسميها "بيانو" بلا اكتراثِ لولا أنْ قالتْ لي إحداهنّ وقتها أنّ اختيار اسم آلةٍ موسيقيةٍ أخرى سيكون ذا رونقٍ أجمل .. وتحت إلحاحِها صارت " ناي " ...... ناي ، أحبكِ جدًا .... * لمَ مدينةُ الدموعِ يا أبي ....... وأمامَ المدعوةِ " أمي " ... لمَ تُخبِرُها بألحانِكَ المعـذِّبة أن غيابَها قتلَ فيّ كل معاني الحياةِ لسنواتٍ طويلة قبل أن أعتاد على الأمر ... لمَ تخبرها أنّ غيابَها أضعفني .. أذواني .. أبكاني حتى بنيتُ مدينةً للدموعِ في كُلِّ زاويةٍ من زوايا غرفتي .. لمَ تُجبِرني على التفكيرِ مجددًا بما فعلتْهُ بي ... لمَ تثير فيّ الرغبةَ المدفونة التي تدفعني الآن لأطرحَ كل عذاباتِ السنينَ جانبًا طمعًا بحضنٍ واحدٍ صادقٍ منها لن يكون أبدًا .. لن تتمكن من منحي إياه .. رغبةٌ تدفعني للاشمئزاز مني لأنني لا زلتُ أحنّ إليها .... لمَ يا أبي ..... !! * كان يعزِفُ بإحساس ... يترَنّحُ ألماً مع كل نوتةٍ يصدرها بأنامله التي تتنقل بينَ كلِّ مفتاحٍ ومفتاحٍ بطريقةٍ لا تقوَ على نسيانها مع مرور الزمن ... وكأنه يعزِفُ على أوجاعِها فقط ! .. يذكّرها بخذلانِها له في كلّ يومٍ وكل ساعة ... يُذَكّرُها بأنها ما عادت موجودةً في حياتِه كما رغبتْ بالضبطِ .. بحديثه عنها في مقدمتِه ليقول " إحداهن " وليس طليقتي على الأقل ! وكأنها ما عنتْ له شيئًا قط ! وكأن رابطًا ما جمَعُهما .. له من العمرِ خمسة وعشرين عامًا ! وها هي ذا ... تَتَطلّعُ إلى ما بنتْهُ يهدمُ كقلعةٍ من رمال عبثتْ بها موجة غادرة ... لتخرجَ صفر اليدينِ ، خاوية الوفاض .. والسبب زوجُ ابنتِها ... الذي لا يتورّعُ عن كسرها بأي طريقة ..... وكان آخر ما فعله أن استحوذُ على سبعة عشر بالمئة من أسهم الشركة وتحالَفَ مع شركاءٍ يملكون ذات النسبة لتتساءَلَ أخيرًا ... إلى أينَ يُسيّرُها القدر !! - مقطوعَتي الأخيرة ..... " أحبُّكَ مهما تكُن مظلماً " .. تصفيقٌ حارٌ دوّى إثر سماعِ الحضورِ لاسم المقطوعة الأثيرة من فم يعرب .. لكن سناء ما شعرتْ سوى بمرارةِ الحنظلِ تزحفُ إليها وتسطو على كيانِها كُـلّه مع كلِّ كلمةٍ قالَها من اسم المقطوعة .. لم تكن محض كلماتٍ بل رصاصاتٍ أطلقتْ في مسمعِها لتخترَق صلابتها الهشة وتتركها وراءها أشلاءً ... كان يعزِفُ بقسوةٍ وهو يمرر أصابعه فوق المفاتيح لتشعُرَ بأنّه إنما يقول أكرهك ... أكرهك .. أكرهك ... كانت تراهُ لأول مرةٍ يعزفُ بقرف .. وكأنما يودّ خنقَ المقطوعةِ لا عَزْفها ... لكنها مع ذلك تساءلت .. كيف استطاع جعلها تؤمن مجددًا بأنها أجمل ما سمعت وستسمع ! تصفيقٌ حارٌ آخر ارتفع فور انتهائه من عزف المقطوعة الشهيرة ... ليتحرك من وراء البيانو خاصته بالتزامن مع تبدد ظلمةِ المكان .. بنورٍ رافقَه من الكشّافاتِ التي أسرتْ في المكانِ بهرجًا برّاقًا ... ليكون المشهدُ مكتملاً تمامًا كما أراد ... * أُسدِلَ الستار على الحفل ... تاركًا وراءه ألمًا .... وغصةً .. و حشرَجاتٍ ! ناي التي تحمّلت اليوم كثيرًا من الوجَعِ بثباتٍ من أجل والدِها رأتْ في انتهاء المقطوعةِ الأخيرةِ متنفسًا .. لتطلبَ من سلام الرحيل في التو ... وهو الذي بدا لها مهمومًا لم يمانع بالطبعِ عندما رأتْه معلقًا بصرَهُ على ثلةِ آل معلى وهمْ يهمّون جميعًا بالنهوض معًا في آن وكأنهم متفقون .. أخيرًا استأذَنَتْهُ لتودّعَ والدِها الذي اختفى من المسرح متوجّهًا صوبَ غرفته الخاصة .. مضى سلام قدُمًا ... وشيءٌ ما أخبَرَهُ أنه لمْ يتَعَمّد المرورَ بجانبِ العائلة .. شيءٌ كاذبٌ بالطبع ... مرَّ دون أن يلتفتَ لأحدِهِم ... كان يهمُ أخيرًا بفتحِ سيارته ليجلس فيها ريثما تأتي ناي .. عندما أوقفه ذاك الصوتُ المألوف ... * ناي التي كانت تحتَرِقُ رغبة مفارقةِ المكان .. توَجّهتْ مسرعةً إلى الغرفةِ المخصصة لوالِدها حتى تودعه وتغادر ... أمْسَكَتْ مقبَضَ البابِ وأخذت نفَسًا أخيرًا كبتتْ بهِ كل الدموع التي تجمّعتْ في عينيها بلا سبب ... ثمّ زفرتْ بصوتٍ مسموعٍ .... كانتْ تشعُرُ بأنها ضعيفة ... محطمة ومهشمة ... ترغب صدقًا لو تبقى حتى تتأكدَ من خروجِ آخر حاضرٍ لينتفي لديْها الإحساسُ السخيفُ الذي جعلها تشعُر بأنّ أمها ستظلُ بانتظارها .... ستظلُ موجودةً لتقول لها شيئًا .. ربما لتعتذر بعد كل هذه السنوات ... أو حتى لتسألها عن ابنها الذي لمْ تره مطلقًا ، أنْ تهنئها ولو مرّ على ولادتِها أكثر من عامٍ ونصف .. بنفسِ الوقتِ كانتْ ترتعِدُ خوفًا من لحظةٍ مشابهة .. لأنها كانت تعلمُ يقينًا أنّ أمها إن جاءت لنْ تفعل أيًا مما أملتْ أنْ تفعَلَهُ ..... لكنّ القدَرَ شاءَ لها أنْ تتعذّبَ أكثر ... فكانت سناء هي الواقفةُ خلفَها لتناديها بصوتٍ تشرذَمَ ترددًا ... " ناي " * - سلام ... وقفتْ قلورياس أمامه تمامًا ومنَعَتْهُ مِنْ فتْحِ باب السيارة ... لتنبسَ اسْمَهُ في اشتياقٍ ... كانَ أكثر مرونةً مما توقّعتْ إذ لمْ يُبدِ تمنّعًا يذكر ... بل على العكس تمامًا ... نظرَ إليْها بملامحَ لـيّـنة .. لتشعرَ أنه يودُ أن يحتضِنَها بالفعل بعد كل هذه المدةِ منَ الجفاء ... إنها المرةً الأولى التي يطولُ فيها خصامُهُما .. فلطالما كانا الأكثر تفاهمًا في كلِّ العائلة ... رأتْهُ يأخذُ نفسًا ثم يبلع ريقه ليبدد قليلاً من حرجِهِ و ....... شوْقِه ، وفي لحظةٍ فكّرَ فيها بأنّ أمه بذاتِها جاءت إليْه لتكون هي المُبادِرة شعرَ بأنّه كان لئيمًا لدرجةٍ كادت تُمَزّقُه .. هزّ رأسَه أخيرًا هزةً قال على إثرِها بصوتٍ غريبٍ عليها تمامًا لم يتكلمْ به من قبلُ ... " أنا أعتذر أمي " ... وتقدّمَ منها مقبّلاً رأسها ، ليقول بعدَها وقد سمعتْه يقول بنبرةٍ تتهدّجُ حنينًا " سامحيني " ... كانت تعلَمُ يقينًا أنّ ابنَها ليس لئيمًا .. ولا متحجّرًا .. إنما هو يفيضُ حنانًا و لينًا .. لكنّه فقطْ لا يـُفْهَمُ جيدًا نظرًا لعصبيتِه التي تكون مخيفةً عندما يفورُ فجأة لسببٍ كان .... فما كان منها إلا أنْ قالت " أسامِحُكَ صغيري " - غدًا صباحًا سأزوركم ... اشتقت للفطائر التي تعدّينها ( وهَمَس مدّعيًا الخوف من مجيء زوجته مباغتة ) ناي لا تجيدُ إعدادها أبدًا مهما حاولتْ .. ضحكَتْ بصوتٍ كانَ قد حنّ إليه ... لتردِفَ أخيرًا بسعادةٍ " لكمْ اشتقت لعائلتكَ سلام .. رويد الصغير المشاكس خاصةً ) * - ناي .. ببطءٍ كانت تدورُ برأسِها وهي تحاوِلُ أن تُخْطِئ حدْسَها الذي أخبرها بأنها هي ... لكن أحدًا غيرها لا يلفظُ اسمها بتلكَ الوتيرةِ ... فكرةُ أن سناء بذاتِ قدْرِها تقفُ وراءها أسرتْ فيها قشعريرةً قويةً جاهدت لتخفيها ... لتتصببَ عرقًا وهي تتخيلُ شكلَ الحديثِ الذي سيدورُ بينَهُما ... - نعم ! قالتها ناي بلؤمٍ وقسوةٍ ما كادت لتؤمن أبدًا أنها تمتلِكُهُما ... لتقشَعِرّ مجددًا وهي ترى والدتَها بعدَ كلِّ هذه المدة ... حقيقةُ أنها لمْ تتغيرْ أبدًا من حيثِ قصةِ شعرِها وطبيعةِ لبسها أخبرتْها بأنّ سناء لم تتغيّر مطلقًا من الداخل وربما لنْ تفعل ! - أنا أراكِ مُجددًا بعد كل هذه المدة ... قالتْها سناء بتأثّرٍ اتضحَ مِنْ نبرتِها ... تأثرٌ استغربتْهُ ناي جدًا جدًا جدًا ... لكنها أخيرًا وجدتْ نفسها تضحك .... تضحك بسخريةٍ ... لتقول باستهزاءٍ وخبثٍ .. - أعتذرُ لسوء حظكِ ، أعلمُ مدى كرهكِ لرؤيتي ... كادتْ تبكي وهي تقولُ آخرَ كلمةٍ .. بعد جهدٍ منها بنبرةٍ لمْ تتهدّج كما تمنّت .. لتصطدم سناء بالمرأةِ الواقفةِ أمامَها ... إنها حتى لمْ تتخيّلْ أن تكونَ ابنتُها بتلكَ القوة .... - ناي .... تعرفينَ أنّ كلامكِ غيرُ صحيح ... لا لا ... الوضعُ صار مسخرةً ... سناء تتكلمُ بهذا الشكل !! لا يعقل أبدًا ... لمْ تكن تزورُها في أحلامِها بهذه الهيئةِ الملائكية لتراها فجأةً واقعًا أمامها ... هناكَ شيءٌ خاطئٌ بالتأكيد .... - تؤ تؤ تؤ ... ظلمتُكِ ... أعتذر مجددًا .. بلؤمٍ كانت تردُ ناي تلقائيًا على سناء ... لتوقنَ الأخيرةُ أنّ ابنتَها ما كانت لتسامِحها مطلقًا ! أخيرًا كانت تتفَرّسُ هيئتِها ... لتجدَ امرأةٍ ناضجةً بالفعل تختلفُ أيما اختلافٍ عن المراهقةِ الغبيةِ التي تركتْها تبكي يومَ أن غادرت بلا رجعةٍ ... حتى شكلُها تغير .. لقد امتلأت قليلاً بعد حملِها بشكلٍ جميلٍ عوضًا عن نحولِها السابق .." حملِها ".. كلمةٌ ذكّـرتْ سناءَ بأن لناي ابنًا .. أي أنّ لها حفيدًا الآن .. وتلقائيًا كانت تقول بلهفة .. - أينَ رويد ؟ ليسَ معَكِ ... أريدُ رؤيتَه ... يا الله !!!!!!!!!! يا الله !!!!! إنها حقًا تسأل عن رويد ... كما تخيلتْ بالضبط ، لكنّ ذلك لا يمكن أنْ يكون واقعيًا ... - رويد !! .. ليس معي ، تركتُهُ مع المربّية ... واطمئني .. أحضرتُها اليومَ فقط .. فأنا لا أترك ابني للغريبات .. كما أنني طمأنتُهُ عندما غادرتُ بأنني عائدة .... كانت تعرفُها طيبة .... حنونة ... وضعيفة ... متى صارت بهذه القسوة والقوة واللؤم ... ناي توجّهُ لها هذا الكلام ! عذرًا هذه السهام .. إنها تقتُلها دون أن تحدَّ السكين ... حسنًا لقد أخطأت وكثيرًا ... لكنها لن تجابَهَ أبدًا بهذه الطريقة عندما تفكّر بتصحيح المسار ... وبتحفزِ كبريائها كانت تردُّ هذه المرة عليْها بنبرةٍ تألفُها ناي جيدًا .. - حقًا لقد نجح سلام .... بجعلكِ لئيمةً مثلـَه وأكثر ! إنه يستحقُ شهادةَ تقديرٍ على هذه المهمةِ المستحيلة .. لقد ألغى فيك المراهقةَ الغبية المدعوة ناي ... وبعدَها أخذتْ تصفقُ بخفوتٍ ... لتشعُرَ ناي برغبةٍ حقيقية في صفعِها ... ليسَ فقط وإنما بقتْلِها .. إنها تقولُها في وجهها لأولِ مرة ... لأول مرةٍ لا تسمَعُها مصادفة وإنما عمدًا .... عمدًا لا من وراءِ الجدرانِ عندما كانت تتنصتُ على خلافاتِها مع والدِها قبل زمن .... أيُّ وقحةً هي .... بعدَ كل هذه المدة تأتي لنعتِها باللئيمة !! - سلام ... الشيءُ الوحيدُ الحقيقيُ في حياتي يا س .. سناء ... وهو إنْ كان لئيمًا فأنا أراهُ كذلك حقًا لأنه جعلني أتناسى حقدي عليكِ .. حقدي الذي ما كان ينبغي لهُ أنْ يخفّ أبدًا ... وحسنًا إنه يستحقُ كل أوسمةِ الدنيا لأنه جعلني قويةً لئيمة ( وشددتْ عليْها ) كما ينبغي أنْ تكون امرأة والدتُها هي أنتِ ... بدونِ تفكيرٍ كانتْ تردُ سناء ببغضٍ و......... استجداء : - ليسَ صحيحًا ... وأرجوكِ ... إنها المرةُ الأولى التي أرجوكِ فيها .. قولي لهُ أنْ يكفَّ عن تدمير اسمي في السوق ... يكفيكِ ما فعلَهُ بي كانتقام ... أنا انتهيت يا ناي .... والتفـتْ مغادرةً دون أن تنتظرَ ردًا من ناي ... ناي التي ما كان باستطاعتِها أن تفهمَ شيئًا مما قالتْهُ والدتُها إذ بدا لها كلامُها أحجيةً بالغة التعقيد ..... فمن جهةٍ كان الزلزال الذي ضربَها قد تجاوزَ مقياس ريختر بمراحلٍ عندما علمتْ حقيقةً أن أمها ما جاءت إليها ... ما تنازلت إلا لتحافظَ على عمَلِها مجددًا .. وهذا ما جعل قواها في خوارٍ تامٍ وهي تتحركُ خارجةً من المبنى الضخمِ دون وداعِ والدها ميممة صوب السيارة .. ومِنْ جهة أخرى كان سؤال وحيد يعيث في تلافيف مخها بغيةَ الوصول إلى جوابٍ له دون أنْ تقدر على ذلك بالفعل .. " ما الذي فعلَهُ سلام بأمي ؟ " لتجدَ نفسَها أخيرًا قد وصلتِ السيارة ... لتفتَحَ بابَها في ذهولٍ تام ........ ذهولٌ تزايدَ وهي ترمِقُ سلام بنظرةٍ ......... ضائعة .. * صباحَ اليومِ التالي .. للمرة الأولى تشعرُ أندلس بسعادةٍ غامرةٍ إثرَ خروجِ آدم للعمل ... آدم الذي لمْ يشعُر بترقبِها مطلقًا فقد أجادت التصرفَ باعتياديةٍ أمامَهُ ... مسبَقًا كانت قد أنهتْ كل ما عليْها من أعمالٍ ... لتتوجّهَ أخيرًا صوبَ حاسوبِها الشخصي وهي تفركُ يديْها حماسًا .. لتصلَ أخيرًا هاتفها بالحاسوبِ ... وتنقُلَ إليه الملف المعنوَنَ بـ " vip " ... الملفاتُ الثلاثة بدت لها سرًا مشوِّقًا ... لكنها حتمًا جزمت بأن ملفّ " يومياتِ عاشقٍ شرقيٍّ " كان أكثرها جذبًا بمغناطيسيته الرهيبة ..... فتحت الملف ... لتجدَ عددًا من المستندات ... فتَحتْها .. وكانتِ الصدمة ... المشاعِرُ التي اعترتْها وهي ترى كتاباتِه التي تحدّثَ فيها عنْ بطلةٍ تدعى " أندلس " وعن المعاني التي مثلتها له كانت أكثرُ من أن تصفها الكلمات ..... فما كان إلا أن ابتلّ وجهها بدموعِ التأثر ..... استمرت بالقراءة بسدارةٍ وشغف .. و لم تصدق الحبَّ الذي كنُّهُ آدم لها من قبلِ أنْ تعرفه شخصيًا ولتفاجأ بأحداثٍ جمةٍ تساءلت عن مُحدثِها لفترةٍ طويلةٍ ليكون هو .. آدم ... وصلتِ اليوميّة الثامنة .. لتبدأ معاناةُ الغربة ... وتبدأ البـُكاءَ على ما قاساه آدم في تلكَ الفترةِ التي كانت معلوماتُها عنها صفرًا .... لتقرأ آدم بعينٍ أخرى أكثر عمقًـًا ... الأمرُ لمْ يقف عند ذلك الحد .. فالقدر شاء لها أن تقرأ يوميّة حملت من الرقم عشرةً ... لتبدأ السكاكينُ بذبحِها .. والمعاوِلُ بنَهشِها ... ومع ذلك بقوةٍ لا تدري من أين أتتها أنْهتها ...... فما كان الألمُ إلا مبرّحًا ... مُبرّحًا ........................................ مُبرّحًا .. * ممكن أحكي .. بس خلااص ؟ | ||||||||||||
11-06-12, 06:56 PM | #1130 | ||||||||||||
نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء
| سأحاول بإذن الله .. أن يكون الفصل القادم يوم الجمعة ... أتمنى أن يعجبكم الفصل ... وأن تقيموه لكل جزء إن أعجبكم .... حقًا تعبت كثيرًا لأجل هذا الفصل بالذات ... ما فيه شر أبدًا .. مش هيك ؟ يعني هاد هدنة قبل الفصل الجاي .. قبلاتي .. | ||||||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|