آخر 10 مشاركات
231 - بقايا ليل - كيت والكـر (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          غريب الروح * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Heba aly g - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          لحظات صعبة (17) للكاتبة: Lucy Monroe *كاملة+روابط* (الكاتـب : ميقات - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          الانتقام المرير - ليليان بيك (الكاتـب : سيرينا - )           »          المتمردة الصغيرة (25) للكاتبة: Violet Winspear *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          القليل من الحب (81) للكاتبة Joss Wood .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-05-09, 11:27 PM   #1

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
20 545 ـ لا وعود بالحب ـ ليليان بيك ق.ع.د.ن (كتابة /كاملة )**


رابط اخر للرواية

لا وعود بالحب



ليليان بيك.. (545)
سلسلة روايات قلوب عبير
دار مؤسسة النحاس



اسم الرواية : لا وعود بالحب أو خطوبة مزيفة (لها اسمين)
تاريخ اصدار الرواية : 1994
الاسم الاصلي لرواية : no promise of love


الملخص


رولف فلدر، مدير فندق عائلة فلدر الشديد. كان قد خذل في الماضي،
ولم ينو بعدها ان يسلم رأسه او قلبه لأية إنسانة على وجه الأرض. من دون شك،
كان رولف يجد ابيغيل جذابة. وكانت خطوبتهما المزيفة تساعده على تحقيق بعض مأربه، ولكن ما
الجدوى ان تقع ابيغيل في حبه ان كان ذلك الحب لا يحمل لها سوى الألم وخيبة الأمل؟




رابط الرواية على هيئة كتاب :

رابط الرواية ككتاب ألكتروني كملف وورد
على ميديافاير
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

رابط الرواية ككتاب ألكتروني كملف PDF
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

رابط بصيغة txt
على ميديافاير
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



الفصل الأول


لم يخطر على بال أبيغيل التساؤل عما اذا كان من المفترض بها أن تشارك في الرحلة أم لا ، الا عندما بدأت الطائرة بالهبوط ، عندها فقط فكرت أبيغيل انه كان من الاحرى بها الا تشارك بأية رحلة .
تقاعد المهندس المعماري الذي كانت تعمل لديه ، واصر خلفه على احضار سكرتيرته الخاصة معه . عندها ، رأت أبيغيل مستقبلها ينهار أمام عينيها .
" انني آسف جداً . " قال لها جورج الوين : " ولكن يبدو انني لا استطيع مد يد المساعدة لكِ حتى تتمكني من الاستمرار بالعمل في هذه الشركة . "
" انني اتفهم الوضع ، سيد الوين . " قالت أبيغيل ذلك وقلبها يتقطع حزناً ،
" وأنا اشكرك وأقدر لك كل ما فعلته من أجلي ، خاصة بالنسبة للمبلغ الذي دفع كتعويض لي ، فهو سيساعدني كثيراً لاحقاً . "
ما كان من السيد الوين الا أن ابتسم ، ثم ركز اهتمامه على شؤون اخرى . ولكن أبيغيل لم تستطع حقاً تفهم الوضع ، وكان هذا ما قالته لرايموند فلدر ، ذلك الشاب الذي يسكن في شقة مجاورة لشقتها في المبنى الواقع في احدى ضواحي لندن .
قال رايموند لها : " اذاً ... استعملي المال الذي حصلت عليه للتمتع بعطله جميلة انني اعرف .... " وجال في ارجاء المكان . توقف بعدها عن الكلام وقطب حاجبيه اذ رأى الحدائق الخلفية للمبنى ثم عاد يتأمل تلك الحديقة التي كان المستأجرون يتقاسمونها : " هيا ، تعالي ألى موطني ، ألى سويسرا ، أرض الجبال والمستنقعات و.... " ثم تغيرت تعابير وقسمات وجهه اذ تابع : " حيث المناظر هي اجمل بكثير من تلك التي نراها الان في الخارج . "
أجابته أبيغيل : " لا يمكنني تحمل النفقات التي توجبها رحلة كهذه ، ولكن شكراً لك على اقتراحك . سوف أقوم برحلة ألى سويسرا في يوم من الايام ربما وذلك ان حصلت من جديد على عمل . "
" لا ، لا ، سوف تأتين ألى لوسيرن كضيفتي . سوف تكونين ضيفة لدى عائلتي ، لأننا نعيش في فندق . هناك منزل نقوم بتجديده للاقامة فيه – أبي ، أخي ، أختي ، وأنا ولكننا الان نقيم في فندق بانوراما ، ذلك ألى ان يغدو المنزل جاهزاً لسكن . "
" يبدو ذلك رائعاً يا رايموند ولكن لا يمكنني الموافقة على أمر كهذا . كيف لي ان اكون ضيفة العائلة وأنا لم اقابل أي فرد منها سواك حتى الان ؟ ان أمك ... "
أومأ رايموند وقال بحزن : " لقد فقدناها منذ عدة سنين . "
أكملت ابيغيل كلامها بعد فترة : " أنني آسفة جداً . حسناً ان والدك .. إذن هذا دون ان آتي على ذكر أخيك . "
" لا تأتي على ذكره هو بالأخص ، انه يكبرني بتسع سنوات وهو يعتقد ان فارق السن هذا يعطيه الحق بأن يتحكم بتحركاتي ويبدي آراءه بتصرفاتي . هو كذلك متحيز للرجال ويكره النساء . "
بعد أن قامت ابيغيل بعملية حسابية بسيطة ، أدركت أن أخ رايموند قد تجاوز الثلاثين بقليل ، وهو يكبرها بست سنوات ،، قالت : " حسناً بما أن النسوة يشكلن نصف عدد السكان في العالم فلا بد أن أخاك يقضي معظم وقته وهو متجهم الوجه ."
قال رايموند موبخاً إياها : " لا تخطئي فهمي ، انه يقدر كل ما تستطيع المرأة تقديمه ، هل تعلمين؟ " ثم أضاف : " انه يكره النساء لأن المرأة التي كان مصمماً على الزواج منها قد تخلت عنه لترتبط برجل اكثر ثراء ، وذلك بثلاثة أضعاف لذلك فقد جرحه تصرفها جرحاً عميقاً حتى أنه قرر ألا يرتبط بامرأة أخرى مجدداً . فهو يقول إن النساء يردن فقط الثروة والمكانة الاجتماعية الرفيعة عند الزوج . "
همت أبيغيل بالتعبير عن سخطها لهذا الحكم القاسي من قبل أخ رايموند ولكن هذا الأخير أكمل كلامه .
" لكن لا تجعلي ذلك حاجزاً يمنعك من المجيء . كان يجب عليّ ألا آتي على ذكر رولف . من المرجح أنكِ لن تتعرفي عليه أبداً . ذلك ان طموحه في الحياة هو العمل انه رئيس شركة هندسة في زيوريخ ، وعمله هذا يتطلب منه الكثير من الوقت . طبعاً ذلك لا يمنعه من لقاء صديقته انها بريطانية ، أما اسمها فهو لورا مارشان وهي صحافية مالية ذات تفكير منطقي سليم . "
ساورت أبيغيل بعض الشكوك لم تستطع معرفة اسبابها فقالت : " هل ستكون أختك موجودة في الفندق؟ "
أجاب : " مارتينا؟ لن تكون هناك في بادئ الأمر ، ولكنها ستحضر بعد قدومنا انها تؤسس مشغلاً ولكنها حسناً ، لا بأس بها فهي ليست قاسية أو أي شيء من هذا القبيل . انها تعمل في مجال الأزياء نعم الأزياء وتصميم الملابس وهي الان في الخارج بداعي العمل ! "
عادت أبيغيل ألى الواقع ، فقامت بتثبيت حزام الأمان ثم أغمضت عينيها وتساءلت عن صحة ما قامت به ثم تمنت لو انها لم تدع رايموند يقنعها بالقيام بهكذا خطوة .
كان رايموند قد انهي سنة اختبار كمحاسب في مكتب عمه القائم في وسط لندن وقد اظهر الكثير من الفرح عندما وافقت أبيغيل على عرضه ثم سافر قبلها بينما كانت أبيغيل لا تزال تنهي الاجراءات المتعلقة ببلاغها ألى الشركة وتهتم بترتيب أمورها وكانت قد تخلت عن غرفتها لفتاة أخرى وحين غادرت متجهة نحو المطار شعرت بأنها قطعت تماماً طريق العودة وكانت قد شعرت بالحماس بعدما اقفلت الباب وراءها ولكنها احست ايضاً بالخوف فهي لم تستطع انكار الامر . كان يجب عليها الاقتصاد في النفقات لذلك لم يكن يجدر بها الاقدام على خطوة مماثلة والذهاب في رحلة سياحية . وبالرغم من أن رايموند قد رحب كثيراً باقامتها في الفندق كضيفة فهي لم تنو ابداً قبول عرضه السخي بل أنها كانت مصممة على استعمال مدخراتها طوال فترة اقامتها في سويسرا كذلك قالت معزية نفسها : " لم تكن تكاليف الاقامة في فندق بانوراما باهظة والا فكيف يفسر امر اقامة عائلة فلدر في ذلك الفندق خلال فترة طويلة؟ "
كانت أبيغيل قد حزمت حقائبها ووضعت فيها بعض الكتب لفترة اقامتها القصيرة ولكن بالرغم من ذلك فقد كانت حقيبتا السفر وحقيبة يدها التي حملت على عربة الترولي ثقيلة يصعب تحريكها . كان رايموند قد وعد بملاقاتها عند وصولها ألى المطار وقد شعرت بكثير من الارتياح اذ كان موجوداً بين الجموع .
استقبلها رايموند في المطار بحرارة : " مرحباً ، يسرني رؤيتك من جديد يا آبي . أنا أعرف مواعيد القطار عن ظهر قلب وان توجهنا نحو المحطة الان سوف نكون في الموعد المحدد لنستقل القطار القادم . ان المحطة موجودة تحت مبنى المطار ، لذلك علينا النزول ألى الطابق السفلي . اتبعيني . "
فعلت ابيغيل كما قال لها رايموند . وامسك عنها الترولي الذي اخذه من يدها بعد ان تجاوزا الحشود المجتمعة .
" انظري كيف ان عربة الترولي هي مصممة بذكاء كبير ، فنحن نستطيع ايصالها بسرعة ألى السلم الدوار . "
" ان ذلك رائع . " قالت ابيغيل ، وهي تقف ألى جانبه وتفكر كيف يمكن لدواليب عربة الترولي الوقوف على السلالم المتحركة " ان المهندسين السويسريين هم اذكياء جداً أليس كذلك؟ " قال رايموند ذلك ممازحاً ، وهو ينظر اليها : " كما قلت لكِ فأن أخي هو في عدادهم . " دفع رايموند عربة الترولي بقوة حتى غدت على مستوى ارض الطابق السفلي وتابع عملية دفعها وهو يقول اذ كانت تمشي بالقرب منه : " انني حقاً سعيد بقدومكِ . "
اجابته ابيغيل ، وقد تاثرت لكلماته : " شكراً لك على دعوتك! "
" هل أنتِ على علم بأن الصناعة التي تحتل المكانة الأولى في بلدي تتعلق بهندسة الميكانيك؟ "
" ولكنني كنت على اعتقاد ..... "
" أعلم ، كنتِ على اعتقاد بأن رياضة التزلج ، تسلق الجبال ، والتزحلق على الجليد تحتل المكانة الأولى في البلاد . "
" ان هذه الامور ليست مصدر دخل مهم للبلاد فالصناعات الكيميائية والصيدلية تحتل المكانة الثانية بعد الهندسة ، ثم تتبعها صناعة النسيج وبالطبع صناعة الساعات السويسرية التي هي ذائعة الصيت . "
" كذلك الامر بالنسبة لصناعة الاجبان والشوكولا . . لقد تكلمت عنها مراراً . ذلك دون ذكر امر المصارف وشركات التأمين ... "
قال : " انكِ حفظتِ عن ظهر قلب الدليل السياحي عندما كنتِ في الطائرة والان.. يجب ان نبلغ رصيف السكة الحديدية . "
بعد مرور عشرين دقيقة ، كانا جالسين في مقصورة القطار . سألت ابيغيل هذا الاخير الذي اشاح بنظره عن المناظر الخارجية وحدق بها : " أشعر بالقلق بسبب تكاليف الغرفة في الفندق ، و .. "
" سبق وقلت لك ... لا يجب ان تشعري بالقلق . فأنتِ حضرت ألى سويسرا كضيفتي يا آبي ، وذلك يعني بأنني سوف اتكفل بدفع تكاليف عطلتك في سويسرا . "
" لن اسمح ابداً بهذا الامر ، أنت لا تستطيع تحمل نفقات اقامة أي شخص في سويسرا . "
" سوف تفاجئين اذاً . " قال رايموند ذلك وهو يضحك عندما ترجلا من السيارة ، نظرت ابيغيل ألى المظهر الخارجي للفندق فلاحظت مدى فخامته ،
وما كان منها الا ان قالت بسرعة : " انني آسفة يا رايموند ولكني بكل بساطة لا استطيع البقاء هنا ."
وضع حقائبها أرضاً ثم استدار نحوها : " اتعنين بأن الفندق ليس فخماً بما فيه الكفاية لتقيمي فيه . "
" لا تكن سخيفاً أنت تعرفني كفاية حتى لا تعتقد كذلك أنا أعني انني لا استطيع تحمل نفقات الاقامة في هكذا فندق فمن الواضح انه فخم جداً وغالي كذلك فأنا لست موافقة على الاقامة فيه بصفتي ضيفتك . الامر سيكلفك ثروة كذلك ، أنا متأكدة من انك لا تستطيع تحمل نفقات اقامتي فيه . "
" هناك امر لست على علم به بعد ، يا ابيغيل ولكن هل ابوح لك بالسر؟ ان فندق بانوراما يعود ألى عائلة فلدر . لا تستغربي الامر ألى هذا الحد . "
همت ابيغيل بحمل حقائبها ولكنه اوقفها : " أنا لم اسمع ابدأً عن أية فتاة تلوذ بالفرار عندما يقول لها شاب بانه ليس فقيراًكما كانت تتصور . هيا يا آبي ، بالطبع يمكنك الاقامة هنا ، خاصة بعد ان تأكدت بأنني لن ادفع أي مبلغ من المال مقابل اقامتك أليس كذلك؟ "
سمحت أبيغيل لرايموند بحمل حقائبها وقالت : " اذاً ساقيم هنا اياماً معدودة؟ "
قال رايموند لاحقاً عندما التقيا بعد الظهر في الرواق : " لم تشاهدي غرفتي بعد انها اوسع بقليل من غرفتك ، ولكنها اصغر حجماً من غرفة أبي وغرفة أخي ليست بعيدة أبدا ، أنها هنا . "
كانت الغرفة أوسع من غرفتها . كذلك كان اثاثها افخم من اثاث غرفتها . وفكرت ابيغيل بأن ذلك الامر كان متوقعاً . ضمت غرفتها عدة تجهيزات تفوق جودة معظم التجهيزات الاخرى التي تقدم عادة في الفنادق السياحية .
قال رايموند : " لا تترددي بالجلوس ، فساحضر شراباً ماهو نوع الشراب الذي تفضلينه؟ "
" أفضل عصير الليمون اذا سمحت . "
بعد ان انتهيا من شرب العصير ، أخذ الكوب الفارغ من بين يدي ابيغيل ثم فتح خزانة واخرج علبة شرائط .
قال رايموند : " يا لسوء الحظ . ان الشريط الذي أريده ليس موجوداً هنا . متأكد من أنني اعرته لرولف . " ثم أعاد العلبة إلى مكانها وتابع : " هل تودين رؤية مكان إقامة أخي ، ان غرفته تبعد مسافة غرفتين عن غرفتي . "
وكان جناح أخيه فعلاً كما قال رايموند اوسع بقليل من جناحه ، لكن أثاثه كان من الطراز الحديث وبالفخامة نفسها .
" تأملي المكان بينما افتش عن الشريط الذي استعاره أخي منذ عدة اسابيع . "
تاملت ابيغيل المناظر المحيطة بها ، ثم رفعت عينيها نظرت ألى الجبال ، ثم استدارت فشعرت بقوة هذا الجو ، حيث الالوان الداكنة والستائر الغريبة . اما الكتب الموزعة في الغرفة ، فقد كانت تتكئ الواحدة على كتف الاخرى على الرفوف ولاحظت بان معظمها تتضمن الهندسة ، كما ان بعضها يتمحور حول موضوع توليد الطاقة ، وكان هناك كتاب واحد اواثننان على الاكثر يتناولان موضوع ادارة الفنادق وقد استغربت أمر وجودهما بين الكتب الاخرى . ولم يكن هناك أي شيء في الغرفة يوحي بأن دماغ صاحبها يمكن ان يرتاح في عالم الخيال حتى ولو لساعة واحدة .
وكان هناك صورة امرأة على طاولة صغيرة مستديرة قرب النافذة . كانت تعابير وجهها توحي بالكثير من الثقة بالنفس ، لكأنها متاكدة من اهمية دورها في المجتمع .
سألت ابيغيل وهي تشير ألى الصورة : " رايموند ؟؟ "
" تودين معرفة هوية هذه المرأة ؟ انها لورا مارشان صديقة رولف . الم تعرفي بالامر مسبقاً ؟ لقد اخبرتك عنها . "
كانت ابيغيل تشعر بوجود صاحب المكان ، وكانت تشعر بأنها التقته من قبل مع ان الامر ليس كذلك في الواقع .
شعرت باحساس غريب وكأنها مراقبة من قبل شخص ما . واحست بالحاجة الملحة ألى الهرب ، فخرجت بسرعة من الغرفة . في لحظة ذاتها ، رن جرس الهاتف في غرفة الجلوس .
" هلا أجبت يا رايموند؟ " سألت ابيغيل وهي تحدق بالهاتف كما لو كان حيواناً متوحشاً يستعد للوثوب .
كان رايموند ما زال يبحث داخل الخزانة العائدة لأخيه . قال بصوت ضعيف : " كوني لطيفة واجيبي انتِ؟ لا يمكن ان يكون الأمر مهماً جداً فموظفة الاستقبال تعلم ان رولف ليس هنا! "
رفعت ابيغيل سماعة الهاتف واكتفت بالاستماع اذ انها لم تعرف أي لغة كان يجب عليها ان تستعمل .
" رايموند . " كان الصوت عميقاً ونبرته كانت تنم عن الغضب . سال رايموند وهو يخرج عدداً من الشرائط : " من المتكلم؟ " عاد الصوت يقول بنبرة مشحونة بالغضب : " مرحباً . "
أومأت ابيغيل دون التفوه بكلمة ، وكانت قد ازاحت سماعة الهاتف عن اذنها . تقدم رايموند واخذ منها سماعة الهاتف . " مرحباً رولف؟ " ثم صمت و أصغى ألى المتكلم وكان ينظر تارة ألى ابيغيل ويشيح طوراً بنظره عنها : " اسمها؟ انه ابيغيل ، ابيغيل هايلي . "
تردد رايموند ثم تكلم باللغة السويسرية مطمئناً ألى انها لن تتمكن من فهم ما يقوله . ثم اكمل الحديث بسرعة يشرح سبب وجوده في المكان . وتجاهل رايموند صرخة التعجب ، التي بدت وكأنها مزيج من الزمجرة والتذمر وكانت عالية جداً حتى ان ابيغيل سمعتها جيداً .
ثم تابع الشقيقان الحديث ، وعندما سمعت رايموند يقول باللغة السويسرية : " نعم العم مانفرد بخير . " علمت بأن شقيق رايموند كان يسأله عن عمله في مكتب عمه في لندن . انتهت المحادثة ، فاستدار رايموند وقد بدت على وجهه علامات الحزن : " هل ارتكبت جريمة اذ قلت لرولف بأنك صديقتي ؟ على كل حال ، أنا اشعر بالصداقة الاخوية تجاهك . الا تبادليني الشعور نفسه؟ "
ضحكت ابيغيل ولم تجب . اعاد من جديد توضيب الشرائط على الرفوف التي وجدت لهذا الغرض .
" لقد وجدته ." صرخ وهو يلوح بالشريط في الهواء ، ثم قال : " الان ، سوف تتناولين طعام العشاء معي . "
فضحكت ابيغيل : " شكراً ، الان يجب ان اجهز نفسي . "
اومأ موافقاً : " إلى اللقاء إذاً ، عند الساعة السابعة والنصف . سيكون ذلك بمثابة موعد . "
نظرت ابيغيل في المرآة فرأت وجهاً متجهماً ، فمجرد سماع صوت شقيق رايموند قد اثر عليها . على الرغم من انها لم تتفوه بأية كلمة بعد ما رفعت سماعة الهاتف ، فهي تشعر الان بدقات قلبها تتسارع كما لو انها دخلت في جدال حاد مع ذلك الرجل .
خرجت من المصعد ، وكان رايموند بأنتظارها : " إن طاولتنا جاهزة. "
ثم توجه نحو النافذة العريضة : " نحن نفضل ان تكون اعصاب زوارنا هادئة ، ولا نطلب منهم ان يتصرفوا بطريقة محددة . "
أخذ رايموند لائحتي الطعام الكبيرتين ، ثم اعطى واحدة منهما لأبيغيل واختفى وجهه جزئياً خلف لائحته التي بدأ بقراءتها : " ماذا تختارين لهذه الأمسية؟ اعتقد إنني أفضل .. دعيني أرى .."
" إن الخيارات هي عديدة ومتنوعة كثيراً ، إلى حد أنني اجد صعوبة في انتقاء صنف معين . "
" ثقي بكلامي إن كل أنواع الأطعمة الموجودة على هذه اللائحة شهية . هل كنتِ على علم بأن الأطعمة السويسرية تضم أنواعاً كثيرة من عدة بلدان؟ وهناك الكثير منها ، ولكن .... ما رأيكِ بأن نأكل هذا المساء ما يسمى ( بالبوبوي ميت جيموز ) ، وهو عبارة عن الحساء مع بعض الخضار؟ طبعاً بعد ان نحضر البعض من الأطباق الباردة . "
قالت محتجة : " لن نأكل نوعين من الأطباق أليس كذلك؟ ."
" بالطبع بلى ، ولكن هذين الطبقين سيأتيان أولاً ثم تتبعهما أصناف أساسية نستطيع ان نختارها من بين عدة أنواع من الطعام . اما اسماؤها فهي لاتحتاج إلى الشرح إذ أنها باللغة الإنجليزية ، وهي الشرائح المحمرة مع الطماطم والفلفل ، او السمك مع صلصة . بعد ذلك يأتي دور الحلوى . "
" أرجوك ، لن أقدر أبداً على أكل كل هذا . "
" حسناً ، عليك إذن اختيار الأصناف التي تريدينها حتى نتمكن من طلبها ، موافقة ؟"
وأعلمت أبيغيل رايموند بقرارها عندما كانا يحتسيان القهوة بعد أن انتهيا من الأكل : " أشكرك لأنك عرضت علي تغطية نفقات إقامتي هنا ، ولكنني أصر بشكل قاطع ونهائي على تغطية مصاريف إقامتي بنفسي . أرجوك ، لا أرغب في أن نتجادل مجدداً بالنسبة لهذا الموضوع . "
بدت على وجه رايموند علامات التأثر ، فقال : " مما يعني أنكِ سوف تحزمين حقائبك لمغادرة الفندق غداً . "
" هل تعني بأن تكاليف الإقامة هنا سوف تكون باهظة؟ ربما أنني سوف أبقى هنا لمدة يومين فقط . ليس ذلك لأنني أود مغادرة الفندق ولكن ربما يمكنني أن أجد فندقاً آخر في الجوار حيث تكون إقامتي اقل كلفة أليس كذلك ؟ "
شرب رايموند ما تبقى من القهوة ثم أعاد الفنجان إلى الطاولة وبدت عليه علامات التفكير : " إن وجدنا لكِ عملاً تقومين به هل يسكت ذلك صوت تأنيب ضميرك الناتج عن قبولك الحلول علينا كضيفة؟ "
قالت ابيغيل والابتسامة تعلو وجهها : " هل تريد أن أعمل بغسل الأطباق في المطبخ ؟"
ضحك رايموند فأجاب : " ليس الأمر كذلك فعلاً يا آبي . أني أرى أمر تقديم فرصة عمل لك غير ضروري البتة ، ولكن إن كان ضميرك يصر على ذلك ... سوف أفكر الآن بصوت عال لقد وجدتها ، يجب أن نجد لك عملاً كنادلة هنا ، في هذا المطعم ." " هل هناك وظيفة شاغرة؟ "
" لا أعتقد ذلك . ولكن يمكن تدبر أمر كهذا أو ربما ...." نظر رايموند إليها وعلامات التردد تظهر على وجهه . فما كان منها إلا أن ساعدته إذ بادرت بسؤال :" كما اقترحت سوف اضطر ربما إلى العمل في المطبخ أليس كذلك؟ "
" سوف تمقتين العمل هنا كذلك الأمر بالنسبة لي . سوف يكون شاقاً وأنا دعوتك إلى هنا بصفتك ضيفتي . "
" بصراحة ، يا رايموند ، أنا لا أمانع أبداً بالقيام بالأعمال المتعبة . "
" هل توافقين على ترك هذه المهمة لي؟ أرجو ألا تمانعي البقاء هنا كضيفة إلى حينها موافقة ؟ "
" شكراً ، لقد ربحت الجولة الأولى . " وصب رايموند من جديد القهوة في الفنجانين ، ثم قال : " سوف نشرب القهوة احتفالاً بانتصاري الأول . "
في صباح اليوم التالي ، انتهت ابيغيل من تناول طعام الفطور الذي كانت قد وضعته على الطاولة الموجودة على شرفتها .
" إن أبي يزور بضع الأصدقاء في فرنسا . " كان رايموند قد قال لها ذلك عندما حان وقت فراقهم وأضاف : " وكما تعلمين فأن أخي في الخارج بداعي العمل . غداً سوف أعود إلى عالم الواقع لأني سوف أعاود مزاولة عملي في المدينة . "
وكان قد أخبرها بأنه يشغل وظيفة محاسب في المكتب الذي كان يتولى إدارة شؤون فندق بانوراما .
ثم حدقت ابيغيل بالمنظر الرائع الذي لابد وانه كان السبب في اطلاق هذا الاسم على الفندق . وتصاعدت رائحة القهوة من شرفة أخرى في الفندق فأيقظتها من تأملاتها الحالمة . في اللحظة نفسها ، دقت الساعة الكبيرة في المدينة معلنة تمام العاشرة . دخلت إلى غرفتها وتوجهت نحو الطاولة حيث وضعت الكتاب الذي حوى معلومات عن البلد . ثم قرأت : " إن سويسرا هي إحدى البلدان الأوربية حيث يلاحظ تعدد اللغات . فالعديد من السويسريين يتكلمون لغات متنوعة . كذلك ، فهذا البلد هو بمثابة سوق بالنسبة لمحبي التبضع . يمكن البحث فيه عن الساعات ، المنسوجات ، الأقمشة المطرزة ، التحف وملابس التزلج . أما بالنسبة للأطباق ، فيغلب عليها الطابع الفرنسي ، الألماني والإيطالي ، ولكل منطقة أطباق خاصة بها . وننصحكم دائماً بطلب المرطبات السويسرية ."
تنهدت وأغلقت الكتاب ، لو كانت تملك الكمية الكافية من المال للتسوق كما ينصح به الكتاب . فكرت بأن ذلك الأمر لا يقف عقبة أمام تفحص الواجهات ، ولم لا؟
توقف المصعد عند المدخل ، فتركت مفتاح غرفتها في قاعة الاستقبال . بعد أن دفعت الباب الدوار ، ضغطت على زر المصعد . وصل المصعد وما لبث بابه ان فتح فدخلت إليه واستمتعت بذلك الشعور الغريب الذي تملكها وهي تراقب الطوابق العديدة في الفندق تتسارع أمام ناظريها .
بعد أن اجتازت الطريق ، وقفت لبعض الوقت وتأملت المنظر أمامها . كانت البحيرة تلمع تحت أشعة الشمس الساطعة التي أخفت كل اثر . خلف البحيرة كانت الجبال الشاهقة تمتد في الأفق وكانت قمم البعض منها مكللة بالثلوج .
كانت المراكب الصغيرة تمر الواحدة تلو الأخرى في نفس الوقت ، وبدت جاهزة لتباشر عملها الصباحي . وكانت أصوات صفارات الأخرى بإفساح المجال لها .
شعرت بأن الحياة حولها تتبع مجراها الطبيعي ، حتى ان أوراق الأشجار المصفوفة على طرف الرصيف كانت تصدر باستمرار أصوات حفيف إذ كانت كانت تداعبها نسمات الصباح . كان هناك أصوات تدل على الازدحام وقد احدثتها باصات تمر بسرعة ، في الجهة المقابلة من الطريق ، كانت لوحات دعائية مضاءة كتب عليها أسماء معروفة : رولكس وبياجية آفيا ولونجين . فكرت بأن هذه اللوحات تشد انتباه الانسان وتجعل لديه الشعور بالاندفاع بسرعة لابتياع ساعات اليد الذهبية ، والانواع الأخرى من الساعات ، كذلك الأمر بالنسبة للمجوهرات المعروضة بالقرب منها .. على شرط ان تتوفر الكمية اللازمة من المال ليدفع ثمن تلك السلع الفخمة ، ولم يكن الحال كذلك بالنسبة لها . وكان كل شيء يثير اهتمامها ، حتى الملصقات على اللوحات الاعلانية . وكانت تعلن عن الحفل الموسيقي الذي سوف يقام بعد بضعة أيام في المسرح المخصص للحفلات الموسيقية في المدينة .
مر النهار وكأنه نوع من الحلم . وكانت ابيغيل قد تناولت طعام الافطار وشربت القهوة وعصير الفاكهة في المقاهي التي توزعت في كل مكان . كذلك ، فقد تأملت الواجهات واعجبت كثيراً بالاقمشة والبياضات ومحارم اليد المطرزة بأسلوب مميز والمعروضة بذوق وفن . وأحبت كثيراً اشكال وألوان البضاعة التي حيكت باتقان ، كذلك الأمر بالنسبة لسكاكين الجيش السويسري الشهيرة والتي تتميز بتعدد شفراتها وكانت ابيغيل قد جالت بين محلات البيع الكبيرة وحدقت بشغف بالبضاعة الرائعة وكذلك ، فقد اثارت المحلات الصغيرة حشريتها . وأحبت كثيراً منظر الساعات المعلقة على الجدران والتي كانت تستقطب الاهتمام وذلك بسبب اسلوب صنعها المسلي والمضحك . وكانت ابيغيل قد استمتعت إلى الموسيقى الصادرة عن علب موسيقية تتعالى بأصواتها المتناغمة كلما رفع غطاؤها . كذلك فقد تصورت جمال المنحوتات اليدوية والخشبية والسيراميك وهي تزين رفوف بيتها . ولكنها تذكرت وهي تحس بغصة بأن تلك الرفوف لم تعد ملكها من مدة . وغرقت ابيغيل في حلم من أحلام اليقظة ، فرأت نفسها من جديد بالقرب من شاطئ البحيرة وهي تتأمل المراكب والانعكاسات الذهبية للشمس على صفحة المياه وتذكرت ابيغيل بعد فوات الأوان بأن وجهة السير في سويسرا هي عكسها في بلدها . فقد أحست بدفع سيارة على ذراعيها الأيسر وكتفها ثم وقعت أرضاً . وكانت أصداء أصوات مكابح تشد بعنف تتردد في رأسها وهي على الرصيف وقد أدركت بأنها فقدت وعيها لبعض الوقت إذ أنها استفاقت فجأة لتجد نفسها في مستشفى .

ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 28-04-16 الساعة 03:21 PM
أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-05-09, 11:29 PM   #2

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني

تحرك جفنا ابيغيل ففتحت عينيها وسمعت نفسها تهمس رايموند؟ ثم أدركت أن هناك شيء ما في هذه الكلمة يرن بنغمة خاطئة ( كيف ...؟ ) قالت وعيناها تحملقان بعيني الشخص الذي أمامها وقد شعرت بأن العالم بدأ يدور ببطء .
وسمعت العديد من الأصوات . كانت الأسئلة تتعاقب باللغة الألمانية ، وتعالت الأصوات الغاضبة فوق راسها ( كراكنهوس؟ )
كان هناك شيء في داخلها يقول لها بأن هذه الكلمة تعني مستشفى . فقد سبق ورأتها من قبل في ملف الفندق ، لا ، لا أريد المستشفى ، قالت : " إنني على مايرام ، أنا .. "
" إنني متأكد بأنه ليس هناك أي عظام مكسورة . " قال أحدهم باللغة الانجليزية وقد تعمد ذلك لكي تفهم مايقوله . : " إنها آثار الصدمة ، كذلك ربما بعض الرضوض . سوف أتولى أمر هذه الفتاة واتصل بطبيب فأنا من صدمها ، اليس كذلك اما بالنسبة إليك يا آنسة فاعلمي بأنني لست رايموند . "
لم يكن الصوت الصادر عن المتكلم والذي ينم عن غضب كبير غريباً بالنسبة لأذني ابيغيل : " لن يكون دخول المستشفى ضرورياً . " ذلك يعني أن ما توقعته كان صحيحاً .
سمعت اصوات صفارات الانذار , وابواب تغلق , ثم أحست بأن كل سكان المدينة قد اجتمعوا هنا ليحدقوا بها .
" إنها حادثة . " ثم تبع ذلك تبادل كلمات بين الرجل والشرطة وقد دام لمدة طويلة . أحست بالانهاك . إن كان مجرد الرقاد يؤمن لها راحة الهروب من إحساس الألم , فهي سترقد حتماً ... وبدا لها بعد عدة ساعات بأنها قد نقلت إلى سريرها .
" أليس هناك ارتجاج . كان أحدهم يقول : " إنها الصدمة , والرضوض .. " تبع ذلك حديث باللغة الألمانية وكان صوت احد المشاركين مألوفاً لدى ابيغيل .
بعد قليل اعتقدت ابيغيل بأنها تركت بمفردها ولكنها ما لبثت أن سمعت صوتاً .. وهو صوت رايموند .. يهتف : " ما هذا يا رالف , كيف استطعت أن تقوم بعمل مماثل؟ إن فارقت الحياة أو حتى إن بقيت آثار جروحها ظاهرة , سوف ... "
" اهدأ يا أخي ولا تسترسل في تصوير هذه الدراما ...؟ إنها آثار الصدمة , كما قال الطبيب , كذلك فهي تعاني من الجروح والرضوض والكدمات , التي عولجت بكثير من المهارة . سوف تتألم هذه الفتاة لمدة يومين أو ثلاثة , تعود إلى حالتها الطبيعية . والآن , آنسة هايلي , أعتقد بأنك قد صحوت أليس كذلك؟ "
فتحت أبيغيل عينيها فظهر هذا الوجه من جديد وكان يشبه وجه رايموند ولكنه ليس هو . " أعتقد بأنك تسمعيني . " قال رولف : " إذن قولي لي يا آنسة هايلي من كان المتسبب بحدوث ذلك الارتطام . "
قال رايموند : " توقف عن الضغط عليها وعن استجوابها , إن اجابتك ابيغيل كما تريد فسيكون ذلك بسبب الاكراه؟ "
وأعاد رايموند صياغة جملته تحت نظرة أخيه المستغربة . " ما أعنيه هو أن ابيغيل وفي وضعها الحالي تعتمد على كرم عائلة فلدر بالأخص على كرمك أنت . فأنت هو من صدمها ولكن من المؤكد بأنها لن تلومك لئلا تخسر دعمك ألا توافقني الرأي ؟ "
" إن الحادث قد حصل بسببي أنا يا رايموند . " قالت ابيغيل ذلك وصوتها يرتجف من أثر الصدمة . " فأنا في بلد غريب , كذلك فقد كنت شاردة الافكار وأنا اسير وكان نتيجة ذلك أن نسيت وجهة السير .. وتجاوزت مسامير الرصيف ."
قال رايموند بصوت تشوبه بعض المرارة : " ها قد حصلت على الاعتراف الذي تريده . لقد سقطت عنك التهمة يا أخي ألم يكن يجدر بك تسجيل هذا الاعتراف لكي تشهره كدليل على براءتك ان رفعت ابيغيل دعوى ضدك في المحكمة؟ . "
" أرجوك يا رايموند . " وشعرت ابيغيل بأنها ساندت الرجل الذي صدمها , فالأمر فعلاً لم يكن نتيجة أي خطاء ارتكبه . " لم يكن اخوك هو السبب في الحادث . كان من الحماقة نسيان ... "
خفت صوتها وأحست بالدموع تنهمر على خديها . قال رولف : " لست بحاجة إليك يا آنسة هايلي لتلعبي دور محامي الدفاع عني . هناك العديد من الشهود الذين سيكونون جاهزين لإدلاء الشهادة والوقوف إلى جانبي . "
قالت ابيغيل : " أنني اتحمل مسؤولية الحادث يا سيد فلدر . "
" ابيغيل! " كان رايموند قد تقدم نحوها . " لاتبكي يا آبي . سوف أتغيب عن عملي بعد الظهر و ... "
قال رولف : " هل تريدني أن انتظر أكثر يا رايموند؟ " نظر إلى ساعته ثم قال :" لقد تأخرت بما فيه الكفاية . "
" إن يوماً واحداً .. " استدار رايموند نحو اخيه , وقد رفع قبضته ثم اتجه نحو الباب و مد رولف رأسه باتجاه الردهة : " إذهب . " . أحضر رولف من جيبه منديلاً واعطاه لأبيغيل لتمسح به دموعها .
" ابيغيل . " كانت نبرات صوته متسارعة بشكل غريب , أما نظراته القاسية فقد تغيرت كثيراً بعد أن ظهرت في عيني رولف لمسة حنان اذ نظر اليها وقال : " ان هذا البكاء ناتج عن الصدمة . "
استغربت ابيغيل سماع رولف يناديها بأسمها وتوقفت عن البكاء . لقد شعرت بأنه يحاول مواساتها .
" ما الخطب يا آنسة هايلي؟ " جاء السؤال الحازم من بين شفتيه إذن بالرغم من نظراته الحنونة لها فقد عادا إلى استعمال الألقاب في حديثهما . لقد حذرها رايموند أليس كذلك؟ : " لقد حاولت التعامل معك بالطريقة بالطريقة التقليدية ولكن ارى أن الأمور لم تسر على ما يرام أليس كذلك؟ "
تلفظ رولف ببعض الكلمات ولكنها كانت باللغة الألمانية : " إذن فأنا آسف ." قال وقد اصبحت لهجته اقل حدة .
قالت وهي تحتج بقوة : " انا لم اطلب منك ابداً التصرف هكذا كلا ابداً! والآن هلا .. هلا غادرت من فضلك . "
عندما نهض رولف , أعتقدت ابيغيل بأنه كان على وشك القيام بما طلبته منه . ولكنه بدلاً من ذلك مشى حتى النافذة , ثم استدار ونظر في المرآة الموجودة على الحائط .
" سوف آتي لك بممرضة وبأية مساعدة طبية ممكن أن تحتاجين إليها لتحققي الشفاء التام . "
" شكراً لك ولكن .. ليس هناك من حاجة ... لكي تتباهى بثرائك أمامي!"
سأل رولف بصوت غاضب : " أنت تعرفين كل شيء عني , أليس كذلك؟ "
قالت ابيغيل وهي غير مكترثة لردة فعل رولف : " إن ما قاله لي رايموند بشأنك , يجعلني أعتقد بأنك , وبعد قليل من الوقت , سوف تتهمني بافتعال الحادث ... وبرمي نفسي بالقرب من سيارتك , مثلاً ... حتى أرفع عليك دعوى قضائية , وبذلك أحصل على الكثير من المال كتعويض عن الجروح التي سببتها لي! "
" لا أكترث لرأيك بي ." ضاقت عيناه ثم استدار ليواجهها :" سوف أهتم بك ما دام ذلك ضرورياً خاصة لأنك ضيفة أخي , على الرغم من أنك , يا آنسة هايلي تستنفدين كل صبري !"
نظر إليها فأخذت ترتجف لسبب كانت هي نفسها تجهله :" إنها ... الصدمة وقد سببها .. الحادث! "
وربما كانت ردة فعلها ناتجة عن الصدمة , فكرت أبيغيل , قال رولف بحنان :" إذن , إنك تبحثين عن التعويض ليس إلا! "
أجابته ابيغيل : " كف عن اهانتي . لا اريد أي تعويض منك ."
" لن تفعلي ذلك؟ سوف نرى , أليس كذلك؟ "
بعد ثلاثة أيام كانت ابيغيل تشعر بالتحسن , فجلست على الشرفة تتناول طعام الفطور . كان رولف قد وفى بوعده فهو قد استقدم ممرضة للاعتناء بها , وكانت هذه الاخيرة بشوشة الوجه وهادئة وقد قالت لأبيغيل بأنها تعمل عند السيد فلدر ممرضة لنزلاء الفندق , ويساعدها في عملها ممرضتان . وكان الأطباء جاهزين للحضور إلى الفندق في حال استدعت الحاجة لذلك , وقد عاين أحدهم ابيغيل في يوم الحادث .
" أعتقد بأنك قد غفوت طوال الوقت ." قالت الممرضة فيرا وكانت قد اهتمت بها جيداً , فهي قد عالجت جروحات ابيغيل وبدلت الضمادات كما أنها غسلت الكدمات .
ذات مرة , انضم رولف إليهما .
" اترين , يا آنسة هايلي . بأنني لم اضطر إلى التباهي بثروتي أمامك . ولم أوظف ممرضة . فالممرضة هي من بين مستخدمي الفندق ."
أحمر وجه ابيغيل تحت نظرات رايموند المندهشة وقالت : " لقد أخبرتني الممرضة فيرا بأنها مستخدمة من قبل الفندق . شكراً لك على كل حال . وأنا آسفة لأ ..."
" هل قالت ابيغيل ما رددته الآن يا رولف؟" هتف رايموند بلهجة مازحة , وهو يشير إليها .
جاء جواب رولف مقتضباً : " لقد قالت أكثر من هذا , أكثر بكثير ."
في أحد الايام , إذ كانت ابيغيل في غرفتها , سمعت اصوات ضحك في الردهة , ثم تناهى إلى اذنيها صوت رايموند يقول : " مرحباَ . " ودخلت فتاة هي صورة مطابقة عن رايموند إلى الغرفة .
" أنا مارتينا فلدر . إنكِ ابيغيل هايلي . إنني آسفة لسماعي بأن أخي الكبير قد صدمك . إنها طريقة غريبة تلك التي تم استقبالك بها !"
ابتسمت ابيغيل ثم حدقت بالفتاة .
علقت مارتينا :" لابأس , أعرف أنك تعتقدين بأن نظرك يغشك , ولكن رايموند وأنا توأمان . هل نسي أن يخبرك بذلك؟ فعلاقة أحدنا بالآخر قوية رغم ما يتخللها من مشادات بالحقيقية , يغلب على علاقتنا طابع المشاجرة . أتمنى أن تكون حالتك قد تحسنت , لونك جيد . أم أن ذلك اللون قد نتج عن قدوم رايموند لرؤيتك؟ "
" هل قال ذلك! حسناً , أنا ..."
" هل يتخيل رايموند أشياء لا وجود لها في الواقع . "
قالت ابيغيل , وقد شعرت بالمودة شقيقة رايموند التوأم : " لقد قال لي رايموند بأنك تعملين في حقل الأزياء ."
أومأت مارتينا موافقة : " إنني أصمم وأنفذ الأزياء , لدي مشغل في الدور السفلي من الفندق . عندما تركت الجامعة بدأت أعمل بهذه المهنة , وقد أطلقت على مشغلي أسم أزياء مارتينا . ليس عملي غريباً جداً . ولكن تصاميمي تروق بعض الاشخاص . على كل لقد دعمني والدي مادياً حتى استطعت تأسيسه والاستمرار به , والآن أوظف بعض الأشخاص لمساعدتي . لا أنتج ثياباًَ بالجملة فإن مشغلي غالباً ما ينتج قطعة واحدة من الثياب ... وهذه القطع تبتاعها سيدات الطبقة الراقية ."
أومأت ابيغيل موافقة .
" إن تصاميمي الأخرى ليست زهيدة الثمن , ولكنها في متناول الفتيات العاملات . إن بعض تصاميمي معروضة في المحل الواقع عند مدخل الفندق ."
قالت ابيغيل بدهشة :" أتلك الثياب من تصميمك؟ إنها رائعة . "
علق رايموند : " إنها تمدحك يا مارتينا . فهي تود أن تصممي ثوباً يكون خصيصاً لها ."
" كلا , أنا لا أمتدحها من أجل ذلك . " قالت ابيغيل ذلك وهي تحدق برايموند ثم تابعت : " أنت تتكلم تماماًَ مثل أخيك , وتوحي بأنني مجرد إنسانة تبحث عن منجم ذهب أو رجل ثري ."
في هذا الوقت فتح الباب .
قال ريموند وهو ينظر إلى رولف : " تكلم عن الذئب , وها هو يحضر إليك . انضم إلينا , يا أخي . "
نظر رولف نحو ابيغيل . لم يخف عليه أي شيء لا نظرة عينيها اللامعة ولا وجهها الضاحك .
" يبدو أن أخي وأختي هما علاج ناجح لمرضك , يا آنسة هايلي , ذلك على عكس أبن فلدر الكبير . "
" تعني على عكسك أنت , يا سيد فلدر؟ أنا آسفة ."
قالت مارتينا : " ما سبب كل هذا الاهتمام ... بالرسميات؟ لقد التقيت ابيغيل لتوي وها أننا نتنادى بأسمائنا كأننا أصدقاء قدامى , يا ابيغيل , ناده رولف وأنت يا رولف ...."
جاء جواب رولف العنيف : " إن كلمتها بطريقة بعيدة عن الرسميات , يمكن أن تتهمني بأنني أسايرها لكي أقنعها بعدم جري إلى المحكمة للتحقيق في الحادث ."
ضحك التوأمان .
قال رايموند : " قبل أن تدخل , كانت تتهمني بأنني مثلك تماماً وقد قالت ذلك في سبيل الحط من قدري ."
قال رولف وقد لاحظ ارتباك ابيغيل :" خلال فترة تعارفنا القصيرة ... لا أذكر أنها نعتتني سوى بصفات تدل على الازدراء . "
قالت أخته بطريقتها الواقعية : " سيدوم انتظارك طويلاً كما يبدو . إن الآنسة تعني ما تقوله . "
وسمعت ابيغيل صوتاً بداخلها ينصحها بقول الحقيقة كلها : " مما يعني بأنني لا أستطيع الاستمرار في قبول ضيافة رايموند ."
استدارت مارتينا نحو أخيها رولف : " ابيغيل تقول بأنها تريد أن تعمل مقابل اقامتها هنا . كما قلت , إنها تود العمل طوال فترة وجودها خارج بلادها . اليس كذلك يا ابيغيل؟ "
أومأت ابيغيل موافقة .
قال رايموند :" لقد تحدثت مع ابيغيل بشأن بعض أنواع العمل التي ربما تناسبها مثلاً ." تابع وهو يعد على أصابعه : " ... العمل في الفندق , أو مساعدة في المطبخ , أو نادلة تقدم الطعام . "
استدار رولف وواجهها : " هل لديك خبرة في كل هذه الوظائف؟ "
" ليس حقاً . ولكنني سوف أتعلم ما يجب عمله , وأنا طباخة جيدة كذلك فأنا أتقن غسل الأطباق ."
" لقد ذهبنا إلى عدة فنادق معاً ." قال رايموند ذلك محاولاً مساعدتها : " وقد أصبحت لدينا خبرة لا بأس بها ."
قال رولف بغضب : " أولاً , نحن نستخدم فقط موظفين ذوي خبرة في مطابخنا . لن يحتمل رؤساء الطهاة وجود مبتدئة مثلك , كذلك الأمر بنسبة للموظفين الآخرين . ثانياً إن جميع مستخدمينا مدربون على القيام بأعمالهم على أكمل وجه وهم يحملون شهادات ووثائق تثبت ذلك ."
متى سيتوقف من الهزء مني؟ فكرت وقد شعرت بقلبها ينعصر .
تابع رولف كلامه من دون توقف : " ثالثاً , لدينا طرق تكنولوجية لغسل الأطباق . رابعاً , إن مساعدي موظفي الفندق يملكون الخبرة الواسعة , كذلك الأمر بالنسبة لطاقم النادلين والخادمات العاملات في الغرف ."
" إذن ... لا أماكن شاغرة لديكم ؟ "
" لا أماكن شاغرة , إني آسف ولكني مجبر على قول الحقيقة كاملة . " وشعرت ابيغيل بأنه ليس آسفاً أبداً .
سألت مارتينا رولف : " ألا تستطيع أن تكون أكثر إنسانية؟ في نهاية الأمر , وبغض النظر عمن قد يكون المخطئ , لا يشك أحد في أنك أنت هو من صدمها وجرحها إذ كنت تقود سيارتك . "
صر على أسنانه , أصبحت نظرته أكثر قساوة : " يبدو لي , يا آنسة هايلي , بأن نصف أفراد عائلتي يؤيدونك . على الرغم من ذلك , فأنا أدير هذا الفندق مع والدي .."
" بما أنك تعارض أمر عملي في الفندق , فمن الأفضل لي أن أحزم حقائبي وأذهب ."
قال رايموند وكأنه يريد حمايتها : " ألن تتركها وشأنها؟ "
وكانت ابيغيل قد جفلت قليلاً , ولم تستطيع منع نفسها من ذلك .
قال رولف : " هل ما زلت تشعرين بالألم , يا آنسة هايلي؟ "
" هذه هي يدي الذي تسببت ... الذي تسببت سيارتك ...."
قالت مارتينا : " هل ترى , إنها لطيفة ومهذبة جداًُ إلى حد أنها لم تتهمك بالتسبب بالحادثة . "
" إنها هي المسؤولة عن الحادث إذ أنها اعترضت طريقي . ولم أكن أنا من افتعل الحادث بتوجيه سيارتي نحوها ؟ "
قال رايموند : " إنها لاتزال تعاني من آثار الصدمة , ألا تستطيع رؤية ذلك . لا ليس الأمر كذلك ."
احتجت ابيغيل : " أنه ... أنه أخوك ... ومن طريقة تصرفه , فهو قاس جداً وعديم الإحساس ."
استدار الشقيق المذكور وقبل أن يصل رولف إلى الباب قال رايموند : " إن كلامك هذا يلخص طبع أخي . "
أقفل الباب وراء رولف فلدر بهدوء كان يعبر عن غضب قد كبح لجامه .

" لنتناول طعام الفطور معاً ."
قالت مارتينا محاولة إقناع ابيغيل بعد يومين من لقائهما : " إن شعرت بأنك نشيطة بما فيه الكفاية ."
طمأنتها ابيغيل : " أنا بخير الآن , تأكدي من ذلك . نعم أود تناول طعام الفطور معك , في الحقيقة , أحب ذلك فعلاً فسوف يشكل تغييراً بالنسبة لي إذ أنني أتناوله عادة بمفردي؟ "
التقت الصديقتان عند باب المطعم وقادت مارتينا ابيغيل إلى الطاولة التي تقاسمتها هذه الأخيرة مع رايموند قبل وقوع الحادث . كان رايموند هناك .
قال : " أجلسي هنا تفضلي . "
هتفت ابيغيل : " إنه صباح جميل . "
قال رايموند : " ها هي ابيغيل . تغذي نظرها بدلاً من الاستجابة لنداء معدتها . " عندما أقترب النادل , سألها :" هل تريدين الشاي أم القهوة يا ابيغيل؟ أختارت القهوة .
قاطعته مارتينا : " ولآن يا آبي , أنها المرة الأولى التي تتناولين فيها طعام الإفطار مع عامة الشعب ... وذلك بفضل الحادث الذي تسبب به أخي ."
" كلا , كلا , كان الأمر نتيجة ... "
وتجاهل رايموند محاولة ابيغيل التي كانت تهدف إلى الاعتراف بخطأها ومسؤوليتها وقال : " إن ضيوفنا , يقومون باختيار وإحضار ما يريدونه من طعام لوجبة الإفطار . إذن تعالي يا آبي واتبعيني . "
وشق طريقه إلى الطاولات الجانبية , حيث كانت هناك أنواع متعددة من الإطباق . بعد خمس دقائق , عاد الثلاثة وهم يحملون اكواباً من عصير الفاكهة , مع صحون مليئة بقطع الخبز . وأحضرت مارتينا طبقاً من الفاكهة , بينما تبعها رايموند حاملاً طبقاً وضعت فيه اللحوم . أما بالنسبة لآبي , فقد حملت طعام إفطارها التقليدي المؤلف من العديد من الفاكهة الطازجة , الكرواسون , العسل والمربى .
قال وهو يشير إلى قطع الكرواسون التي اختارتها ابيغيل : " أننا نسمي هذه جيبفلي . نحن السويسرين نصنع خبزنا بإتقان ومهارة . فهو يجب أن يكون محمصاً ومحمراً ومخبوزاً على اليد كذلك . إن أفراننا تفتخر بأنواع خبزها . إذن يا ابيغيل حاسة التذوق لديك ممتازة كما يقال . "
وباشرت ابيغيل بتذوق الكرواسون .
قال رايموند لأبيغيل : " إننا نسمح لك بالعودة لإحضار المزيد منها . "
قالت شقيقته مؤنبة : " لا تشجعها على الأكل كثيراً إذ أن ذلك سوف يسبب زيادة وزنها . "
أحمر وجه ابيغيل ثم قالت : " أنني بحاجة لخسارة ... "
قاطعتها مارتينا : " لست بحاجة خسارة أي باوند ."
قال رايموند : " ذات يوم سوف نأخذك , إلى محل بيع الحلويات ... وهو كذلك مكان في المدينة حيث يمكن احتساء الشاي ... ونشتري لك قطعة من الحلويات الشهية التي تنفرد هذه المحلات بصنعها ... مثلاً المعجنات أو الفطائر الحلوة , كما تسمى مع العسل واللوز . "
" إنك تفتح شهية ابيغيل يا رايموند هلا توقفت عن ذلك و إلا ستعود إلى وطنها وقد ازداد وزنها . "
صب لها رايموند القهوة , ثم نظر إلى ساعته , نهض بسرعة وقال : " أرجو أن تعذراني . فإن تأخرت عن عملي سوف يقطعني أخي العزيز إرباً , إرباً , كما يقال . سوف أراكما لاحقاً , أليس كذلك يا ابيغيل؟ . "
" إنه يتأخر دائماً عن العمل . " قالت مارتينا , وهي تنظر إليه إذ كان يشق طريقه بسرعة بين الطاولات . ثم أضافت " إن عملي اليوم يحتم علي الذهاب إلى المدينة , هل تودين مرافقتي يا ابيغيل؟ هل تشعرين بأن حالتك الصحية تسمح لك بذلك؟ "
أكدت لها بأن تود ذلك وتستطيع فعلاً مرافقتها إلى المدينة : " لقد ذهبت بنزهة في أول يوم لي هنا , قبل أن ... "
قالت مارتينا : " قبل أن يدهسك أخي العزيز بسيارته , إنه مدين لك بسبب فعلته هذه؟"
" بماذا أنا مدين لها؟ "

أندهشت ابيغيل إذ رأت فجأة رولف وقد اصبح بجانبها .

" أنت مدين لابيغيل إذ أنك دهستها وتسببت بجرحها . "

سألها رولف : " هل توافقين على ما قالته مارتينا , يا آنسة هايلي؟ "
قالت مارتينا : " إنها آتية معي اليوم . فهي تشعر بأنها قادرة على ذلك , كما قالت ."
سال رولف : " ألا زلت تشعرين بالألم؟ بإمكاني أن أطلب من معالج فيزيائي المجيء , إن كان ذلك يخفف من آلامك؟ "
ولم تكن ابيغيل قادرة على البوح لرولف بأن الألم كان واحداً من الأسباب التي جعلتها تجفل .
أجابت ابيغيل : " شكراً لك ولكن لا لزوم لذلك . "
" كما تريدين . " ثم قال لمارتينا : " اتصل بي والدنا . وهو قد انتقل من الولايات المتحدة الامريكية إلى كندا . إنه على ما يرام! "
وعبرت ابتسامة مارتينا عن مدى سعادتها لسماع ذلك . تابع رولف : " سوف أكون في زرويخ اليوم ." ثم استدار نحو ابيغيل وقال : " سوف تكونين بأمان نسبي مع مارتينا ! " ثم استدار مستعداً للذهاب !
استوقفه صوت ابيغيل , فاستدار نحوها : " إنني مازلت مصممة على تحمل نفقات إقامتي هنا . وإلا فأنا أصر على الحصول على وظيفة يا سيد فلدر . "
" سوف أعير هذا الأمر اهتمامي التام والدقيق ولكن يجب أن أعترف بذلك , يا آنسة هايلي , فهذا الأمر ليس تماماً على لائحة اهتماماتي الملحة . " بعد هذا التعليق الساخر , أكمل رولف طريقه .





أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-05-09, 11:31 PM   #3

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث


نقلت مارتينا ابيغيل إلى أسواق المدينة في سيارتها الصغيرة . قالت : " أولاً , سوف نذهب إلى متجر جيزلا , حيث هناك بعض الأعمال التي يجب عليّ إنهاؤها . "
دخلت الفتاتان متجراً صغيراً وفخماً حيث بدا لأبيغيل بأن ثمن قطع الثياب المعروضة يفوق قدرتها على الدفع . وفكرت بأنه ربما , في سويسرا , تقبض الفتيات العاملات أكثر مما تقبض الفتيات العاملات في إنكلترا .
رحبت السيدة المساعدة بمارتينا بحرارة وشجعت ابيغيل على تأمل الثياب بينما كانت تناقش أمور العمل مع مارتينا . اقتربت مساعدة أخرى من ابيغيل .
قالت السيدة : " ما هو طلبك يا آنستي؟ "
فكرت ابيغيل على الأقل , يمكنني مجرد سؤالها عن ثمن الثياب , ثم أشارت إلى واجهة المتجر . " هذا الثوب . " لحسن حظ ابيغيل , كانت المساعدة قد غيرت لغة الحديث وكلمتها بالإنجليزية : " انه جميل , يا سيدتي , وإنني متأكدة من أن هذا الثوب سوف يناسبك كذلك لونه . " وكانت البائعة تتجه نحو الواجهة .
" ولكن كم تكلف قطعة كهذه؟ أعني ما هو ثمنها؟ "
" أتودين أن أقول لك ثمنها بالعملة الإنجليزية؟ " بعد أن استعملت آلة حاسبة صغيرة , صرحت البائعة لأبيغيل عن ثمن القطعة .
" لا يمكنني تحمل كلفتها . شكراً لك ولكن ... " وطال تحديق ابيغيل إلى الثوب .
لقد كان يناسبها إلى حد كبير كأنه خيط خصيصاً لها . واستفادت البائعة بسرعة من تردد ابيغيل , فقالت لها : " سوف اجلبه لك من الواجهة . "
انتظرت وهي تفكر بأنها لن ترتكب أي جرم إن حاولت فقط قياس الفستان .
" نعم , إنه من مقاسك تماماً , يا سيدتي . " قالت السيدة مشجعة ووافقتها ابيغيل , ثم أومأت متأسفة .
قالت البائعة : " أرجوك يا سيدتي , هل أنتِ زائرة ؟ "
" نعم , ولكن ذلك لن يفيد فأنا لا أستطيع . "
" ما الذي لا تستطيعين فعله؟ " سألتها مارتينا وقد تقدمت منها وفهمت الوضع بسرعة : " هذا الثوب؟ نعم كأنه قد صمم خصيصاً لأجلك . وهو كذلك إحدى تصاميمي . يجب أن تحصلي عليه . "
" كلا! " قالت ابيغيل وهي تبتسم لتخفف من حدة لهجتها الرافضة : " ليس من دون ..."
" أرجوك , يا آبي , إنسي أمر ثمن الثوب . أخي سيتكفل لهذا الأمر . إنه مدين لك بالكثير . على كل انظري إلى ما فعله بك , وقد تسبب لك بالكثير من الألم والانزعاج . سوف أرسل له الفاتورة . لقد حلت المسألة . " واتفقت مارتينا مع البائعة , غير مبالية بصوت ابيغيل التي بدا عليها الانفعال إذ قالت هذه الأخيرة لها : " لا يجب أن تفعلي هذا . "
قالت مارتينا بعد أن انتهت ابيغيل من قياس الثوب : " تعالي سوف نقوم بجولة حول المدينة . "
بعد أن رتبت أمر تسليم الثوب إلى الفندق في فترة ما من بعد الظهر تنقلت مارتينا و ابيغيل بسرعة في شوارع المدينة المرصوفة بالحصى الكبيرة حيث كثرت الأشجار , كذلك ساحات البيوت التي كانت مخبأة جزئياً , والرسومات الكبيرة الموجودة على جدران المنازل والمباني العالية . ورسماً ساخراً يمثل أناساً في الأزمنة الغابرة وهم يجلسون حول الطاولة , حيث كانت الأم تحمل طفلاً صغيراً وكذلك صور جماعة من المهرجين وهي تنفخ في أبواق .
على طول المساحات الضيقة المرصوفة , كان هناك متاجر كبيرة ومتاجر صغيرة قد حجبت عن النظر مبانٍ قد زينت بمجموعة من الأعلام الملونة وضعت حولها .
" إن المدينة القديمة تقع هنا . " قالت مارتينا , وهي تقود ابيغيل المشدوهة بالمناظر الخلابة , وقد كانت الصديقتان تتنقلان بين هذه المناطق بواسطة سلالم طويلة : " أنظري هنا , تحت المناظر , هناك لعبة شطرنج عملاقة . وهنا يوجد مربع صغير مع ينبوع صغير في الوسط , وهناك العديد من تلك الينابيع موزعة في المدينة . "
تناولت الصديقتان الغداء على طاولة تقع بالقرب من الساقية حيث تصب مياه البحيرة . كانت الطيور ترفرف عالياً ثم تخترق صفحة المياه , فيتطاير ريشها في الجو بين الفينة والأخرى . ليغط ويطفو على سطح المياه .
كانت ابيغيل مأخوذة وهي تتأمل انعكاسات الأبنية , إذ كانت تتحرك على شكل متموج . كانت قوارب صغيرة مصطفة على الضفاف , بينما البجعات كانت تشق طريقها بنعومة خلابة بينها .
قالت مارتينا , وهي تحتسي قهوتها : " استمعي إلى جميع اللغات التي يستعملها الناس هنا . فهم يأتون من كل مكان حول العالم ليزوروا هذا المكان . "
أشارت بإصبعها إلى محل يقع على الطرف الثاني من الطريق : " إنه ايوتيكي . متجر قديم جداً وهو مغلق الآن . انظري إلى الكلمات التي كتبت عليه باللغة الألمانية سوف أترجمها لك : " ليس هناك أي نوع من الأعشاب يشفي من الحب . "
انفجرت مارتينا ضاحكة : " إن ذلك يبقى ضمن الأشياء التي لم أجربها بعد . إنني جداً مشغولة بإدارة أعمالي . ماذا عنكِ؟ "
لأسباب بقيت خفية حتى على ابيغيل , وجدت هذه الأخيرة أنه من الصعب الإجابة على سؤال مارتينا : " لم يحصل ذلك . "
ولكنه بدا وكأن مارتينا , لحسن حظ ابيغيل , قد اقتنعت بجوابها . مشت الصديقتان في طريق عودتهما إلى السيارة , فاجتازتا مربعاً آخر غطي بالحصى ... وهو يعود إلى منتصف القرن السادس عشر , كما شرحت مارتينا ...وسارتا تحت شرفات وضعت على أطرافها زهور زاهية الألوان كذلك مشت الصديقتان تحت أعلام ركزت بفخر على شبابيك الطوابق العلوية .
علقت مارتينا : " يجب أن يكون ثوبك قد سلم الآن . " وكانت الصديقتان تستقلان المصعد حتى مدخل الفندق : " لقد طلبت أن يرسل إلى مشغلي حتى أرى إن كان يحتاج إلى بعض التعديلات . أتمنى ألا يكون لديك أي مانع في ذلك . "
ضحكت ابيغيل وهي تومئ . كانت مقتنعة بأن صديقتها سوف ترفض أي اعتراض من قبلها . نزلت الفتاتان بواسطة المصعد وأشارت مارتينا إلى ابيغيل بأن تتبعها إذ فتحت الباب ثم دخلت إلى المشغل .
" أرجو أن تعذري حالة الفوضى العامة في المشغل . " قالت مارتينا ذلك وهي تشير إلى المكان : " لأنني أعمل دائماً في جو مماثل . إنه الجو الملائم حيث يمكن للفنانين المبدعين أن يبتكروا . إن هذا هو العذر الذي أقنعت نفسي به على كل حال ."
شعرت ابيغيل بأن الثياب والأقمشة توجد في كل مكان حولها , وهي معلقة في أماكن عالية كما لو كانت ستائر , أو ممدودة بين الطاولات والكراسي , أو موضوعة بتعاليق وراء الأبواب . كان هناك كذلك ألآت خياطة و إكسسوارات ملقاة على طاولات , على كراسي قليلة الارتفاع , وكذلك على حافات النوافذ.
" ان الجو هنا لايشبه جو المشاغل . " قالت مارتينا بشيء من الفخر : " أنني أعمل ضمن إطار ضيق , وبنجاح لحساب سيدات يردن الظهور بمظهر مختلف هناك .." ولوحت مارتينا بيدها نحو صف طويل من الثياب كان قد أخفى وراء قطعة قماش كبيرة للغاية ... " هناك توجد تصاميمي التي سوف تظهر في عرض الأزياء ."
تابعت مارتينا : " سوف يقام عرض الأزياء في الطابق الأرضي من البيت الذي يتم تجديده لنقيم فيه ... هل أخبرك رايموند عنه؟ بعد وقت قليل , سوف نعود إلى نمط طبيعي من الحياة إذ أننا سوف ننتقل للعيش في منزلنا . سوف أنقل مركز عملي إلى غرفة اخترتها خصيصاً لهذا الغرض إذ أن الضوء يدخلها بطريقة جيدة . سوف يقام احتفال كبير بمناسبة انتهاء أعمال التصليح وانتقال عائلة فلدر إلى المنزل . "
" مرحباً . " قالت مارتينا لفتاة كانت خلف لوحة الكي وهي تعمل بدقة على كي سترة : " أقدم لكِ ابيغيل هايلي , إنها صديقتي . إنها فتاة إنكليزية . ابيغيل , أقدم لكِ ليليان شميدت . "
وردت الفتاة على ابتسامة ابيغيل بابتسامة مماثلة . سألت مارتينا :" هل احضر ثوب من محل جيزلا؟ "
أجابت ليليان باللغة الإنكليزية إذ أن مارتينا وجهت إليها السؤال باللغة ذاتها : " نعم , لقد حصل ذلك فعلاً , إن الثوب هنا . "
كان الثوب معلقاً بواسطة تعليقه ثياب على الباب , وكانت ألوانه زاهية . أضافت ليليان : " اني متأكدة , بأن هذا الثوب هو من تصميمك يا مارتينا . "
قالت مارتينا :" إنه كذلك . لم يمض على قدومك وقت طويل ولكنك دقيقة الملاحظة كما أرى الآن , سوف ترتدين الثوب يا ابيغيل لقياسه من جديد , أليس كذلك؟ "
نظرت ابيغيل حولها وقد عقدت حاجبيها : " هنا؟ "
" لم لا؟ هناك توجد غرفة للقياس مزودة بمرآة ."
عندها , سمع طرق على الباب ودخل رايموند : " يا شقيقتي , لم يأت أي عدو ليسرق أفكارك ."
قال رايموند :" مرحباً ." تسمرت عيناه على الثوب وهو يقول :" يا للروعة ."
استطردت شقيقته :" هل أ،ت تعني بكلامك هذا ابتكاري الرائع أم كما اعتقد مظهر ابيغيل؟ "
" إن اعتقادك في محله ." أجاب رايموند ونظر حوله , فلاحظ وجود المساعدة الجديدة للمرة الأولى . قال رايموند لشقيقته :" مارتينا؟ هيا , يجب أن تعرفيني بهذه الفتاة ." كانت نبرة صوته ملحة فقالت :" ماذا تريد؟ ليليان , هذا أخي الصغير رايموند ."
" لست فعلاً صغيراً ." قال رايموند وفي صوته بعض التأنيب :" هل تعملين هنا منذ فترة طويلة يا ليليان."
أجابته أخته إذ أن ليليان ظهرت في غابة الارتباك :" منذ ثلاثة أسابيع ."
قال رايموند :" إذن , يجب ..."
قالت شقيقته :" يجب أن تدخل المصعد ليقلك إلى فوق ."
وغزت وجهه تعابير مضحكة بسبب هذه الطريقة الجديدة التي اتبعتها شقيقته لاخباره بأن عليه الذهاب , ولكنه فهم رسالتها جيداً .
بعد قليل دخل رولف .
" ابيغيل ."
" نعم ."
" أود التحدث معك ."
لقد عرفت , إذ رأت وجهه الذي خلا من التعابير , بأنه سوف يخبرها بعدم توفر أية وظيفة شاغرة .
" سأراك لاحقاً ." أضاف رولف , سأل مارتينا :" كم من الوقت ستحتفظين بزبونتك هنا؟ "
" لن تضطر ابيغيل إلى البقاء أكثر من بضع دقائق ولمعلوماتك ... " قالت مارتينا لشقيقها , وعيناها تبرقان إذ انها كانت تتصور وقع الخبر على رولف ... " يمكن ألا تكون على علم بذلك ولكنك أنت زبوني . " رفع رولف حاجبيه مستفسراً عن الأمر . أضافت :" سوف أرسل لك أنت فاتورة بثمن هذا الثوب يا أخي الكبير ولن تكون قيمتها ضئيلة فأنت مدين لأبيغيل إذ أنك صدمتها في الحقيقة أنت مدين لها بالكثير ."
قالت ابيغيل موبخة مارتينا :" لقد قلت لك بأن أخاك لا يدين لي بأي شيء لقد كنت أنا السبب في ..."
أجابتها على الفور :" أن المكابح كانت بمتناول يده أليس كذلك؟ ولا أعتقد أبداً أن لدى أخي أي خلل يحول دون تحكمه بردات فعله , لماذا لم يتوقف في الوقت المناسب؟ "
قال رولف :" مارتينا على الرغم من أنك شقيقتي فإن ما قلته ينم عن نقص الذكاء لديك . عندما لا يرى السائق حتى ذلك الشيء الذي يعترض طريقه , لديه كل الحق في الافتراض بأن الطريق أمامه سالكة ولا تعترضها أي حواجز على الرغم من ذلك . " أضاف رولف وهو ينظر إلى ابيغيل : " إنني أكثر من مستعد لأسدد الفاتورة . اتلاقيني بعد خمس عشرة دقيقة يا ابيغيل ؟ "
قالت مارتينا بعد أن غادر رولف المكان :" إن أخي يؤثر علي فعلاً عندما يرغب في فعل ذلك ."
وصلت ابيغيل في الوقت المحدد ولكن على الرغم من ذلك كان رولف ينظر إلى ساعته وهو يقطب حاجبيه .
قالت ابيغيل :" إنني آسفة إن كنت تأخرت ."
أجاب رولف :" لقد حضرت تاماً في الوقت المحدد . هلا تبعتني , إن سمحتِ؟"
أدركت أنه يود التحدث بشأن العمل وذلك لأنها لاحظت بأن نبرة صوته مشحونة بالجدية . انتظرت وهي تفكر كيف ستحزم حقائبها وقد عقدت أصابعها بشدة ومشى باتجاه المكتب الذي كان مركزاً في زاوية من المكان .
عندها أدركت بأن الغرفة التي وصلا إليها تحتوي على مكتبتين وكان على احدهما آلة كمبيوتر وآلة كاتبة وضعت بالقرب منها . حقاً فكرت ابيغيل إن المكان مناسب إذ يمكن القول هنا لأي شخص بأنه غير مرغوب به .
قال رولف وهو يشير إلى كرسي :" تفضلي بالجلوس .. تبدين وكأنك تنتظرين تنفيذ حكم اعدام بحقك ."
وابتسم ابتسامة بدلت تماماً مظهره وجعلتها تكتشف ذلك الإنسان البعيد عن الرسميات . انتظر رولف حتى جلست ثم جلس بدوره على كرسي المكتب.
" إنكِ تلحين على تغطية نفقات إقامتك هنا ." قال رولف ذلك ثم أخذ السكين الذي يستعمل لفتح الرسائل , وتفحص حده . إذن , هل يمكن أن يكون رولف على استعداد لتوفير العمل لها؟ أومأت مؤيدة كلامه .
قال باستهجان :" إن ذلك جنوني إلى أقصى حد ممكن ولكن ..." رفع يده ليمنعها من الاحتجاج .
" ... هناك عمل يمكن أن تقومي به من أجلي ."
تنفست الصعداء
" بالأحرى , سوف تعملين لحساب أبي فهو قد تقاعد ولم يعد يدير مجموعة فنادق فلدر ... نعم فنحن لدينا فنادق أخرى في هذا البلد ... لذلك فهو قد تخلى عن منصب الرئاسة و أوكلني به بعد موافقة أفراد مجلس الإدارة . فأنان أحاول تولي هذه المهام إلى جانب عملي في شركة الهندسة التي املكها في زوريخ ."
" هل أنت بحاجة إلى سكرتيرة؟ "
" ليس الأمر كذلك بالضبط , هناك العديد منهن في البلاد ."
ودون أن يظهر عليه التأثر , أخذ رولف ينظر إلى خيبة الأمل التي ظهرت على وجه ابيغيل :" هناك عمل آخر . لقد تقاعد أبي من وظيفة إدارة الشركة ولكنه لم يتوقف عن العمل فهو يقضي وقته بالعمل على تحقيق إحدى أمنيات حياته , إنه يعد كتاباً عن أنواع العنب في سويسرا . هل تتقنين الطبع على الآلة الكاتبة؟ "
أومأت إيجاباً . فتابع :" هذا جيد ولكن هل بإمكانك استعمال الكمبيوتر؟ هل بإمكانك ذلك حقاً؟ " نهض رولف وقد بدت على وجهه علامات الرضى ثم أشار حيث كان الكمبيوتر .
" هذه مجموعة من الملاحظات , وقد كتبت باللغة الإنكليزية . فإن الناشر الذي يتعامل معه أبي هو إنكليزي . هل تعتقدين أن سيكون بإمكانك فهم خطه؟ انظري ."
وبدأت تقرأ هذه المخطوطات بصوت عال حتى تبين لرولف بأنها تفهم الكلمات المكتوبة . بدا مسروراً عندما أعاد الاوراق التي دونت عليها الملاحظات إلى مكانها على المكتب .
" باستطاعتك البدء بالعمل في أي وقت ." قال لها رولف ذلك : " سوف اشرح لك الأمر ... لن تكون السلطات الرسمية في سويسرا ****ة إن حصلت على عمل في هذا البلد وقبضت راتبك كذلك دون إذن رسمي منها!" أومأـ وهي تنتظر متسائلة عن الكلام الذي سيتبع .
" سوف يأخذ ذلك بعض الوقت وفي النهاية يمكن ألا تحصلي على الإذن الضروري."
أجفلت إذ أنها استطاعت أن تعي الأمر جيداً الآن وتابع :" ولكن إن أدعيت بأنك أصبحتِ من عائلة فلدر ...."
" أتعني بذلك أن أصبح خطيبة رايموند؟ ليس باستطاعتي القيام بذلك , يا رولف حتى ولو كان مجرد ادعاء فلن يكون الأمر منطقياً بالنسبة إليه . لا أستطيع استغلاله لأحقق مأرب شخصيه كما قلت من قبل , أنا أكن له الكثير من الاحترام ولكنني أنظر إليه كصديق لا أكثر ."
أجابها :" لقد أردت القول بأنه يمكنك أن تصبحي خطيبة الابن الكبير لعائلة فلدر ."
ولم تستوعب ابيغيل ما قاله رولف سوى بعد عدة لحظات :" خطيبتك أنت؟ إن هذا غير معقول . أنت تعلم . لست مجبراً على التعويض علي بعد ذلك الحادث كما اردد مراراً , كان ذلك ..."
قاطعها ومنعها من اكمال كلامها :" لازلت تحملين آثار الكدمات كذلك الأمر بالنسبة للجروح . أنتِ ..."
قال رولف أخيراً وهو يبتعد عنها :" إن هذه الخطوبة هي مؤقتة ."
قالت ابيغيل :" أود أن أفكر ملياً بهذا الأمر . " ثم أضافت :" هلا منحتني بعض الوقت! "
" نعم ولكنني سأمنحك القليل من الوقت فقط ."
" لماذا... لماذا تستعجلني هكذا؟ "
" لأنني غداً صباحاً سوف أجري مقابلة مع أحد العاملين في طاقم الفندق وأرى إن كان مناسباً للوظيفة التي أخبرتك عنها . "
فكرت ابيغيل بأن تعطيه جوابها في اللحظة نفسها سأقول لا , لا و لكنها سمعته يقول :" تعالي , سوف نتمشى قليلاً كي تفكري بالأمر أتودين ذلك؟ "
سألت ابيغيل :" سأذهب لمدة سبع دقائق أيناسبك ذلك؟ "
ثم أضافت :" هل نلتقي بعد سبع دقائق تماماً؟ "
ابتسمت عينا رولف إذ أنه دهش من جرأتها .
قال رولف بعد مرور سبع دقائق :" لقد وصلت في الوقت المحدد تماماً كما وعدت ."
خرج رايموند من المصعد ورأى رولف مع ابيغيل " مرحباً ألن تأتيا للعشاء؟ "
قال رولف :" يجب أن نتناقش بموضوع العمل . وإن تجرأت وقلت بأنك سوف تأتي معنا سوف ..."
رأت ابيغيل تجهمه وذهبت لملاقاته هي تقول لرايموند :" سوف أشرح لك ذلك لاحقاً يا رايموند ."
سألها رولف وهو ينظر إليها :"أنت غارقة بالتفكير أليس كذلك؟ هل هذا هو سبب سكوتك؟ "
أومأت ابيغيل موافقة .
عند وصولهما إلى ضفة البحيرة اقتربا من السوق ورأيا جمهرة من الناس تشاهد مجموعات الحمام وطيور النورس تتطاير في مختلف الاتجاهات . كان الناس يرمون فتات الطعام فكان بعضها يصل إلى سطح المياه , بينما كانت مناقير الطيور تلتقط بعض القطع الأخرى وهي ما تزال في الهواء .
كان عدد الطيور كبيراً وكانت حركتها سريعة وعنيفة حتى أنها أخافت ابيغيل التي وجدت نفسها وسط هذه المخلوقات التي تصدر أصوات صراخ . وطارت واحدة منها بالقرب من وجهها وكادت أن ترتطم به , كأنها غير قادرة على تقدير المسافة المناسبة التي تخولها تجنب الارتطام بشيء ما . انقطعت أنفاسها من الخوف .
" شكراً لك إن ما فعلته هو سخيف ولكن ... "
" إنها ردة فعل عفوية . " علق رولف : " إنه حب البقاء سمها ما شئتِ ولكنها ردة فعل طبيعية وإن تغير الموقف على كل يفرحني كثيراً فأنا اسعفك الآن بدلاً من التسبب بالمتاعب لك . "
" شكراً على حمايتك لي على كل حال . " قالت ابيغيل ذلك , وتمنت لو أنها تتمكن من فهم الأخ الكبير لعائلة فلدر كما تستطيع فهم رايموند .
وصل الاثنان إلى جسر خشبي قديم , رفع عن المياه بواسطة اعمدة خشبية وكان سطحه يمتد على مسافة كبيرة بينما حاجزه مزين بعدد من الأزهار .
" إنه الكاييلبروك , سيركا 130 . " علق رولف بينما وقفا جنباً إلى جنب بالقرب من السكة : " يقال انه اقدم من جسر خشبي في العالم . إن الرسومات .. " تابع وهو يشير إلى مجموعة من الألواح الخشبية : " قد انجزت خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر . وهي ترمز إلى شارات العائلات القديمة النبيلة في المدينة وإلى الإحداث المحلية والوطنية المهمة . "
نظرت ابيغيل إلى الرسومات وهي معجبة بألوانها وطريقة رسمها الفنية . قال رولف وهو يشير إلى مبنى حجري كبير : " من هذه الجهة على الجسر هناك محلات وإن برج المياه له شكل مثمن وسطح ذو شكل ثلاثي , وقاعدة تخرج من البحيرة ... قد بني تقريباً سنة 1300! "
عم السكون لبعض الوقت , ثم نظرت ابيغيل إلى رفيقها إذ كان يتأمل الجبال البعيدة .
" وماذا إذن ؟ " قال وهو يدير رأسه كأن ابيغيل قد كلمته , ثم سألها : " هل اتخذت قراركِ؟ "
قالت ابيغيل وتنحنحت لتجعل صوتها أكثر وضوحاًً .
" نعم , يا رولف ! لقد قررت أن اقبل عرض العمل . "





أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-05-09, 11:34 PM   #4

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع



اقتصر جواب رولف على إيماءة صغيرة وتساءلت ابيغيل لم اشتد خفقان قلبها . لدق كان الأمر بكل بساطة وبالرغم من كل ما حصل , مجرد صفقة عمل .
" وهل تريدين أن أقول لك شروط العمل مجدداً؟ لن تحصلي على أي راتب . " ثم أضاف بعد أن أومأت ابيغيل موافقة : " إن عقد العمل الغير رمسي هو ساري المفعول منذ هذه اللحظة سوف أخصص لك مبلغاً شهرياً , وسوف أكون سخياً . "
" ولكن ... "
وتابع رولف كما لو أنها لم تتكلم : " سوف افتح لك حساباً في مصروفي . إن اكتشفت في أي وقت بأن حاجتك إلى المال تفوق المبلغ الذي وضع في حسابك , يجب فقط أن تخبريني بذلك وسوف أمنحك المزيد من الخمال . هل توافقين على هذه الشروط ؟ "
" نعم ! "
" إذن , سوف نضع على اتفاقنا هذا الختم أليس كذلك؟ سوف ننهي الاتفاق بهذا . "
قالت : " لن يدخل عامل الخطوبة في صفقتنا . "
" إنها صفقة عمل . " قال رولف مؤيداً كلامها .
" لا وعد بشيء . "
إن رولف يعني ذلك حقاً , قالت ابيغيل في نفسها ولكنها ايضاً كانت تود التقيد بهذا الكلام . أنا أود فقط الحصول على أمل أليس كذلك؟ إنها تريد عملاً يخولها البقاء في سويسرا وقتاً أطول مما تخيلته ممكناً عندما أخلت شقتها في لندن .
" سوف نأكل الآن , هيا؟ تعالي , يا ابيغيل . سوف نبحث عن مطعم . "
قادها إلى الجسر وبعد بضع دقائق من السير , استدار وسلك طريقاً مرصوفة ثم توقفا قليلاً بالقرب من مقهى وكان هناك طاولات وضعت في الخارج وقد غطتها شراشف بلون أرجواني .
سألها رولف : " هل يناسبك ذلك؟ "
" أود أن أطلب طعاماً خفيفاً . " وكان الجوع الذي أحست به ابيغيل قبل ذلك قد اختفى بسبب غرابة الحوداث التي تشهدها عيناها .
أزاح لها رولف الكرسي وجلس في الزاوية قبالتها إلى الطاولة ثم أعطاها لائحة الطعام وأخذ هو واحدة أخرى .
" الحساء ... إنه يبدو مفيداً . " إن أي شيء سيكون مفيداً في هذا الوقت بالذات حتى القطعة اليابسة من الخبز ستتحول بسبب فرحتها إلى طعام مفيد كأنه مزيج من العسل ورحيق الأزهار . ولم تحاول معرفة سبب ذلك فهي تمتعت بكل ثانية وهي تعرف جيداً أن فرحها سينتهي بعد قليل . سوف يختفي هذا الشعور في اللحظة نفسها التي تعودين فيها إلى الحقيقة ...
" نعم " قالت وقد عادت بإفكارها إلى اللحظة الحاضرة : " إن حاسة التذوق لدي تصرخ طالبة الحساء . "
" أنتِ تتكلمين كمواطنة سويسرية حقيقية ولكنك لست كذلك . إن شرب الحساء هو أحد خصائص الطبع السويسري . فالحساء المعلب ... هو اختراع سويسري الآن ها هو نوع الحساء يمكنني أن أقترحه عليك . إن فيه كل شيء الخضار , الباستا , اللحم , الزلابية , الجبن و البطاطا . وهو يشكل وجبة بحد ذاتها في الحقيقة , ان رئيس الطهاة في لي مطعم سويسري يمكنه إضافة العديد من المكونات المغذية على الطعام . في بعض الأحيان يضع في الحساء كل شيء ... أعني كل نوع من الطعام بالطبع! تقع عليه عيناه . "
نادى رولف نادلاً وطلب الطعام .
" ليس لديكِ خاتم يجب أن نصلح الأمر . "
أزاحت ابيغيل يدها . سألته : " ما الذي قد عنيته عندما قلت أن هذا العقد سري تماماً؟ "
" عنيت بذلك أنه لا يجب أن يعلم بهذه الصفقة أي الخطوبة المزيفة والعمل سوى المقربين إلينا فقط من بين أفراد العائلة . "
سألته : " مثلاً مارتينا ورايموند؟ " فأومأ موافقاً .
" هل والدك سيعلم بالأمر؟ "
أعاد وضع شوكة أخذها من قبل في مكانها : " نعم سيعلم والذي بالأمر يجب أن نشرح له بصراحة إن الدافع وراء هذه الخطوبة هو وبكل بساطة العمل . "
قالت ابيغيل بلهجة تحدي : " يمكن أن يعلم والدك العالم أجمع بالأمر أليس كذلك؟ بالنهاية أنت ابنه ووريثه كما يقال . "
عمت لحظات من الصمت , ثم اومأ رولف بطريقة لا مبالية .
قالت : " مما يعني بأن الخاتم ليس ضرورياً أبداً . "
قال وهو يمد يده إلى جيبه ويخرج منها علبة صغيرة : " بالنسبة لهذا الموضوع نحن نختلف تاماً في وجهات النظر . " ثم فتح الغطاء وتابع : " إن الخاتم ليس جديداَ وشكله ليس رائعاً لقد كان ملكاً لأمي . " أخرج رولف الخاتم من العلبة المخملية . " إنها قطعة قديمة صنعت خصيصاً لجدتي بعد أن أوصى عليها زوجها ثم أعطته جدتي إلى أمي ... فهي كانت ابنتها البكر وقد أعطي إلى مارتينا التي لم تقبل الاحتفاظ به . فتصميم الخاتم قد جرح شعورها الفني كما قالت لذلك أعطتني إياه إذ أنني الابن البكر للعائلة . "
" وهذا يعني بأن الخاتم هو قطعة من مجموعة إرث العائلة . " علقت ابيغيل وهي تتأمل باعجاب أحجار اللؤلؤ , الياقوت والماس ... " يجب أن تعطيه إلى ... إلى الفتاة التي تنوي فعلاً الزواج منها . "
عم الصمت لوقت طويل , فنظرت إليه ثم نظر إليها بعينيه الخاليتين من التعابير .
" هل يمكنك أن تقول لي شيئاً ما ؟ لقد أخبرني رايموند عن بياتريس , هل أعطيتها الخاتم؟ "
لم يجبها رولف ولم ينظر حتى إليها ولكن , إن كان رولف فعلاً قد خطب تلك الفتاة فلا بد أنه أعطاها الخاتم .
" وهل قيمته بنظرك بسبب طريقة تصرف بياترس؟ أكرر , إن الخاتم كان ملكاً لأمي . لذلك ليس هناك أي حادث أو شخص يمكن أن يقلل من قيمته . هلا توقفت عن المراوغة؟ "
وضعت الخاتم في إصبعها فبدا ملائماً جداً .
" سوف أحافظ عليه يا رولف وسوف أعيده إليك عندما أعود إلى وطني . "
أجاب رولف بإيماءة صغيرة , تماماً كما يريد إبرام صفقة عمل , فكرت ابيغيل
سألها رولف وهو يعيد العلبة إلى مكانها : " هل تريدين إعلام أهلك بالأمر؟ "
" لقد توفي أبي منذ بضع سنوات . أما بالنسبة لأمي فهي لن تصدق بأن الأمر هو مجرد خطبة مزيفة , حتى ولو أخبرتها بذلك فقد تكبر آمالها وأنا أكره أن أخيبها . "
كان الحساء الذي احتوى على الزلابية , العديد من الخضار , قطع من البيض وبعض الباستا شهياً جداً : " إنه رائع . هل أحببت أنت أيضاً هذا الحساء؟ "
أجاب مؤيداً كلامها : " يجب علي الاعتراف بأن طعمه قد أصبح أطيب . "
" أعلم أنك لا تعني ما تقول إنه مجرد شعور يتلاءم مع الوضع الراهن . "
" ماذا يعني ذلك؟ "
" حسناً خطوبة مزيفة , مدائح مزيفة . "
ضحك رولف بصوت عال , فاستدار الزبائن الآخرون نحوه . ثم ابتسموا ابتسامة تسامح . وختما وجبة الطعام بأكل الجبنة والبسكويت .
" كلي من هذه . " قال رولف ثم أشار على القطع الصغيرة التي وضعت أمامهما . " إنها الغرويار , وهذه هي الأمانتيلر , تلك التي تكثر فيها الثقوب الكبيرة أو العيون كما تسمى وهذه هي السبرينز وهي تنتج في القسم الأوسط من البلاد . إنها الأقسى ولأقدم من بين الأجبان السويسرية . أي نوع سوف تختارين ؟ "
أشارت ابيغيل إلى الأمانتيلر عندها أخذ رولف سكينة الأجبان فقص قطعة صغيرة وناولها إياها .
" إن طعمها اطيب , وهو قريب من طعم البندق . "
" أنا سعيد لأنها أعجبتك . "
بعد ذلك , جال الاثنان في المنطقة ووقفا تحت القناطر حيث توجد لعبة الشطرنج العملاقة التي أشارت إليها مارتينا . سألها رولف : " هل تجيدين اللعب ؟ "
" ليس كثيراً . أتذكر أن أبي علمني اللعب حين كنت طفلة ولكنه كان دائما يسمح لي بالفوز . "
" سوف نلعب دوراً بطريقة ودية . أنا أتحداك . "
" سنلعب دوراً ودياً جداً . "
ربح رولف دورة الشطرنج وانتهت اللعبة باكراً جداً . وأعاد الاثنان القطع إلى نقطة الانطلاق وفي وسط لوح الشطرنج . مشى الاثنان فكرت ابيغيل بأنهما يتصرفان كما لو أن الخطوبة التي رتباها لخدمة مصالحهما كانت حقيقية وكأنها ستؤدي إلى .... أجبرت ابيغيل عقلها على عدم التفكير بتلك الطريقة . إن الخطوبة مزيفة , تذكري ذلك أيضا يا ابيغيل هايلي , فكرت الفتاة وعندما كانا في طريق العودة إلى الفندق , مرا بالقرب من جمهرة الناس الذين استمروا بإطعام الطيور , واخترقا الحشود , هذا الشعور بالسعادة عندما تكون برفقة رولف مجرد وهم ... نعم وهم وكانت مجبرة على الاعتراف بذلك . كان وهماً , ولكن تمنت بقوة لو أنه يتحول إلى حقيقة .
ها هي نهاية الحلم , فكرت ابيغيل أنه الواقع , لقد وصلت إلى هذه المرحلة ولو لم يكن هذا الخاتم في إصبعها لاعتقدت بأن الساعتين أو الثلاث التي قضتها مع رولف كانت وليدة مخيلتها .
" سيد فلدر , سيد فلدر ... " نادت مديرة الاستقبال رولف فتركها وذهب لملاقاة الموظفة الجالسة وراء المكتب . كانت لغة التخاطب بينهما الألمانية , لكنها تبدلت إلى الإنكليزية عندما خرجت سيدة من المكتب .
اشتكت السيدة : " أين كنت يا رولف؟ "
لو لم تكن قد حزرت هوية الآنسة , فكرت ابيغيل , لكانت لهجتها الانكليزية أخبرتها عنها من دون شك , كانت تلك الآنسة بريطانية مثلها أما اسمها فقد كان لورا مارشان . ابتعد رولف عن لورا ورأته ابيغيل إذ خرج من القاعة واقترب منها .
قال رولف بهدوء : " شكراً لك . كانت هذه الأمسية سعيدة جداً سوف أراك مجدداً بعد وقت قصيرة . " وعاد رولف إلى لورا بعد أن ودع ابيغيل بلهجة فيها الكثير من الجدية . أحست ابيغيل بالأسى ولم تستطع التغلب على ذلك الشعور إذ مشت باتجاه السلم .
" مرحباً يا آبي . " قال رايموند وقد مشى بخطوات واسعة حتى استطاع الوصول إليها ثم وضع نفسه قبالتها , فلم تستطع إكمال طريقها .
رفعت ابيغيل يدها فرأى رايموند الشعاع المنبثق من الخاتم .
قال رايموند محدقاً به : " ما هذا؟ لماذا هذا الخاتم بالذات ؟ "
" أي خاتم؟ " سألت مارتينا التي كانت قد خرجت من المصعد وأتت لملاقاتهما : " هذا الخاتم .. يجب أن تتذكر يا رايموند كان هذا الخاتم لأمنا , وقد أعطاني إياه أبي ولكنني لم أرده ... "
سأل أخوها : " ليس لديك أية مسؤولية أليس كذلك؟ ولكنك تفتخرين بموهبتك الفنية ... "
قالت مارتينا مؤنبة شقيقها : " لا تساوي غياب الشعور بغياب ردة الفعل المسئولة . "
ثم سألت : " هل أعطاك رولف هذا الخاتم يا ابيغيل؟ لماذا؟ " وبدت مارتينا حقاً شديدة الدهشة ؟
صرخ رايموند : " تمت خطوبتك إلى أخي يا آبي أليس كذلك؟ لا بد وأنكِ تذكرين ما قلته لكِ عنه ... " نظر حوله وقادها إلى المكتب الذي كان رولف قد أدخلها إليه وتبعتهما مارتينا . قال رايموند محاولاً إنعاش ذاكرتها : " إنه يحقد على النساء فهو لم يشف أبداً من ترك بياترس له لتتزوج رجلاً أغنى منه بكثير . لا يمكن أن تكوني قد نسيتِ ما قلته لكِ . "
لقد نسيت ذلك , فكرت ابيغيل بتعاسة ولا بد أن يكون رولف يعتقد الآن بأنني مثل بياترس وبأن كل ما أريده هو المكانة الاجتماعية الرفيعة والمال . كيف استطاعت ابيغيل الوقوع في فخ كهذا ؟
" لقد فهمتما ذلك بشكل خاطئ . " قالت ابيغيل إذ أنها كانت قد حصلت على إذن رولف بقول الحقيقة لعائلته " إن ... إن الأمر لا يجب أن يعلن رسمياً ولكن ... "
لمعت عينا مارتينا : " إنه سر عائلتي يا ابيغيل , نعم أضيفي صبغة ولمسة من الحيوية على حياتنا الاجتماعية . " هتفت مارتينا ممازحة ابيغيل : " إن السر يدخل عائلة فلدر . قولي لنا ما الأمر يا آبي . "
" إن الخطوبة ليست حقيقية . " ثم تابعت الكلام وشرحت لهما الوضع .
سألها رايموند : " ما هو ذلك العمل الذي تكلمت عنه؟ وما هو المركز الذي منحك إياه رولف ؟ "
شرحت ابيغيل الأمر .
قالت مارتينا : " إذن لن تصبحي زوجة أخي . " ثم أضافت وقد علت وجهها علامات الاشمئزاز : " مما يعني بأن لورا مارشان لا تزال مرشحة للخطوبة من أخي بعدما ينتهي عقدك . "
قالت ابيغيل : " كيف تستطيع لورا أن تنتظر منه القيام بأية خطوة؟ أعني بذلك خطوة تكون مقدمة لعلاقة متينة ... "
أجابتها مارتينا : " إن لدى لورا اثنين من المواصفات المطلوبة . "
ووافقها رايموند قائلاً : " لديها المال والمكانة الاجتماعية الرفيعة . "
علقت ابيغيل بحزن : " لا بد أن ذلك يجعلها بالنسبة إليه شخصاً مرغوباً به . "
أجاب رايموند : " كذلك فهو يعطيها أملاً بالفوز . "
قالت مارتينا لأخيها : " سوف يعود أبي إلى البيت غداً . "
تابعت وهي تبتسم لأبيغيل : " وهو سوف يأتي من فانكور عبر الطائرة سوف تتمكنين من مقابلته . أنه شخص محبوب . "
قال أخوها : " يا لتلك العبارة ولكنني أوافقك الرأي , فهو رجل طيب ولطيف . " ثم بدا الحزن في عينيه . " لم يستطع أبداً تجاوز الصدمة بعد موت والدتنا . "
أومأت مارتينا موافقة : " حسناً سوف أذهب للراحة عمت مساء يا آبي . " ثم بدا الأمل على محياها وأردفت " كنت أتمنى لو أن هذه الخطوبة كانت حقيقية فأنت زوجة أخ مناسبة . "
هتف رايموند : " زوجة أخ؟ "
" أرجوك يا رايموند . "
" حسناً كما قلت أني استطيع الانتظار . "

أمضت ابيغيل صبيحة اليوم التالي وهي تتجول في المدينة وجذب انتباهها الملصقات على لافتات الإعلانات . كانت تحمل صوراً لموسيقيين من مختلف أنحاء العالم وكان عدد كبير منهم في عداد المشاهير , وهم سيأتون إلى المدينة للمشاركة في مهرجان موسيقي .
بعد أن خرجت من شارع ضيق , رأت ابيغيل سوقاً . كان هناك العديد من الأكشاك حيث كثرت الأطعمة الطازجة , كالفاكهة والخضار .
كان المنظر فرحة للعين , فكرت ابيغيل كذلك الأمر بالنسبة لحاسة الشم وتنشقت روائح المنتوجات الطازجة , وسمعت هتافات السرور التي كانت تصدر عن المارة وكان هناك قطع من الخبز قد صنعت لتوها , وصنعت منها جميع الأشكال والأحجام وهي معروضة بفخر في وعاء زجاجي . رأت مجموعة طاولات موجودة في الخارج إلى جانب الفندق . فجلست إلى إحداها وكانت ترغب كثيراً باحتساء القهوة .
وبينما كانت تحتسي القهوة , جالت عيناها على قمم بعيدة وتناهت إلى أذنيها أصوات خافتة آتية من البحيرة التي تبعد عنها بضعة شوارع فقط . وعلمت بأنها كانت تخزن الذكريات لتستعيدها عندما ستعود إلى وطنها ولكنها كانت معجبة بالخاتم الذي أعطاها ... كلا أعارها ... إياه رولف , قلم تستطع منع نفسها من التأمل بأن يؤجل موعد مغادرتها البلاد , أو بأن يلغى الأمر نهائياً . قال رولف : " ابيغيل إن أبي قد وصل . "
وكانت تتساءل عما يجب فعله , إذ أنها كانت تعلم بأن رايموند هو في عمله و مارتينا تزور المتاجر في البلدة . لم تكن ابيغيل تأمل حتى بأن تجد رولف . فهو أيضاً كان لديه عمله , فقد كان يتحمل مسؤوليات عدة كمدير للفندق . الآن ها هو , بالقرب منها وتذكرت المنظر الذي رأته البارحة في الفندق والذي كانت بطلته لورا , كذلك عاد إلى بالها كل كلام رايموند و مارتينا عن مركزها في الحياة . عندها شعرت ابيغيل بنبضات قلبها تخفف من سرعتها .
أضاف رولف : " إن أبي يود رؤيتك . "
" هل ذلك يتعلق بالعمل؟ " أومأ موافقاً ثم تبعته .
في المكتب كان هناك رجل جالساً وراء مكتبه , وكانت عيناه كأنهما تحاولان معرفة طبعها , تماماً كما يفعل رولف , فكرت ابيغيل .
" أبي , أقدم لك ابيغيل هايلي . ابيغيل أقدم لكِ أبي , ماكس فلدر . "
قال الأب مرحباً بها : " آنسة هايلي , أنا سعيد جداً بلقائك . "
وكانت تحيته أقرب إلى الترحيب الأبوي منها إلى تحية رسمية . وقف رولف بالقرب من أبيه وقد شبك ذراعيه وكان يحدق بهما مما جعلها تشعر بعدم الارتياح , ولكنها ركزت انتباهها على الوالد .
قال ماكس مشيراً إلى الكرسي : " أرجو أن تجلسي كما قال لك أبني . فأن الاهتمام الأساسي في حياتي , في هذه الآونة التي سلمت فيها أعباء العمل لابني يتمثل بدراسة أنواع الجبنة . وأرى بأنه آن الأوان لأركز اهتمامي على منتوجات بلدي . أنني آمل أن أصدر كتاباً , ولأقوم بذلك أنا بحاجة ماسة إلى مساعدة موظفة طموحة , فقد أكد لي أبني بأنك كذلك . "
قالت ابيغيل مشيرة إلى الكمبيوتر : " أنت تحتاج إلى أحدهم ليطبع أو ... ليكتب ملاحظاتك على الكمبيوتر؟ وذلك باللغة الانجليزية كما قال لي رولف . "
أجابها ماكس فلدر : " بالضبط . هل توافقين على انجاز هذا العمل من اجلي ؟ " وكان في صوته مزيج من الأمل والحماس .
" نعم سأفعل ذلك سيد فلدر . " وكان حماسها يعادل ذلك الذي سمعته في صوت ماكس فلدر وبدا هذا الأخير مسروراً لذلك الحماس ثم نظرت ابيغيل إلى رولف . هل ستتجرأ على البوح بالحقيقة للوالد من دون أن تحصل على الإذن من رولف ؟
" هل قال لك رولف ... " قالت ذلك وهي تمد يدها التي ظهر فيها الخاتم . قاطعها رولف : " لقد فعلت ذلك . هو موافق ويتفهم الوضع . "
علق ماكس : " الخطوبة ليست حقيقة , أليس كذلك؟ " ثم أبتسم وتابع : " للمرة الأولى في حياتي هل يسمح لي بالقول أنني أؤيد اختيار رولف تأييداً تاماً كما لو كانت الخطوبة حقيقية؟ " قال ماكس ذلك متوجهاً إلى ابنه الذي لم تتبدل نظرة التحدي والتصميم التي ظهرت في عينيه منذ أن بدأ الحديث . أكمل والده : " رولف . لقد عقد هذا العهد السخيف على نفسه . " ثم رفع رأسه وظهر على وجهه بعض الاكتئاب : " أن رولف يسمح لخيبة أمل واحدة بأن تسيطر على حياته وهو يعلم أن حياتي مع والدته كانت الأفضل ... " وظهرت غصة في صوته : " على كل حال . ذلك يجعل منك فرداً من العائلة , على الرغم من أن الخطوبة مؤقتة وأنني أوافق على ذلك . "
وعبرت عن امتنانها لكلام ماكس .
خرج من وراء المكتب , ثم قال بحنان : " لا تستطيعين أن تعلمي كم أنا مسرور لأنني سوف أحظى بمساعدتك . سوف أسافر كثيراً في عدة أنحاء من البلاد , وأجمع الأبحاث من أجل كتابي , ولكنني استطيع أن أعطيك عملاً منذ الآن ... "
وتوجه نحو المكتب حيث كان الكمبيوتر . " رزمة من الملاحظات . هل تودين النظر إليها لكي تتأكدي فقط بأنك تستطيعين قراءة خطي . "
وقرأت ما كتب على الورقة بالرغم من أنها فعلت ذلك قبلاً حين كانت مع رولف . وإذ رفعت رأسها ابتسمت وقالت : " أن خطك هو أفضل بكثير من خطي . "
" حسناً هذا ممتاز . الآن يجب أن أعود إلى جناحي وأتصل بأصدقائي وأقربائي في عدة نواح أخرى من البلاد . أنني قررت المكوث عندهم , إن وافقوا على استقبالي وذلك حين سأنتقل بين بلدة إلى بلدة . "
نظرت ابيغيل إلى الملاحظات ثم إلى ساعتها .
" هل هناك أي مانع أن بدأت الآن بالعمل؟ أعني , لقد كنت أبحث عما أفعله و ... " نظرت إلى ماكس الذي لمعت عيناه ثم إلى ابنه الذي أومأ موافقاً .
قال رولف : " لدي موعد من زوريخ . "
" وأنا بحاجة لأقوم بتلك الاتصالات الهاتفية . " قال ماكس ثم أشار إلى الرفوف قائلاً : " سوف تجدين على تلك الرفوف كل الأوراق التي تحتاجين إليها . ومن هنا , يوجد الكمبيوتر وآلة الطباعة كما ترين , يا آنسة هايلي لقد كان كل ذلك في انتظارك . "
" أرجوك , نادني ابيغيل , بالرغم من كل شيء ... "
ثم رفعت اليد التي كانت تحمل الخاتم الذي أعطاها إياه رولف بعد أن نظرت إلى ذلك الرجل بتحد .
" تريدين القول بأنك خطيبة أبني ؟ " ثم انفجر ماكس ضاحكاً وتابع :
" أنني أحب جرأة ابيغيل يا رولف . لقد بدأت أفكر بأنك ربحت أكثر مما تتصور عندما رتبت هذه الخطوبة المزيفة . "
ضاقت عينا رولف : " إن كانت مخيلة ابيغيل تسيطر على عقلها إذن يجب أن تحضر نفسها للآتي وذلك كيفما جاء . "
قال ماكس : " نعم حسناً إن حياتك هي من شأنك أنت فقط . " ثم أضاف إذ وصل إلى الباب : " أعلم بأنك قد صدمت هذه الفتاة . نعم , نعم ... " ورفع يده ليمنع ابيغيل من التفوه بأي احتجاج . أحنى رولف رأسه ثم انضم إلى والده عند الباب .
" لا أعتقد أن هناك أي خطر في حدوث ذلك يا أبي فا ابيغيل تتفهم الوضع تماماً وتعلم بأن العائلة فقط تعرف حقيقة الأمر . أليس كذلك؟ "
قالت ابيغيل : " إن لابنك حياته الخاصة يا سيد فلدر . هل تفهم ما أعنيه يا رولف؟ "
قال رولف : " أنتِ تودين إثارة غضبي , أليس كذلك يا آنسة هايلي؟ أنتِ تحملين خاتمي في إصبعك لذلك , أنا اقترح بألا تحاولي التسبب بنفاذ صبري . " ثم تبع رولف والده إلى خارج المكتب .







أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-05-09, 11:37 PM   #5

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الخامس


مر بعد الظهر , و ابيغيل مهتمة كثيراً بمحتوى ملاحظات ماكس المدونة على الورق .. وكانت قد تنهدت بارتياح إذ رأت بأن ماكس قد رقم الصفحات على الأقل , بالرغم من أنها كانت مبعثرة . بعد أن تفحصتها , أخذت تطبعها على الكمبيوتر وكان في أولها :
إن بلدي سويسرا شهيرة بالعديد من الصناعات كالساعات مثلاً , الآلات , وصناعة الأنسجة . كذلك , تشتهر بالجبال التي يحلو التزلج عليها , لذلك فهي بلد سياحية جميلة ولكن ما لا يعرفه الكثيرون هو وجود مناطق عديدة حيث تزرع الدوالي وحيث أصبحت صناعة الدبس من التجارات المحلية المهمة .
رن جرس الهاتف وقطعت ابيغيل عملها . ثم قالت : " أنا ابيغيل هايلي . مرحباً مارتينا , نعم هذا أنا كيف عرفتِ ذلك؟ "
" لقد اتصلت بقاعة الاستقبال . وكان أحدهم قد رآك تتوجهين نحو المكتب . هل تستطيعين إعطائي القليل من وقتك؟ لقد أجريت بعض التعديلات على ثوبك . هل تتذكرين كيفية الوصول إلى مشغلي؟ "
بعد بضع دقائق وصلت ابيغيل إلى مشغل مارتينا فقالت لها : " هل تمانعين إن طلبت منك قياسه؟ حسناً . "
قالت مارتينا بعد مرور بعض الوقت : " أليس رائعاً هل يعجبك يا ليليان؟ " وعبرت عن إعجابها بمظهر ابيغيل " أقترح عليك عليكِ أن تعطيني الثوب حتى تقوم ليليان بكيه عندها ستتمكنين من ارتدائه في المساء وذلك ... سيكون بعد عشرين دقيقة . سوف تتناولين العشاء معنا رايموند وأنا , هل توافقين على ذلك؟ حسناً والآن أرجو أن تشغلي نفسك بشيء حتى أنتهي من ترتيب الأغراض . "
تأملت ابيغيل فستاناً وضع وراء الباب ثم جالت في المشغل وهي تمعن النظر بالتصاميم والأقمشة التي وضعت في كل مكان . وقد أعجبت بألوانها , بقصاتها بقماشها الناعم . قالت ابيغيل : " أنتِ شديدة الذكاء ."
ضحكت مارتينا وقالت : " يمكنني أن أدعي الحياء وأنكر ذلك ولكن ... إن كوني من عائلة فلدر يجعلني أبتعد عن الخجل ودربت جيداَ كذلك , فقد سافرت ... إلى بلدك أيضاً ... لأتعلم تقنيات جديدة , لديك ... أنتِ أيضاً موهبة لا تزال مخبأة ... أعني موهبة فذة ... ومعظم الناس يملكون واحدة إن ذلك هو رأيي الشخصي . على كل حال حسب هيئة أصابعك أنتِ تعزفين على البيانو؟ "
أجابت ابيغيل متعجبة : " إن لديك وقة ملاحظة كبيرة . نعم , أنا أعزف على البيانو . لقد أخذت دروساً في العزف إذ كنت طفلة وقد خضعت لعدة امتحانات في مادة الموسيقى , ولكنني لا أحيي حفلات موسيقية! "
قالت : " لا يستطيع الجميع الوصول إلى ما يريدون . "
قالت وهي تنظر بسرور إلى صورة ابيغيل في المرآة , " كأن هذا الثوب قد صمم خصيصاً لكِ . وأنا أعرف على الأقل شخصاً قد لاحظ ذلك . "
" اتعنين رايموند بالطبع ."
" هل فهمت الأمر بهذه الطريقة؟ نعم إن رايموند قوي الملاحظة ولكن كلا كنت أفكر بـ .. دعك من الأمر لن يكون هنا في المساء . "
لا يمكن أن تكون مارتينا قد عنت شقيقها البكر بكلامها هذا .
كانوا قد وصلوا إلى طاولتهم وأحذو يقرؤون لائحة الطعام , عندما رفعت ابيغيل نظرها نحو المدخل . توقف الواصلان الجديدان واصطدمت عينا الرجل واللذان تصعب قراءتهما بعيني ابيغيل وقفت رفيقته تراقب المشهد . لم يكن من الممكن أن تكون رفيقة رولف تلك سوى لورا مارشان , أليس كذلك؟ سألت ابيغيل نفسها , وقد أخافها إحساس الغيرة الذي شعرت به .
: " هل نجلس على طاولتنا المعتادة يارولف؟ " سألت لورا بينما لعلعت نبرتها الانجليزية في المطعم . دون أن تنتظر الجواب , اتجهت ضيفة رولف نحو النافذة ووقفت بالقرب من إحدى الكراسي .
ساعدها رولف على الجلوس ثم جلس قبالتها .
" إن حضرتها تحاول دائماً أن تجعل الانظار تلتفت نحوها . " علقت مارتينا بلهجة ساخرة وهي تملي طلباتها على النادل : " ولكن ذوقها في انتقاء الثياب يدعو إلى الاشمئزاز ولكن لا باس ..." ثم نظرت بإمعان إلى صديقة رولف وتفحصتها بعيون جيدة ... " لا بد وأنها دفعت مبلغاًَ طائلاً لتبتاع هذا الثوب , ولكن لا يلائمها . إن البائعة التي نصحتها به كانت تفكر فقط بالمكافأة التي سوف تنالها . "
قالت مارتينا متوجهة إلى أخيها : " لماذا ذوق رولف في انتقاء صديقته خاطئ إلى هذا الحد يا رايموند؟ "
" لماذا توجهين إلى هذا السؤال؟ إنني أحاول أن أحزر ولكنني أتصور بأن الأمر هو على هذه الحال لأن رولف ليست لديه النية ابداً بالارتباط . أنتِ تعلمين أراه بهذا الصدد وذلك منذ أن تركته بياترس لترحل مع ذلك المليونير . "
قالت مارتينا وهي ترسم حركة مضحكة على وجهها : " ولكن أنظر إلى الوراء , أنها تحاول جاهدة لفت نظر رولف , إنها لا تعلم بأنها تدق على باب موصد تماماً . "
قال لها أخوها مؤنباً : " أنتِ كل ما تجنيه هو العمل . أنتِ ورولف تتقاسمان هذا الولع بالعمل . "
قالت مارتينا وهي تدفع فنجان القهوة وتنهض : " بما أنك تكلمت عن العمل ... "
سأل رايموند شقيقته : " هل ستذهبين إلى مشغلك؟ هل ستكون ليليان هناك . إذن سوف أرافقك . "
حاولت ابيغيل جاهدة إخفاء ابتسامتها إذ أن رايموند حول اهتمامه بشكل مفاجئ : " ابيغيل؟ ابيغيل؟ " سمعت صوت رولف يناديها إذ كان الثلاثة يمرون أمام طاولة رولف ولكنها تجاهلت نداءاته فاجتازت الممر قرب الطاولة وهي مرفوعة الرأس . لماذا يجب علي أن أركض ملبية نداءه في كل مرة , تساءلت ابيغيل , خاصة وأنني أعلم بأنه يود تقديمي إلى صديقته , لكي يجعلني افهم كم أن خطوبتنا هي مؤقتة وخالية من المعنى .
بعد بضع دقائق , أحست وكأن المنظر المترائي لها من خلال النافذة , حيث اختلط الضباب الخفيف باللون الذهبي للشمس التي بدأت يناديها بشكل لا تستطيع مقاومته عندها , أدركت أنها تشعر بالقلق الكبير . كذلك فهي قد شعرت بالحاجة الملحة إلى الخروج للتنزه قليلاً .
" ابيغيل . " كان هناك نبرة آمرة في ذلك النداء , فلم تستطع تجاهله هذه المرة لأن الرجل الذي تلفظ بتلك الكلمة كان يعترض طريقها علمت بأنها لن تستطيع الوصول إلى المصعد . لذلك . استدارت حين وصل رولف أولاً إلى هناك , ففتح باب المكتب وأشار إليها بالدخول قبل أن تستطيع أن تهرب أو تغيير وجهة سيرها توجهت نحو مكتبها ثم أدعت بأنها تتفحص الأوراق التي دون عليها ماكس ملاحظاته . سأل رولف وقد تعكر مزاجه : " لماذا أدعيتي بأنكِ لم تسمعيني إذ ناديتك وذلك عندما كنت في قاعة الطعام؟ " كان بإمكانها أن تفصح عن غضبها , كذلك يمكنها الادعاء بأنها لم تسمعه . ولكنه سوف يعلم بأنها لم تكن تقول الحقيقة . " لقد أردت فقط أن تقدمني إلى الآنسة صديقتك لقد افترضت الكثير من الأمور ... مثلاً أنني فعلاً أود مقابلتها . على كل من الطبيعي جداَ أن تقول الحقيقة لصديقتك تلك . "
قال رولف : " إنها لا تعلم شيئاً عن خطوبتنا المزيفة فهي ليست من العائلة قولي لي , هل أنتِ وشقيقي مقربان؟ . "
" أنتِ لا تعلم شيئاً . فلدى رايموند احترام كبير للقيم الأخلاقية " وشعرت ابيغيل بأنه ما كان يجب عليها التكلم بهذه الطريقة .
" إذن أنتِ تعترفين بأن رايموند يعني أكثر من صديق بالنسبة لك , كما كنت تدعين دائماً . "
قالت ابيغيل : " كلا ليس الأمر كذلك . " ثم تقدمت نحو الباب لتخرج .
سألها : " إلى أين أنتِ ذاهبة ؟ "
" أني خارجة لكي أتنزه أرجو ألا تتبعني . "
لم يتبعها رولف , ولكنه مشى إلى جانبها حتى وصلا إلى الباب . كان المصعد قد وصل فقررت أن تغلق بابه بوجه رولف وأن تضغط على الزر قبل أن يتمكن هذا الأخير من الدخول إلى المصعد ولكنها سمعت أحدهم يناديه في قاعة الاستقبال ثم تناهت إلى مسامعها تمتمة مخنوقة ونظرت خلفها فرأته يختفي داخل المكتب .
تنزهت ابيغيل على مهلها ثم استدارت ونظرت إلى فندق بانوراما . كان مبنياً على منحدر صخري عند الشاطئ . لا عجب إن كان المصعد الموجود على مستوى الأرض يستعمل في تلك الغرف يتمتعون بمناظر رائعة حيث ليس هناك أي مبنى من الطراز الحديث , فكرت ابيغيل وهي تشعر بالامتنان بعد أن عدت النوافذ , استطاعت أن تحدد موقع غرفتها في الفندق , كان ستار النافذة الأرجواني الذي اقفل جزيئاً ظاهراً حيث تتناول فطورها في الصباح الباكر عادة . وكان ستار النافذة يحميها من أشعة الشمس وهو يناسب الستائر الأخرى وكون مجموع ذلك بقعاً جميلة من ألوان توزعت على طوابق عدة من المبنى . استدارت إلى ناحية البحيرة .
وجدت ابيغيل مقعداً في ضل الشجرة , نظرت إلى المياه , ولكنها لم ترها حقاً . كان جمال الجبال المحيطة بها مهيباً إذ أعطاها ضوء الشمس الغاربة مظهراً جذاباَ فاتناً . كانت السفن تطفو , تعلو وتهبط بحذر عند ارتطامها بالأمواج الخفيفة , بينها أبحرت المراكب الشراعية . لفت انتباه ابيغيل خيال موجود إلى شمالها ورأت رجلاً يقف عند حافة المياه وكان يحدق بالأرض . إنه ذلك الرجل الذي يوحي بالحنان والذي يزعجها كبرياؤه ويفرحها في آن معاً ... كانت متأكدة من أن رولف لم يرها . فهو يعتقد بأنها قطعت مسافة كبيرة وهي تتنزه .
سمعت رولف يناديها وشعرت بأنها لم تعد وحيدة إذ كان يتقدم نحوها .
" لنجتاز هذا الشارع . أنه خطر لا يجب أن تجتازي هذه الطريق العريضة حيث تكثر السيارات أليس كذلك؟ بالإضافة إلى هذا الأمر تذكري ما حصل في المرة السابقة عندما قطعتِ الطريق إذ كانت السيارات تسير بسرعة . "
علت احتجاجات ابيغيل وكلنها سمحت لرولف بمساعدتها على قطع الطريق بسلام . قال : " هل تستطيع ابيغيل هايلي أن تتظاهر لفترة قصيرة بأن رولف فلدر هو صديقها وليس عدوها؟ "
" الآن سوف نسير معاً هل تمانعين إن قمنا بتسلق جدار المدينة وليس الهضاب فقط؟ حسناً لنمشي من هذه الجهة . "
ابتعدا عن البحيرة واتجها نحو جزء آخر من المدينة . بعد قليل , كانا يقتربان من الحقول حيث توزعت الأبقار لتأكل العشب . كانت الأجراس المعلقة برقبة كل منها تصدر اصواتاً قوية ومتناغمة كما لو كانت تخبر عن الراحة والسكون اللذين يتوافرا مع نمط من الحياة , وصلا إلى أسفل الحائط الكبير حيث امتدت الطريق الرئيسية وكانت رؤيتها جميلة كأنها تبين الفرق الشاسع بين عراقة الريف البدائي وحداثة الطرقات والسيارات ... قال رولف وهو يشير إلى سلم طويل : " إن الدرجات ألتي ترينها تؤدي إلى أسفل إحدى هذه الأبراج . هل تودين تجربة هذه اللعبة؟ "
" لم لا؟ " قالت ابيغيل وهي تفتعل التحدي : " ربما أبدو لك فتية ولكني قوية على كل لقد استطعت الصمود بجدارة عندما صدمتني سيارتك أليس كذلك؟ "
كانت تتبع رولف في الصعود وتحاول جاهدة اللحاق به عن قرب .
" لقد بني الحائط حوالي 1400 وهناك تسعة ابراج . " قال لها رولف عندما توقفا للاستراحة بعد أن صعد السلالم ، " إن كلاً من هذه الأبراج يختلف عن الآخر , أنظري هذا البرج له سقف مثلث الشكل وهو مغطى بالقرميد الأحمر ولكن لذلك البرج الثالث نوع خاص من القمم أما الرابع , فلديه قمم مزدوجة . "
" هل وصلنا فعلاً إلى القمة؟ خلت بأننا لن نصل إليها أبداً . "
بدآ بالسير بمحاذاة الحائط واندهشت ابيغيل لروعة المنظر الذي رأته .
عندما سارا في طريق العودة , قال بسرعة : " اعترف بأنني تساءلت عندما كنا في الأسفل عما إذا كنتِ قادرة على الوصول إلى القمة . "
نظرت إليه : " هل اعتقدت فعلاً بأنني سأطلب معروفاً وأتوسل إليك بأن نعود أدراجنا؟ "
" سوف تتحملين عواقب استفزازك . " ونظر إلى يدها التي تحمل الخاتم .
" ولكن ذلك لا يجعلني ملكاً لك . كذلك ليس لهذا الخاتم أي معنى حقيقي . "
أدارت ابيغيل عينيها لتتأمل مياه البحيرة المذهبة ونظرت بعدها إلى الفضاء ذي اللون البرتقالي , إلى الهضاب القريبة التي أصبحت داكنة ومستعدة لتستقبل الظلام الذي سوف يحل قريباً .
همست ابيغيل وقد أحست بالغصة في حنجرتها : " أليس هذا رائعاً؟ "
قال رولف موافقاً : " إنه رائع حقاً . " وصلا إلى مدخل الفندق بعد أن عادا من المدينة سيراً على الأقدام . ألقى رايموند عليهما التحية إذ كانا يدخلان إلى الفندق .


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-05-09, 11:39 PM   #6

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل السادس



كانت الذكريات السعيدة و الأيام الجميلة التي قضتها مع رولف لا تزال تسكن مخيلتها وتعذبها . لم تذق طعم راحة البال منذ أن اكتشفت أمر إعجابها برولف فلدر . فقد كانت تعلم جيداً حقيقة وضعها وبأن افتراقها عنه محتوم , لذلك فهي لن تجد أبداً راحة البال من جديد .
" ابيغيل . "
أجابت بصوت أجش : " نعم؟ "
" هل استطيع مكالمتك؟ "
" ابيغيل! "
قررت ألا ترد عليه و ألا تطيع أوامره . ولكنه لم يكن أي شخص , فقد كان فرداً مهماً في إدارة الفندق , وكانت تعلم بأنه إن لم تفعل ما يريده , سوف يكرر طلبه دون أن يكترث لأمر وجود أحد الضيوف . لذلك , قالت : " هلا انصرفت من فضلك؟ "
قال لها : " ربما تفضلين أن يكون رايموند مكاني . لقد رأيتك في هذه العشية وأنتِ تكلمينه . "
" كان ذلك لأنني لم اشأ جرح شعوره . " كان يمكن لأبيغيل أن تجيب ولكنها علمت بأن رولف لن يصدقها بل سيضحك بسخرية من كلامها .
قال رولف وهو يلتفت نحوها : " غداً سوف أكون في زوريخ ولن أعمل بعد غد . أنوي الذهاب لأنجز عملاً ولأتمتع كذلك بالراحة هناك . هل تودين مرافقتي إذ أنكِ لم تتعرفي حتى الآن إلى تلك المنطقة؟ "
أجابت ابيغيل ببرودة تمنت لو أنها تعادل برودة رولف .
" شكراَ لك . أنني أقبل دعوتك . "
" حسناً . " قال رولف بلهجة قاطعة كأنه ينهي صفقة تجارية : " جهزي نفسك للذهاب بعد الفطور . " ثم ابتعد قبل أن تتمكن ابيغيل من الإجابة .
بدا اليوم التالي طويلاً , فقد أمضت ابيغيل القسم الأكبر من وقتها وهي تعمل على طبع الملاحظات التي دونها ماكس فلدر . وإذ تقدمت في عملها , أحست بالاهتمام الشديد في ما يتعلق بالمعلومات المدونة . أمسكت سماعة الهاتف وطلبت قهوتها الصباحية ثم عادت إلى مكتبها . وكانت الملاحظات تحتوي على العديد من المعلومات . عندما حملت النادلة صينية القهوة إليها , وشكرتها ثم أكملت عملها وتابعت قراءة الملاحظات . لاحظت ابيغيل بأن حامل الصينية الذي دخل إذ كانت تعمل لم يستأذنها قبل الدخول . فنظرت مندهشة ولكنها ما لبثت أن رأت مارتينا تنفجر ضاحكة .
" لقد تساءلت كم ستستغرقين من الوقت حتى تعودي إلى الواقع , فأنا لم أشأ إزعاجك إذ كنت تحاولين التركيز على عملك . "
توقف ابيغيل عن العمل ثم صبت القهوة في فناجين .
قالت مارتينا : " لقد داهمتك بالصينية , فأنا كنت قادمة لرؤيتك على كل حال . شكراً , لا أريد السكر , بالمناسبة , هل تستطيعين ان تسدي لي خدمة وتمنحيني بعضاً من وقتك بعد ظهر اليوم؟ . "
" حسناً موافقة , شرط أن يكون الأمر ضمن إمكانياتي . "
" تستطيعين ذلك . وليس هناك أية صعوبات أريد منك فقط قياس بعض الموديلات . فالفتاة التي تهتم بذلك عادة قد ذهبت في إجازة . "
" وهل تركتك من دون عارضة؟ "
" هذا صحيح لقد وعدتني بأن تكون هنا عندما سنقيم الحفل بمناسبة انتهاء المنزل . لقد أخبرتك عنها , أليس كذلك ؟ "
أومأت ابيغيل بالإيجاب : " هل أنتِ متأكدة من أن مقاس الأثواب يناسبني؟ أعني هل أنتِ متأكدة من أن مقاس الفتاة ومقاسي متشابهان . "
" أنا أعلم تماماً مقاسك بسبب الثوب الذي اشتراه لك رولف والذي هو من بين تصاميمي . لقد بعثت له بالفاتورة , هل أعلمتك عن الأمر؟ " أضافت مارتينا وقد ارتسمت الضحكة على وجهها : " قال رولف أنا لا أمانع أبدا ما دمت أحصل على خدمات توازي قيمة مالي . ولآن أنا أتساءل ما الذي عناه رولف بكلامه هذا . "
" إني لا أعلم ما يعنيه . "
بعد أن انتهى الغداء , توجهت ابيغيل نحو مشغل مارتينا ودامت فترة القياس وقتاً طويلاً كلنها لم تمانع لأن الأثواب التي كانت تضعها لمدة خمس عشرة دقيقة أي حتى تجري عليها مارتينا بعض التعديلات , كانت أنيقة جداً فشعرت بالارتياح ونسيت تعبها . بعد مرور نصف ساعة دخل رايموند إذ كان قد أنهى عمله ولاحظت بأن نظراته الأولى كانت نحو ليليان . وكان هناك عاملتان أو ثلاث في المشغل , كن جالسات قرب آلات الخياطة , أو يهتممن بقص الموديلات التي صممتها مارتينا .
" مرحباً يا صديقتي . " قال رايموند ملقياً التحية على ابيغيل : " أرى بأن شقيقتي قد أقنعتك بمساعدتها . فعائلة فلدر تستغل مواهبك قدر الإمكان . أليس كذلك؟ أولاً أبي وملاحظاته المتعلقة بأنواع الاجبان . الآن ها هي أختي وكذلك أخي . "
وتابع يقول : " فهو يدعي بأنكما مخطوبان وذلك لكي يبعد لورا مارشان عن حياته . "
وفكرت ابيغيل بأن رايموند لن يتصور أبداً كم حزنت بسبب كلامه : " أعتقد أنها متطلبة كثيراً وربما أنها قد أبدت ملاحظات عديد حول رغبتها بالزواج برولف فلدر الذي يستطيع أن يؤمن لها نمط الحياة التي اعتادتها , كذلك فهو سيضيف الكثير من المال إلى حسابها المصرفي . "
قالت مارتينا : " لقد عاهد بألا يتزوج أبداً . "
أجاب رايموند على كلامها وهو يومئ غير موافق : " ليست لورا حمقاء أبداً لذلك فهي ستجد طريقة يوماً ما لتقنعه بتغيير رأيه وحتى أنتِ يا مارتينا لن تستطيعي إنكار ذلك . "
" حسناً . " عادت بضع خطوات إلى الوراء لتتأمل عملها : " إن ذلك رائع يا آبي وأنا أشكرك على مساعدتك لي . هل تستطيعين الحضور إن احتجت إليك مجدداً؟ . "
" أستطيع دائماً أن أحضر إلى هنا مادام ذلك لا يؤثر على عملي في مكتب والدك . "
" هذا رائع يا رايموند , باسم عائلة فلدر , أنا أشكرك كثيراً لأنك أحضرت ابيغيل إلى هنا لتقييم لبعض الوقت . "
قال : " متى شئت . " ثم تابع وقد غطت صوته الضجة الناتجة عن تشغيل آلات الخياطة الثلاث . " شرط ألا تأخذ ابيغيل على محمل الجد أمر خطوبتها بشقيقي رولف . "
لم تستطع ابيغيل أن تأكل طعام الإفطار عندما احضر إلى غرفتها فهي عبثت بالطعام فقط لأن الحماس كان قد غلب شهيتها .
وضعت ابيغيل مفتاحها في الخانة المناسبة . قادها رولف نحو المصعد . ولكن قبل أن يغلق باب المدخل وراءهما , نودي رولف .. سمع هذا الأخير صوت النداء فتوقف قليلاً ثم تابع طريقه .
" لن أعمل اليوم . " قال رولف بحزم : " كلا , لن أعمل اليوم أبداً ولن أتحمل أي نوع من المسؤوليات , فأنا حر من جميع الواجبات ."
ذكرته ابيغيل : " سبق أن قلت لي أن العمل أهم شيء في حياتك . "
" أما أنتِ إلى جانب ادعائك بأنكِ خطيبتي ... هل أنتِ كذلك صوت الضمير؟ "
كانا قد توقفا وتهيآ لاجتياز الشارع المزدحم .
" سوف نمشي في المدينة , هل توافقين؟ "
لم تبد البحيرة أبداً غامضة كما هي عليه الآن , فقد خبأ ضباب الصباح الجبال وألبس مراكب البحيرة أوشحة رائعة . دبر رولف أمر صعودهما إلى الباخرة ثم نظر إليها إذ كانا ينتظران انطلاق الباخرة .
" إن لديك بريقاً خاصاً بك , وتبدين كأنك سعيدة جداً . هل إن فكرة الصعود إلى الباخرة تروق لك إلى هذا الحد ؟ "
لم تستطع ابيغيل البوح بالحقيقة لرولف , فأومأت موافقة . وإذ كانت تقف على متن الباخرة , فكرت بأنها سوف تحتفظ بذكرى هذا اليوم على مدى عدة سنوات . فهي لم تكترث لوجود الضباب الثقيل في الجو . فهو أعطاها كل البريق الذي تحتاجه ليصبح يومها مشرقاً . كان سطح البحيرة هادئاً , أما طيور النورس , فقد حامت حول الباخرة وهي كانت تفتش عن فتات الطعام وتريد المزيد دائماً وكأنها لن تشبع أبداً .
كان يحدق بالجبال التي بدأت إشكالها تظهر إذ كان الضباب ينقشع عنها شيئاً فشيئاً . مرت بواخر أخرى وهي ترش المياه حولها . ففكرت بأنه من الصعب أن تغدو يوماً أكثر سعادة مما كانت عليه في ذلك من النهار .
مشى القارب بسرعة وعلقت ابيغيل على ذلك " إن القارب يسير على قوة ديزيل . "
قال لها رولف : " ليس مصمماً للنزهة فقط , على الرغم من أنه يحمل على متنه بعض السواح . "
قالت ابيغيل : " إن بلادك رائعة الجمال . "
قال : " من الممكن أن أكون منحازاً لها ولكن علي الاعتراف بأنكِ محقة . هل تعلمين بأن سويسرا مقسمة إلى كنتونات؟ هناك ثلاثة وعشرون منها , في الحقيقة وثلاثة من تلك الكنتونات مقسمة بدورها إلى كنتونين . مما يعني بأن بدلاي مكونة من ولايات صغيرة ولكل منها قوانينها الخاصه ومجلس نوابها . على الرغم من ذلك فهي كلها تؤلف بلداً واحداً! هل أنتِ مندهشة بما يمسى بالوحدة ضمن التنويع! إ، ذلك يعود إلى عدة قرون عندما أحس الفلاحون في مختلف الكنتونات أنهم بحاجة إلى حماية حقوقهم التقليدية من القوى الأجنبية لذلك فهم تعاهدوا على التكاتف والتضامن . "
" يبدو أن اللغة الأساسية في هذه الأجزاء من البلاد هي اللغة الألمانية . "
" نعم , إنه نوع محدد من اللغة الألمانية . فاللغة المحكية في هذه المنطقة هي الشويتز داتش , ولكن الألمانية أو الهوخداتش هي اللغة المكتوبة وهناك على الأقل أربع لغات وطنية محكية في هذه البلاد كذلك , هناك بالطبع العديد من اللهجات المحلية . " وتتالت مناظر العديد من البيوت .
وكانت الباخرة تقترب منها , فغادر بعض المسافرين بينما صعد آخرون على متنها , ثم تحركت وتابعت رحلتها . اختفى منظر الهضاب وحل مكانه منظر الأرض . بقيت ابيغيل إلى جانب رولف إذ كان يتجه نحو محطة معينة . فخفف سيره وتوقف بمساعدة بعض الحبال . قال رولف وهو يقودها نحو المخرج : " سوف نغادر السفينة الآن . "
تابعا الرحلة نحو رأس الجبل بواسطة القطار .
قال : " هل كنتِ على علم بأن مهندساً سويسرياً هو الذي صمم محطة القطار المسماة بالسنودون ماونتين في الويلز؟ وهي قد بنيت قرابة العام 1800؟ "
" كلا , لم أكن على علم بذلك . "
" على محور على مقطورة من هذا القطار , هناك أسنان العجلات أو القوادم .. وهي تدخل في السكة . لقد تم صنعها لأول مرة هنا , في سويسرا . كذلك فقد تم طلب القاطرات من هنا . "
كان القطار يتوقف عند أبواب الحدائق فيصعد إليه أطفال حاملين حقائبهم , وذلك بعد أن يأتوا راكضين من بيوتهم ويتركوا أهاليهم الذين كانوا يلوحون لهم . عند محطات أخرى لوح بعض الناس بأيديهم فخفف القطار من سرعته وصعد إليه الركاب . كان المنحدر وعراً لذلك لم يتمكن القطار من التوقف بشكل كامل .
قالت ابيغيل : " يجب أن يتمتع الإنسان بالسرعة في هذه الناحية من البلاد وذلك لكي يتمكن من الصعود إلى هذه القاطرات والنزول منها . "
أومأ رولف مؤيداًً كلامها , ثم جلس بالقرب منها : " إننا فخورون بهذا القطار لأنه أقدم قطار عجلات في أوربا . إن هذا مدهش . "
أعطيت التعليمات للسائق ... وذلك بواسطة الراديو كما شرح رولف لأبيغيل عندما وصل الاثنان . رأيا مجدداً أشعة الشمس والسماء الزرقاء وبهرت قوة النور العيون .
" لقد وصلنا إلى ما فوق الغيوم . " قالت ابيغيل ذلك وهي تشير إلى قمم الجبال البعيدة التي تراءت لها من خلال الوشاح الأبيض والرمادي .
أومأ رولف موافقاً وقال : " في بعض الأيام , حين تكون السماء صافية يمكنك رؤية الجبال في البعيد ... مثلاًُ هناك المونخ , اليونغفرو والإيغر , التي يمكن بلوغها بعد الانطلاق من الانتر ليكن , الذي يوجد على بعد ساعتين من هنا . " قال رولف إذ كانا يغادران القطار ويصعدا نحو فناء فندق فخم كان يطل على مشاهد خلابة :" سوف أجد لك مقعداً حتى تتسنى لك فرصة للاستمتاع بهذا المنظر ... بينما سأذهب إلى الداخل وأعقد صفقه مع المدير . فنحن نأمل بأن نضم عما قريب هذا الفندق إلى مجموعة فلدر . هل ستكونين هنا على ما يرام ؟ "
أمدت له ذلك . وبعد أن اختفى رولف داخل المبنى , أخذت تقرأ أسماء الوجبات التي يقدمها المطعم بعد برهة , اقترب منها نادل , وسألها عما ترغب بتناوله وكان يتكلم الانجليزية بصعوبة .
" هل السيد فلدر معك؟ حسناً سوف لن يتأخر بالعودة . "
نظرت ابيغيل حولها وهي تتأمل المناظر من جديد وبالرغم من ان الضباب كان كثيفاً فقد رأت أولاداً يلعبون بينما لعلعت أصواتهم فملأت الجو وبدت كأنها تهرب من الفندق الفخم لتبلغ قمم الجبال البعيدة . كانت الأعلام تتمايل مع الهواء وكل منها يختلف بشكله عن الآخر . فكرت ابيغيل بأن هذه الأعلام تمثل الكنتونات المختلفة التي أخبرها عنها رولف .
عاد رولف إلى الطاولة , فأمسك بلائحة الطعام وقرأها بصوت عال . لم يكن قد أخبرها عن نتيجة المحادثات ولكن فكرت ابيغيل وهي تتحسس خاتم الخطوبة المزيفة لم يكن الأمر من شأنها .
قال رولف : " لنر , هناك نقانق مشوية مع سلطة البطاطا . هل تودين تذوقها؟ كذلك هناك اسماك نهرية مقلية تقدم مع البطاطا المسلوقة . "
" نعم , من فضلك أود تذوقها . "
نادى رولف النادل وأعطاه الطلب فأومأ النادل باحترام وابتعد .
قالت ابيغيل : " إنه مهذب جداً , هل كانت صفقة العمل ناجحة؟ كلا المعذرة , أرجو أن تنسى سؤالي هذا . "
" إن الأمر الذي تباحثناه قد انتهى باتفاق ناجح جداًَ . "
" جيد , وأشكرك لأنك لم تقل لي بأن هذا ليس من شأني . "
أحضرت لهما وجبات الطعام وأرفقت بعصير الليمون الذي طلبه من أجلها وأحضرت قطع كبيرة من الخبز الطازج مع الطعام . دخل أربعة فتيان وكانوا ينتعلون الجزم وجلسوا يتحدثون .
سألت ابيغيل رولف : " عندما كنت في المدينة , رأيت بعض اللافتات التي تعلن عن حفل موسيقي . "
أجابها : " هل تعلمين بأن شعبنا يحب الموسيقى ؟ أنتِ كذلك؟ إن هذا على الأقل هو أحد القواسم المشتركة بيننا . "
" وهل تحب لورا ... لورا مارشان .. الموسيقى كذلك؟ "
عندما استدارت عيناه الباردتان نحوها , تمنت ابيغيل لو كان من الممكن أن تختفي تحت الطاولة . ولكنها لم تستطع منع نفسها من طرح ذلك السؤال . فكرت , فأنا أردت أن يقول رولف لي , بأن لورا لا تعني شيئاً بالنسبة له حتى أنه لا يعرف ما تحب وما تكره في عدة مجالات , كالموسيقى مثلاً .
" عفواً لقد تفوهت بالكلمات الخاطئة مجدداً . فهذا ليس من شأني . أبداً . هل أنت ذاهب؟ "
" اتعنين إلى الحفل الموسيقي؟ نعم وأنتِ سترافقينني كذلك لقد ابتعت بطاقة لك . "
كانت تتمنى لو تسأله إذ كان قد ابتاع تلك البطاقة للورا التي لن تتمكن ربما من مرافقته إلى الحفل . بدلاً من ذلك شكرته وقالت : " من المؤكد بأنني سوف أدفع ثمنها , عندما ... "
" عندما ترثين ثروة من عمك الغني الذي ليس له وجود على وجه الأرض؟ " قال رولف ذلك ممازحاً إياها وتابع : " لقد دفعت ثمنها , آبي . "
عندما عادا إلى الفندق .
سألها : " هل أنتِ مرتاحة هنا؟ كان يجب علي أن أرتب أمر حصولك على جناح كامل . سوف أطلب منهم نقلك إلى جناح , هل توافقين على ذلك؟ "
أجابت ابيغيل وهي تفكر بالمبلغ الباهظ الذي عليها أن تدفعه مقابل حصولها على جناح : " كلا شكراً لك , ولكنني لن أمكث هنا لمدة طويلة لذلك لا داعي للتغيير . "
" لن تمكثي هنا لمدة طويلة؟ هل تريدين التراجع عما وعدت به والدي والتخلي عن العمل الذي كلفك به؟ "
" كلا بالطبع لا . لم يكن ذلك هو ما عنيته . "
" ما الذي عنيته إذاً؟ "
قالت مشيرة إلى يدها : " إن هذا الخاتم لا يعني شيئاً لذلك ليس هناك أي ارتباط حقيقي بيننا . ليس لديك الحق . "
غدت نظراته قاسية من شدة غضبه . استدار رولف وتوجه نحو الباب .
" رولف " استدار هذا الأخير , فأضافت ابيغيل : " أشكرك لهذا النهار الممتع . "


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-05-09, 11:40 PM   #7

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السابع

" هل تودين المجيء مع رايموند ومعي إلى الجبال؟ "
سألت مارتينا ابيغيل : " لقد بذلت مجهوداً كبيراً في اليومين الأخيرين وقد سجنت نفسك في مكتب أبي لذلك نحن نعتقد بأنك تحتاجين إلى بعض الهواء النقي . "
" على كل , اليوم هو السبت . " قال رايموند وقد وقف وراء شقيقته عند باب ابيغيل : " حتى الرجال العاملين مثلي ... يحتاجون إلى بعض الراحة إن الجبال ليست مكللة بالثلوج . " أكملت مارتينا وهي تجلس في إحدى الكراسي في غرفة ابيغيل : " إنها ليست كذلك في هذا الوقت من العام , على كل . "
" أرشداني على الطريق وسوف أتبعكما . "
" إن رولف مشغول بأعماله الخاصة . هل تعلمين أنه يملك مصنعاُ في زوريخ؟ حسناً فقد أعلمته صديقته ببعض التحذيرات ويبدو أنه أخذها على محمل الجد . إن التحذيرات تتعلق بشركته وليس به شخصياً . "
انضم الثلاثة عند المحطة . كان القطار يسير بهدوء , فكرت ابيغيل كما لو أنه يتحرك طوال النهار على أرض مسطحة . ولكن الحال لن يكون دائماً كذلك كما قال لها رايموند .
في بادئ الأمر , مشى القطار بمحاذاة ضفاف البحيرة ماراً بين الشاليهات والبيوت التي كانت كما قال لها رفيقاها , معظمها مقسمة إلى شقق ودوت صفارة القطار بصوتها القوي قبل أن يدخلوا النفق ثم خرج القطار فرأوا مناظر كثرت فيها الحدائق المحاطة ببعض الهضاب . قطع القطار الوادي وما لبثوا أن وصلوا إلى الجبال التي كانت الهضاب فيها تعج بالأشجار الخضراء .
شرح رايموند : " لقد بدلت الدواليب العادية بعجلات أخرى , أنها تسمى بنظام عجلات الريغنباجس وبواسطتها , يستطيع القطار أن يجتاز الأ**** المائلة . "
وصلوا أخيراً بعد أن تجاوزوا واجهات المحلات والشوارع حيث كثرت الشرفات المزدانة بالورود . كان العلم السويسري يرفرف بفخر , وهو يكاد لا يتحرك بسبب سكون الهواء .
قالت مارتينا : " سوف أراكما بعد قليل . لدي زبونة أريد أن أراها . أنها تعيش في إحدى هذه الشقق هناك , وهي تريد أن تختار إحدى تصاميمي سوف نقوم بخياطة رداء لها . " ثم اختفت مارتينا داخل البناية بعد أن لوحت بيدها .
نظرت ابيغيل حولها فرأت قمم الجبال الشامخة تحيط بالمدينة وكانت مصفوفة الواحدة تلو الأخرى , بينما تبدلت أشكالها بسبب التآكل الذي حصل مع مرور الوقت . كانت تلك الجبال المهيبة تحيط بالمدينة وتغوي العيون إذ تتأمل قممها الشامخة .
شرح رايموند لأبيغيل : " في الشتاء يتحول هذا المكان إلى منتج للتزلج . لذلك يجب ألا يخدعك اخضرارها الآن فتسلق هذه الجبال ليس سهلاً ويجب أن تكوني بارعة في الرياضة قبل أن تحاولي تسلقها . "
لاحظت ابيغيل بأن العديد من المخازن كانت تعرض أدوات التزلج وثياب الرياضة المخصصة لتلك الرياضة .
" إننا على علو آلاف الأمتار عن سطح البحر , أي أننا تقريباً على ارتفاع ثلاثة آلاف و مئتي قدم إنه منتجع صيفي كذلك , وهو أيضاً نقطة انطلاق رحلات استكشاف الجبال . " ثم أشار رايموند إلى بعض الشبان الذين كانوا يلبسون السترات , الجزمات والثياب الدافئة ويحملون بعض الرزم على ظهورهم .
سألت ابيغيل وهي تشك بذلك : " هل يريدون تسلق تلك الجبال؟ "
أجابها رايموند : " في هذا الوقت من العام يمكن لأناس كهؤلاء تسلق الجبال ولكن يجب أن تري القمم في الشتاء . "
أومأت ابيغيل وهي تحاول تصور منظر الجبال في الشتاء . انضمت مارتينا إليهما ثم ذهبوا للغداء في المطعم المفضل لدى رايموند . تكلم مطولاً مع المضيفة التي كان يناديها باسمها بينما دونت مارتينا بعض الملاحظات . أما ابيغيل فقد تفحصت المطعم وتأملت المناظر في الخارج حيث كثرت واجهات المخازن وعمت الطرقات بالسياح . تنزهوا لبعض الوقت في المنتزه ثم جلسوا واستمعوا إلى فرقة موسيقية وجالت عينا ابيغيل على المنظر وفقها حيث رأت الهضاب الخضراء التي تقع خلف المنتزه وتوزعت الشاليهات ذات الشرفات الرحبة على الطرف الآخر من المنحدرات التي كانت محاطة بالأشجار إذ كونت خطاً رفيعاً على القمة .
" إن مهرجان الحفلات الموسيقية سوف تبدأ بعد ثلاثة أيام . "
قالت مارتينا ذلك في طريق عودتهم وعي تضع ملفها بالقرب منها , بينما جلس رايموند على المقعد إلى جانب ابيغيل .
" سوف تأتين معنا يا آبي , أليس كذلك؟ "
أجابت ابيغيل : " لقد ابتاع رولف بطاقة لي . "
قال رايموند : " إن مارتينا لا تستطيع أبداً نسيان موعد الحفلة الموسيقية الأولى . أتعرفين لماذا يا آبي؟ " قال ذلك وهو ينظر إلى شقيقته مبتسماً ابتسامة ساخرة : " إنها معجبة بأحد العازفين . "
ورأت ابيغيل للمرة الأولى الارتباك يعلو وجه مارتينا التي توردت وجنتاها من شدة الخجل .
قال رايموند بإلحاح : " إنها تحاول إنكار ذلك , ولكن اسمه هو اوتوكوفمان . إنه عازف بيانو مشهور . لا بد أنكِ رأيت صورته على الملصقات الإعلانية في المدينة . "
" هل هو داكن الشعر وحالم النظرات؟ "
" نعم إنه هو " حلم " هي العبارة المناسبة فعلاً . إنه حلم مارتينا أليس كذلك؟ " سأل رايموند شقيقته الصامتة .
" وإن كان الأمر كذالك؟ لقد رأيته عن بعد فقط ولكن يجب أن أقول يا آبي بأنني فعلاً أتوق لسماع عزفه . "
ضحك أخوها وقال : " من الصعب أن تعلمي ما يخبئه لك المستقبل . من الممكن أن يوافق أحد منظمي الحفلة الموسيقية على اصطحابك إلى الكواليس وعلى تعريفك به عندما ينتهي الحفل . "
وغرقت مارتينا في بحر أفكارها ثم قالت : " هل تريدين ثوباً مناسباً للحفلة يا آبي . "
" ببساطة لا يمكنني الموافقة على ارتداء إحدى تصاميمك يا مارتينا على الأقل لا يمكنني ذلك إلا إذا دفعت ثمنها ولكنني في الحقيقة عاجزة عن تحمل تكاليف تصاميمك مع أنني أحبها كثيراً . "
أجابت مارتينا موافقة : " حسناً ولكن يجب عليك أن تأخذي بعين الاعتبار بأن الحفلة هي مناسبة مميزة . فهناك فرقة موسيقية ذات شهرة عالمية ... بالإضافة إلى عازف البيانو .. أعتقد بأن الأمر سوف يروق لك يا آبي . "
سأل رايموند بتعجب عن سبب الملاحظة الأخيرة التي أبدتها مارتينا , فأجابته ابيغيل : " لا يتعلق الأمر بتاتاَ بعازف البيانو فأنا قد قلت لمارتينا بأنني أعزف البيانو , أو بأنني أعرف طريقة استعمال هذه الآلة . لقد درست البيانو ولكن المال نفذ عندما توفي والدي . "
جلست ابيغيل إلى طاولة الغداء مع مارتينا وشقيقها . انتقلوا إلى الردهة وتجاذبوا أطراف الحديث حتى تثاءبت مارتينا ثم أوصل رايموند ابيغيل حتى باب غرفتها .
قال رايموند : " أعتقد , بأن طريق حياتك مقطوعة أمامي تماماً مثل ... "
قاطعته ابيغيل : " لا تفعل ذلك يا رايموند . "
لم تعلم كم إذاها هذا الحوار إلا بعدما غادر رايموند . قال رولف : " اعتذر لأنني تسببت لك بصدمة كهذه ولكني متعب جداً وعندما يكون الإنسان بهذه الحالة , فهو يذهب إلى أي مكان أو بالأحرى إلى أي شخص يعتقد بأنه سيفهمه هل أنا مخطئ؟ "
سألت ابيغيل : " كيف دخلت إلى هنا؟ "
تحسس رولف مفتاحه ورفعه ثم قال : " هل قمت بعمل ممنوع إذ أنني سمحت لنفسي بالدخول إلى غرفة من غرف الزائرين دون أخذ الإذن بذلك؟ "
قال وهو يعيد المفتاح إلى جيبه : " هل ستشتكين الأمر إلى الإدارة؟ "
قالت ابيغيل : " أنت تهينني ... " لم تكمل ابيغيل كلامها إذ سألها : " أين كنتِ؟ "
" هل ستصدقني إن قلت لك بأنني قد قضيت الوقت ... مع رايموند و مارتينا . لقد تكلمنا ساعات وهذا هو كل ما في الأمر . "
بدا استياؤه واضحاً , مما يعني بأنها فشلت في إقناعه .
" أنا متعب جداً لقد اشتركت في معركة , كلا , ليست معركة قتال ولكنها معركة اقتصادية . إن شخصاً اعرفه قد نبهني إلى وجود خطر . "
فكرت ابيغيل بأنها تعلم من يكون ذلك الشخص .
" لقد حصلت المزايدة بالنسبة لمجموعة فنادق فلدر . بفضل لورا ... علمت بالأمر قبل الوقت , فاستطاعت التحرك لردع الخطر , وبذلك أصبحت الشركة في مأمن . لقد ذهبت إلى جنوبي البلاد , ثم قطعت بالسيارة مسافات بعيدة حتى أرى أبي وأتباحث مع بالأمر وعدت بالطائرة بعد ساعتين من ذلك لقد عانيت الأمرين في هذين اليومين . "
في الصباح التالي , سمعت صوتاً في الردهة ... وكان صوت رولف ... وهو يرد على الجهاز الذي كانت ابيغيل قد لاحظت بأنه غالباً ما يحمله معه فمن المؤكد بأنه قد نودي لأمر طارئ .
اتصلت مارتينا بها هاتفياً وسألتها : " هل اشتريتِ ثياباً أم بعد؟ "
" اتعنين ثياباً للحفلة الموسيقية؟ كلا لم افعل ذلك , ولكن لدي ثوب جلبته معي ... " وقطعت مارتينا الخط بسرعة بعد أربع دقائق , سمع قرع على الباب ودخلت إليها بسرعة حتى أن ابيغيل تراجعت من أمامها .
" لن اسمح لك أبداً بالاعتراض يا آبي هذا الرداء جزء من مجموعتي . لست متأكدة إن كان سيعجب الناس , لذلك أريدك أن تجربيه لي وتخرجي به أرجوك . سوف أتبعك كل الأمسية وأنا أحمل دفتري وقلمي لأدون ملاحظات عن ردات فعل الناس تجاه الرداء . هل تسدين لي هذه الخدمة ؟ " ولم تنتظر أي جواب بل تابعت " هيا جربيه . " : إنه ثوب رائع . "
هتفت مارتينا : " وهو يناسبك تماماً . انظري إلى نفسك كلا أعني انظري إلى الرداء . " قالت مارتينا وهي تفتش في الحقيبة : " سوف تحسن هذه القطع من منظره . "
وأخرجت عقداً يتكون من طبقات من الحبوب الحمراء . الكهرمانية والسوداء ثم سألت مارتينا وهي تميل برأسها إلى جنب واحد : " لن تتراجعي الآن . "
أجابت ابيغيل وهي تتنهد : " حسناً " لن افعل ذلك من أجلك فقط . " ثم نظرت بتمعن إلى شكلها في المرآة . " إن ذلك رائع فهو يناسبني تماماً حتى هذه الحبوب هي جميلة جداً . " قالت ابيغيل ذلك وهي تشير إلى الحبوب الموجودة في العقد .
" لقد اتفقنا إذن وبعد ذلك , سوف نعيد الثياب إلى المجموعة التي صممتها خصيصاً للحفلة التي ستقام في المنزل . فالمنزل سوف يصبح جاهزاً , هل تعلمين ذلك؟ والعائلة سوف تنتقل إليه عما قريب . "
فكرت ابيغيل : إن ذلك يتركني في الصقيع
عبست مارتينا هل عرفت ماذا تفكر ابيغيل؟ : " هل أنتِ تفكرين بحزم أمتعتك والعودة إلى ديارك؟ ولكن سنكون بحاجة إليك في منزل فلدر أليس كذلك؟ فأنتِ تقومين بمساعدة والدي في أعماله . "
" ولكن ... "
لكن مارتينا استهجنت كلام ابيغيل بشدة : " ليس باستطاعتك الذهاب والابتعاد عنا يا آبي فأنتِ الحاجز الوحيد بين تلك المرأة لورا مارشان ورولف خاصة وأن هذه المرأة تود أن تقنعه بتغيير رأيه . "
وجاء دور ابيغيل لتقطب حاجبيها : " لا يمكنني تصور الأمر بهذه الطريقة . "
قالت مارتينا : " أنتِ تلبسين الخاتم , لذلك فإن رولف لا يستطيع أبداً الارتباط علناً بلورا ألا تفهمين ذلك؟ "
قالت ابيغيل : " شكراً لأنك أعرتني الرداء سوف أحاول عدم توسيخه أو تلطيخه . "


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-05-09, 11:42 PM   #8

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن

تكدست رزمة أوراق الملاحظات إذ أن ماكس كان قد أرسلها بواسطة البريد وآلة الفاكس . عملت ابيغيل طوال اليومين التاليين فقالت في نفسها بأنها وبهذه الطريقة لن ترى رولف كثيراً . كان قد اختفى مجدداً وقد قالت لها مارتينا بأنه عاد إلى زوريخ .
في عشية الحفل الموسيقية , اتصل رايموند بالمكتب وقال بأنه ينتظرها مع مارتينا في قاعة الاستقبال . أضاف رايموند : " ألم يعد رولف من زوريخ بعد ولكن ذلك لا يهم لأننا سنعتني بك . "
نزلت ابيغيل السلالم ببطء إذ أن المصعد كان يعج بالناس , فلم تستطع انتظار وصوله ثم فتشت عن صديقيها ولكن من دون جدوى وفكرت بأنها ربما قد وصلت في وقت مبكر ولكنها كانت قد تعمدت المجيء على الوقت تماماً . وصلت إلى درجة السلم الأخيرة عندما خرج رولف من الظل .
سألت ابيغيل وهي تأمل أن تخفي سرورها لرؤيته وذلك بواسطة الحديث : " أين , أين رايموند و مارتينا؟ "
" لقد ذهبا . هل كنتِ تفضلين أن يرافقاك إلى الحفلة الموسيقية؟ "
أجابت ابيغيل بسرعة : " كلا بالطبع . كل ما في الأمر أنني ... "
" كنتِ تتوقعين أن يكونا هنا . لقد قالا لي ذلك ولكنني أجبتهما بأنني سوف أتولى الأمر . "
" إن شقيقتك قد أقنعتني على ارتداء هذا الرداء . فهو من بين المجموعة التي سوف تعرضها في الحفلة عندما ستنتهي الأعمال في المنزل - أعني منزل العائلة . "
" لقد حزرت بأن هذا الثوب يمكن أن يكون من تصميم وصنع مارتينا . " " قالت بأنها لم تكن أكيدة منه لذلك فقد طلبت مني أسدي لها خدمة , لذلك ارتديته . "
ضحك رولف وقال : " يجب أن أعترف بذلك , أنها ذكية وليس فقط من الناحية الفنية . لقد خدعتك فعلاً , فأنتِ سوف ترتدين هذا وهو لن يعود بعدها جديداً . على كل حال , لا يمكن أن تسمح مارتينا بأن يعرض أي من تصاميمها إن لم تكن واثقة من انه سوف يرضي أذواق الناس . ولكن هدفها هو عرض تصميمها في هذه المناسبة الاجتماعية التي سوف تضم عدداً من السيدات . فهي تستطيع أن تقول لهن بأن الثوب هو من تصميمها وتجعلهن يتأملن صنعه ثم تعرض عليهن التعاون معها من أجل العمل . "
" أنا لا أمانع بالنسبة لحصول ذلك في الحقيقة أشعر أنه لي الشرف بأن أرتدي إحدى تصاميم مارتينا . "
سأل رولف : " ألم يخطر على بالك بأنه من الممكن أن يكون الشرف لمارتينا إذ وافقتِ على ارتداء إحدى تصاميمها؟ "
كانا قد غادرا المصعد ومشيا نحو موقف السيارات الموجود تحت الأرض : " كلا , لم يخطر ذلك على بالي قط .فأنا فتاة عاملة وعادية جداً ولكن عندما أعود إلى دياري , لن أتمكن من العمل مجدداً . فأنا من دون وظيفة . من هي ابيغيل هايلي بالمقارنة مع زبائن مارتينا؟ "
قادها رولف إلى مقعدها وأخرج السيارة من الموقف .
" أليس لديك طموح في الحياة سوى إيجاد عمل عندما تعودين إلى بلدك؟ "
شعرت ابيغيل بأن حدة النقاش التي كانت تشعر بها قد خفت بسبب أمرين . أولاً لقد بدأ رولف وكأنه يقبل تماماً فكرة مغادرتها البلاد في وقت قريب . ثانياً فقد فكرت بأنه ربما يمتحن موقفها حيال ( المكانة الاجتماعية الرفيعة والمال ) فهو يصر على اعتبارهما هدف النساء الوحيد .وصلا إلى ردهة البناء حيث ستقام الحفلة الموسيقية وسلم رولف المفاتيح إلى المشرف الذي كان ينتظر وقيدت السيارة إلى الموقف .
تأثرت ابيغيل لهيبة البناء مع مناظر حجارته العريقة التي امتدت إلى اليمين واليسار .
وكانت سلال الزهور معلقة على كل قنطرة , وأضفت روعة وجاذبية بسبب لونها ورائحتها التي فاحت فعطرت جو تلك الأمسية .
دخلت ابيغيل برفقة رولف ووصلا إلى مدخل ردهة الاحتفالات حيث تسلم البطاقات ولوحت الأيادي باتجاه رولف بيد أن بعض الأشخاص صافحوه باليد . فكرت ابيغيل . من المؤكد أن رولف فلدر لم يكن فقط معروفاً في الأوساط السويسرية بل هو كان محبوباً كذلك .
وأحست بأن نظرات الناس التي كانت تنظر إليها أتسمت بالحشرية فقد قدمها رولف على أنها صديقة العائلة وقد خيب ذلك أملها . ولكنها قالت في نفسها بأن ذلك كان طبيعياً جداً . كان الجو مؤثر بالنسبة لمن يحضر إلى الحفل لأول مرة , خاصة إن كان زائراً أجنبياً عن البلاد كما كانت الحال بالنسبة لأبيغيل .
فكرت ابيغيل وهي تنظر إلى نفسها كم مارتينا محقة وفي هذه المناسبة حيث يكثر الأثرياء مع أن العارضة كانت هي ابيغيل هايلي وليس أية عارضة محترفة ومهمة ... كانت كملتا مهرجان الموسيقى , مكتوبة بحروف كبيرة على لافتات طويلة علقت على الجدران .
وشعرت ابيغيل بأنها ستضيع لكثرة الزحام ولكن لفتت انتباه ابيغيل صرخة صغيرة ويد تلوح لها , فعلمت بأن مارتينا و رايموند هما قريبان من مكان وجودها .
" إن أخي الكبير الذي لا يحترم أللياقات قد تركك وحيدة , لذلك سوف يكون لي الشرف أنا رايموند فلدر بأن أقودك إلى مقعدك . "
قالت ابيغيل : " إن رولف لم يشأ تركي ولكن أحدهم قد تقدم منه و ... "
" لا تحاولي الدفاع عنه , على كل حال , إنسي الخاتم يا آبي لقد قلت لك مراراً بأنه مجرد من أي معنى . "
اشتكت مارتينا : " إن حظي سيئ . " ثم ابتعدت وتبعتها ابيغيل أما رايموند فقد سار وراءهما .
توقفت مارتينا إلى جانب إحدى الطاولات حيث عرضت الأشرطة . كان هناك صور تعرفت ابيغيل على بعض منها , وكان معظمها يعود لأحد العازفين المنفردين في الأمسية
همس رايموند : " أنظري إلى شقيقتي , إنها ترمق صورة كوفمان انظري إنها تبتاع إحدى أشرطته . "
هتفت مارتينا ببرود وهي تنظر إلى الصورة على الغلاف : " أرجوك اهدأ قليلاً في يوم ما سوف التقي به . " ثم رن الجرس . " هيا تعالا , يجب أن نشق طريقنا إلى مقاعدنا . "
نظرت ابيغيل بكثير من الأمل محاولة النظر إلى رولف ولكن رايموند الذي فقد صبره حاول أن يبعدها .
قال رايموند , انسه , بالطبع لقد نسيك . إنه على الأرجح يتكلم في موضوع الأعمال . لقد قلت لك قبل أن تأتي إلى هنا بأنه مدمن على العمل . فشقيقتي وشقيقي هما من النوع ذاته ولآن هذه هي مقاعدنا وها هي أرقامنا يا مارتينا إن المقعد الذي يقع مباشرة على طرف الممر الرئيسي هو مقعد رولف . "
أعطى رايموند كل الفتاتين نسخة عن برنامج الحفل , فقرأته مارتينا بعمق وقرأت ابيغيل البرنامج بصورة سطحية إذ أن تفكيرها كان مركزاً على المقعد الخالي الموجود إلى جانب مقعدها ووجدت نفسها أكثر عصبية إذ أنها لم تر رولف . وبقي مختفياً حتى بعد أن جلس أفراد الفرقة الموسيقية في أماكنهم عند الفسحة النصف دائرية الموجودة تحت المنبر .
سأل رايموند شقيقته بسخرية : " لم لا تضعين هذا الشريط جانباً؟ "
قالت مارتينا وهي تمد عنقها لتحاول أن ترى إن كان كوفمان موجوداً بين أفراد الفرقة الموسيقية : " كلا . "
قالت ابيغيل موجهة حديثها إلى مارتينا : " إنه العازف المنفرد , مما يعني بأنه لن يأتي الآن . "
عندما خففت حدة الأضواء ظهر رولف وجلس في مقعده .
قال رولف بهدوء : " لقد حجزت , أنها الحقيقة واعتذر لأنني تركتك وحيدة هكذا . "
قالت ابيغيل وهي تكذب : " لا بأس . "
قال رايموند وهو يقطب حاجبيه : " لقد أوصلتها إلى مقعدها . "
" رايموند , أنا ... "
قال رايموند : " حسناً ليس المكان ولا الوقت مناسبين للمحادثة ولا للعراك مع أخي . "
خيم سكون عميق في القاعة ثم رفع قائد الفرقة الموسيقية يديه .
قرابة نهاية النصف الأول من الحفل , غادر قائد الفرقة الموسيقية المنبر ثم عاد إلى الظهور مع العازف المنفرد ودوى التصفيق إذ ظهر شاب وانحنى يحي الحضور .
هتفت مارتينا لأبيغيل : " يا للروعة . "
تعجبت ابيغيل إذ أن مارتينا التي تتمالك أعصابها في العادة وتتكلم بواقعية كبيرة قد بدأت تهتم بشخص يصعب عليها التعرف إليه .
طوال وقت عزف كوفمان كانت مارتينا صامتة وتصغي بانتباه ثم حان وقت الاستراحة , فشق رولف طريقه نحو الخارج حيث اشترى المرطبات . نظر رايموند حوله بينما بدأت مارتينا بالتحادث مع امرأة كانت جالسة بين الجموع . هم رولف بالتكلم مع ابيغيل ولكن وفي اللحظة نفسها ناداه أحدهم فعلمت ابيغيل بأنه سوف يختفي للمرة الثانية .
كانت مارتينا تقول : " نعم , أنا مصممة أزياء . " ثم تصافحت السيدتان وتابعت : " صدف أن صديقتي من انكلترا هي معي هنا , ها هي الآن ... " قالت وهي تشير إلى ابيغيل :" وهي ترتدي إحدى تصاميمي هل تمانعيني يا آبي . "
أجابت ابيغيل : " لقد وافقت على إسداء هذه الخدمة لك أتذكرين؟ "
قالت المرأة : " هذا حسن أنا فعلاً معجبة بتناسق الألوان وبالشكل العام للرداء . " ثم تحسست حقيبتها . " لدي قلم هنا ... " ولكنها لم تجده .
قالت مارتينا : " اسمحي لي بإعطائك بطاقتي . "
" حسناً ما اسرعك . " تمتم رايموند من الخلف : " كذلك يبدو أن مارتينا تحمل بطاقة عملها بالصدفة . إنها تحاول الحصول على زبائن جدد . "
رن الجرس معلناً انتهاء الاستراحة , عاد رولف الذي جلس في مقعده . ورأت هذه الأخيرة مارتينا تبكي عندما عزف اوتوكوفمان الكونشرتو الخامس للبيانو الذي ألفه بيتهوفن . تساءلت ابيغيل إن كان ذلك بسبب التعاسة . إذ أنه كان من الصعب أن تلتقي مارتينا بالموسيقار , أم بسبب روعة الموسيقى ولكن تساؤلها بقي دون جواب .
بعدما أنهى كوفمان عزفه , تعالت أصوات التصفيق ووقفت مارتينا بعد أن مسحت دموعها , فصفقت بحرارة مع الباقين وارتاحت ابيغيل إذ رأت بأن صديقتها قد استعادت اتزانها . اقترح رولف عليهم الانضمام إلى الحشود التي تجمعت وراء الكواليس , وذلك بعدما تكلم مع أناس كانوا على علاقة بمنظمي الحفل الموسيقي . لاحظت ابيغيل بأن مارتينا قد أخرجت الشريط الذي ابتاعته حديثاً من حقيبتها , وكانت تمسك به بإحكام بينما عيناها تبحثان عن العازف المنفرد في الأمسية ربما كانت تأمل في الحصول على توقيعه .
اقتربت السيدة التي أبدت اهتماماً كبيراً بتصاميم مارتينا عند الاستراحة وعرفت بنفسها فقالت بأن اسمها هو سيلفيا هافتر وهي أمريكية متزوجة من رجل أعمال سويسري . " اسمحي لي بأن أقدمك إلى شقيقي . "
فكرت ابيغيل بأنها تستطيع فعلا أن تحس بقلب مارتينا يخفق بشدة . ترنحت مارتينا فخافت عليها من أن تقع . كانت سيلفيا هافتر تقودهما نحو اوتوكوفمان الذي كان واقفاً وراء الكواليس .
نظر إليها وحيا اوتو الفتاة ثم عرفت سيلفيا بأبيغيل ولكن ردة فعل العازف اقتصرت على ابتسامة مهذبة . ارتجف صوت مارتينا إذ بدأ اوتو بالتكلم معها , ثم عاد إلى نبرته الطبيعية , فارتحت ابيغيل .
نظرت ابيغيل إلى رولف فشعرت بالحزن إذ أنها رأت بأن وجه المرأة التي كان يحادثها هو مألوف لديها . وكانت ابيغيل قد فرحت لغيابها من الأمسية فهي بالنسبة للجميع وخاصة لعائلة فلدر , صديقة رولف . ولكنها أدركت بأن الازدحام حال دون تنبهها إلى وجود لورا مارشان في الحفل .
على الأرجح , لورا مارشان هي التي احتجزت رولف لهذه المدة الطويلة قبل بدء الحفلة كذلك فهي السبب وراء اختفائه عند الاستراحة . أليس الأمر طبيعياً؟ ألم تحذره لورا التي تتمتع بالنفوذ إذ أنها مراسلة اقتصادية , لتلك المناقصة التي لم يتوقع قط حدوثها؟
وبينما كان رولف يتكلم , كانت عيناه تجولان بين الجموع وبدا أنه من الصعب لفت انتباهه ... حتى وقع نظره على ابيغيل . توقف عن الكلام ولم يكمل جملته بل لوح بيده نحوها وبدا الاستياء على وجه لورا إذ رأت أن رولف يلوح بيده إليها ثم غيرت وضعيتها فوقفت بين رولف و ابيغيل مكونة حاجزاً بينهما . ولكن رولف تحرك وهو يهتف : " ابيغيل . " ثم رفع صوته فتغلب على الضجيج وكانت نبرته قوية رنانة .
وصل رايموند إليها وسألها : " هل تشعرين بالوحدة يا آبي؟ " قال رايموند ذلك وهو يشير نحو مارتينا : " إنها بعيدة عنا الآن , يبدو أن حلمها قد أصبح حقيقة . انظري ’ ها هو اوتوكوفمان يدون عنوانها ورقم هاتفها . أتمنى لو أني كنت مثله . " ثم أوقف محاولة ابيغيل بالاحتجاج على ما قاله وتابع .
" أعتذر منك . أرى بأنك تحاولين منع نفسك من التثاؤب , مما يعني بأنك متعبة وتودين العودة إلى الفندق . تعالي معي لنستقل سيارة أجرة . "
تركها رايموند عند باب غرفتها . تنهدت ولكنها جفلت عندما رن جرس الهاتف . مشت ببطء لتصل إلى مكان وجود الهاتف .
" مرحباً . " قالت مارتينا بلهجة حماسية .
وافترضت مارتينا بأن ابيغيل سوف تعلم في الحال عمن تتكلم : " يجب أن أقوم لك بأن شقيقته قد طلبت مني بأن أصنع بعض الأثواب لها . وهل تعلمين ماذا فعلت؟ لقد دعوته إلى الحفلة في المنزل , وهو قبل دعوتي . قال اوتو بأنه غير مرتبط باي موعد في ذلك اليوم وهو مسرور لعلمه بوجود بيانو في البيت , لأنه إن شعر برغبة بالهروب من جو الحفل , يمكنه فعل ذلك , خاصة وأنه لا يحب الحفلات كثيراً . أكدت له بأنه يوجد لدينا أحد أفضل أنواع البيانوهات .
قالت ابيغيل ممازحة : " إذن , أصبحت تناديه اوتو الآن , أليس كذلك؟ "
" لقد أصر على ذلك يا آبي , أشعر بأنني سعيدة كثيراً . ألم أخبرك؟ سوف تستعمل الألعاب النارية في الحفل وكذلك عند عرض الأزياء الذي سأنظمه , بالإضافة إلى وجود الكثير من الطعام . "
" ولكن المهم في كل ذلك هو عازف بيانو شهير اسمه اوتوكوفمان , أليس كذلك؟ "
" أنت محقة , ستكون الحفلة رائعة ولكن هناك شيئاً واحداً لن نقوم به , وهو أن نطلب منه العزف . فنحن لا نستطيع أن نتحمل نفقات حفله من حفلاته . "
بعد انتهاء المكالمة مع مارتينا , أتى رولف ليكلمها . ما أن وصل , حتى رن جرس الهاتف فركضت ابيغيل لترد عليه . سألت ابيغيل : " من المتكلم؟ السيد فلدر؟ هل عدت؟ لم أكن على علم بذلك؟ . هل تريد التكلم مع رولف؟ " ثم غطت ابيغيل قسماً من السماعة بيدها وقالت : " إنه والدك . " ثم أعطت السماعة إلى رولف .
" أبي . " أنصت رولف إلى كلام أبيه ثم أجاب : " كلا , إن رايموند لا يعلم مكان وجودي ولا مارتينا وبالتأكيد حتى موظف الاستقبال يجهل ذلك ." ثم صمت مجدداً وبعدها قال : " لقد علمت أي تجدني , أليس كذلك , حسناً ها أنا هنا ونعم ... "
وتبع حديث باللغة السويسرية .
قالت ابيغيل إذ رأت بعض التجهم في ملامح وجه رولف : " ما لأمر يا رولف؟ "
" لقد اتصل به العمال في منزلنا ... أعني منزل العائلة و قالوا له بأن العمل قد انهي وبأن المكان قد أصبح جاهزاً للسكن ولم يبق علينا سوى زيارته للتأكد من أن كل شيء على ما يرام . "
" هل هذا يعني بأن موعد الحفل قد اقترب؟ "
كان ذلك يعني بأن أيام إقامتها مع عائلة فلدر قد أصبحت معدودة .
" نعم , بالتأكيد لن يكون هناك أي عائق لانتقالنا إلى هناك إن أردنا ذلك عن قريب . لدي الكثير من الوقت , إنه ليس في مكان بعيد ولكنه يتطلب منا الذهاب إلى منطقة رائعة الجمال . أتودين الذهاب معي إلى هناك؟ "
" أود ذلك."
" حسناً , هذا جيد . " وتوجه نحو الباب ليخرج .


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-05-09, 11:44 PM   #9

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل التاسع


صعد رولف و ابيغيل إلى الهضاب العالية وذلك بواسطة الباص . كانت الطريق وعرة تكثر فيها الزواريب والمنعطفات حتى أنه بدا من الصعب أن ينجح ذلك الباص على قطعها بسلام . عند كل منعطف , كان الزمور يطلق صوتاً عالياً , ونغمات موسيقية يطيب للأذن سماعها , ولكن وظيفتها الرئيسية كانت تنبيه الآليات الأخرى . وخافت ابيغيل التي كانت جالسة من رولف , مما يمكن أن يحدث إن جاءت آلية أخرى . عندما اقتربت سيارة وهي تسير باتجاه الباص . حبست ابيغيل أنفاسها ووضعت يدها على فمها .
قال مطمئناً إياها : " لدى السائق خبرة طويلة بالقيادة انظري , أنه يتوقف في هذه الفسحة وينتظر مرور السيارة . "
نظرت إلى الأسفل , ثم أغمضت عينيها فجأة إذ رأت وعودة الطريق بواسطة نافذة الباص وبقي السائق منتظراً مرور السيارة .
ظل الضباب يغطي التلال حتى بعدما انتهت رحلة الصعود لكنه لم يغط الأنواع المتعددة من الزهور الملونة التي نبتت على طرفي الطريق وكان مالكو البيوت قد جمعوا القش تحضيراً للشتاء , فشكل أكواما وضعت على الحائط . وكانت قد كدست كما شرح رولف كي تستعملها النساء في موسم تجميع التبن .
وصل الباص إلى القمة , فخرجا منه ووقعت أنظارهما على مشهد ريفي رائع .
" هذا جميل , أنه يختلف عن كل الأمكنة التي زرتها من قبل . فهو ريفي وأعتقد بأن هذه الكلمة هي الأفضل للتعبير عما أراه فهي تتجانس مع طابع المكان , هل فهمت قصدي؟ "
نظرت ابيغيل إليه وقالت : " أنت فخور بموطنك , أليس كذلك؟ "
قال رولف وهو يشير إلى المناظر الساحرة حولهما : " وهل هناك أحد ليس فخوراً به؟ "
كيفما جال نظرها , كانت ابيغيل ترى التعرجات في الأرض وقد سببتها الهضاب التي بدت معظمها وكأنها مائلة . وسطعت الشمس في البعيد , فلمعت القمم الشاهقة تحت أشعتها وظهرت ألوانها الفاتنة . كانت الطرقات تتقاطع وهي تقود إلى مزارع وبيوت متفرقة .
مشى رولف و ابيغيل لبعض الوقت , ثم توقفا قليلاً إذ أنه أشار إليها مجدداً إلى موقع المدينة التي تركاها وراءهما . كانت السقوف الحمراء موزعة في التلال والهضاب , كذلك فقد كان البعض منها موجوداً على طرفي الطريق .
توقفت ابيغيل عند حظيرة الماشية حيث كان هناك ملصقات معروضة فقالت لرولف : " هل تستطيع أن تترجم لي محتوى هذه الملصقات؟ "
فعل ذلك بكل رحابة صدر : " إنها شهادات امتياز لقد وضعها فلاحون هنا , وذلك لأنهم فخورون إذ ربح قطيعهم جوائز في عدة مباريات . " ثم سلك رولف طريق العودة : " هناك شخص ما يجب أن أراه . تعالي , هل تريدين أن تأكلي شيئاً؟ . "
" قليلاً . " ثم نظرت حولها , وهي تتساءل عن احتمال وجود مكان يقدم الطعام في الجوار .
اقترابا من مقهى بني من الخشب , أما سقفه , فقد كان من القرميد الأحمر . قادها إلى المطعم حيث يمكن رؤية الطبيعة دون سقف أو حاجز , ثم جلست إلى الطاولة , بعدها وضع لائحة الطعام بين يديها .
" سوف أنهي عملي خلال عشر دقائق . "
غاب رولف لوقت أطول , ثم ابتسمت ابتسامة ارتياح إذ عاد أخيراً .
سألت ابيغيل وهي تبتسم : " هل ابتعت هذا المقهى أيضاً؟ "
قال رولف وهو يجلس : " الجواب على سؤالك هو نعم على الأرجح . "
سألته ابيغيل : " هل تقضي معظم وقتك ساعياً وراء شراء ال****ات كي تضيفها إلى مجموعة فلدر؟ "
" نعم , وفي بعض المناسبات . فأنا كنت الآن أقوم بالتحقيقات اللازمة , هذا كل ما في الأمر . ولكن قلبي هو مع شركة الهندسة التي املكها في زوريخ . "
وفكرت ابيغيل بأن قلب رولف سوف يبقى هناك , مع العمل . ألم يحذرها رايموند؟ فهو قد وصف رولف بالمدمن على العمل . ففي حياته , لم يكن هناك مكان دائم لأي شخص تذكري دوماً ذلك.
اختارت وجبة خفيفة مع قهوة وحاورتها النادلة بالانجليزية إذ أنها سمعتها تتكلم بتلك اللغة .
سألت ابيغيل تلك الشابة : " هل هو موطنك الأم؟ "
" أنا من هولندا . "
" ولكن أنتِ تتقنين اللغة الانجليزية , لذلك اعتقدت بأنكِ انجليزية."
" إنه إطراء لطيف . "
ثم قال رولف للنادلة : " هل تعيشين هنا الآن؟ "
" نعم ولكن ذلك سيدوم فترة قصيرة والآن لدي غرفة في الطابق العلوي من المطعم . ولكني سوف أعود إلى دياري عما قريب فأنا على وشك الزواج . "
قالت ابيغيل : " إن ذلك رائع . " ولكنها ما لبثت أن مقتت البهجة التي تلألأت في صوتها .
قال رولف للنادلة : " هذا يعني بأنه سيكون هناك مكاناً شاغراً هنا؟ هل أعلن عن الحاجة إلى نادلة؟ "
" سوف يوضع الإعلان عندما سأعرف موعد سفري . "
قالت ابيغيل في نفسها إن كانت مجموعة فلدر مهتمة بشراء هذا المقهى من الطبيعي بأن يغدو أمر تأمين نادلة أخرى من بين اهتمامات رولف .
نظر رولف إلى ساعته وكأنه يفكر بأمر ما وعملت بأن ذلك النهار الرائع قد شارف على نهايته .
قال لها : " سوف أقوم باتصال هاتفي , واراك هنا بعد قليل . فالأمر لن يستغرق الكثير من الوقت . "
جلست وانتظرت وقتاً طويلاً حتى عاد رولف . غدت أفكارها مشوبة بالغيوم السوداء خلال فترة قصيرة .
وأدركت ابيغيل مصدر أفكارها السوداء تلك . فهي سمعت صوت رولف الذي تكلم بالهاتف ... ولكنه استخدم لغته الأم في الحديث وفكرت ابيغيل بأن ذلك طبيعي جداً ولكن تفكيرها تبدل إذ سمعت رولف يتلفظ باسم محدثته ... لورا مارشان .

لم يكن هناك أي مجال للشك . إذاً , فلورا مارشان هي المرأة التي سوف تتزوجه في يوم من الأيام , فكرت وهي متأكدة من إمكانية حدوث هذا الأمر .
هل من الممكن أن يصمد رولف لمدة طويلة؟ سألت ابيغيل نفسها بيأس فهو بالإضافة إلى كل ما سبق , يرى لورا غالباً بحكم ظروف عمله , خاصة أنها تتمتع بالمؤهلات التي تخولها إعطاء النصائح لرولف فلدر .
توجهت ابيغيل نحو المدخل وهي مرفوعة الرأس , وسار رولف بسرعة حتى يصل إليها ولكن للأسف اضطرت إلى التوقف لانتظاره إذ أنها لم تعلم إن كانت وجهة سيرها صحيحة .
قال رولف : " حسناً , حسناً اهدئي . "
عندما استدارت ونظرت إليه , كان الباص يصعد الهضبة ثم توقف بانتظار الركاب .
مشى رولف نحو الباص . ثم توقف ليفسح المجال أمامها حتى تصعد قبله ولكنه فعل كل ذلك بطريقة باردة ومهذبة في آن معاً وفي طريق العودة بديا كغريبين جلسا بالصدفة على مقعد واحد .
كانت ابيغيل تعمل في المكتب إذ أن ماكس فلدر قد أعطاها , عند عودته من السفر , رزمة أخرى من الأوراق حيث دون ملاحظاته وفجأة رن جرس الهاتف .
جفلت ولكنها وبخت نفسها , فمن غير الممكن أن يكون المتحدث هو رولف , إذ أن هذا الأخير كان قد ذهب إلى فرانكفورت لإنهاء صفقة وهو سيكون بعيداً عنها لعدة أيام كما قال لها قبل يومين أي بعد انتهاء رحلتهما في الباص . فقد كانا صامتين طوال طريق العودة حتى بلغا المصعد ,
عندها , وبينما كان رولف ينتظر وصوله وهو يقف إلى جانبها , قالت له وقد غلبت مرارة يأسها على تفكيرها السليم : " اعتقدت بأنك ستأخذ لورا مارشان معك , أليس كذلك؟ "
أجاب رولف ببرودة : " هذا صحيح . "
وشعرت ابيغيل بأنها ستبكي من شدة الألم .
بدأ الباب يفتح فقالت قبل أن يقفل الباب تماماًً فيحجب صورة رولف عن ناظريها : " أتمنى أن تستمتع برحلتك . "
وعادت ابيغيل إلى الواقع إذ سمعت صوت مارتينا التي كانت تقول لها : " إن الثوب الذي وعدت بتصميمه لترتدينه يوم حفلة العودة إلى المنزل قد أصبح جاهزاً . هل تستطيعين أعطائي بعض الوقت والمجيء إلى هنا لقياسه الآن؟ إن لم يكن العمل الذي تقومين به طارئاً . "
أكدت ابيغيل لمارتينا بأن عملها لم يكن كذلك , ثم جرت نفسها إلى مشغل صديقتها .
" إن وجهك قاتم يا ابيغيل قولي لي ما الذي يقلقك؟ هل يتعلق الأمر بأخي؟ "
سألت ابيغيل وهي تدعي الجهل : " أيهما؟ "
" بالتأكيد لا يتعلق الأمر برايموند هل أنا محقة؟ "
" لا أعلم ربما الأمر صحيح . "
قالت مارتينا : " أقدم لكن صديقتي آبي . " وتوجهت بالكلام إلى النساء الثلاث اللواتي كن يعملن .
أومأت النساء بالتحية وكانت اثنتان منهن ترتبن بعض التصاميم التي حملت طابعها الخاص . أما الثالثة ليليان فقد توقفت قليلاً عن الخياطة وقالت : " مرحباً . "
جالت ابيغيل متفحصة كل الملابس التي كانت جاهزة لتعرض خلال الحفلة ولكنها لاحظت أن هناك فستاناً قد غطي بالقماش ووضع بالزاوية , ارتدت ابيغيل الثوب الذي طلب منها قياسه ونظرت إلى صورتها بالمرآة .
قالت ابيغيل وهي تنظر بإعجاب إلى شكل الفستان الذي كان يلائمها تماماً : " هذا رائع ولكنني لا استطيع قبول هذا الثوب منك . يا مارتينا , كلا لا استطيع ذلك أبدا . . "
قالت مارتينا : " بلى , وسوف تقبلينه بكل طيبة خاطر . "
وكانت تشبه كثيراً شقيقها رولف في تلك اللحظة , فكرت وهي تتساءل عما إذا كان هناك امرأة تمتلك طباعاً قريبة من طباع رولف : " لا تستطيعين أن ترفضي قبول الهدية التي أقدمها لك , مفهوم؟ "
قالت وقد استسلمت , ثم ارتسمت ابتسامة مضيئة على وجهها : " مفهوم . "
توجهت نحو الباب , وقال لها مارتينا : " بعد الظهر سوف نذهب , رايموند وأنا إلى البيت لنتأكد من أنه سينظف بعناية ومن أن كل شيء أصبح جاهزاً للحفلة التي ستقام نهار السبت هل تودين المجيء معنا؟ "
فكرت ابيغيل برزمة الأوراق التي كانت تنتظرها في المكتب ثم قالت مارتينا وكأنها علمت بماذا تفكر : " لقد قلت لي ليس لديك أي عمل يجب عليك إنهاؤه بسرعة . "
" نعم , هذا صحيح , وأنا أوافق على المجيء معكما , شكراً لك . " وبينما كانت عائدة إلى مكتبها , فكرت ابيغيل بأنها مستعدة لعمل أي شيء يشغل تفكيرها عن لورا مارشان . قاد رايموند السيارة متوجهاً نحو المنزل . تسلقت السيارة هضبة فوصلت إلى مكان محاط بصف من الأشجار ثم دخلت مجتازة عدة بوابات أوصلتها إلى منحدر وعر . كان المنزل كبيراً , كما اعتقدت ابيغيل وهو يكفي لإيواء عائلة فلدر . كانت جدرانه قد طليت باللون الأبيض , وقد غطي سقفه بحجر القرميد الأحمر مع جزء ثاني فوق البلكونات الخشبية .
" هيا أدخلي . " قالت مارتينا إذ فتح أخوها باب المنزل , ثم تنشقت الهواء . الدهان , الفرنيش , ورائحة السجاد الجديد .
اضافت ابيغيل : " كذلك الزهور فهناك العديد منها! "
أومأت مارتينا موافقة : " لقد عمل بائعو الزهور بجد . فنحن قد استخدمناهم خصيصاً لينسقوا الزهور لمناسبة حفلة التدشين . "
كانت السجادات الرائعة ناعمة , أما بالنسبة للمفروشات , فقد دفعت الكثير من الأموال لجعلها تبدو رائعة وبهية . كانت حيطان المطبخ ذو لون ابيض يبهر العيون , أما أدوات المطبخ , فقد كانت موزعة في عدة نواح , وكانت تبدو عليها آثار الاستعمال المتكرر .
قالت مارتينا : " إن متعهدي تقديم الطعام قد عملوا بجد كذلك . فهم يحضرون ليوم الاحتفال . "
وفتنت عينا ابيغيل إذ تأملت المشاهد الجميلة التي كانت تتراءى لها من خلال نوافذ المنزل .
كانت قطعة الأرض التي تشكل جزءاً من أملاك عائلة فلدر تقع تحت النافذة مباشرة وهي تمتد على مسافة كبيرة وتصل حتى البحيرة .
شرح رايموند لأبيغيل : " هناك , على شاطئ البحيرة , يوجد ميناء السفن أما البناء الصغير هناك , بالقرب منه فهو منزل خادمتنا وزوجها . "
قالت ابيغيل وهي تبتسم : " عندما تعرفت إليك في لندن , لم تكن لدي أي أدنى فكرة عن محيطك العائلي , فلم تخطر ببالي أنك غني إلى هذا الحد . لقد بدوت كأي إنسان عادي متوسط الحال , أليس كذلك . "
" سوف أبوح لك بسر يا آبي . أنا شاب عادي لكني طموح وقنوع . "
" ولكن العائلة هي ... "
" تملك المال الكثير؟ هل تعترضين على ذلك؟ حقاً , يجب أن نقنع أخي ليرى فيك مثال المرأة التي لا تبحث فقط عن المال والمركز الاجتماعي الرفيع , كما يقول عادة , بل أنها تسير في اتجاه مختلف تماماً . "
أرجو أن تقول ذلك إلى أخيك , فكرت ابيغيل في نفسها . قالت مارتينا وهي تنظر في أنحاء المكان : " هذا رائع , إن المكان نظيف وجاهز للسكن غداً , يا رايموند , يجب أن نحزم أمتعتنا ونحضر أغراضنا لكي ننتقل إلى هنا بعد ثلاثة أيام . "
لا , بهذه السرعة؟ فكرت ابيغيل . إن غادرت عائلة فلدر الفندق , يجب أن انتقل منه أنا أيضاً .
قالت ابيغيل بتجرد : " سوف احجز بطاقة سفر على متن طائرة . "
وبدت على وجه مارتينا علامات الدهشة : " إلى أين سوف تذهبين؟ إن السيارة كافية لنقلنا من فندق بانوراما ولا حاجة بنا إلى طائرة . "
" سأعود إلى دياري وإلا فإلى أين؟ "
" إلى ديارك؟ تعنين بأنك ستعودين إلى وطنك؟ ولكن هناك مكان لك في هذا المنزل . رايموند ... استعمل مواهبك لإقناع ابيغيل . فأنت ناجح في الإقناع . "
" ولكن أساليبي لا تنجح مع هذه الفتاة . " اعترف رايموند وهو ينظر إلى الأسفل .
" يجب أن أكلم شقيقي رولف . " وفكرت ابيغيل بأن اهتمامات مارتينا لا تنحصر كما يبدو فقط بالعمل , بل أن تلك الفتاة تلاحظ التغيرات العديدة التي تحصل في نفوس الناس كنتيجة للاختبارات التي يمرون بها . " ربما يجب علي أن اطلب مساعدة رولف وموهبته في الإقناع . أنا أعرف رقم هاتف المكتب الذي استأجره في فرانكفورت . "
" مرحباً رولف؟ " استمعت مارتينا وقد قطبت حاجبيها , ثم غطت سماعة الهاتف بيدها وهي تصر على أسنانها وتزمجر ... إن صديقة رولف تتكلم الألمانية . فهي تعتقد نفسها في غاية الذكاء . ولكن في يوم من الأيام سوف تعي بأنها تتذاكى كثيراً : " مرحباً لورا . حسناً أنتِ تعلمين جيداً أنه باستطاعتي التكلم بلغتكم ليس هناك من داع للـتـ ... "
وخنقت مارتينا كلمة " تباهي " فتابعت قائلة : " تكلمي معي كما لو كنت خبيرة باللغة الانجليزية . نعم أود التكلم مع أخي إن سمحتِ . " وسرت ابيغيل إذ أن الألم الذي احست به لم يظهر للعيان ولكن تملك بقلبها جيداً وبشكل قوي . طبعاً , فرولف كان صريحاً جداً معها , وهو قد أخبرها بأن لورا سوف ترافقه : " رولف؟ أن رايموند وأنا موجودان في البيت وهو جاهز لننتقل إليه . ولكن ابيغيل ... نعم ... تتمسك برأيها فهي ترفض الانضمام إلينا . يجب أن تقنعها بتغيير موقفها . أنها هنا الآن وسوف تتكلم معك . " ثم أعطت مارتينا السماعة إلى ابيغيل .
" ابيغيل؟ " لماذا بدا رولف غاضباً إلى هذا الحد , تساءلت ابيغيل . فهي سوف تزيل عقبة عن طريقه إن عادت إلى ديارها : " هل أن ما تقوله شقيقتي صحيح؟ "
" سأحجز تذكرة إياب إلى دياري . لماذا؟ لأنني لست فرداً من عائلة فلدر . "
سأل رولف : " هل تحاولين حقاً إغضابي؟ هناك غرفة للضيوف في المنزل ... أو أكثر من غرفة واحدة . كذلك توجد غرفة صغيرة يمكنك استعمالها كمكتب لك على كل حال , هناك الوعد الذي قطعته بمساعدة أبي . "
" أنت من يتكلم عن الوعود , بينما... ؟ "
وفشلت ابيغيل بمتابعة كلامها .
أعادت السماعة إلى مكانها , فأنهت الاتصال ولكنها كانت غير قادرة على وقف انهمار دموعها . تلفظ رايموند ببعض الكلمات باللغة الألمانية .
أفرغت ابيغيل كل المرارة التي كانت تشعر بها , وما كان منها إلا أن ذرفت دموعاً غزيرة بعد وقت طويل , توقفت عن البكاء وجففت دموعها .
تمتمت مارتينا وهي تحرك الستارة بقوة كأنها تضرب شخصاً غير مرئي : " تلك المرأة لورا سوف أخرجها من حياة رولف بطريقة ما . وأعتقد بأني وجدت الطريقة المناسبة . انتبهي يا لورا مارشان أنا مارتينا فلدر مصممة الثياب الشهيرة في عالم الأزياء ... حتى ولو كانت تلك الشهرة محصورة مؤقتاً في بلدي . إن الآنسة مارشان لن تصبح أبداً زوجة رولف فلدر , فأنا لن أوافق أبداً على أمر كهذا . "
بعد ثلاثة أيام , حزم أفراد عائلة فلدر أمتعتهم و أصبحوا جاهزين للانتقال إلى المنزل . طلب رايموند وجبة عشاء في مطعم الفندق , ودعا ابيغيل إلى الانضمام إليه . قبلت دعوته على مضض إذ أنها كانت قد فقدت شهيتها في الأيام الأخيرة وكانت تفضل قضاء الأمسية وحدها وربما التنزه على ضفاف البحيرة .
مشى رايموند و ابيغيل فتوجها نحو الباب ليخرجا الناس من المطعم , ثم أشار رايموند إلى البيانو . لامست ابيغيل الخشب الداكن اللون واللامع بحب ثم عبثت قليلاً بالمفاتيح : " هيا اعزفي البيانو , أنا أعلم بأنك تتحرقين شوقاً لتجربة هذه الآلة ."
" لا أحد يعلم ما الأمر بعد , ولكن عزفك سيبدو رائعاً ربما, تماماً كعزف اوتو صديق مارتينا . "
جلست ابيغيل على الكرسي بعد أن عدلت ارتفاعه ليلاءم قوامها .
سألها رايموند : " هل تعلمين إلى أين ذهبت شقيقتي؟ "
قالت ابيغيل : " رايتها تركض بعد أن خرجت من الباب , وكانت تلوح بورقة . لقد بدت متحمسة جداً . "
" نعم فتلك الورقة هي عبارة عن تذكرة قدمها لها ... هل حزرت من؟ هذا صحيح , فقد قدمها لها اوتوكوفمان . لقد كان في المنزل عندما زارت مارتينا شقيقته لتجربة الثوب الذي تخيطه لها . هيا اعزفي يا آبي . "
نقرت أصابع ابيغيل على المفاتيح إذ كانت تبحث في ذاكرتها عن معزوفات تتلاءم مع مزاجها . وخرجت من بين أصابعها أنغام جميلة وحزينة قليلاً , أعادت ذكريات جميلة وصافية , مفرحة وآمنة ... وقد امتزجت بالرغم من كل ذلك , بالألم والقلق .
وإذ كان تعزف , رفعت ابيغيل عينيها ونظرت إلى وجه رايموند ولكنها بسبب لعبة الأضواء , رأت شقيقه بدلاً منه وهو لم يكن مبتسماً أبداً , بل أن تعابيره كانت قاسية وكأنها تعنفها , أما عيناه فكانتا تلمعان بسبب العتاب والغضب .
رفعت ابيغيل عينيها وتوقفت عن العزف .
تنقلت عينا رايموند من رولف إلى ابيغيل . فهو بالطبع قد لاحظ علامات الغضب على وجه أخيه , كذلك فقد رأى بأن أنامل ابيغيل ترتجفان .
" إن أخي قد عاد أخيراً . هل تود أن تعرف ما قالته صديقتي عنك؟ " قال رايموند ذلك وهو يستدير لينظر إلى أخيه بينما أغلقت ابيغيل غطاء البيانو ولكنها بقيت جالسة . قالت ابيغيل : " لا تخبره يا رايموند . " ولكن صرختها لم تلق صدى في نفس رايموند أبداً إلى رجائها .
قال رولف أخيراً : " رايموند يا شقيقي الأصغر , لقد فات الأوان ألم تخبرك ابيغيل بأنها أصبحت معجبة بي؟ "
" ابيغيل؟ " سأل رايموند وهو يكاد لا يصدق ما سمعته أذناه : " إنه مخطئ , أليس كذلك؟ " وعم صمت طويل نظرت في خلاله ابيغيل إلى رايموند ولم تجب .
وبدأ رايموند يمشي مبتعداً كما لو أنه لم يعد يستطيع السيطرة على نفسه لمدة أطول ولكنه استدار وقد رفع قبضته ووجهها باتجاه ذقن رولف . " لماذا أنت ... "
صرخت ابيغيل من دون وعي : " لا! "
" حسناً ..." ثم ابتعدت قبضة رايموند عن وجه أخيه الذي لم يحرك ساكناً : " لن أؤذيه وأنتِ تعلمين ... " قال رايموند ذلك وقد أخذ صوته يرتجف قليلاً ... " مازلت أحترمه وأحبه فهو أخي . " استعد رايموند للرحيل ولكنه توقف مرة أخرى .


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-05-09, 11:46 PM   #10

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل العاشر

شاركت ابيغيل مارتينا بجمع محتوى مشغلها وقد ثم ذلك بمساعدة ليليان التي تملك الخبرة والمهارة واستغرق ذلك عدة ساعات لأن مشغلها حيث تنفذ تصاميمها يكون عادة فريسة الفوضى . لذلك , كان من الصعب وضع التصاميم وغيرها من الأدوات في علب لتنقل إلى المشغل الجديد في البيت . الآن وصلوا إلى الطابق السفلي من البيت وهم يفكون الرزم ويضعون الأشياء تماماً كما قالت لهم مارتينا فهي لا تحتمل أبداً أن يخالف أحد أوامرها . إذ اطل رايموند من الباب واستمع إلى لهجتها الحازمة , أطلق على شقيقته لقب المراقبة القاسية ... كما قال ... وطلب منها أن تتذكر بأن مساعديها هم في الحقيقة قد تطوعوا لذلك وبأنه لم يدفع لأي منهم أي راتب .
أخيراً انتهى العمل فعادت مارتينا إلى الواقع وشكرت مساعديها فقالت ليليان بأنها تقوم بعملها ليس إلا . أما ابيغيل فقد قالت بأنها تعتبر لك العمل قليل الأهمية إذ أن مارتينا كانت كريمة جداً معها وأعطتها بعض الثياب التي صممتها من دون أي مقابل . أخرجت التصاميم من العلب ما عدا تصميماً واحداً بقي مغلفاً . كانت ابيغيل قد أزاحت بعضاً من الورق الذي يغلفه فرأت تحته قطعة من الساتان الأبيض والشرائط . سألت ابيغيل مارتينا : " ما هذا الشيء الرائع هنا؟ إنه يلمع , هل هذا سر أم ... "
" كلا , أرجوك لا تفتحيه! يجب أن يبقى مخبأً بالورق . فأنا لن أبوح لك بالسر بالرغم من أنك صديقتي ولآن أخبريني , هل استقريت في غرفتك؟ هل تريدين أية مساعدة؟ لا؟ إذن تعالي معي لتشاهدي جناحي أبي ورولف بما أنه سبق ورأيت جناحي ؟ "
مشت ابيغيل وصعدت السلالم حتى وصلت إلى الطابق الأرضي ثم صعدت إلى الطابق الأول . كان جناح ماكس فلدر واسعاً ومليئاً بالأثاث .
قالت مارتينا وهي تفتح الباب : " وها هو جناح شقيقي رولف ." كانت قاعة الجلوس فاتحة اللون , كما أنها فرشت بالأثاث البسيط .
قالت مارتينا : " إن الأريكة مصنوعة من اللاستايل الحديث والدهانات هي بقع من الألوان بالإضافة إلى أشياء أخرى . "
ثم أضافت : " هذا أثاث جميل , حسناً ولكن يمكن أن تضاف إليه بعض اللمسات لتلطيف منظره . أنه ذوق رولف , ولكنه عملي جداً , وبالنسبة لي , إنه يكاد يكون صارماً . ربما تنقصه لمسة نسائية , ألا تظنين ذلك؟ والأمر نفسه ينطبق على الغرفة الرئيسية فهي ذو لون واحد , أعني اللون الكريمي . "
ولفتت المشاهد المترائية في الغرفة نظر ابيغيل , فقد كانت مشابهة لتلك التي شاهدتها من نافذة غرفتها , ولكن البحيرة هنا بدت وكأنها تلمع أكثر والجبال أصبحت أكثر وضوحاً وشموخاً . رن الجرس في غرفة الجلوس , فأجابت مارتينا : " مرحباً , يا رايموند . " ثم استمعت : " هل هو هنا؟ إذن , من الأفضل أن نغادر المكان بسرعة . شكراً لأنك حذرتنا! "
قالت مارتينا : " تعالي! فقد قال رايموند بأن شقيقي رولف آت إلى هنا , فهو قد رآه عند المدخل . "
كانت ابيغيل في الردهة عندما التقت برولف , فهي لم تمش بسرعة كافية .
" مرحباً يا رولف . " قالت مارتينا بصوت عال كأنها تحاول تحذير ابيغيل ولكن هذه الأخيرة لم تجد الوقت للإسراع .
مشى رولف بخطوات واسعة وهو ينظر إلى ابيغيل وقال لها : " أبقي هنا. " ثم أضاف كلمة : " أرجوكِ . "
قالت مارتينا : " وداعاً يا آبي , اعذريني , ولكنني سأذهب بسرعة وأنا ممتنة لك إذ أنك ساعدتني! "
بدا مزاجه معكراً حتى أن ابيغيل تمنت لو أنها هربت تماماً مثل مارتينا .
" ماذا ... ماذا تريد؟ لماذا تودني أن أبقى؟ "
" أنتِ في أرضي , دخلت جناحي بمحض إرادتك! "
" لا يجب عليك أن تنهرني هكذا , أليس كذلك؟ "
لم يتأثر رولف بمحاولتها لترطيب الأجواء .
" أنتِ تزعجيني , ولا تدعي بأنك لا تعلمين عما أتكلم! أنا عنيد أليس كذلك؟ وعديم الشعور؟ وأناني؟ هل اتهمتني بذلك أم لا؟ "
كان على ابيغيل أن تقول الحقيقة فأجابت :" فعلت ذلك ولكن يا رولف أنا ... "
" فعلت ذلك . هذا كل ما أردت أن أعرفه . " كان يجب علي أن اثبت العكس كي أبرئ نفسي على الأقل من هذه التهمة , فأحضرت لك هدية . هلا فتحت يدك! " كان ذلك أمراً وليس سؤالاً .
" لماذا؟ "
" لماذا؟ هناك شيء أردت أن أهديك إياه! "
وأخرج علبة مستطيلة الشكل من جيبه . ولمعت الساعة الذهبية التي رفعها عن القماشة الحريرية الداكنة تحت أشعة شمس بعد الظهر .
لم تستطع ابيغيل إخفاء دهشتها . " ولكن لماذا؟ "
" لم لا؟ "
رأت ابيغيل الماسات التي ثبتت في الواجهة الكهرمانية وكان كل منها يحدد مرور ربع ساعة . قرأت ابيغيل الاسم , وكانت تعلم بأنه اسم ماركة ساعات شهيرة . رأت الإعلانات عنها تسطع تحت الأضواء وفوق محلات بائعي المجوهرات في المدينة .
قالت ابيغيل : " لا بد وأنها كلفتك ثروة أنا ... أنا لا استطيع قبولها يا رولف ! "
امرها صوت في داخلها , أعيديها إليه يجب الا تقبلي بها . ولكن الكلمات لم تسعفها .
" ضعي شكوكك جانباً واحتفظي بها . هل هذا يثبت بأن إحدى اتهاماتك , على الأقل , هو خطأ؟ " ثم غدا صوته أكثر هدوءاً .
" آبي ... هل تعلمين؟ لقد فكرت بك طوال فترة إقامتي خارج المدينة . "
أدارت رأسها لتنظر إليه ثم سألته : " كيف يمكنك قول ذلك , وأنا أعلم بأن لورا مارشان كانت هناك؟ "
ظهرت على وجه رولف علامات الغضب : " هلا تركت لورا مارشان وشأنها؟ " ثم حاول رولف منعها من الهرب .
" لا تكن سخيفاً يا رولف . إنه ... "
" هل أصبحت سخيفاً الآن , يجب علي إضافة ذلك على لائحة الصفات السلبية التي تنعتيني بها . لن تنجحي في خداع أحد فأنا قد رأيتك على حقيقتك . عندما وصلت من دون علمك في تلك الأمسية إلى الفندق وسمعتك تعزفين على البيانو . كنت تنظرين إلى وجه رايموند كما لو كنت تعزفين له ."
صرخت ابيغيل : " أنت مخطئ , لقد كنت .... " كيف لها أن تبوح له بالأمر؟ لقد كنت أتخيل صورة وجهك , فأخوك يشبهك في بعض النواحي . على كل حال , فهو لن يصدقها أبداً وبدا على وجهها التحدي .
قالت كأنها تتهمه :" أنا أعلم السبب الذي قدمت لي هذه الساعة من أجله ."
" لقد قلت لك لم قدمتها لك ."
" ولكنك لم تقل الحقيقة . كن أكثر صراحة معي , فأنت قد فعلت ذلك لتثبت لنفسك بأنك محق ... كل ما تعتقده بالنسبة للنساء فمنذ أن تركتك بياترس لتتزوج رجلاً أكثر ثراء منك ... فالنساء بالنسبة لك لا يطمعن سوى بالثروة وبالمكانة الاجتماعية الرفيعة ولكنهن يطمعن بالثروة قبل كل شيء . "
قال رولف : " وماذا بعد؟ " ولم يحاول الدفاع عن نفسه فشعرت بدموعها على وشك أن تنهمر وكلنها بكت بصمت .
" ... فكرت بأن تمتحنني بشراء شيء يكلفك الكثير من المال , بسبب كل ذلك الذهب والماس ثم تقدمه لي مدعياً بأنك تود إقناعي بكرمك وشفافية شخصيتك . وإن قبلت ستصبح متأكداً تماماً بأن النساء هن منقبات عن الذهب وأنانيات جداً . حسناً ... " تابعت ابيغيل وهي تنزع الساعة من معصمها لتعطيه إياها : " يمكنك إعادتها إلى علبتها ... " ثم أبقت نظرها ورأسها مرفوعين :" شكراً لك لأنك فكرت بذلك . آمل أن أكون قد أثبت لك بأن هناك , على الأقل , امرأة واحدة في العالم لا تتخلى عن مبادئها . يمكنك الاحتفاظ بثروتك , ومكانتك الاجتماعية الرفيعة . " وصلت ابيغيل حتى الباب ثم استدارت : " تستطيع أن تحتفظ بثروتك للمرأة الحقيقة التي تريدها , تلك التي اصطحبتها إلى فرانكفورت . "
" ابيغيل."
همست ابيغيل بصوت أجش :" أنا آسفة يا رولف ."
نظرت إليه نظرة خاطفة فلاحظت الغصة التي ظهرت في نظراته . وعادت إلى غرفتها في الوقت المناسب , فهي لم تكن تستطيع إخفاء دموعها لثانية واحدة أكثر من ذلك .
" إذن , لقد قمت بالانتقال من الفندق إلى منزل عائلة فلدر؟ "
لمعت عينا ابيغيل وكانت جالسة إلى مكتب في الغرفة التي خصصت للعمل .
" وقد كانت رحلتك إلى هنا اقصر من تلك التي وددت القيام بها للوصول إلى ديارك , أليس كذلك؟ " تابع ماكس فدهشت ابيغيل لكلامه .
" كيف علمت , سيد فلدر , بأنني كنت أفكر بالعودة إلى دياري؟ "
" إن ابني البكر قد طلب مني أن أحاول تبديل رأيك بعد أن فشل هو وأخوه وأخته في ذلك . فأنا كنت مستاء جداً لمجرد فكرة خسارة مساعدتي . وأشعر بأنني لم أشكرك كفاية لكل ما فعلته وأرجوك , لا تهربي من هنا , هلا بقيت؟ فهناك الكثير من الملاحظات المدونة وهي بحاجة إلى مهارتك . "
قال ماكس بسرور ظاهر حين نظر إلى يدها : " ما زلت تلبسين الخاتم الذي أعطاك إياه أبني . "
" نعم ولكن كل العائلة تعلم بحقيقة الأمر . " قطعت ابيغيل كلامها إذ أنها كانت على حافة البكاء وأملت بالا يطرح عليها ماكس مزيداً من الأسئلة .
مرت في عيني ماكس نظرة تعاطف عميقة إذ رفع عينيه نحوها . كيف استطاع هذا الرجل الطيب القلب أن يعلم حقيقة أفكارها ؟
قال ماكس : " إن رولف هو رجل مشغول . لقد رحل ثانية . آمل بأنه سوف يعود غداً لكي يأتي إلى الحفل . هل ستأتين؟ بالتأكيد فأنتِ ستحتفلين معنا إذ أنه أصبح لدينا منزل للمرة الأولى منذ سنين . هل أحببت المنزل؟ "
" إنه رائع . "
" هل بإمكانك العيش فيه؟ "
أجابت : " نعم . "
أخذ ماكس حقيبة أخرج منها مغلفاً : " هناك المزيد من الملاحظات يا ابنتي . " ثم وضعها على المكتب : " أنا ممتن لك حقاً ولآن يجب علي مراقبة التحضيرات . لقد قالت لي مارتينا بأنه سوف تفعل ذلك , ولكنها مشغولة جداً بمجموعة الثياب , لذلك أشك بأن يكون لديها الوقت الكافي للإشراف على العمال . و رايموند هو رايموند . "
قال ماكس ذلك وهو يبتسم ابتسامة محبة ويرفع يده . ثم خرج من الغرفة .
قالت مارتينا لأبيغيل : " لم يعد رولف في صباح النهار التالي . إن بقى الطقس على حاله فسوف يقام الحفل على الشرفة وإلا سنقيمها في المنزل . "
بقي الطقس على حاله , ومنذ شروق الشمس , عم النشاط الكبير في المنزل وخاصة في المطابخ فقد جاء منسقو الزهور ليضعوا اللمسات الأخيرة على الزينة . ثم جاء عمال الكهرباء فنصبوا أعمدة على طرفي الشرفة ووضعوا بينها بعض الحبال التي تدلت منها مصابيح متعددة الألوان . رأت ابيغيل مكبرات الصوت في كل من الزوايا فتحت الأبواب الزجاجية على مصاريعها , وحملت الطاولات التي غطت بشراشف بيضاء الكثير من الطعام الذي بدا شهياً كذلك , فقد كان هناك مرطبات عديدة ومتنوعة . " لا بد وأن كل هذا قد كلف مبالغ طائلة . " قالت ابيغيل لمارتينا عندما خرجت هذه الأخيرة من مشغلها وهي منزعجة قليلاً . شرحت بأنها تود أن تفي بالوعد الذي قطعته على والدها والذي يتعلق بمراقبة التحضيرات .
" إن أبي يستطيع تحمل النفقات ولو لم يتمكن من ذلك , فسيكون شقيقي رولف مستعداً لمساعدته . " ثم بدت عليها علامات الحيرة وكان ذلك غير اعتيادي بالنسبة لمارتينا لذلك , نظرت ابيغيل إليها مندهشة : " ابيغيل . "
" نعم "
" إني أود أن أطلب منك خدمة هل توافقين؟ "
" إن استطعت ذلك. "
" بإمكانك المساعدة , وأنا أحتاج إليك في مشغلي لكي تقومي بقياس الثوب . "
تبعت ابيغيل الفتاة إلى الأسفل وهي حائرة وعندما فتحت مارتينا الباب , حبست ابيغيل أنفاسها وتوقفت بسبب الدهشة والإعجاب ووجدت نفسها تحدق بالثوب الذي احتفظت مارتينا به بعيداً عن أعين الناس .
فتحت مارتينا يديها وقالت : " ها هي القطعة الأجمل بين كل القطع التي سوف تعرض في الحفل . إنها قطعة رائعة . "
" إنه ثوب زفاف يا مارتينا وهذا مدهش . "
" نعم .. فهذا الثوب يثير الإعجاب والدهشة يا آبي , إنها ردة الفعل المناسبة عند رؤيته . سوف أجعل أسمي يسطع في عالم الأزياء بواسطة هذا الثوب , وذلك في موطني الأم . أما الخدمة التي أود أن تؤديها لي , فهي يا آبي , تكمن في قياس هذا الثوب وذلك لأرى إن كان يحتاج لبعض التعديلات . "
قالت ابيغيل وهي تنظر حولها : " ولكن ... لقد اعتقدت بأنه كان لديك عارضتان للثياب . "
" فعلاً لدي عارضتان لقد وصلت أندريا ولكن هنرياتا لم تحضر بعد كالعادة , لقد تأخرت . هلا أسديتِ لي هذه الخدمة؟ أرجوك. "
" ألا تستطيع أندريا قياسه لك؟ "
" إن مقاسها هو أكبر من مقاس هنرياتا . "
" ولكن , يا مارتينا , أنا ... "
" كنت أعلم ذلك . فأنتِ ستؤدين لي هذه الخدمة . شكراً جزيلاً والآن أرجو أن تدخلي إلى غرفة القياس تلك . "
قالت ابيغيل بعد عشرة دقائق : " مارتينا , هذا الثوب يناسبني كما لو أنه قد خيط خصيصاً لي . إنه رائع , فأنا لم ألبس أبداً زياً بهذه الروعة . " وعجزت ابيغيل عن إكمال مديحها .
" لو تستطيعين النظر إلى الوراء . نعم , استديري وانظري إلى المرآة هناك . "
ولم تستطع ابيغيل إخفاء إعجابها . فقد رأت وشاحاً كبيراً من الساتان القرمزي اللون .
" إن هذا الثوب سيدهش الجمهور . "
قالت مارتينا , كذلك : " فهو سيدهش الحاضرين في حفلة الزفاف الحقيقة , خاصة عندما سيتعاهد العروسان على الإخلاص واحدهما إلى الآخر . "
" شكراً جزيلاً آبي . بإمكانك أن تصبحي عارضة أزياء جيدة . " أضافت وهي تنظر إليها : "ربما كان عليك المحاولة . "
كان وقت قدوم الزوار قد حان . مشت ابيغيل على الشرفة ثم نظرت إلى زرقة البحيرة تحتها ورأت المراكب التي ملأتها بالخطوط إذ أنها توزعت في عدة مناطق منها . وكان النسيم يتلاعب بأشرعتها البيضاء .
فكرت ابيغيل بأنها لن تنسى أبدا هذا المكان , كذلك فهي ستتذكر دائماً السعادة التي منحت لها , بالرغم من أنها لن تدوم . لقد كانت حياتها في ذلك المنزل شبيهة بالحلم ولكن لكل حلم نهاية محتمة , وفتشت عن سبب هاجسها الذي دفعها بالتفكير في النهاية . لكنها لم تجد الجواب .
" هذا المنظر رائع , أليس كذلك؟ " قال رايموند وهو إلى جانبها : " ويا آبي , إني متأكد بأن هذا الثوب هو من تصميم شقيقتي . "
" هذا صحيح يا رايموند ولكنني لا أزال أشعر بالإحراج . "
اقتربت ليليان وهي تنظر بخجل إلى رايموند :" لا داعي للإحراج يا آبي , فأنا أؤيد رايموند على كلامه . "
" حسناً أنتِ تبدين أنيقة جداً كذلك يا ليليان . " ثم استند رايموند إلى الدرابزين ونظر إلى ليليان ثم قال : " هذا الثوب هو أيضاً من تصميم مارتينا وأنا واثق من ذلك . "
قالت ليليان وهي تبتسم :" إن شقيقتك تثق بفاعلية عرض تصاميمها . "
قال رايموند : " أنا أعرف بأن مارتينا تعلم كيف تسوق تصاميمها . "
" كذلك فهي تعلم كيف تجعل اسمها يلمع في مجال عرض الأزياء , ما هو دورك في هذه الأمسية؟ " ومزحت ابيغيل إذ لاحظت الاهتمام الذي أبداه رايموند بالفتاة .
شعرت هذه الأخيرة بالقنوط , واستدارت لتتأمل المنظر دون أن تراه فعلاً هذه المرة فتلك الصداقة لم يكن لها أي وجود , أليس كذلك؟ كما قالت منذ أيام قليلة , إذ كانت تود الانتقام من رولف , فإن صداقتهما بدأت وانتهت في وقت قليل .
" ما الذي يجعلك تعيسة إلى هذا الحد؟ " قال لها رولف , كيف علم رولف ما يجول في فكرها؟ " لا بد وأنك ذكي . " قالت ابيغيل وهي تحاول المزاح .
قال رولف ببطء : " إذن , هنالك أشياء رهيبة في الماضي تؤثر عليك وتجلب التعاسة إلى وجهك؟ "
همست ابيغيل : " توقف عن ذلك . "
قال : " سوف أعبر لك لاحقاً عن إعجابي , أليس كذلك؟"
" كلا. "
" كلا؟ سوف نرى , أليس كذلك؟ "
" لست المرأة التي تريدها في حياتك . "
" أنتِ التي أريدها يا آبي , أنتِ هي . "
وعندما رأته يبتعد , عاد الشعور بالحزن إلى قلبها مجدداً , ولكنه كان أكثر قوة هذه المرة فهي أحست بأن الستار يغلق على تلك الفترة من حياتها , لكأنها كانت ممثلة في مسرحية ذات نهاية تعيسة ومريرة .


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
(كتابة, /كاملة, ليليان, بالحب, وعود, ق.ع.د.ن

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:26 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.