في مشاعر الغضب التى اثارتها رؤية مجموعة الشبان تكاد عيونهم تخرج من محاجرها عليها.
"من يوم و طالع كل يوم بهادا الوقت بتكوني لابسة و جاهزة لاخدك بطريقي عالجامعة"
"بس انا مش كل يوم محاضراتي بتكون بذات الوقت"
"هاي مش قضيتي، بدبري حالك ، كل يوم راح اخدك معي عالشغل، خلص النقاش هون"
يا له من دكتاتور، لم تكن تعرفه قبل اسابيع قليلة و الان اصبح يتحكم بحياتها، ماذا تلبس و متى تخرج الى جامعتها، المشكلة انها طالما كانت متمردة على تحكم الاخريين في حياتها و كم حاولت في كسر الصورة النمطية التي يريد ان يراها بها من حولها حتى تتناسب مع ما يروه في ابنة الخادمة المسكينة.
ظلت تنظر الي الخارج رافضة ان تنظر اليه، رابطة ذراعيها على صدرها ، لغة جسدها تدل على احتجاجها.
شعر بانه يضغط عليها قليلا فقال بنبرة هادئة " اليوم امتى مر اخدك من الجامعة"
"انا بروح مع صحباتي، ما في داعي تمر"
"يعني انا بحاول كون هادي الا حضرتك تعصبيني؟... مانا قلتلك انه كل يوم راح اخدك بطريقي"
"قلتلي راح تاخدني الصبحية معك عالشغل، ما قلت شي عن تروحيتي من الجامعة"
"ما هاي متل هاي.... شو فرقت؟"
"فرقت انك ما بترجع بكير عالبيت، بترجع المسا، شو رايك يا بيك ضلي ناطرة عباب الجامعة للمسا حتى حضرتك تخلص شغل و تيجي تاخدني؟"
توقف فجأة الى جانب الشارع و رفع الفرامل اليدوية ، امسك بفكها بين يديه بقسوة "انتبهي عطريقتك و انتي بتحكي معي من يوم و رايح... انا مش بس صاحب القصر الي انتي ساكنة فيه.. انا كمان مديرك"
"شو بدك مني؟ شغلك و بعملك اياه مزبوط، تيابي زبطا كرمالك و مراعاة لوجودك انت و عمك.. شو بعد بدك مني ؟"
حتى هو لا يعرف ماذا يريد منها، لا يعرف لماذا يصدر كل هذه القواعد فقط عليها مع انه لا يملك أي سلطة عليها تخوله بمعاملتها بهذه الطريقة
"ابعدت يديه عن فكها بعد ان ازداد ضغطه عليه و اوجعها
"متى مر اخدك لليوم؟"
"عالتلاتة!"
"تمام عال تلاتة راح اجي اخدك"
"تمام انا نزلني هون صرت قريبة من جامعتي" دو ان تنتظر موافقته فتحت باب السيارة و خرجت بسرعة قبل ان يحاول منعها.
وصل الي مكتبه بمزاج سئ، كان العمل يسير على وتيرة سريعة ، الجميع يعمل كخلية نحل لتجهيز المبنى ، ايام و يبدا العمل الرسمي، بعد ان انتهى مع صديقه جميل من مقابلات التوظيف لمعظم الوظائف الاساسية.
دخل الى مكتبه و جد صديقه جميل، جالس وراء مكتبه
"شو في ورانا شغل اليوم؟"
"يا زلمة قول صباح الخير و بعدين احكي بالشغل، و بعدين ليشك مأخر اليوم ، هاي اول مرة هيك بيصير معك"
واضح انه بالفترة الاخيرة بدأ يفعل اشياء كثيرة للمرة الأولى
"صباح النور جميل، معلى لا تأخذني مزاجي مو منيح اليوم"
"ليش، شو في؟"
"اترك كل هالامور من بالك... اهم شي جدي عامل الاسبوع الجاي حفلة، قال بده ينبسط في و يعرف كل العالم اني رجعت"
"ايه حلو ، بنحضر حفلة ليش لا...اصلا من يوم ما حضرتك شرفت ما عدت اسهر او احضر شي، كله شغل بشغل"
"هاي راح تنبسط قد ما فيك، المهم هلا خلينا بالشغل"
قرر ان يقوم اليوم بانهاء كافة المشاريع العالقة قبل ان يضطر الى الخروج من عمله ليأخذها الى المنزل ، اوقع نفسه في التزام جديد لم يكن ينوى القيام به نظرا لانشغاله الشديد. حسنا لا بأس لن يأخذ ذلك من وقته شئ.


كانت واقفة على باب جامعتها تنتظر و تنتظرحتى لم يبق الا قليل جدا من الطالبات يتبادلن الكتب و والملزمات قبل ذهابهن للبيت، كانت تعلم انه لن يأتي و ان مسؤليته ستنسيه موعد خروجها من الجامعة ، نظرت الي الساعة وجدت انها تعدت الثالثة و خمس و اربعون دقيقة، قررت انها ستنتظر خمس دقائق اضافية قبل ان تتحرك متوجهة الى المنزل ، و بعدها يفعل ما يحلو له.فور ان رفعت رأسها من الساعة كانت سيارته تصطف امامها ، فقط حرك لها رأسه بدلا ان يقول لها ان تطلع الي سيارته، حركاته و ايماءاته في منتهى الغرور، و لكن الغرور يليق به، لا يمكن لرجل مثله يملك كل شئ الا ان يشعر بالغرور.
انتظر الي ان تمجلست الي جانبه و لم يقم بتحريك السيارة على الفور "كيف كان يومك؟"
"تمام، كتير اتأخرت علي، ضليت اكتر من ساعة الا ربع و انا ناطرة، العالم راحو و اجو و انا ناطرة"
"اى حقك علي انا تأخرت و بس نصل عالمطعم راخ خبرك ليش"
"أي مطعم؟"
"بدنا نروح نتغدى بمطعم، في عندك اعتراض؟"
"بس ماما راح تقلق"
"تركي الماما على انا"
قرر منذ الصبح ان يأخذها الى مطعم فقط لتصفية الامور بينهم بعد ان كان قاسي معها بالصباح.
بدا بقيادة سيارته متوجها نحو مطعم مشهور جدا في منطقة راقية ، نزل من سيارته و قادها من خصرها الى داخل المطعم و الذي ما ان دخلته حتى شعرت برقيه و فخامته.
كان مظهر وائل الموحي بالقيادة و السلطة جعل من العاملين بالمطعم يحوموا حوله ما ان وقعت اعينهم عليه، طلب منهم طاولة قريبة من منظر البحر و بعيدة نوعا ما عن الطاولات الاخرى.
ما ان استقروا في جلستهم على الطاولة التى اختارها حتى خلع نظارته الشمسية، توقف قلبها لوهلة عندما خلعها، لا تدري ايهما اشد زرقة عينيه ام البحر، و لكنها قررت ان لا شئ يستطيع منافسة عينيه او منافسته دون ان يخرج هو رابح من المنافسة.
"كيف لقيتى المطعم؟"
رفعت نظرتها من وجهه لتتأمل في المكان، و قالت بنبرة ارادت منها عدم اظهار انبهارها "ماشي حاله"
ابتسم بمزيج من السخرية و المرح "بس ماشي حاله؟ هالمطعم من اهم المطاعم بالبلد!"
ضحكت هي الاخرى و ردت "ايه .. و شو بدك اياني قول و انا اول مرة فوت عمطعم؟"

"بتعرفي انك لهلا ما اتشكرتيني عالموبايل الي جبتلك اياه"
عرفت ما يقصد بتلميحه و قررت ان تجاريه في لعبته، تلاعبت ابتسامة لعوب على شفتيها "ايه و شو المطلوب ؟ كيف بدك اياني اتشكرك"
امتد يده على رقبتها يتحسس نعومتها، مرر ابهامه على النقطة الحساسة خلف أذنها "يا الله شو جاي عبالي اغمرك هلا"
قال بهمس اوجعها، اغمضت عينيها و هو يقترب ليتشمم عطرها "يا الله ش جاي عبالي ضمك و شم عطرك"
مرر انفه على رقبتها و شعرها "بتعرفي انه عطرك في فرقه من مليون واحدة"
امسكها من شعرها بقوة لا ارادية نتيجة مشاعره ثم قرب وجهها اليه ليقبلها اخيرا بعد ان فقد ما بقي له من سيطرة، نسى كل منهما ما يحيطهما و امكانية أي شخص من رؤيتهما و فقط ظلا في أحضان بعضهما لدقائق طويلة دامت كأنها عمر، عمق قبلته وو هو يحرك رأسها لتصبح في زاوية مناسبة لها، ابتعدت عنه قليلا قائلة من بين انفاس متسارعة "و بعدين معك؟"
وضع جبهته ملاصقا لجبهتها و اغمض عيونه قائلا بضعف "و بعدين انتي معك؟ كل شي معي بتغير و انتي موجودة ... ما بعمري فقدت سيطرتي عحالي مع أي واحدة غيرك"
"نحنا هيك بنلعب بالنار وائل..لا انت قادر ترفع ايدك عني و لا انا قادرة قلك لأ"
"لا تقولي لا... لا تقفي قبال هالانجذاب الي بينا ..تركي كل شي بسحره بجماله بعذابه"
انهي اخر كلمة له و هو يقترب منها مرة اخرى و ما ان تلامسا حتى وجدت طرقاً عنيفا على جهتهت من نافذة السيارة، نظر كلاهما بصدمة الي النافذة ليجدا داليا تنظر اليهم بعيون تقدح شرار و دقات يديها تكاد تكسر زجاج النافذة.
كان وائل اول من تحرك و فتح باب السيارة و خرج منها مهاجما داليا "شو في داليا راح تكسري السيارة شو بدك؟"
" و الك عين كمان تسأل انت و هاي الحقيرة؟"
رد وائل بغضب بدا واضحا على ملامحه "احترمي حالك و انتي بتحكي معي؟ خير شو في ؟ شو بدك؟"
"شو بدي؟ و الله ما في أجراء منكم؟ شفتكو بعيوني و انتو بحضن بعض و الله بيعلم لو ما اجيت شو كان صار بيناتكن؟
استغلت رينا فرصة انهماك داليا في شجارها مع وائل و خرجت من باب السيارة علها تجد الفرصة مناسبة للهرب.
"ايه و مبروك عليكي داليا ...شفتينا سوا ..طيب شو مفروض اعمل؟
قالت داليا مصدومة من ردة فعل وائل الا مبالية "يعني مش مهتم اني مسكتكن بالجرم المشهود؟
"والله ؟ ليش مفروض خاف منك و لا لا تكوني وصيه على و انا ما بعرف؟"
استكمل بنظرة باردة من عينيه " كتير زودتيها و طلعتي برا حدودك كتير... و هلا وقتك تعرفي انا اعمل شو ما بدي كيف ما بدي و لا انتي و لا مليون غيرك بيطلعلوا يحاسبني.. و اخر مرة بتدخلي باي شي بعمله ..مفهوم داليا"
نظرن داليا بحقد لرينا، كانت تظن انها بمفاجأتهم بهذا الوضع قد تكسر عين هذه الافعي و لكن بدلا من ذلك قلب وائل الطاولة عليها و جعلها هي بموقف سئ..كيف يفعل ذلك ؟ كيف يضعها دائما بموقف حرج أمام غريمتها.
نظرت لها رينا بانتصار و هي تشعر ان لا شئ تخاف منه بعد اليوم و ان ايامها السيئة انتهت بوصول سيد القصر و سيد قلبها الي حياتها.
نظرت اليه و شبح ابتسامة على شفتيها و هي تقول له هامسة كلمة شكرا على وقوفه مرة اخرى الي جانبها و تجنيبها موقف حرج لم تكن لتخرج منه سالمة لولا وجوده، و لكن بذلك هي تقرب نفسها الي الخطر مرة اخرى,,, هي تعلم جيدا بان الامور لن تمر بخير لفترة طويلة و عليها تحضير نفسها للقادم.