20-04-12, 09:23 AM | #1 | ||||||||||||
نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء
| أنا أتحدّث .. شكرًا لكم ! ٠•●♥ أقف أمام المرآة ... أتطلع لتلك الروح الخابية ، ولتلك الكلمات التي تأبى أن تـقال ، بينما يخبر جسدي عنّي الكثير ، أنا فقط ... أقترف الصمت لأنني لا أستطيعُ الكلام ... صدقًا أنا أستطيعه .. لكنّ حريةً تنقصني ،. .. يا للسخف ! لِمَ أجدني مضطرةً لأبيّن لكم أنني لا أقصد بالحريةِ الجانبَ الذي فهمتموه لتوّكم ؟ ها هو ذا رنين هاتفي يخبرني بأنّ عملاً قادمًا – غيرُ مرحبٍ به – ينتظرني .. سيخبرني المدير الآن عن الدورة الجديدة التي يجب عليّ أن أضيفها لملفّي .. كي أكون بطريقةٍ ما أكثر كفاءة ،.. أجبتُ بكلماتٍ مقتضبةٍ تكفي تمامًا ليدرك محدثي أنني سأحضر الدورة القادمة ... فبطبيعتي أن أنجز عملي دون أن أكثر الشكوى أو حتى الاستفسار .. ولذا كان كلّ ما يلزمني وقتها أن أعرف وجهتي .. الدكتور واثق من نفسه ... يتحدّث باسترسالٍ سمِج .. عكسي تمامًا ، وهذا بالطبع يتواءم مع موضوع الدورةِ الذي تبـيّنْتُهُ فور وصولي عندما وجدت يافطة كبيرة هُندِسَت بإتقانٍ .. ولوّثت بـعبارة public speaking skills " .. مهارات الخطابة " ها هو ذا .. يرحّب برهطِ الطلبة ،.. يلقي التحيّاتِ حتى أنني سئمتُها .. يُعرّفنا ببعضنا البعض .. لأتفاجأ ملء كياني بأن الأطباء والمهندسين وحتى مديري الشركات قد يحتاجون لهذا النوع من الدورات ... الحقيقة الماثلة أمامي حمستني بشكلٍ لا يوصف ... لتُختـلس آمالي بعدها بدقائق .. عندما وجدت أن الجميع هنا يتحدث .. لذا لا أبالغ إن قلتُ أنني الوحيدة التي جاءت هنا بحثاً – فعلاً - عما ينقصها دون أن تدري .. بدا الجميع متحمّسًا للحديث .. منطلقًا .. منعتقًا من ذاته ومن كل المخاوف .. إلا أنا وهذا أقحمني في مهزلةِ " لِمَ ؟ " .. " لِمَ هي صامتةٌ بريبة ؟ " أخذ الدكتور يثرثر .. ويحطّ بثـقل كلماته وتلميحاته على عاتقي .. يبيّن أهمية البوح ... مشاركةَ الأحاسيسِ والعاطفة ... حتى أنه وجد أهمية للثرثرة ! ... لست حمقاء ، ولذا تفهّمتُ جيدًا رغبته بأن أشاركهم الحديث ، وإلا حرمني ربما شهادة الدورة .. لكنني ببساطة لا أرغب بالمشاركة .. انتهى اليومُ الأوّل .. وعدت وواجبًا رأيتُه الأصعب يثقل كاهلي ... غداً عليّ أن أتكلم كما الجميع بأي موضوع لمدةِ خمس دقائق .. يااااه .. لم أتكلم منذ زمن .. وعندما أتكلمْ أتكلمُ لخمس دقائق كاملة وأمام هذه الشريحة من المجتمع ؟ كم سيكون رائعًا أن أستقبل همزاتهم و لمزاتهم .. سينتقدني الجميع وربما ضحكوا عليّ جهاراً ! وقفتُ أمام الجميع مترددة ... العرقُ يسحُ من جبهتي .. ورغبةٌ جامحة تـُلحّ عليّ " أنْ تقهقري " .. أتحسس حنجرتي بأنامل باردة .. أجلي صوتي بنحنحاتٍ كثيرة .. لأفقه من النظرات المتراشقة حولي مللهم صمتي .. متى سأتكلم ؟ .. أطالع أوراقي وأحاول : - مرحبًا .. دكتوري الفاضل وزملائي الكرام ! أقلِبُ أوراقي ليظهر جانبُها الأبيض وأنسى تمامًا الموضوع الذي حضّرته .. بينما يزمجر داخلي صوتٌ قائل : " آن الأوان " لأقول بعدها باندفاع لا يدرك : - عمري ثلاثون عامًا ... ولن أكذب أبدًا إنْ قلتُ أنني لم أتكلم طيلة حياتي أمام مجموعةٍ قط ... وفي المدرسة لم أتجرأ على إلقاء قصيدةٍ وطنيّة ، ولم أقم حتى بشرح مسألة واحدة ... لست انطوائية ولا أحب العزلة ... والوحدة أكثر ما يخيفني ... لكنّ ذنبي أنني نشأت تحت أعين بيئتي الظالمة ... لأكون أنا الخرساء رغم أنفها ... أول ما دفعني لذلك لدغتي التي لا يد لي بها .. ثم أمي ، عندما كنت أصطدم دائمًا بصخرة كلماتها القاسية : " اصمتي .. لا تقاطعي الكبار .. لا تتكلمي كثيرًا .. فضحتِنا عند الجارة " لأكبر وأنا أحاول الخروج من بوتقة خوفي .. مِن أن أرتكب ذنبًا حذرتني أمي منه لسبب أجهله .. انتقلتُ بعدها للمدرسة .. كان لمعلمتي شنة ورنة .. لأقضي جلّ وقتي وأنا أحاول أن أسترق مع زميلتي كلمة دون أن تلاحقني عيونها الأربع – نظرًا لارتدائها العوينات – .. في الجامعة اختلف الأمر تمامًا .. صرت أرى أغلبية المتحدثين حمقى .. يقولون ما لا يعون .. لا يحملون مبدأً يضطرهم للحديث .. يتكلمون فقط لرغبتهم بالثرثرة .. أما أنا فعقلي كبير وهذا دفعني لألا أشاركهم فعلهم .. لمَ لا أكون صريحة ؟ .. الكلام في بلدي يحتاج حريةً من طراز ثقيل .. حريةٌ لا يملكها أحدكم ليمنحني إياها كي أكون صادقةً إن رغبت بالحديث ... أين أنا من الانعتاق عن عاداتِ قومي البالية ؟ ... كي أتكلم بما أرغب صِرفاً به دون أن أرقّع مقاصدي .. دون أصفادٍ تكبِّل لساني ... أين أنا من الفرار من مقـلّدي المناصب .. حتى العالمُ الافتراضيُّ الذي خلته فرصتي ، فشلت في تحقيق حلمي عن طريقه .. رقابتهم طالته لملاحقة من - ربما ربما – قد يمس سوأهم بسوء .. لأضيّع فرصتي الأخيرة ... مهلاً .... هل تكلمتُ أخيرًا ؟ هل تحررتُ من عقدي .. لدغتي ، أمي .. معلمتي .. جامعتي وحتى نفسي ؟ -- قلتها وأخذتْ الدموعٌ تتواثب من مقلتيّ .. لأعيش تماماً حريتي .. حلمي الأغلى ، ولأنسلخ عن الخوف البالي الذي استعمرني .. لأفيق بعدها على تصفيقِ زملائي الحار .. بعضهم كان متأثّراً .. حتى أنهم شاركوني دموعي ... - أنا أتحدّث .. أتحدّث .......... يا الله أتحدّث ! شكرًا لكم ، صدقوني فعلتُها ... أخذ الدكتور يوزّع أوراق التقييم ... يبدو متأثرًا .... خفت أنْ يشفقوا عليّ ، قلت باستدراك وربما بله .. : لا تشفقوا عليّ ولا ترحموني ... أريد أن أعرف نقاط ضعفي ، لن أسكت بعد اليوم .. (الصوت عالٍ ، التفاعل واضح من ملامح الوجوه ، الكلمات المكررة قليلة بل تكاد تعد ، الصوت غير متردد) هل قيل ذلك الكلام كله فيّ ؟ أيعقل ذلك ؟ رحت أسمع ردودهم .. وعقلي – رغماً عني – غائب ... أما روحي فكانت تحلّق ... ليست روحي فقط بل وحتى الكيان الذي يدعى أنا كله راح يحلق .. بدوت كالخرقاء ... وأنا أكرر كلمة واحدة " فعلتها .. فعلتها .. " لكن ذلك لا يهمّ ، ما يهم حقًا أنني فعلتها وسأفعلها ... ٠•●♥ | ||||||||||||
20-04-12, 03:16 PM | #2 | |||||||
نجم روايتي ونجم مسابقة كن ايجابيا ومحلل سياسي بقسم الأفلام الوثائقية ومناقش أدبي بنادى كتاب قلوب أحلام وزهرة المنتدى السياحى وعضو متألق في قسم علم النفس وتطوير الذات
| أنا أتحدّث .. شكرًا لكم ! بصراحة لقد شدنى العنوان للغاية انها مشكلة الخرس الاجتماعى التى يعانى منها المعظم انا واحدة من هؤلاء الناس لا استطيع التكلم فى وجود جمع كبير ولكن ليس نتيجة لامى او احد انما هو نتيجة للخوف من الفشل تسلمى على طرح الموضوع | |||||||
20-04-12, 03:21 PM | #3 | |||||||||||
إدارية ومشرفة سابقة وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء وأميرة الخيال وشاعرة متألقة بالقسم الأدبي
| الصمت يستوطن أعماقنا .. الخرس شعور ملازم لنا ...في مواقف تستحق والتي لا تستحق .. اختصرتي بعض الأشياء في الام والمعلمة والوطن ,, وهنا اشياء تحدث عنها بتناهييد داخلنا... لا نجرئ على اطلقها للاسماع الاخرين .. الصمت ماهو الا التردد من فعل وقول ما يخطر داخلنا ... لكن هناك صمت اخر احب كثيرا فقد يحمل إلينا رسائل عديدة تفضح كل ما نحاول ان نوارية,, اقتباس:
رائعه رغد | |||||||||||
20-04-12, 03:40 PM | #4 | |||||
نجم روايتي
| رغودة يا مبدعة ...ربي يحميكي شو إنك رائعة يا بنت...... تمنيت فعلاً أن تطول الحكاية .... فأنا أستمتع بكل تفاصيل قلمك الساحر كم أنت فتاة حلوة شفافة عصفورة و عذبة و تزقزق بنغمات تطرب لها الآذان .... يسعد كل أيامك مهاتي | |||||
20-04-12, 04:04 PM | #5 | ||||||
نجم روايتي وكاتبة و Vip بمكتبة روايتى
| رائعة رغد لقد شرحت بأسلوبك الرائع مشكلة الكثير من البشر وهى الصمت .. الصمت خوفا من الوقوع فى الخطأ برغم أن الكلام لا يوقعنا دائما فى الخطأ بعضنا لا يستطيع الكلام إلا أن يخطئ فى معظم الأحيان دون أن يقصد .. ولكن ليس معنى هذا أن يتعلم الصمت بل يجب أن يتكلم ويتكلم ولكن يجب أن يتعلم كيف ومتى يتكلم وليته يستطيع أن يتعلم كيف يجعل من كلماته جواهر لا تقدر بثمن شكرا لكى رغد .. حقا شكرا لكى .. فأنا ممن يعانى من هذه المشكلة ويحاول بكل قدرته حلها وأشعر أنك أخرجت ما بداخلى بشكل أكثر من رائع جزاكى الله خيرا حبيبتى وجعله فى ميزان حسناتك | ||||||
20-04-12, 04:08 PM | #6 | |||||||
مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة في منتدى قصص من وحي الأعضاء
|
| |||||||
21-04-12, 12:58 AM | #7 | |||||||||||||
نجم روايتي وعضوة في الورشة والموسوعة الماسية لقصص من وحي الأعضاء ومصممة بمنتدى وحي الخيال
| رااائعة رغووودة شدني العنوااان كتييير طرحتي مشكلة اظن كتير بعاني منها وهي "الخوف" من التكلم بجمع كبير او مش شرط مجموعة كبيرة ممكن زي حال بطلتنا تصير قدام اي حد عندها "عقدة" ابدعتي بالتفاصيل الحلوة الصغيرة وكيف انحلت مشكلتها تسلم اييييدك ياا رب .. ويزيييدك ابداااع حبيبتي .. قلمك غاية في الروعة ^__^ بانتظارك دائماً | |||||||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|