آخر 10 مشاركات
مصابيح في حنايا الروح (2) سلسلة طعم البيوت *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : rontii - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          سيدة الشتاء (1) *مميزة* , *مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          خدمة مميزة !!! .... (الكاتـب : حكواتي - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          106 ـ صيف في غيتسبرغ ـ بربارا بريتون ع. مدبولي (كتابة / كاملة** ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          437 - لحظة وداع - لوسي مونرو ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-12-13, 09:36 PM   #21

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



المملكة العربية السعودية – حائل
التاسعة مساءً
أطل يوسف برأسه داخل الغرفة
: يلا تعال
وخرج
تبعه عمر ثم ابتسم ابتسامةً واسعة
: الله , يَ زين ذي الجلسة
ضحك يوسف وجلس
اقترب عمر ليجلس قريباً منه
في باحةِ المنزل الخارجية أشعل يوسف النار بالحطب ووضع ابريقَ شاي وفرش سجاداً طويلاً ليجلسا عليه
قال عمر
: ناقص فروة
: عندي , تبي ؟!
: لا خلاص المرة الجاية
راحا يتحدثان مستمتعان بالأجواء وبانتظار اصدقائهما
قال عمر بهدوء
: احس اني جلست هالجلسة قبل !
قال يوسف مبتسماً
: طيب حنّا دايم نجلس هاتس
هزّ رأسه نفياً
: لا , لمن أسرح كأني أشوف ذي الجلسة وفي وجوه بس ما اذكرها
زفر يوسف ثم قال
: همَاني قايل لك نروح للدواير الحكومية ننشدهم عنك
قبل أن يجيبه دخل اثنان من أصدقاءهما ف تراجع عن الحديث
نظر اليه يوسف بنظرةٍ تحمل كثيراً من المعاني ثم نهضا يرحبان ب رفيقيهما
,
,
المملكة المتحدة – تشيلسي
العاشرة صباحاً
اقترب من غرفة الطعام ليسمع همس والدته
: بأنتظره يطلع
دخل باستغراب
فصمتت فوراً
: صباح الخير !
ردّا والده ووالدته بارتباك
: صباح النور
اقترب ليجلس وهو يسأل بريبة
: وش فيكم ؟
قالت والدته
: ولا شي حبيبي , يلا افطر
نظر اليهما ولم يرد
رفع كوب العصير وشربه دفعةً واحدة
قال بهدوء
: تبين تطلعين يمه ؟
: لا وين بروح يعني !
هز رأسه متفهماً
انتهى من تناول طعامه ونهض
: انا رايح للجامعة , وبعد الظهر بروح شغلي , المغرب راجع ان شالله
ابتسمت والدته بحنان
: الله معاك
خرج من المنزل وهو قلق بشأن والديه
سار بسيارته مبتعداً حتى تذكر أنه نسي أوراقاً تخص الجامعة
عادَ أدراجه ليرى سيارة والدته الخاصّة يقودها السائق ووالدته خلفه
رفعَ حاجبيه وكادَ يتبعها
نظرَ الى ساعته وتراجع عن ذلك , لديه امتحان بعد ساعة ونصف من الآن لن يسعه الوقت
نزل من سيارته مسرعاً الى المنزل
صادفه والده حين دخل
قال والده بصدمة
: انت ما رحت !
اقترب منه وقال بجدية
: وش فيكم ؟ أمي وين رايحة ؟
ارتبك والده ليقول
: ما في شي , اتصلت عليها صديقتها تبي تقابلها في السوق وراحت !
رفع حاجبه الأيمن بعدم تصديق
قال ببرود
: يَ شيخ ! تسوق أمها علي !
ردّ والده ساخراً
: ما ودك تعطيني كف بعد ؟
ضحك ببرود وترك والده صاعداً الى غرفته يحضر أوراقه وذهنه مشتت
حين خرج كان يفكر في أمريهما
حتى طرأت لين على باله
ابتسم لذكرى الأمس وسحب هاتفه ليكلمها
اتصل ولم تجبه
فاستنتج أنها قد تكون في محاضرة
وضع هاتفه جانباً وقبل أن يرفع يده عنه رنّ بنغمة رسالة
فتحها وابتسم
( صباح الخير , معليش سعود أنا في محاضرة , اذا طلعت كلمتك )
ردّ عليها
( ولا يهمك , انا جاي للجامعة أشوفك ان شالله )
وضعَ هاتفه وتابع طريقه
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السابعة صباحاً
كانت رتيل ممسكةً بكتابها وتجلس متربعةً على طاولةٍ في المطبخ
وداليا تتحرك بتوتر وهي تقرأ في كتابها
دخلت أم صقر وابتسمت بحنان
: فطرتوا ؟
: لا
: بسوي لكم لقمتين تاكلونها مو زين تروحون بدون أكل
لم تجيباها
كانت عينيهما تلتهم الأحرف بخوف
ضحكت بخفة منهما
قالت بتمتمة
: دام هالتمريض صعب وش رازكم فيه
أيضاً لم تجيباها
حينها دخل أبو صقر للمطبخ
قال بذهول
: وش تسوون في المطبخ ؟! أحد يذاكر هنا !
ضحكت زوجته وأجابته
: داليا ورتيل طقوسهم غريبة في المذاكرة , تحت الدرج ! في المطبخ ! فوق السيارة !
انفجر ضاحكاً
وحينها تأففتا بصوتٍ عالٍ
تراجع أبو صقر معتذراً
: خلاص خلاص , الله يوفقكم
بعد نصف ساعة ناداهن عبد الله بعطف
: بنات تأخر الوقت ! يلا أوديكم للكلية وكملوا هناك
هتفتا بجزع
: لااا
: بسم الله عليكم ! خلاص براحتكم مو لازم تختبرون
صرختا مجدداً
: لااا
ضحك عبد الله بذهول
: وش تبون طيب !
قالت داليا بخوف
: ما ادري
ازدردت رتيل ريقها ثم قالت بارتباك
: يلا بنطلع نلبس الحين
صعدتا الى غرفتيهما وانتهيتا بسرعة لتنزلا وأيديهما تحتضن الكتب
اقتربتا من أم صقر وقبلتا يدها
قالت بحنان
: بالتوفيق حبيباتي الله يفتحها بوجيهكم ويسهل عليكم وينجحكم ياارب
أمّنوا جميعاً بصدق وخرج عبد الله مع الفتاتين
حين وصلوا قال بحنان قبل أن تنزلا
: لا تنسون اللهم لا سهل الا ما جعلته سهلاً وأنت تجعله الحَزن اذا شئت سهلاً , الله يوفقكم
نزلتا دون تعليق
حين أغلقتا الباب انفجر عبد الله ضاحكاً وهو يهز رأسه بيأس
: مهبل والله !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة صباحاً
قال بانزعاج
: بس هديل عندها اختبارات !
: هذا الاسبوع ما عندها الّا اختبار واحد يوم الأربعاء , نروح اليوم ونرجع الثلاثاء الصباح
: ومتى تذاكر ؟! تراها اختبارات نهائية يمه مو لعب
: تذاكر هناك ما عليك , لازم نروح نتطمن على الولد
: طيب روحي مع تركي وخلينا انا وهي
: انت ما تبي تروح براحتك , بس هديل أخته بالرضاعة لازم تروح تشوفه
زفر ثم قال
: اسأليها وسوي اللي يريحك
حينها دخلَ تركي الى غرفة الجلوس , قبّل رأس أمه وجلس بجانبها
: وش عندكم على هالصبح
قالت متضايقة ولا زالت آثار البكاء على ملامحها
: فهد أخو وليد مريض
عقد حاجبيه
: عسى ما شر !
تهدج صوتها وهي تقول بتأثر
: الخبيث
هتف بفزع
: لا اله الا الله !
قال علي بهدوء
: يمه الله يطول عمرك قلتلك انا متصل على وليد قال معاه اللوكيميا وفي بدايتها ان شالله يسيطرون عليها ويتعالج
قالت بنحيب
: يا حبة عيني يا فهد توّه صغير , من وين جاه ذا المرض
قبل تركي رأسها ويدها
: استغفري الله يالغالية ما يجوز تقولين هالكلام , لا تعترضين
قالت بهمس وهي تمسح عينيها
: اللهم لا اعتراض – رفعت يديها باتجاه القبلة وقالت بصدق – يارب يا كريم يا رحمن يا رحيم منّ على فهد بالشفاء يا من عندك الدواء يا مجيب الدعاء , قومّه بالسلامة وابعد عنّه المرض والسقم , واهدي وليد وحنن قلبه على أخوه , ألف بينهم يارب , واصلح عيالي وبنياتي وبنت أختي ملاك , يارب
أمنَ ابنيها بابتسامةٍ حنونة
قالت ببحة
: تركي يمه نادي على أختك تقوم تجهز شنطتها نمشي بعد شوي للشرقية
نظر تركي الى علي
: تروح بهم ولا أوديهم أنا ؟
تنهد ونظر الى أمه , كانت نظرتها كفيلةً أن يقول
: نروح كلنا , بس خلوا خبر عند رتيل لا نسافر وهي ما تدري
ابتسمت بامتنان
وبادلها مبتسماً بحنان
نهض تركي الى غرفة شقيقته
أزعجها حتى صاحت به
: وش تبي !
: لا تصرخين , فزّي بنروح للشرقية , بسرعة ما في وقت
فزت بفزع
: وش فيه ! ملاك ووليد بخير ؟!
نزلت الدرج دون أن تنتظر ردّه وهي تهتف
: يممما , ماماا
نادتها بقلق
: تعالي وش بك !
: ملاك ووليد وش فيهم ؟ وش صاير لهمم
هزّت أمها رأسها باستغراب
: ما فيهم شي !
: أجل ليه بنروح للشرقية
قال علي بهدوء
: عادي طالعين نشوف اقاربنا ! ما فيها شي
نظرت اليه بريبة
: علي صار لنا سنين ما طبينا الشرقية وش طرا عليكم نطلع لها الحين على الاختبارات
ابتسم بهدوء
: فهد تعبان شوي
قالت بحذر
: وش فيه ؟
زجرتها والدتها بغضب
: وش لك بكثر الأسئلة انقلعي جهزي شنطتك ولا تكثرين حكي
قالت بتذمر
: شايفة عصبيتك ذي تأكد انّ صاير شي
قال علي ببطئ وبهدوئه ذاك الذي يخبرها فيه أنها ان لم تُطِع حالاً فإنها ستُعاقب
: هديل اطلعي جهزي شنطة حقة يومين بسرعة
أولته ظهرها وصعدت الى غرفتها وأطرافها ترتجف من القلق
جلست أم علي على الأريكة وهي تتكلم بعصبية وتعبث بهاتفها
: ما ناقصني الّا هديل – وضعت الهاتف على اذنها لثوانٍ حتى قالت – السلام عليكم
ردّت رتيل بارتباك
: هلا يمه وعليكم السلام
: شلونك حبيبتي
: الله يسلمك طيبة
: متى اختبارك أجل ؟
: بعد عشر دقايق بندخل للقاعة
: الله يوفقك حبيبتي , مذاكرة زين ؟
: على الله نقول ان شالله انتي بس لا تنسيني من دعواتك , سمّي يمه ؟
: بغيت أتطمن عليك وبقولك حنّا طالعين للشرقية بعد شوي وبنرجع الثلاثاء الصباح
قالت بقلق
: عسى ما شر ! ملاك ووليد طيبين ؟!
قالت بتعجب
: ياربي شفيهم هالبنات مفاولين على ملاك ووليد ! لا ما فيهم شي
ضحكت وهي تقول
: وش صاير ؟
: أختك الخبله قلنالها قومي بنطلع للشرقية قامت تصارخ وش صاير ووش فيهم ملاك ووليد
ضحكت ثم قالت
: بس جد وش صاير ليه بتطلعون
: اذا شفتك قلت لك , المهم انتبهي لنفسك يا يمه
: ان شالله , درب السلامة الله يحفظكم , سلمي عليهم هناك
: يوصل حبيبتي , استودعتك الله
ودعتها وأغلقت الهاتف , ثم نهضت لتُجهِز عدّة السفر
,
,
استراليا – كانبرا
الحادية عشر وخمسون دقيقة صباحاً
قالت بابتسامةٍ مرنة وبظهرٍ معتدل
: اذاً مشاهدينا هُنا تنتهي حلقَتُنا , نلتقي بكم في الحلقة المقبلة , الى اللقاء
ظلّت على ابتسامتها لثوانٍ حتى أُطفِأت الكاميرة الموجهة عليها
قالت الأخرى التي تجلس خلف الكواليس
: فوراً بعدَ الإعلان تبدأ نشرة الظهيرة
نزعت السماعةَ من رأسها ونهضت مسرعةً الى المقهى
اقتربت من الطاولة وجلست
قالت باستغراب
: عواش شفيج اليوم ؟
قالت بابتسامةٍ شاردة
: ولا شي
قالت باصرار
: تحجي شصاير , كلش مو مركزة اليوم ألف مرة أنبهج للكاميرة , وجم مرة تضيعين النص وتطالعين بالورق ! مو عوايدج
قالت بعد صمت
: أكو واحد متقدم لي
ابتسمت بابتهاج
: صج ! وناسة
رفعت كتفيها
: ما ادري مو متقبلة الفكرة
: ليش !
: الريّال كويتي
: انزين !
: لا قصدي انّه انولد وعاش وكبر بالكويت , ابوه يعرف ابوي وجي , واذا صار نصيب يعني أعيش بالكويت
همهمت منال , ثم قالت
: انزين مها درت ؟
: ما ادري اذا ابوي قال لها او لا , بس انا ما علمتها للحين
قالت منال بحماسه
: شرايج نروح لها ورى الدوام ؟
هزّت عائشة رأسها باستحسان
: اوكي
نادى أحد الموظفين بعجل
: آنسة منال بقي ثوانٍ لينتهي الإعلان
نهضت بسرعة وسقط كأسٌ على الأرض من عجلتها وكادت تسقط هي أيضاً حتى وازنت نفسها , قالت هاتفة
: ويي نسيت روحي
ضحكت منها عائشة
: دومج متخسبقة
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة مساءً
دخل للمنزل وسار ناحية غرفته
ناداه شقيقه مستغرباً
: بندر ؟
التفت اليه بشرود
: هلا !
اشار اليه بأن يقترب
: تعال , وش فيك صاير ما تنشاف
اقترب وهو يهزّ رأسه نفياً
: ما في شي
: من رجعت ما شفتك زي الناس ! توقعتك بتتحمس لأخبار لين بس ماش مو هامك شي
قال ضاحكاً
: الّا أكيد مهتم , بس منشغل بالدراسة خلاص مو باقي شي لازم أنتبه
قال خالد متفهماً
: الله يوفقك , اذا تحتاج شي كلمني
ابتسم ثم قال
: طيب تصبحون على خير
أولاهم ظهره ودخل غرفته
قال أم خالد بعد صمت
: قلبي مو متطمن من ناحية بندر
ازدرد خالد ريقه ثم ابتسم قائلاً
: تعوذي من ابليس ! ما في شي
نظرت اليه بعمق
: ما ودّي أحلف انّ حتى انت مو مرتاح
ضحك بقلق
: ملاحظ عليه دايم سرحان طلعاته كثرانة جواله على طول مشغول , واذا سألته يقول صاحبي !
قال فيصل
: طيب عادي كلنا مرينا بأيام كذا
هزّت أم خالد رأسها وهي تتنهد
: الله يستر
قال خالد
: يمه لا تكبرين الموضوع , خليه كم يوم على راحته , انا أثق انّ بندر اذا احتاجنا بيجينا
زفرت ثم قالت
: يارب
,
,
المملكة المتحدة
اقتربت منها بقلق
: ماذا حدث ؟ مالذي دهورَ حالتكِ !
ردّت الأخرى بتعب
: أظن أن أجلي اقترب
نهرتها وهي تمسح دمعاتها
: لا تقولي هذا , ستكونين بخير
استعدلت في جلستها وهي تمد لها بيدها
: اقتربي , يجب أن أخبرك بكل شيء , أخشى أن يحدث أمر يمنعني
اقتربت منها وهي تشد على يدها وتستمع اليها بحزنٍ ووجعٍ عليها !
,
,
استراليا – كانبرا
العاشرة صباحاً
قال بجمود
: ماذا تعني ؟
ردّ الآخر بأسف وهو يرفع نظارته عن عينه
: نحتاج عاماً آخر حتى يتعافى ظهرُك وننزع المعدن من قدمِك وذراعك
ازدرد ريقه وهو يغمض عينيه ليسطير على رباطة جأشه
قال بهدوء
: لمَ ؟ قلت من قبل أننا سنحتاج الى ثمانية أشهر وقد مرّ عامٌ ونِصف !
رفعَ كتفيه وهو يقول بتشتت
: لا أعلم كيف حدث هذا ! جسدك لا يتجاوب مع العلاج , اذا مرّ عامْ ولم تتحسن قد نضطر الى اجراء عدة عمليات , و – صمت قليلاً ثم قال بصعوبة – واحتمالية نجاح العمليات 50% , وإن لم تنجح , فـَ...
صمت ولم يستطع المتابعة
قال مبتسماً
: أكمل , مالذي سيحدث ان لم تنجح العمليات ؟
قال بخفوت
: شلل !
ضاقت الغرفة به , لم يعد به " اوكسجين " لا يستطيع التنفس , حتى عينيه بدأتا بالتخبط بلا هدف
هكذا المصائب !
دوماً لا تأتيه فرادى
مرت أعوام وهو يتخبط في المصائب والهموم
يارب , ارحمني !
أثلج صدري وانزع منه الهم
أريد التنفس ! سأسقط صريعاً
أين ذهب الهواء , كيف يستطيع هذا الرجل الذي أمامي التنفس ببساطة وأنا أكاد أموت وانا أبحث عن ذرة هواء !
أم هو الهم استحكم بمعصميه الشديدين حول رقبتي ليمنعني عن استكمال حياتي !
فرج شفتيه ليتنفس بعمق وهو يغمض عينيه ويردد بهمس
: لا اله الا الله , استغفر الله استغفر الله استغفر الله
قال الطبيب بقلق
: هل أنت بخير
ظلّ على وضعه لثوانٍ ثم قال بتعب
: كيف ! لم أكن بهذا السوء
: أنا حقاً آسفٌ لأجلك
هزّ رأسه بصمت ثم قال
: متى سنبدأ بالعلاج ؟!
: الاسبوع المقبل , يَومَيّ الثلاثاء والخميس
هزّ رأسه موافقاً
: حسناً , أشكرك
نهض وغادر الغرفة
نزل بالدرج ليخرج من المشفى
تمشي برجليه في الحديقة الخاصة
اقترب السائق بخوف
: سيدي هل أنت بخير ؟
: عُد الى السيارة , أريد أن اختلي بنفسي
ابتعد بطاعة
: حاضر
جلس على أحد الكراسي المنتشرة
هو حقاً لا يُريد أن يشل
ولا يريد الموت
ليس لتمسكه بالحياة !
بل لأنه عازمٌ على أمرين
يجب أن يفعلهما ويكافح من أجلهما لآخر نفسٍ في صدره
ويبدو أن هذا النفس قد اقترب كثيراً !
ويجب أن يطول ليكمل ما عزمَ عليه
تنفس بعمق وهو يردد
: لا اله الّا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين
: لا حول ولا قوةَ الّا بالله
: انّا لله وانّا اليه راجعون
: اللهم آجني في مصيبتي واخلفني خيراً منها
رنّ هاتفه , نظر الى اسمها ولم يجب
مرت دقائق ليرنّ مجدداً
نظر الى الاسم ف زفر ثم رد بهدوء
: هلا
: السلام عليكم
: وعليكم السلام ورحمة الله
: شلونك طال عمرك
: الحمد لله , انت ومالك شلونكم ؟
: طيبين الحمد لله
: آمر يا سلطان وش بغيت
: أتطمن عليك , مو اليوم موعدك في المستشفى عشان النتايج ؟
ابتسم بهدوء ثم قال
: الحمد لله
علِمَ سلطان من نبرته أن سوءً أصابه , ولم يشأ أن يضغط عليه فودعه وأغلق الهاتف
بقيّ بعض الوقت بمفرده حتى عاد للمنزل وهو يستغفر ويحمد الله
,
,
المملكة العربية السعودية – الشرقية
الواحدة والنصف مساءً
نزلَ وليد على الدرج مسرعاً
نهضت زوجة أبيه متسائلة
: وصلوا ؟
قال بعجلة
: ايه , بطلع أفتح الباب
خرج مسرعاً وهو يهتف
: عم عبدو افتح الباب
أسرع العم عبدو الى الباب , فتحه وابتعد لتدخل السيارة
اقترب منها وليد مبتسماً
توقفت السيارة ونزلوا منها
قال مرحباً
: هلا والله , تو ما نوّرت الشرقية والله , الله يحييكم
اقتربا منه تركي وعلي ليعانقاه بمحبة
ابتعدا واقترب من خالته
قبّل كفّها وجبينها
: الحمد لله على سلامتك , عسى ما تعبتي
عانقته بحنان
: الله يسلمك حبيبي , الحمد لله ما تعبنا
ابتعدت عنه لتقفز هديل وتتشبث به هاتفة
: اشتقققت لك
ضحك وأبعدها بعد أن قبّل رأسها
: مبدئياً البنت هذه ما تشوف فهد لا تجلطه
لكزه تركي لينتبه
قالت مستغربة
: شدخل فهد ؟!
ابتسم ب " وهقة " وهو يقول
: لا ولا شي بس صاير عصبي ما يحب البثارة
رفعت حاجبها الأيمن دون تصديق
ابتسم وهو يتقدمهم
: تفضلوا ينتظرونكم داخل
ساروا معه ليدخلوا للمنزل
استقبلهم ابو وليد مبتسماً
: الله حيّهم هلا وغلا
سّلما عليه تركي وعلي وهديل ملتصقةٌ بوالدتها بخجل
لكزتها والدتها وهي تهمس
: الله يفشلك سلمي على الرجال
همست وهي تقترب من أمها أكثر
: ما ابي
قال ابو وليد بحنان
: وين بنيتي أجل !
ابتعد وليد قليلاً لتظهر مع أمها من خلفه
قالت ام علي بنبرةٍ لا ملامح فيها
: شلونك يا ابو وليد
أخفض رأسه قليلاً وردّ مبتسماً
: الحمد لله بخير يا جعلك بخير , شلونكم انتم وش أخباركم
قالت بخفوت وهي تدفع ابنتها
: الحمد لله
قالت هديل بهمس
: شلونك عمي
مدّ بيده اليها
: هلا هلا والله , تعالي يابوك
نظرت الى شقيقيها محرجة
قال علي ضاحكاً
: أي يجوز تسلمين عليه ابوك بالرضاعة
احمّر وجهها وهي تقترب
كيف لها أن تعانق رجلاً لم تره الا مراتٍ قليلة في طفولتها !
كيف لجسدها العذري أن يمسه رجلٌ تجهله !
رجلٌ كلّ عائلتها تبغضه
رجلٌ سمعت كثيراً أنه مجرم
تشعر أن عينيها تخترق قناع لطفه لترى بشاعته وقبحه
لترى اجرامه وعنجهيته
كيف يسمحُ لها اخوتها الثلاثة أن تقترب من هذا الوحش !
كان قلبها ينبض بشدة , وأنفاسها مضطربة بخوف
تكاد تهرب الآن
تماسكت واقتربت
ضمّها اليه بمحبة
كشرت بوجهها
كيف لمجرمٍ مثله أن يكون صدره حنوناً ونبرته رقيقة !
: وش اخبارك ؟ كذا تقطعيني بالمرة تراي أبوك ! لي حق عليك
لم تجبه
التفت وليد الى خالته بنظرةٍ ساخرة
كأنه يقول لها
هذا الماكر !
قتل واحدة , ويريد أن تسلميه ابنتكِ ليقتلها أيضاً !
هذا الذي يجدر به أن يكون أحب خلق الله لي
لكني لا أبغض أحداً بقدر ما أتمنى موته !
كان يعلم أنه يناقض نفسه !
في أعماق روحه مشاعرٌ مكبلة
تفيض وداً وعشقاً لهذا الرجل
لكنه يخنقها ان حاولت الظهور
ولا يظهر سوى تلك التي تحُيله أكثر رجال الأرض حقداً
قرصت ذراعه وهي تهمس
: استح على وجهك لا أطلع عيونك من محاجرها
ابتعد ابو وليد
: تفضلوا ارتاحوا , تعالوا يا شباب نجلس في المجلس
تبِعاه علي وتركي وهما يتحدثان معه حتى غابوا عن النظر وتخافتت أصواتهم
نزلت ملاك مسرعة الى حضن خالتها وهي تهتف
: خاالتيييي
ضمتها خالتها بشوقٍ كبير
: يا بعد خالتك وكلها
وخرجت أم فهد وابنتها روان من المطبخ مبتسمة
: الله يحيي أم علي , أسفرت وأنورت
أبعدت ام علي ابنة أختها لتسلّم على أم فهد
: الله يحييك ويخليك , تسلمين النور نوركم والله
جلسوا جميعاً ووليد لا يزال واقفاً على مقربة
التفتت اليه ام فهد بتساؤل
: وش فيك ؟ القهوة والشاي في المجلس
هزّ رأسه نفياً
: منتظر فهد يسلم على أخته وخالتي ونروح للمجلس
قالت أم فهد لروان
: قومي نادي أخوك
بعد دقيقتان كان فهد يحمحم على الدرج لتغطي أم علي وجهها وتقول بمحبة
: تعال يمه
نزل مبتسماً
: حيّ خالتي , شلونك يا بعدي وش أخبارك
: الله يسلمك يمه , انت شلونك عساك بخير
أومأ بخفة ولا تزال ابتسامته تُزين محياه
: الحمد لله بخير
نظر الى هديل ورفعَ حاجبيه
: هديل !
قال وليد بسخرية
: شفت شلون كبرت وصارت بطولك ؟
ضحك فهد وهو يمد يده اليها لتقترب
: مشالله تبارك الله , شلونك هدول ؟
اقتربت وصافحته بخجلٍ شديد
: الحمد لله
قال وليد بغيرة تتضح لعيني خالته
غيرة من أن يلمس كفّ أخته
رُغم أنه أخيها أيضاً
لمنه لم يعتد رؤيهما سوياً أبداً
فيشعر أن فهد غريب !
: امش يلا للمجلس
ابتسم فهد
: نورتينا خالتي
: الله يسلمك
سار بمحاذاة أخيه لينضما لعلي وتركي ووالد وليد
,
,
الى الملتقى




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 24-12-13, 06:36 PM   #22

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
البارت التاسع عشر
,
,
المملكة المتحدة – لندن
الثالثة والنصف مساءً
التفت اليها
: تبين عصير ؟
هزّت رأسها نفياً
: لأ
رفع حاجبه الأيمن
: ابيك تذوقينه ذا أحبه مرة
ضحكت بخفة
: طيب
سار معها حتى جلست على مقعد في الشارع
وتوجه هو لكشكٍ يبيع العصير
عاد سريعاً وهو يمدّ لها الكوب
أخذته وهي تبتسم بنعومة
قالت متسائلة
: وانت ما تبي ؟
حك رأسه وهو يقول
: مو مشتهي
رفعت حاجبها الأيمن غير مصدقة
سعود لا يجيد الكذب !
يجهل ماهيته
تنطق عيناه بأنه كاذب اذا ما حاول
لكنها صمتت
وهو , لم يشأ اخبارها أنّه وجد قطعةً نقديةً واحدة فقط في جيبه !
لذا لم يشترِ لنفسِه !
مرّ الوقت وهما يتحدثان
شربت بعض العصير وتوقفت
قال متسائلاً
: وش فيك ما كملتيه ؟
ابتسمت
: ما اقدر أشربه كلّه ! خلاص معدتي امتلت
مدّ يده وأخذه منها ليشرب منه بعفوية
وتابع حديثه
احمرت وجنتيها , من فرط خجلها شعرت بالدمع يقفز لمقلتيها
ي الله ! تثير جنوني ب تصرفاتك ي سعود !
لمستك اللطيفة لِ يدي
نظرتك الممتلئة بما لا أفهم
ابتسامتك الفريدة
عفويتك التي تفقدني رباطة جأشي !
تُجبر قلبي على الابتسام ! وقد حَرّمْتُ عليه ذلك
تجبر روحي على الرفرفة مع أحلامٍ وردية
وأنا أرفض !
أرفض أي مشاعرٍ قد تسكنني
لا اريد أن اشعر بودٍ تجاهك !
يكفي أن استلطفك
واستلطافك يقتلني !
انتبه لنظرتها وتَغَيُرِ مَلامِحها
نظر للكوب
قال محرجاً
: مو قصدي والله ! بس انا عادي يعني اشرب بعد عزوز وامي وابوي وجدتي من نفس المصاص
هزّت رأسها نفياً وهي تشيح ببصرها عنه
سحب " المصاص " من الكوب ورماه في الحاوية وهو يقول
: هذا اللي سبب لك أزمة وشلته ! ريلاكس
ضحكت بخفة
حينها رنّ هاتفه
رفعه واتسعت ابتسامته
: هلا والله
: لا هلا ولا مسهلاً يا قليل الخاتمة
ضحك بعمق قبل أن يقول باستعطاف
: وش فيك علي ! والله اني أحبك
: حبتك القرادة
عاد ليضحك , ثم قال
: يا بعد حيي يا هالصوت , روقي يا فديتك !
قالت ب " زعلٍ " حقيقي
: والله انّ قلبي مليان منك , من متى مكلمتك ومحلفتك تجيني ؟! ما تخاف الله فيني يا سعود , والله بياخذني الموت وانت لاهي ولا شفتك وشميتك
قال بحنان
: بسم الله عليك الله يطول عمرك , والله ظروف غصب عني يا بعدي
قالت بغضب
: خلّه يفيدك شغلك
أغلقت الهاتف دون أن تسمع ردّه
زفر بضيق وهو يضع هاتفه في جيبه
لم تعتد رؤية الضيقِ في عينيه
دوماً مبتسم , متفائل , لا يهتم
قالت بتردد
: وش فيك ؟
نظر اليها وابتسم بهدوء
: جدتي أم ابوي زعلانة مني
: ليش !
زفر ثم قال
: لي فترة طويلة مو رايح لها الرياض ودايماً تطلبني ولا اقدر اروح
قالت بعد صمت
: طيب احجز وروح لها نهاية الاسبوع وخذ اجازة !
نظر اليها
: صعب
: ليش
: مقدر أتركك بروحك
هزّت رأسها بصدمة
: لا تقول انا اللي مانعتك !
قال بهدوء
: انا مسؤول عنك قدام رب العالمين , ما اقدر اسافر واتركك الا اذا تجين معاي !
اختنقت أحرفها , تشنج لسانها , وجف حلقها
كانت تنظر اليه وتستجدي الحروف لتظهر
تذهب معه !
تذهب الى الرياض ؟
يعني أن تذهب الى قبرها المحفور , الذي ينتظرها !
يعني أن تعود الى الشقاء , الى المأساة !
قالت بصعوبة وبعد صمتٍ طال
: لا , ما اروح معك
ابتسم يطمئنها
: انا أصلاً ما ابي أوديك
قالت برجاء
: الله يخليك سعود روح لجدتك
قال بعدم اقتناع
: وانتي !
: بكون بخير والله , انا عشت سنتين هنا بدونك , بقدر أعيش اسبوع ولا اسبوعين
نظر اليها بصمت
أيذهب الى الرياض !
صوت جدته المبطن بالحزن يستدعيه بشدة
وعيني هذه التي تجلس أمامه تمنعه بشدة
فأيهما يطيع !
بعفويةٍ شديدة أمسكت بكفّه بِ رجاء
: تكفى روح لها
ابتسم وهو يستشعر لذة لمستها وقربها
رفع يدّه التي تتشبث بها يدها
قبّل كفّها بِ رقة
وفي عينيه بريقٌ يأسر روحها
قال بخفوت
: بشوف التذاكر على النت اليوم , والله انّ ما ودي أتركك , لكن عشان هالمسكة وهالنظرة بروح
كانت متجمدةً تماماً
توقف كل ما في الكون عن الحركة
سوى قلبها
ينبض بجنون !
ويضخ الدم باسراف , حتى ارتجف جسدها من قوة الضخ !
تمساكت وحمحمت , حاولت الابتعاد ومنعها ولا تزال ابتسامته الجميلة تزين مُحياه الفاتن
توقف يا سعود !
توقف عن فتنة قلبي , توقف عن الاقتراب من احساسي
مرّ اسبوعان وثلاثة أيام على عقد قراننا !
هذه أول مرة تكون بهذا القرب الحميمِ مني
هذه أول مرةٍ تمس شفتيك جزءً مني
أبعد عيناك المهلكة ! لا تنظر اليّ ف ترهقني ب ابتسامة عينيك
اقترب أكثر حتى قبّل جبينها ثم همس
: ماله داعي كل هالتشنج , انا زوجك !
ابتعدت عنه وفي عينيها حار الدمع
نهض وقال دونَ أن ينظر اليها
: تعالي يلا أرجعك وأشوف موضوع التذكرة
نهضت وسارت بقربه دون أن تنبس ببنت شفة
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة صباحاً
تفقدت حقيبتها للمرة الأخيرة قبل أن تسمع نداءاتٍ مُتكرِرَة من الأسفل
: رتييل اخلصي بنمشي
أخيراً غطت وجهها وحملت حقيبتها ونزلت
كان عبد الله يقف في نهاية الدرج
قال بلوم
: صيفتي الله يهديك !
أخذ الحقيبة وتقدمها للباب الخارجي
خرجت وأغلقت الباب من بعدها
أخذوا جميعاً مقاعدهم
وحركَ عبد الله السيارة لمنزلِ عمِه
أمام المنزل كانت سيارةُ علي والجميع فيها بانتظار قدوم عائلة ابو صقر
حينَ رأى علي السيارة تحركَ أخيراً
قفزت هديل بحماسة
: ييسسسس , يااه متى بسسس نوصصل
ضحكا أخويها منها
قالت ام علي بهدوء
: انا ما ادري وش لكم بسالفة البر هذه ! لو نطلع للشرقية على طول ومنها على حايل وقضينا
ابتسم علي
: من زمان مو رايحين للبر يمه , وبعدين كلها يومين
قالت منزعجة
: رمضان مو باقي عليه شي , المفروض نستغل الوقت يومين في الشرقية ويوم سفر ل حايل وثلاث ايام في حايل ويومين سفر رجعة من حايل وصلى الله وبارك
ضحكا تركي وعلي بشدة قبل أن يقول تركي
: يمه مخططة بالأيام
لم ترد عليه وانشغلت بهاتفها
نظر اليها ثم الى الأمام
في السيارة الأخرى
كانتا رتيل وداليا في أوج سعادتهما
صوتهما مرتفعٌ في أحدايثهما
وداليا بين الفينة والأخرى تتقدم وتطل برأسها على عبد الله لتزعجه
قالت ام صقر منزعجة
: الدرب طويل , انطمي انتي وياها , تراني مصدعة ومو نايمة
تبادلتا النظرات قبل أن تغمز رتيل ل داليا التي تقدمت بجسدها لتتحدث الى عبد الله بهمس
: عبود
: همم
: خل أمي تروح في السيارة الثانية وتجي هديل هنا
ضرب رأسها بخفة وهو يضحك بخفوت
: تبغينا نوقف في نص الشارع عشان نسوي تشينج ؟
قالت معترضة
: امي تبي هدوء ! وحنّا فينا طاقة نبي نستانس
: معليش اصبروا لين نوصل , واذا طلعنا للشرقية وحايل بدلوا على راحتكم
تأففت وعادت الى مقعدها
همست رتيل
: وش قال ؟
أجابتها بذات الهمس
: يقول اصبروا واذا طلعنا الشرقية غيروا
تأففت رتيل أيضاً
قالت داليا بملل
: خل نسولف ع الواتس أبرك
ضحكت رتيل وهي تخرج هاتفها وتتحدثان بالرسائل
,
,
استراليا – كانبرا
التاسعة صباحاً
نظرت الى الشاشة الكبيرة وهي تقول بعجلة
: يلا دشي الاستوديو بعد دقيقتين بنبدأ
سارت وهي تحمل أوراقها لتدخل
لكن ضحكةً رنانة شدتها
التفتت باستغراب لتجدّ شابين يقفان بميلان , بلبسٍ ألوانه فاقعة لا يجرؤ أبداً أيٌ من العاملين هنا على لبسه
اقتربت بتساؤل
: من أنتما ؟
اعتدلا في وقفتهما وابتسما
قال أحدهما
: نحن ممثلان قادمان من مصر , ونريد التعاقد مع شركة الانتاج الخاصة بالقناة
نظرت اليهما بتقييم , قبل أن تقول بالعربية
: عرب يعني
تبادلا النظرات قبل أن يبتسما ويردّا
: أيوه
ابتسمت برسمية وهدوء
: هلا فيكم , تقدرون تستريحون بالمقهى لين نخلص من حلقة بتظهر الحين
قال أحدهما
: كُل اللي في القناة بيشتغلو في الحلأة دي !
هزّت رأسها نفياً
: المخرجة اهيا المسؤولة حالياً لأن مسؤول الانتاج في اجازة واهي أكثر وحدة تقدر تتحكم بالادارة , تقدرون تتفضلون وتنتظرونها
جاء صوتٌ حاد من آخر الممر
: عايشششة ثانيتين ونبدأ شتسوين هنيي
: آووه , ياية ياية – التفتت اليهما باعتذار – عندي حلقة عفواً
تركتهما مسرعةً الى غرفة البث
التفت أحدهما للآخر
: بُص ! هما مُزّتين , وحدة تاخدها انتَ والتانية ليّا انا
قهقه الآخر بصخب وهو يقول
: ماشي يَ برنس
سارا ناحية المقهى بينما جلست منال في غرفة الكواليس وعائشة في غرفة البث
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية مساءً
قال بهمس وهو يتحدث بالهاتف
: خلاص قلتلك ساعة تقريباً وانا عندك , أصلاً حامد ينتظرني برا
أغلق الهاتف ثم انضم الى شقيقيه ووالدته
اقترب من والدته وقبّل يدها بعمق
قال بمحبة
: أحبك يمه
مسحت على رأسه مبتسمة
: وش تبي
ضحك بخفوت
: ما ابي الّا رضاك
: اجل دامك ما تبي الّا رضاي انا بعد احبك
: راضية عني ؟
نظرت اليه بصمت , ثم قالت بحذر
: ان شالله اني راضية , وش ذا السؤال !
قبّل يدها مرةً أخرى وهو مبتسم
: سلامتك يا بعدي
ابتعد عنها بعد قليل ليقترب من خالد
قبّل رأسه
: يشهد الله اني احبك
ابتسم خالد وهو منشغلٌ بهاتفه
اقترب من فيصل ليقبّل كتفه
: وانت بعد احبك مع انك ما تستاهل
تجاهله فيصل الذي كان مندمجاً بمشاهدة التلفاز
نظر الى والدته التي كانت مستلقيةً على الأريكة مغمضةً عينيها
ابتسم بحزنٍ وخرج من غرفة الجلوس الى غرفته
حملَ حقيبةً متوسطةَ الحجم وخرج من المنزل
ركب السيارة التي كانت تنتظره أمام المنزل
التفت السائق مبتسماً
: ودعت أهلك ؟
لم يجبه
كان يرمق المنزل بنظراتٍ أخيرة
المنزل الذي احتضنه اربعةً وعشرين عاماً
الجدارن التي تحكي له في كل ليلةٍ حكايةً عن زمانٍ مضى
غرفته التي ضمته طويلاً
كيف سيترك والدته
كيف سيجرح قلبها المتعب , برحيله
شقيقيه !
عضيديه في حياته
ابتسامةُ خالد المشرقة , وانفعالاتُ فيصل التي لا تنتهي
قال الذي بجانبه بسخرية
: لا يكون تراجعت ! – ضربَ كتفه بقوة – استرجل وخلك قد كلمتك
نظرَ اليه ببرود
قال الآخر بحنق
: وش فيك ! تبيني أرجعك ي الدجاجة !
قال من بين أسنانه وببطئ شديد
: حامد أقسم بعزة جلال الله واصلة معاي , كل تبن وامش وانت ساكت لا اطلع جنوني عليك , لا تكلمني خير شر
تأفف حامد وتابع طريقه بصمت
بينما بندر ينظر الى الخارج ودمعتين متبلورتان في مقلتيه
حرك شفتيه من غير صوت
: يارب
,
,
المملكة المتحدة – لندن
الثامنة مساءً
رفع حاجبيه متسائلاً
: خلاص يعني بتسافر بكرة ؟!
هزّ رأسه ايجاباً
: مو بكرة , 4 الفجر طيارتي
زفر عبد العزيز ثم قال مبتسماً
: بشتاق لك
: يا رجال كلها اسبوعين , بس تكفى عزوز انتبه ل لين , كل شوي خذ خالتي سارة لها تتطمن عليها
هزّ رأسه مبتسماً
: ازهلها وانا اخوك لا توصي
مضى الوقت سريعاً وهما يتسامران
حتى أشارت ****ب الساعة الى الحاديةَ عشرةَ مساءً
نهض سعود وهو يمدد أطرافه
: بروح أسلم على لين وأروح بيتنا أرتاح ساعة وأطلع للمطار
اقترب منه عزيز وعانقه وأطال عناقه
قال بخفوت
: استودعك الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك , الله يحفظك ويردك سالم
قبّل سعود كتف عبد العزيز المقابل لوجهه وهو يقول
: استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه , انتبه لنفسك عزوز
ظلّا على حالهما لثوانٍ
حتى تباعدا وهما مبتسِمَيْن
قال سعود
: توصي على شي من هناك ؟
: سلامتك
فتحَ سعود باب الشقة والتفت لرفيقه وصافحه بحرارة
: أشوفك على خير
ابتعد وطرق باب شقةِ الخالة سارة
فتحته بقلق
: وش فيك سعود ؟
ابتسم
: سلامتك , بس قلت أسلم عليك طيارتي للسعودية 4 الفجر
دمعت عينيها وهي تقول
: استودعك الله , الله يحفظك يمه
قال بمحبة
: وش تامريني من هناك ؟
: أبد يمه سلامتك
: انتبهي لنفسك وأمانة ان بغيتي شي اطلبي من عزوز , وطلي على لين كل يوم الله يخليك
قال عبد العزيز مؤنباً
: حرام تحلفها بالأمانة
قال باستدراك
: بالله عليك
ضحكت بخفة وهي تقول
: لا توصيني عليها ي امك , انت بس خل بالك على نفسك
أخيراً استدار لينزل بعد أن ودعها
سار بخطواتٍ سريعة الى العمارة التي تقطنها لين وصعد لشقتها
طرق الباب بخفة
اقتربت منه وهي تقول بخوف
: من هناك !
قال بلطف
: انا سعود
صمتت قليلاً ثم فتحت الباب وقد ارتدت معطفها
قالت بقلق وارتباكٌ طفيف لا زال يسيطر عليها من بعد عصِر اليوم
: وش فيك !
ابتسم بحنان
: جيت أسلم عليك طيارتي 4 الفجر
شهقت بخفة واغرورقت عينيها بالدمع سريعاً
: بهالسرعة !
اختفت ابتسامته وقال
: ليه ليه هالدموع ! ماني رايح اجل دام أولها كذا
هزّت رأسها نفياً بسرعة وهي تقول
: لا لا مو قصدي , بس ما توقعت بهالسرعة , يعني قصدي راح افقدك تعودت كل يوم اشوفك !
ابتسم وهو يمسح دمعتيها قبل ان تنزلا
: اسبوعين وراجع , ابيك تنتبهين لنفسك زيين زين , واي شي تحتاجينه تبلغين خالتي سارة وهي بتقول ل عزوز , انا وصيتهم عليك , وان شالله امي بعد بتجيك بين يوم ويوم تشوفك , وانا كل يوم بتصل عليك
زادت دمعاتها امام كرمه العاطفي
كم تُعطيني من قلبك يا سعود , وكم أصدّ بمشاعري عنك
أَكُلُ هذه الوصايا فقط لتغيب اسبوعين !
نبهها سعود وهو يشير بيديه أمام عينيها
: وين رحتي !
ابتسمت باستدراك
: معاك !
: بتنتبهين لنفسك صح ؟
هزّت رأسها ايجاباً كَ طفلة
: وما بتخليني أشيل همك ولا أقلق عليك صح ؟
هزّت رأسها نفياً
قال مبتسماً
: وش توصيني من الرياض ؟
قالت بصدق
: سلامتك
اقترب منها ليعانقها بخفة
لم يكُن عناقه لها كَ حرارة عناقِه لعبد العزيز
كان يعانقها عناقاً خفيفاً عابراً
لكنه استنزف مشاعرها , وأوقد حرارة جسدها
ابتعد عنها وهو يؤكد
: انتبهي لنفسك , استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه
: وانت انتبه لنفسك , أشوفك على خير
قالَ أخيراً
: مع السلامة
: بحفظ الله
أولاها ظهره ونزل الدرج ليخرج من العمارة
أغلقت بابَ شُقتها واتكأت عليه
رفعت بصرها الى الأعلى وهمست
: اللهم احفظه وأعده سالماً
وخرجَ هو من العمارة ورفع بصره وهو يقول بصدق
: اللهم اني استودعتك اياها فاحفظها بعينك التي لا تنام
ركبَ سيارته متوجهاً الى تشيلسي
,
,
استراليا – كانبرا
العاشرة صباحاً
جلست في مقدمة طاولة الاجتماعات بهدوء
حتى اكتمل أعضاء ادارة قسم المالية
نظرت الى أحدهم مستغربة
قالت بتساؤل
: عفواً من انت ؟
قال ببرود
: ذياب بن محمد الضاحي
ابتسمت بذهول وأردفت
: أقصد شلون انت من أعضاء مجلس ادارة المالية !
أجابها بملل واضح وهو يقلب في الوريقات أمامه
: جاتني ترقية
أذهلها بأسلوبه
جميع من في الشركة يخشى أن يُقلل من احترامها ب نظرةٍ أو كلمة
وهذا يتحدث اليها وكأنها تعمل عنده وليس العكس !
قالت بهدوء ولا زالت مبتسمة
: آوكي يا ذياب , بما انّ هذا أول اجتمال تحضره راح أعطيك أساسيات وبنود ادارة المالية , الاجتماع الياي لمجلس ادارة الشركة العام لازم تكون موجود وتلتقي بالادارة
لم يرد عليها سوى بنصف نظرةٍ باردة
استفزها بردود أفعاله لكنها افتعلت الهدوء وبدأت اجتماعها
بين الفينة والأخرى كانت تسقط ببصرها عليه فترتبك بسبب نظراته وطريقة جلوسه اللا مبالية
انتهت أخيراً من حديثها
قالت
: انا انتهيت من كلامي , اللي عنده تعقيب يتفضل
رفعت كأس الماء لتشربَ نصفه على دفعةٍ واحدة
قال ذياب ببرود
: انا مو عاجبني كلامك كلّه
أنزلت كأس الماء على الطاولة بصدمة
قالت ببطئ
: عفواً !
قال بذاتِ البرود المستفز
: بما اني من اعضاء مجلس الادارة يحق لي الرفض والقبول
نهضت من مقعدها بقوة وهي تقول بحدة
: في اسلوب تتحجى فيه , احنا مو بِ سوق خُضره عشان تكلمني بالسوقية هذه ! في اسلوب تعترض وتقبل وترفض فيه , للمعلومية انت اللي تشتغل عندي مو آنا اللي اشتغل عندك ! وانا تاركتلك الاجتماع واعترض على كيفك
همّت بمغادرة القاعة قبل أن ينهض وهو يقول بحدة أكبر
: لا وعلى ايش , انا اللي اترك لك الشركة بكبرها وتفاهمي مع الادارة وقتها
بعثر الأوراق التي أمامه وخرج بغضب من القاعة
حين عبَر باب القاعة
اعتلت شفتيه ابتسامةُ سخرية مُرّة وزفر
أمّا هي فقد ظلّت مذهولة
حتى كلّمها أحد الأعضاء بحذر
: آنسة لولوة ما عليج منه !
نظرت اليه ثم الى الباب المشروع
قالت بخفوت وهي تجمع أوراقها
: مينون !
نظرت اليهم باعتذار
: تقدرون تتفضلون الظاهر الاجتماع هذا ما وراه فايدة , أعتذر
نهضوا جميعاً بصمت وسبقتهم هي بالخروج مسرعةً الى الدور الرابع لترى عمّها
,
,
المملكة العربية السعودية – صحراء الربع الخالي
الحادية عشرةَ وخمسون دقيقة صباحاً
توقفت السياراتان أمام خيمةٍ كبيرة
وجلسةٍ شعبية بجانبها
نزلوا جميعاً
قفزت هديل بمرح
: يآآه , لبيه ي ترابك ي نججد
قال تركي مبتسماً وهو يرفع النظارة عن عينه
: أي والله ترد الروح
اقتربتا داليا ورتيل من هديل وهنّ يهتفن بمرح
: يلا تعالي ما نبي نضيع ولا ثانية
انطلقن الفتيات بحقائبهن الى الخيمة
وضعن أمتعتهن وخرجن مسرعات
كنّ يتمشين الى شجرة تبعد حوالي سبعينَ متراً
قال عبد الله بصوتٍ عالٍ
: بنات لا تبعدون كثير ولا تطولون , بنسوي الغدا نحتاجكم
هتفت داليا
: بالمشمش لو تفحط ما ساعدنا
قال علي ضاحكاً
: لا تخليني أحلف انّ محد يسوي الغدى الّا أنا وانتي
غطت وجهها وتوارت بجسدي هديل ورتيل بخجل
انفجرن ضاحكات وقالت هديل
: لا تهايطين مرة ثانية
قالت بحنق
: أخوكم ملقوف انا اكلم أخوي شدخله
قرصت رتيل ذراعها وهي تعنفها
: قص بلسانك لا تقولين عن علاوي ملقوف
ابعدت ذراعها وهي تقول بألم
: آآي وججع عورتيني
ضحكت هديل وهي تتقدمهن
,
بعد أن رتبوا أمتعتهم وجلسوا
نظر ابو صقر الى ساعة هاتفه ثم قال
: واحد منكم يقوم يأذن دخل وقت الظهر
نهض عبد الله وهو يوجه هاتفه في الأماكن ليكشف عن القبلة
ثم تولّاها ورفع يديه الى جانبي اذنيه
حمحم ثم صدح صوته شجياً
: الله أكــبــر الله أكــبــر
,
التفتت بفزع
قالت بجنون
: صوت صقر ! اذان صقر والله
التفتتا داليا وهديل وهما تزدردان ريقيهما
قالت داليا برجفة
: أي والله اذان صقر !
قالت هديل ضاحكةً بارتباك
: بنات طالعوا هذا عبد الله !
كانت رتيل تسير عائدةً الى الخيمة دون تركيز
قلبها ينبض بجنون
هل هيأ لها شوقها صوتَ صقر !
لكنّ داليا سمعته أيضاً
هل رحمتَ ضعفي واحتياجي وعُدت ! أتعودُ يا صقري وتُطَمئن قلبي وتُسكِنَ حواسي !
اقتربت أكثر حتى سقطت بتعب أمام أُمِها
قالت بِ رجاء
: مين اللي أذن ؟
لم تنتبه الى دمعات امّ صقر , ولو انتبهت لها لأقسمت أنّ صقر هنا
ضمتها أمها بقلق
: رتيل وش فيك حبيبتي !
قالت برجاء
: من اللي أذن يمه
أجابتها بهدوء
: عبد الله
تأوهت برفض
: صوت صقر والله , يممه سمعته سمعت أذانه
قالت بهدوء وهي تمسح على ظهرها
: صحيح عبد الله يقلد أذان صقر
قالت بتعب
: ما رجع يا يمه ما رجع
تنهدت وهي تخفي دمعاتها على حزنِ ابنتها
" ما رجع " أيُّ كمٍ من القسوةِ تحمله الكلمة
أيُّ وجعٍ يتخلل معانيها
ان لا يعود صقر يعني أن يضلّ قلبي في غربة
أن لا يعود صقر يعني أن تضلّ روحي عطشى
آهٍ على غيابكَ الدامِي يا صقر
آهٍ على فراقك الخادش
همست والدتها
: رتيل حبيبتي لا تنكدين الطلعه , تماسكي يا روحي , تعوذي من ابليس
لا أنكد جمعكم , لكنّ قلبي في كل حينٍ مُنكّد
حمحمت وهي تبتعد عنها وتمسح دمعاتها
نهضت وولتهن ظهرها لتختلي بنفسها بعيداً عنهم جميعاً
,
قال تركي مبتسماً
: الله عليك , وأخيراً ضبطت أذان صقر
قال ببحةٍ جارحة وابتسامةٍ اختلقها
: ايه
كبّر ليصلي السُنة دونَ أن يُسهب في الحديث
لأنه اذا أسهب بكى !
يفتقد شقيقه الى الحدّ الذي يدمي قلبه
لكنّه ملزمٌ بالصبر والتجلد
ملزمٌ بالصمود واظهار الهدوء
ملزمٌ أن لا يبكي ! لأنّ قوةَ والده ووالدته وداليا ورتيل تستند الى قوته
فاذا انهار انهاروا
وان صبر , مثلوا الهدوء
سَجدَ بين يدي الله وهو يهمس في جوف الأرض
: سبحان ربي الأعلى وبحمده , سبحان ربي الأعلى وبحمده , سبحان ربي الأعلى وبحمده
صمت لثوانٍ , ثم همس بحرقة
: يارب انك ترى مكاننا وتسمع سرنا وعلانيتنا , وتعلم ما في قلوبنا , اللهم انّ البلاء قد طال , فأذن للفرج أن يحل , اللهم اسقي قلوبنا طمأنينة , واقر أعيننا بعودة غائبنا يا أكرم الأكرمين



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 24-12-13, 06:39 PM   #23

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية صباحاً
زفرت بقوةٍ وهي تقول
: استغفر الله العظيم
حاولت أن تتصل مرةً أخرى وكانت ذاتُ النتيجة
رمت الهاتف بعصبية وهي تتحرك بتوتر
فاجأها رنينه فحملته بسرعة
عقدت حاجبيها من الرقم الذي لا اسم له
ردّت بهدوء
: الو
أجابها الصمت
قالت بقلة صبر
: الووو
أجابها بهدوء
: يمه
صمتت لثوانٍ قبل أن تقول بلهفة
: بندر ! وينك يمه تأخرت وجوالك مقفل اخوانك طلعوا يدورون عليك – صمتت قليلاً وهي تنظر الى الباب ثم قالت – هذا هم رجعوا
سألها خالد
: مين ؟
أجابته
: هذا بندر , الو بندر وينك
قال بهدوء
: يمه , اناا
قالت تحثه على الحديث
: وش فيك
صمتَ لثوانٍ ثم قال
: ادعيلي يمه , انا في سوريا
صمتت لثوانٍ لتستوعب كلماته القليلة
قالت ببطئ
: وش قلت ؟!
ازدرد ريقه وهو يكرر
: انا بسوريا
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
مطار الملك خالد الدولي
الواحدة والنصف مساءً
انتهى من اجراءات الدخول
وحوّل النقود التي معه الى عملة سعودية
سحب حقيبته وسار خارجاً من المطار
أوقف سيارة أجرى وأخبره عن وجهته
سار السائق للمنطقة المنشودة حتى أوقف سيارته أمام المنزل
حاسب السائق ونزل
اقترب من البوابة الكبيرة
ابتسم للحارس وقال
: افتح الباب
قال الحارس هنديّ الجنسية مستغرباً
: مين انتَ ؟
قال سعود بابتسامة
: ولد ماما كبير
لم يصدقه الحارس
ضحك وهو يخرج هاتفه ويفتح صورةً له مع أعمامه
هنا صدقه الحارس وفتح الباب معتذراً
دخل وهو يشعر بانتعاش
ستُسعدُ جدَته ان فاجأها بدخوله
فتح الباب الداخلي للفيلا ودخل بهدوء
رأته الخادمة وكادت تصرخ فأشار لها بأصبعه أن تهدأ
اقترب منها وهو يقول بخفوت
: أين السيدة الكبيرة ؟
قالت بخوف
: من أنت !
: انا حفيدها وأريد مفاجأتها
اتسعت ابتسامتها وسارت أمامه وأشارت له ليدخل الغرفة
حمحم ودخل
ابتسم حين رآها متربعة ومحنيةً ظهرها وفي يدها سُبحة
وتتمتم بالاستغفار والتسبيح
قال بدفئ
: السلام عليكم
رفعت رأسها بفزع وشهقت
تهدج صوتها وهي تهمّ بالنهوض
: هلا والله , هلا بحبيبي , هلا ابوي
منعها من النهوض ونزل اليها وعانقها بشدة وهو يقبّل رأسها ويديها بمحبة
: هلا فيك يا بعدي , وشلونك يا مال الخير وش اخبارك
بكت وهي تضمه اليها
شعرَ بالحزن لأنه تسبب بدمعاتِ امرأةٍ عجوز لا تعشق من الدنيا شيئاً بقدر عشقها لرؤيته واحتضانه
ضمّ جسدها الصغير الى قلبه , استنشق رائحة الرضا فيها وقبّل تعاريج السنين التي خطّت على جبينها وتحت عينيها
قال بصدق
: والله مشتاق لك يمه
قالت الخادمة وهي تمسح دمعاتها
: ماما لا تبكي
ضحك وهو يبتعد عن حضن جدته
: انتِ تتكلمين عربي أجل
هزّت رأسها بحماس
: ايوا فديتك
قهقه بشدة بينما لوحت جدته بالعصا بعصبية
: انقلعي لا بركةٍ بهالوجه , مير تتلصق في عيالي وتتميلح عندهم , جيبي عصير بارد يبرد على قليبه
ذهبت وهي تدمدم
قبّل سعود كفّ جدته بحنان
: بشريني عن أحوالك وش أخبارك
قالت بسعادة
: والله اني يوم شفتك انا بخير وراحة , شلون أمك وابوك ؟
: الحمد لله بخير ويسلمون عليك كثير والله , ابوي تمنى يجيك بس طلعت له شغلة ما يقدر يخليها
تحدثا قليلاً حتى قال بتساؤل
: وين عمي مساعد أجل
زفرت بحزنٍ وقالت
: في الغرفة الثانية قوم نروح له
نهض وساعدها على النهوض وذهبا الى الغرفة المجاورة
كان رجلٌ كبير , بجسدٍ ضعيف يجلس على كرسيٍ متحرك
يبدو على هيأته وكأنه أكبر من الجدة
كان ينظر في الفراغ بلا هدى
اقترب منه سعود وفي عينيه دمعتين كسيرتين
قبّل يده وهو يقول بصوتٍ مرتفع
: السلام عليكم
نظر اليه دون أن يعي ما يقوله
قال سعود مبتسماً
: شلونك عمي وش اخبارك ؟
نظر اليه دون رد
ربتت الجدة على كتفه وهي تنزل برأسها الى مستوى اذنه وتقول
: يقول لك وشلونك
هزّ رأسه ايجاباً وهو مغمض عينيه ولم تتغير ملامحه
قال سعود وهو يبلع غصته ويجبر نفسه على الابتسام
: انا سعود ولد محمد , محمد اخوك
اومأ برأسه بخفة
قال سعود وهو يقبّل رأسه
: يسلم عليك ابوي ومشتاق لك
لم تظهر منه أيُ ردةِ فعل
قالت الجدة
: اخوك محمد اللي في امريكا يسلم عليك
ضحك سعود من اصرار جدته أنهم يعيشون في الولايات المتحدة وليس في المملكة المتحدة
قالت جدته بتعب
: قوم ما بتاخذ منه لا حق ولا باطل
نهض وقال
: خل ناخذه يجلس معنا في الغرفة الثانية !
قالت باستسلام
: براحتك
سبقته بالعودة الى غرفتها وسعود يحرك الكرسي تابعاً اياها
جلسوا لبعض الوقت حتى جاءت اصواتُ ضجيج ثم مجموعة فتيات دخلن للغرفة
شهقن وتراجعن
سمع همسهن
: سعود هنا !
: سعود عند جدتي !
: سعود ولد عمي محمد موجود !
قالت الجدة بصوتٍ عالٍ
: ما تسلمن يا قليلات الحياء
صمتن جميعاً باحراج
قال سعود مبتسماً
: شلونكم يا بنات !
رددن بهمسٍ متفرق
: الحمد لله
وابتعدن عن الغرفة
دخلن الى صالة الجلوس
قالت احداهن
: محد قال انّه جاي اليوم !
غطّت الأخرى وجهها بخجل
: يا فشلتنا درعمنا عليه
ضحكت احداهن
: أهم شي شهقة أريج فجعت الرجال
قالت أريج بحنق
: انا اللي انفجعت منّه
ابتسمت احداهن
: الله يجزاه خير على جيتّه تلاقون جدتي بتطير من الفرح فيه
تمتمن جميعاً
: أي والله
: صادقة
: صحيح
بعدَ نصف ساعة دخلت فتاة الى المنزل
نادينها الفتيات فوراً
: أروى تعالي هنا
دخلت بهدوء وقالت بتساؤل
: نعم ؟
: لا تروحين لجدتي سعود ولد عمي محمد هنا
قالت ببرود
: طيب
صعدت الى غرفتها واستبدلت ثيابها ونزلت
ذهبت الى الغرفة التي كان فيها الرجل المُسن ولم تجده
خرجت وسألت الخادمة
: وين أبوي ؟
أجابتها
: ما يعرف
: طيب شوفي في غرفة جدتي
ذهبت وحين وجدته همّت باخراجه واستوقفتها الجدة
: وين بتودينه
: مس أروى يقول جيبي بابا
: قوليلها جدتك تبيك ولا تقولين لها ابوها هنا , سمعتي
هزّت رأسها بطاعةٍ وخرجت
ذهبت الى اروى التي كانت بجوار غرفة والدها
: ماما كبير قول روحي لها مافي بابا هناك
ذهبت الى غرفة جدتها وهي تكلمها من وراء الباب
: ناديتني يمه ؟
قالت جدتها
: وراه ما تدخلين ؟
صمتت لثوانٍ ثم قالت باستغراب
: ما عندك أحد !
قالت الجدة بهجوم
: ودامك تدرين انّ عندي أحد وراه ما تسلمين
وصلتها ضحكت سعود المكبوتة
حمحم وقال
: شلونك يا اروى
قالت بهدوء
: طيبة الحمد لله
ذهبت فوراً ولم تترك مجالاً لأي كلمةٍ أخرى
نادت الجدة
: أريج , أريـج
جاءت اريج مسرعة
: نعم يمه
: قولي لأروى ولا لينا تتصل على أخوها يجوني اليوم أو بكرة دام سعود موجود
: سمّي
ابتعدت عائدة الى غرفة الجلوس
: لينا وأروى تقول جدتي اتصلوا على اخوانكم يجون اليوم او بكرة دام سعود هنا تبيهم يتجمعون يعني
نهضت أروى وقالت بحدة
: وخير يعني سعود موجود ! وبعدين كلكم عارفين انّ ما عندي رقم أخوي ولا أكلمه
تركتهن صاعدةً الى غرفتها
قالت لينا
: انا بكلمهم ان شالله يجون
,
,
استراليا – كانبرا
العاشرة مساءً
كانا مستلقيان أمام التلفاز
حينَ رنّ هاتف أحدهما
ردّ بودّ
: أهلاً وسهلاً
: يا هلا فيك بعد عمري , شلونك
: الله يسلمك , انتي شلونك والأهل كلهم عساهم بخير
نهض الآخر بغيض ودخل الى غرفته مغلقاً الباب
قال الآخر
: قلعتك , ايوا لينا حبيبتي قوليلي شلونكم
ضحكت وهي تقول
: من ذا اللي بقلعته !
: سليطين النفسية
ابتسمت بهدوء ثم قالت
: ملوكي
: يا عيونه
: آمم , سعود ولد عمي محمد عندنا
قال مبتسماً
: مشالله , زين وأخيراً جاكم وفرح جدتي
: ايه مرة مستانسة , بسس
: بسس ؟
: تقول جدتي لازم تجون انت وسلطان , قرار حازم وبلهجة شديدة ما فيها أي مساومة
ضحك بعمق ثم قال
: ممكن انا اجي , بس النفسية ذا وش يقنعه !
قالت بلا اهتمام
: يتجازى مع جدتي بس اللي عليّ سويته
زفر ثم قال
: خلاص بشوف ان شالله , اشوف الشغل والتذاكر وسلطان وأرد لك خبر
: على خير ان شالله
ودعها وأغلق الهاتف ثم ذهب الى غرفة سلطان
طرق الباب بخفة ثم دخل
قال بجدية
: هالمرة ما في أي نقاش بتجهز شنطتك وتمشي معاي غصب عنك
قال ببرود
: اطلع برا وسكّر الباب
: سعود ولد عمي محمد في السعودية عند جدتي , وقالت لازم تجون
: بشر أمك
: سلطان انت تدري جدتي ان درت اننا رايحين للندن قبل فترة وما رحنا لسعود بتقلب الدنيا على راسي وراسك
: مالك اطلع برا لا تصدع راسي
جلس بقربه وهو يقول برجاء
: ما اشتقت لعمي ؟ لأروى ! لجدتي ! انا والله مشتاق لأهلي كل ابوهم , تكفى سلطان خل نروح
قال بهدوء وهو يغالب غصته
: روح انت اما ما ابي اروح
قال برجاء
: مستحيل أروح واتركك , طلبتك سلطان امش معي , طلبتك !
قال سلطان باختناق
: اذا طبيت الرياض يمكن أموت
قبّل كتفه وهو يقول بحنان
: بسم الله عليك , انا معاك ما راح اتركك ابد , نروح نغير جو عن الشغل , نشوف اهلنا ونرجع
قال بسخرية
: اهلنا !
شعر مالك بالدمع يحرق مقلتيه
: سلطان لا تسوي بنفسك كذا
: اطلع برا يا مالك ماني رايح للرياض
نهض وتركه بمفرده وهو يدرك أنّه بدأ باقناعه وسيغلبه
,
,
المملكة العربية السعودية – الشرقية
الخامسة عصراً
قبّلت جبينه وهي تقول بعبرة
: تقوم بالسلامة
ابتسم بارتباك وهو يشد بيده على يد أمه
قال وليد بهدوء
: تقوم بالسلامة
: الله يسلمك
اقترب الطبيب وقال
: يلا فهد ندخل !
هزّ رأسه ايجاباً
شهقت والدته بالبكاء
: يارب تقومه بالسلامة
قال الطبيب يطمأنها
: لا تشيلين هم ! بسيطة ان شالله
دفعت الممرضات سريره الى غرفة العمليات وظلّ أهله بانتظاره في الخارج
قال وليد وهو ينظر الى ملاك
: مشينا
قالت برجاء
: انتظر لين يقوم
قال ببرود
: وش دخلنا فيه , تراني جاي عشانك بس
قال والده بغضب
: انقلع اجل وش مقعدك
: قلتلك جاي عشان ملاك وماشي الحين
صرخ به
: حاقد ومريض ومتخلف
ابتسم باستفزاز
: تربيتك يا ابو وليد
اقترب ليلكمه لكنّ وليد دفع بيده بعيداً وهو يقول بحزم
: لا تمد يدك
قالت ام فهد وهي تبكي
: مو وقته , فهد داخل في العمليات خلوا مشاكلكم بعدين !
أمسك وليد بيد ملاك وخرج من المشفى
جلس ابو وليد بجانب زوجته وهو يزفر بغضب
قالت ببكاء
: بس يا محسن خلااص والله تعبت من هالسيرة اللي مو راضية تنتهي
صمتَ قليلاً قبل أن يقول
: بعلمه عن مكان أمّه ونخلص
نظرت اليه بصدمة
: صدق !
قال بتعب
:.......
,
,
المملكة العربية السعودية – حائل
السادسة مساءً
: يووه نسيت جوالي
: انزله جبه بسرعة
نزل من السيارة ودخل للمنزل
,
: أنمار اطلعي جيبي الملابس
خرجت بخطواتٍ سريعة لتحضر الملابس من حبل الغسيل
حينَ فُتح الباب
التفتت مبتسمة
: يوسف م... – شهقت بحدة وهي تتراجع –
اشاح ببصره عنها وهو يقول بارتباك
: انا آسف
تباً لكِ , تباً لكِ حتى آخر يومٍ في حياتي
كيف تظهرين أمامي بفتنتك , وتنظري اليّ بخبثِ براءتكِ
للمرةِ الثانية يراها
هذه المرة تختلف عن المرةِ الأولى
تبدو أنثى حقيقية !
تبدو كتلة جاذبية
بثوبها الذي يصل الى نصف ساقها ويظهر ذراعاها
ويتوسطه حزامٌ أنيق
شعرها المجنون الذي ينسدل على ظهرها ويتمردُ على جانبي وجهها
تباً لكِ , لم تلفتني أنثى منذ وعيت من غيبوبتي
لا اعرف ان كنّ يلفتنني قبلاً
لكنّي منذ فقت ووعيت لم أنظر الى اية امرأة
فلمَ تبدين في نظري جميلة !
وانتِ شقيقة يوسف !
صاحب الفضل الذي لا انساه
حمحم وهمّ بالخروج من المنزل ناسياً هاتفه
حينَ دخل يوسف
نظر اليها ثم الى عمر
خرج عمر من المنزل وهو لا يتمنى سوى أن تنشق الأرض لتبتلعه
نظر الى شقيقته بحدة
قالت بتبرير
: والله العظيم امي أرسلتني اشوف الغسيل وهو دخل
اقترب منها وهو يشعر بجمرةٍ ملتهبة في جوفه
رفع يده لأقصى حد , وكادَ يهوي بها على وجنتها الرقيقة
لكنه استعاذ بالله من الشيطان الرجيم وتراجع
قال بحدة
: ادخلي لا ادفنك , الله ياخذك ويفكني منك
خرج من المنزل بسرعة
ركب السيارة بصمت وسار بأقصى سرعة
قال عمر بتردد
: يوسف !
قال بهدوء
: لا تبرر
ازدرد عمر ريقه وهو يقول
: ما ابيك تظلمني !
: ماني ظالمك
: ابيك تفهم بس اني ما اخونك ابد
: طيب
: يوسف والله كان حادث بس
قال بصدق
: عمر انا ما اشك فيك , قفل السيرة لأن قلبي محترق غصب عني
: سَمْ
صمت لأنه يُدرك أن يوسف على حق
لا يعرف كيف انسلخ من ذاته
كيف لم يتصرف كما لو كان " عمر "
يتكلم بخوفٍ وارتباك وكأنه مذنب
هو في قرارة نفسه يعلم أنه مذنب
تمنى مرةً بعدَ أن رآها للمرةِ الأولى أن يراها مجدداً , ونهر نفسه
وحينَ رآها , شعر بأن الدنيا ترتفع به ليلامس السماء
ثم تهبط بقوةٍ ليرتطم بالأرض
ذنبه أنه سُعدَ برؤيتها , رغمَ أنه أشاح بنضره عنها
استغفر الله سراً وهو ينظر خارجاً ويشد على قبضة يده بغيض من نفسه
,
,
المملكة العربية السعودية – صحراء الربع الخالي
الثالثة والنصف مساءً
أمام الجمر جلسن الفتيات
هديل وداليا يشوين أشياش قطع الدجاج واللحم
ورتيل تشوي عرانيس الذرة
وام علي تقطع الخضار للسلطة
والشباب قد حفروا حفرةً داخل الأرض ل طبخة " المندي "
وضعوا القدر فيها وجلسوا في الجلسةِ الشعبية
قالت داليا معترضةً بهمس
: الحين تاركين لنا الشغل الكثير وهم حطوا المندي وجلسوا !
قالت هديل ضاحكة
: لا تصيرين جاحدة ! تعبّهم المندي والحفر وآخر شي يدفنونه , انتي وش سويتي ! حتى هم اللي مسيخين لك اللحم والدجاج بس تشوين
تأففت وصمتت
لكزتها هديل وهي تومأ برأسها ناحية رتيل
زفرت داليا ثم قالت بحنان
: رتول وش فيك ساكتة
نظرت اليهن بانتباه
: هلا ؟
قالت هديل مبتسمة
: وش فيك ساكتة وسرحانة !
هزّت رأسها نفياً وابتسمت
قالت داليا
: عطيني عرنوسة
ضحكت وهي تمد لها الصحن لتنتقي
,
( ملاحظة : قلت مدت لها الصحن لأني ما أعرف مفرد عرانيس وشكراً :p )
,
تذوقتها داليا لتقول بلتذذ
: الله ! ي زين الزين زيناه
حينها نهض عبد الله واقترب منهن ليرى شواءهن
قال
: تركبون دبابات ؟
تبادلن النظرات دون رد
قال ضاحكاً
: وش فيكم !
قالت داليا
: اذا علينا ودنا ! بس نخاف والله
قال ببساطة
: مو مشكلة تركبين معاي ورتيل وهديل وحدة مع علي ووحدة مع تركي
قالت داليا ساخرة
: من زود الثقة أركب معاك
غمز لها بخبث
: اركبي مع علي أجل
شهقت بخجل وهي ترمي بالمسند الذي بقربها عليه وتهتف
: قليل أدب
قهقه وهو يبتعد عنهن
: اجل بنتصل على خوينا راعي الدبابات يجيب لنا ثلاثة
نادته داليا بنبرةٍ طفولية
: تعااال
عاد أدراجه وهو مبتسم
: وش تبين
: قول والله ما تسوي نذالة وتخوفني
ضحك رغماً عنه ثم أشار الى أنفه
: ابشري , على هالخشم
: لا ما يفيدني ذا الخشم , احلف
ضحك مجدداً وهو يقول
: مخفة قسم بالله , طيب والله ماني مخوفك
: خلاص روح اتصل على خويكم
ابتعد عنهن عائداً لابني عمه
قالت ام علي
: بنات وش رايكم بكرة نطلع للشرقية
قالت هديل
: ممااامممااا انتي من الصبح مستقعدة لطلعة البر هذه !
رمتها بعلبةٍ بجانبها
: اسكتي انتي
ضحكت وهي تتفادى العلبة
: ما علينا منكم , الحين بتقوم ام صقر وتقول لزوجها بكرة الصبح نمشي للشرقية
قالت داليا برجاء
: تكفيين عممتي نبي تجلس يومين
: يا بنتي تضييع وقت , في حايل والشرقية استانسوا على كيفكم
التفتت داليا الى هديل ورتيل هامسة
: اقنعوا امكم لا افجر فيكم , ما ابي اتجادل معاها ثم تقول وش ذي العوبة اللي ماخذينها لولدنا , بسوي نفسي خلاص اقتنعت وبهاوشكم وانتوا قولوا الا بنجلس
التفتت مرةً اخرى الى عمتها ام علي
: صحيح عمتي صادقة والله انا رأيي من رأيك
نظرت اليها والدتها بذهول وابتسمت ام علي التي تعرف الاعيبها
وانفجرتا ضحكاً رتيل وهديل
قالت هديل تجاري جنون داليا
: لا يمه نبي نجلس
قالت داليا تنهرها
: عيب اسكتي , خلاص الشور شور عمتي
قالت رتيل وهي تحبس ضحكتها
: يمه خلينا نجلس يومين الله يخليك
رفعت داليا اصبعها بتهديد وهي تقول
: رتيل خلاص , ما يصير نجلس يومين تضييع وقت
غمزت لهن وهي تهمس
: زيدوا زيدوا
انفجرن ضاحكات وضحكت معهن رغماً عنها ثم التفتت لعمتها بأسف
: الله يعينك عليهم يا عمة
ضحكت عمتها وهي تقول
: خلكم مثل داليا عاقلة ومطيعة
نظرت اليهن وهي تضحك بهمس
: ياربي سامحني
ضربتها هديل على رأسها وهي تضحك
: أهم شي انك مصدقة نفسك
أخرجت طرف لسانها بمرح وتابعت الشواء وهي تشعر بالسعادة لضحكة رتيل
تقسم أنها مستعدةٌ لأن تكون متفرغةً للمرح والضحك طوال حياتها حتى تكون رتيل مبتسمة
حتى تسعد قلب رتيل الميت
رتيل , الأخت التي أهداها اياها عمّها المتوفي , وشقيقها المفقود
رتيل التي تحبها بجنون
رتيل , التي يغفو حبها في قلبها بسلام
نظرت اليها بابتسامة , وعينيها تلمعان بالدمع لأجلها
,
,
استراليا – كانبرا
العاشرة صباحاً
كانا يجلسان في طرف المكتب ويتحدثان بهمس
سلطان باردٌ غيرَ مبالٍ , ومالك حانقٌ يكاد يحطِمُ رأسَه
نظر اليهما ابو راجح بابتسامة ثم قال
: شعندكم
نظرا اليه , واجابه مالك محرجاً
: لا ما في شي
قال بلومٍ خفيف
: عليّ هالكلام
ابتسم مالك
: جالس احاول فيه يمشي معاي للرياض وهو رافض
نظر ابو راجح الى سلطان بعتاب
: احد تجيه سفرة للرياض ويرفضها ! الله يسامحك يا سلطان , بدون نقاش عندك اجازة اسبوعين وتذاكركم علي
قال سلطان بسرعة واحراج
: لا و...
قاطعه بحزم
: خلاص قلت اللي عندي وما ارجع فيه , الحين اكلم حمد يشوف اول طيارة للرياض ويحجز لكم عليها
نظر سلطان الى مالك بغيض
رفع مالك يديه بتبرير
: انا مالي شغل , وبعدين لا تسويلي منحرج من ابو راجح وبتسافر عشانه انت اعوذ بالله منك اذا حطيت في راسك شي غصب عن الكل تسويه , يعني اساساً انت مقتنع بالسفر
ضحك سلطان رغماً عنه وضحك ابو راجح ايضاً
قال لهما بلطف
: يلا روحوا لبيتكم جهزوا شنطكم
قال سلطان بمحاولةٍ أخيرة
: طيب احنّا نحجز !
: سلطاان
تأفف سلطان ونهض
نظر اليه ابو راجح بطرف عينه
: قليل حيا لا تتأفف
ضحك رغماً عنه وخرج ومالك خلفه
,
,
الى الملتقى




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 30-12-13, 11:47 AM   #24

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
البارت العشرون
,
,
المملكة العربية السعودية – الشرقية
السابعة مساءً
نزلا الدرج وهمّا بالخروج
نادته روان بملل
: وليد
التفت اليها دون ان يتحدث
: بتطلعون ؟!
: ايه
: خذني معاكم !
قال بهدوء
: خليها على مرة ثانية
قالت بتذمر وتمرد وهي تضرب قدمها بالأرض
: انت وش ذي القسوة اللي فيك , ليش تكرهني ! انا اختك ! ما تحب تجلس معاي ولا تطلعني معاك
نظرَ اليها بحدةٍ وغضب
وبعنفوان المراهقة لم ترتدع , ولم تكسِر نظرتها أمام أخيها الأكبر
نهرتها والدتها وضربتها بعصبية
: لا ترفعين صوتك وتطولين لسانك , انقلعي لغرفتك
تأففت وتركتهم صاعدةً الى غرفتها
سارَ وليد بغضب الى الباب وملاك ممسكةٌ بذراعه تهمس
: وليد ما عليك بزر ما تفهم
قالت ام فهد بارتباك
: وليد لا تاخذ على كلامها بزر !
نظر اليها بحدة
: البزر ما تقول شي ما سمعته من اللي اكبر منها
شهقت ملاك وهي تضربه بخفة ليصمت ونظرت اليه زوجةُ أبيه بصدمة
: وش قصدك !
: فهمك يكفي يا ام فهد
تركها وخرج
التفتت ملاك اليها باعتذار
: لا تزعلين منّه هو صاير ما يتحمل ذي اليومين
وتبعته مسرعة
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
قالت ببطئ
: وش قلت ؟!
ازدرد ريقه وهو يكرر
: انا بسوريا
مرت ثوانٍ ثقيلة
حتى شهقت بحدة وانزلق الهاتف من يدها
نظرت الى خالد وصرخت
: الحق عليه الولد يقول بسوريا
عقد خالد حاجبيه ليستوعب , واسرع فيصل لهاتف والدته ليكلمّ شقيقه
قال بغضب
: وينك يا كلب
قال بهمّ
: فيصل انا في سوريا
صرخ به
: الله ياخذك قل آمين , اخلص علي مو فاضي لهبالك وينك فيه
قال بلوعة
: والله في الشام , ابي اجاهد
صمتَ لثوانٍ وهو ينظر الى والدته
قالت أمه بجزع
: وينه !
لم يُجبها
صرخت بانهيار وجلست على الأرض تضرب رأسها بيأس
أوقف خالد يدها وهو يقول بصوتٍ عالٍ
: يمممه يمه تعوذي من ابليس
: رجعووووه , رجعوا ولدددي رجعوووه
قال بندر برجاء
: فيصل خلني أكلمها
قرّب الهاتف من اذنها لتسمع بندر يرجوها
: يمه تكفين اسمعيني , انا رايح أجاهد رايح لرب العالمين , تكفين هدّي يمه
قالت بحدة وصراخٍ لم تسيطر عليه
: والله مو راضية عنك يا بندر , والله مو راضية عنك , ارجع يا بندر والله ماني راضية
قال بوجع
: لا تساوميني على رضاك يمه
صرخت به وهي تضرب صدرها
: والله ما ارضى عليك جعلك تموت وانت منت ناطق الشهادة
رمت الهاتف بعيداً عنها وتمسكت بخالد
: جيبه يا خالد , جيب ولدددي ردّه يا خالد
قال خالد بمحاولاتٍ يائسة
: يمه بأرجعه والله , هدّي لا يهبط الضغط
صرخت به
: خلّه يهبط رجع الولد , رجعه لا يمووت – صكت وجهها بجزع ناسيةً نهي الرسولِ عن ذلك – بنددددرررر , رجعوووه رجعوا ولدددي بيذبحوونه
,
,
المملكة العربية السعودية – حائل
الرابعة عصراً
تلفتت رتيل حولها بابتسامة
: يا جمالها سبحان الله
قالت هديل مؤيدة
: ايي , أجمل مناطق المملكة , ربيعها يفتح النفس
قالت داليا بشقاوة
: صحراء نجد احب لقلبي منها
نظرتا اليها بتهكم , فضحكت
مدّت أم علي لرتيل سلةً صغيرة
: رتول انزلي لعمك والشباب خذي لهم القهوة
عدّلت عباءتها وأخذت السلة وذهبت
كنّ يجلسن على تلة مرتفعة قليلاً
والرجال يجلسون أسفلها بمحاذاة الشارع
نزلت واختفت عن أعين النساء ولم تظهر للرجال بعد
كانت تسير ببطئ وهي تفكّر بعمق
كم تتمنى لو كان صقر موجوداً
كم كانت رحلتهم ستكون أجمل
كم سيكونُ قلبها فرِحاً مسروراً
ابتسمت بشرود وعينيها تراقب العشب دون أن ترفع رأسها
,
أوقف السيارة وابتسم
: مشالله زحمة , تلاقيهم اهل نجد وحولها جايين يصيفون
ابتسم دونَ تعليق
: طيب انزل انت وانا ابوقف السيارة زين والحقك
: طيب
نزل من السيارة وراح يتمشى ببطئ صاعداً التلّ
كانَ يسير وهو يراقب العشب وذهنه شارد
,
اصطدمت بجسدٍ غليظ فتراجعت فوراً وهي تشهق بقوة
لم تجرؤ أبداً على رفع رأسها
قالت بارتجاف
: معليش
وأسرعت للجهة الأخرى لتنزل التل متوجهةً الى عمها وابنه وأخويها
,
لم ينتبه أنه يسير دونَ تركيز الا حين اصطدم به جسدٌ صغير وفوراً ولّى هارباً
رفعَ رأسه ليراها من الخلف
لا تزال نبرتها تُحدث صداً في رأسه
" معليش "
ابتسمَ وهو يتخيل أن تكون قريبته !
زوجته أو شقيقته !
ضحك بخفةٍ من نفسه وظنونه , دوماً يُخيلُ له أنّ هذا شقيقه وذاكَ ابنُ عمه وتلك زوجته والأخرى أخته والمرأة العجوز المتعبة أمه !
عاد أدراجه وهو يتنهد ويتصلُ على يوسف
,
,
المملكة العربية السعودية – الشرقية
الرابعة عصراً
دخلا للمنزل وهمّا بصعود الدرج دون القاءِ التحية
قال ابو وليد بهدوء
: وليد ابي أكلمك
التفت اليه ببرود
: بخصوص ؟
نهض وقال
: تعال ونتكلم
: بوصل ملاك
أوصلَ ملاك الى غرفتها واطمئن الى اغلاقها للباب ونزل
توجه الى مكتب أبيه ليستمع الى ما يريده
قال والده بهدوء
: طبعاً ما راح أحاسبك انّ اخوك له اسبوع قام من العملية والى الآن ما تحمدت له بالسلامة , ولا بأقولك ليش تعاقب اخوك بذنب غيره
ابتسم بسخرية وهو يقول بلا اهتمام
: اللي بعده
تماسك والده وتحكم بأعصابه وهو يقول
: لمتى بتعاملني على اني عدوّك ؟
قال بهدوءٍ وفلسلفةٍ ساخرة
: لين تدلني على أمي
نظر اليه والده بعمق , ثم قال
: انت ما تؤمن بالموت !
ضحكَ بسخرية ثم قال
: الموت ! وش طاري عليك يا ابو وليد أول مرة تكلمني عن جريمتك بأمي !
: انا ما اجرمت فيها !
هزّ رأسه مستهزئاً
: ايه صحيح انت طيّب وهي جانية
تنهد والده وصمت قليلاً قبل أن يقول
: امك توفت يا وليد , توفت من زمان
قال ببرود
: والميت ما له قبر يزورونه ؟
: ما تصدقني !
: للأسف !
: انا ابوك !
: ابوي اللي أجرم بأمي ! ابوي اللي ما أعرف معنى ابوته
قال بألم
: طول حياتي حاولت أضمك لي وأحسسك بأبوتي وانت اللي صديت
: بعذري أصد , وانا أمي مختفية من عمري ثمان سنوات وانت الجاني , تبيني أحبك واتودد لك مثلاً ؟
قال والده بتبرير
: انا مو مسؤول عن اختفاءها , جدك الله يرحمه اللي أخذها وبعد فترة توفى وعرفنا انها متوفية من قبله , يعني بعد ما اخذها على طول !
نظر اليه بجدية
: ما راح أصدقك الا بدليل
صمتَ قليلاً ثم قال باستسلام
: بوديك قبرها
جحظ بصره بصدمة
ظلّ عاجزاً عن الردّ لثوانٍ
يأخذني لقبر أمي !
لَمْ أُصدقه يوماً , فلِمَ أُصدقه في موتها وانا الذي عشت عُمري أنتظر لحظةَ عناقها !
كيف يخبرني ببرودِ العالم أنها ميتة وأنه سيأخذني لقبرها
وانا الذي أنتظرتها اثنان وعشرون عاماً بكل اشتياق العالم واللهفة الملتهبة للقاء
اكذب مجدداً يا ابي
لا تقلْ بأنها ميتة !
ذاك الوجه الطاهر , والبسمةُ العميقة , والروح الطيّبة
كيف تموت !
هل ماتت أمي حقاً
هل مات الطيِبُ ورحلَ الجمال عن هذا العالم
كيف لم تأبه بِ أسَى قلبي !
كيف لم يخطُر على بالها احتياج ملاك !
كيف تموتُ أمي ويبقى الشرّ في الكون
كيف ترحلُ امي عن الحياة
قال بصعوبة
: امي ميتة ؟!
قال والدُه بحزن
: من زمان يا وليد ! انت ما فكرت بأن اثنين وعشرين سنة كثيرة على اختفاء شخص موجود ! امك فارقت الحياة بعد ما فارقتك بأشهر
هزّ رأسه بعدم تصديق
اختنق ولم يعد يستطيع التنفس
لا زلت أحتاجكِ والله
لا زلتُ لم أروِي قلبي منك وانا الذي انتُزِعتُ من حضنكِ انتزاعاً وانتِ تهتفين " أمنتك على ملاك يا وليد خلك رجال وارعاها "
اقترب منه والده
: وليد !
قال بتعب
: خذني لها
: ملزم ؟
نظر اليه بشراسة
ها أنتَ تكذب كما عهدتك
ها هي صورتكَ الحقيقية
أمي لم تمت
شعرَ بأن قلبه يتراقص بابتهاج
نهض وقال بحدة
: شفت انك ما تصدق
أمسك والده بيده وهو يقول
: انتظر لحظة ! اذا تبي أبوديك
قال بتحدٍ وهو موقنٌ بأنه سيتهرب وبأن والدته لا تزال على قيدِ الحياة
: يلا مشينا
قال والده مستسلماً
: مثل ما تبي , مشينا
سارا خارجين من المنزل , وقد نسيّ وليد أمرَ ملاك من فرط اضطرابه
وفي داخله احساسان متضادان
خوفٌ جامح
وفرحٌ خائف
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
مطار الملك خالد
السادسة مساءً
نزلا من الطائرة بمشاعرَ لم يسبق لها أن لامست قلبيهما !
ارتباكٌ وتوتر
ارتجافةُ قلب
أحدهما لا تكاد الأرض تحمله من سعادته واشتياقه
والآخر تكاد السماء تصرخ في وجهه أن ابتسم !
والأرض تهتز من تحته , أن امشي على هونِك !
واجمٌ بشدة
وتنفسه ضيق
وارتجافةُ يدِه واضحة فيدسها في جيبه كي لا يراها أحد
انتهيا من اجراءاتهما
وسارا الى بوابة الواصلين
تأفف سلطان لينهره مالك
: لا تنكّد علي من أولها , يكفي انك أخرتنا اسبوع !
مرّ عامٌ لم يرَ أهله !
عامٌ مضى لم يترك سلطان رغم أنه لثلاثة أعوامٍ سابقة كان يتركه اسبوعاً كلّ ستةِ أشهر
بحثا في وجوه المنتظرين ليجدَا ابنَي عميهما
سعود وحسن
ابتسم مالك وسار مسرعاً اليهما
هتف سعود
: حسسن شوفهم
اقترب من الحاجز الفاصل بينهما ليعانق مالك بشدة
واقترب حسن ليعانق سلطان الواجم
قال سعود
: الله حيّهم هلا والله
قال مالك مبتهجاً
: سعود ي حيي , حيّ ذي الشوفة
سلّم سعود على سلطان ومالك على حسن
وخرجوا من المطار
ركبوا سيارة حسن
التفت سعود اليهما مبتسماً
: كذا يا قليلين الخاتمة لي اسبوع هنا توكم تشرفون
قال مالك بقلة حيلة
: واللي معاه هالغول يقدر يعيش !
ضحك سعود وهو يضرب فخذ سلطان بخفة
: حيّ الله ابو مساعد
: الله يحييك
قال حسن بصدق
: والله انّ فرحتي اكتملت بوجودكم الثلاثة
ردّوا بأصواتٍ متفرقة
: الله يسلمك
وصلوا الى المنزل الكبير
أمسك سلطان بيد مالك وشدّ عليها
كأنه يخبره بشدِه عليه أنه خائف !
كأنه يرجوه أن لا يتركه ولا يبتعد عنه
ابتسم له مالك مطمئِناً
وقال هامساً
: سَم بالرحمن ! أهلنا داخل كلهم منتظرينك , ما بيصير شي بنسلم عليهم وبنستانس معاهم , يلا سلطان
ازدرد ريقه ونزل من السيارة
كانت نظرته ووقفته وعقدة حاجبيه
تنمُ عن جمودٍ ولا مبالاة وثقةٍ عمياء
بينما كان داخله احساسُ طفلٌ يتيم مشرَدٌ في العراء خائف من أصواتِ الغرباء
ابتسم سعود وهو يتقدمهم
: شوي شوي على قلب جدتي ! خايف عليها يجيها شي لا شافتكم
ضحك مالك
: انا اخف من هالكلب اللي له اربع سنين عنها
نظر اليه بحدة فقال بتراجع
: خلاص امزح
فتحَ حسن باب المنزل وسعود خلفه
قال سعود بصوتٍ عالٍ
: يا جماعة , وصلوا مالك وسلطان
ارتفعت الأصوات والشهقات , وبعض الصرخات !
خرجت الجدةُ من أول غرفةٍ على اليمين
شهقت بلوعة ودموعها تبلل وجنتيها
: ياا وجه الله , ياا وججه الله
شعر سلطان بقلبه ينخلع من جوفه ليتدحرج على الأرض الصلبة
وهو يرى دمعاتِ هذه العجوز وضعفها ! بكاءها وعدم تصديقها لرؤيته
اندفع اليها دون ان يشعر بخطواته
عانقها وخبأ وجهه في كتفها
كان منحنياً بطوله الفارع الى قُصرِ قامتها
كانت تشهق بلا تصديق وهي تتلمسه وتبكي
: ياربي لك الحمد والشكر , ياربي لك الحمد الف مرة يومك ذكرتني ورجعتّه لحضني , آآآه يا سلطاان آآه يا بعد روحي
أربعةُ أعوامٌ يا ابن قلبي لم أرك فيها !
أربعةُ أعوامٌ كنت أنام فيها كلّ ليلةٍ وأنا أدعو الله أن يطيل عمري لليوم الذي بعده علّني أراك
أربعةُ أعوامٍ تقتلني فيها بحرماني منك
آهٍ يا سلطان كم أتعبتني
كم ظننت أن قَلبي ثكل وروحي ذبلت
شمّت ائحته وهي تبكي بصدق وتتمسك به
أخفى سعود تأثره بضحكةٍ لطيفة أتبعها بنبرةٍ حنونة
: يممه شوي شوي على نفسك
ابتسم مالك بحزن والتفت الى صوتٍ يناديه من الغرفة المقابلة
: ماالك !
توجه الى الغرفة بلهفة
دخل وعانقها بقوة
: يممه يا روحي انتي
قالت ببكاء
: يا روح امك وقلبها , يا بعد كلي يا مالك
قبّل رأسها بابتسامةٍ على لهفتها
ابتعد والتفت الى شقيقته
التي قفزت وتشبثت به
: ملووووك
ضحك وهي يدور بها ثم أنزلها ليعانقها
: يا حياتي انتي , كبراانة
ضحكت وهي تبتعد عنه لتمسح دمعاتها
ناداه سعود
: ماالك تعال سلم على ابوك عمامك
خرج مسرعاً ليجتذبه سعود الى صالة الاستقبال في نهاية الممر
كانت الصالة ممتلئةً بالرجال
شباباً وشيباً
حينَ انتهوا من السلام وهمّوا بالجلوس
أمسكت الجدةُ بيد سلطان لتهمس
: أختك وابوك في غرفتي
لا ! لا أحتاج لأن تذكريني بهما
كفاني الى هذا الحد سلامي عليكِ
لا أحتمل رؤيةَ أبي وأروى ! قد أُصاب في مقتل
نظرَ الى مالك باستنجاد
كان مالك يجلس بين والده وابناءِ عمومته
ابتسم له ونهض مقترباً منه
: وش فيك
قال برجاءٍ هامس
: ابي أطلع ما ابي اشوف اروى وابوي
قال مالك بحدة
: سلطان استح على وجهك ! اللي يشوفك ما يقول ذا صك الثلاثين ! في احد يخاف يشوف ابوه واخته ؟ تعوذ من ابليس وانقلع
قال ابو مالك
: لكم اربع سنين مع بعض خلكم معنا شوي !
كفوا عن ترديد كلمة اربعةِ أعوام
تطعنني بشدة
تعيدني الى يومٍ انقتلت فيه آلاف المرات
الى يوم كُسر فيه ظهري
الى يومٍ قتل فيه سلطان , وولد سلطان آخر
التفت مالك الى والده مبتسماً
: سألته عن شنطة الجوازات اذا معاه او لا
قالت الجدة مجدداً
: سلطان ابوي ! تعال يمه اختك متشفقة على شوفتك
زفر بارتجاف وخرج معها
دخل الى الغرفة وفوراً شهقت اروى واندفعت الى حضنه تهتف بعذاب
: سلطااااان
ظلّ على وجومه لثوانٍ
استعصى عليه رفع يديه ليبادلها العناق
صعُبَ عليه ان يبادلها اشتياقها
كانت تهذي بكل شيء
بعتابٍ واشتياق وشكاوى
رفع يديه بصعوبة وربت على ظهرها وهو يقول بوجوم
: عساك على وعدك يا اروى
ابتعدت عنه ونظرت اليه بابتسامةٍ كسيرة
: والله على وعدي ما نقضته
أبعدها واتجه الى والده الذي لم يلتفت الى كل الفوضى التي حصلت
وهو يسمع نشيج جدته من خلفه
ركع أمام والده وأمسك بيده
: يبه
نظر اليه ثم فاضت عينيه بالدمع
شدّ على يدِ ابنه بضعف وهو يتمتم بصعوبة
وكأنو يشكو اليه
قبّل يدَه وهو يقول باختناق
: ادري والله ادري
ارتفع بجسده قليلاً ليعانقه
ظلّ ثوانٍ طويلة يشد عليه , والكهل يبكي ويشتكي بهمهمات لا تُفهم أبداً
اقتربت أروى حينَ اشتد الكرب بأبيها وأبعدت شقيقها عنه
قالت ببحة
: سلطان ابوي ما يتحمل
نهض ونظر اليها بجدية
: أروى سألتك بالله...
قاطعته بصدق
: والله واللي رفعها سبع وبث فيني الروح اني ما أخلفت وعدي
قال بانكسار
: لا تكسريني يا أروى , لا تلوين ذراعي فيك
اندفعت اليه وهي تبكي وتقول بحرارة
: ما عاش من يكسرك ويلوي ذراعك يا بعد هلي
,
,
المملكة العربية السعودية – الشرقية
توقف أمام المقبرة والتفت الى ابنه
: تنزل ؟
ارتجف فكّه وهمّ بالتراجع
التفت الى والده ونظر اليه بضياع
هل تكذب مجدداً يا أبي ؟
أرجوك اكذب وسأسامحك على هذه الكذبة
سأقبّل رأسك بامتنان
اكذب يا أبي فصدقك لم يَرُقْ لي
اكذب يا ابي فأنت لا تجيد الصدق !
ها انت تصدق وتقتلني
هزّ رأسه ايجاباً
ثم قال بتحدٍ لوالده " الكاذب " !
: يلا ننزل
رفع والده كتفيه باستسلام ونزلا
دخلا الى المقبرة ووجلت قلوبهما
تمتما بتحية القبور
وسار الأب يتقدمُ وليد بخطوتين
الى أن توقف أمام قبر والتفت لابنه
: تعال ! سلّم على أمك
ازدرد ريقه واقترب
أنت تكذب !
ليس بقبرِ أمي
ليست أمي الراقدة هنا
اقترب ونظر الى القبر مكرهاً
سقطت عينه على اللوحة الصغيرة المُعرِفةِ بِصاحبِ القبر
" لطيفة بنت فلاح السلمان – 1414هـ "
اختل توازنه
وأُغلِقت الشعبُ الهوائية التي تسمح له بالحياة
توقف قلبه عن الضخ
ضاعت نظرته في اللا شيء
ارتجفت شفتيه بمحاولةٍ للتنفس
مرّت ثوانٍ ليتماسك وهو يشعر بكفّ والده تربت على كتفه ويقولُ بنبرةٍ دافئة
: وليد ! هذه أمك , ما كنت أبيك تعرف لأني أدري انك منتظرها , وادري شكثر بتتألم اذا عرفت بموتها , يا يبه انسى اللي صار ! انا ابوك واحتاجك وتحتاجني , اشتاق لك واشتاق لملاك ولا اقدر اجلس معكم ولا اعطيكم ولا اعيش معكم مثل أي أب وعياله , سامح وانسى يا يبه , العمر يمشي والموت ما بيستأذن اذا جا
صمتَ قليلاً ثم قال بهدوء
: اتركني معها
: بنتظرك بالسيارة
ابتعد عنه وخرج من المقبرة
جلس وليد على ركبتيه وهو يملأ رئتيه من رائحة القبور !
قال بارتجاف فكّيه
: كذا يا ام وليد تفجعيني فيك ! كذا يا يمه تتعبين قلبي وتشقينه ! آآه يمه شكثر اشتقت لك وشكثر انتظرتك وشكثر تخيلت لقانا , واليوم أنصدم انك مو موجودة ! أول مرة يصدق ابوي ويكون صدقه مثل الخنجر بالقلب , ما ابي صدقه يا يمه خلّه يكذب طول عمره ولا مثل هالصدق – تهدج صوته وهو يحاول برغبةٍ حقيقية أن يبكي لكنه عاجز – ابي ابكيك يا يمه ومو قادر , عجزت عيوني تنزل دموعها عليك ! شلون اعيش الحين ! شلون أنام بدون لا أحلم اني بشوفك بكرة ! كذبت على ملاك وربي ابتلاني وطلعت حقيقة , من وعَت ملاك على الدنيا قلت أمك ميتة وانا امك وابوك واخوك , وهذا انا بعد اثنين وعشرين سنة انتظار تطلع امي ميتة ! يا كبر فجيعتي فيك يا يمه , يا حدة الوجع اللي سكن قلبي من اليوم عليك يمه , يا قسوة الحداد اللي في روحي عليك يمه
ظلّ أمام القبر يرتجف رُغمَ لطافة الجو
لا يستطيع التنفس بأريحية رُغم أنّ ملابسه مريحة
أطالَ الجلوس حتى عادَ والده واقترب منه بقلق
: وليد وش صار لك ؟
رفعَ رأسه الى والده ووجهه يثير الريبة
أسنده والده اليه وساعده على المشي وهو يلتفت الى القبر دون ان يتكلم
قال والده
: الله يهديك يا يبه ! مقبرة هذه شلون تجلس فيها كل هالوقت !
قال بلا تصديق
: امي ماتت !
لم يستطع والده اجابته
جلسا في السيارة وأسندّ وليد رأسه الى الشباك بضعف
نعم هو ضعيفٌ الآن !
هو متعب ! ويحاول البكاء !
قال والده بتردد
: وليد !
لم يجبه وصدّ بنظره عنه ليصمتَ الأخير
وصلا الى المنزل ونزل وليد قبل والده
دخل الى المنزل ليجدَ زوجةَ أبيه أمامه
قالت بابتسامةٍ وارتباك
: وليد !
لم يجبها وصعدَ الى الأعلى فوراً
طرق باب غرفة شقيقته
فتحت الباب بابتسامة وحينَ ورأت ملامحه اختفت
دخل وعانقها بشدة
قالت بتردد
: وليد !
قال باختناق
: امنا ماتت يا ملاك !
قالت بخوف
: الله يرحمها , بسم الله عليك حبيبي امي ميتة من اثنين وعشرين سنة !
ملأ رئتيه هواءً بارتجاف وظلّ معانقاً أخته لثوانٍ حتى ابتعد ومسح على شعرها وهو يقول
: ملاك , خلاص حبيبتي متى ما تبين تنزلين انزلي واذا ما تبين تقفلين الباب براحتك , وراح يصير أكلنا هنا , واذا تبين تطلعين مع ابوي او فهد مو مشكلة
قالت بصدمة
: منجدك !
ابتسم مرغماً وقبّل جبينها
: تصبحين على خير
أمسكت بيده بسرعة وهي تهتف
: لحظة وليد
التفت اليها وهو ينتظر أن تتركه ليختلي بنفسه
قالت بقلق
: وش صاير لك !
هزّ رأسه نفياً
: مافي شي ! بس اُمي ميتة الله يرحمها وابوي ومرته وعياله مالهم دخل !
كان يقصد أمي متوفيةٌ منذُ أعوامٍ طويلة ! وليست مختفيةً كما ظننت أنهم من أخفوها وابعدوها عنوة !
ترك ملاك ليدخل غرفته ويغلقَ الباب
ليقيمَ مراسِم العزاء وحده !
ليشكو فقدها لجُدران غرفته
ويبكيها على مخدته
لينعى فراقها وحيداً بعيداً عن العالم
اقترب من سريره وعينيه مركزةٌ على صورتها
جلس وأمسك بها وقربها اليه
قال بهمس
: شلون خذاك الموت ! شلون انتي ميتة كل هالسنين وانا ما أدري
ضمها الى قلبه وهو يتنفس بقوةٌ وعينيه مغمضةٌ بشدة
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الرابعة عصراً
مرّ يومان عصيبان على منزلهم الهادئ
فزَع الأم باستمرار يُقلقهم عليها
ارتجافتها
انهيارها المتكرر
نحيبها !
زفر فيصل بتعب وهمّ بالنهوض لدخول غرفته حينَ مرت والدته من أمامه بعباءتها وحقيبتها
قال بسرعة
: يمه على وين ؟
قالت بلا وعي
: بروح أجيب بندر !
قال بصدمة
: من وين تجيبينه !
تركته وتوجهت للباب وهي تقول
: بجيبه , بيذبحون ولدي
تبعها وأمسك بكتفها
صرخت به وبكّت فوراً وكأنها عادت الى وعيها
: ابي بندر , ردّ لي ولدي فيصصل رجع لي بندر
ازدرد ريقه وقال برجاء
: يمه تكفين ارتاحي , والله خايف عليك يجيك شي من كبر همك , انا وخالد مو تاركين الموضوع جالسين نسأل عن اصدقاءه اللي كان يجلس معاهم عشان نعرف شلون راح ومن موديه ونقدر نرجعه
جلست أرضاً تضرب رأسها بهستيريا
: البنت راحت ولحقها الولد والرجال مات , وش بقى لي وين اروح وش اسوي بحياتيي
لم يعرف كيف يتصرف
هو ليس خالد او بندر حتى يجيد تهدئتها !
هو يعشقها بجنون , لكنه يجهل كيفية التعامل معها !
ظلّ ينظر اليها بغيرِ حولٍ ولا قوة حتى دخل خالد وصُعق ! ظنّ أنّ فيصل من ابكاها
صاح فيه بغضب
: وش سويت لها
ترجع وهو يقول
: ما سويت شي ! تبي بندر !
اقترب خالد وعانقها وهو يسمي عليها بصوتٍ عالٍ ويقرأ آيات الله عليها لتسكُن روحها المتعبة !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحادية عشرةَ مساءً
قال ابو مالك
: طيب حنّا نمشي أجل
قالت والدته
: وراه تمشون ! خلكم نجلس كلنا لين تصلون الفجر وتتيسرون
ضحك أحد احفادها
: يمه شكلك من الفرح ناسية انّ السهر مو زين عليك
قالت بصدق
: والله ان الدنيا مو سايعتني , يا الله لك الحمد والشكر , ناقصني بس محمد وتكمل فرحتي
قبّل ابو مالك رأسها مبتسماً
: عسى دوم الفرحة يا بعدي , ام مالك واخته مشتاقين له وهو لازم ينام ويرتاح , الصبح نجيك ان شالله
: اجل براحتكم بس لا تبطون الصبح نبي نفطر كلنا
ابتسم سعود لترديدها كلمة " كلنا " دون شعورٍ منها
وكأنها غيرُ مصدقة وتؤكد لنفسها أنّ احفادها الثلاثة موجودون !
ذهبَ ابو مالك مع عائلته
قرابة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل نهض سعود
أمسك بمعصمه أحد ابناء عمومته
: وين رايح !
أشار له بالهاتف
: عندي مكالمة
تركه وابتسم
خرج من البوابة الزجاجية التي تحتل نصف الجدار في صالة الاستقبال وتطل على حديقة المنزل الخارجية
ابتعد واتصل بوالدته وكلّم والده وجدته أيضاً
ثم اتصل على عبد العزيز ليطمئن عليه ويعرف أخباره
أغلق الهاتف من عبد العزيز واتصل بلين
مرّت ثوانٍ لترد
جاءَ صوتها كثغرة النور في عتمة الديجور
كقشةٍ وحيدة , في أمواجٍ مديدة
كروح تنعش , بعد انتزاع الأنفاس
: هلا
ابتسم لنبرتها وتنهد دون شعور
ابتسمت وقالت
: سعود ؟
: يَ بعد كلّه
ضحكت بخفة , وقال هوَ
: شلونك !
أجابته بهدوئها الذي يبعثره ويجمعه ثم يبعثره مجدداً
: الحمد لله , انت شلونك !
: طيّب ما علي
استمرا في حديثٍ قصير
حتى سألته
: متى راجع ؟
: نهاية هالاسبوع ان شالله , اليوم جونا عيال عمامي من استراليا وجدتي بتطير من الفرح فيهم , كسرت خاطري وهي تسلم عليهم وتبكي
قالت بتعاطف
: حبيبتي قرّة عينها فيهم
مرّت ثوانٍ صامتة بينهما
حتى ناداه أحد ابناء عمومته
: سعوود جدتي بتقوم عليك بالعصا , تقول بتسحب جوالك
التفت اليه بسرعة وأشار له أن يصمت لكنه لم ينتبه
جاءته ضحكتها التي تحاول كبتها
نظرَ اليه بغيض وأشار له بيده بمعنى " أوريك "
قال مبتسماً
: استانستي الحين
حمحمت وقالت
: لا مالهم حق
: طيب اسمعي
أجابته بخفوتٍ وابتسامة وهي تعبث بخصلات شعرها المبعثرة على جانبي وجهها
: همم
تلفت حوله ليتأكد من خلو المكان ولا متطفل يسترق السمع
قرّب شفتيه الى الهاتف وهمس
: وحشتيني
صمتت لثوانٍ وتوقفت يدها عن الحركة على شعرها
ازدردت ريقها
ما هذا السحر الذي تمارسه عليّ !
ما هذه النبرة التي تأسرني بها وتنقلني الى عالمٍ لا يسكنه الّا انا وانت ونبرتك !
ضحكت بخجل وأردفت
: ما يوحشك غالي
قال بتمتمة
: هذا اللي قدرك عليه ربي
ضحكت ولم تجبه
ابتسم
يعلم أن ضحكتها تجيبه بأنها اشتاقته أيضاً
قالَ بحنان
: انتبهي لنفسك , جدتي بتقوم علي
ابتسمت
: وانت انتبه لنفسك
ودعها وأغلق الهاتف وعاد اليهم وهو يشعر بروحه ترفرف من مكالمته معها
يشعر بالسعادة بسماع صوتها
يحب أحاديثها
أيُ قدَرٍ جميلٍ وضعكِ في طريقي يا لين !
,
,
الى الملتقى





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-12-13, 08:26 PM   #25

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

البارت الواحد والشعرون
,
,
المملكة العربية السعودية – حائل
العاشرة صباحاً
تفقدت الشقةَ أخيراً ثم خرجت منها مع أمِها
نزلتا لتسألهما أمُ صقر
: تأكدتوا الشقة فاضية ؟
قالت ام علي
: ايه خلاص نزلنا كل شي
نادى تركي
: يلا يمه يلا عمتي مشينا
اقتربت رتيل من تركي برجاء
: خل هديل تجي معنا
: علي ما يرضى , يقول عيب تركب مع عبد الله , تعالي انتي
قالت باعتراض
: ليش عيب وش فيها ؟
: خلاص رتيل لا تطولينها , تعالي انتي معانا
: حرام وداليا !
: جيبيها ما بياكلها علي !
تأففت وذهبت الى داليا
: امشي معاي بسيارة علي
شهقت باستنكار
: تبيني اركب مع اخوك !
قالت رتيل بسخرية
: أي اخوي اللي مملك عليك اللي يجوز يشوفك ويكلمك ويجلس معك
قالت داليا برفض
: ماني جاية لو تفحطين
تأفف عبد الله
: رتيل اخلصي علي بنمشي !
: قول لها تجي معاي لسيارة علي
: روحي معها !
قالت داليا بغيض
: من جدك انت اركب سيارته !
نظرَ الى رتيل
: اتركيها خلاص واركبي مع اختك واستانسوا طول الطريق وهي خلوها بروحها هنا
قالت باعتراض
: لااا , لا تروحييين وتخليني بروحيي
: اجل اخلي اختي بروحها ! خلك هنا كلمي روحك
أولتها ظهرها وهي موقنةٌ أنها ستتبعها
تبعتها فوراً وهمست
: نجلس في المرتبة اللي ورى ولا تقولون له انّي معكم
قالت رتيل ساخرة
: تكفيين ي مدوخته عليك , والله ولا جاب خبرك ولا درى عنك امشي بس
دخلتا الى السيارة وركبتا في المرتبة الخلفية وهديل معهما
واستلقت ام علي في المرتبة الأمامية بمفردها
همست داليا وهي تضع كفها على بطنها
: جوعانة !
قالت رتيل
: ما فطرتي ؟!
هزّت رأسها نفياً
: كنت اتروش ويوم طلعت امي قالت بسرعة البسي بنطلع الحين
صمتت رتيل ورفعت السلة التي أمامها لتبحث عن شيءٍ يؤكل
: داليا ما في غير قهوة وتمر !
كشرت بوجهها
: التمر يسويلي حرقة عالصباح
ركب علي وحرك السيارة دون أن يعلم بوجود داليا
حتى سار على الشارع العام وعبد الله خلفه قالت رتيل بهدوء
: علي
: هلا
: حبيبي ما فطرت تقدر توقف عند اول بقالة تجيب تسالي وفطاير
: طيب
التفتت اليها داليا بصدمة
قالت بهمس
: ماله داعي لا توقفينه
: مالك شغل
قالت هديل ببرود
: علي
: هلاا
: تدري انّ داليا اللي ما فطرت ؟
قال بعدم فهم
: ايش ؟
قرصتها داليا وهي تقول بهمس
: وجججججع
صرخت هديل ليقول تركي بغضب
: وجع قصري حسك
: اقول داليا معانا في السيارة وهي اللي ما فطرت ورتيل تقول لك انها هي ما فطرت
صمتَ علي لثوانٍ ليفهم ثرثرة شقيقته
ثم انفجر ضاحكاً وهو ينظر اليهن من مرآته
لتنزل داليا بجسدها الى الأسفل
قالت رتيل بانتقاد
: وش حركات البزران ذي ؟
اشارت الى رأسها باصبعها ببرود
: كيفيي
ابتسم تركي وهو يقول
: هديل اذا كانت نعسانة جوّها كلّه يخرب وتصير نذله بدون منازع
قالت رتيل بغير رضا
: مالك داعي
وأشاحت بوجهها عنها
قالت هديل ببرود
: انطمي لا اقلب عليك
قال علي بحزم
: هديل
تأففت ولم تجبه
توقف علي عند أول بقالةٍ صادفته
وتوقف عبد الله خلفه وفتح نافذته ليسأل
: وش فيه ؟
ابتسم
: بجيب شوية تسالي للبنات , اطلع انت اسبقني للإشارة
نزل عبد الله من سيارته
: بنزل معك
حينَ ابتعدا عن السيارة قالت داليا وهي مختنقةٌ بعبرتها
: انا بنزل بروح لسيارتنا
قالت رتيل
: دالييا وش فيك اسفهيها , لا تصيرين بزرة مثلها !
ضربت داليا هديل وهي تقول بغيض
: والله أوريك يا نذلة , وش مسويتلك انا عشان تتمنذلين علي
قالت ام علي بابتسامة
: تبيني اضربها ؟
: ايييه
ضحكت والتفتت اليهن
: تعالي هديل عندي لين تروقين وارجعي ورا
: ما ابي
: اجل لا اسمع صوتك ولا تضايقين خواتك
قالت معترضة
: ضاقت عليكم تمشون الليل او العصر ! لازم من الصبح ؟
تجاهلتها والدتها وهي تغمض عينيها وتستغفر بمحاولةٍ للنوم
عادا تركي وعلي
حينَ حركَ علي السيارة مدّ بِ ثلاثة أكياس الى الخلف
: رتيل
تناولتها منه
قال علي بابتسامة
: الكيس الأزرق لِ داليا بروحها والكيسين الثانية لنا كلنا
ضحكت رتيل وهي تجلس مكانها وتمد بالكيس الأزرق لداليا التي تمنت لو تقفز من السيارة هاربة
لم تأخذ الكيس وأشاحت بوجهها برفض
قالت هديل
: جيبيه انا آخذه خلّها ذي ترفس النعمة
أخذته داليا بعناد ومدّت لها بلسانها
ضحكت هديل ببرود
: الحمد لله والشكر
أراحت رتيل رأسها الى النافذة وأغمضت عينيها لتعود بمخيلتها الى قبلِ تسعِ أعوام
*في طريق العودة من مكة المكرمة
كانت رتيل تركب في المرتبةِ الأخيرة مع داليا
حصلت بينهما مشادة كلامية لتضرب داليا رتيل وتبكيها
بكت رتيل بصوتٍ عالٍ أفزع صقر وجعله يوقفُ السيارة
التفت بخوف
: وش فيه
قالت رتيل بصوتٍ باكٍ
: داليااا ضربتنييي
قال بغضب
: داليا ووجع
قالت ام صقر
: صقر وش فيك ! عادي صغار وتهاوشوا ! – التفتت الى الخلف وهي تمد بيدها الى رتيل وتنظر بعتاب لابنتها – تعالي رتيل , وين ضربتك
اقتربت رتيل ولا زالت تبكي وهي تقول
: عضتني وشدت شعري
لم يحتمل صقر صوتها الباكي
نزل من مقعده وفتح الباب الخلفي ليحملها ويمدّ يده الى الخلف ويضرب رأس داليا
فوراً بكت داليا من يده الثقيلة وعلى صوتها بالبكاء
لتقول رتيل بحزن
: حرام عليك
حملها دون أن يتكلم وركب في مكانه وتابع قيادته وهي في حجره
قالت امّه بخوف
: صقر لا تسوق وهي في حضنك خلها عندي
: ما ابي
تركها في حجره لتغفو على صدره ورأسها ملاصق لذقنه
بين الفينةِ والأخرى كان يقبّل رأسها
قال والده بعدم رضى
: ما يجوز تضرب اختك الصغيرة
قال بهدوء
: وهي ما يجوز تضرب بنت عمها
قالت داليا بحزن
: انت ظالم ما تحبني بس تحب رتيل , تفرق بيننا ! من اختك الحين انا ولا رتيل !
لم يُجبها وأرضاها لاحقاً بقطع شوكولا , ولم تعلم أن قطع الشوكولا التي أحضرها لرتيل كانت أكثر من قطعها !*
اهتزت السيارة ليضرب رأسها في النافذة وتفتح عينيها فوراً
انتبهت الى دموعها التي انهمرت ولم ينتبه لها أحدٌ لأنها كانت تضع غطاء وجهها
التفتت الى داليا وهديل التين كانتا منهمكتين في الحديث ونسيتا خلافهما !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحاديةَ عشرةَ صباحاً
في الجلسة العربية المنصوبة في حديقة المنزل
جلس سعود وسلطان والجدة
قال سعود
: وش رايك يمه وش آخذ هدية لزوجتي
نظرت اليه بغيض ليضحك ويقبّل رأسها
: للمرة الألف أعتذر لك وأقول لك الموضوع صار بسرعة ما قدرت أعلمك !
: لك فوق الشهرين يالردي تسعى بالموضوع ولا قدرت تعلمني ! ما غير الانجليزية تعرف كل شي وتشاورها في كل شي
ضحك بعمق وهو يضع يده على عينه
: انتي وش فيك على نانا !
قالت باستنكار
: اعووذ بالله ! وش نانته يا ساتر ! لا بالله انهبل الولد
ضحك سلطان رغماً عنه
: ما استحيت على وجهك هذا طولك وتقول نانا
قال مبتسماً
: ما اقدر أغير ! من ولادتي وانا ما اناديها الا نانا
صدّت عنه جدتي وهي تلوي فمها
: عشتو
ضحك مجدداً وقال
: ها وش قلتي وش أودي للحرمة
: خذ لها قطعة ذهب
قال بعدم رضى
: وش ذهب !
نظرت اليه بهجوم ليضحك ويبرر
: يعني أقصد ابي شي رومانسي مو ذهب
: الله يا الزمن , الحين الذهب ما عاد يعجبكم ! براحتك روح للسوق وشوف وش تبي تشتريلها
التفتت الى سلطان وقالت بعطف
: قوم يمه جيب ابوك يجلس هنا على الهوا زين له
نهض بصمت وذهب لغرفة والده
كانت أروى هناك تعبث بهاتفها ووالدها جالسٌ على كرسيه بصمتٍ كالعادة
دخل الى الغرفة فوضعت هاتفها جانباً ونهضت بابتسامة
: هلا والله
اقترب وقال
: وش تسوين ؟
رفعت كتفيها
: ولا شي !
نظر الى هاتفها ثم اليها
زفرت , ثم ابتسمت ومدّت له بالهاتف
نظرَ اليه لثوانٍ ثم أخذه ليتفقد الاتصالات والرسائل وهي تنظر اليه بهدوء
أعاده اليها وتجنب النظر الى وجهها
: تعالي اجلسي معانا انا وجدتي
: وسعود ؟
دفع كرسيّ والده وهو يقول
: اصبري أشوفه بيقوم ولا لأ
خرج واقترب من جلستهم
قال لسعود
: بتقوم ولا جالس ؟
حمل هاتفه ونهض
: بنام شوي لين الظهر ثم أطلع للصلاة وبعدها بروح لعمتي عايدة
قبّل رأس جدته ودخل للمنزل
نادى سلطان أروى لتجلس معهم
كانت أروى تتحدث الى جدتها وهو صامت
وتحاول أروى اشراكه في احاديثهما فيقولَ كلمةً ويعود للصمت !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الواحدة والنصف مساءً
دخلَ الى المنزل مسرعاً والى غرفةِ شقيقه
: خالد ربع بندر حقين الجامعة دلوني على الشلة اللي كان يجلس معاهم قبل لا يسافر
فزّ خالد من سريره وهو يقول باضطراب
: وينهم فيه ؟
: واحد منهم اللي هو مع بندر في الجامعة ساكن في شمال الرياض
صفر خالد وهو يضع يده على رأسه
: الله اكبر عليه , ربي مسلطه من شمال الرياض على بندر !
: خالد لازم نروح له بأسرع وقت نفهم منّه سالفتهم !
دخلت ام خالد الغرفة وهي تقول بهذيان
: لقيتوا بندر ؟
التفتا اليها وقال خالد بحنان
: بنلقاه ان شالله , انتي بس هدّي بالك
جلست أرضاً وقالت بيأس
: ما بيرجع ولدي ! بيذبحوونه , آآه يممما بندددر , ولدددي , ياربييي ردّه لي , يارب متى يجيني فرجك يارب
جلس خالد أمامها وهو يتنفس بصعوبة
: سيجعل الله بعد عسرٌ يسراً , فديتك يا يمه هدّي , بيرجع ان شالله
هزّت رأسها بهستيريا
: ولديي ولدي بيذبحونه ! ياااربييي انا وشش سويييت في حياتي يصير فيني كذذاااا
جلس فيصل بجوارها
: يمه لا تعترضين , ارضي بقضاء الله وربي يفرج عليك
ساعدها خالد على النهوض وأخذها الى غرفتها وفوراً خرج مع شقيقه الى رفيق بندر
,
,
المملكة العربية السعودية – الشرقية
الرابعة عصراً
دخل وليد الى المنزل
وجهه قد شحُبَ كثيراً
والتعب يغزو ملامحه
انضم الى عائلته الذين كانوا يجلسون في غرفة الجلوس
قال والده لملاك
: قومي قهوي أخوك
نهضت ام فهد مبتسمة
: انا اقهويه
مدّت له بالفنجان لينظر اليه برهة , ثم رفع رأسه لينظر الى أخته التي ابتسمت ببساطة ورفعت فنجانها وشربت منه بهدوء
حمحم ولم يشرب
لا يستطيع !
ذلك أكبر من قدرته
لا يثق بهم
ولا ينسى أبداً عذاب والدته بسببهم , وان كانوا لم يخفوها , فقد آذوها سلفاً !
التفت لأخيه ليسأله بهدوء
: شلونك الحين ؟
نظرَ اليه فهد بعمق ثم قال
: طيّب الحمد لله , باقي لي جلستين ان شالله
هزّ رأسه بصمت
اقتربت ملاك وجلست بقربه
همست بحنان
: شفيك ؟ متغير !
هزّ رأسه نفياً
: ما في شي
مسحت على كتفه
: وليد شكلك تعبان ولك كم يوم مو جالس معاي ! يعني تسمح لي أخالطهم تقوم وتسحب علي ! لا بركة في مجالستهم دامها بتبعدك عني
ضحك بهدوء وهو يقول
: مشغول شوي , لا تشغلين بالك أيام وتعدي
ابتسمت له ثم قالت
: ليش ما تقهويت ؟
: آآ , مو مشتهي ! ما ابي قهوة
رفعت حاجبها الأيمن بغير تصديق فضحك
لن تفهمي يا صغيرتي ما أشعر به
انا قُتلت مرةً قبلَ أعوامٍ بعيدة
وقتلني أبي مجدداً حينَ زفّ اليّ خبر وفاة أمي
انا ابغضهم يا ملاك !
أبغض ابي وزوجته وابنيه !
انا لا عائلةَ لي سواكِ وخالتي وابناءها
انا يتيمٌ مذ هجرتني امي
انا مكسُورُ خاطرٍ مُذ انتزِعت من حضن امي , يا ملاك !
شقيقكِ الذي تستندين اليه ما هو الّا بقايا تقاوم من أجلك !
تأوه ونهض ليسأله والده
: شفيك ؟
هزّ رأسه نفياً
: ما في شي بطلع أنام
نظرَ الى ملاك وهو يجاهد نفسه ألّا يأمرها بالنهوض معه
فتح فمه ليتكلم ثم تراجع
فهمت ملاك نظراته
وكيف لا تفهمها وقد عاشت على أوامرها عمرها كلّه !
نهضت معه فسألها
: وين رايحة !
ابتسمت
: بروح انام انا بعد مصدعة
تنهد بامتنان وصعدا الى غرفتيهما
ليستلقي هو على سريره وينظر الى صورةِ أمه
وتجلس ملاك تكتب مقالاتٍ وتقرأ كتباً !
,
,
استراليا – كانبرا
التاسعة صباحاً
دخل الى المبني يسيرُ بهدوء
حتى دخل الى قسمِ المالية الذي يضج بالموظفين والعملاء
سأل أحدَ الموظفين
: عامر جا ؟
: لا طال عمرك للحين
: طيب ان جا خليه يمرني ضروري
: ابشر
همّ بالخروج من القسم لكنّ أحدهم كانَ مستعجلاً واصطدم به ليتراجع من قوة الصدمة
رفع رأسه بغضب
: ما تشوف انت ؟
ردّ الآخر ببرود
: انت اللي منزل راسك ! مو مشكلتي انك مفهي
حملق فيه لثوانٍ وهو يسمع شهقات الموظفات
اقترب أحد الموظفين وقال بهدوء
: طال عمرك اعذره !
التفت اليه ببرود
: على أي اساس تعتذر عني !
قال ابو راجح بهدوء
: خلّه يا ياسر
همسَ أحدهم
: ذياب اعتذر , والله بتوقيع منّه يطيرك من وظيفتك
تجاهل الجميع ودخل مكتبه ببرودٍ تام
وخرج ابو راجح من القسم وهو يشعر بالغضب من هذا المستهتر !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية والنصف مساءً
طرق خالد الباب ولم يفتح أحد
ليتقدم فيصل ويضربه بشدة
حتى فتح شابٌ في اواسط العشرين
قال باستغراب
: نعم !
سحبه فيصل بقسوة وضرب جسده بالجدار واقترب منه وهو يقول بحدة
: شلون وديت اخوي ؟
قال الشاب بصدمة
: من اخوك ؟!
صرخ به فيصل
: وين وديت بندر الله ياخذك
ابعده خالد وهو يقول
: فيصل اتركه لا يصير له شي ونبتلش فيه – نظر الى الشاب وهو يقول بحدة – بندر ولد محمد اللي كان يجلس معك الفترة الأخيرة
صمت لثوانٍ وهو يتذكر ثم قال باستدراك
: اييه , وش فيه ؟!
انفلت فيصل ليلكمه وامسك به شقيقه
: بس يا فييصل
قال الشاب
: والله ماني فاهم وش تبون
قال خالد
: الولد جلس معاك الفترة الأخيرة والحين راح لسوريا ! وش سالفتك وش انت قايل له
قال بصدمة
: بندر بسوريا !!
قال فيصل بغضب
: أي خل نفسك غبي ومو داري عن شي , الله ياخذك انت واشكالك
نظر اليه ثم الى خالد ثم قال
: والله اني ما ادري عن شي ! كان عندنا مشروع نشتغل عليه حنّا الاثنين , وصرنا نلتقي باستمرار , بس ما اعرف شي عن سوريا وغيره
قال فيصل
: اجل من يدري ؟ انت معرفه على احد موديه عند احد ؟؟
صمتَ ليتذكر ثم قال بلا تصديق
: رحت معاه مرتين او ثلاث لاستراحة ولد عمي وربعه !
زفر فيصل بغضب وتنهد خالد بصبر
: اسمع يا... وش اسمك ؟
: رائد
: اسمع يا رائد , الليلة بتروح معانا لاستراحة ولد عمك ذا سمعت
هزّ رأسه ايجاباً
: ابشر
تركاه عائدان الى المنزل
وصلا ونزلا ليفتح فيصل الباب ويجيب خالد على هاتفه
: هلا
: هلا خالد
شهق وهو يقول
: بنددر
: شلونك ! شلون امي وفيصل
قال خالد بغضب
: وينك حسبيّ الله عليك من كلمتنا من الرقم الأول تقفل ولا قدرنا نكلمك بعدها
سعل ثم حمحم ليصفي حنجرته وقال
: مو رقمي ذاك , رقم واحد هنا
دخلا للمنزل
قال خالد
: طيب قول لي شلونك شخبارك , عساك طيّب ؟
انشدت ام خالد لحديث خالد , نهضت وأسرعت اليه بلهفة
: تكلم بندر ؟
ابتسم ومدّ لها بالهاتف
: كلميه
أخذت الهاتف وهي تهتف
: بندر
قال بشوق
: يا روح بندر
تهدج صوتها لتبكي
: وينك يمه , اشتقت لك
: وانا اشتقت لك يا بعدي , شلونك يمه شخبارك
: متى ترجع ؟
ازدرد ريقه وقال
: ماني راجع يمه ! ادعيلي بأحد الحسنيين اما النصر واما الشهادة وارضي عني تكفين
صرخت به بغضب
: والله مو راضية عنك , ارجع يا بندر والله ماني راضية , والله بدعي عليك ان ما رجعت
رمت بالهاتف وهي تصرخ بغضب
قال خالد لبندر بقهر
: الله يسامحك ويغفر لك على اللي سويته فيها امي حالها انقلب فوق تحت , انت اخوي الصغير ووصية ابوي ما اقدر ادعي عليك , لكن لو صار لأمي شي بسببك ماني مسامحك واقاضيك قدام رب العالمين
قال برجاء
: اقنعها ورضيها خالد , تكفى يا اخوي اقنعها , خلّها ترضى عني
: اتقِ الله وارجع لها , ما يجوز تجاهد بغير رضاها
قال كلماته وأغلق الهاتف غاضباً منه
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة مساءً
أوقفَ علي سيارته أمام منزل عمه لتنزلا داليا ورتيل
التفتت ام علي الى رتيل
: تعالي معانا خليك يومين !
هزّت رأسها نفياً
: لا خالتي ما ابي ابات برى البيت
قالت ام علي
: نعم ؟!!
قالت باستدراك
: يمه يمه
نزلتا لتقول ام علي بحنان
: استودعك الله , لا تقطعيني رتيل
قال علي ضاحكاً
: لا تقطعيني داليا
اسرعت داليا بالدخول للمنزل دونَ ان ترد
قبّلت رتيل رأس ام علي ولوحت لأخويها واختها مودعة ودخلت للمنزل
مرّت بغرفة الجلوس واسترقت النظر الى صورته
ابتسمت وحركت شفتيها دون صوت
: رجعنا ! اشتقت لصورتك واشتقت لزوايا البيت اللي اشوفك فيها
صعدت الى غرفتها مهرولة لتختلي بنفسها
استلقت على سريرها بعباءتها وسحبت صورته من تحت وسادتها لتنظر اليها ملياً
همست
: وينك يا صقر ! اشتقت لك , ليت ربي يرزقني شوفتك قبّل لا يجيني الموت من حاجتي لك !
,
في غرفة داليا
صعدت فور دخولها للمنزل وأسرعت الى نافذة غرفتها التي تطلُ على الشارع
كانت تسترق النظر الى علي مبتسمةً بخجل
" داليا لا تقطعيني "
ضحكت وهي تتذكر نبرته وضحكته
رفع رأسه الى الأعلى مباغتاً اياها قبل أن يُحرك سيارته وابتسم ابتسامةً واسعة
شهقت وتراجعت وانفجر هو ضاحكاً وحرك سيارته
,
,
الى الملتقى



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 08-01-14, 01:19 AM   #26

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الثاني والعشرون
,
,
المملكة العربية السعودية – الشرقية
الخامسة مساءً
دخل الى المنزل مستعجلاً وألقى التحية وقال
: ملاك بسرعة قومي جهزي شنطتك
ثم توجه الى الدرج
تبعته ملاك بسرعة وهي تهتف
: وليد !
التفت اليها
: نعم ؟
: وش فيك , وش صاير ؟!
: بسرعة اجهزي بنطلع للرياض
قال والده
: وش فيك !
: خالد محتاجني لازم اروح له
: طيب لا تاخذ اختك !
قال بحزم
: مستحيل اتركها , يمكن أطول أيام , تقعد عند خالتي وانا اشوف ابو وليد وش صاير معاه
قال والده بغير رضى
: ما له داعي تروح ملاك
قالت ملاك بابتسامة
: ما عليه يبه انا بروح لخالتي مشتاقة لها !
صعدت خلف شقيقها وهي تقول في نفسها
" يارب استر "
,
في المشفى
دخل فهد الى عيادته ولبس الزيّ الرسمي لعمله
معطفٌ أبيض أسفل فخذه بقليل
وسماعته الطبية معلقةٌ على رقبته
خرج لينزل الى المقهى ويحضر كوبَ قهوة
كان الأطباء مندهشين من رؤيته
خرج الدكتور غسان من عيادته ورآه
قال بصدمة
: فهد !!
ابتسم واقترب منه , سلم عليه وهو يقول
: شلونك !
ظلّ غسان صامتاً ينظرُ اليه بدهشة
ضحك وقال
: وش فيك وش شايف !
: انت شلون تداوم وانت تعبان ؟
: الحمد لله انا بخير واقدر أجي شغلي وأقدر اعيش حياتي طبيعي !
قال غسان بحزم
: فهد انت ما كملت علاجك وتحتاج راحة والتزام بالدوا وغيره
قال بلا مبالاة
: قلتلك أقدر اقوم بواجباتي واكون بخير
صمتَ قليلاً ثم قال وهو يضرب كتف غسان
: اييه , ما دريت انك تعرف اخوي
قال غسان بارتباك يدّعي اللا فهم
: من اخوك
ضحك فهد
: الحين صار من اخوي , وانا اقول شفيه غسان مبثرني كأني بزر , لا تسوي كذا ولا تروح هنا وتقول مدري وش , اثاريه وليدان يحرض فيك
ضحك غسان رغماً عنه وهزّ رأسه باستياء
: والله انتم نكتة ! انت واياه اخوان تفاهموا بينكم شدخلني تحرجوني معكم
قال فهد ساخراً
: مرررة مقطعك الاحراج انت وجبهتك الوسيعة
دفعه غسان وهو يعنفه مازحاً
: احترم فارق العمر
ابتسم فهد وسارا متجاورين الى المقهى
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السادسة مساءً
قال بابتسامة
: وانا اشتقتُ اليكِ أيضاً
قالت بحزن تُخفيه
: انها المرةُ الأولى التي لا تكون موجوداً في رمضان !
ابتسم وقال بحنان
: سأكون موجوداً مساءَ اليوم الأول منه !
: أردتك هنا منذ الليلة الأولى !
زفر وقال
: لا استطيع الشجار مع الطيّار واجباره على اخذي الآن !
ضحكت وتابعت حديثها وتوصياتها له
أغلق الهاتف ورفع رأسه لينفجر ضاحكاً وهو يقول
: آمري !
تلفتت حولها تبحث عن شيءٍ ترميه به
ضحك واقترب منها لتضربه بعصاها
: ارجع وراك , عنبو هالوجه , كل هالدلع للانجليزية ؟!
ضحك ونظر الى سلطان
: وش تبي مني !!
قال سلطان ببرود
: تفاهم معها , والمرة الجاية لا تكلم نانتك قدامها لأنها تنغاض منها ما تحب مياصتها
حملق فيه وصرخ
: هيه احترم نفسك , لا تقول عن نانا مايصة !
ضحك سلطان دون أن يجيبه
قالت الجدة بعد صمت
: دق لي على مالك قليل الخاتمة , ما جاني ولا شفته الا مرتين ثلاث ! ما يقول جدتي متشفقة على شوفتي ومشتاقة لي لاصق بأمه
قال سلطان بحنان
: خليه يمه , مشتاق لأمه واخته , وخواله ما خلوه كل يوم رايح لواحد منهم , وربعه يشرهون عليه
قالت بعصبية وهي تلكز سلطان بعصاها
: وانا مالي حق عليه !
ابتسم وهو يبتعد عن العصا
: خلاص بكلمه الحين اقول له يجيك الليلة يسهر عندك
ابتعد خارجاً من الغرفة وهو يتصل على مالك الذي أجابه بضحكة
: هلا سلطان
ابتسم سلطان لضحكته
: هلا فيك , شلونك ؟
: الحمد لله طيّب , انت عساك بخير
: الحمد لله
وصمتا
قال مالك بقلق وهو يبتعد عن الذين حوله
: سلطان صاير لك شي ؟
ابتسم سلطان بمحبة
: ما فيني شي
قال مالك باصرار
: احلف
: والله ما فيني شي , بس جدتي قالت لي أكلمك تجيها تقول ما شبعت منك
: بس ؟
صمت سلطان قليلاً قبل أن يبتسم ويقول
: ومشتاق لك !
ضحك مالك وهو يصفر بتعجب
: آووه من وين طالعة الشمس اليوم ! سلطان اللي ما يعرف يعبر لا ايجابي ولا سلبي يقول لي انا اللي تحت يده مشتاق لك ! وش صاير للدنيا
ضحك سلطان بعمق قبل أن يقول
: كل تبن لا تصدق نفسك !
ضحك مالك ثم قال بابتسامة
: نص ساعة ان شالله واجيكم
: حيّاك
ودعه وأغلق الهاتف
للتو أدرك كم يحب مالك !
كم يشتاقه ويفتقده
كم يملأ مالك حياته ويعني فيها كل شيء !
ابنُ عمه , الذي لم يتركه حين سقط
الذي لم يصد عنه في احتياجه له
الذي تغاضى وغض الطرف عن أخطائه الفادحة
الذي غفر له ذنباً لا يُغتفر !
غُربة روحِه يبتسم لها مالك بطيبته فتتلاشى
خدوش قلبه يربت عليها مالك فتلتأم
انكسارُ نفسه يسنده مالك , فيستقيم
أيُّ نعمةٍ وهبني الله اياها أنت يا أخي !
عاد الى جدته
: بيجيك مالك بعد نص ساعة
قالت بعجلة
: ناد لي أروى
مدّ برأسه من الباب ونادى
: أروى , بنــت أروى
نزلت الدرج مسرعة
: هلا
: تعالي كلمي جدتي
اقتربت لتدخل ومدّ يده أمامها
: خلك هنا سعود داخل
قالت بخفوت
: هلا يمه
: روحي يمه سوي القهوة وقولي للخدامة تنظف المجلس بيجينا مالك
: سمي
دخل سلطان وأغلق الباب
قال سعود
: متى تمشون سلطان ؟
: يوم الأربعاء , اليوم الرابع في رمضان , وانت !
: أول يوم رمضان , يعني بعد ثلاث أيام
قالت الجدة بانزعاج
: مستانسين بذي السيرة تتناقشون فيها ! قم عني انت وياه
ضحك سلطان وهو يقترب منها
: يا ام مساعد الله يخليك لي ويطول عمرك انتي ودك ما نتركك أبد
قالت بصدق
: أي والله ودي ما تتركوني ابد تعيشون هنا عندي
: بس عندنا اشغال وحياة والتزامات
رمقته بنظرةٍ غاضبة
: ما ودي اضيق صدرك يا سلطان ابعد عني
ضحك بهدوء وهو يقبَل باطنَ يدها
: ارضي علينا ما نقدر على زعلك
اغرورقت عيناها بالدمع وصمتت
وسعود ينظر اليهما بهدوء
رغم محبته لها وحنانه الذي يغدقه عليها
هو لا يصل ولا اقل من ربع معاملة سلطان معها
يتفنن في تدليلها ومراعاتها !
وهي تحبه الى الحد الذي يؤلمُها فقده
الى حدٍّ يوجع مشاعرها
ابتسم وزفر
كم تتألم يا سلطان وتؤلم غيرك !
كم انت قاسٍ وتُرحَم يَ ابن عمي !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة مساءً
نزلَ الثلاثة من السيارة
قال رائد
: تبوني انادي ولد عمي بروحه أول وبعدين تدخلون ولا تدخلون على طول ؟
تبادلا النظرات , ثم قال خالد
: ناد ولد عمك
اتصل بابن عمه الذي خرج لهم بعدَ خمسِ دقائق
اقترب بابتسامة
: حيّ رائد وضيوفه , تفضلوا !
اقترب فيصل وهو يقول بحدة
: تعرف بندر ولد محمد اللي كان يجي مع رائد ؟
صمتَ وعقد حاجبيه ليتذكر
ثم قال
: ايه ايه عرفته والنعم فيه , وش فيه ؟
صرخ فيه فيصل
: وش قلتوا له شلون وديتوه من لعب عليه
قال الشاب بدهشة
: عفواً !
قال رائد بهدوء
: بندر يكون اخوهم , قبل كم يوم سافر سوريا فجأة بدون علم أحد , ويبون يعرفون من اللي موديه لأن بندر ما يقدر يسافر بروحه !
قال بصدمة
: سوريا !
وضع فيصل يديه على رأسه بغضب
: يا الله ! ياا الله , كل ما سألنا واحد سوى دراما الصدمة ذي
اندفع الشاب غاضباً
: وانا وش دخلني فيك وفي اخوك ! عادي واحد من الشباب كان يجي يجلس معنا , انا ماني مسؤول عن روحته وجيته وطبيعي بنصدم انّه راح سوريا !
أمسك به رائد وهو يقول بهمسٍ حاد
: يرحم أمك روق ! راعِ مصيبتهم
زفر بقوةٍ واستغفر الله بهمسٍ ثم قال
: الشباب اللي تعرفوا عليه وكانوا يجلسون معاه دايماً داخل , تفضلوا اجلسوا معهم وافهمو منهم
التفت فيصل الى خالد وهتف بغضب
: وش نسوي الحين ! كل واحد يرمينا على الثاني وامي بتموت وبندر بيروح !
ازدرد خالد ريقه وربت على كتف شقيقه
: استهدِ بالله , تفرج ان شالله , تعال ندخل نشوف اللي يقول عنهم , وتحكم بأعصابك ! مو كل الناس بتراعيك ويقولون ما عليه ما نزعل منه , اللي ما ترضاه لنفسك لا تعامله فيه غيرك , سمعت !
زفر وتبعا رائد وابنَ عمه
دخلا ليرحبَ بهم الشباب أجمع
جلسا جنباً , والتفت خالد الى رائد
: عجّل علينا وين الشباب
سأل رائد ابن عمه ليشير الى مجموعةِ شباب يجلسون متقاربين
نهضا خالد وفيصل وتوجها اليهما
رفعَ خالد يده يحييهم
: السلام عليكم
كان فيصل عاقدٌ حاجبيه بغضب وينظر اليهم بحقد
كان أحدهم ينظر الى فيصل بعمق , وقال بغتة
: يقرب لك بندر محمد الجابر ؟
رفع فيصل أحد حاجبيه ليقول
: اخوي
ابتسم والتفت الى الذي بقربه
: يشبه بندر مرة
قال فيصل بحدة
: وين وديتوه
قال الشاب نفسه
: وين وديناه ؟!
سأل خالد بهدوء
: انتوا كنتوا تجلسون معاه ! عندكم خبر عنه الحين
: لا , انقطع من فترة
زفر فيصل بغضب
قال أحدهم بعد تردد
: بندر سافر ؟!
نظر اليه خالد بحدة , ليردف الشاب
: انا مالي دخل ! تعرفت عليه وأخذته لاستراحة اخوياي وهناك تعرف على شلة وانتم أعرف باللي صار بعدين
قال الذي شبّه فيصل ببندر
: وش السالفة ؟
سأله خالد
: من متى تعرف بندر ؟
ابتسم
: مو كثير , بس جلست معاه كم مرة , يدخل القلب وسوالفه حلوة
التفت فيصل الى الشاب الآخر
: قوم ودنا استراحة ربعك
اولاه ظهره وخرج وخالد يتبعه والشاب خلفهما
استوقفه الذي شبّه بينَ فيصل وبندر بجدية
: عبد الاله , تعال قول لي وش صاير
همس عبد الإله
: بندر راح لسوريا
قال بصدمة
: من موديه !
قال عبد الاله بهمّ
: مروان واللي معاه حسبيّ الله عليهم
قال الآخر بِ شك
: هم ما غيرهم الييي
ردّ وهو يضع يده على رأسه
: ايه
قال الآخر بغضب
: الله لا يوفقهم لا دنيا ولا آخرة , خذني معكم
خرجا مسرعين يتبعان بندر وخالد
,
,
المملكة المتحدة – اكسفورد
الثانية مساءً
ردّ على هاتفه وهو يخرج من القاعة
: هلا وغلا
قالت بعجلة
: عزوز شلونك
ردّ مستغرباً
: الحمد لله , وش فيكم ؟
ازدردت ريقها وقالت
: عزوز امي تعبانة شوي وتبيك تجي !
قال بهلع
: وش فيها !!
قالت بسرعة
: لا لا مو شي كبير...
قاطعها أحدٌ ما بسحبِ الهاتف منها ووبخها
: هبلا والله , فجعتي الرجال ! – قالت بحنان – السلام عليكم
ردّ منفعلاً
: غالية وش صاير وش فيها امي ؟
قالت بهدوء
: مو صاير شي حبيبي , والله ما فيه شي نزل عندها الضغط شوي وبس !
قال بغضب
: لا تكذبين ! تهاني متصلة وتقول تعبانة وتبيك !
قالت بصدق
: قلت لك والله بس نزل ضغطها ! بس عشان عمرها ومو طيّب عليها بتقعد في المستشفى يومين يمكن , ومشتاقة لك وتمنتك عندها على الأقل يومين من رمضان , بس تهاني خبله ومطيورة ما تعرف تتكلم
صمت وهو يتنفس بهدوء يهدء روع نفسه على والدته
قال بعد صمت
: متأكدة انها طيّبة ؟
قالت بحنان
: طيّبة
زفر ثم قال
: بشوف الحجز وان شالله بأجيها
تحدث الى شقيقته قليلاً ثم أغلق الهاتف
رفع رأسه ليرى لين مع صديقتيها
ابتسم وتمتم
" الله يحفظكم "
سار خارجاً من الجامعة وهو يعبث بهاتفه يبحث عن الرحلات المتوجهة الى المملكة العربية السعودية
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة وخمسٌ وأربعون دقيقة
نزل عبد الاله من سيارته برفقة نايف
ونزلا خالد وفيصل من سيارتهما
ساروا الى الاستراحة وعبد الاله قلقٌ مما سيحدث
دخلوا جميعاً وتلفت عبد الاله يبحث عن أحدٍ معين
اقترب من أحد الشباب تحدث معه قليلاً ثم عاد الى خالد ومن معه
: معليش شباب العيال مو موجودين اليوم !
اقترب منه فيصل بحدة
: شلون يعني مو موجودين ؟
: سألت عنهم يقولون لهم فترة مو جايين ! اللي في مكة واللي في الشرقية واللي في البر واللي طالعين الديرة ! اصبروا كم يوم ويجون كلهم !
زفر خالد بتعب والتفت الى فيصل الذي كان يشتعل غضباً
قال فيصل برفض
: تتخيل اني أرجع لأمي الحين واقول لها ما لقينا شي ؟
رفع خالد كتفيه بقلة حيله وملامحه مرهقة
: وش نسوي يعني !
قال فيصل بحرقة
: يا جعل قهر امي ما يتعداهم
خرجا من الاستراحة ليفتح خالد هاتفه ويرسل برسالةٍ لأحدهم
" ابو خالد اذا تقدر اطلع للرياض , محتاجك يا اخوي "
أغلق الهاتف وعاد مع شقيقه للمنزل دون أن يلتفتا الى عبد الاله ونايف الواقفين خلفهما !
,
,
الرياض – العاشرة مساءً
نزل الى منزل خالته وهو يحمل حقيبته وحقيبة شقيقته
فَتح لهما تركي الباب وقال بصدمة
: وليد !
دخل مبتسماً وعانقه بخفة
: شلونك
قال تركي بقلق
: وش فيكم ؟
ضحك وقال
: ما في شي ! انت وش فيك منخرش كذا
تراجع وهو ينادي
: يممه , وليد وملاك هنا
خرجت من المطبخ تهتف بفزع
: وش صاير
ضحك وليد رغماً عنه وهو يقبّل رأسها
: ما في شي الله يخليك لي !
قالت بخوف وهو تضم ملاك اليها
: وش جايبكم في ذا الليل ومو قايلين لنا !
قال بهمّ
: خالد مدري وش صاير معه ويبيني ضروري , ركبت السيارة وجيت على طول – صمتَ لثوانٍ ثم قال بانكسار – وعندي لك سالفة مأجلها من اسبوع او اكثر
قالت متفهمة
: على خير ان شالله , طيب اجلس تقهو وتعش ونام وبكرة رح لخويك
هزّ رأسه نفياً
: بروح له الحين ويمكن اتأخر عنده
قاطع حديثه حين سمع هديل تنزل الدرج وتنادي
: يممـ... – شهقت بحدة وهي تنظر اليهما ثم نزلت بسرعة مندفعةً الى ملاك وهي تهتف – متى جيتوووو
قال وليد بسرعة
: يلا مع السلامة
توجه للباب لتتشبث به هديل وهي تضحك
قبّلت كتفه وتركته يخرج
توجه الى منزل صديقه فوراً
,
حين وصلا الى المنزل وجدا عمهما أمامه بانتظارهما
صرخ بهما حين رآهما
: وين كنت انت وياه ؟
تجاهلاه متجهان الى الباب
فتحه فيصل والتفت خالد اليه بهدوء
: تفضل !
مدّ يده ليضرب كتفه بقسوة
: رد علي لمن أكلمك , وين داشر انت وياه الله ياخذكم
كان فيصل قد دخل الى المنزل
أجابه خالد ببرود
: ما يفيدك المكان اللي كنّا فيه
صرخ به
: وين بندر ؟
قال يفتعل الهدوء
: مو موجود , سهران مع ربعه
قال بحدة
: لا تكذب , عرفت انّ له كم يوم ما يجي للبيت , لا يكون عند المغضوب عليها
قاطعه خالد بغضب
: حدك
ليقول العم بغضبٍ أكبر
: حدّ يحدك يالكلب
: وش تبي جاي ؟
: بعرف وين اخوك الكلب , يمكنّه عند الداشرة الصايعة
ثارَت غيرةُ خالد على شقيقته الصغرى
طفلته الجميلة البريئة
ويحكَ , أتسب تلك الأليفة التي لم يرَ أحدٌ منها شراً قط !
ويحك , أتسب شقيقتي !
ويحك , أتسب وصيةَ أبي !
ويلك من الله وانت تقذفها , وتؤذي مسامعي بتلفظك عليها
ما أكبر ذنبك وأنت ترشق قلبي بسهام كلماتك المسمومة !
اندفع اليه بجنون وهو يبعده من أمامه
: قلت لك لا تغلط على لين
قال عمّه بصدمة
: تطول ايدك علي يا ولد محمد ؟
: انت عمي وعلى عيني وراسي ولك الحشيمة ولك احترام ابوي , لكن والله وعزة الله لو تكلمت بأختي مرة ثانية ان تفاهمي معاك بالمحاكم , لين اشرف واطهر من قبيلتكم كل ابوها , واللي يتكلم فيها يا جعل لسانه للقص
صمتَ العمُ لبرهة , ثم قال بوعيد
: والله ان تشوف يا خويلد انت وامك واخوانك والكلبة اللي مدري وين مهيتينها
أولاه ظهره متوجهاً الى سيارته ليسمع خالد يقول ساخراً
: شد حيلك عاد !
ضحك ببرود ودخل الى منزله مغلقاً الباب
ليمر الوقت بطيئاً يحمل الأسى والكآبة , قبل أن يأتيه وليد الذي لم يتوقع أن يُلبيه بهذه السرعة !
ما أسعدني بكَ يا وليد !
ما أكبر همي , وما أسرع حضورك الذي يجليه !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحادية عشرةَ مساءً
دخلوا للمنزل جميعاً مبتسمين
قبّلوا رأسها واحداً تلو الآخر
وهم يتمتمون بِ
: كل عام وانتي بخير
وترد مبتهجة
: وانت بخير يا مال الخير
جلسوا جميعاً ليقول سعود براحة
: سبحان الله يا جمال صلاة التراويح ! مع اني أصليها في لندن لكن أبداً الجو والطمأنينة ماهي زي هنا !
قال سلطان مؤيداً
: والله صادق , في استراليا نصليها في البيت انا ومالك ! تحس انك رايح بس تأدي واجب في المساجد ! ما في الروحانية اللي هنا
تحدثوا طويلاً قبلَ أن يذهب سعود الى غرفة جدته ليتأكد من الأوراق
تغيرت ملامحه وعاد اليهم مسرعاً
: يا جماعة !
التفتوا اليه لتقول جدته بقلق
: وش فيك !
قال وهو يرفع الأوراق أمامها
: طيارتي بعد ثلاث ساعات !
قالت مستغربة
: مو انت قايل انها بعد المغرب ؟!
: مدري قريت الوقت غلط
نهضت معه وهي تضحك
: مفهي الله يسلمك
توجها الى غرفتها وتبعهما سلطان ومالك
جلست أمامه ترتب ملابسه وأغراضه وهو يساعدها ويتحدث مع ابني عمه
رنّ هاتفه ليردّ مبتسماً
: هلا
: شلونك سعود
: الله يسلمك , كل عام وانت بخير حبيبي
: وانت بخير وصحة وسلامة , متى تجي
نهض من مكانه خارجاً من الغرفة
: شفيك عزوز ؟
زفر عبد العزيز ليقول
: امي تعبانة شوي وبطلع للرياض
: عسى ما شر
: خير ان شالله بس الضغط , متى طيارتك ؟
: بعد ثلاث ساعات
صمت عبد العزيز لثوانٍ ثم قال
: ماني رايق لاستهبالك
ضحك وأجابه
: والله صدق
تأفف عبد العزيز ليقول
: انت مو قايل توصل بعد نص الليل بكرة ؟!
: تأكدت من التذاكر توّني والرحلة بعد ثلاث ساعات
: طيب اجل أشوفك في المطار , بكون موجود وقت وصولك رحلتي بعدها بساعتين
: على خير أجل
ودعه وأغلق الهاتف عائداً الى الغرفة
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة مساءً
نزلت الى الأسفل وعينيها متورمتان من النوم
دخلت المطبخ
التفتت اليها رتيل وابتسمت
: صح النوم حبيبي
جلست على الكرسي وأسندت رأسها الى الطاولة وقالت بخمول
: صح بدنك
اقتربت رتيل وقبّلتها بابتسامة
: كل سنة وانتي طيبة , بكرة رمضان
رفعت رأسها بشهقة
: احلفي
ضحكت رتيل وهي تبتعد
: والله
فزّت داليا خارجة من المطبخ مسرعةً الى غرفةِ الجلوس
عانقت والدها وهي تهتف
: كل عام وانت بخير باباتي
ضحك وهي يضمها اليه
: وانتي بخير يا روحي
اقتربت من والدتها وفعلت ذات الشيء
ثم التفتت الى شقيقها
ضحك وهو ينهض ليهرب
: وانتي بخير خلاص لا تقربين
ضحكت وهي تضمه من الخلف
: حبيبي انت كل عام وانت بخير
ابتسم والتفت اليها ليقبّل رأسها
: وانتي بخير ابوي
قالت والدتها
: باركتي لرتيل بالشهر ؟
وضعت يدها على شفتيها
: ويي , قالت لي كل عام وانتي بخير وسحبت عليها
نظر اليها والدها بحدة لتفر هاربةً الى المطبخ وتعانقها وهي تهتف مبتهجة
: رتاايل كل سنة وانتي طيبة وبخير وسالمة وأحسن شي في الحياة
ضحكت رتيل
: وانتي طيبة
ابتعدت عنها وسألتها
: باركتي لأهلك ؟
: بروح لهم الحين
قالت داليا مستنكرة
: الحين ؟
هزّت رأسها ايجاباً
: ايه , ساعتين ولا ثلاث وبرجع , لا القاك نايمة عشان نشتغل حق المفرزنات
: اوكي , سلمي على عمتي وهديل – صمتت لثوانٍ ثم قالت – وملوكة
التفتت اليها رتيل بابتسامةٍ جانبية
: وعلي
قالت داليا بغيض
: بكرة رمضان لا تخليني أتهاوش معك
ضحكت رتيل ولم تُجبها
انتهت من غسيل الأطباق ثم الى غرفتها لتغير ثيابها وترتدي عباءتها وتنتظر أخوها
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة والنصف مساءً
همّ وليد بالخروج من المنزل لتتبعه ملاك مسرعة
: ولييد
التفت اليها بانتباه
: هلا
قالت مستغربة
: مو ناسي شي ؟
تفقد جيوبه ثم قال
: لأ ! وش فيه ؟
قالت بِ " زعل "
: خلاص ولا شي روح
أولته ظهرها ليمسك بها وهو يقول بصدق
: ملاك وش فيه
احتقنت عينيها بالدمع وقالت بخفوت وهي تواري دمعاتها عن عينيه
: ما باركت لي بالشهر
ابتسم وسحبها برفقٍ الى صدره وقبّل رأسها
: يا عيون وليد وأهله كل ابوهم , كل عام وانتي بخير وصحة وسلامة وبركة وعافية يا قلب أخوك , سامحيني والله بالي منشغل في خالد ما باركت لأحد
صمتت وصمت لثوانٍ ليمسح على رأسها
كان يدرك أنّ الأمر ليس مبكياً !
لكنها ملاك ! وهو وليد !
الشقيقين المَشْقِيَيِنْ في حياتهما !
الذَيْن لا يملكان سوى بعضهما
فإذا اعتبر الناس جميعاً أنّ المباركةَ أمرٌ عادي ولا مشكلة في نسيانه
تعتبره ملاك أمراً مقدساً ! وفي نسيانه دمارٌ لقلبها !
: ملاك , آسف يا قلبي
ابتعدت عنه لتمسح الدمعتين الوحيدتين وتقبّل وجنته
: وانت بخير حبيبي
كل عامٍ وانتَ أغلى شيءٍ في حياتي
كل عامٍ ولا يزال قلبي ينبض فقط من أجلك
كل عامٍ وانتَ من يملأ حياتي جمالاً
لا تغضب مني او تتضايق اذا بكيتِ من أمرٍ " لا يستحق البكاء " في نظر البعض
ألّا تبارِكَ لي , يعني أن أشعرَ باليُتمِ المُر وأعيشه في كل لحظاتي مجدداً , رغمَ أنني لم أنسى للحظةٍ يٌتمي !
ألّا تعانقني وتقبّل رأسي , يعني أن أبات ليلتي باكيةً أمي الراحلة
أنت يا أخي كلُ حياتي
فإن لم تشاركني أدق التفاصيل لم يعُد لحياتي معنىً !
التفت ليرى خالته تمسح دمعاتها اقترب منها وقبّل رأسها
: كل عام وانتي بخير
: وانت بخير يمه
: يلا انا بروح لخالد الحين , تامروني بشي ؟
قالت خالته بحزن
: للحين ما وصلوا لشي ؟
زفر بتعب وهو يقول
: لا , أمّه بيوقف قلبها من الهم !
: حبيبتي الله يصبرها , روح يمه الله معك
التفت ثم نادته بعجلة
: وليد
التفت اليها
: ما قلت لي سالفتك !
ازدرد ريقه ليجيبها بارتباك
: ان شالله لا رجعت
وخرجَ مسرعاً
حينها نزل علي من الأعلى لتدخل ملاك الى العرفة الجانبية
قالت والدته
: بتروح تجيب رتيل ؟
: ايه
: انتبه للطريق يمه
: ان شالله
خرجَ وأغلق الباب لتعود ام علي الى الغرفة وتنضم الى ملاك وهديل التين تعملان على " المفرزنات الرمضانية "
,
,
الى الملتقى



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 08-01-14, 01:22 AM   #27

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الثالث والعشرون
*
الى القلب الذي يعانق قلبي
الى الروح التي تصافح روحي
الى حبيبتي وصديقتي وابنةِ عمي
أهديكِ هذا الجزء بمَا فيه <3
" نونتي "
*
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الواحدة والنصف بعد منتصف الليل
مددت أطرافها بتعب
لتقول أمُّها بحنان
: قلتلك لا تسوين , انا والبنات نخلصه
ابتسمت
: عادي يمه !
: خلصتوا شغلكم انتي وداليا ؟
هزّت رأسها نفياً
: للحين ما بدينا قلتلها اذا رجعت من عندكم قعدنا نشتغل
: الله يعطيك العافية
ابتسمت ونهضت الى المطبخ لأختها وابنةِ خالتها
قالت هديل بمحبة
: حبيبتي تعبتي نفسك
قالت ساخرة
: لا على ايش , أهم شي راحتك طال عمرك
انفجرت ضاحكة ثم قالت
: لا تسمعك امي , تراها تدور اللي يهاوشني عشان تنصاره
ضحكت رتيل وهي تغسل يدها ثم التفتت الى ملاك
: يقولون بكيتي عشان وليد ما بارك لك بالشهر
ضحكت وهي تغطي وجهها بكفيها
: متى أمداهم يقولون !
غمزت رتيل وهي تشير برأسها ناحية هديل
: أول ما وصلت وهم يسلمون عليّ قالوا
ضحكت ملاك
: يا ساتر , وكالة أنباء
حينها دخلت ام علي الى المطبخ وقالت مبتسمة
: قبل عشرين سنة بكرة تنولد رتيل
قالت هديل باستدراك
: صحييح بكرة يوم ميلادها , النذلة انولدت في رمضان وتعبّت خالتي الله يرحمها
اقتربت رتيل من أم علي بتحايل
: قولي لنا سالفة ولادتي
ضحكت ام علي وهي تحاوط بذراعها كتفي رتيل
: كل سنة ليلة رمضان اقول لك السالفة !
قالت هديل برجاء
: أي أي تكفين يمه قولي
قالت ملاك بحماس
: انا ما سمعت السالفة الّا مرة او مرتين قوليها
ابتسمت
: طيب , هديل جيبي القهوة وتعالوا للمجلس
,
,
الرياض
الحاديةَ عشرةَ وخمسون دقيقة مساءً
وضع حقيبته أرضاً والتفت الى جدته
انحنى بجسده ليعانقها ويدسّ دمعاتها على صدره
يكتنزها ويبقيها قريبةً من قلبه
حتى يراها في المرةِ القادمة
كم يؤلمه أن يفارقها بعد أن يعتادها
كم يشتاقها , بمجرد أن يتجاوز هذا الباب
شدّت بذراعها على رقبته وهي تبكيه
يا ابنَ قلبي كم تؤلم قلبي
تتركني أشهراً وقد تمضي أعوام دونَ رؤيتكَ
التاع من فراقك
كم تنازلت وابقى اتنازل
تنازلت من قبلِ عن ابيك , أحبَّ ابنائي الى قلبي
وها أنا ذا اتنازل عنك , وانت ثاني أغلى احفادي
أتترك قلبي الشغوف بكَ يا سعود ؟
أتفارقني وقد غزى الشيب رأسي
وقد تخرج من هنا وتعود فلا تجدني
قال بحنان
: أشوفك على خير ان شالله , بإذن الله على العشر الأواخر بنجي عمرة وأكيد نجي الرياض , فديتك يا يمه انتبهي على نفسك ولا تقهرين قلبك , نفسك غالية علي
قالت بحرقة
: لو انها غالية ما تتركها
قبّل رأسها مبتسماً
: والله انّها غالية وانتي تدرين
تركها حتى تبتعد عنه بإرادتها
ثم ودّع عماته وأعمامه وابناءهم جميعاً
خرج الى حديقة المنزل وهي خلفه
قالت بحزن
: استودعك الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك
ضمّها مجدداً
: استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه
: سلّم على ابوك القاطع , وعلى امك وجدتك وزوجتك
: يوصل فديتك
التفت ليبتسم لسلطان ومالك
قال مالك
: خير ؟ بنوصلك للمطار وهناك نسلم عليك
ضحك وخرج معهما
ركبَ في المرتبة الخلفية ومالك يقود وسلطان بجانبه
ودّع المنزل بنظرةٍ أخيرة
ثم التفت الى الأمام بزفرة
,
,
جلسن حولها
لتبتسم ثم تتنهد بحنين
: هذيك السنة كانت مميزة لنا , انا وام صقر وام رتيل حوامل , وكلنا خلفنا بنات , وكلنا بناتنا كانوا بعد سنين طويلة ما فيها عيال , يعني صقر الله يردّه سالم عمره وقتها " 15 " وعبد الله الله يخليه " 13 " وعلي الله يحفظه عشرة وتركي الله يبارك فيه ثمانية , أوّل وحدة حملت فينا ام رتيل الله يرحمها ويغفر لها
تمتم الفتيات
: آمين
واسترسلت ام علي في حديثها
-
الرياض
1315هـ الموافق 1994م
1/ رمضان
الثانية ظهراً
خرجت من غرفتها بتعب وهي تضع يدّها على بطنها
التفتت اليها ام علي وقالت بقلق
: ايمان وش صاير لك
قالت ببحةٍ مُتعبة
: ما ادري , كل جسمي يعورني , وو – بكت من فرط الاعياء – مدري والله
اقتربت منها ام علي لتساعدها على الجلوس
: على هونك , بسم الله عليك , شكلك بتولدين
قالت بخوف
: ما ابي اولد
ضحكت ام علي وهي تمسح على شعرها
: استغفر الله العظيم , بجيب لك شي تاكلينه ما تقدرين تصومين
هزّت رأسها نفياً
: ما ابي افطر
قالت ام علي بحزم
: ماهو على كيفك , ربي سامح لك تفطرين
نهضت لتحضر لها بعض ما يشدّ قوتها
أكلت قليلاً وابتعدت
: ما اقدر , نفسي مسدودة
مدّت لها بكوبِ مشروبِ القرفة الساخن
: اشربي وتمشي , يسهل لك الولادة , انتي جايك الطلق والله أعلم
نهضت تتمشى بتعب وهي تشرب منه
مرّت ساعتان ونصف ليعلو صراخها
: عايششششة , عااادلل
نقلوها الى المشفى فوراً وام علي تقرأ عليها وتهدئها
أدخلها طاقم الطوارئ الى الغرفة لتخرج الطبيبة بعجلة بعد خمسِ دقائق
: استاذي تفضل وقع على دخولها العملية , حالتها جداً صعبة ومستحيل نقدر نولدّها طبيعي
ذهب معها مسرعاً وقلبه يلهج بالدعاء والرجاء
مرّت ساعةٌ ونصف وهي في غرفةِ العمليات
لتخرج الطبيبة أخيراً وتقول بإنهاك
: الحمد لله على سلامتها , ولدت بنت
قال ابو علي بسرعة
: كيف حالتها الصحية ؟ وحالة الطفلة ؟
: الطفلة حالتها مستقرة وتُنقل الآن للحضانة , والوالدة تحت الملاحظة , ونحتاج بعض الفحوصات لأنها تعبانة غير تعب الحمل والولادة
قال بتوتر
: وش فيها ؟
أجابته بصدق
: ما عندي خلفية الى الآن , لكن بعد الفحوصات بإذن الله نعرف وش فيها
قالت ام علي
: نقدر نشوفها ؟
: بس ينقلونها لغرفة ثانية ويثبتون الأجهزة ويسحبون منها عيّنات دم تقدرون تدخلون , عن اذنكم
تركتهما وذهبت تتابع عملها
التفت الى زوجته بهمّ
ربتت على كتفه
: اذكر الله , ان شاء الله انّ ما فيها شي , تعرف خرابيط الدكاترة
زفر ثم قال
: طيب اجلسي انتي هنا , انا بروح اتصل على ابو صقر يجيب زوجته والعيال , ويجيبون لنا فطور بعد
مرّ الوقت سريعاً
نُقلت ام رتيل الى غرفةٍ أخرى
دخل زوجها وام علي ليجلسا معها بعض الوقت قبل أن يأتي ابو صقر مع زوجته والأولاد
دخلت ام صقر الى الغرفة واقتربت منها
: ايمان ! يا روحي الحمد لله على السلامة مبروك ما جاك
ابتسمت بارهاق
: الله يسلمك
أذن المغرب ليفطروا ويصلوا
خرجت ام صقر من الغرفة لتطلّ برأسها مجدداً
: ايمان العيال بيسلمون عليك , وعادل راح يجيب البيبي
اعتدلت في جلوسها ورفعت حجابها على رأسها
: خلهم يدخلون
دخلا علي وتركي أولاً ليقبّلاها ويقفان على مقربة
ثم دخل عبد الله بخجل
: الحمد لله على السلامة عمتي
ابتسمت
: الله يسلمك
دخل ابو علي وبجواره صقر
اقترب منها ومدّت ذراعيها بلهفة
ابتسم وقبل أن يعطيها الطفلة قال صقر
: أشوفها عمي
استأذنها ابو علي بنظراته لتبتسم وتنزل ذراعيها الى جانبها
التفت اليه ومدّ اليه الطفلة
حملها ولم تكن ملامحه تنبئ بشيء
هادئ , حتى نظر اليها
ابتسم لا شعورياً !
ظلّ ينظرُ اليها قبل أن يرفع رأسه مبتسماً
: ايمان كم أدفع لك وتعطيني اياها
ضحكت بتعب ولم تجبه
التفت الى عمه
: والله اني جاد
ابتسم عمّه
: وش تسوي فيها ؟
رفع كتفيه
: مدري , بس ابيها
قالت ام علي
: وش تبين تسمينها ؟
قالت بحيرة
: ما ادري !
قال صقر بتردد
: عادي أسميها ؟!
التفت اليه عمه بابتسامة
: وش تبي تسميها ؟
صمتَ قليلاً قبل أن يقول
: اليوم في التحفيظ الشيخ تلى علينا من سورة المزمّل , وقرأ الآية " أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلاً " وقال لي هو يوم كان صغير شيخه المحفظ قال له هذه الآية وهو يوم كبر وصارت عنده بنت سمّاها رتيل , وانا أعجبني الاسم وقلت اذا كبرت وجاتني بنت سميتها رتيل – ابتسمت وتابع – ودامني مبطي عن بنتي بسمي رتيل هذه – ورفع يديه ليشير الى الطفلة –
ضحك عمه ورفع حاجبه الأيمن
: وانت خلاص اعتمدت الاسم مشالله
التفت صقر الى ايمان رافعاً حاجبه
: ما هقيت بتردني ام رتيل ؟
ضحكت ايمان ثم التفتت الى زوجها بتفكير
: حلو اسم رتيل !
قال ببساطة
: ما عندي مانع براحتكم , الاسم حلو وخفيف
قال صقر بابتسامةٍ واسعة
: خلاص أجل دامني سميتها صارت بنتي بآخذها وامشي
قالت ايمان بابتسامةٍ متعبة
: صـققر جيب البنت بشوفها
التفت الى عمه ساخراً
: وش تقول زوجتك ؟ صوتها ماش كأنها صرصور بأنفاسه الأخيرة
قال عمه مهدداً
: ولد
ضحك وصمت يتأمل الصغيرة ثم التفت الى شقيقه
: عبد الله افتح الباب وقول لأبوي وامي يقربون بقول لهم شي
استغرب عمّه وزوجتيه
فتح عبد الله الباب
: يمه يبه , صقر بيقول لكم شي تعالوا
اقتربا مستغربين
قال بعد تردد
: جدي الله يرحمه قال لي مرة , انّ قبل في زمن أجدادنا كانوا أحياناً يسمون البنت من صغرها لولد عمها ويوم يكبر يتزوجها , انا ذي البنت خذت قلبي والله من أول نظرة , مو قادر حتى أعطيها لايمان , هذاني أقولها قدامكم كلكم رتيل انا ابيها
حلّ الصمتُ عليهم أجمع
تبادلَ والداه النظرات , وكذلك عمه وزوجتيه
ابتسم بخجلٍ وحرج , ثم قال ببلاهة
: قلت شي غلط ؟
قال والده بحزم
: صقر الكلام ذا ما ينلعب فيه , عط البنت لأمها وتعال
قال بصدق
: والله اني صادق
غضب والده
: وش اللي صادق ؟ بكرة تكبرون وكل واحد يشوف طريقه , تختلف عقلياتكم ويختلف تفكيركم
قال صقر
: انا قد كلمتي يبه
ضحكت ايمان وهي تقول
: صقر عطني البنت
قال عمّه بعد صمت
: انا أعطيك كلمتي , انا موافق ازوجك بنتي اذا ظلّيت كفو ورجّال وتقدر ترعاها , عطها لأمها واذا كبرت بإذن الله هي لك
ابتسم واقترب من ايمان ثم قال
: خليها عندي شتبين فيها
غضبت منه
: صقير عطني بنتي لابو هالوجه لها نص ساعة معك آثرتك على نفسي وخليتها عندك
ضحك وأعطاها ابنتها
قالت ام علي بضحكةٍ مذهولة
: وش ذي الخطبة ! البنت ما كملت يوم
ضحكت ايمان وقالت لتغيض صقر
: وانتي مصدقة أضحي في بنتي لذا البدوي !
اقترب منها مهدداً
: لا تخليني آخذ زوجتي منك الحين
ضحكت بذهول وابتعدت عنه
: صقر بقوم عليك والله , انقلع من قدامي
قال والد صقر
: الحمد لله على سلامتك يا ام... – صمت ليقول صقر –
: رتيل يبه
ابتسم وتابع
: يا ام رتيل , تتربى في عزك ان شالله
: الله يسلمك ويحفظك مشكور
قال والد صقر
: يلا يا شباب تعالوا
خرج الأربعة وخلفهم ابو علي لتدخل أم صقر وتقول بخجل
: والله مدري وش اقول لك ! لا تزعلين من صقر , صغير ما يعرف وش يقول
ابتسمت بهدوء
: من قال لك اني زعلانة ؟! صقر صديقي وأخوي الصغير , بالعكس عسل على قلبي والله , وعلى كلامه ليش لأ !
قالت ام علي بجدية
: مو وقته ذا الكلام , اذا كبروا وأصلحهم الله وبارك فيهم وكتب بينهم نصيب محد يمنعه
ابتسمتا ولم تُعلقا
-
مسحت أدمعها وتابعت
: بس ما كملت مع رتيل عشان تشوفها كبيرة وعروسة , ماتت بعد اسبوعين من ولادتها الله يرحمها ويغفر لها ويُحسن اليها
شهقت رتيل بالبكاء وغطت وجهها لتخفي أدمعها عنهن
مسحت هديل على ظهرها
: رتوول , اذكري الله شفييك
أشارت لها ملاك أن تتركها
كانت ملاك أيضاً تبكي
تُدرك فقد الأم !
تعيه وتعرف أدق تفاصيله
عاشته واستشعرته في كلِّ دقيقة عاشتها
كم أرثي حالكِ يا رتيل !
كم يؤلمني قلبي من أجلكِ
رغمَ أني لا أذكر أيّاً من تفاصيل أمي , الا أنني عشتُ في كنفها عامان
ولم تبقي معها سوى اسبوعان !
كانت رتيل تبكي بحرقة
تبكي ولا تعلم على أيَّهما حُرقتها أكبر
على الأم التي لم تعرفها يوماً , أم على حبيبها الذي ضاع منها منذُ سبعةِ أعوام !
أمي يا قطعةً من قلبي , مدفونةً في أرضِ احدى المقابر
امي يا من أخذت شكلك وصفاتك
امي , يا من أفتقدك بجنون !
رغمَ أني لم أعرفكِ من قبل !
لو كنتِ هنا لخففتي عليّ فراقه , لاحتضنتيني وضممتيني اليكِ
لو كنتِ هنا يا أمي , لما شعرتُ بالغربة أبداً
كم أتوق لأعرف رائحتكِ
كم أشتاق لأستشعر دفئ صدركِ
كم أتمنى لو جلستُ معكِ , لأخبركِ أسراري , لأحدثكِ عن يومياتي
كم أغبط داليا وهديل !
ترتمي كل واحدةٍ منهما على صدرِ والدتها متى شاءت
واقبع انا في زاوية البؤس وحيدة
لا أمّ لي أعانقها !
لا أمّ لي تُدللني وتنصحني وتوبخني !
انا يتيمةٌ يا امي
يتيمةٌ وحيدة
بائسةٌ وحزينة
اشتاق لأمٍ أتوسد صدرها
أشتاق لأمٍ أبث اليها ألَمِي
اشتاق لأم !
أيّاً كانت
عمياءٌ ام بكماءُ أم صمّاء
لا يهم
يكفي أم يكون اسمها أم !
آهٍ يا امي
لو سمعتي آهتي لأجبتيها !
لو رأيتِ أدمعي لكفكفتيها !
لو علمتِ عن عمقِ حزني لطردتيهِ بعيداً عني
وإن أبى أثقُ بأنكِ ستنتشلينه من صدري لتسكنيه نفسكِ
رحلتي يا امي , وعزّاني صقر
وها قد رحلَ صقر
ها قد رحلَ من أرى العالم من حبي له
رحلَ من أتنفس الحياة من تعلقي به
ابتعد عني صقر , أتراه يُعاقبني على حبي له !
آهٍ يا امي لو تعلمين كم هو مرٌ فراق صقر
لا أعلم اين هو !
كيف غاب !
منذ خرج ما عاد
شبحُ غِيابه يرعبني
في كلَّ ليلةٍ أغفو وحدي
وأطياف الفراق تحومُ حولي
حتى أفزع من نومي
وأظلُ أبكي الى ان ينتشر الضياء
لأنام مُجدداً !
سرقت الأيام صقر مني
لتخذلني كما خذلتني فيكِ من قبل
وفي أبي من بعدك
ثم تقضي عليّ بِ صقر
الّا صقر !
فليعد , او فليأخذني الغياب اليه !
ان استحالة عودتكِ يا أمي , فهلّا يعود صقر !
ضمتها أمّ علي بقوة وهي تقول
: بسم الله عليك , رتيل يمه قولي لا اله الا الله , بس يا حبيبتي , بسم الله عليك يمه
نظرت الى ابنتها
: قومي جيبي لها موية
أحضرت لها كوب الماء لتشرب وهي تشهق بالبكاء
شربت نصفه وأبعدته لتدُسّ وجهها في صدر ام علي
ظلّت على حالها حتى هدأت نفسها واستكانت , ثم ابتعدت متوجهةً الى دورةِ المياه
قالت ملاك بقلق
: وش صار فيها !
أجابتها خالتها
: كل مرة تسمع السالفة يصير فيها كذا , خصوصاً بعد صقر الله يرجعه بالسلامة
قالت هديل بحرقة
: الله ياخذ...
قطعت كلماتها ولم تستطع اتمامها
استغفرت بحرقةٍ وصمتت
عادت رتيل وقالت ببحة
: يمه وين تركي او علي ؟ الوقت تأخر الساعة اثنين
: خليك وش وراك
: لازم ارجع عندنا شغل انا وداليا وابي اصلي واقرأ قرآن
قالت ام علي بهدوء
: طيب براحتك , الحين أكلم تركي أشوف وينه
جلست بصمت , وهديل وملاك صامتتان أيضاً !
,
,
المملكة المتحدة – مطار هيثرو
السادسة صباحاً
خرج من صالة الواصلين متعباً
واتجه الى المقهى
تلفت يبحث عن عبد العزيز حتى رآه واتجه اليه
نهض عبد العزيز وعانقه مرحباً
: هلا والله , الحمد لله على السلامة حبيبي
: الله يسلمك ويخليك , شلونك
جلسا متقابلين ليقول عبد العزيز
: طيّب الحمد لله , عسى ما تعبت
تنهد بارهاق
: والله تعبت , وانا صايم بعد !
قال عبد العزيز يلومه
: انت مسافر يجوز تفطر
: ما عطتني نفسي أفطر
:سعود والله منت صاحي ! الساعة تسعة بيأذن المغرب !
: مو مشكلة الحين بروح البيت وأدقها نومة لين الظهر
: في أحد منتظرك ؟
أخرج هاتفه وأجابه وهو يجري اتصالاً
: أي مكلم السواق , تلاقيه ينتظرني الحين
ردّ عليه السائق وأخبره سعود عن مكانه ليأتي لأخذ الحقائب
جلس مع صديقه نصف ساعة ثم دخل عبد العزيز الى المطار لاقتراب موعد رحلته
وذهب سعود الى منزله
استقبله والده ووالدته وجدته ولم يُطل الجلوس معهم توجه الى غرفته ونام حتى الظهر
ثم نهض وصلى وتوجه الى لندن
,
,



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 08-01-14, 01:24 AM   #28

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة صباحاً
أغلقت مصحفها ووضعته جانباً لتستلقي وتغمضَ عينيها بمحاولةٍ للنوم
استنزفت طاقتها في البكاء الليلة الماضية
لا يزال قلبها يؤلمها من الحزن
قبل أن تنام غزت عقلها ذكرى تعود لِ ثلاثةِ عشر عاماً
*كان يجلس في باحة المنزل الخارجية وأمامه شيءٌ لم تعرف ماهيته وهي تنظر اليهِ من المافذة
خرجت اليه واقتربت , نادته وهي خلفه
: صقر !
التفت اليها وابتسم
: تعالي شوفي
اقتربت لتشهق وتبتعد
ضحك وقال
: وش فيك ما يخوف !
هزّت رأسها بخوف
: شفته في التفزيون ياكل الأرنب !
ابتسم
: هذاك اسمه نسر , هذا صقر حبوب ما يسوي شي
قالت غيرَ مقتنعة
: وش ياكل هذا طيّب ؟
ضحك ولم يستطع الكذب
قالت غاضبة
: ياكل الأرنب ؟
هزّ رأسه نفياً
: لا ما أخليه , بشتري له لحم وأعطيه , ياكل زيّنا يعني
وبعقلِ طفلةٍ صدقت أنه لا يأكل الأرنب , انما يأكل اللحم الذي سيحضره صقر !
قال مبتسماً
: تعالي المسيه
تراجعت بخوف
: تعالي رتيل ما بيسوي لك شي , انا ماسكه
اقتربت ومدت سبابتها اليمنى لتلمسه ثم تراجعت
حينها دخل عبد الله وصفر بإعجاب
: الله أكــبر , وأخيراً جبته
ضحك وهو يغمز له
: اخوك ذيب , باقي اثنين في خاطري بإذن الله أشتريهم
ضحك عبد الله
: شعلييك صرت " صــقّــار "
,
( بعض الناس قلوبهم طلعت من مكانها الحين :p )
,
ابتسم بسعادة
: الله يا زين الكلمة
التفت عبد الله الى رتيل
: رتول قولي صقر صقّار
قالت بغير فهم
: وش يعني صقّار ؟
جلس عبد الله أمام صقر وصقره
: يعني يربي صقور , زي اللي وريتك في التلفزيون عنده أحصنة يسمونه خيّال
هزّت رأسها ايجاباً
: اهاا فهمت*
زفرت بحنين
تشتاق لرؤية صقوره الثلاثة
لكنّها ليست في المنزل
أخرجها عبد الله واستأمنها عند صديقٍ له يملك محلاً يبيع الطيور
سحبت صورته من تحت وسادتها
ظلّت تتأمله لبعض الوقت حتى غلبها النعاس فنامت وهي تضمُ صورته اليها
,
,
المملكة المتحدة – لندن
الثانية مساءً
خرجت من دورة المياه مرتديةً منشفةً على هيئة معطف يصل الى نصف ساقها
رنّ هاتفها فأسرعت اليه
ردّت بابتسامة
: أهلاً
: هلا فيك يا خلف سعود
ابتسم بخجلٍ ولم تجبه
: شلونك ؟
قالت بخفوت
: الحمد لله , وانت
: طيّب , افتحي الباب
صمتت , ظناً منها أنه يتحدث الى أحدٍ بجانبه
قال
: لين ؟!
أجابته
: هلا !
: افتحي الباب !
قالت مستغربة
: أيّ باب ؟!
ضحك بخفوت
: باب شقتك
: ليه !
: يا بنت وش فيه عقلك موقف , ليش بقول لك افتحي الباب يعني ! انا برى
اختفت ابتسامتها وظلّت لثوانٍ تستوعب
ثم نهضت مسرعةً الى الباب تنظر من العين المثبتة عليه لتكشف عن هوية الطارق
شهقت وتراجعت
ليضحك ويقول
: بسم الله عليك
: انت قلت بتوصل في الليل !!
: كنت غلطان مو منتبه للتوقيت , افتحي الباب !
قالت بارتباك
: طيب سعود انتظر شوي
: ليش انتظر !
صمتت ثم قالت
: اصبر شوي وافتح لك
قال بذهول
: وش صاير لك انتي !
صمتت لثوانٍ قبل أن تقول بخجل
: انا توّني مخلصة شاور , ابي البس !
صمت لثوانٍ ثم قال بخفوت
: بانتظرك تحت
أغلق الهاتف وضرب رأسه وهو يقول
: غبي
ابتعد ونزل
ولم يعلم أنها كانت تنظر اليه وضحكت من حركته رغم خجلها
ارتدت ملابسها وعباءتها ونزلت
كان يقف بالقرب من باب العمارة حينَ رآها ابتسم ودخل ليسلّم عليها بعيداً عن أعينِ المارّة
عانقها وأطال عناقها بصمت
رفعت يديها بخجل ولفتها حوله
قال بخفوت
: نحفانة !
: لأ !
ضحك بخفوت وهمس
: كنتي أمتن لمن ضميتك قبل لا أسافر
ابتسمت بخجل
: كنت لابسة كوت كبير
قبّل رأسها وابتعد
أمسك بيدها وسار معها الى السيارة
: بتفطرين معاي اليوم
التفتت اليه بصدمة
: وأهلك ؟!
: عادي وش فيهم ! كل واحد يفطر مع اهله , انتي الأهل عندي , وابوي أمي أهله
ضحكت ولم تجبه
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة مساءً
كانت تقف في المطبخ مع ابنة عمها وزوجة عمها
جلست على الكرسي وأمامها الخضروات لتقطعها
اندمجت لتسرح بعقلها الى ذكرى مضت
*كان يجلس في غرفة الجلوس , وهو يعبث بهاتفه
اقتربت وجلس في حجره
كان مندمجاً ولا ينظر اليها
مدّت بأصابعها الى وجهه ليعضها بشفتيه بحركةٍ سريعة
ضحكت وسحبتها
وأعادت الكرّة ليحاول عضّها , دون أن يلتفت اليها
انتهى من هاتفه ثم التفت الى التلفاز
كان يدندن بكلمات قصيدة
حتى سمعته يقول
: وأحبك كثر صقارٍ , تولع في محبة طير
قاطعته بسرعة وكأنها اكتشفت أمراً
: انت صققار !
ضحك ونظر اليها
: ايه , انا احبك انتي كثر ما احب صقري
ضحكت لاكتشافها ليقول
: رتيل قولي , كثر ما دلة الطيّب بريحة هيلها فاحت
هزّت رأسها نفياً وهي تضحك
: ما اعرف
: انا اعلمك يلا قولي , كثر ما دلة الطيّب
: كثر ما دلة الطيّب
: بريحة
: بريحة
: هيلها فاحت
: هيلها فاحت
كرر الشطر مرتين حتى حفظته
قال مبتسماً
: وأحبك كثر صقارٍ , تولع في محبة طير
تعلقت في رقبته مبتسمةً بدلال
: كثر ما دلة الطيّب , بريحة هيلها فاحت
ضحك وعانقها
: شطوورة *
ابتسمت ووجدت نفسها تدندن
: وأحبك كثر صقارٍ , تولع في محبة طير
كثر ما دلة الطيّب , بريحة هيلها فاحت
التفتت اليها داليا بضحكة
: الله الله
ابتسمت دون أن تجيبها
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السادسة مساءً
دخل الى المطبخ ليبتسم ابتسامةً بسيطة وهو يرى شقيقته تعمل مع الخادمة
جلس لتلتفت اليه مبتسمة
: هلا سلطان
أشار لها ان تقترب
أحضرت ما تعمل به وجلست مقابلةً له
ابتسم وقال
: واصلتني أخبار عنك
عقدت حاجبيها لتسأله
: وش واصلك ؟
: يقولون أروى متغيرة , ما عاد هي البنت الحبوبة الطيبة اللي تجلس مع الكل وتسولف مع الكل ودايماً مبتسمة , صايرة جدية وانطوائية ودايماً ساكتة وحازمة وما تتكلمين مع أحد
صمتت ولم تجبه
قال بحنان
: ليش ؟
رفعت رأسها اليه وقالت بنبرة حادةٍ مرتجفة
: لا تسألني عن خطأ انت اللي علمتني عليه , لا تحاسبني على ذنب انت اللي وصلتني له
قال بعد صمت
: وش دخلني ؟!
قالت بسخريةٍ مريرة
: وش دخلك ؟! كم كان عمري يوم تركتني ؟ كم كان عمري يوم...
قطعت كلماتها وهي تعض على شفتها السفلى بأسنانها العلوية وهي تدافع عبراتها
ثم قالت باختناق
: انا ما عدت اروى الطفلة سلطان , اربع سنوات من عمري مو بس انت تأثرت وتغيرت فيها , انا تعبت فيها اكثر منك , انت هربت وانا واجهت , انت تركت كل شي وراك وانا شلت كل اللي تركته انت , انت كوّنت حياتك الخاصة وتركتني في بقايا الحياة اللي تحطمت من اربع سنوات , ما ابي اذكرك كل شوي انّ في شي صار من اربع سنوات , لكنّي واجهت الأربع سنوات بكل قسوتها , واجهت النظرات وواجهت مرض ابوي وانكساره , واجهت حزن جدتي , واجهت كلام الناس , انا كنت طفلة ! بنت " 18 " سنة وقفت قدام كل شي , وانت رحت تعيش
كان صامتاً ينظرُ اليها بضياع
كان من المحتمل والوارد ان يغضب ويقلب المنزل رأساً على عقب , كان يجب ان يحطم رأسها وينهرها ويردعها عن قولها
لكنّه أضاع كل الكلمات
وكأنه لم يتعلم يوماً كيف يتكلم
كأنه عاد طفلاً ذو عامٍ واحد !
تلعثمت الأحرف ووقفت كغصةٌ في حنجرته
كم تحملتي يا اروى لتنفجري في وجهي !
كم واجهتي من قسوةٍ لتنثريها علي الآن !
تركتكِ طفلةً خجولة , مبتسمة , مندفعةً الى الحياة
لتتحطمي حينَ أوليتُكِ ظهري !
تبعثرتي , وجمعتي نفسكِ لتكوّني شخصيةً جديدة تفردتي بها !
كم أبدو جباناً وقد تركتكِ لتواجهي ما توجب عليّ انا حمله
كم استصغر نفسي , حينَ اراكِ تحملتي همّاً يفوق عمركِ أضعاف المرات
حمحم ثم قال
: انا ما تركتك , انا خليتك عند جدتي وابوي ! مو مبرر انك تخلقين لنفسك شخصية جديدة , المفروض ما تتأثرين !
قالت بحرقة
: خليتني عند جدتي وابوي ؟ ابوي اللي يحتاج من يقوم فيه ! وجدتي العجوز اللي تحتاج رعاية وانتباه ؟ صح , انت صح يا سلطان المفروض انا الأنثى الضعيفة الصغيرة المكسورة الوحيدة ما اتأثر , ليش اتأثر , ما في شي يستحق اتأثر فيه , المفروض أظل مبتسمة وضاحكة دايماً
صمتت لتستعيد رباطة جأشها ثم قالت
: انا احتاجك انت ! انت اخوي وعضيدي وسندي , انت اللي كان المفروض توقف معاي , كان المفروض تشيل عني مو ترمي علي , ليش تركتني يا سلطان ؟ شلون هنت عليك تتركني , ما خفت علي أنهار ! ما قلت في نفسك انّ ذا الهم أكبر مني ! نفس السبب اللي خلاك تترك كل شي كان المفروض تفكر فيني اني ما راح أتحمله
صمتت لثوانٍ , ثم قالت بحدة
: بس انا اقوى منك وتحملت وواجهت
نهرها بحدة
: اروى !
قالت بحدته ذاتها
: ما يحق لك تسكتني ! الوقت ذا انت تسمع فيه وانا اتكلم
كفى !
كان يشعر بالانهيار من داخله من جلسة المحاسبة هذه !
كفّي يا اروى عن ارهاقي !
لستُ مثلكِ , انا رجلٌ وانكساري لا يشبه انكساركِ
كان يتهرب بعينه عن عينها
لا يتحمّل نظراتها المُتهِمة !
قالت بضعف
: احتاجك يا اخوي !
قال بنبرةٍ مقتولة
: وانا احتاج نفسي يا اروى ! لكنّي ضيعتها ! من اربع سنوات أدور على نفسي ولا لقيته !
قالت برجاء
: لا تتركني سلطان !
قال بتعب
: ما اقدر
كانت مؤمنةً أنّه سيقول " لا اقدر "
لذا قالت بسرعة
: طيب لا تقطعني ! خلني أكلمك , لا تنسلخ عني مرة ثانية طلبتك سلطان
هزّ رأسه ايجاباً وهو ينهض من مكانه
: ان شالله
تركها خارجاً من الطبخ
أرهقته بمواجهتها
هرب من المنزل ليختلي بنفسه
,
,
المملكة المتحدة – لندن
السابعة مساءً
قالت بتعب
: سعوود الله يهديك طالعين من بدري الحين بمووت جووع !
ضحك وهو يريح رأسه الى الطاولةِ أمامه مرهقاً
: لسا باقي ساعتين ونص
قالت بحنان
: افطر ! انت كنت مسافر يجوز
رمقها بنظرة واجمة
: الساعة سبعة باقي بس ساعتين وتبيني افطر !
ابتسمت ولم تُعقب
فتح هاتفه ليرسل رسالةً الى والده
( انا بفطر مع لين , بقفل الجوال , قول لأمي ونانا )
وأغلق هاتفه
نظر اليها مبتسماً
: تقومين نروح أي مكان بعدين نرجع على الفطور ؟
هزّت رأسها نفياً
: خلنا هنا , بنتعب من الفرفرة , ما قلت لي شلونهم أهلك هناك ؟
: الحمد لله طيبين – ضحك ثم قال – طبعاً جدتي معصبة مني لأني ملكت وما درت الّا يوم رحت لها , وأرسلتلك هدية
تأوهت محرجة
: تسلم عليك , وعماتي بعد يسلمون عليك
ابتسم بنعومة
: الله يسلمهم
قال بزفرة
: عزوز سافر , انا وصلت وسلمت عليه وهو طلع للسعودية
قالت مبتسمة
: كم لك تعرفه ؟
ابتسم بمحبةٍ أخويةٍ صادقة
: تقريباً اربع سنوات
: وخالتي سارة من متى تعرفها ؟
: يعني ثلاث سنوات ونص يمكن , عرفتها لأن عزوز جارها
تحدثا لبعض الوقت
قال وهو يتنهد
: اليوم انشغلت وما زرت المقبرة , بكرة ان شالله بروح
قالت مستغربة
: تزور مين ؟
ابتسم بحنين
: جدي الله يرحمه ويغفر له , وبوب
قالت بتردد
: مين بوب ؟
نظر اليها بصمت
قالت محرجة
: سوري , ما اقصد اكون فضولية
ابتسم بهدوء وقال
: عادي ! بقول لك
زفر ثم قال
: لمن كان عمري " 12 " سنة , تركوني امي وابوي وجدتي في البيت , كانوا معزومين وظلّيت نايم والخدم موجودين , قدّر الله وصار حريق في ذاك اليوم , وغرفتي بعيدة والوصول لها خطر , جات فرقة الإنقاذ , ومنهم كان بوب
*صرخ وهو يتراجع مرعوبٌ من النار
سمع أصواتاً قريبة ليهتف برجاء
: أرجوكم فلينقذني أحد !
فُتح الباب وظهرَ رجلا إطفاء
قالَ أحدهما برفض
: لا يُمكن أن أدخل , كل شيءٍ هنا محترق ! سنموت ان دخلنا !
صرخ سعود بخوف
: سيدي انقذني !
اقترب رجلٌ يناهز الأربعين من عمره ليصرخ بهما
: ايهالأحمقان ألا تريان أنّ الطفل يستنجد !
دفعهما ودخل
قال بلطف
: لا تخف يا صغيري ! – اقترب وهو يبتسم ليُلهِيهِ عن النار – حسناً ما اسمك !
قال بخوف وهو يبتعد أكثر
: سعود
: سآود ! اسمك جميل
اقترب أكثر وبحركةٍ سريعة سحبه , لكنه لم يحسب خطواته جيداً وهو يلتفت لتقعَ خشبةٌ محترقة على ظهره , صرخ بلوعة وفَلتَ سعود من يده ليسقط أرضاً وتحترق ساقه من الخشب المحترق
حينها وصلت فرقةٌ أخرى مساندة لتخمد الحريق من الجهة الأخرى للمنزل , جهة غرفة سعود ! *
ازدرد ريقه وصمت
شعر بأن عينيه تُحرقانه
قال باختناق وهو يجاهد ابتسامته
: لين بعدين أكمل لك السالفة
قالت بقلقٍ عليه
: طيب مو مشكلة , انت كويس ؟
ابتسم رغماً عنه
: كويس
أشاح بوجهه عنها وهو يتنفس بقوة ويتذكر تفاصيل ذلك اليوم
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الواحدة وخمسٌ وأربعون دقيقة بعد منتصف الليل
فتحَ باب المنزل ودخل بهدوء
خرجت والدته من المطبخ لتبتسم وتقترب منه
قبّل رأسها وأحاط كتفيها بذراعه
قالت بحنان
: وين كنت يمه ؟ توّك اليوم واصل من الحين بدَت مشاويرك
قال بابتسامةٍ حزينة
: زرت بندر
تغيرت ملامحها واحتقنت عينيها بالدمع
قبّل رأسها وهو يقول بضحكة
: لو داري بتبكين ما قلت لك
جلسَ وقالت
: الله لا يجعلني معترضة على قضاءه , بس قلبي يا عزيز يوجعني من طاريه
زفر ولم يُجبها
تركته وهي تقول
: الحين بجيك
خرجت ليدخلن شقيقاته الثلاث
جلست أصغرهن ملاصقةً له وقبّلت وجنته
: حيّ من لفانا
ابتسم وهو يستريح في جلسته
قالت أكبرهن
: تهاني وخري عنه كتمتيه
اقتربت منه أكثر
: ماا ابي – قبّلته مرةً أخرى – وه فديته أنا حبيب أخته
ضحك وابعدها
: اهجدي – التفت الى اخته الكُبرى – شلونك ام بندر شلون زوجك وعيالك
ابتسمت
: الحمد لله , انت بشرنا عنك , شلون دراستك وحياتك
زفر وهو يقول
: والله ماشي الحال , لندن كريهة , مهوّن علي سعود
قالت تهاني بضحكة
: عزوز ضبطني مع خويك , طقيت اثنين وعشرين ومحد طق بابنا
التفت اليها بنظرةٍ متهكمة
ضحكت وهي تبتعد عنه
: امزح امزح – التفتت الى غالية شقيقتها – شوفي نظرته يمما
قالت غالية مبتسمة
: تستاهلين , قليلة ادب
قالت الكبرى بجدية
: تهاني عيب ذا الكلام
اقتربت تهاني لتقول بصوتٍ خافت
: أميرة صايرة تخوّف , مستقعدتلنا على الكلمة
نظرَ اليها ببرود
: يا شيخة !
دخل والدهم وانضم اليهم
ثم جاءت والدتهم
قال والدهم
: والله اشتقت لذي الجمعة , غالية واميرة انشغلوا بحياتهم وانت مسافر , ما غير مقابلين تهاني هبّلت بنا الله يصلحها
قالت تهاني معترضة
: اشوف ما عاد تعجبك تهاني ! من اللي يقهويك ومن اللي يقرى لك الجريدة ومن اللي...
قاطعها وهو يضع يديه على رأسه
: اووه , خلاص خلاص ادري والله اسكتي
جلست وهي تنفخ صدرها
: ايه على بالي بعد
ضحك عبد العزيز والتفت الى شقيقتيه
: وين عيالكم ؟
حمحمت تهاني ليصمت
التفت اليها مستغرباً
والتفتتا اميرة وغالية الى والدتهما تتحدثان اليها
عقد حاجبيه من تصرفاتهن , لكنه صمت
نظر اليه والده
: كم باقي لك عزوز وتخلص ؟
ابتسم بهدوء
: سنة ان شاء الله
عدّل والده جلسته
: ايه على خير , نبي نزوجك
ضحك ولم يعلق
ظناً منه أنها مزحةٌ فقط !
ولم يعلم أنّ والديه قد أعدّا الأمر وانتهيا منه فقط ينتظران أن ينتهي من بعثته !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السادسة صباحاً
قبّل رأس والدته وهو يقول
: يلا يمه , توصيني على شي
مسحت دمعاتها وقالت بغصة
: خلّك يا مالك ! انا وش دخلني في ولد عمك , هو يشيل همّه ويدبر عمره , انا وش ذنبي تفارقني عشانه !
قال بجدية وهو يبتعد عنها
: يمه قلتها قبل وبقولها الف مرة بعد , سلطان ما اخليه لين يجيني الموت , ان رجع السعودية فخيراً على خير , وان كان ما يبي يرجع والله ما اخليه
بكت والدته وابتعدت عنه
ودّع شقيقته وهمس في اذنها
: حلليه يا لينا !
قالت مبتسمة وهامسة
: حللته من يومها ! لا تشيل هم
قبّل رأسها براحة
: الله يرضى عليك ويعوضك خير
ودّع والده وخرج لِحسن ابنِ عمه ليذهب الى منزل جدته
,
جلس على الأريكة وهو يلبس جواربه
اقتربت شقيقته لتضع حذاءه بجانبه
قالت جدته بحزن
: والله ما شبعت منكم
ابتسم بهدوء
: اسبوعين يا ام مساعد !
قالت بحسرة
: وش تسوي الاسبوعين عقب اربع سنين يا سلطان !
: والله الشغل يمه , طويل العمر كلمته قبل يومين قال الشغل محتاجنا !
قالت بغضب
: الله ياخذ...
قاطعها بحنان
: انتي صايمة يا بعد هلي
استغفرت بهمس وقالت
: اللهم اني صائمة
نهضَ أخيراً وقد انتهى من ارتداء حذائه
ذهب الى غرفة والده وودعه بحنان وعطف
ثم عاد الى جدته
جلس عشرةَ دقائق حتى وصل مالك
خرجت اروى من غرفة جدتها ليدخل مالك
دخل وهو مبتسمٌ , ثم عقد حاجبيه
: آأوو , وش فيك يمه !
أشاحت ببصرها عنه ليغمز له سلطان
اقترب وقبّل رأسها وهمس
: لا تزعلين طلبتك , للحين ما تشافى سلطان ! ان تشافى والله بيرجع لك من غير لا تطلبينه
زفرت ولم تجبه
كم تعشق مالك وكلماته التي تقنعها وتبدِدُ غضبها
بعد أن ودّعها ابتعد لينحني سلطان اليها ويقبّل رأسها ويديها
يؤلمني أن افارقكِ , لكنّ بقائي فوق طاقتي !
اعذريني يا من ضممتيني اليكِ من طفولتي
سامحي قلبي الذي تعلق بقلبكِ
سأُفارقكِ مرغماً !
بكت وهي تضمه
تشعر ان روحها هي التي تُسلب منها في كلّ مرةٍ تودع أحد احفادها !
ينسلون منها واحداً تلو الآخر
ويغيبون بلا عودة !
حتى تترجاهم , وينقطع صوتها من رجاءاتها
كم تقسون عليّ يا احفادي
سمحتم للحياة بأن تأخذكم من حضني !
فارقتني اربعةَ أعوام وها انت ستفارقني مجدداً
تركتني ارعبةَ اعوامٍ لتتركني الآن ببرود !
ارحل يا سلطان , سيبقى قلبي ينتظرك !
وتترقب عيناي وصولك
ابتعد عنها وهو يقول
: لا تزعلين يا ام مساعد , خلي حبي لك يشفع لي عندك
قالت بغصة
: روح يا ولد قلبي مسموح , الله بيردّك لحضني !
خرج ليذهب الى اخته
التي عانقته بكلِّ قوتها بصمتٍ مُطبق
ابتعد عنها بعد دقيقتان ومسح على شعرها
: الله الله في نفسك وفي ابوي وجدتي
قالت مبتسمةً بِصبر
: وانت خلْ بالك على نفسك , ولا تقطعنا فديتك
قبّل جبينها باحترام
: ما بقطعكم
قبّلت كتفه وسمحت له بالابتعاد
ابتعد وهو يزدرد ريقه
اكبرُ مني انتِ والله يا اروى !
ابدو لا شيء بجوارك !
تحملُكِ وصبرك
ابتسامتكِ الهادئة !
ماذا اقول عنكِ يا صغيرتي التي تكبرني !
خرجَ أخيراً مع ابنِ عمه مودعاً المملكة مجدداً
ولا يعلمُ كم سيطول الوداع هذه المرة !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة والنصف مساءً
خرجا من المنزلِ مسرعين
ركبا والتفت خالد الى فيصل
: اطلع على بيت خالة وليد
اتصل على وليد الذي أجابه بعد رنتين
: هلا خالد
قال بعجلة
: اجهز جايينك , كلمني عبد الاله يقول الشباب موجودين في الاستراحة
نهض وليد وقال يهدأه
: طيب انا جاهز , انت هدْ أعصابك
قال بارتباك
: لا لا انا هادي
ودّعه وأغلق الهاتف , التفت بزفرةٍ الى فيصل الذي تأبط شراً !
,
,
الى الملتقى


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 09-01-14, 01:41 AM   #29

امال س

فراشة الروايات المنقولة

alkap ~
? العضوٌ??? » 276954
?  التسِجيلٌ » Dec 2012
? مشَارَ?اتْي » 666
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » امال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم تسلمى يافيفى على النقل بصراحه الروايه رائعه جدا ومشوقه واحداثها جميله واجتماعيه وبتناقش قضايا حقيقيه منتظرين البارت الجديد على خير

امال س غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-14, 11:42 PM   #30

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


حبيباتي الجميلات اللي أسعدوني بتواجدهم
ع الـ bbm وتويتر والآسك
أولهم فطومة من الامارات
ومجهولتي ع الآسك
شكرًا لِ قلوبكم
وأتمنى أشوفكم هنا , راح أكون سعيدة جدًا بتعليقاتكم ( )*
,
,
بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الرابع والعشرون
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة مساءً
نزلَ الثلاثة من السيارة
وساروا الى الاستراحة بخطىً ثابتة
دخلوا ليلتفتَ اليهم الجميع
نهض عبد الاله مبتسماً
: ارحبوا , حياكم الله
قال فيصل
: وينهم ؟
التفت وليد اليه
: فيصل بدون مشاكل رجاءً , اذا ما عندك تحكم بأعصابك ارجع للسيارة !
لم يجبه سوى بنظرةٍ متهكمة
قال عبد الاله مشيراً الى احدى الغرف
: تفضلوا !
تقدمهم خالد ودخل الغرفة وهما خلفه
قالا خالد ووليد
: السلام عليكم
تبادلوا النظرات
لم يكونوا سوى خمسةَ شباب
ردّوا السلام وتفرقوا في مجلسهم ليفسحوا المكان لهم
قال وليد بجدية
: مو جايين نطق حنك معكم , هو سؤال ونبي جوابه
: تفضل !
قال وليد
: بندر بن محمد , وينه ؟
تبادلوا نظراتٍ سريعة ليجيب أحدهم بثقة
: راح يجاهد في سبيل الله
هجم عليه فيصل وهو يهتف
: واللعنة يا حقير
أمسك به خالد وهو ينهره بحدة
: فيصل اتقِ الله حنّا في رمضان !
قال وليد بحدة
: من اللي دلّه على الجهاد
أجابه ذات الشاب
: انا ! جاني وهو ما عنده هدف وفيه ذكاء وقدرات مو عند غيره , كان لازم يتوجه توجيه صحيح
حينها , دخل أحدهم من خارج الغرفة لينكب على هذا الذي يتكلم ويوسعه ضرباً وهو يشتمه
فرقوا بينهم ليقول خالد باستغراب
: نايف ! وش فيك !
صرخ وهو يحاول الافلات ليضربه مجدداً
: كل واحد تضيعه تقول نفسك هالكلام , ذكاء وقدرات وتوجيه , وانت وش تعرف عن التوجيه ؟ من انت عشان توجه وتعلم , حسبيّ الله عليك يا نذل
قال وليد
: وش قلت له ؟
أجاب بذات الثقة
: قلت له ان الجهاد واجب , ولازم يروح يوقف مع اخوانه الملسمين , ولازم نتّحد ونحرر بلاد الملسمين والجزيرة العربية
صرخ فيصل ببحة
: وانت ليش ما تروح ؟
قال بتهرب
: انا مريض !
قال فيصل بحرقة
: جعلك ما تطيب
قال وليد بصدق
: يا ويلك من الله ! من وين جايب هالفكر التضليلي ! يا جاهل الجهاد في سوريا فرض كفاية وليسَ فرض عين , واللي طلعوا يكفون عن اللي موجودين , اللي يطلع لسوريا المفروض يكون مدّرب وقادر على حمل السلاح , ماهو يروح هناك عالة عليهم , بندر صغير وما يعرف لا للسلاح ولا للوقفة في وجه العدو , يروح يستنزف رصاص ويستنزف وقت عشان يعلمونه , حسبيّ الله عليك يا مجرم , لمين أرسلته ؟
قال بفخر
: لأخوانا المسلمين من القاعدة
وضع خالد يدَه على رأسه بهمّ
قال وليد
: الجهاد يصير واجب في حالة تنظيم وأمر من ولاة الأمر وهيئة العلماء , الجهاد يصير واجب في صفوف منظمة , ماهو على كيفك وكيف اللي وراك , محد غيركم يالفئة الضالة , تغررون في الشباب وترسلونهم للقاعدة التكفيرية , اذا تغير فكرهم وتغيرت عقيدتهم ذنبهم في رقابكم ليوم الدين , حسبيّ الله عليك كان بيصير لبندر شي
قال نايف بحرقة
: اخوي الصغير ! توّه متخرج من الثانوي وهالكلب لعب في مخه وأرسله ومات ! اخوي مات ومخه ملحوس ! انضم للقاعدة وراح فجر نفسه وسط اكثرية من المسلمين وأقلية من الضالين ! بسبب مين ! امّه للحين تبكيه , ابوه شايب للحين مكسور قلبه عليه , الله لا يوفقك يا مروان انت وكلّ من يشد على ايدك
قال مروان بجدال
: انتم في ضلالة الله يعينكم على أنفسكم...
كادَ أن يتابع لولا هجوم فيصل عليه
ضربه بجنون
لا يستطيع تركه
دمّر عقولَ الكثيرين
وآلم قلوب أمهاتٍ كُثر
جاهلٌ مُرسلٌ من جهلة
يعيثُ في الأرض فساداً !
ابعده خالد بقوة
ليقول بحسرة
: عسى كل حرقة قلب ما تتعداك , الله بينتصر للمظلومين منك , يا ليتهم يروحون ويستشهدون وعقيدتهم مو ممسوسة , والله بنرضى , لكن ينلعب في عقيدتهم ويتضللون وينخدش ولاءهم لوطنهم ودينهم وولاة أمرهم ! ما نقول الّا حسبنا الله وكفى , الله لا يبيحك ولا يحللك انت وكل اللي معاك , ولمن أرسلته ما قلت له استأذن من امك ؟ طلع بغير علمها وعقلها بيطير عليه , ما له جهاد بغير رضاها ! مو انت مؤمن وتسعى للصلاح ؟ وين الصلاح وأمه مو راضية , كل ما كلمته قالت له ارجع ماني راضية , وهو يعاند ويزيد اصراره على البقاء , روح يا شيخ منك لله ما بيضيع حق أحد عند الواحد الأحد
قال وليد وهو منكسرٍ لحالِ خالد
: شلون نقدر نرجعه ؟
أجابه وهو يلهث
: م...
صرخ به فيصل
: تكلم عدَل
قال بخوف
: هو الحين هناك ! ينخاف عليه اذا بيطلع من عندهم ممكن يأذونه
بصق فيصل في وجهه وشتمه وخرج
ليتبعه الباقون
كانت خطوات خالد هزيلة
مرهقة ومخذولة
ظنّ أنه سيستطيع بقدومه الى هنا اعادة شقيقه الأصغر
ظنّ أنّه سيريح أمّه أخيراً
لكنه خرج يجرُ أذيال الخيبة !
شدّ وليد على كتفه
: خالد , اذكر الله يا اخوي , تفرج
التفت لينظر اليه بصمتٍ وتعب
لم يُجبه
سارا حتى خرجا من الاستراحة خلف فيصل
,
,
المملكة المتحدة – العاشرة مساءً
التفت اليها
: الحين بوصلك البيت واروح للمسجد اصلي التراويح
هزّت رأسها ايجاباً
: اوكي
صمتا لبعضِ الوقت ليلتفت اليها مبتسماً
: ما كملت لك سالفة بوب
قالت بحنان
: اذا بتضايقك لا تكملها
هزّ رأسه نفياً
: ما تضايقني , قلت لك طحت انا وطاح هو وانحرقنا اثنينا
*أطفِأت النار , ودخل فريق الانقاذ ليخرجهما
كانا فاقدين لوعيهما
نُقلِا الى المشفى فوراً
مرّت أيامٌ على تواجدِ سعود في المشفى ليسترد عافيته ويستطيع الخروج , سأل الاستقبال عن بوب وأخبرهم عن صفاته ليدلوه على غرفته
ذهب اليها وطرق الباب , انتظر لثوانٍ حتى أُذِن له بالدخول
فتح الباب واقترب بابتسامة
قال بوب مبتسماً
: اووه أهلاً ساود , كيف حالك الآن ؟
قال سعود بابتسامة
: سيدي أشكرك على انقاذي
أمسك بوب بيدِ سعود وهو يقول
: لا تشكرني ! انه عملي يا صغيري وانا سعيدٌ جداً انك بخير
رفع سعود بنطاله لتتضح الآثار على ساقه , كانت تبدو مخيفة !
قال باشمئزاز
: لا احبها ! قالت امي أنهم سيجرون لي عملياتِ تجميل حتى تزول
قال بوب بحنان
: يا عزيزي , لا يهم ان كانت قدمك تشوهت او لا ! الأهم أن يبقى داخلك جميلاً ونقياً
قال بغير اقتناع
: لقد أصبحت بشعة !
ضحك بوب وهو يداعب شعره
: ليس لهذا الحد !
: ماذا حصل لك أنت ؟
ابتسم بهدوء
: حروق في ظهري فقط !
نهض سعود وقبّل وجنةَ بوب قائلاً
: سأعود الى المنزل الآن , سآتي لاحقاً لرؤيتك *
وصلا الى المنزل ليرفع بنطاله قليلاً ويريها ما بقيَ من الحرق
لا ارادياً رفعت يدها ووضعتها على موضع احتراقها
قال سعود مبتسماً
: نتشابه في الحروق !
هزّت رأسها
: كمّل
: وصلنا , انزلي الحين ما ابي اتأخر عن الصلاة اكمل لك بكرة ان شالله
هزّت رأسها ايجاباً
: اوكي , اشوفك على خير
قال بحنان
: مع السلامة
انتظر حتى اختفت عن ناظره داخل العمارة ثم حرّك سيارته
,
,
الجمهورية السورية – ريف دمشق
السابعة وخمسٌ وأربعون دقيقة مساءً
قال برجاء
: يمه تكفين !
قاطعته بحدة
: والله مو راضية عنك لا دنيا ولا آخرة ان ما رجعت
كاد أن يتحدث لكنها كالعادة رمت بالهاتف بعيداً عنها
التقطه خالد
: بندر !
قال بتعب
: خالد كلمها ! فهمها تكفى
قال خالد بحرقة
: بندر ارجع ! والله ان صار لأمي شي مانت مسموح , يا حمار مالك جهاد الّا برضاها , لعبوا عليك ولحسوا مخك , وش تسوي هناك فهمني ؟ انت مجهز وتقدر تجاهد ؟ ولا رايح عالة عليهم ؟ امس رحنا انا وفيصل للكلب اللي اسمه مروان , ما ادري شلون عقلك رضى بكلامه ! جاهل مرسول من جهلة شلون صدقته وخليته يمشيك على كيفه ؟!
قال بدفاعٍ مستميت
: ابي اجاهد !
صرخ فيه
: تجاهد برضى امك , تجاهد لمن ولي الأمر يأمرك بالجهاد , تجاهد لمن يتنظم الجهاد وتتوحد الصفوف ويتوفر السلاح , الجهاد في حالة سوريا فرض كفاية وليس فرض عين , انت مو واجب عليك وفوقها مغضب امك وطالع !
أغلق الهاتف بغضبٍ منه بعد أن قال كلماته علّه يعودُ الى رشده
عاد بندر الى المجلس الواسع
جلس ووجهه مكفهرٌ بحزنٍ وهمّ
التفت اليه أحد الشباب
: ايش مالك يا زلمة ؟
قال بحزن
: امي زعلانة مني
رفعَ حاجبه الأيمن
: مالها امك زعلانة ؟
زفر وقال
: تبيني ارجع !
: وانتَ ايش بدك تعمل ؟
رفعَ كتفيه بضياع
: ما ادري
نهض الشاب وقال بتهكم
: لكان ليش اجيت وانتَ بدك ترجع وتكعد تبكي متل النسوان ؟ يا حيف ع رجال
تركه وذهب
ظلّ بندر ينظر في اللا شيء حتى اقترب منه آخر
قال بابتسامة
: وش فيك بندر ؟
التفت اليه وتردد في أن يخبره , ثم قال
: امي , زعلانة مني
: ليه ؟
: تبيني ارجع
: انت طلعت بدون رضاها ؟
هزّ رأسه ايجاباً بِندم
قال الشاب بحنان
: تبي نصيحة أخوك ؟
نظر اليه ببرود , يدرك أنّه سيقول كما قال الذي قبله , وكما قال مروان من قبل
قال بغير اكتراث
: قول
وضع الشاب يده على رجل بندر وقال
: ارجع لأمك يا بندر
نظر اليه بصدمة ليتابع مبتسماً
: ارجع لها وجاهد فيها , اساسيات اسلامك ودينك وايمانك رضاها , الله سبحانه وتعالى يقول ( وقضى ربك الّا تعبدوا إلّا إياه وبالوالدين احساناً ) قال لا تعبدوا سواه وقال أحسنوا لوالديكم , ما قال جاهدوا !
قال بندر
: بس قال في موضع آخر ( كُتب عليكم الجهاد وهو كرهٌ لكم )
ابتسم الشاب
: الجهاد في أيام الرسول في الغزوات والوقوف في وجه العدو كان الزاماً على الصحابة الخروج , لكن الآن كل شي تغير الفساد انتشر وأعداء الاسلام كثروا والمسلمين افترقت كلمتهم , في حالتك الجهاد ماهو واجب , ارجع لأمك يا بندر والزم رجليها , فثمّ الجنة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال بتساؤل
: انت ليش ما ظليت عند امك ؟!
ابتسم بحنين
: امي وابوي متوفين الله يرحمهم ويغفر لهم
اقترب بندر وقبّل جبينه بامتنان
: الله يجزاك الجنة
صمتا لبعض الوقت قبل أن يقول بندر
: طيب شلون ارجع ؟
زفر الشاب ثم قال
: انتم اللي جيتوا آخر شي بعد يومين بينقلونكم لمعسكر خاص فيكم , ما بتظل هنا , عشان كذا الليلة لازم تطلع , الطلعة من هنا أأمن لك من المعسكر
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة وخمسون دقيقة مساءً
جلس مقابل التلفاز وفي يده كوب شاي أخضر
سمع طرقات غريبة
نهض باستغراب وفتح باب الشقة ليطلّ برأسه ويعرف مصدر الطرقات
جحظت عينيه , حبس شهقته في حنجرته وتراجع
التفت ليجد شقيقته التي قالت باستغراب
: عزوز وش فيك ؟
سحبها بقوة ودخل الى الصالة
قال بهمسٍ مصدوم
: امي للحين تنزل الأكل لشقة بندر ؟!
قالت بحزن
: ايه , حتى امس يوم سألت عن عيال اميرة وغالية , عيالهم يلعبون في شقته وتجي امي ترتبها , تسانس اذا شافتها مقلوبة تحس فيها حياة !
قال بلا تصديق
: وضعها مو طبيعي !
رفعت كتفيها بقلة حيلة
: كلمناها وتقول طيب واليوم اللي بعده نفس الحكاية تنزل له أكل وبعد شوي انزل انا اطلعه لمطبخنا , فخلاص تركناها براحتها
وضع يده على رأسه يستشعر مدى المشكلة
والدته تُنزل الطعام يومياً الى شُقةِ شقيقه المتوفي منذ ثمانيةِ أعوام !
حينها دخلت والدته
حين رأته جاهدت ابتسامتها ورسمتها من اجله
: تتقهوى معي ؟
ظلّ ينظر اليها بصمت , ثم قال
: ايه
هزّت رأسها ايجاباً وتركته لتحضر القهوة
,
,
استراليا – كانبرا
السابعة والنصف مساءً
توجهوا الى صالة الاجتماعات
التفت راشد الى عمّه بعصبية
: لو اننا مو منتظرين سلطان ومالك يردون من سفرهم جان مخلصين من هالاجتماع ومرتاحين , أكو أحد يسوي اجتماعات برمضان ؟ المفروض هالوقت احنا ببيوتنا ! مو نفطر ونيي للشركة عشان الاجتماع
التفت اليه عمّه بحزم
: راشد لا تسويلي مشاكل معاه , بروحه صاير ما له خلق شي !
قال راشد بغيض
: ليش ان شالله ؟ اهو منو عشان يمشينا على كيفه !
قال عمّه بحدة
: راشد !
تأفف راشد ودخلا الى غرفة الاجتماعات
بعدهما بدقائق دخلَ ابو راجح وبجواره سلطان ومالك
جلسوا في أماكنهم ليرفع ابو راجح رأسه
اصطدم بصره في ذياب
رفعَ حاجبه الأيمن وقال
: انت وش تسوي هنا ؟
قال ذياب ببرود
: اللي تسويه انت
التفت ابو راجح بجديةٍ الى ابو عقاب
: مين هذا ووش يسوي هنا ؟
قال ابو عقاب بهدوء
: كان يشتغل في فرعنا اللي في سيدني وياته ترقية وانتقل لكانبرا
: من اللي موظفه ؟
صمتَ لثوانٍ ثم قال
: راشد !
ابتسم بسخريةٍ ونظر اليه
قال بضحكةٍ لها معانٍ مبطنة
: لا بالله عيّنا خير !
انفجر مالك وسلطان ضاحكين
قال ذياب ببرود
: عسى بس ماحنا عاجبينك طال عمرك ؟
قال ابو راجح ضاحكاً وهو ينقل بصره بين راشد وذياب
: لا وش دخلني فيك , في النهاية محد بيتوهق فيك الّا اللي موظفك
احتقنت ملامح ذياب بغيض لكنه لم يقل شيئاً
انهمكوا في حديثهم حولَ العمل
ليجول ذياب ببصره حولَ الجميع
زفر بحقدٍ وأخرج هاتفه ليرسل رسالةً لأحدهم
( والله منتظر اشارتك وانسفهم لك كل ابوهم , مو متحمل اطالع فيهم ! )
جاءه الردّ سريعاً
( اضغط على نفسك شوي , مو وقته , صبرنا سنين مو باقي شي ! )
نظر اليهم مجدداً واحداً تلو الآخر ثم كتب
( الله يصبرني ! لو علي اقوم الحين العن خير خيرهم ! )
( استغفر ربك , صبرنا والله بيكون معانا )
توقف عن ارسال الرسائل حينَ انتبه لنظرات ابو راجح الحادة
وظلّ ينظر اليه ببرودٍ وتحدٍ
,
انقضت ساعتان وانتهى الاجتماع
خلَت القاعة الّا من عدّةِ أشخاص
قال ابو عقاب
: راشد روح للقناة ييب منال وعواش , الوالد طالع مع السايق والثاني طالعة معاه لولوة
أجابه
: مو المفروض لولوة تكون هني اليوم ؟
: عندها شغلة ضرورية طلعت لها , روح ييب البنات انت
: بيروح معاي ذياب ما وياه سيارة !
: مو مشكلة اطلع بوحدة من سيارات الشركة
هزّ رأسه ايجاباً
: زين
نهض ليسمع كلماتِ ابو راجح الهادئة
: مالك بيروح معكم
التفت اليه مالك باستغراب
تابع ابو راجح
: محتاج سلطان وبيتأخر شوي , وهم يجون بسيارة وحدة لازم سلطان يرجع فيها وبيرجعني معاه , سواقي رايح المطار يجيب سعد
قال مالك هامساً بانزعاج
: ما له داعي اروح معاه ! بأنتظر سلطان
قال ابو راجح بهدوء
: روح معاهم
: بس..!
قال سلطان بنبرةٍ يفهمها مالك
: روح
نظرَ اليهما بضيق , ثم نهض خارجاً مع راشد وذياب
,
توقفت السيارة امام مبنى القناة
قال راشد
: انا بنزل انادي البنات
قال ذياب
: وانا بنزل اشتري لي كوب كوفي من الكافتيريا
التفت راشد الى مالك
: انزل معانا لا تقعد بروحك
نزلَ دون ان يعلق
ساروا جنباً حتى دخلوا المبنى
,
ضحكت بصخب وهي تقول
: بسك عاد ! صج مينون
ضحك ولم يُعلق
رفع هاتفه وعبث فيه لثوانٍ , ثم أنزل وحكّ اذنه اليمنى بابتسامة
اقترب من الطاولة أكثر وهو يقول
: هاتي ايدك
ابتسمت ومدّت بيدها اليه
أمسك بيدها ليحكي لها عن أمرٍ ما وهو يُخطط على راحة كفّها لتفهم أكثر
بجانبها كانت منال , ونبيل قريبٌ جداً منها , من يراهما من بعيد يحسبُ أن وضعهما حميمي !
,
دخلوا الكافتيريا ليُصدمَ راشد
فارَت دماءُ الغَيرةِ في رأسه
حينها قال ذياب ببرود
: روح ناد البنات راشد , انا ومالك بنجلس هنا
حكّ مالك أنفه محرجاً من وضعِ راشد ولم يعرف كيف ينبه ذياب أنّ هاتين التين أمامها هما المنشودتان !
سقطَ بصرُ ذياب على الفتاتين ليرفع حاجبه الأيمن ويقول بازدراء
: الله لا يسخط فينا ! هذا وحنّا برمضان !
سعل مالك بخجل وأشاح بوجهه عنهما
تقدم راشد بغضب منهما ليقول بنبرةٍ مُلئت غضباً
: منال وعايشة
نظرتا اليه مبتسمتان
قال بحدة
: قومي انتي وهي بسرعة
التفتت عائشة للذين أمامهما مبتسمة
: هذا ولد عمي وحسبة اخوي , راشد
قالا نبيل وطارق مبتسِمَيْن ببشاشة
: أهلاً , ازيّك ؟
نظرَ اليهما بازدراء ولم يُجبهما
قال نبيل مستغرباً
: مالك ؟ بتبُص لنا كدا ليه !!
نهضت عائشة وقالت مستغربة
: راشد شفيك ؟
لم يعرف مالذي يتوجب عليه قوله
وضعتاه في موقفٍ مخزٍ أمام زميلَي عمل
قال بهدوءٍ يُنذرِ بعاصفة
: يلا على السيارة
نهضت منال وقد شعرت بغضبه
قالت برسمية
: اوكي نبيل وطارق , باجر ان شالله نكمل شغلنا
التفت نبيل الى طارق ببلاهة
: بتؤول ايه البت دي ؟
ضحك طارق ولم يُجبه
سارتا عائشة ومنال مع راشد بعد أن القتا التحية
قال ذياب غيرَ مصدق
: هذول هم اللي جاي عشانهم راشد !
قال مالك بغيض
: ما له داعي تحرج الرجال !
قال ذياب ببرود
: وانا وش عرفني انهم قريباته
دفع ثمن كوب القهوةِ الذي اشتراه وخرجَ عائداً الى السيارة بصحبة مالك
,
,
المملكة العربية السعودية – حائل
التاسعة مساءً
كان مُطفئاً اضاءة الغرفة ويقف بِجوار النافذة يشرب الشاي ويعبث بهاتفه
حين رآها تخرج من باب المنزل بعباءتها وحجابها على كتفيها وهاتفها على اذنها
قالت بدلال
: ايه خلك انتي صومي لين تسعة الليل وتداومين وترجعين تسوين فطور , وانا مدلعة ما وراي شي ! مأجزة وجالسة في البيت
أشاح ببصره عنها فور رؤيتها
لكنّ صورتها ظلّت نصب عينيه !
شعرها المُتّهم بإثارة كيانه !
بتموجاته المجنونة , يتمرد على رقبتها ووجها بِ خُصلٍ رفيعة , والباقي مرفوعٌ الى الأعلى يتحرك مع تحركات رأسها الناعمة
مرّت ثوانٍ لتعلو ضحكتها التي استفزّت احساسه
ازدرد ريقه وهمّ بتنبيهها أنّه هنا قبلَ أن تستوقفه كلماتها وهي تقول بحالمية وهي تدور حول نفسها
: آآه يا لمار , يوسف ما سوى خير يوم جابه بيتنا ! يا بنتي يخقق !
صمتت لثوانٍ قبل أن تقول بانزعاج
: يووه لمار لا تكبرينها وهي صغيرة ! عادي انا ما كلمته ولا رحت عنده , تراني أخاف من ربي ! والله ولا في حياتي تعمدت أجي قدامه , هي مرتين اللي تصادفنا فيها , وبعدين والله انا مو قصدي شي مو زين , بس اقول لك انّه جميل وسيم جنتل يخقق !
صمتت لتنفجر ضاحكة بعد ثوانٍ
: خلاص آسفة ما اعودها , المهم اليوم بنروح لخالتي ام ثامر بنتسحر عندها
ماذا تقول هذه !
أتقصده في كلماتها ؟
ويلٌ لكِ يا فتاة ! ويلٌ لكِ من قلبي الذي تعبثين به !
انا رجلٌ قد تعدّيت الثلاثون من عمري , تعبثُ فيّ طفلةٌ مثلك !
تبعثر كياني , وتعبث بأحساسي
تتمرد على قلبي المُتعب !
تزيدني هماً فوق همي !
ويلٌ لكِ يا أخت يوسف !
كيف تجبرينني على خيانة صديقي الذي أحسن اليّ !
كيف تستعرضين ببراءتكِ الخبيثة أمام ناظري !
خطأٌ وجودكِ أمامي !
او لنقل , الخطأُ بقائي هنا
حينها سمع كلماتِ يوسف الغاضبة
: انمار وش تسوين هنا !
اسمكِ انمار اذاً !
التفتت اليه بخوفٍ من كلماتها التي نطقت بها قبل قليل
: وش فيه !
قال يوسف بكلماتٍ حادة من بين أسنانه
: وش مطلعك كاشفة شعرك وواقفة هنا والرجال داخل ؟؟
شهقت والتفتت الى غرفته
قالت بخوف
: والله أحسبه مو موجود ! والله والله قسم بالله ما ادري انّه هنا
أسرع عمر ينام على سريره وهو يُخبئُ كوب الشاي تحت السرير
تظاهرَ بالنوم ليتجنب احراج نفسه واحراج يوسف
ويُجنبَ أنمار العقوبةَ والملامة !
: ادخلي وجع يوجع العدو
اسرعت بخطواتها لتمر من جواره ويضربها على ظهرها بغضب
اتجه الى غرفة عمر
فتح الباب وأطلّ برأسه
قال بخفوت
: عمر ؟
لم يجبه وهو يدعو الله سراً ان لا يكتشف أمره
أضاء يوسف الغرفة واقترب منه وهو يضع يده على كتفه ليوقظه
: عمر , عمر قوم
: همم
: قوم عشان نروح نصلي العشا والتراويح
لم يُجبه
هزّه مجدداً
: قوم يا رجال , بودي أهلي لخالتي وارجع لك نروح المسجد
تركه وخرجَ مُغلقاً الباب خلفه
حينها فتحَ عمر عينيه
ظلّ ينظر في الفراغ
اعفني من ذنبك يا يوسف
تثقل كاهلي بعطائك , واستصغر نفسي بانحطاطي
لو علِمت امي التي أجهلها انني أخون صديقي في عرضه
لتمنت ألّا أعود اليها ابداً !
اغفر لي ذنبي يا الله !
ارشدني الى الصواب , وجنبني الذنب والمعصية !
آهٍ يا أنمار , لم يكن ينقصني الا مراهقةٍ تقف في طريقي المتهالك !
,
,
,
,
المملكة العربية السعودية – حائل
التاسعة مساءً
كان مُطفئاً اضاءة الغرفة ويقف بِجوار النافذة يشرب الشاي ويعبث بهاتفه
حين رآها تخرج من باب المنزل بعباءتها وحجابها على كتفيها وهاتفها على اذنها
قالت بدلال
: ايه خلك انتي صومي لين تسعة الليل وتداومين وترجعين تسوين فطور , وانا مدلعة ما وراي شي ! مأجزة وجالسة في البيت
أشاح ببصره عنها فور رؤيتها
لكنّ صورتها ظلّت نصب عينيه !
شعرها المُتّهم بإثارة كيانه !
بتموجاته المجنونة , يتمرد على رقبتها ووجها بِ خُصلٍ رفيعة , والباقي مرفوعٌ الى الأعلى يتحرك مع تحركات رأسها الناعمة
مرّت ثوانٍ لتعلو ضحكتها التي استفزّت احساسه
ازدرد ريقه وهمّ بتنبيهها أنّه هنا قبلَ أن تستوقفه كلماتها وهي تقول بحالمية وهي تدور حول نفسها
: آآه يا لمار , يوسف ما سوى خير يوم جابه بيتنا ! يا بنتي يخقق !
صمتت لثوانٍ قبل أن تقول بانزعاج
: يووه لمار لا تكبرينها وهي صغيرة ! عادي انا ما كلمته ولا رحت عنده , تراني أخاف من ربي ! والله ولا في حياتي تعمدت أجي قدامه , هي مرتين اللي تصادفنا فيها , وبعدين والله انا مو قصدي شي مو زين , بس اقول لك انّه جميل وسيم جنتل يخقق !
صمتت لتنفجر ضاحكة بعد ثوانٍ
: خلاص آسفة ما اعودها , المهم اليوم بنروح لخالتي ام ثامر بنتسحر عندها
ماذا تقول هذه !
أتقصده في كلماتها ؟
ويلٌ لكِ يا فتاة ! ويلٌ لكِ من قلبي الذي تعبثين به !
انا رجلٌ قد تعدّيت الثلاثون من عمري , تعبثُ فيّ طفلةٌ مثلك !
تبعثر كياني , وتعبث بأحساسي
تتمرد على قلبي المُتعب !
تزيدني هماً فوق همي !
ويلٌ لكِ يا أخت يوسف !
كيف تجبرينني على خيانة صديقي الذي أحسن اليّ !
كيف تستعرضين ببراءتكِ الخبيثة أمام ناظري !
خطأٌ وجودكِ أمامي !
او لنقل , الخطأُ بقائي هنا
حينها سمع كلماتِ يوسف الغاضبة
: انمار وش تسوين هنا !
اسمكِ انمار اذاً !
التفتت اليه بخوفٍ من كلماتها التي نطقت بها قبل قليل
: وش فيه !
قال يوسف بكلماتٍ حادة من بين أسنانه
: وش مطلعك كاشفة شعرك وواقفة هنا والرجال داخل ؟؟
شهقت والتفتت الى غرفته
قالت بخوف
: والله أحسبه مو موجود ! والله والله قسم بالله ما ادري انّه هنا
أسرع عمر ينام على سريره وهو يُخبئُ كوب الشاي تحت السرير
تظاهرَ بالنوم ليتجنب احراج نفسه واحراج يوسف
ويُجنبَ أنمار العقوبةَ والملامة !
: ادخلي وجع يوجع العدو
اسرعت بخطواتها لتمر من جواره ويضربها على ظهرها بغضب
اتجه الى غرفة عمر
فتح الباب وأطلّ برأسه
قال بخفوت
: عمر ؟
لم يجبه وهو يدعو الله سراً ان لا يكتشف أمره
أضاء يوسف الغرفة واقترب منه وهو يضع يده على كتفه ليوقظه
: عمر , عمر قوم
: همم
: قوم عشان نروح نصلي العشا والتراويح
لم يُجبه
هزّه مجدداً
: قوم يا رجال , بودي أهلي لخالتي وارجع لك نروح المسجد
تركه وخرجَ مُغلقاً الباب خلفه
حينها فتحَ عمر عينيه
ظلّ ينظر في الفراغ
اعفني من ذنبك يا يوسف
تثقل كاهلي بعطائك , واستصغر نفسي بانحطاطي
لو علِمت امي التي أجهلها انني أخون صديقي في عرضه
لتمنت ألّا أعود اليها ابداً !
اغفر لي ذنبي يا الله !
ارشدني الى الصواب , وجنبني الذنب والمعصية !
آهٍ يا أنمار , لم يكن ينقصني الا مراهقةٍ تقف في طريقي المتهالك !
,
,
الأردن
العاشرة مساءً
رفعَ هاتفه ليتصل بشقيقه الذي ردّ بعد ثوانٍ
: هلا
: السلام عليكم
فزّ خالد بخوف
: بندر وش فيك ؟
قال بهدوء
: ما في شي , انا بالأردن وبطلع للجوف عن طريق البر بعد ساعتين , ومن الجوف للرياض بطيارة , بكرة الظهر ان شالله اكون في البيت !
قال خالد بغير تصديق
: بندر لا تكذب !
: والله ما اكذب , المهم بكرة الظهر تكون في المطار تنتظرني
هزّ خالد رأسه بضياع
: خلاص طيب , بس انت انتبه لنفسك
ودعه وأغلق الهاتف
أراح رأسه الى الطاولةِ التي أمامه بتعب
منذ سافر لم ينم جيداً ولم يأكل جيداً
وحياته كلّها انقلبت رأساً على عقب
كم يتمنى لو يستطيع الجهاد في سبيلِ الله
وتحقيق الحق واعلاء راية التوحيد وازهاق الباطل
لكنّه لا يستطيع !
هو أصغر من ذلكَ كلِّه
هو لا يتحمل غضب أمّه
هو لا يجيد حملَ السلاح
زفر بتعبٍ وهمس بصدق
: اللهم اني أشهدك أني نويت الجهادَ في سبيل اعلاء كلمتك , ومنعني غضب امي , فاكتب لي أجر النية وأجر ارضائها
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الواحدة والنصف بعد منتصف الليل
أوقف السيارة ونزل بهدوء
اقترب ليقفَ الحارس بريبة
: وش تبي ؟ المقبرة مقفلة الحين !
قال برجاء
: تكفى بزور اخوي , انا مبتعث خارج السعودية وماني مطول هنا , بشبع من جلستي معه
رقّ قلبُ الحارس المسن لكنّه قال
: والله ما اقدر , تعال بكرة
: والله ماني متأخر ربع ساعة واطلع !
صمتَ الحارس لثوانٍ ثم قال
: طيب
ابتسم بامتنان وتبعه ليدخل
سار بروية حتى وصلَ الى القبر
جلس أمامه وابتسم
قال بعدَ أن سلّم عليه
: تخيل امي للحين تنزل الأكل لشقتك ! وعيال غالية واميرة يجلسون في شقتك يلعبون عشان امي تحس فيها حياة ! لو تشوف سميّك ولد اميرة , نسخة منك والله ! وأحب العيال لأمي وابوي ولي , اشتقت لك يا بندر , والله اشتقت لك , شردت من الديرة عشان لا تتعبني ذكرى شوارعها واسواقها وجوّها , ووجوه الناس ومراكز الشرطة والمستشفى ! ما ابي الذكرى تتعبني , واثر الذكرى داخلي يا اخوي , اثرك فيني وانا ما ادري ! تخيل انّ شوارع بريطانيا تذكرني فيك , الضحكات اللي اسمعها كلها ضحكتك , السوالف كلها بصوتك , الناس كلهم يمشون كأني شايفك قدامي ! – ضحكَ ببحةٍ وقال – اضحك على نفسي , اهرب من ذكراك لأكثر شخص يذكرني فيك ! سعود خويي , يوم أجلس معه كنّ الزمن رجع فيني ورى وجلست معك ! ما بينك وبينه دم , ولا عرفته في يوم , لكن والله يشبهك ! ما ادري شلون بس هو يشبهك , تصرفاته مثل تصرفاتك ضحكته مثل ضحكتك , سوالفه وطريقة كلامه وتفكيره واسلوبه وبساطته , لعب في حسبتي فراقك يا اخوي , الله لا يجعلني اعترض , وجعلني انجمع فيك في الجنة , بكرة ان شالله بنروح انا وامي لمكة نعتمر ! بعتمر لك يا عين ابوي , وبدعي لك في الملتزم , وبدعي انّ ربي يهون على قلبي , ثمان سنوات يا بندر وكأنها امس !
صمتَ بتعبٍ من هذيانه
ظلّ يمسح على القبر
حتى ناداه الحارس بلطف
: يا ابوي ما شبعت من اخوك ؟
قال بصوتٍ عالٍ ليسمعه
: قايم الحين
التفت الى قبر شقيقه مجدداً
قال بخفوتٍ وابتسامةٍ حزينة
: حروفي تسقي أوراقي
بكى من طلته دفتر
دموعي تسبق أشواقي
عليه الضيق ما أكبّر
ألا يا موت وش باقي ؟!
الا منه رحل بندر !
ردد بهمس
: ألا يا موت وش باقي , ألا منه رحل بندر !
قبّل تراب القبر وابتعد بِصبرٍ وهو يقول
: العوض في الجنة ان شالله
تراجع ليخرج من المقبرةِ شاكراً الحارس
,
,
( الأبيات لِ " د.مضطرب " أتابعه في تويتر , هذه أكاونته
https://twitter.com/mod6rb )
,
,

,



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتبة/, أحلامي, مقلتيك, jooda_

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:55 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.