22-09-14, 04:49 PM | #597 | ||||
| وضعت يدها على صدرها إذ راح قلبها يخفق بسرعة جنونية، وكأنه يحاول الهروب من قفصها الصدري. فقالت في نفسها: لعل هذا يوم سعدي رغم كل شيء... يوم سعدي...؟ يا إلهي! ها أنا أفكر كأحد هؤلاء البلهاء الذين يرون جانباً مشرقاً في كل مصيبة، مها كانت شديدة.[/color][/size][/font] - تحلي بالتفاؤل يا كايتي. شقتك تحترق لأنك نسيت إطفاء المكواة. هذا ليس حظاً بل مصيبة. هدأت أعصابها وقوت عزيمتها لسماع صوتها. كانت شقتها عبارة عن غرفة معيشة تحوي مطبخاً، وغرفة نوم مع حمامها الخاص. ومع أن الغرفة الرئيسية كانت مليئة بدخان لاذع أدمع عينيها، إلا أن كايتي لم تر علامات حريق أخرى واضحة، ما يؤيد نظريتها القائلة بأن الحريق بدأ في غرفة النوم حيث كوت فستانها على الأرض بدلاً من تكليف نفسها عناء جلب لوح الكوي. راحت تنادي هرها وهي تتقدم بحذر في الغرفة المملوءة دخاناً: "ألكس...". لم تكد تقطع مسافة صغيرة بالغرفة حتى أصبحت الرؤية معدومة. لكنها تمكنت من ملاحظة اللون البرتقالي الباهت الظاهر من تحت باب غرفة نومها. فكان الشيء الوحيد الذي وجهها في الظلام مع أنه أثار فيها شعوراً قوياً بالقلق... كم من الوقت سيتمكن الباب نم احتواء ألسنة النار؟ في وقت كهذا، لا يفيد الخيال الناشط بشيء. قالت لنفسها: التفكير في هذا الأمر لا يجدي نفعاً. أكملي مهمتك فقط. فكلما أبكرت في إيجاد الهر اللعين، كلما أسرعت في الخروج. وبالرغم من رباطة الجأش هذه، راحت ركبتاها ترتعشان وهي تتقدم بحذر. كانت تتوقف بن الحين والآخر لتستمع، لكنه لم يكن جيب نداءها. لم تعلم كايتي لما توقعت أن يجيبها، فألكساندر لم يكن هراً لطيفاً ولا هراً صغيراً جيداً. فهو يهاجمها إن حاولت أن تبدي له أي عاطفة. لو كان إنساناً، لقال الأطباء إنه يعاني خللاً في شخصيته. قالت في سرها بتجهم: لو كنت أتحلى بأي منطق، لتركته ينفحم وبينما راحت تناديه بلطف وتملق، اصطدمت بشيء صلب: طاولة القهوة التي اشترتها من متجر الأغراض المستعملة. الاصطدام بالأخشاب كان كافياً لجعلها تقع على ركبتيها. شعرت على الفور بأنها جرحت ركبتها كما شعرت بالقماش الناعم لفستانها يتمزق. - تباً! وبينما كانت جاثية على ركبتيها، لاحظت أن الدخان قرب الأرض أقل كثافة، فقررت إكمال بحثها من موقعها هذا. كانت تزحف بحذر عندما سمعت صوتاً ينادي باسمها. ففكرت: نيكوس... حسناً، إن كان يريد قتلي، فهذه الفرصة المثالية. وقررت أن الوقت الآن مناسب للمزاح السيئ، فأكملت بحثها، حريصة على تجاهل صيحاته التي تزداد إلحاحاً. تحولت ضحكتها المتجهمة إلى سعال عندما سمعت صوت ارتطام قوي تبعته شتيمة باللغة اليونانية. وأدركت لاحقاً أن السعال هو ما دله على موقعها، لأنها بعد لحظات شعرت بيدين تنزلقان تحت ذراعيها وترفعانها عن الأرض. - دعني أيها الأحمق! - لا تتحركي واهدئي. لقد أمسكت بك. لقد فعل ذلك بالفعل، أمسكها ف قبضة قوية جعلت الهروب مستحيلاً: "أنت ف أمان الآن". لم تكن كايتي ترغب في أن ينقذها أحد. وقد أعلمتها غريزتها أن ذراعي نيكوس لايكس لن توفرا لها الأمان. ولكن فكرة ما يمكن لهاتين الذراعين أن تفعلا بها هي ما جعلتها تبدأ بمقاومته. وامتزج تنفسها بالنبرة المطمئنة في صوته العميق فبدت أكثر توتراً. صرخت عندما توقف عن محاولاته اللطيفة لتهدئتها واستعاد طبعه. ومن دون تردد، رمى بجسمها المقاوم على كتفه على غرار رجل الإطفاء. فقالت لنفسها: لم تعد المقاومة تجدي وأرخت بثقلها مستسلمة بتعب. اضطرت كايتي للبقاء في هذه الوضعية المهينة إلى أن بلغا المدخل، حيث وجدت نفسها مرمية على الأرض الخشبية التي خططتها ساندي ودهنتها قبل الميلاد... وقالت في سرها: يا إلهي! مسكينة سايدي...! حصل كل ذلك بسبب غبائي! أنا مستأجرة جهنمية! شعرت بأصابع باردة تضغط على النبض عند أسفل عنقها، ثم بيد، هي نفسها على الأرجح، تنسل تحت ذقنها لتبدأ برفع رأسها بحزم. فتحت عينيها الدامعتين، وشعرت بالإحراج عندما بدا لها نيكوس يعزو سبب جمودها إلى فقدانها الوعي. ثم شعرت بالخجل لأنها فكرت فعلياً في لحظة ضعف نتركه يحاول إنعاشها. كان الصوت في رأسها قوياً آمراً: "هلا توقفت عن هذا؟". ولكن ما صدر عن شفتيها الجافتين كان نقيقاً ضعيفاً. قال ذلك الوجه الكبير المنحني فوق جسمها فيما هو يقف: "حسناً، لقد أرحتني. لست بحاجة إلى الإنعاش". وبالرغم من أن وجه نيكوس وثيابه كانت سوداء ملطخة بالسخام، إلا أنه ما زال وسيماً للغاية كعادته في أي وقت. قالت بصوت أجش: "تصور راحتك وزدها أربعة أضعاف". - لم أتوقع الشكر لإنقاذي حياتك ولكن بعض التمدن قد يكون جيداً... إنقاذ حياتي! صرت أسنانها بينما كانت تحاول جاهدة الجلوس، ثم أجابت: "لم تكن حياتي بحاجة للإنقاذ إلى أن بدأت تتصرف كإنسان الكهف". راحت تلهث وبدت غر قادرة على الوقوف، فتمسكت بأول دعامة وقعت عليها لتتمكن من النهوض، وكانت الدعامة رجليه المحيطتان بجسدها. الصلابة التي صادفتها جعلتها تتوقف، وتقلصت عضلات معدتها، فلم يعد الهروب يبدو أمراً مستعجلاً. وعادت كايتي إلى نفسها فشعرت بالخجل الشديد. لم تستطع مسامحة نفسها لأنها أضاعت لحظات ثمينة في مثل هذه الظروف. فقالت بغضب شديد: "لا بد أن إلكساندر تفحم في الداخل بسببك". أعلمته بذلك بينما سحبت جسمها من بين قدميه وحاولت الوقوف. ولكن ما إن فعلت حتى خانتها ركبتاها. علا وجه نيكوس تعبير خائف إلا أنه وبخفة ورشاقة رياضية، أمسك بها قبل أن تنزلق على الأرض، مما لطف حدة سقوطها على السطح الخشبي. انحنى رأسها بين ركبتيها وأخذت تضرب الهواء بيديها بحركة عشوائية. ولم يسمح لها نيكوس بالوقوف إلا بعد أن توقفت عن الصراع. - أيها الرجل الغبي! غبي! قالت هذا وهي ترتعش وتمسح دموع الغضب التي انهمرت على وجهها القذر، تاركة آثار شاحبة من السخام. كان نيكوس جاثياً بالقرب نمها، ولم يبدو متأثراً بهجومها. فأشارت إلى الباب وتابعت: "ما زال ألكساندر في الداخل". تجهم نيكوس وأجاب: "سمعتك. حافظي على هدوئك، فالجنون لن يفيدنا". فأجابته بصوت مرتفع: "أنا هادئة". - لماذا لم تخبريني بما كنت تفعلينه منذ البداية؟ هذا ليس الوقت المناسب لتحافظي على سمعتك.[/QUOTE] | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|