آخر 10 مشاركات
16- انت وحدك - ناتالى فوكس . حصريا" (الكاتـب : فرح - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          إمرأتي و البحر (1) "مميزة و مكتملة " .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          عروس راميريز(34)للكاتبة:Emma Darcy(الجزء الأول من سلسلة عرائس راميريز)*كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          سلاسل الروايات لكاردينيا73 (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          اللوحة الغامضة (48) للكاتبة: كارول مورتيمور .. كاملة .. (الكاتـب : cutebabi - )           »          نقطة، و سطر قديم!! (1) *مميزه و مكتملة*.. سلسلة حكايات في سطور (الكاتـب : eman nassar - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          عشقكَِ عاصمةُ ضباب * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          125 - الضوء الهارب - جينيث موراي (الكاتـب : حبة رمان - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree18Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-06-12, 01:16 PM   #1261

ماريامار
 
الصورة الرمزية ماريامار

? العضوٌ??? » 138521
?  التسِجيلٌ » Aug 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,028
?  نُقآطِيْ » ماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond repute
افتراضي


هلا رغوده اكيد بنستى الفصل بشوق كبير والله يعطيكي الف عافيه مقدما يا حلوه


ماريامار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-12, 02:29 PM   #1262

حلاوة غير

نجم روايتي

alkap ~
? العضوٌ??? » 222111
?  التسِجيلٌ » Jan 2012
? مشَارَ?اتْي » 1,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » حلاوة غير has a reputation beyond reputeحلاوة غير has a reputation beyond reputeحلاوة غير has a reputation beyond reputeحلاوة غير has a reputation beyond reputeحلاوة غير has a reputation beyond reputeحلاوة غير has a reputation beyond reputeحلاوة غير has a reputation beyond reputeحلاوة غير has a reputation beyond reputeحلاوة غير has a reputation beyond reputeحلاوة غير has a reputation beyond reputeحلاوة غير has a reputation beyond repute
Icon26


مسسساااء الخيييييييير عزيزتي رغووووودة .. كيف حااااالك ؟؟
ياااارب تكووووني بخببببر وأحسسسن حاااااال : )

معذووووورة عزيزتي .. ننتظرررر الفصصصل الليلة بشوووووووق كبييييييييييييير ^_^







حلاوة غير غير متواجد حالياً  
التوقيع




رد مع اقتباس
قديم 25-06-12, 03:25 PM   #1263

ماريامار
 
الصورة الرمزية ماريامار

? العضوٌ??? » 138521
?  التسِجيلٌ » Aug 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,028
?  نُقآطِيْ » ماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond repute
افتراضي

رغوده مسكتك

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 3 والزوار 0)
‏ماريامار, ‏raghad165+, ‏شمس الغربه ماتدفيني




يلا بليز نزلي الفصل يا بطه


ماريامار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-12, 05:32 PM   #1264

raghad165

نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية raghad165

? العضوٌ??? » 80695
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 5,014
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » raghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   al-rabie
¬» قناتك NGA
?? ??? ~
جُل ما عظّمه في عينيَّ • صِـغر الدنيا في عيـنيــــه =))
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


حبيبتي والله اجيت اعمل كبسة للموضوع ههههههه رحتوا انتو كبستوني ههههه

إن شاء الله الفصل في تمام الساعة الثامنة ... خليني أكبّر الفصل ..
واللهِ وجهي أدامكم اد النتفة من التأخير .. بس صدقًا مو بإيدي ...

يلا كونوا على الموعد .. وان شاء الله الفصل يعجبكم ....


raghad165 غير متواجد حالياً  
التوقيع
إذا مررتم من هنا، فادعو لي ولوالديّ بالخير والتوفيق والصلاح.


ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
ربّنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلِنا
ربّنا ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به واعفُ عنّا واغفرْ لنا وارحمنا
أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين
رد مع اقتباس
قديم 25-06-12, 05:46 PM   #1265

lolayist1

? العضوٌ??? » 239797
?  التسِجيلٌ » Apr 2012
? مشَارَ?اتْي » 468
?  نُقآطِيْ » lolayist1 is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

lolayist1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-12, 08:05 PM   #1266

raghad165

نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية raghad165

? العضوٌ??? » 80695
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 5,014
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » raghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   al-rabie
¬» قناتك NGA
?? ??? ~
جُل ما عظّمه في عينيَّ • صِـغر الدنيا في عيـنيــــه =))
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني عشر .. آخِرُ العهْدِ بك ..
الجزء الأول ..

قالولي العيد بعيوني .. و ع درب بعيد دلوني
غمضت عيوني تشوف العيد .. لا شفت العيد ولا درب بعيد ..
وبعتم الليل رميوني ...

*

يتعدّدُ البشر ... يتكاثرون .... وتمرّ كل ثانية فيستبدّ صراخٌ صغيرٌ في أذن " من أصبحا الآن " والديْن .. فتتعدد المشاعِر ... وتتعدد معها معانيها ... و كما يولد للحبِّ ألفُ معنى .. يولد للوجع ألفُ معنى .. ولأن السقوطَ يُخضِعُ أحبةً ومتوجّعين ... حُقّ أن يكون له ................. من المعاني " آلافــًا " ...


كل شيءٍ صار ملموسًا .. ما عاد مقروءًا فقط ، كادت تغور في لجةِ غيابٍ شديدةٍ عن الواقع إلا أن شيئًا ما أخضعها لشعورٍ غريبٍ يسمى غــثـيــان .. مع ارتجاع شيءٍ ما في مريئها كانت تقـف محاوِلةً مباغتةَ الوقتِ حتى لا تتقيأ هنا ... كانت قد أمسكت الصورةَ في يدِها اليمنى .. سحَقتْها بلهيبِ ألمِها فغدت كرة صغيرةً مخنوقةً بقبضةٍ خُنقتْ صاحبتُها من قبلُ بهوْل الصدمة ... أما اليد اليسرى فكانت تــُبسط أمام فمِها ... تؤثر عليهِ بقوةٍ كبيرةٍ في محاولةٍ لإرغام ما استقرّ فيه على عدمِ التدفقِ الآن ... هرعت خارجةً من الغرفةِ تحت أنظارِ النسوةِ اللواتي تفاجئنَ من انفراج الباب بذاك الشكلِ الهمجيّ مما جعل إحداهنّ تشهقُ صدمة .. مفاجأةٌ سرعان ما تحوّلتْ لدى الخالةِ مروة إلى قَلَقٍ حقيقيٍّ على الفتاةِ التي لمْ تبدُ طبيعيةً أبدًا وهي تهروِلُ صوبَ الحمام مكممةً فاهها .. أصلاً لم تبدُ طبيعيةً منذ دخلت ، هذا ما أحست بهِ وهي ترى أندلس فاقدةً لحيويّتها المعتادة عندما استقبلتْها عند الباب .. وابتسامتـها وإن كانت مرسومةً على وجهها فهي حتمًا لم تكن نابعةً من القلبِ ...

قامتْ بسرعةٍ لتطمئنّ على أندلس التي استقرّت الآن في الحمامِ مُقفلةً خلفها الباب ، ليتعالى من ورائه صوتُ قيئها ... وعلى إثر ذلك قالت مروة بنبرةٍ قلقة " أندلس .. هل أنتِ بخير " ... أجابتْها بصوتٍ متعبٍ متقطع " بخير ... "
خرجت وهي تحمِلُ في يدِها منشفةً صغيرةً جففتْ بها وجهها بعد أن غسلتْه لتستعيدَ شيئًا من نشاطِها ، مُغمِضةً عينيْها وقد اجتاحها إعياءٌ كامل وسطَ تغضّن ملامِحها بإرهاق شديد ... سندتْها مروة لتُدخِلها فيما بعدُ إلى المطبَخ لضمانِ ألا يسمع حوارهما أحد .. مخضِعةً إياها فيما بعد لنظراتِها المستفسرةِ عن سرِّ حالتها الغريبة ولتساؤلاتِها أيضًا ... فما كان منها سوى أنْ أجابت باقتضابٍ عنْ كُلِّ أسئلتها التي لمْ تبدُ ذاتَ أهميةٍ لأندلس ... وكأن أكبر همّها الآن تناول الطعام أو التدثرِ جيدًا ليلاً ... سؤال أخيرٌ نجَحَ بإيقاظِ مشاعِرِها التي خمَدَتْ إثرَ فورةِ إعيائها الأخير "هلْ أنتما متشاجــِران ؟ " .. لترتبِكَ نظراتُها وهي تحاولُ أن تشيحَ بوجهها عن مرمى نظرِ مروة التي همهمَتْ بكلماتٍ غير مفهومةٍ إثر نظرات أندلس المتباعدة بقليلٍ من التذمر ... بينَما هي تتقدّمُها إلى غرفةِ الضيوفِ مجددًا ...
شعورٌ بالسعادةِ اللحظية كاد يعتريها وهي ترى نظراتِ ريما الحاقدة مسلّطة عليها بحنقٍ كبيرٍ .. وكذا نظرات أمّها الفضوليّة التي لم تكتفِ بنظراتها فقط وإنما قالت وهي تنظُر لمروة هامسةً بطريقةٍ ما " نقول مبروك ؟ " .... مروة التي فَهمتْ ما تعنيه أختها لم تعلق بشيءٍ سوى بملامحها التي كانت تلينُ أملاً بأن يكون ما تفكرُ فيهِ أختها صحيحًا ...
أندلُس التي كانت تسافر بفِكرِها إلى أماكِن بعيدةٍ جدًا ما كانت لتلحظ شحوب وجهها الشديد ... أو حتى عينيها اللتيْن غامتا بتعبٍ واضح وشفتيها اللتيْن ابيضّـتا وكأنهما ينتميانِ لشبحٍ لا لأندلس التي - كانت - تتقد حياةً... لكن مروة بالطبع كانت تلاحظ كل ذلك بعينٍ متفحّصةٍ ... ولذا لم تجِدْ بدًّا من الاتصال بآدم ليأتي ويأخذها إلى المنزل كي ترتاح قليلاً .. أندلس التي كان سماعُ اسمِ آدم كفيلاً بجعلِها تتذكّر كلّ شيءٍ دفعةً واحدةً شعرت بجرحٍ أنجَلٍ يخترِقُ حناياها ليستقرّ متربّعًا في قـلبها دونما لطفٍ أو شفقة ولذا وَجَدتْ نفسَها تــقولُ باندفاعٍ دون أنْ تفكّر بشيء... " لا ... لا تدعيهِ يأتي .... " وعندما لاحظت وجومَ الخالة مروة ونظراتِ كل من المرأتين الجائعتين إلى تفاصيل أخرى أردفتْ بنبرةٍ أقل حدةٍ وابتسامةٌ زائفة تلوّن شفتيها " لا داعي لإقلاقه عليّ ... مجردُ غثيانٍ بسيط ... "
بعدَها بنصفِ ساعةٍ كان آدم قـد وصل فعلاً إلى البيْتِ وَصَعَد تحت طلبِ أمّه ليأخذها من هناك .. إذْ أنّ حالة أندلس لم تتحسّن مُطلَقـًا خلال المدة التي استغرقها في المجيء ... ظلتْ شاردةَ الذهنِ ، متباعدة النظرات وفي عينيْها شجَنٌ عميق ..
رؤيَتها لآدم في تلك اللحظةِ لم تكن لتسعفَها قط .. بل على العكس كانت توقد فيها جذوةَ الألمِ والصدمةِ ... وكارتداد لذاك الإحساس المرير كانت تترنّحُ لثانيةٍ فقط قبلَ أنْ تستعيدَ توازنها وهي تهمّ بالاقتراب منه رغمًا عنها إذ كانَ يقِفُ على مقربةٍ من البابِ بعدما خرجَ مسرعًا من المنزل خشية أن تستدرجه خالته إلى أحاديثها المملة غير عابئة على الإطلاق بسبب مجيئه ، كما أن نظراتِ ابنتها التي كانت تلاحقه ما كانت لتخفى عليه .. مكتفيًا بسلامٍ عابرٍ متعللاً بتعب أندلس و عملِه الذي ينبغي أن يعود إليه على وجه السرعة ...
كان يعرِفُ أنها متعبةٌ منذ أوصَلَها قبل ساعتينِ تقريبًا .. لا ، كان يعرفُ ذلك منذ الأمس ... وعندما اتصلتْ به والدتُهُ كادَ يجنُّ وهي تحكي له عن إعيائها الشديد ... ساخطًا على نفسِه لأنه عبـئ بإجابتِها الواهية عندما قالت له أنها بخير ... لكنه ما تخيّل أن يجدها منتهيةً بهذا الشكل ولا في سابع أحلامه .. ليعرِفَ أن الأمر يتجاوزُ الإعياءَ .............. بمراحل !
*
سرعانَ ما تجاوَزَتْه وقد دبّتْ فيها الحياةُ للحظةٍ لتتفادى الاصطدام به ... لكنه أحاط كتفيْها بذراعه الطويلة القوية وخوفٌ حقيقي من سقوطِها يلفّ عقلَهُ ... ما لمْ يتوقّعْهُ مطلقاً انكماشها بقرفٍ لتنتشل نفسَها من قوتِهِ التي باتْ حنينُها إليها منذ الآن يفتكُ بها فور اختفاءِ والدته خلف باب البيت الذي انغلق لتوّه .. ليحدجَها بنظرةٍ مستهجنة لمْ تعِرها أندلس أي انتباهٍ وهي تتقدّمُه شاعرة بعجزٍ خذَلَ ركبتيْها مما اضطَرّها لتؤثر عليهِما بقوةٍ ما توقّعتْ أنها ستملِكُها عقبَ كل ما حصَل ...
طِوال الطريقِ ظلت تحدّق بحقيبتِها التي استقرت في حجرِها بعدم تصديق .... لم تكن تنظُر إليها حقيقةً إنما للكرةِ الصغيرة المجعّدةِ التي نجحت باختلاس لحظةٍ من الزمنِ لم تتوجّه فيها الأنظارُ إليها عندما كانت في الأعلى لتدسّها في حقيبتها مما أثار فيها الرغبةَ بالبكاءِ الآنَ وهي تستعيدُ شكلَها عندما كانت صفحة ملساءَ مصقولة وتفاصيل الشابيْنِ الذين كانا يجلسانِ معًا بحميميّةٍ كبيرةٍ تكاد تشلّها ... لتُفكّر أخيرًا بأنّ عليْها أنْ تختلِقَ حلاً لمشكلتِها وإنْ استنْزَفَها ذلك كثيرًا ،... لتوجّه طرفها إلى آدم تلقائيًا بإباءٍ جسّدته بالتفاتها عنه فور أن التقت أعينهما وسطَ ملامِحِهِ التي تدرّجت بين القلق والخوف ... لتصلَ إلى أنّها ستجِدُ حلاً لا تكون فيه الخاسرة ... ولكن قطْعًا ليس الآن فهي متعبةٌ جدًا ...
كان يريدُ أنْ يأخذها إلى الطبيب ليطمئن عليها ... لكنّها رفضتْ بشدةٍ وبـ " لا " قاطعة قالتْها بعد فترةٍ من الصمتِ وهي تنفعِلُ بعضَ الشيءِ لينزِل عند رغبتـِها أخيرًا ويذهبَ بها إلى البيت ...
فورَ وصولِهما دَلَفتْ غرفة النوْم لتبدّل ثيابَها وتأخذ قِسطًا من الراحة ... علّها تجِدُ في نومِها متسعًا من الوقتِ لا يملؤه آدم .. لكنّه بقلقِه الذي استبدّ فيه ما كان ليمنَحَها مرادها .. على الأقــل حتى يعرِف منها سرّ حالتِها الغريبة وشرودها غير المبرر منذ البارحة ...
سألها بنبرتِه التي لطالما أثارت قريحةَ صمتِها لتتكلّم عنوةً فور إطلالتِه من خلفِ الباب بقامتِه التي تثير خوْفها الآن لأولِ مرةٍ وهي تعي فرق طولِه عن قامتها الضئيلة هيَ وكأنما يجسّد تباعُدَهما الحقيقيّ الذي لم تكد تراه قبل الآن ... عندما قالَ مستجوبًا إياها بنبرةٍ أوشكت على فقدان صبرها ... وقتَها تلاشى الكلامُ كلُّ الكلامِ من مخها .. لتجِدَ لا شيء يُمكِـنُ أن تقولَه بعقلانيّة بعيدًا عن تلقائيتها في النطق بكلِ ما تفكر به دون أنْ تسأل نفسَها عن وقعِه في نفسِ مستمِعِها .. وإن كان تمامًا " على الوجع " كما تريدُه ..
- لا شيء ... ( وأكملت وهي تبتسم بمرارة ) أنا مكتئبة ... كما يكتـئب الناس عادةً ! ( لتردِفَ بخفوتٍ بعد أن كادت دمعتها تتدحرجُ فاضحةً إياها لتشيحَ بوجهها عنه مجددًا ) اذهب لعملك ... سأكون بخير .
كلامُها ... ابتسامتُها التي فطـَرت قلبه بتعاستِها .. دمعتُها التي لمْ تخفَ عليه ، كل ذلك نجحَ بإيصالِ رسالةٍ إليه على النقيضِ تماماً من أنها ستكون بخير ... ولذا كان يذرعُ المسافةَ بينَهما في محاولةٍ لإعادةِ أندلس التي يعرفها جيدًا ويحبُها بينما قال وهو يحرك رأسَهُ مهيّجًا شجنَها عندما أثار فيها كلامه موضعًا جديدًا من الألم بنبرتِه التي كانت صادقةً و دافئة حد الإذابة ..
- مكتئبة !!!!!! وأذهبُ لعملي .... وأهونُ عليكِ لتتركيني منشغل البال ....
برقةٍ شديدةٍ كان يتحسسُ وجهها الذي شعَرَ به يتغضّن تحت أصابِـعـه في محاولةٍ لتبديد توترِها غير المألوف مِنْ قُربه ... أما أهدابها فكانت مسبلةً وكأنما تخشى أن تحتفظ عيناها بصورةٍ حميمةٍ جديدةٍ له ستعذبها في حال انضمّتْ إلى ركبِ صورِه التي تلاحِقُها منذ الآن إنْ هي حاولت الابتعاد ...
شيءٌ ما أثار جنونه وهو يلاحظ انكماشَها ... ليَفْهَمَ أنّ الأمر يتعدّى موجة اكتئابٍ أو حتى وعكة صحية ...... فهي ما كانت لتتشنّج هكذا من اقترابِه دونَ سبب حقيقيّ ...
لمْ يتْرُكْها تحت أنظارِها الذاهلةِ مِنْ نفسِها قبل أيِّ شيء .. وإنما احتضنها بدفءٍ في محاولةٍ لطمأنتِها رغمًا عن الممانعةِ الهزيلةِ التي أبدتها في بداية الأمر لتجهشَ بعدَها في بكاءٍ أليمٍ دوّى في مسمَعِه كهزيم الرعد وهي ترتكزُ بكل ثقلِها على صدرِه بعد أن خارتْ قواها تماماً .. بكاءٌ لمْ ينجَحْ سوى بإثارةِ القلاقل فيه ليتساءل عن مدى جدّية الأمر الذي أحالَ حبيبتَهُ ورقة صفراء هشة فاقدةً لكلّ معاني الحياة ...
- أنا هنا لأجلِك ...
قالها وهو يربّتُ على رأسِها بحنانٍ أذابَها وهي تشعُر به يستحوِذُ على كيانِها كله .. كما دائمًا .. مما أثار حنقها على نفسِها .. فهي يجبُ أنْ تشعُر إزاءه بأي شيءٍ سوى ما تشعر به الآن من مشاعر سخيفةٍ تراوِدُها عن غضبها منه مما أثار فيها رغبةً جديدةً بالبكاءِ عندما أحسّت بحجمِ ضعفِها الحقيقيّ أمامه ..... لكنّها وجَدَتْ نفسَها تقول بتمتمةٍ ضعيفة من بينِ شهقاتِها كإجابةٍ على جملتِه الأخيرة بنبرةٍ تهدّجتْ بؤسًا ... " ليتَكَ لم تكن " ...
ما كان ليتبيّن ما قالتْه وقتَها مع اختلاط كلماتِها القليلة بشهقاتِها ودمعاتِها التي أدمت قلبَه ... ما فَهِمه فقط أنّها وَصَلتْ مرحلةً ما عادت قادرةً معها على الوقوف أبدًا وهو يشعُر بها تكاد تنفلتُ مِنْ بين يديه بعد أن خذلتها ساقاها عن حملِها ... كان سريعًا عندما حملَها واضعًا إيّاها برفقٍ في السرير .....
سرعان ما تكوّرت على نفسِها وهي تشدّ طرفَ الملاءةِ القريبِ منها بقبضتِها التي أودَعتها جُـلّ غضبها الذي لم تستطِع ... واللهِ حاولت .. لكنّها لمْ تستطِع أنْ تصُبّه على آدم .... آدم الذي ما إنْ لفظتْ أفكارها اسمه حتى رأتْه يهبّ واقِفــًا مشرِفًا عليْها بطولِه الفارع وملامِحُه تقسو وهو يشرفُ على الجنونِ ذارعًا المساحة الصغيرة التي فصلتْ بين السرير و الخزانة الملتصقةِ بالحائط جيئة وذهابًا من تبدّلها وكأنها امرأة أخرى ما عرفها قط .... ليقول بحزمٍ أجفلها لوهلة ...
- الآن .. وفي التّو .. ستقولين لي سرّ حالك هذا !! ليسَ مِنَ المعقول أنْ يكون " اكتئاب " عادي سبب لكل ما تمرّين به ....
شهقةٌ أخرى ارتفعت منها حاولت كبتَها دون جدوى ... لتستغرِقَ في موْجَتِها الأخيرة ... استغراقٌ سَحَقَ البقية الباقِيـة مِنْ صبره وهو يراها منهارةً تمامًا بينما هو عاجزٌ تمامَ العجزِ عن فعلِ أي شيءٍ لإيقافِها ... بدأ بالتخمينِ بصوتٍ عالٍ ....
- تشعرينَ بألمٍ ما ...
لمْ تُجِبه .... لمْ تدرِي بمَ تجبْه ... كلّ ما عَـرفتْه أنّه لا يساعِدُها البتّة ...
- أفــْــطرتِ ؟
لمْ تُجِبه أيضًا ....... خوْفًا منه هذه المرة ... إذْ أنّه لن يكون متسامِحًا أبدًا إنْ قالتْ له " لا " بأم صوتِها .. خاصةً وهي تدركُ أنه سيتبع سؤاله بسؤالٍ آخر هو " تعشيْتِ البارحة ؟ " ولن تقدِر وقتها على أن تجيبَه بـ " لا " أخرى .. مع ذلك كانت الإجابة واضحةً لديه وضوح الشمس ....
- أندَلُس ... وماذا بعد !! تريدينَ قتلي يعني ؟ كفي عن إثارتي أرجوكِ .... أرجوكِ ، أتعلمين كمّ الضغوطات الذي انسَكب على كاهلي فجأة من لا مكان ...... واللهِ أنا متعب .... وأنتِ تتعبينني أكثر بـلا مسؤوليتك ...
يــــااااه يا رجل !! أنا أتعبُك بلا مسؤوليتي ؟؟ ... حسنًا أنتَ قتلتني وانتهى الأمر .. ومن هنا وصاعدًا لن أكون مدعاةً لتعبكَ .....
كلامُه ما كان ليعني لها شيئًا لو أنّها كانت في وضعٍ طبيعي .. كانت ستتجاوزه بقليلٍ من المشاكسة ... لكنّها الآن أعجزُ من أن تقدِر على أن تسوق الإجابة الصحيحة إلى عقلِها في حال دارت فيه الأسئلةُ ... مع ذلك كادت تصفّقُ له وبقوةٍ لأنه أيقظَها مِنْ غمرةِ إحساسِها الغر الساذج بأنّ الحياة ستظل وردية ... صفَعَها بحقيقة الواقع الذي امتدّ أمام عينيْها بوضوحٍ لتهربَ منه لاهثةً خلف سرابِ ما يعرف بـ " السعادةِ الحقيقية " .. ها هو ذا يقولُها بكلِ وضوحٍ وشفافيّة ... يقول أنها تـُتْعِبه .. ولا تدري حقيقةَ ماهيّة الضغوطات التي أثقـلت كاهِله .. ربّما يكونُ مشوّشًا بين بيتيْن ... من يعرف ...
الأفكار الخبيثةُ التي تلاحقتْ في ذهنِها كانت تزيد طينَ تعاستِها بللًا .. تملأ رأسَها حتى كادت تقضي على خلايا دماغِها لتجدَ لها مساحةً واسعة تفترشها .. شيءٌ ما سحقَها وهي تعي حجم كارثتِها ... آدم كان يتسلّى ... يستمتع بسذاجتِها ... وربما كان يضحكُ على بلهها فورَ أنْ تخمدَ للنوم بعدَ أنْ يسمعها بيتًا سخيفًا من الشعر .....
ما كان يقصِدُ أذيّتها ... كان يريدُ أن يرمي لها طرفَ الخيطِ حتى تسأله عن سرّ ضغوطاتِه .. كي يجد فرصةً يخبرها فيها عن سفرِه بعد ثلاثةِ أيامٍ ... كان يرغب بأنْ تقوم هي بتجهيز حقيبة سفره الصغيرة ... أن تختار له هي ما تحب من الثياب ... أنْ تريحَهُ من العبءِ الذي أضافتْه على كاهِلِه الآن وهو يسافر منشغل البال كما لمْ يكن من قبل ...
فكرة أنه استغفَلَها طوال تلك المدّةِ أخذت تعتمِلُ في ذِهنِها بلا هوادةٍ .. مما أثار في نفسِها هيجانًا من الغضب مما حدّها لتقول وهي تُشرِف على الجنونِ بضعفٍ وصلَه في قمةِ القوة ونبرتها تتهدّج وجعًا ...
- حقك عليّ .............. أتعبتُك ..... ( وكقنبلةٍ انفجرت دون سابق إنذار قالت ) أغرب عن وجهي ( وأكملت تصيح ) لا أريد رؤيتــَك ...
الطريقةُ التي نبَسَتْ فيها بـ " حقك علي .... أتعبتُك " جعلتْه يشعُر بأنه أقذرُ ما وُجد على البسيطة ... ليشعر أنه كان أنانيًا نذلاً وهو يفكّر بنفسِه حتى وهو يراها على تلك الحالةِ غير المستقرة .. وبعدَها عندما سمِعَ بصوتها العاصِفِ " أغرب عن وجهي " شعَر بلكمةٍ قويةٍ تسدّد إليْهِ لتتركَهُ مذهولاً .. وهو يراها تصرُخُ فيهِ لأولِ مرةٍ بتلك الكراهية .... وكأن كلمتها الأولى لم تكفِه قالت " لا أريدُ رؤيتك " !! ....
ياه يا أندا !! لا تريدين رؤيتي ... تقولينها ببساطةٍ وكأنها " صباح الخير " ..
عقلُه سرَحَ لوهلةٍ وهو يفكر بعمقِ كلمتِها الأخيرة .. قبلَ أنْ تستيقظ فيه كبرياؤه كالمارد .... ليوجّه إليْها نظرةً أرعبتْ كل خليةٍ من خلاياها متبعًا إياها بـاستدارةٍ لجسدِه ولّى على إثرها مدبرًا ولم يعقّب ... صافقًا خلفَه البابَ ليُصدِرَ صوتًا ما واءَم بحالٍ من الأحوالِ هدير قلبِها الذي ارتفع وجيبه وقد أخذَ يأنّ ....





*


يتبع ...



التعديل الأخير تم بواسطة هبة ; 12-07-12 الساعة 09:06 PM
raghad165 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-12, 08:12 PM   #1267

raghad165

نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية raghad165

? العضوٌ??? » 80695
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 5,014
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » raghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   al-rabie
¬» قناتك NGA
?? ??? ~
جُل ما عظّمه في عينيَّ • صِـغر الدنيا في عيـنيــــه =))
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

*


كانت لا تزال مستلقيةً على سريرِها وآلامٌ لا قِبَل لها باحتمالِها تجتاحُها الواحدةَ تِلو الأخرى ... لتخلّف فيها أنقاضًا من الوجع ومخيماتِ منكسِرين .. كلُ ما عَرَفَتْهُ من الشمسِ القويةِ التي تسللتْ خيوطُها إلى غرفتِها عبر النافذة أن النهار قد انتصف تقريبًا .. شعرتْ بعطَشٍ وجوعٍ شديديْن يطوفانِ في كيانِها فجأة فهي بالكاد تناولتْ شيئًا منذ يوميْن أو ربما أكثر ...... عندما غادَر آدم صافقًا خلفه الباب ..

في اليومينِ الماضيينِ لم ترَهُ كثيرًا .. بدا لها مشغولاً جدًا من الإرهاق الذي نضَح به وجهه .. متعـبًا من الهالاتِ السوداء المحيطةِ بعينيه ... كان يأتي ليأكُل مساءً ويُبَدّل ثيابَه غيرَ عابئٍ بالمرة بوجودِها ... لم تكن طريقته توضِحُ إليها أنه يعاقبها .. ربما يتجاهلُها أصح ... أو ربما كان فقط متعبًا جدًا كما هي وبالتالي نحّاها من حياتِه إلى أن تخف أزمة ضغوطاته ... فكرت بسخطٍ وهي تكاد تضحك بتعاسة ... فقد كان يأتي في آخر الليل لينام بجوارِها ... موليًا ظهره ناحيتها ... غيرَ شاعرٍ أبدًا ببكائها المرير الذي لازمها منذ تلك الحادثة ....

سمِعت صوتَ الباب يـُفتح فعرفت أنه هو ...
هذه المرةَ عندما دَخَــل الغرفة كان مختَلِفًا ... كان شاحبًا .. مصفرًّا .. و بطريقةٍ ما " مشتاقــًا " .. رؤيته على تلك الحالة كسرَتْ قلبها فوق كسرِه .. رأتْه يعقد حاجبيهِ ويحني كتفيه بكلل ..
على كلِّ حالٍ تكاد تتأكد الآن من أنه ما لمَحها وهي تحط بنظراتها الملهوفة عليْه فقد أصبحت خبيرة باستراق النظر في اليومين الماضيين ..
استعر في داخلها بركان وهي تراه يتقدّم نحوَها مركّزًا بصره عليها بنظراتٍ حازمة ... لتفكر بأنه أعارها انتباهه أخيرًا ..... أيَرْغَبُ في الحديث معها يا ترى بعد كل هذه المدة ... إذ أن الليالي الثلاث الماضية مرت عليْها مرورًا عسيرًا دونَ أن تسمع صوتَه قبلَ أن تخلد للنوم .... كم هي مثيرةٌ للشفقة ....
برغمِ كل ما اعتراها من مشاعر مجنونةٍ كادت تفضح اشتياقَها .... إلا أن جـُرحها كان أنجلاً .. رطبًا .. غـــــائـرًا ... لمْ يُرتق بعدُ ... ودون أن تُفَكّر وَجَدَت أنّها تُشيحُ بوَجهها عنهُ بألمٍ واضح .....
- استيقظتِ لتوّك ؟
قالَها بصوتٍ متعبٍ وهو يتّجِه نحوَ الستارةِ ليفتحها .. مُكمِلاً وهو يتَطَلّعُ إليْها ...
- لقد أذن الظُهر منذ فترةٍ يا أندلس ...
لمْ يرَ شطر انفعالٍ منها ... ظلتْ جامدة وكأنه لم يتكلم معها أبدًا .. تنّهدَ بنفادِ صبرٍ وهو يقترب منها ليجلس بجوارِها على طرف السرير ..... قائلاً بصوتٍ أجش ...
- ما زلتِ مكتئبة !؟ ( وهزّ رأسَهُ متسائلاً ليُرْدف بنبرةٍ ضعيفة ) ظننتُ أنكِ تحسّنتِ بعَدم رؤيتي تقريبًا منذ فترة ...
وكانت تدْخُلُ في نوبةٍ جديدةٍ مملةٍ من البكاء ... بدت له دون سببٍ ... أما هِيَ فشعرتْ بأنها تريد أن تلكمه بقسوةٍ لكي يعي حقيقةَ أنه ما زاد حالتها سوى سوءًا بجفائه خلال اليومين الماضيين ... وكأنّ غيابها عن حياته أمر عاديّ يمكن التعايش معه بسهولة .... جزءٌ ما منها أخبَرَها بأنه الواقع ..... أما الجزءُ الآخر فكاد يجنّ رسميًا من مجردِ التفكير بالأمر على هذا النحو ..
- أندَلُس لقد نـفِـد صبري وانتهى الأمر ... قولي الآن شيئًا .. ( وردد بنبرةٍ حادة ) الآن ...
ليتَ الأمرَ سهلٌ يا آدم حتى أقوله الآن ........... نفِدَ صبرُك .. ؟؟؟؟ لقد نفِدَتْ مني الحياةُ كلها يا رجل !!
صعب .. الأمر صعب ... ليسَ مِنَ السهل قوُله وكأنه موجز من الأخبار .. كما أنّه غاضب وهذا واضحٌ من وجهه الذي أثارَ خوْفَها مُجددًا ..
صمتُها ومَظهَرُها الهشّ بمنامة قطنية بيضاءَ بحمالاتٍ رفيعةٍ وشعـرها الذي عقصته فوق رأسِها بإهمال لتتواثَبَ شعيراتٌ صغيرةٌ متمردة حولَ وجهها بفعـل نسمةٍ صيفيّة تسللت من الشباكِ ... إعراضُها عنه وهو يرغب بشدةٍ بتوديعِها على طريقتِه ... كل ذلك ما كان ليزيدَ غضبَه سوى عنفوانًا وشدة ...
- ابقي صامتة ..... كالجماد ... أما أنا فسأحضر حقيبتي لأن طائرتي ستقلِع مساءً ...
نــــــــــــــــــــعـــ ــــــــــــــــم !!!!!!!!!!!!!!!!
وكانت ملامِح وجهها تدورُ اندهاشًا بشكلٍ مثيرٍ للضحك ...... ستقلع مساءً !! يا الله " ورفعتْ يديها تمسَحُ دمعات هبطن ساحقات ماحقاتٍ على صفحةِ خدها ".... كيف يأتي بكل عينٍ قويةٍ لكي يقولَ لها أنه مسافر و طائرته ستقلع مساءً قـبْلَ إقلاعها بساعاتٍ قليلات ... كم هو قاسٍ وأنانيّ ......
كانت تتوقّع أنْ تكونَ نبرَتُها حادّة كالسيف ... ثقيلةً ثقيلة على مسمعها قبل مسمعه ... إلا أنها كانت هزيلةً كإحساسها بكلِ شيء الآن ..
- ومتى كنت تنوي إخباري !
أجابَها وهو يتحاشى النظر إليها .. ناهضًا من فوْرِه صوبَ الخزانةِ بحركاتٍ يائسة ليـُخرج منها حقيبة سفره الصغيرة بصوتٍ يملؤه الأسف ....
- كنت أودّ إخبارك منذ أيام ... لكنّك كنتِ في حالة يرثى لها ... كما أنكِ كنت تصدّين عني بكلِ قوّتك ... وأنا كدتُ أجنّ لأعرِف السبب ... أما أنتِ فكنتِ ترمين بصركِ إليّ بطريقةٍ غريبةٍ وكأنك تتعمدين أن تقولي لي بأنك لستِ نائمة وإنما تعاقبينني بأقذع الطرق وأكثرِها إيلامًا ...
وها هو ذا جُرحٌ آخر ينكأ في حشاياها .... جُرح لا يشبه بحالٍ من الأحوال الجراح السابقة التي دُست فيها على مهَل ... جُرْحٌ على الرغمِ مِن حداثتِه إلا أنه فاقَ بوجعه كل الجراح القديمة .....
ماذا تفعل ... ما الذي يفترض بها أن تفعَله ... إنه يجهـّز حقيبة سفرِه بالفعل ... وهي لا تعرف شيئًا عن وجهته ... كما أنّه يبدو متعبًا جدًا ووضعُهُ الصحي يؤرقها ... قلبُها يتفطّرُ عليه وهي تراه مرهقًا بهذا الشكلِ الذي دقّ فيها ناقوس الخَطر ...
وجدت نفسَها تنهَضُ لكي تساعده في تجهيز حقيبَتِه بتلقائية ... إلا أنّ جسدَها خانَها فكادت تسقُطُ على الأرض لتتلقّفَها يداه ... وسرعان ما أعادها إلى السرير ساندًا إياها وهي تخورُ مجدّدًا ...
يا الله لم يسبق لها أن بكتْ بتلك الوفرة من قبل .. دموعها التي سقطت في الأيام القليلةِ الماضية كفيلةٌ بأن تحلّ مشكلة نقصِ المياه في العالم !!! ... حتى هي سئمت دموعها التي تنسابُ بلا كلل أو ملل ... كادت تموتُ وهي تشعُر بألمٍ حقيقيّ يعتصر بطنَها ... لتشدّ على شفتها السفلى في محاولةٍ للتخفيف من الوجع .... دون أدنى فائدة ....
صوتُ ارتطامِ حقيبته بالأرضِ أفزَعها .... لترى آدم بعدها وهو يتقدّم نحوَها ببؤس كبيرٍ ليجلس على الأرض مستندًا على حافةِ السرير بحيث يكون مقابلاً لها ... لتركّز بصرها على شعره الطويل نسبيًا والذي لطالما كان مرتعًا لأنامِلِها تعبث فيه ... كان أشعثًا بشكلٍ سحقَ ما تبقى فيها من رمق وهو يستنجدها بطريقةٍ ما لكي تلمسه ... من ناحيةٍ كان " لاكتئابها " كل الأثر عليه .. إضافة لضغوطات عملِه الكبيرة التي تكالبت فوقَ رأسِه لينجزها حتى يستطيع أخذ إجازةٍ قصيرةٍ لمدة أسبوع ... حتى صديقُه الذي عرَفَ من أخيه بعد مكالمةٍ أجراها معه مؤخرًا أنه يلفظ أنفاسَه الأخيرة ..
لأولِ مرةٍ رأته ضعيفًا ... هشا .. تمامًا كما هي ... وكأنهما انتهيا معًا في ذات الوقت .. ليعيش كلٌ منهم الضراء على حدةٍ في آن !!
نظَرَ إليْها بعينٍ متعَطشة ... ليلفظَ نفَسًا قبلَ أن يمُد يدَهُ ليحتضن يدها الناعمة محرّكًا إياها ببطءٍ على وجهه وكأنه يرغب بأنْ يعبّ منها أكبر قدرٍ ممكن ... معبّرًا بذلك عن اشتياقه لملمس أصابعها الحريريّ على بشرتِه ... أخيرًا قال " مستعْطِفًا " بقمةِ العجز ...
- " مشان الله " ....
وأخذ يُقبّل يدها بعاطفةٍ مثيرةٍ للشفقةِ لكي يُشعِرها بخوْفِه الحقيقيّ وهو الذي ما اعتاد رؤيتها على ذلك الحال قط .. لكيْ ترحمه لأنه لن يستطيع أنْ يُسافِر وهو يراها ذابلةً بهذا الشكل .... ذاويةً بهذا القدر المعذب له قبل لها ....
- إن كنتِ تحملينَ في قلبكِ ذرةَ معزةٍ لي فقولي الآن ولا تتركيني أجَن .. ما الذي جرى لكِ ؟ .....
كلامُه بذاك الشجنِ العميق قطّع قلبَها .... اعتصَرَهُ ليتركه قطعةً باليةً غادَرتها دماؤها بلا شفقةٍ ... لمْ تكن تتوقّع مُطلقًا أن يكون لآدم ذات التأثيرِ عليها بعد كلِّ ما حصل ... لمْ تتوقّع أبدًا أن يُشعِرها كلامُهُ بأنها الظالمةُ لا هو .... وبتلقائيةٍ كانت تمُدّ يدَها نــحو حقيبة يدها التي استقرّت على المنضدةِ الصغيرة المجاورةِ للسرير وصبرُها يوَدّعها بلا رجعة ...
بأسىً و بعرضٍ بطيءٍ كانت تفتح حقيبتَها تحت أنظارِه المتسائلة لتـُخرِجَ لهُ تلك الكرة المجعدة ذاتها .... نظَرَتْ إليْها أخيرًا نظرةً متألّمة قبلَ أن تبسُطَ راحتَهُ لتضعها فيها وتحكم من بعدُ قبضتَه حولَها .... أنظاره التي أوْصلتْ إليْها أنه لمْ يفهَم شيئًا جعلتْ لسانَها ينطَلِق لتتكلم بتهكميةٍ بائسة جعلتْ قلبَهُ يهبط في أخمص قدميه ...
- افتَحْها .......... كل ما أنا فيهِ سببُه صورة ... ( وأكملتْ بتهدج ) لا بدّ أنك تريد ذبحي الآن على سخافتي ! ... أليس كذلك ؟
ما إنْ أنهت كلمتَها حتى أشاحتْ رأسها عنه لثوانٍ ... لترى بعد ذلك وجهه يمتقع امتقاعًا شديدًا ... يحمرُ حتى أنّها لمْ تكد تتبيّن ملامحه .. ليغمضَ عينيه بعد ذلك أسَفًا وكأنه يرفض استرجاع الذكرى ..
ما حصَل بعد ذلك لمْ يكُن ذا أهميةٍ ... إذ أنّه ظل صامتًا لنصفِ ساعةٍ ربما ... نصفُ ساعةٍ مرت مرورًا ثقيلاً ومع ذلك سرعان ما انتهت ... فكلٌ منهما كان يحتاج وقتًا إضافيًا ليفكّر فيه أكثر ... ليبحث فيه عن الكلمة المناسبة والفعل الأنسبِ لظرفٍ كهذا حتى لا يخرجا منه خاسريْن ...
آدم كان لا يزال تحت تأثير الصدمة .... عقلُه الذي كان يعصِف بألف فكرةٍ وفكرةٍ ما كان ليصلَ إلى هذه النقطةِ بالذات ... ربما أملاً فحسب .... لكنّها عندما صارت واقعًا .. بدتْ لهُ أشبَهَ بالخيال .... الأمر لا يتوقّفُ على الماضي الذي وإن كان جميلاً إلا أنّه انتهى نهايةً مؤسفة ....... انتهى ... إنما على مدى تقبّلها له وتصديقِها لكل كلمةٍ سيقولها بادئ ذي بدء ! ليفكّر أخيرًا ... هل ستصدّقُ إحساسَهُ .. إحساسه الذي يصرُخُ فيه بملء فمِه أنه يحبُ الآن امرأة واحدة .... تدعى " أندلس " وأنه أخلص لها بكلِ كيانه .. أصلاً لا يرى سواها في كلّ النساء ...
انقشاعُ أندلس القديمة .... المرِحة القوية بتلك الطريقةِ القاسية ليحتلها البؤس والضعف .. كان يؤكد له أن الأمر لن يمر مرور الكرام ... وأنّه ربما سيستغرق من الوقتِ زمنًا قبل أن تستطيعَ مسامَحتَه على إقحامِها في ماضيهِ دون استئذان .. على فرْضِ " آدم " المختلف كليًا عما عرفت أو توقّعتْ أن تعرف عليْها .... دون أنْ يعطيَها الخــَـيار لتقبله أو عدمه ...
نظرُهُ الذي زاغَ لوهلةٍ صوْبَ حقيبَته الفارغة تقريبًا صفَعَهُ بحقيقةِ أنّ سفرَه قد اقتَربَ ساعةً أخرى دون أن يجهّز حقيبَتَه بعد ... وبإرهاقٍ بالغٍ كان يمسّد جبهته ليقول بوجهٍ بعَجَه الإيقاع السريعُ غير المنتظم لحياتِه فجأة بعدَ أن وجّه نظره لأندلس ليجد وجهها فارغًا من كلِ ما يمتّ للحياةِ بِصلة ! ...
- لا يُمكن مناقشةُ الأمر بساعةٍ أو اثنتيْن فسفري سيكون الليلة ... ثقي أنني سأكون موْجودًا لأجيب عنْ كلِ تساؤلاتِكِ فور أن أعود ... رحلتي ستستغرق أقل من أسبوع ... أربعة أيامٍ ربّما ... وريثما أرجِع .... أرجوكِ لا تفكّري بأي شيء ... ( ورفع حاجبًا لينحي وجهه بتلقائية قائلاً بواقعية ) من المستحيل ألا تفكري ؛ لذا فقط حاولي أن تمنحيني عذرًا ... أو ....... تجهّزي نفسيًا لتقبّل الأمر فحسب ..
كلمةٌ " تجهزي نفسيًا لتقبّل الأمر " كانت ملحًا هيّج فيها مواطن الوجَع وكأنه يخبرها بأن ما حصل واقع ... وأن عليها أن تقبله شاءت أم أبت .. لتقولَ لهُ بملءِ صوتِها وكأنما استفاقـت فيها كل المشاعِر فجأة ...
- لن أتجهّز لقبول أي شيء .... لا في الأربعةِ أيامٍ القادمة ولا في أي زمنٍ لاحق .... لقد خدعتني ... استغفلتني يا رجل وأنا كنتُ كالمراهقةِ الغبيةِ بين يديك .. غسَلتَ دماغي بكلامك المعسولِ حتى ظننتـك الرجل الملاك الوحيد على الأرض .. لا وتنعتُني بألقاب ما خطرت على قلب بشر .... وأنا كالخرقاء ما دريتُ بأنك تدرّبتَ على هذا الكلامِ كثيرًا من قبلُ مع غيري .. أتدري كم تساءَلْتُ عن الطريقةِ التي تستدرُ فيها الكلام ... وأنا أقف عاجزةً كالبلهاءِ ذائبةً بحُلوِ كلامِك .. لأكتشف فجأة ( وفرقعت بأصابعها ) كوميضٍ التمع كالبرقِ أن كلامك ما كان مرتجلاً قط .... أي وقاحةٍ تلك ...... ( ونكّستْ رأسها تقولُ باستدراكٍ ونبرة انخفضت في أشدِ حالاتها فقدًا ) .................. أي خسارةٍ تلك !
وَكممتْ فمها بيدٍ مرتجفةٍ رفضًا لأنْ يرى مدى ضعفِها ودموعُها تنهَمِرُ انهِمارَ وابلٍ صيّب ... وبعدَ ذلك .... لمْ تقُل أي كلمةٍ وتركت لحالتِها المستاءة أن توصِلَ إليهِ كل المعاني التي نطقَ جسدُها بها .... تمامًا كما فعَلَ هُو ... لِينصرِف أخيرًا صوب حقيبتِه ليجهزها بحركاتِ رجلٍ آليّ ملاحظًا عينيها اللتين كانتا تزوغان نحوَه بين حينٍ وآخر بعدم تصديق ..... وكأنها ما توقعت سكوتَه اللئيم ذاك ... ما توقّعت بحالٍ من الأحوال أن يستمِرّ بما كان يفعله و كأنها ما فجّرت لتوّها قنبلة الموسم ..... وما توقّعت أن ينضَحَ وجهه بذاك الكم من المرارة ... وكأنه هو الذي صُفِعَ من هوْلِ الصدمة ....
كانت منشغِلةً بنفسِها .... تُبلوِرُ فكرةَ أنها الضحية ....... الفكرةُ التي لطالما وقفت منها موقف المعارِض .... الفكرة التي كانت تشمئز من تمسكِ أحدِهِم بها بدَلاً من فعلِ أيّ شيء أكثر قيمةً ... غيرَ سامحةٍ لنفسِها بأن تفكّر ولو لحظةً باختلاقِ أي عذرٍ له ... ومع ذلك ما كان أحدهم ليلومَها ... من ناحيةٍ كانت صدمتُها لا تزال في أوّلِها وإنْ مضى على معرفتِها بالأمر أيام .. ومن ناحيةٍ أخرى كان وجعُها حاضرًا فيها بكامِلِ سطوَتِه فلم تعد قادرة على الاحتمال .....
مرّ بِها الوقت وهي لا تدري إن كان كلّ ما حصل ويحصُل مجردَ كابوسٍ أو واقعٍ تمخّض عنهُ ألمها ... مرّ بها الوقتُ وهي تراهُ أمامَها يتحرّك بلا روحٍ البتة وهي في أتمّ عجزِها عن مساعدتِه .. يا الله .... حتى فكرة أنها سببتْ له قليلاً من وجعٍ تثير فيها الكراهية تجاه نفسِها إلى أبعدِ حدّ ... كيف يمكن أنْ تكون بذلك الغباء ! كيف يمكن أن تستشر فيها تلك الرغبةُ المعتوهةُ بإزالةِ كل مسحاتِ التعب عن وجهه .... بمنحِه نفسَها دون أن تفكّر بعقلانيةٍ .. وهي التي لم تصدّق أبدًا بأنه سيسافر حتى وهي تراهُ يُحكم إغلاق حقيبتِه الصغيرة ... لينزِلها عن السرير الذي وضعها عليه ريثما ينهي تجهيزها .. محرّكًا إياها خارجًا من الغرفةِ واضعها قريبًا من باب بيتِهم ....
عاد ليدخل إلى الغرفة مجددًا ... وإحساسُه بأن عليهِ أنْ يودّعها الآن يكاد يعتصِره .. يسحَقُه بقبضةٍ من حديد .... فوداعها كان سيكون صعبًا في وضعٍ طبيعيّ ... فما بالك الآن وهو سيترُكها خلفه صريعةً لأفكارِها – المحقةِ فيها – والتي ستأخذها إلى أبعدَ بكثيرٍ من الحقيقة .. الحقيقةُ التي بدت له الآن ضئيلة جدًا ... وتافهةً جدًا جدًا أمام احتماليّة أنْ لا تسامِحَهُ على كتمانِها عنها وفرضِها عليْها ....
لأولِ مرةٍ وجَدَ نفسَهُ يستعرضُ شريطَ أحداثِ حياتِه الزخِم بترتيبٍ عجيبٍ دون أنْ يُغفِلَ شيئًا ..... ليلومَ نفسَهُ بحسرةٍ كما لم يفعل من قبلُ على العذابِ الذي سببَهُ لنفسِه قبلَ أيّ شيء ولأجل لا شيء .. عندما وجَدَ أن ما أخفاهُ كان عاديًا جدًا ويمكِنُ تقبّله .. لام نفسه على العذاب الذي سببه لفتاتِه الحبيبة .. وحتى لأمِه التي لن تتجاوزَ فكرة زواجِه بأخرى في الماضي بسهولةٍ بعد كل تلك المدة ... أما أخوه .... فسيرى فيه قدوةً جوفاء ... لا معنى أبدًا لكل القيمِ التي صدَحَتْ بها على مسمعه ... ما الذي فعَلتَهُ بنفسِك يا آدم ........ كيف جنيتَ على نفسِكَ بتلك الطريقة ....
لو كان يعرِف بأن الأمر سيؤول إلى ما آلَ إليه .. بأنّها ستعرفُ حقيقة زواجه بأخرى ما كانَ ليصمت ... ما كان ليضع نفسَه في موقِع الخَجِل .... مفكّرًا بأننا كلنا كبشرٍ عندما نقفُ أمام ماضينا -وإن كان عاديًا -... نشعُر بالخِزي ... وغالبًا لأجلِ لا سبب .... نصمِتُ خوفًا من " العار " ... نتقوقَعُ في شرنقةٍ لا قِبَل لنا باحتمالِ مساحتها الضيقة .... تمامًا كما يشعُرُ الآن بالخزي وهو يرى وجهها الذي يضجُ غضبًا ليرسِلَ إليه رسالة مفادُها " لا أمل " ...
ما كان ضرّك لو قلتَ لها أنك تزوّجت في الماضي يا آدم .... مِنْ فتاةٍ عربية ما فقِهت من العربيةِ شيئًا ... أنكما عشتما معًا حياة هادئةً لمدةٍ قصيرةٍ قبلَ أن يعودَ طيفُ حبيبَتِك لملاحقتِكَ في كل مرةٍ كنت ترى فيها وجهها الأسمر... منْ كانَ يظنّ أن " أندلس " .... الجالسةُ أمامك بقمةِ ضعفِها كانت سببًا في أولِ خلافٍ نشب بينكما ... وفي آخِر خلافٍ أيضًا .... مَنْ كان يظنّ أنها هي .. حتى قبلَ أنْ تدخُلَ حياتَك بالمعنى الحقيقيّ كانت تعتقِلُ أفكارَك .. تقيّدك بأغلالِ عينيها الكحيلتيْن .. وأنك بطريقةٍ ما لن تستطيع مسامَحتَها على الوحشيّةِ التي سلبتْ لبك فيها لتستلم دفةَ قيادةِ حياتِك دون أن تعرفَ .. حتى ما عدتَ قادرًا على التفكيرِ تفكيرًا سليمًا .... لدرجةِ أنك عندما رأيتها مجددًا بعد عامين كامليْن صرت مستعدًّا لبذلِ أيّ شيءٍ في سبيل حصولك عليْها ... وإنْ كان عذاب ضميرِك في المقابل ....
رنينُ هاتِـفه أيقَظَه من غمرة أفكاره ... كانت المتصلةُ والدته التي ودّعَتْه مجددًا بنبرةٍ باكية ... لتستفيقَ أندلس على صوتِه الذي قطَعَ سكون المكانِ بطريقةٍ هادئة ... سمعتْهُ يقول " أمي ... لن أطيل مكوثي ... قلتُ لكِ لأربعة أيامٍ فقط ... "
*
نظرةٌ ألقتها إلى النافذةِ نجحتْ بجعلها تدركُ أن سطوع الشمسِ يخفُ تدريجيًا ... لذا هبّت تصلي العصرَ قبلَ أن يغادرها موعد الصلاة ...... بعدَها .. عادت إلى الغرفة .... كانت قد تماسَكتْ بعض الشيء بعدَ أنْ تضرّعت إلى ربّها بأنْ يساعِدَها في مِحنتِها ... أن يمدّها بالقوةِ لكي تتخذ قرارًا لا تندمُ عليهِ لاحقًا ... رأتْه مبدّلا هندامَه فعرفتْ أنه سيُغادِرُ الآن ....
لمْ تدرِ ما الذي يفترض بها فعله الآن .... أتودّعُهُ أم لا ... أتحتَضِنُه كما ترغبُ وبشدةٍ أم لا ...... أم تقولُ له فقط أنه خَذَلَها .....
كل الاحتمالاتِ لمْ تبدُ لها ذاتَ أهميةٍ إذ من الواضح أنه اتّخذ قرارَهُ بالفِعل إزاءَ الموقف ..... ولذا كان يتوَجّه نحوَها بعزمٍ أكيد .... غاضًا طرفَهُ عن مشاعِرِها جملةً .. احتَضَنَها بكل قسوة ... بكلّ سطوةٍ .. حتى شعرتْ به يعتصِرها ... وكأنما أراد أنْ يقولَ لها أنها له .. شاءت أم أبت ..
بقوةٍ تدفقتْ فيها من لا مكان ... دفعتْه عنها فابتَعَد .. حتى فصلت بينهما مسافةٌ ما ... ليقولَ أخيرًا بنبرةٍ ثابتةٍ واثقةٍ أشدّ الثقة ... وكأنما مدّه ذاك العناقُ بكلِ ما يحتاجُ حتى يعودَ إلى آدم المحنّك ... آدم الذي لطالما عرف كيف يتصرف في كل شؤونه ...
- أندلس ..... أنتِ غالية ... غالية جدًا ... و واللهِ ما كنتُ لأفرّطَ فيكِ بالمرة .. لا في الماضي ... ولا الآن ، الأمرُ أيسَرُ بكثيرٍ مما تتخيّلين ... أعرِف أنك صُدمتي ... وشعرتِ نحوي بالخذلان .. لكنني أؤكد لكِ أنني عندما أخبركِ بكل شيء ستجدينَ فُسحةً لمسامحتي .... كل ما أريده منكِ الآن أنْ تؤمني بي ( وأكمَلَ برجاءٍ وهو يقتَرِبُ منها ) فقط انتظريني ... لأربعة أيامٍ ... ( وهمَسَ بقربِ أذنها متوسّلاً بنبرةٍ ضعيفة ) أرجوكِ ..... لا تقسي على نفسكِ بهذا الشكل .. جسدكِ ضعيف .. ولن يحتمِل عزفكِ عن الطعام ..................... أرجوكِ ... أنتِ تجعلينني أشعر بأنني أحقر إنسانٍ في الدنيا ما إن أراكِ تعانين .... واللهِ لا أحد يستحق أن تعاني لأجله ... ( وثبتَ بصره على عينيْها قائلا ) اتفقنا ؟
ردّها كان إيماءَات عديدةٍ أقرت كلامه ... لا لأنه أثار " شفقَتها " بنبرتِه المنتهية فحسب ... وإنما لأنه أقنَعَها بكلامِه أيما إقناع ! حقًا هو صادق ... لا أحد يستحقُ أن تعاني لأجله وإن كان ذلك الأحدُ " آدم " ... حياتُها وعمرها !
ومع ذلك ...... ما إن توارى خلف الباب حتى ازدادت حالتها سوءًا عن ذي قبل .. وكل ما قالَه يذهبُ أدراج الرياح .... تفرّست في الغرفة لتجدها فارغةً من حِسّه فأخذت تبكي بهستيرية كما لمْ تفعل من قبلُ وهي تعي حقيقة أنه قد غادَرَ بالفعل ...
شعرتْ بأنها فقدتْ إحساسَها بكل أعضائها لدرجةٍ أحستْ معَهَا بالخطر ... فما كان منها إلا أنْ بحثتْ بعينِها عن هاتفها بغريزةٍ للبقاء ....... وجدتْهُ وبأنامل منهكةٍ كانت تبحثُ عن رقمٍ ما ....

*

يتبع ..



التعديل الأخير تم بواسطة هبة ; 12-07-12 الساعة 09:03 PM
raghad165 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-12, 08:14 PM   #1268

raghad165

نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية raghad165

? العضوٌ??? » 80695
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 5,014
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » raghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   al-rabie
¬» قناتك NGA
?? ??? ~
جُل ما عظّمه في عينيَّ • صِـغر الدنيا في عيـنيــــه =))
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

*


- شادن .... أنا متعبة ......... تعاليْ بسرعة ....... ولا تحضِري معكِ أحدًا ...



كلماتٌ مقتضبات قالتْهنّ أندلس نزلنَ كالصواعق على رأس شادن .... نبرتُها لوَحدِها أثارتْ رعشةَ الخوف في أوصالِها ... أما فحوى كلامِها فكان كفيلاً بجعلِها تشهق بعدم تصديقٍ مرددة " أندلس " بمعنى أنها تريد معرفة المزيد .. إلا أنها فوجئت بانقطاع الاتصال ......
شعــرت بأطرافها تعقد لتقف مكتوفة اليدين ... يجب أن تخرج الآن لترى أندلس فهي بالكاد تستطيع التقاط نفسِها مِنْ خوفها عليها ... وعلى الجانب الأخر لا تستطيع ترك طفليْها وحيديْن إلى حينِ عودتها ... ومؤكدٌ الوضع لا يحتمل أن تأخذهما معها .... ماذا ستفعل ؟
كانت على عجالى من أمرِها فلم تجِد أمامَها سوى أن تتصل بأوس .... مع أنّ ذلك كان شديدًا على نفسِها إلا أنه لا خيار أمامَها سواه ....
أوْس الذي رأى اسم " شادن " ظاهرًا على هاتفِه لمْ يصدّق أنها تتصل حقًا به .... بعد كل هذه المدة من الانقطاع التامِ بينَهما ... حتى عندما كانا في خصامِهِما الأخير كانت تردُ عليهِ في حالِ اتصل بها ... أما الآن فهي لا تكلمّه مُطلَقًا في البيتِ ولا ترد على اتصالاتِه التي توقّف عنها بعد شهرٍ من هدران الكرامة ... وكأن شهرًا من الانقطاع الكامل ما كفاه ليتعلّم فعليًا الدرس .. خصامهما الآن تجاوز شهرَهُ الرابع ... وصبره بدأ ينفد إن لم يكن قد نفد بالفعل .. للحظةٍ تناسى كل شيءٍ وهاتفه يلحّ عليْهِ لكي يردّ مما أثار فيه قلقاً من أن مكروهًا أصابها أو أصاب عليْ أو نور .... ردّ بلهفةٍ ..
- شادن ؟!!
باقتضابٍ شديدٍ ردّت وبنبرةٍ جادةٍ : - يجبُ أنْ أخرج حالاً من البيت فعُد لتجلس مع علي ونور ريثما أعود ... لا تتأخر .. أنتظِرُك ....
وأنهت الاتصال .... كلامُها أثار غَضَبَه الشديد .... السيدة زمرد تريد أن تخرج ! يا الله .... كم هو أمرٌ مهمٌ جعَلَ نبضَه سيتوقّفُ وهو يتخيل الأسوأ .... على الرغمِ من ذلك كان بتلقائية يتوجّه صوب المدير ليأخذ إجازة لبقيةِ اليوم عائدًا إلى البيت ...
فتَحَ باب البيتِ ليفاجأ بأنها تنتظره عنده وقد ارتدت ثيابها فعليًا وهمّتْ بالخروج غير متكرّمةٍ عليه بـأي تفصيلٍ عن وجهتها المهمّة التي جعلتْه ينصرف من العمل ليجلس مع طفليْه ! مع ذلك بدتْ له خائفة ... أما وجهها فغادرته الدماء فبدا ذابلاً ... ليتساءَل عن مدى جدية الأمر .... وما إن أنهى تساؤله الذهنيّ حتى نظَرَ إلى الدرجِ فوجد أنها قد غادرت مسرعةً كالريح !

شادن التي رنت الجرس مرتيْن دون جدوى فتلتْ عتلة الباب بتلقائيةٍ فحمدت الله أنه كان مفتوحًا ... لتصطدم بهدوءٍ شديدٍ مخيّمٍ على المكان ... هدوءٌ أسرى فيها خوفًا مضاعفًا ... أخذت تنادي بـ " أندلس " على وَجَل ... وفكرةُ أنّها لمْ تردّ جعلتْ قدماها تخورانِ في أرضهما ... بحثت في الغـُرف القليلة المكوّنةِ لهذه الشقةِ الأنيقة الدافئة فوجدتها أخيرًا في غرفة النوم ولكن بحالٍ يرثى لها ....
رأتْها تجلسُ على الأرض .. تحتضِنُ وسادةً ما ... تنكّسُ رأسَها في ذهولٍ تام ... أما عيناها فكانتا تذرفان دموعَ الفقدِ بطريقةٍ أذابتْ قلبَها .....
هرعتْ نَحوَها ... خاطبَتْها بأندلس عدة مراتٍ بنبرةٍ خفيفةٍ لكي لا تـُفزِعَها ... إلا أنها لمْ تلقَ استجابةً مما دفعها لتهزّها برفقٍ موقِظةً إياها من شرودها .... بكاؤها صارَ مسموعًا .... مما أثار جنونها لتعرِف أي شيءٍ .... وكأن أندلس عرفتْ برغبتِها كانت تقولُ بصوتٍ غـــــائب بالكاد سمعته ...
- لقد سافرَ يا شادن .......
وأجهشتْ بالبكاءِ على صدر شادن لتتلقفها بحنان ......
صوتُ رنينِ هاتف أندلس أيقظَ شادن من غمرةِ إحساسِها بالألمِ لأجل أختها التي اتضحَ لها مِنْ كلامِها أنّ سفرَ زوجها ما كان في ظروفٍ عاديةٍ قط ... .... نبّهتها إلى رنينِه فما رَفّ لأندلس جفن ...
لا تدري كيف أبعدَتْ أندلس عن صدرِها ولا كيف صار الهاتِفُ بيدِها .... المهمّ أنها قطبتْ حاجبيْها استغرابًا ...
- أندلس إنه آدم .... رنّ لثماني مراتٍ دون أن تردي عليه !
راقبتْ انفعال أختِها الذي كان صمتًا ... خرقَتْهُ عدة شهَقاتٍ متواترة ... لتفورَ فيها الدماءُ مجددًا وهي في أتم استعدادها لتدفع نصفَ عمرِها مقابِلَ أنْ تعرفَ شيئًا بدلاً من وقوفها هنا كالأطرش في الزفة .... قالت بحزمٍ ...
- أندلس .... أريدُ أنْ أعرف الآن ... ما الذي حَصَل ... لمَ أنتِ منتهيةٌ بهذا الشكل ! ولمَ لا تردّين على آدم ....
ما إن أنهت سؤالها حتى ارتفع رنين الهاتف مجددًا ... نظرتْ إليه وهو يهتزّ ثم أعادت نظرها إلى أندلس لتجد لا تغيير على ملامِحِها إطلاقًا وكأنها ما سمعتْ تساؤلاتِها لتوّها .... سرعانَ ما تحرّكت شادن نحو الهاتف وهي تكاد تفقد صبرَها كليًا من أختها التي تراها غريبةً هكذا لأول مرة ....
في ظروفٍ عادية كانت لتتقبّل عدم رد أندلس على زوجِها ... لكنّ رؤيتَها على تلك الحالةِ المزرية ... نكأت كل جراحِها في آن ... تمسُكُ آدمَ بالحديثِ مع أندلس إلى تلكَ الدرجة جعَـلها تعقدُ مقارنةً فوريةً بين الطريقة التي تنتهي بها مهاترات آدم مع أندلس ومهاتراتُها مع أوس .... فآدم لا يدّخر جهدًا في المصالَحة .... أما أوس .. فينتَظِرُ كل الوقت .... عادي ، ولا يشكل ذلك فرقًا لديه !
استشاطتْ غضبًا مِنْ فكرةِ أنه ما زال يرنّ عليها وهي لا تحرّك ساكنًا ... فألفتْ نفسها تمسكُ هاتف أندلس وتضغطُ زرّ الرد ...
آدم الذي تفاجأ أولاً بردّها الذي ما توقّعه ... تفاجأ ثانيًا من صوتِ شادن الذي استقـبله .. ليذهب فكرُهُ نحو الأسوأ .... قالَ بهلع ...
- هل هي بخير ؟ لمَ رددتِ عنْها ...
قالت مُطَمئنة : - إنها جيدة آدم .... ( وأكملت بحزمٍ وهي تتجه إلى طرفٍ من أطرافِ الغرفة مكممةً فمها لكي لا تسمعها أندلس ) لا أدري ما الذي جرى بينكما .... لكنّ حالتَها حتمًا لا تبشّر بالخير .... إنها تبكي منذ وصلتُ إليْها .. وترفض قطعًا الحديث ... ما قالت سوى أنك سافرت .. لقد عُقدَتْ يداي ولا أدري ما أفعَلُ لها ... أخشى أن تفقدَ وعيَها بعد قليلٍ فوجهها شاحبٌ كما لم يبدُ من قبل .....
كلام شادن جاءه كالسهام ليَختَرِقَ كيانَهُ المكلومَ ... طلبَ منها أن تتوجّه نحو أندلس لتعطيها الهاتف ... هلَعُهُ تزايدَ لمّا سمِعَ صراخًا مفاجئًا " أقفلي الهاتف .... لا أريدُ سماع صوتِه ..... أقفِليه "
قال لشادن برجاءٍ :- شادن أرجوكِ .... اضغطي زر السماعةِ الخارجيّة ....
استجابت شادن لطلبِه ...... فجاءَ صوتُه لمسمعِ أندَلس " سلامًا " بطريقةٍ لم تتخيّلها ... استكانَ ألمُها وهي تسمَعُ صوته الشجيّ يقولُ بحزنٍ تسلل لنبرتِه ...
- أندا .... لا تحمّليني ما لا أطيق .... عِديني أنكِ ستكونين بخير ... كوني عند اتفاقنا أرجوكِ ..... أربعة أيامٍ فقط ................................ ( وَصَمتْ حتى ظنّتْ شادن أنه أنهى المُكالمة .. ليقول أخيرًا بصوتٍ دافئٍ صادقٍ ) .......................... أحبكِ ...... جدًا .

*

ما إن أنهى الاتصال حتى صَرَخت بها شادن بتأنيبٍ شديد اللهجة بعد أن رفعتْ رأسها عن الهاتِـف لترى أندلس وهي تكتمُ نشيجها بطريقةٍ آلمَتْها هي شخصيًا ... إذ كانت قبضتُها اليسرى قد استقرّت أمام فمِها لتعضّ على سبابتِها حتى كادت تفتكُ بها دون أنْ تشعُر وهي تهزّ جذعَها بآليةٍ ....
" كفي عن هذا الغباء ....... أيًا ما حصل بينكما .. فهو لا يستحقُ ما تفعلينَه بنفسِك .... قال أنّه يحبّك ألا يكفيكِ هذا ..... أتعرفين عدد النسوة اللواتي يتمنّين زوجًا كزوجكِ .. بينما أنتِ لا تقدّرين النعمةَ التي بينَ يديْكِ .... لا تظني أبدًا بأنّك الوحيدة التي تعاني على وجه الأرض إثرَ سجالٍ عاديّ بينكما ... معاناتكِ الخرقاء هذه لا معنى لها أمام معاناة الناس الحقيقية ! ... هذا وليس لديكِ أطفالٌ بعد .. ماذا ستفعلينَ في المستقبل إن اعترضتكِ مشكلة حقيقية ها !!!!!!! "
في خضمّ كل أحاسيسها .. كان كلامُ شادن اللازم تمامًا لها لتستيْقِظ ... نظَرَتْ إليْها بعينين وسّعهما برقُ الذهولِ الذي سطع منهما فجأةً ....... " هذا وليسَ لديكِ أطفالٌ بعد " هذه الكلمة نجحت بصفْعِها ... باختراقِ رأسِها غاضّة طرفها عن امتلائه بالفِعل بالأفكار المضنية ... لتسأل شادن سؤالاً بدا لها في لَمْحةٍ اختصارُ كل الدنيا ...
- كم التاريخ اليوم ؟
الإجابةُ التي أجابتْها شادن بها دون أنْ تفهَمَ شيئًا جعلتْها تحرر قبضتها لترفع يدها ممسّدة صدغيْها وهي تضيّقُ عينيْها بعدم تصديق ... بينما نزَلتْ دمعةٌ أخيرةٌ ختمت بها بكاءها لتقولَ باستدراكٍ ....
- يا الله ........ لقدْ مضى أكثر من أسبوع !!!!!!!!!
شادن التي سكتتْ فجأة وابتسامةٌ شقيةٌ ترتسمُ على شفتيْها وَجَدتْ أنها تنظُر إلى أندلس بعينين لمَعَ الفرحُ فيهما ... على إثر نظرتِها تلك كانت أندلس تقول بصدمة .......
- ما الذي فعلتُهُ بنفسي !!! ........
ومع هذا السؤالِ كان التعبُ الشديدُ يطوفُ في جسَدِها مُذكّرًا إياها بالمدةِ الطويلةِ التي بالكاد أكلت فيها شيئًا ... وبالنومِ الذي ضنّتْ على نفسها به حتى خاصمَها منذ يومين وأكثر ... إضافةً لذلك ضميرُها وخزَها إلى الطريقةِ الفِجة التي تعاملت بها مع نفسِها بذاك التطرّف ... اكتساحُ الوجعِ لبطنِها صارَ غير محتمَلٍ ...... وضَعَتْ يدَها عليهِ وهي تقولُ بخوفٍ وهستيريّة لشادن ...
- أريد أن أذهب للطبيب ..... الآن يا شادن ...... ( وأكملتْ برجاء ودمعتُها تكاد تهبطُ دون وقارٍ ) خذيني الآن ... أرجوكِ
شادن التي شعَرتْ بأمَلٍ غريبٍ يسحَقُ كل كآبتِها في الفترةِ الماضية وجدت في كلامِ أندلس عينَ العقل .... حتى تقطَعَ الشكّ باليقين وتطمئن على صحتِها التي بدت لها متدهورةً جدًا ...
اتّصلتْ بفابريغاس حتى يأتي ليأخذهما إلى الطبيبِ لسببين إحداهُما أن لا عملَ لديه ... والآخر أنها وجدت في الموقفِ فرصةً جيدةً للتقريب بين الأخويْن في لحظةٍ حكّمت فيها عقلَها ... وهكذا كان ...
*
كان يشعُر بنفسِ شُعورِ الغُربةِ الذي تسلّلَ إليْهِ عندما سافرَ لعملِه قبل ما يقرب الثلاثة أعوامٍ وهو يجرّ حقيبتَهُ الصغيرةَ في المطار حاملاً بيدِه جواز سفرِه وتذكِـرة طيرانِه ليعطيهما للموظف .. مع أنّ رحلتَهُ هذه لن تستمرّ سوى لأربعةِ أيامٍ فقط ....
إحساسُهُ كان غريبًا جدًا وهو يمدّ تأشيرته .... شعَرَ لوَهلةٍ بأنه إنما يمدّ حياتَه كلها إليه ... يُعطيهِ إياها على مِصراعيْها مودّعًا أمه وأخاه .... و................. أندلس ... بأنه سيشتاقُ إليْهِما بعد ذلك كثيرًا جدًا ......
بعد تفكيرٍ صغيرٍ توصّل إلى أنه مشوشٌ بعضَ الشيء بسبب مشكلتِه الأخيرة ... ليفكّر بأن ذلك الإحساسَ سخيفٌ للغاية وأنّ عليهِ أن لا يشعُر به .. لأنّه سيعودُ بعد أربعةِ أيامٍ ليجدَ أن حياتَهُ على حطةِ يده ... وربّما تكون أندلس قد هدأت .. وبالتالي سيشرح لها كل شيءٍ بهدوء .. ستتقبّله .. ستسامِحُه بعد أنْ يبذل كل شيء في سبيلِ ذلك .. سيخبِرُ والدتَهُ أنه يحبّها فهو لمْ يفعل ذلك منذ مدةٍ ... أما أسد فسيشكُمُه بشدةٍ ... وسيوبّخه لأنه علِمَ من أمِه أنه لا يسيرُ على الطريقِ الصحيح مجددًا ...
تعوّذ باللهِ طاردًا ذلك الهاجِسَ مِنْ عقلِه وهو ينتَظِرُ الموظّف الذي كان يحرك أصابعه على لوحةِ المفاتيحِ الخاصة بحاسوبه .... قبلَ أنْ يصطَدِمَ بملامِحِه التي اختلفتْ وهو يقولُ له بعمليّة ...



- سيد آدم .... اسمكَ على القائمةِ السوداء ... أرجو أنْ تراجِع الإدارة ....




*

انتهى الفصل .. قراءة ممتعة للجميع ..

نلتقي يوم الخميس مع الجزء الثاني من " آخر العهدِ بك "

كونوا على الموعد ..



التعديل الأخير تم بواسطة هبة ; 12-07-12 الساعة 09:04 PM
raghad165 غير متواجد حالياً  
التوقيع
إذا مررتم من هنا، فادعو لي ولوالديّ بالخير والتوفيق والصلاح.


ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
ربّنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلِنا
ربّنا ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به واعفُ عنّا واغفرْ لنا وارحمنا
أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين
رد مع اقتباس
قديم 25-06-12, 08:41 PM   #1269

ماريامار
 
الصورة الرمزية ماريامار

? العضوٌ??? » 138521
?  التسِجيلٌ » Aug 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,028
?  نُقآطِيْ » ماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond reputeماريامار has a reputation beyond repute
افتراضي

رائعه حبنبتي انا داخله من موبايلي بتمنىارد ئالتفصيل ان شاء الله بكرا بس هلا بحب احكيلك اني فعلا متحطمه ما تخيلت هيك ايصير

ماريامار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-12, 09:12 PM   #1270

احمد ابو زيد

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية احمد ابو زيد

? العضوٌ??? » 141761
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,705
?  نُقآطِيْ » احمد ابو زيد has a reputation beyond reputeاحمد ابو زيد has a reputation beyond reputeاحمد ابو زيد has a reputation beyond reputeاحمد ابو زيد has a reputation beyond reputeاحمد ابو زيد has a reputation beyond reputeاحمد ابو زيد has a reputation beyond reputeاحمد ابو زيد has a reputation beyond reputeاحمد ابو زيد has a reputation beyond reputeاحمد ابو زيد has a reputation beyond reputeاحمد ابو زيد has a reputation beyond reputeاحمد ابو زيد has a reputation beyond repute
افتراضي

انا متابع جديد للرواية ولكن منذ قراءتى لها شدتنى لاحداثها واصبحت من المتابعين وانتظر نزول الفصول على احر من الجمر فاسلوبك رائع وقصة الرواية جميلة جدا .... فصل اليوم اكثر من رائع طويل جدااااااااا اعجبنى سردك للحوار الذى يدور داخل نفس اندلس وادم روعة وفى انتظار المواجهة الحتمية بينهم ..... ما الذى فعله ادم ليكون ضمن القائمة السوداء فى انتظارك مع الجزء الثانى يوم الخميس ان شاء الله موفقة دوما ان شاء الله

احمد ابو زيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:56 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.