آخر 10 مشاركات
41 - شاطئ العناق - آن ويل - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          414 - أحلام على الورق - ميلانى ميلورن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          [تحميل] الرادي في الوادي / للكاتب طارق لبيب ، سودانية (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ثارت على قوانينه (153) للكاتبة: Diana Palmer...كاملة+روابط (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          التسويق الرقمي والتجارة الإلكترونية مع مقتبس افضل شركة تسويق رقمي و تجارة الإلكترونية (الكاتـب : ياسر حسن محمد - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          1046-حلم صعب المنال - باتريسيا ويلسون - عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-02-13, 10:07 PM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 ما بعد ماضي الترف مستقبل يغـوص في المجهـول/ للكاتبة Miss Julian الموسم 2 مكتملة









بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


نقدم لكم رواية
ما بعد ماضــي التـــــرف ! .. مستقبل يغـــوص في " المجهـــــــول "
للكاتبة / Miss Julian




كلمة الكاتبة


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


ما بعد ماضــي التـــــرف ! .. مستقبل يغـــوص في " المجهـــــــول " ,,

الموسم الثاني من روايتي
إمــا "شيطـــان" أو شـخـص مــهـزوز الـكـــيان
https://www.rewity.com/forum/t278719.html
Xx



تقلبت حياته و ضاع الحلم
حياة اخرى لم يعتد عليها قد بدأت و عليه مواجهتها مجبراً
ماضي مترف و حياة سابقة يخفيها
احباب تركهم .. و اصحاب ابتعد عنهم .. و اسرة تخلى عنها .. لأنه قرر أن يكبر للمرة الأولى و يثبت قيمته في الحياة
دنياه الآن أكثر بساطة من السابق و أقل تعقيداً .. لكنها خطيرة و تلزمه الحذر !
سيبني نفسه .. سيصنع مستقبله .. سيبحث عن حلم جديد .. سيضحي من أجل المستقبل
فهل سيحالفه الحظ ؟
أم أن اليأس سيرافقه للأبد ؟


Xx

هذه روايتي التي ستحكي عن " لينك براون " الآن
ما بعد ماضــي التـــــرف ! .. مستقبل يغـــوص في " المجهـــــــول " ,,

لمن يرغب بقراءة الجزء الأول : الرابط
https://www.rewity.com/vb/t278719.html





التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 24-07-16 الساعة 11:44 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 10:12 PM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



part 1


كنا نحن الأربعة نقف قرب تلك السيارة التي توقفت في احد المواقف المخصصة لهذه العمارة ..!
أنا .. ريكايل .. ميراي و هاري ..!
الساعة كانت تشير إلى الواحدة ظهراً ..!
كانت خالتي على وشك البكاء وهي تقول : لما يجب أن تكون رحلاتي في الوقت الخطأ دائماً ؟!!.. بدأت أكرهه هذا !!..
ابتسمت لها في محاولة لمواساتها : لا عليك .. ستعودين صباح ما بعد غد .. تعالي لزياتنا فور أن تصلي إلى هنا ..!
دمعت عيناها وهي تقول : أي رحلة هذه التي ظهرت في جدولي فجأة !!.. و إلى أين ؟!.. إلى الصين ؟!!..
باستنكار قال ريك : لقد أخبرتني منذ أسبوعين بأنك ستذهبين للصين .. هذه الرحلة لم تظهر فجأة ..!
تابعت أنا : خالتي لا عليك ..! كما أخبرتك بعد أن تعودي من سفرك سيتسنى لك رؤية منزلنا الجديد ..!
- لكني أردت أن أذهب معكما اليوم .. أنها المرة الأولى لكما هناك .. على الأقل كان بإمكاني مساعدتكما في ترتيب المكان و تنظيفه ..!
هذه المرة كان هاري هو من تكلم : اطمئني آسنة ستيوارت .. لقد طلبت من أحدهم تنظيفه هذا الصباح .. أنا واثق بأنهم سيحضون بالمساعدة فلا تقلقي ..!
تنهدت حينها وهي تقول : لابأس إذاً .. سأزوركما فور عودتي ..!
عانقتنا عندها سويةً : إلى اللقاء يا عزيزاي .. اهتما بنفسيكما و كونا حذرين ..!
ابتسم ريكايل حينها : سنفعل اطمئني ..!
تابعت بذات ابتسامته : رحلة سعيدة ..!
ابتعدت عنا حينها و نظرت لهاري : أني اتركهما في عنايتك دكتور ليبيرت ..!
ابتسم لها بلطف : لا عليك .. سأهتم بهما ..!
بادلته الابتسامة وقد توردت وجنتاها .. لا الومها فابتسامة هاري الوسيم بإمكانها أن تقتل الفتيات !!..
ودعتنا خالتي وهي تسحب حقيبتها إلى موقف الحافلات .. من هناك ستنطلق للمطار من أجل رحلتها التي سيتكون تمام الثانية و النصف ظهراً إلى بكين في الصين ..!
أما أنا و ريك فقد صعدنا مع هاري في سيارته الفاخرة ..!
لقد أصر على ان يأتي بنفسه و يصحبنا الى عمارته حيث شقتنا الجديدة فنحن سننتقل إليها اليوم ..!
كنت اتحدث مع هاري عن بعض الأمور البسيطة بينما ريك يمسك بين يديه بكتاب التاريخ و يستعد لامتحاناته القادمة ..!
انه يستغل كل لحظة لاستذكار بعض الدروس .. اتمنى لو استطيع مساعدته في شيء .. لكن ليس بيدي سوى أن اساعده في استذكار مادة اللغة الانجليزية .. رغم أنه ليس سيئاً فيها فبحكم عمله السابق كان عليه ان يتقنها ..! لكن الأمر متعلق بالقواعد الرئيسية و الفرعية كذلك ..!
التفت للدكتور هاري حينها : كم المدة حتى نصل إلى العمارة ؟!..
أجابني وهو يركز على طريقه : حوالي العشرين دقيقة ..!
عدنا للصمت بعدها و قد بقيت أنظر للشوارع من خلال النافذة ..!
لقد اتت اللحظات المنظرة أخيراً ..!
فبعد دخولي إلى المنزل الجديد سأكون قد خطوت خطوتي الأولى باسم براون ..!
ابتسمت حينها بهدوء و راحة ..!
أمي نيكول .. أبي أيان .. أنا و ريكايل سنعيش معاً من اليوم فصاعداً .. لن يستطيع أحدهم أن يفرق بيننا بعد الآن .. سوف نبذل جهدنا معاً و سنكون بخير .. لذا كونا مطمئنين ..!
أمي إلينا .. أبي جاستن .. أنتما أيضاً لا تقلقا .. فأنا سأكون على ما يرام مع رايل .. و سأعتاد على النمط الجديد في حياتي ..!
سرحت بخيالي بعدها و تفكيري منحصر على هذه الحياة الجديدة البعيدة عن الترف .. لا أزال اتساءل إن كنت سأحتملها أم لا ؟!.. لكني اتمنى أن أفعل .. رغم أن الأمر لن يكون سهلاً إطلاقاً ..!
انتبهت لهاري الذي قال : لقد اقتربنا ..!
قطع علي شرود ذهني لأجد أني قد استغرقت عدة دقائق دون ان اشعر ..!
كنا قد في مطقة سكنية هادئة متوسطة المستوى .. ليست للفقراء و ليست للأغنياء لكنها بسيطة للغاية ..!
مررنا عندها بالقرب من المدرسة التي سندرس فيها .. هاري هو من اقترحها علينا بما أنها قريبة كما أنها جيدة السمعة ..!
التفت إلى الخلف لأرى ريكايل منهمكاً في الاستذكار وهو يمسك في يده قلم رصاص و يحدد بعض النقاط على الكتاب بين يديه ..!
مضت دقيقة تقريباً قبل أن يقول هاري : بعد هذا المنعطف ..!
نظرت للأمام بحماس .. لكني أعلم أن ريك لا يجد الوقت لذلك ..!
كنت استطيع أن أرى تلك العمارة ذات الطوابق الخمس .. و لكن بوابتها ستكون خلف هذا المنعطف ..!
حين انعطفنا و بعد لحظات توقف هاري فجأة !!!!..
كان توقفه مفزعاً فقد اهتزت السيارة بالكامل حتى أني تقدمت للأمام و قد أطلق ريك صرخة متفاجئةً و قد سقط كتابه منه ..!
التفت لهاري بانزعاج : ما بك توقفت هكذا ؟!!..
لكني صمت حين لاحظت ملامحه الجادة للغاية و التي تميل للغضب ..!
اطل رايل برأسه بين المقعدين الأماميين : ما الأمر ؟!..
نظرت إلى الأمام لأرى ما الذي لفت انتباهه هكذا حين أيقنت أنه لن يجيبني ..!
و حينها رأيت شيئاً غريباً ..!
في منتصف الطريق و أمام البوابة بالضبط .. كان هناك رجل ثلجي متوسط الحجم .. يجلس بقربه فتى يبدو في العاشرة تقريباً و يستند إليه بحيث يسد الطريق على من يريد المرور أو من يريد الدخول من البوابة بسيارته ..!
بشعر أسود فاحم و عينان زرقاوان جريئتان و وجه عابس .. يرتدي بنطال أسود و معطفاً أبيض قد أغلق من الأمام حتى نهايته ..!
افزعني هاري الذي ضرب المقود بعنف و هو يتمتم : سحقاً لك ..!
نزل بعدها مسرعاً صافقاً الباب من خلفه بينما بدا التعجب على رايل : ما به ؟!..
أومأت سلباً باستنكار : لا أعلم ..!
كان الدكتور هاري قد اسرع ناحية الفتى و وقف أمامه ثم بدأ يصرخ بغضب .. لم اسمع ما يقوله لأني لا زلت داخل السيارة ..!
لكن الفتى الصغير بدأ بالصراخ أيضاً بانزعاج ..!
للمرة الأولى أرى هاري هكذا فقد أمسك بالفتى من ذراعه و أجبره على الوقوف ثم ركل الرجل الثلجي بعنف مما حطمه تماماً ..!
همس ريك حينها : لننزل ..!
وافقته على الفور : هيا ..!
فتحت باب السيارة و نزلت و هذا ما فعله ريك أيضاً ..!
لكني حين نظرت للأثنين هناك صدمت بأن الفتى الصغير قد سقط على الأرض مغشياً عليه بينما هاري يحاول أيقاضه !!..
اسرعت ناحيتهما : ما الأمر ؟!!..
نظر إلي ذلك الشاب حينها ببعض القلق : سأسبقكما إلى الأعلى .. هلا أدخلتما السيارة .. الشقة في الدور الخامس !!..
حمل الفتى الذي بدا فاقداً للوعي و جسده يرتعش بين يديه و ركض حينها إلى الداخل ..!
كان ريك قد وقف بجواري : ما الذي يجري ؟!..
- لا أعلم ؟!.. لكنه طلب منا أن ندخل السيارة و نتبعه للأعلى ..!
- حسناً .. لنفعل ذلك ..! المفتاح لا زال في السيارة ..!
سرت ناحية السيارة بينما قام ريك بتسوية بقايا رجل الثلج حتى استطيع العبور ..!
و بالفعل أدخلتها إلى تلك البوابة ..!
كان أمامي طريق قصير إلى بوابة العمارة .. على يميني يوجد مربض سيارات فيه سيارتان فقط و يكفي لسبعة سيارات .. و على اليمين ساحة كبيرة فارغة يوجد في نهايتها بعض الأراجيح و هناك بعض الرجال الثلجين و آثار اللعب بالمكان .. يبدو أنها ساحة لعب لأطفال المستأجرين ..!
أوقفت السيارة في المربض و نزلت .. كان رايل قد نزل هو الآخر ..!
حملنا الحقائب التي كانت في السيارة في الخلف .. حقيبتان و ثلاثة صناديق .. لكننا تركنا الصناديق لنحملها في الدفعة الثانية ..!
نظرت إلى رايل بهدوء : يبدو أن لا أحد هنا ..!
- أجل .. الساعة هي الثانية .. ربما هم في اعمالهم .. أو يأخذون قيلولة ..!
- صحيح .. عموماً لنصعد للأعلى ..!
حملنا الحقيبتين و دخلنا من تلك البوابة الصغيرة .. هناك درج على اليمين و مصعد على اليسار ..و ثلاث أبواب على مسافات متباعدة يبدو أنها شقق مستأجرة المكان بسيط لكنه لطيف في الوقت ذاته ..!
طلبت المصعد ففتح على الفور كأنه ينتظر من يأتي ليطلبه .. صحيح أنه صغير .. لكنه يفي بالغرض : الدور الخامس ..!
هذا ما قاله ريك وهو يضغط على الرقم خمسة : أتشعر بالحماس ؟!..
سألت بابتسامة فأجابني بسعادة : أجل .. لأول مرة سيكون لي منزل خاص ..!
للمرة الأولى أدرك ذلك .. ريك لم يعش في منزل من قبل .. على عكسي فأنا عشت في قصر مارسنلي الذي كان منزلي ..!
أما ريك فعاش في الملجأ و المدرسة الداخلية ..!
ربت على رأسه حينها : يحق لك أن تتحمس أذاً ..!
بانزعاج بسيط : لا تعاملني كطفل .. أنا اصغر منك بخمس دقائق فقط ..!
- أن اربت على رأسك لا يعني أني أعاملك كطفل ..! أنا اعاملك بلطف فقط ..!
- شكراً على لطفك .. لكني لم اعتد على هذا ..!
ابعدت يدي عن رأسه و انا اتصنع الاستياء : يا لك من ولد سيء !!..
بغضب هتف : ألن تتوقف عن هذا ؟!!..
كتمت ضحكتي .. اكتشفت أن مثل هذه التصرفات تجعله ينفجر غيضاً .. هذا ممتع بالفعل فلا بأس بإزعاجه من فترة لأخرى ..!
توقف المصعد حينها فنزلنا منه و ريك يقول : متى ستدرسني مادة اللغة الإنجليزية ..!
قبل ان اجيبه سمعت صوت ضجة من مكان قريب ..!
نظرت إلى الأمام بسرعة لأرى الشقة الأبعد عن المصعد قد فتح بابها و اصوات شجار عنيف يخرج منها ..!
خرج هاري منها وهو يسير إلى الخلف بغضب و كأنه يحاول تفادي شيء ما و استند إلى السور خلفه ..!
و ماهي سوى لحظات حتى كان هناك جسم طائر قد انطلق من الباب و اصدم برأسه بعنف !!!..
كنت مصدوماً حين رأيت جهاز التحكم الخاص بالتلفاز على الأرض بعد ان اصدم برأس الطبيب و قد تطايرت منه البطاريات ..!
صرخ هاري حينها بغضب : يكفي !!!..
فور أن قالها طارت زجاجة ماء كبيرة ناحيته لكنه تفاداها فسقطت من أعلى الدور ..!
كنت مصدوماً بما أرى ..!
لكن لحظتها خرج شخص من المشقة بخطوات مرهقة .. أنه الفتى الذي قبل قليل !!!..
حينها تلكم ذلك الفتى بنبرة متعبة و صوت مبحوح : قلت لك أني .. سأفعل ما أريده ..!
كاد يسقط على وجهه حينها فأسرع هاري و التقطه قبل ان يصطدم بالأرض و القلق قد عاد لملامحه : أقسم أن هذا العناد سيقتلك !!..
كان الارهاق بادياً على ذلك الفتى و رغم هذا رفع قبضته الصغيرة و أخذ يضرب كتف هاري وهو يقول : أتركني الآن .. أتركني !!.. إن لم تفعل فسوف أشوه وجهك الوسيم !!..
تنهد هاري حينها و أخرج من جيبه شيئاً ما .. تبدو كقطعة حلوى ..!
وضعها في فم الفتى بعد أن أبعد الغلاف عنها ..!
بدا أن ذلك الطفل العجيب قد هدأ نوعاً ما .. و لم يلبث أن اغمض عينيه و اسند رأسه إلى صدر هاري وهو يقول بصوت ناعس : ستحضر لي كعكة كبيرة من الشوكولا .. و إلا فإني سأجعلك تنام خارج الشقة ..!
ابتسم ذلك الطبيب بهدوء : سأفعل هذه المرة .. حين أعود من العمل الليلة ..!
لا اعلم ما يجري .. لكن يبدو أن ذلك الفتى قد نام بالفعل !!..
انتبه الشاب الوسيم إلينا و ابتسم : عذراً .. لقد انشغلت قليلاً ..!
بتردد أجبته : لا عليك ..!
وقف حينها و هو يحمل الفتى بين يديه : شقتكما هي الوسطى .. الباب مفتوح لذا اسبقاني إلى هناك .. سآتي بعد قليل..!
أومأنا موافقين فدخل إلى تلك الشقة التي خرج الفتى منها .. أهي شقته يا ترى أم شقة ذلك الصغير ؟!.. ، سرنا بهدوء ناحية الباب الأوسط و فتحناه ..!
فور دخولنا استقبلتنا رائحة لطيفة .. المكان نظيف للغاية .. يبدو أن أحدهم قد قام بتعطير المكان ..!
كنت سعيداً بشكل غريب .. انها صغيرة .. إنها بحجم غرفتي السابقة .. لكنني سعيد بها ..!
بعد أن دخلنا كان على يميننا غرفة للجلوس .. و على اليسار بعدها بقليل يوجد مطبخ صغير ..!
في نهاية الممر هناك باب في المنتصف و باب على اليمين و اليسار ..!
الباب الأيمن كان غرفة نوم تحوي سريرين و تتبعها دورة مياه متوسطة الحجم .. أما الباب الأوسط فهو غرفة صغيرة فارغة .. تبدو كغرفة نوم أخرى .. و الباب الايمن كان لدورة المياه الصغيرة ..!
الأثاث الخشبي لطيف و عملي .. و أرائك غرفة الجلوس كانت ذات لون أبيض حيوي ..!
هناك تلفاز .. و طاولة طعام لأربعة أشخاص مع كل الاشياء الأساسية في المطبخ .. بقي فقط الأواني ..!
ابتسمت بهدوء : أنها مقاربة لما توقعت .. رغم أنها صغيرة ..!
ضحك ريك بخفة حينها : بالنسبة لي فهي أفضل مما تخيلته .. و هي كبيرة أيضاً ..!
- أتريد أن تخالفني فقط ؟!..
- لا .. و لكن بالنسبة لشخصين فقط حجمها كبير ..!
- ليس كذلك ..!
- آه صحيح .. نسيت أنك غير معتاد على الأماكن الضيقة ..! في السابق غرفتك فقط كانت بحجم هذه الشقة ..!
نظرت إليه بطرف عين : لن أرد عليك ..!
ابتسم بمكر حينها .. لقد نجح في استفزازي لكني لم أنفعل ..!
جلسنا حينها في غرفة الجلوس : سيأتي هاري الآن .. قال ان هناك شيء سيحدثنا به ..!
هذا ما قلته بهدوء فقال هو بحماس : دعك من هذا ..! أرأيت ما حدث قبل قليل ؟!.. ذلك الفتى الصغير كان يتشاجر مع الدكتور هاري بالفعل !!..
أومأت إيجاباً : صحيح .. لكن شجارهما كان غريباً نوعاً ما ..! أتعتقد أن ذلك الفتى يعيش في الشقة المجاورة ؟!..
- أليست تلك شقة هاري ؟!..
- لا اعتقد .. لقد قال لي انه يعيش في هذا الدور و لكن لم يخبرني عن سكان الشقة الثالثة .. ربما هي لأسرة ذلك الفتى ..!
- و ربما يكون قريب لهاري و يعيش معه في شقته ..! أنه يشبهه .. لهما العيون و لون الشعر نفسه ..!
- لكنه أخبرني أنه يعيش مع أخته ..! انه في السادسة و العشرين لذا لا اعتقد أن أخته اصغر من سن العشرين ..! يستحيل أن يكون ذلك الفتى ابنها مثلاً !!.. و كما تعلم هو غير متزوج لذا فهو ليس ابنه ايضاً ..!
- ابن اخيه ؟!..
- ليس لديه اخوة !!.. أخبرني ان له أختاً واحدة ..! كما انه لم يذكر لي ان هناك فتى يعيش معه حين حدثني عن اسرته ..! لذا مؤكد ان ذلك الصغير ابن احد الجيران ..!
- يبدوا أنه كذلك .. رغم أني أشك في مسألة الشبه بينهما ..!
بقيت افكر للحظات بذلك المشاكس .. انه بالفعل يشبه هاري كثيراً ..!
لقد اثار فضولي بطريقة ما ..!
قبل ان اقول شيئاً انتبهت للشخص الذي دخل الغرفة .. انه جارنا الجديد : مرحباً .. وجدت الباب مفتوحاً فدخلت ..!
ابتسم رايل له : قلت انك ستتبعنا الآن لذا تركت لك الباب ..!
جلس هاري على الاريكة المنفصلة وهو يقول : كيف وجدتما الشقة ؟!..
أبيدنا اعجابنا بها و انها تناسبنا تماماً .. كما أن إجارها مناسب لنا ..!
بدا عليه الهدوء و هو يقول : في الحقيقة .. بالنسبة للإجار ..!
شعرت بالتوتر حين سكت .. اخشى أن يرفع الإجار علينا فجأة .. يستحيل أن يفعلها !!..
تابع بذات هدوئه : أتريدان أن تخوضا في تحدي النصف ؟!!..
.
.
" تحدي النصف " !!!..
.
.
ما هذا أيضاً ؟!!!..
آه صحيح .. لقد ذكر شيئاً كهذا لي سابقاً .. قال انه سيشرح الأمر حين نقرر السكن في هذه الشقة ؟!..
بدا الاستغراب على رايل : ما هو تحدي النصف هذا ؟!..
ابتسم هاري عندها : انه تحدي خضع له كل من سكن هنا .. و لم ينجح به احد حتى الآن للأسف ..!
شعرت بنوع من الحماس للموضوع .. ما هو هذا التحدي الاعجازي يا ترى ؟!..
تابع ذلك الشاب بجد : من ينجح في التحدي .. سأخفض إيجار شقته إلى النصف !!..
.
إلى النصف !!!!!.
.
ألجمتني الصدمة بالفعل .. بينما هتف ريك مصدوماً : نصف الإيجار !!!.. أأنت جاد ؟!!!..
أومأ إيجاباً : أجل .. إنها الحقيقة ..!
- و هل هذا التحدي يستحق هذا العناء ؟!!..
- بالطبع .. لقد فشل كل سكان العمارة فيه ..!
- غير معقول !!..
كان هذا ما قاله ريك بنبرة مستنكرة !!..
بينما سألت أنا بجد : و ما هو نظام هذا التحدي بالضبط ؟!..
صمت حل على المكان لبعض الوقت و قد شرد هاري بذهنه إلى مكان آخر .. لكنه بعدها أخذ نفساً عميقاً ثم قال : في الحقيقة .. أختي الصغرى اصيبت منذ سبعة اشهر بمرض السكري .. اعتقد انها ورثته من والدتي الراحلة ..! في اول شهرين كنت اقضي معظم الوقت في المنزل معها كي انتبه لصحتها .. لكن كما تعلمان أنا طبيب و عملي يلزم علي التواجد في المشفى .. لذا صرت اخرج من المشفى في كل يوم في موعد ابرة الأنسولين و آتي إلى هنا كي اعطيها الابرة .. هذا صعب كما تعلمان فالمشفى بعيد عن هنا ..! غير اني احتاج أحياناً للسفر من أجل بعض الدورات التدريبية خاصة أني لم أكمل سنة منذ استلمت الوظيفة بعد ..!
بهدوء سألته : و لما لا تأخذها هي بنفسها ؟!!..
بدا عليه التعب وهو يقول : أنا لا أضمن أن تستطيع ذلك .. تلك الفتاة متهورة و لا يمكن فهم ما تفكر فيه .. كما أنها تكره الابر و تتذمر دوماً عند كل ابرة .. لو تركت الأمر لها لما أخذتها أصلاً ..!
بقيت أفكر بالأمر للحظات .. يبدو أن شقيقته الصغرى شابة عنيدة ..!
سأل ريك بهدوء : و ما هو التحدي بالضبط ؟!..
تابع هاري كلامه حينها : أريد شخصاً يهتم بها في وقت غيابي .. شخص ينتبه لنظامها الغذائي بحيث يتماشى مع مرضها و يعطيها ابرة الانسولين في وقتها ..! أيضاً انا وهي نعيش وحدنا لذا حين أكون في العمل تبقى هي وحيدة .. لذا كنت أود لو كان هناك شخص يستطيع أن يهتم بكل شؤنها في غيابي ؟!!..
واضح أن أخته هذه غير طبيعية .. حسناً ربما هي اصغر من العشرين بقليل ..!
بجد أكمل كلامه : التحدي .. هو الاهتمام بأختي الصغرى ..!
قطبت حاجبي حينها : أيعقل أن أحدهم لم يتمكن من الاهتمام بها ؟!..
- أطلاقاً .. أقصى مدة قضاها أحدهم هي اسبوع واحد .. بعدها كاد يترك العمارة بأسرها !!!..
شعرت بالصدمة بالفعل !!.. إلى هذا الحد ؟!!.. لكنه عرض لا يفوت !!.. نصف الإيجار .. نستطيع أن نحل الكثير من المشاكل بالمبلغ المتبقي ..!
ريك ايضاً كان متعجباً من هذا كله : و لما ؟!.. هل لأنها تتذمر من الابر ؟!.. يمكن لأي شخص أن يجد مئة طريقة لإقناعها !!..
تنهد هاري عندها وهو يقول بجد : تلك الفتاة مجنونة !!.. إنها عنيدة بشكل لا يحتمل ؟!!.. و تتصرف تصرفات تكاد تقتلني !!.. كما أنها تفعل ما تشاء رغماً عن الجميع !!.. لقد كان والدي يدللها كثيراً و بشكل لا يصدق مما جعلها هكذا ..! لطالما حذرته من هذا الدلال المبتذل لكنه لم يستمع إلي ..!
شعرت بالرعب للحظات .. أي فتاة هذه !!.. يستحيل أن تكون تصرفات فتاة في العشرين أو حتى في السادسة عشر على الأقل ..!
تابع هاري بإرهاق : لقد رأيتما ذلك بنفسيكما قبل قليل .. كادت تقتلني و أخذت ترمي علي الأشياء فقط لأني أردتها أن تأكل شيئاً يفيد جسدها النحيل عوضاً عن الحلوى !!.. لكنها جعلتني أرضخ لها في النهاية !!..
.
.
.
ماذا !!!..
.
.
ماذا قال ؟!!..
.
قبل قليل !!!!!!!!!!!!..
.
.
نظرت إلى رايل الذي بادلني النظرة المصدومة !!!..
عدة أنظر إلى ذلك الشاب بذهول : الفتى الصغير الذي تشاجرت معه قبل قليل !!.. هو اختك الصغرى ؟!!!!!..
ابتسم بهدوء : أكنت تعتقد أنها فتى ؟!!..
شعرت بالإحراج و الارتباك : اه في الحقيقة .. لم اركز تماماً ..!
- لا عليك .. طبيعي أن تعتقد ذلك بسبب تلك الملابس الثقيلة و بسبب شعرها القصير ..! لكنها في الحقيقة فتاة صبيانية !!..
- أتقصد أنها تقلد الأولاد ؟!!..
- لا .. إنها لا تفعل ذلك ..! لا أعلم كيف أصفها بالضبط لكن ما استطيع قوله أنها تسير حسب مزاجها العجيب .. إنها تكره الفساتين مثلاً ليس لأن الفساتين لطيفة و أنثوية بل لأنها لا ترتاح حين ترتدي الفستان فهي تفضل البنطال عليه ..! حياتها كلها مبنية حسب طقوس لا استطيع أنا شقيقها الأكبر فهمها !!.. لذا حتى نصف الإيجار قليل في حقها ..!
يبدو أنها فتاة صعبة للغاية ..!
سأل ريكايل حينها : لكن .. انها صغيرة ..! اعتقد أنها في العاشرة أو التاسعة .. ألا تستطيع السيطرة عليها ؟!!..
- إنها في الثالثة عشر !!..
- حقاً !!!.. كنت أظن انها أصغر بكثير ..!
- حجمها صغير و قامتها قصيرة .. لذا تبدو أصغر من عمرها ..!
تنهدت حينها : يبدو أنك تبذل مجهوداً عظيماً معها ..!
بدا عليه الهدوء للحظات ثم ابتسم في النهاية ابتسامة صغيرة : أنت محق ..! لكن ذلك ممتع أحياناً ..! صحيح أنها عنيدة و مجنونة و تصرخ طوال الوقت و غاضبة على الدوام ..! لكني اعلم أنها في الحقيقة طيبة القلب للغاية .. و أنا لم أرى في حياتي أرق من ضحكتها ..! للأسف تلك الضحكة نادراً ما اسمعها !!..
ابتسمت حينها .. فرغم أنه كان يذمها منذ قليل و يصفها بالمجنونة و ألقاب أخرى و يتحدث عن مزاجها الغريب .. إلا أنه فور أن بدأ الحديث عن حقيقتها ابتسم بلا شعور ..!
إنه يحبها بالفعل .. هذا طبيعي فهي أخته التي لا غنى له عنها بما أنها هي كل اسرته الآن ..!
كان ريكايل قد ابتسم ايضاً .. أشعر بأنه يفكر كما أفكر : لكن .. ألم تفكر بالزواج دكتور هاري .. ربما وجود شابة في المنزل قد يساعد أختك على الانتظام ..!
أومأ سلباً : لو تزوجت فستجلط زوجتي !!.. من المستحيل أن أحضر شابةً للمنزل بعد أن أغرقها بالكلام المعسول و الوعود الزوجية لأجعلها تصدم بالحقيقة المرة ..! و أنا بالتأكيد لن أترك أختي تعيش بعيداً عني و هي لا تزال في هذا السن .. خاصةً أنها تحت وصايتي و انا المسؤول عنها ..! حتى لو كانت شقة في هذه العمارة .. أنا لن ارتاح إن لم تكن عندي ..!
ابتسم له : و هذا هو الصحيح ..!
- لكن كما ترى هي لا تقدر ذلك ..! فهي تجلب لي المشاكل على الدوام ..! كما رأيت حين وصلنا كانت قد صنعت رجل ثلج في منتصف الشارع أمام البوابة فقط كي تمنع أي كان من الدخول أو المرور ..!
- لكن .. ألا ينهاها الآخرون عن ذلك ..!
- الجميع يتجنبها ..! فمثلاً لو مر احدهم بسيارته و رأى أنها تجلس عند رجلها الثلجي فسيستدير في الحال و يبحث عن طريق آخر للخروج .. إنها مشهورة في هذه المنطقة ..! و لو خرج أحد الجيران و أراد إخراج سيارته من العمارة و هي لا تزال هناك .. فهو سيفضل أن يسير إلى محطة الحافلات على أن يطلب منها الابتعاد !!..
- إنها بالعفل لا تصدق ..!
- تفعل هذا يومياً ..! و هذا ما يفقدني أعصابي كما حدث اليوم ..! و ما زاد الطين بله أني اكتشفت انها لم تأكل الوجبة التي تركتها لها هذا الصباح .. لذا انخفض السكر لديها ..! حين حملتها للشقة كي تأكل شيئاً رفضت و قالت بأنها ستأكل قطعة حلوى فقط ..! أنا لا أريدها أن تأكل الحلوى وهي لا تزال جائعة .. كما أن الحلوى لن تفيد جسدها إطلاقاً .. لكنها صرخت و قالت أنها لن تأكل شيئاً مالم تحصل على الحلوى !!.. في مثل هذه الحالات تصير طفلة بالعفل ..!
- أتحب الحلويات لهذا الحد ؟!..
- لقد كانت تدمنها من قبل أن تصاب بالمرض .. أخبرني طبيبها أن إدمانها ذاك له نسبة في تعطل البنكرياس لديها غير العوامل الوراثية ..!
بدا القلق على رايل حينها : إنها مشكلة ..!
- أنت محق ..! كانت مصدومة حين أخبرتها بأنها لن تأكل الحلويات متى شاءت .. منذ لك الوقت وهي تكرهني ..!
بقينا صامتين حينها و قد شغلت شقيقة هاري الصغرى تفكيرنا .. من كلامه واضح انها صعبة المراس و التعامل معها قد يقود إلى الجنون ..!
و لكن .. أليس ذلك مثيراً ؟!!..
ان نصف الإيجار يستحق العناء !!..
كما أني بالعفل اشفقت على حال الدكتور هاري .. لقد ساعد ريك مراراً و حان الوقت لنرد له هذا ..!
اخذت نفساً عميقاً ثم قلت : حسناً .. سوف نخوض هذا التحدي ..!
نظر إلي ذلك الوسيم بتعجب : حقاً ؟!..
أومأت إيجاباً فتابع رايل حينها : أجل .. إن الأمر يستحق المحاولة ..!
بدت الراحة على هاري حينها : رائع ..! لكن هل يجيد أحدكما ضرب الإبر أم تريدان ان أعلمكما ؟!..
أجبته حينها : أنا اعرف ..! العام الماضي كان هناك دورة تدريبية لمرض السكري أقامتها شركة ديمتري المتخصصة في ادارة المستشفيات .. و قد اجبرني ابنهم على الانضمام لها .. لقد كانت لثلاثة أشهر و قد تعلمنا خلالها كيف نضرب الإبر ..! اذكر أن أمي ايضاً ألحت علي حتى اشتركت قائلة بأن هذا قد ينفعني يوماً ما ..! لم اعتقد أن هذا اليوم سيأتي ..!
ابتسم لي حينها : هذا ممتاز .. أذاً فأنت تعرف الكثير بالتأكيد ..!
- أجل .. لقد درسنا مرض السكري بالتفصيل .. و لا أزال اذكر الكثير من الأمور ..!
- سأعتمد عليك في الاهتمام بأختي على هذا الحال ..!
- ريك سيساعدني ..!
- حالياً ريك ليده امتحانات .. لذا يبدو أنك ستبدأ وحدك ..!
قطبت حاجبي و نظرت إلى ريكايل لأجد أنه ابتسم ببرود : ربما اساعدك حين أنتهي من امتحاناتي ..!
وقفت حينها مصدوماً : هل ستتركون التعامل مع تلك الفتاة علي أنا ؟!!!..
أومأ الاثنان إيجاباً بوقت واحد !!..
وضعت يدي على قلبي حينها : مستحيل !!..
لقد جنا بالفعل !!.. أنا لم اعتد بعد على الاهتمام بنفسي كي اهتم بشخص آخر !!.. و ليس أي شخص أيضاً بل فتاة معقدة !!..
ضربت يدي بجبيني حينها .. إنها صفقة لا تعوض .. نحن بحاجة إلى المال بالفعل .. نصف الإيجار ليس مبلغاً سهلاً ..!
بتردد أجبت : حسناً .. لكن يمكنني أن أنسحب صحيح ؟!..
أومأ الطبيب الوسيم إيجاباً : أجل .. مع أني اتمنى أن لا يحدث هذا ..!
سأله ريك حينها بحماس : صحيح .. من الذي وصل لمدة أسبوع في العناية بها ؟!..
أجاب بهدوء : الآنسة ماندي من الشقة المجاورة لكما ..! لقد كانت الأمور تسير على ما يرام .. لكن المشكلة أن أختي تستفزها دوماً .. و ترفض ان تستمع لها إطلاقاً .. لذا قالت ماندي بأن الأمر ان اتسمر على هذا الحال فقد يزيد حال تلك المجنونة للأسوأ ..! لقد كانت الانسة قلقة عليها و لم تهتم كثيراً بأمر المال ..!
- يبدو أنها شخص لطيف ..!
- أجل .. رغم أن مظهرها لا يوحي بذلك ..! آه صحيح .. لقد جاءت إلى هنا هذا الصباح و قامت بتعطير المكان حين علمت بأن هناك من سيسكن هنا ..!
- بالعفل لاحظنا أن هناك رائحة عطرية حين دخلنا .. يجب علينا شكرها على هذا ..! اتعيش وحدها ؟!..
- أجل .. فهي طالبة جامعية في الثالثة و العشرين ..! اسرتها تعيش خارج باريس .. لذا انتقلت إلى هنا من أجل الدراسة ..!
- هكذا إذاً ..!
وقف هاري عندها وهو يقول : علي أن اذهب للعمل الآن ..!
سألته حالاً : ماذا عن أختك ؟!..
ابتسم لي : إنها نائمة .. لن تستيقظ قريباً على ما اعتقد ..! إبرتها القادمة في السابعة مساءاً و حينها سأكون قد عدت من العمل ..! وضيفتك الجديدة ستبدأ في الغد ..!
أومأت إيجاباً و انا اشعر بنوع من التردد : حسناً .. نراك فيما بعد ..!
خرج حينها من الغرفة وهو يقول : بالنسبة لصناديقكم التي في السيارة فسأتركها قرب المصعد ..!
لحق به ريك حينها : سآتي معك و اصعد بها ..!
خرج الأثنان حينها فبقيت أنا وحدي ..!
أخذت أنظر حولي إلى المكان .. إنه بسيط و صغير .. لكنه مريح للأعصاب ..!
إنه منزلك الجديد لينك .. هنا حيث ستعيش مع أخيك منذ الآن فصاعداً ..!
شعرت بالسعادة حينها .. هناك أمور جيدة بدأت تحدث في حياتي ..!
و لكن .. ماذا سأفعل بشأن شقيقة هاري ؟!..
كيف سأتصرف معها يا ترى ؟!..
أخذت نفساً عميقاً .. علي أن اعرف أولاً طبيعتها أكثر حتى اعرف السبل الموصلة للتعامل الصحيح معها ..!
لقد رأيت بنفسي كم كانت شرسة مع أخيها منذ قليل .. أيعقل أن تفعل بي هذا أيضاً ؟!..
طردت هذه الفكرة من رأسي حالاً ..!
سأجد طريقة لأتصرف معها .. أنا واثق من هذا ..!
مضت بضع دقائق و أنا أفكر حتى قطع تفكيري صوت ريك وهو ينادي : لينك .. تعال و ساعدني في حمل الصناديق ..!
وقفت حينها و خرجت من الغرفة : ها أنا قادم ..!
لأترك التفكير في تلك الفتاة جانباً .. علي الآن أن أقوم بترتيب ما في تلك الصناديق و وضعها في مكانها ..!
.................................................. كانت الساعة الرابعة و نحن لا زلنا نرتب اشيائنا في انحاء منزلنا الجديد ..!
ريك كان يجلس أرضاً يقوم بكي الملابس كي نعلقها في الخزانة .. بينما انا ارتب الاشياء التي كانت في الصناديق ..!
فتحت احد الصناديق حينها فكان اول ما استقبلني هو تلك الصورة .. صورتي مع والدي جاستن و إلينا حين كنت في الثانية من العمر .. أين أضعها يا ترى ؟!..
ربما في غرفة النوم .. لأني لو تركتها في غرفة الجلوس فقد يسأل احدهم عنها ..!
نظرت حينها إلى ريك الذي كان بقربي على الأرض : ريكايل .. ما رأيك لو وضعنا الصورة التي لنا مع والدينا في اطار و تركناها في غرفة المعيشة ؟!..
نظر إلي للحظات و ابتسم : اقتراح جيد ..!
بدأت اخرج محتويات الصندوق : لدي الكثير من الاطارات هنا .. سأختار احدها و اخرج الصورة التي فيه و اضع عوضاً عنها تلك الصورة ..!
- لا تفعل ذلك ..!
نظرت إليه حينها لأرى الهدوء على ملامحه وهو يتابع : أعلم أن كل هذه الصور عزيزة عليك .. يمكنك أن تتركها في اطارتها .. و صورتنا سوية سوف نشتري لها اطاراً آخر ..!
اومأت ايجاباً و قد ابتسمت : أجل .. لكني بالعفل لا اعلم اين اضع كل هذه الصور ؟!..
- ضعها حيث تشاء .. المنزل واسع و هناك الكثير من الأماكن لنضع أشياءنا فيها ..!
- حسناً .. لنتابع العمل فإن بقينا نتحدث سيضيع وقتنا ..!
- محق ..!
قبل أن نستأنف عمل شيء رن جرس ما ..!
شعرنا بالتبلد للحظات .. لكننا بعدها استوعبنا بأنه جرس الشقة و ان احدهم عند الباب ..!
وقفت حينها فسأل اخي باستغراب : من يا ترى ؟!..
بهدوء أجبته : لا اعلم .. سأذهب لألقي نظرة ..!
سرت خارجاً من الغرفة الصغيرة التي كنا فيها و انا اضع في رأسي عدة احتمالات لمن هو الشخص القادم ..!
هل عاد هاري من العمل ؟!!.. أم أنه احد الجيران اتى ليرى القاطنين الجدد ؟!.. ربما جارتنا الآنسة ماندي ؟!..
اتسعت عيناي حينها .. و ربما تكون .. شقيقة هاري !!!!..
لا لا .. يستحيل أن تكون هي ..!
يفترض انها نائمة .. و حتى لو استيقظت فهي لن تأتي إلى هنا بالتأكيد فهي لا تعرفنا ..!
وصلت للباب حينها و فتحته بهدوء .. لكني لم البث ان ابتسمت : أهلاً ..!
ابتسمت لي هي الأخرى : كيف الحال ؟!.. مبارك لكما المنزل الجديد ..!
فتحت الباب على مصراعيه : شكراً لك .. تفضلي ..!
دخلت تلك المرأة حينها و هي تلقي نظرة على المكان : علمت بأنكما ستنتقلان اليوم .. عملي لن يبدأ إلا في المساء و ادوارد في المشفى منذ الصباح .. لذا فكرت أن أتي لأرى إن كنتما تحتاجان لأي مساعدة ..!
سرت معها حينها و أنا أقول : شكراً لك انيتا .. أقدر لك هذا لكن كدنا ننتهي و ليس هناك الكثير من العمل ..!
خلعت معطفها البرتقالي الثقيل لتظهر من تحته كنزة صوفية بيضاء قد حيكت فوقها بعض الزهور باللون الوردي .. و قد ارتدت بنطال جينز ازرق فاتح و حذاءً رياضي : أين ريكايل ؟!..
- أنه يقوم بكي الملابس في تلك الغرفة ..!
- لديه امتحانات أليس كذلك ؟!..
- بلا .. ستبدأ الأسبوع القادم .. للأسف وقته ضيق خاصة أنه لم يدرس شيئاً منها لذا هو مضطر لفهم الدروس و استرجاعها في هذه المدة القصيرة ..!
سارت حينها إلى تلك الغرفة الصغيرة و أنا خلفها .. حين انتبه لها ريك ابتسم : أهلاً أنيتا ..!
بادلته تلك الابتسامة وهي تقول بمرح : كيف حالك ريكايل ؟!.. و كيف حال الدراسة ..!
- حالي جيدة .. لكن الدراسة ليست كذلك .. علي بذل مزيد من الجهد ..!
- لا ترهق نفسك .. و إلا فإنك ستمرض و حينها لن تستطيع تقديم الامتحانات ..!
أومأ إيجاباً وهو يقول : أعرف هذا .. أدعي لي بأن أنجح فقط ..!
- بالتأكيد سأفعل ..! ما رأيك الآن أن تذهب لاستذكار دروسك و تترك بقية هذا العمل علي ..!
بدا عليه التردد : لكن ....!
نظر إلي حينها فأجبته ببساطة : لقد جاءت للمساعدة .. لذا يمكنك أن تذهب و لا تضيع الوقت ..!
وقف حينها وهو يقول : شكراً أنيتا .. إنها مساعدة عظيمة بالفعل ..!
اجابته و هي تجلس مكانه : لا عليك .. المهم أن تركز على دروسك ..!
أومأ موافقاً و خرج من الغرفة ناحية غرفة الجلوس حيث ترك الحقيبة التي تحتوي على أوراقه و كتبه ..!
اني اتمنى أن ينجح بالعفل لكي لا يضطر لإعادة السنة كاملة : هل سينجح يا ترى ؟!..
نظرت إلى أنيتا التي تساءلت بقلق و ابتسمت لها : لقد فعلها مرتين من قبل السنة الماضية .. لذا لا تقلقي كثيراً بشأنه ..!
بدا أن كلامي طمأنها فبدأت بالعمل بصمت .. أنا أيضاً عدت لعملي و قد وضعت تلك الأشياء التي في الصناديق في مكانها .. إلا أني قررت ترك الصور آخر ما أعلمه لأني لم أجد لها مكاناً بعد ..!
.................................................. ....
كانت الساعة تشير إلى السادسة و النصف ..!
لقد انهينا جميع الأعمال .. حتى تلك الصور وجدت مكاناً لها ..!
كنت أقف قرب الباب و ريك خلفي نودع انيتا التي سيبدأ دوامها في الثامنة مساءاً و عليها العودة لمنزلها الآن كي تستعد ..!
حين خرجت من المنزل بدا ان شيئاً ما لفت نظرها فوقفت تنظر للحظات ..!
شعر كلانا بالفضول فخرجنا لنرى ما يحدث لكن لا شيء هناك ..!
باستغراب سأل ريك تلك التي شردت بذهنها : ما بك ؟!..
انتبهت له حينها و ابتسمت : عذراً .. لقد رأيت أخت هاري الصغرى و هي تنزل من الدرج .. كنت أود إلقاء التحية عليها ..!
لم نعلق على الأمر فسارت حينها ناحية المصعد : ربما التقيها في الأسفل ..!
لوحت لنا مودعة و نزلت بالفعل ..!
سألت بهدوء : ألاحظت نظرتها الغريبة ؟!..
- أجل .. هذا يدل أن جنون تلك الفتاة يتجاوز كل الحدود ..!
- انا لا أكاد أصدق ذلك ..!
- اخبرني .. أتعتقد أنك ستستطيع التعامل معها ؟!..
- لقد قررت في داخلي .. سوف أعرف ما هي العقدة التي تعاني منها هذه الفتاة .. و من خلال هذا سأفهمها ..!
- ذلك صعب .. أخوها ذاته لم يستطع أن يفهمها ..!
استندت إلى السور أمامي : أني بالفعل احتاج نصائح ليديا الآن ..!
ابتسم ريك بسخرية : هل عرفت قدرها بعد أن فقدتها ؟!..
- أنا أعرف قدرها مسبقاً .. إنها عزيزة علي و يحزنني فراقها ..! و لكن على الحياة ان تستمر ..!
- أخبرتك أني لن أتدخل بقراراتك بخصوص هذا الموضوع .. لكني بالفعل أشفق على ليديا التي كانت مقربة منك ..!
- لا عليك .. هي ايضاً تفهمت الموضوع ..!
كنت أرى أنيتا و هي تسير مغادرةً البوابة .. أعتقد أنها ستذهب لموقف الحافلات القريب من هنا ..!
العمارة وسط الحي و يجب عليها السير حتى تصل للشارع الرئيسي ..!
لكن .. لحظت شيئاً آخر : ريك أنظر !!..
ببرود قال : أكره المرتفعات .. لن أقترب من السور ..!
أمسكت بيده و سحبته حالاً : يجب أن تنظر ..!
صرخ حينها بخوف : أتركني أتريد قتلي !!..
لكن الصدمة ألجمته للحظة فسألت : أترى ما أرى ؟!!..
بصدمة قال : إنها غير معقولة ..!
كان يقصد شقيقة هاري الصغرى .. فقد وقفت تلك الفتاة الغريبة أمام البوابة و بدأت بصنع رجل ثلجي !!!!..
بقينا نراقبها لوقت .. لقد أنهت صنعه بالفعل ثم خلعت وشاحها و لفته حول الكرة الصغيرة في الأعلى و التي يفترض أنها الرأس و جلست بقربه مستندةً إليه : هل ستعيد المنوال نفسه ؟!..
هكذا سأل ريك فأجبته بهدوء : يبدو كذلك ..!
- هناك أطفال آخرون في الساحة ..!
- اعتقد أنهم ابناء العائلات هنا ..!
سار بعدها عائداً للشقة : سأعود لاستذكار دروسي ..!
دخلت خلفه لكني توجهت لغرفة النوم و إلى الخزانة بالتحديد ..!
أخرجت معطفي الجلدي الأسود من خزانتي و ارتديته و أنا أقول : ربما يفضل أن ألقي نظرة على ما يحدث في الأسفل ..!
بالعفل مررت من غرفة الجلوس و أنا أقول : سأخرج لبعض الوقت .. لن أتأخر ..!
سأل ريكايل باستغراب : إلى أين ستذهب ؟!..
أجبته و انا ارتدي حذائي : سأنزل قليلاً .. لا اعتقد أني سأغادر العمارة .. أتأتي معي ؟!..
- لا .. لكن احضر لنا شيئاً نأكله فقد بدأت اشعر بالجوع ..!
- حسناً ..!
خرجت حينها من الشقة مغلقاً الباب من خلفي ..!
و حين نظرت من السور كانت تلك المجنونة لا تزال هناك عند رجلها الثلجي و قد كانت هناك سيارة في الشارع ..!
لكن تلك السيارة لم تلبث أن استدارت ليغير سائقها طريقة .. واضح أنه يعلم بأن هذه الفتاة المجنونة لن تتحرك من هنا ..!
لكن ما تقوم به خطر .. لو جاء شخص ما لا يعرفها فقد يتشاجر معها و ينتهي به الأمر إما بضربها أو بدهسها ..!
ربما يجب أن اذهب و اتحدث معها بهذا الشأن ..!
قررت ان انزل من الدرج عوضاً عن المصعد ..!
بينما أنزل كانت الأدوار الخمس متشابهة للغاية .. لم التقي احدهم في طريقي و لكني رأيت اثنان يتحدثان في احد الطوابق و لم ينتبها لي ..!
الهدوء هو الوضع السائد .. هذا يشعرني بالاطمئنان ..!
وصلت أخيراً إلى الدور الأخير .. أنه مجهد للغاية فأقصى ما كنت انزله مسبقاً هو ثلاثة أدوار كما اني كنت استعمل المصعد دوماً ..!
حين وصلت للردهة الصغيرة في الاسفل حيث بوابة الخروج من المبنى إلى الساحة فتح باب المصعد أمامي و خرج منه شخص ما ..!
عجوز قصيرة القامة عرجاء الحركة لها شعر ابيض يميل للرمادي من شدة الشيب يمكنني القول انها في السبعينات من العمر و ترتدي نظارة دائرية العدسات ..!
لقد انتبهت لي حينها و اخذت تحدق بي بشكل غريب ..!
اقتربت عندها مني فلم اجرأ على الحركة من ارتباكي و ما زاد الطين بلة أنها أخذت تنظر إلي من الأعلى للأسفل بنظرات متفحصة بعينيها الضيقتان المحاطتان بالتجاعيد ثم حدقت بعيني وهي تقول بصوت مبحوح لهرم حبالها الصوتية : أأنت من أصدقاء تلك الصاخبة ؟!!..
ترددت للحظات .. أي صاخبة هذه ؟!.. أنا لست صديقاً لأحد هنا ..!
قبل أن أرد عليها قالت : لا .. أنت تبدو أفضل من اصدقائها المقرفين !!..
لم أجد ما أجيب عليها به .. لكن نظرتها تلك تغيرت و بدت هادئة و قد ابتسمت قليلاً وهي تقول بنبرة مريحة أكثر من سابقتها : هل جئت لزيارة أحدهم ؟!..
أومأت سلباً و قد سكن قلبي المضطرب : لا .. سأسكن هنا .. في الدور الخامس ..!
- هكذا إذاً .. أنت القاطن الجديد الذي تحدث عنه ذلك الاحمق ..!
لم أعلم من تقصد بالأحمق .. لكن بالتفكير بالأمر فلا احد يعلم اني سأسكن هنا سوى هاري ..!
تابعت تلك العجوز : اتسكن وحدك يا بني أم مع والديك ؟!..
أجبتها بهدوء : لا .. مع أخي ..!
اتسعت ابتسامتها و بدت سعيدة لسبب أجهله : هذا رائع .. لا يزال شباب مثلكم يهتمون لأخوتهم .. إذاً الدنيا بخير ..!
ربما تقصد أن معظم الشباب الفرنسين ينفصلون عن اسرهم في هذا السن و تتغير علاقتهم بأخوتهم حتى تصير سطحية أو منسية ..!
سألت العجوز حينها : ما اسمك يا بني ؟!..
- لينك براون ..!
- لينك يا له من اسم جميل ..! العجوز الواقفة امامك تدعى مادلين ماربت .. ينادونها الجدة مادلين هنا ..!
- تشرفنا أيتها الجدة ..!
- أرجوا أن تكون مرتاحاً بالسكن هنا ..!
- اه .. بالتأكيد .. شكراً لك ..!
- و الآن .. أراك فيما بعد يا بني .. ان احتجت اية مساعدة فشقتي في الدور الثالث ..!
اومأت لها موافقاً فسارت خارجةً من المبنى ..!
انها عجوز لطيفة .. لكن يبدو أنها تدقق على اشياء كثيرة فقد استلطفتني حين علمت اني اعيش مع أخي ..!
لقد وصفت هاري بالأحمق .. و وصفت احداهن بالصاخبة رغم أني لا أعلم من تقصد بالضبط ..!
تنهدت حينها .. أرجوا أن يكون الجميع بنفس لطفها ..!
خرجت من المبنى و بدأت السير على جانب طريق السيارات .. حيث على يساري المربض و على يميني ساحة اللعب ..!
كنت أرى أمامي هناك خارج البوابة الكبيرة شقيقة هاري التي لا تزال تجلس عند رجلها الثلجي ..!
هل اتحدث إليها ؟!..
ربما علي أن أفعل ذلك ..!
قبل ان اتقدم خطوة واحدة سقطت كرة أمامي .. أخذت احدق بها للحظات ثم انحنيت و التقطتها : أيمكنك أن تعيد لي الكرة ؟!..
التفت إلى اليمين لأجد ولداً يبدو في السادسة من العمر بشعر بني فاتح و عينان عسليتان و ابتسامة بريئة .. ابتسمت له و أعطيتها له : تفضل ..!
اخذ الكرة وهو يقول : شكراً لك ..!
راح يركض عائداً إلى الملعب مع اصدقائه و قد سمعت احدهم يناديه لوسيان .. اسم لطيف للغاية ..!
تابعت سيري ناحية البوابة و قد عقدت العزم على التحدث إلى شقيقة هاري الصغرى المجنونة ..!
و بالفعل .. بعد عدة خطوات ها أنا أقف أمامها ..!
رفعت عينيها العابستين و أخذت تحدق بي باستياء بينما بقيت أنا أنظر إليها ببرود ..!
بعد لحظات سألت : ماذا تريد ؟!..
جلست القرفصاء أمامها و أنا أقول : لما تجلسين هنا في منتصف الشارع ؟!.. هناك ساحة لعب في الداخل ..!
ببرود قال : لا شأن لك ..! ثم من أنت ؟!.. أنا أراك للمرة الأولى ..!
كنت أشعر أني قد رأيت هذه الفتاة من قبل لكنني تجاهلت هذا .. و بما انها تراني للمرة الأولى فأنا بالتأكيد أراها للمرة الأولى : أنا جاركم الجديد ؟!..
اخذت تحدق بحذر ثم قالت بتردد : لا تقل لي أن ذلك الأحمق تحداك ؟!..
ابتسمت حينها : بلا .. و قد قبلت التحدي ..!
أوشحت بوجهها و هي تقول : أهذا ما دفعك للقدوم و التحدث معي ؟!.. أنصرف من هنا ؟!..
بذات ابتسامتي : لكني أريد أن أكون صديقاً لك ..! أنت تبدين فريدة من نوعك ..!
لوهلة اعتقد ان وجنتيها توردتا .. لكن ملامحها العابسة لا زالت كما هي : ما اسمك ؟!..
- لينك براون ..!
- أتعيش وحدك ؟!..
- لما السؤال ؟!.. ستعرفين قريباً ..!
- لأني لا اثق بشاب يعيش وحده ..!
- لكني مسالم للغاية .. كما أني أعيش مع أخي و لست وحدي ..!
- أين أمك و أبوك إذاً ؟!..
- لقد فقدتهما منذ طفولتي ..!
- هكذا إذاً ..!
بدا عليها الهدوء وقد شردت بذهنها و على وجهها ملامح حزينة .. إنها مسالمة نوعاً ما ..!
شعور في قلبي و أنا أنظر إليها هكذا يجعلني انفي كل ما قاله عنها هاري اليوم ..!
هه .. هل صرت حساساً لدرجة فهم شخص ألتقيه للمرة الأولى ؟!..
من يدري فالفترة الماضية كانت من أكثر الفترات حساسية في حياتي ..!
شردت بذهني للحظات و أنا أفكر في هذه الفتاة .. التحدي الجديد في حياتي ..!
اتساءل فعلاً إن كنت قادراً على تجاوزه ؟!.. لكني أتمنى هذا ..!
ليس من أجل نصف الإجار فقط .. بل هناك شيء في داخلي لا أستطيع شرحه يحثني على العمل بجد في هذا التحدي الغريب ..!
اه صحيح .. أنا لا أعرف اسمها بعد ..!
قبل أن أنطق حرفاً سمعت صوت سيارة بالقرب منا و ما إن نظرت حتى رأيت سيارة هاري التي توقف هنا ..!
فتح الباب و نزل من السيارة وهو يقول بصوت مرتفع كي نسمعه : كيت .. أبعدي رجلك الثلجي حتى استطيع العبور ..!
بانزعاج صرخت : لن أفعل !!..
يا لها من شرسة ..!
لكن أخاها ذاك ابتسم حينها : لقد أحضرت الكعكة ..!
لم يكد يكمل كلمته تلك حتى وقفت بحماس و سعادة : حقاً ؟!!..
أسرعت بركل رجل الثلج ذاك ثم ركضت إلى داخل السور وهي تقول : سأجهز المائدة !!..
كنت مصدوماً منها بالفعل ..!
مزاجها المتعكر انقلب في لحظات فقط ..!
كان الدكتور هاري قد وقف بقربي و اخذ يواسي الثلوج بالأرض ويحمل الوشاح الذي وضعته حول رقبة الرجل الثلجي وهو يقول باستياء : ركلته فقط و هربت .. لما لم تكمل أجرها و تواسيه .. سأقضي الشتاء بأكمله مع رجالها الثلجين على هذا الحال .. تلك الفتاة ..!
التفت اليه بهدوء : إنها غريبة .. لقد تغير مزاجها بالكمال ..!
تنهد حينها بتعب : فقط من أجل كملة " الكعكة " ..! أرجوا أن لا يكون السكر مرتفعاً لديها الآن .. إن كان كذلك فيستحيل أن أتركها تأكل حتى لا تتأذى ..! عندها سترمي بي من الأعلى بالطبع ..!
ابتسمت له بهدوء : تبدو مسالمة رغم كل ذلك ..!
نظر إلي باستغراب : أأنت جاد ؟!..
- أجل .. لقد كانت هادئة حين تحدثت إليها منذ قليل ..!
- أنت لم ترى الويل منها بعد ..!
- لكني متحمس من أجل التعامل معها بدأً من الغد ..!
ابتسم هاري عندها : يسعدني سماع هذا ..! عموماً اسبقني الآن و أخبر ريكايل أنكما مدعوان لتناول الكعك عندنا ..! لقد وعدت كيت بكعكة كبيرة .. و بما أني أحضرتها فيستحيل أن نأكلها وحدنا .. و إن تركت باقيها في الثلاجة فستقضي هي عليها في الغد و هذا هو الموت بعينه ..!
ضحكت حينها بلا شعور : يا لك من ماكر هاري ..! بالتأكيد ستغضب إن رأت أنها ستحصل على قطعة أصغر مما كانت تعتقد ..!
- لا يهم .. لقد نفذت وعدي لذا لا يحق لها الاعتراض ..!
- أعتقد أنك محق .. شكراً على الدعوة إذاً ..!
سار هو ناحية سيارته وهو يقول : لا تتأخرا .. لديكما أقل من عشر دقائق فقط ..!
- حاضر ..!
بالنسبة لي فقد دخلت حينها إلى السور لأرى أن الأطفال لا زالوا يلعبون هنا و هناك ..!
كان هناك مقاعد طويلة على اطراف ساحة اللعب ..!
رأيت هناك الجدة مادلين تجلس و تنظر للأطفال بابتسامة .. و أيضاً بالقرب منها كانت هناك فتاة شابة تبدو في الثلاثينات و قد كانت تنادي بصوت مسموع : لوسيان .. احذر كي لا تسقط ..!
اعتقد أنها والدة ذلك الصغير لوسيان .. فهي تملك شعره البني الفاتح و عيناه العسليتان ذاتها ..!
كان هناك فتى يبدو أصغر مني بقليل يجلس على مقعد آخر و لم يلبث ان استلقى عليه بملل ..!
الأمر يبدو و كأنك في مجمع سكني متكامل .. هناك دكان صغير أيضاً .. ربما يجدر بي أن ألقي نظرة عليه فيما بعد ..!
كانت الشمس قد بدأت بالغروب لذا كان الجو أدفأ منه في الصباح ..!
صعدت إلى الأعلى بالمصعد و اتجهت إلى شقتنا .. و حين دخلت : لقد عدت ..!
سمعت صوت رايل الذي يبدو أنه لا يزال في غرفة الجلوس : أهلاً بعودتك ..!
بالفعل .. كان لا يزال يجلس و أمامه كتاب الفيزياء ..!
نظر إلي للحظات ثم قال : يبدو لي أنك لم تحضر شيئاً لنأكله ..!
- هاري يدعونا لتناول الكعك في منزله .. طلب مني أن لا اتأخر ..!
- إنه كرم منه .. حسناً ..!
أغلق الكتاب و وقف وهو يردف : سأبدل ملابسي فقط .. انتظرني هنا ..!



تجاوزني متجهاً لغرفة النوم بينما جلست أنا على الأريكة .. أنه يوم هادئ للغاية لكنه يوم مميز أيضاً ..!
اخت هاري اسمها " كيت " إذاً ..!
أشعر أني سمعته في مكان ما ..!
.
.
.
لحظة !!..
.
.
.
كيت .. شعر أسود .. عينان زرقاوان .. شرسة .. صبيانية .. تحب الكعك .. في الثالثة عشر ..!
.
.
أشعر أن علي التفتيش في ذاكرتي عن مشهد اجتمعت فيه هذه الأشياء ..!
.
.
.
[][][][][][][][]
.
إنني حقاً لست بخير : إذاً .. هل لي بكعكة ....!
قاطعتني صرخة غاضبة حينها : قلت لك أريد كعكة كراميل ..!
التفتت حالاً لأرى فتاة تقف أمام طاولة الطلبات حيث كانت امرأة في الأربعين تبيع وقد قالت لتلك الفتاة الصغيرة : أخبرتك أنني لن أبيعك الكعك اليوم !!..
قطبت الفتاة التي بدت في العاشرة أو أكبر قليلاً حاجبيها لتقول : هذا ليس عدلاً !!.. أنا أريد الكعك اليوم!!..
أومأت المرأة سلباً و هي تقول : مسموح لك بتناول الكعك فقط في يوم الأثنين و يوم الخميس .. لذا لن تتناوليه اليوم !!..
بدت فتاة صبيانيةً للغاية فقد صرخت حينها في وجه المرأة : سأذهب لمحل كعك آخر و آكل ما أريد !!..
تجاهلتها المرأة و هي تقول : أفعلي ما تشائين .. لكن أخاك أخبر جميع محلات الكعك في المنطقة ألا يبيعوك إلا في تلك الأيام المحددة ..!
بغضب صرخت حينها : سحقاً لك و لذلك الأخ السخيف !!!..
و خرجت من المحل صافقةً بالباب خلفها !!..
نظرت إلى النادلة حينها : من هذه الفتاة ؟!..
تنهدت بتعب و هي تقول : أشرس طفلة في المنطقة !!.. و هي تأتي إلى هنا دائماً لشراء الكعك .. لكن شقيقها الأكبر أخبرنا بأن لا نبيعها إلا في يومين محددين ..! نحن نجهل السبب و لكننا نفذنا أمر أخيها فهو شخص موثوق و تهمه مصلحتها كثيراً ..!
قطبت حاجبي باستغراب : يا لها من طفله .. أتعرفين من هي بالضبط ؟!..
أومأت سلباً و هي تقول : اعرف أن أسمها كيت و هي في الثالثة عشر .. لكني لا أعلم أين تعيش ؟!..
كيت .. لا أعلم لما لفتت نظري تلك الفتاة ..!
كانت ذات شعر أسود فاحم يصل لنهاية رقبتها .. و عينان زرقاوان جريئتان .. و ترتدي تيشيرت بلون التفاح الأخضر .. و كذلك بنطال جينز ضيق بلون أسود يصل لما تحت ركبتيها بقليل.. و هي قصيرة القامة نوعاً ما ..!!
تجاهلت أمرها فانا أراها للمرة الأولى و لا أعتقد أني سألتقيها مجدداً ..!
.
[][][][][][][][]
.
.
و ها أنت تراها للمرة الثانية يا لينك !!!..
بالعفل كانت قد جذبت نظري !!.. حتى أني قد حدثت ريك عنها ذات مرة ..!
أكان احساسي يعلم بأني سألتقيها مجدداً و في هذه الظروف ؟!!..
انه أمر لا يصدق بالفعل !!!..
.
.
بالتفكير في الموضوع .. فذلك الأخ الذي نعتته بالسخيف هو هاري نفسه !!..
يا لها من فتاة !!..
.
دخل ريك إلى الغرفة حينها : لينك .. لقد انتهيت ..!
التفت ناحيته بهدوء : اه .. حسناً هيا بنا ..!
..............................................
كان الجو متوتراً بعض الشيء ..!
فقد كنت أنا و هاري و ريك تحت ضغط هائل إثر تلك النظرات المستاءة ..!
حول طاولة الطعام الصغيرة تلك كنا نجلس سوية و أمامنا قالب الكعك بالشوكولا و هناك صحون و كؤوس زجاجية و عصير ..!
لكن أحدهم لم يكن سعيداً بهذا رغم أنه من المفترض أن يكون الشخص الأسعد ..!
وقفت تلك الكيت و ضربت الطاولة بكفيها : هاري ما المقصد من هذا ؟!..
ببرود أجابها : لقد دعوتهم لتناول الكعك بما أنهم جيران جدد ..!
- لكن الكعكة لا تكفي أربعة أشخاص .. بالكاد تكفي ثلاثة ..!
- انها كبيرة و تكفي سبعة أشخاص .. لذا لا تتذمري ..!
تركت مقعدها و ركضت ناحيته ثم أمسكت بذراعه و سحبته بقوة : إن كان على أحدهم أن يضحي من أجل حجمها الصغير فسيكون أنت !!!..
وقف حينها أثر سحبها له و هو متفاجئ من تصرفها : ماذا تفعلين يا مجنونة ؟!!..
أخرجته خارج المطبخ وهي تصرخ : لن تأكل شيئاً منها !!!..
باستياء صرخ هو الآخر : لقد اشتريتها بمالي الخاص !!..
- لا يهم !!..
- لا يعقل هذا ..!
- اذهب الآن .. لا يمكن أن تكفينا سوية !!..
- و لما أنا من يطرد ؟!!..
- أتريدني أن أطرد الضيوف يا قليل التهذيب ؟!!!!..
- لما لست أنت من يضحي ؟!..
- حينها سيكون أخر يوم في حياتك ..!
تنهد باستياء حينها .. لقد فشلت خطته في تقليص حجم كعكة هذه الفتاة : حسناً .. سأذهب لغرفتي و أراجع بعض الأوراق .. لا تأكلي الكثير ..!
لم تعره اهتماماً بل سارت عائدةً إلى مقعدها بينما قال هو بابتسامة : استمتعوا بالكعكة ..!
سار بعدها مغادراً بينما لم نملك نحن الاثنان أننطق حرف واحداً من هول ما يحدث بينما يبدو هو امراً معتاداً للأثنين ..!
جلست كيت أمامنا و نظرت إلى ريك للحظات : أنت هو أخوه أذاً .. توأم ؟!..
أومأ إيجاباً و ابتسم : صحيح .. اسمي ريكايل ..!
أمسكت بالسكين و أخذت تقطع الكعكة وهي تقول : هل انت أيضاً ضمن التحدي ؟!..
- حالياً لا .. لدي امتحانات في الفترة القادمة ..! لكن يمكنك الاعتماد على لينك ..!
نظرت إلي حينها ببرود و تابعت عملها و قد وضعت الكعك في الصحون و أعطت كلاً منا قطعة متوسطة الحجم ..!
سكبت العصير و اعطت كلاً منا كأسه و أخذت الكأس الثالث ..!
نظرت إليها باستغراب : ألن تأخذي قطعة كعك أنت الأخرى ؟!..
أمسكت بالملعقة و بدأت تأكل من القالب : لا احتاج إلى هذا ..!
نظرت إليها بصدمة : لا تقولي لي أنك ستأكلين باقي القالب ؟!!!..
نظرت إلي بعنين شرسين : أن اعترضت فأقسم أنك ستتبع هاري في الحال !!.. منذ مدة طويلة لم أكل الكعك بسببه و سأعوض هذا الآن !!.. كما أني أخذت الابرة منذ قليل غير أن سكري في الثمانين فقط ..!
اكاد أجزم أنها تعمدت عدم الأكل لكي ينخفض السكر لديها و تتمكن من أكل الكثير ..!
لحظت ملامحها السعيدة وهي تدخل الملعقة في فمها حتى أنها تكاد تصعد للسماء السابعة من شدة السعادة ..!
همس لي ريكايل عندها بابتسامة هادئة : انها مستمتعة ..!
أومأت إيجاباً و أنا أقول : حين يعتدل سكرها لن تتمكن من أكل المزيد ..!
بدأنا نحن أيضاً في الأكل .. كانت كعكة لذيذة للغاية حتى أني انهيت طبقي دون أن أشعر ..!
لقد مضت عشرون دقيقة منذ بدأنا و قد اتخمنا نحن الثلاثة فحتى كيت لم تتمكن من اكمال نصف ذلك القالب ..!
هتفت هي بسعادة حينها : لقد شبعت ..!
دخل هاري في تلك اللحظة : رائع .. لقد بقي الكثير من الكعك .. ربما علي أن أدعوا ليو و الآنسة ماندي في المرة القادمة ..!
صرخت بغضب : إن فعلت هذا فسأجن !!..
بهدوء علق : لا أعلم من الذي يفترض أن يجن هنا ..!
ابتسمت لهاري حينها : لا عليك .. لم تأكل الكثير و قد بقي بعض الكعك .. تعال و تناول البعض ..!
أومأ سلباً : لست حريصاً عليها ..!
وقف هنا ريك وهو يقول : شكراً على الدعوة دكتور هاري .. استأذنكم .. يجب أن أعود لمتابعة الدراسة .. لقد اعادت لي هذه الكعكة نشاطي ..!
- لا داعي .. يمكنكما القدوم متى ما شئتما ..!
وقفت أنا الآخر : سأرافقك رايل .. يجب أن أساعدك الآن في الدراسة فأنت تبدو في مشكلة بالفعل ..!
سرنا مع هاري ناحية الباب بينما بدأت كيت بغسل الصحون فسألت بهدوء : إنها تغسل الصحون .. هذا شيء جيد ..!
بهدوء أجابني أخوها : صحيح .. إنها تهتم بأعمال المنزل أحياناً .. و تجيد اعداد الوجبات الخفيفة أيضاً ..! لكن هذا يسير حسب مزاجها ..!
خرجنا من الشقة و ريك يقول بابتسامة : تصبح على خير دكتور ..!
- تصبح على خير .. لا تسهر من أجل الدراسة .. بل نم مبكراً و استيقظ مبكراً كي تستذكر دروسك ..!
- حسناً ..!
التفت لحظتها حين شعرت بأحدهم يسير هناك .. لقد خرج أحدهم من المصعد ..!
شابة أطول مني بقليل .. لها شعر بني طويل و متجعد للغاية .. و عينان بنيتان كذلك .. ترتدي بنطال جينز طويل ضيق و حذاء ذو رقبة طويلة بلون أسود .. كانت ترتدي معطفاً طويلاً من الفرو الأبيض و قد وضعت في أذنيها سماعات متصلة بمشغل موسيقى صغير و هي تتمايل مع الأنغام و تغني بصوت مرتفع ..!
ما هذه الفتاة ؟!!.. إنها تبدو من فتيات العصر الحالي اللواتي يلاحق المغنين و لا يلبسن إلا الملابس المبهرة و طيلة اليوم في الرقص و المرح و التنقل من حفلة لأخرى ..!
انتبهت لنا حينها فخلعت السماعة و هي تقول بصوت مرتفع : مرحباً هاري ..!
ابتسم بهدوء : أهلاً ..!
تقدمت ناحيتنا و صوت حذائها يضرب في الأرض بنغمة مميزة ..!
وقفت أمامي و ريك بجانبي و نظرت ناحيتنا للحظات و قد احمرت وجنتاها : من هذان الوسيمان ؟!..
أجابها ذلك الطبيب حينها : إنهم الجيران الجدد ..!
أطلقت صرخة سعيدة و اتبعتها بعناق مفاجئ لي و لريك في اللحظة نفسها : هل سأرى هذه الوجوه الوسيمة يومياً ؟!!!.. يا لسعادتي !!.. في البداية هاري الوسيم و الآن هذان الظريفان ..!
ابتعدت عنا لحظتها و أنا لا اكاد استوعب ما حدث للتو فقد اتسعت عيناي و قد شعرت بحرارة في وجهي و جسدي كله ..!
بدت عليها السعادة وهي تسأل : أنتما توأمان ؟!.. رائع ..! ما أسماءكما ؟!..
أجاب هاري عوضاً عنا : إنهما لينك و ريكايل براون ..!
- رائع .. كم هما رائعان ..!
نظرت إلينا و تابعت بمرح : أنا ماندي تايلر .. سعدت برؤيتكما ..!
.
.
.
مستحيل !!..
.
.
الآنسة اللطيفة التي قامت بتعطير شقتنا هذا الصباح من أجلنا و التي حطمت الرقم القياسي في العناية بكيت .. هي هذه الصاخبة ؟!!!.
.
.
لم نملك ما نقوله .. حتى " تشرفنا " ضاعت حروفها من الصدمة و الاحراج ..!
لكن تلك الآنسة سارت بعدها ناحية مكان آخر و هي تقول : تصبحون على خير يا أعزاءي .. لدي امتحان غداً يجب أن أدرس له ..!
اخرجت مفتاح من حقيبتها الكبيرة و دخلت إلى الشقة المقابلة و قبل أن تدخل رأسها تماماً ارسلت لنا قبلة هوائية مما جعلني أشعر بالحر فعلاً و اكاد أجزم أن وجهي الآن كحبة بندورة ناضجة ..!
نظرت بطرف عين إلى رايل لأجد أنه قد اوشح بوجهه و الاحراج بادٍ عليه كما كانت وجنتاه محمرتان للغاية و بقية وجهه قد اكتسب اللون الوردي ..!
ربت احدهم على كتفينا و ما ان التفت حتى كان هاري يقول بابتسامة هادئة : لا عليكما .. ستعتادان عليها .. صحيح أنها صاخبة و جريئة لكنها طيبة و يعتمد عليها ..!
رفع رايل يده إلى جبينه و هو يتمتم : لقد طار كل ما حفظته من معلومات منذ الصباح !!..
كتمت ضحكتي حينها .. أعلم أن ريك محرج أكثر مني فأنا في المجتمع النبيل قد واجهت مواقف مشابهة عدة مرات .. لكن ليس فتاة أكبر مني سناً ..!
ودعنا الدكتور هاري و دخلنا إلى شقتنا ..!
ريك بدأ يستذكر دروسك فجلست بجانبه : يجب أن أساعدك ..!
نظر إلي بهدوء : فيما تساعدني ..!
- اعطني كتاب الرياضيات .. سألخص لك القواعد ..! لقد درست كل هذا في الترم الأول لذا يمكنني أن الخصه لك بشكل أوضح من الكتاب ..!
- اعتقد أن هذا سيساعدني بالفعل ..!
أمسكت بكتاب الرياضيات و أخذت احد الدفاتر الفارغة من الحقيبة و بدأت بعملي ..!
هكذا قضينا بقية اليوم في الدراسة ..!
................................................ استلقيت على السرير بتعب .. لقد كان يوماً شاقاً ..!
الساعة تشير إلى الثانية عشر ..!
رمى ريك بجسده على السرير الآخر : حان وقت النوم ..!
ابتسمت بهدوء : لاشك أن دماغك مرهق ..!
استلقى على جانبه و نظر إلي : أجل .. اخشى أني إن أدخلت معلومة أخرى فسأجن ..!
- يجب أن تنام بعمق حتى تريح دماغك و ذاكرتك ..!
- انت أيضاً .. لقد عملت بجد في الترتيب اليوم رغم أنك لم تعتد على هذا ..!
- لم يكن العمل صعباً ..! لا زال لدي الكثير لأعتاد عليه ..!
- بالمناسبة .. أين وضعت الصور ؟!!..
مددت يدي إلى الخزانة الصغيرة بقرب سريري و فتحت الدرج السفلي : هنا ..!
بدا عليه الاستغراب : لكن ..! ألا بأس لديك بهذا ؟!!..
جلست حينها بعد أن أغلقت الدرج و اجبته بابتسامة : إن تركتها أمام ناظري طيلة اليوم فلن أنجز شيئاً .. يمكنني النظر إليها من فترة لأخرى ..!
بادلني تلك الابتسامة : إنك أقوى مما توقعت ..!
- بالتأكيد .. فأنا أخوك الكبير ..!
- ألن تتوقف عن ذكر هذا طيلة الوقت ؟!..
- لا .. فأنا بالفعل الأخ الأكبر هنا ..!
- حسناً أيها الأخ الأكبر .. الا تعتقد أن وقت النوم قد حان ..!
وقفت و اتجهت إلى مفتاح الضوء ثم أغلقته و أنا أقول : تصبح على خير ..!
سحب الغطاء على جسده وهو يقول بصوت ناعس : تصبح على خير ..!
انا ايضاً عدت لسريري و سحبت الغطاء على جسدي ..!
ليلتنا الأولى في منزلنا الجديد .. يبدو أنها ستكون ليلة شتوية هادئة ..!
...................................
سنتوقف هنا اليوم

و من هنا سنبدأ أيضاً بأحداثنا الجديدة ..!

أتمنى أن تكون البداية قد نالت على استحسانكم ..!

نتجه للأسئلة

حياة لينك بدأت من جديد و هذه المرة بصحبة ريكايل .. كيف ستكون ؟!..

كيت تحدي جديد في حياة بطلنا .. هل سيتمكن من تجاوزه ؟!..

ايمكن أن يظهر شيء يعيد لينك للماضي مجدداً ؟!.. أم ان ذلك الماضي قد تم طوي كتابه للأبد ؟!..

ما رأيكم بالبارت ؟!..

و ما رأيكم بكيت الفتاة الجديدة ؟!..

توقعاتكم للأحداث القادمة ؟!..

..................

المقتطفات :

نظرت بصدمة إلى ريك المبتسم بينما أجابه ذلك الرجل : صباح الخير يا ريكايل ..!

هذا ما تمتمت به فهتف ريك برعب : ليس تلك الماندي ثانيةً ..!

لكنه بجد رد عليه : ليسوا مضطرين لذلك ..! ذلك الفتى أقوى من أن يقلق عليه أحد ..!

بسخرية قالت : اعتقدت أنه هرب مع عشيقته أو شيء من هذا القبيل ..!

غطت وجهها بكفيها بخجل : آه لو كنت أصغر بعامين فقط ..!

حسناً .. لدي مهمة جديدة الآن .. وهي بعنوان " أقنع ليو أن يبيت عندك " ..!

لكنه عندها سأل بشك سؤالاً كاد يوقف قلبي : أيعقل أنك .. لينك مارسنلي الهارب !!!..


..................


و الآن .. ترقبوا للبارت الثاني من الموسم الثاني


في حفظ الله



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 25-12-15 الساعة 02:31 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 10:16 PM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 2

صباح اليوم التالي .. و قد كانت الساعة تشير إلى السابعة ..!
كنت في المطبخ اتفقد ما فيه .. لقد نسيت كلياً أنه لا طعام هنا .. فنحن لم نتناول العشاء بالأمس بحجة أن تلك الكعكة اصابتنا بالتخمة ..!
دخل ريك عندها و هو يقول : يبدو أننا سنخرج للتسوق ..!
التفت إليه بهدوء : ألن تبدأ بالدراسة ؟!..
- لن أبدأ بمعدة خاوية مهما حدث ..!
- لقد رأيت دكاناً في الأسفل .. أعتقد أنه بإمكاننا شراء بعض الفطائر المغلفة منه ..!
- اه حسناً .. سأحضر سترتينا ..!
اغلقت باب الثلاجة و أنا أقول : نحن حتى ليس لدينا أواني لنطهي شيئاً بها ..!
تنهدت عندها : هناك الكثير من الأشياء التي تنقصنا .. أعتقد أن ريك لا يملك الوقت للتسوق و أنا ليس لدي خبرة في الأمر .. حتى خالتي لن تعود إلا في صباح الغد و إلا لكنت طلبت المساعدة منها ..!
سمعت نداء ريك عندها : لينك هيا .. لنخرج الآن ..!
خرجت من المطبخ : ها أنا خلفك ..!
ناولني سترتي السوداء فارتديتها و ارتديت حذائي الرياضي ثم خرجنا سوية ..!
أغلقت الباب عندها دون أن أقفله : لنستقل المصعد ..!
- ربما الدرج أفضل ..!
التفت إلى ريك باستغراب : لما ؟!..
- أنظر إلى الساعة .. الناس الآن يذهبون لمدارسهم و أعمالهم .. لا شك أن المصعد الآن مزدحم ..!
- وجهة نظر جيدة .. إذاً للنزل الدرج ..!
بدأنا بالنزول بالفعل و نحن نتبادل الأحاديث فقد سأل ريك : أتعتقد أن كيت ذهبت لمدرستها ؟!..
بهدوء أجبته : لا أعلم .. ربما تكون كذلك ..!
- إنها في الإعدادية صحيح ؟!..
- أجل ..!
- إذاً ليست في ذات مدرستنا ..!
- اعتقد هذا ..!
كنا عندها قد تجاوزنا الدور الرابع و نحن في الطريق إلى الثالث : توقف !!.. ليو توقف !!!..
التفتنا إلى الخلف إثر ذلك الصراخ لنرى ذلك الفتى الذي ينزل الدرج بسرعة و كأنه يهرب من شيء ما !!..
تجاوزنا عندها و قفز بقيت الدرج في لحظات !!..
لا زال هناك صوت ينادي : ليو أحذر .. ستسقط إن ركضت هكذا !!..
توقف ذلك الفتى و نظر للأعلى و صرخ بغضب : سيكون هذا بسببك أنت يا مجنونة !!..
ركض بعدها متابعاً طريقة !!..
بينما نظرت أنا و ريك بتلقائية للأعلى لنرى تلك المرأة التي أطلت برأسها من الدور الرابع ..!
تلك المرأة .. لقد رأيتها بالأمس قرب ساحة اللعب .. أجل لقد كانت تنادي ذلك الطفل لوسيان .. أهذا ابنها الآخر يا ترى ؟!!..
مستحيل ..! لقد دعاها بالمجنونة !!..
ربما أخوها الأصغر ؟!..
لكنه لا يشبهها ..!
تلك المرأة صرخت باستياء و الواضح أنها تكاد تبكي : أنت ولد سيء و أنا لم أعد أحبك .. لن أكلمك بعد الآن !!.. لن أطعمك من الحلوى .. سأعطي لوسيان فقط !!..
ما القصة ؟!..
ذلك الفتى هرب بعيداً و هو يصرخ : سيكون هذا يوم سعدي ..!
بينما عادت المرأة أدراجها و هي تبكي ..!
هدأ الجو عندها فتابعنا سيرنا إلى الأسفل دون أن نعلق على الأمر ..!
ذلك الفتى بشعره الذي يملك لون التوت الأزرق القاتم و عيناه كذلك .. لقد رأيته بالأمس أيضاً قرب ساحة اللعب و هو يستلقي على احد المقاعد ..!
يبدو أنه يرتدي ثياب المدرسة قبل قليل .. اعتقد أنه في الخامسة عشر .. إذاً لا يزال في الاعدادية ..!
و قبل أن نتجاوز الدور الثاني : أنا ذاهبة الآن ..!
التفت إلى مصدر الصوت لأرى فتاة صغيرة تبدو في التاسعة من العمر تحمل على ظهرها حقيبة مدرسية ..!
إنها جميلة .. لها شعر بني مموج طويل نوعاً ما و عينان ارجوانيتان واسعتان و وجه جميل متورد ..!
خرج رجل بدين من تلك الشقة وهو يقول بحماس : سأوصلك للمدرسة ..!
بانزعاج صرخت الفتاة : لا أبي .. أنا سأذهب بنفسي ..!
بدا الخوف على الأب : لكن قد ينزل الثلج و أنت في الطريق .. أنت لا تعلمين كم أنا قلق عليك ..!
خرجت امرأة خلفهما و الاستياء على وجهها : بدل أن تتبرع بإيصالها للمدرسة أسرع و بدل ملابسك كي لا تتأخر على العمل ..! دع الطفلة و شأنها فخوفك المبالغ هذا سيجعلها تحقد عليك ..!
صرخ برعب : لا يمكن أن يحدث هذا ..!
ركضت الطفلة ناحية الدرج : إلى اللقاء ماما ..!
ودعتها الأم بابتسامة : كوني حذرة ..!
لكن الأب صرخ بخوف : توقفي إيميلي .. أنا قادم انتظريني !!..
امسكت الأم بذراعه و سحبته إلى الداخل باستياء : توقف عن الصراخ ستزعج الجيران ..!
تجاوزتنا تلك الطفلة حينها و هي تقول بحيوية : صباح الخير ..!
بتلقائية قلت : صباح الخير ..!
بدأت بنزول الدرج و هي تهمهم بسعادة .. متجاهلة ما كان يفعله والداها منذ قليل ..!
- هذه العمارة .. مليئة بالمجانين ..!
هذا ما تمتم به ريك .. فتنهدت أنا بتعب : أنت على صواب في هذا ..!
واصلنا سيرنا إلى الأسف و حين خرجنا من المبنى اتجهنا فوراً إلى مكان الدكان الذي كان قريباً من البوابة ..!
كانت ساحة اللعب فارغة ..!
- آركيف .. حين تعود سجد طعامك في الفرن ..!
- حاضر ..!
التفت إلى الخلف فرأيت ذلك الطفل الذي بدا انه في العاشرة من عمره وهو يركض و يحمل حقيبته المدرسية بينما كان هناك رجل شاب بالقرب من البوابة و يبدو أنه من كان يحدثه .. أهو والده ؟!..
- أهذا هو الدكان ؟!..
التفت إلى ريك : آه .. أجل هذا هو ..!
كان مغلقاً للأسف : انه مغلق ريك ..!
- أجل .. يبدو أن الوقت لا زال مبكراً على أن يفتح ..!
قبل أن أعلق على الأمر : أتريدان شراء شيء ما ؟!..
التفت إلى الخلف حالاً ..!
كان هناك رجل خلفي .. يبدو في الثامنة و الأربعين من عمره و هو طويل القامة و ذو جسد متناسق .. لديه شارب بني و عينان بنيتان .. يرتدي قبعة صوفية و لا تنزل منها أي خصلة شعر : آه .. بلا ..!
تقدم قليلاً فابتعدنا عن طريقه .. فتح الدكان عندها بمفتاح كان في جيبه : أنا هو صاحب هذا الدكان .. تفضلا ..!
دخل أولاً و نحن من خلفه .. و حين خلع قبعته الصوفية كان كما توقعت .. أصلع الرأس ..!
التفت ناحيتنا بابتسامة : تفضلا بشراء ما تريدان ..!
التفت إلى ريك : خذ شيئاً للإفطار ..!
أومأ موافقاً و تقدم ناحية رفوف الخبز .. بينما سأل الرجل الأصلع و قد جلس على مقعد خلف طاولة المحاسبة الصغيرة : أأنتما أخوان ؟!..
أومأت إيجاباً .. فسأل مجدداً : تبدوان في سن واحدة .. أيكما أكبر ؟!..
- نحن توأمان .. لكني أكبره بخمسة دقائق ..!
- هكذا إذاً .. لم أركما في المنطقة مسبقاً .. هل دخلتما إلى هنا لشراء شيء من الدكان ؟!..
- في الحقيقة .. لقد انتقلنا إلى هنا بالأمس ..!
- هكذا إذاً .. في الدور الخامس ؟!.. إنها الشقة الفارغة الوحيدة ..!
- أجل ..!
- أنا أيضاً اعيش هنا ..! لقد كنت شرطياً سابقاً لكني اصبت بإصابة جعلتني أترك عملي ..! شقتي في الدور الأول .. و قد استأجرت هذا الدكان للعمل به منذ ثلاث سنوات ..! يأتي الكثيرون من خارج العمارة للتبضع هنا ..!
- هكذا إذاً .. لذا اعتقدت أننا من الخارج ..!
- أجل .. أنا جاك .. ينادونني العم جاك ..!
- تشرفنا عم جاك ..! أنا لينك .. و أخي الأصغر هو ريكايل ..!
انتبهت لريك الذي سأل : لينك .. أتريد فطيرة بالجبنة .. أم بالشوكولا ؟!..
- الشوكولا ..!
- حسناً .. و العصير ؟!..
- لا بأس بالتفاح ..!
- فهمت ..!
دخل رجل آخر إلى الدكان : صباح الخير جاك ..!
أجابه العم جاك بصوته العميق : صباح الخير توماس ..!
التفت إلى الخلف لأرى ذلك الرجل العجوز الذي يبدو في الستينيات ربما ..!
و قبل أن يقول أحدهم كلمة واحدة : صباح الخير ايها الجد توماس ..!
نظرت بصدمة إلى ريك المبتسم بينما أجابه ذلك الرجل : صباح الخير يا ريكايل ..!
باستغراب سألت : أتعرفه ريك ؟!..
أومأ إيجاباً بابتسامة : أجل .. لقد ساعدني في الأمس بحمل الصناديق من سيارة هاري إلى المصعد ..!
هكذا إذاً .. لقد اعتقدت أنه يعرفه من قبل فريك لم يغادر الشقة بالأمس ..!
نظر ذلك الرجل المدعو توماس إلي وهو يقول : ها هو أخوك إذاً .. أنتما توأمان ..! أسمك لينك ؟!..
أومأت إيجاباً باستغراب .. فلا احد ذكر اسمي منذ دخل هذا الرجل ..!
ابتسم لي عندها : حدثتني زوجتي عنك .. لقد قالت انك تسكن مع اخيك فعلمت أنك شقيق ريكايل ..!
زوجته ؟!.. من هي ؟!..
سألت بتردد : زوجتك ؟!..
أومأ إيجاباً بذات ابتسامته : أجل .. زوجتي مادلين ..!
مادلين ؟!!..
هتفت عندها : الجدة مادلين ؟!!!.. هي زوجتك ؟!..
أومأ إيجاباً فتدخل العم جاك عندها : أنه يبدو أصغر منها بكثير صحيح ؟!.. لكن قد تصدم إن علمت أن هذا الرجل أمامك سيلامس الثمانين قريباً ..!
نظرت إلى ذلك الرجل مجدداً .. صحيح أنه يبدو يبدوا عجوزاً لكن ليس إلى حد الثمانين : هذا مفاجئ .. ظننتك أصغر ..!
- في شبابي كنت بطل ألعاب قوى .. و هذا ما حافظ على صحة جسدي إلى هذا العمر ..!
ابتسمت له عندها : الرياضة هي أفضل شيء للجسد ..!
بالفعل .. من يرى جسده القوي و قوامه المستقيم لن يتوقع أن هذا هو عمره الحقيقي ..!
كان ذا شعر ملأه الشيب بلون ابيض مائل للرمادي .. وجه به بعض التجاعيد و تظهر عليه ملامح الوقار و عينان ضيقتان سوداوان ..!
وضع ريك ما أراد شراءه على طاولة المحاسبة فبدأ العم جاك بحسابها ..!
بينما أخذ الجد توماس يتجول في ذلك الدكان الصغير و المليء بالمواد الغذائية ..!
وضع العم جاك ما اشتريناه في الكيس وهو يقول : بما أنكما زبونان جديدان فسأخصم لكما هذه المرة ..!
ابتسم له ريك : شكراً لك .. عم جاك ..!
دفع الحساب و خرجنا بعدها لنعود للشقة : انهما شخصان لطيفان .. العم جاك .. و الجد توماس ..!
هذا ما قاله رايل و على وجهه ابتسامة صغيرة فابتسمت أنا الآخر : صحيح .. الجدة مادلين أيضاً .. مع أنها تبدو مزاجية للغاية ..!
- متى ألتقيت بها ؟!..
- بالأمس حين نزلت وحدي قبل الغروب ..!
- هكذا إذاً ..!
- ريك .. ذلك الفتى الذي كان يركض في الدرج .. اعتقد أن المرأة نادته ليو ..!
- بالتفكير بالأمر .. هاري ذكر أسمه بالأمس ..!
- بلا صحيح ..!
- أعتقد أننا سنتعرف على الجميع قريباً .. لا تستعجل ..!
- انت محق ..!
هذه المرة صعدنا من خلال المصعد ..!
الجو بارد : لم يكن علينا شراء العصير .. الجو بارد و من الأفضل شرب شيء ساخن ..!
بملل أجاب ريكايل : لكن ليس لدينا حتى أبريق كي نسخن الماء فيه و نصنع الشاي أو القهوة .. علينا أن نصبر بعض الوقت ..!
فتح باب المصعد فخرجنا منه و اتجهنا إلى شقتنا ..!
حين فتحت الباب : هناك رائحة جيدة ..!
هذا ما تمتمت به فهتف ريك برعب : ليس تلك الماندي ثانيةً ..!
أومأت سلباً : لا .. إنها رائحة طعام !!..
بلا شعور خلعت حذائي في الحال و ركضت إلى المطبخ ..!
و ما إن دخلت حتى استقبلتني تلك النبرة المستاءة : لقد تأخرتما ..!
دخل ريك خلفي حالاً و هتف بدهشة : كيت !!!..
أجل .. كانت تلك المجنونة تجلس خلف طاولة الطعام ..!
أمامها كانت هناك بعض أصناف الافطار من البيض المقلي و الجبنة الفرنسية .. و الأهم من ذلك .. أبريق شاي ساخن ..!
باستغراب سألت : ماذا تفعلين هنا ؟!..
بضجر أجابت : أخبرني هاري بأنكما لم تشتريا أوني للطبخ .. لذا اعتقدت أنكما ستواجهان مشكلة بالنسبة للإفطار !!.. لذا احضرت هذا لنتناول الفطور سويةً .. وجدت الباب مفتوحاً فدخلت .. و حين لم أجدكما قررت أن أنتظر حتى تعودا ..!
يا لها من فتاة !!.. لم أعتقد أنها قد تفكر بنا ..!
إن لديها جانب جيداً للغاية ..!
ابتسمت لها : هل تناولت فطورك ؟!..
أومأت سلباً : اخي خرج قبل قليل و أخبرني بأن أكل معكما ..!
- أخذتي أبرتك ؟!.. يفترض أن تكون في السابعة ..!
- لقد أعطاني إياها هاري قبل أن يخرج ..!
- متأكدة ؟!..
- بالطبع ..!
لم أستطع أن أنفي كلامها فهاري بالتأكيد كان سيطلب مني أن أعطيها إياها إن لم يكن قادراً على هذا .. غير أني لا أعلم ما كمية الأنسولين التي يجب أن أحقنها بها ..!
جلس ريك على الطاولة وهو يقول : لقد أنقذتنا بالعفل كيت .. كان من الممكن أن نتناول الفطائر المغلفة و العصير على الإفطار ..!
بهدوء قالت : بالصحة و العافية ..!
جلست بقرب رايل : شكراً لك كيت ..!
بدأنا بتناول الطعام .. إنه لذيذ فحتى البيض قد أضيفت له بعض البهارات الرائعة ..!
باستغراب علق أخي : لم أعلم أن هاري يجيد الطهي ..!
- لكن أنا من أعد هذا .. و ليس هاري ..!
نظرنا إليها بصدمة بينما كانت تحسي الشاي ..!
صحيح أن هاري ذكر أنها تجيد إعداد الوجبات الخفيفة .. لكن لم يذكر شيئاً عن مهارتها العالية في هذا ..!
- أنه لذيذ للغاية أتعلمين ؟!..
نظرت إلى ريكايل باستغراب : حقاً ؟!..
أومأ إيجاباً : أجل .. أنت ماهرة ..!
توردت وجنتاها لكنها أوشحت بوجهها العابس ..!
هل أتخيل ؟!.. أم أنها تصبح شخصاً آخر عندما لا يكون هاري موجوداً ؟!!..
عموماً .. لا زال علي أن أبعد هذا الغموض الغريب المحيط بها ..!
أريد فعل هذا بأسرع ما يمكن ..!
.................................................. ..
شعرت بهاتفي يهتز في جيبي ففتحت عيني .. هل أنا نائم ؟!..
رفعت رأسي عن تلك الطاولة .. هناك الكثير من الكتب و الدفاتر و الأقلام عليها ..!
آه صحيح .. لقد كنت اساعد ريكايل في الدراسة ..!
نظرت إلى دفتر وضع بالقرب مني عمداً لأجد ما كتب عليه ( سأخرج لزيارة الأطفال في الملجأ .. لن أتأخر .. ساعة فقط و سأعود .. ريكايل ) ..!
اعقد ان الساعة كانت الخامسة و النصف حين نظرت إليها آخر مرة ..!
رفعت رأسي لأنظر حولي للمكان .. ريك ليس هنا أي أنه لم يعد بعد ..!
كيت كانت تنام و قد استلقت على الأريكة أمامي و يبدو أن ريكايل قد وضع هذا الغطاء عليها ..!
في الحقيقة لقد بقيت عندنا طيلة اليوم تراقبنا و نحن ندرس و تعلق علينا بانزعاج أحياناً ..!
أما أنا فقد وضعت رأسي على تلك الطاولة الخشبية في غرفة الجلوس و التي يمكنك التحكم بطول سيقانها فريك قد جعلها قصيرة السيقان ليتمكن من الدراسة عليها وهو جالس أرضاً .. معطفي قد وضع على كتفي كي يحميني من البرد ..!
تذكرت أمر هاتفي الذي أيقضني اثر اهتزاز يدل على وصول رسالة ما ..!
منذ غيرت رقمي لم اتلقى أي رسالة نصية ..!
.
(( لن اتمكن من العودة قبل السابعة .. أرجو منك أن تعطي كيت أبرتها مع وجبة خفيفة .. بالنسبة لكمية الأنسولين .. هناك زجاجتا الانسولين المعكر و الانسولين الصافي في ثلاجة شقتنا .. درجتان من الأول و خمسة درجات من الثاني .. إن واجهت أي مشكلة فاتصل بي ..! ))
.
كانت هذه هي رسالة هاري ..!
الساعة الآن تشير إلى السادسة و خمسين دقيقة ..!
وقفت عندها و اتجهت إلى كيت و بدأت بمحاولة إيقاظها : كيت .. استيقظي الآن .. يجب أن تأخذي حقنتك و تأكلي شيئاً ..! الساعة تقترب من السابعة ..!
بانزعاج و خمول دون أن تفتح عينيها : لا أريد .. لن آخذ الحقنة هذه المرة .. ربما في مرة قادمة ..!
واضح أنها تهذي ..!
تنهدت بتعب ثم قلت : لدي فطيرة شوكولا .. يمكنك أكلها بعد الابرة ..!
فتحت عينيها عندها بضجر : كم الساعة الآن ..!
- لم يبقى سوى عشر دقائق على السابعة ..!
- لا أحب تلك الابرة ..!
- لا أحد يحب الابر .. و لكن ألم وغزتها أفضل من الألم الذي يسببه انخفاض السكر لديك .. أليس كذلك ؟!..
بدا ان كلامي أقنعها نوعاً ما ..!
ابتسمت لها حينها : هل يمكنك أن تذهبي لمنزلكم و تحضري زجاجتي الأنسولين و مقياس سكر الدم و حقنة ..!
رفعت جسدها عن الأريكة عندها بعبوس : حسناً ..!
تركت الأريكة و سارت مغادرة الغرفة و هي تحمل معطفها الأبيض الذي كان بالقرب منها على الأرض ..!
صحيح أنها غير مبتسمة و عنيدة بعض الشيء .. لكن إن حاول أحدهم إقناعها بهدوء فهي ستقتنع بسهولة ..!
ربما السبب هو أنها تثور ما إن تشاهد هاري لذا لا يمكنه أن يتفاهم معها ..!
أتساءل عن سبب كرها له رغم أنه شقيقها الأكبر .. لكن المهم هو هل تكرهه حقاً ؟!..
هناك شيء غامض في علاقتهما و يجب أن أعرفه .. إن لم أعرفه لن استطيع أن افهم كيت مطلقاً ..!
لم تمر سوى لحظات حتى سمعت صوت الباب يغلق .. لقد عادت إذاً ..!
وقفت و اتجهت إلى المطبخ فتبعتني بتلقائية ..!
أخرجت فطيرة الشوكولا التي كنت سأتناولها على الإفطار و أدخلتها إلى جهاز التسخين .. كما أخرجت عصير التفاح و تركته على الطاولة ..!
كانت كيت قد جلست على احد المقاعد : هل لديك خبرة بالأمر ؟!..
- تقصدين حقن الأنسولين ؟!..
- أجل ..!
- لقد تدربت عليها في السابق ..!
- جيد .. لأني لا أريد أن أموت بسبب خطأ من شخص مثلك ..!
- اطمئني .. أنا واثق بقدراتي ..! قيسي معدل السكر لديك أولاً ..!
فتحت المحفظة الصغيرة أمامها و أخرجت جهاز القياس و معداته .. بينما وقفت أنا أمام آلة التسخين أراقب الفطيرة ..!
انتبهت لصوت تلك النغمة الصغيرة التي تدل على ظهور الرقم على الجهاز : ما النتيجة ؟!..
بملل أجابت : 160..!
- إنه جيد .. حسناً ..!
أخرجت الفطيرة من جهاز التسخين و تقدمت ناحيتها ..!
بدأت بتعبئة الانسولين المتعكر اللون و الانسولين الصافي في تلك الحقنة كما أخبرني هاري بالقياس ..!
لقد مضى زمن على فعلي هذا آخر مرة .. لكنني لا أزال اتذكر الأمر ..!
التفت إلى كيت عندها : أعطني ذراعك ..!
رفعت كم كنزتها الزرقاء حتى ظهر ذراعها .. كنت استطيع رؤية آثار الحقن فيها ..!
و بالطريقة الصحيحة أمسكت ذراعها ثم أدخلت الإبرة بهدوء ..!
بعد أن أنهيت الأمر سحبت الابرة و تنهدت براحة : جيد .. ما رأيك ؟!..
نظرت إلي بضجر : أنك تؤلمني و أنت تفعلها ..!
ابتسمت لها بهدوء : اطمئني .. مع مرور الوقت أعدك بأنك لن تشعري بها ..!
حملت الفطيرة و العصير وهي تقول : سأجلس أمام التلفاز ..!
نظرت إلى ساعتي لأجد أنها تشير للسابعة .. متى خرج رايل يا ترى ؟!..
تبعت كيت التي ابعدت الأوراق و الكتب و تركتها في جهة من الطاولة و جلست عند الجهة الأخرى وهي تمسك بجهاز تحكم التلفاز ..!
إنها تتصرف بكل برود و كأنها في منزلها .. أهذا ما كان يزعج من يخوض التحدي ؟!..
أجل .. فمن الصعب أن يدخل فرد جديد إلى منزلك و يبقى فيه طيلة اليوم ..!
بالنسبة لي و لرايل فلا اعتقد أن الأمر يشكل أي مشكلة فنحن ليس لدينا خصوصيات كما لدا الأسر الأخرى ..!
- اين ريكايل ؟!..
انتبهت لسؤالها الذي طرحته بنبرة مستغربة : آه .. خرج لزيارة أحدهم ..!
لم تلقي بالاً للأمر .. هناك برود غريب بها يزيد من غموضها ..!
بدأت تقلب القنوات حتى توقفت على احدا القنوات الفنية .. انتبهت عندها للمذيع الذي كان يقول : بعد هذا الفاصل ها نحن عدنا إليكم مشاهدينا الأعزاء مع ضيفنا لهذا الأسبوع .. النجم المحبوب لويفان بريك ..!
في تلك اللحظة تحركت الكاميرة إلى الشخص الآخر في الاستديو .. و بالفعل إنه صديق طفولتي لوي ..!
ابتسمت عندها بهدوء .. لقد مضت فترة على آخر مرة رأيته بها ..!
بشعره الأسود و عيناه النهريتان كان آسراً لقلوب الفتيات اللواتي شكلن رابطة محبيه ..!
حتى أنه حصل منذ فترة على لقد محبوب الفتيات الأول في انجلترا بلده الأم ..!
افقت من شرودي على صوت كيت : هل أنت من متابعيه ؟!..
التفت إليها لأرى نظرة تعجب واضحة في عينيها .. و بتوتر سألت : لما تقولين هذا ؟!..
- ذلك لأنك ابتسمت ابتسامة واسعة حين رأيته !!.. لم أعلم أن لهذا الممثل متابعين من الشباب ..!
- أن أفلامه تعجبني .. يمكنني القول بأني أشجعه لأنه يعمل بجد ..! ماذا عنك ؟!..
- حسناً .. أرى أنه جيد .. و كما قلت أفلامه ممتازة ..! لكني لست مغرمة به إطلاقاً ..!
- هكذا إذاً ..!
قطع حوارنا ذاك صوت المذيع وهو يقول : وعدتنا أن تجيب على اسئلتنا كلها الآن ..! هل نبدأ ؟!..
أومأ صاحبي إيجاباً بابتسامة فسأل ذلك المذيع على الفور : سيد بريك .. كثير من متابعك و محبيك يعرفون أصدقاءك المفضلين بل وهناك من يحبهم لأجلك ..! نريد أن نسألك عن صديقك الفرنسي " لينك مارسنلي " فهناك الكثيرون من المشاهدين يتساءلون عن أحواله الآن بعد الخسارة التي تعرضت لها اسرته .. كما أن هناك إشاعات تقول أنه مختفي عن الأنظار منذ ذلك الحين ..!
سحقاً لهم !!!.. هل سيتغلون لوي ليعرفوا مكاني ؟!!!.. أعلم أن هناك أشخاصاً خلف هذا السؤال و إلا ما الذي يريده مذيع من صديق فرنسي لأحد النجوم الانجليزيين ..!
ترقبت ردة فعل لوي في تلك اللحظة حيث بدأ الهدوء عليه .. لكنه لم يلبث أن قال : هل أعتبره سؤالاً خاصاً ؟!..
بدا الارتباك على هذا المذيع : ماذا ؟!..
- لما تسأل عن ابن احدى الأسر الفرنسية الكبرى ؟!.. لما تريد أن تعرفه مكانه أو أحواله ؟!..
- فقط كما قلت لك .. المشاهدون قلقون عليه ..!
لكنه بجد رد عليه : ليسوا مضطرين لذلك ..! ذلك الفتى أقوى من أن يقلق عليه أحد ..!
- هل اعتبر هذا إجابة عن سؤالك ؟!..
- يمكنك هذا .. فأنا لن أجيب بإجابة غيرها ..! أنتقل للسؤال الثاني من فضلك .. و يفضل أن يكون بعيداً عن حياتي الشخصية ..!
- حـ .. حسناً ..!
تابع المذيع طرح اسئلته عندها ..!
لوي .. أنت بالعفل صديق رائع ..!
ابتسمت بهدوء عندها .. لقد اثر بي كلامه كثيراً ..!
أعلم أنك قلق علي الآن .. لكني أعدك بأني لن أثير قلقك و سأثبت لك بأني قادر على تجاوز وضعي الحالي ..!
- يبدو أن شهرة صديقه تجاوزت الحدود ..!
نظرت إلى كيت باستغراب : هل تعرفينه ؟!.. أقصد لينك مارسنلي ؟!..
أومأت سلباً : لا ..! لكني اعلم ان مارسنلي من الأسر الكبرى في فرنسا ..! لتوي فقط علمت أنهم فقدوا ثروتهم ..!
- لا تبدين مهتمة بهذه الأمور ..!
- و ما شأني بهم ؟!.. أنا اشتري راحة دماغي هكذا ..!
- أنت محقه .. التدخل في امور النبلاء يجلب الصداع ..!
- يبدو أنك تعرف الكثير عنهم ..!
شعرت بالتوتر قليلاً ثم اجبت : آه نوعاً ما ..!
رفعت احد حاجبيها : أتعرفه ؟!.. أقصد ابن مارسنلي ؟!..
أومأت سلباً : لا .. لقد سمعت بأنه اختفى فقط ..!
بدا انها تذكرت شيئاً : صحيح .. اعتقد أني رأيت صورته في الصحيفة منذ يومين .. قالوا انه اختفى .. لكني لم أعلم أن الأمر متعلق بأسرته ..!
بسخرية قالت : اعتقدت أنه هرب مع عشيقته أو شيء من هذا القبيل ..!
هتفت بتوتر : ذلك مستحيل !!.. لا تبني أشياء من خيالاتك ..!
وقفت عندها وهي تقول : ربما لم يرمي هاري الصحيفة .. سأذهب لأرى ..!
أمسكت بيدها فور أن تجاوزتني : اه لا ..! لا داعي لذلك ..! أنسي الأمر ..!
نظرت إلي للحظات بشك : لما تمنعني ؟!.. أيعقل أن تكون أنت ذلك الهارب ؟!!..
اتسعت عيناي للحظات .. لا يمكن أن تكشفني !!.. ليس بهذه السرعة على الأقل ..!
عادت لأريكتها وهي تقول بملل : أمزح فقط ..! لا تظهر هذه الملامح الجدية على وجهك ..!
تنهدت براحة .. يبدو أنها قالتها على سبيل المزاح لا غير ..!
لكن هذا ليس جيداً ..! ربما تكتشفني ..!
و ربما يكشفني شخص آخر ..!
اعتقد أن علي أن اكون أكثر حذراً ..!
.................................................
عاد ريكايل حوالي الساعة الثامنة .. وتابعنا الدراسة كما كنا نفعل طيلة اليوم ..!
كيت ذهبت لشقتهم كي تعد العشاء لنا بحجة أن هاري لن يعود إلا في وقت متأخر ..!
أخبرني رايل بأن الأطفال في الملجأ يسألون عني .. للأسف لن استطيع زيارتهم لفترة من أجل جوليا ..!
اضطر هو للكذب عليهم و أخبرهم بأني مسافر .. لكن الأمر انتهى ببكاء جين كما يقول ..!
اعذريني عزيزتي جين .. أن الأمر خارج عن يدي ..!
قال ريك بأنه التقى بليديا هناك و أنها تسأل عن أحوالنا ..!
- إنها توصل سلامها إليك ..!
- أخبرها بأن لا تفعل .. و إلا فأني سأطلب منك أن توصل سلامي إليها ..!
- أهذا يعني أن ايصال السلام بينكما ممنوع أيضاً ؟!..
- أجل .. حتى استقر على الوضع الحالي و أتأكد من أني سأتابع حياتي هكذا .. عندها يمكنني أن أعيد علاقتي بها ..!
كان هذا الحوار الذي دار بيننا بصدد ليديا ..!
في الحقيقة .. كنت ابتسم بهدوء حين أسمع حديث رايل عنها .. لم أعتقد أني سأفقدها إلى هذا الحد ..!
أيضاً .. ميشيل كانت هناك ..!
أسعدني حقاً ما قاله ريك بأنها تبدو أفضل من السابق ..!
- هل تحدثت إليها ؟!..
- يمكنك قول هذا ..!
- ما الذي قلته لها ؟!..
- لقد عقدنا هدنة .. ستكون العلاقة بيننا عادية إلى حين أن تنتهي ..!
- و متى ستنتهي يا ترى ؟!..
- هذا أمر تحدده ميشيل للأسف .. لو كان الأمر بيدي لأنهيتها الآن ..!
- أفهم من كلامك بأنك لا تزال مصراً على حبك لميشيل ..!
- و هذا الأمر لن اتنازل عنه مجدداً مهما حدث ..!
- و جوليا ؟!.. هي الوحيدة التي بدت مستاءة حين ذكرك الأطفال ..!
- أخبرتني بأنها تحتاج لفترة كي تصفح عن فعلتي الأخيرة .. و شرطها أن لا تراني حتى ذلك الحين ..!
- يا لك من أخ تجلب المشاكل ..!
- سأعتبره مديحاً .. لذا شكراً لك ..!
تابعنا عملنا بعدها حتى صارت الساعة تشير إلى العاشرة : لقد احضرت العشاء ..!
تركت مكاني و خرجت من غرفة الجلوس : ماذا أعددت لنا ؟!..
بهدوء قالت : البيض المقلي !!..
قطبت حاجبي باستنكار : لكننا تناولناه على الإفطار ..!
بضجر قالت : الجو بارد لذا لم أرد الخروج لشراء مكونات الطعام .. و لم أجد غير البيض بالثلاجة .. ثم أني وضعتها في ساندويتش ..!
- انه الأمر ذاته !!!..
خرج ريك من خلفي و يبدو أنه سمع ما كنا نقوله : لا بأس .. أي شيء سيفي بالغرض ..!
نظرت إلى تلك الفتاة التي دخلت و هي تحمل صينية البيض بين يدها و هي تقول : ليذهب أحدكما و يحضر بعض الجبن الفرنسي من دكان العم جاك .. لقد نفذ ما عندي ..!
إنها وجبة الإفطار ذاتها بالفعل !!.. أيعقل ان هذه الفتاة لا تجيد إلا صنع البيض المقلي ؟!!..
لن استغرب أي شيء منها ..!
عدت إلى غرفة الجلوس كي أخذ معطفي و أنا أقول : سأذهب أنا .. لا تأكلا قبل أن آتي ..!
ارتديت سترتي السوداء و خرجت من الشقة .. و بينما كنت اسير ناحية المصعد خرج أحدهم منه ..!
إنها الآنسة ماندي .. بمعطف الفرو الأبيض و شعرها المتجعد الكثيف و تلك المساحيق المبهرة ..!
إنها كثيرة التبرج بالعفل : مساء الخير أيها الوسيم ..!
هذا ما قالته وهي تسير ناحيتي فلم أجد إلا أن أقول بابتسامة صغيرة : مساء .. الخير ..!
وقفت أمامي للحظات تنظر إلي : أنت .. أيهما ؟!..
اعتقد أنها تقصد أي الأخوين : لينك ..!
غطت وجهها بكفيها بخجل : آه لو كنت أصغر بعامين فقط ..!
باستغراب قلت : لكنك لا تزالين شابة ..!
نظرت إلي بدهشة و سعادة : حقاً ؟!!.. ألا بأس لديك ..!
باستنكار بسيط يغطيه الهدوء : أعذريني .. لست مهتماً بالفتيات الأكبر سناً ..!
تغيرت ملامح وجهها إلا الحزن المبالغ : كم أنا تعيسة الحظ !!..
ظهرت بعض الدموع في عينيها و لكنها مسحتها بسرعة وهي تقول : عزائي الوحيد أني سأراك أنت و أخوك كل يوم .. و الآن تصبح على خير ..!
- تصبحين على خير ..!
تجاوزتني و دخلت إلى شقتها التي تجاور شقتي ..!
إنها مجنونة !!.. على الأقل لا تقولي أنت و أخوك و كأنك مغرمة بكلينا !!..
تنهدت بعتب .. لقد ضيعت الوقت معها ..!
اتجهت إلى المصعد و دخلت إليه .. و حين نزلت إلى الطابق السفلي ..!
لفتت نظر تلك السيدة التي تجلس على الدرج أمامي ..!
إنها والدة لوسيان .. تلك المرأة الغريبة التي كانت تبكي هذا الصباح وهي تنادي على ذلك المدعو ليو ..!
بدا عليها الحزن و الهم مما فاجأني ..!
اتجهت إليها عندها بلا شعور : عذراً سيدتي .. أأنت بخير ؟!..
رفعت رأسها لي .. إنها جميلة بشكل غير متوقع .. و كأنها في العشرينيات ..!
بنبرة باكية قالت : ليو لا يريد العودة للمنزل ..!
قطبت حاجبي متعجباً : ليو .. أهو قريبك ؟!..
- أنه ابني ..!
- اه .. هذا غير متوقع .. إنه لا يشبهك ..!
- اعلم .. إنه يشبه والده ..!
- حسناً .. لما هو لا يريد العودة للمنزل ؟!..
- لا يريد أن يرى زوجي ..!
- زوجك ؟!.. هل زوجك هو والد ليو ؟!..
تنهدت بحزن عندها : لا .. لقد انفصلت عن والد ليونيل منذ زمن .. ثم تزوجت بزوجي الحالي والد لوسيان .. ليو لا يحب زوجي .. وهو يهرب دوماً عندما يعود زوجي للمنزل ..! وزجي يعمل خارج باريس و لا يعود إلى المنزل إلا من فترة و أخرى و يبقى أيام قليلة ثم يسافر .. ليو يرفض البقاء في المنزل حين يكون زوجي هنا و يذهب للبقاء عند والده .. لكن أتعلم ؟!.. والده تزوج الأسبوع الماضي لذا هو لن يتمكن من الذهاب إليه .. إنه يجلس هناك في الخارج و يرفض الدخول مهما فعلت له ..! سيصاب بالزكام إن بقي هناك أكثر ..! أنا لا أعلم ماذا أفعل به الآن فحتى زوجي يقول " عزيزتي آنيا .. دعي الولد و شأنه .. سيعود حين يشعر بالجوع " !!.. إنه ليس قطاً أو كلباً حتى يعود حين يشعر بالجوع !!.. ذلك الرجل لا يقدر لأنه ليس ابنه هو !!.. لما تزوجني إن لم يكن قادراً على العناية بابني ؟!!.. لقد وعدني في يوم زواجنا بأنه سيكون الأب الحنون و العطوف على ليونيل لكنني لم أرى شيئاً من تلك الوعود حتى الآن ..! لو كان بيدي لانفصلت عنه لكنني أخشى أن يأخذ لوسيان معه ..! و حتى لو ترك لوسيان عندي فأنا لا أريد أن يعيش لوسيان تجربة ليونيل ذاتها ..! إن هذان الطفلان هما أهم ما لدي لذا لا أريد أن أزيد حياتهما تعقيداً ..!
كنت مصدوماً من تلك المرأة التي سردت علي قصة حياتها مع زوجيها و أبنيها كاملة !!!..
رغم أني فقط سألته .. إن كان والد ليو أم لا ؟!.. فقط ..!
لكن أتعلمون ؟!.. لقد أشفقت عليها !!..
بالعفل .. يبدو أنها تواجه مشكلة في أقناع ابنها ذاك بأن يبيت في المنزل متجاهلاً وجود زوجها لكن ذلك الأبن لن يفعل مهما حدث ..!
فمهت من كلامها أن اسمها هو " آنيا " .. إنه أسم جميل ..!
ماذا عساي أن أفعل لها : حسناً .. سيدة آنيا .. أين هو ليو الآن ؟!..


اشارت إلى الباب الخارجي : هناك .. يقول بأنه لن يعود للمنزل مهما حدث ..! ربما ينتظر أن يقوم أحد الجيران بدعوته للمبيت عنده ..! في الحقيقة الجدان ماربت قد خلدا للنوم لذا لا يمكنه الذهاب إليهما .. و أنا لا أريده أن يبقى عند العم جاك ..! صحيح أن ذلك الرجل طيب لكنه يشرب طوال الليل .. أخشى أن يقنع أبني بأن يجرب هذا !!.. أنا لا أضمن ذلك الولد لذا ربما يشرب كأساً أو كأسين و يعود إلي ثملاً في الصباح ..! عندها سيطلقني زوجي بالتأكيد و يأخذ لوسيان معه و يطلب من الشؤون الاجتماعية أن يأتوا و يأخذوا ليو معهم و هم سيفعلون هذا لاعتقادهم أني لا اجيد العناية به ..! و بعدها سيتربى بعيداً عني و قد يصبح شخصاً سيئاً يعمل في العصابات المحلية ..! سأفقد عقلي عندها ..!
ما لاحظته أن هذه المرأة .. كثيرة الكلام !!..
كما أن لديها خيالاً خصباً .. و هي ساذجة أيضاً ..!
تنهدت عندها بتعب : حسناً سيدتي .. أتعتقدين أني لو طلبت من ابنك أن يبيت عندنا سيوافق ؟!..
نظرت إلي باستغراب : أتعيش هنا ؟!..
و هل تعتقد أني نزلت من السماء كي أفتح قلبي لها ؟!!!..
أومأت إيجاباً : في الدور الخامس ..!
بدا عليها الرعب : لا يعقل أن تكون صديقاً لماندي و تعيش معها ؟!!..
هذه المرة أومأت سلباً : لقد سكنت الشقة الفارغة مع أخي .. انتقلنا إلى هنا بالأمس ..!
تنهدت براحة عندها و لم تلبث ان ابتسمت بسعادة : هذا رائع .. ستكون مساعدة عظيمة منك ..! لم تعرفني على نفسك أيها الفتى ..!
- أنا لينك .. في السابعة عشر ..!
- لقد تجاوزت السن القانونية .. هل تشرب ؟!..
- لا اطمئني ..! لا احب الكحول إطلاقاً ..!
- هذا ممتاز ..! إذاً أيمكنك أن تذهب لابني و تحدثه قليلاً و تطلب منه أن يرافقك لشقتك ..!
- حسناً .. لكن هل سيوافق ؟!..
- هذا سيكون الخيار الوحيد أمامه ..!
- أنت محقه ..! حسناً .. تصبحين على خير الآن ..!
- تصبح على خير ..!
و قفت عندها و بدأت تصعد الدرج و هي تدندن بسعادة ..!
إنها امرأة غريبة بالعفل !!.. بل أن جميع السكان هنا غريبون !!..
حسناً .. لدي مهمة جديدة الآن .. وهي بعنوان " أقنع ليو أن يبيت عندك " ..!
.................................................. ...
لقد مضت دقيقة كاملة و أنا أقف هنا .. لا أعلم ما الذي يجدر بي فعله ؟!..
ذلك الفتى يجلس هناك على المقعد شارد الذهن و يبدو أنه لم ينتبه لي بعد ..!
كيف سأتحدث إليه ؟!!..
الأمر غريب للغاية بالنسبة لي .. لما أنا أتبرع لحل مشكلته ؟!..
في السابق .. لم أكن أقلق حتى لو تعرض أحد أصدقائي لمشكلة بل أني لا اعطي بالاً للموضوع ..!
لكني الآن أشعر بالشفقة على هذا الفتى و لا اريده أن يقضي ليلته هنا في الخارج رغم أني لا أعرفه حتى و لم أتحدث معه قط ..!
ربما هذا ما يسمونه انفصاماً في الشخصية أو أن مشاعري المتجمدة تجاه الآخرين قد تحركت ..!
تنهدت عندها فخرج البخار من بين شفتي .. الجو بارد جداً .. لو بقي هذا الفتى هنا حتى الصباح سيموت من البرد ..!
علي أن أذهب و احدثه حالاً ..!
سرت بهدوء ناحيته .. حتى وقفت أمامه فرفع رأسه و نظر إلي بعينيه الزرقاوين القاتمين كلون التوت الأزرق الحالك و هو مطابق للون شعره ..!
إنه لا يشبه أمه أو أخاه اللذان تميزا بلون شعر و عيون كالعسل النقي ..!
بهدوء سألته : ألا تشعر بالبرد ؟!..
نظر إلي للحظات ثم أوشح بوجهه ببرود : لا شأن لك بي ..!
جلست على المقعد الطويل بجانبه و أنا أقول : لقد التقيت بأمك قبل قليل .. إنها قلقة عليك ..!
أوشح بوجهه للجهة الأخرى و بانزعاج بسيط : ليس عليها ان تقلق ..! أنا لن أعود للمنزل ..!
بهدوء قلت : إن كنت مصراً على أن لا تعود لمنزلك فما رأيك أن تأتي للمبيت عندي ..!
نظر إلي عندها بشك : أين تعيش ؟!..
- في الطابق الخامس ..!
- حقاً ؟!.. الشقة الفارغة ؟!..
- أجل ..!
- اتعيش وحدك ؟!..
- لا .. أخي يعيش معي هناك ..!
- حسناً .. موافق ..!
وقف عندها و سار ناحية البوابة : هيا بنا ..!
كنت متفاجئاً منه !!.. لقد اقتنع على الفور !!.. دون أن يسأل عن اسمي حتى ..!
لكن .. أنا لا استغرب أي شيء من سكان هذه العمارة ..!
ابتسمت بهدوء : أنتظر .. سأشتري بعض الجبنة الفرنسية من دكان العم جاك ثم نصعد سوية ..!
وقف عندها و التفت إلي للحظات ثم قال :سأسبقك للمصعد ..!
هذا الفتى !!..
أسرعت ناحية الدكان .. و كان صاحبه على وشك المغادرة : عذراً عم جاك .. أريد بعض الجبنة الفرنسية ..!
نظر إلي للحظات ثم ابتسم : آه حسناً .. سأحضر بعضها الآن ..!
- و الحساب ؟!..
- ادفعه فيما بعد فقد أغلقت آلة البيع ..!
- حسناً .. شكراً لك ..!
دخل إلى المتجر و ماهي سوى لحظات حتى عاد و هو يحمل كيساً به بعض الجبن المغلف ..!
أخذته منه عندها بينما كان هو يسأل : أنت لينك أم ريكايل ؟!..
- لينك ..!
- أنكما متشابهان للغاية ..!
- ريكايل يرفع شعره للخلف .. و أنا أترك شعري على جبيني .. يمكنك أن تفرق بيننا هكذا ..!
- معلومة مفيدة .. يعتين علي أن احفظ هذا ..!
- تصبح على خير الآن ..!
- تصبح على خير ..!
عدت أدراجي حالاً كي ألحق بهذا الفتى الغريب ..!
أمعقول أنه وافق على القدوم معي بهذه البساطة وهو يراني للمرة الأولى ؟!..
حسناً .. بالحكم على والدته التي شكت لي هموم حياتها بلا مقدمات لا استغرب أن يتصرف الأبن هكذا ..!
بالفعل كان يقف قرب المصعد بانتظاري ..!
صعدنا معاً و هنا سألته باستغراب : ألم تشك في أني أخدعك مثلاً ؟!.. هل لا بأس لديك بأن ترافق شخصاً تراه للمرة الأولى ..!
بلا اهتمام قال : قلت بأنك تحدثت إلى تلك الساذجة ؟!.. إذاً هذا يكفي للثقة بك ..!
الساذجة ؟!!.. أيعقل أنه يقصد والدته !!.. يا له من عديم تربية ..!
استفزني كلامه للغاية لكني حافظت على هدوء أعصابي : و ماذا أن كنت قد كذبت عليك بشأن حديثي معها ؟!..
بذات البرود أجابني : تلك المرأة لم تكن على الدرج .. هذا يعني أنها عادت لمنزلها مطمئنة ..! لو لم تكن قد تحدثت إليها و قد وثقت بك لما سمحت لي بالبقاء عندك ..! و لو أنك لم تحدثها لبقيت في مكانها حتى الصباح ..!
رفعت احد حاجبي متعجباً من هذا الصبي !!.. إن لديه سرعة بديهة و هو يفكر بالأمر بعقلانية على عكس ما توقعت تماماً ..! رغم هذا فهو فظ للغاية !!..
- اسمك ليونيل صحيح ؟!..
- أجل .. و أنت ؟!..
- لينك ..!
نظر إلي بطرف عين للحظات : لينك .. ان لديك شعر أشقر ..!
باستنكار قلت : أعتقد أن هذا طبيعي في فرنسا ..!
لكنه عندها سأل بشك سؤالاً كاد يوقف قلبي : أيعقل أنك .. لينك مارسنلي الهارب !!!..
.
.
.
غير معقول !!!..
.
.
.
لما يسأل هذا الفتى هذا السؤال ؟!!..
كيف يعرف لينك مارسنلي !!!..
تمكنت بصعوبة من أن لا أوضح شيئاً على وجهي و قلت : اسمي هو .. لينك براون ..!
بابتسامة ماكرة علق : و ما المشكلة ؟!.. ربما غيرت اسمك و أتيت للعيش هنا !!..
حاولت أن أتكلم بهدوء قدر المستطاع : انا لست لينك مارسنلي ..! ليس ان نكون نملك الاسم ذاته و لون الشعر ذاته يجعلني هو ..! ثم لما أنت مهتم بأمر ذلك الفتى ؟!!..
ابعد نظراته الحادة عني ليقول ببساطة : والدي صحفي !!.. و قضية اختفاء لينك مارسنلي تشغل باله ..!
نظر إلي بطرف عين عندها : صحيح أنك تشبه ذلك الفتى و تحمل نفس اسمه ..! إلا أنك تبدو مختلفاً بشكل ما ..!
بتردد سألته : و كيف تعرف ؟!.. هل قابلت لينك مارسنلي من قبل ؟!!..
نظر إلي عندها بهدوء : لا .. لكن أبي حدثني عنه كثيراً بعد الاحداث الأخيرة ..! قال بأنه معروف بتصرفاته المتعجرفة و غرورة الذي يزن بلداً !!.. لذا والدي يريد أن يعرف أين آل به الأمر بعد أن فقد كل ماله ؟!!.. إنه يشغل ذهن والدي حقاً و هذا الأمر بات يزعجني ..!
تمتمت عندها بانزعاج : آسف لأني اشغل والدك عنك ..!
باستغراب قال : هل قلت شيئاً ؟؟!..
ببرود يتخلله بعض الانزعاج : إطلاقاً .. لا تهتم ..!
توقف المصعد عندها فنزلنا منه سويةً و اتجهنا إلى الشقة الوسطى ..!
فتحت الباب و أنا أقول : لقد عدت ..!
خلعت حذائي و اتجهت لغرفة الجلوس لأجد ريك يجلس أمام كتاب الفيزياء مجدداً ..!
يبدو مندمجاً للغاية .. ناديت عندها : كيت .. لقد أحضرت الجبن ..!
انتبه لي ريكايل عندها : آه لقد جئت إذاً ..! كيت عادة لمنزلها ..!
قطبت حاجبي باستنكار : عادت !!!..
- أجل .. لقد تأخرت لذا تناولنا العشاء فهي تقول أنها تريد أن تنام قبل أن يعود هاري ..! قالت أنها تريد أن تكمل أربعة و عشرين ساعة دون أن تراه ..!
- أتمزح ؟!!.. طلبت منكما أن تنتظراني أيها الخائنان ..!
- كانت كيت ستأكل عشاءها و تعود للمنزل .. و لم أرد تركها تأكل وحدها ..!
- هذا ليس عذراً ..!
أراد ان يقول شيئاً لكنه صمت فجأة وهو يحدق بي بذهول !!..
أو لنقل .. يحدق خلفي !!!..
التفت لأرى ليو قد وقف خلفي لكنه تقدم خطوتين حتى صار بجانبي و بهدوء قال : مساء الخير ..!
بتلقائية حول ريك نظره إلي : من .. هذا ؟!!..
تنحنحت عندها و أنا أقول : هذا ليونيل .. سيقضي الليلة عندنا بسبب ظروف عائلية ..! ليو .. هذا هو أخي الأصغر ريكايل ..!
- التوأم !!..
- آه صحيح .. التوأم الأصغر ..!
نظر ليو إلى ريكايل للحظات ثم ابتسم : أنت تبدو أفضل من أخيك هذا ..!
قطب ريك حاجبيه : من أي ناحية ؟!..
تابع كلامه بحماس : تبدو أكثر لطفاً منه .. و تبدو شخصاً طبياً و رحيماً أيضاً على عكسه تماماً !!..
هتفت عندها مصدوماً : من الذي أشفق عليك و دعاك لمنزله ؟!!!.. كان علي أن أتركك في الشارع يا ناكر الجميل !!..
نظر إلي بضجر : أنت أشفقت على تلك الحمقاء لا علي !!..
صرخت به غاضباً : كف عن وصف تلك المسكينة بألفاظ سوقية يا قليل التهذيب !!!..
صرخ بغضب عندها : أصفها بما أريد فلا شأن لك !!.. ثم أنك كنت تنوي اختطافي صحيح ؟!!!..
- ما الذي أريده من اختطاف طفل مثلك ؟!!!!..
- أنا لست طفلاً يا هذا !!.. أنا في الخامسة عشر !!..
- لا تقل يا هذا !!.. أسمي لينك !!..
- لينك مارسنلي !!!..
صمت عندها مذهولاً بينما بدا أن الصدمة جمدت رايل !!..
بينما علق ذلك البغيض بمكر : أجل .. سأناديك لينك مارسنلي منذ الآن فصاعداً !!..
بتوتر و انزعاج قلت : لما تناديني به ؟!..
- لينك مارسنلي شخص متكبر و مغرور !!.. و أنت تشبهه في هذا أيضاً !!!..
- أنا لست متكبراً و مغروراً !!!.. ثم كف عن الحديث بهذه الطريقة و كأنك تعرف لينك مارسنلي !!..
- لا داعي لأن أعرفه !!.. أنه مشهور بالفضاضة !!..
- أنت أكثر فضاضةً و إزعاجاً منه ..!
فجأة تدخل أحدهم : لكنه شخص لطيف .. أقصد لينك مارسنلي ..!
التفت كلانا بصدمة إلى ريكايل الذي قال تلك الجملة بهدوء و بساطة !!..
رايل !!.. لا يمكن أن تفضحني !!..
هتفت عندها : رايل يكفي ..!
بينما سأل ليو في الحال : أتعرفه ؟!!.. أتعرف أين هو ؟!..
باستغراب سأله أخي : لما أنت مهتم به ؟!..
- يجب أن يعرف أبي مكانه ..! إن عثر عليه فسيحصل على ترقية !!..
- هل والدك ضابط شرطة ؟!..
- لا !!.. إنه صحفي .. و هو يبحث عن لينك مارسنلي المفقود ..!
- أنا لا أعلم أين هو ..!
- و كيف تعرفه ؟!..
- لقد عملت في مدرسة مارسنلي لشهرين .. خلالها كنت أراه دوماً .. و قد رأيت أنه شخص جيد من خلال معاملته للطلبة ..!
- الطلبة في تلك المدرسة من الأغنياء لذا طبيعي أن يعاملهم باحترام ..!
- هذا ما لدي ..! لكني تركت العمل هناك قبل فترة من ضياع ثروتهم ..! لذا لا أعرف عنه شيئاً ..!
تنهدت براحة .. يبدو أن رايل سينقذني : و أنت ؟!.. هل عملت هناك من قبل ؟!..
التفت إلى ليو الذي سأل بجد ..!
لكني أجبته بهدوء : لا .. رايل وحده عمل هناك ..!
بدا عليه الإحباط للحظات .. يبدو لي أني أشغل فكره تماماً !!..
ربما ما كان علي أن أحضره إلى هنا ..!
يلزم علي أن أتجنب لقاء والده أيضاً لأي سبب كان ..!
رن الجرس عندها فاتجهت فوراً إلى الباب كي أهرب من هذا الداهية بجواري !!..
فتحت الباب على الفور ضناً مني أنها كيت لسبب ما .. لكن كان هناك شخص آخر أمام الباب ..!
إنها السيدة آنيا بابتسامة سعيدة على عكس التعاسة التي كانت عليها قبل قليل : مرحباً لينك ..!
ابتسمت لها : أهلاً ..!
- هل وافق ليو على المبيت عندك ؟!..
- أجل .. إنه في الداخل ..!
- حسناً .. أحضرت له بعض الملابس في هذه الحقيبة .. يبدو أن زوجي سيبقى ليومين هنا ..!
و هذا يعني أن ذلك المزعج سيبقى ليومين هنا !!!!!!..
ابتسمت بتصنع : لابأس سيدتي .. نحن نرحب بابنك بيننا ..!
أخذت الحقيبة منها ..!
ودعتني و عادت أدراجها لشقتها في الدور الرابع ..!
بينما أغلقت أنا الباب و عدت للداخل و أنا أقول : ليو .. والدتك أحضرت لك بعض الملابس ..!
تقدم ناحيتي و أخذ الحقيبة مني ..!
عاد إلى غرفة الجلوس وهو يقول : ريكايل .. أيمكنني أن أستعمل الحمام للاستحمام ؟!..
أجابه أخي بابتسامة : بالتأكيد .. تصرف و كأن المنزل منزلك !!..
سحقاً لك !!.. أنا الأكبر هنا فلا تتجاهلني أيها الصغير الأحمق !!!!..
دخلت لغرفة الجلوس بينما اتجه هو لدورة المياه .. و حين تأكدت من أنه دخل إليها تماماً التفت إلى رايل الذي كان ينظر إلي و يفكر فيما أفكر ..!
جلست على الأريكة بقربه بينما هو جالس على الأرض و قد سأل بهدوء : إذاً .. ما قصة لينك مارسنلي ؟!!..
بهدوء أجبته : لقد فاجأني في المصعد بقوله أني اشبه لينك مارسنلي ..! كما سمعت والده صحفي لذا هو مهتم بالأمر ..!
نظر إلي بجد : ألن تكون هذه مشكلة ؟!.. أن يكون صحفي من سكان العمارة !!..
جلست أرضاً بقربه و أنا أقول : اطمئن .. والداه منفصلان و ويبدو أن والده يعيش في مكان آخر ..!
تنهد هو براحة : هذا مطمئن ..!
بهدوء سألته : أكنت قلقاً إلى هذه الدرجة ؟!!..
صمت للحظات ثم أجابني بنبرة هادئة : في الحقيقة نعم ..! نحن لم ننعم بالاستقرار منذ توفيت السيدة إلينا ..! إني حقاً احتاج بعض الوقت لأرتاح من هذه المشاكل .. و أعلم أنك تحتاج هذا أكثر مني ..!
أسندت رأسي إلى الخلف و أغمضت عيني : أنت محق ..! رأسي سينفجر .. أخشى أن يفسد هذا الصبي كل مخططاتي ..! حتى كيت سألت عن الأمر نفسه اليوم ..!
- يجدر بك أن تكون أكثر حذراً لينك ..! تابع حياتك كلينك براون و حاول أن تكون طبيعياً حين يتم ذكر مارسنلي في أي مكان .. و إلا فإنك ستكون محط الشك ..!
- أنا أبذل جهدي في هذا ..!
- لكن يفضل أن تتصرف على طبيعتك .. حتى لا يلاحظ أحدهم أن هناك لبساً في تصرفاتك ..!
- كلامك هذا سيزيدني تعقيداً !!..
- حسناً .. لم تخبرني لما على هذا الفتى أن يبيت هنا ؟!..
- حين نزلت التقيت أمه في الأسفل و قد بدت كئيبة .. و حين سألتها عن السبب قالت بأنه يرفض العودة معها لأنه لا يحب زوجها الذي يبقى هنا لأيام قليلة و يعود لمعمله في المدينة الأخرى ..! لذا أخبرتها انه بإمكانه أن يقضي الليلة عندنا إن لم يجد مكاناً ينام فيه ..!
- مبادرة رائعة منك ..!
- مبادرة ندمت عليها !!..
كتم ضحكته لحظتها و عاد يقرأ في كتابه ..!
وقفت عندها و أنا أقول : سأذهب لاستحم في الحمام الآخر .. حتى أتناول العشاء و أخلد للنوم بعدها ..!
- حسناً .. أنا أيضاً سأدخل بعد خروجك ..! آه صحيح .. ماذا عن ليونيل ؟!..
- هناك أغطية في الغرفة الصغيرة .. يمكنه أن ينام هناك ..!
قلت هذه الكلمات ببرود و اتجهت إلى غرفة النوم حيث دورة المياه الأخرى داخلها ..!
أغلقت الباب من خلفي و اتجهت إلى الخزانة الصغيرة بالقرب من السرير ..!
فتحت الدرج السفلي و نظرت إلى تلك الصور التي لا زالت في إطاراتها ..!
تلك الصور التي تثبت أني ابن مارسنلي ..!
تربيت هناك .. و عشت حياتي كلها هناك .. دون أن أفكر مجرد تفكير بأني لست منهم ..!
في النهاية .. يبدو أن مارسنلي التي كانت الأسرة التي أفخر بها .. صارت الآن سراً خطيراً قد يفسد حياتي ..!
يلزم علي أن أكتم هذا السر داخل أركان صدري .. دون أن اسمح لأحد بالاطلاع عليه ..!
.....................................
انتهى البارت هنا ^^


اعترف أنه قصير !!.. ^^

بس هذا اللي يسويه تسلسل الأحداث ^^

ننتقل للأسئلة ..!

لينك لا يزال تحت دائرة الخطر .. فهل سيكشف أحدهم حقيقته ؟!..

ليونيل فرد جديد في القصة .. أي دور سيؤدية مع بطلينا ؟!..

توقعاتكم للأحداث القادمة ؟!..

رأيكم بالبارت المسالم ؟!..


..

لنتجه للمقتطفات :

...

سحقاً !!.. سحقاً !!.. سحقاً لليوم الذي قبلت فيه بتربية أطفال مشردين !!!..

...

بانزعاج قلت : الم أطلب منك ألا تذكر اسمه مجدداً ..!

...

أومأت إيجاباً دون أن تبعد نظراتها الحذرة عن ميراي : قليلاً ..!

...

تمتمت بنوع من السخرية : لا .. يمكنك أن تعتبريها احد الشباب ..!

...

ابتسم لها بهدوء : بالتأكيد صغيرتي .. فأنا شخص وهو شخص آخر ..!

...

نظر إلينا باستياء : هل تحرضانها علي ؟!..

...

و حتى لا يعمل كارثة هنا سار مغادراً بغضب : أفعلي ما تشائين !!..


....................................

هذا ما لدي اليوم لكم .. في حفظ الرحمن


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 10:24 PM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 3

كنت أشعر بشخص يهزني و يحثني على الاستيقاظ : هيا لينك استيقظ .. الافطار سيبرد ..! لقد أعددت البيض المقلي ..!
.
البيض المقلي ؟!.. لقد تناولته على العشاء ..!
.
فتحت عيني بانزعاج : ريك ابتعد .. أريد أن أنام ..!
- أنا لست ريك يا هذا .. هيا افتح عينيك ..!
أهو ليو ؟!.. ربما استيقظ قبلي ..!
فتحت عيني عندها لأرى من هذا المزعج الذي قلب رأسي ..!
عينان زرقاوان جريئتان كانتا تحدقان بي !!..
استوعبت ما يحدث عندها و بخمول : كيت .. هل استيقظ رايل ؟!..
ابتعدت عني وهي تقول : لا .. لا يزال نائماً ..!
نظرت إلى الجهة الأخرى لأجد أنه بالفعل كان في سريره متدثراً بغطائه ..!
باستنكار سألت : كيف دخلتي إذاً ؟!..
ببرود قالت وهي تغادر الغرفة : بالمفتاح الاحتياطي ..!
.
.
تلك الفتاة الـ ....!
.
.
تنهدت عندها .. الآن بالضبط فهمت لما لم يكن أحدهم يحتملها !!..
بما أنها تدخل بيوت الناس بلا استئذان فهذا أمر مزعج فلكل عائلة خصوصياتها ..!
لاشك أن لدى هاري مفتاحاً احتياطياً لكل شقة .. لكني لم اعتقد أن تلك الكيت تستطيع الحصول عليها ..!
جلست عندها على حافة السرير بخمول .. عموماً لا مشكلة لدي في هذا بما أن نصف الإجار سيسقط عن ظهري ..!
أنا و ريكايل مختلفان عن بقية العائلات فليس لدينا أي خصوصية ..! على عكس البقية الذين تتكون عائلاتهم من أزواج و أطفال ..!
نظرت إلى الساعة من هاتفي لأجد أنها السادسة و النصف ..!
أتساءل إن كان ليو سيذهب للمدرسة ..!
تركت فراشي و اتجهت لدورة المياه و بعد أن غسلت وجهي بسرعة خرجت منها و من الغرفة و دخلت الغرفة الصغيرة ..!
إنه لا يزال نائماً هناك على ذلك الفراش الصغير في الزاوية ..!
تنهدت بضجر و فتحت الإضاءة : ليو .. هل ستذهب للمدرسة ؟!.. إن كنت ستفعل فاستيقظ في الحال ..!
فتح عينيه بخمول و نظر إلي بضجر : لا أريد أن أذهب ..!
ببرود قلت : إذاً لا تذهب ..!
استقام جالساً بانزعاج : لدي امتحان مهم ..!
خرجت من الغرفة و أنا أقول : استيقظ حتى تدرك الوقت .. الإفطار جاهز على ما أعتقد ..!
اتجهت بعدها إلى المطبخ فرأيت كيت تقوم بإعداد القهوة و هي تسأل باستغراب : استيقظ ريكايل ؟!..
- لا ..!
- إذاً إلى من كنت تتحدث ..!
- إلى ليونيل ..!
- ليونيل !!!!!!!!!..
صرخت بتلك الكلمة و قد تركت ما بيدها و حدقت بي بغضب : لا تقل لي أن ذلك الأحمق هنا !!..
واضح أنها تمقته : بلا إنه هنا .. هل في هذا مشكلة ؟!..
احمر وجهها لحظتها و ملامح الغضب قد احتلت وجهها المستدير و قد تركت القهوة و ركضت خارجة من المطبخ !!..
تلك المجنونة !!!.. ماذا تنوي أن تفعل ؟!!!..
ركضت خلفها في الحال ناحية الغرفة الصغيرة ما إن دخلت حتى لفت نظري ما يحدث ..!
كيت كانت تقف و تنظر ناحية ذلك الفتى بعينين شرستين بينما هو يقف أمامها و ينظر إليها بكره !!..
يبدو أنهما لا يحبان بعضيهما !!..
صرخ هو عندها : ماذا تفعلين هنا يا صبيانية ؟!!!..
صرخت هي الأخرى بذات الغضب : أنت ماذا تفعل هنا أيها المتشرد ؟!!!..
- لا شأن لك بي !!..
- و لا شأن لك بي أيضاً ..! أخرج من هنا حالاً !!..
- إنه ليس منزلك كي تطرديني !!..
- بما أن التحدي قائم هنا فأنا من أفراد هذا المنزل !!..
رفعت أحد حاجبي مستنكراً .. لقد نصبت نفسها من أصحاب منزلي أنا و أخي !!.. و أنا الذي كنت أعتقد أننا و أخيراً امتلكنا منزلاً خاصاً !!..
لكن ليو عندها قال بابتسامة مكر : هه .. أنا أيضاً صرت من أفراد المنزل طالما زوج تلك المغفلة في الأسفل !!..
هو الآخر أيضاً ؟!!.. أيعتقدان منزلنا سبيلاً ؟!!..
التفتت كيت نحوي مستنكرة : هل وافقت على استقبال هذا المتشرد عندك ؟!!..
ببرود ممزوج بالاستنكار قلت : أجل ..!
سأل عندها ليو بانزعاج : لقد قبلت تحدي هاري صاحب العمارة إذاً بشأن هذه الصبيانية ؟!..
بذات النبرة أجبت : إنه كذلك ..!
تبادلا عندها نظرات منزعجة .. بدا أن كل منهما لا يملك شيئاً ليقوله ..!
هنا قال ليو بعد بانزعاج بسيط و مكتوم : اعتقد أننا متعادلان ..!
بذات النبرة أومأت كيت إيجاباً : يبدو هذا ..! إذا لنعقد هدنة .. حتى يسيطر أحدنا على هذا المنزل !!..
أومأ هو موافقاً فما كان منها إلا أن قالت بهدوء وهي تغادر : الإفطار جاهز !!..
سار خلفها و هو يقول : سأغسل وجهي أولاً ..!
.
.
.
سحقاً !!.. سحقاً !!.. سحقاً لليوم الذي قبلت فيه بتربية أطفال مشردين !!!..
.
.
.
قالت ماذا ؟!.. قالت حتى يسيطر احدنا على المنزل !!.. و ذلك الأهبل وافق على الاقتراح المحايد بالنسبة لهما !!!..
و كأنني لم أدفع المال مقابل السكن هنا !!..
تنهدت بضجر و أنا أمسك برأسي .. اهدأ لينك .. أنت مع كيت الصبيانية توفر نصف الإيجار .. و بالنسبة ليو فعليك أن تحتمل شفقتك على متشرد مثله !!..
علي أن استعيد أعصابي .. لكني أعتقد أنها أتلفت !!..
عدت أدراجي عندها لغرفتي لأجد ريك يخرج من دورة المياه وهو يقول : كأني سمعت أصوات شجار .. هل تشاجرت مع ليو مجدداً ؟!..
أومأت سلباً و ابتسمت بامتعاض : لا .. بل تلك الوحوش المشردة كانت تتشاجر على من هو صاحب منزلنا !!.. يبدو أننا سكنا في المكان الخطأ يا ريك !!..
كان ينظر إلي بتعجب و لم يفهم شيئاً .. لكنني تجاوزته عندها : لا تهتم .. كنت أهذي فقط .. إنني على حافة الجنون ..!
اعلم أن تعجبه أزداد و ربما يعتقد أنني لم استيقظ بعد ..!
لكن المصيبة هي .. أنني في كامل قواي العقلية !!!..
.............................................
كنا نجلس على طاولة الطعام تناول البيض المقلي .. مجدداً !!!..
أعطيت كيت أبرتها منذ قليل و قد كانت هادئة للغاية و كأنها لا تريد أن تظهر كرهها للإبرة أمام ليونيل الذي بدا غير مهتم إطلاقاً ..!
ربما وجوده سيجعلها هكذا دائماً .. هناك حسنة بسيطة في الموضوع إذاً ..!
وقف ليو و حمل حقيبته وهو يقول : سأذهب للمدرسة الآن ..!
بابتسامة رد رايل : إلى اللقاء ..!
بينما قلت في نفسي : ( ذهاب بلا عودة ) !!..
لكني عندها انتبهت لشيء بعد أن غادر ذلك الأحمق المشرد : كيت .. ألن تذهبي أنت للمدرسة أيضاً ؟!.. أعتقد أنك تغيبت بالأمس ..!
كنت أتمنى أن تكون إجابتها نعم حتى أهنأ بقليل من الراحة هذا الصباح ..!
لكنها أومأت سلباً : لا .. أنا في إجازة ..!
قطبت حاجبي مستنكراً : إجازة ؟!!..
- إجازة طبية ..! ربما أعود للمدرسة الأسبوع القادم ..!
- و لما .. ربما فقط ؟!!..
- لا احب المدرسة .. لذا أنا لا أذهب كثيراً ..!
تدخل هنا رايل ليقول باستغراب : لازلت طالبة في سنتك الإعدادية الأولى .. قد يضر هذا بمستقبلك إن تغيبت الآن ..!
بضجر أجابته : أنا لا اهتم ..! تلك المدرسة بغيضة للغاية و مليئة بالمنافقين ..! كما أن الاساتذة مملون و يجلبون الاشمئزاز ..!
واضح أنه لا يمكن إقناعها إطلاقاً بالذهاب !!..
تنهدت بضجر عندها : تأكدي أن تذهبي الاسبوع القادم .. كما قال ريك غيابك في هذه المرحلة سيسبب الكثير من المشاكل لك فيما بعد ..!
تجاهلتني عندها و هي تحمل طبقها و تسير إلى المغسلة ..!
بينما وقف ريك وهو يقول : سأعود لاستذكار دروسي ..!
وقفت أنا خلفه : لبدأ باللغة الإنجليزية إذاً ..!
أومأ موافقاً ..!
تركنا الطاولة بعد أن قالت كيت بأنها ستجلي الصحون دون مساعدة أحدنا ..!
و هكذا قضينا ذلك الصباح باستذكار اللغة الإنجليزية بينما كيت تجلس عندنا تشاهد التلفاز بدون صوت ..!
في النهاية انتهى الأمر بها نائمةً كما يحدث دوماً ..!
و أنا حتى الآن لا أعلم لما لا تنام في منزلها الذي يقع بجوار منزلنا بالضبط !!..
احضر رايل غطاءً و وضعه عليها فالجو بارد حتى في الداخل ..!
كان هاري قد اتصل بي و سألني عنها و إن كنت قد اعطيتها الانسولين .. فقد تم استدعاءه اضطرارياً للمشفى في الخامسة فجراً ..!
لكنه يقول بأنه سيكون موجوداً قبل ابرة المساء ..!
وصلت الساعة إلى الثانية عشر دون أن ندرك .. لقد حان وقت الظهيرة ..!
أغلقت الكتاب الذي شرحنا معظمة و أنا أقول : هل لا زلت تستطيع استيعاب المزيد ؟!..
تنهد بتعب : ليس بعد الآن .. بدأت أشعر بالدوار ..!
فتحت كيت عينيها عندها و بتلقائية سألت : كم الساعة ؟!..
أجبتها بهدوء : إنها الثانية عشر ..!
رفع جسدها عن تلك الأريكة التي يبدو أنها ستكون لها من اليوم فصاعداً : هل ستتناولون الغداء ؟!..
- أعتقد ذلك ..! لكن أي شيء إلا البيض المقلي !!.. معدتي مصدومة به و ستقيم احتجاجاً علي إن أدخلت المزيد منه إليها ..!
نظرة إلي بامتعاض : عليك أن تكون سعيداً لأن هناك من يطهو لك ..!
تنهدت عندها : أنا لست معترضاً عليه .. لكن ليس ثلاث وجبات متتالية !!..
سمعت صوت باب المنزل يفتح و يتبعه صوت أحدهم : لقد عدت ..!
جاء طفلي الآخر !!..
دخل إلى الغرفة عندها و هو يقول : ماذا لدينا على الغداء ؟!!..
ابتسمت بسخرية و أنا أقول : هناك طبق الستيك المشوي إضافةً إلى الباستا الإيطالية ..!
نظر إلي بضجر : أتسخر مني ؟!!..
- إن كنت تعتقد أننا سنعد الغداء هنا فعليك أن تعلم بأنه البيض المقلي لا غير !!!..
- لقد تناولناه على عشاء الأمس و فطور اليوم !!..
- و لعلمك .. أنا أكلته على الفطور بالأمس أيضاً !!..
بانزعاج هتفت كيت : أنتما لا تستحقان أن يطهو أحد لكما أصلاً ..!
تدخل هنا رايل ليقول بضجر : كفو جميعاً عن هذا الحديث الذي ليس له معنى ..! انا سأعد الغداء ..!
نظرت إليه عندها بجد : إن كنت تملك الوقت لإعداد الغداء الأفضل أن تصرفه في قراءة أحد الكتب ..! ريك أنت عليك أن تدرس ما درسه طلاب المدارس في اربعة أشهر خلال هذا الأسبوع فقط ..!
بذات الانزعاج قال : أعلم هذا .. لكن ماذا أفعل و أنا عندي ثلاثة قطط جائعة ؟!!..
- و كأنك لست جائعاً أنت الآخر ..!
- أنا كذلك .. لكني سأقبل بأي شيء حتى لو كان البيض المقلي !!..
- أرجوك لا تقل اسمه مجدداً فمعدتي باتت تؤلمني منذ أن اسمع به فقط ..!
قبل أن يقول أحدنا كلمة أخرى رن جرس المنزل فوقفت عندها و أنا أتساءل : هل عاد هاري مبكراً يا ترى ؟!.. أم أنها السيدة آنيا ؟!..
وقفت أمام الباب و فتحته دون ان أنطر من العين السحرية أو أسأل عن القادم من خلال جهاز الرد ..!
و عندما رأيت من ذلك الزائر .. ابتسمت لا شعورياً و قد غمرت سعادة لا شعورية قلبي و هتفت : خالتي !!!..
أجل .. إنها ميراي التي كانت تقف امامي و على وجهها ابتسامة لطيفة ..!
هتفت هي الأخرى بسعادة : عزيزي لينك ..!
تقدمت وعانقتني بسرعة و قد غمرتها الفرحة : اشتقت إليك ..!
ضحكت بخفة عندها و أنا أبادلها ذلك العناق : و أنا أيضاً ..!
ابتعدت عني بعد لحظات وهي تقول : كيف حالك ؟!!.. لقد كنت قلقة عليكما ؟!.. هل المنزل الجديد مناسب ؟!.. إن لم يكن كذلك فيمكنكما العودة للعيش معي ..!
أمسكت يدها و أدخلتها و أنا اقول بذات ابتسامتي : أدخلي أولاً .. و عندها قولي ما تشائين .. لديك اليوم بطوله ..!
ضحكت عندها : أنت محق .. أين ريك ؟!..
أغلقت باب الشقة و أنا اشير إلى غرفة الجلوس : إنه هناك ..!
سارت بسرعة ناحية ذلك الباب و أنا خلفها و ما إن دخلت حتى انتبه لها رايل و وقف على الحال و قد بدت على وجهه ابتسامة سعيدة و متفاجئة ..!
بينما أسرعت هي ناحيته و عانقته بسعادة : ريكايل عزيزي .. اشتقت إليك كثيراً ..!
بادلها ذلك العناق و قد اتسعت ابتسامته : و أنا أيضاً خالتي .. بشكل لا تتصورينه ..!
ابتعدت عنه عندها : كيف هي الدراسة ؟!.. أرجوا أنك لا ترهق نفسك ؟!..
- اطمئني فالأمور تسير على ما يرام ..!
- هذا رائع .. المهم أن تتنبه على صحتك ..!
- لا تقلقي بهذا الشأن .. فأنا أشعر أني بخير في الفترة الأخيرة ..!
بابتسامة حانية قالت : أرجوا أن يدوم هذا ..!
أخذت تنظر للمكان حولها : يبدو أن شقتكم لطيفـ ....!
صمتت فجأة و تحولت ملامحها للاستغراب ..!
كانت تنظر إلى كيت و ليو حيث كانت الأولى تجلس على أريكتها و تحدق بخالتي بحذر .. بينما كان ليو يجلس على أريكة أخرى قرب رايل و قد اشاح بوجهه و تورد وجهه لسبب أجهله !!..
ابتسمت خالتي و بنبرة مستنكرة بعض الشي : رائع .. لقد كونتما الصداقات بسرعة ..!
أومأ رايل إيجاباً : صحيح ..!
بينما تمتمت أنا : ليست صداقات إطلاقاً !!..
أشار أخي إلى كيت وهو يقول : هذه كيت ليبيرت .. وهي شقيقة الدكتور هاري ليبيرت ..!
هتفت خالتي بسعادة : إنها تشبهه كثيراً .. الشعر و العينان ذاتها ..!
أشار بعدها إلى الأحمق الآخر : و هذا ليونيل .. إنه يعيش هنا في الطابق الرابع ..!
ابتسمت خالتي له : مرحباً ..!
لم يرد بل أوشح بوجهه أكثر .. انه يبدو خجلاً بطريقة ما ..!
نظر ريكايل إليهما عندها : أعرفكما خالتنا أنا و لينك .. الآنسة ميراي ..!
تمتم كلاهما بخجل : مرحباً ..!
ما قصتهما ؟!!.. و كأنهما ليسا من كان يتشاجر هذا الصباح !!..
هذان الاثنان سيجلبان لي الجنون بالفعل !!..
أخذت خالتي في جولة في تلك الشقة الصغيرة و قد ابدت إعجابها بها ..!
لفت نظرها الفراش الذي كان في تلك الغرفة الأخرى و سألت باستغراب : هل ينام أحد هنا ؟!..
بابتسامة صغيرة قلت : ليو قضى الليلة الماضية هنا .. لديه بعض المشاكل مع اسرته و قد رفض العودة إلى منزله فاقترحت عليه ان يبيت معنا ..!
- هكذا إذاً ..! إنه أمر جيد فوجود مزيد من الأشخاص سيبعث جو السعادة في هذا المنزل ..!
إطلاقاً !!.. بل سيزيد المشاكل !!.. ربما لو كانوا أشخاصاً غير ليو و كيت لكان الأمر أفضل ..!
تذكرت عندها شيئاً : صحيح خالتي .. قلت أنك ستعودين ظهيرة اليوم .. فهل جئت من المطار مباشرةً ؟!..
أومأت سلباً بابتسامة مرحه : لا .. لكني تمكنت من تقديم رحلتي و قد عدت في الصباح الباكر ..! ذهبتي لشقتي و أخذت غفوة صغيرة .. و ما إن استيقظت حتى قررت أن آتي إلى هنا ..! أردت أن أفاجئكما لذا اتصلت بالدكتور ليبيرت و سألته عن مكان العمارة ..!
- و هي بالفعل مفاجأة رائعة ..!
عدنا إلى غرفة الجلوس و قد سألت خالتي : هل تناولتم الغداء ؟!..
أومأت سلباً : كنا نتناقش في هذا الموضوع قبل أن تصلي ..!
- إذاً سأطهو لكم شيئاً ..!
تدخل ريك عندها : لكن لا يوجد أواني في المطبخ ..!
باستغراب سألت : ألم تشتروا شيئاً بعد ؟!..
- في الحقيقة كنا ننوي ذلك .. لكننا لا نملك خبرة في هذا ..!
- أذاً أين كنتم تطهون طعامكم ؟!.. ريكايل لا تقل لي أنكما تناولتما طعام المطاعم الفاسد ؟!..
- لا اطمئني ..! كيت كانت تطهو البيض المقلي و تحظره إلى هنا ..!
بانزعاج قلت : الم أطلب منك ألا تذكر اسمه مجدداً ..!
نظرت خالتي إلى كيت و ابتسمت : تجيدين الطبخ ؟!..
أومأت إيجاباً دون أن تبعد نظراتها الحذرة عن ميراي : قليلاً ..!
- هذا رائع بالنسبة لفتاة في سنك ..! ما رأيك أن نعد الغداء معاً ؟!.. أهذا ممكن ؟!..
- آه .. أم .. لا بأس ..!
وقفت عندها و سارت خارجة من الغرفة وهي تقول : شقتنا هي التي على اليسار ..!
وقفت خالتي و لحقت بها : ها أنا خلفك .. سنعد لكم وجبة لم تتذوقوا مثلها منذ زمن ..!
.......................................
وجبة الغداء كانت رائعة .. كما هو متوقع من ميراي ..!
لقد اعدت لنا الباستا .. لم أتناولها منذ زمن لذا كدت أبكي فرحاً !!..
أيضاً هناك السلطة و العصير .. و السيدة آنيا أحضرت لنا بعض من الشطائر لأن ابنها في ضيافتنا ..!
بعد ان انتهى الغداء قامت كيت و الخالة ميراي بجلي الصحون .. ريكايل عاد لاستذكار دروسه مجدداً بينما ليو هو الآخر بدأ بالاستعداد لامتحانه غداً ..!
قررنا أنا و خالتي أن نذهب لاقتناء آوني للمطبخ و قد انضمت إلينا كيت ..!
الساعة الآن تشير إلى الرابعة مساءاً ..!
.................................................. ...
كنت أنظر إلى ذلك الصحن الخزفي المذهل .. سعره مرتفع للغاية ..!
لقد كنت أكل في صحن أفخر منه في السابق لكني لم أنتبه له إطلاقاً ..!
- لينك .. تعال و انظر إلى هذه ..!
سرت ناحية خالتي التي كانت تقف عند رف آخر تحمل بين يديها صحناً عليه بعض الزهور البسيطة ..!
قطبت حاجبي : نحن شباب وهذه زهور ..!
باستياء قالت : لكنها جميلة .. كيت تأكل معكم أليس كذلك ؟!.. انها فتاة و وجودها يفي بالغرض ..!
تمتمت بنوع من السخرية : لا .. يمكنك أن تعتبريها احد الشباب ..!
- قلت شيئاً ؟!..
- لا شيء ..!
أعادت الصحن لمكانه فالتفت أنا لجهة أخرى لأجد كيت تحدق في طبق ما ..!
اقتربت ناحيتها بهدوء : ماذا وجدت ؟!..
- إنه الانسب ؟!..
ان لديها ما تفضله إذاً ..! ما هو يا ترى ؟!..
ادارت الطبق نحوي لأجد أنه عبارة عن لون أبيض لا غير !!!..
تنهدت عندها : ألم تجد أجمل من هذا ؟!.. هناك الكثير من الأشكال المليئة بالرسوم ..!
بضجر أجابتني : كلها بشعة !!.. هذا هو الأفضل هنا ..! كما ان ثمنه ليس مرتفعاً ..!
- بالتأكيد لن يكون كذلك بما انه لا يحتوي أي شيء فني ..!
- هل سنأكل فيها أم سنتأملها ؟!!..
بالنسبة لي فقد بقيت أتأمل كلماتها التي كانت تقولها بسخرية .. " سنأكل " .. الأجدر بها أنها قالت " ستأكل " ..!
هذا يعني أنها جادة بشأن السيطرة على منزلي !!..
أخذت الطبق منها و اتجهت إلى خالتي : سآخذ هذا ..!
التفتت إلي و بدا عليها الضجر : ها ؟!.. لكنه ليس لطيفاً إطلاقاً ؟!..
ابتسمت عندها : نحن سنأكل فيه و لن نتأمله .. كما أنه أرخص من البقية و يبدو عملياً أيضاً ..!
التفت ناحية كيت التي كانت لا تزال تحدق بالصحون المعروضة ..!
تنهدت خالتي عندها : كما تشاء .. بما أن ميزانيتك محدودة ..!
في النهاية اشترينا سبعة صحون و سبعة أكواب من ذلك النوع .. كما أخذنا رزمة صغيرة من الملاعق و السكاكين و مستلزمات المائدة ..!
تابعنا التسوق و اشترينا الأواني و مواد الطبخ كلها ..!
و هكذا مضى الوقت و نحن نتسوق دون أن نحمل شيئاً بل هم سيرسلون الصناديق إلى الشقة في المساء ..!
كانت الساعة تشير إلى السادسة و نحن نسير في ذلك الشارع المليء بالناس ..!
وقفنا عند أحد المقاهي حيث الطاولات الخارجية : لنجلس هنا ..!
هذا ما قالته خالتي بسعادة فما كان منا إلا أن نفذنا ..!
حين قدم النادل طلبنا القهوة و بعض الكعك ..!
التفت إلى كيت عندها : يمكنك أن تأكلي كعكة الكراميل الحلوة فأنت بالتأكيد قد صرفت الكثير من الطاقة بعد هذا السير اليوم .. لكن القهوة ستكون بلا سكر ..!
نظرت إلي بنوع من الحقد و الانزعاج الهادئ : لكني صرفت طاقة أكثر مما تتوقع ..!
ابتسمت عندها : إن كنت تريدين أن تضعي السكر مع القهوة فعليك أن تغيري الكعكة إلى كعكة الشوكولا المرة ..!
- يا لك من لئيم !!..
- يمكنك وصفي كما تشائين لكني أخبرتك بما عليك فعله ..!
اشاحت بوجهها مستاءة بينما بدا الاستغراب على خالتي ..!
قدم النادل عندها و وضع الكعكات و القهوة أمامنا ..!
و قبل أن أفعل شيئاً أخذت مكعبات السكر من أمام كيت : ليس هذه ..!
نظرت إلي بترجي : أرجوك واحد فقط .. أنا لا استطيع شربها مرة ..!
- لكن الكعكة حلوة جداً .. سيضرك هذا ..!
- أخبرتك أني صرفت طاقة !!..
- قلت لا !!..
- لا تدعني أبدأ بعنادك و أضيفك لقائمة هاري الآن !!!..
بدا انها غضبت بالفعل !!.. لكني لن أرضخ لها مثل هاري !!..
و قبل أن أقول شيئاً انتبهت للنادل الذي قال : عذراً .. هناك سكر قليل السعرات .. إن كنت تعانين من مرض ما فيمكنك استخدامه ..!
بضجر قالت :أعلم هذا .. لكن نكهته ليست كالسكر كامل السعرات ..!
نظرت إلى النادل وقد تجاهلتها : أحضر بعضاً منه .. إن كانت تريد السكر فيجب عليها أن ترضى به ..!
أومأ إيجاباً باحترام :حاضر سيدي ..!
سيدي .. لقد افتقدتها في الفترة الأخيرة ..!
نظرت إلي خالتي باستغراب : ما القصة ؟!..
نظرت بطرف عين إلى كيت : إنها تعاني من سكري الأطفال ..!
بانزعاج علقت تلك : أنا لست طفلة ..!
- اعلم .. لكن حين يصيب السكري من في عمرك يسمى بسكري الأطفال !!..
- أعلم هذا ..!
ابتسمت لها عندها : كعكة الكراميل أمامك .. ألست سعيدة ؟!!..
نظرت للحظات للكعكة و قد تغيرت ملامحها إلى الهدوء .. أمسكت الملعقة و أخذت عينة منها و فور أن دخلت الملعقة لفمها حتى بانت عليها السعادة الكبيرة وهي تمتم : الكراميل .. هو الأفضل دوماً ..!
للأسف .. فالكراميل حلو للغاية .. و أحياناً أكثر من الشوكولا و الفانيلا .. لكنها تفضله على البقية ..!
نحن أيضاً بدأنا بتناول الكعك ..!
علينا العودة مبكراً من أجل إبرة كيت عند السابعة ..!
.............................................
دخلت عبر تلك البوابة مع كيت و الخالة ميراي ..!
و بينما نحن نسير على ذلك الطريق انتبهت لساحة اللعب هناك حيث كان طفلان يبنيان رجلاً ثلجياً و ريك يجلس معهما ..!
التفت إلى خالتي : اسبقوني للأعلى ..!
أومأتا موافقتين فسرت بهدوء ناحية رايل الذي كان يجلس على الثلج هناك ..!
كانت معه فتاتان .. لقد عرفت الأولى فقد رأيتها مسبقاً .. أعتقد أنها تدعى ايميلي ..!
الأخرى رأيتها عدة مرات تلعب هنا لكني لم أركز عليها ..!
كان لديها شعر ذهبي ينزل على أكتافها كالحرير و عينان عسليتان ..!
حين وصلت إليهم سألت باستغراب : ماذا تفعلون ؟!..
التفت لي ريك و ابتسم : لقد عدتم ..! نحن نلعب بالثلج ..!
ابتسمت بهدوء : و من هاتان ؟!..
- صديقتاي الجديدتان .. ايميلي و لين ..!
- انت بالعفل تحب الأطفال ..!
- لقد اعتدت على وجود الأطفال في حياتي .. و لأني لا استطيع الذهاب للملجأ كثيراً هذه الفترة فكرت بعقد الصداقات هنا ..!
نظرت إلى الفتاتين اللتان كانتا تحدقان بي و ابتسمت : مرحباً ..!
ابتسمتا و هتفتا سوية : مرحباً ..!
- أنا لينك .. و أنا أخوه الأكبر ..!
قلت هذا و أنا أشير إلى ريك الذي قال بامتعاض : التوأم ..!
- التوأم الأكبر ..! و أنتما ؟!..
نظرت إلي الكبرى منهما : أنا ايميلي .. و أنا في الثامنة ..! و أعيش في الطابق الثالث ..!
هتفت الأخرى بمرح و بصوت طفولي للغاية : و أنا لين .. عمري ست سنوات ..! و أعيش في الطابق الثاني ..!
جلست بقربهما عندها : تبدوان مستمتعتين ..! أنتما ماهرتان في صنع الرجال الثلجين ..!
بمرح قالت تلك الصغيرة : انا اصنع العم الثلجي كل يوم هنا ..!
لفت نظري انها نادته بالعم الثلجي ..!
أومأت ايميلي ايجاباً : صحيح .. أنا و لين و البقية نصنع السيد ثلجة كل يوم هنا ..!
السيد ثلجة أيضاً !!.. يبدو أن جين ليست الوحيدة التي تملك أسلوباً خاصاً في تسمية الأشياء ..!
- ايميلي .. لين ..!
التفت إلى الخلف لأرى ذلك الفتى الصغير وهو يركض ناحيتنا .. يمكنني القول انه في التاسعة من عمره و اعتقد أني رأيته عدة مرات سابقاً ..!
اقترب منا وهو يقول : ماذا تفعلون ؟!..
أجابته ايميلي : نصنع السيد ثلجة ..!
نظر إلينا ذلك الصغير ذو الشعر البني و العينين البنيتين فقالت لين و هي تشير إلي : هذا ريكايل صديقنا الجديد .. و الآخر هو اخوه لينك ؟!..
أومأ ريك سلباً : لا .. أنا ريكايل .. وهو لينك ؟!..
بدا عليها الاستغراب : هل هناك فرق ؟!..
ابتسم لها بهدوء : بالتأكيد صغيرتي .. فأنا شخص وهو شخص آخر ..!
- لكنكما تبدوان كشخص واحد ..!
- نحن متشابهان بالمظهر فقط ..!
- لكني لا اعرف ايكما ريكايل ؟!..
ربت على رأس أخي عندها وأنا أقول بابتسامة و اشير إلى وجهه : أنظري .. إن لريكايل جبين .. أليس كذلك ؟!!..
أومأت إيجاباً فأشرت لوجهي عندها : و لينك ليس لديه جبين ..!
هتفت بسعادة : فهمت ..!
نظر أخي للفتى الجديد : تعال و انظم إلينا .. ما اسمك ؟!..
- آركيف .. و أنا أعيش في الطابق الثاني ..!
يبدو أن من أصول التعارف هنا أن تذكر الدور الذي تعيش به !!.. فقد لاحظت أن الجميع يذكر هذا في أي لقاء تعارف !!..
وقفت عندها و أنا أقول : ريك سأعود للشقة الآن .. لا تتأخر فلا زال لديك الكثير لتسترجعه قبل موعد العشاء ..!
أومأ موافقاً عندها بضجر : اعلم هذا .. سأستذكر الرياضيات ..!
ابتسمت بهدوء : ما باليد حيله .. إنها فرصتك الوحيدة إن كنت تريد الدراسة هذه السنة ..!
تنهد بتعب عندها : اتمنى أن يسير الأمر على خير ..!
نظرت إلى ساعتي لأجد أنها تشير للسابعة .. و حين نظرت لموقف السيارات رأيت سيارة هاري هناك ..!
هذا يعني أنه سيتولى أمر ابرة أخته الآن ..!
رغم ذلك ودعت الأطفال و صعدت للأعلى ..!
دخلت إلى الشقة ليستقبلني صوت شجار ما ..!
- قلت لك تعالي الآن .. لا داعي لأن تكوني عنيدة هكذا ..!
- و أنا قلت أني لن أتحرك من هنا مهما حدث !!..
- و ماذا عن ابرتك ؟!..
- لا داعي لأخذها !!..
- لا أعلم متى ستفهمين بأنك لن تسطيعي أن تحافظي على توازنك بدونها !!..
- قل ما تشاء .. أنا لن أتحرك من هذا المكان ..!
تنهدت بتعب و أنا استمع لشجار هاري و كيت الصادر من غرفة الجلوس ..!
دخلت عندها لأرى تلك الفتاة تجلس على أريكتها بلا اهتمام بينما شقيقها الأكبر يقف أمامها و الغضب بادٍ عليه بينما خالتي تقف قرب الباب ..!
نظرت إليهما بهدوء : ما الذي يجري ؟!..
التفت هاري ناحيتي و قد تغيرت ملامحه إلى الهدوء و هو يقول : هذه العنيدة ترفض أن تأتي معي للمنزل لتأخذ ابرتها ..!
نظرت إليها عندها : كيت .. ألا بأس لديك بأخذها هنا ؟!..
أومأت إيجاباً مما أدهش هاري الذي ارتفع منسوب غضبه : أتمزحين ؟!!.. لا تتصرفي و كأن هذا منزلك كي تفعلي ما تشائي فيه !!.. هيا تعالي معي حالاً ..!
صرخت هي الأخرى بغضب : لن آتي معك الآن مهما فعلت !!..
تقدمت ناحية هاري حينها : لما أنت غاضب ؟!.. المهم أنها وافقت على أخذ الإبرة و ليس مهم المكان ..!
نظر إلي باحتجاج : إن تركتها تفعل ما تشاء فتتجاوز حدودها ..!
- لكن الأولوية الآن لأخذها الابرة .. ثم لا مشكلة لدي ببقائها هنا ..!
- الأمر ليس كما تعتقد لينك .. عليها أن تفهم أن لكل منزل خصوصياته و أنه لا يمكنها البقاء هنا طيلة اليوم و كأنها بلا منزل ..!
- طبيعي أن لا تبقى في المنزل وحدها .. ثم أن الشقتين متجاورتين و كالمنزل الواحد ..! غير أني و ريك لا نمانع وجودها إطلاقاً ..!
أيدتني خالتي فوراً وهي تقول بقلق : هذا صحيح دكتور ليبيرت .. ما رأيته أنها لم تسبب لهما أي مشكلة .. لذا لا تقلق بهذا الشأن فهم كالأصدقاء تماماً ..! المهم الآن ان تأخذ أبرتها ..!
نظر إلينا باستياء : هل تحرضانها علي ؟!..
أومأت سلباً و أنا أقول بجد : ليس الأمر كذلك .. لكن لا داعي لهذا الغضب الذي لن يحل شيئاً .. أنت تعلم أنها عنيدة لذا لا يجب أن يكون كلاكما عنيداً ..! على أحدكما أن يتنازل قليلاً ..!
نظر إليها بغضب : و أنا لن أكون من يتنازل دوماً ..!
يا إلهي .. لا يمكن أن يستمع لي إطلاقاً !!.. واضح أن شقيقته هذه قد أخرجته من طوره !!.. و ما يزيد الطين بله أنها لا تبدي أي اهتمام بغضبه و لا بالموضوع باسره ..!
لم أكن أنا من تكلم عندها بل ميراي التي قال بهدوء : دكتور ليبيرت .. يبدو أنك غاضب الآن لذا الأفضل أن تأخذ قسطاً من الراحة و أن تعطيها ابرتها .. سأعد لكم الشاي كي تريحوا اعصابكم ..!
تنهد بتعب وهو يقول : شكراً لك آنسة ستيوارت ..!
عاد ينظر لكيت عندها : حسناً الآن .. اتبعيني للمطبخ كي اعطيك ابرتك ..!
- لن أفعل !!..
نظر إليها بصدمة و لم يلبث أن صرخ غاضباً : أتمزحين معي ؟!..
هذه المرة صرخة هي : لا أريدك أنت !!.. لينك هو من سيعطيني ابرتي !!!!!!!!!..
.
.
.
صدمة !!..
.
.
.
هذه الفتاة مجنونة بكل تأكيد !!!..
لما أنا ؟!!.. لما فجأة تفضلني على أخيها ؟!.. رغم أني لا أعرفها إلا منذ يومين فقط !!..
بدا أن هاري غضب أيضاً !!.. هو غاضب من الأساس لكنه الآن سينفجر من الغضب !!!..
و حتى لا يعمل كارثة هنا سار مغادراً بغضب : أفعلي ما تشائين !!..
لم أعلم ماذا أفعل ؟!!.. هل علي أن أسرع خلف هاري و اعتذر منه ؟!.. أم علي أن أتحدث لهذه المجنونة و أفهم ما علتها ؟!..
نظرت لساعتي لأجد انها تشير للسابعة و خمس دقائق لذا تنهدت بتعب : حسناً .. هي اتبعيني للمطبخ كي أعطيك ابرتك ..!
.................................................. ............
مضى يومان على هذا الحال ..!
خالتي مسافرة الآن لإنجلترا ..!
ريك على وضعه الدائم طيلة الوقت يستذكر دروسه و يحشوا رأسه بالمعلومات ..!
هاري لا يزال مستاءً من أخته و قد أخبرني بأن لا أقلق كثيراً بشأن الموضوع فهو سيبحث عن حل له ..!
أما كيت فكما هي العادة تقضي طيلة اليوم معنا في المنزل و تذهب لمنزلها وقت النوم فقط .. و قد كنت أتولى معها أمور المطبخ حيث تعلمت أعداد بعض الأصناف من بعض الكتب التي اعطتني إياها خالتي ..!
ليونيل عاد لمنزله بعد رحيل زوج أمه .. و لكنه يقضي جزءاً من يومه معنا كشيء أساسي ..!
هناك أمر جديد طرأ على تخطيطنا للأمور ..!
فقد تقرر أن أبدأ بالدراسة مطلع الأسبوع القادم و الذي سيقدم فيه ريك امتحاناته !!..
كان هذا ما أخبرني به هاري فليس من الجيد أن أضيع أسبوعاً آخر بلا سبب !!..
أما ريك فسيذهب لوقت قصير و يجري الامتحان ثم سيعود للمنزل !!..
هذا الأمر أثار قلقي بالفعل !!.. ماذا عساي أن أفعل الآن ؟!!.. أنا غير معتاد على هذا !!..
مدرسة عادية !!.. أنا لا أعلم ما الأمور التي قد تواجهني كما أن تعامل الطلاب معي سيكون عادياً بعكس مدرستي السابقة التي كنت أعامل فيها بكل احترام !!..
أشعر بالتوتر و بألم في المعدة فور التفكير في الأمر !!.. حتى أني لا أعرف كيف أبدأ !!..
كل ما اتمناه أن يمر الأمر على خير ..!
.................................................
استلقيت على سريري تمام العاشرة بإرهاق .. إن تنظيف المطبخ مع كيت في نهاية كل يوم يستنزف طاقتي !!..
نظرت إلى ريكايل الذي كان على السرير الآخر ينظر إلي و يتفكر !!..
قطبت حاجبي : ما الأمر ؟!..
بنبرة متسائلة و باردة : ماذا ستفعل في يومك الأول في المدرسة ؟!..
بانزعاج قلت : أرجوك لا تذكرني .. أنا نفسي لا أعلم !!..
جلس عندها على السرير وهو يقول : لما تستصعب الأمر هكذا ؟!..
- يحق لي هذا ..! أنا لم اعتد بعد على مجتمع العامين ..!
- لكني أرى أنك تبلي بلاءً حسناً ..!
- إن كنت تقصد الطبخ و التنظيف فهذا لا يعتبر امراً مذهلاً !!.. المصيبة العظمى هي التعامل مع الآخرين ..!
- كن على طبيعتك فقط !!..
- ريك لا اعتقد أنك تفهم الأمر ..! لقد تربيت على أن يحترمني الجميع و يعاملوني معاملة خاصة ..! لذا سأتوتر عندما أكون وسط كثير و كثير من الأولاد و الفتيات البسطاء اللذين لا يعرفونني !!.. منذ كنت في الصف الأول و الجميع يعرفني بسبب اسم اسرتي و الآن سأكون مجهولاً تماماً ..!
- أنت تعقد الأمور ..! كل ما عليك فعله أن تكون طبيعياً و سيكون الجميع طبيعياً عندها ..!
- و ماذا أفعل حين أدخل الصف ؟!..
- قف أمام الطلاب و عرف عن نفسك ..! يمكنك أن تكتفي باسمك و عمرك فقط ..! لا داعي لأمور أخرى ..!
- و ان سألني أحدهم عن سبب انتقالي أو عن مدرستي السابقة ؟!..
بمكر قال : هنا يجب أن تظهر مهارتك في الهرب من الإجابة ..!
تنهدت بتعب : أشعر أني سأتسبب بمصيبة ..!
ابتسم بهدوء عندها : لقد تبقى بضعة أيام .. لذا لا تقلق بهذا الشأن ..!
- ستمر هذه الأيام بسرعة !!.. أنا متأكد من هذا !!..
- عموماً فكر الآن بالأهم .. خالتي سعود هذا الفجر من انجلترا صحيح ؟!..
- أجل ..!
- اذاً أذهب معها للتسوق و احضر ملابس المدرسة ..! فنحن لا نملك الزي الرسمي بعد ..!
- أنت محق .. لا بأس .. و ماذا أيضاً ؟!..
- حقيبتان و الأحذية ..!
- ألن تأتي أنت أيضاً ؟!..
- لا .. لا وقت لدي ..!
- و كيف تردني أن أشتري لك ؟!..
- بالنسبة لمقاس الملابس و الأحذية فكلها مطابقة لك .. أما الحقيبة فلا بأس بأن تكون مختلفة عن حقيبتك باللون ..! عموماً مثل هذه المدارس تعتمد تصميم حقائب واحد و الألوان قليلة و كلاسيكية ..!
- أفهم هذا ..! حسناً لا بأس ..! الأفضل أن ننام الآن ..!
وقف و اتجه إلى مفتاح الإضاءة و أغلقه وهو يقول : تصبح على خير ..!
- تصبح على خير ..!
.................................................. .......
في اليوم التالي نفذت ما طلب مني ريك و ذهبت للتسوق مع خالتي .. بالإضافة إلى كيت و ليو اللذان لا أعلم كيف جاءا معنا ؟!..
في احد المحال الكبيرة حيث كانت الأزياء الرسمية لمدارس المنطقة موجودة فيه بدأت البحث عن زي مدرستنا و قد وجدته في الأخير ..!
بنطال اسود و قميص أبيض و سترة سوداء .. فقط !!..
إنه بسيط للغاية !!.. لكن اعتقد أن كل ازياء المدارس العامية هكذا فكما أرى الأزياء الأخرى لا تختلف كثيراً ..!
نظر إلي ليو و سألني : أين كنت تدرس سابقاً ؟!..
بدأنا .. هذا الفتى مصر على نبش ماضيي !!!!!..
ابتسمت بتصنع : كنت ادرس في منطقة أخرى في غرب باريس ..!
اعتمدت الغرب لأننا حالياً في الشرق ..!
و من حسن حظي أنه لم يسأل أكثر : لينك .. تعال و انظر للأحذية هنا ..!
سرت ناحية خالتي التي نادتني و نظرت إلى رفوف الأحذية تلك ثم قلت بملل : لدي الكثير من الأحذية .. لذا لن اشتري شيئاً ..!
فوجئت بخالتي تسحبني ناحيتها وهي تقول بهمس : أيها الأحمق .. أنت لم ترى أحذيتك جيداً بالتأكيد !!.. ألا تعلم أنه لو رأى أي شخص كم هو فاخر حذائك الذي ترتديه لشك في أمرك فوراً !!.. عليك أن تماشي هذا المجتمع ..!
تمتم عندها بضجر : أماشي هذا المجتمع لا يعني أن أشتري حذاءً أقل جودة من باقي احذيتي !!..
- أنت لا تقدر الأمر ..! هيا بسرعة اختر لك حذاءً و لأخيك واحداً ..!
يبدو أن علي أن أرضخ للأمر .. و بالفعل بقيت أنظر إلى تلك الأحذية بعضها رياضية و بعضها كلاسيكي ..!
- هذا الحذاء جيد ..!
التفت ناحية كيت التي نطقت بهذه الجملة .. لم أعلم أنها تسير خلفي !!..
نظر إلى الحذاء بين يديها لأجد أنه حذاء بلون أسود و مقدمة بيضاء بينما خيوطه باللون الابيض كذلك ..!
انه جميل و يبدو عملياً أيضاً : أنت محقه .. أنه الأفضل هنا ..!
أخذته منها و نظرت إلى سعره .. اعتقد أنه معقول .. رغم أنه يعد رخيصاً بالنسبة لي فأنا لم أشرتي حذاءً بأقل من ضعف قيمة هذا مطلقاً ..!
كانت كيت تنظر لبقية الاحذية .. أنها هادئة حين لا يكون هاري هنا .. صحيح أنها تعترض على أشياء كثيرة لكنها عاقلة نوعاً ما ..!
كما أني لاحظت بأن ذوقها يشبه ذوقي ..!
عموماً يبدو أن ذوقها صبياني كما هو مظهرها ..!
لقد كانت ترتدي بنطال جينز أزرق و كنزة قطنية بيضاء مع سترة جلدية بنية .. و حذاء رياضي صبياني .. إضافة لشعرها القصير كالفتية تماماً ..!
انه مظهرها المعتاد بالنسبة لي .. لكني أود لو أراها ترتدي فستاناً ..!
أعتقد أن هذا ضرب من المستحيل !!..
- ما بك تحدق بي هكذا ؟!..
افقت من شرودي على صوتها و هي تنظر إلي بشك !!..
بهدوء قلت : أتخيل فقط كيف ستكونين بفستان أو تنورة ..!
توردت وجنتاها رغم ملامحها العابسة : ليس جميلاً !!..
ابتسم لها عندها : أنت فتاة .. و مهما كان سيكون شكلك أكثر لطفاً بها ..!
أوشحت بوجهها منزعجة : أنها لا تناسبني !!..
- لما تقولين هذا ؟!.. أخبريني ألا تحبين ارتداءها لأنها لا تناسبك ؟!..
- البقاء فيها مزعج !!.. انها غير مريحة !!.. ثم لما تعتقد أنها لطيفة ؟!!.. أنا لا اعتقد ذلك إطلاقاً ..!
لوهلة فكرت بأن هذه الفتاة تحتاج دروساً بعنوان " كيف تصبحين فتاة بحق " ؟!!..
اعتقد أن ليديا ستكون معلمة جيدةً لهذا !!..
تنهدت بتعب و أنا اتمتم : ليديا .. لم أعتقد بأن العيش من دونك صعب هكذا ..!
أني بالفعل أفتقدها و احتاج مساعدتها و مشورتها في أمور كثيرة .. خاصة بعد أن تغيرت حياتي تماماً ..!
في الحقيقة .. الحديث معها فقط كان يزيل الهم من نفسي !!.. فقد كنت استطيع أن أعبر عما في داخلي بكل سهولة حين أتحدث إليها ..!
- ليديا ؟!!.. من هذه ؟!..
التفت مذهولاً إلى ليو الذي كان يقف بجانبي من الجهة الأخرى و هتفت : منذ متى و أنت هنا ؟!..
ابتسم بمكر عندها : أيمكن أنها .. رفيقتك ؟!..
قطبت حاجبي و أنا اقول بإحراج : ليس كذلك !!.. ثم ما شأنك أنت ؟!!..
بنبرة حالمة تمتم : ليديا .. أنا مشتاق إليك يا عزيزتي !!..
ثم نظر إلي : كدت تقول هذا أيضاً !!..
بغضب أجبته : بالطبع لم أكن لأفعل !!.. إنها صديقة فقط !!..
- هه .. أجزم بأنها هجرتك !!.. لهذا تقول أن الحياة بدونها صعبة !!.. لا شك أنها ضجرت منك !!..
- كيف تجرأ على هذا أيها الأحمق المشرد !!!..
- أنا مشرد ؟!!!.. أنت مجرد تافه يا .. لينك مارسنلي !!..
شهقت خالتي فزعة و مصدومة عندها بينما صرخت بغضب : ألن تتوقف عن مناداتي بهذا الاسم !!..
- أنا واثق أنك هو !!.. و سأثبت هذا يوماً ما !!..
- واثق ؟!!.. أمجنون أنت ؟!!.. أخبرتك مئة مرة بأني مجرد فتى عادي أعيش مع أخي !!.. كيف اكون لينك مارسنلي هكذا ؟!!.. يبدو أنك بالعفل مجنون أن اعتقدت أن تشابه الأسماء سيجعلني هو !!..
قبل أن يقول شيئاً هتفت خالتي باستياء : توقفا عن الشجار !!.. إنكما تسببان الأحراج ..!
التفت عندها لأرى مجموعة من الموجودين يحدقون بنا !!..
مصيبة .. أرجوا أن لا يكونوا قد دققوا في الحديث و إلا فسأكون في مشكلة لو شك أحدهم في أمري ..!
رمقت ليونيل بنظرة حادة قاتلة لأجد أنه يرمقني بذات النظرة !!..
تمتم كلانا في الوقت ذاته : كم أكرهك أيها المغفل !!..
حسناً .. يبدو أن مشاعر الكره بيننا متبادلة !!..
الأفضل أن نتوقف عن هذا قبل أن أقتله !!.. فهو بفعل سيصيبني بالجنون ..!
اخترت لريك حذاء مشابه لحذائي بلون رمادي .. كما اشترينا الحقائب و قد اخذت سوداء لي و رمادية لرايل ..!
بعد أن انتهينا خرجنا من المتجر و سرنا سوية عائدين إلى الشقة ..!
اشار ليو ناحية أحد المقاهي : لنشرب القهوة هنا ..!
عارضته متعمداً : ليس الآن .. الأفضل أن نعود للمنزل فريك هناك وحده ..!
بانزعاج قال : إنه ليس طفلاً كي تقلق عليه ..!
- سأساعده في استذكار الدروس !!..
ببرود قالت كيت : الجو بارد .. الأفضل أن نعود للمنزل ..!
نظر إليها ليو إليها بضجر : لما جئت إن كنت تشعرين بالبرد ؟!!..
نظرت إليه بحدة : أتي عندما أريد !!.. لا شأن لك بهذا !!..
- أنت لا تتوقفين عن الالتصاق بكل السكان الجدد .. حتى يملوا منك و يطلبوا الابتعاد !!..
- أنظروا من يتكلم ؟!!.. الفتى المشرد الذي يهرب من المنزل و يختبأ في بيوت الآخرين حين يكون زوج أمه موجود !!..
- الأمر ليس يخصك يا صبيانية !!!..
- و أمري لا يخصك يا متشرد !!..
هذان الاثنان لن يتوقفا عن هذا !!!.. رغم أنهما يستعملان كلمات قوية و جارحة إلا أن أحدهما لا يتأثر قيد أنملة !!..
- أنت تتصرفين كأنك فتى طيلة الوقت !!.. كوني أنثوية أكثر و اثبتي لي أنك فتاة !!..
- فتاة رضيت أم لم ترضى !!.. و لا اسمح لك أن تشكك في هذا !!..
- حقاً ؟!!.. أني بالعفل لا أكاد أصدق أنك فتاة !!.. كل من يراك يعتقد أنك صبي من الوهلة الأولى !!.. أنظري إلى شعرك كيف هو !!.. ما إن يطول سنتيمترين حتى تقصيه بكل همجية !!..
- أهذا ما تريد إزعاجي به ؟!!.. إذاً سأكون فتاة حين تعترف بأنك منبوذ من الجميع !!.. أنت أيضاً تلتصق بالجميع كي لا تكون وحيدة فحتى والدك الذي كنت تفخر به تزوج و فضل فتاة على وجودك معه !!..
- ماذا ماذا ماذا ؟!!!.. على الأقل وجودي لم يمنع والدي من الزواج على عكسك تماماً !!!.. بسببك هاري قد ......!
صرخت عندها لتقاطعه : توقف !!!!.. هذا ما لا أسمح لك بالتكلم فيه !!..
صمت هو للحظات و نظر إليها بحدة و صرخ : صبيانية !!..
صرخت هي بصوت أعلى : مشرد !!..
هذه المرة كان أنا من صرخ : هذا يكفي !!!.. ألن تتوقفا عن تبادل هذه الألفاظ النابية !!.. كلاكما يشتم الآخر طيلة الوقت و تتحدثان بأمور لا داعي لذكرها !!!..
نظرا إلي عندها مصدومين من انفعالي و قد تابعت : ليو .. ماذا يعني أن تتصرف كيت هكذا ؟!!.. إنه أمر يخصها وحدها لذا لا شأن لك سواء كانت صبيانية أم أنثوية !!..
التفت ناحية الحمقاء الأخرى لأقول : و أنت ..! مسألة ابيه و زوج أمه تخصه وحده لذا لا داعي لتكرارها !!..
صمت للحظات ثم تابعت : كونا أكثر حكمة ..! أنتما في المرحلة الاعدادية لذا توقفا عن التصرف كطفلين في الابتدائية !!..
كنا ينظران إلي شبه مصدومين .. كما كانت خالتي ميراي أيضاً ..!
أنا كذلك مصدوم نوعاً ما .. من كان يتوقع أن لينك مارسنلي سيصبح في النهاية جليس للمراهقين و يحل مشاكلهم النفسية و العاطفية !!..
لكن أولئك الاثنين نظرا لبعضيهما بغضب : أكرهك !!..
- ألن تتوقفا ؟!!.. هل أخاطب الجدران أم ماذا ؟!!..
ربتت خالتي على كتفي عندها : لينك أهدأ .. ستلفت الانتباه إن صرخت أكثر ..!
نظرت إليهما عندها بجد وهي تقول : و أنتما .. يفضل أن تلزما الهدوء حتى نعود للمنزل ..! ليونيل .. يمكننا إعداد القهوة هناك و تناولها سوية حتى يتسنى لريك مشاركتنا أيضاً ..! هيا كيت .. لنذهب الآن ..!
ساروا بعدها بصمت تام ..!
هذا أفضل !!.. أقسم أن الصمت القاتل أفضل من الاستماع لشجارهم الذي لا معنى له !!..
.................................................. ..........
مضت بقية الأيام بروتين يومي معتاد ..!
لا شيء جديد إطلاقاً ..!
و لم نغادر الشقة منذ اليوم الذي خرجنا فيه للتسوق ..!
كنا في الشقة طيلة الوقت .. و بالطبع عوضاً عن أن يكون سكانها أثنان صاروا أربعة بطريقة ما فكيت و ليونيل باتا يعيشان معنا تقريباً ..!
عزائي الوحيد أنهما عقدا هدنة في حين وجودهما داخل شقتي لذا انا مرتاح من شجاراهما ..!
ريك أيضاً على حاله .. أني بالعفل أشفق عليه .. فهو يبذل ضعف طاقته من أجل الاستذكار فقط كي يتمكن من الدراسة هذا العام ..!
أرجوا حقاً أن لا يؤثر هذا سلباً على صحته ..!
اليوم ذهب في الصباح لفحص روتيني .. من الرائع ان النتائج كانت مطمئنة لكن الدكتور ادوارد حذره من ارهاق نفسه ..!
انه يعود منزعجاً من كل فحص وهذا ما لاحظته .. حتى و إن كانت النتائج جيدة ..!
ربما لأن هذا يجعله يفكر اكثر في صحته ..!
لقد افتقدته للغاية في الفترة الأخيرة فهو طيلة الوقت يقابل كتبه .. فمنذ أن سكنا هنا لم نقض وقتاً جيداً معاً ..!
في الحقيقة .. أعترف هنا أن وجود كيت و ليو له فائدة لأني كنت سأجن وحدي ..!
غداً هو يوم المدرسة الأول .. قلبي يخفق بعنف و كأني سأخوض معركة ..!
ها أنا أستلقي في فراشي و قد أطفأت الأضواء ..!
يبدو أن ريك قد نام فهو مرهق اليوم بعد الفحص ثم الاستذكار للامتحان طيلة اليوم فامتحانه الأول غداً ..!
الساعة تشير للواحدة بعد منتصف الليل .. و أنا لم أنم بعد .. أو بالأحرى لم استطع النوم ..!
حين أذهب للمدرسة غداً .. سأجد نفسي في عالم مختلف تماماً عن عالم مدرسة مارسنلي الفاخرة التي كانت ملكاً لي ..!
هناك أشخاص جدد كثيرون .. و معلمون جدد سيعاملونني كالبقية و لن احظى بمعاملة خاصة كما في السابق ..!
ايضاً .. بالتفكير في الأمر .. لن يكون أصدقائي هناك ..!
دايمن .. ماثيو .. ليديا .. فلورا .. حتى تيموثي ..!
لا أحد منهم سيكون معي .. سأكون لينك هناك فقط ..!
حتى ريكايل لن يذهب معي فامتحانه سيكون في التاسعة و سينتهي في العاشرة و هذا يعني انه سيأتي بعد بداية الدوام و سينصرف قبل نهايته ..!
أعتقد أنه لن يتسنى لي رؤيته حتى ..!
بعد هذا كله أستنتج .. بأني سأكون وحيداً بالفعل غداً !!..
..................................................
شعرت بشخص يهزني بلطف : هيا لينك .. يجب أن تستيقظ ..!
فتحت عيني و نظرت إلى ريك الذي استقام واقفاً و سألت : كم الساعة الآن ؟!!..
أجابني وهو يعود لفراشه و يرتبه : إنها السادسة و الربع .. يجب أن تكون في المدرسة تمام السابعة ..!
جلست على السرير بإرهاق وخمول : لم استطع النوم الليلة الماضية .. أشعر بالنعاس ..!
نظر إلي ريك للحظات : لا تصعب الأمور .. سيسير كل شيء على ما يرام ..! أنا من يفترض به ان يقلق فامتحاني الأول اليوم ..!
- اطمئن .. لقد بذلت جهداً في الاستذكار لذا أنا واثق بأنك ستتجاوز الأمر ..!
- اتمنى هذا .. عموماً هيا حتى لا يضيع الوقت عليك ..!
اسرعت بدخول دورة المياه و اخذت حماماً ساخناً سريعاً فالجو بارد للغاية ..!
خرجت لأجد أن ريك قد رتب سريري أيضاً و غادر الغرفة فبدأت بارتداء ملابس المدرسة ..!
و بعد ان انتهيت وقفت أمام المرآة للحظات .. أعتقد أنها تناسبني ..!
جففت شعري بسرعة بالمجفف .. و بينما كنت ارتدي الحذاء : ما هذا ؟!!!..
رفعت رأسي بسرعة كردة فعل بعد سماعي لصرخة رايل المتفاجئة تلك ..!
ما به ؟!..
ارتديت الحذاء في الحال و ركضت خارجاً من الغرفة : ما الأمر ؟!!..
لكن الصدمة جمدتني .. حين رأيت تلك التي تقف عند الباب ..!
اتسعت عيناي و فاهي و بالكاد عرفتها !!..
ترتدي تنورة بلون تركوازي .. و قميص أبيض فوقه سترة بذات لون التنورة مع ربطة عنق ..!
كانت التنورة تصل إلى الركبة بينما الجوارب في منتصف الساق .. و لا أنسى الحذاء الأسود اللطيف ..!
.
.
كيت ترتدي تنورة !!..
.
لن أخفي عليكم أني انفجرت من الضحك كما حدث مع رايل !!..
أنا بالفعل لا اصدق عيني فمظهرها بدا لطيفاً رغم ملامحها العابسة و التي تحولت لغضب عارم وهي تسمع ضحكنا و قد صرخت : ما المضحك في الأمر ؟!!..
توقفت عن الضحك وقد دمعت عيناي و ريك أيضاً الذي قال وهو يكتم ضحكته : شكلك غريب .. لكنه لطيف أيضاً ..!
بغضب صرخت : أصمت !!.. لذا اكره المدرسة ..!
نظرت إليها بابتسامة : لكنه جميل جداً كيت .. إنك تبدين أنثوية للغاية بها ..!
بانزعاج قالت : أنا بالفعل أكره هذا !!..
لم ابعد ابتسامتي بل قلت : حسناً لا تكوني عصبيةً هكذا ..! لنذهب الآن و نعد الإفطار .. أم أنك تناولت إفطارك ؟!..
أومأت سلباً ببرود ثم سارت ناحية المطبخ وهي تقول : سأهتم بالأمر بنفسي لذا انتهي انت من تجهيز نفسك ..!
أنها تبدو غاضبة .. واضح أنها تكره الذهاب للمدرسة .. بل أني اعتقد أن الملابس ليست السبب الوحيد ..!
هل لديها مشاكل أخرى في مدرستها يا ترى ؟!..
.................................................. ...
ها أنا أخيراً أقف أمام تلك البوابة الواسعة المفتوحة .. حيث كان الكثير من الطلاب حولي يدخلون وهم يتحدثون لأصدقائهم ..!
أشعر بالتردد .. أخشى أن يتعرف علي أحدهم .. ربما كان من الأفضل ألا آتي ؟!..
لا لا .. يجب أن أدخل الآن بثقة كي لا يشتبه أحدهم بي ..!
و بالفعل سرت بضعة خطوات إلى الداخل .. و دخلت إلى تلك الساحة الكبيرة ..!
سرت بين الطلاب الذين يتجهون إلى بوابة ذلك المبنى .. منهم من يتحدث و يضحك مع زملائه و منهم من يسير شبه نائم وهناك بعضهم يحملون كتبهم يستعدون للامتحانات ..!
- الجو بارد اليوم ..!
- معطفي بات مهترئً .. لكن والدي يرفض شراء آخر .. يجدر بي أن أدخر بعض المال ..!
- لقد طردني مديري من العمل بالأمس .. قال أني لا أنفع كنادلة ..!
- معلم الرياضيات قال أني سأرسب إن لم أحصد نتائج جيدة في امتحان اليوم ..!
- ما رأيكن أن تأتين لزيارة منزلي اليوم .. سأعد كعكة الليمون ..!
كانت هذه الأحاديث التي اسمعها حولي .. هذا غريب .. في السابق كل ما كنت اسمعه هو ( لقد اشتريت سيارة جديدة / أمي مدعوة لحفل في قصر الدوق و سأرافقها / سأذهب للنمسة في الاسبوع القادم / خاتمك يبدو غالياً الثمن .. أهو من الياقوت ؟!.. / ابي قرر أن يهديني منزلاً في الريف في يوم ميلادي القادم ) ..!
كم هو مختلف !!..
دخلت إلى المبنى حيث كان الطلاب يصعدون إلى صفوفهم .. أنا لا أعلم أين هو صفي ..!
أوقفت احد الطلاب و سألته : عذراً .. أنا طالب جديد .. كيف يمكن أن أجد صفي ؟!..
نظر إلي باستغراب للحظات ثم أشار إلى جهة ما : تلك غرفة المشرفة الطلابية .. أذهب و اسألها ..!
- شكراً ..!
- العفو ..!
سار بعدها إلى وجهته .. بينما كاد قلبي يتوقف من التوتر ..!
يجب أن اسيطر على نفسي فأنا أكاد أتردد في الكلام ..!
نظرت إلى تلك الجهة حيث باب خشبي و اتجهت إليه .. المشرفة .. إنها امرأة إذاً ..!
طرقت الباب طرقتين فسمعت رداً : تفضل ..!
دخلت عندها إلى تلك الغرفة الصغير البسيطة .. هناك مكتب أمامي متوسط الحجم و بسيط المظهر و مكتبة على الجدار مليئة بالملفات ..!
نظرت إلى تلك الآنسة التي تجلس خلف ذلك المكتب وهي تقرأ في كتاب ما ..!
كانت تبدو في اوساط الثلاثينات .. لها شعر اشقر طويل تربطه كذيل حصان و عينان بلون عسلي خلف نظارة قراءة .. بمجرد النظر لها تشعر بالراحة و الاطمئنان ..!
خلعت النظارة و التفتت إلي و ابتسمت : ماذا هناك ؟!..
ترددت للحظات و لم استطع الكلام فأردفت هي : وجهك غير مألوف .. منذ متى تدرس هنا ؟!..
بتوتر أجبت : انه .. يومي الأول ..!
بدا عليها الاستغراب : من النادر أن يصل طالب جديد بعد كل هذه المدة من بداية الترم الدراسي .. حسناً بما أخدمك ؟!!..
أخذت نفساً عميقاً ثم قلت : في الحقيقة .. أنا لا أعرف أين هو الصف الذي يفترض أن أدرس به ..!
ابتسمت مجدداً بهدوء : هكذا إذاً .. أنت ضائع ..!
ضائع ؟!.. لا اعتقد أنه الوصف المناسب ..!
لكنها اردفت وهي تخرج سجلاً من درج مكتبها : ما اسمك و في أي سنة دراسية أنت ؟!..
- لينك براون .. في السنة الثانية ..!
قلبت صفحات السجل قليلاً قبل أن تنظر إلى أحداها ثم تقول و كأنها استدركت شيئاً : آها .. أنت الطالب الذي سجل اسمه منذ اسبوع ولم يحضر حتى الآن ..! حسناً أعتقد أنهم أخبروني عن طالبين ..!
- أجل .. الآخر هو أخي .. لكنه لم يجتز امتحانات الترم الأول بعد ..!
- سمعت بالأمر ..! حسناً يا لينك .. هل لديك كتب دراسية ؟!..
- حصلت عليها بعد التسجيل هنا ..!
- جيد .. تعال معي كي أدلك على صفك ..!
وقفت و خرجت أمامي فتبعتها وهي تقول : أنا المشرفة الطلابية هنا .. أسمي هو هيلين ..!
- تشرفنا آنسه هيلين ..!
- أن واجهت أي مشكلة فيمكنك اخباري كي اساعدك ..!
- حاضر ..!
كنت أشعر بالتوتر العميق خاصة أني حين خرجت كان المكان فارغاً .. يبدو أن كل الطلاب قد ذهبوا لصفوفهم ..!
سرت خلف تلك المشرفة التي كانت بطولي تقريباً أو أطول قليلاً إلى الدور الثاني ..!
إن تصميم هذه المدرسة بسيط للغاية .. و جدرانها الباهتة مليئة باللوحات التعليمية .. إنها تذكرني تماماً بمدرسة والدي إيان و نيكول التي زرتها مع ريك سابقاً ..!
في الأعلى كان هناك عدد من الممرات و الابواب المؤدية إلى الصفوف : وصلنا ..!
هذا ما قالته وهي تشير إلى ذلك الباب .. إنه صفي !!..
لقد حانت اللحظة الحاسمة .. يجب علي أن استجمع قواي العقلية و أن أكون واثقاً بنفسي ..!
طرقت الآنسة هيلين الباب طرقتين ثم دخلت وهي تقول : صباح الخير ..!
سمعت صوت الطلاب وهم يجيبونها بشكل منفرد و غير منسق بذات الجملة ..!
اشارت لي أن أدخل و حين دخلت كان الصف مليئاً بالطلاب لكن لا معلم هنا : أين معلكم ؟!..
هكذا سألت الآنسة فأجابها احدهم : يبدو أنه لم يحضر اليوم ..!
لم تبد اهتماماً بالموضوع بل طلبت مني أن أتقدم أكثر حتى صرت أمام الجميع و الكل بات يحدق بي ..!
كاد ينفجر قلبي حينها حين توجه جل اهتمامهم إلي : عرف بنفسك ..!
هذا ما قالته تلك الآنسة .. نظرت إلى الطلاب للحظات محاولاً تهدئة أعصابي ..!
يجب أن أكون واثقاً بنفسي .. اخذت نفساً ثم قلت : لينك براون .. في السابعة عشر ..!
صمت عندها لتابع تلك المشرفة : لينك براون هو طالب جديد سينظم إلكم من اليوم فصاعداً .. أرجوا منكم أن تعاملوه بلطف ..!
نظرت إلي للحظات و هي تشير إلى أحدهم : يمكنك أن تسأل إيثن عن أي شيء فهو رئيس صفك ..!
نظرت إلى الطالب الذي تشير إليه و قد كان ينظر إلي بابتسامة .. كان ذا شعر اسود و عينان بلون ازرق قاتم خلف نظارة طبية مستطيلة العدسات ..!
أومأت موافقاً فقالت وهي تغادر : حضاً سعيداً إذاً ..!
نظرت إليها بخوف .. لوهلة اشعر أني سأوقفها و أطلب منها البقاء هنا فلا يمكن أن تتركني في هذا الوقت ..!
لكن لينك .. لقد كبرت على هذه الأفعال ..!
كان الصف في حالة صمت .. و الجميع يحدق بي ..!
نظراتهم تنوعت بين التفحص و الاعجاب و الاستنكار و البرود ..!
لكن ذلك الفتى ذو النظارة وقف وهو يقول بابتسامته اللطيفة : أهلاً بك لينك .. أنا إيثن رئيس الصف .. هناك مقعد فارغ في نهاية الصف يمكنك الجلوس عليه ..!
أومأت موافقاً و قد بدأت اشعر بالاطمئنان لهذا الفتى ..!
و هكذا سرت بين الطلاب و أنا اسمع تهامسهم بشأني ..!
- غريب أن يصل طالب جديد في هذا الوقت من العام ..!
- انه وسيم للغاية اليس كذلك يا فتيات ؟!..
- أنه يبدو ثرياً و مترفاً .. معطفه يبدو غالي الثمن ..!
- لم يعجبني .. أشعر انه مغرور للغاية ..!
- سحقاً له انظروا كيف تنظر الفتيات اليه ..!
- بالنسبة لي انه يبدو شخصاً جيداً و هادئاً ..!
في النهاية وصلت لذلك المقعد .. و جلست عليه بهدوء .. و لا تزال النظرات و الهمسات تتركز علي ..!
أنه صف صغير .. انه اصغر من نصف مساحة صفي السابق .. هناك لوح قديم على الجدار بعكس اللوح الإلكتروني السابق ..!
الطلاب يبدون بسطاء للغاية .. لكن في مدرسة مارسنلي كان لكل طالب رونق خاص يلفت الانتباه .. إما من شكله أو ملابسه أو مواهبه ..!
ابعدت ناظري عن الجميع و قد عاد التوتر ليسيطر علي .. متى سيبعدون نظراتهم يا ترى ؟!..
- صباح الخير ..!
التفت ناحية الشخص الذي دخل الآن و ألقى تحية الصباح ليجيبه الجميع بحماس وسعادة .. من الوهلة الأولى يبدو محبوباً ..!
ذلك الفتى كان بشعر أسود كثيف يصففه إلى الخلف بطريقة غريبة مختلفة عن طريقة أخي .. و عيناه خضراوتان قاتمتان ..!
دخل وهو يتحدث إلى كل من يصادفه و يضحك بسعادة : من حسن حظك أن المعلم غائب و إلا لما سمح لك بالدخول بعد وصولك المتأخر ..!
- أعلم أعلم .. لكني استغرقت في النوم .. لقد جعلني والدي أعمل الليل بطوله فقد كان المتجر مزحماً بالأمس بسبب عروض التخفيضات ..!
انه يلفت الانتباه بطريقة خاصة .. رغم أن شكله عادي وهو ليس وسيماً و هو قصير القامة بعض الشيء ..!
اشار إلي احد الطلاب فجأة وهو يقول : انظر لدينا طالب جديد هنا ..!
كان يخبر ذلك الفتى الذي نظر إلي بذات ابتسامته المرحة لحظتها ..!
.
.
لكن فجأة !!..
.
.
اختفت ابتسامته و حلت الصدمة العارمة على وجهه و بقي يحدق بي للحظات مما ارعبني !!..
ركض ناحيتي بسرعة مخترقاً الصفوف و وقف أمامي مباشرة وهو يحدق في و يتمتم : انه أنت !!..
اتسعت عيناي لحظتها .. أيمكن أنه يعرفني ؟!..
صرخ عندها بحماس : أنه أنت صحيح ؟!!!!..
لا يمكن !!.. لا يمكن أن يكون تعرف ألي !!.. كيف ؟!.. هل رأى صوري في الصحف ؟!!.. هل عرفني من النظرة الأولى ؟!!!.. هل اكتشف بأني لينك مارسنلي !!!..
سأله احد الطلاب باستغراب : ماكس .. أتعرفه ؟!!..
صرخ بعدها بحماس مضاعف و سعادة غامرة و على وجهه ابتسامة واسعة : أنه أنت !!.. أنت ريكايل !!!!!!..
.
.
.
ريكايل !!..
.
.
.
هذا ما لم اتوقعه اطلاقاً !!..
، .................................................. ..

سنتوقف هنا ^^

ارجوا أن يكون البارت بالطول الكافي ^^

أعلم أنه هادء لكن لا زلنا في البداية و البارتات الأولى ستكون كتعريف بالشخصيات الجديدة فمن الصعب الدخول في الأحداث القوية فجأة ..!

لننتقل للأسئلة ..!

لا زالت شكوك
ليو التي لا تستند على أدلة قائمة بشأن شخصية لينك .. أيمكن أن يكتشف الحقيقة ؟!..

غموض يحيط بالأخوين
كيت و هاري .. ما السبب وراءه ؟!..

حياة
لينك الدراسية بدأت .. فكيف ستكون في مجتمع مختلف ؟!..

ماكس شخص جديد ظهر بقوة .. ما دوره في الأحداث ؟!..

...............

ننتقل للمقتطفات ^^



لما عالم العامة مليء بالمجانين !!!..
...

شعرت بالتوتر فعلاً فأنا لم اعتقد اطلاقاً ان يكون لي صديق بهذه السرعة ..!
...

بدا عليهم الحزن جميعاً .. هذا يدل على ان تلك الريا صديقة مهمة لهم ..!
...

بهدوء قلت : لقد أحضرته ليتناول الغداء معنا .. لذا ارجوا أن يكون هناك غداء أصلاً ..!

...

ببرود اجبته : و ما أدراني أنا ؟!.. أنت لم تحدثني عن أحدهم !!.. فقط بيير !!..

...

بدت عليها الدهشة مصحوبةً بالحماسة : مذهل .. تعيش مع أخيك الصغير وحدكما ..!
...

هناك هالة سوداء تحيط به .. حتى أنها تشعرني أنه .. شيطان !!!..

...

يوجين .. هذا هو اسمه ..!

...

بخبث تمتم مع تلك الابتسامة : شيطان ..! أنت كذلك !!..
...

هفت بحماس : بيير سيأتي إلى هنا !!..
...

هذا يكفي لليوم ^^

و الآن كما أخبرتكم .. لا أعدكم بشي خلال العطلة ..!

في حفظ الله و رعايته ^^


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 10:30 PM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 4


سأله احد الطلاب باستغراب : ماكس .. أتعرفه ؟!!..
صرخ بعدها بحماس مضاعف و سعادة غامرة و على وجهه ابتسامة واسعة : أنه أنت !!.. أنت ريكايل !!!!!!..
.
.
.
ريكايل !!..
.
.
.
هذا ما لم اتوقعه اطلاقاً !!..
صرخ مجدداً وهو يربت على كتفي : ريكايل !!.. كيف حالك ؟!.. مضى زمن طويل !!..
كانت الصدمة قد جمدتني فلم استطع الرد عليه ..!
بينما استرسل هو في الحديث : لقد كبرت كثيراً منذ آخر لقاء لنا ..! لكني عرفتك منذ الوهلة الأولى فوجهك لم يتغير ..!
لكن رئيس الصف تقدم وهو يقول : يبدو أنك مخطأ ماكس .. الطالب الجديد يدعى لينك .. و ليس ريكايل ..!
لكن ذلك الفتى رفض الأمر : لا انا واثق انه ريكايل .. صحيح أني لم اره منذ زمن لكني واثق بانه هو ..!
ما قصة هذا الفتى ؟!..
نظر الي و ابتسم بمرح : هل تذكرتني ؟!.. أنا ماكس ..!
بتوتر قلت : لكنني لست ريكايل الذي تتحدث عنه !!..
رفع احد حاجبيه مستنكراً : ما بك ريكايل ؟!.. هل اصاب عقلك عطل ما ؟!.. أم أنك فقدت الذاكرة ؟!..
هل اخبره بأني الشقيق التوأم لريكايل ؟!.. لا لحظة .. لا شيء يثبت أنه يقصد رايل أخي !!..
جلس على المقعد الذي امام طاولتي وهو يقول : كيف حالك ؟!.. و كيف حال بيير ؟!.. ألم يأت معك إلى هذه المدرسة ؟!.. لقد كان ملتصقاً بك طيلة الوقت ..!
بيير ؟!!!.. أنه يقصد رايل أخي بالفعل !!..
من سؤاله عن بيير افهم أنه كان مع رايل في المدرسة الداخلية ..!
و لكن لو أخبرته بأني شقيق ريكايل فقد يقول أن ريك لم يحدثه بالأمر .. قد تحدث بعض المشاكل هكذا ..!
لذا علي الاستمرار بالإنكار ..!
رفعت صوتي و انا اقول ببعض الغضب : أخبرتك يا هذا أن اسمي ليس ريكايل !!.. أسمي هو لينك و أنا لا أعرفك من قبل !!!..
قطب حاجبيه بحزن عندها : لما غضبت ريكايل ؟!.. لقد تغيرت عن ما كنت عليه في السابق ..!
ألا يفهم هذا الأبله : يا إلهي ..! أخبرتك أني لست ريكايل !!!..
أدخلت يدي في جيبي و اخرجت البطاقة المدنية من المحفظة و أنا أقول : أنظر .. هذا دليل على ان اسمي لينك و ليس ريكايل ..!
نظر إليها وهي في يدي للحظات ثم ابتسم : لكنك تشبه ريكايل كثيراً .. سأناديك ريكايل إذاً !!..
هذا الفتى سيجلطني !!!..
لما عالم العامة مليء بالمجانين !!!..
في البداية كيت و ليو و بقية سكان العمارة .. و الآن هذا الابله المدعو ماكس !!..
تنهدت بتعب : نادني لينك فقط .. انه اسمي على كل حال ..!
ربت احدهم على كتفي فرفعت رأسي إلى ذلك المدعو إيثن بابتسامته اللطيفة : لا عليك .. ماكس عنيد بعض الشيء لكنه سيعتاد على اسمك ..! عموماً اخبرني هل تحتاج مساعدة في نسخ الدفاتر ؟!..
الدفاتر ؟!!.. لما انسخها ؟!..
بتردد قلت : أي دفاتر ؟!..
- دفاتر الرياضيات و اللغة الانجليزية و غيرها .. نحن نعتمد عليها في الاستذكار للامتحانات ..!
- آه صحيح ..! حسناً أعتقد اني احتاج للمساعدة بالفعل ..! هل يتوجب علي نسخها بيدي ؟!..
- يمكنك نسخها في مكتبة المدرسة .. لكن للأسف هذا ليس بالمجان ..!
- لا بأس ..! لكن كيف أفعل ذلك ؟!..
نظر إلي باستغراب .. أعلم أنه متعجب من جهلي بهذه الأمور !!..
لكني بالفعل لا اعرف هذا .. لقد كنت ارسل الخدم لنسخ الدفاتر في المكتبة العاملة إن كنت اريد ذلك .. كما أننا كنا نكتب معظم الاشياء في الاجهزة الحاسوبية و لا نستعمل الاوراق إلا ما ندر ..!
لكن ذلك الايثن ابتسم من جديد : لا عليك .. يمكنك أن تستعير دفاتري .. و سأدلك على المكتبة ..!
رفع ماكس يده بحماس : أنا سآتي أيضاً ..!
أومأ رئيس الصف موافقاً : بما أننا متفرغون الآن يمكننا أن نذهب ..!
..................................................
خرجت من مكتبة المدرسة و أنا أحمل نسخ من دفاتر إيثن .. الرياضيات و الكيمياء و الفيزياء و اللغة الانجليزية .. رغم ذلك لم يكن المبلغ الذي دفعته مرتفعاً ..!
كنت اريد نسخها لريك ايضاً .. لكن المشكلة أن هذان الاثنين معي و قد يسألان عن النسخة الأخرى ..!
لا أعلم لما لا اريد الحديث عن ريك الآن .. ربما لأني معتاد على عدم ذكره في المدرسة ..!
رن الجرس معلناً نهاية الحصة الأولى و بداية الثانية لذا اسرعنا إلى الصف ..!
جلست على مقعدي و في ذات الوقت دخل احد المعلمين ..!
إن الأجواء مختلفة تماماً عن أجواء كل المدارس التي درست فيها سابقاً : حسناً .. أخرجوا كتب اللغة الفرنسية حالاً ..!
هذا ما قاله المعلم لحظتها .. و ها أنا استعد لدخول عالم دراسي جديد و مختلف تماماً عن ما سبق !!..
.................................................. .
انتهت الحصة الثانية و بعدها الثالثة التي كانت حصة اللغة الانجليزية ..!
المعلمون هنا غريبون .. انهم يعاملون الطلاب بجفاء و يتلفظون على بعضهم فمعلم اللغة الانجليزية وصف ماكس بالأحمق الغبي .. لكن ذلك الآخر لم يقل شيئاً بل ضحك كما ضحك بقية الطلاب ..!
هل الدنيا مقلوبة هنا ؟!..
كم هذا غريب !!..
اخذت انظر إلى الكتاب الذي بين يدي للحظات .. يبدو أبسط بكثير من كتبي السابقة لكن المحتوى نفسه .. فمدرستنا في السابق كانوا هم من يطبعون الكتب ..!
فجأة قفز احدهم علي من الخلف : ريكايل !!..
شهقت متفاجئاً من ذلك الذي تعلق برقبتي عندها : ماكس !!.. أخبرتك ألف مرة بأن اسمي هو لينك !!..
ابتعد عني عندها و بمرح : لنذهب الآن إنه وقت الاستراحة ..!
كان الطلاب يغادرون الصف بالفعل ..!
تنهدت عندها و أنا أقول : إلى أين ؟!..
- إلى السطح .. نحن نتناول افطارنا هناك بالعادة ..! سأذهب لشراء فطيرة .. أتريد شيئاً ..!
بالتفكير في الأمر أنا لم احضر شيئاً يؤكل ..!
أخرجت محفظتي و اعطيته بعض المال : أجلب لي على طريقك إذاً ..!
لا اعلم لما يزول توتري مع هذا الفتى ..!
وقف إيثن بقربنا وهو يقول : ماكس .. أجلب لي فطيرةً أنا الآخر ..!
- اه حسناً .. خذ ريكايل معك إلى السطح و سآتي أنا بعد قليل ..!
ركض بعدها إلى الخارج وهو يلوح لنا بمرح .. فضربت رأسي باستياء : سأقتله !!..
هكذا تمتمت فضحك ذلك الآخر : أخبرتك أن هذا سيكون لفترة قصيرة .. حسناً ما رأيك بأن نصعد للسطح الآن ؟!..
نظرت إليه باستغراب : أنت ايضاً تصعد للسطح ؟!..
أومأ إيجاباً : أنا و اصدقائي نتناول الافطار هناك سابقاً ..!
- لكن .. اليس في وجودي ازعاج لأصدقائك ؟!..
- لقد قرر ماكس جعلك صديقاً بما انك تشبه ذلك المدعو ريكايل ..! لذا فنحن اصدقاء ..!
شعرت بالتوتر فعلاً فأنا لم اعتقد اطلاقاً ان يكون لي صديق بهذه السرعة ..!
لذا بالفعل وقفت و سرت معه دون أن أعلق ..!
كانت الممرات مليئة بالطلاب .. نظرت لساعتي لأرى انها التاسعة .. يفترض أن يكون ريك هنا الآن .. لكن لا اعلم أين ؟!. .
ربما يجري الامتحان في احدا الغرف الفارغة .. علي ان ادعوا له فقط ..!
وصلنا إلى السلالم و صعدنا للسطح ونحن نتبادل الأحاديث : أنت ماهر جداً في اللغة الانجليزية يا لينك ..!
تلقائياً قلت بابتسامة : لقد عشت في اسكوتلندا لفترة حين كنت صغيراً ..!
استدركت ما قلته حينها .. أتساءل إن كان علي إخباره ؟!..
لكنه ابتسم لي عندها : هكذا إذاً ..!
جيد أنه لم يسأل عن المزيد ..!
وصلنا إلى الباب الحديدي في الاعلى و الذي كان شبه مفتوح ..!
فور ان خرجت لفح الهواء البارد وجهي .. و أنا أنظر إلى ذلك السطح الواسع الفارغ من أي شيء سوى بعض المعدات القديمة هناك ..!
أذاً هو غير مهيئ للجلوس ..!
- لقد تأخرت إيثن !!..
التفت إلى مصدر الصوت لأرى شخص آخر قد انتبه الي و نظر ناحيتي باستغراب ..!
انها فتاة !!..
ذات شعر برتقالي طويل يصل لنهاية ظهرها و عينان زرقاوان .. انها اقصر مني بسنتيمترات لذا يمكنكم القول انها طويلة قليلاً لكونها فتاة ..!
ليست جميلة للغاية بل عادية .. لكن شعرها ذاك كان مذهلاً بلونه و نعومته كما أنه كثيف وقد تركته حراً فأظهر كثيراً من الحيوية ..!
اشارت بإصبعها ناحيتي و هي تنظر للآخر بجواري : من هذا ؟!..
أجابها هو بدوره : طالب جديد .. و صديق جديد كذلك .. لقد احبه ماكس ..!
ابتسمت عندها بمرح : هكذا إذاً .. مرحباً أيها الطالب الجديد .. أنا سام ..!
لم أجد إلا ان ابتسم لها بهدوء : أهلاً .. و أنا لينك ..!
نظر إلي إيثن وهو يقول : سام من الشعبة الأخرى .. أنا و هي مع ماكس اصدقاء منذ اربع سنوات ..!
لكنها علقت بسرعة : خطأ .. تعرفنا لماكس منذ اربع سنوات .. لكني أعرفك منذ ست سنوات ايثن ..!
انهم اصدقاء منذ زمن .. رغم ذلك تقبل كل منهم وجودي حالاً ..!
قبل أن يرد عليها ايثن بشيء وصل أحدهم أخيراً : هل تأخرت ؟!.. كان المقصف مزدحماً ..!
التفت إلى الخلف لأرى ماكس قد وصل أخيراً و على وجهه ذات الابتسامة المرحة دوماً ..!
رما إلي بفطيرة فالتقطتها بسرعة : هذه لك ..!
- شكراً لإحضارها ..!
- لا داعي للشكر .. نحن نتناوب على شراء الفطائر .. كل يوم يذهب احدنا لفعل هذا ..!
- هكذا إذاً ..!
نظر ناحية سام و سأل باستغراب : ألم تأتي ريا اليوم أيضاً ؟!..
تنهدت بدورها بحزن : لا تزال مصابةً بالبرد .. حين ذهبت لزيارتها بالأمس اخبرتني والدتها بأن الطبيب طلب أن لا يقترب منها احد حتى لا تنقل له العدوى ..!
ريا ؟!.. أهي صديقتهم أيضاً ؟!..
بدا عليهم الحزن جميعاً .. هذا يدل على ان تلك الريا صديقة مهمة لهم ..!
لكن سام اشارت إلى بساط صغير على الثلج هناك : لنجلس الآن و نتناول الإفطار ..!
جلسنا سويةً و بدأنا بتناول تلك الفطائر حتى سأل ماكس بحماس : من أي مدرسة جئت يا ريكايل ؟!..
شعرت بالتوتر لكن قبل ان اقول شيئاً بتعجب علقت سام : ريكايل ؟!.. ان اسمه لينك !!..
- اعرف .. لكنه يشبه صديقي ريكايل .. لذا سأدعوه بهذا الاسم ..!
- يا لك من غريب !!.. لا تزعج الفتى بتصرفاتك و ناده باسمه و حسب ..!
- دعيك من هذا الآن ..! لم تجب على سؤالي ريكايل ..!
ترددت للحظات قبل أن أقول : في الحقيقة .. كنت أعيش خارج باريس ..!
أرجوا أن لا يسأل عن المزيد .. فأنا لم أعد إجابات لهذه الأسئلة : هكذا إذاً ..!
تنهدت براحة .. كان علي أن استعد لمثل هذه الأمور ..!
............................................
انتهى اليوم الدراسي الأول على خير ..!
لطالما كان يومي الأول في أي مدرسة جديدة مربكاً .. لكن هذا اليوم بات ينافس يومي الأول في الابتدائية من شدة التوتر ..!
حملت حقيبتي و سرت خارج الصف : ريكايل .. لنمشي معاً للبوابة ..!
التفت إلى الخلف لأرى ماكس و خلفه ايثن فلم يكن لي إلا أن توقفت ليسيرا بجانبي ..!
هناك شيء ما بداخلي يشعر بالحنين ..!
ماكس بمرحه و تصرفاته الاجتماعية يذكرني بدايمن ..!
أما ايثن فهدوءه و اتزانه مع تلك الابتسامة اللطيفة يذكرني بماثيو ..!
اني افتقدهما .. بشكل كبير !!..
- مرحباً يا رفاق ..!
التفت يساري لأرى أن سام خرجت من صفها الذي يجاور صفنا ..!
و هكذا بدأنا السير سوية ناحية بوابة المدرسة وهم يتبادلون الأحاديث بمرح بينما بقيت صامتاً ..!
عند البوابة ذهب كلن منا لوجهته و هم يودعون بعضهم على أمل اللقاء غداً ..!
يا لها من حياة هادئة ..!
لم أعتقد أنه سيكون لي اصدقاء بهذه السرعة ..!
و لا أعلم حتى الآن إن كان يمكنني أن أعدهم أصدقاء ..!
عدت إلى العمارة سيراً على الأقدام .. للمرة الأولى أعود من المدرسة سيراً ..!
حين دخلت للساحة كانت فارغة إلا من طفل هناك ..!
يجلس على الثلج و يبدو الحزن العميق في عينيه ..!
إنه آركيف .. لكن لما يجلس وحده ؟!..
سرت بهدوء ناحيته و حين اقتربت منه رفع رأسي لي و الدموع في عينيه : ما بك ؟!..
هكذا سألت تلقائياً فأجابني بحزن : حين عدت للبيت .. حملت طبق الغداء من الفرن الصغير .. لكنه سقط على الأرض و انسكب كما انكسر الصحن ..!
جثيت أمامه عندها : هل تشعر بالذنب لهذا ؟!..
طأطأ رأسه عندها و أومأ إيجاباً فقلت : حسناً .. ماذا قال والداك ؟!..
- ماما تعمل في مدرسة داخلية للبنات و لا تعود للمنزل إلا في الإجازة .. و بابا لا يزال في عمله ..!
- حسناً .. هل آتي معك لتنظيف المكان قبل عودة أبيك ؟!..
- لقد نظفته .. و لكن الصحن كسر و اخشى أن يغضب ابي ..!
- لا عليك .. سأخبره بأنك لم تقصد ..! حسناً هذا يعني أنك لم تتناول الغداء ..! تعال معي لشقتي لتأكل شيئاً ..!
نظر إلي عندها و تسأل بخجل : ألا بأس لديك ؟!..
ابتسمت و ربت على رأسه : أجل .. هيا .. و حين يعود والدك سنشرح له الأمر معاً ..!
ابتسم و اومأ إيجاباً لذا وقفنا سويةً و امسكت بيده و اتجهنا إلى المدخل ..!
ما لاحظته الفترة الماضية أن حس الانسانية لدي ارتفع ..!
لا .. لقد كنت هكذا منذ زمن .. لكني كنت اتجاهل هذا ..!
حين أرى قطاً صغيراً مريضاً و قطرات المطر تصطدم بجسده بعنف .. أشعر بالشفقة عليه .. أتمنى لو أترك مظلتي الكبيرة فوقه كي تحميه و لو قليلاً .. أشعر بأني أريد حمله و أخذه لمكان دافئ .. لكني لم أفعل !!..
لأن كبريائي أكبر من أن أشفق على القطط المشردة ..!
لكني اكتشفت أني مخطأ .. و أن نظرتي للكبرياء كانت همجية ..!
وصلت لشقتي و فتحت الباب الذي اعتدت أن يكون مفتوحاً على الدوام ..!
حين دخلت لغرفة الجلوس : لقد عدت ..!
كان رايل هناك يجلس أرضاً في مكانه يشاهد التلفاز و كتبه منثورة على الطاولة : أهلاً بعودتك ..!
نظرت إلى تلك الأريكة لأجد كيت مستلقيةً عليها تمسك بإحدى المجلات بينما على أريكة أخرى كان ليو يجلس متحمساً مع الفلم الذي يعرض ..!
انتبه ريك لما معي : آركيف .. أهلاً ..!
ابتسم له آركيف : مرحباً ..!
بهدوء قلت : لقد أحضرته ليتناول الغداء معنا .. لذا ارجوا أن يكون هناك غداء أصلاً ..!
تركت كيت مجلتها و بضجر قالت : إن كنت تريد الغداء فساعدني ..!
- لا بأس سأفعل .. لكن تعالي الآن ..!
وقف رايل هو الآخر : أنا ايضاً سأساعد ..!
نظرت كيت إلى ليو بحدة : أنت لا تجلس هكذا كأنك ضيف .. أذهب و احضر مكونات الطهو من متجر العم جاك ..!
بضجر علق : ماذا ؟!.. لكن الفلم لم ينتهي ..!
- لا تتذمر .. و إلا فإنك لن تأكل معنا ..!
زفر بحنق وهو يقول : حسناً افهم هذا ..!
رغم أنه يستطيع أن يذهب لمنزله و يتناول الغداء .. لكنه يتشبث بالمكان بطريقة غريبة !!..
و هكذا بدأنا بإعداد الغداء الذي تقرر أن يكون طبقاً من الباستا بصلصة الطماطم كأسرع شيء يمكن إعداده ..!
التفت إلى ريك بينما كان هو يجلس على طاولة الطعام الصغيرة يقطع الخضر : كيف كان الامتحان ؟!..
ابتسم بهدوء : إنه جيد .. اعتقد اني سأحصل على علامة مرتفعة ..! ماذا عنك ؟!.. كيف كان اليوم الأول في المدرسة ؟!..
كدت احكي له عن ماكس و إن ما كان يعرفه .. لكني تذكرت أمر كيت التي لا تزال هنا و التي بالتأكيد ستتعجب من أن يكون هناك صديق لرايل أنا لا اعرفه على اعتبار أننا توأمان ..!
لذا اجبته : سار الأمر على ما يرام ؟!..
- هل تعرفت على احدهم ؟!..
- رئيس الصف كان لطيفاً معي .. و قد اعارني دفاتره لأقوم بنسخها ..!
- اه جيد .. يبدو أنك بدأت بعقد الصداقات ..!
- شيء من هذا القبيل ..!
هكذا ختمنا حوارنا .. يبدو أنه شعر بتوتري لذا لم يتابع الحديث ..!
لا أعلم ما ستكون ردة فعله حين أخبره عن ماكس .. فهو لم يحدثني عنه مسبقاً ..!
عموماً هو لم يحدثني إلا عن بيير .. حتى أني لم أر هذا الصديق أو اسمع صوته إلى الآن ..!
لكني لا اريد أن أكثر عليه بالأسئلة .. فأنا أخشى أن تذكر الماضي من تلك المدرسة البشعة سيحزنه ..!
حتى مرضه لم يخبرني بشيء عنه إلا إن سألته .. لم يحدثني عن بداية معرفته بالأمر و كيف تصرف عندها ؟!.. كلها امور ستسبب له الحزن حين يتذكرها بينما لن استفيد شيئاً من سماعها على الأرجح ..!
لذا اتجنب سؤاله ..!
هو ايضاً لم يسألني عن اليس منذ حكيت له عنها .. و لم يسأل عن أي شيء آخر ..!
صحيح أننا توأمان .. إلا أن كل منا يكتم ماضيه عن الآخر و يحاول تجاهله .. كل هذا لأننا لم نكن معاً في تلك الأوقات الصعبة ..!
- لينك .. ناولني غطاء القدر ..!
استيقظت من شرودي على صوت كيت و اسرعت لتلبية طلبها ..!
ألقيت نظرة قصيرة على أخي .. لأجد أنه شارد الذهن هو الآخر ..!
.........................................
كانت الساعة تشير إلى الخامسة مساءاً ..!
في غرفة الجلوس .. كنت استلقي على الأريكة بضجر اشاهد التلفاز مع آركيف الذي كان يتابع رسوم الأطفال ..!
كيت ذهبت لشقتها بحجة انها ستقوم بأعمال المنزل .. و ليو ذهب ليتسكع مع مجموعة من الفتية يبدو لي أنهم من مدرسته .. أما ريكايل فهو يدرس في غرفتنا ..!
رن الجرس عندها فتركت مكاني و اتجهت إلى الباب وحين فتحته كان ذلك الشاب أمامي .. أعتقد أنه في الثلاثينات من العمر ..!
انه والد آركيف : مرحباً .. بروان ..!
ابتسمت له : أهلاً ..!
بدا عليه الاحراج : سمعت ان آركيف هنا .. أرجوا أن لا يكون قد سبب لك مشكله ..!
أومأت سلباً : إطلاقاً .. لكني رايته يبكي في ساحة اللعب و حين سألته أخبرني بأنه كسر صحن الغداء بدون قصد .. لذا دعوته ليأكل معنا ..!
- هذا كرم كبير منك ..!
- اتمنى أن لا تغضب منه بسبب الصحن فهو يشعر بالذنب ..!
- لا بأس .. أعلم أنه لا يزال صغيراً .. أشعر بأني مهمل كثيراً في حقه لذا لا استطيع أن أغضب منه ..!
بدا لي أباً لطيفاً للغاية .. و قد كان آركيف كثير الشبه به فلهما لون الشعر و العينان البني القاتم نفسه ..!
التفت إلى الخلف و أنا انادي : آركيف .. لقد حضر والدك ..!
لم تمر سوى لحظات حتى رأيته يطل بوجهه من خلف الباب و كأنه لا يرغب بالقدوم : اطمئن .. لن يغضب منك بسبب الصحن .. هيا تعال ..!
تقدم بضع خطوات و هو مطأطأ رأسه و حين وقف بجانبي تمتم : آسف ..!
ربت والده على رأسه حينها : لا عليك .. هيا تعال معي الآن لنعد للمنزل ..!
رفع رأسه و ابتسم عندها و هو يومئ إيجاباً ..!
و هكذا ودعني بابتسامة لطيفة و هو يقول : شكراً لينك .. إلى اللقاء ..!
ابتسمت له بهدوء و فور ما ابتعدا أغلقت الباب و تنهدت براحة : ها هو منزلي خاليٍ من المشردين الآن ..!
اتجهت إلى غرفة النوم حيث يفترض أن يكون رايل ..!
طرقت الباب طرقتين ثم دخلت لأجد أنه فوق سريره مستند إلى الوسائد و قد غفى بينما كتاب الأحياء بين يديه ..!
أرجوا أن لا يكون نائماً منذ زمن على هذا الحال ..!
تقدمت بضع خطوات و أنا أقول : ريكايل .. لما تنام هكذا ؟!..
لم أجد رداً منه .. لذا تقدمت أكثر و مددت يدي إلى كتابه و فور ما سحبته من بين يديه حتى فتح عينيه الخضراوين و حدق بي ..!
بهدوء قلت : لم تكن نائماً ؟!..
استقام جالساً و وهي يضع يده على جبينه : لقد شعرت بالنعاس اثناء الاستذكار ..!
جلست على سريري عندها فنظر إلي باستغراب : الهدوء يحيط بالمكان !!..
- صحيح .. قدم والد آركيف و أخذه .. ليو خرج مع اصدقائه .. و كيت في شقتهم ..!
- هكذا إذاً .. ماذا عنك ؟!.. هل أنهيت فروضك ؟!..
- اجل .. لم يكن هناك الكثير منها ..!
عاد ليستند على تلك الوسائد دون أن يعلق وقد أغمض عينيه ..!
بقينا صامتين لوقت .. لكني في النهاية تكلمت : ريك .. هناك شيء مثير حدث اليوم ..!
فتح عينيه و التفت إلي : في المدرسة ؟!..
أومأت إيجاباً فسأل : ماذا ؟!..
- في الحقيقة .. أحد الفتية فور أن رآني بدى عليه الحماس .. قال انه يعرفني فشعرت بالقلق ..!
- اتقصد أنه يعرف أنك من مارسنلي ؟!..
- هذا ما اعتقدت في البداية .. لكنه بعدها قال عرفتك .. أنت ريكايل !!..
نظر إلي بتعجب عظيم : أيقصدني ؟!..
أومأت إيجاباً : أجل .. اسمه ماكس ..!
- ماكس ؟!.. لقد التقيت الكثير ممن يحملون هذا الاسم ..! ربما عمل معي في مكان ما ..!
- لا .. لقد سألني عن بيير .. و هذا يعني أنه زميل دراسة ..!
- كان هناك عدد من الطلاب باسم ماكس فهو اسم شعبي للغاية ..! لكن أيهم رأيت ؟!..
- حسناً .. شعره اسود كثيف و له عيون خضراء .. و هو قصير قليلاً و مرح للغاية ..!
اخذ يتذكر للحظات لكنه قال : لست متأكداً ..! عموماً ماذا قلت له ؟!..
- انكرت أني أنت .. دون أن أذكر شيئاً عنك ..!
- لما ؟!..
- لأني فكرت أنه قد يكون صديقاً مقرب منك .. و بعدها سيقول " ريكايل لم يخبرني أن عنده أخاً " أو شيئاً كهذا ..!
ابتسم بمرح : أفهم هذا .. لكن لم يكن لي صديق مقرب اسمه ماكس ..!
ببرود اجبته : و ما أدراني أنا ؟!.. أنت لم تحدثني عن أحدهم !!.. فقط بيير !!.. حتى هو حدثتني عنه لأني سألتك حين سمعت اسمه من ميشيل ..!
نظر إلي باستغراب من لهجتي الجافة ..!
في الحقيقة اعلم أنه ما كان علي قول هذا .. لكني بالفعل اتمنى أن اعرف المزيد ..!
لم يكن منه الا أن ابتسم بهدوء : اعذرني ..! لم افكر في الحديث عنهم مسبقاً ..! هلا خرجت لينك ؟!.. أريد أن أستذكر دروسي ..!
وقفت عندها و انا أتساءل .. هل أزعجه كلامي يا ترى ؟!.. ما كان علي أن اقول هذا !!..
خرجت من الغرفة و أنا أتمتم : بالتوفيق ..!
لا بأس .. أعلم أنه ما كان علي قول ما قلته .. لكن لم استطع ان اكتم ما في نفسي ..!
فبعد لقائي بماكس اليوم .. عرفت أن ريكايل شخص مجهول بالنسبة لي ..!
.................................................. .....
مضى ذلك اليوم على خير و ها هو اليوم التالي قد بدأ ..!
استيقظت صباحاً و تناولت الافطار مع ريك و كيت و هذه المرة كان هاري معنا ..!
و دعتهم كي اذهب للمدرسة بينما قال هاري انه سيوصل كيت بنفسه .. فما فهمته أن مدرستها بعيدة و هي تذهب إليها بالحافلة عادةً ..!
حين نزلت للدور السفلي التقيت بالجدة مادلين و القيت عليها تحية الصباح : صباح الخير يا جدة ..!
أجابتني بنبرة بشوشة : صباح الخير يا بني .. أأنت ذاهب لمدرستك ؟!..
- أجل ..!
- و لما اخوك ليس معك ؟!.. أرجوا أن لا يكون مريضاً ..!
- لا انه بخير .. لكنه يذهب بعدي ..!
- هكذا إذاً .. بالتوفيق ..!
تجاوزتها و سرت خارجاً من العمارة باتجاه مدرستي .. و لم تمض لحظات حتى رأيت طلابها يسيرون من كل اتجاه ناحيتها بزيهم الرسمي الموحد و البسيط ..!
بينما كنت اسير بهدوء : لينك .. صباح الخير ..!
التفت يساري لأجد صاحبة الشعر البرتقالي الطويل تبتسم لي ابتسامة مشرقة فبادلتها تلك الابتسامة : صباح الخير سام ..!
- اتعيش قريباً من هنا ؟!..
- اجل .. في تلك العمارة ..!
- هكذا إذاً .. مع والديك ؟!..
- ليس كذلك .. بل مع أخي الأصغر ..!
بدت عليها الدهشة مصحوبةً بالحماسة : مذهل .. تعيش مع أخيك الصغير وحدكما ..!
اجزم أنها تتخيل طفلاً أو طالب إعدادية على أكبر تقدير .. لذا قررت أن أجاريها ..!
أومأت إيجاباً : خالتي تزورنا دوماً .. لكن بسبب عملها لا تستطيع البقاء معنا طيلة الوقت ..!
- ماذا عن والديك ؟!..
- انهما متوفيان منذ زمن ..!
- آه .. أعتذر .. أنا آسفة لهذا ..!
- لا عليك ..!
دخلنا إلى ساحة المدرسة فأشارت ملوحةً لأحدهم و هي تنادي : ايثن .. صباح الخير ..!
توقف ذلك الذي كان يسير أمامنا و التفت : صباح الخير ..!
بدا عليه الاستغراب : ريا ليست معك اليوم أيضاً ..!
بدا عليها العبوس و قالت : لا تزال مريضة .. لكني هاتفتها بالأمس وقد قالت أنها ربما تأتي في الغد ..!
- لا عليك .. انا واثق انها ستكون بخير ..!
سرنا سويةً إلى مبنى المدرسة و نحن نتحدث بأمور عادية و بعد أن دخلنا من البوابة لفت نظري أحدهم ..!
كان يقف قرب البوابةً مستنداً إلى الجدار يراقب الطلاب يدخلون .. يبدو من طلاب السنة الثالثة ..!
بشعر رمادي قاتم .. و عينان بذات اللون .. طويل و له وجه وسيم للغاية .. إنه جاذب للانتباه بشكل غريب ..!
الجميع كان يلقي عليه تحية الصباح فيجيبهم بابتسامة لطيفة .. رغم هذا هناك شيء يقلقني ..!
لا أعلم لما .. لكني لا اشعر بالراحة له ..!
هناك هالة سوداء تحيط به .. حتى أنها تشعرني أنه .. شيطان !!!..
اهي مخيلتي ؟!.. أم ماذا ؟!..
شعرت بالتوتر فور ان التفت إلينا وهو يقول : ايثن و سام .. صباح الخير ..!
اجابته سام بهدوء : اهلاً يوجين .. صباح الخير ..!
يوجين .. هذا هو اسمه ..!
حول بصره إلي للحظات .. و فور ان التقت اعيننا أيقنت أن ما اشعر به ليس خيالاً ..!
هذا الفتى .. شيطان بالفعل !!..
رغم انه كان يبتسم بلطف : ارى وجهاً جديداً هنا ..!
اجابه ايثن بابتسامة : أجل .. لقد انتقل إلى مدرستنا بالأمس .. انه لينك .. لينك براون ..!
عاد ينظر إلي و تمتم : لينك ..!
مد يده لمصافحتي عندها فلم يكن مني الا ان صافحته بحذر : أنا يوجين اندرياس .. رئيس مجلس الطلبة ..!
اه .. إذاً هو برتبة روزاليندا .. ربما لهذا شعرت بالشيطنة تحوم حوله ..!
اجبته بهدوء : تشرفنا .. أنا لينك بروان ..!
افلت يدي عندها : حسناً .. الأفضل ان تذهبوا لصفوفكم قبل أن تبدأ الدروس ..!
تجاوزناه عندها .. و قد شعرت أن ما تخيلته عنه مجرد أوهام ..!
لكن رغم هذا ربما علي ان اتبع احساسي و احذر منه ..!
.................................................. ...........
مضى ذلك اليوم على خير .. و في نهاية الدوام المدرسي كنت اقف قرب طاولتي حتى قفز احدهم علي من الخلف و تشبث برقبتي : ريكايل !!!..
تنهدت بتعب : ماذا هناك ماكس ؟!..
تركني و وقف بجواري وهو يقول بحماس : ما رأيك أن ترافقني للمنزل ؟!.. اشتريت لعبة فيدو جديدةً بالأمس ..!
- اعذرني .. لكني لست من هواة العاب الفيديو ..!
- حقاً ؟!.. هذا غريب على فتى في سنك ..! حسناً لا بأس تعال معي و سأجعلك تحب اللعب ..!
- لا استطيع .. اخي ينتظر عودتي للمنزل ..!
- لديك أخ ؟!.. هذا مثير ..!
- اجل .. أخي الأصغر ..!
و ما لا تعلمه أن أخي الأصغر هو ذات الريكايل الذي تهذي به صباح مساء !!..
بدا عليه الضجر للحظات لكنه قال : أحضر أخاك إذاً و تعال .. أعتقد أنه سيستمتع هو الآخر ..!
تنهدت عندها : ان لديه امتحانات .. لذا لا يستطيع مغادرة المنزل .. و علي مساعدته ..!
بدا الاحباط عليه لكنه بعدها هتف : لكنك سترافقني لمنزلي يوماً ما ..!
أومأت إيجاباً : ربما حين تكون الظروف مناسبة .. على العموم شكراً على الدعوة ..! و الآن علي الذهاب ..!
تركت الصف عندها متجهاً إلى الخارج ..!
و بينما كنت اسير في الساحة الخارجية رأيت ذلك اليوجين يقف قرب بوابة الخروج .. و يحدق بي بتفحص و على وجهه ابتسامة ذات مغزى مبهم ..!
لم أقل شيئاً بل تجاوزته لكنه عندها قال : الطالب الذي يأتي لتقديم الامتحانات .. شقيقك ؟!..
التفت ناحيته و قد علمت انه يقصد رايل : أجل .. انه كذلك ..!
نظر إلي عندها : ذلك واضح .. انه نسخة طبق الاصل عنك .. في الشكل و الصوت ..! لكن الهالة التي تحيط به لطيفة جداً مقارنة بالهالة التي تحيط بك ..!
لم أفهم المقصود من كلامه .. لكن يبدو أنه يشعر نحوي كما اشعر نحوه ..!
اتسعت ابتسامته التي يبدو أنها ماكرة كأقرب تقدير : أنت تثير فضولي ..!
شعرت بالتوتر .. لا أريد أن أثير فضول أحد .. لا أريد لأحد أن يحاول نبش ماضيي ..!
كما أن هذا اليوجين يبدو أكثر ذكاءً و مكراً مما اتوقع ..!
بخبث تمتم مع تلك الابتسامة : شيطان ..! أنت كذلك !!..
انه بالفعل يبادلني المشاعر ذاتها !!..
فحتى هو يشعر بالشيطنة نحوي كما أشعر نحوه !!..
يجب أن أحذر منه قدر الإمكان .. و أحذر ريكايل أيضاً !!..
حاولت أن أكون هادئاً قدر الامكان و أنا أقول : ليس في ما يثير الفضول ..!
تابعت طريقي بعدها فلم يعترضني ..!
انه بالفعل .. يثير قلقي !!..
.................................................
كنت أجلس أمام التلفاز اشاهد فلماً قديماً أحبه منذ طفولتي ..!
كيت كانت معي تشاهد التلفاز .. و ليو كذلك ..!
أما ريك فقد كان في غرفتنا يستذكر لامتحان الغد ..!
لكن فجأة : لينك !!..
التفت لأجد رايل يقف قرب الباب و السعادة بادية على وجهه ..!
باستغراب قلت : ما الأمر ؟!..
لم أكن الوحيد المتعجب .. بل كيت و ليو أيضاً ..!
لكن ريك بابتسامة سعيدة قال : لقد تلقيت أخبار مفرحة ..!
ابتسمت تلقائياً و قلت : و ماهي هذه الأخبار ؟!..
هتف بحماس : بيير سيأتي إلى هنا !!..
.
.
.
صديقه بيير .. سيأتي ؟!!..
.
.
.
- من هو بيير ؟!..
- يبدو أنه شخص مقرب منهما ..!
كان هذا حوار كيت و ليو الصغير ..!
بينما قلت بتعجب : سيأتي ؟!.. اليوم !!..
ضحك بخفة عندها : لا ليس اليوم بالطبع .. سيأتي حين تبدأ الإجازة في سويسرا أعتقد بعد شهرين تقريباً ..!
- هكذا إذاً .. تبدو سعيداً للغاية بهذا ..!
- أجل .. فأنا لم أره منذ العام الماضي .. و قد اشتقت إليه كثيراً ..!
- هل سيسكن هنا ؟!..
- قال انه سيسكن في احد الفنادق .. لكني أصريت أن يسكن هنا ..!
- أجل هذا أفضل ..! حسناً أنا اتطلع لرؤيته ..!
- هو الآخر كذلك ..!
قاطعنا أحدهم عندها : هلا أخبرتماني من هو بيير ؟!..
كانت هذه كيت التي ما إن التفت حتى رأيت ملامحها عابسة فسألت بتعجب : ما بك ؟!..
- أنتما تتحدثان عن شخص سيأتي مطلع الشهر القادم و يسكن معنا هنا .. لذا اعتقد أنه يجب ان أعرف من هو ..!
تابع ليو الذي يتفق معها للمرة الأولى : صحيح .. نحن أيضاً يجب أن نعرف من هو بيير هذا ..!
هذان الاثنان سيجلطانني !!.. انهما مصران على انهما سيحتلان منزلي !!..
تنهدت بضجر و أنا أتذكر أنهما لا يعلمان أني و ريك لم نكن نعيش معاً : انه صديق قديم .. و هو مقرب من ريكايل كثيراً ..!
بدا عليهما البرود و عادا لمشاهدة التلفاز ..!
أعلم أن ذلك لم يكن سوى فضول منهما فقط لكنهما قلباه لحبكة درامية ..!
عاد ريك لمذاكرة الفيزياء بنفسية مفتوحة بعد هذا الخبر ..!
عموماً أنا سعيد لأجله .. و في الوقت ذاته اطوق شوقاً للقاء ذلك البيير الصديق المقرب من أخي ..!
.................................................. .........
صباح اليوم التالي في المدرسة ..!
كان وقت الاستراحة قد بدأ .. و اليوم هو دور ايثن في احضار الفطائر ..!
لذا سبقته أنا و ماكس إلى السطح حيث اعتادت هذه المجموعة التي صرت فرداً منها بطريقة ما على تناول الطعام هناك ..!
دخلنا من بوابة السطح فكانت سام كالعادة قد سبقتنا .. لكن كان معها شخص آخر ..!
ابتسمت لنا بمرح كعادتها : أهلاً ..!
بحماس هتف ماكس : ريا .. كيف حالك ؟!.. لقد افتقدناك في اليومين الماضيين ..!
نظرت إلى تلك الفتاة المدعوة ريا ..!
لوهلة .. خلت نفسي أرى فتاة من تلك الطبقة المخملية !!..
بشعر رمادي يميل للون البنفسج و متساوي الاطراف كالحرير يصل لمنتصف رقبتها .. عينان رماديتان لامعتان .. و بشرة بيضاء محمرة .. ملامح لطيفة و رقيقة للغاية .. مع معطف بنفسجي أنيق و لطيف ..!
قامتها قصيرة بعض الشيء أيضاً ..!
هناك شيء ما يلفت الانتباه لها .. هذا الشعور الذي اشعر به الآن .. يشبه شعوري لرؤية ليديا !!...
أجل .. إنها كليديا تماماً !!..
بلا شعور تمتمت : ليديا ..!
انتبهت لنفسي حيث سأل ماكس : ليديا ؟!..
بابتسامة متوترة قلت : لا شيء .. تشبه فتاة أعرفها فقط ..!
التفت ناحيتها مجدداً لأجد انها تنظر الي لكن فور ان نظرت اليها حتى اخفضت عينيه بخجل و توردت وجنتاها ..!
انها خجولة للغاية وهذا واضح عليها ..!
لكن سام بمرح قالت : لينك .. هذه صديقتنا ريا .. إنها من طالبات السنة الأولى ..! ريا .. لينك هو الطالب الجديد الذي حدثتك عنه ..!
عادت تنظر الي فابتسمت لها : تشرفنا ..!
احمر وجهها أكثر وهي تقول : أهلاً بك ..!
وصل إيثن عندها و فوراً قال : آوه ريا .. كيف حالك الآن ؟!..
نظرت ناحيته وابتسمت بلطف : بخير .. ماذا عنك ايثن ؟!..
- بأفضل حال .. أرجو ان لا تكوني قد مللت اثناء مرضك ..!
- لا اطمئن .. صحيح اني لم أغادر المنزل .. لكن اخي بقي حريصاً على الا اشعر بالملل ..!
ضحك ماكس بخفة : ذلك المثالي أخ حنون بالفعل ..!
لكن سام علقت ببرود : القلب الأبيض يخبأه للمنزل فقط ..! هنيئاً لك ريا فأنت ترين منه الطيبة طيلة الوقت ..!
باستنكار قال ايثن : انه اخوها الوحيد سام .. طبيعي أن يكون طيباً معها ..!
كانت السعادة واضحةً عليهم و هم يتحدثون عن ريا و أخيها الذي يبدو لي انه شخص جيد و حنون للغاية ..!
انا الآخر كنت ابتسم .. تلك الريا تذكرني بليديا نوعاً ما ..!
فالوجنتان المتوردتان و الابتسامة اللطيفة ذاتها التي تملكها ليديا ..!
حتى أنها تكاد تجاريها في الجمال رغم ان ليديا أكثر جمالاً إلا أن ريا تملك مظهراً طفولياً و بريئاً أكثر ..!
قبل أن نجلس لتناول الافطار فتح أحدهم باب السطح : أنتم هنا كما توقعت ..!
التفت الجميع تلقائياً ناحية الباب .. و لم ألبث ان اظهرت انزعاجي لرؤية رئيس هيئة الطلاب .. يوجين ..!
كان ينظر إلينا بابتسامة هادئة وقد قال : ريا لا تزال مريضة .. لذا انزلوا للأسفل حالاً .. هي لم تمرض إلا بسبب بقائكم الدائم هنا في هذا الجو البارد ..!
بدا الضجر على سام : ماذا ؟!.. لكنه أفضل مكان في المدرسة ..!
هنا تحولت ملامحه إلى الجد و الشيطنة : قلت انزلوا حالاً ..!
ابتسم له ايثن : هدء اعصابك يوجين .. لقد قالت ريا انها تحسنت لذا لم نلقي بالاً .. لا بأس سننزل الآن ..!
هل اتخيل ؟!.. أم ان يوجين مهتم بأمر ريا ؟!.. أيعقل أن يكون !!..
- اخي لا تقلق .. لقد شفيت بالفعل !!..
- قلت لك لا .. ان لم تنزل الآن فستعود لك نزلة البرد تلك و ستلزمين الفراش مجدداً ..!
- و لكن ...!
- بلا لكن يا ريا .. لا تكوني عنيدة !!..
كان هذا حوارها .. مع رئيس الطلاب !!..
أنا لا اكاد أصدق ان هذا الشيطان هو شقيق هذه الفتاة الرقيقة !!..
وقفوا جميعاً لينفذوا أمره الصارم بترك هذا المكان .. و قد سرت خلفهم أنا الآخر ..!
بعد ان تجاوزت ذلك الفتى بخطوات سمعت همسه : أنت .. إياك أن تقترب منها ..!
التفت إلى الخلف مستغرباً لأرى نظرته الشرسة ناحيتي وهو يتمتم : شيطان مثلك لا يجب ان يكون بالقرب من أختي ..!
هذا الشيطان لن يكف عن تصرفاته التي لا معنى لها !!!!..
لكني سأوقفه عند حده !!.. بطريقتي الخاصة !!...
و كبداية .. ابتسمت له ببرود و غرور و أنا أقول : الأفضل لك ألا تستفزني .. فأنت لم ترى شيطاني الذي تهذي به بعد ..!
ابتسم عندها ابتسامة مشابهه : لا فائدة من القطة إن لم تظهر أنيابها .. لنرى ما في جعبتك ..! لكني احذرك .. ابتعد عن ريا ..!
يبدو انه بحاجة لمن يؤدبه !!..
رغم ذلك تجاهلته و نزلت الدرج خلف البقية و أنا اشتعل غيضاً في داخلي من هذا الفتى الذي لن يتوقف عن النظر إلى بهذه الطريقة الحقيرة بلا سبب مقنع !!..
.......................................
في نهاية ذلك اليوم كنت اسير مع رفاقي الجدد خارجين من المدرسة ليذهب كلن منا لمنزله ..!
منذ البداية ودعنا ماكس فمنازله على الجهة الأخرى .. أيثين بقي في المدرسة من أجل حضور مجلس الطلبة .. بينما سرت أنا و سام مع ريا في جهتنا المعتادة ..!
كانت الفتاتان تتبادلان الأحاديث بينما انا صامت لا افكر حتى في سماع ما يقولانه ..!
في النهاية : و الآن إلى اللقاء .. منزلي من هذا الطريق ..!
هذا ما قالته سام و هي تسير من ذلك المنعطف الصغير المشابه لكثير من امثاله في هذا الحي الكبير ..!
سرت مع ريا وحدنا الآن .. و لا أعلم كيف لكني شعرت أني لا ازال لينك مارسنلي عندها .. فالهالة المحيطة بهذه الفتاة مشابهة للغاية لفتيات الطبقة المخملية ..!
ترددت للحظات قبل أن أقول : أين يقع منزلك ؟!..
توردت وجنتاها رغم الهدوء عليها و هي تقول بصوت منخفض : أنه بعد منعطف واحد .. في نهاية الشارع ..!
اخذت وقتاً طويلاً قبل أن تسأل : و أنت ؟!..
أجبتها بابتسامة : أسكن في العمارة عند ذلك المنعطف ..!
ابتسمت ابتسامة صغيرة دون ان تنظر إلي : انه ذات منعطفي فأنا أمر من امام تلك العمارة دوماً ..!
- هذا يعني أننا سنسير معاً كل يوم بعد المدرسة ..!
احمر وجهها عندها .. إنها خجولة بشكل لا يصدق !!.. و أكثر من ليديا حتى !!..
تذكرت عندها يوجين و تهديداته لي بشأن أخته الصغيرة ..!
قد يقص رقبتي لو رآني معها !!..
لكن أتعلمون .. سأتجاهله و أفعل ما برأسي !!..فأنا لم أتربى على إطاعة الأخرين .. و خاصة من يعاندونني !!..
وصلنا للمنعطف أخيراً و فور أن التففنا حتى سمعت شهقة أنثوية فزعة !!..
نظرت حالاً إلى ريا لأرى ملامح الخوف و الرعب عليها وقد دمعت عيناهاً و بدأت ترتجف !!..
ما بها ؟!!..
التفت إلى الأمام لأصدم أنا الآخر بكلب أسود صخم أمامنا ..!
انه من كلاب الشوارع الشاردة .. كانت عيناه كبيرتان و حمراوان و اللعاب يسيل من فمه بشكل مقرف و له رائحة نتنة !!..
و ما ان انتبه إلينا حتى أخذ ينبح بشكل جنوني من ما جعل تلك الرقيقة بجانبي تتراجع للخلف و دموعها تسيل بسلاسة على وجنتيها ..!
تمتمت عندها بقلق : أنه كلب مسعور !!.. لن نستطيع تجاوزه ..!
في تلك اللحظة بدا ان ريا الخائفة لم تتمالك نفسها فالتفت و ركضت لتهرب و ما إن فعلت ذلك حتى تقدم الكلب بضع خطوات !!!..
أنه .. يريد .. أن يلحق بنا !!..
اتسعت عيناي عندها لكني ركضت بسرعة و أمسكت بيدها معي !!..
و تلقائياً بدأ الكلب المسعور بمطاردتنا !!..
ركضت بسرعة بشكل لم أركضه منذ زمن !!..
كان الكلب يركض خلفنا و ينبح بشكل مخيف ..!
ريا كانت تركض معي و هي تحاول أن تلتقط أنفاسها و توقف دموعها بينما لم استطع ان افلت يدها خشية ان تتوقف عن الجري لو فعلت ذلك !!..
انعطفت من احد المنعطفات الصغيرة لأصدم بالطريق المسدود امامي ..!
هتفت ريا بخوف وهي تبكي : انه طريق مسدود ..!
بتوتر قلت : أنا لا اعرف المنطقة جيداً !!..
سمعت نباح الكلب فالتفتت حالاً لأجد أنه خلفنا ..!
امسكت بها و جعلتها خلفي و أنا اتراجع بضع خطوات للخلف بحذر !!..
لكن ذلك الكلب بدأ يسير ناحيتي بخطى متسارعة و أنا اعلم انه سيقفز في النهاية .. هذا ما جعلها تصرخ وقد تشبثت بي بينما أخذت ابحث حولي حتى رأيت عصى فولاذية ملقاة على الأرض بإهمال !!..
التقطتها حالاً وفي اللحظة التي قفز فيها الكلب علي هويت بها على رأسه بأقوى ما لدي فسقط أرضاً ..!
استغليت الموقف و أمسكت بيد ريا مجدداً ثم ركضنا مبتعدين .. و من الرائع اننا تمكنا من الهرب هذه المرة ..!
كنا قد توقفنا في طريق فرعي مسدود مشابه لذلك الأول كي نلتقط أنفاسنا ..!
و من فورها هوت جالسةً أرضاً برعب و صوت أنفاسها يعلوا بشكل كبير ..!
جثوت أمامها عندها و سألت بقلق : أأنت بخير ؟!..
التقطت أنفاسها و أومأت إيجاباً و هي تمسح دموعها برقة ..!
لكنها لم تستطع أن تتوقف عن البكاء بل ان بكاءها ازداد عندها ..!
شعرت بالقلق أكثر .. هل افزعها الموقف لهذه الدرجة ؟!..
ربتت على كتفيها و أنا أقول بنبرة مطمئنة : لا تخافي .. لن يلحق بنا ذلك الكلب مجدداً ..!
لحظات حتى توقفت عن البكاء و قد طأطأت رأسها و تمتمت : آسفة ..!
ابتسمت لها بهدوء : لا عليك .. هل تخافين من الكلاب ؟!..
كان هذا ما توقعته بسبب ردة فعلها المضاعفة ..!
و بالفعل أومأت إيجاباً و هي تقول : حين كنت في الرابعة .. هاجمني كلب كبير .. هربت منه طويلاً لكنه لحق بي و كاد يعضني ..! أخي ساعدني عندها لكن الكلب عض كتفه في ذلك الحين ..! بعدها جاء احد الجيران و طرد الكلب بعيداً ..!
أخوها ؟!.. أهو يوجين ؟!.. أم أخ آخر ؟!..
لم أسألها عن الأمر ..!
أنا الآن أتفهم خوفها من الكلاب .. فحين يتعرض الطفل لموقف خلال سنواته الخمس الأولى فإنه سيستمر أثره معه حتى لو بلغ الخمسين من عمره ..!
في النهاية لم يكن مني إلا أن قلت : المهم أننا بخير الآن .. أتشعرين بتحسن ؟!..
رفعت رأسها قليلاً لأرى وجهها المحمر بمزيج من آثار البكاء و الخجل وهي تقول : شكراً لك لينك .. لقد ساعدتني ..!
وقفت عندها و أنا أقول : لا داعي للشكر .. فأي شخص في مكاني كان سيفعل الشيء نفسه ..! و لا تنسي أنه كاد يهاجمني أنا الآخر ..!
مددت يدي لها فترددت قليلاً قبل أن تمد يدها لأساعدها على الوقوف و هي تقول بنبرة لطيفة : لكنك كنت شجاعاً للغاية حين ضربت الكلب ..!
ابتسمت فقط و لم أرد عليها ..!
تركت يدها و سرنا معاً عائدين لطريقنا ..!
كان لدينا كلاب في القصر سابقاً تقوم بالحراسة .. لكني لم أكن أراها إلا نادراً و لم أفكر في الاقتراب منها فقد كان الحارس العجوز يهتم بها .. اعتقد أنها كانت ثلاثة كلاب ..!
وصلنا إلى العمارة عندها فالتفتت إلى ريا : أأرافقك للمنزل ؟!..
أومأت سلباً و هي تشير إلى الأمام : لا داعي .. فمنزلي هناك في نهاية الشارع ..!
- ألا يفترض أن يرافقك يوجين بعد المدرسة ؟!..
- أخي رئيس مجلس الطلبة .. لذا يبقى لبعض الوقت مع بعض أعضاء المجلس بعد خروج الطلاب دوماً ..!
- أنت أيضاً رئيسة صفك و عضو مجلس الطلبة كما أعتقد ..!
- صحيح .. كل عضو يبقى ليوم واحد في الأسبوع .. أما الرئيس فيبقى كل يوم ..!
- هكذا إذاً ..! حسناً أراك غداً ..!
ابتسمت لي و سارت بهدوء ناحية منزلها ..!
بدا أن خجلها الزائد مني قد خف و باتت تعاملني كماكس و إيثن .. هذا جيد نوعاً ما حتى لا أتوتر أنا الآخر في الحديث معها ..!
..................................................
في اليوم التالي و بينما كنت أسير بين الطلاب الكثر هنا و هناك في وقت الاستراحة انتبهت لسام التي وقفت مع احدا الفتيات هناك ..!
و عندما انتبهت هي الأخرى لي هتفت : لينك .. تعال إلى هنا ..!
اقتربت منهما لألحظ نظرات الفتاة الأخرى ناحيتي و التي بدت نظرات تعجب أقرب من أي شيء آخر ..!
هنا اشارت سام ناحيتها بمرح : أعرفك .. ينار من الصف الثاني الشعبة الثالثة .. و عضو مجلس الطلبة ..!
كانت تلك المدعوة ينار ذات شعر أحمر يصل لما تحت كتفيها بقليل و متموج بطريقة جميلة .. بشرة بيضاء و عينان فيروزيتان مذهلتان .. لها جمال خاص و تبدو فتاة جريئة و قوية ..!
ابتسمت عندها بتوتر من نظرتها : مرحباً .. أنا لينك ..!
بدا انها انبهت لنفسها فابتسمت بهدوء : أهلاً .. و أنا ينار ..!
بمكر علقت سام : لقد كانت ينار تسأل عنك .. يبدو أنك تعجبها ..!
هتفت تلك الأخرى بتوتر : ليس كذلك سام ..! أنه فقط يشبه شخصاً أعرفه ..!
أشبه .. شخصاً .. تعرفه ؟!.. أهو ريكايل أيضاً ؟!.. لا اعتقد ذلك ..!
ابتسمت عندها لها : أيشبهني إلى حد كبير ؟!..
بابتسامة لطيفة متوترة : نوعاً ما .. لا تهتم كثيراً ..!
قبل ان أقول أي شيء رن الجرس معلناً نهاية فترة الاستراحة .. هذا ما جعل ينار تهتف : لقد نسيت .. يتعين علي أن أجهز المواد الكيميائية قبل بداية الدرس ..! أراكما لاحقاً ..!
لم نقل شيئاً بينما اسرعت هي في اتجاه معمل الكيمياء ..!
تنهدت سام بحزن : أرجوا ان تبقى هنا دوماً ..!
نظرت إليها باستغراب : لما تقولين هذا ؟!..
- يبدو أن والدها سينقلها لمدرسة أخرى ..!
- أأنتما صديقتان مقربتان ؟!..
- إنها فتاة اجتماعية و الجميع يحبها .. لذا فهي صديقة مقربة للكل هنا .. و هي نائبة يوجين على فكرة ..!
- هكذا إذاً ..!
اذاً فهي في مرتبة فلورا هنا ..!
اتساءل كيف حال فلورا و دايمن ؟!.. أرجوا أنهما لا يزالان سويةً ..!
لا يتوجب علي القلق عليهما فهما بالتأكيد على علاقة جيدة حتى الآن ..!
عموماً الأفضل أن أذهب للصف الآن قبل بداية الدرس ..!
........................................
مضى بقية الأسبوع على خير ما يرام ..!
يوجين كان يرمقني بنظرات غريبة لم اعتدها منه .. لكنها لم تكن مبشرة بخير ..!
يبدو أن ريا حكت له عن ما حدث مع الكلب المسعور ببراءة دون ان تدرك مقدار كره لي ..! لكني لا أعلم ماذا يجول في خاطرة فلا يبدو أنه غير نظرته إلي رغم كل شيء ..! و من يهتم له أصلاً ؟!!..
بالنسبة لريا فقد اعتادت وجودي في المجموعة كما الجميع أيضاً .. و يبدو أني أنا الآخر سأعتاد ذلك عما قريب رغم أني لا زلت قليل الكلام معهم خوفاً من ان يزل لساني بشأن حياتي السابقة ..!
ماكس لا زال يناديني باسم ريكايل .. لا بأس فهو سيلتقي ريكايل قريباً و يكف عن هذا ..!
بالمناسبة اليوم هو اليوم الأخير لريكايل في امتحاناته .. و أنا أكاد أطير من الفرحة بهذا ..!
لأني بالفعل في الفترة الأخيرة افتقدته بشكل لا يصدق !!..
لكن لن يكون لديه امتحان يشغله عني بعد الآن ..!
.................................


رن الجرس معلناً نهاية الحصة الأخيرة من يوم الجمعة .. و غداً سيكون يوم اجازة أخيراً ..!
حملت حقيبتي و سرت مغادراً الصف بسرعة لكن ماكس لحق بي وهو يقول : ريكايل على رسلك لما أنت مستعجل ؟!..
التفت ناحيته عندها بابتسامة : عذراً ماكس .. يجب أن أعود للمنزل بسرعة ..! أراك يوم الأثنين القادم ..!
اسرعت الخطى بعدها للبوابة .. أني اشعر بالنشاط لمجرد التفكير في أني سأرى ريكايل بدون كتاب في يده أخيراً ..!
حين اقتربت من البوابة رأيت يوجين يقف هناك كعادته كل يوم .. ذلك ما جعلني امشي بهدوء و أتجاهل نظراته المحدقة بي كنسر يراقب فريسته ..!
ما إن مررت بقربة حتى تمتم بصوت اسمعه : لا تقترب من ريا ..!
لم أرد عليه بل تجاهلته .. فهو يقول هذه الجملة كلما مررت بقربه .. يبدو أن اهتمامه بريا كبير و ليس كأي أخوين آخرين .. فحتى هي لم أسمعها يوماً تناديه باسمه بل كانت تردد " أخي .. أخي " طيلة الوقت ..!
لأنسى أمر هذا المعتوه الآن و أتابع طريقي ..!
وصلت للعمارة بعد السير لثلاث دقائق رغم أني استغرق خمس دقائق بالعادة ..!
حين وصلت إلى هناك اسرعت ناحية المصعد و حين فتح خرجت منه السيدة آنيا و الدموع في عينيها .. كالعادة ..!
اثار ذلك تعجبي : سيدة آنيا .. ما بك ؟!..
نظرت إلي للحظات وهي تقول : ليو سيجلطني !!..
باستنكار قلت : ماذا فعل هذه المرة ؟!..
استرسلت بالحديث كما هو المعتاد : أتصل بي مدير مدرسته و طلب مني القدوم حالاً .. يقول بأنه تشاجر مع مجموعة من الصبية المشاكسين و تبادلوا الضربات ..! أن أبني هذا بالكاد يحصد الدرجات العلمية حتى يسبب المتاعب أيضاً !!.. ماذا أفعل أنا إن كان لا يستمع لي ؟!.. كله بسبب والده لو أنه لم يتشاجر معي و ينفصل عني لكان الولد بأمان الآن !!.. إن مدير مدرسته لا يكف عن القول بأنني السبب لأني انفصالي عن والده هو السبب في جعله متمرداً هكذا !!.. أخبرني ماذا أفعل لينك ؟!..
تنهدت عندها رأفت بحال هذه المسكينة : الأفضل أن تذهبي الآن لتري ما فعل بالضبط فقد يكون مظلوماً .. رغم أني لا اعتقد هذا ..! و حين تعودان حاولي أن توضحي له خطأه بهدوء ..! و لا تتشاجري معه كما يحدث دائماً ..!
أومأت إيجاباً بحزن و هي تقول : سأذهب الآن .. و أرجوا أن تسير الأمور على خير ..!
تجاوزتني عندها و قد بقيت أنا أتابعها بنظراتي ..!
المسكينة .. إن ولدها هذا كارثة تتجول فوق سطح الأرض .. ألا يكفي طريقة تعامله معها ؟!.. و فوق هذا يسبب لها المشاكل في كل مكان ..!
انه يحتاج لصفعة توقظه مما هو فيه ..!
ركبت المصعد و طلبت الدور الخامس .. الأفضل أن أنسى أمره الآن فأنا ليس بيدي فعل شيء لذلك الأحمق المعتوه ..!
حين وصلت للدور الخامس .. رأيت أربعة أقزام يخرجون من شقتنا ..!
آركيف .. ايميلي .. لين و لوسيان ..!
انتبهت لين إلي فأسرعت ناحيتي : مرحباً لينك ..!
ابتسمت لها بهدوء : مرحباً لين الصغيرة .. كيف حالك ؟!..
بمرحها ذاته قالت : بخير .. أتعلم لقد دعانا رايل لتناول الكعك بعد عودتنا من المدرسة ..!
لقد باتوا هم أيضاً ينادونه رايل !!..
هذا طبيعي فهو اسهل في النطق بالنسبة للأطفال ..!
جثيت أمامها و أنا أقول : و هل كان لذيذاً ؟!..
أومأت إيجاباً بمرح فشاركها الآخرون ذلك حيث قالت ايميلي بسعادة : و قد قدم لنا عصير البرتقال أيضاً ..!
و بدأوا يثنون على طعم الكعكة الصغيرة و العصير كذلك حيث بدا انهم سعيدون للغاية بها ..!
نظرت إلى لوسيان عندها : لقد ذهبت أمك لمدرسة ليو يا لوسيان .. فهل ستبقى وحدك في المنزل ؟!..
أومأ سلباً : بابا قدم إلى هنا هذا الصباح وهو في المنزل الآن ..!
هكذا إذاً .. هذا يعني أن ليونيل سيبيت عندنا هذا المساء ..!
ودعني الأطفال عندها وهم يسيرون تباعاً باتجاه الدرج بقيادة آركيف : و الآن إلى شقة الجدة مادلين .. لقد خبزة البسكويت هذا الصباح ..!
أردفت أيملي هي الأخرى : حين تعود الآنسة ماندي من الجامعة لنذهب إليها و نأكل الماكرون .. لقد سمعتها تقول لأمي بأنها ستصنع الماكرون الملون اليوم ..!
أهو يوم الحلويات و أنا لا أعلم ؟!..
عموماً أنا لا ألوم هؤلاء الصغار فجل تفكيرهم يتركز على هذه الأمور ..!
ابتسمت و أنا أراقبهم ينزلون الدرج و يتناقشون بشأن الحلويات التي يحبونها .. ليتني حظيت بطفولة كتلك ..!
صحيح أني كنت ثرياً و مدللاً و أحصل على ما أريد .. لكني لم املك الأصدقاء قبل لوي .. فحتى دايمن لم أكن أعده صديقاً في طفولتي ..! صحيح أننا لعبنا معاً كثيراً لكننا كنا نتشاجر طيلة الوقت ..!
لقد كنت أذهب مع أمي إلى كل مكان .. نسافر من بلد لآخر و نستمتع معاً .. لكني لم أشعر يوماً بالسعادة لأني حصلت على قطعة حلوى ..!
عموماً لا يمكنني أن أتذمر .. فوجود أمي إلينا بجواري كان يغنيني عن كل شيء ..!
التفتت و نظرت للسماء حينها .. أن شوقي لها يزداد يوماً بعد يوم .. لكني لن أجعل فراقها يحبط من عزيمتي .. فأنا يجب أن أكون أقوى كي لا أخيب ظنها بي ..!
أخذت نفساً عميقاً كي استرجع روحي و دخلت للمنزل ..!
كان الهدوء يسود المكان و لكني لم أنطق بحرف .. سرت ناحية المطبخ حين سمعت صوت الماء فرأيت ريكايل يقف قرب الصنبور مشمراً عن كميه و يقوم بجلي الصحون التي أكل فيها جماعة أقزام الحلوى تلك الكعكة ..!
تركت حقيبتي أرضاً و سرت بخطوات هادئة كي لا ينتبه لي فهو كان يعيرني ظهره .. و ما إن صرت خلفه حتى قفزت عليه و عانقته و أنا أهتف : مباااارك !!!!!..
شهق بفزع لحظتها : لينك !!.. منذ متى و أنت هنا ؟!..
ضحكت بخفة و أنا أقول : منذ لحظات .. لكنك لم تنتبه لي ..! تهانينا ..!
ابتسم عندها : على ماذا ؟!..
- على انتهاء امتحاناتك ..!
- شكراً .. تبدو سعيداً بالأمر ..!
- بالتأكيد .. فقد انتهت امتحاناتك على خير قبل أن تتحول لدودة كتب !!..
- أكنت قلقاً بهذا الشأن ؟!..
- أجل .. خشيت أن أفقدك يوماً و أبحث عنك لأجد دودةً خضراء بنظارات فوق كتاب الكيمياء !!..
ضحك عندها بشدة وهو يقول : سيكون ذلك مرعباً ..!
تركته عندها و أنا أقول : اليوم سنخرج معاً و نتجول في كل مكان و سأتكلم حتى أفقد صوتي .. كتعويض عن الأسبوعين الماضين ..!
بذات ابتسامته الهادئة سأل : أكنت تشعر بالضجر إلى هذا الحد ؟!..
أومأت إيجاباً : أجل .. فأنا كلما أردت أن أحدثك بأمر أجد أنك قد فتحت كتاباً ما و بدأت تسترجع المعلومات .. ذلك كاد يقتلني !!.. لقد احتملت هذا الوضع لأسبوعين و لو أنه زاد ساعةً واحدةً لانفجرت ..!
- لقد عشت بدوني سبعة عشر عاماً في السابق ..!
- الأمر مختلف فأنا لم أكن أعلم بشأنك طيلة السبعة عشر عاماً الماضية .. لكني بحق أشعر بالأسف لهذا ..!
- الأمر ذاته معي ..! حسناً إذاً .. تذوق الكعك الذي صنعته ..!
- لقد وصل لي طعمه من كلام الأطفال ..!
ضحك عندها و هو يقول : هم ليصدقوا أني من صنعتها .. لين كانت تقول بأنه يستحيل لرجل أن يصنع كعكة !!.. أنها تربط الأمر بالنساء فقط ..!
سألت عندها : متى صنعتها ؟!..
- بعد أن عدت من امتحاني .. من شدة سعادتي بنهاية تلك الفترة المرهقة دخلت إلى المطبخ و أعددت الكعك .. و حين انتهيت خرجت لأرى أن الأطفال قد عادوا من مدارسهم لذا قمت بدعوتهم ..!
- رائع .. و أين كيت ؟!.. غريب أن لا تكون هنا ..!
- لقد عادت من المدرسة مرهقةً و قالت بأنها ستنام .. حتى أنها تجاهلت دعوتي لها بشأن الكعك و هذا ما أذهلني ..! كانت تسير شبه نائمة !!..
- أجل .. أخبرني هاري هذا الصباح بأنها سهرت الليلة الماضية أمام التلفاز .. لكنه أجبرها على الذهاب للمدرسة مقابل دعوتها لمحل الحلويات في وقت لاحق ..!
- أنهما يتعاملان بالمصالح .. و هذا أمر غريب بالنسبة لأخوين ..!
- مع كيت كل مستحيل يتحقق ..!
اتجهت بعدها لطاولة الطعام الصغيرة التي كان عليها طبق فوقه كعكة ريك و فوقها غطاء بلاستيكي شفاف ..!
أخذت قطعة منها و تذوقتها : أنها مذهلة .. لن ألوم جماعة أقزام الحلوى على اعجابهم بها ..!
ضحك عندها بخفة و جلس على المقعد الآخر : ما هذا اللقب ؟!..
- انه يناسبهم حقاً ..! أما ليو و كيت فهما من جماعة الأطفال المشردين ..!
- يا إلهي .. أرجوا ألا يسمعك أحدهم ..! آه صحيح .. غريب أن ليو لم يأتي .. سمعت من لوسيان ان والده هنا ..!
- إنه في المدرسة .. لقد سبب مشكلة هناك و السيدة آنيا ذهبت لتفقده ..!
- هكذا إذاً .. أنه أمر طبيعي لمن في سنه ..!
- دعنا منه .. كيف جرى امتحان اليوم ؟!..
- لقد كان جيداً .. أخبرتني الآنسة هيلين بأنه يمكنني أن أبدأ بالحضور بدأً من الأسبوع القادم ..!
- هذا جيد .. أرجوا أن نكون في الصف ذاته ..!
- أنا أيضاً .. رغم أني لا اعتقد هذا ..! فغالباً ما يوضع كل من التوأمين في صف كي لا يسبب الشبه مشكلةً للمدرسين ..!
- هذا أمر سيء ..!
وقف عندها بحماس وهو يقول : حسناً .. أنا اليوم أريد ان أخرج من هذه الشقة بعد فترة الامتحانات المرهقة تلك .. لنخرج الآن ..!
ضحكت بخفة عندها : أنت متحمس أكثر مني إذاً .. حسناً لا بأس ..! أني أفكر في عدة أشياء يتعين علينا فعلها ..!
.................................................. ...
كنا نجلس سويةً في ذلك المطعم الصغير نتناول طعام الغداء الذي كان عبارةً عن وجبة سريعة لذيذة ..!
بدأنا الحديث اولاً عن المدرسة فأنا لم اتحدث لرايل بشأنها سوى قليلاً : أذاً أخبرني .. هل تعرفت لأحدهم ؟!..
ارشفت شيئاً من ذلك المشروب الغازي قبل أن أقول : حسناً .. طلاب صفي جميعهم لطيفون و هذا المهم .. رغم أن بعض الأولاد يمقتونني .. لكني معتاد على هذا منذ كنت في ثانوية مارسنلي ..!
باهتمام قال : أعتقد أنك ذكرت شيئاً عن رئيس الصف ..!
- آه إيثن .. أنه يعدني صديقاً ..!
- ماذا عنك ؟!.. أتعده صديقاً أنت الآخر ؟!..
- يمكنك أن تقول ذلك .. انه شخص لطيف و عاقل للغاية ..!
- أهناك شخص آخر ..!
- أجل .. ذلك المدعو ماكس الذي يعرفك .. أنه يناديني ريكايل طيلة وقت ..!
- متشوق لرؤيته .. لقد وضعت في رأسي عدة أشخاص قد يكون من بينهم ..!
- و هناك سام و هي طالبة من الصف الآخر .. أنها اجتماعية و ذات شخصية فولاذية ..!
- حقاً .. لقد عقدت صداقة مع الفتيات أذاً ..!
- ليس كما تعتقد .. لكنها صديقة لماكس و ايثن ..! آه صحيح .. هناك أيضاً ريا .. و هي فتاة رقيقة و لطيفة للغاية من طالبات السنة الأولى ..!
- هذا مثير .. لم اعتقد أنك تعرفت إلى هذا العدد ..!
- انهم اصدقاء منذ زمن .. و قد ضموني إلى مجموعتهم اجباراً .. لكني لا أواجه مشكلة في هذا ..!
تنهد براحة عندها : جيد أنك لم تواجه أية مشاكل ..!
قطبت حاجبي مستاءً : ليس كذلك .. هناك شخص يقف كالشوكة في حلقي !!..
باستنكار سأل : و من هذا أيضاً ؟!..
- رئيس هيئة الطلبة ..!
- يوجين ؟!!!..
كانت هذه ردة فعله بنبرة مستنكرة و متعجبة مما جعلني أصدم : أتعرفه ؟!..
أومأ إيجاباً : أجل .. لقد ساعدني في يومي الأول في الوصول لقاعة الامتحان .. كما اني التقي به كل يوم بعد امتحاناتي و كان يسألني عنها بلطف ..! أنه شخص رائع ..!
بانزعاج قلت : انه شيطان !!.. وهو لا يكف عن وصفي بالشيطان !!.. و طيلة الوقت يردد " ابتعد عن ريا .. لا تقترب من ريا " ..!
- هل ريا صديقته ؟!..
- لا .. إنها اخته الصغرى ..! لا أعلم كيف صارت هذه الحمل الوديع اختاً لذلك الشيطان المتعجرف !!..
باستغراب قال : هذا عجيب حقاً .. أنه لطيف جداً معي ..!
تذكرت حينها ما قاله يوجين ذلك اليوم حين سألني عن كون رايل أخي ..!
.
(( الهالة التي تحيط به لطيفة جداً مقارنة بالهالة التي تحيط بك ..! ))
.
انه يعتقد أن رايل لطيف لذا يعامله بلطف .. بينما يرى أني شيطان لذا يعاملني بشيطنة !!..
بضجر قلت : انسى امره الآن .. غداً لنذهب للمكتبة و ننسخ الدفاتر لك ..!
أومأ موافقاً دون أن يقول شيئاً ..!
تابعنا تناول طعامنا و حينها قال : آه صحيح .. خالتي ستصل اليوم من بلجيكا تمام الثالثة و النصف ..!
ابتسمت عندها : أعلم .. و لدي خطة أفاجئها بها ..!
.................................................. ...
كانت الساعة تشير للثانية و النصف حين انهينا طعام الغداء و بدأنا التجول في الشوارع ..!
اتصلت بهاتف كيت عدة مرات .. يبدو أنها لا تزال نائمة ..!
اتساءل إن كانت قد أكلت شيئاً ..!
سأل ريك عندها : أين نذهب الآن ؟!..
ترددت للحظات قبل أن أقول : هناك مكان أرغب بزيارته ..!
بدا عليه التعجب من ترددي لكني بعدها قلت : لنذهب للحديقة .. عند برج أيفل ..!
اتسعت عيناه بصدمة : أأنت جاد ؟!..
أومأت إيجاباً : أجل .. فقط قليلاً ..!
- و ان تعرف عليك احدهم ..!
- لن يعرفني أحد اطمئن .. هيا .. قليلاً فقط ..!
لم يبدو مقتنعاً لكنه قال : لابأس .. لكن احذر من ان يتعرف عليك احدهم ..!
أومأت ايجاباً بتردد .. لا أعلم لما قررت فجأة الذهاب لذلك المكان .. لكني اشعر بالحنين إليه بشكل ما ..!
لقد كنت احب هذه الحديقة .. أكثر من أي مكان في باريس .. أذهب اليها حين أريد أن أصفي ذهني .. أشجارها و هوائها النقي كانا يجددان نشاطي .. و منظر البرج و هو يخترق السحاب كان يسلب الأبصار ..!
لذا .. أرغب بزيارتها مجدداً الآن .. أكثر من أي شيء آخر ..!
.................................................. .......
وقفت في ذلك المكان أخيراً .. و ابتسمت بهدوء ..!
ربت رايل على كتفي : سنبقى قليلاً فقط ..!
اومأت موافقاً و أنا أقول : لنتجول الآن ..!
كنت قد وضعت قبعة معطفي على رأسي .. و الأمر ذاته من رايل حتى يخفف من امكانية التعرف ألينا ..!
سرنا لبعض الوقت بصمت .. و لا أخفي عليكم أنني رأيت عدة اشخاص أعرفهم لكني لا احفظ أسماءهم ..!
أكثر ما لفت نظري هو أنه هناك طلاب من مدرستي بزيها الرسمي ذاته .. هذا يعني أنه لم يتم إغلاقها ..!
- الجو بارد ..!
هكذا تمتمت ليقول أخي بابتسامة : ما رأيك بكوب قهوة ساخن ..!
بادلته تلك الابتسامة بهدوء : سيكون الأفضل بالتأكيد ..!
- حسناً .. لنذهب لذلك المقهى هناك ..!
- لا اريد أن نبقى في المقهى .. لنشتري القهوة و نخرج ..!
- أذاً سأذهب أنا و احضرها ..!
سار ناحية المقهى دون أن يسمع ردي .. بينما لحقت به و قررت أن انتظره في الخارج ..!
دخل بالفعل فوقفت أنا من جهة أخرى حيث كان بقربه محل فطائر بينهما زقاق صغير ..!
استندت إلى الجدار و وضعت يداي في جيبي كي اخفف من البرد ..!
لقد اعتقدت أني سأرى أحدهم هنا .. أي شخص منهم .. و ربما هذا ما دعاني للبقاء .. لكن يبدو أن لا احد من اصدقائي هنا ..!
هذا أفضل .. فأنا لا أريدهم أن يروني .. و لا أريدهم أن يروا إلى ما وصل حالي بعد تلك الثروة التي ضاعت ..!
فهم بالتأكيد لن يصدقوا أن وريث مارسنلي بات يعيش في شقة صغيرة .. يشاركه فيها اثنان من المجانين ككيت و ليو لسبب مجهول !!..
بل أن أكثر ما سيصدمهم هو ريكايل الذي اعتقدوا أني اعده لعبة من ألعابي !!..
تنهدت بتعب بعدها .. لا زال الطريق طويلاً حتى اعتاد على الأوضاع الجديدة التي بالكاد تمكنت من استيعابها ..!
- لـ .. لينك !!..
توترت للحظات .. من هذا ؟!..
طأطأت رأسي بخوف .. هناك شخص يقف بجانبي !!.. ليس ريكايل !!.. بل شخص آخر !!..
فتاة ؟!.. أجل كان صوت فتاة نادت باسمي بنبرة شك : أنه أنت .. مارسنلي أنه انت ..!
التفت لحظتها مفزوعاً لأجد أنها كانت تقف و تنظر إلي و يدها على قلبها ..!
نظرة قلق و خوف في عينيها البنيتين و قد شهقت حين رأت وجهي جيداً ..!
، ................................................

لنوقف البارت هنا ^^

أولاً كيف حالكم جميعاً ؟!.. أرجوا أن تكونوا بخير و أن تكونوا قد استمتعتم بهذه العطلة القصيرة للغاية ...!


لاحظت غياب الكثير من المتابعين عن البارت السابق لكن لا شك أنها مشاغل الإجازة بالطبع ..!

شكراً لكل من قدم التبريكات على تكريم الجزء الأول من الرواية ^^ .. في الحقيقة تشجيعكم المتواصل لي هو ما جعلني استمر على هذا النحو ^^ ..!

ننتقل الآن للبارت الذي أرى أنه أطول من المعتاد بقليل ^^ ..!

ماكس .. ايثن .. سام .. مجموعة من الفتية قرروا أن يكونوا اصدقاء لينك الجدد .. فهل ستستمر هذه الصداقة أم أن شيئاً سيحطمها ؟!..

يوجين شاب غامض بالنسبة للينك .. أي دور سيؤديه في قصتنا ؟!..

فتاة لطيفة تدعى
ريا لفتت انتباه لينك .. أيمكن أن تكون كغيرها من الفتيات ؟!..

ماذا عن
ينار ذات العينين الفيروزيتين ؟!..

كما ترون شخصيات جديدة ظهرت دفعة واحدة فما رأيكم بالأمر ؟!..

أيام
ريكايل في الثانوية ستبدأ قريباً .. فكيف ستكون ؟!..

و الآن نصل للأهم ..
لينك الآن في موقف لا يحسد عليه .. فمن هذا الذي عثر عليه أخيراً ؟!..

................................

المقتطفات ^^

...

بعد وفاة أمي ألينا كانا بقربي طيلة الوقت و يرددان " لينك نحن اسرتك .. لينك نحن لن تخلى عنك .. لينك أنت ابننا " ..!

...

أومأ إيجاباً : هذا غريب بالفعل .. لما الدكتور هاري هنا ؟!..

...

لكنها قالت عندها : لكنك لطيف للغاية ..!

...

لكنه عندها أمسك بأعلى كنزتي و شدها بقوة وهو يتمتم : ألم أطلب منك ألا تقترب منها ؟!!..

...

لا يمكنني وصف حيرتي .. من هذه المرأة التي تعيش معهما في هذا المنزل ؟!..

...

التفت فزعاً ناحية رايل الذي بدا عليه التوتر هو الآخر : تقول .. والد ليو ؟!..

...

وقفت أمامي و هي تشير ناحيته بمرح : أنه يشبك .. لذا أحضرته ..!

...

قطب حاجبيه ثم نظر لرايل للحظات .. لكنه عاد ينظر ناحيتي وهو يقول : لا .. أنه لا يشبه ريكايل صديقي !!..

...

التفت إلى ريكايل متعجباً بعد أن نطق ذلك الاسم .. إذاً فهو يعرفها حقاً ؟!..

...

لكنها ما إن رفعت رأسه حتى شهقت أثر رؤيتها لتلك الدماء تسيل من جبينه !!..

...

هذا ما لدي اليوم ^^

أترككم في حفظ الرحمن ^^


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 10:37 PM   #6

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 5


فتاة ؟!.. أجل كان صوت فتاة نادت باسمي بنبرة شك : أنه أنت .. مارسنلي أنه انت ..!
التفت لحظتها مفزوعاً لأجد أنها كانت تقف و تنظر إلي و يدها على قلبها ..!
نظرة قلق و خوف في عينيها البنيتين و قد شهقت حين رأت وجهي جيداً ..!
.
.
إنها .. فلورا مردستن !!!..
.
.
كنت أنظر إليها مصدوماً غير مستوعب بينما هتفت هي بسعادة و قد دمعت عيناها : أنه أنت .. أنه أنت بالعفل !!..
في تلك اللحظة لم استدرك نفسي إلا وقد أمسكت بيدها و سحبتها بشدة لداخل ذلك الزقاق و دفعت بها إلى الجدار وقد كانت ذراعاي كحاجز يحيط بها : أنسي .. أنسي أنك رأيتني ..!
هذا ما قلته بنبرة تهديد أخفي خلفها خوفي بينما بدا الرعب عليها من تصرفي : لما ؟!.. الجميع قلق عليك ..! دايمن يبحث عنك .. لقد تغير من بعدك ..! ديمتري أيضاً و آندي .. الجميع يريدون رؤيتك ..!
عدت لأقول لها بذات النبرة المهددة : أسمعي فلورا .. إياك و أن تقولي لأحد أنك رأيتني هنا ..! أنسي أنك رأيتني و لا تخبري أحداً ..! و إلا فإن لي تصرف آخر معك ..!
دمعت عيناها عندها و هي تقول بصوت متألم : لما تفعل هذا ؟!.. أنت لا تدرك كيف أن الجميع في حالة فوضى بسبب اختفائك !!.. السيد و السيدة رافالي يشعران بالذنب لعدم وجودك معهما في هذه الظروف و أن السيدة مارسنلي الراحلة بالتأكيد لن تكون سعيدة بهذا !!.. جميعنا قلقون عليك !!.. حتى أننا شككنا بأن تكون حياً أصلاً !!..
صمت قليلاً و أنا أحدق بها .. لكني لم ألبث أن قلت : أنا سأعيش حياتي .. و لا أريد لأي منكم أن يقترب مني بعد الآن ..! سأعيش حياة بعيدة عن مجتمعكم الفاسد ..!
ابتعدت عنها حينها و أنا أقول بجد : الأفضل أن تنسي أمري .. و الجميع كذلك ..! فهذا ما فعلته أنا مسبقاً ..!
بعد كلماتي تلك .. ركضت بسرعة مبتعداً عنها و عن المكان بأسره .. فلو كان دايمن أو أي شخص آخر برفقتها و رآني ستكون مصيبة بالتأكيد ..!
و هكذا .. تابعت ركضي بأقصى سرعة حتى غادرت أسوار تلك الحديقة ..!
.................................................. .
وقفت أخيراً و أنا ألهث بتعب .. لقد ركضت مسافة طويلة لأبتعد عن البرج قدر الامكان .. و من شدة ارتباكي لم أفكر بركوب حافلة ما كما اني نسيت امر رايل تماماً ..!
أخرجت هاتفي و اتصلت به : مرحباً رايل ..!
- لينك .. أين أنت الآن ؟!..
- لقد خرجت من الحديقة .. و الأفضل ان تسرع بمغادرتها أنت الآخر ..!
- لقد فعلت .. حين خرجت من المقهى لأسألك عن نوع القهوة التي تريد رأيت الآنسة مردستن قرب الباب فخمنت أنها رأتك ..!
- هل انتبهت لك ؟!!..
- لا .. فقد هربت بسرعة قبل أن تراني ..!
- جيد .. حسناً ..!
اخذت أنظر حولي للحظات و أخبرته عن مكاني فقال أنه سيلحق بي حالاً ..!
سرت بعدها للحظات و جلست على مقاعد انتظار الحافلات .. لقد كان موقفاً صعباً بحق ..!
رغم أنها فلورا فقط .. ماذا كنت سأفعل لو كانت آندي أو دايمن .. بالتأكيد سيكون أكبر من أي مصيبة أخرى ..!
كلامها أقلقني بعض الشيء .. صحيح أني فكرت بأن أصدقائي سيعتادون غيابي و لن يفكروا كثيراً .. لكن ماذا عن العم رونالد و الخالة كاثرن ..!
بعد وفاة أمي ألينا كانا بقربي طيلة الوقت و يرددان " لينك نحن اسرتك .. لينك نحن لن تخلى عنك .. لينك أنت ابننا " ..!
امسكت برأسي عندها بين يدي و تمتمت : لم يكن علي أن اسبب لهما المشاكل ..!
ربما لو كنت أخبرتهما أني أريد العيش وحدي لكان أفضل من تركهما حائرين بسبب جهلهما بمكاني فقط ..!
لكن لا خيار آخر .. يستحيل أن أذهب إليهم الآن ..!
فلورا أيضاً قالت شيئاً بشأن دايمن .. قالت تغير من بعدك !!.. إلى أي مدى و ما السبب بالضبط ؟!..
دايمن لم يكن لديه أخوة من الصبيان .. لقد كانت أمي و خالتي يرددان دائماً بأني و دايمن يجب أن نكون كالأخوين بما أن كلانا يفتقد الأخوة ..!
حين كنا أطفالاً كنا نلعب سويةً دوماً فهو كان قريبي الوحيد من الفتية في سني .. كما كنت كذلك بالنسبة له ..!
كنا نتشاجر كثيراً و يذهب كلن منا إلى أمه ليشتكي على الآخر .. لكنهما في النهاية كانتا تقولان بأن ما نفعله خاطئ و أن علينا أن لا نتشاجر لأننا أخوان ..!
اني حقاً أفتقده .. حتى أكثر من ماثيو و البقية ..!
بالتفكير في الأمر .. هو لا يعلم بأني لست ابن مارسنلي .. و حتى خالتي كاثرن لا تعلم بذلك ..!
هما يعتقدان بأني أبن إلينا و جاستن حقاً .. لذا لن يفكرا بأن لي أقارب آخرين غيرهم ..!
من الطبيعي أن يقلقوا في هذه الحالة ..!
- لينك ..!
رفعت رأسي حين سمعت صوت أحدهم يناديني .. لقد وصل رايل و هو يقف أمامي و يحدق بي باستغراب : ماذا ؟!..
بقلق قال : ما بك ؟!.. وجهك أصفر !!..
أومأت سلباً : لا شيء ..!
جلس بجانبي عندها : أخبرني .. هل قابلت الآنسة فلورا حقاً ؟!.. ماذا قالت لك ؟!..
تنهدت بتعب : لا تهتم .. المهم ألا تحدث أحدهم عن الأمر ..!
صمت بعدها و لم يقل شيئاً .. كما صمت أنا ..!
لكن بعد برهة وقفت و قد قررت أن أنسى كل هذا حتى وقت لاحق : ريك .. لنذهب الآن إلى ميراي .. ستصل بعد قليل ..!
ابتسم بمكر : ستصفعك لو سمعتك ..!
ضحكت بخفة : أعلم .. لكني استغل غيابها لأنفذ رغبتي بمناداتها هكذا ..! عموماً هيا بنا ..!
...............................................
كنت أقف مع رايل في تلك الردهة الواسعة في العمارة التي تسكن فيها خالتي .. حيث قررنا أن ننتظرها هنا و نفاجئها بدلاً من الذهاب للمطار ..!
و كالعادة كان هناك الكثير من الناس يصعدون و ينزلون من تلك المصاعد حيث الشقق في الأعلى ..!
بجانب ذلك العامود الرخامي الضخم وقفت مع رايل و أنا أنظر لساعتي : أعتقد أنها ستصل الآن .. لقد تأخرت بعض الشيء ..!
- ها هي ..!
هكذا هتف ريك بحماس مما جعلني أنظر للبوابة حالاً لأرى خالتي بالفعل تسير و على وجهها ابتسامة لطيفة و هي تتحدث للشخص بجانبها مما جعلني أصدم ..!
التفت لرايل لأجد أنه يحدق معجباً هو الآخر و بسرعة أمسكت يده و اختبأنا سويةً خلف العامود : أترى ما أرى ؟!..
أومأ إيجاباً : هذا غريب بالفعل .. لما الدكتور هاري هنا ؟!..
قطبت حاجبي بتعجب : أهي مصادفة ؟!..
توقفها عندها بالقرب من العامود بينما نحن مختبئان خلفه حيث سمعت خالتي وهي تقول : كانت مصادفة جميلة أن نلتقي قرب بوابة المطار ..!
أجابها بابتسامة لطيفة و ساحرة : أجل .. لقد كنت أودع وفداً من الأطباء قدموا من ألمانيا ..!
- رغم ذلك لم يكن عليك أن تتعب نفسك في إيصالي إلى هنا ..!
- لا عليك .. أنا متفرغ الآن على أي حال ..!
- إذاً كشكر لك على هذا .. سأقدم لك الشاي ..! ما رأيك ؟!..
- لا استطيع رفض هذه الدعوة ..!
- لنصعد إذاً .. شقتي في الدور الثامن ..!
- شكراً لك ..!
سارا بعدها ناحية المصعد سويةً ..!
بمكر علقت : يبدو أن الأمور تسير جيداً يا أخي ..!
أومأ موافقاً وهو يقول بذات نبرتي : أجل .. أرجوا أن تتطور أكثر من هذا .. إنهما زوج لطيف للغاية ..!
- عموماً هذا يعني أننا لن نستطيع لقاء خالتي الآن ..!
- ليس بيدنا خيار .. إنها تقضي وقتاً نادراً حالياً .. يجب أن لا نفسد هذا ..!
- أجل .. هيا بنا إذاً ..!
- إلى أين ؟!!..
- ربما لنشرب القهوة التي لم نشربها في الحديقة ..!
- حسناً ..!
غادرنا تلك العمارة بعدها و نحن سعيدان بذلك الجو اللطيف بين خالتي و الدكتور هاري .. سيكون الأمر رائعاً لو صارا ثنائياً بالفعل ..!
....................................
كانت الساعة تشير إلى السادسة و قد وقفت أمام باب ذلك المقهى مع ريكايل الذي كان يتحدث بالهاتف حيث باغته اتصال مفاجئ : حسناً .. أتفهم هذا ..! أعذريني فقد انشغلت بعض الوقت مع لينك ..! لا بأس .. سأكون عندكم قريباً ..! إلى اللقاء ..!
أغلق الخط ثم نظر إلي بهدوء : انها جوليا .. و هي تريد مني أن احضر إلى الملجأ في الحال ..!
قطبت حاجبي بقلق : هل حدث شيء ؟!..
أومأ سلباً بابتسامة : لا اطمئن .. لكنها تقول بأن الأطفال يرغبون برؤيتي حالاً .. لقد اخبرتهم مسبقاً بأني سأكون متفرغاً اليوم بعد نهاية امتحاناتي .. لذا توقعوا أن أزورهم مبكراً ..! علي الذهاب قبل أن يحين موعد نوم الأطفال ..!
تنهدت بتعب عندها : لا بأس أذاً .. سأسبقك للمنزل ..!
قبل أن يرد علي سمعت صوتاً أنثوياً عندها : لينك ؟!..
التفت حالاً برعب و قد تخيلت أنها فلورا مجدداً لكن أنفاسي هبطت حين رأيت تلك الفتاة أمامي ..!
كانت تنظر إلي باستغراب وهي تحمل بين يديها كيساً ورقياً و تحتضنه بعد أن خرجت من باب المقهى ..!
ابتسمت لها عندها : مرحباً ..!
تقدمت ناحيتي بهدوء و هي تقول : مساء الخير ..!
- مساء الخير .. كيف حالك ؟!..
- آه .. بخير .. و أنت ؟!..
- مثلك تماماً ..!
نظر إلي ريكايل بتعجب : من هذه ؟!..
التفت تلك الفتاة ناحيته و بدا عليها الاستغراب : انه ..!
اشرت ناحيتها و أنا أقول : ريكايل .. أعرفك بريا .. أنها طالبة في مدرستنا ..!
نظرت إليها عندها : ريا .. هذا أخي الأصغر ريكايل ..!
من فوره قال بعدي : التوأم ..!
ابتسمت عندها : التوأم الأصغر ..!
ابتسمت بهدوء و قد تورد وجهها : تشرفنا ..!
ابتسم ريكايل عندها : لي الشرف كذلك ..!
نظرت إلى ريا عندها : أنت وحدك هنا ؟!.. أم أن سام معك ؟!..
أومأت سلباً وهي تقول : لا .. لقد اتيت وحدي لشراء الدونات .. أن لدى هذا المقهى أصنافاً لذيذة ..!
علقت عندها بنوع من المزاح : و هل يتركك يوجين تأتين وحدك لهذه المنطقة البعيدة ؟!..
تورد وجهها مجدداً : لا .. لكنه لا يعلم بأني هنا ..!
تعجبت من أنها أخذت الأمر على محمل الجد .. يبدو أن يوجين يخاف عليها بشكل مبالغ !!..
لكني لا ألومه فهي تبدو فتاة ضعيفةً للغاية كما أنها جميلة و يمكن لأي شخص أي يحاول مهاجمتها .. رغم أني واثق أنهم لو رأوا شقيقها سيهربون من نظرته الشرسة على الفور ..!
بدا عليها الخجل و هي تقول : لينك .. ما رأيك بـ .. تناول بعض الدونات معي ؟!.. كشكر على مساعدتي ذلك اليوم ..!
علمت أنها تقصد موقف الكلب فهو الموقف الوحيد لنا معاً ..!
ابتسمت لها عندها : ليس عليك أن تكلفي نفسك ..!
أومأت سلباً حالاً : أنه لا شيء .. كما أنها تكون ألذ حين تأكلها مع شخص آخر ..!
لم أجد سبباً للرفض : شكراً لك إذاً ..!
نظرت إلي ريكايل عندها : أنك مدعوا أيضاً ..!
ابتسم لها عندها : شكراً لك على الدعوة .. لكني مضر للمغادرة الآن فلدي أمر علي القيام به في الحال استمتعا بها سويةً ..! لينك .. أراك في المنزل ..!
سار بعدها ناحية موقف الحافلات بينما نظرت إلى ريا عندها : أنجلس في المقهى ؟!.. أم في الحديقة ؟!..
بخجل قالت : لا بأس لدي ..!
اشرت لها ناحية الجهة الأخرى من الشارع : لنجلس إذاً في تلك الحديقة الصغيرة بما أن الجو ليس بارداً كثيراً ..!
أومأت موافقةً حينها فسرنا سويةً على خط المشاة إلى الجهة الأخرى ..!
، جلسنا على احد المقاعد الطويلة و قد فتحت الكيس ثم مدته ناحيتي : تفضل ..!
أخذت واحدة من الدونات الموجودة هناك و أنا أقول : شكراً لك ..!
ابتسمت بخجل دون أن تنظر إلي و قد أخذت قطعة هي الأخرى : ألا بأس لديك .. يبدو أنك لم تشتري سوى ثلاث قطع ..!
أومأت موافقةً وهي تقول دون أن تنظر إلي و بصوتها الهادئ الرقيق : الأفضل أن أنهيها قبل العودة للمنزل .. لأن أخي أن رآها فسيعلم أني جئت وحدي إلى هنا ..!
باستنكار قلت : أحقاً هو لا يسمح لك بالذهاب وحدك إلى أماكن بعيدة ..!
صمتت للحظات و قد طأطأت رأسها أكثر مما جعلني أشعر أني أخطأت السؤال : عذراً .. لم يكن علي قول ذلك ..!
لكنها قالت دون أن ترفع رأسها : لا عليك ..! منذ كنت صغيرةً كنت أتعرض للمضايقات من الأولاد و الفتيات الأكبر سناً بسبب ضعف بنيتي و حجمي الصغير ..! لكن أخي كان دوماً يتصدى لهم و ينتهي الأمر بتعرضه للإصابات هو الآخر ..! لذا يطلب مني أن لا اذهب لأي مكان وحدي حتى لا يتعرض أحدهم لي ..! حتى بعد أن كبرت هو لا زال قلقاً علي من هذه المواقف ..!
لم أعلم ماذا أقول حينها .. لكني أدركت سبب خوف يوجين على شقيقته الصغرى أخيراً ..!
بدا لي و كأنه الشخص الوحيد في حياتها .. و هذا ما يدفعني للتساؤل عن بقية أفراد الأسرة ..!
في النهاية قلت : اعتذر .. لم يكن علي قول هذا ..!
رفعت رأسها عندها و قد ابتسمت : لا تقلق بهذا الشأن .. فقد كان هذا يحدث منذ زمن فقط ..!
بقينا صماتين لفترة من الزمن .. في النهاية لم أجد إلا ان تذوقت شيئاً من تلك الدونات عندها و قد صدمت بالفعل : مذهله ..!
بابتسامتها السعيدة قالت : ألم أقل لك ؟!..
لم أجد إلا أن ابتسمت لها بذهول : بحق لم أعتقد بأنها بهذه اللذة ..!
كانت قطعة الدونات ذات لون ذهبي رائع .. فوقها قد رش سكر ملون بلون وردي لطيف ثم قليل من قطع الشوكولا المرة فوقها ..!
لم ألحظ إلا وقد أكلتها كلها : إنها مدهشة بالفعل .. يجدر بي احضار رايل إلى هنا ..!
بدا عليها التعجب : رايل ؟!..
ابتسمت لها عندها : اقصد اخي ريكايل ..!
بدا عليها الاستغراب عندها : في الحقيقة .. لم اتوقع بأن لديك أخاً توأم .. انه يشبهك للغاية ..!
- نحن متطابقان في الشكل فقط .. لكن صفاتنا مختلفة تماماً ..!
- لم أره في مدرستنا ..!
- سيبدأ بالحضور منذ الأسبوع القادم ..!
- هكذا إذاً ..!
ترددت قليلاً ثم سألت : لقد لاحظت أنك تحدثت إليه مباشرة ..!
توردت وجنتاها عندها : ماذا ؟!..
- أقصد رايل .. حين رأيتني لأول مرة لم تتكلمي معي بسهولة .. لكنك تكلمت مع رايل فوراً ..!
طأطأت رأسها مجدداً بخجل و هي تقول بصوت خافت مجدداً : في الحقيقة .. اشعر بالقلق حيال أي شخص أقابله للمرة الأولى .. و لكن حين قلت بأنه أخوك التوأم شعرت بالراحة على الفور .. كما انه يبدو شخصاً لطيفاً للغاية ..!
ابتسمت لها عندها : أنه كذلك بالفعل .. انه الطف مني و أكثر تعقلاً و حكمة و تحملا للمسؤولية .. رغم أنه الأصغر إلا أنه أفضل مني بكل شيء ..!
لكنها قالت عندها : لكنك لطيف للغاية ..!
التفت ناحيتها مستغرباً بينما بدا عليها الخجل و كأنها انتبهت لما قالته ..!
ابتسمت لها بامتنان : شكراً على مديحك .. رغم أنني لست بذلك اللطف حقاً ..!
بدا عليها الخجل و قد طأطأت رأسها أكثر و أكثر و الاحراج بادٍ عليها ..!
نظرت إلى ساعتي عندها لأجد أنها تشير إلى السادسة و النصف : اه .. يتوجب علي أن أكون في المنزل قبل السابعة ..!
لست واثقاً من كون هاري سيكون في المنزل عند موعد ابرة كيت .. رغم أنه يعود مبكراً في الآونة الأخيرة ..!
في الحال قالت : أنا كذلك .. قبل أن يعود أخي للمنزل ..!
لكنها أخرجت قطعة الدونات الأخيرة من الكيس و اعطتها لي : تفضل ..!
ابتسمت و أخذتها منها ثم قسمتها لنصفين و أعطيتها نصفاً : هذا يناسبني أكثر ..!
توردت وجنتاها و أخذت النصف مني بهدوء ..!
و بعد أن أنها كل مناً نصفه وقفنا سويةً و سرنا عائدين لحينا ..!
.................................................. ......
فتحت عيني على شعوري بشيء يهتز في جيبي ..!
اين أنا ؟!.. لقد غلبني النعاس فجأة .. أنا لم أنم من بعد استيقاظي للمدرسة صباحاً ..!
اخرجت هاتفي من جيبي و قد توقف عن الاهتزاز .. هناك مكالمة لم يرد عليها .. إنها من كيت ..!
أشعر بشي ما على كتفي .. و كأن احدهم يستند إليه ..!
و ما ان التفت قليلاً حتى رأيت ذلك الشعر ذو الشعر الرمادي المائل للون البنفسج ..!
تنبهت حينها لما يجري حولي .. نظرت من النافذة بجواري لأجد أنه لا يوجد شيء سوى الظلمة فقط ..!
و حين نظرت إلى هاتفي مجدداً اتسعت عيناي بصدمة حين رأيت ان الساعة تشير إلى ( 09 : 30 ) !!!!..
شهقت مفزوعاً و بسرعة قلت : ريا .. استيقظي !!..
فتحت عينيها بتكاسل : أين أنا ؟!..
لكنها لم تلبث أن أدركت أين تضع رأسها فأبعدته عني في الحال بتوتر : ما الأمر ؟!..
وضعت يدي على جبيني بتوتر : يبدو أن النعاس غلبنا بعد ركوبنا قطار الأنفاق ..!
شهقت متفاجئة عندها فلم يكن مني إلا أن قلت : أعذريني .. أنا من اقترح عليك ركوبه للوصول بسرعة لمنطقتنا .. لو أننا استقلينا الحافلة لانتبه لنا السائق على الأقل ..!
وضعت حقيبتها الصغيرة على قدميها بسرعة ثم اخرجت هاتفها و هي تقول : مدخرته فارغة .. يا إلهي لا شك أن أخي اتصل بي .. كم الساعة الآن ؟!..
- التاسعة و النصف ..!
اصفر وجهها عندها : مستحيل !!..
ربتت على كتفيها عندها : أهدئي .. سأشرح الأمر ليوجين بنفسي .. المهم ان نعرف أين نحن الآن بالضبط ..!
نظرت إلى اللوحة الإلكترونية المعلقة بالسقف حيث أسماء المناطق تعرض عليها و موعد وصول القطار لكل منطقة : يلزمنا ربع ساعة قبل الوصول لمنطقتنا .. آسف ريا .. انه بسببي ..!
أومأت سلباً بهدوء : لا بأس .. أنا أيضاً غفوت دون أن أدرك ..!
تنهدت عندها بهدوء .. يلزمنا الانتظار ربع ساعة قبل الوصول لمنطقتنا .. ثم السير عشر دقائق للوصول إلى الحي .. ما كان علي اقتراح مترو الأنفاق منذ البداية ..!
.............................................
ها نحن نسير أخيراً بين شوارع الحي .. و الساعة تشير إلى العاشرة تماماً ..!
لقد تأخر الوقت .. في الشتاء الليل طويل وهو يبدأ من السادسة مساءاً .. لذا يعد الوقت الآن شبه متأخر بالنسبة لطلاب مثلنا ..!
اقتربنا من منزلها أخيراً : أعتذر مجدداً ريا .. لقد غفوت بلا شعور و تسببت في تأخيرك ..!
أومأت سلباً بابتسامة و قد توردت وجنتاها : لا يمكنني لومك فنصف الخطأ يقع علي أيضاً ..!
حال ما انعطفنا إلى منزلها انتبهت لذلك الشاب الذي يقف قرب باب احد المنازل و القلق بادٍ عليه .. يوجين !!..
هتفت ريا حالاً : أخي ..!
التفت إليها بسرعة و على وجهه ملامح لم اعهدها منه مسبقاً ..!
تقدمنا ناحيته عندها فقال بقلق : لما هاتفك مغلق ؟!..
بدا عليها التوتر وهي تقول : فرغت مدخرته ..!
- أين كنت طيلة هذا الوقت ؟!..
- لقد .. في الحقيقة ..! كنت سأعود في السادسة و النصف .. لكني غفيت في مترو الأنفاق ..!
بدا عليه الغضب و هتف : ألم أخبرك ألا تستقل المترو وحدك ؟!.. ألا تعلمين أن محطات المترو أكبر مكان لتجمع المجرمين ..!
لكنها بتوتر قالت : لم أكن وحدي .. كنت مع لينك ..!
نظر ناحيتي عندها نظرة حقد و استياء ..!
تقدم بضع خطوات حتى صار أمامي مباشرة على بعد بضعة سنتيمترات .. أنه يفوقني في الطول بشكل ملحوظ ..!
لكنه عندها أمسك بأعلى كنزتي و شدها بقوة وهو يتمتم : ألم أطلب منك ألا تقترب منها ؟!!..
نظرت إليه بانزعاج و أنا أتمتم أيضاً : أبعد يدك عني في الحال !!..
هتفت هنا ريا و هي تمسك بذراع أخيها : أنه ليس خطأ لينك يا أخي .. أنا طلبت منه تناول الدونات معي ..!
نظر إليها باستياء : لا تتدخلي ريا !!..
قبل أن تقول شيئاً مجدداً سمعت صوت أحدهم يقول بنبرة مستفزة : ماذا أرى ؟!.. القطة الصغيرة تعود للمنزل في هذا الوقت مع شاب وسيم .. ماذا يمكن أن يكون الأمر يا ترى ؟!..
تركني يوجين عندها و نظرنا جميعاً إلى تلك المرأة التي تقف قرب باب منزلهم ..!
من هذه ؟!.. شكلها مريب للغاية ..!
ملابسها فوضوية و شكلها يثير الاشمئزاز .. بشعر أحمر طويل و متجعد .. واضح أنها صبغة شعر رديئة .. انها طويلة بعض الشيء و تبدو في منتصف الثلاثينات .. لها عيون سوداء و تضع أحمر شفاه بلون أحمر ملفت و بين شفتيها سيجارة يتصاعد منها الدخان ..!
أخرجت السيجارة من بين شفتيها و نفذت الدخان وهي تقول بابتسامة مقرفة : من هذا الوسيم يا ريا ؟!.. لما لم تخبريني بأنك تملكين شخصاً مثله ؟!.. هيه .. ما رأيك أن تعيريني اياه لبعض الوقت ..!
أوشحت ريا بوجهها بتوتر و قد بدا عليها الانزعاج .. بينما قال يوجين بنبرة شرسة وهو ينظر إلى تلك المرأة : لا تعتقدي أن الجميع بمثل انحطاطك ايتها السافلة ..!
رفعت احد حاجبيها حيث أن كلامه لم يعجبها : يا لك من ممل عزيزي يوجين ..!
لكنها ابتسمت مجدداً و استدارت لتدخل المنزل وهي تقول : لا بأس .. لن يمر وقت حتى تصير أنت الآخر ملكي .. فقط بعد أن تكبر قليلاً و تصبح أكثر وسامة ..!
تمتم بانزعاج : تلك المقرفة ..!
كنت مصدوماً للغاية .. من هذه المرأة ؟!..
انتبهت لريا التي قالت بهدوء وهي تطأطأ رأسها : إلى اللقاء لينك .. أراك في المدرسة .. عمت مساءً ..!
سارت بعدها إلى الداخل بهدوء تام .. رغم أن الاستياء كان بادٍ عليها من ظهور تلك المرأة فجأة ..!
نظر يوجين ناحيتي لحظتها .. كانت نظرته شرسة في كالعادة .. لكنه لم يقل شيئاً بل سار خلف شقيقته الصغرى ثم أغلق باب المنزل ..!
لا يمكنني وصف حيرتي .. من هذه المرأة التي تعيش معهما في هذا المنزل ؟!..
انها في الحقيقة تبدو كفتيات الليل اللواتي يعملن في الحانات ..!
سحقاً لها !!!..
.......................................
صباح اليوم التالي اليوم وهو يوم السبت .. كنت اجلس مع رايل بملل أمام شاشة التلفاز ..!
كيت ذهبت مع هاري حيث أن لديها موعداً مع طبيب السكري اليوم .. و كالعادة لم يخلوا الأمر من الشجار و الألفاظ السوقية منها و في النهاية وعد بكعكة ما ..!
أما ليو .. فهو في الغرفة الصغيرة يتظاهر بالنوم على الأرجح ..!
منذ الأمس لم يبدو بخير .. فحين عدت وجدته يجلس أمام الباب بانتظارنا حيث كان رايل لم يعد بعد ..!
و ما إن فتحت له الباب ذهب ناحية الغرفة الصغيرة و حسب .. أتساءل إن كان أمر ما حدث في المدرسة بعد ذهاب السيدة آنيا إليه ..!
حاولت التحدث إليه .. لكنه لم يجبني على غير العادة ..!
الساعة تشير إلى الثامنة الآن ..!
في تلك اللحظة .. سمعنا صوت الباب يفتح : مرحباً ..!
التفتنا سويةً ناحيته لأرى كيت قد دخلت و من خلفها هاري الذي سأل بهدوء : هل ليونيل هنا ؟!..
أومأ ريك إيجاباً : أجل .. انه نائم هناك ..!
قطب حاجبيه : نائم .. ايقظه حالاً ..!
- لما ؟!..
- والده في الأسفل في شقة السيدة آنيا .. و يبدو أنهما سيصعدان ليتحدثا إليه الآن ..!
ماذا ؟!!.. ماذا قال ؟!!..
التفت فزعاً ناحية رايل الذي بدا عليه التوتر هو الآخر : تقول .. والد ليو ؟!..
أومأ هاري إيجاباً باستغراب : أجل .. أنه هو ..!
وقف رايل عندها و اسرع ناحيتي ثم أمسك بيدي و سحبني : لحظة من فضلكم ..!
سرت خلفه حالاً إلى غرفتنا و قد أغلق الباب في الحال : ماذا سنفعل ؟!..
بقلق أجبته : لا خيار آخر .. سأبقى هنا بينما ابقى أنت معهم ؟!..
قطب حاجبيه باستنكار :أتمزح ؟!.. ألم تلاحظ أني أشبهك أيضاً ؟!.. ماذا إن شك أني لينك مارسنلي ..! بعدها قد يقول أحد الموجودين " آه .. إن أخاه التوأم يدعى لينك بالفعل " !!..
انه محق .. هذه مصيبة !!..
بخوف قلت : ماذا نفعل إذاً ؟!.. لن نستطيع التصرف !!..
طرق احدهم الباب عندها : هل هناك مشكلة ؟!..
انه هاري ..!
تقدم ريك و فتح الباب .. و بعد أن دخل أغلقه مجدداً : ما بكما ؟!..
سألته أولاً : أين كيت ؟!..
بهدوء أجاب : ذهبت لتبدل ملابسهما .. حسناً .. ما بكما أنتما ؟!..
نظرت إلى رايل لأجده ينظر إلي .. يبدو أنه ليس لدينا سوى اخبار هاري ..!
شرحنا له الأمر باختصار و أن والد ليو الصحفي يبحث بشأن لينك مارسنلي ..!
لكنه بهدوء قال : أنتما في ورطة لهذا ؟!..
أومأ ريك إيجاباً بينما قلت : كيف لك أن تكون هادئاً هكذا ..!
ابتسم عندها : الأمر بسيط .. عليكما أن تكونا فقط أكثر ثقة بنفسيكما أمامه .. و عندها سيخمن أنه مجرد شبه ..! ثم أنك قلت يا لينك أنه يرى أنك شخص مغرور و متكبر .. أن تصرفت بلطف و هدوء فسيعلم أنه مخطأ بشأنك لينك مارسنلي .. هذا أن شك بالأمر ..!
بعدم اقتناع أجبته : و لكن ذلك لن ينفي الشبه ..!
تقدم هاري ناحيتي بضعة خطوات و امسك بالقبعة الخلفية لكنزتي القطنية الرمادية و وضعها على رأسي .. ثم خلع نظارتها الطبية و وضعها أمام على عيني : ما رأيك هكذا ؟!..
نظرت ناحية المرآة بجانبي لأرى أن شكلي يبدو مختلفاً بالفعل بالنظارة الطبية ..!
بتوتر قلت : هل علي أن التقي به حقاً ؟!..
أومأ إيجاباً : أن اختبأت فسيشك بك فعلاً .. لا تقلق .. أنا و رايل سنساعدك .. رغم أنه محط شك هو الآخر .. المهم ألا تظهرا أي ارتباك ..!
رن الجرس عندها و معه كاد يتوقف قلبي .. لكن هاري بجد قال : هيا ريكايل .. اذهب و افتح الباب ..! و أنت كن خلفه ..!
أومأت موافقاً .. علي ان أتحلى ببعض الثقة لتجاوز هذا الموقف ..!
بالفعل خرجنا نحن الثلاثة من الغرفة و اتجهت مع رايل للباب بينما دخل هاري غرفة المعيشة ..!
فتح ريكايل الباب بابتسامة : آه .. صباح الخير سيدة آنيا ..!
كانت ابتسامتها هادئة على غير العادة : صباح الخير ريكايل ..!
ابتعد ريكايل عن الباب عندها : تفضلي ..!
دخلت و من خلفها ذلك الرجل الذي قال بهدوء : عذراً على الازعاج ..!
انه يشبه ليو بالفعل .. ذلك الشعر الكحلي و العينان بذات اللون كليونيل تماماً .. كما انه وسيم نوعاً ما ..!
اشار لهما ريكايل بالدخول مضيفاً أنه سيستدعي ليو في الحال ..!
كان والد ليو السيد مارك يرمق ريك بنظرة غريبة .. يبدو انه يشك فيه أولاً ..!
لكنهما دخلا إلى غرفة الجلوس و أنا خلفهما ..!
جلست مع هاري على أريكة بينما هما على أريكة أخرى و قد نظر إلي السيد مارك و كأنه لاحظني للتو : اعتذر لإزعاجكم في هذا الصباح ..!
لم يكن مني إلا أن أجبته و أنا اسيطر على توتري : لا بأس .. نحن لا نواجه أية مشكلة بهذا ..!
لم أعلم إن كان ما قلته صحيحاً لكن هذا ما طرأ على بالي ..!
لحظات حتى سأل دون أن يبعد عيناه عني : أأنت صاحب الشقة ؟!..
أومأت إيجاباً : أجل ..!
- و الفتى الآخر ؟!..
- أنه أخي .. و نحن نعيش سويةً هنا ..!
قطب حاجبيه باستغراب : أخوك ؟!..
تدخل هنا هاري ليقول : لينك و ريكايل براون توأمان انتقلا إلى هنا حديثاً ..!
بدا عليه الشك وهو يقول : لينك ؟!.. أهو ذلك الفتى ؟!..
يبدو أن النظارة و القبعة تعطي مفعولاً ساحراً .. لكنه انقلب عكسياً فهو بدأ الشك في ريكايل : لا .. أنا هو لينك .. و ذاك أخي الأصغر ريكايل ..!
- أنتما توأمان .. منذ متى ؟!..
حاولت أن أبدو مستنكراً : منذ متى ؟!.. بالطبع منذ ولدنا ..!
لكنه عندها قال : لا .. ليس هذا ما أقصده .....!
قبل أن يقول أي شيء آخر قاطعته طليقته التي تجلس بجواره : مارك .. توقف عن ازعاج الفتى و التحقيق معه بهذه الطريقة ..!
للمرة الأولى أرى السيدة آنيا بهذا الجد .. بل أنها تبدو مختلفةً تماماً ..!
- عذراً على التأخير ..!
انتبهت لرايل الذي كان يقف قرب الباب وخلفه ليو الذي كان يوشح بوجهه ببرود ..!
لكن السيد مارك وقف عندها : ليونيل ..!
نظر إليه ابنه بهدوء فابتسم الأب له : مضى وقت على لقائنا الأخير .. تعال ..!
لكن ذلك الفتى سار ببرود و جلس بجواري قبل أن يصل لوالده : إن كان لديك شيء لتقوله قله بسرعة و حسب ..!
بدا الحزن على الأب عندها لكن من الواضح أنه توقع ردة الفعل هذه ..!
جلس مجدداً وهو يقول : في الحقيقة .. لقد جئت اليوم لأخبرك بأني أريدك أن تنتقل للعيش معي ..!
نظر إليه ببرود : و زوجتك ؟!..
- لا تقلق بشأنها .. أنها ترحب بك ..!
- أرفض ..!
- كان هذا سريعاً !!.. لما ؟!..
- لا أريد العيش مع امرأة غريبة ..!
بدت السعادة على السيدة آنيا : هل ستبقى هنا إذاً ؟!..
ببرود أجابها : لا تعتقدي أني أريد العيش معك ..! لكن على الأقل زوجك لا يبقى في المنزل دائماً ..! ليس لدي مكان آخر .. و إلا ما كنت سأحتمل البقاء معك و ابنك المدلل ..!
تحولت ملامحها إلى الحزن عندها فوقف وهو يقول : سأبقى هنا حتى يغادر زوجك المنزل .. لا تزعجيني حتى ذلك الوقت ..!
ذلك الأحمق !!!.. كان علي أن أعلمه أداب الحديث مع والدته منذ زمن !!.. لكني أقسم أني سأفعل هذا عما قريب !!..
سار مغادراً الغرفة ناحية الغرفة الصغيرة على الأرجح ..!
و فور خروجه وقف السيد مارك وهو يقول : سأحاول إقناعه في وقت آخر .. واضح أن مزاجه ليس جيداً اليوم ..!
وقفت السيدة آنيا من خلفه : نعتذر على ازعاجكم في هذا الصباح ..!
سارا بعدها مغادرين يتبعهما رايل .. و قد بدا الاحباط على كليهما في ذلك الوقت ..!
..................................................


مضى ذلك اليوم على خير ما يرام .. حتى ليو تابعه بشكل اعتيادي ..!
جاءت خالتي لزيارتنا ثم خرجنا سويةً للتجوال هنا و هناك برفقة كيت .. إلا أن ذلك المشرد قرر البقاء في المنزل و مشاهدة التلفاز ..!
اليوم التالي مر بسلام أيضاً .. و ها هو اليوم الذي يليه قد بدأ أخيراً .. يوم الأثنين الأول في الأسبوع ..!
تناولنا الطعام مع ليو و كيت و هاري ككل يوم .. غادر ليو لمدرسته بينما ذهب هاري ليوصل كيت بسيارته لمدرستها ..!
أنا و ريك مشينا سويةً للمدرسة و لم يصادف ان التقيت أحد رفاقي في الطريق ..!
بعد أن دخلنا المبنى نظر لي ريكايل بهدوء : سأذهب للآنسة هيلين كي أسأل عن صفي ..!
- أأرافقك ؟!..
- لا داعي .. إن كنا في ذات الصف فسألحق بك بعد قليل ..!
- حسناً ..!
و هكذا اتجهت بالفعل لصفي .. كل شيء كان اعتيادياً ..!
التقيت ماكس و ايثن و ألقيت عليهما تحية الصباح .. ماكس كان نشيطاً كعادته و قد كان يتحدث بصوت عالي و يمرح في الأرجاء .. أما إيثن فقد وقف بقربي و بقينا نتحدث سويةً حيث سأل : كيف كانت اجازة الأسبوع ؟!..
اجبته بابتسامة صغيرة : لم يكن فيها ما هو مميز .. سوى أني التقيت ريا يوم الجمعة عند أحد المقاهي ..!
بدا عليه التعجب : حقاً ؟!.. من النادر أن تذهب ريا لمكان ما وحدها .. عادت تكون مع سام و أحياناً مع يوجين ..!
- لقد كانت تشتري الدونات فقط ..!
- هل قضيتما وقتاً معاً ؟!..
- ليس كثيراً .. لكننا عدنا سويةً ..!
- هكذا إذاً ..!
- ماذا عنك ؟!..
- لا شيء أيضاً .. قضيتها في المنزل مع أخوتي ..!
- ألديك أخوة ؟!..
- أجل .. أخت و أخ يكبرانني و أختان أصغر ..!
- رائع .. عائلتك كبيرة ..!
- أنت محق ..!
وددت أن أسأله عن المرأة التي تعيش في منزل يوجين و ريا فلا شك أنه يعرف شيئاً عنها .. لكنني ترددت في ذلك فربما لا يجب علي التدخل في أمور كهذه ..!
دخل المعلم في تلك اللحظة مما دعا ايثن ليعود لمكانه ..!
و هكذا مضت الحصة الأولى دون أن يظهر ريكايل في صفي مما يثبت أنه صار في صف آخر ..!
..............................................
مضت الحصص الثلاث الأولى على خير .. و ها هو وقت الاستراحة قد بدأ ..!
خرجت من الصف بخطوات متكاسلة و فوراً سمعت : لينك ..!
التفت إلى تلك التي نادتني بمرح من بعيد لأرى سام تسير ناحيتي تسحب خلفها شخصاً ما ..!
في الحقيقة .. ذلك الشخص كان رايل لا غير ..!
وقفت أمامي و هي تشير ناحيته بمرح : أنه يشبك .. لذا أحضرته ..!
تنهدت بتعب عندها : أنه أخي الأصغر ..!
لكنه علق بملل : التوأم ..!
- أجل .. التوأم الأصغر ..!
نظرت إليه بذهول : رائع .. أنت شقيق لينك الأصغر إذاً .. لما لم تقل ذلك منذ البداية ..!
باستنكار قال : أنت لم تعطني فرصة لقول شيء بل أمسكتني و سحبتني خلفك بلا أي تعليق ..!
كتمت ضحكتي عندها : ريك .. أعرفك سام .. أنها من أصدقائي الجدد هنا .. كن لطيفاً معها ..!
قطب حاجبيه وهو يقول : سأكون كذلك دون أن تخبرني ..!
بنبرتها المرحة علقت سام : حسناً .. لينك خذ أخاك الصغير و اصعدا إلى السطح .. سأجلب الفطائر و أعود ..!
سارت بعدها مبتعدةً عنا و هي تلوح بمرح ..!
نظرت إلى ريكايل عندها : و أنتهى بك الأمر في صفها ؟!..
أومأ إيجاباً : أجل ..! قالت الآنسة هيلين بأنه من الصعب أن نكون في الصف ذاته حتى لا نشتت المعلمين ..!
- حسناً لا بأس .. لنصعد إلى السطح ..!
- و لما نفعل ذلك ؟!..
- جماعتي اللطيفة يتناولون الافطار هناك .. هيا ..!
بالفعل سار خلفي حيث اتجهنا للدرج و صعدنا للأعلى ..!
و هناك كان ماكس و ايثن و كذلك ريا بانتظارنا .. إلا أن الأثنين الأولين تصنما لرؤية ريك ..!
ابتسمت لهم عندها : أعرفكم بريكايل ..أنه أخي التوأم .. الأصغر ..!
تمتم عندها : جيد أنك اعترفت أننا توأمان ..!
نظر إلي ماكس بحماس : أهو أخوك التوأم يا ريكايل .. هذا مثير ..!
هذا الأحمق ميؤوس منه ..!
تقدمت ناحيته و ربت على كتفيه : ماكس .. للمرة المليون أقول لك .. أنا لينك ..! أما ريكايل صديقك ذاك فهو في الحقيقة أخي التوأم لا غير ..! لذا اختلط الأمر عليك ..!
قطب حاجبيه ثم نظر لرايل للحظات .. لكنه عاد ينظر ناحيتي وهو يقول : لا .. أنه لا يشبه ريكايل صديقي !!..
ماذا ؟!!!!!.. لا يعقل !!!..
نظرت إلى ريك للحظات ثم عدت لماكس : الم تقل أن صديقك اسمه ريكايل .. وهو يشبهني ؟!.. أنه هو أمامك ..!
لكنه عندها قال : لا .. ريكايل يشبهك أنت .. و لا شبه أخاك ..!
تركته و عدت لريك عندها : ألديك تفسير لهذا ؟!..
ببساطة قال : أن كان معي في المدرسة الداخلية .. فأنا كنت أصفف شعري مثلك في ذلك الوقت ..!
لم يكد يكمل جملته حتى أخرجت مشطاً من جيبي و أدخلته في رأسه و قد اجتاحني الغضب : لما لم تقل هذا منذ البداية ؟!..
بانزعاج امسك يدي : هيه لينك ستفسد شعري !!..
- لا يهم !!.. أعلم أنك تحتفظ بعلبة الجل في حقيبتك !!.. المهم أن يتوقف هذا الأحمق عن مناداتي بريكايل !!..
- حسناً حسناً أفهم هذا .. دعني الآن !!..
اخذ المشط مني عندها و غير تسريحة شعره في الحال ليترك شعره على جبينه ثم قال : و الآن ..! ها أنا ريكايل بشكل لينك ..!
بدت الصدمة على جميعهم حيث هتف ايثن : أنكما متطابقان بالفعل .. هذا مذهل !!..
حتى ريا علقت بصدمة : أجل .. و كأنكما شخص واحد ..!
أما ماكس فقد صرخ بحماس : أنه أنت بالفعل يا ريكايل ..!
ركض ناحيته عندها و قفز ليعانقه .. و لا أخفي عليكم أن رايل يفوقه بالطول .. لكنه عندها باستنكار قال : عذراً .. لكني لم أعرفك بعد ..!
ابتعد عنده عندها وهو يقول : حين كنا في الحادية عشر .. درست معكم لثلاثة أشهر .. أتذكرني ؟!.. لقد كدت اسقط من السطح مرةً لكنك و بيير أنقذتماني ...!
أخذ رايل يتذكر للحظات ثم هتف : تذكرت !!.. لا يعقل أنت ماكس المشاكس !!..
في الحقيقة .. لقب يليق به ..!
بدت السعادة على رايل : مضى زمن طويل .. لكنك لم تتغير أطلاقاً ..!
بعد بعض الأحاديث التي ناقشوها سويةً عرفت ريك على ايثن : أنه رئيس صفي ..!
صافحه عندها : تشرفت بلقائك ريكايل ..!
- و أنا كذلك ..!
نظر بعدها إلى ريا وهو يقول : مرحباً ريا .. كيف حالك ؟!..
ابتسمت له بلطف : بخير .. شكراً لك ..!
انا سعيد لأنها تبدو بحال جيدة رغم ما حدث يوم الجمعة .. هذا جيد ..!
- آسفة لتأخري .. استاذ الفيزياء الأحمق لم يجد سوى هذا الوقت ليحدثني عن نتيجة الامتحان المتدنية ..!
التفتنا ناحية سام التي تجمدت فجأة بتعجب .. لكنها لم تلبث أن قالت : حسناً .. أيكما كان لينك ؟!!..
فور أن قالتها انطلقت الضحكات عالية منا جميعاً بينما بدا عليها الاستنكار الحقيقي من هذا ..!
يبدو أن هذه المجموعة ستكون محور حياتي المدرسية من الآن فصاعداً ..!
.................................................. ....
انتهى الدوام المدرسي على خير ما يرام .. و قد كان الكثيرون من طلاب صفي و الصفوف الأخرى يسألون عني و عن ريكايل حيث يبدو أننا اصبحنا حديث المدرسة الآن ..!
- هل رأيت الطالب الجديد ؟!.. أنه الأخ التوأم للينك الذي وصل الأسبوع الماضي .. أنهما متطابقان ..!
- لينك من نوعي المفضل .. أنه وسيم و يبدو كأمير .. و الآن صار هناك أثنان من لينك و هذا مذهل ..!
- أتعلمون .. حين رأيت لينك للمرة الأولى جزمت بأنه شخص مغرور .. لكني حين رأيت أخاه شعرت بأنه شخص طيب و لطيف ..! أنهما لا يبدوان متشابهان بالنسبة لي ..!
- استاذ الرياضيات اليوم نظر لريكايل ثم قال " هيه أنت .. ألم تكن في الصف المجاور " ؟!!.. كان ذلك مضحكاً !!..
- لقد جربت الحديث مع لينك سابقاً ثم جربت الحديث مع ريكايل .. أن الحديث مع ريكايل أكثر سهولة و سلاسة ..!
- سمعت بأن لينك هو الأكبر و ريكايل هو الأصغر .. لكني لا أعلم كم الفارق بينهما ..!
و هكذا كنا نحن حديث المدرسة بالكامل باعتبار أننا التوأم الوحيد فيها .. و هذا ما أثار تعجبي ..!
رأيت ريك يسير أمامي فتقدمت بسرعة لأكون بجانبه : كيف كان اليوم ؟!..
التفت إلي و ابتسم : كان يوماً جيداً بالنسبة لكونه الأول ؟!..
- ألم يخبروك متى ستظهر نتائج امتحاناتك ؟!..
- قالت الآنسة هيلين أنها ستظهر خلال اليومين القادمين ..!
كانت الهامسات تعلوا من حولنا .. و خاصةً الفتيات حيث كانت نظرات الاعجاب هي ما طغى عليهن ..!
في الحقيقة .. منذ كنت في ثانوية مارسنلي اعتدت على مثل هذه النظرات .. لكني كنت أعتقد أن اسم أسرتي هو السبب ..!
لكن يبدو أن هناك سبب آخر بالفعل و إلا لما نظرن إلي هكذا الآن !!..
تجاهلت الأمر تماماً و انتبهت على طريقي .. لكني شعرت بأن ريكايل توقف فجأة عن السير ..!
التفت إليه مستغرباً ليزيد تعجبي حين رأيت أنه ينظر إلى الأمام بملامح هادئة طغت عليها الصدمة الغير ملحوظة ..!
نظرت إلى الأمام فلم أرى ما يلفت الانتباه .. إلا أني لحظت تلك الفتاة ذات الشعر الناري و العينين الفيروزيتين تسير بين الطلاب ..!
لكنها انتبهت إلينا و توقفت أمامنا و هي تنظر إلينا .. بنظرات تشبه نظرات ريكايل في الحقيقة ..!
كان الجو متوتراً بعض الشيء .. فكلاهما ينظر إلى الآخر بطريقة غريبة !!..
أيعرفان بعضهما مسبقاً ؟!..
صحيح .. هذه الفتاة سألتني قالت لي مسبقاً عن شخص يشبهني .. لقد عرفتني إليها سام لكنني نسيت اسمها ..!
- ينار ..!
التفت إلى ريكايل متعجباً بعد أن نطق ذلك الاسم .. إذاً فهو يعرفها حقاً ؟!..
كنت أنتظر ردة فعل تلك المدعوة ينار لكنني صدمت بها تسير بهدوء متجاوزةً إيانا دون أن تنطق حرفاً ..!
ما هذا الذي يحدث هنا ؟!..
كان الهدوء واضحاً على ريك بشكل غريب و قد شرد بذهنه : ريكايل .. أتعرفها مسبقاً ؟!..
نظر إلي للحظات ثم ابتسم ابتسامة باهتة : اه أجل .. لكن يبدو أنها لم تعرفني ..!
قال هذه الكلمات ثم سار متجاوزاً إياي ..!
هذا غير معقول ؟!!.. لو كانت لا تعرفه لما بقيت تحدق به بهذه الطريقة ..! حتى بعد هذا كله كان يمكنها أن ترد حين ناداها باسمها و لا تتجاهله بهذه الطريقة المزعجة ..!
أني حقاً أريد أن أعرف ما الأمر خلف هذه الفتاة !!..
.............................................
توقف المصعد عند الدور الثالث فنزلت مع رايل منه ليلفت نظري شخص أمام شقتنا .. انها السيدة آنيا ..!
لم تكن وحدها فقد كان ابنها الاحمق يقف أمامها في تلك اللحظة بينما هي تقول : ليو .. سيذهب زوجي هذا المساء .. تأكد من تناول العشاء معنا ..!
لكنه صرخ عندها بوجهها : لن أفعل !!.. و لا أريد أن آكل شيئاً تصنعينه .. يكفيني أن أنام في شقتك فقط و لا تسأليني غير ذلك ..!
قطبت حاجبيها بحزن : ما الذي تقوله ؟!.. لا يمكنني ذلك فأنا أمك و أنت أهم لدي من أي شيء ..!
اوشح بوجهه ببرود : توقفي عن قول أنك أمي .. فلا فرق لدي بينك و بين أي امرأة أخرى ..!
اتسعت عيناي أثر تلك الكلمة التي قالها لكن دموع السيدة آنيا سالت عندها وهي تقترب منه أكثر : ليونيل أرجوك لا تقل هذا !!..
لحظتها دفعها بشدة بعيداً عنه : ابتعدي !!!.. لا أريد لساذجة حمقاء مثلك أن تقترب مني ..!
كانت دفعته قويةً لدرجة أنها اصطدمت بالسور خلفها و سقطت أرضاً ..!
شهقت بفزع عندها بينما ترك رايل حقيبته و انطلق ناحيتها : سيدة آنيا .. أأنت بخير ؟!..
جثى بقربها بينما نظرت أنا ناحية ذلك الأهوج بحقد .. لقد تجاوز حدوده بالفعل ..!
وقفت والدته بمساعدة ريك دون أن تنطق حرفاً بل سارت بهدوء ناحية الدرج .. لكن ريكايل أسرع بمرافقتها فيبدو أنها تترنح في سيرها ..!
فور أن اختفيا أسرعت أنا ناحية ليونيل الذي لم يحرك الموقف ذرةً من أحاسيسه ..!
أمسكت أعلى قميصه بعنف و قد بلغ الغضب مبلغه مني : ماذا فعلت أيها الأهوج ؟!!!..
أمسك بيدي ليحاول أبعادها عنه : دعني ..! لا شأن لك !!..
صرخت بوجهه عندها : ألا يمكنك أن تكلم تلك المسكينة بأدب على الأقل !!..
لكنه صرخ هو الآخر : أنها غلطتها !!.. هي من تستحق هذا !!..
- للأسف .. غلطتها الوحيدة أنها لم تجد تربيتك ..!
- أتركني و لا تتدخل بيننا أفهمت ؟!!..
- اسمع .. لقد تجاهلت الأمر مراراً بحجة أني لا استطيع التدخل في شؤون أسرتك ..! لكنك تجاوزت كل الحدود و آن الأوان ليوقفك أحدهم !!..
- لا يحق لك التدخل و أنت لا تعرف شيئاً .. ما أدراك أن تلك المغفلة لا تستحق هذا ؟!!...
لم أتمالك نفسي فصفعته بعنف حينها و صرخت بكل ما في من غضب : أنها أمك يا أحمق !!!!.. مهما فعلت و مهما أخطأت في حقك فهو لن يوفي ولو جزءاً من حملها بك ثم تحملها ألم أنجابك !!..
سقط أرضاً بسبب قوة صفعتي و قد التف وجهه بشكل لا يصدق !!..
لا ألومه فحتى يدي باتت تؤلمني من شدة تلك الصفعة ..!
بقينا صامتين لفترة وقد أخرجت انا جل طاقتي في تلك الصفعة ..!
- ماذا تفعلان ؟!..
التفت يميناً لأرى كيت التي عادت من مدرستها الآن لكنها لم تكد تكمل كلمتها حتى انطلق ليو بسرعة و كأنه يريد الهرب من المكان وقد اصطدم بها من شدة سرعته : توقف !!.. أنا لم أنهي كلامي بعد ..!
ركض في الدرج مسرعاً ناحية الأسفل بينما بدا الذهول على كيت عندها ..!
لم أكد أتحرك خطوةً للأمام حتى سمعت صوت ارتطام عنيف من ناحية الدرج ..!
أسرعت ناحيته و كيت خلفي وما إن نظرت إلى الأسفل صدمت بذلك الفتى ساقطاً أرضاً : ليو !!!..
هكذا صرخت كيت بذهول و اسرعت تنزل الدرج بينما لم استطع أنا تحريك قدمي ..!
لكنها ما إن رفعت رأسه حتى شهقت أثر رؤيتها لتلك الدماء تسيل من جبينه !!..

.................................................. .


لنتوقف هنا اليوم ...!

كيف حالكم ؟!.. أتمنى أن تكونوا بخير ..!

و اتمنى أن يكون هذا البارت قد حاز على رضاكم و استحسانكم ..!

لننتقل للأسئله :

فلورا ظهرت من العدم .. أيمكن أن يغير ذلك شيئاً ؟!..

ما قصة تلك المرأة الغريبة التي تعيش في منزل يوجين و ريا ؟!..

والد ليونيل في لقاء مباشر مع لينك .. هل هناك مجال للشك به ؟!..

هل هناك علاقة مخفية بين ينار و ريكايل ؟!.. أم أنه مجرد امر لا يذكر ؟!..

و في النهاية .. مذا سيحدث لليو بعد تلك السقطة ؟!..

.....................................

المقتطفات

...

نظر إلي بانزعاج : لا أريد أن أكون أخاً له ..!

...

بدت عليها صدمة بسيطة بالأمر : آه .. حقاً ؟!.. انه يشبك فعلاً .. لكن لم اتوقع أن يكون أخاك ..!
...

بلا .. انها تشبه الميدالية التي رأيتها مع ريكايل ..!
...

اجابها ريك بابتسامة تحمل نوعاً من السخرية : جارتنا الصغيرة .. و لينك يعتني بها ..!

...

لكنها عندها تمتمت بغيض : أقسم أنه سيدفع الثمن غالياً .. هو يعلم ما قد يلاقيه حين يقف في وجهي ..!

...

رفعت حاجبها بتهديد و ابتسامة شر : من يعترض .. سيحمل شريكه على ظهره إلى الحي سيراً على الأقدام ..!

...

اومأت سلباً بهدوء مما دعاني لأن ابتسم و أخرج تلك الهدية و امدها لها : هذه لك ..!

...

بلا شعور هتفت بغضب : توقفي عن هذا !!.. أنت لا تعرفين الحقيقة إذاً لا يحق لك الاعتراض ..!

....................

و الآن أترككم في رعاية الله

+

أرجوا منكم التقيم ..!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 10:41 PM   #7

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 6

كنت أقف مستنداً إلى الجدار قرب ذلك الكرسي و أشعر بالألم في رأسي ..!
بينما كانت كيت تجلس على ذلك المقعد بقربها السيد جوناثان والد آركيف و الذي كان عائداً لشقته حين سمع صراخ كيت ..!
و قد ساعدنا بنقل ليو للمشفى بسيارته دون أن تعلم السيدة آنيا بذلك ..!
التفت ناحية كيت لأرى أن آثار الفزع لا تزال على وجهها .. يحق لها هذا فقد رأت تلك الدماء تغطي وجه الفتى بين يديها ..!
إنها فتاة في النهاية لذا من الطبيعي أن تفزع بهذا الشكل ..!
وصل هاري الذي كان من المشفى من الأساس بعد ان اتصل به السيد جوناثان ..!
وقف قربنا عندها و سأل : ما الذي حدث ؟!..
طمئنه والد آركيف بقوله : لا تقلق .. كان جرحاً في الرأس لا أكثر .. و قد تمت خياطته بثلاث غرز ..!
- و أين ليونيل الآن ؟!..
- انه في الداخل .. قال الطبيب أن المعصم انفصل بعض الشيء لذا سيضعون عليه جبيرة ..!
- جيد أن الأمر ليس بتلك الخطورة .. لكن كيف سقط ؟!..
- لا أدري ..!
نظرا إلي .. لم أعلم كيف أجيب : آه .. في الحقيقة ..!
- لقد كان يركض بسرعة و يبدو انه انزلق .. يستحق ذلك ..!
التفت إلى كيت التي قالت ذلك ببرود مما جعل هاري يستاء : كيف تقولين هذا ؟!.. كوني أكثر لطفاً ..!
تجاهلته عندها و قد وقفت وهي تقول : سأعود للبيت ..!
نظر إلي هاري وهو يقول : يمكنك العودة معها ..!
بتوتر أجبته : لا لابأس .. سأبقى هنا ..!
- عد الآن لمنزلك .. أنت لا تزال بثياب المدرسة ..! ثم أنا سأبقى هنا و سأعيد ليو بنفسي ..!
أومأت موافقاً فقال السيد جوناثان عندها : أنا أيضاً سأعود .. فآركيف ينتظرني الآن بلا شك .. كيت لينك .. سأوصلكما معي ..!
.................................................. ..
هل كان الخطأ خطئي ؟!.. لا انه يستحق ..!
لكن ربما تماديت معه ؟!.. هو من تمادى أولاً بألفاظه !!..
- ألن تدخل ؟!..
نظرت إلى ريك أمامي وهو يسأل بهدوء .. بالنسبة لي فقد كنت أجلس مستنداً إلى الجدار القصير الذي يبدأ السور من فوقه انتظر أية أخبار جديدة ..!
- قليلاً فقط و سأدخل ..!
- لقد اعتددت أنا و كيت الباستا للغداء .. هيا لنأكل سويةً ..!
- هاري سيصل بعد قليل .. لننتظره ليأكل معنا ..!
لم أكد أكمل جملتي حتى سمعت خطوات ناحية الدرج فوقفت فوراً لأرى هاري بالفعل يصعد هناك وحده : أين ليو ؟!..
هكذا سألت بقلق فأجاب بهدوء بعد أن وقف أمامي : لا تقلق أنه بخير .. قال انه سيبقى عند الجدة مادلين لبعض الوقت في شقتها ..!
إذاً هو لا يريد القدوم إلى هنا .. أنه يحاول جعلي اشعر بالذنب على ما فعلته لكنني لن أكون كذلك ..!
تنهد رايل بتعب وهو يقول : عموماً لا داعي للقلق بما ان اصابته بسيطة .. هيا الغداء ينتظر ..!
أومأنا موافقين و دخلنا إلى الداخل سويةً .. يبدو أن علي ان احادث ليو بهدوء المرة القادمة ..!
..............................................
كنت اجلس مع هاري في غرفة الجلوس بينما الساعة تشير للرابعة عصراً .. رايل ذهب للملجأ و كيت نزلت للأسفل ..!
كان هاري يسأل باهتمام عما حدث مع ليو بعد أن رأى تصرفاتي المريبة بشأن الأمر .. في النهاية لم أجد إلا أن أخبرته بما حدث بالتفصيل ..!
- حسناً .. ليو بارد دوماً مع امه .. لكنه لم يكن شرساً هكذا ناحيتها ..!
- لقد اغاضني تصرفه بالفعل .. كيف يجرأ على مخاطبتها بهذه الطريقة ؟!..
- اسمع لقد انفصل والدا ليو وهو بعمر الثامنة لسبب تافه بعد شجار بين والديه كانت امه المخطئة فيه .. لذا هو مستاء منها خاصةً بعدما تزوجت مجدداً و أنجبت لوسيان ..!
- أفهم ان انفصال والديه أثر عليه بالتأكيد .. لكن ليس إلى هذا الحد .!
- لقد ازداد الأمر سوءاً حين تزوج والده الشهر الماضي .. فهو الآن بات يشعر أنه منبوذ من كليهما ..! قبل أن يتزوج أبوه كان دوماً يصحبه مع ليبقى عنده أياماً و احياناً في رحلاته و اشياء كهذه ..! لكن بالنسبة له جاءت امرأة أخرى و أخذت مكانه ..! أتفهم هذا ..!
لم أقل شيئاً عندها .. أفهم كيف هو الأمر مزعج بالنسبة له : رغم هذا ما أراه أن السيدة آنيا تحبه كثيراً .. صحيح أنها ساذجة و بسيطة للغاية لكنها تبقى والدته التي تحبه في النهاية ..!
تنهد هاري بتعب عندها : هي لم تكن صارمة معه منذ البداية لذا تمادا .. للأسف فالسيدة آنيا ابسط بكثير من ان تفهم معنى الصرامة ..! أن الأمر يتعقد يوماً بعد يوم و المصيبة ستحدث أن حملت زوجة أبيه و أنجبت طفلاً و هنا سينفجر من الغيض بالتأكيد ..! أنه يشعر أنه مشتت الآن فكلا والديه بنا اسرة و يستحيل أن يعيش مع اسرة احدهما ..!
بالتفكير في الأمر بدأت أراعي شعوره نوعاً ما .. أنه لا يعلم كيف يعبر عن استياءه بما يفعله والداه لذا يخرج كل طاقته بوجه أمه التي يراها أمامه طيلة الوقت ..!
وقف هاري عندها وهو يقول : سأذهب للعمل الآن .. تأكد من أن تصلح موقفك مع ليو فالأمر لن يسير بخير لو استمر هذا الخلاف ..!
..................................................
كنت احدث رايل بما اخبرني به هاري و الساعة تشير إلى الثامنة مساءاً ..!
وقد كنا في غرفتنا حيث استلقى هو على سريره و أنا جالس على حافة سريري ..!
- و ماذا ستفعل ؟!..
- ليس لي إلا أن أتحدث معه ..!
- حسناً .. لا تغضب كثيراً منه و لا تنفعل ..!
- سأحاول ذلك ..!
- حظاً موفقاً ..! سأدخل لاستحم الآن ..!
ما إن وقف عن السرير حتى سقط شيء ما من جيبه دون أن ينتبه ..!
وقفت و التقطت ذلك الشيء لأرى أنها ميدالية زينة جميلة على شكل مفتاح كمفاتح القصور في الحكايات القديمة بلون رمادي و رأسه كوجه قطة ضاحكة باللون نفسه حول عنقها شريطة بلون أزرق جميل ..!
ابتسمت عندها و التفت إليه : رايل .. سقطت هذه منك ..!
نظر إليها للحظات ثم اخذها مني : أنها جميلة .. من أين حصلت عليها ؟!..
بتردد أجاب : اشتريتها منذ فترة ..!
- غريب .. لم اعتقد أنك تحب هذه الأشياء ..!
- لقد اعجبتني وقد كانت رخيصة لذا لم أجد إلا أني قد اشتريتها ..!
- حسناً .. لما لا تعلقها على هاتفك .. سيضفي شكلاً جميلاً عليه ..!
سار بهدوء ناحية الخزانة الصغيرة التابعة لسريره و ترك الميدالية في درجها وهو يقول ببرود : سأفعل ذلك في وقت لاحق ..!
تعجبت منه .. يبدو أنه انزعج من حديثي عنها .. لكن لما ؟!..
ربما تكون هديةً من شخص ما ..!
عموماً لن استفسر عن الأمر أكثر بما انه لا يريدني أن أفعل ذلك ..!
......................................
لم يأتي ليو إلينا طيلة ذلك اليوم و كأنه يريد تجنب لقائي ..!
صباح اليوم التالي كنت قد استيقظت مبكراً جداً لذا بدلت ملابسي و تناولت افطاري قبل ان يستيقظ ريك حتى ..!
في النهاية ايقظته و اخبرته بأني سأسبقه للمدرسة بنية التجول قليلاً قبل الوصول إليها ..!
فتحت الباب لأخرج فرأيت كيت أمامي بزيها المدرسي التنورة الوحيدة لديها ..!
ابتسمت لها : صباح الخير ..!
بدا عليها التعجب : أنت مبكر اليوم ..!
انها حتى لا ترد التحية !!.. تلك الفتاة : أجل .. من الجيد أنك أتيت قبل ان أخرج .. أتريدين أن انتظر حتى اعطيك ابرتك ؟!..
- هل انت مستعجل ؟!..
- لا .. لكني فكرت بالتجول قليلاً قبل الخروج للمدرسة ..!
- حسناً ..!
بدا عليها العبوس و كأنها غير مقتنعة : يمكنك الذهاب .. سيعطيني اياها هاري ..!
ربت على رأسها : فتاة جيدة ..!
لكنها ابعدت يدي ببرود : صحيح أني قصيرة لكني لست طفلة لتعاملني هكذا ..!
ضحكت بخفة عليها فهي تبدو لطيفة بملابس المدرسة أكثر من أي شيء آخر فلونها حيوي بغض النظر عن كونها تنورة .. إنها مخالفة لكل ملابس كيت الأخرى التي تبدو كملابس الصبية ..!
دخلت هي بينما سرت أنا لأنزل الدرج .. كان هاري قد خرج من شقته فأخبرته بأني سأذهب و أن كيت وافقت على السماح له بإعطائها الإبرة عوضاً عني ..!
نزلت الدرج دون ان التقي احداً فيبدو أن الجميع قد استيقظوا للتو فقط فالساعة تشير إلى السادسة الآن ..!
لكن .. حين خرجت للساحة رأيت شخصين أحدهما يجلس على مقعد من المقاعد الطويلة بجانب ساحة اللعب و الآخر يقف أمامه ..!
الأول كان ذلك الأحمق ليو الذي ربط رأسه بضماد أبيض و على يده اليسرى جبيرة من وسط اليد حتى اسفل المعصم بقليل ..!
بينما كان من أمامه أخوه الأصغر لوسيان و الذي كان يقول بانزعاج : ليو الجو بارد هنا .. لندخل .. و ماما تقول اصعد لتناول الفطور الآن ..!
بغضب صرخ في وجه أخيه : أذهب منها و لا شأن لك بي ..!
بدا ان لوسيان على وشك البكاء لذا تقدمت أنا و حاولت ان اكون هادئاً : لما انت غاضب منه ؟!..
التفت الأثنان ناحيتي لكن ذلك الأهوج لم يلبث أن أوشح بوجهه باستياء : لا شأن لك بي .. و لا شأن له هو أيضاً ..!
يجب علي أن أجد طريقة لأقنعه بوجهة نظري .. و الأهم هو أن احدثه بهدوء : صحيح أنه لا شأن لي .. لكن هو له شأن فأنت أخوه الكبير ..!
نظر إلي بانزعاج : لا أريد أن أكون أخاً له ..!
- أردت أن لم ترد .. هذا لن يغير أنه اخوك و جزء من اسرتك ..! امك أيضاً جزء من اسرتك .. و مهما فعلت و قلت انت تعلم بأنك ملزم بها .. و عليك المحافظة على التزاماتك ..!
- هي كونت لها اسرةً خاصة .. لذا لا شأن لها بي .!.
- حتى لو صارت لها اسرة جديدة فأنت تبقى فرداً من اسرتها طالما هي لم تطردك ..! الأمر ذاته بالنسبة لوالده ..!
- أنت لا تفهم شيئاً ..! كل منهما شكل أسرة له دون أن يهتما لي ..!
- ليس الأمر كما تظن ..! هما انفصلا و من الطبيعي أن يبحثا عن شريك آخر بعد أن تركا الشريك الأول .. إنها سنة الحياة ..! كما أن كلاهما يحبك وهو مهتم لأمرك لذا لا يجوز لك أن تتذمر ..! اعلم أن انفصال والديك غلطة أمك .. لكن اعتبرها زلة و انسى الأمر ..!
- تلك الزلة دمرت حياتي !!..
- أعلم .. لكنك الآن تدمر حياة والدتك يومياً بإزعاجها بهذه الطريقة !!.. لن يستفيد أحدكما شيئاً فأنت لن تشفي غيضك و هي لن تعيد الأمور إلى مجراها فيستحيل أن تعيد الخطأ نفسها و تنفصل عن زوجها ثم تفصل أباك عن زوجته و يتزوجان من جديد .. ذلك مستحيل !!!..
صمت لوقت طويل ثم قال : و ماذا يفترض بي أن أفعل إذاً ؟!..
جلست بجواره و أنا أقول : كل ما عليك فعله هو ان تبحث عن طريقةً أخرى غير ازعاج أمك ..! طريقة تجعلك تعيش براحة و تكون أمك و كذلك والدك مرتاحين أيضاً ..!
بانزعاج قال : أتمزح معي ؟!.. كيف اغير طريقة عيشي ..! الخيار الوحيد هو ان اعيش مع أبي ..! و هذا ما لا أريده أيضاً ..!
ابتسمت له : حسناً .. اتخذ خطوة أخرى جريئة حتى لو كانت صعبة .. المهم أن ترتاح في النهاية .. و عليك أن تراعي أن لا تكون مزعجة لمن حولك و إلا فإنك ستندم طويلاً ..!
- لم أفهم ..!
- اسمع .. لقد حدث لي منذ فترة أمر مشابه .. اضطررت لتغير مسار حياتي .. و كان أمامي خياران .. خيار مزعج لي و لكل من حولي لكن وراءه فوائد و هو كالعيش مع أبيك بالنسبة لك الآن .. و خيار صعب جداً بالنسبة لي لكنه الحل الأمثل و هو كالخطوة التي يجب أن تتخذها .. في النهاية اخترت الخيار الصعب وأنا سعيد به الآن ..!
أجل .. بعد أن فقدت ثروتي و اردت أن أغير حياتي .. كنت أمام خيارين أولهما الزواج من تلك الشيطانة روز و الآخر هو العيش حياة بسيطة صعبة بالنسبة لمن عاشوا حياتهم مترفين مثلي ..!
صحيح أن الخيار الثاني كان صعباً .. لكن ها أنا أعيش مرتاحاً به ..!
فلو تزوجت بروزا لكنت الآن أصحوا على قلق و أنام على هم ..!
تنهد بضجر حينها : سأفكر في كلامك .. مع أني لست واثقاً ..!
وقفت عندها و أنا أقول : أذاً حتى تجد الخيار المناسب تابع حياتك بشكل اعتيادي دون أن تزعج أمك ففي النهاية هي والدتك التي تحملتك طويلاً ..! أنا ذاهب ..!
قلت هذه الكلمات و تركته بعدها و انا اسير بهدوء ناحية مدرستي و أرجو له أن يجد الطريق الذي يناسبه و يناسب الجميع كذلك ..!
................................................
ممرات المدرسة كانت فارغة تماماً فلم يصل سوى قليل من الطلاب و معظمهم في صفوفهم الآن أو في الساحة الخارجية ..!
خرجت من صفي بعد ان تركت حقيبتي هناك و قد اكتشفت أني اول من وصل ..!
لم اسر خطوتين حتى رأيت ذات الشعر الأحمر و العينين الفيروزيتين الفريدتين تنظر من نافذة الدور الثاني إلى الساحة الخارجية ..!
تقدمت منها : صباح الخير ..!
شهقت بفزع و التفت بسرعة و كأني فاجأتها مما اثار تعجبي : عذراً .. هل أخفتك ؟!..
بقيت تنظر إلي للحظات قبل أن تقول بتردد : لا .. كنت شاردة الذهن فقط ..! صباح النور ..!
صمتنا للحظات قبل أن أقول : أتعلمين ؟!.. لديك عينان فريدتان ..!
توردت وجناتها وهي تقول بابتسامة صغيرة : شكراً لك ..! يقول أبي أني ورثتها من جدتي ..!
ابتسمت لها عندها : حقا ؟!.. لا شك أن جدتك جميلة أذاً ..!
بذات ابتسامتها و هدوئها : في الحقيقة أنا لم ألتقي بها فقد ماتت في شبابها حين كان ابي في مثل عمري الآن ..!
- هكذا إذاً .. آسف لهذا ..!
- لا عليك ..!
- حسناً .. دعيني أتذكر ..! أسمك ينار صحيح ؟!..
أومأت إيجاباً : أجل .. أعتقد أن اسمك كان لينك ..!
أجبتها بذات ابتسامتي : بلا .. جيد أنك لا تزالين تذكرينه ..!
- لقد عرفتني إليك سام .. لذا لا أزال أذكرك جيداً ..!
بدا انها ستقول شيئاً ولم تلبث أن أردفت : كان معك ولد آخر بالأمس ..!
استفسرت بهدوء : تقصدين ريكايل ؟!..
تغيرت ملامحها للحظات وقد كان ذلك واضحاً لكنه لم يدم إلا ثواني حتى ابتسمت مجدداً : لست متأكدة من اسمه ..! اهو صديقك ؟!..
استغربت سؤالها فكل من يرانا يجزم بأننا أخوان : لا .. أنه أخي ..!
بدت عليها صدمة بسيطة بالأمر : آه .. حقاً ؟!.. انه يشبهك فعلاً .. لكن لم اتوقع أن يكون أخاك ..!
ان تصرفاتها باتت مريبة : أنه أخي التوأم ..! أتعرفينه من قبل ؟!.. بدا لي انه التقى بك في مكان ما ..!
بدا عليها التوتر وهي تقول : لا أعلم .. ربما نسيت الأمر ..!
قبل ان أقول شيئاً آخر رن هاتفها بأغنية لطيفة تعكس شخصيتها فأسرعت بإخراجه من جيبها و أجابت : أهلا يوجين ........... صباح النور ............ آه لقد تركتها لك على المكتب مع بقية الأوراق ............ أجل تفقدتها جميعاً .......... حسناً ........ سأكون عندك بعد لحظات ..!
أغلقت الهاتف عندها و قد علمت أنه يوجين الشيطان لا غيره فأنا لا أزال أذكر أنها مساعدته : سمعت أنك نائبة رئيس الطلبة ..!
أومأت إيجاباً بمرح : بلا ..!
- ألا تواجهين أي مشكلة بالأمر ؟!.. أقصد .. ألا يشغلك هذا عن امتحاناتك و أشياء أخرى ..!
- أطلاقاً ..! فالجميع في مجلس الطلبة يعمل بتعاون لأنهاء الأعمال في الموعد المحدد .. و يوجين يراعي ظروف الأعضاء بشأن الامتحانات لذا يعطينا الوقت الكافي للقيام بأعمالنا ..! رغم أننا نود حمل المزيد عنه فهو في سنة التخرج و لديه الكثير من الأمور ليقلق عليها ..!
يبدو أنني الوحيد الذي يرى الجانب المظلم من شخصية يوجين : حظاً موفقاً إذاً ..!
ابتسمت بهدوء : شكراً لك .. و الآن علي أن أذهب لغرفة المجلس ..!
في تلك اللحظة كانت تعيد هاتفها لجيبها وقد لحضت شيئاً غريباً به جعلني اتصنم في مكاني و أنا أراها تسير مبتعدة في طريقها ..!
هل أتخيل ؟!.. أم أن تلك الميدالية على هاتفها مألوفة لدي ؟!..
بلا .. انها تشبه الميدالية التي رأيتها مع ريكايل ..!
لست متأكداً إن كانت مطابقةً لها لكنني واثق انها تشبهها !!..
أيعقل أنها مصادفة ؟!.. أم أن هناك أمراً بين هذين الاثنين أجهله ؟!..
أيمكن أن رايل يخفي عن شيئاً بشأن ينار ؟!..
..............................................
كنا نجلس على السطح في وقت الاستراحة كالعادة و قد كان محور الحديث عن ريكايل و ماكس حين كانا يدرسان معاً ..!
علمت أن ماكس درس في تلك المدرسة الداخلية لثلاثة شهور فقط بسبب ظروف اسرية ..!
كان ريكايل يقول عندها و الجميع يستمع إليه بحماس : أقنعنا ماكس بصعود السطح و لا أعلم كيف وافقنا .. كنت أنا وهو و بيير فقط ..!
رفعت سام يدها عندها : من هو بيير ؟!..
أجابها بابتسامة : انه صديقنا الصغير .. في الحقيقة كان بيير أكثرنا خوفاً فهو على وشك البكاء فالصعود إلى هنا ممنوع و ستلاقينا عقوبة وخيمة لو علم أحدهم بذلك ..! لم يكن للسطح سور .. و مع ذلك كان ماكس يسير قرب الحافة متجاهلاً انه في الدور الرابع الآن ..!
نظر الجميع ناحية ماكس الذي ضحك بخفة وهو يقول : اعتقد أني لا اذكر المنظر الآن ..!
تابع ريك عندها : هبت رياح قوية و دفعت به إلى الحافة .. كاد يسقط لولا أني و بيير أسرعنا للامساك به ..!
بدا الخوف على ريا : هذا مرعب ..! ماذا لو كنت سقطت ماكس ..!
ضرب صدره بقبضته ليقول بغرور : سقطة من الدور الرابع لا تؤثر في اصحاب الأجساد الفولاذية مثلي ..!
بملل علق ايثن : لا أرى سوى جسد هزيل كورقة أمامي ..!
ضحكت سام بمرح عندها : كما هو متوقع من ماكس .. جيد أنك لم تمت و إلا لما كنت معنا الآن ..! بالمناسبة لما لم تذكر هذه القصة لنا من قبل ؟!..
اجاب ببساطة : لقد نسيتها حقاً .. لكني تذكرتها حين رأيت لينك ..!
امر إيجابي انه بدأ يناديني باسمي ..!
هنا نظر إلي ايثن بابتسامة : وأنت لينك .. ألم تصعد معهم ؟!..
نظرت اليه للحظات لاستوعب سؤاله لكنه لم يدخل دماغي إطلاقاً ..!
حتى قال ماكس و كأنه استدرك الأمر : صحيح .. لا أذكر أنه كان لك أخ ريكايل .. أنت لم تحدثني عنه .. كما أني لم أره كذلك ..!
شعرت بالتوتر عندها فقالت سام باستغراب : ألم تكن معهم لينك ؟!.. أين كنت أذاً طيلة ثلاثة اشهر ؟!..
كانوا جميعاً ينظرون إلي بتعجب .. حاولت ان أجد حجة فتذكرت ما قلته لإيثن مرةً حين سألني عن لغتي الانجليزية الجيدة : كنت .. كنت في أسكوتلندا !!..
نظروا إلي بتعجب بينما قال ريك عندها : أجل .. كان يعيش في ادنبره ..!
ازدادت حيرتهم فماكس هتف : ماذا تعني ؟!.. لما هو هناك و أنت في مكان آخر ؟!..
بدا رايل واثقاً وهو يقول : في الحقيقة .. بعد وفاة والدينا تولى اثنان من أقرباءنا رعايتنا ..! لينك ذهب مع احدهما لأسكوتلندا .. أما أنا فكنت في تلك المدرسة ..!
شهقوا سويةً في وقت واحد بينما سألت ريا بحزن : أهذا يعني .. أنكما لم تعيشا معاً ؟!..
حاولت أن أكون هادئاً و أنا اقول بابتسامة : ليس الأمر كذلك .. كنا نلتقي من فترة لأخرى و نتحدث بالهاتف معاً .. و بعد أن كبرنا و صرنا قادرين على تحمل المسؤولية قررنا ان نعيش سويةً ..!
في الحقيقة لم أرغب بإخبارهم عن شيء كهذا .. لكن وجدت نفسي مجبراً فجأة ..!
بدا عليهم التأثر حينها لكن سام بمرح هتفت : حسناً .. لنذهب لاحد محال الكعك و نحتفل !!..
باستنكار سأل ايثن : بماذا ؟!..
- أولاً بسلامة ماكس من السقطة .. و ثانياً بعودة لينك و ريكايل إلى بعضهما ..!
بدا الحماس يتوقد من ماكس أيضاً : اقتراح رائع سام !!.. أنت الأفضل ..! أذاً لنذهب لمحل الكعك بعد المدرسة .. ما رأيكم ؟!..
ابتسمت ريا بلطف : أنا موافقة ..!
ايثن ببساطة : ليكن .. أنا أيضاً موافق ..!
نظر إلي ريك عندها : ما رأيك ؟!..
ببساطة أجبته : لا بأس .. سأتصل بكيت و اخبرها أننا سنتأخر ..!
سألت سام باهتمام : كيت ؟!.. من هي ؟!..
اجابها ريك بابتسامة تحمل نوعاً من السخرية : جارتنا الصغيرة .. و لينك يعتني بها ..!
بدت عليهم الدهشة عندها و حملقوا بي في وقت واحد فهتفت : هيه توقفوا !!.. الأمر ليس كما تعتقدون ..! أنها ليست طفلة !!.. أنها في الثالثة عشر ..!
باستنكار سأل ماكس : تعتني بفتاة في الثالثة عشر ؟!.. لما ؟!..
تنهدت بضجر : كل ما في الأمر انها مصابة بالسكري و أنا أعطيها ابرتها لأن شقيقها يكون في العمل في ذلك الوقت .. لا أكثر و لا أقل ..!
ببساطة قالت ريا : لما لا تدعوها ؟!..
وضعت يدي على قلبي بفزع : مستحيل !!.. ستهلك بسبب الكعك !!..
لكن ريكايل عندها قال : لابأس لينك .. هي لم تأكله منذ يومين لقد راقبتها ..!
كنت متردداً بهذا الشأن لكنهم جميعاً ألحوا علي بدعوتها .. لذا لم أجد خياراً آخر ..!
و هكذا .. قررنا الذهاب لتناول الكعك بعد المدرسة ..!
.........................................
انتهى الدوام المدرسي على خير ..!
و ها نحن سويةً عند محطة الحافلات خارج الحي بانتظار كيت التي اتصلت بها فقبلت الدعوة على الفور ..!
لم تمر سوى لحظات حتى رأيتها تجري ناحيتنا بملابس المدرسة .. مذهل !!.. هي لم تغير ثيابها حتى !!..
وقفت بالقرب منا وهي تلهث فقلت بدهشة : غريب !!.. أنت لم تبدلي ثيابك !!..
نظرت إلي بعبوس و هي تكاد تبكي من غيضها : هاري دخل قبلي و أقفل الباب !!.. رفض أن يفتحه لذا جئت إلى هنا بثيابي هذه خشيت التأخير على موعد الحافلة ..!
كتمت ضحكتي عندها فهاري اخيراً استطاع جعلها ترضخ له ..!
لكنها عندها تمتمت بغيض : أقسم أنه سيدفع الثمن غالياً .. هو يعلم ما قد يلاقيه حين يقف في وجهي ..!
وقفت خلفها و ربت على كتفيها : حسناً .. دعي التفكير في الانتقام جانباً الآن ..! قدمي نفسك لأصدقائي ..!
كانوا ينظرون إليها بنوع من الذهول .. حيث سأل ايثن بتعجب : أمتأكد أنها ليست في العاشرة ؟!..
بدا عليها الغضب وهي تقول : اصمت يا ذا النظارات !!!.. صحيح أني قصيرة لكني لست طفلة !!..
تحولت ملامحهم للصدمة عندها و أول انطباع قد ظهر لديهم .. شرسة !!..
تنهدت بتعب عندها قبل أن أقول بملل : حسناً حسناً .. هذه كيت تتشرف بمعرفتكم ..! كيت .. سام و ريا و ايثن و ماكس .. انهم سعيدون بلقائك ..! انتهى !!!..
كتم رايل ضحكته بصعوبة بينما كانت كيت تتبادل نظرات شرسة مع ايثن و ماكس و كذلك سام .. أما ريا فقد كانت تبدو قلقة و متوترة من شحنة الجو السالبة هذه ..!
- سام .. لقد وصلت ..! جيد أن الحافلة لم تصل بعد ..!
التفت إلى الخلف حالاً لأرى تلك الفتاة ذات العيني الفيروزيتين قد وقفت وها هي تنظر إلينا .. أو بالتحديد إلى أحدنا بهدوء يخفي بعض القلق ..!
نظرت إلى رايل عندها لأرى أنه كان يبادلها ذات النظرة ..!
أنا واثق أن هناك شيئاً بين هذين الأثنين !!..
هتفت سام عندها بسعادة : أهلاً ينار .. سعيدة لأنك أتيت ..!
وقفت سام بقربنا و اشارت إلى رايل : لم أعرفك على .....!
قاطعتها فوراً بابتسامة مصطنعة : لقد تعرفت إليه في وقت سابق ..!
قطبت حاجبي مستنكراً .. تعرفت عليه ؟!.. متى ؟!.. أم أنها تحاول تجنب الحديث معه بأي طريقة !!..
قبل أن يقول احدهم شيئاً نظرت إلى كيت و ابتسمت : مرحباً ..! لدينا وجه جديد هنا ؟!..
لم ترد عليها كيت بل بقيت ترمقها بنبرة غريبة لم أفهمها ..!
اجابها ايثن بهدوء : أنها جارة لينك و ريكايل .. و هي كبيرة فلا تدعي منظرها يغرك ..!
كان يقول كلمته الأخيرة و هو ينظر لكيت بطرف عين بينما أوشحت بوجهها عنه غير مهتمة ..!
توقفت الحافلة عندها فركبنا جميعاً دون ادنا تعليق ..!
.................................................. .......
في ذلك المقهى كنا نجلس سويةً و أمام كلن منا قطعة كعك مع كأس عصير أو كوب قهوة ..!
كانت الطاولة مستطيلة الشكل على جانبيها كرسيان طويلان بحيث يجلس على كل منهما عدة أشخاص ..!
فقد كان ريك جالساً بجواره ماكس ثم كيت و أنا .. أمامنا سام و ايثن و بعده ريا و أمامي تلك المدعوة ينار ..!
علمت بأن ينار صديقتهم أيضاً منذ العام الماضي .. لكن و لأنها نائبة رئيس المجلس فهي لا تفرغ للجلوس معهم في المدرسة إلا قليلاً بينما تكون معهم دوماً خارج المدرسة ..!
كنت الاحظ عينيها التي تنظر إلى رايل كل برهة بهدوء ..! لم تتكلم إلا عندما يتم سؤالها ..!
ريا التي كانت بجوارها سألت ببعض القلق مع صوتها الهادئ : صحيح ينار .. ماذا حدث بشأن انتقالك من هذه المدرسة ..!
فوراً ردت سام من بعدها : أجل .. انت لم تخبرينا بآخر التفاصيل ..!
ابتسمت لهم بهدوء : اطمئنوا .. أنا لا أفكر بالانتقال هذه الفترة ..! صحيح أن والدي مصر لكني سأجد طريقة لإقناعه ببقاء حتى نهاية هذا العام على الأقل ..!
سألها ايثن بهدوء عندها : هل انتقلت للعيش عند والدك ؟!..
أومأت سلباً : ليس بعد .. ربما قريباً ..!
هناك الكثير من الحديث حول والد ينار الذي يبدو أنه يريد أن ينقلها لمدرسة أخرى لسبب يعلمه الجميع عداي .. عموماً لست مهتماً لذا لا أفكر بالسؤال ..!
رايل كان هادئاً للغاية أثناء حديثهم بل كان ينظر إلى كعكته بضجر دون أن يحرك قطعة منها ..!
هنا هتفت سام بحماس : لدي لعبة !!..
تلك الفتاة صاحبة أفكار جنونية : هاتي ما عندك ..!
هكذا اجابها ماكس فقالت : اسمعوا .. سنلعب جميعاً حجر ورق مقص .. و وحين يشترك فتى و فتاة بذات الإشارة سيكونان ثنائياً .. و المرحلة الأخرى سأخبركم عنها بعد هذه ..!
لم يبدو على احد الاعتراض لذا بحماس قالت فوراً : هيا .. حجر ورقة مقص ..!
مد الجميع يده في الحال و أنا كذلك .. اسرعت أنا أيضاً بمد يدي بوضعية الحجر لكنها اصطدمت بيد كيت مما بسطها لتكون ورقة : رائع .. لدينا اثنان هنا ..!
نظرت لأرى أن هناك ورقة أخرى معي .. بينما اربعة أحجار و مقصان ..!
نظرت إلى تلك الورقة لأرى أنها ريا وقد بدا الخجل و التوتر عليها : حسناً .. لدينا لينك و ريا في البداية ..! هيا لنعد الكرة .. و أذكركم .. فتى و فتاة ..!
انا لا أعلم حتى الآن ما الجنون الذي تخطط له هذه السام .. أرجوا أن لا يكون شيئاً فوق طاقتي ..!
بعد تكرار المحاولة أكثر من مرة انتهى التصنيف كالتالي .. كيت و ايثن .. ماكس و سام .. ريكايل و ينار ..!
الشريكان الأخيران لم يبديا أي تفاعل تجاه الموضوع .. و أقسم أنهما يتجاهلان بعضيهما عمداً !!..
هنا تابعت سام خطتها : حسناً .. المرحلة الثانية .. كل شريكين سيتنافسان في ذات اللعبة .. و الخاسر سيدفع ثمن الكعك عنه و عن شريكه ..! ما رأيكم ؟!..
كان الجميع مصدوماً بالأمر حتى هتف ايثن باعتراض : يستحيل !!.. لن أقبل أن تدفع فتاة عني ..!
وافقته القول بانفعال : صحيح .. انها اهانة في حق الرجل ..!
رفعت حاجبها بتهديد و ابتسامة شر : من يعترض .. سيحمل شريكه على ظهره إلى الحي سيراً على الأقدام ..!
بدا التوتر على ايثن و علي كذلك فأنا واثق انها تستطيع اجبارنا على هذا ..!
كان وجه ريا قد احمر واتضح عليه الفزع من الفكرة بينما لم تبدي كيت أي ردة فعل غير الاستمتاع بالكعكة بين يديها ..!
لذا لم يكن لدينا سوى الموافقة .. لذا بدأت مع ريا ..!
لقد اختارت الورقة منذ قليل ..!
- حجر ..!
ماذا ستختار الآن ؟!..
- ورقة ..!
يجب أن أخسر !!..
- مقص ..!
الحجر !!.. إذاً سأختار المقص !!..
من فوري مددت يدي بالمقص عندها لأصدم بها قد مدت يدها باسطة إياها مجدداً !!.. أتمزح معي ؟!!.. لقد اختارت الورقة من جديد ..!
هتف ماكس بسخرية : ضاعت رجولتك يا لينك !!.. ريا ستدفع الحساب ..!
لا أخفي عليكم أني اصبت بالإحباط !!.. و لأول مرة أحبط من فوز لي ..!
ايثن اختار الورقة بينما كيت قد اختارت المقص .. و بهذا الحساب عليه و قد أرضى ضميره ..!
أما سام فهي مضطرة لدفع الحساب عن ماكس الذي علق بسخرية : لو كنت أعلم أن الأمر سيؤول إلى هذا الحال لكنت قد اخذت كعكة أكبر ..!
نظرت إليه هي بحقد : كنت سأجعلك تدفع ضعفها مجبراً ..!
بالنسبة لينار و ريكايل فقد مد كلن من هما يده من بعيد بلا اهتمام .. ينار مقص و ريك ورقة .. و هكذا صار الحساب على أخي ..!
أأنا الوحيد الذي يلحظ تصرفاتهما المريبة ؟!..
نظرت لي كيت بعد أن انهت كعكتها : أريد العودة للبيت ..!
التفت ناحيتها بتعجب : ماذا ؟!.. لقد انهيت كعكة للتو فقط ..!
قطبت حاجبيها و بدا عليها الانزعاج : لم أعد استطيع البقاء في هذه الملابس أكثر .. يكفيني وقت المدرسة ..!
قبل أن أقول شيئاً وقف ريكايل وهو يقول : سأرافقك كيت .. فأنا أيضاً أرغب بالعودة ..!
بدا الاستغراب على الجميع حيث قال ايثن : لما لا تنتظر قليلاً و نعود سويةً ؟!..
ابتسم بهدوء عندها : لم انم جيداً البارحة و أشعر بالدوار .. أراكم غداً يا رفاق .. هيا بنا كيت ..!
وقفت هي الأخرى و سارت مبتعدة عن الطاولة .. و حين مر رايل بقربي قال : آه صحيح لينك .. حين يأتي النادل أدفع حسابي و حساب ينار ..!
قطبت حاجبي باستياء بسيط : ماذا ؟!.. هذا ليس عدلاً ..!
ربت على كتفي عندها : سأعيد لك نقودك حين تعود للبيت فلا تقلق .. و الآن إلى اللقاء ..!
و بالعفل سار مع كيت مغادرين ذلك المحل ..!
بقينا نحن الستة لوقت أطول و تحدثنا كثيراً في أمور منوعة .. و قد لحظت أن ينار بدت منفتحة أكثر و كأنها لم تكن مرتاحة بوجود رايل سابقاً ..!
أم أن هذا من بنات أفكاري و وساوسها ؟!..
بعد مضي الوقت وحين صارت الساعة تشير إلى الرابعة قررنا العودة لمنازلنا ..!
خرجنا من ذلك المحل و قد قالت سام بابتسامة : أنا سأذهب لرؤية جدتي قبل العودة للمنزل .. أراكم لاحقاً ..!
سلكة طريقاً مختلفاً عن طريقنا .. أيثن أيضاً قال : سأمر المكتبة العامة لاستعارة كتاب صدر هذا الأسبوع .. إلى اللقاء ..!
هو الآخر ذهب بحال سبيله وهكذا لم يبقى سوى أنا و الفتاتين ..!
لكن احد الهواتف رن عندها و قد كان هاتف ينار بنغمته اللطيفة و حين أخرجته من حقيبة المدرسة أجابت : مرحباً أبي ..!
كانت الميدالية لا تزال هناك .. أنها ذاتها التي مع ريكايل و أنا واثق من هذا ..! لكن الشريطة حول رقبة القطة حمراء هنا ..!
- آه أجل أبي ......... لم أوظب أغراضي بعد .. ربما مع مطلع الأسبوع القادم .. تأكد أن تجهز لي غرفة كبيرة ..!
قالت جملتها الأخيرة بابتسامة لطيفة و قد تابعت حديثها : اليوم ؟!....... أنا لم اعد للبيت بعد ...... لقد كنت مع اصدقائي نمرح قليلاً .......... حسناً سآتي إذاً فلا يمكنني ان افوت دعوةً منك ............ و أنا أحبك أيضاً ........ إلى اللقاء ..!
أغلقت الخط عندها و على وجهها ابتسامة مرتاحة مختلفة عن كل المشاعر التي كانت تحيط بها اليوم من هدوء و برود ..!
نظرت إلينا عندها : أعذراني .. والدي طلب مني الحضور لتناول العشاء معه لذا سأذهب الآن .. أراكما في المدرسة ..!
بالعفل سارت بعدها مبتعدةً عنا ..!
و هكذا اقتصر الأمر علي و على ريا فقررنا السير سويةً إلى محطة الحافلات ..!
بينما كنا نسير بهدوء انتبهت لمحل لطيف لزينة الفتيات بالقرب منا لذا التفت إلى ريا : هلا انتظرت قليلاً هنا ؟!..
أومأت موافقة فاتجهت ناحية ذلك المحل و دخلت .. كان مليئاً بالأشياء الجميلة من عقود و زينة للشعر و غيرها .. أن هذه الأشياء محبوبة كثيراً لدى الفتيات ..!
لقد كنت أرى آندي تشتري الكثير منها .. دايمن كان يختار لفلورا هدايا من محلات مشابهه و لكنها كانت محلات مشهورة و ذات اسعار خيالية ..!
اخذت انظر إلى تلك الأشياء المعروضة حتى وقفت فتاة بجانبي : هل اساعدك بشيء يا سيد ؟!..
التفت فرأيت تلك الفتاة التي يبدو أنها تعمل هنا : اريد شراء هدية صغيرة لأحدى الفتيات ..!
بدا عليها الحماس : أهي صديقتك ؟!..
أومأت سلباً بابتسامة : لا .. انها زميلة دراسة فقط .. لكنها ساعدتني عدة مرات و اريد أن أرد لها هذا ..!
بدا عليها التفهم لذا اشارت ناحية احد الرفوف : ما رأيك أن تأخذ لها زينة شعر ؟!.. أن محلنا مشهور في المنطقة بالأشكال المميزة ..!
زينة شعر ؟!.. أعتقد أنها هدية جميلة و مناسبة في الوقت ذاته ..!
عموماً ألقيت نظرةً على المجموعة فلفت نظري احدها حيث كان لطيفاً للغاية .. حيث كان عبارة عن ريشة كريشة الطير بلون أزرق فاتح و جميل تتداخل معه ألوان أخرى كالرمادي و الأسود عند طرفه يوجد شيء أشبه بالزغب بلون اسود جريء .. وهي تقريباً بحجم الأصبع ..!
نظرت إليه للحظات قبل أن أقول : أرى أن هذا مناسب ..!
بدا عليها الحماس وهي تقول : اختيار موفق .. لقد وصل صباح اليوم لكننا بعنا الكثير من القطع حتى الآن ..! أتريد واحدة ؟!..
- أجل من فضلك .. هلا غلفتها كهدية ؟!..
- لدينا حقائب صغيرة للهدايا فكما ترى معظم المبيعات تقدم كهدايا للأصدقاء ..!
- حسناً .. شكراً لك ..!
اشتريت زينة الشعر تلك و الذي وضعته لي في حقيبة قماشية جميلة مربوطة بشريطة من الساتان ..!
ابتسمت لي تلك الفتاة و قالت بأدب : شكراً لشرائك من محلنا .. نتمنى منك زيارتنا مرةً أخرى ..!
خرجت عندها و قد وجدت ريا تنتظرني بالفعل كما طلبت منها ..!
ابتسمت لها عندها : أرجوا أن لا أكون قد تأخرت ..!
اومأت سلباً بهدوء مما دعاني لأن ابتسم و أخرج تلك الهدية و امدها لها : هذه لك ..!
ظهرت عليها ملامح المفاجئة و قد تورد وجهها : لي ؟!..
أومأت ايجاباً : أجل .. لقد شاركتني الدونات في ذلك اليوم و دفعت الحساب عني اليوم ايضاً .. كما أني أخرتك عن منزلك مرة و سببت مشكلة بينك و بين أخيك ..! لذا فكرت أنه من الأفضل أن اقدم لك شكراً بالمقابل ..!
بدا عليها الاحراج : لكن .. من الصعب علي قبولها ..!
ابتسمت عندها فأنا أفهم لما هي خجولة هكذا : اعتبريها هدية من صديق .. أنت لن تردي هدية من ماكس أو أيثن .. انا مثلهما أيضاً ..! هيا الهدايا لا ترد ..!
توردت و جنتاها و قد أخذتها مني بهدوء و ظهر عليها شبح ابتسامة : شكراً لك .. يسرني قبولها ..!
اتسعت ابتسامتي عندها .. كم هي لطيفة هذه الفتاة ..! صحيح أنها توتر من معاملة الآخرين .. لكن كل من يعاملها يشعر بالراحة ..!
هناك هالة وردية من اللطف و البراءة تحيط بها ..! على عكس شقيقها الشيطان ذو الهالة الفاحمة !!..
- يا للمصادفة .. لم اتوقع رؤيتك في مكان كهذا ..!
تجمدت اثر سماعي لتلك الجملة .. أو بالأحرى لذلك الصوت !!..

منذ زمن لم أسمعه .. و لا أخفيكم سراً أني كنت اشعر بالشوق و الحنين أليه ..!
رغم تلك النبرة الجافة فيه منذ قليل .. لكن مسألة أنه صوتها يكفيني و يغنيني عن كل شيء ..!
التفت في الحال .. و كما توقعت كانت هي لا غير ..!
ترتدي بنطال جينز و كنزة ثقيلة بيضاء مع معطف ترابي يصل إلى منتصف فخذها ..!
بلا شعور ابتسمت : مـ .. ميشيل ..!
أجل .. كانت ميشيل أمامي أخيراً .. لقد مضى زمن على لقائنا الأخير ..!
لكنها في هذه اللحظة .. لم تبادلني الابتسامة بل قالت ببرود : أتمارس ألعابك في منتصف الطريق هكذا ..!
اتسعت عيناي أثر جملتها و قد أيقنت أنها رأت ما اعطيته لريا للتو و بسرعة هتفت : ليس الأمر كما تظنين !!.. لقد فهمت الأمر خطأً ..!
ابتسمت عندها ابتسامة ملؤها السخرية : اطمئن .. لم أفهم الأمر خطأً كما تعتقد ..! أنت هكذا دوماً لينك ..! لم تتغير أطلاقاً ..! لا تزال ناكراً لوعودك ..!
وعود ؟!.. أتعتقد أني نكرت وعد الخاتم الذي وعدتها به في لقائنا الأخير !!..
بسرعة قلت : ذلك أمر آخر .. أنه مختلف تماماً ..!
لكنها عندها ببرود و جفاء قالت : اطمئن .. أنا لن أبكي من أجلك مجدداً ..! عموماً حين قبلت بوعدك في المرة الماضية لم أعقد أي آمال بشأن أنك ستحققه ..! فأنا أعلم أنك لا تصبر على أي عهد تقطعه !!..
لم أجد ما أرد عليها به فقد أخرستني تماماً .. كما أني أخشى أن انطق بشيء أمام ريا يكشف هويتي ..!
لذا لم أجد إلا أن أوشحت بوجهي بانزعاج بينما نظرت هي إلى ريا و ابتسمت بهدوء : يا آنسة .. لو حصل أمر ما فلا تبكي من أجله ..! لأن البكاء من أجله أمر قد تدمنين عليه و لن يسبب لك غير الألم و البرود و في النهاية سيجعلك تكرهينه تماماً ..!
بدا على ريا التوتر من كلام ميشيل حتى أن القلق كان واضحاً على ملامحها ..!
نظرت عندها إلى ميشيل و بنوع من الاستياء قلت : بعد مضي كل هذا الوقت على لقائنا الأخير .. أليس لديك اسلوب أفضل في المعاملة ؟!..
بذات البرود قالت : في لقاءنا الأخير وعدتي بأمر .. و حين رأيتك مجدداً بعد فترة رأيت أنك نقضت الوعد ..! كيف تريدني أن أقابلك أذاً ؟!..
- ميشيل ..! أنها زميلة دراسة فقط ..!
- أجل أعلم .. أستطيع أن أرى زيكما المدرسي الموحد ..! و استطيع ان استنتج أيضاً أنكما تجولتما بعد مغادرة المدرسة و استمعتما قليلاً و حان الوقت للعودة للمنزل سوية بعد شراء الهدايا ..! و ربما تشابك الأيدي سيجعل الأمر مثالياً أكثر ..!
بلا شعور هتفت بغضب : توقفي عن هذا !!.. أنت لا تعرفين الحقيقة إذاً لا يحق لك الاعتراض ..!
لكنها أوشحت بوجهها عني عندها : أنا لا أعترض ..! كل ما اريده منك أن توقف سلسلة وعودك الكاذبة التي اكتفيت منها و أن تتركني وشأني .. فقط ..!
سارت بعدها متابعة طريقها بين الناس .. حتى اختفت من أمامي ..!
هل سيستمر هذا للأبد ؟!.. أيعقل أنها ستكرهني للأبد ..!
لا يحق لي أن أعترض .. فأنا السبب في هذا كله ..!
- لينك ؟!..
التفت حينها إلى ريا التي بدا القلق عليها و كذلك التوتر و قد ابعدت وجهها عني : آه .. في الحقيقة ..! تلك الفتاة ..!
لم تكمل و كأنها لا تعلم ما تقول .. و لكن من الواضح أنها تتساءل عن ميشيل و ما علاقتها بي ..!
لم أجد لحظتها إلا أن ابتسمت بسخرية على نفسي : ريا .. قلتي لي مرة أني لطيف ..!
نظرت إلي باستغراب فأبعدت وجهي عنها و قلت بذات النبرة : في الحقيقة .. أنا لست كذلك ..! و تلك الفتاة أكبر دليل على هذا ..!
- لا !!.. هذا ليس صحيحاً ..!
التفت بسرعة ناحيتها متفاجئاً من انفعالها بينما تابعت هي بسرعة و بقلق و كأنها لا تشعر بنفسها : أنت لست شخصاً سيئاً لينك !!.. أنا واثقة من هذا !!.. لا أعلم ما الذي حصل بينك و بين تلك الفتاة لكن يبدو أنها فهمتك خطأً !!.. أنت قلت ذلك بنفسك ..! لذا أنا لا استطيع الحكم عليك من كلامها !!.. كما أني و الجميع أيضاً نرى أنك شخص طيب و لطيف .. لذا .. لذا ..!
بدا أن الكلمات ضاعت منها و قد دمعت عيناها ..!
ما بها ؟!.. أنا مدهوش بالفعل من انفعالها هكذا !!..
ما هذا الشعور الذي احاط بي ؟!.. شعور غريب ..! و كأني سعيد بكلامها ..! للمرة الأولى أشعر هكذا ..!
ابتسمت لا شعورياً .. ابتسامة شكر عميقه : شكراً .. لثقتكم بي ..!
توردت وجنتاها عندها و عادت لهدوئها ..!
فتاة جديدة تظهر في حياتي ..!
ميشيل .. جوليا .. ليديا .. كيت .. ميراي .. و الآن ريا ..!
فأي دور ستؤديه يا ترى ؟!..
............................................
ها أنا أخيراً وصلت للمنزل بعد أن أوصلت ريا لمنزلها .. و ما إن دخلت من باب العمارة حتى لفت نظري شيء غريب ..!
سيارة هاري التي كانت مركونة بين القليل من السيارات كانت محاطة بعدد من الرجال الثلجيين الصغار ..!
و أمامها على مسافة تقف تلك الفتاة الصبيانية وهي ترتدي بنطال جينز و كنزة رمادية ثقيلة مع معطف قطني أسود كلون شعرها و في يدها شيء ما ..!
في تلك اللحظة اتخذت وضعية رامي البيسبول و هي تقول بغضب و بصوت مرتفع : هذا جزاء ازعاجي !!..
رمت ما بيدها و الذي كان عبارة عن حجر كبير لزجاجة السيارة الأمامية مما أدى إلى اختراقها تماماً مع تحطم كبير فيها !!!..
لقد اخرستني الصدمة بينما أطلقت السيارة صفيراً عالياً كي ينتبه صاحبها لهذا كنظام انذار و حماية ..!
نظرت للأعلى تلقائياً و لحظتها أطل هاري الذي خرج من شقته الآن برأسه من الأعلى مفزوعاً و لم يلبث أن صرخ : مستحيل !!!..
نظر ناحية شقيقته الصغرى و قد علم أنها السبب : كيت أيتها اللـ !!!.. كيف تجرئين ؟!!..
صرخت هي الأخرى كي يسمعها : أنت تستحق هذا أيها الأحمق !!!.. هذا جزاءك لإبقائي بالتنورة حتى نهاية النهار !!!..
صرخ عندها و هو يركض للدرج : سأنزل الآن و ألقنك درساً يا صبيانية !!.. أي شيء إلا سيارتي العزيزة أيتها الحمقاء !!..
ضربت جبيني بكفي بملل .. هذان الاخوان يتجاوزان توقعاتي في كل مرة !!..
لم تمر سوى لحظات وقد ظهر هاري من البوابة مسرعاً و الغضب قد احتل عقله تماماً ..!
لكن المصيبة الحقيقية هي أن تلك الخبيثة كيت أسرعت للاختباء خلفي و التشبث بقميصي : إن سمحت له بالاقتراب فستنال جزاءك !!..
هذا ما قالته لي بتهديد مما دفعني للاستنكار : و ما شأني أنا ؟!..
- شأنك أنك جاري و هذا شيء كافي !!..
- جارك لا يجب عليه التدخل بينك و بين أخيك !!..
- ما دمت أعد لك الغداء كل يوم فعليك أن تجازيني بالخير على الأقل ..!
- ألا يكفي أنك تقضين يومك كاملاً في شقتي !!..
- ها هو قد أتى !!..
التفت إلى الأمام لأجد ذلك الشاب يسير بخطوات متلاحقة تصطدم بالثلوج على الأرض لتطلق صوتاً مدوياً بينما نظراته كذئب جائع منذ ثلاثة أيام وجد أخيراً كبشاً ضخماً أعرج الساق !!..
شعرت بالتوتر بينما رفع هو قبضته وهو يصرخ : أقسم أني سأؤدبك هذه المرة !!..
بلا شعور فردت ذراعي لأوقفه : لحظة هاري !!.. أي شيء إلا الضرب ..!
كان غاضباً بالفعل : لا تتدخل لينك !!.. تصرفات هذه الحمقاء لم تعد تطاق !!..
- أعلم و أنا لا ألومك على غضبك ..! لكني لا يمكن أن أسمح لك بضربها ..! عاقبها احبسها أحرمها من الحلوى .. أي شيء إلا الضرب !!..
قلت عبارتي الأخيرة بجد تام و جرأة كبيرة فأنا بالتأكيد لا أريده أن يضرب أخته الصغرى حتى لا تزداد المشاكل بينهما ..!
فالضرب .. أمر مختلف تماماً عن أي شيء آخر ..! بل أني اعتبره جريمة بحد ذاتها بغض النظر عن الأسباب ..!
لكن يبدو أن هاري لن يستمع لي : لقد فعلت كل ما استطيع فعله معها لكن يبدو أنها لن تتأدب إلا بالقوة !!..
في تلك اللحظة أمسكت بذراعه التي رفعها و أنا أقول : و ما الذي ستكسبه إن أذيتها ؟!.. هذا لن يحل المشكلة بل سيجعلها تكرهك إلى الأبد !!.. ثم لا تنسى أنها مريضة و عليك مراعاة هذا !!..
لحظتها بدا انه استمع لي فقد أوشح بوجهه و تمتم : و كأنها ستحبني أن تركتها هكذا ..!
ابتعد عني عندها و اتجه إلى سيارته ليلقي نظرة عليها .. بعدها أخرج هاتفه و يبدو أنه اتصل بشركة التأمين ليأتوا و يروا ما يمكن فعله ..!
التفت ناحية كيت بغضب في نية لتأنيبها لكني فوجئت بها قد طأطأت رأسها و الغضب بادٍ على ملامحها و أكثر ما صدمني هي تلك الدموع التي تحجرت في مقلتيها الزرقاوين وهي تتمتم أيضاً : انه يستحق !!.. ذلك الأحمق !!.. أكرهه !!..
قالت تلك الكلمات ثم ركضت ناحية المدخل دون إضافة شيء ..!
نظرت ناحية هاري عندها لأجده شارد الذهن بملامح هادئة للغاية و لم يلبث أن جلس أرضاً وهو مستند إلى سيارته : يبدو أني فاشل تماماً .. كأخ لتلك الطفلة !!..
ما بهما ؟!.. أي حال هذه التي وصلا أليها ؟!.. لا يبدو أن الأمر طبيعي بينهما إطلاقاً !!..
فهما يوماً بعد يوم يصيران أبعد عن بعضيهما !!..
أنا واثق .. واثق أن الأمر ليس مجرد حب استفزاز بين الأخوة !!..
...........................................
انتهى البارت اليوم ^^

أتمنى أن يكون قد نال على رضاكم و استحسانكم ^^ ..!

للنتقل للأسئلة ..!


ليو
في صد البحث عن حل حاسم .. فماذا سيكون هذا الحل ؟!..

ما قصة الميدالية المشتركة بين
ينار و ريكايل
؟!.. و لما يتجنب الاثنان بعضهما بهذه الطريقة ؟!..

بعد اكتشاف الرفاق الجدد لمسألة عدم عيش التوأمين سوية .. أيمكن أن يسبب هذا بعض الشكوك ؟!..


ميشيل ظهرت من جديد .. و لكن في الوقت الخطأ .. كيف سيتصرف لينك
حيال هذا ؟!..

المشاكل بين
كيت و هاري
تزداد اشتعالاً .. فما السبب الحقيقي خلفها ؟!..

...................

المقتطفات ..!

...

و بالطبع بطل الحدث .. ليونيل المتشرد ..!

...

علي أن أراوغه و إلا سيكتشف امري : أتقصد لينك مارسنلي ؟!.. أهو بتلك الأهمية حقاً ؟!..

...

ابتسم بنوع من السخرية : و رايل أيضاً ؟!!.. أنك بالفعل تخدعين نفسك ..!

...

كانت هذه كلمة ابنة السيد وهي تشير إلى الباب الذي فتحه السائق و تلقائياً بدأ الجميع بالصعود إليها حيث كانت المقاعد متقابلة من الداخل ..!

...

مارسنلي .. رافالي .. ديمتري .. مردستن .. روبرتون .. برايان .. دايفيرو .. و الكثير من الأسر الأخرى ذات الصيت الواسع في البلاد ..!

...

بلا شعور همست : ريكايل .. أشعر بالخوف ..!

...

اتسعت عيناي و ارتفعت انفاسي .. لم أتمالك نفسي فالتقطتها و جلست على الأريكة بلا شعور لأحدق بتلك الصورة ..!

...

قلتي لي " وداعاً " حينها !!.. ذلك الوداع الذي لن أنساه طيلة حياتي ..!

...

ها هو أمامي من جديد !!.. يحتضن تلك الفتاة و يضحك في وجهها !!..

...

أنه يحب ينار !!.. أجل أنا واثق أنه أحبها في الماضي و لا يزال يحبها !!..

...

أجل .. يبدو أني سأقنع نفسي ببراءتها وحسب !!..

...

هذا ما لدي اليوم ^^

و على فكرة .. تطلعوا للبارت القادم ففيه قنبلة ستنفجر بعنف في وجه بطلنا ^^ ..!

في حفظ الله و رعايته ^^


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 10:47 PM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 7

باقي ذلك اليوم مضى على خير ..!
أخذ شركة التأمين سيارة هاري إلى ورشتهم لإصلاح زجاجها الأمامي و ستعود جديدة كما كانت ..!
كيت لم تظهر لبقية اليوم حتى العشاء .. هاري بالمثل و كذلك ليو ..!
لقد كان المنزل هادئاً تماماً ..!
في اليوم التالي جاءت كيت في الصباح ككل يوم و قد بدت طبيعية أكثر من المعتاد حتى أنها قررت التغيب عن المدرسة !!..
أما ليو فقد التقى ريكايل في الصباح و أخبره بأنه سيأتي مع والديه بعد المدرسة إلى منزلنا ليخبر الجميع عن قراره ..!
في الحقيقة أن أشعر أن خلف اختياره منزلنا بالذات مصيبة عظمى ..!
.................................................. ..............
الساعة هي .. الثانية بعد الظهر ..!
المكان .. غرفة الجلوس في شقتنا المتواضعة ..!
الحضور .. أنا و ريكايل .. كيت و شقيقها الأكبر هاري .. السيدة آنيا و ابنها لوسيان و طليقها السابق السيد مارك .. كذلك خالتي ميراي التي كانت في صدد زيارة معتادة لنا ..!
و بالطبع بطل الحدث .. ليونيل المتشرد ..!
وقف ذلك الأخير أمامنا وهو يقول : لقد قررت قرار حاسماً بشأن مكان سكني الجديد ..! فأنا لم أعد أريد العيش عند أمي بينما زوجها يذهب و يأتي كل فترة ..! أيضاً لا أفكر إطلاقاً بالعيش عند والدي بينما هناك امرأة يفترض أنها زوجته في المكان ..! لذا .....!
بدا الحماس على الجميع بينما شعرت بالسوء فجأة لسبب مجهول : سأعيش هنا !!!...
أتسعت عيناي بذهول من كلمته تلك بينما بدت الصدمة على الجميع من كلامه !!..
قبضت يدي و أنا أحاول السيطرة على أعصابي : أعد ما قلته ..!
نظر إلي بابتسامة شر : قلت سأعيش هنا في هذا المنزل ..! ألديك اعتراض ؟!!..
وقفت بسرعة و أنا أقول : بالطبع أعترض !!.. أنا لا أريد لشخص مزعج مثلك أن يكون أمامي طيلة الوقت !!..
تجاهلني و نظر لريكايل و ابتسم بمرح : يمكنني ذلك ريكايل أليس كذلك ؟!..
التفت الى رايل بسرعة لأجده يبتسم بلطف : بالتأكيد .. أنا ليس لدي مانع إطلاقاً !!..
باستياء قلت : رايل كيف تقول هذا ؟!..
بدت السعادة على خالتي : سيكون هذا رائعاً .. هذا أفضل من بقائكما وحدكما يا ابنا اختي العزيزين ..!
- حتى أنت يا خالتي ..!
تنهدت السيدة آنيا براحة و ابتسمت : إن كان ليو سيبقى هنا فسأكون مطمئنة ..! بالطبع سأعد لكم الغداء و العشاء دائماً بما أن ابني سيكون تحت رعايتكم ..!
كنت مستنكراً من أعجابهم بفكرته .. فحتى السيد مارك الذي لم يلتقي بنا إلا مرة واحدة ابتسم بهدوء : أعتقد أنه الحل الأمثل ..! إن كان الأمر هكذا فأنا سوف أساهم في دفع إجار الشقة نيابة عن ابني ..!
كان لوسيان سعيداً أيضاً : رائع .. هذا يعني أن أخي سيبقى في هذه العمارة و لن يذهب بعيداً ..!
انهرت على الأريكة مصدوماً فيبدو أني لم أعد أملك أي حق في الرفض ..!
هاري أيضاً قال بهدوء : بما أن ليو سيبقى هنا فهو سيكون قريباً من والدته و هذا أمر جيد ..! كما أن هذا سيخفف عليكم من الأحمال يا لينك بما أن السيد مارك سيساهم في الإيجار ..!
كيت كذلك علقت بملل : صحيح أني لا أحب أن يبقى هذا المتشرد هنا .. لكن بما أن هذا سيعفيني عن تحضير الغداء و العشاء كل يوم فسيكون هذا رائعاً ..! آه صحيح .. أعتقد أن شراء مكونات الطعام سيقل أيضاً ..!
ابتسم ليو بمرح عندها : حسناً حسناً .. بالطبع سيكون هذا فقط حتى اصل للسن القانونية .. و بعدها سأعيش وحدي و اعتمد على نفسي ..!
و يقولها بكل بساطة !!.. لديه سنتان حتى ذلك الوقت ..!
لكن يا لينك .. ليس لديك أي خيار و جميع السبل مغلقة في وجهك ..!
لذا بضجر قلت في النهاية : أفعلوا ما شئتم ..!
.................................................. ....
بعد تناول الغداء مع الجميع و الذي كانت السيدة آنيا قد أحضرته من منزلها ..!
قرر السيد مارك المغادرة فرافقته حتى باب العمارة .. و هناك نظر إلي بهدوء وهو يقول : شكراً على عنايتك بابني ..!
بهدوء قلت : لا داعي للشكر أطلاقاً .. فهو كأخي الأصغر ..!
تقدم ناحيتي أكثر وهو يقول : لقد سمعت من ليو أنك تشبه أحد المشاهير ..!
حافظت على هدوئي التام و أنا أقول بابتسامة صغيرة : حقاً ؟!.. قال لي ليو أن أشبه شخصاً لكني لا أذكر أنه بتلك الشهرة ..!
ابتسم هو أيضاً ابتسامة ذات مغزى : أجل .. ليس بتلك الشهرة في السابق ..! لكنه حالياً في قائمة المفقودين المهمين و كثيرون يبحثون عنه طمعاً في بعض المال من احد النبلاء المهتمين به ..!
علي أن أراوغه و إلا سيكتشف امري : أتقصد لينك مارسنلي ؟!.. أهو بتلك الأهمية حقاً ؟!..
احتدت عيناه و كأنه أنتبه لطريقتي في الخوض بالموضوع بدون أي ارتباك : أجل أنه كذلك .. فمارسنلي من تلك الأسر القليلة ذات الأصول النبيلة .. و اختفاء الفرد الأخير منها يعني انقطاع سلالتها للأبد ..!
هذا الرجل لا يعلم بأن تلك السلالة انقطعت بالفعل منذ توفيت أمي ألينا : غريب .. سمعت بأنه الوريث لكني لم أعلم أنه الوحيد .. اعتقدت أن له أبناء عم أو شيء من هذا القبيل ..!
عدم ارتباكي اصابه بالحيرة فيبدو أنه بات يشك بي .. أو ربما هو يشك بريكايل أيضاً : حسناً .. لقد كان الأخير بالفعل ..! أنه أمر جيد فربما لو حصل الأمر مع بقية النبلاء فنتخلص من ذلك المجتمع المتكبر ..!
هل ينتظر مني أن أغضب ؟!.. حسناً ربما لو كنت من ذلك المجتمع بالفعل لغضبت لكنني أدرك تماماً أن مجرد عامي تطفلت على تلك الطبقة لبعض الوقت : لم أعامل أحد النبلاء من قبل .. لذا لا أعلم إن كانوا متكبرين فعلاً أم لا ..!
بدا انه لم يعد يملك شيئاً ليقوله لذا في النهاية ابتسم : سيكون من الأفضل أن تبتعد عنهم فهم في قمة الغرور ..! عموماً سعدت بمعرفتك لينك ..! أراك في وقت لاحق ..!
ودعته عندها فسار بهدوء في ذلك الشارع كي يصل لموقف الحافلات ..!
ربما علي أن أحذر أكثر من هذا الرجل !!..
.................................................. ...........
مضى يومان بلا أي تغير .. منذ قرر ليو السكن عندنا لم يتغير أي شيء فهو كان يقضي يومه عندنا دوماً ..!
لكن الفرق الوحيد هو أن أصناف الطعام الشهي تصلنا كل يوم و هذا رائع بالفعل .. السيدة آنيا طاهية ماهرة حقاً ..!
اه صحيح .. لقد استلم ريكايل هذا الصباح نتيجته و كما هو متوقع له نجح بمعدل جيد ..!
كان هذا الخبر رائعاً لنا جميعاً و قد اتصل به الجميع لتهنئته فهو يستحق هذا بعد ذلك المجهود الذي قام به ..!
الساعة هي الثامنة مساءاً !!..
كنت أجلس في غرفة الجلوس اتصفح احدا مجلات الفن و أقرأ ذلك المقال عن فلم لوي الذي سيصدر قريباً ..!
كيت مستلقية على الأريكة و قد غلبها النعاس .. و ليو يجلس على الأرض أمام تلك الطاولة قصيرة السيقان يقوم بالاستعداد لامتحانه غداً ..!
هناك أمر مميز يحدث حالياً .. هاري قام بدعوة خالتي ميراي إلى العشاء الليلة .. في الحقيقة لم أعتقد أن الأمور بينهما تطورت بالفعل ..!
لكني أتمنى أن تستمر بالتطور فخالتي تستحق شاباً رائعاً مثل الدكتور هاري ..!
حسناً .. أعتقد أنهما لا زالا في البداية فهما لا يزالان يستخدمان " الآنسة ستيوارت " و " الدكتور ليبيرت " في حديثهما ..!
دعني من هما الآن .. هذا المقال جعلني أتطلع للفلم القادم للوي .. أنه يحقق نجاحات باهرة في الفترة الأخيرة ..!
نظرت حولي باستغراب : ليو .. أين ريكايل ؟!.. كان هنا منذ قليل ؟!..
أجابني بملل و هو يتثاءب : لا أعلم .. ربما ذهب لينام ..! سحقاً لهذا الامتحان ..!
تركت المجلة جانباً و ذهبت لأتفقده ..!
لم يكن في المطبخ لذا لا بد أنه في غرفتنا .. فالغرفة الصغيرة باتت لليو الآن ففراشه هناك و قد وضع ملابسه في الخزانة الصغيرة فيها ..!
دخلت إلى الغرفة دون طرق الباب و وجدته جالساً على سريره مستنداً إلى الوسادة يحدق بذلك الشيء في يده ..!
تلك الميدالية الغريبة : ريكايل .. هل ستنام الآن ؟!..
التفت إلي عندها بارتباك و كأنه كان شارد الذهن : آه .. لا ..!
تقدمت ناحيته أكثر : ألن تخبرني الآن ما قصة هذه الميدالية ؟!..
ابتسم بهدوء : ليس لها قصة ..! أخبرتك أنها اعجبتني فقط و اشتريتها ..! آه .. ما رأيك أن أعطيها للورا ؟!.. سوف تحبها بالتأكيد ..!
قطبت حاجبي باستغراب : اعتقدت أنها ستكون هدية من صديقة مثلاً ..!
- أنت تمزح ..! لم يكن لي صديقة أطلاقاً ..!
ربما علي الدخول في الموضوع فوراً : حقاً ؟!.. لقد رأيت مثلها مع ينار .. لذا اعتقدت أنها قد تكون صديقتك في السابق أو شيء من هذا القبيل ..! إن كان كذلك فأخبرني لأساعدك في اصلاح الأمور معها فيبدو أنكما متشاجران ..!
اختفت ابتسامته عندها و أظهر الاستغراب : هل رأيت مثلها مع ينار ؟!..
أومأت إيجاباً : كانت تعلقها على هاتفها ..!
ضحك بخفة ضحكة مصطنعة : يا لها من مصادفة ..! أرجوا أن لا يراها البقية فيعتقدوا أني و ينار صديقان كما اعتقدت أنت ..! نحن لسنا كذلك بالتأكيد .. كل ما في الأمر أني التقيتها ذات مرة بالقرب من الملجأ ..!
قبل أن أقول شيئاً نظر للساعة وهو يقول : آه .. سأذهب لدكان العم جاك لشراء العصير فقد نفذ ما في الثلاجة ..!
قال تلك الكلمة و التقط سترته من فوق السرير ثم خرج من الغرفة و الشقة بأكملها .. أنه يتصرف بغرابة حقاً ..!
عدت لغرفة الجلوس و أنا أفكر في أن هناك أمراً بينه و بين تلك الينار بالتأكيد ..!
و فور أن دخلت انتبهت إلى ليو الذي غط في النوم فوق كتبه ..!
أخذت انظر إليه و إلى كيت بهدوء ..!
من كان يعتقد أن اثنان مثلهما سيفرضان نفسيهما علي بهذه الطريقة ..!
ابتسمت بسخرية على نفسي .. لقد تغيرت أكثر مما كنت أتوقع ..!
...............................................
ريكايل كان شارد الذهن طيلة اليوم و كذلك صباح اليوم التالي ..!
هل ذكرته بشيء حين أخبرته بأن ينار تملك نفس الميدالية ؟!..
لقد بات هذا الأمر يؤرقني أنا و ذلك ما يجعلني أضع عيني عليه طيلة الوقت علني اكتشف شيئاً ما ..!
ها أنا الآن أسير في ساحة المدرسة في وقت الاستراحة .. أنا واثق أن ريكايل كان هنا منذ قليل ..! وجهه شاحب لذا أخشى أن يمرض فجأة ككل مرة ..!
- آسفة .. أنا لا أقصد هذا ..!
وقفت في مكاني حين سمعت ذلك الصوت يأتي من هذا المنعطف حيث الطريق المؤدي للصالة الرياضية .. لا أحد يكون هناك في وقت الاستراحة ..!
أطللت برأسي قليلاً .. كما توقعت .. أنها ينار صاحبة الصوت .. و الطرف الآخر كان أخي ريكايل لا غير ..!
بهدوء قال هو : أنا لا أطلب منك المستحيل .. كل ما أريده فقط هو أن تتوقفي عن تجاهلي بهذه الطريقة الغريبة ..!
أوشحت بوجهها عنه : أخبرتك أني آسفة ..! لقد انهينا كل شيء منذ زمن لذا لا تلمني ..!
قطب حاجبيه باستياء و رفع صوته هذه المرة : و أنا لم أطلب منك أن تعيدي كل شيء كما كان !!.. لكن كالبقية اصدقاء فقط !!.. ثم كيف تجرئين على قول أننا أنهينا كل شيء و أنت لا تزالين تعلقين تلك الميدالية على هاتفك ؟!..
بدا عليها التوتر للحظات قبل أن تقول : أنا أعلقها لأنها جميلة فقط و ليس لأي سبب آخر ..! هذا يكفي رايل ..!
ابتسم بنوع من السخرية : و رايل أيضاً ؟!!.. أنك بالفعل تخدعين نفسك ..!
قال تلك الكلمات ثم سار مبتعداً وهو يقول : لنكن كبقية الأصدقاء ..! لأن تجاهلنا لبعض بهذه الطريقة يثير الشك ..! ثم عليك ان تعلمي بأني لست مهتماً اطلاقاً لما حدث في الماضي لذا يجب ننساه و حسب ..!
لم ترد عليه بل طأطأت رأسها أكثر و أكثر حتى لم أعد أرى عينيها الفيروزيتين ..!
هذا الموقف دليل قاطع على أنهما كانا صديقين في الماضي .. لكن ما الذي حدث بالضبط ؟!.. و من منهما قطع علاقته بالآخر أولاً ؟!..
أهي ينار ؟!.. أم هو أخي ريكايل ؟!..
أيجب علي أن أسأله عن الأمر ؟!..
أم ان سؤالي قد يعيد له ذكرى أليمة يتمنى أن ينساها ؟!..
.................................................. ...........
مضى شهر و نصف بهدوء تام دون أي معوقات ..!
لقد كان شهراً هادئاً و الأمور فيه روتينية تماماً ..!
ميراي و هاري باتا يخرجان معاً من فترة لأخرى .. أن علاقتهما تتطور للأفضل ..!
ليونيل و كيت يعيشان يومهما المعتاد في منزلنا .. و تلك الأخيرة لم تغير علاقتها مع أخيها أطلاقاً ..!
لم أرى السيد مارك طيلة تلك الفترة .. و قد كان ليو يذهب لزيارته أحياناً ..!
لا شيء جديد في المدرسة أيضاً .. أصدقائي يعيشون أيامهم ببساطة ..!
يوجين لا يزال ينظر إلي بتلك النظرات و يلقي علي بعض الكلمات أحياناً ..!
ينار و ريكايل باتا يتعاملان بطريقة طبيعية تماماً معاً و هذا ما جعلني أتراجع عن سؤال ريكايل بشأنها فيبدو لي أنها قصة قديمة لا يريد تذكرها ..!
ماكس و سام و كذلك ايثن بالحال نفسها لم يتغيروا ..!
ريا كذلك لكني بت أشعر براحة أكبر بالتعامل معها متجاهلاً يوجين الذي لا زال يحذرني من الاقتراب منها ..!
الشتاء وصل لنهايته و سيبدأ الربيع قريباً ..!
قررت مع رايل أن نبدأ بالعمل في الفترة القادمة .. فعلينا أن نتوقف عن الاعتماد على ما تركته لنا أمي إلينا من مال لأنه سينتهي يوماً ما ..!
قال ريكايل أنه سيجد لنا عملاً من خلال خبرته في هذا المجال .. و أرجوا أن ينجح قريباً رغم أني متوتر للغاية من هذه الفكرة ..!
بيير سيأتي قريباً .. ربما خلال الأسبوعين القادمين .. و ريكايل متحمس جداً للقائه ..!
.................................................. .
كنا نجلس في سطح المدرسة كالعادة وقت الاستراحة نتناول الافطار و هذه المرة كانت ينار معنا ..!
نظرت إليها سام بحماس و سألتها : هيه ينار .. ما أخبار منزلك الجديد .. هل حفظتي أركانه ؟!..
بدا عليها التوتر وهي تقول : في الحقيقة .. أنه أكبر من أن أحفظه في فترة وجيزة ..! لم أعتقد أن والدي اشترا قصراً كبيراً كهذا القصر ..!
باستغراب سأل ماكس : حقاً ؟!.. أهو كبير لهذه الدرجة ؟!.. لقد انتقلت أليه منذ اسبوعين !!..
تنهدت بتعب عندها : كيف أصف هذا ؟!.. لقد ضعت فيه في احدا المرات ..! ثم أخذت وقتاً لأحفظ مكان غرفتي ..!
هتفت سام بحماس : أريد رؤيته ينار ..! سآتي معك بعد المدرسة اليوم أن لم يكن هناك مشكلة ..!
بسرعة اشتعل الحماس في ماكس : أنا أيضاً ..! ريا ما رأيك أن تأتي كذلك ؟!..
بدا التوتر على تلك الأخيرة : ماذا ؟!.. توقفا .. لا يجب أن نتطفل على منزلها هكذا ..!
لكن تلك الينار ابتسمت بمرح وهي تقول : سيكون أمراً رائعاً ..! ما رأيكم بالقدوم جميعاً ؟!.. ان الطاهي الذي عينه والدي ماهر في صنع الحلوى ..! يجب أن تتذوقوا بعضاً منها ..!
بدا أن الفكرة راقت للجميع .. بالنسبة لي فلا أجد أي مشكلة في الأمر ..!
و هكذا قرر الجميع الذهاب إلى منزل ينار سويةً بعد المدرسة ..!
..................................................
اتصلت بليو و أخبرته أني و رايل مدعوان عند أحد الأصدقاء و أننا لن نأتي لتناول الغداء ..!
أرجوا أن لا يتشاجر مع كيت في غيابنا ..!
بعد نهاية اليوم الدراسي سرنا سويةً ناحية بوابة المدرسة حيث اتصلت ينار بالسائق كي يحضر سيارة كبيرة ..!
يبدو لي ان والدها شخص ثري بما أنه يملك أكثر من سيارة ..!
لم تمض مدة قبل أن تتوقف سيارة ليموزين سوداء كبيرة أمامنا .. لا أخفي عليكم أنها أبهرت الجميع : تفضلوا ..!
كانت هذه كلمة ابنة السيد وهي تشير إلى الباب الذي فتحه السائق و تلقائياً بدأ الجميع بالصعود إليها حيث كانت المقاعد متقابلة من الداخل ..!
أخذ ايثن ينظر حوله للحظات : أنت ثرية بالفعل ينار ..!
ابتسمت له بهدوء : والدي هو الثري و لست أنا ..!
ببساطة قلت : لكنك سترثينه فيما بعد .. لذا لم يخطأ أيثن حين قال أنك ثرية ..!
طأطأت رأسها عندها بهدوء : لست مهتماً حقاً بالمال ..! كل ما أريده هو أن أكون مع ابي لذا انتقلت للعيش عنده ..! في السابق كان يعيش في شقة فاخرة فقد كان يعمل في احدا الشركات الكبيرة لذا لم استطع العيش معه ..! لكن بعد أن اسس شركته الخاصة و اشترى ذلك القصر دعاني للسكن معه فلم أكن لأرفض ..!
بتعجب سأل ماكس : غريب أن والدك لم يتزوج رغم أنه انفصل عن والدتك منذ زمن ..!
بدت عليها الحيرة وهي تقول : كلامك صحيح .. لكنه لم يحدثني عن هذا الأمر ..! و في الحقيقة لا أتجرأ على سؤاله ..!
بقي الجميع يتبادل الحديث حول ينار وولدها .. لكني و ريك كنا الوحيدين الصامتين ..!
مضت بضع دقائق قبل ان التفت إلى النافذة لتتسع عيناي أثر تلك المناظر ..!
هذه المنطقة ليست غريبة علي أطلاقاً : ريكايل ..!
هكذا همست فالتفت ناحيتي بهدوء : ماذا ؟!..
- أنظر من النافذة ..!
القى نظرة للحظات قبل أن يهمس باستنكار : أليست هذه المنطقة التي كنت تعيش فيها ؟!.. أيعقل أنها تسكن في هذه المنطقة الفاخرة ؟!..
بتوتر قلت : لا أعلم .. لكني مصدوم بالفعل .. فلا أحد يعيش فيها غير النبلاء و الأثرياء ..! كيف لفتاة مثلها أن تسكن في احد القصور هنا ؟!.. حتى أصغر قصر هو ملك لأحدى أكبر الأسر النبيلة ..!
أجل .. هذه المنطقة الفاخرة من باريس .. حيث تلك القصور التي تتباها بمساحاتها الواسعة و حدائقها الخلابة ..!
انه مكان النبلاء و الأثرياء ..!
مارسنلي .. رافالي .. ديمتري .. مردستن .. روبرتون .. برايان .. دايفيرو .. و الكثير من الأسر الأخرى ذات الصيت الواسع في البلاد ..!
إن لوالد ينار جرأة كبيرة لتفكيره بأن يزاحم هؤلاء القوم في أرضهم !!..
مضى بعض الوقت قبل أن تقول ينار : لقد اقتربنا ..!
نظرت مجدداً لأصدم أكثر بأننا بتنا قريبين من المكان الذي به قصر مارسنلي حيث توجد أكبر القصور في هذه المنطقة ..!
شعرت بالتوتر أكثر .. لقد نشأت في هذا المكان .. و ها أنا أعود إليه مجدداً ..!
بلا شعور همست : ريكايل .. أشعر بالخوف ..!
نظر إلي باستغراب : لما ؟!..
- الا ترا ؟!.. نحن قريبون من القصر ..!
- أعلم .. لكن ليس عليك أن تقلق ..! والد ينار يبدو حديث عهد بهذا المكان .. و لن يتعرف إليك بسرعة ان رآك ..!
رغم ذلك كنت متوتراً بالعفل .. الأمر لا يتعلق بمن سيعرفني أم لا .. بل هو بأني .. بأني لا أريد العودة إلى هنا !!..
لقد تركت هذا المكان بطريقة مؤلمة .. لذا لا أريد حتى زيارته الآن !!..
- لينك .. تبدو شاحباً ..!
نظرت إلى ريا التي كانت أمامي تنظر إلي باستغراب : أأنت مريض ؟!.. أن وجهك مصفر ..!
التفت إلى إيثن عندها و قد بدأ الجميع بالتحديق بي و قد اصطنعت ابتسامة على الفور : لا شيء ..! أشعر بالدوار فقط ..!
أغمضت عيني للحظات .. لينك أهدأ .. يستحيل أن تطلب منهم إيقاف السيارة لتنزل الآن و تهرب من المكان .. أنها مجرد زيارة قصيرة ثم ستعود لتلك الشقة الصغيرة التي تعيش فيها مع أربعة أشخاص طيلة الوقت ..!
عالم الرفاهية هذا .. لم يعد لي مكان به ..!
لقد طردني بقسوة .. لذا لا يمكنني أن أعود له ..!
- ها هو القصر ..!
- واااااو أنه أكبر مما توقعت بكثير !!..
- هذا مذهل ينار !!.. انه أكبر من منزلي بعشرين مرة ..!
- لا ألومك على الضياع في هذا المكان الكبير .. أنه كالمراكز التجارية ..!
كانت هذه تعليقات الجميع بشأن قصرها .. لكني لم أنظر إليه بعد : لينك .. أنظر ..!
كان هذا همس ريكايل المصدوم الذي أرعبني فلم يكن مني إلا أن رفعت رأسي لأتشنج من هول الصدمة !!..
لقد تجاوزنا البوابة الآن .. لقد دخلنا إلى قصر ينار ..!
لا .. أن هذا القصر .. قصري أنا !!!!!..
أجل !!!.. أنه قصري !!.. قصر جاستن و إلينا !!.. قصر أمي و أبي !!.. قصر مارسنلي !!!..
أهذا حقيقي ؟!!.. منزل ينار الآن هو ذاته قصر مارسنلي الكبير في السابق ؟!!!..
هل أعادتني إلى منزلي بهذه الطريقة ؟!..
توقفت السيارة أمام البوابة فبدأ الجميع بالنزول بعد أن فتح السائق الباب ..!
أما أنا فلم أتحرك من مكاني و قد وصل التوتر إلي رقم المئة حتى بدت ضربات قلبي مسموعة لي ..!
- لينك .. ألن تنزل ؟!..
كان هذا ماكس الذي سأل باستغراب ..!
كيف أنزل ؟!.. كيف يريدني أن أعود إلى هنا ببساطة ؟!..
لقد تم طردي من هذا المكان !!..
لقد تم جري كالكلاب الضالة في آخر الليالي إلى خارج هذا القصر !!..
لقد سرق مني منزلي ببساطة !!..
كيف أدخله الآن كهذا ؟!!..
شعرت بأحدهم يمسك بيدي و يضغط عليها بشدة فلم يكن مني ألا أن فعلت المثل .. انه ريكايل الذي همس لي بقلق و هدوء : أفهم ما تشعر به الآن يا أخي ..! لكن عليك ألا تثير شكهم ..! لذا لننزل الآن ..!
رفعت رأسي أليه و ملامح وجهي قد كساها الألم .. ابتسم لي بهدوء : هيا ..!
لم أقل شيئاً بل و قفت معه و نزلنا من السيارة ..!
في اللحظة التي خطيت فيها الأرض شعرت و كأن قلبي انتزع من مكانه ..!
أهذا ما يسمى الحنين للماضي ؟!..
نظرت حولي للحظات لأجد أن كل شيء كما كان .. لم يتغير !!..
ذلك الأدريان الحقير !!.. واثق أنه باع هذا القصر الرائع بسعر زهيد !!.. أنه يحاول التخلص من كل شيء يخص مارسنلي !!..
سار الجميع ناحية البوابة و أنا من خلفهم ..!
لا أصدق أني هنا مجدداً .. و كأنه حلم !!..
و حين دخلنا من تلك البوابة سمعت حالاً صوتاً في رأسي ..!
(( أهلاً بعودتك سيد مارسنلي ..! والدتك في المكتب تعمل ..! هل أخبرها بعودتك ؟!.. ))
انه صوت جيسكا ..!
أجل .. لقد اعتدت سماع هذا منها كلما عدت إلى منزلي ..!
لكني الآن .. مجرد ضيف !!..
نظرت حولي للحظات .. ذلك الطريق هو المؤدي لمكتب والدتي .. حين أذهب إلى هناك أراها غارقة بين الأوراق و الملفات .. لكن فور أن أدخل تترك ما بيدها و تلتفت إلي ..!
الدرج أمامي و المصعد كذلك .. كم مرة استعملتهما ذهاباً و عودةً إلى غرفتي ؟!..
و من هناك الباب المؤدي للحديقة الخلفية حيث تجلس أمي لشرب الشاي في أيام الربيع .. و احياناً تكون الخالة كاثرن معها ..!
و هنا .. و هنا و هناك .. و في كل مكان ..!
لكل مكان ذكرى مع أمي .. في كل زاوية أرى طيفها ..!
أشعر بالاختناق حقاً ..!
ما هذا الألم الذي بدأ يعشعش في صدري ..!
أشعر و كأن سندان بوزن عشرة أطنان يطبق على قلبي ..!
أي حرقة و حسرة هذه ؟!..
شعوري حين دخولي لهذا القصر .. مطابق لشعوري حين طردت منه في أنصاف الليالي !!..
اشارت ينار إلى غرفة الجلوس : تفضلوا إلى هنا ..!
كان الجميع يثنون على روعة هذا المكان و كأنه قلعة في حكاية ..!
لكني لم أكن أفهم ما يقولون بالضبط .. فأفكاري باتت مشوشة تماماً ..!
حين دخلت إلى غرفة الجلوس ..!
كنت أرى أطيافاً تجلس هنا و هناك ..!
أمي و الخالة كاثرن تحتسين القهوة مع العم رونالد .. دايمن يجلس من جهة أخرى يدخل في نقاشهم أحياناً فيخبره والده بأن عليه ألا يدخل لأنه لا يزال صغيراً على فهم موضوعهم .. تضحك عليه ليندا وهي تقول بأنه أغبى من أن يبدي رأيه في موضوع كهذا .. ميرال تركض عندها إلى أمي إلينا و ترتمي في حضنها لتخبرها بأن الكعكة التي أعدها الطاهي لذيذة و أنا ترغب في قطعة أخرى .. و حين أدخل أنا تنظر إلي آندي و تعاتبني على تأخري فأجيبها بملل أني تأخرت عمداً كي لا أقضي وقتاً طويلاً معها .. و بعدها بقليل تدخل جيسكا لتقول بأن مائدة العشاء جاهزة و أنه علينا التوجه لغرفة الطعام ..!
تلك الأيام .. و تلك الذكريات .. باتت مستحيلة الآن !!..
- أنها جميلة ..!
التفت الجميع ناحية سام التي قالت هذا و هي تحدق بشيء على طاولة بجانب تلك الأريكة ..!
تقدمت ريا و نظرت لتقول بابتسامة : صحيح .. أنها رائعة الجمال .. من هي يا ينار ؟!..
أجابتهم بابتسامة هادئة : لا أعلم تماماً .. لكن والدي أخبرني بأن صورتها موجودة حين اشترى المنزل .. و لم يبعدها لأنها تعطي منظراً جميلاً على الغرفة ..!
ايثن أيضاً نظر اليها بابتسامة : أنه محق .. فابتسامتها تشعر من يراها بالراحة .. واضح أنها سيدة عطوفة و رائعة ..!
تلك المواصفات .. و تلك المشاعر اتجاه الصورة مألوفة لدي ..!
بلا شعور سرت ناحيتهم و تجاوزتهم لألقي نظرة على تلك الصورة التي كانت داخل أطار كبير فوق الطاولة ..!
اتسعت عيناي و ارتفعت انفاسي .. لم أتمالك نفسي فالتقطتها و جلست على الأريكة بلا شعور لأحدق بتلك الصورة ..!
حيث تلك المرأة الشقراء تقف قرب تلك الشجرة الكبيرة و تحتضن من الخلف فتاً يبدو في السادسة عشر ذو شعر أشقر و وجه قد تم طمسه بقلم حبر أسود ..!
أنا لم أعر وجهي الذي طمس أي اهتمام .. بل كل اهتمامي انصب على تلك التي كانت تقف و تحتضنني من الخلف و على وجهها تلك الابتسامة التي لطالما انارت دربي ..!
رفعت يدي التي بدأت ترتجف و لامست بأطرافها تلك الصورة ..!
أمي .. لقد مضى زمن طويل ..!
أنهما شهران .. أجل فلقاءنا الأخير كان منذ شهرين !!..
في ذلك اليوم .. حين القيت عليك تحية الصباح .. و اخبرتك أن عليك التوقف عن العمل فأخبرتني أنك ستفعلين قريباً و أنك ستأخذين إجازة لنذهب لمنزلنا الشتوي سويةً ..!
قلتي لي " وداعاً " حينها !!.. ذلك الوداع الذي لن أنساه طيلة حياتي ..!
سيبقى صوتك و أنت تنطقين بتلك الكلمة يدور في ذهني .. آخر كلمة سمعتها منك ..!
ما الذي يجري لي ؟!.. أشعر أني أختنق ..! لا يجب علي أن أضعف أمامهم الآن ..!
علي أن أسيطر على نفسي أكثر ..!
- ماذا ماذا ؟!.. يبدو أن لينك أغرم بهذه السيدة ..!
هذا ما قاله ماكس بسخرية لكني لا استطيع حتى الرد عليه .. فأنا بالفعل مغرم بهذه المرأة ..!
المرأة التي فعلت كل شيء لأجلي و أحبتني أكثر من العالم بأسره ..!
تلك الأم التي لا يمكن أن يكون لها مثيل .. الشخص الأقرب إلى قلبي من أي شخص آخر و حتى من أخي التوأم ريكايل !!..
لكنها .. لم تعد موجودة في هذا العالم ..!
ربت أحدهم على كتفي و همس لي : لينك .. تمالك نفسك أرجوك .. أعلم بأنك تتمزق من الداخل و أنا لا ألومك .. لكن ليس أمامهم على الأقل ..!
ماذا تريدني أن أفعل ريكايل ؟!.. أتعتقد أن كتم مشاعري الآن سهل و أن علي بذل المزيد ؟!..
أني أكاد أنفجر الآن و لم أعد أحتمل ..!
علي أن أفعل شيئاً ..!
بسرعة أعدت الصورة لمكانها و وقفت : سأذهب لدورة المياه ..!
قلت هذا و سرت مغادراً الغرفة إلا أن ينار أسرعت لتقول : ستجدها بالقرب من هنا قبل نهاية الردهة ..!
أعلم .. ليست دورة المياه فقط ..! بل كل شبر في هذا المنزل .. أعرفه كما أعرف تفاصيل حياتي و احرف أسمي ..!
اتجهت لدورة المياه حالاً لكني لم أدخل أليها .. لقد كان هناك ممر صغير يحتوي على ثلاث مغاسل قبل باب دورة المياه ..!
هناك استدنت إلى الجدار و انهرت أرضاً .. بالكاد تمكنت من الوقوف و السير إلى هنا أصلاً ..!
كيف تمكنت من التماسك ؟!.. لا أعلم لكني أهنأ نفسي على هذا ..!
لقد طردت من هنا .. ثم عدت من جديد لأجد أن كل شيء كما هو .. لا يوجد قطعة أثاث تغيرت من مكانها ..!
حتى صورتي مع والدتي لا تزال هناك ..!
أمي إلينا .. ليتك ترين ما حل بي !!.. كل ما احتاجه الآن هو النوم في حضنك و لو لدقائق فقط .. ذلك سينسيني كل هذا العذاب ..!
لحظتها بكيت !!.. بل انهرت باكياً و لم استطع كتمه أكثر !!..
أي ألم هذا ؟!.. لا أصدق أني الآن في هذا الموقف !!..
لا شك أنه حلم !!.. أجل حلم !!.. بل كابوس مرعب !!...
أنا الآن مجرد ضيف هنا !!..
المنزل الذي تربيت بين أركانه لم يعد لي !!.. لقد صار لشخص آخر ..!
لقد سلب مني بالقوة !!..
غرفتي في الأعلى .. و غرفة أمي كذلك .. مكتبها هناك .. تلك الحديقة الخلفية التي لعبت فيها كثيراً و أنا أسمعها تقول بقلق " لينك أحذر كي لا تسقط " !!..
لكني حين أقع أرضاً تهرع إلي و تمسح الدموع التي تجمعت في عيني ثم تحتضنني وهي تقول " يا إلهي .. حبيبي هل أصبت بأذى ؟!.. كان عليك أن تكون أكثر حذراً ..! "
أريد أن تعود تلك الأيام !!.. أريد أن أكون معها فقط !!.. لا يهمني أي شخص آخر !!..
شعرت بأحدهم يربت على كتفي فرفعت رأسي عندها إليه .. كان متفاجئاً نوعاً ما : لينك .. أأنت .. تبكي ؟!..
بلا شعور تمتمت : و ما الذي تتوقعه غير هذا ؟!.. أتنتظر مني أن أضحك و أقفز فرحاً بدخولي لهذا المنزل مرة أخرى ؟!.. هل نسيت كيف تم طردي منه و رمي في الشارع كالمتشردين ؟!.. هل نسيت أن هذا حدث بعد أيام قليلة من وفاة أمي إلينا ؟!.. أني أرى طيفها في كل مكان ريكايل !!.. أشعر بالألم !!.. أنه مؤلم و كأن سكينة تمزق قلبي ..! و كأن حبلاً يلتف حول رقبتي !!.. أنه مؤلم ريكايل ..!
احتضنني عندها و أخذ يمسح على رأسي بهدوء مما جعلني أهدأ قليلاً : آسف لينك ..! لم أعلم بأنه بتلك الصعوبة ..! أنا أدرك أن ذكرياتك في هذا المكان تشعرك بحنين قاتل إليه ..! أعلم أنه يذكرك بالسيدة ألينا ..! لكني لم أعلم بأنه سيجعلك تعاني كهذا ..!
لم أقل شيئاً بل هدأت و قد توقفت عن البكاء أخيراً فابتعد عني بهدوء : أغسل وجهك الآن و عد إلى غرفة الجلوس .. الجميع بدأ يقلق عليك ..! لقد ذهبت ينار لأخبار الطاهي بأن يعد الحلوى .. حاول أن تصمد قليلاً أخي ..! أرجوك ..!
أومأت إيجاباً بعدم اقتناع .. لكن أنا لا أملك حلاً آخر لفعله الآن ..!
سبقني رايل عائداً للغرفة بينما وقفت لأنظر لنفسي في المرآة و أرى وجهي المحمر من أثار البكاء ..!
في الماضي .. كنت أرى هذا المنظر على وجهي دوماً بمجرد تذكر أليس .. لكن رؤية والدتي كانت تريحني و تنسيني ذلك الألم ..!
لكن الآن .. أنقلب الحال و باتت ذكرى والدتي هي أكثر ما يؤلمني ..!
غسلت وجهي بالماء البارد عندها ثم جففته بالمناديل الورقية ..!
و ما إن سرت خطوتين لأعود لغرفة الجلوس : أهلاً بعودتك سيدي ..!
توقفت في مكاني حين سمعت تلك النبرة المحترمة من احدا الخادمات .. هل عاد والد ينار يا ترى ؟!..
توقفت في مكاني حين سمعت تلك النبرة المحترمة من احدا الخادمات .. هل عاد والد ينار يا ترى ؟!..
ليس من الجيد الخروج الآن حتى لا يراني و يسألني عن نفسي و سبب وجودي هنا ..!
- أبي .. أهلاً بعودتك ..!
كانت هذه نبرة ينار السعيدة لأسمع بعدها والدها الذي بدت السعادة في صوته هو الآخر : أهلاً حبيبتي ..! أرجوا أن لا أكون قد تأخرت عليك ..!
.
.
ذلك الصوت !!..
.
.
اتسعت عيناي بذهول .. ذلك الصوت !!..
.
.
اسرعت لأنظر من زاوية ذلك الممر ناحية البوابة الداخلية .. و في تلك الردهة رأيت ذلك العناق الحار بين الأب و ابنته ..!
أو لنقل .. بين ذلك الحقير و ابنته !!!..
.
.
أيعقل ؟!!!!!..
أهو نفسه أم أني أتخيل ؟؟!!..
مستحيل !!.. هو لم يكن له أبناء !!..
.
.
أجل أنا واثق بأنه لم يكن متزوجاً إطلاقاً و ليس لديه أية أبناء !!!!!..
لكن .. أنه هو .. يستحيل أن أخطأ به !!..
أدريان سميث !!.. ذلك الخائن !!..
.
.
ها هو أمامي من جديد !!.. يحتضن تلك الفتاة و يضحك في وجهها !!..
أيجرأ على الضحك بعد ما فعله بي ؟!!.. أيجرأ على الشعور بالسعادة بعدما جعل والدتي تموت و هي في قمة الحزن و الأسى ؟!!..
ذلك الحقير !!!!!!..
شعرت بارتخاء في ركبتي فسقطت أرضاً ..!
ما هذا الذي أشعر به ؟!.. أهو خوف ؟!..
أجل .. أشعر بالرعب !!..
كيف بات أدريان يرعبني الآن !!.. هل لأنه طردني من منزلي ؟!!..
هل لأنه شردي و سلبني ثروتي ؟!..
.
(( بل أنت من سيخرج .. فهذا القصر .. صار ملكاً لي ..! ))
.
دارت تلك الجملة في رأسي .. آخر جملة خاطبني بها ..!
ذلك الخائن !!..
لا أعلم ؟!.. لكني أشعر بالتوتر لدرجة أني لا أجرأ على مقابلته الآن !!..
يجب أن لا يراني !!.. أجل يجب أن لا يراني !!..
- لقد جاء أصدقائي إلى هنا .. ما رأيك في الجلوس معنا قليلاً ؟!..
- حقاً ؟!.. يسعدني رؤية أصدقائك عزيزتي ينار ..! حسناً .. سأبدل ملابس العمل و أنضم إليكم ..!
- أنا واثقة أنك ستحبهم و هم كذلك ..!
- أتمنى هذا ..! فهم اصدقاء ابنتي الوحيدة في النهاية ..!
أيكذب أم ماذا ؟!..
كيف صار له ابنة فجأة ؟!..
من المستحيل أنه قد تزوج دون أن نعلم !!..
أيعقل أنها ليست أبنته ؟!..
لينك هذه لست المسألة الآن !!.. هذا الرجل يخطط لرؤية أصدقائها و تبعاً لهذا سيراني و يرى ريكايل كذلك !!..
يستحيل أن أسمح بهذا !!..
عادت الفتاة ناحية المطبخ بينما سار هو ناحية المصعد ..!
لا أخفي عليكم أنه لو التفت قليلاً لتمكن من رؤيتي .. و لكن الحظ حالفني هذه المرة !!..
قدماي مرتخيتان تماماً من شدة التوتر و القلق .. لكن هذا ليس وقت الجلوس هنا !!..
وقفت عندها و أنا استند للجدار .. أشعر بالتعب بسبب المجهود النفسي الذي بذلته ..!
علي أن أسرع قبل أن يعود ذلك الحقير إلى هنا و يراني !!..
وصلت لغرفة الجلوس عندها لأجدهم جميعاً جالسين يتحدثون إلا انهم صمتوا و التفتوا إلي في الحال ..!
تقدمت بضع خطوات و أنا أقول : أعذروني .. لا أشعر أني بخير ..! سأغادر الآن ..! هيا بنا ريكايل ..!
بدا عليهم القلق عندها لكن ايثن قال بهدوء : أنك شاحب بالفعل لينك .. تأكد من أن ترتاح جيداً ..!
أومأت موافقاً فوقف رايل عندها : حسناً .. لننتظر قليلاً حتى تعود ينار و نخبرها بمغادرتنا ..! ليس من اللائق أن نخرج فجأة ..!
بسرعة قلت : لا وقت لهذا ..! يا رفاق .. هلا أخبرتم ينار باعتذارنا الشديد ..! سنغادر الآن ..!
تقدمت بضع خطوات و أمسكت بيد رايل اسحبه خلفي .. أخشى أن يقف في مكانه لوقت أطول إن لم أفعل هذا ..!
خرجنا من القصر بأكمله دون نطق حرف و حين بدأنا السير في الشارع وضعت قبعة معطفي على رأسي حتى تقلل من احتمالية التعرف إلي .. لا أعلم من قد يراني في هذه المنطقة ..!
- إلى أين نحن ذاهبان ؟؟!..
- إلى المنزل بالطبع ..!
- لينك أنت لا تبدو بخير .. هل أثر فيك الأمر لهذه الدرجة ..!
- أنا بخير .. لا تقلق ..!
- إذاً لما غادرنا بهذه السرعة ؟!.. أعتقد أن هذا قد يفتح باباً للشك إضافة لتصرفاتك الغريبة ..!
توقفت عندها بتوتر .. هل أخبره بأن سبب مغادرتي الحقيقي هو أن أدريان لا يزال هناك ؟!..
هل يجب أن يعلم بأن أدريان هو صاحب هذا القصر الآن ؟!..
لا !!.. لا يجب أن يعلم !!.. لأنه إن علم فسيعرف أن ينار هي ابنة أدريان !!..
لا أريده أن يعلم بشأن هذا ..!
أنه يحب ينار !!.. أجل أنا واثق أنه أحبها في الماضي و لا يزال يحبها !!..
لذا لن أخبره بهذا حتى لا أسبب له المشاكل معها : لم أكن سأحتمل البقاء في ذلك المكان أكثر ..! ها هو السبب لا غير !!.. لنذهب لأقرب محطة حافلات الآن ..!
بدا أن حجتي كانت مقنعة لذا لم يسأل أكثر ..!
أي مصيبة جديدة هذه التي ظهرت لي ؟!..
.................................................
الساعة هي الثانية بعد منتصف الليل .. لكنني لم استطع النوم ..!
ها أنا استلقي في فراشي احاول أن اخذ قسطاً من الراحة لكن هذا مستحيل ..!
ريك نائم و كذلك ليو .. كيت أيضاً عادة لمنزلها منذ مدة ..!
ما طرد النوم من رأسي هو تلك الأفكار ..!
الكثير من الأمور أخذت تدور في ذهني .. اشعر بالإحباط ..!
لم أعتقد أن رؤية منزلي ستجعلني أنهار هكذا ..! لكن هذا طبيعي فذلك كان مكان الدائم و ملجئي الأول ..!
لكني اليوم كنت مجرد ضيف لا يمكنه التجول بحرية في المكان ..!
حتى في السنوات التي عشتها في ادنبره .. كنت أعود إليه في كل عطلة ..!
أشعر أن رأسي فارغ و لا يحتوي إلا على ذكريات لي فيه ..!
أمي .. أبي .. جيسكا .. و أنا .. المكان الأهم بالنسبة لنا هو ذلك القصر ..!
لقد رحلوا جميعاً و تركوني وحدي فيه .. و لكن تم رمي خارجه بعنف و لم استطع اكمال حياتي في المكان الوحيد الذي يجمعني بأسرتي ..!
حتى ريكايل .. لقد عرفته في ذلك المنزل .. تشاجرنا كثيراً فيه ثم صرنا صديقين داخل أسواره ..!
اغمضت عيني عندها .. هذا لن يغير شيئاً من الحقيقة ..!
فأنا لم أعد هناك .. لقد أخذت ينار مكاني فيه ..!
أجل .. ربما تكون في غرفتي الآن !!.. فهي احدا أفضل ثلاث غرف ..!
أو ربما غرفة أمي ..!
لا اعتقد أنها غرفة جيسكا فتلك العجوز قد صممت غرفتها بطريقة قديمة تناهز عمرها ..!
اتساءل منذ متى صار لأدريان ابنة جميلة كهذه ؟!.. أنها في مثل عمري وهذا يعني أنه قد تزوج منذ مدة طويلة ..!
ربما قام بتبنيها ؟!..
لكني اعتقد أن ماكس ذكر أمر انفصال والديها منذ زمن ..!
رغم ذلك مستحيل أن أمي إلينا لا تعلم بهذا الشأن ..!
هل كانت تعلم و لكنها لم تخبرني يا ترى ؟!..
بالحكم على شخصيتها العطوفة فهي كانت ستجعل ابنة ادريان في مقام ابنتها و تدللها أيضاً ..! هذا يعني أنها لم تكن تعلم ..!
بدأت اشعر بالصداع ..!
ليذهب ذلك الحقير و ابنته للجحيم !!.. لقد دمرا حياتي !!..
لكن .. ما ذنب ينار ؟!..
أكاد أقسم أنها لا تعلم شيئاً !!.. فهي حتى لا تعرف أن صاحبة تلك الصورة هي الينا مارسنلي ..! كما أنها لم تذكر اسم مارسنلي مطلقاً و كأنها لا تعرفه ..!
أجل .. لاشك أنها بريئة من كل أعمال والدها ..!
لكن لحظة .. أنها ابنة أدريان سميث !!..
أليس هذا ذنباً بحد ذاته ؟!!..
توقف لينك !!.. لا تدع شيطانك يسيطر عليك !!..
تلك الفتاة هي صديقة ريكايل !!.. أنها الفتاة التي أحبها أخوك الأصغر ذات يوم ..!
على الأقل لا تكرهها لأجله !!..
أجل .. يبدو أني سأقنع نفسي ببراءتها وحسب !!..
..................................................
انتهى البارت ^^

حسناً .. كأني أرى أنه قصير بعض الشيء ؟!..

عموماً دعنا من هذا .. لقد ظهر الشرير مجدداً مما جعلني أعتقد أنه طويل ^^ ..!

............................................
الأسئلة

ليو قرر السكن عن الأخوين .. هل سيسبب هذا بعض المشاكل ؟!..

السيد مارك بدأ بالشك الفعلي أيمكن أن يكتشف شيئاً ؟!..

ميدالية
ينار و ريكايل تبدو مهمة لهما .. فما قصتها ؟!..

و الأهم من هذا كله .. ظهر
أدريان مجدداً .. ما ردة فعلكم ؟!..

و ماحقيقة
ينار ؟!.. أهي ابنته حقاً ؟!..

ماذا عن
ريكايل ؟!.. هل يعرف شيئاً بهذا الشأن ؟!..

ايمكن أن يكتشف
ادريان بأن لينك على مقربة من أبنته الوحيدة ؟!..

..............


المقتطفات ..!

...

ربما علي أن أجاريه : حقاً ؟!.. لم أعلم أنك من هذا النوع حضرة الرئيس ..! هل كنت ترجوا أنك ولدت في احضان الطبقة المخملية ؟!..

...

كانت على وجه علامات البشر و السعادة : العمل .. لقد عثرت على عمل !!..

...

لم اكد التفت حتى انزلقت الصينية من يدي لتسقط على الأرض و تحدث دماراً هائلاً مصاحباً لضجة تكسر الكاس و الكوب !!..

...

ابتسمت بنوع من السخرية على نفسي : ربما كان يجب أن تكون أنت الأكبر ريكايل ..!

...

ابتسمت عندها : ألن ترحب بالزبون أيها النادل ؟!..

...

حدق في بجد : عموماً إما العزف أو الموت !!..

...

ابتسم لي : اطمئن ..! لقد بدت غير غاضبة اليوم ..! أن مزاجها جيد لذا عليك استغلال هذا ..!

...

هتف ماكس بصدمة : أأنت رفيقة لينك ؟!!!!.. الأحمق له رفيقة و أنا ليس لدي !!!!..

...

استدركت شيئاً عندها : هل التقيت بماثيو أنت أيضاً ؟!..

...

وقفت حينها منزعجاً : أنت لم تعطني فرصةً بعد ..! خذي الخاتم مجدداً ..!

...

و قبل ان تغلق الباب ركضت بلا شعور و امسكت به مما جعلها تلتفت الي بسرعة و قد لحظت الدموع في مقلتيها الرماديتين لحظتها ..!

...

بينما قربت تلك المرأة المقرفة رأسها من رأسي و هي تقول بنبرة سقيمة : لما لا تنظم لحفلتنا أيها الوسيم ..! ستحب اصدقائي و أنا أثق انهم سيحبونك أيضاً ..!

...

لكني عندها ربت على رأسها و همست بجدية و قد قررت ان احمل جزءاً من هذا العبء عنها : اطمئني ريا .. أنا لن أتركك لهم !!.. مهما حدث ..!

..........................................

هذا ما لدي اليوم ..!

أرجوا ان يكون البارت قد أعجبكم ^^ ..!

في حفظ الله و رعايته ..!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-13, 06:14 AM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25

- part 8 -

دخلت إلى الصف و أنا أشعر بالإرهاق فأنا لم أتمكن من النوم ليلة البارحة ..!
كان ايثن أول شخص قابلته و قد نظر إلي بقلق : صباح الخير لينك .. لا تبدو بخير ..!
ابتسمت له بهدوء : صباح الخير مجرد ارهاق بسيط ..!
- وجهك شاحب .. كان عليك أن لا تأتي للمدرسة ..!
- انه امر لا يستحق أن أتغيب لأجله ..!
سرت ناحية مقعدي و تركت حقيبتي فوق الطاولة و هناك ربت على كتفي فالتفتت إليه لأجد نظراته الجادة تحدق بي : لقد كنت بخير في الأمس .. لكنك بدأت بالارتجاف فجأة منذ رأيت تلك الصورة .. أهناك شيء ما لينك ؟!..
شعرت بالتوتر لحظتها لكني قلت بهدوء : لا شيء حقاً .. أنها فقط تذكرني بشخص أعرفه ..!
قطب حاجبيه باستغراب : فقط ؟!..
ابتسمت له عندها : تتذكر حين أخبرتك أني عشت في ادنبره لفترة .. تلك السيدة تشبه المرأة التي اعتنت بي هناك .. لذا شعرت بالحنين لأن تلك المرأة كانت طيبة و لطيفة كثيراً معي ..!
ابتسم عندها : هكذا إذاً .. لا يمكنني أن ألومك إن كان الأمر هكذا ..! عموماً إن كان هناك شيء فلا تخفي الأمر عني .. نحن صديقان في النهاية ..!
صديقان ؟!.. تلك العبارة التي قالها كانت ذات تأثير عميق بالنسبة لي ..!
رغم أن ايثن لا يعرف شيئاً عني .. و لا عن مارسنلي فهو يستمر بمناداتي بالصديق طيلة الوقت ..!
اعتقد أن الأصدقاء الحقيقين هم من أمثاله .. انهم الأشخاص الذي يمكنك الثقة بهم دائماً ..!
شكراً .. ايثن : بالتأكيد .. نحن أصدقاء ..!
اتسعت ابتسامته اللطيفة حينها مع رنين الجرس : حسناً .. سأعود لمكاني الآن ..! إن لم تكن بخير فعليك العودة لمنزلك ..!
أومأت موافقاً عندها فسار هو ناحية مقعده ..!
اتمنى حقاً أن يمر باقي يومي على خير ..!
.................................................. .....
كنت شارد الذهن أفكر ببعض الأمور التي ترهقني ..!
أنا لا أزال غير مستوعب أني رأيت أدريان بالأمس ..!
لقد كان الأمر كالحلم .. لا بل كالكابوس !!..
- براون .. كف عن الشرود و ركز في الدرس ..!
التفت للمعلم الذي قال هذا بانزعاج فأيقظني من أفكاري لأجيبه عندها : حاضر ..!
عاد إلى اللوح وهو يتمتم بكلمات لا أسمعها و كأنه ضجر فهذه المرة الثالثة التي ينبهني فيها ..!
مضت بضع دقائق قبل أن يرن الجرس معلناً بداية وقت الاستراحة ..!
خرج المعلم من الصف وهو يقول : ايثن .. خذ الدفاتر إلى غرفة هيئة التدريس ..!
خرج الطلاب خلفه فوراً فوقت الاستراحة قد بدأ .. ماكس أيضاً ذهب من أجل شراء الفطائر بينما سرت ناحية ايثن و أنا أقول بابتسامة : هل أساعدك ؟!..
التفت إلي و ابتسم : لا عليك .. أنه عملي بما أني رئيس الصف ..!
- رغم ذلك فأنا مصر على مساعدتك ..!
- لا بأس إذاً ..! هلا أخذت تلك الأوراق إلى مجلس الطلبة بينما احمل الدفاتر إلى غرفة هيئة التدريس ؟!..
- بالتأكيد ..!
قلت هذا تلقائياً إلا أني تذكرت بأن ذلك المكان هو وكر ذلك الشيطان يوجين ..!
عموماً لا يمكنني التراجع الآن ..!
حملت تلك الأوراق التي كانت على طاولة المعلم و سرت خارج الصف ناحية غرفة مجلس الطلبة التي في نهاية الممر ..!
حين وصلت إليها طرقت الباب طرقتين ثم فتحته ..!
كانت غرفة مجلس الطلبة تشبه إلى حد ما تصميم الصفوف و بها طاولة كبيرة مستطيلة في المنتصف حولها مجموعة من المقاعد .. و في زاوية يوجد طاولة صغيرة خلفها مقعد واحد و عليها جهاز حاسوب مكتبي ..!
انها بسيطة و عملية للغاية ..!
غرفة مجلس الطلبة في مدرسة مارسنلي لم تكن غرفة بالمسمى بل قسم مستقل في المدرسة يحتوي على مجموعة من الغرفة حيث في كل غرفة ثلاث مكاتب فاخرة للأعضاء بينما يحضا الرئيس و النائب بغرفة خاصة كبيرة و فاخرة كمكتب رئيس في شركة .. و قد كانت هناك غرفة للحواسيب كذلك ..! اعضاء المجلس كانوا يعاملون معاملة خاصة في تلك المدرسة أيضاً ..! أما هنا فمثلهم مثل بقية الطلاب ..!
انتبهت إلى ذلك الشخص الذي يجلس على رأس تلك الطاولة يقلب في ملف معه .. أنه رئيس هيئة الطلبة ..!
يوجين ..!
أخذت نفساً عميقاً ثم قلت : أين أضع هذه الأوراق ؟!..
رفع بصره ناحيتي للحظات دون أي تعبير : من أين أتيت بها ؟!..
تجاهلت نظرة الازدراء في عينيه : احضرتها نيابة عن ايثن ..!
وقف عندها و اتجه ناحيتي ثم أخذ احداها و نظر إليها قليلاً ليقول : ضعها على تلك الطاولة ..!
اشار إلى طاولة الحاسوب المكتبي فسرت لأضعها هناك و حينها سمعت : آه صحيح .. سمعت من ريا أنكم ذهبت لمنزل ينار بالأمس .. أنه قصر فاخر أليس كذلك ؟!..
تجمدت مكاني للحظات فأنا غير مرتاح لنبرته الماكرة .. رغم ذلك أجبته ببرود قبل أن ألتفت إليه : أجل .. أنه كبير للغاية ..!
التفت ناحيته عندها لأجد ابتسامة غرور على شفتيه و هو يقول : لقد كان ذلك القصر لأحدى الأسر النبيلة ..! لكنه بطريقة ما صار لوالد ينار .. هل سمعت بالأمر ؟!..
ما الذي يلمح له هذا الشيطان ؟!..
رغم ذلك كنت لا أزال اسيطر على اعصابي و برودي : حقاً ؟!.. لم تخبرنا ينار شيئاً بهذا الشأن ..!
سار ناحية مقعده مجدداً : طبيعي .. لأنها لا تعلم عن هذا الأمر كما يبدو !!.. لقد أفلست شركة مارسنلي و كل من في البلد يعلم هذا ..! و لكن هذا لا ينفي أنهم من النبلاء لذا كان بإمكان فردهم الأخير استعادة مكانته متى شاء بدل الاختفاء فجأة ..! كثير من الأثرياء يريدون شرف اسم اسرته بطرق كالزواج مثلاً ..! ذلك الفتى الأحمق .. لو كنت مكانه لبحثت عن فتاة جميلة من تلك الطبقة و تزوجت بها ..!
كنت لا أزال أحافظ على هدوئي الذي أكاد أفقده ..!
لما تطرق للحديث عن مارسنلي الآن ؟!.. أهو يتعمد هذا أم أنها مصادفة في سياق الحديث ؟!..
ربما علي أن أجاريه : حقاً ؟!.. لم أعلم أنك من هذا النوع حضرة الرئيس ..! هل كنت ترجوا أنك ولدت في احضان الطبقة المخملية ؟!..
لحظتها نظر إلي نظرة ماكرة ذات مغزى : ما رأيك ؟!.. أترى أنها مكان يستحق المرء العيش فيه ؟!..
أغمضت عيني بهدوء و تجاهلت تلميحاته هذه : و ما أدراني ؟!..
قبل أن أقول كلمة أخرى دخل احدهم بسرعة : يوجين .. أعضاء نادي كرة السلة يسألون عن ميزانية ناديهم و إن كان قد تم زيادتها أم لا ؟!..
انتبهت تلك الفتاة لي عندها فابتسمت : مرحباً لينك .. تبدو بخير اليوم على عكس الأمس و هذا رائع ..!
انها هي !!.. أنها ابنة ادريان !!.. هذه الفتاة كانت تعانق أدريان بالأمس عناقاً حاراً !!.. تعانق الرجل الذي دمر حياتي !!..
توقف لينك .. لقد وعدت نفسك أن تتركها و شأنها !!.. لا تتورط مع أبيها مرة أخرى !!..
أشحت بوجهي بهدوء و أنا أقول : كنت مرهقاً فقط ..! أراك فيما بعد ..!
خرجت من غرفة المجلس التي جمعتي بشخصين مشاعري مضطربة تجاههما ..!
ينار و يوجين ..!
ما قصة هذا الشاب ؟!.. لما يلمح لي بهذه الطريقة ؟!..
أيعقل أنه يعلم الحقيقة ؟!..
مستحيل !!.. من أين له أن يكتشف أمري ؟!..
لا شك أنها مجرد مصادفة و حسب !!..
..................................................
جلست مع ريكايل .. سام .. ماكس .. ايثن و ريا على شكل دائرة في السطح كالعادة بعد أن ذابت الثلوج و بات المكان أدفأ من السابق ..!
تلقائياً بدأوا الحديث عن زيارتهم لينار بالأمس حيث هتف ماكس بحماس : لقد ضيعتم عليكم الكثير يا توأم براون .. تلك الحلوى التي أعدها الطاهي كانت اسطورية !!.. أنها كالحلويات التي تقدم في المقاهي الفرنسية الفاخرة التي لا يدخلها إلا النبلاء ..!
لم يضع علينا شيء ماكس .. فقد أكلت طيلة عمري من تلك الحلويات حتى انفجرت معدتي ..!
و حتى ريكايل زارها معي عدة مرات و اكتفى منها ..!
لكن ايثن نظر إلي بابتسامة وهو يقول : لكن المفاجأة كانت حين انضم ألينا والد ينار ..! لقد توترنا في البداية فهو يبدو شخصاً ثرياً و مترفاً بل و كأنه واحد من النبلاء ..! لكننا اكتشفنا أنه شخص مرح و لطيف كثيراً بل انه كان يتحدث معنا بتلقائية و ابتسامة بشوشة !!..
طأطأت رأسي بهدوء كي أخفي ملامح وجهي ..!
ايثن .. أنت لا تعلم بأن ها الشخص هو الشر بعينه !!..
لا تعلم بأنه قد نسف حياتي تماماً و أفسد الكثير من أحلامي !!..
لا تعلم بأنه خان من احسن إليه في الماضي !!..
اني أكرهه .. أكرهه بحجم هذا الكون الواسع !!..
سام نطقت عندها بنبرة حالمة : والد ينار وسيم للغاية !!.. انه في ريعان الشباب و من يرى ينار معه سيظنها شقيقته الصغرى لا ابنته !!.. انه يدللها كثيراً بالأقوال و الأفعال ..! هنيئاً لها به !!..
هنا كان رايل هو من علق بابتسامة : حقاً ؟!.. يبدو أنه شخص متواضع رغم ثروته ..! أعتقد انه مثال جيد لكل الأثرياء ..!
وافقه الجميع على كلامه بينما لم أجد أن علي سوى الصمت ..!
فلو نطقت بحرف فقد أندم على ما سأقوله طويلاً ..!
.................................................. ..
لقد مضى اليومان التاليان بهدوء تام و قد بدأت استوعب مسألة من هو والد ينار بالضبط ؟!.. إلا أن الحيرة لا تزال تسيطر علي بشأن متى صار لذلك الحقير ابنة ؟!..
ها أنا في المنزل أقف في المطبخ و أقوم بجلي الصحون بينما تقف كيت بجانبي و هي تجففها ..!
لم يكن أحدنا قد نطق بحرف فنحن كنا صامتين تماماً و هدوء مع كآبة يغطي الجو ..!
إلا أن صرخة أحدهم أفزعتنا : لينك !!!..
كاد الطبق يقع مني لحظتها و التفت فزعاً إلى الشخص الذي دخل المطبخ و هو يصرخ : ريكايل ما بك ؟!!..
كانت على وجه علامات البشر و السعادة : العمل .. لقد عثرت على عمل !!..
اتسعت عيناي عندها فلم يكن مني إلا أن اسرعت لترك ما بيدي و التفت إليه مصدوماً : أأنت جاد ؟!.. عثرت على عمل لنا ؟!..
أومأ إيجاباً بسعادة : أتصلوا بي قبل قليل و طلبوا أن نأتي و نقدم على مقابلة العمل و يمكننا الاستئناف مباشرة بعدها ..!
أغلقت الصنبور و جففت يدي بينما سألت كيت عندها : و ماذا ستعملان ؟!..
أجاب عندها : أنه محل حلويات صغير ..!
بدت عليها ابتسامة شر : انه المكان الأفضل ..!
دخل أحدهم حينها : بل هو الأسوأ .. لا تعتقدي أن لينك سيسمح لك بتناول الكعك كما تردين ..!
بدا عليها الضجر و الاستياء بينما علقت أنا : ليو محق .. عليك أن تكوني أكثر حرصاً على نظامك الغذائي ..!
جلست على الكرسي بانزعاج واضح بينما التفت أنا لريك : و متى وقت المقابلة ؟!..
- الساعة الرابعة ..!
- إنها الثانية الآن ..! حسناً و ما سيكون عملنا بالضبط ؟!..
- المقابلة ستحدد ذلك ..! إما أن نكون نادلين أو نعمل في المطبخ ..!
تنهدت بتعب فكلا العملين لا يناسبانني ..!
خدمة الزبائن أمر لم اجربه و لو مرة .. أما المطبخ فبالكاد اتعامل مع مطبخنا إضافة أني أحطم صحنين كل اسبوع ..!
أرجوا أن يمر الأمر على ما يرام ..!
.................................................. ..
وقفت مستنداً إلى ذلك الجدار بقلق ..!
ها أنا في ذلك الممر أنظر إلى هذا الباب أمامي حيث دخل ريكايل لتقديم المقابلة ..!
أني اشعر بالتوتر حقاً .. فأنا لم استوعب بعد أني سأعمل بدوام جزيء ..!
نظرتي للعمل سابقاً كانت عبارة عن أني سأكون مديراً لشركة مارسنلي .. و ليس عاملاً في محل حلويات ..!
بل اسم المحل هو أكثر ما يفزع في الأمر !!..
" شوكو شوكو شوكولا " !!..
ما هذا الاسم الطويل التهريجي ؟!..
لكن هذا ما آل إليه الحال ..!
خرج ريك و على وجهه ابتسامة سعيدة : لقد قبلت ..!
ابتسمت له بهدوء : كما هو متوقع منك ..!
ربت على كتفي عندها : لا تقلق .. انها مقابلة بسيطة و أنا واثق أنك ستتجاوزها ..! هيا أدخل الآن ..!
زفرت علي أخرج القلق الذي سيطر علي حينها ..!
و بعدها سرت بخطوات متزنة لأدخل إلى ذلك المكتب مغلقاً الباب من خلفي ..!
فور دخولي رأيت ذلك الرجل الذي يبدو في الثلاثينات من العمر يجلس خلف ذلك المكتب البسيط .. كان يضع قدماً على الأخرى و في فمه سيجارة رخيصة له شعر بني محمر و لحية قصيرة و ملامحه قوية و كأنه لاعب جودو .. فحتى قوامه بدا طويلاً و أكتافه عريضة ..!
بالمختصر مكانه الأفضل هو في ساحة قتال و ليس محل حلوى صغير : اجلس ايها الفتى ..!
يا إلهي .. حتى صوته غليظ !!..
تقدمت بضع خطوات و جلست على مقعد جلدي اسود أمام المكتب و حينها نفث الدخان من فمه وهو يقول : عرف بنفسك ..!
أخذت نفساً عميقاً لأقول : لينك براون .. طالب ثانوية في السابعة عشر ..!
- هكذا .. أنت شقيق الفتى الذي قبلته قبل قليل صحيح ؟!..
- أجل .. انه أخي التوأم ..!
- حسناً .. لقد كان أخوك جيداً للغاية لذا ارجوا أن تصير مثله ..!
لم أرد عندها بينما قال : ما الأماكن التي عملت فيها سابقاً ؟!..
شعرت بالتوتر ثم قلت : آه .. إنها مرتي الأولى ..!
بدا عليه الاستنكار عندها : ماذا ؟!.. أخوك قبل قليل أخبرني عن كثير من الأماكن عمل فيها إضافةً لخدمته أحد الشبان النبلاء لشهرين .. فكيف تكون هذه مرتك الأولى ؟!..
- بعض الظروف جعلته يعمل بينما أنا لا ..!
- حسناً حسناً لا بأس .. لا يبدو أنك ستكون سيئاً ..! عموماً سأجربك اليوم و إن لم تنجح فسيتم طردك من هنا ..!
لم أعلق على الأمر .. انه جدي أكثر من اللازم : بسبب مظهرك الوسيم سأجعلك تعمل خدمة الزبائن ..! دوام العمل يبدأ في الثالثة و النصف و ينتهي في السادسة و النصف قبيل الغروب ..! أربعة أيام في الأسبوع .. من الاثنين حتى الخميس ..!
حسناً .. أعتقد أن التوقيت يناسبني .. هذا يعني أن العمل سيكون ثلاث ساعات متواصلة في اليوم في ايام الدراسة بينما أيام العطل هي إجازة هنا أيضاً ..!
تابع عنها بنظرة حادة : أي خطأ ترتكبه سيخصم من راتبك ..! و التأخر عن العمل كذلك ..!
لم أعلق على الأمر فقال عندها : اذهب الآن و بدل ملابسك .. ستجد زياً جديداً في غرفة الخزائن .. اختر لك خزانة فارغة ..!
أومأت إيجاباً و سرت بهدوء إلى الخارج فور أن خرجت كان ريكايل أمامي : كيف الأخبار ؟!..
ابتسمت بتوتر : قال انه سيجربني اليوم ..!
ابتسم لي عندها : اطمئن .. أنا واثق أنك ستفعلها ..!
سرت معه ناحية غرفة الخزائن وهو يقول : اسمع .. الأمر بسيط .. كل ما عليك هو أخذ الطلبات و ايصالها لطاولة المحاسبة ثم العودة بها إلى الشخص الذي طلبها ..! لكن عليك أن تكون مراعياً لأسلوبك مع الزبائن ..!
تنهدت عندها بخوف : انه اكثر ما يقلقني ..!
ربت على كتفي عندها و بجد قال : اسمع لينك .. أعلم أن الوضع جديد عليك .. لكن عليك أن تكون هادئاً فقط ..! ابتسم للزبون و خاطبه باحترام ..! أحياناً يكون هناك زبائن سيئون قد يلقون عليك ببعض العبارات .. هنا عليك تجاهلهم فقط ..! و إن زاد الأمر عن حده فأخبر المدير و هو سيتصرف معهم أفهمت ..!
أومأت إيجاباً و نبضات قلبي تتسارع أكثر و أكثر .. أشعر أن جسدي سيبدأ بالارتجاف قليلاً بسبب هذا الوضع المرعب !!..
.................................................. ..........
ها أنا أقف في نهاية ذلك الممر أنظر إلى الصالة التي يتم استقبال الزبائن فيها بارتباك ..!
كانت متوسطة المساحة و بها طاولات دائرية بيضاء عليها بعض مفارش السفرة الملونة ..!
حتى الجدران مملوءة برسومات لطيفة لقطع من الحلوى ..!
كنت أرتدي بنطال اسود مع قميص ابيض و رداء أشبه بالمئزر بلون اصفر طبع عليه شعار المحل و يصل حتى منتصف الفخذ ..!
ريكايل استأنف العمل فها هو يقوم باستقبال الزبائن بابتسامة و روح مرحة ..!
لا يجب أن أكون اسوء منه ..!
اخذت نفساً عميقاً ثم تقدمت خطوتين للأمام .. لا تقلق .. كل شيء سيسير على ما يرام ..!
لا أزال اتذكر بعض العبارات التي كان يقولها الخدم و النادلات حين دخولي لأي مكان ..!
سرت أولاً ناحية الباب الذي فتح للتو لتدخل من خلفه فتاتان و ابتسمت : أهلاً بكن آنساتي .. هل احجز لكن طاولة ؟!..
كنا ينظرن إلي بتعجب للحظات رغم الحمرة التي طفت وجههن : خطأ .. ليس هكذا ..!
سمعت ذلك الهمس يأتي من خلفي .. انه ريك لذا همست : إذاً كيف ؟!..
- اهلاً بكما في شوكو شوكو .. تفضلا بالدخول ..!
استدركت ان كلامي معهما كان مبالغاً فيه فأنا كنت أقلد اصحاب المطاعم الفاخرة في هذا .. نظرت بطرف عين لأجد المدير يقف هناك بعيداً و يحدق بي مقطباً حاجبيه ..!
يا إلهي !!..
استدركت خطأي حينها و ابتسمت مجدداً : أهلاً بكن في شوكو شوكو .. تفضلا بالدخول ..!
ابتسمتا لي عندها و سارتا ناحية احدا الطاولات .. تبدوان طالبتي جامعة ..!
وقفت عندهن و أنا أحمل الآلة الخاصة بتسجيل الطلبات فما علي فقط هو أن اضغط على ما تختارانه فتطبع الفاتورة فوراً : ماهي طلباتكما ؟!..
هذه المرة رميت بالنبرة المحترمة عرض الحائط ..!
قالت احداهما عندها : أريد عصير الليمون بأوراق النعناع ..!
بينما ابتسمت الأخرى بعدها : و أنا فنجان شوكولا ساخنة من فضلك ..!
سجلت ذلك بنوع من الارتباك فقد استغرقت بضع ثوان اضافية لتسجيل ذلك فأنا للمرة الأولى استعمل هذا الجهاز ..!
خرجت ورقة الفاتورة منه فذهبت و إلى طاولة المحاسبة لأجد انسة شابة تعمل هناك تبدو كطالبة جامعية بشعر اشقر قصير و عينين زرقاوين ..!
ابتسمت لي : مرحباً ايها الزميل ..!
لم أجد إلا ان ابتسم : أهلاً ..!
أخذت الفاتورة مني و نظرت إليها للحظات ثم قالت : انا ليزا .. أرجوا ان يناسبنا العمل معاً ..!
- تشرفنا آنسة ليزا .. أنا لينك ..!
- سعيدة بلقائك لينك .. حسناً سأناديك بعد أن انتهي لتأخذه للطاولة ..!
كان لقاء تعارف بسيط سارت بعده الآنسة ليزا إلى الطاولة الطويلة خلفها لتبدأ بإعداد المشروبات .. أما الحلوى فيتم اعدادها في مطبخ صغير خلفي ..!
أنا الآخر عدت لعملي فاستقبال المزيد من الزبائن و اخذ طلباتهم ..!
وقفت عند الباب حين دخل رجل و وزجته مع ثلاثة أطفال : أهلاً و سهلاً ..!
راعيت أن تكون ابتسامتي لطيفة من أجل أولادهم الثلاثة حيث أكبرهم يبدو في الثامنة فقط ..!
جلسوا على احدا الطاولات و عندها بدأت بتسجيل طلباتهم حيث تكلمت المرأة بابتسامة : حليب فراولة بقطع الشوكولا بالحجم الصغير و عصير برتقال بالحجم الوسط .. قهوة فرنسية بدون سكر .. و فنجان قهوة تركية .. إضافة إلى كعكة الشوكولا بالكريمة و وافل بالعسل مع قطع الفواكه و كعكة كاراميل بالحجم الصغير و أخيراً كأس صغير من حليب الفانيلا من أجل هذا الطفل ..!
اشارت إلى الطفل الأصغر حينها و الذي يبدو في الثانية من العمر ..!
أجبتها بعد أن سجلته : سيكون عندكم بعد دقائق ..!
أخذت الفاتورة للآنسة ليزا مجدداً و قد اعطتني عصير الفتاتين : خذه لأصحابه ..!
امسكت الصينية بين يدي : حاضر ..!
- خطأ .. يفترض أن تمكسها على باطن كفك ..!
- آه .. حسناً ..!
شعرت بالتوتر عندها فأنا لم أجرب هذا مسبقاً إضافة لكون كأس العصير طويل و كذلك فنجان القهوة بحجم كبير ..!
وضعتهما على كف يدي و رفعتها .. سرت خطوتين و أنا استشعر صعوبة الوضع فهو ثقيل و يهتز في كل لحظة !!..
لحظتها سمعت احد الزبائن ينادي : أيها النادل !!..
لم اكد التفت حتى انزلقت الصينية من يدي لتسقط على الأرض و تحدث دماراً هائلاً مصاحباً لضجة تكسر الكاس و الكوب !!..
الفوضى تعم المكان و أنا أشعر بالصدمة ففجأة الأرض صارت مبلولة بعصير الليمون مع شراب الشوكولا إضافة إلى قطع الزجاج المتناثرة هنا و هناك !!..
شعرت بنظرات خارقة تتجه إلي و ما إن حركت بصري لأصدم بالمدير ينظر إلي و وجهه محمر من شدة الغضب ..!
لم يكن مني إلا أن هتفت حينها : سأنظفه حالاً ..!
جثيت على احدا ركبتي و بدأت اجمع الزجاج في كفي بنوع من التوتر و الرعب !!..
و في اللحظة التي امسكت فيها بإحدى القطع جرحت اصعبي لحظتها و بدأ الدم يسيل منه ..!
بقيت انظر إلى ذلك الجرح للحظات و أنا غير مستوعب لما يحدث ..!
اشعر بالقلق .. لاشك أني سأطرد لا محاله !!..
انتبهت ليد امسكت بيدي حينها ..!
نظرت إلى ريكايل للحظات لأجد ملامحه هادئةً تماماً و قد أخرج منديلاً من جيبه ووضعه على الجرح وهو يضغط أسفله قليلاً بشكل مؤلم بعض الشيء ..!
أخرج بعدها لاصق جروح و بدأ بلفه على الجرح و قد ابتسم : حين تعمل في مكان كهذا فلاصق الجروح يجب أن لا يفرغ من جيبك ..!
انه أكثر قدرة للتحمل مني ..! بل أكثر حكمة و حنية ..!
ابتسمت بنوع من السخرية على نفسي : ربما كان يجب أن تكون أنت الأكبر ريكايل ..!
لم يعلق على الأمر بل بدأ يجمع الزجاج وهو يقول : تابع أنت العمل .. أنا سأنظف المكان ..!
- يمكنني أن أنظفه أنا ..!
- ان فعلت ستستغرق وقتاً و سيغضب المدير .. يمكنني فعلها بسرعة ..!
أومأت موافقاً و اتجهت إلى الباب حين سمعت الجرس المغلق به و الذي ينبه لوصول ضيف جديد ..!
بهدوء قلت : أهلاً بكم في شوكو شوكو ..!
- مرحباً لينك ..!
رفعت رأسي عندها لانتبه لهؤلاء الضيوف ..!
سام .. ماكس .. ايثن .. ريا .. كيت و ليونيل !!..
اتسعت عيناي باستنكار : ما الذي جاء بكم ؟!..
أجابت كيت ببرود : أنا أخبرتهم ..!
تابعت سام بمرح : و أنا أصريت على إلقاء نظرة و اصطحاب الجميع معي ..!
بتردد قال ايثن : عذراً على التطفل لينك ..!
توترت أكثر عندها لكني شعرت بنظرة المدير الغاضبة لجعل الزبائن واقفين لذا بسرعة قلت : عموماً تفضلوا الآن .. سآخذ طلباتكم لاحقاً ..!
سمعت احدهم يناديني : لينك .. تعال من فضلك ..!
اسرعت ناحية الآنسة ليزا لآخذ طلبات العائلة التي استقبلتها قبل قليل و هذه المرة قالت لي : كن أكثر حذراً .. يبدو أنك لم تحمل شيئاً بهذه الطريقة من قبل ..! أنا آسفه كان علي أن اشرحه جيداً ..!
ابتسمت بهدوء : لا عليك .. الخطأ خطأي ..!
ابتسمت لي عندها : اسمع .. حاول ان تثبتها بأطراف اصابعك و سيكون الأمر اسهل بكثير ..!
أومأت موافقاً و في البداية حملت الصينية التي تحتوي على الكعكات و الوافل و سرت بها بضع خطوات مستخدماً أطراف أصابعي لتثبيتها و قد نجح الأمر هذه المرة و اوصلتها لهم بسلام ..!
عدت لآخذ الصينية الأخرى التي كانت أثقل من الأولى حيث تحتوي على المشروبات ..!
لكني حين تركتها على طاولتهم نظر إلي الأب بهدوء : عذراً .. هناك خطأ في الطلب ؟!..
التفت ناحيته و قلبي يضرب بخوف : ما هو يا سيدي ؟!..
نظر إلى الأطباق وهو يقول : لقد طلبنا الوافل بالفواكه لكنك أحضرته بالمكسرات ..! أما حليب الفراولة و عصير البرتقال فقد عكست الحجم بينهما ..! كما أني طلبت قهوة تركية و ليس امريكية ..!
شعرت بالتوتر و تلعثمت عندها و لم أعلم ما أقوله لوقت ..!
و لكني قلت في النهاية : سيتم اصلاح كل شيء في الحال ..!
لكن الأم التي بات واضحاً انها انتبهت لتوتري ابتسمت : لا عليك .. لا فرق كبير في الطلبات ..! يبدو أنك جديد هنا ..! كما أني أرى أن مديرك يراقبك بغضب لذا لا يمكن أن نسبب لك المزيد من المشاكل ..!
التفت بطرف عين إلى المدير لأجده يحدق بي بعينين حمراوين و هناك أبخرة تخرج من رأسه !!..
نظرت إلى السيدة بإحباط : أعتذر ..! شكراً على تفهمك سيدتي ..!
ابتسمت لي مجدداً فسرت بهدوء إلى الآنسة ليزا لآخذ العصير و القهوة الذي اعدته من جديد و أخذتها للفتاتين و بعد أن قدمتها لهما قلت : أعتذر لما حدث سابقاً ..!
ابتسمت لي احداهما بسعادة : لا بأس عليك ..! في الحقيقة كان ذلك رائعاً ..!
نظرت إليها باستغراب لتتابع الأخرى بنبرة حالمة : مشهد أخيك و هو يضع اللاصق على اصبعك كان مذهلاً و كأنه مشهد في فلم !!.. آآآه كان علي تصوير هذا ..!
باستنكار سألت : كيف علمت أنه أخي ؟!..
أجابتني الأولى : ذلك واضح .. أنكما متطابقان و أكاد أجزم أنكما توأمان ..!
- أنت محقة ..! و الآن أتمنى أن تستمتعا بالمشروبات ..!
سرت مبتعداً عنهما بينما هتفت الثانية بحماس : أبذل جهدك في كسر المزيد !!.. تأكد أني سأصورك في المرة القادمة !!..
تلك المجنونة ..!
تجاهلت كلامها و سرت ناحية الباب من جديد فمرة يستقبل رايل احدهم و مرة أنا أفعل ..!
هذه المرة .. دخل شخص صدمني تماماً أكثر من أصدقائي قبل قليل ..!
بقيت تحدق بي للحظات بينما أنا متفاجئ إلى حد كبير ..!
لحظتها قالت بهدوء : ألهذا دعاني رايل لهذا المكان ؟!..
لم أجد رداً .. لم أتوقع إطلاقاً أن أراها اليوم !!..
ابتسمت عندها : ألن ترحب بالزبون أيها النادل ؟!..


انتبهت لنفسي و قلت بتوتر : أهلاً بك في .. شوكو شوكو ..!
كتمت ضحكتها عندها : يا له من أسم ..!
أنا لا أكاد أصدق ؟!..
أهي على وشك الضحك ؟!..
هل ابتسمت لي قبل قليل ؟!..
أتتصرف كأن شيئاً لم يكن و كأنها لم تغضب مني المرة الماضية ؟!..
سارت للحظات و تجاوزتني : حسناً .. أين أجلس الآن ؟!..
نظرت إليها للحظات و فكرت : ما رأيك بالجلوس هناك ؟!..
أشرت لإحدى الطاولات فالتفتت إلي : هناك أشخاص يجلسون عليها ..!
ابتسمت لها : انهم أصدقائي أنا و ريك .. و أود لو تتعرفين عليهم ..!
بادلتني الابتسامة عندها مما جعل قلبي يخفق بشدة ..!
منذ زمن لم أرى ابتسامتها ..!
سرت معها ناحية طاولة بقية أصحابي و حين وقفنا بقربهم قالت هي بلطف : أيمكنني الجلوس ؟!..
نظروا إليها جميعاً للحظات فقلت عندها : أنها من معارفنا أنا و رايل ..! أسمها ميشيل ..! أرجوا أن تكونوا ودودين معها يا رفاق ..!
نظرت إليها عندها و ابتسمت و أنا أقول : سأعرفك بهم ..! ايثن .. ماكس .. سام .. أنهم أصدقائي من المدرسة الجديدة ..! كيت و ليونيل من جيراني ..! و هذه ........!
صمت عندها حين لاحظت أن ريا كانت تطأطأ رأسها بنوع من التوتر ..!
لحظتها اتسعت عيناي حين تذكرت ما حدث المرة الماضية فميشيل رأتني مع ريا حينها ..!
كان علي قول شيء لكن ميشيل صدمتني لحظتها بقولها : آه تذكرتها ..! لقد رأيتها معك في ذلك اليوم ..! لكني لا اتذكر اسمك يا آنسة ..!
بدا على ريا القلق أكثر وقد أوشحت بوجهها : اسمي ريا ..!
لكن ميشيل بمرح قالت : تشرفنا يا ريا ..!
ابتسمت سام عندها : تفضلي بالجلوس ميشيل ..! انك تبدين شخصاً لطيفاً و مرحاً كثيراً ..!
جلست عندها بالقرب من كيت وهي تقول : يسعدني سماع هذا منك ..!
نظرت إلى ايثن عندها : ماذا تطلبون ؟!..
اجابني بابتسامة : لقد اخذ ريك طلباتنا قبل قليل ..!
نظرت لميشيل و ابتسمت : و أنت ميشيل ؟!.. ماذا تطلبين ؟!..
ابتسمت لي مجدداً : لا بأس بعصير التوت ..!
- على الفور ..!
لحظت عندها أن ريا كانت تختلس النظر للحظات ..!
لكني لم أعلق على الأمر بل سرت ناحية الآنسة ليزا لأعطيها الفاتورة الجديدة ..!
لحظتها اقترب ريكايل مني و همس : المدير غاضب منك ..!
بتوتر قلت : لما هذه المرة ؟!..
- لقد وقفت مع الأصحاب لوقت طويل ..! تذكر أنك في مكان عمل لينك ..!
- يا إلهي ..! لم اتعمد هذا ..!
- اسمع لدي حل .. تعال معي حالاً ..!
لم أعلم ماذا سيفعل لكنه سحبني بسرعة ناحية تلك الطاولة في الزاوية حث يجلس ذلك المدير المرعب و قال في الحال بابتسامة : حضرة الرئيس ..! ما رأيك بأداء أخي ؟!..
أخرج السيجارة من فهمه و هو يقول : فاشل تماماً ..!
شعرت بالإحباط لحظتها بينما تابع ريك بذات ابتسامته : أنت محق ..! اعلم أنه يستحق الطرد ..!
نظرت إليه باستنكار بينما علق المدير باستغراب : و إذاً ؟!..
- هناك بيانو في زاوية المحل على منصة صغيرة ..! ما قصته ؟!..
- العازفة في إجازة و لم أجد أفضل منها ليعزف عليه ..!
- حسناً .. ماذا إن قلت لك أن أخي هذا فاشل في كل شيء عدا العزف على البيان ..! لقد جمع مهارته و موهبته في كل الأشياء بعزفه على البيانو فقط !!..
- حقاً ؟!.. للأسف ذوقي صعب و ذلك البيانو قديم و يصعب التعامل معه ..!
- صدقني أنه ماهر و سيعزف عليه بشكل يجعلك تبتسم بلا شعور ..!
- و ماذا إن كان غير ذلك ؟!..
- يمكنك طردنا سوية حينها ..!
اخذ يفكر للحظات قبل أن يقول : لا بأس ..! رغم أني سأخسر نادلاً جيداً مثلك ..!
نظر ناحيتي بنظرة قاتلة : إن اخفقت في هذا أيضاً .. فسأطردك لا محاله !!..
ابتلعت ريقي و أنا أفكر في أنه يتمنى أن يقول فسأقتلك !!..
سرت مع ريك قليلاً و همست باستياء : ما الذي فعلته ؟!..
- أتريد أن تطرد ؟!..
- لا !!.. و لكن تعلم أني لا أحب الموسيقى ..! ثم كيف علمت أني أعزف جيداً مع أني لم اعزف لك و لا مرة من قبل ؟!..
- السيدة إلينا كانت عازفة ماهرة و قد اسمعت اليها عدة مرات .. لاشك أنها علمتك حتى لا تكون أقل منها ..!
- لا تقران مهارتي المتواضعة باحتراف أمي ..!
حدق في بجد : عموماً إما العزف أو الموت !!..
تنهدت عندها و سرت ناحية ذلك البيانو الخشبي ذو التصميم القديم ..!
جلست على الكرسي الصغير أمامه و فتحت غطاء لوحة المفاتيح و نظرت إليها للحظات ..!
انه قديم بالفعل .. أعتقد أن عمره عشرون عاماً على الأقل ..!
أخذت نفساً عميقاً و نظرت إلى دفتر النوتات الموضوع فوقه ..!
أخذت أقلب في الصفحات و أنظر إليها .. أستطيع قراءتها بسهولة فهي ليست صعبة و هذا جيد ..!
كنت أشعر أن جميع من في المقهى يراقبني بمن فيهم اصدقائي ..!
لكني استجمعت طاقتي و اخترت إحدى النوتات البسيطة و بدأت العزف ..!
انطلقت الحان تلك الموسيقى اللطيفة الوردية و التي تشعر بانتعاش الربيع الذي قد بدأ يطرق الأبواب بينما نحن نودع الشتاء البارد القارص ..!
منذ زمن لم أعزف على البيانو ..!
ان الوضع غريب .. هذا البيانو قديم .. حتى أني لا ارتدي قفازات و اصبعي المجروح يعطي منظراً غريباً حين يضغط على المفاتيح ..!
بدا الأمر ممتعاً نوعاً ما فأنا أعزف الآن لأنقذ نفسي من الطرد و في الوقت نفسه اسمع صوت الجرس المعلق بالباب يرن كل لحظة !!..
بعد عدة دقائق أنهيت تلك السمفونية و ضغطت على المفتاح الأخير لأتوقف و اخذ نفساً عميقاً لحظتها .. نجحت !!..
سمعت أصوات تصفيق خلفي .. الكثير من الأصوات ..!
و فور أن التفتت صدمت بالمنظر فكثير من الأشخاص كانوا يقفون و يصفقون لي بحماس و السعادة واضحة على وجههم ..!
- انه عازف ماهر رغم صغر سنه ..!
- و وسيم أيضاً ..!
- تلك الموسيقى كانت رائعة !!.. و كأنك في حفلة فخمة ..!
- أجل .. رغم ان هذا البيانو قديم و قد كان يصدر أصوات مزعجة في الماضي ..!
- ما رأيك أن نشرب القهوة بينما نستمع إليه لبعض الوقت ..!
- بسرعة لنجلس على تلك الطاولة الفارغة ..!
و هكذا بات المحل مزدحماً بلا سابق انذار حتى أن الآنسة ليزا بدأت العمل في الخدمة بينما وقف المدير خلف طاولة المحاسبة بعد ان اتصل ببعض العاملين الآخرين الذين يعملون في أوقات أخرى ليحضروا للمساعدة ..!
كان رايل ينظر لي بابتسامة عندها و كأنه يقول أنني نجحت بالفعل ..!
هذا رائع .. الزبائن يسمعون الموسيقى من الخارج فيدخلون على الفور !!..
لذا اشتعل حماسي و اسرعت لاختيار سيمفونية أخرى و بدأت العزف مجدداً و أنا أسمع عبارات الإطراء من حولي ..!
..................................................
كانت الساعة تشير إلى السادسة و النصف حين وقفت مع رايل أمام المدير في مكتبه و هو ينظر إلينا ببرود ..!
لقد أنهينا العمل و ساعدنا في التنظيف ..!
و ها هو سيخبرنا إن كنا سنستمر بالعمل هنا أم مصيرنا الطرد ؟!..
أخرج سيجارته من فمه و نفث بعض الدخان قبل أن يقول : قمتما بعمل جيد .. أظن أني لن أطردكما حالياً ..!
لا أعلم ما قصده بـ " حالياً " هذه .. لكن من المريح أنه لن يطردنا ..!
تابع كلامه عندها : أنت يا لينك ستعمل في العزف فقد جذبت الزبائن الذين سمعوا صوت الموسيقى من الخارج .. على الأقل حتى تعود العازفة الأصلية ..! أما أنت يا ريكايل فعملك كنادل شيء جيد و الزبائن يطرون على اسلوبك و لطفك و هذا ممتاز ..!
شعرت بالارتياح عندها و كذلك ريك الذي ابتسم بهدوء : شكراً لك حضرة المدير ..!
- انصرفا الآن .. يستحسن أن أقوم الآن بالبحث عن مزيد من العاملين إن كان الوضع سيكون هكذا يومياً ..!
خرجنا من الغرفة بعدها منهكين تماماً ..!
نظرت إلى ريك حين تذكرت شيئاً : أأنت من دعوت ميشيل إلى هنا ؟!..
أومأ إيجاباً : أجل ..!
- لما بالضبط ؟!..
- أمممم .. تستطيع القول أنها مساعدة طفيفة ..! اردتك أن تحسن من صورتك عندها ..!
- حسناً .. أرجوا أن هذا نفع ..!
- اسمع الآن .. سأعود إلى المنزل مع كيت و ليو ..! و انت اذهب مع ميشيل لبعض الوقت ..!
شعرت بالتوتر عندها : حقاً ؟!.. أتعتقد أنها ستوافق ؟!..
ابتسم لي : اطمئن ..! لقد بدت غير غاضبة اليوم ..! أن مزاجها جيد لذا عليك استغلال هذا ..!
أومأت موفقاً عندها : انت محق ..! فهذا لا يحدث إلا نادراً ..!
اتجهنا أولاً لغرفة الملابس و بدلنا ثياب العمل ثم خرجنا من باب العاملين و فور أن وصلنا للشارع كان البقية جميعاً هناك ..!
ركضت ناحيتي سام بحماس : لينك !!.. أنك مذهل !!.. لقد بدوت كأمير و أنت تعزف على البيانو ..!
ايثن كان مذهولاً أيضاً : لم أعتقد أنك ماهر إلى هذا الحد ..!
ابتسمت لهما : لست ماهراً حقاً .. فأنا لا احب الموسيقى أصلاً ..!
ضحك ماكس بخفة : أرأيتم ؟!.. حتى الحمقى لديهم مواهب ..!
تنهدت بضجر : لا أعلم من الأحمق بيننا بالضبط ؟!..
نظرت إلى كيت التي كانت تنظر إلي ببرود : هل أعجبك أنت أيضاً ؟!..
بذات برودها قالت : أجل .. أنه مذهل و أنت عازف ماهر لقد ادهشتني بالفعل ..!
إنها لا تبدو صادقةً إطلاقاً !!!..
أما ليو فقد علق بملل : و أخيراً هناك شيء يجيده هذا المغفل ..!
نظرت إليه بجمود : لا احب سماع شيء من المشردين ..!
ضحك ريك عندها : كان يوماً حافلاً في النهاية ..! لكني اصدقكم القول أن عزف لينك أنقذنا من الطرد ..! هيا ليو .. كيت .. لنعد للمنزل ..!
قطبت تلك الصبيانية حاجبيها : و لينك ؟!..
- لديه بعض الأعمال ..!
- و ابرتي ؟!..
- هاري موجود هناك ..! هيا بنا ..!
تنهدت بضجر لكنها لم تعترض بل سارت مع ريك و ليو سيراً فالعمارة قريبة من هنا ..!
ميشيل كانت تقف مع البقية دون أن تقول شيئاً لذا قلت بعد تردد : اه .. ما رأيك بالسير قليلاً ؟!..
ابتسمت بهدوء : لا مانع عندي ؟!..
هتف ماكس بصدمة : أأنت رفيقة لينك ؟!!!!.. الأحمق له رفيقة و أنا ليس لدي !!!!..
ضربت سام رأسه بشدة عندها : من هي المسكينة التي ستحب فتاً مجنوناً و قصيراً مثلك ؟!!..
كاد يبكي عندها و قد صرخ : أنت فضيعة سام !!.. أنا لست أقل جمالاً من هذا الأشقر الذي يملك نسخةً أخرى !!..
استنكرت الأمر : نسخةً أخرى ؟!..
ابتسم ايثن بلطف : واضح انه يقصد ريكايل ..! عموماً اذهب الآن لينك و دعك من هذا المغفل ..! سنعود نحن للحي ..! لذا استمتع مع الآنسة ميشيل ..!
قبل أن أقول شيئاً تدخل أحدهم : و لكنني لست رفيقته !!..
نظر الجميع ناحية تلك الفتاة التي قالت هذا ببساطة ..!
هنا سألت سام بتعجب : حقاً ؟!..
- أجل .. نحن مجرد معارف فقط ..!
لم اعلم ماذا أقول عندها ؟!.. هل يعني هذا الكلام شيئاً أم لا ؟!.. انه يبدو و كأن ميشيل تعتبرني مجرد شخص تعرفه و ليس شخصاً مميزاً إطلاقاً ..!
تنهد ماكس براحة : هذا مريح ..! اذاً ليس لديه رفيقة ..! ما رأيك ريا ؟!..
نظرت ناحيته ريا بتوتر عندها : ماذا ؟!.. آه .. لا أعلم ..!
استغرب ايثن الأمر : ما بك ريا ؟!.. أنت لا تبدين طبيعية طيلة اليوم ؟!..
ربتت سام على كتفيها من الخلف و ابتسمت : أعلم السبب ..! يوجين لن يكون في المنزل اليوم بسبب الرحلة التي ذهب بها طلاب السنة الثالثة إلى الريف ..! ما رأيك أن تبيتي عندي الليلة ريا ؟!..
ابتسمت بتصنع عندها : لا داعي .. أنها ليلة واحدة وحسب .. سيعودون في الغد ..!
تذكرت عندها أن طلاب السنة الثالثة انطلقوا اليوم في الصباح الباكر بالحافلات من أجل الرحلة التي يقوم بها طلاب التخرج في كل عام ..! يوجين من بينهم أذاً ..!
سار بعدها بقية رفاقي عائدين إلى الحي بينما بقيت مع ميشيل وحدنا أخيراً ..!
نظرت ناحيتها بهدوء : لننسى مشاكلنا لبعض الوقت ..!
نظرت إلي هي الأخرى : أنا نسيت كل شيء بالفعل ..!
لم أفهم قصدها بكل شيء .. لكني أرجوا حقاً أنها لا تعني ما تقول ..!
.................................................. ...
جلست على تلك الأرجوحة في تلك الحديقة الصغيرة بينما جلست ميشيل على الارجوحة الأخرى ..!
الساعة تشير للثامنة مساءاً ..!
و خلال الساعة الماضية كل ما كنا نقوم به هو السير هنا و هنا مع الحديث في اشياء بسيطة ..!
لحظتها : أنظر ..!
التفت إليها لأجد أنها تحمل هاتفاً نقالاً فنظرت اليها حالاً : رائع .. هل اشتريت واحداً ؟!..
أجابت بابتسامة : لقد اشترته لي جوليا ..! ليديا تعطيها راتباً ممتازاً لعملها في الملجأ ..!
- هكذا إذاً ..! مبارك ..! أيمكنني الحصول على رقمك ؟!..
- لا بأس ..! سأمليه عليك الآن ..!
أخرجت هاتفي و سجلت رقمها .. ثم اتصلت به ليرن هاتفها و قطعت الاتصال : ستجدين رقمي الآن في سجل المكالمات ..!
قامت ببعض الأشياء في الهاتف : لقد سجلته ..!
ابتسمت حينها : ماذا سميتني ؟!..
قلبت الهاتف ناحيتي لأقرأ الاسم .. " الغبي " ..!
قطبت حاجبي : يا لك من فضيعة !!..
ضحكت بخفة : انه اسم يناسبك ..!
- سترين إذاً ..!
أخذت هاتفي و سجلت رقمها ثم أريتها ..!
قطبت حاجبيها بغضب : أنا لست مجنونة !!!..
ضحكت عندها : و أنا لست غبياً ..!
- بلا !!.. غبي !!...
- و انت مجنونة ..!
- لن أكلمك بعد الآن ..!
- حسناً .. ما رأيك أن أسميك بالآنسة الجميلة ..!
- هذا مرفوض !!!..
- لما ؟!..
- لا أردك أن تسميني باسم ودود كهذا ..!
- أذاً عليك أن ترضي باسم المجنونة ..!
- غبي !!..
صمتنا بعدها للحظات دون نطق شيء ..!
حركت الأرجوحة قليلاً : كيف حال الأطفال ؟!..
أجابتني بهدوء : بخير ..! انهم متعلقون بليديا حالياً ..! وكذلك بالسيد ماثيو ..!
نظرت إليها حينها : ألا يزال ماثيو يزور الملجأ ؟!..
حركت أرجوحتها عندها و أجابت دون أن تنظر إلي : أجل ..! انه يقضي جزءاً من وقته معهم و بقية الوقت مع جوليا ..!
اذاً ذلك المثالي لا يزال مهووساً بحسناء الملجأ ..!
استدركت شيئاً عندها : هل التقيت بماثيو أنت أيضاً ؟!..
أن كانت كذلك فلا شك أنه سألها عني ..!
أوقفت أرجوحتها و تنهدت بضجر : بسببك أضطر للهرب كلما علمت أنه موجود ..!
تنهدت براحة حينها : آسف لتسبيب هذا لك ..!
- لا بأس ..! لقد اعتدت على ازعاجك لي في كل وقت ..!
- أهذا عتاب ؟!..
- عده كما تشاء ..! لكني لم أعد أبالي بالأمر ..!
لم أعلم ماذا أقول عندها ؟!.. لكن ميشيل تبدو طبيعية هذه المرة و كأنها تجاهلت كل ما حدث في الماضي ..!
سألت عندها : صحيح ..! سمعت من رايل أن جاريكم يسكنان معكم أيضاً ..!
علمت أنها تقصد ليو و كيت ..!
ابتسمت عندها : ليس الأمر هكذا ..! ليو كان يبيت عندنا حين يكون زوج أمه موجوداً .. لكنه منذ شهر تقريباً بدأ بالعيش معنا تماماً ..! أما كيت فشقتها مجاورة لشقتنا كما أن أخاها الأكبر هو صاحب العمارة ..! و هي تقضي يومها كله معنا فنحن نتناول الوجبات معاً أيضاً ..!
- هكذا إذاً ..! أصدقاءك أيضاً لطيفون ..!
- انت محقة ..! أرأيت ذلك المدعو ماكس ..! لقد درس مع ريكايل في السابق لبضعة اشهر ..!
- آه حقاً ؟!.. يا للمصادفة ..! ايثن و سام لطيفان كذلك ..! ريا أيضاً لكنها هادئة تماماً ..!
شعرت بالتوتر حين ذكرت اسم ريا ..!
لم أعلم ماذا يجب علي ان أعلق على الامر لكني اكتفيت بالصمت ..!
تحدثنا عن أمور أخرى عادية كأمور الدراسة و اعتيادي على الوضع الجديد و كذلك عن حياة ميشيل و عملها ..!
صارت الساعة تشير للتاسعة عندها فوقت لأقول : ألا تشعرين بالعطش ؟!.. لندخل لذلك المحل و نشرب شيئاً ..!
و قفت معي و سرنا سويةً خارج الحديقة ثم قطعنا الشارع لنصل لمحل عصائر ..!
حين دخلنا لم يكن هناك سوى القليل من الاشخاص لذا جلسنا على أقرب طاولة ..!
حين وصلت نادلة في عمرنا : أهلاً بكم .. ما طلباتكم يا سادة ؟!..
نظرت إلى ميشيل التي قالت بهدوء : كأس من عصير البرتقال ..!
قلت من خلفها : و أنا بالمثل ..!
- ألن تأكلوا شيئاً ؟!..
- لا شكراً لك ..!
لم تمر سوى نصف دقيقة حين عادت بالعصير ..!
ارتشفت رشفة منه عندها : أتعلم .. كان عزفك مذهلاً اليوم ..!
نظرت إليها عندها و ابتسمت : حقاً ؟!..
أومأت ايجاباً بابتسامة صغيرة : أجل ..! لكني لست مدهوشة كالبقية ..! فلاشك أن كل من عاش حياتك السابقة سيتعلم العزف على آلة ما ..!
- انت محقة ..! رغم أني لا احب الموسيقى إلا أن مجتمعي أجبرني على تعلمها ..! الكل هناك يجيد العزف ..! حتى دايمن الأحمق ماهر على الأورغ ..!
- كما هو متوقع من ذلك العالم ..! ابناءهم يجب أن يكونوا مثاليين في كل شيء ..!
- محقة ..!
بعد ما انهيت كأسي دعوة النادلة و دفعت الحساب عني و عن ميشيل التي شربت نصف كأسها ..!
عندها قالت : لدينا مدارس غداً .. لذا يجب أن نعود لمنازلنا ..!
أومأت إيجاباً عندها و لكن قبل أن نقف أخرجت شيئاً من حقيبتها : قبل ذلك ..! لدي أشيء أعطيك اياه ..! أو بالأحرى أعيده لك ..!
تركت ذلك الشيء لا الطاولة لأتفاجأ بالخاتم الذي اعطيته لها في السابق مصاحباً للوعد الأخير ..!
نظرت إليها بجد : و أنا لا أريد أخذه الآن ..!
بهدوء قالت دون أن تنظر إلي : لقد أنتهى كل شيء لينك ..! لنتابع كصديقين عاديين هكذا و حسب ..! ابحث لنفسك عن فتاة أخرى ..!
وقفت حينها منزعجاً : أنت لم تعطني فرصةً بعد ..! خذي الخاتم مجدداً ..!
نظرت إلي بجد : حتى لو أخذته ..! لقد نقضت هذا العهد ..!
قطبت حاجبي بغضب : أرجوك امنحيني بعض الوقت فقط لأثبت لك أني جاد بشأنك ..!
تنهدت بضجر ثم أخذت الخاتم مجدداً : بما أنك ترفض أخذه الآن فسأعيده لك في المرة القادمة ..! من السيء أن يضيع خاتم غالي الثمن كهذا ..!
وقفت بعدها و سارت متجاوزةً إياي : أراك فيما بعد ..!
أكانت جادة ؟!..
هل مللت مني حقاً ؟!..
هل أوصلها اليأس إلى هذه الحال ؟!..
ماذا علي أن أفعل ؟!..
لقد كانت تبدو جادةً بالفعل ..! بل أكثر من أي وقت مضى !!..
جلست على الكرسي بتعب عندها و تمتمت : كيف سأقنعها بجديتي يا ترى ؟!..
.................................................. ..........
وصلت إلى الحي بينما الساعة تشير إلى الحادية عشر ..!
لقد قضيت الوقت الفائت بعد توديعي ميشيل بالتجول على قدمي حائراً بما أفعله من أجلها ..!
و في النهاية .. لم أجد حلاً !!..
أيعقل أنها نهاية علاقتي بها ؟!.. أيمكن انها نسيتني حقاً ؟!..
في الماضي حين كانت تقول انها ستنساني يبدو الحزن على وجهها .. لكن اليوم كانت طبيعية تماماً و كأني لم أعد اشكل شيئاً في حياتها !!..
أشعر بالإحباط حين أفكر هكذا ..!
ربما في الماضي .. لو أنني احببت ليديا حقاً و صارت خطيبتي لحلت الكثير من الأزمات !!..
منها أني كنت سأستمر في ذلك العالم رغم كل شيء ..!
و ليديا فتاة يتمناها الجميع .. مع أن الفرصة سنحت لي إلا أني ضيعتها من أجل ميشيل ..!
ميشيل التي قررت أن تنساني الآن !!..
توقفت عن هذا لينك !!.. ليديا الآن صديقة لوي !!.. لا يمكنك أن تفكر بها هكذا !!..
عموماً دعني من هذا الآن .. أريد الذهاب للمنزل كي أنام فأنا مستيقظ منذ الصباح و العمل اليوم استدرك الكثير من طاقتي كما ان تنظيف المحل كان متعباً أيضاً ..!
و ها أنا اسير بين ممرات الحي الصغيرة كي اصل للعمارة ..!
الشوارع فارغةٌ تماماً باعتبار أن الغد هو يوم دراسي فالناس قد أغلقوا ابواب منازلهم الآن ..!
لكن .. حين انعطفت من آخر منعطف تقريباً لفت نظري شيء ..!
هناك شخص يقف قرب احد المنازل .. يستند إلى عامود الكهرباء و يطأطأ رأسه .. انها فتاة !!..
أجل .. لا أزال اراها من بعيد لكني استطيع الجزم انها فتاة من خلال رؤيتي لملابسها حيث كانت ترتدي تنورة سوداء و كنزة قطنية رمادية ..!
و ما إن دققت اكثر حتى عرفت من هي تلك الفتاة بالضبط ..!
تقدمت بخطوات متوسطة السرعة حتى بت بالقرب منها لكنها لم تنتبه لي فقد كانت تحدق بالأرض شاردة الذهن و الحزن بادٍ على وجهها و قد كانت ياداها خلف ظهرها ..!
اثارت تعجبي بالفعل فشكلها غير طبيعي كما ان الساعة متأخرة على الوقوف خارجاً ..!
هنا نطقت بنبرة بسيطة مستغربة : ريا ؟!.. ماذا تفعلين هنا ؟!..
شهقت بخفة فيبدو أني فاجأتها و قد التفت بسرعة و ملامح الرعب على وجهها ..!
لكنها نظرت إلي للحظات قبل ان تتنهد براحة : أهذا أنت يا لينك ..!
بقلق سألت : عذراً .. هل أخفتك ؟!..
ابتسمت بهدوء ابتسامة شاحبة : لا عليك ..! ظننتك شخصاً آخر ..!
انها غريبة بالفعل : الوقت متأخر و الجو بارد .. لما تقفين هنا في هذه الساعة ؟!..
بدا عليها التوتر قبل أن تجيب : أنتظر عودة أبي من عمله ..!
- الا يفضل أن تنتظري في الداخل ؟!..
- لا عليك .. لا بأس لدي ..!
- لكن من الخطر وقوفك هنا وحدك في هذه الساعة ..! قد تتعرضين للمشاكل فمع هذا الوقت يبدأ الناس المخيفون بالظهور ..!
- سيصل أبي قريباً لذا لا تقلق .. تابع طريقك الآن ..!
كانت تقول عبارتها الأخيرة بخوف و قد ابعدت وجهها .. أنها تطلب مني الذهاب لكنها ترجوا في داخلها ألا افعل و كأنها خائفة بالفعل من الوقوف وحيدة هنا ..!
القيت نظرة على منزلها و تذكرت بأن يوجين ليس موجوداً اليوم .. أيعقل أن هذا فقط سبب وقوفها خارجاً و انتظار والدها ؟!..
تذكرت أيضاً تلك المرأة المريبة التي كانت معهما ذلك اليوم خارجةً من المنزل و داخلةً إليه ..!
هل هي خائفة من تلك المرأة ؟!..
رن هاتفتها في تلك اللحظة مما جعلني التفت إليها و قد رفعته بلهفة و أجابت : مرحباً أبي ..!
بقيت صامتة للحظات قبل ان تتغير ملامحها إلى القلق : ماذا ؟!.. لا أرجوك أبي يجب أن تكون في المنزل اليوم !!.. ............... أخي يوجين ليس هنا الليلة لذا اعتمدت على وجودك ..! .................. هذه الليلة فقط .. أني انتظرك بالفعل منذ ساعة هنا ..!
دمعت عيناها حينها و هي تقول : كيف تطلب مني الاعتماد على صوفي و هي السبب في كل هذا ؟!.. ................. بلا !!.. لقد بدأت بالعفل و لا يمكنني احتمال هذا !!.. ................ أرجوك أبي اليوم فقط .. لن أطلب منك شيئاً مرةً أخرى ..!
كنت متفاجئاً منها بالفعل لكني في الوقت نفسه شعرت بالأسى عليها ..!
لحظتها جلست القرفصاء أرضاً و كأنها لم تعد تستطيع الوقوف و أخذت تمتم بحزن للحظات ثم أغلقت الهاتف بدون أي كلمة وداع ..!
لم اكن استطيع رؤية وجهها لكن من الواضح انها على وشك البكاء أو أنها بدت تبكي بالفعل ..!
لم انتبه لنفسي إلا و قد جثيت أرضاً و ربت على كتفها : ألن يأتي والدك ؟!..
رفعت يدها و مسحت دموعها ثم التفت إلي و ابتسمت : لديه بعض الأعمال ..!
وقفت بعدها فوقفت معها و أنا أشعر بالقلق عليها فهي لا تبدو بخير إطلاقاً ..!
بقينا صامتين للحظات و هي تنظر للأرض بشرود و التعاسة باديةٌ على وجهها البريء قبل أن تقول دون أن تنظر إلي : يمكنك العودة لمنزلك لينك ..! سأدخل بعد أن استنشق بعض الهواء ..!
بدت هادئةً أكثر من ذي قبل مما جعلني أحتار بشأن الذهاب أو الانتظار معها قليلاً ..!
و قبل أن أقوم بأي خطوة فتح احدهم باب المنزل ..!
التفت حالاً لأرى ذات المرأة التي رأيتها في المرة السابقة تقف بشكل غير مستقيم و كأنها ستسقط في أي لحظة بينما وجهها أحمر و في يدها سيجارة مشتعلة أخرجتها من فمها للتو و رائحة الكحول و التبغ الرخيص تفوح منها !!..
ما بال هذه المجنونة الآن ؟!..
كانت تقول بملل و نوع من الغضب : ريا !!.. هيا ادخلي الآن قبل ان يظن الجيران اني طردتك من المنزل !!.. هيا لنحتفل سوية ..!
كنت اسمع اصوات الموسيقى الصاخبة تخرج من المنزل بشكل بسيط مما أثار حيرتي أكثر ..!
لكن تلك الفتاة قالت عندها بهدوء : يجب أن أنام فلدي مدرسة ..! لذا لن احتفل معك ..!
التفتت ناحيتي و ابتسم بهدوء : إلى اللقاء لينك .. أراك غداً ..!
سارت ناحية المنزل و عيناي تتبعها و قلبي غير مطمئن إطلاقاً لتلك المرأة و لا لحفلتها ..!
و قبل ان تغلق الباب ركضت بلا شعور و امسكت به مما جعلها تلتفت الي بسرعة و قد لحظت الدموع في مقلتيها الرماديتين لحظتها ..!
تجاوزتها حينها داخل ذلك الممر المضاء بإضاءة صفراء و نظرت إلى احد الابواب الشبه مفتوحة و أصوات الموسيقى و الصراخ الحماسي تخرج منه ..!
قادتني قدماي إلى ذلك الباب و فتحته قليلاً لأرى منظراً لا يليق بهذا المنزل !!..
حيث كان هناك الكثير من الفتيات و بعض الشباب يرقصون و يتمايلون على ألحان الموسيقى و كؤوس البيرة الرخيصة تتراقص معهم و رائحة دخان السجائر تملأ المكان !!..
و كأنه مشهد من أحد البارات و ليس من منزل في حي هادئ كهذا ..!
لحظتها شعرت بأحد يربت على كلا كتفي من الخلف فسرت قشعريرة في جسدي كله و اتسعت عيناي ..!
بينما قربت تلك المرأة المقرفة رأسها من رأسي و هي تقول بنبرة سقيمة : لما لا تنظم لحفلتنا أيها الوسيم ..! ستحب اصدقائي و أنا أثق انهم سيحبونك أيضاً ..!
بلا شعور دفعتها عني فتراجعت إلى الخلف متفاجئةً بينما عدت أدراجي ناحية المخرج و لم أنسى أن أمسك بريا و أسحبها معي إلى الخارج مغلقاً الباب من خلفي ..!
و بعد أن صرنا في منتصف الشارع نظرت إلي هي بقلق و خوف : ما بك ؟!..
كتمت غضبي و قلت : لا يمكن ان تبيتي هنا في منزل يضج بالثملين !!..
أوشحت بوجهها بعيداً عني قليلاً : لا بأس .. يحدث هذا دائماً ..!
تنهدت عندها لأنفس من الحنق الذي اجتاحني : يحدث حين يكون يوجين موجوداً ليحميك منهم ان تعرضوا لك ..! لقد كنت تريدين أن يعود أبوك كي يطردهم صحيح ؟!..
تفاجأت حينها من دموعها التي سالت و قد طأطأت رأسها و هي تمتم : لن يفعل ..!
لم أفهم من قالته لكنها عندها أغمضت عينيها بأسى و ازدادت دموعها : لم يكن ليفعل !!.. كان سيدخل و يمر بتلك الغرفة و يراهم هكذا ثم يطلب منهم أن يخفضوا صوت الموسيقى قليلاً و بعدها يصعد إلى غرفته و ينام !!.. هذا ما كان سيفعله فقط !!..
صدمت من كلامها عندها !!.. أتقصد أن والدها موافق على ما يحدث في منزله ؟!..
ازدادت دموعها و هي تحاول كتم بكائها : لهذا صار ينام في مكتبه كل ليلة !!.. فقط كي يرتاح من ازعاج الموسيقى غير مكلف نفسه بطردهم !!.. كنت اريده أن يعود فقط كي اشعر بالاطمئنان لوجود احد لا يزال عقله معه !!.. لكن البقاء وحدي مع هؤلاء المجانين يرعبني و رغم ذلك قال انه لا بأس علي و أن صوفي ستكون حريصة علي !!.. كل ما استطاع فعله هو أن قال " أدخلي لغرفتك و أقفلي الباب و سيكون كل شيء على ما يرام " !!..
كان كلامها يصدمني أكثر و أكثر و قد اشفقت عليها بالفعل فقد بدأت تبكي و هي تمسح دموعها في الآن نفسه و كأنها ترفض الرضوخ لدموعها ..!
لكنها عندها قالت و هي تحاول السيطرة على نفسها : لا أريد البقاء وحدي هناك ..! أنا خائفة .. خائفة جداً !!.. حتى صوفي ترعبني حين تكون ثملة فماذا أفعل بجماعتها كلهم !!.. لا أريد البقاء في ذلك المكان ..!
تقدمت ناحيتها عندها و ربت على كلا كتفيها فلم يكن منها إلا ان اسندت رأسها على كتفي فوراً و بدأت تبكي بالفعل !!..
لم أعلم كيف يمكن أن أواسيها .. فقد اخرستني تماماً ..!
أفهم شعورها حقاً .. أجل لقد جربت هذا الشعور ذات يوم ..!
وجودك بين مجموعة من المجانين الذين غابت عنهم عقولهم تماماً امر مرعب بالعفل ..!
انه أمر سبب لي ازمة نفسية من تلك المشروبات الكحولية سواء كانت خفيفة التأثير أو قوية ..!
لكني عندها ربت على رأسها و همست بجدية و قد قررت ان احمل جزءاً من هذا العبء عنها : اطمئني ريا .. أنا لن أتركك لهم !!.. مهما حدث ..!
.............................................
خلعت معطفي و تركته على كتفيها ثم جلست بجانبها على ذلك الكرسي الطويل في ساحة اللعب من العمارة ..!
لم يكن هناك أي اصوات غير صوت الرياح الباردة الخافتة ..!
كنا صامتين .. و قد بدت ريا هادئة تماماً و شاردة الذهن ..!
نظرت إلى السماء السوداء عندها و سألت : تلك المرأة التي تعيش معك .. هي ذاتها صوفي التي ذكرتها ؟!..
أومأت ايجاباً دون نطق حرف ..!
لكنها بعد فترة تكلمت من تلقاء نفسها دون ان تنظر إلي : امي توفيت حين كنت في العاشرة .. و حين صرت في الثالثة عشر أي منذ ثلاث سنوات تزوج ابي بصوفي ..! رغم انها تصغره بعديد من الاعوام لكنه احتج بأنه يريد امرأة تهتم بشؤون المنزل ..! أنا لم استطع قول شيء بينما اعترض اخي على الأمر كثيراً قائلاً بأننا نستطيع تدبر امرنا دون وجود شخص غريب في العائلة ..! لكن ابي ضرب بأقواله عرض الحائط و تزوج من تلك الفتاة رغماً عنا ..! والدي شخص غير مبالي اطلاقاً ..! لذا حتى بعد أن بدأت بدعوة اصدقائها و المبيت جميعهم في منزله لم يهتم ..! حتى حين تبيت خارج المنزل دون ان تخبره لا يهتم ..! مهما فعلت فهو لن يلقي أي بال فهو لم يتزوجها لأنه يحبها او شيء من هذا القبيل بل كل ما أراده هو ان يكون هناك من ينظف و يطبخ ..! لقد كانت تقوم بهذه الأعمال في البداية لكنها اهملتها تماماً فيما بعد و لكنه ايضاً تغافل عن هذا !!..
كنت استمع لكلامها عن زوجة ابيها التي يبدو انها كانت كالغيمة السوداء التي احاطت بمنزلهم ..!
تابعت بعدها و قد طأطأت رأسها أكثر : ومنذ العام الماضي بدأ ابي بالتغيب عن المنزل حيث يبقى في مكتبه و ينام هناك .. يعود لتبديل ملابسه فقط و لكنه لا يتناول الوجبات معنا او أي شيء من هذا القبيل و ذلك جعل صوفي اكثر سعادة فأبي في نظرها مجرد رجل يصرف عليها و يسمح لها بالعيش في منزله ..! حفلاتها لا تنتهي أطلاقاً .. احياناً في منزلنا و احياناً خارجة ..! هناك الكثير من الأيام التي ابقى فيها وحدي مع يوجين في المنزل بسبب غياب الاثنين عنه و لكنها رغم ذلك تكون الأيام الأفضل على الاطلاق ..! حين تم الاعلان عن الرحلة المدرسية لطلاب السنة الثالثة كان اخي ينوي البقاء في المنزل من اجلي خوفاً من تلك المرأة و رفاقها ..! لكني اقنعته بأني سأبيت عند سام و ان عليه ان يذهب فأنا لم أرد حرمانه من آخر رحلة مدرسية مع زملائه و اصدقائه ..! شقيق سام عاد من السفر مع زوجته و هو عندهم الآن و كذلك جدتها لذا لم ارد التطفل على جوهم الأسري فأخبرت سام ان ابي سيكون في المنزل و ان لا مشكلة من بقائي هناك ..!
دمعت عيناها عندها و هي تتمتم : كان علي ان اعلم انه لن يأتي مهما طلبت منه ..!
لم اعتقد ان فتاة بهذه الرقة و اللطافة تعاني من محيط كهذا ..!
لو كنت مكانها لما احتملت البقاء في ذلك المنزل إطلاقاً ..!
ربت على كتفها عندها و ابتسمت حين التفت إلي ابتسمت بهدوء كي أطمئنها : لا تقلقي بشأن هذه الليلة ..!
توردت و جنتاها و اشاحت ببصرها : لا داعي ان تقلق فقد ازعجتك بما فيه الكفاية ..! سأعود للمنزل و حسب ..!
- اسمعي ..! جارتي في الشقة المجاورة فتاة شابة ..! قد يبدو عليها انها فتاة صاخبة للغاية لكنها في الحقيقة لطيفة و طيبة القلب ..! أنا واثق انها سترحب بك فهي تعيش وحدها ..!
بدا عليها التوتر و طأطأت رأسها : لا أريد أن أكون حملاً على احد ..!
لكني رغم ذلك ابتسمت : ريا .. انظري إلى الخلف ..!
التفتت عندها كما فعلت أنا .. كل ما كان خلفنا هو مبنى العمارة الكبير المليء بالشقق التي تحتضن العديد من الأسر : في هذا المكان .. يوجد الكثير من الأشخاص غريبو الأطوار و الطباع ..! لدا بعضهم مشاكل اسريه ..! و بعضهم متشائمون و غاضبون ..! بعضهم يكافحون في هذه الحياة ..! و الآخرون يعيشون بمرح دون الالتفات لأي مشكلة تحصل لهم ..! ان سكنتي في هذا المكان لفترة فستجزمين انه ينفع ان يكون مستشفى للمجانين ..!
كتمت ضحكتي و انا أقول : هناك السيدة آنيا التي تبكي طيلة الوقت و تتشاجر مع ابنها صباح مساء ..! هناك السيد كاسبر الذي يعشق ابنته ايميلي و يخاف عليها من اتفه الأشياء مما يجعل زوجته تصرخ به طالبة منه التوقف عن هذا ..! هناك الجدة مادلين ذات النظرة الحادة التي لا تحب هاري أطلاقاً و تصفه بالمدلل دائماً ..! و هناك اركيف الصغير و والده الذين يعيشان سويةً بتناغم كي يعوضوا عن عدم وجود الام التي تعمل في مدرسة داخلية ..! و بالطبع هناك كيت التي تصنع الرجال الثلجين في كل مكان حتى و ان ازعجت الآخرين بهذا ..! العم جاك .. و الجد توماس .. و الآنسة ماندي .. و جماعة اقزام الحلوى و العديد من الأشخاص الآخرين ..!
نظرت ناحيتها عندها و ابتسمت بطلف : هناك شيء واحد يجمعهم ..! جميعهم طيبون للغاية و يحبون الخير للآخرين .. يساعدون بعضهم و يعيشون كأسرة واحدة في هذا المجمع ..! رغم اني كنت في مكان مختلف تماماً إلا اني احببت هذا المكان الذي جمعني بهم ..!
ربت على كتفها حينها و تابعت : لذا تأكدي انك لو طلبت المساعدة من احدهم .. فهو سيقدمها دون مقابل و بابتسامة لطيفة تعلوا شفتيه ..!
ابتسمت عندها لي و قد زال جزء من الحزن عن وجهها : كلامك هذا يجعلني اتمنى العيش هنا ..!
وقفت عندها و قلت : حين تستقلين يمكنك استئجار شقة هنا .. فالإيجار ليس بذلك الغلاء أيضاً ..!
ابتسمت بمرح و وقفت : ربما اتبع نصيحتك ..!
- حسناً .. الوقت تأخر و لدينا مدارس ..! أنا واثق بأن الآنسة ماندي سترحب بك ..!
.................................................. .
ضغطت على الجرس فلم تمر سوى لحظات حتى فتح الباب لتطل من خلفه تلك الآنسة التي بدت أقل صخباً من المعتاد فقد كانت تربط شعرها للمرة الأولى بالنسبة لي و ملابسها كانت بسيطة للغاية عبارة عن كنزة و بنطال جينز ..!
ابتسمت لي : أهلاً لينك ..!
بادلتها الابتسامة : أرجوا أن لا أكون قد ازعجتك في هذه الساعة المتأخرة ؟!..
- أطلاقاً فقد كنت ساهرة أمام التلفاز .. ليس لدي جامعة غداً ..!
- آه حسناً ..! آنسة ماندي ...!
اشرت إلى ريا و تابعت كلامي : أعرفك بها .. تدعى ريا اندرياس ..!
لمعت عيناها و هتفت بحماس : أيمكن أنها رفيقتك لينك ؟!..
احمر وجه ريا بينما اسرعت لأقول : ليس كما تعتقدين ..! أنها صديقة عادية فقط ..!
بدا ان كلامي احبطها لكنها قالت بعدها بابتسامة : تشرفنا ريا .. أسمي ماندي تايلر ..!
ظهر شبح الابتسامة على وجه تلك الفتاة رغم توترها : تشرفنا آنسة ماندي ..!
تنهدت عندها : آنسة ماندي .. صديقتي هذه تواجه بعض المشاكل في المنزل و لا تستطيع المبيت هناك الليلة ..! ان منزلها هناك في نهاية الشارع ..! في الحقيقة ستكون خدمة عظمية لو سمحت لها بالمبيت عندك هذه الليلة ..!
ابتسمت بمرح عندها : بالتأكيد لا مانع لدي ..! سأكون سعيدة بهذا ..!
التفت لريا و ابتسمت : أرأيت ؟!.. أخبرتك أنها ستساعدك ..!
نظرت هي ناحية الآنسة ماندي عندها : أني بالفعل أشكرك .. و أتمنى أن لا أكون عبئاً عليك هذه الليلة ..!
امسكت بيدها و سحبتها معها : لا عليك عزيزتي .. تصرفي و كأنك في منزلك ..! و الآن لينك عليك أن تعود لمنزلك فريكايل كان يخرج كل دقيقة و ينظر للشارع قلقاً ..!
أومأت موافقاً بينما نظرت إلي ريا بابتسامة لطيفة : شكراً لينك .. تصبح على خير ..!
ابتسمت لها بدوري : تصبحين على خير ..!
دخلت مع الآنسة ماندي و أغلقتا الباب فسرت أنا ناحية شقتنا ..!
وقفت امامها قليلاً متعجباً من الباب الذي كان مفتوحاً بشكل جزيء لكني تذكرت كلام ماندي عن ريكايل .. ربما رآني من الأعلى و تركه مفتوحاً لأجلي ..!
تنهدت بهدوء و سرت إلى الداخل و ما إن فتحت الباب حتى فوجئت بشيء صدم رأسي بقوة كما أن شيئاً رطباً و بارداً يغطيني من أعلى رأسي إلى أخمص قدمي بينما صار المكان مظلماً فجأة ..!
اخذت لحظات لاستدرك ما حصل فرفعت يدي لأبعد ذلك الوعاء الكبير المعدني الذي كان مملوءً بالماء عن رأسي و أنا مصدوم بما حدث ..!
أخذت نفساً عميقاً و قد اتسعت عيناي وقد وصل الغضب مبلغه مني !!..
سرت بخطوات متسارعة بعد ان صفقت بالباب خلفي و اتجهت إلى غرفة الجلوس لأجد ريك يجلس على الأريكة وقد غفا دون أن يشعر ..!
اتجهت إليه و أنا اهتف : ريكايل !!..
فتح عينيه بفزع و التفت إلي : آه .. أخيراً عدت ..!
زمجرت بغضب : من ترك دلو الماء فوق الباب ليسقط على رأسي ؟!..
تثاءب عندها بخمول : لا أعلم عما تتحدث ..! لقد تأخر الوقت فكف عن الصراخ ..!
أعلم أن رايل لن يفعل هذا بي ..!
إذاً لم يبقى غير شخص واحد و أنا أجزم بأنه الفاعل !!..
خرجت من غرفة الجلوس و رميت بالدلو بأقوى ما لدي ناحية احد الأبواب و أنا أصرخ : ليو أيها المتشرد !!.. أقسم اني سأنتقم منك !!..
اتجهت لباب غرفته و حاولت فتح الباب لكني وجدته مقفلاً بينما مر ريك بالقرب مني و هو يشعر بالنعاس و دخل لغرفتنا ..!
طرقت الباب بقوة و صرخت : ليونيل !!.. أخرج في الحال كي أحطم عظامك عظمة عظمة !!..
سمعت صوته من الداخل : لا يحق لك فعل هذا !!..
- ماذا ؟!!.. لم أسمعك جيداً أستاذ مشرد !!..
اقترب من الباب و صرخ : أولاً لست مشرداً فأنا أحد سكان هذا المنزل !!.. ثانياً هذا مجرد انتقام صغير لينك ..! أم أنك نسيت أنك تسببت بكسر يدي و قمت بصفعي و شلخت رأسي أيضاً منذ شهر ..!
ركلت الباب بشدة عندها : أنتظر فقط حتى أراك في الصباح ..! و سترى ما سأفعل بك ..!
أردفت بعدها بغضب مضاعف : يا متشرد !!..
سمعت صوت ريك من داخل الغرفة بانزعاج : لينك توقف عن الصراخ فأنا أريد أن أنام ..!
تنهدت بغضب عندها و دخلت لغرفتي .. علي ان استحم بمياه دافئة قبل أن أنام حتى لا أصاب بالبرد بسبب ذلك المغفل ..!
.................................................. ...
جلست على طاولة الافطار في اليوم التالي مع كيت بعد أن أعطيتها ابرتها الصباحية و قد مر الأمر بهدوء كالعادة ..!
انه يعتمد على وجود هاري أو عدمه فما إن يكون هنا حتى يكون الخراب مصير بيتنا بمجرد أن يعارضها في شيء .!
أما في غيابه تكون هذه الكيت كالقطة التي تلعب بالصوف مسالمة تماماً و تجلس على أريكتها المفضلة في غرفة الجلوس و التي يحرم على غيرها استعمالها إما تشاهد التلفاز أو تكون نائمةً أيضاً ..!
ريك استيقظ متأخراً اليوم لذا لا يزال يبدل ملابسه .. أما ليو فقد قرر أن ينتظر حتى أخرج من المنزل كي يغادر غرفته فهو يعلم أني سأقتله فور رؤيته ..!
أنهيت افطاري و وقفت عندها : شبعت ..!
نظرت إلي كيت لحظتها بتوتر : لينك .. هناك أمر مهم أريده منك ..!
التفت ناحيتها بتعجب فللمرة الأولى تقول هذا فهي فطالباتها دوماً تخترق رأسي على شكل أوامر مطلقه ..!
سألت عندها : ماذا ؟!..
- ليس الآن .. حين تعود من المدرسة ..!
- كما تشائين ..! أتريدين شيئاً آخر ؟!..
- اشتري بعض الشوكولا في طريق عدوتك ..!
- مرفوض !!..
بدا العبوس عليها بينما سرت لخارج المطبخ و أنا أقول بصوت مرتفع : ريك .. سأخرج قبلك ..!
سمعت رده بالموافقة فسرت خارجاً و اتجهت اولاً لمنزل الآنسة ماندي لأطمئن على ريا ..!
رننت الجرس ففتحت بعد لحظات وهي تحمل كوب قهوة يتصاعد منه البخار : صباح الخير أيها الوسيم ..!
- صباح الخير ..! أين ريا ؟!..
- لقد غادرت منذ دقائق ..! قالت أنها ستذهب لمنزلها كي تبدل ملابسها و ترتدي ثياب المدرسة حتى لا تتأخر ..!
- آه .. شكراً لك على استضافتك لها ..!
- لا داعي للشكر ..! لقد كانت هادئةً تماماً و نامت على الفور فقد بدا انها متعبة نوعاً ما ..!
- حسناً .. أنا ذاهب الآن ..!
- بالتوفيق ..!
سرت ناحية الدرج الذي أفضله على المصعد حيث يعطيني حيوية و طاقة أكبر و نزلت كنت التقي بالكثير من الجيران و الجميع يلقي تحية الصباح بسعادة على الآخر ..!
يا لهذه الحياة المريحة ..!
التقيت ايميلي التي كانت قد خرجت تواً من شقتهم : صباح الخير لينك ..!
- صباح الخير ..! كيف حال الدراسة ايمي ؟!..
- كل شيء على ما يرام ..!
خرج والدها خلفها و هو ينادي : عزيزتي .. هل أخذت طعامك ؟!.. هل تريدين أن أوصلك ؟!.. المدرسة بعيدة فما رأيك أن أرافـــ ...!
قبل أن يكمل كلمته خرجت زوجته و سحبته للداخل بانزعاج : ألن تكف عن هذه العادة ..! هيا بدل ملابسك و إلى العمل ..!
كتمت ضحكتي فهذا المشهد يتكرر بشكل يومي بدون أي تغير ..!
خرجت من ساحة العمارة و قد تذكرت شيئاً ..!
هل ستكون ريا بخير ؟؟!.. لا بأس فقد ذهبت لتبدل ملابسها فقط ..! و لكن ماذا إن كان أولئك المخمورون قد باتوا في منزلها ؟!..
شعرت بالقلق لحظتها .. ربما من الأفضل أن اذهب للاطمئنان عليها ..!
بدلت عندها طريقي الذي كان باتجاه المدرسة ناحية منزل ريا بعد أن بات الشعور بالقلق يراودني أكثر فأكثر !!..
.............................................
سرت بخطوات مترددة داخل اسوار المنزل حيث كان الباب الخارجي الصغير مفتوحاً ..!
صعدت على تلك الدرجات الثالث و ترددت هل اطرق الباب أم أضرب الجرس أم أنتظر حتى تخرج ريا ؟!..
لكن ربما تكون قد غادرت بالعفل ..!
قبل ان أضع في رأسي أي احتمال سمعت صرخة من الداخل لفتاة صغيرة مما جعلني أوقن أنها تلك المنكوبة ذاتها : قلت لك ابتعد حالاً !!..
لم أتمالك نفسي ففتحت الباب بسرعة و لحظتها لأجد انها كانت تستند إلى الجدار بخوف بينما شاب يبدو في السابعة و العشرين من عمره يقف أمامها و يبدو أن آثار ما شربه ليلة الأمس لا يزال يسيطر على عقله : ما بك يا فتاة ؟!.. انا سألتك الرقص معي لا أكثر ..! أريد أن أرقص رقصة فكتورية و أنت تعلمين اني احتاج لشريك ..!
كادت ان تبتعد عنه لكنه امسك معصمها و قد غضب : لا تتجاهليني ..!
كان يترنح و طريقة كلامه متقطعة و غير منظمة لذا اسرعت ناحية الداخل و حين رأيت دموع ريا التي تجمعت في محجريها و هي تنظر ناحيته برعب ..!
بغضب هتفت : أنت .. هلا تركت الفتاة بحالها ؟!..
نظر ناحيتي و رفع أحد حاجبيه و قال بنبرة كريهة : لما ؟!.. أهي فتاتك ؟!.. إن لم تكن كذلك فابتعد عن طريقي ..!
سرت ناحيته بلا تردد : انها كذلك لذا افتلها في الحال ؟!..
ابتسم بمكر و خبث : أنتزعها إذاً ..!
ازداد غضبي كما انه لا وقت لدي لأمثاله لذا لم يحتج مني الأمر إلى دفعه بقوة بيدي ليسقط أرضاً فهو كان يترنح من الأساس ..!
كاد يسحب ريا خلفه لولا أني امسكت بيدها الأخرى و سحبتها منه ثم تركتها خلفي و انا أقول : اسمع يا هذا ..! ان فكرت بالتعرض لهذه الفتاة مرة أخرى فصدقني لن يمر الأمر على خير ..!
بدا انه ازعج بشدة فقد صرخ : كنت اريد الرقص فقط ..! اذهب اذهب قبل ان احطم رأسك ..! سأرقص مع صوفي في النهاية ..!
امسكت بيد ريا و سرت إلى الخارج وهي معي فقد كانت قد بدلت ملابسها و ها هي تحمل حقيبتها أيضاً ..!
بعد ان بدأنا السير في الشارع تركت يدها و قد كنت اتقدمها ببضع خطوات ..!
هنا قالت هي بهدوء و نبرة حزن وقد كان وجهها محمراً بالكامل : لا .. لا أعلم كيف أشكرك لينك ؟!.. لقد انقذتني بالفعل ..!
دون ان التفت إليها قلت بهدوء : لا داعي لان تشكريني أو تفكري بالأمر .. ففي الفترة الأخيرة بت لا أطيق رؤية احد مهم لي في مشكلة ..!
أعلم أنها لم تفهم مقصدي من كلامي خاصة الجزء المتعلق بالفترة الأخيرة ..!
.......................................
، انتهى البارت

كيف حالكم يا رفاق ؟!.. أرجوا ان تكونوا بخير ..!

اعتذر حقاً على التأخير .. لقد كان الأمر خارج عن ارادتي ..!
و على فكرة .. لقد اضفت المزيد من الاحداث للبارت كتعويض عن التأخير ..!

ارجوا ان يكون قد حاز على رضاكم ..!

ننتقل للأسئلة

يوجين و تلميحات غريبة للينك .. أيعقل انه يعرف شيئاً ؟!..

هل سيكتشف احد الاصدقاء ما العلاقة بين والد ينار و لينك ؟!..

العمل في محل الحلوى قد بدأ .. ما رأيكم ؟!..

ميشيل قررت ترك لينك للأبد .. هل سيتحقق هذا ؟!..

ريا و حياتها العاصفة .. ما موقفها من لينك بعد هذه المساعدات ؟!..

ما هو الموضوع الذي ارادت كيت تحديث لينك به يا ترى ؟!..

................

المقتطفات

...

تلك الألقاب المنمقة .. لفظ السيد و الآنسة .. الرسمية في الكلام حتى مع المقربين إليك .. لقد تحررت من هذا كله ..!

...

ببساطة قالت : الآنسة الصبيانية لا تساعد المشردين ..! كما انك الشخص المناسب في المكان المناسب ..!

...


سرت بضع خطوات ناحية الدرج و انا اقول : انيتا .. في الحقيقة اتصلت بك لأستشيرك في أمر ..!

...

تباً .. حتى عاملة النظافة تحتقرني في هذا المكان !!..

...

بهدوء قالت و هي تنظر لملف في يدها : تقدم و اجلس يا ريكايل .. اسمي هو مايا روبنس ..!

...

نظرت إليه بطرف عين و بسخرية : محبوبتك سورا ..!

...

ربت لوسيان على رأسي حينها و بدأ يمسح عليه : مسكين لينك .. لا تخف سيذهب الألم الآن ..!

...

تنهدت عندها : أنا لست مخادعاً ..!


......................

هذا ما لدي اليوم ^^

في حفظ الله و رعايته



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-03-13, 06:23 AM   #10

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 9

جلست في السطح بعد أن غادرت الصف بما ان معلمنا غائب ..!
فتحت ذلك الدفتر الذي كان معي حيث يحتوي على بعض النوتات اللطيفة ..!
امي التي كانت تهوى العزف كتبت لي بعض النوتات الحيوية في هذا الدفتر الصغير الخاص بالموسيقى رغبة في تشجيعي لأحب ذلك الفن ..!
لكنها لم تجد مني سوى التهرب من دروس الموسيقى ..!
عموماً أجد اني مضطر لقراءته الآن بما ان عملي يعتمد على هذا ..!
ابتسمت عندها و تمتمت : في النهاية هي ذكرى من والدتي لذا كنت سأقرأه عاجلاً أم آجلاً ..!
بدأت اقلب صفحاته لاختيار ما سأعزفه في المحل اليوم .. فأنا أريد كسب رضى المدير بأي طريقة ..!
كم هذا مختلف عن السابق ..!
لقد كنت اتسلط على كل من يعمل عندي و حتى إن كانوا مثاليين في عملهم كنت لا أرضى به و ذلك ما جعل أمي لا تحرص على حضوري للشركة ..!
تنهدت عندها بتعب .. كل يوم اكتشف اني تغيرت أكثر من السابق ..!
نظرت إلى الخلف حيث كنت استند على الحاجز المعدني من الاسلاك لأتمكن من رؤية الساحة الخارجية من خلفي ..!
كان هناك احد الصفوف يقومون بالجري حول الملعب الصغير فيبدو انها حصة الرياضة ..!
رأيت سام و ريكايل بينهم .. ذلك صفهم إذاً ..!
ابتسمت مجدداً و استلقيت على الأرض مسنداً رأسي على ذراعي و انا اشعر بنفحات الربيع تحيطني : يا لهذا السلام ..! بدأت احب هذا فعلاً ..!
رغم ان هذا السطح لا يقارن بحقديتي السابقة في المدرسة .. إلا اني اشعر شعور الانتعاش ذاته ..!
مضت بضع لحظات قبل ان اشعر باب السطح يفتح لذا التفت لأجد احدا فتيات صفي تقول بعد تنهيده : أنت هنا إذاً يا براون ..! هيا لدينا حصة رياضة بعد قليل و قد طُلب من الجميع ان يذهبوا لتبديل ملابسهم حالاً ..!
جلست عندها و أنا اهتف : قادم الآن ..!
عادت ادراجهاً بكل هدوء .. و هذا أكثر ما يعجبني .. من حولي باتوا يعاملونني ببساطة تماماً .. و ليس كما كان يحدث في السابق ..!
تلك الألقاب المنمقة .. لفظ السيد و الآنسة .. الرسمية في الكلام حتى مع المقربين إليك .. لقد تحررت من هذا كله ..!
كتمت ضحكتي عندها : أنا أنتمي لهذا العالم في النهاية .. و ليس لذاك ..!
وقفت عندها و انا احمل دفتري فيجب علي العودة للصف و ثم التوجه لغرفة تبديل الملابس ..!
.................................................. ..
انتهى الدوام المدرسي على خير .. و أمام بوابة المدرسة ودعت ايثن و ماكس و عدت برفقة ريكايل بينما سارت ريا مع سام في طريق آخر بحجة انهم سيشترون بعض الأشياء قبل العودة لمنازلهم ..!
وصلنا للعمارة و نحن نتحدث عن هذا اليوم الدراسي الذي مر بسلاسة ..!
صعدنا لشقتنا عندها حيث التقينا الجدة مادلين التي ابتسمت لنا : مرحباً يا أولادي ..!
ابتسمنا لها و رددنا في الوقت ذاته : أهلاً يا جدة ..!
- ارجوا ان يكون يومكما الدراسي جيداً ..!
- انه كذلك بالفعل ..!
- هذا طبيعي يا ريكايل .. فالناس الأخيار لا يستحقون سوى الخير ..!
سألتها عندها : هل ستذهبين لمكان ما جدة مادلين ؟!..
اومأت سلباً : كنت سأنزل لدكان جاك و اشتري بعض الحاجيات التي نسيت احضارها في الصباح ..!
مد ريك حقيبته لي فأمسكتها تلقائياً بينما قال هو : إذاً لا تتعبي نفسك .. سأذهب أنا لإحضارها ..!
بدت الراحة عليها : ليت كل الشباب مثلكما ..!
اعارته ورقة الطلبات و النقود : من فضلك إذاً ..!
تابعت انا صعودي عندها : سأنتظرك في الأعلى ريكايل ..!
وصلت لشقتي عندها و وقفت امام بابها بقلق .. كل الدنيا سلام ما عدا هذا المكان الذي يجمعني بالثنائي المشرد !!..
فتحت الباب بهدوء عندها دون الحاجة للمفتاح فيبدو أنه إما ليو أو كيت قد فتحاه مسبقاً ..!
دخلت بهدوء دون اصدار صوت و ما ان أطللت برأسي في المطبخ حتى ابتسمت بشر ..!
كان ضحيتي يجلس هناك على احد مقاعد طاولة الطعام الصغيرة و قد غفى دون ان يدرك ..!
جاء يومك يا ليونيل !!..
حسناً .. كيف يجدر بي الانتقام منه على فعلته بالأمس ؟!..
اخذت افكر للحظات قبل أن اسير بهدوء ناحية احد الخزائن الجانبية في المطبخ و ففتحتها لأخرج منها حبلاً متيناً بني اللون ..!
سرت بخطوات ساكنة حتى صرت خلفه حيث يبدو انه قد سقط في غيبوبة و ليس مجرد غفوة فهو لم يشعر بي و أنا ألف القيود حول جسده و ذراعيه مع ظهر الكرسي ..!
انتهيت عندها و ابتسمت بشر .. نجحت خطتي ..!
سمعت صوت احدهم دخل حيث اني لم أغلق الباب خلفي : لقد عدت ..!
كان صوت كيت الذي على اثره استيقظ ذلك الفتى من نومه و اخذ يحدق حوله بخمول لكنه ما إن رآني حتى صرخ بفزع و حاول الهروب إلا أن الحبل المتين حال بينه و بين التحرك من فوق هذا الكرسي و هذا ما دعاه لأن ينظر لنفسه بصدمة : ما هذا ؟!..
ابتسمت بلطف عندها لإغاظته: هذا ؟!.. أتقصد الحبل ؟!.. لا شيء عزيزي لكني احببت تركك هكذا لبعض الوقت ..!
اطلت كيت برأسها عندها فهتف : كيت .. اسرعي و فكي اسري ..!
ببساطة قالت : الآنسة الصبيانية لا تساعد المشردين ..! كما انك الشخص المناسب في المكان المناسب ..!
دخل ريك عندها : لقد عدت ..!
نظر إلى داخل المطبخ باستغراب : من قيدك يا ليو ؟!..
هتف عندها بغيض : ريك انظر إلى أخيك ماذا فعل بي !!.. هيا اسرع و ابعد هذا الحبل البغيض ..!
ابتسم عندها : عذراً ليونيل .. لكني لم اطلب منك ان تغرقه بالماء البارد في انصاف الليالي ..! تستحق هذا ..!
ازداد غيضه عندها بينما قلت انا بنصر : لتبقى هكذا لساعة .. انه الوقت الذي اخذته في الاستحمام بالأمس و تنظيف المكان من بعدك ..! و هكذا نكون متعادلين ..!
بدأ يصرخ باعتراض بينما تجاهله ريك و ذهب للغرفة .. أما كيت فقد امسكت بيدي و سحبتني لغرفة الجلوس ثم دفعتني لاحدا الأرائك : ما بك فجأة ؟!..
- تذكر اني قلت ان لدي ما أخبرك به بعد العودة من المدرسة ..!
- أجل أذكر ..!
بنبرة تهديد قالت : لن ترفض .. إياك أن ترفض .. لن اسمح لك بأن ترفض ..!
باستنكار قلت : الا يبدو الأمر و كأنك تجبرينني ؟!..
تابعت بعد ان تجاهلتني : و لن تخبر هاري أيضاً ..!
- أي مصيبة التي وقعت على رأسك لدرجة خشيانك من معرفة هاري بها ؟!..
- هذه ..!
مدت إلى ورقة عندها فنظرت إليها و قرأتها ثم نظرت إليها باستغراب : و المطلوب ؟!..
بجمود قالت : ستكون أنت ..!
قطبت حاجبي : أأنت جادة ؟!.. يفترض أن يكون هاري ..!
- أعلم .. لكني لا أريده أن يفعل و ستفعل أنت ..!
- كيت هناك أمور لها حدود فأنا لا يحق لي فعل هذا ..!
بدا عليها الانزعاج لدرجة ان دموعاً ظهرت في عينيها مما صدمني : لينك أرجوك .. أنك الوحيد الذي يمكن ان اعتمد عليه ..!
لا يبدو انها تمثل .. أجل فهذه الدموع حقيقية تماماً فكيت اصلاً ليست من هذا النوع المخادع بل هي صريحة دوماً ..!
لم أعلم ماذا أقول عندها فتنهدت : ألا بأس لمدرستك بهذا ؟!..
اومأت إيجاباً : أخبرهم ان هاري مشغول و سيكون الأمر على ما يرام ..!
بتردد قلت : حسناً لا خيار لدي ..!
ابتسمت عندها براحة : وأخيراً ..!
انها غريبة !!.. هل ابتسمت منذ قليل رغم عدم وجود كعك أو حلوى أمامها ؟!..
سارت ناحية باب الغرفة وهي تقول بحيوية : سأذهب لتبديل ملابسي ريثما يأتي الغداء ..!
تنهدت عندها .. أنها تأخذ الامر ببساطة رغم اني أرى انه صعب للغاية ..!
عدت انظر لتلك الورقة لأقرأها مجدداً ..!
.
(( المكرم ولي امر الآنسة " كيت ليبيرت " نرجو من حضرتكم الحضور غداً تمام التاسعة إلى المدرسة لمناقشة بعض الأمور التي تخص ابنتكم .. ! ))
.
لم اتابع قراءة الباقي فأنا لا اهتم سوى بهذا الجزء ..!
انها تريد مني الحضور كولي امر نيابة عن هاري ..!
اتساءل إن كان بإمكاني هذا !!..
...............................................
على مائدة الغداء جلسنا سوية و معنا هاري هذه المرة ..!
كان يختلس النظر إلى ليو الذي لا يزال مقيداً و يشعر بالاستنكار لأن احدنا لم يعلق على الأمر : لما هذا الفتى بهذه الحال ؟!..
بسخرية قال ذلك المغلوب على امره : أسأل الأشقر الوسيم !!..
التفت إلي فقلت ببرود : دعك منه .. اعلم انك تعلم انه يستحق دون ان تعرف تهمته بالضبط ..!
ابتسم عندها : بالطبع ..!
بانزعاج هتف ليو : آآآآه حتى أنت يا هاري ..! الرحمة ألا يوجد من لديه قلب هنا ؟!..
هتف الجميع بصوت واحد : أنت أولنا يا عديم الاحساس ..!
اردفت بعدها كيت ببرود : اطمئن .. فقد وضعت لك الغداء في الفرن .. تناوله بعد الانتهاء من عقابك ..!
نظر ناحيتها بانزعاج : أعلم أنك أسعدهم بحالي ..!
ابتسمت هي بشر : و ماذا تتوقع غير هذا ؟!..
تنهد هو بضجر ثم صرخ : آآآآآآآآآآآه اكرهكم حقاً ..!
وضعت يدي على رأسي بتعب و أنا أتمتم : لن يكف عن الصراخ ..! لكنه يستحق ..!
.................................................. .......
انتهت مدة عقوبة ليو ففكت قيده و حذرته من العبث معي مرةً أخرى و اعتقد انه فهم الدرس جيداً ..!
خرجت مع ريك إلى العمل فقد حان وقته ..!
و بعد ان بدلنا ملابسنا و دخلنا المحل اتجه كل منا إلى عمله ..!
بالنسبة لي فلم أعد مضطراً لارتداء ذلك المئزر الغريب ..!
فتح الباب عندها فالتفتت قبل ان ابدأ بعزف شيء لأجد أنهن فتيات من صفي و قد رأينني حالاً و هتفت احداهن بحماس : أنه هنا بالعفل !!..
هتفت الأخرى بسعادة : بروان .. جئنا لسماع عزفك ..!
ابتسمت لهن عندها : شكراً لكن ..!
جلسن على احدا الطاولات بينما ابتسمت بهدوء .. يبدو ان خبر عزفي في هذا المقهى قد انتشر في انحاء المدرسة فقد سألني بعض الطلبة عن الأمر اليوم ..!
حسناً .. لقد حان وقت العمل الآن ..!
.................................................. ....
مر وقت العمل بسلام اليوم و هذا أراحني للغاية ..!
لقد كان الناس يتوافدون للمقهى و قد طلب المدير المزيد من العاملين مجدداً لذا اعتقد انه سعيد بنا رغم عدم اظهاره هذا ..!
عدت مع ريكايل إلى المنزل حيث كانت كيت تشاهد التلفاز بينما ليو نائم على الأريكة ..!
اتجه ريك للغرفة بينما سألت بهدوء : أين هاري ؟!..
اجابتني دون ان تنظر إلي : خرج لزيارة احدهم ..!
تنهدت عندها و ما إن كدت اخطوا خطوة حتى قالت : لينك .. إياك ان تخبره ..!
- اطمئني أنا لن أفعل ..!
عدت ادراجي إلى خارج الشقة و وقفت مستنداً بذراعي الى السور ..!
يجدر بي الاتصال بأحدهم ..!
أخرجت هاتفي و اخترت الرقم ولم تمر لحظات سوى حتى أجاب الطرف الآخر : مرحباً ..!
- مساء الخير انيتا ..!
- أهلاً لينك .. مساء الخير ..! كيف حالك و حال أخيك ؟!..
- نحن بخير .. ماذا عنك و الدكتور ادوارد ؟!..
- غارقون في العمل كالعادة ..!
كتمت ضحكتي عندها : كيف حال وايت إذاً ..!
ضحكت بخفة : اطمئن .. انها تأكل و تشرب و تنام ..! و انا اتركها عند جارتي حين اذهب للعمل ..!
يبدو ان قطة جيسكا تقضي وقتاً ممتعاً عندهم ..!
- علمت من هاري أنكما بدأتما بالعمل ..!
- اجل .. انه محل حلوى صغير .. ريك نادل بينما انا عازف ..!
- رائع .. متشوقة لرؤية هذا ..!
- يسعدنا زيارتك في شوكو شوكو
ضحكت مجدداً : يا له من اسم غريب !!..
سرت بضع خطوات ناحية الدرج و انا اقول : انيتا .. في الحقيقة اتصلت بك لأستشيرك في أمر ..!
بدا عليها الاستغراب من نبرتي الجادة : تفضل لينك .. هات ما عندك ..!
- حسناً ..! في الحقيقة كيت طلبت مني ان احضر لمدرستها نيابة عن ولي امرها هاري .. علماً بأنه لا يعلم بالأمر ..!
صمتت للحظات قبل ان تقول : لا بأس .. ربما يفضل ان تذهب ..!
تعجبت من الأمر : حقاً ؟!.. و لما لا يذهب هاري ؟!..
- حسناً كيف أقولها ..! هناك شخص في مدرسة كيت لا ترغب بالتقائه بليبيرت..! و اعتقد ان ليبيرت نفسه لا يريد رؤية ذلك الشخص ..!
- اه .. اعتقد أني فهمت ..! أتقصدين انه لا بأس بذهابي حقاً ؟!..
- اجل ..! فحتى ليبيرت لن يرفض لو علم ..! رغم اني اعتقد انه يعلم ..!
لم افهم مقصدها من الجملة الأخيرة لكني ابتسمت : شكراً لك انيتا ..!
- العفو عزيزي .. لم أفعل شيئاً في الحقيقة ..!
- اوصلي سلامي لإدوارد ..!
ضحكت عندها : حاضر .. و انت اوصل سلامي لريك ..!
- بالتأكيد ..! إلى اللقاء ..!
- وداعاً ..!
اغلقت الخط بعد هذه المكالمة التي ازاحت هماً عن كاهلي .. استطيع غداً الذهاب لمدرسة كيت و أنا مطمئن البال ..!
.......................................
في اليوم التالي صباحاً
التفت ناحيتي باستغراب : أأنت جاد ؟!.. هل ستذهب حقاً ؟!..
أجبته و أنا أغلق أزار سترتي : بالطبع أنا جاد ..!
ربت على كتفي عندها : لينك .. اعلم أنك تهتم بشأن كيت كثيراً و لا احتاج القول اني لاحظت ان ذلك الاهتمام بات كالمسؤولية على عاتقك ..!
ببرود قلت دون النظر اليه : و تلك المسؤولية تعجبني ..!
- افهم هذا ..! لكن طلب المدرسة لولي أمرها يتطلب حضور هاري و ليس حضورك انت !!..
التفت ناحيته بانزعاج : ريكايل انا اخبرتك حتى تعلم اني سأغادر المدرسة في الثامنة و النصف فقط ..! اطمئن فقد اتصلت على انيتا لاستشارتها و قد قالت انه لا بأس بذلك ..!
تنهد عندها ليقول : كما تشاء ..! لكن تذكر انك تبعد كيت عن هاري أكثر هكذا ..! لن يكون من الجيد أن قررت جعلك بديلاً لأخيها ..!
لم ارد عليه خرجت بعد ان انتهيت ارتداء ملابسي ..!
دخلت إلى المطبخ لأجد كيت تجلس هناك بهدوء على طاولة الافطار ..!
ابتسمت عندها : صباح الخير ..!
أجابتني بضجر : صباح الخير ..!
هي هكذا دوماً في الصباح بسبب كرهها الشديد للمدرسة لسبب اجهله و اشعر اني سأعرفه قريباً ..!
اخذت علبة مستلزمات الأنسولين و بدأت بالشيء الذي افعله يومياً إلا ما ندر ..!
ملأت الابرة بالكمية المطلوبة ثم تقدمت ناحية كيت التي اعارتني ذراعها فأدخلت الابرة فيها و أنا أقول : سأحضر عند الساعة التاسعة ..!
بهدوء قالت : سيكون في وقت الاستراحة ..!
- اجل ..! لكني سأتحدث لمعلميك ثم اعود لمدرستي ..!
- كما تشاء ..!
ظهر شبح ابتسامة على شفتيها و تمتمت : سأنتظرك يا أحمق ..!
لم ارد عليها بل اكتفيت بابتسامة بسيطة قبل أن أغلق تلك العلبة و اتجه لمقعدي لتناول الفطور ..!
...........................................
نظرت إلى الساعة التي كانت تشير إلى الثامنة و النصف بعد ان رن جرس الحصة الأولى ..!
وقفت عندها و سرت للخارج لكني سمعت صوت احدهم : لينك إلى أين ؟!..
التفت ناحية ايثن الذي ارف باستغراب : حصة الكيمياء ستبدأ الآن .. يفترض أن تحمل كتبك و تذهب للمعمل ..!
ابتسمت له بهدوء : أعذرني علي المغادرة الآن .. لكني سأعود بعد حوالي ساعة إلى ساعتين ..! لدي أمر مهم .!.
ابتسم عندها : إن كان هكذا فلا بأس .. لا تتأخر حتى لا تضيع العديد من الحصص ..!
أومأت موافقاً و سرت مبتعداً ..!
مررت أولاً بمكتب الآنسة هيلين لأخبرها بمغادرتي فأذنت لي على أن أعود بسرعة ..!
و هكذا غادرت المدرسة و اتجهت لأقرب موقف حافلات ..!
مدرسة كيت ليس قريبة .. لقد أخبرتني عن الطريق الذي علي سلوكه بالأمس ..!
كل ما أرجوه هو أن لا تحدث مشكلة ما هناك ..!
.................................................. .......
وقفت أمام ذلك المكان مذهولاً ..!
أي مدرسة هذه ؟!..
ها أنا الآن وصلت إلى مدرسة كيت لكني لم أدخل بعد من هول الصدمة ..!
فالمكان كان أفخر من كونها مدرسة عادية !!..
نظرت يميناً و يساراً إلى تلك المباني الكبيرة .. إنها مدرسة فاخرة بكل ما تعنيه الكلمة ..!
أقصد أنها تبدو من مدارس الأثرياء و النبلاء ..!
بل انها تكاد تصل إلى مستوى مدرسة مارسنلي ..!
أخذت نفساً عميقاً و نظرت لنفسي .. كنت ارتدي ثيابي المدرسية البسيطة ..! أتساءل إن سمح لي بالدخول بهذه الملابس ..!
عموماً لينك هناك شيء أهم ..!
هذه المدرسة تبدو مليئة بالأثرياء و النبلاء .. لتكن قلقاً من معرفة احدهم لك ..!
اخذت نفساً و خرجت المشط الصغير من جيبي و الذي بت احمله من أجل هذه الحالات ..!
غيرت تسريحة شعري لأبدو مثل ريكايل ..!
اخذت نفساً عميقاً عندها .. يجب أن أكون حذراً ..!
سرت بخطوات هادئة عبر تلك البوابة الضخمة ..! هناك مبنى رئيسي تحيط به ثلاث مباني صغيرة ..! يبدو أن فيها سكناً للطالبات أيضاً لمن أراد ذلك ..!
هناك حدائق في الخارج من كل الجهات و حين تدخل المكان تشعر أنك بعيد عن تلك الشوارع و المباني الضخمة و الازعاج ..! انها مدرسة متكاملة من كل النواحي !!..
حسناً كل ما علي فعله هو الوصول إلى من أراد استدعائي ..!
هل اتصل بكيت ؟!.. لا لا داعي لذلك ..! لأسأل أحدهم و حسب ..!
ما إن بت أقترب من المبنى الرئيسي حتى انتبهت لكثير من الفتيات هنا و هناك .. بالتفكير بالأمر فهذا وقت الاستراحة ..!
للتو تذكرت بأن مدرسة كيت مدرسة غير مختلطة و هي للفتيات فقط ..!
رأيت عاملة نظافة تقوم بجمع النفايات .. بجسد بدين و ملابس رمادية عبارة عن بنطال واسع و قميص مع قبعة و في يدها مكنسة يدوية لكنس الغبار عن الطرقات .. ربما يفضل سؤالها على سؤال الطالبات ..!
اقتربت منها : عذراً ..!
التفت إلي و بقيت تنظر إلي من الأعلى للأسفل : من أنت يا هذا ؟!..
تباً .. حتى عاملة النظافة تحتقرني في هذا المكان !!..
- هلا دللتني على غرفة المعلمين ..!
- ها ؟!.. ماذا يريد شاب مثلك من المعلمين في مدرسة للبنات ..!
- حضرت كولي أمر لاحدا الفتيات لذا اريد رؤية معلميها ..!
جلجلت ضحكتها عندها و هتفت : لاشك أنك من طرف ليبيرت .. تلك الفتاة أفقر طالبة في المدرسة !!..
استنكرت كلامها السخيف بالفعل !!..
لقد تجاوزت هذه السمينة حدودها ..!
لكن ليس من صالحي افتعال المشاكل : اخبريني أين غرفة المعلمين وحسب ؟!..
- ان كنت تريد التحدث لأحدهم فاذهب لغرفة المسؤولة عن هذا الأمر .. اخل المبنى الرئيسي و سر في الممر الأيسر .. ستجد الغرفة هناك على يمينك ..!
- شكراً ..!
قلت كلمتي تلك بنفس ثقيلة ثم تركت تلك السخيفة تقوم بعملها ..!
يحق لكيت ان تكره هذه المدرسة ما دامت عاملة النظافة بحد ذاتها تستحقرها !!..
لأنسى أمرها الآن ..!
بدأت اسير ناحية بوابة المبنى الرئيسي حيث زاد عدد الطالبات اللواتي بتن يرمقنني بنظرات غريبة ..!
- من ذلك الفتى ؟!..
- لا أعلم .. لكنه يبدو مألوفاً في هذا المكان ..!
- انه كالنبلاء .. لكن ملابسه لا تدل على ذلك ..! انه وسيم بالفعل !!..
- انها تبدو ملابس احدى المدارس العامية .. كل تلك المدارس تملك ذات التصميم ..!
- ربما اخ لإحدى الطالبات ..! لا يمكن فهو يبدو فقيراً رغم وسامته ..!
- الا يشبه وريث مارسنلي الذي اختفى ؟!.. مستحيل !!..
- بلا بلا .. لكن يستحيل أن يكون هو ..! كما انه قد انتشرت اشاعة عن انه وجدوا وريث مارسنلي منتحراً في مكان ما ..!
ابتلعت ريقي اثر كلام تلك الأخيرة .. من الأهبل الذي نشر عني إشاعة كهذه ؟!!..
عموماً تجاهلت هذا و سرت إلى داخل المبنى ثم اتجهت للطريق الذي دلتني عليه عاملة النظافة ..!
لكن الأصوات حولي بدأت تزداد بسبب كثرة الطالبات ..!
- انظرن لذلك الفتى ..! ألا يبدو كلينك مارسنلي ؟!..
- انه يشبهه بالفعل ..! و لكن هذا الفتى يبدو بسيطاً للغاية !!..
- ربما قدم لتقديم وظيفة كنادل في الكفتيريا ..!
- انه طالب ثانوية على ما اعتقد ..! أتمنى أن يكون من النبلاء أو من الأثرياء على الأقل فهو وسيم ومن المؤسف ألا يكون كذلك ..!
- ما الذي جلب عامياً لمدرستنا أصلاً ؟!..
- ربما هو قريب لليبيرت ..! تلك الصبيانية هي الوحيدة العامية هنا ..!
هل كيت مشهورة في هذه المدرسة ؟!..
يبدو أنها كذلك بالفعل !!..
وصلت أخيراً لتلك الغرفة .. تسريحة الشعر انقذتني فلو اني كنت بشكلي العادي لأقسم بعضهم أني لينك مارسنلي دون أدنى شك ..!
طرقت الباب طرقتين و سمعت الاذن بالدخول فدخلت ..!
نظرت إلي تلك الشابة ذات الخمس و العشرين عاماً بشعر أشقر حريري جميل و ملامح لطيفة للغاية رغم نظرة الجد في عينيها البحريتين بملابس رسمية عبارة عن تنورة قصيرة سوداء مع قميص ابيض و سترة رسمية بلون ازرق فاتح و هي تجلس خلف ذلك المكتب الفاخر في تلك الغرفة التي كان كل ما بها هو ذلك المكتب مع خزانة زجاجية على الجدار و بعض الأرائك في زاوية حول طاولة من الخشب الفاخر ..!
انها جميلة .. جميلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ..!
نظرت الي باستغراب : هل أخدمك بشيء أيها الفتى ؟!..
ترددت للحظات قبل أن أقول : عذراً .. اسمي هو ...!
تذكرت شيئاً فقلت بسرعة : ريكايل براون ..! قدمت نيابة عن ولي أمر الطالبة كيت ليبيرت بعد استدعاء المدرسة ..!
قطبت حاجبيها ليعطيها منظراً منزعجاً لطيفاً : جئت أنت ؟!.. و ما الذي يفعله الطبيب الوسيم في هذا الوقت ؟!..
لم أفهم جملتها الأخيرة لكن يبدو أنها تعرف هاري ..!
بهدوء قالت و هي تنظر لملف في يدها : تقدم و اجلس يا ريكايل .. اسمي هو مايا روبنس ..!
روبنس !!.. أنهم من الأسر التي ارتفعت لمستوى الأثرياء مؤخراً ..! لكن اعتقد انه لم يتم الاعتراف بهم كلياً بعد فهم ليس لهم أي صلة بالنبلاء و ثروتهم ليست بتلك الكبر لذا هم من ما تحت الطبقة المخملية أي لا يزالون من العامة..!
تقدمت بهدوء و جلست على المقعد امام مكتبها ..!
اذاً حتى المعلمون و المسؤولون هنا من تلك الطبقة و ما حولها ..!
نظرت إلى الملف بين يديها ببرود : اولاً ما علاقتك بالآنسة ليبيرت لتحضر نيابة عن أخيها ؟!..
أجبتها ببرود : أنا جارها و حسب ..! لكن بسبب انشغال الدكتور ليبيرت طلب مني الحضور نيابة عنه ..!
تمتمت عندها : أشك في هذا ..!
لم تمنحني فرصة للتفكير بل قالت : عموماً ..! لقد ترك لي معلموها بعض الأسئلة و الاشعارات .. ان مستواها الدراسي في تراجع مستمر و هي تتغيب كثيراً و هذا ليس في صالحها ..!
لو عاشوا معنا يوماً واحداً لاقتنعوا أنه من سابع المستحيلات اقناع كيت بالذهاب للمدرسة إن لم ترغب بذلك ..!
سألت عندها : ما سبب غيابها المستمر ؟!..
أجبتها بهدوء : ربما تعلمين أنها مصابة بسكري الأطفال .. و كثيراً تستيقظ متعبة فيفضل أن تبقى في المنزل على أن تذهب للمدرسة و يزيد تعبها ..!
- حسناً .. ماذا عن مستواها الدراسي ؟!.. دراجتها في تدن مستمر رغم انها فتاة ذكية إلا انها مهملة ..!
- أنا اعتذر بشدة لهذا .. أعدك بأن أبذل جهدي لتحسين طباعها ..!
بدا عليها الانزعاج فعلاً : و لما أنت من يقوم بذلك ؟!.. ماذا عن أخيها ؟!.. ام أن عمله ألهاه عنها ؟!..
لم أفهم سبب انزعاجها حقاً لكن يبدو أنه تعرف هاري جيداً ..!
لكنها بعدها قالت ببرود : انسى الأمر ..! عموماً هناك أمر آخر ..! الآنسة ليبيرت تسبب الكثير من المشاكل في المدرسة و تتشاجر مع كثير من الآنسات .. لذا اتمنى ان تنتبه لهذا أيضاً ..!
هل تظهر كيت وجهها الذي تظهره لهاري و ليو هنا ايضاً ؟!..
تنهدت الآنسة روبنس ذات الملامح الجميلة و عادت تنظر إلى الأوراق معها ثم قالت وهي تمد لي بعضها : هذه نسخ من تقاريرها الدراسية التي لم تعتمد بعد .. ان رأيت فسترى ان مستواها سيء لذا اتمنى ان تتغير و إلا فإنها سترسب لا محاله ..!
اعلم ان تلك الفتاة ان ارادت فهي ستنتبه لدروسها و تراجع امتحاناتها .. لكنها بكل بساطة لا تهتم لهذا إطلاقاً ..!
أخذت نفساً و استلمت الأوراق لألقي نظرة عليها .. بالفعل علاماتها فضيعة للغاية ..!
انها لا تزال في السنة الأولى الإعدادية و إهمالها منذ هذا الوقت سيزيد الطين بله ..! يبدو أن علي أن أتعامل مع هذا ..!
لا أعلم لما أضع مسؤولية هذه الفتاة علي .. لكني أشعر و كأنها الأخت الصغرى المزعجة التي لم أحظى بها سابقاً ..!
نظرت إلى الآنسة روبنس لأقول : سأهتم بكل هذا .. لذا اطمئني آنسة روبنس ..!
أوشحت بوجهها الجميل لتتمتم بانزعاج : بت ترمي مهامك على الآخرين الآن يا .. دكتور هاري ..!
قالت الكلمات الأخيرة بسخرية أدهشتني ..!
أنها لا تعرف هاري فقط .. بل يبدو أنها تعرفه أكثر مما اتوقع ..!
وقفت عندها و انا أقول : استأذنك بالذهاب الآن ..!
نظرت إلي بهدوء : سيتم استعادك مجدداً إن لم ارى أي تطور ..!
أومأت موافقاً عندها و سرت ناحية الباب لأخرج من ذلك المكتب الواسع لتلك الآنسة التي بدو أنها مشرفة طلابية او شيء من هذا القبيل ..!
بدأت اسير في ذلك الممر مجدداً و انا أنظر إلى تلك الأوراق .. أن الآنسة ليبيرت هذه ستجلطني عما قريب ..!
سرت مغادراً المبنى صاماً أذني عن كل ما اسمع و متجاهلاً نظرات الفتيات ناحيتي ..!
و بعد ان بدأت اسير في الساحة ازدادت الأصوات حولي و قد بدأت الفتيات بالسير بسرعة ناحية مكان ما من الحديقة و كأنهن يردن حضور شيء ما ..!
اثار ذلك تعجبي لكني لحظتها سمعت جملة من أحداهن : بسرعة .. أنها ليبيرت مجدداً ..!
ليبيرت !!.. كيت !!..
لم اجد نفسي إلا وقد سرت بخطوات متلاحقة ناحية الجهة التي تذهب منها الفتيات و قد خفق قلبي خشية ان اختي الصغيرة و المزعجة تلك قامت بافتعال مشكلة ما ..!
رأيت الطالبات متجمعات كدائرة للإحاطة بشيء ما ..!
سمعت بعدها صوتاً من الداخل : الن تتوقف انت عن ازعاجي ؟!..
انه صوت كيت بلا شك .. تداخلت الأصوات بعدها لكني سمعت تلك التي بدا الغضب في نبرة صوتها : أنا بالفعل لم أقابل آنسة أكثر وقاحة منك ..! بل اني لا يمكن ان اعدك آنسة ايتها الصبيانية !!..
- اسمعي .. لقد سكت عن إهانتك طويلاً فلا تدعيني أغضب أكثر ..!
- ماذا ستفعلين ؟!.. هل ستضربينني ؟!..
اخترقت الصفوف لأرى تلك الكيت ذات القامة الأقصر في المكان و الحجم الأصغر تقف بكل بشموخ تنظر أمامها بانزعاج و نوع من الغضب حيث قالت : إن لم تصمتي فأنا بالفعل سأضربك ..!
- أخفتني !!..
- سترين يا هذه ..!
لحظتها جثت أرضاً بسرعة ثم وقفت وقد التقطت ذلك الحجر !!..
علمت ما ستفعله .. سترمي الحجر بضربتها الساحقة التي حطمت بها زجاجة سيارة هاري في السابق وقد تحدث شلخاً في جمجمة عدوتها الآن ..!
لم يكن مني إلا أن اسرعت ناحيتها : كيت توقفي !!..
لم يكن مني إلا أن اسرعت ناحيتها : كيت توقفي !!..
التفت ناحيتي عندها و قد صرت في لحظة محط انظار الجماهير لكني بسرعة اقتربت منها و أخذت الحجر من يدها و انا اقول بتأنيب بسيط : هذه الأفعال لا يمكنك القيام بها هنا لأنك ستطردين إن فعلت هذا ..!
قطبت حاجبيها بضجر : ماذا ؟!.. أهذا ما جئت لتقوله لي الآن ايها الاحمق الكبير ؟!.. اعد الحجر فتلك الآنسة النبيلة تحتاج لتأديب ..!
قبل ان أرد عليها شعرت بأحدهم يركض ناحيتي و ما إن التفتت حتى صدمت بإحداهن تعانقني عناقاً حاراً على حين غفلة و قد هتفت بنبرة سعادة غامرة : اشتقت اليك !!..
.
.
اشتاقت إلي ؟!..
.
.
شهقت فزعاً لحظتها ..!
هل تعرفت علي احداهن ؟!..
.
.
ذلك الصوت ليس غريباً إطلاقاً .. لكني لا أذكر صاحبه ..!
.
.
تلك الفتاة لا تزال تعانقني و قد بدأ الجميع بالتهامس ..!
إنها مصيبة !!..
.
.
ابتعدت عني لحظتها بعد ان اخذت كفايتها لتلجمني الصدمة حين رأيت وجهها و قد بدت سعيدة وهي تقول : مضى زمن طويل ..! أني بالفعل مشتاقة إليك !!..
كان فاهي متسعاً .. لست اصدق انها امامي الآن لا بل و تنطق بهذه الكلمات ..!
منذ متى و هي مهتمة بأمري اصلاً ؟!!..
لحظتها سمعت صوتاً من جهة أخرى و هو ذات صوت الفتاة التي كانت تتشاجر مع كيت و بنبرة مصدومة : لـ .. لينك !!..
شهقت فزعاً حين انتبهت لذلك الصوت الآخر الذي يعد بالنسبة لي أكثر أهمية من الصوت الأول ..!
التفت حالاً لأجد تلك الفتاة ذات الخمسة عشر عاماً تنظر إلي بنوع من الصدمة و الخوف و القلق لكنها لم تلبث ان قالت : أنت .. لينك ؟!..
تضاربت مشاعري لحظتها و لم أستوعب انها امامي .. لقد تعرفت إلي بسهولة كما هو متوقع منها !!.. لكني لا أريد ذلك ..!
لم أعلم ماذا أقول فالهمسات بدأت تزداد و عقلي متوقف عن التفكير بينما عيناها تحدقان بي بعدم تصديق : انه ريكايل ..! و ليس لينك !!..
نظرت لكيت التي نطقت هذا ببرود لتنظر إليها تلك المعنية باستنكار :ريكايل ؟!..
اسرعت الفتاة الأولى التي عانقتني لتلف ذراعيها حول ذراعي و تحتضنها و هي تقول بنبرة دلال مخاطبة صديقتها : هذا صحيح آندي .. أنه ريكي !!!..
.
.
أجل .. هل عرفتم من هؤلاء ؟!..
آندي و سورا !!..
.
.
نظرت الي قريبتي العزيزة نظرة باردة للحظات و تمتمت : يبدو أن بصري بات يخونني ..!
واضح انها اقتنعت اني لست لينك .. لكن أي زلة مني ستجعلها تتراجع عن قرارها لذا قلت بنبرة محترمة مخفياً توتري : مضى زمن طويل .. آنسة رافالي ..! يسعدني رؤيتك بصحة جيدة ..!
قالت تلك التي لا تزال تتشبث بذراعي بنبرة طفولية مستاءة : و أنا ؟!!.. ألم يسعدك رؤيتي بخير ؟!..
لقد تعدلت لكنتها الغريبة و هذا اكثر ما جذبني : بلا انسه ساتوشي .. يسعدني رؤيتك بحال جيدة ..!
بلهجة طفولية قالت : نادني سورا و حسب ..!
لم أرد عليها لأن تلك الأنسة الأخرى قالت بجد : ريكايل .. ألا تعلم أين أجد لينك ؟!..
شعرت بالتوتر لحظتها لكن الإجابة جاءت تلقائية : في الحقيقة .. لقد تم طردي مع بقية الخدم من قبل السيد سميث .. لذا لا اعلم ما حصل للسيد مارسنلي ..!
قطبت حاجبيها للحظات بحزن قبل أن تقول : لم يكن يعاملك جيداً .. لذا لا ألومك على نسيان أمره ..! لكن فرصة جيدة رؤيتك مجدداً ..!
لحظتها قالت سورا بدلال : ريكي .. بما انك تركت العمل عند لينك فما رأيك أن تأتي معي ..!
لم أكد أقول شيئاً فقد هتف احدهم لحظتها بغضب : هذا لن يحدث إطلاقاً يا ذات الاسم الغريب !!.. لأنه سيبقى معي ..!
التفت الجميع ناحية كيت التي قالت ذلك بكل جرأه مما أذهلني !!..
لكن سورا هتفت بعدوانية : ماذا قلت أيتها القصيرة الصبيانية ؟!.. لا شأن لك فأنا سأشتري ريكي و سيكون لي ..!
- من قال لك أنه للبيع ؟!..
استنكرت الأمر لحظتها فأنا أذكر أن سورا قد عرضت علي في السابق شراء ريكايل لكني هتفت بذا الجملة التي هتفت بها كيت منذ لحظات !!..
تقدمت تلك الصبيانية ناحيتي و سحبتني بشدة من بين يدين تلك الأخرى و هتفت بغضب : لا تقتربي منه بعد الآن ..!
بدا الانزعاج على سورا : سآخذه رضيت أم لا !!.. العامة لا يحق لهم الاعتراض ..!
تلك الجملة ازعجتني أنا أكثر من كيت لذا قلت بجد : اعتذر يا آنسة ..! لكني لن أذهب معك ..!
ربت على رأس كيت و ابتسمت : قريبتي هذه تحت رعايتي في الفترة الحالية و علي ان أكون الأخ الأكبر الجيد لها ..! لذا اعذريني ..!
شعرت بكيت عندها تتشبث بي فقط لتشعل نار الغيرة في قلب سورا التي كتمت غضبها و هي تتمتم : لقد وعدت أن أجعل ريكي يحبني .. و سأفعل هذا طال الزمان أم قصر ..!
تقدمت عندها آندي التي بدت مختلفة عن العادة و ربتت على كتف صاحبتها : توقفي سورا ..!
اتبعت جملتها تلك بنظرة إلي .. نظرة برود و شموخ اعتدت رؤيتها في اعين النبلاء قبلاً .. و أصدقكم القول أنها كانت النظرة المفضلة لي بل النظرة التي احترفها تماماً : ريكايل .. ألا يمكنك التعرف على مكان لينك ؟!.. أقصد .. ألم تسمع منه شيئاً أو تلحظ شيئاً ..!
انها ترهقني بهذه الأسئلة التي ستكشفني بها عما قريب : في الحقيقة .. كما قلتِ سابقاً فعلاقتي بالسيد مارسنلي كانت سطحية للغاية لذا لا اعتقد ان بإمكاني التكهن بما يفكر به ..!
بدا عليها اليأس لحظتها لكنها قالت : إن علمت أي شيء فلا تتردد بإخباري .. أعدك بمقابل جيد على أي خبر موثوق ..!
انها جادة بالفعل : حاضر ..!
بدت اندي مختلفة عن العادة .. ذلك المرح و السعادة في عينيها اختفيتا كثيراً ..!
أنا لا ألومها لأني أعرف ما هي مكانتي عند رافالي ..!
أجل .. لا أقول هذا غروراً أو مبالغة لكني أقدر أنهم كانوا يعدونني و أمي من أفراد اسرتهم و نحن كنا كذلك أيضاً ..!
دوماً معاً .. في السراء و الضراء ..!
ابناءهم كانوا اخوتي .. العم رونالد و الخالة كاثرين بمكانة والدي ..!
اخذت نفساً عميقاً .. علي المغادرة فليس من صالحي البقاء هنا أكثر ..!
نظرت لكيت بهدوء و تمتمت : سأعود لمدرستي الآن .. أرجوا ألا تسببي المزيد من المشاكل ..!
نظرت لي بعبوس ثم رفعت يدها لتمسك بأذني و تجرها إليها مما آلمني قليلاً و أزعجني أيضاً لكن ما همست به بتهديد ألجمني : حسابك في المنزل .. ايها السيد مارسنلي !!..
نظرت إليها بتوتر للحظات بينما أبعدت هي بصرها عني بكل برود ..!
لقد كشفتني إذاً .. من خلال حواري مع اندي علمت أني السيد مارسنلي !!..
أنطلق جرس عالي لحظتها بنغمة موسيقية مميزة لتسير الطالبات عائدات إلى صفوفهن حيث انتهى وقت الاستراحة ..!
سارت تلك الصبيانية ذات الشعر الفاحم بينهن بلا أي تردد و ليس كأنها كانت تتعرض للاضطهاد منذ قليل ..!
تقدمت سورا ناحيتي و هي تقول بحماس : ريكي .. تعال لزيارتنا في المدرسة دوماً ..!
قبل أن أرد عليها سحبتها آندي بانزعاج : سورا قلت لك توقفي ..! هيا كي لا نتأخر عن الدرس ..!
في النهاية .. بقيت وحدي في تلك الساحة التي باتت خالية تماماً ..!
بعد أن حدث لي موقف لا ينسى فيها ..!
فها هي كيت كشفت حقيقتي و لسبب ما لست منزعجاً من الأمر إطلاقاً بل و كأن حملاً انزاح عن كاهلي ..!
أما آندي التي عرفتني في أول وهلة إلا أنها تراجعت عن قرارها .. شيء في نفسي يجعلني أشعر أن تغير رأيها ليس بسبب كلام سورا و كيت ..!
بل و كأنها شعرت بأن هذه الروح البسيطة ليست للينك مارسنلي الذي عرفته دوماً ..!
...........................................
تنهدت بضجر و أنا استند إلى ذلك السور من الاسلاك المعدنية في السطح ..!
لقد تأخرت بعض الوقت في العودة للصف لذا رفض المعلم دخولي .. و من يهتم ؟!..
انتبهت للباب يفتح عندها و حين رفعت رأسي كان رايل و على وجهه ابتسامة لطيفة : حسناً .. ما الأمر المهم الذي استدعيتني من اجله ؟!..
ابتسمت بهدوء عندها : أنا لم أقم باستدعائك أو أي شيء من هذا القبيل ..!
وقف أمامي ينظر بشك و بذات ابتسامته : اه اجل .. لقد مررت من أمام باب صفي و القيت علي بنظرة غريبة تقول " لدي مشكلة عويصة " ..!
كتمت ضحكتي : ليست مشكلة بالمعنى الحرفي ..!
استند إلى السور بجواري عندها : ذهبت لمدرسة كيت ؟!..
- أجل ..!
- ممتاز .. و ماذا حصل ؟!..
- توقع من رأيت هناك ؟!..
- و من عساه يكون ؟!..
نظرت إليه بطرف عين و بسخرية : محبوبتك سورا ..!
أخذت لحظات ليستوعب قبل أن يشهق بفزع و قد ترجع عدة خطوات و قد استقرت يمناه على صدره : ليس تلك الغريبة !!.. ماذا حدث ؟!..
- حسناً .. الواقع هو اني حين وصلت إلى المدرسة رأيت انها للأثرياء و النبلاء .. و خشية ان يتعرف أحدهم علي اقتبست شكلك و اسمك لبعض الوقت ..! اصدقك القول بأني صدمت بفتاة ما تركض ناحيتي و تعانقني على حين غلفه ..!
- ألن تتوقف هذه المجنونة عن تصرفاتها ؟!..
ضحكت بخفة عندها : مستحيل .. انها تنوي أن تشطر قلبك إلى نصفين و تحتفظ بأحدهما ..!
تنهد بضجر و احباط : بالكاد اسير بقلب كامل فكيف سأفعل بنصف قلب ..!
لكنها بعدها نظر إلي باستغراب و كأنه استدرك أمراً ما : إن كانت سورا هناك فهذا يعني ...!
صمت عندها فتابعت انا نيابة عنه : أجل .. لقد كانت آندي هناك أيضاً ..! و قد عرفتني !!..
كانت عيناه تحدقان بي علهما تريان شيئاً من الانزعاج أو التعاسة .. لكني كنت طبعياً تماماً مما جعله يسأل : و ماذا بعد ؟!..
- قالت لها كيت بأن ريكايل و لست لينك .. سورا أيضاً علقت بأني ريكي ..!
- كيت كانت هناك أيضاً ؟!!!!..
- أجل .. كانت تتشاجر مع آندي و سورا .. أوقفت الخلاف دون أنتبه للأخيرتين فحدث ما حدث ..! سألتني آندي عن لينك مارسنلي فأجبتها بأني لا أعلم ..!
قطب حاجبيه عندها : لينك .. إلى متى تنوي الاستمرار بهذا ؟!.. أقصد أن الأوضاع هدأت لذا يمكنك الذهاب لمنزل رافالي كي يطمئنوا عليك ..!
أغمضت عيني و اسندت رأسي إلى السور خلفي : ربما هدأت الأوضاع حولي .. لكن ما داخلي لم يهدأ بعد ريكايل ..!
تنهد بتعب عندها ليقول : حسناً .. ماذا ستقول لكيت إن سألتك عن كيف للآنسة آندي أن تعرفك و أخوك ؟!..
التفت إليه و قد ابتسمت بهدوء : الحقيقة هي أنها اكتشفت كل شيء و انتهى الأمر ..! لقد همست في أذني في النهاية " حسابك في المنزل ايها السيد مارسنلي " ..!
بدت عليه صدمة بسيطة و قد صمت مما جعلني أقول : ألن تعلق على الأمر ؟!..
- في الحقيقة أنت تصدمني في كل لحظة بكلامك ..! لكن ما يصدمني أكثر هو برودك تجاه الأمر ..!
- لا تقلق بشأن كيت فأنا سأتصرف معها ان اضطر الأمر ..! أعرف أن تلك الفتاة ليست مهتمةً بشخصيتي الحقيقية و ماذا تكون لذا لن تلقي بالاً للأمر و ربما لن تسأل أيضاً ..! ان اردت القلق من أحدهم فيفضل أن يكون ليو ..!
- ربما انت محق ..! رغم ان ليو نفسه لا يشكل شيئاً بل المصيبة هي في والده ..!
- عموماً دعنا ننسى الأمر الآن ..! لقد كان هذا الصباح حافلاً بالنسبة لي ..!
تنهد عندها : كما تشاء .. لنعد الآن فالجرس سيرن بعد لحظات و سينتهي الدوام المدرسي ..!
.................................................. ..
جلست على ذلك الكرسي الطويل في ساحة اللعب أراقب الأطفال وهم يتقاذفون الكرة فيما بينهم ..!
كانت الساعة تشير إلى الواحدة ظهراً و أنا لم ابدل ثياب المدرسة بعد فقد وصلت للتو و طلبت من رايل ان يأخذ حقيبتي معه للأعلى ..!
لين و لوسيان و آركيف كانوا يلعبون أمامي بالكرة بعد أن أختفى الثلج من الأرض تماماً .. حنيها رأيت ايميلي تسير بإحباط و على كتفها حقيبتها المدرسية ..!
تعجبت منها فهي لم تتجه للباب بل اقتربت وجلست بجانبي دون ان تنتبه لي فقد كانت تحدق للأرض بشرود : ما الأمر ايمي ؟!..
رفعت رأسها و نظرت إلي للحظات ثم تنهدت بضجر : لدي امتحان لغة انجليزية غداً ..!
- و ما المشكلة في هذا ؟!..
- هناك بعض الأشياء لا أفهمها و لا أعلم كيف أفعل ؟!..
- كان عليك سؤال المعلمة ..!
- سألتها .. لكنها كانت تعيد ذات الكلام في كل مرة ..!
- أريني ..!
أخرجت كتابها من حقيبتها و فتحت احدى الصفحات و اشارت إلى عدد من القواعد البسيطة ..!
ابتسمت لها عندها : هلا أعرتني قلماً ؟!..
أومأت ايجاباً و اخرجت محفظتها اللطيفة ذات اللون الوردي و اخرجت قلم رصاص ..!
بدأت أشرح لها تلك القواعد بسلاسة و بطريقة يفهمها تفكيرها الطفولي و ترجمت لها الأمثلة كما قارنت تلك القاعدات ببعض قاعدات اللغة الفرنسية المشابهة ..!
نظرت إلى عينيها ذات لون البنفسج و قلت : فهمتي الآن ؟!..
ابتسمت بسعادة و حماس : أجل .. أنها سهلة للغاية ..! شكراً لك لينك ..!
أخذت كتابها و بقيت تحدق في تلك الكتابات الجانبية التوضيحية : ان هذا رائع ..! أنا احسد ريكايل حقاً ..!
استغربت كلمتها : لما ؟!..
التفتت ناحيتي بابتسامتها البريئة و هي تقول : لأن لديه أخاً مثلك !!.. أنا أتمنى أن يكون لي أخ كبير يساعدني دوماً ..!
كلامها ذاك جعلني أشعر بشعور غريب ..! أهو حزن أم سعادة ؟!.. فرغم أن ريكايل أفضل مني في كل شيء إلا أن هناك أشخاصاً يحسدونه على أخوته لي ..!
يا له من تفكير ساذج ايمي ..!
رغم ذلك ابتسمت لها : يفترض أن تحسديني أنا لأن لي أخاً كريكايل ..!
نظرت الي بذات باستغراب و كأنها لم تتوقع هذا الرد و قبل أن ينطق احدنا بشيء اصدم شيء ما بوجهي على حين غفله !!..
شيء كبير لدرجة أني سقطت على ظهري من فوق الكرسي و قد شعرت أن أنفي تحطم و بدأت أشعر بالدوار : لينك !!.. أأنت بخير ؟!..
كانت هذه ايمي التي اسرعت للجلوس قربي فيما ركض الثلاثة الآخرون ناحيتي ليطمئنوا على الوضع أو أنه نوع من الفضول ..!
اشعر بالدوار .. و بألم في وجهي .. ما ذلك الشيء ؟!..
نظرت يميناً حيث رأيت تلك الحقيبة السوداء .. أنها الشيء الذي تم رميه علي ..!
حاولت الجلوس فساعدني آركيف و ايميلي في ذلك : هل يؤلمك أنفك ؟!..
نظرت إلى لين التي سألت ببراءة و أجبت و أنا أتأوه : نوعاً ما ..!
- انه احمر ..!
- اشعر أنه كسر ..!
ربت لوسيان على رأسي حينها و بدأ يمسح عليه : مسكين لينك .. لا تخف سيذهب الألم الآن ..!
الرحمة !!.. كيف بات بي الحال ساقطاً أرضاً و يواسيني الأطفال ؟!!...
جلست باعتدال عندها أنا أضغط على أنفي : من الذي فعل هذا ؟!..
اقتربت لين وهمست في اذني : أنها كيت !!..
تعجبت : لما تهمسين ؟!..
- لا أريدها أن تعلم أني أخبرتك ..!
- من الواضح أنك تفعلين ذلك لذا لا داعي للهمس ..!
نظرت حولي للحظات وفعلاً رأيت كيت تسير ناحيتي بهدوء و على وجهها ملامح هادئة بريئة حتى وقفت أمامي ..!
رفعت احد حاجبي بغضب : ألي أن أعرف سبب هذا التصرف ؟!..
تنهدت بتعب : أعذرني .. لقد انزلقت حقيبتي من يدي ..!
- عذر غير مقبول فلما تطير حقيبتك ناحيتي بعد مجرد انزلاق ..!
- ربما يعجبها المخادعون ..!
قالت جملتها الأخيرة ببرود وهي تعبث في خصلات شعرها القصيرة الأمامية ..!
تنهدت عندها : أنا لست مخادعاً ..!
نظرت إلي للحظات بتعجب : حقاً ؟!.. ظننتك كذلك ..!
- هيه كيت ..! أنه ليس وقت المزاح ..!
- اه أجل هدء من روعك ..! حين رأيتك لم أقاوم رغبتي في ضربك عوضاً عن ضرب قريبتك العزيزة ..!
قطبت حاجبي عندها و قد علمت أنها تعني آندي فقد كادت ترميها بالحجر أثناء مشاجرتهما : كيف علمتي أنها قريبتي ..!
ببرود قالت دون أن تنظر إلي بل بدأت تعبث في هاتفها النقال : سمعت بعض الفتيات يتحدثن عن هذا ..! عموماً تعلم أني آخر من يهتم بهذا الأمر ..!
نظرت إلي بعدها لتقول : بما انك لينك فقط دون أي ألقاب فأنا لست مهتمة إطلاقاً ..!
تنهدت بتعب فقد توقعت هذا منها .. أنه مريح بعض الشيء ..!
تقدمت بضع خطوات وحملت حقيبتها ثم سارت ناحية البوابة الداخلية للمبنى ..!
يا لبرودها !!.. هي حتى لم تفكر بالاعتذار عما سببته ..!
- لينك .. هل يؤلمك أنفك ؟!..
التفت مجدداً إلى لين التي قالت هذا بقلق وقد دمعت عيناها : لما تسألين ثانيةً ؟!..
- انه أحمر ..!
- ذلك ليس خطيراً عزيزتي لذا امسحي دموعك ..!
اقترب لوسيان و لمس انفي بإصبعه ليقول بحيرة : أنه أحمر .. لكنه ليس ساخناً ..!
زفرت بضجر فغباء الأطفال يتجاوز الحدود : لوسيان .. أنه أنف و ليس جبين ..!
وقفت عندها و أنا أقول : تابعوا لعبكم الآن ..! ايمي استذكري جيداً لامتحانك ..!
لم أكد أقول هذا حتى انتشروا في الأرض الواسعة و كأنهم كانوا ينتظرون أن أطمئنهم على حالي ..!
ابتسمت بهدوء عندها .. هه .. يا لهم من أطفال !!..
تركتهم و اتجهت إلى البوابة الداخلية و ركبت المصعد إلى الأعلى ..!
اليوم هو يوم الجمعة لذا ليس لدي عمل ..!
وصلت إلى شقتي و فور أن دخلت سمعت احدهم : أمم أجل ..! حسناً أنه يناسبنا كذلك ..! سأخبره حالاً ..! إلى اللقاء ..!
دخلت غرفة الجلوس حين رأيت ريك يتحدث بهاتفه و قد أغلقه للتو : ما الأمر ؟!..
التفت إلي بابتسامة : سنخرج في نزهة ..!
باستغراب سألت : مع من ؟!..
- الدكتور مارفيل و انيتا .. اليوم هو يوم عطلتهم الأسبوعية ..! و يودان الخروج في نزهة جماعية كبيرة ..!
- رائع ..! ومن سيذهب ؟!..
- قالت انيتا بانها اخبرت هاري و اتصلت بخالتي ميراي أيضاً ..! و قد طلبت منا الحضور مع ليو و كيت ..!
جلست على احد المقاعد و انا أقول بارتياح : آآآه منذ زمن لم أخرج في نزهة ..!
أومأ ريك إيجاباً ليقول : هيا لينك ..! قالت انيتا انها و خالتي ستعدان الشطائر ..! لذا اخبرتها اننا سنشتري المشروبات ..! اذهب لدكان العم جاك و أجلب بعضها ..!
استلقيت على الأريكة بكسل : لما لا تفعل أنت ؟!.. لا مزاج لي لفعل هذا ..!
وقف عندها وهو يقول : سأقوم بكي الملابس ..! أم أنك ستفعل هذا عوضاً عني ؟!..
وقفت بسرعة و بتوتر : أفضل شراء العصير ..!
كتم ضحكته فهو يعلم أني أحاول تجنب أي شيء يدخل تحت اطار الأعمال المنزلية ..!
لذا اتجهت لغرفتي كي ابدل ملابسي و بعدها سأنزل لابتاع بعض المشروبات المنعشة ..!
......................................


جلست في المقعد الأمامي بجوار السائق بينما هاري يتولى القيادة .. في الخلف جلست كيت مع ليو و رايل في المنصف بينهما كحاجز عن أي مضايقات و شجار ..!
انشغل من في الخلف بالتعليق على بعض المحلات في الخارج بينما التفتت إلى هاري عندها : إلى أين سنذهب بالضبط ؟!..
أجابني بهدوء : إلى حديقة البرج ..!
اتسعت عيناي بذهول و شعرت بتوتر كبير .. لما ذاك المكان على وجه التحديد ؟!!..
لكن ذلك الطبيب ابتسم بمرح : كنت امزح !!..
نظرت إليه باستنكار : ها ؟!.. ما الداعي لهذه المزحة الغريبة ؟!..
- اعلم أن تلك الحديقة تضج بالنبلاء الشبان و الأغنياء كذلك ..! كنت سأرى ردة فعلك إن كنا سنذهب لهناك و قد كانت اوضح مما توقعت ..!
تنهدت بضجر عندها و أنا أتمتم : أنك غريب حقاً ..!
عدت التفت إليه عندها : لم تخبرني إلى أين سنذهب إذاً ؟!..
- حسناً .. أنها حديقة كبيرة بالقرب من هنا .. يوجد في منتصفها ميدان مليء بأحواض الزهور ..! تعلم أن الربيع قد بدأ لذا هي تستقطب الكثير من الزوار ..!
زهور .. سيكون الجو منعشاً إذاً ..!
مضت بضع دقائق قبل أن نصل إلى تلك الحديقة المفتوحة ..!
حيث كان على جانبهاً مركن كبير للسيارات وقد كانت هناك لوحة كتب عليها " ميدان الأزهار " أعتقد أنه اسم هذه الحدقة ..!
نزلنا سويةً من السيارة وقد كان الهواء منعشاً و مفعماً برائحة الشجر و الزهور ..!
استنشقت الهواء عندها : كم هذا منعش ..!
نظرت لكيت التي فعلت الأمر ذاته و قد ظهر شبح الابتسامة على وجهها .. اعتقد انها اكثرنا حاجةً لنزهة كهذه ..!
ركض ليو عندها بحماس : سأسبقكم الآن ..!
لحقت به كيت فوراً باستياء : هيه أيها المشرد توقف !!..
لم يكن مني إلا أن ركضت خلفهما : توقفا أنتما !!..
فور ان تجاوزت حدودها الغير مسورة توقفت للحظات انظر حولي ..!
لقد كانت الأرض خضراء نسبياً .. و معظم الأشجار قد كستها الأوراق الخضراء ذات اللون الساطع الجريء ..!
ابتسمت عندها : أنه الربيع بالفعل ..!
سرت بهدوء خلف الأحمقان اللذان كانا يسيران بخطوات متسارعة و ينظران حولهما ..!
لا أخفي عليكم ان هناك ابتسامة ظهرت على كل منهما ..!
- هيييه .. لينك نحن هنا ..!
نظرت ناحية مصدر الصوت فرأيت انيتا تقف و تلوح لنا بابتسامة تحت احدا الأشجار الكبيرة و بالقرب منها بساط واسع بلون وردي جميل جلس فوقه ادوارد و هو ينظر ناحيتنا بابتسامة أيضاً ..!
ابتسمت مجدداً و سرت ناحيتهما عندها و حين اقتربت شعرت بشيء قرب قدمي مما جعلني اسرع للنظر أسفلاً لأجد كرة الصوف الكبيرة تللك تمسح جسدها في بنطالي و تموء بصوت يدل على سعادتها ..!
هتفت بسعادة لا تقل عن سعادتها هي : وايت !!.. مضى زمن طويل ..!
انحنيت فوراً لحملها بين ذراعي و انا امسح على رأسها و رقبتها بينما علق ادوارد عندها : لقد تعرفت عليك فوراً لينك ..! لا تزال رائحتك عالقة بأنفها ..!
شعرت بأحد خلفي و فور ان التفت كانت كيت تحدق بي باستغراب او بالأحرى تحدق بما بين يدي : قطة ؟!..
ابتسمت لها : أجل .. هل ترين غير ذلك ..!
تقدم لي ناحيتي متعجباً هو الآخر : و لما تحبك هذه القصة ؟!..
قبل ان اجيب تدخلت انيتا : ربما تذكره بمالكها السابق ..!
نظر الاثنان إليها لتتابع بابتسامتها اللطيفة : القطة لأحد معارف لينك .. و لأنه كان مضطراً للسفر و تركها أحضرها لينك إلي لأعتني بها ..!
ابتسمت حينها و أنا أقدر لأنيتا مراعاتها لعدم ذكر القصة الحقيقية خلف وايت ..!
وصل هاري و ريك عندها و جلسنا سويةً على ذلك البساط .. وماهي سوى لحظات حتى وصلت ميراي إلينا و هي تحمل سلة جميلة من القش : أرجوا ألا أكون قد تأخرت ..!
أومأت انيتا سلباً : ليس كذلك عزيزتي .. لقد وصل ليبيرت ومن معه للتو ..!
حولت نظرها إليه و ابتسمت : كيف حالك دكتور ليبيرت ؟!..
بادلها تلك الابتسامة : بخير آنسة ستيوارت .. أرجو أن تكوني كذلك ..!
- أنا كذلك بالفعل ..!
تنهدت حينها : ألا تستطيعان اختصار هذه الألقاب المبتذلة ولو قليلاً ..!
التفتا إلي لأتابع حينها : كفا عن ترديد " دكتور ليبيرت " و " آنسة ستيوارت " .. يمكنكما الاكتفاء بهاري و ميراي !!.. أو على الأقل باسم العائلة بلا ألقاب ..!
توردت وجنتا خالتي و أوشحت بوجهها بينما ابعد هاري عينيه عني ..!
لم يردا و لم يعلق أحدهم على الأمر فقد هدأ الجميع للحظات قبل ان تهتف أنيتا بمرح : حسناً حسناً .. ما رأيكم بتناول الشطائر الآن ..!
أخرجت خالتي بعض الشطائر من تلك السلة من القش كما فعلت انيتا و هكذا بدأنا بتناول الطعام ..!
كان ميدان الزهور ذاك قريباً منا على بعد عدة امتار لكننا لم نكن نستطيع رؤيته جيداً بسبب كثرة الأشجار ..!
انهيت علبة العصير ثم نظرت لكيت لأقول : ما رأيك أن نتجول قليلاً هناك ..!
بدا عليها الاستغراب من طلبي اياها على وجه الخصوص فحتى الجميع بدا ينظر إلي بينما هتف ليو : أنا سآتي أيضاً ..!
نظرت إليه بطرف عين : لا .. أريد الحديث مع كيت في موضوع خاص ..!
بدا عليها الانزعاج فيبدو انها عرفت فيما اريد أن أحدثها ..!
رغم ذلك وقفت معي بتملل و ارتدت حذائها كما فعلت المثل ..!
اتجهنا إلى ذلك الميدان و بدأنا السير فيه .. هناك الكثير من الزهور هنا و هناك بألوان مختلفة و مبهجة رغم أن بعضها لم يتفتح بعد ..!
سمعت تنهيدتها خلفي : ماذا الآن ؟!..
التفت إليها بجد : تعلمين فيما اريد ان احدثك ..!
- أعلم .. مستواي الدراسي ..!
- رائع .. لقد خففت علي الكثير ..! حسناً .. أعلم أنك تستطيعين تعديل مستواك المتدني ..!
جلست القرفصاء أمام اصيص الزهور ذاك و هي تقول بملل و ضجر : لا مزاج لي لفعل هذا ..!
تنهدت حينها و جلست بقربها : هيه كيت .. ان استمر الأمر هكذا فسترسبين ..! ذلك لم يكون جيداً إطلاقاً ..!
التفت ناحيتي بانزعاج : و ما المطلوب الآن ..!
- فقط حلي واجباتك و استذكري امتحاناتك ..! أنا لا أطلب المستحيل ..!
- لست مهتمة ..!
- هل ستكونين مهتمة ان وعدتك بالمقابل كل فترة ؟!..
بدأت تفكر للحظات قبل ان تقول : و ما المقابل ؟!..
بجد قلت : ان علمت أن درجاتك تحسنت فسآخذك لمحل كعك فاخر في كل نهاية شهر لتأكلي كما تشائي ..!
بدا عليها العجب حينها و ابتسمت بسعادة : حقاً ؟!..
- أجل .. لكن هذا سيكون على حسب مستواك ..! أن رأيت تحسناً ستكون قطعة صغيرة ..! أما التفوق فأنت ستسحقين حينها قطعة كبيرة ..!
- موافقة ..! ليكن وعداً ..!
- أعدك بهذا ..!
بدت عليها السعادة حينها ..!
من الجيد أنها اقتنعت بالأمر رغم أني كنت واثقة بأنها ستوافق بما ان للحلوى شأناً ..!
- يا لك من طفلة أيتها الصبيانية ..! تقتنعين بمجرد ذكر الكعك ..!
التفت إلى الخلف كما فعلت كيت لأرى ذلك الأحمق و على وجهه ابتسامة شر .. ذلك المشرد !!..
وقفت تلك المقصودة غاضبةً حينها : و ما شأنك يا مشرد ؟!!..
بسخرية قال : الصبيانية التي لا تعيش بدون الحلوى ..!
في تلك اللحظة خلعت حذاءها بسرعة و رمته عليه لكنه تفاداه و راح يركض هارباً مما دعاها لأن تلحق به بسرعة وهي تزمجر : أقسم اني سوف أحطم رأسك أيها المتشرد ..!
يا إلهي !!.. لقد بدءا !!..
وقفت عندها و صرخت بهما : كفا عن هذا !!. لقد جئنا لنستمتع اليوم لذا توقفا في الحال ..!
لم يستمعا إلي بل تابعا الركض و ليو يسخر من كيت في كل لحظة بينما هي تصرخ به بأسوء الكلمات و الألقاب ..!
يال لسانها السليط !!..
سرت بضجر ناحية حذائها المرمي و التقطته .. إن حاولت ايقافهما في كل مرة في كل مرة فسأقضي عمري كله بهذا العمل ..!
انطلقت صرخة عالية من احدهم فجأة مما دعاني لألتف حالاً لأرها تجلس أرضاً بطريقة غريبة بعد أن صرخت بألم ..!
شعرت بالفزع و ركضت ناحيتها حالاً و أنا أرجوا ان لا يكون شيئاً خطيراً لأني لم اسمع كيت تصرخ هكذا إطلاقاً من قبل !!..
وصلت اليها وقد كان ليو قد سبقني و على وجهه علامات الخوف و القلق ..!
كانت تجلس ارضاً و تطأطأ رأسها و تتأوه بألم و فوراً نظرت إلى تلك الدماء التي سالت من قدمها ..!
انقبض قلبي و جثيت قربها حالاً : ماذا حدث ؟!..
رأيت قطع زجاج على الأرض و قد دخلت قطع منها في اسفل قدمها حيث كانت الدماء تنزف بشكل كبير ..!
بدا الخوف على ليو وقد تمتم : انها مصابه ..! ماذا نفعل ..!
نظرت لكيت التي كانت تغمض عينيها بألم و قد سالت دموعها و هي تتأوه بشدة ..!
ربت على كتفها و قلت : اهدئي .. لن نستطيع نزعها الآن ..!
كان ليو يلف شالاً خفيفاً حول رقبته و بسرعة قلت : ليو هات هذا الشال !!..
بلا تردد خلعه و أعطاني اياه فلففته بشكل بسيط حول قدمها و قلت : سأحملك الأن ..!
حملتها حينها بين ذراعي و تمتمت : أنت اثقل مما تبدين عليه ..!
هتفت رغم دموعها بغضب : أصمت ايها الأحمق ..!
سرت بها بخطوات متلاحقة ناحية مكاننا .. قد يتمكن هاري او ادوارد من فعل شيء ..!
حين وصلت نظر الي الجميع مرعوباً بسبب تلك الفتاة التي تبكي بين ذراعي و هناك شال ملفوف على قدمها ..!
اسرعت انيتا لإبعاد كل ما كان على البساط في المنتصف لأضع كيت هناك حالاً بينما هتفت ميراي بخوف : ماذا حدث ؟!..
نظرت لإدوارد حالاً : هناك زجاج دخل لقدمها ..!
ابعد هو قطعة القماش تلك لتظهر قدمها الملطخة بالدماء و قطع الزجاج التي اخترقتها واضحة مما جعلها مفزعةً لمن يراها ..!
بسرعة قالت انيتا : يجب نقلها للمشفى ادوارد .. لن نستطيع فعل شيء هنا ..!
رما لها بمفتاح سيارته وهو يقول : اسرعي و شغلي السيارة ..! سأحملها و ألحق بك ..!
هتفت حالاً : سآتي أيضاً ..!
- لا داعي لهذا ..! الأمر ليس خطيراً ..!
لم أقل شيئاً حينها فقد ركضت انيتا إلى مركن السيارات بينما حمل ادوارد كيت التي كانت تبكي بألم و اسرع بها خلف زوجته ..!
- ريكايل .. أأنت بخير ؟!..
التفت حين سمعت كلمة خالتي تلك فرأيت اخي الذي اصفر وجهه عندها و قد تمتم : اطمئني .. شعرت بالخوف قليلاً فقط ..!
يا إلهي .. لا يجب أن يمرض الآن ..!
تقدمت ناحيته و جثيت أرضاً قربه ثم ربتت على كتفه و أنا أطمئنه : لا بأس .. إنها جروح بسيطة و قد اخذوها للمشفى كي ينظفوها جيداً فقط ..!
أومأ إيجاباً و قد اخذ نفساً عميقاً : أرجوا ان تكون بخير ..!
لحظت أن احدهم غير موجود : أين هاري ؟!..
اجابت خالتي بهدوء : لقد ذهب منذ لحظات للتجول وحده ..! بدا لي انه رأى احد معارفه فذهب كي يسلم عليه ..!
وقفت حينها و أنا أقول : يجب ان يعلم بما حدث سريعاً .. سأبحث عنه ..!
لم يوقفني احدهم بل لم ينطقوا ..!
ليو كان مصدوماً بما حدث و كأنه يحمل نفسه جزءاً من المسؤولية ..!
اما ريك فقد بدا مريضاً بعض الشيء .. لقد افزعه ما حدث كما البقية و لكن يبدو أن قلبه بدأ يؤلمه بعض الشيء ..!
وقد جلست خالتي قربه وهي تبدو قلقة عليه كقلقها على كيت ..!
عموماً يجب ان اسرع للبحث عن هاري ..!
......................................
انتهى البارت

اتمنى ان ينال على رضاكم و يكون بالطول الكافي ..!


.....................

لقاء غير متوقع بين لينك و اندي .. هل سيراودها الشك في شخصيته الحقيقية ؟!..

مايا روبنس شخصية جديدة .. ما الدور الذي ستؤديه يا ترى ؟!..

ماذا عن كيت و اصابتها ؟!.. هل ستكون بخير ؟!..

توقعاتكم للقادم ؟!..

أفضل مقطع في البارت ؟!..
...............................

المقتطفات

...

دمعت عيناها حينها : لما انت قاسٍ هكذا ؟!.. لم تستغل حبي لك ؟!..

...

بفخر قلت : انهم يسمونها .. محبوبة الملايين ..!

...

اغمض عينيه بقوة و هتف و الرعب يملأ قلبه : لا فائدة من خطفي فأنا لن ارث شيئاً !!..

...

دخلت مغلقاً الباب من خلفي و اتجهت إلى الخزانة لأخرج منها صندوق امي العزيزة .. تلك الأم التي لم اعرفها إلا بالصور ..!

...

اكملت فلم الرعب ذاك بتمتمتها الحاقدة السعيدة : سنلتقي في العالم الآخر مجدداً ..!

...

أي شخصية تلك التي تقبع خلف شخصيته الطفولية ؟!.. أم أنها ذات الشخصية لكن حين تكون في المحيط المناسب ؟!..

...

دخل وريث ديمتري إلى المكان .. و لحظتها كادت انفاسي تنقطع ..!

...

تركتها بعدها في حيرة من امرها بين ما تشعر به في الخفاء و بين واقعها المر ..!

...

ربما .. لأن هناك من يشغل ميشيل عني .. و هذا ما لا احتمله !!..

...

علمت ان الحديث معه لن يجدي نفعاً لذا اكتفيت بالقول بتهديد : عموماً .. لو تسببت معاملتك هذه لرايل بأي مشكلة فأنا لن ارحمك ..!

..............................................

هذا مالدي اليوم

اتطلع لأرائكم

في حفظ الله و رعايته ..!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:44 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.