الفصل الحادي و العشرون


كان الاسبوع الماضي أجمل اسبوع عاشته رينا، لقد اكتشفت جانب من وائل ربما لا احد غيرها رأه من قبل ، فقد كان يمتلك حنان لم تعهده من قبل و لم تراه في معاملته مع أحد باستشناء جده، و لكن حتى جده يعامله بحنان ممزوج بوقار و تحفظ، لكن معها لم يكن للتحفظ مكان، أشعرها ذلك بقوة لم تكن تتوقعها، فأن تكون المرأة محط اهتمام من رجل لديه هذا الكم من التأثير و السحر و الجاذبية شئ يدعو للتباهي و الغرور، لقد بدأت تشعر بالغرور و الأجمل من ذلك انه يتحول الى ذلك الشخص ذو المزاج الهادئ و الرومانسي معها فقط، لقد شاهدت الكثير من المواقف كيف انه ينقلب الى شخص عملي و عصبي مع الاخريين ثم ما يلبث ان يعود كما كان عندما يكونوا وحدهم، انها تحب ذلك، هي ايضا تتحول معه الى قطة سعيدة هانئة تموء بكسل حين يكون بقربها.
اليوم سيبدأ عملها في مكتبه و هنا تبدأ مرحلة جديدة في علاقتها معه، ها هو ينتظرها ريثما تنتهي من تحضير نفسها قبل ان يذهبا سويا الي العمل، لقذ انتقت ثيابها بحذر لهذا اليوم، فهي لا تريد ان تسبب له أي احراج ، او ان تتسبب في اثارة عصبيته بعد كل ما فعله الايام الماضية ليتأكد انها خرجت من أزمتها النفسية، ستحاول بشتى الطرق ان تريحه و لا تتسبب باي مشاكل معه، عليها ان تكون واحة من الاستقرار و الراحة النفسية له، عليها ان تكون راحته التي يلجأ لها في ايامه المتعبة، نعم عليها ان تكون كذلك.
سمعت صوت الهاتف و عرفت انه يتصل لاستعجالها في النزول، ردت عليه هلى عجل فهي تعلم انه لا يحب ان تتجاهل مكالماته، ما ان ضغطت على زر الاجابة حتى قالت بسرعة لتفادي نفاذ صبره
" ليكني وائل جاهزة و جاية لعندك"
" يلا رينا انا ما بحب أتأخر عشغلي. بسرعة تعي"
"دقيقة واحدة ...اقل من دقيقة و راح كون حدك"
" صارلي ساعة بستنى"
" انا هيني صرت وراك"
نظر الى الخلف ليجدها خلفه و هي تتنفس بسرعة حيث يبدو انها كانت تركض بشدة لتصل اليه في وقت قياسي، اغلق الهاتف ليقول لها مباشرة
" بس لانه اول يوم راح اسمحلك تأخريني، بس بعد هيك بتكوني واقفة عند السيارة قبلي...مفهوم؟"
كانت سترد بقوة ان الموقف لا يستدعي عصبيته و لكنها ابتسمت بهدوء ثم قالت " حاضر وائل بيك...بتؤمر أمر"
" اركبي السيارة"
" ايه... بس"
"بس شو؟"
" بس ما بدي باول يوم الموظفين تعونك يشوفونا نازلين من ذات السيارة و جايين مع بعض ..يعني شو راح يقولوا عنا؟"
" انا ما حدا بيسألني عن تصرفاتي و ما حدا بيحاسبني ... ما حدا غيرك بيسترجي يجادلني"
"مزبوط ما حدا بيقدر يسألك او يحاسبك بس ما فيك تمنع الناس يحكوا ..ما بدي يحكوا عني شي"
" ايه و شو بتقترحي حضرتك...بدك اياني اتركك تروحي وحدك؟"
ردت على مضض و هي ترى نظرته النارية و قالت بسرعة " ايه و شو فيها"
" انا جايبك عشركتى لحتى تضلي حواليا تحت عيني ...شوفك و انتي رايحة و شوفك انتي و جاية .... و انتي جاية ببساطة بدك تروحي عالشغل وحدك .... اركبي قبل ما عصب و خرب يومك عالصبح"
من دون أي كلمة اخرى دخلت الى مكانها في السيارة لا تريد ان تجادله اكثر. بدأت السيارة في التحرك و بعد دقائق سمعته يتكلم بصوت هادئ
" من هلا ست رينا بدك تعرفي قواعدي بالشغل.... ما بدي دلعك و غنجك يطلعوا مع موظفين الشركة ...في كتير عزابية عندي ما بدي تحكي معهم بالاساس... طلعات جماعية ما بدي...ما بدي رجل طالعة و رجل نازلة عمكتبك...كلامك يكون بحساب...ممنوع تروحي عمكان من دون ما تخبريني ..ممنوع تغيبي عن نظري...ممنوع تضحكي بصوت عالي ... ممنوع تلبسي تياب مفتوحين..يعني اذا كل تيابك متل هيك بيكون الوضع تمام... ما بدي معاملة خاصة لجميل لانك راح تشوفيه كتير"
نظرت اليه مستغربة لا تعلم بماذا ترد " شو كل هاد؟ هاي القواعد بتمشيهن عكل موظفاتك و لا بس عليي"
" بس عليكي"
صمتت قليلا و هي تستوعب ما قاله ثم ردت " و ليش ماخدني اشتغل عندك ..ما كان حبستني بالقصر اسهل لالك و الي "
" و الله لو بايدي كنت عملت هالشي...بس ما بدي اياكي تكرهي حياتك معي...لهيك راح تعملي كل شي بس تحت عيني و تحت ضوابط انا بحددها"
"بس وائل انا شغلي معك راح يكون مع الكل مو بس مع الصبايا يعني شو اعمل وقتها اذا في مهمة بتتطلب مني اتعامل مع موظفينك الرجال"
" انا شخصيا ما راح اطلب منك هيك شي...بس لو صار بدي اياكي تكوني متحفظة و ما تعطي وجه لحدا"
" شو رأيك بوز و كشر فيهن لحتى ما يجوا لعندي مرة تانية "
" مع انه بتتمسخري بس هيك بدي اياكي..تكوني اخت رجال..انا مو ناقصني يضلوا يلفوا حواليكي"
لم تطرح المزيد من الاسئلة حيث ان السيارة توقفت أمام مبنى شركته، نزل من السيارة ثم اعطى المفتاح لحارس المبنى حتى يركنها في كراج الشركة ثم اخذ طريقه الى داخل المبنى و هى ورائه.
في المصعد نظرت الي ملامحه الصارمة و كأنه لبس قناع الجدية و الكفاءة فور وصوله الى شركته، جانب جديد لا تعرفه فيه ، و هي واقفة بجانبه شعرت انهم غرباء و لا يعرفون بعضهم حتى انه لم يرمقها بنظرة جانبية حتى وصولهم الى طابق مكتبه.
خرج دون ان يوجه لها كلمة حتى وصل الى مكتبه، كانت تعي نظرات الجميع المعلقة بها و الضجيج الذي سكت ما أن خطت اقدامهم بداخل المكان، و التي ما ان سريعا تحولت الى همهمات خافتة متسائلة، كانت تود لو انها تمسكه من ذراعه و تطلب منه ان يعرفها الى الحاضرين او على الاقل يعرفها هي على اجواء جديدة في اول يوم عمل لها و لكنه استمر في خطواته حتى وصل غرفة تتفرع منها غرفة أوسع خمنت انه ربما يقع مكتبه، توقف قليلا عند مكتب تجلس عليه حسناء شقراء الشعر تبدو و كأنها خارجة من مجلة للأزياء ترتدي تنورة قصيرة جدا تكاد تغطي ركبتيها و سرعان ما شعرت بالغضب منه كيف يسمح لموظفاته بارتداء ذلك في حين انه شدد عليها ان ترتدي ملابس محتشمة، حتى انه لم يخبرها ان لديه موظفات جميلات يعملن لديه، لم تسمع ما قاله الا حين لفت انتباهها اخر جملة حين وجه كلامه لها
" رينا حابب عرفك ع جوليا سكرتيرتي ، راح تتعاملوا مع بعض كتير لهيك من هلا بدي تتعرفوا عبعض و تاخدوا عبعض...جوليا هاي رينا موظفتي الجديدة... بدي اياكي تشوفي شو بريحها و تساعديها باول ايامها هون ..مفهوم"
ردت السكرتيرة بمنتهى الاحترام و الكفاءة "مفهوم وائل بيك"
تحرك وائل لداخل مكتبه حتى انتبه ان رينا لا تزال واقفة تنظر الى جوليا بتدقيق " رينا ؟ تعي فرجيكي وين راح يكون مكتبك"
انتبهت رينا ان وائل ينتظرها، فأسرعت اليه حتى ادخلها الى مكتبها ثم أغلق الباب ورائه

[ هون راح يكون مكتبك ست رينا ... قبالي مباشرة ..انا هنيك راح كون ما بيفصلني عنك غير باب غالبا راح يضل مفتوح الا اذا اجتمعت مع بعض العملاء يلي بيرتاحوا اكتر بالخصوصية"
" طيب وائل...زاذا هاي الموجودة برا سكرتيرتك ..انا شو راح كون؟ يعني شو وظيفتي؟"
" انتي رينا خانم راح تكوني مديرة مكتبي...راح تساعديني بكل شي و تحليلي مشاكلي الادارية و تزبطيلي مواعيدي و تريحيني و تحت ايدك كل الصلاحيات لهال شي"
"اوف؟ كل هاد؟ يعني تفاجئت ما كنت بعرف راح كون هيك وظيفتي"
" انتي هلا بتعرفيني اكتر من أي حدا ... و بتعرفي شو بحب و شو ما بحب و كل التسهيلات من طرفي راح تكون الك"
ابتسمت له و هي تسمعه يؤكد انها اصبحت اقرب شخص له و يعرفه جيدا " هاي مسئولية كتير كبيرة وائل بيك..انشالله ما راح تندم"
" ابدا ما راح اندم ... و هلا يلا ع مكتبك عندي كتير شغل لازم يخلص... من يوم و طالع انتي راح تكوني حلقة الوصل بيني و بين كل موظفين الشركة ...اي حدا بده اياني راح يصلك انتي الاول ...لهيك باول يوم لازم تتواصلي مع جوليا لتعرفي كل شي"
" ما حبيتها هال جوليا"
" و ليش بقى ..بعدك ما حكيتي معها حتى؟"
" ما شفت تنورتها شلون قصيرة؟"
" ايه و شو فيها؟"
" كيف يعني شو فيها و حضرتك كنت تشوفها هيك كل يوم؟"
" اصلا ما كنت فاضي حك راسي...و بعدين ما انتي كنتي تلبسي متلها رينا خانم او نسيتي؟"
"لا ما نسيت ..بس انت منعتني البس هيك شي..يا الله كيف في نافس اناقتها بهيك تياب...و بعدين كتير حلوة"
قالت بتذمر و هي اخبط احدى قدميها في الارض، لم يتمالك نفسه فابتسم من ردة فعلها، اول ابتسامة تراها منه اليوم، فقال ليستفزها
" احلى منك يعني؟"
" لا ابدا مو احلى "
ضحك من ثقتها بنفسها ثم قال " ايه هيك بدي اياكي و لا تقلقي من المنافسة ..ما حدا بيقدر ينافس جمالك ست رينا"
هدأت ثورتها بعد ان سمعت ما قاله " اخيرا حكيت شي حلو اليوم"
و كأنها ذكرته بانه في العمل، فسرعان ما عادت ملامحه الى الجدية و قال " يلا عشغلك .. عنا كتير اشيا"
جلس على مكتبه ليبدأ في مراجعة ملفاته و تركها تتعرف على مكتبها، بدأ يعمل بكفاءة و سرعة ملحوظة، رن جرسها الداخلي و ردت لتسمع صوت جوليا تسألها عن امكانية الجلوس سويا ليراجعا شغلهما سويا و نقل الملفات اللازمة اليها. ما ان اغلقت السماعة حتى سمعت دقات على باب الغرفة اترى شاب وسيم انيق دخل الى المكتب و عرف نفسه بانه معتز الصالح المستشار القانوني للشركة
" اهلا و سهلا باول يوم الك ...انشالله بتنبسطي معنا انسة رينا ...مو انسة او مدام؟"
لقد دخل الى الغرفة و تكلم بسرعة لم تتداركها حتى لاحظت بنظرة جانبية وجه وائل الذي كان مستغرقا في اوراقه يرتفع فجأة ليراقب من مكانه ماذا يحدث و كيف ستكون ردة فعلها، حاولت تذكر القواعد التي وضعها وائل و اخبرها عنها في السيارة و لكنها لم تدري بالزبط كيف عليها التصرف، اخيرا غلبتها اخلاقها الجيدة و رسمت ابتسامة هادئة ، ثم مدت يدها بهدوء لترد
" اهلا وسهلا فيك.. فيك تحكيلي انسة رينا"
ابتسم معتز لها و ظل ينظر لها لحظات ثم قال " انشالله بنتعرف عبعض اكتر بالايامات الجاية "
تدخل وائل من مكانه ليقول " شو بدك معتز من هون...اشو جاي من عبكرة الصبح ..خير شو في"
" ابدا وائل بيك ...سمعت انه الموظفة الجديدة هون حبيت اجي و رحب فيها "
" و ليكك رحبت فيها ... تركها تشتغل"
" اكيد وائل بيك" ثم أعاد نظره لها ليقول بصوت منخفض " اكيد راح نشتغل سوا"
رد وائل قبل ان تتكلم هي " يعني انت بالقسم القانوني كيف راح تشتغل معها؟"
" يعني الا يحتاج الامر و نشتغل مع بعض"
" لا ما راح يصير هالشي ... بدك أي شي بتروح لجوليا..و هلا عمكتبك لانه لا لنا و لا رينا فاضيين"
" ايه معك حق بالاذن منكن"
ما أن خرج معتز من المكتب حتى جلست رينا بمكانها و اعادت نظرها بسرعة الى شاشة الحاسوب دون ان تنظر له، و لكنها لاحظت انه لم يعد الى عمله بل لا زال ينظر اليها ، و حضرت نفسها لتوبيخه بعد قليل...لا تعلم لماذا و لكنها شعرت بانه لن يصمت طويلا بعدما حدث و كانت محقة في ذلك
" شو كنت عم وصيكي بالسيارة الصبح؟"
" ليش عم تسأل وائل... ما كسرت و لا قاعدة لحد هلا"
" مو خبرتك ما تعطي وجه للموظفين الرجال.. و هاي الي كنت عامل حسابه صار"
" بس انا ما حكيت شي وائل ..انا بس عرفت عن حالي"
" و هو ضله يتمسخر ..زلو ما ابتسمتيله و سكرتي عليه الباب ما كان عمل هيك"
" يعني بالايامات الجاية هيك راح اعمل وائل ...بس باول يوم ما بدي حدا يكرهني"
" من الافضل رينا تسمعي كلامي لانه ما راح اتحمل هيك مواقف تصير مرة تانية"
" حاضر وائل"
" بدي اطلع لعند جوليا ...بدا تعطيني ملفات و تمررلي شغلي ... فيي روح؟"
" ايه فيكي ...بس لا تطولي ...و اذا اجى موظف يتحركش فيكن بترجعي لهون عطول...مفهوم"
"مفهوم.... في أوامر تانية؟"
" روحي"
"ليش هيك بتتحول بالشغل"
" شو عم تحكي؟"
"ولا شي"

ذهبت مسرعة لخارج المكتب، و جلست لساعات طويلة مع جوليا تتعلم لساعات طويلة اكتشفت كفاءة السكرتيرة ، حتى انها لم تجدها سيئة بل كانت لطيفة معها، الى ان جاء موعد الغداء فاخبرتها انه بهذا الوقت يذهب معظم الموظفين الى كافتيريا الشركة ليأخذوا استراحة الغداء لمدة نصف ساعة، احتارت رينا في الذهاب من دون علم وائل، لقد نبه عليها الا تذهب لمكان دون أذنه، و لكن جوليا اقنعتها ان الكافتيريا داخل الشركة و عادة يسمح لها وائل بالذهاب و يكون على علم بذهاب الموظفين الى هناك، الى ان ذهبت رينا و في بالها ان تشتري طعام لوائل ايضا ، فهو يعمل منذ الصباح و خرج من المنزل دون ان يتناول الافطار.
فور وصول رينا الى باب الكافتيريا حتى سمعت حديث الموظفين عن الموظفة الجديدة، حتى انها سمعت صوت رجولي يقول
" بيقولو الموظفة الجديدة بمكتب وائل بيك شقفة قمر...شهد بعسله"
ليرد عليه صوت أخر " ليش انت شفتها شي"
" لا بس الموظفين بذات الطابق خبروني ..ما هيك معتز"
" ايه هيك... انا شفتها و سلمت عليها كمان ... جمال متل الي بيظهر بالتلفزيون... "
" قال بيقولو غير مكان مكتبه لحتى يكون قبالها طول اليوم"
لم تكن تعلم بهذه المعلومة الصغيرة... نظرت الى جوليا متسائلة ان كان هذا صحيح، فوجدت ايماءة صغيرة من وجه جوليا يؤكد على ما قيل.
" صراحة ما بلومه ...معه حق"
ابتسمت رينا بسماعها وصف الموظفين لها و تحركت بثقة الى الأمام حتى وصلت الى بار الطعام لتطلب طعامها، واعية الى الصمت الذي احدثه دخولها المفاجئ الذي قطع احاديث الموجودين و توجه نظرات البعض المتسائلة. تحركت جوليا الى جانبها ثم تنحنحت لتعلن بصوت عملي
" يا جماعة ... حابة عرفكن ع رينا ...مديرة مكتب وائل بيك الجديدة"
صمت، لم تجد ردا على ما قالته جوليا الا صمت فضولي يطالب بالمزيد، لتعود لتقول جوليا بهدوء
"بتمنى منكم ترحبوا فيها و تساعدوها بايامها الجاية"
اقترب رجل منها مادا يديه ليقول بلهجة لطيفة " اهلا و سهلا رينا.... انا طارق بشتغل بالقسم المالي بالطابق الثاني..اي شي بتحتاجيه فيكي تلاقيني هونيك"
" شوي شوي عليها طارق...بعدا باول يوم... لسة ما عرفتها عالاقسام"
" طيب مانا ليكني بعرفها عالاقسام"
تناولت رينا صينية الطعام في يدها، و تقدمت الى طاولة فارغة بجانب جوليا " كنت بفضل ناكل فوق جوليا او مش مسموح انه ناكل بمكاتبنا"
" صراحة و لا مرة اكلت ع مكتبي...حتى وائل بيك دايما بيشجعنا ناخد البريك تبعنا هون... بنظره هيك عم بندعم العلاقات الاجتماعية مع يعض...خصوصا انه الشركة بعدها جديدة و مو كلنا بنعرف بعض"
بعد دقائق قليلة وجدت عدة اشخاص يتقدمون ليجلسوا في نفس طاولتهم لم تكن تعرف منهم الا معتز
"بس نحنا عطول اتعرفنا ع بعض هون...راح تلاقي كل الموظفين بالشركة متل العيلة...كلنا هون صحاب ...و حتى كتير بنطلع سوا برا اوقات الشغل ...بكرا بتصيري تطلعي معنا رينا"
" ايه ان الله، ليش لا"
" حتى المدير كمان اعلن انه راح يعمل حفلة قريب لكل موظفين الشركة... ما بيعرف انه كل واحد فينا صار يعرف تاريخ التاني بالتفصيل"
" هاي فكرة حلوة كتير... وائل دايما بيطلع بافكار ذكية"
قال الجميع بصوت واحد و بفضول "وائل؟"
" قصدي وائل بيك...بس هو مو هلا هون ..لهيك بقول وائل..بعتذر لازم اكتر دير بالي عالرسميات هون"
" لا ابدا خدي راحتك...بس مع المدير بدك تنتبهي ها؟"
" ليش شو به وائل بيك؟"
" كتير جدي "قال احدهم
ليضيف أخر "ما عنده روح مرحة"
و قال احدهم "ما بيبتسم لحدا"
"عصبي"
اضافت احدهم " و معقد من النسوان"
"شو قصدك معقد"
"ما بيطلع على موظفات الشركة لو شو ما كان جمالهن"
"معقول؟"
"ايه اول ايامات الشركة ...كانوا الصبايا يتنافسوا بس عنظرة منه ... بمرة جمع كل موظفات الشركة باجتماع واحد"
"ايه و شو صار؟"
" حذرهن اذا ما انتبهوا عشغلن راح يستغني عن خدمات كل واحدة ما بتركز عشغلا و بس"
قال لها احد الشبان الجالسين حولها " لهيك انتبهي رينا...ال تحاولي تلفتي انتباهه متل ما حاولوا غيرك يعملو.. ركزي ع شغلك و بس"
" و الله يا جماعة انا كتير شاكرة لالكو انكو نبهتوني عكل هالشي..ما بعرف من دون ما تحكولي شو كنت راح اعمل...حاسة انه راح نكون اصحاب"
و فجأة صمت الجميع و انتصبوا في جلستهم بصورة مفاجئة لم تعرف لماذا حتى رأت وائل واقفا على باب الكافتيريا بهدوء ينظر في الانحاء و مشى بهدوء حتى وصل الي طاولتها
" ست جوليا...ست رينا... صارلي من زمان بدور عليكن...مو ملاحظين انكوا صارلكو زمان طالعين من المكتب...كيف تطلعوا انتوا التنين سوا.... و اذا انا احتجت حدا فيكن شو اعمل؟"
" و انتو ما اطلعتوا بساعتكم مو ملاحظين انه النص الساعة استراحة الغدا خلصت من ربع ساعة... انتو هون للشغل مو لتقضوا كل يومكم تاكلوا و تفتحوا قصص...يلا كلكن عمكتاتبكن"
انسحب الجميع بهدوء من المكان ، قامت رينا من مكانها تحمل الطعام الذي لم تكد تأكل منه شئ، و مشت بهدوء و رأسها مطأطأة في الأرض ، سألت جوليا بجانبها
" هو هيك بالعادة بيصير ؟ يعني وائل بيك بالعادة بيتعصب عالموظفين هيك؟"
ردت جوليا بصوت خافت " هو بصراحة وائل بيك مزاجه عصبي باغلب الاوقات..لكن و لا مرة اجى عالكافتيريا...و لامرة بهدل الموظفين بسبب استراحة الغدا؟"

يبدو انه تعصب من وجودها في المكان و ذهابها دون أن تأخذ أذنه.
حين وصلوا الى مكتب جولي سمعت صوت وائل يقول
" بكفي شغل مع جوليا اليوم...تعي لانه عندي شغل الك ع مكتبي"
" حاضر وائل بيك ليكني جاية"
" يلا"
اكملت طريقها الى داخل الغرفة و سمعت اغلاق الباب بعنف، اسرعت في الجلوس على مكتبها و خبأت رأسها خلف شاشة الكومبيوتر، مرت دقيقتين و هو لم يتحرك من مكانه و لم يقل شئ، حتى تحركت من مخبأها لترى ماذا يفعل
"شو بك وائل؟"
لا رد عادت لتسأل " ليش معصب مني؟ شو عملت؟" اكيد هلا ندمان انه جبتني هون..صح؟"
"تاني مرة بتكسري كلامي بذات اليوم"
" والله وائل بس كنت حابة جيبلك الغدا... و كنت حابة فاجأك من دون ما عطلك عن الشغل"
" انا ما بتغدى ما باكل شي بالشغل ... و بعدين ما عندي مانع ابدا انك تاخدي استراحة ..بس تخبريني.. و بعدين انا قلتلك ما بدي اياكي تختلطي مع الموظفين و باول يوم بس نزلت شوف وين انتي..لقيتن حواليكي داير من دار ماشالله عنك"
"كانو بيتعرفوا عليا.... و انا كنت و الله راجعة بس كانوا عم يحكوا عنك و ما قدرت قاوم اسمع شو بيقولوا"
" شو كانوا بيحكوا؟"
" يعني كانوا مفكرين انه ما بعرفك... و صارو يوصفو لالي..ما بقدر وائل اطلع من مكان في سيرتك... ما فيي"
" ما تطلعي من هون لاخر اليوم"
" طيب ما راح تاكل معي"
"لا قلتلك ما باكل بالشغل..ما صارت من قبل "
" لاني ما كنت هون...بس هلا انا موجودة لاهتم فيك ما هيك؟"
"انتي كلي"
" وائل اذا كلت انا ما راح اكل.. مع اني جوعانة كتير"
عاد لمكتبه و كأنها لم تقل شيئا، ربما لا يعلم بعد كم كانت عنيدة ، و لكن حتى لو ماتت جوعا ستظل حتى تحقق ما قالته، لن تأكل الا اذا اكل معها
عادت لشغلها لساعات اخرى حتى بجدية كبيرة حتى انها قرأت العديد من الاوراق و المستندات للتعرف على شغل المكتب، و ملاحظات مو وائل و احى من جوليا حتى تعبت، توقفت قليلا عن العمل، لم تعد تسمع ضجيج الخارج يبدو ان الجميع انهى عمله و ترك الشركة.
نظرت الى وائل الذي كان جالسا يقرا بتركيز في اوراق امامه و يخط بقلمه ملاحظات سريعة في كل قطعة، انه كفئ في مكانه ، مجتهد و فعال و لكن في كل الاحوال كانت تشتاق الى وائل حبيبها الذي تعرفه من خارج الشركة، لا الى ذلك الشخص الصامت كالتمثال و البارد كرجل الثلج.
نظر فجأة لها و قابل نظراتها لعدة لحظات ثم قال بهمس لم تسمعه بالاول
" تعي لهون"
انفرجت اسارير وجهها و ابتسمت و هي مسرعة باتجاهه
"في شي؟"
"تعي قربي لهون"
اقتربت الي حيث كان جالسا سندت الى المكتب و هى تنظر اليه لتقول " اخيرا حنيت عليي"
"حنيت عليكي؟"
" ايه يا ظالم من اول اليوم و لا ابتسامة و لا كلمة حلوة و لا نظرة ...شو هالقسوة؟"
" نحنا بشغل رينا...اذا ما ركزت بشغلي و ما قاومت اغراء وجودك ...كل يلي راح اعمله انه سكر هالباب بالمفتاح و بعدا راح تطير الشركة"
" بس مو هيك وائل ...يعني كتير بتعصب عليي"
" لانك ما بتسمعي الكلام.... انا ما حدا بيكسر كلامي بهالشركة رينا او حتى برا الشركة"
"ما راح اكسر كلامك وائل... اصبر علي شوي"
"ما اكلتي شي"
" ما راح اكل من دونك"
" هلا سندويشاتك نشفوا...بنطلب اكل من برا و بنروح ..تمام؟"
"تمام... و بسرعة لانه بسببك انا ميتة جوع"

بعد ان تناولا طعامهم بكسل و قد عاد مزاجه الهادئ مرة اخرى للظهور، ثم عادا سويا الى القصر.
كانا يراقبانهما بحقد أسود، لقد تقدمت رينا الى مراحل متقدمة جدا في علاقتها مع وائل و هم خسروا كل شئ...و لكن هيهات ان يسمحا لها بان تهنئ بكل خيرات هذا القصر و يخرجا بلا شئ
" و شو بتقترحي امي...نحنا حاولنا كتير من قبل و كل مرة بيجي عراسنا"
" و مين قال انه راح نعمل نحنا شي هالمرة؟"
" ما عم بفهم عليكي امي...شو قصدك راح يصير؟"
"قصدي ما بيكسر راس الست الا ست متلها"
" شو يعني ؟"
" يعني الي راح يكسر راس رينا واحدة بنفس مستوى جمالها و الاهم نفس مستوى دهائها"
" شو عم تخططي"
" انطري شوي و راح تعرفي كل شي...نحنا هيك هيك خسرنا كل شي... بس ما بكون اسمي ليلى اذا تركتها تتهنى بعد ما كانت السبب في كل شي نحنا فيه"