آخر 10 مشاركات
عن الحكيم إذا هوى (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة في الغرام قصاصا (الكاتـب : blue me - )           »          361-جزيرة الذهب - سارة كريفن - روايات احلامي (الكاتـب : Sarah*Swan - )           »          أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          [تحميل] كنا فمتى نعود ؟للكاتبة/ الكريستال " مميزة " (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          كنا فمتى نعود ؟للكاتبة/ الكريستال " مميزة "(مكتملة) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          323-ضاع قلبها -دارسي ماجوير -(كتابة/ كاملة) (الكاتـب : Just Faith - )           »          السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          أعاصير ملكية (57) للكاتبة: لوسى مونرو (الجزء الثاني من سلسلة العائلة الملكية) ×كاملة× (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          100- الإرث الأسر - آن ميثر - ع.ق - مكتبة زهران ( تصوير جديد ) (الكاتـب : Dalyia - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > قسم ارشيف الروايات المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-10-16, 05:29 PM   #31

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي





وبعد اشراقة صباح اليوم التالي استيقظ قرابة الساعة الثامنة والنصف، والسعادة تغمره بل تملأ قلبه ونفسه.. ورائحة عطرها امتزجت بسريره.. فأخذ نفسا عميقا واختزنه داخل رئتيه.. وبعد دقيقة اعتدل في جلسته... ومن بعدها نهض من على السرير بهمه ونشاط وشيء ما قد جال في رأسه... فخرج من المنزل بخفة وبدون ملاحظة احد...
انها الساعه التاسعة وخمسة واربعون دقيقة... يسير بهدوء شديد في شوارع مدينته يتنقل من شارع لاخر.. بيده الكعك وبعض المخبوزات التي جلبها لعائلته... وفي طريق عودته مر على شاطئه المعتاد.. جلس قليلا يتأمل المكان يتذكر فيه الماضي قليلا وقد قرر قرارات داخلية لن نعلمها.. وقد فتح صفحة جديدة وبااب جديد لحياته القادمة.... ثم جرته مشاعره المأهبة نحو المنزل...

توقف قليلا... هذا باب المنزل الذي دخل اليه في منتصف الليل.. والجميع نيام... ماذا ستكون ردة فعلهم الان؟؟.. بالتأكيد سيتلقى توبيخا كبيرا من جدته ومن ريم.. اما والدته ستلقي السلام عليه وتذهب الى صالون التجميل.. ووالده مسجون بين اوراق واعمال الشركة... ولا يريد معرفة ردة فعل رامي ابدا... اما قمر فهذا الذي لا يستطيع توقه ابدا....

وهو في تفكيره العميق ذاك... وخلال سفره عبر ساعة الزمن تسربت اصوت ضحكات منبعثة من الواقع... فتلاشت تلك الذكريات كتلاشي العاصفة بعد هبوبها... وبعودته الى الواقع وكأنه خرج من غيبوبة تلاقت عيونه على ذلك المظهر ريم وقمر تضحكان سوية... متى عادت ريم من الخارج.. كم من الوقت مضى وهو شارد الذهن ولم تكتمل الاحداث الينا...
نظر اليهم بعد ان وقف وقال " سأخرج لأنهي اجراءات الخروج.."
دخل رامي مع نظر الفتاتان له.. فقالت ريم " هذا جيد.. لنخرج من رائحة المشفى حقا لقد سئمت.."
" لقد بدأ سيناريو الفتاة ذات الطبقة المخملية.."
جحدته ريم وكادت ان تتفوه ولكن سبقها قول قمر التي اعترضت بطفولة " ولكن اريد البقاء هذه الليلة.."
نظرت اليها ريم بعدم تصديق.. وكانت نظرة رامي مشابهة... اما مجد عقد حاجبيه استغرابا وبدأ الشك يلعب به كأنه دمية... تفوه من بين اسنانه ظنا منه هروبها من المنزل بسبب عودته " لماذا؟!"
لاحظت قمر نبرته ورامي كذلك بينما ريم غارقة في بحر عدم التصديق والدهشة فقالت " هل انتِ مجنونة؟؟"
نظرت اليهم قمر جميعا واحدا تلو الاخر.. وقالت وهي تهرب من نظراتهم " فقط لا اشعر نفسي بحالة جدية.."
تنهد رامي وقال " ولكن يا قمر.."
قاطعه مجد مغتاظا منها " جدتي لن تقبل.. ولن تسمح لك المبيت خارج المنزل.."
مطت قمر شفتيها بحيرة " ولكن.."
قال مجد بقسوة واقتضاب " سنذهب الى المنزل لا داعي لكل هذه الطفولة.." ثم سار بغضب وخرج من الغرفة...
نظر رامي الى طيف مجد ثم عاد الى قمر وقال بابتسامة عطوفة " نحن ننتظركما.."
اومأت ريم رأسها بهدوء لرامي وعادت بأنظارها نحو قمر المطرقة رأسها بحزن... وقالت بحنان " قمر عزيزتي جدتي ستقلق ان فضلت المكوث هنا.."
رفعت قمر رأسها وقالت بمرارة " ولكن كان بامكانه التحدث بطريقة ألطف.."
ربتت ريم على يد قمر " اتأسف بالنيابة عنه... ولكنه محق في عدم مكوثك هنا.."
" ولكن كل ما اردته هو النوم بالمشفى.." صمتت قليلا ثم قالت وهي تبعد الغطاء الابيض عنها " انها المرة الاولى التي ارغب بذلك.."
شهقت ريم وقالت " عسى ان تكون المرة الاخرى.. ولا يتكرر ذلك.."
ثم نهضت قمر من السرير بمساعدة ريم وفي جوفها حزن مرير... ولكنها حقا لا تدري ان القدر معها هذه المرة في امنيتها وسيؤمن لها رغبتها بزيارة المشفى والمكوث فيه ليالٍ متتالية كما ارادت...

اسند رأسه على مقود السيارة بتعب وقهر... انه لا يدري لما تصرف هكذا ولكن ما زال كما السابق تائه بين عقله وقلبه... عقله الذي يأبى الرضوخ لمسمى الحب.... تنهد بحرارة ربما حقا متعبة وتحتاج البقاء في المشفى وليس انها لا ترغب بالخروج بسبب عودته من السفر.... رفع رأسه عندما فتح باب السيارة الامامي فاستقبلته ريم بنظرة معاتبه واغلقت الباب في صمت...
" أين قمر؟!" تساءل باستغراب.. أليس من المفترض ان يقلها..
نظرت اليه ريم باستخفاف ثم قالت وهي تنظر الى الامام " هل تنتظر منها بعد تصرفك بالداخل ان تركب معك بالسيارة.."
شد على يده ثم زفر بحرارة.. بالتأكيد ذهبت مع رامي.. ثم التفت الى ريم بحدة عندما تفوهت بتحذير " اياك ان تتطرق الى قم بسوء يا مجد.. كفاك سابقا ما فعله لسانك السليط.."
تجهم وجهه ولكن كيف.. هل تعلم بأمر حاله السابق؟؟ ولكنه تغير.. حقا تغير لقد لان قلبه!! صدقوا تلك العضلة المسجونة خلف اضلعه... ولم يكن تصرفه ذاك الا قهرا نابعا من داخله... اكملت ريم بهدوء بينما هو ينظر الى امامه " دع رياح عودتك تكون هادئة.. لا تهب عليها كالعاصفه.. تحكم في تصرفاتك.." وصمتت....

********
تنهدت سوزان بتعب وقالت وهي تجلس " واخيرا لقد نامت.."
نظرت اليها مديرة المأوى " هل انخفضت درجة حرارتها.."
" للاسف.." سوازن وهي تنفي برأسها
اومأت المديرة رأسها بتفهم وسألت " متى عودة رئيس عملك.."
" بعد يومين على ابعد تقدير.."
" ألا يوجد لهم عائلة هنا.."
سوزان بأسف " للأسف لا.. فالسيد ماجد مغترب منذ سنين ولا اظن ان له عائلة هنا..."
تعجبت المديرة " والدتها؟!"
شبكت سوزان اصابعها " في خارج البلاد كما فهمت تتعالج من الشلل..." صمتت قليلا ثم اردفت " لو ان لهم احد لما عملت عنده.. كما ايضا يتجنب الحديث عن العائلة او ما شابه.."
اومأت المديرة رأسها بتفهم " من اجل صغيرته.."
" لا ادري ولكن لا اظن ذلك.."
ازدردت المديرة لعابها وعقدت حاجبيها " ماذا تعنينين؟!"
" كنيته!!! تتشابه كثيرا مع......"
" لحظة.." قاطعتها المديرة عندما اعلن هاتفتها النقال مكالمة هاتفية.. فاجابت عليها بينما خرجت سوزان حتى تطمئن على حال ملاك.. في هذه الايام اصبحت حرارتها ترتفع بشكل ملحوظ ويصيبها الارهاق والتعب باقل مجهود تبذله ولكنها حتى لا تستطيع القيام بأي شيء بدون اذن السيد ماجد.. فمتى سيعود!! وأي صاعقة ستحل بع بعد عودته؟؟


*******
وعلى احدى اشارات المرور توقفت سياره مجد يحل عليها ظلام الليل.. فريم تنظر شاردة الذهن تعبث بسترتها القطنية... ومجد شارد بذلك القمر الذي يجلس خلفه.. حزين مطرق رأسه.. كاد ان يذهب بسرعة من ساحة المشفى عندما قالت له ريم بأن قمر لا ترغب بالركوب معه ولكن قبل ان ينطلق في طرقه اوقفته ريم ومن ثم ركبت قمر...
تنهد بتعب وهو ينظر اليها عبر انعكاس صورتها في المرآه... قد رفعت شعرها الطويل عن وجهها ليظهر اكثر جمالا وسحرا... تنهد لاضطرابات قلبه وسافر مجددا عبر الحمام الزاجل الحامل رسالة الذكريات نحو صباح اليوم...
سار في طرقات المدينة على اقدامه والشوق قد غمره لكل شبر فيها... تنقل من شارع الى اخر ومن زقاق الى الذي بجانبه.. بيده الكعك وبعض المخبوزات التي جلبها لعائلته وفي طريق عودته مر على شاطئه المليء بذكرياته جلس قليلا مع نفسه يتأمل المكان وفي قلبه جعبة من الحديث الطويل الذي دار مع عقله.. ثم جرته مشاعره المتأهبة نحو المنزل...
دخل منزله بل موطن حبه ومقبره عشقه... اغلق عيونه متخيلا ردة فعل كل فرد منهم.. سيتلقى التوبيخ من جدته بلا شك.. اما والدته ستصافحه وتبتسم ثم تغادر متوجهة الى الاهتمام بنفسها... ريم ستقفز لمعانقته بشقاوة تنتظر الهدية بحماس.. اما رامي لم يرد ان يعلم ماذا تكون ردة فعله ولن يهتم به ابدا.. اما صغيرته الجميلة.. معزوقة قلبه....
فتح عيونه اثر تلك الضحكات التي تسربت الى اذنه.. ابتسم تلقائيا وبلا شعور منه.. شرد للحظة اشتاق لكل شيء يخصها.. تلك الابتسامة البريئة.. والنظرة الملائكية.. صوتها الانثوي الجميل.. عيونها العسلية الناعسة... اشتاق لقطرات الندى من عيونها... حتى لذلك الضعف الذي تتسلح به... ثم تذكر مظهرها على سريره نائمة بعمق كبرائة الاطفال...
وانتشل نفسه من رياح الحب التي لفحته.. على صوت رشقات الماء التي دوت في قلبه وبعد صوت رامي محذرا قمر.. ركض بسرعة نحو الحديقة الجانية.. حيث تلك البركة.. ومظهر رامي ينذر بالشؤم على حافة البركة ينهار تدريجيا على الارض مع صدمته... وقمر من البعيد تحاول الطفو على سطح الماء.. برغم ان البركة قليلة العمق الا ان قمر تغرق بها وكما انها لا تعلم السباحة....
ترك ما بيد يقع ارضا ثم ركض بارتجافة اطرافه ناحيتها وكانت صاعقته التي زلزلت قلبه عندما ارتخت قمر واصبحت كجثة تفطو على المياه... اصاب الرعد قلبه وامطر الذعر به.. ثم قفز بالمياه..

" مجد... مجد..." نطقتها ريم مع صوت ابواق السيارات... وقمر تنظر ناحية مجد الذي انتشل نفسه اخيرا وارتعش من لمسه ريم.. حيث قالت بعد ان شعرت انه عاد للواقع " ماذا بك.. لقد.."
قاطعها باقتضاب " حسنا.. لقد شردت.." ثم حرك مقود السيارة مبعدا نظره عن تلك العيون الناعسة التي تراقبه بخفة..
" لقد اشتهيت المثلجات.." ثم التفت ريم ناحية قمر " هل تريدين؟!"
اومأت قمر رأسها بالنفي " لا.." ثم اشارت الى يدها المجبرة..
تأففت ريم ونظر مجد اليها بسرعة ثم عادت عيونه على الطريق " لن شتري لك المثلجات... بما ان قمر لا شهية لها ( ونظر اليها فرفعت رأسها وتلاقت عيونهما المضيئة بالحب والكلام الذي لم يرسل بسبب ابعادها عيونها بسرعة ثم وجه عيونه الى الطريق واكمل كاظما غيظه) وانا لا اريد.. اذا اثنان ضد واحد"
صرخت بغضب " لمااذا تتفقان ؟!" ثم عقدت ساعديها وقوست فمها كالاطفال..
" حسنا.. حسنا.. سأشتري لك..." قالها مجد بعد ان قرص احدى وجنتي ريم... فصفقت ريم بسعادة كبيرة.. وقالت " هل تعلمين يا قمر؟!".. وجهت قمر نظرها بحيرة الى ريم فاردفت ريم " انه قلب ذو قلب طيب برغم قساوته الظاهرة.."
ازدردت قمر لعابها ونظرت ناحية المرآة التي تظهر عيونه الرمادية... اكملت ريم " لو ترينه وقت غرقك في البركة..."
" انه واجبي على كل حال.."
" اصمت انت.." ريم بحزم مصطنع
اغلقت قمر عيونها وشعرت بانقطاع انفاسها.... بينما ركن مجد سيارته على حافة الطريق وقاطعها قبل ان تكمل حديثها عن البطل المغوار " أي نكهة.."
" شوكولاه.. واحضر لقمر بالفراولة ولك بالقهوة.." ثم نظرت الى قمر وقالت " بدون اعتراض.."
ابتسم مجد لشقاوة شقيقته... والقى نظرة جانبية على قمر واذ بها تنظر ناحيته بابتسامة مبهمه وبعيون مليئة بالامتنان.. ابتسم لتلك العيون ذات البريق المختلف واذ بها تتورد وجنتيها خجلا ثم ترجل من سيارته واعماقه تنغمر بمياه الحب والعشق والسعادة...
وعاد بعد ان احضر بنكهتي الشوكولاه والفراولة الى السيارة... اعطى لريم خاصتها ثم التفت حيث قمر التي تبدو شاردة.. اصدر صوتا منخفضا ثم " قمر..."
اجفلت من صوته الذي اخترق اعماق عقلها ونظرت اليه.. تسمرت لحظتها عندما التقت عيونها برماده ذو البريق الجذاب.. ذهبت الى احلام وآبار عميقة من الحب والمشاعر المختلطة.. ثم نفضت عنها تلك الافكار عندما سمعته يلفظ اسمها مرة اخرى... اخذتها بتوتر ثم ابعدت نظرها وبدات تأكل بهدوء شديد غارقة في افكارها حتى توقفت السيارة امام المنزل...
اخترق سمعها ذلك الصوت النابع من اغلاق الباب الامامي بقوة شديدة... نظرت الى يمينها واذا برامي كان قد فتح الباب لها لمساعدتها... يده الممتدة نحوها مع ابتسامته العطوفة الحانية.. ابتسمت له ومدت يدها اليسرى... ترجلت من السيارة واذا بريم تقول لها " هنيئا لك يا لك كل الدلال الان.."
ابتسمت قمر لها باحراج فقال رامي " ها قد جاء مجد ليغدقك بدلاله.."
صرخت ريم وهي تقفز كالاطفال " أجل.." ثم اتجهت ناحية مجد الذي يقف على مقربة منهم وعيونها الشرسة على قمر... ثم قفزت ريم بحماس وامسكت بيد مجد بتملك وقالت بدلال " لقد عاد اخي لينزهني.."
ابتسم مجد لها وقال بملل " ها قد بدانا..."
قوست ريم فمها بطفولية شديدة وقالت " هكذا اذا.. وكم شقيق لي غيرك هنا.."
احتضنها مجد وقال " لك مجد وهو تحت امرك.." ثم حثها على السير باتجاه المنزل وقمر تقف تنظر اليهم بحزن يغمرها... فحظ ريم بان يكون لها اخ.. كانت فيه قمر قليلة الحظ.... اطرقت رأسها بحزن تحاول السيطرة على نفسها... لو ان هناك مارد ينفذ طلباتها لتمنت ان يكون لها عائلة مكونة من اب وام واخ... ولكن... تنبهت على يد رامي على كتفها وقال بحنان في اذنها " اعتبريني شقيقك.."
رفعت رأسها له وترقرقت الدموع في عيونها.. كيف ادرك ما تفكر.. اردف بحنان اكبر وهي يقف مقابلتها واضعا يديه على كتفيها " كل ما تحتاجينه اطلبيه مني... تلك العيون لن اسمح لها بالبكاء فدموع شقيقتي كالذهب.. باهظة الثمن.."
ابتسمت قمر بسعادة وحط رأسها على صدرها واحتضنته بحب اخوي.. هو هنا لاجلها هو كشقيقها الذي لو يولد هو انسان كالجوهرة النادرة.. ما اجمله من شعور!!
رفعت رأسها وقالت له " انت الافضل دائما.. شكرا لك"
ابتسم لها " انت قمر منزلنا.. وستكونين افضل شقيقة لي.."
وبسعادة تغمرها التفتا للسير نحو بوابة المنزل.. ولكن عرقل مسير السعادة في نفس قمر تلك العيون الحادة التي وجهت لها.. فعيونه الرمادية وجهت نحوها اقوى الرصاص حدة...
فهل عادت براكينه للاشتعال!! وسيوفه الحادة باقتلاع جذور السعادة من قلبي؟؟ هل عاد من جديد بلسانه السليط؟؟
هل حقا عدنا للبداية؟؟





انتهى الفصل
مع لقاء في فصل قادم...
ارائكم؟؟ على اعتبار هذا الفصل تكملة لما سبقه..
توقاتكم للقادم؟؟


بعرف انه بتأخر عليكم.. ما في سبب معين.. بس احيانا ما بقدر اجبر حالي على الكتابة لانه ما بقدر اصوغ الفكرة بطريقة معينة ومتل ما بدي.. ولأنه الكتابة عندي الها مزاج خاص صعب اخلق هاد المزج بوقت معين.. اعذروني...
احتمال اتأخر بتنزيل الفصل القادم بسبب دراستي!!

وحابة منكم متل ما بتدعموني بروايتي على غرام.. تدعموني بكتاباتي البسيطة على صفحة الفيس بوك...
وتعملوا دعوة لاصدقائكم وشكرا سلفا.. الرابط موجود في معلوماتي الشخصية وراح اتركلكم اياه في الرد التالي
دمتم بود اعزائي











لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-11-16, 05:55 PM   #32

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

\\



الفصل السابع عشر








أطل بكامل هندامه متكئا بجسده العريض على الاعمدة الحجرية التي تحول بينه وبين الحديقة.. ينظر ببروده المعتاد وكأنه يعطي طابع اللامبالاة لمن يشاهد شلال الجليد المنبعث من جسده... عودته كانت كما توقع تماما لم يصدر ذلك الضجيج كالمرة السابقة.. وردات فعل افراد عائلته عادية لأبعد حد... صدر الضجيج القليل ثم تلاشى واهتم كل فرد بحاجته الخاصة.. وكأنه لم يغب فتره من الزمن ولم يكن هنا.. وكأنه سافر ليوم أو يومان فقط... يبدو انهم اعتادوا على غيابه المتكرر كأنه اصبح روتين يومي واصبح غيابه عن المنزل شيء رئيسي محتم وجزءاً لا يتجزأ من عاداتهم...
أخذ نفسا عميقا ولمح بطرف عينه تلك الزهرة بلون بياض الثلج فابتسم... ثم عاد بأنظاره حيث جدته التي تجلس على مائدة خشبية تحت ظلال شجرتين تعانقت اغصانهما بحب وتصادقت اوراق شجرهما... وبطيف ابتسامة ظهرت على وجهه الرخامي اعتدل في وقفته عندما شاهد بلسم قلبه وشفاء اوجاعه تسير بهدوئها وبراءتها المعهودة حيث جدته.. فسارع للالتفات والدخول نحو المنزل ثم التوجه برماد قلبه الذي احترق شوقا الى موطن عشقه...
" صباح الخير.." قالها من البعيد وهو يقبل عليهم بابتسامة مرحة ينظر بطرف عينه على جوهرة قلبه الثمينة..
ردت عليه الجدة بينما تلتهي قمر بكمبيوترها اللوحي " اهلا بك.. اشرقت الانوار.."
قبل رأسها ثم جلس مقابل قمر التي ما زالت تعبث بكمبيوترها اللوحي تتصفح بحيرة وهي عاقدة حاجبيها.. بادية على ملامحها بعض الألم والانزعاج من يدها التي تحاول السيطرة والتحكم يها.. لو كان في لحظتها لما سمح لتلك اللعفة السخيفة ولا كان سمح بوقوع قمر واصطدام كف يدها بحافة البركة...
امال شفتيه بضيق ثم اخذ اصبعه يطرق على الكرسي الخشبي بهدوء بينما جدته تحصي اموال الجمعيات الخيرية كعادتها..
وانكسرت اشعة الشمس المتسللة من بين اغصان واوراق الشجر الاخضر في عيونها عندما رفعت رأسها فأصبحت كأن العسل امتزج بماء الذهب فغدا بريق عيونها بشكل مختلف يدخل مشاعرا شتى الى قلبه المحترق...حدق فيها قليلا وشعور قلبه يفيض من شدته فتزايدت ضربات قلب قمر من المعنى المتسلسل من رماد عيونه ثم تداركت موقفها بعد ان شعرت بنظرات جدتها فنطقت بهدوء شديد " صباح الخير..." وعادت مشاعر الاثنين الى مخدعها بسلام وامان... واطرقت قمر رأسها وصورة وجهه تتضارب في عقلها.. اغلقت عيونها للسيطرة على نفسها فغزا وجهه المضيء مجددا طرقات عقلها فسقوط بعض اشعة الشمس على جزيئات من حجر وجهه.. حيث انتشلت الشمس صخوره من الظلام فانعكس ضياءها بنور وجهه فأضحى كاللؤلؤ... فتحت عيونها بهدوء مع ابتسامة حب ادركت انه لاحظها وعادت للعبث ببريدها الالكتروني تحاول تشتيت نفسها بعيدا عن المجال المغناطيسي الذي يجذبها نحوه.... وبعد دقيقة صمت سمعت تنهيدة صدرت من اعماق قلبه ثم عقبها قول جدته " هل ستظل بالمنزل اليوم؟!"
ظل صامتا لفتره ثم اجابها " ليس كثيرا... هناك بعض الاعمال المهمة التي يجب علي فعلها؟!"
اومأت الجدة رأسها، فقال مجد " عدت قبل يومين ألا يحق لي الراحة قليلا؟!"
التقطت قمر من قطع البسكويت ونظرت اليه بطرف عينها فكانت عيونه موجهة ناحيتها فازدرت لعابها قبل ان تقضم من البسكويت.. ثم ابستمت عندما قالت الجدة بعد ان نهضت وربتت على كتفه " يحق لك يا عزيزي ان تفعل ما تشاء.."
ابتسم كليهما في آن واحد وكأن اوتار المتصلة بين قلوبهم اتفقت على ذلك... ثم صدر ذلك الصوت على مقربة منهما.. فنظروا الى ريم التي قالت " ولكن يا جدتي هذا اختراق للقوانين وتمييز بين احفادك.."
قهقهت الجدة بخفة بينما رفعت قمر رأسها وقالت موجهة كلامها ريم " هل تنكرين ان جدتنا الجميلة لا تعتني بنا جميعا.."
" جميعنا لا ننكر.. ولكن عندما يكون احدهم موضع اهتمام فحينها تشتعل غيرة.." مجد بهدوء
قالت ريم باستخفاف "حقا.."
" جميعكم غاليين على قلبي.." قالتها الجدة بعطف
ابتسمت قمر وقالت بحب كبير " دمتِ لنا.."
ابتست الجدة لها ثم تساءلت موجهة انظارها الى ريم " الى اين تذهبين؟!"
" سأذهب للتدريب ثم الى رائد.."
اومأت الجدة رأسها بتفهم وقالت قبل ان تتوجه الى المنزل " حسنا.. لا تطيلي غيابك في الخارج كثيرا.. لأن قمر تسأم وحدها.."
" حسنا..."
" كيف هي احوالك مع رائد؟!" تساءل مجد فابتسمت ريم وقالت " جيدة للغاية.."
واستمر الحديث بينهما يحمل في طياته خوفه على شقيقته وكلمات حب احتجزها قلبها في الناحية اليسار من جسدها... بينما شردت قمر للحظة تحاول فيها فهم مجريات تغير مجد المتعجلة.. في السابق كانت تراه تارة حنونا عطوفا.. ومرات اخرى قاسٍ متعجرف لا يستطيع اي احد فهم تقلباته... تارة بارد كالجليد واحيانا اخرى يهتم هكذا كان قبل سفره.. هل تغير؟؟ ام ما زال كما هو!! منذ عودته وهي تتجنب الحديث معه ليس خوفا بل لانها لا تريد تعكير صفو حياتها بعد ان بدأت بحياة جديدة بالتأكيد لا تخلو من دموع الاشتياق لامها ولكنها تخلو من تعجرفات مجد القاسية التي تحول قلبها الى قطع متناثرة.. ولا تنكر ايضا تلك المشاعر المضطربة عندما علمت بان مجد هو من اخرجها من البركة هي الشيء الوحيد الذي يبقيها بعيدا عن تيارات الاضطراب التي تحصل لها...
وعندما انطلق رنين هاتف مجد وكأن بصوته اخرجها من عالم الشرود و وعيت على نفسها من انخماد حواسها في عالم اخر.. لتشتعل محركاتها من جديد.. وعندما نظر مجد الى شاشة هاتفه لاحظت تلك الابتسامة الغريبة التي غطت على ملامحه.. امالت شفتيها فما السبب في تلك الابتسامة التي خيمت على وجهه..
ثم نهض عندما اجاب " اهلا..." وابتعد قليلا ولكنها استطاعت تمييز ذلك الاسم الذي انطلق مع كلمتين تبعته.. فتحت عيونها على اشدهما وكادت ان تشهق.. ولكن اي انكسار وحزن جعل قلبها ينفلق الى قسمين...فهل يحق لقلبها ان يذرف دموع الالم؟؟
وبعد برهة عادت الى وعيها عندما سمعت ريم تحادثها " قمر لم استطع شراء الكتاب لك.."
نظرت اليها بخيبة وحزن وما كان حزنها الا بسبب ذلك الجسد المتحجر الذي يقف امامها... ثم قالت ببطئ " حقا.."
اومأت ريم رأسها فنهضت قمر من مكانها واخذت الكمبيوتر اللوحي الخاص بها ثم قالت بابتسامة باهته " لا يهم.. اشتريه فيما بعد.."
" حقا اعتذر.."
" لا عليك.. سأرى ان كان موجودا على الانترنت واحمله..."
ابتسمت ريم وقالت " اذا حلت المشكلة.. اذا انا سأذهب.." ثم قبلت قمر من خدها وودعتها...
ابتسمت قمر لها ثم لوحت لها بيدها وعندما غابت عن الانظار التفتت حتى تتوجه الى الداخل ولفت انتباهها مجد الذي يقف امامها ليس مباشرة فجحدته بعيونها غير مسيطرة على مشاعر الغضب التي ولدتها عبارته الافتتاحيه عندا اجاب على هاتفه ولم تدرك ابتسامته الغامضة التي ابرزت جمال وجهه.. ثم سارت بطريقها نحو المنزل غير ابهة بذلك المجد الذي عقد حاجبيه بحيرة...
دخلت غرفتها ثم جلست على السرير بهدوء شديد.. وتزاحمت اصوات صدى العبارة في اذنيها حتى ظنت ان هناك مكبرات صوت في غرفتها تنتج تلك الحروف التي اخترقت قلبها الانثوي الغيور... فعبارته كانت كفيلة بأن تخرج مخزون الغضب والغيرة من ينبوعها المخفي.. كانت الحروف تتردد وأنها قيلت في مكان خالي فيتكرر صداه ويصم الاذان..
"ساالي.. اشتقت اليك.."
اغلقت عيونها وهي تستذكر كيف كانت تعابير وجهه وشعرت بقليل من الالم والحزن.. ثم وضعت يدها اسفل رأسها بعد ان تمددت على السرير بوهن...


اللعب هو المهنة السامية لأطفال هذا الوقت.. فما يكادون ان ينتهوا من لعبة والا تتبعها لعب اخرى.. وهذا حال اطفال الميتم بعد ظهيرة كل يوم.. يخرج معظمهم الى الباحة يقفزون بالحبل وأخريات يلعبون بالدمى.. وهناك من يجلسون على عشب الحديقة يلعبون بدمى المطبخ البلاستيكية وهكذا تمضي أيامهم.. بين طفولة مشتتة داخل قالب من واقع مؤلم.. لا يدركون متى وكيف وفي اي وقت ستضحك لهم الحياة وتخرجهم من بئرهم المسموم...

نظرت سوزان الى ملاك التي أتت اليها متعبة فهرعت اليها بخوف " ماذا بك يا عزيزتي؟!"
قالت ملاك بتأوه " لقد انزلقت قدمي وشعرت بقليل من الالم.."
شهقت سوزان ثم حملتها ولم تعر امر وزنها اهتماما.. دخلت بها الى غرفة خاصة جهزت لهم ووضعتها على السرير ثم قالت بعد ان كشفت جزء من قدمها " لقد اصبح جسدك يتأثر بالاصابات بسرعة.." ثم وضعت يدها على جبينها واكملت " لا يبدو ان هناك شيء.. هل ما زلتي تشعرين بالألم؟!"
" قليلا.. لقد زال جزء منه.."
تنفست سوزان الصعداء ثم توجهت نحو خزانة الملابس وبدأت بالعبث بها.. ولكنها توقفت عن العبث بعد ان صدر صوت التذمر من ملاك " ألم تقولي ان والدي سيعود اليوم؟!"
نظرت سوزان اليها بقلة حيلة... فملاك متعلقة بوالدها ايما تعلق فأي حيلة ستلفقها الان " ربما سيأتي في وقت متأخر.."
تأففت ملاك ثم عقدت ساعديها امام جسدها " كيف لا تعلمين؟!"
اخرجت سوزان الملابس ثم التفتت وذهبت ناحيته وبعد ان جلست مقابلها على السرير " صدقيني يا ملاك لا اعلم اكثر مما تعلمين.."
اطرقت ملاك رأسها بحزن فقالت سوزان " لقد اخبرك انه سيأتي خلال يومين عندما تحدثتِ معه.."
" لقد مر يومان.."
تنهدت سوزان " ربما طرأ له عمل عاجل..."
امالت ملاك شفتيها بضيق ثم تحركت من على السرير وحطت اقدامها ارضية المبنى وقالت " اعلم ماذا ستقولين الان..."
" ماذا؟!"
اخذت ملاك تقلد سوزان بلسان طفولي " لا تعاودي اللعب من جديد.. والدك سيوبخك..ثم.."
ابتسمت سوزان خلال ذلك وعندما توقفت ملاك عن الحديث قالت سوزان " والان هيا لتبديل الملابس ثم الى الاكل.."
مطت ملاك شفتيها ثم قالت بانصياع " حسنا.."
ساعدت سوزان ملاك بخلع سترتها التي ارتدتها فوق فستان صيفي ثم سألتها بعد تفكير " ألا يوجد لكم اقارب هنا يا ملاك؟!"
امالت ملاك راسها ثم قالت وهي تهز رأسها نفيا " لا اظن.. لو كان لكنت عندهم الان وليس هنا.."
" اجل هذا صحيح.. هذا يعني انتم وحيدون هنا.."
تنهدت ملاك " اجل.." صمتت قليلا ثم قالت " كنت أسأل ابي دائما لماذا لا يوجد لي أخ او اخت.."
" وماذا كان يجيبك؟!"
" يصمت للحظة ثم يقول هكذا القدر.." ثم امالت شفتيها بضيق
اومأت سوزان رأسها ثم قالت " هيا ارتدي ملابس نظيفة.. وعندما تنتهين استدعيني لاسرح شعرك من جديد.."
" حسنا..."


انتهى تدريبها لهذا اليوم على خير وسلامة... لو ان الجامعة لا تطلب مساق للتدريب لما كانت تدربت ابدا.. ولكن لا مجال للتقاعس عن هذا الامر لمصلحتها الجامعية... تنهدت عندما شغلت محركات السيارة وانطلقت في وجهتها نحو رائد.. لقد اشتاقت اليه جدا لم تعد تجتمع معه كثيرا بسبب ضغوطات عمله وتدريبها الذي لن ينتهي الا على بداية فصل السنة الدراسية الجديدة.. انها حقا سئمت لو الامر بيدها لسجلت تدريبها في احدى شركات عائلتها وما كانت لتتدرب ابدا ولكن لا مجال لها لاقناعهم بذلك لذلك رضخت للامر الواقع... وقفت على الاشارة تنتظر الضوء الاخضر.. تذمرت لأن المدة قد طالت وهي واقفه فأخذت تنظر الى الاشارة بترقب حتى نفذ صبرها.. ثم زفرت عندما اشتعل الضوء الاخضر وقالت " واخيرا.."
وبعد مدة توقفت بالسيارة عندما وصلت مبنى المؤسسه..ترجلت منها ثم صعدت تلك الدرجات قلية العدد.. ثم توقفت عندما اعتلى w,ت رنين هاتفها فتذمرت بتأفف عندما رأت اسم المتصل
" ليس وقته الان" قالتها قبل ان تجيب... وبعد ان وضعت الهاتف على اذنها قالت بملل " اهلا كمال.."
جاءها صوته مرحا كعادته " مرحبا ريم ما اخبارك؟"
" بخير.. وانت؟!"
" بخير.. هل انتهى تدريبك اليوم؟"
تنهدت ثم قالت بانزعاج غير ظاهر له " اجل.. لا اظنك اتصلت بي لكي تسأل عن اخباري.."
" حسنا سأختصر الطريق عليك.. اتصلت بقمر لكنها لا تجيب.. اريد منها بعض الملفات.."
" حسنا سأخبرها؟!"
" شكرا جزيلا.. الى اللقاء.."
وضعت هاتفها في حقيبتها ثم دخلت من البوابة الرئيسيه ومشاعر الحب التي لا تستطيع اخمادها تجرها بحبل العشق الى مليك قلبها رائد...وعندما وصلت الطابق الذي يعمل به.. سارت بلهفة وقلبها يتراقص على انغام موسيقى العشق.. وجسدها يقرع طبول الشوق لمن استقل وملك ذلك العرش في مملكتها الجميلة... وصلت حيث تجلس الموظفة المسئولة عن هذا الطابق سألتها دون ان تقف " هل رائد بمكتبه؟؟"
أجابتها بايماء رأسها بالايجاب.. فسارعت ريم بخطواتها اليه.. وخلال انحرافها في الممر صدر صوت مالوف قد سمعته من قبل توقفت عن المسير وهي تشعر بالغرابة.. ثم استدارت مئة وثمانون درجة ناحية الصوت الصادر عن الكعب العالى المتجه نحوها...
ألجمتها الصدمة ولم تستوعب كيف وصلت هذه المخلوقة الى هنا؟؟ نظرت اليها جيدا ولكن حقا انها هي!!! تنهدت لتلك المصيبة التي وصلت قبالتها حيث قالت " مرحبا هل تذكرتني؟!"
وكيف لا تتذكرها وهي تلك الهنادي التي تعرفت عليها من قبل كمال الغبي.. ثم قالت ريم " اجل.. هنادي على ما اعتقد.."
نظرت اليها هنادي مطولا بعيونها التي امتلئت بالكحل الاسود كأنها في حفل ما ثم قالت " كيف هو كمال؟"
" بخير ما دام لا يلتقي بك.."
شعرت هنادي بالحقن ولكن لم تظهر لريم ذلك ثم سألت " ماذا تفعلين هنا؟!"
ريم بلا مبالاة " الى احد اصدقائي.. هي عن اذنك.." ثم ابتعدت عنها بسرعة.. وسارت هنادي في طريقها..
وعندما وصلت ريم الى مكتب رائد.. طرقت الباب بخفة ثم فتحته ومدت رأسها من الفتحه الصغيرة " هل السيد رائد مشغول.." ثم ابتسمت بلطافة كبيرة
" اجل دقيقة واحدة فقط.. فهل يمكن للآنسة ريم ان تنتظرني قليلا.."
همست بخفة " حسنا.." ثم قالت بالهواء قبل ان تغلق الباب " احبك.." وهربت مسرعة الى الخارج دون معرفة ردة فعل رائد لتصرفها الطفولي... بالتأكيد ضحك على تصرفها.. فهي احيانا تتصرف كالمراهقين بالحب.. ابتسمت بسخرية لتفكيرها ثم اخرجت هاتفها بسرعة عندما تذكرت اتصال كمال لها من اجل التحدث الى قمر ونقرت على شاشته ثم تحدثت مع قمر قليلا بعد ان جلست على الكرسي...
وبعد ان ظهر رائد توقفت بسرعه واغلقت الهاتف... شعرت بالقليل من اللبكة فابتسمت ببلاهة عندما اقترب منها.. ثم ضحك هو وقال بهمس " لا داعي لكل هذا كطلبة المدرسة.."
تأففت بانزعاج وقالت " ولكن يا رائد.."
ابتسم " حسنا حسنا.."

وعندما خرجا من المؤسسة بأكملها.. استفهمت ريم قائلة " الى أين سنذهب؟!"
" الى اي مكان تأخذنا الطريق."
" مممم.. حسنا هيا الى السيارة.." ثم سارت ولكنه استوقفها بامساك يدها وقال باعتراض " لا للسيارة اليوم.."
نظرت اليه بعدم فهم ولكن عندما قال " سنستقل الحافلة.." اشتعلت عيونها حماسا فقفزت معانقة اياه امام مرأى الناس ثم ابتعدت عنه عندما همس لها " نحن ما زلنا في الشارع.."
نظرت اليه بخجل " اتأسف.. ولكن من حماسي.."
امال شفتيه بسخرية وقال لها " حقا ماذا سأفعل بك؟!"
تصنعت عدم التصديق وقالت " رائد.."
أمسك رائد يدها وقال " هيا ايتها الممثلة السيئة.. ستجربين البساطة بالتنقل من مكان الى اخر.."
قالت بحب " البساطة هي عنوان الجمال.." صمتت قليلا عندما رأت علامات الاعجاب بكلامها ثم قالت عندما مرت بجانبه " والدليل انت.." وسارت هي بابتسامة حب امامه.. وقف ينظر اليها قليلا ثم لحقها بحب كبير الى ان وصل بجانبها وسارا معا حيث موقف الحافلات...

اما عند قمر بعد ان اغلقت من ريم خرجت من غرفتها وتوجهت الى مرسمها كانت قد وضعت به الملفات قبل ان تصاب يدها... تفقدت احدهم وقد كان مكتملا اما الاخر لم تكمله بسبب ما حصل معها.. حاولت السيطرة على يدها عندما كانت تنزل عتبات السلم.. ولكن انزلقت الملفات من يدها عندما انتصف جسدها الدرج المؤدي الى الطابق الثاني.. فزفرت بحرارة.. وفي مخض الصدفة كانت الجدة قد وصلت الى الطابق بعد لحظة.. فقالت بدهشة " اه قمر.."
" اهلا جدتي.." ثم انحنت لترفع الملفات التي وقعت ولكن استوقفها صوت الجدة عندما قالت " دعي احدى الخادمات تجلبها لك.."
رفعت قمر جسدها المنحني وابتسمت لجدتها.. وما كادت الجدة ان تفتح صوتها لمناداة احدى الخدم الا وقد ظهر ذلك الشخص مصحوبا بصوته " انا ارفعها عن الارض.."
التفتت بعدم تصديق اليه وهو قادم من الممر المؤدي الى غرفتها... نظرت اليه قليلا وعندما اقترب منهم وجثى على ركبتيه سألته الجدة بنبرة استغربها " ماذا كنت تفعل في جهة غرفة الفتيات.."
نظر الى جدته ثم وقف " كنت اريد شيئا من ريم.. وكان بغرفتها بعد ان سألتها عنه.."
اومأت الجدة رأسها وقالت " حسنا.. ( ثم بشدة في نبرتها ) ان كان كذلك.."
قالت قمر بهدوء " شكرا لك.."
نظر اليها بطرف عينه ولم يرد عليها بشيء.. عدنا للبداية من جديد.. برود يلحقه برود.. وسموم مع عيون ثاقبة... حاولت ان لا تعر الامر اهتماما فهذا الاصح والافضل لها...
فتسائلت الجدة بعد صوبت نظرها ناحية قمر " ماذا تريدين بهذه الملفات ويدك مصابة."
" كمال طلبها.. هل السائق موجود؟!"
نفت الجدة برأسها " قد اعطيته اجازة لبقية اليوم.."
تنهدت قمر وقالت " حس..." ولكنها توقفت عندما قاطعتها جدتها قائلة " بامكانك الذهاب مع مجد.."
تفاجئت قمر منها ثم نظرت ناحية مجد كردة فعل منها..ولكن كانت تقاسيم وجهه يبدو عليها الانزعاج.. وكأنها هي من طلبت منه ان يتبرع بحملها..او ان يوصلها حيث تشاء...هو من قام بعرض المساعده هذه.. عادت برأسها الى جدتها ثم قالت " لا داعي لذلك.. دعيني لا ازعجه"
" يبدو انها ضروري لما كان يطلبها ان لم تكن كذلك.. هيا اذهبي يا ابنتي.."
نظرت اليه بطرف عينها ولم يبد عليه اي رضا او رفض.. لا تدري حقا هل لبروده نهاية ام ان بروده كلعبة الكترونيه يختم مستوى فينتقل الى مستوى اعلى واصعب... ابعدت انظارها عنه وتنهدت ثم قالت " اتصل بكمال واخبره.. يأتي الى هنا..."
ثم سمعت مجد يعترض على كلامها بصوت شديد يبدو عليه الغضب " لا بأس استطيع ايصالك حيث تريدين.."
ازدردت لعابها بحيرة " حقا لا داعي لاشغالك عن اعمالك.."
امال شفتيه بتهكم فشعرت بقليل من الحزن مع غضب سيطر عليها بسبب تصرفاتها ناحيتها فهو لم ولن يتغير.. نظرت الى جدتها التي تحدثت بنبرة حازمة " هيا يا قمر لا تلتهي.. يبدو انها مهمة حتى يتصل..."
اومأت رأسها بقلة حيلة فابتسمت الجدة ثم قالت الى مجد " اهتم بها جيدا.."
ثبت مجد نظره الى جدته التي تسير ناحية مخدعها غير مدرك للمعاني المخفية داخل حروفها.. ثم نظر الى قمر ورفع احدى حاجبيه لشرودها وقال لها بأدب عندما اقترب منها" ارجوك ان تسرعي قليلا.."
انتفضت من صوته القريب ثم اومأت راسها مسرعة الى غرفتها...

دائما جدتها تصر على امر ما وهي لا تستطيع قول لا لها... ماذا تفعل اذا؟؟ ما كان بامكانها الرفض أصلا هي ملفات مهمة ويجب ان يتم اكمالها بسرعة.. ارتدت حقيبتها ثم حذائها وبسرعة خرجت من المنزل لأن ذلك المخلوق الآتي من الفضاء ينتظرها..
وعندما وصلت حيث سيارته رأته يستند على السيارة ويبدو عليه البرود التام. وكأن ما حوله لا يعنيه تماما.. كيف ينجح بذلك؟؟ باظهار جليده أمامها وعدم اعارتها اي اهتمام.. عدم رفضه بالداخل ليس دليلا على ارادته الشخصية.. بل هو مثلها تماما لقد رضخ لأوامر جدته وكيف لا وقد بان الانزعاج على وجهه في الداخل..تنهدت وشعرت بانقباض معدتها بل جسدها بأكمله.. انها تتجنبه منذ يومين ولكن أبى القدر إلا ان تجلس معه ومنفردين أيضا.. فما عساها ان تفعل الا ان تتقبل وجوده بعد اليوم..
نظر اليها مطولا ثم ابتسم وتوجه حيث الباب الامامي وفتحه " في الامام لطفا.."
واصابته الحيرة بسهامها عندما قالت قمر بانزعاج " لقد حفظنا الدرس سابقا.. فأنت لست السائق الخاص بي.."
وشد على قبضته ثم اغلق الباب بهدوء....
وعندما اجتازت السيارة مسافة عن المنزل قالت قمر بهدوء وهي تنظر الى الامام " هلا تذهب الى مقر الدروس.."
نظر اليها وهو يقود ثم عاد بنظره الى الطريق وقال بعد ان زفر " حسنا.."

و عم الصمت الخارجي والذي ان اختفى ستشتعل النيران بينهما.. ولكن يكفيهما تلك النيران المخفية التي تنشب داخلهما... و تبددت الحرب الصامتة عندما اعلنت عجلات السيارة عن الوقوف.. فترجل مجد من السيارة ثم فتح لها بابها بعد ان اخرج الملفات من المقاعد الخلفيه..
قالت قمرعند نزولها دون النظر اليه كابحة الاضطراب الداخلي الذي حصل معها في الطريق " شكرا.. لقد اتعبتك معي.."
قال ببرود يتسلح به قلبه " انه واجبي.."

سارت متخبطة الفكر.. تستحوذها امواج بحر من أسلحته السابقة التي أغرقتها ألما داخليا لم تستطع ان تبرئ جراحها بعد... وامواج قادمة نحوها بعد عودته الفجائية


فهل ستكون هذه الامواج الآتية أقوى واعنف من الاوقات السابقة ؟؟







التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 07-01-17 الساعة 07:30 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-01-17, 07:32 PM   #33

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


\\

الفصل الثامن عشر




آنتِ ياصاحبةُ الشعر الطويل
وغصن الليمون الجميل
يا... صاحبة ُ العينين والهمس الأصيل
وبسمةُ شفتيكِ ورحيقها السليل
وآنتِ ياشجرة الليمون صفراء اللون وطعمكِ الجميل
حبيبتي
أتعلمين .....
وقوفكِ هنا اسعد الشجر وغارة منه أوراقهِ والثمر
وأغصانه وأعشاب الزهر
وأنا.....
انظر من بعيد مالها حدائق الحب
هنا.....
تنظر نظرة منبهر
أهي لي أم لحبيبتي
التي أشغلت في جمالها كل نسائم البحر وأوراد الشجر
بعينها
بهمسها
بوجنتيها
بعشقها
بشفتيها
بروحها
ببسمتها
بما خفي من جمالها لكي لا تعمي النظر
ولمستها التي منها
ذابت اغصان الشجر
واعطت من ثمارها اجمل ثمرات الشجر
حبيبتي
يا... صاحبة ُالشعر الطويل
ااصفك أنا آم اهمسُ لقلبي فقط كي لإيغار
مني القلم وفكري وليلي والسهر
ياصاحبةُ الشعر الطويل
)منقول)



يقال عن الحب انه فطرة.. يتولد في قلبك بطريقة لا تستطيع الخلاص والمناص منه.. هو كذلك، يأسرك في عالم جميل.. مليء بسحر نقي خالٍ من الشوائب.. ,لا تكترث لكل تلك العيوب الموجودة بالطرف الاخر... بل تصبح تلك العيوب هي شيء تعشقه بمن ملك قلبك!!
يتولد الحب من نظرة.. واحيانا من مجرد تصرف صغير!! يبتسم داخلك على جديد دخل الى عالمك.. ويحلق بسعادة كعصفور يطير باسطا جناحيه في السماء!!
كيف نحب! والسؤال الاصح لماذا نحب!! هل الحب غاية للعيش.. ام انه من وسائل العيش براحة وسعادة!! هل يمككنا تمييزه من بين الكم الهائل من المشاعر التي نشعر بها.. ام هو غير كذلك!!
وكيف يمتلأ القلب بتلك المشاعر المتضربة التي تأخذنا الى جزيرة الحب الخفية.. في وسط بحر الحياة المليئة بالناهبين.. والذين يتسلطون على الكنز الموجود في البقعة التي تنبض داخلك...
وهو لا يدري كيف امتلأ قلبه بحبها.. حب شيء طاهر فريد من نوعه..هل من تلك الابتسامة الملائكية.. ام من عيون امتلأت بسحر نقي.. ام بتمايل خصلات شعرها وهي تسير امامه.. فتترنح ناح اليمين وناح اليسار بخفة... كانت قد سرحت شعرها بارجاع بعض الخصل عن وجهها على هيئة ظفائر صغيرة الحجم على مستوى طول شعرها الذي ينساب بحرية حتى نهاية ظهرها...
تسير داخل المبنى الصغير بجسدها النحيل الصغير الذي يشك من ينظر اليها انها قاربت لعمر العشرين.. فكانت قصيرة القامة بالنسبة اليه.. رفيعة كقصب السكر..
{حقا ألا تشبه السكر هي..} هكذا تساءل في باطن نفسه مع شعاع حب ينطلق من فوهتيه الرصاصيتين المسلطتين على اطراف شعرها السفلية حيث تتلوى بطريقة جميلة مع كل حركة وهي تتقدم..
وقفت بحركة مفاجئة له بالقرب من احدى قاعات الرسم وهو شارد الذهن بجمال شعرها.. وكما اهتز كل جزء من اجزاء ليله الحالك الذي ينسدل بسلاسة حتى نهاية ظهرها.. اهتز قلبه من زلزال ناجم عن الكم الهائل من الشعور الذي تدفق داخله.. تسمر في مكانه وهو ينظر اليها عندما استادرت ناحيته وقالت بفمها الوردي:
" لا يبدو انه بالداخل.. حيث ان قاعة الرسم فارغة.."
اخرج نفسه من متاهة الحب التي وقع بها ثم تقدم ناحيتها بهدوء.. بينما هي ابعدت انظارها عنه ثم ازردت لعابها: " هل ننتظره في الحديقة الخارجية؟!"
اومأ رأسه " حسنا.."

وبعد ان جلسا تظلهما اوراق اغصان الشجر.. تقابلت اجسادهما وقلوبهما التي تصرخ بعنف... كل منهما يعيش اضطرابا داخليا ينشب فيهما.. ومن حولهما يجلس عدد قليل من الاشخاص متناثرين على المقاعد وعلى الارضية العشبية.. ظل الصمت القائم بينهما لمدة قليلة تطرق هي رأسها بين الفنية والاخرى عندما تلتقى عيونهما.. وهو يتمتع بهدوئها وسكونها المعتاد...
حك ذقنه التي طالت ثم بادر بالحديث كاسرا اشعة الصمت التي احاطت المكان" كيف تسير امورك هنا؟؟ اقصد هل كونت صداقات جديدة؟!"
رفعت رأسها اليه بغرابة ثم قالت: " اجل.."
ابتسم هو فانشرح صدرها امام ابتسامته تلك مع ذقنه التي تداخل فيها اللون البني المائل الى الاحمر قليلا مما يظن البعض انه قام بصبغها.. وعاد الصمت يسدل ستاره من جديد... تائهة هي بين حاله هذا وحاله القديم!! هل سيعود ويضرم الحرب بينهما ام سيكون الشخص اللطيف الذي لم تعهده ابدا!!
سمعته يقول بضجر " لقد تأخر استاذك هذا.."
" ممم، لا ادري.. اليوم هو موجود هنا في هذه الساعة وليس في الشركة.."
اومأ رأسه وبادلها الابتسامة.. قالت وهي تحاول تعديل جلستها
" لقد اخبرته اني قادمة الى هنا.."
استقامت شفتيه وقال باقتضاب ولم تخفى عليها نبرة التهكم
" تبدو علاقتك جيدة مع كمال.."
ولكنها قالت لتتخلص منه " انه من اصدقاء العائلة.. لا اظن انني اتجاوز الحدود من حديثي اليه..."
تنهد ونظر اليها مطولا.. بينما هي وقفت " بعد ان سمعت صوت صديقتها ليليان على مقربه منهما " سأتحدث مع الاصدقاء ريثما يأتي كمال.."
اومأ رأسه وارتاح في جلسته..فأخذت تنهض من مكانها بصعوبة.. ثم التفتت بعد ان وقفت وشاهدت ليليان تقف مع بعض الفتيات...

صرخت بفرح ريثما رأت قمر.. وسرعان ما تجهم وجهها وانتفضت تقاسيمه ذعرا.. فهبت اليها ومسكت يدها وبقلق قالت : "مذا حصل لك؟"
" لقد اصيبت...."
" بكل بساطة.. تقولين؟!" تحدثت ليليان باستنكار.. ثم تنهدت وودعت الفتيات اللواتي كانوا معها...
وقفت بعتاب بعد ان سارتا قليلا " لماذا اتصل بك ولا تجيبين!! لولا الفتيات اخبرنني انك هنا لما جئت الى الحديقة"
نظرت اليها قمر قليلا ثم قالت " لا يوجد شيء.. مجرد شيء بسيط.."
قالت ليليان بقلة صبر " حقا يوما ما ستقتلين الجميع بهدوئك هذا.."
ابتسمت قمر بحرج " حسنا.. هلا توقفت.. ثم اني اشتقت اليك.."
" حبك لي لن يغفر غبائك.."
" غبية؟"
اومأت ليليان رأسها بمرح " اجمل غبية.. ولكنني حقا قلقت كثيرا.."
امسكت قمر بكفها برفق " اقدر قلقك هذا.."
ليليان برجاء " ولكن في المرة المقبلة استخدمي هاتفك ارجوك.."
اومأت قمر رأسها ثم قالت " ما هي اخبارك؟؟ كيف هو الوسط هنا.."
" لقد اشتقت اليك.. اضطررت لمجالسة بعض الفتيات.."
" وانا اشتقت الى الرسم ايضا.."
" ايتها الماكرة.. ليس لي؟!" ثم ثنت شفتيها بحزن مصطنع وما لبثت ان اتسعت عيانها للهجوم عليها بالاسئلة فتساءلت ليليان وهي تشير بعيونها البنية الى مجد " من هذا الذي معك؟!"
التفتت قمر بنصف جسدها حيث هو يجلس مخرجا احدى سجائره اللعينة ينفث دخانها الاسود ثم عادت الى ليليان وقالت بحزن" انه ابن عمي، شقيق ريم"
اومأت ليليان رأسها متداركة غيمة الحزن التي امطرت على وجه قمر... فقد علمت من بعض احاديثها انها يتيمة الام.. تعيش في منزل جدها يحيط بها الاسى والحزن.. وضعت يدها اسفل ذقنها وكأنها تفكر لتغير حال قمر الحزين حيث شردت بابن عمها بنظرات حزينة ومشاعر متحطمة متكسرة.." لا ادري حقا هل عائلتكم تنجب العسل؟!"
عادت قمر بوجهها ناحيتها وابتسمت نصف ابتسامة ثم قالت "ربما ذلك.."
اومأت ليليان رأسها بنظره من اسفل قمر الى اعلاها ثم قالت " غرور.."
وبعد ان لاحظت توجه كمال الى مجد قالت الى قمر " ها قد وصل كمال.. يعني الاستاذ كمال.."
" حسنا اتحدث اليك فيما بعد.. يجب ان اذهب اليهما.. فهناك بعض الامور التي يجب ان اعير كمال الانتباه لها.."
قالت ليليان وهي تذهب " لا داعي للتبرير.. هيا الى اللقاء.."
ودعتها قمر.. ثم استدارت حتى تعود اليهم..

كان كمال قد جلس في احد الكراسي المقابله لجهة جلوس مجد.. تحدثا قليلا.. وانظار مجد تسترق النظر بخفة على ياسمينة قلبه البيضاء...
سأله كمال " هل ستطيل مكوثك هنا؟!"
وبنظرة غامضة صوبها نحو قمر وكأنه يفكر بشيء خفي في خلجه..و عندما جلست قال بنبرة شديدة بعض الشيء " بناء على الاوضاع.."
ثم التفت كمال لها بابتسامة فبادلته الابتسامة بتوتر امام انظار مجد المستكنرة..
تحدث كمال " واخيرا جاءت بياض الثلج.. ما اخبارك؟!"
" بخير.. وانت؟!"
" بأفضل حال... وكيف هي يدك.."
ازدردت لعابها ثم قالت " بخير.." صمتت قليلا ثم قالت مبعدة انظارها عن مجد " لقد احضرنا الملفات.."
وضع مجد الملفات على المائدة امامهما.. ابعد نظره عنها ثم قال " انا في القرب من هنا.."
اومأت رأسها مع ابتعاده.. ثم قال كمال " لا اظن انك اتممتهم.."
نفت برأسها وبالها مشغول بتلك الكتلة الصخرية التي ابتعدت عنهما..

************

سحابه الحب؟؟
كيف تمطر عشقاً وكيف تصيبنا بنزلة بردِ الحب هذه!!
كيف يمتلأ القلب بعواصف هوجاء.. تزهر بعد ذلك ربيعا مختلفاً؟؟
كيف تنتقل مياه الحب تلك الى ذلك القلب ليمتلأ هو ايضا بأعاصير الحب والعشق.. ومن ثم ينتقل هذا الحب ليجري مجراه في الدم حتى يصل الى جميع انسجه وخلايا الجسد..
فيصبح الجسد هو سجنا لمن نحب !!

" إنه كذلك.." قالتها بابتسامة حب موجهة نظرها لمن سجنته في قلبها.. رائد ومن غيره التي حفظت حركاته وصفاته.. ولو انه اخدى دروسه بالجامعه لما كانت فهمته من اصغر تصرف له... كان الحديث القائم بين جيداء وريم يدور عن رائد بشكل رئيسي..
غمزتها جيداء ثم قالت "يبدو انك حفظتِ رائد.."
" ولم لا.. أليس حبيبي؟!" ريم بثقه
قالت جيداء بتصنع " ما قلة الأدب هذه؟!" ثم هزت رأسها بعدم تصديق
فغرت ريم فاها ثم قالت " من يسمع كلامك يظن انني قمت بأمر مريب"
وضع رائد ما بيده من أوراق على المنضدة ثم قال لهم بانزعاج " كفاكم حديثا (ثم اشاربعيونه نحو شقيقته الصغرى..) لا تتحدثو هكذا أمامها.."
نهضت جيداء وقالت قبل ان تضع كؤوس الشاي في صينيه خشبيه " قل لريم هذا.. وليس لي.."
نظرت اليها ريم بعدم تصديق ثم نظرت ببراءه الى رائد.. وقالت " وما ذنبي انا.."
ابتسم لها رائد ثم نهض من مكانه وجلس بجانبها.. قال بصوت اقرب للهمس "ذنبك انك حمقاء.."
فتحت عيونها " ظننت انك ستتغزل بي.."
خرجت ضحكه عفويه من.رائد وقال " حقا حمقاء.."
" اشكرك من اعماق قلبي.." ثم ابعدت وجهها عنه بتعابير حزن متصنعه..
عقد ساعديه امام صدره وكأنه يتصنع الجدية " ماذا سنفعل الان لاسعاد الملكة ريم.."
امالت شفتيها وكانها تفكر ثم استدارت بوجهها اليه " قل لي كلمات جميلة.."
نظر اليها بعدم تصديق ثم قال " ما من حيلة للمناص من مراهقتك المتأخرة هذه.."
" ولكن حقا يا رائد انت تظلمني بكلامك هذا.."
" اجل اجل.." وهو يومئ رأسه بسخرية
نهضت من مكانها بضجر وقالت " ساذهب لأساعد جيداء.."
ثم تبعتها ضحكة رائد حتى دخلت المطبخ وهي ترى جيداء تغسل الأواني والكؤوس.. توجهت حتى تقف بجانبها واستندت بجسدها على حجر الجرانيت..
نظرت اليها جيداء فتسائلت " ما بك لا تبدين على ما يرام كثيرا؟!"
تنهدت ريم ثم قالت " لا ادري ماذا اقول لك!!"
اغلقت جيداء صنبور المياه.. ثم التفتت الى ريم بقلق " ماذا هناك اخبريني!!"
زمت ريم شفتيها ثم قالت " هناك ما يشغل بالي مطولا.."
" وما هو.. هل يتعلق برائد؟؟!"
" اجل.." قالتها ريم واكدت بايماء راسها ثم زفرت بحرارة
" اجل تحدثي؟"
" كل ما في الامر انه.." صمتت وهي لا تدري ما تقول.. هل حقا كما قال لها رامي اول خطة ستخطوها عي مساعدة جيداء بالامر... نفضت رأسها عندما لامست يد جيداء مرفقها فانتصبت بذعر... نظرت الى جيداء وكانت تعابير وجهها تحثها على متابعة حديثها.. ازدردت لعابها ولبست ثياب المجازفة ثم قالت " اريد مساعدتك.." اومأت جيداء برأسها فاكملت ريم بتوجس " في اقناع رائد بفتح دعوى قضائية؟"
نظرت اليها جيداء مطولا دون حديث... مما اشعر ريم بالارتياب قليلا ولكنها قالت " هنالك شعور بداخلي يقول انه وقع حيلة لعمه.. كما ان رامي يقول لا بد في الامر من ملعوب"
تنهدت جيداء وقالت " لا فائدة من هذا الكلام.. اذا كان هناك ملعوب يجب اثباته.." ثم تحدثت داخل نفسها بقهر " ولا بد انه تم اخفاء الوثائق.."
قالت ريم بأمل " لا بد من وجود دليل ما.. ويجب ايجاده.."
" ما من دليل يجب ايجاده..".. انطلق ذلك الصوت من خلفهما.. فنظرت جيداء الى رائد الذي يقف عاقدا حاجبيه بانزعاج.. بينما التفتت ريم بصدمة من جملته تلك.. وشعرت بقليل من الحيرة ممزوجة بخوف من تقاسيم وجهه... تقدم منهما رائد بهدوء شديد يخفي ما بداخله وقال بهدوء موجها حديثه الى ريم بقسوة لم تعهدها " لا اريد ان اسمع حديثا كهذا من خلفي.."
ازدردت ريم لعابها وشعرت بمراره تمتد في حلقها " ولكن يا.."
قاطعها رائد بأن قال " جيداء اخرجي.."
اومأت جيداء رأسها بقلة حيلة ثم خرجت.. بينما عيون ريم بقت متسمرة.. لا تستطيع فهم المجريات التي حدثت قبل قليل.. دخول رائد بهذا الغضب وقسوته في الحديث.. وما استفاقت الى على يد رائد وهي تسحبها بهدوء حتى جلسا على مقاعد المائدة.. وبعد ان تنهد اخذت يده طريقها الى وجه ريم فامسكه برفق وجعله يستدير اليه...
" انا لم اقصد فعل شيء من خلفك.." قالتها ريم بمراره ووجهت اليه رصاصات عتاب من عيونها فانغرست في قلبه بشكل مؤلم..
" اعلم ذلك..."
اكملت ريم " لا اعلم سبب غضبك هذا.. ولكن لم تكن لي نية سيئة فقط انا.."
قاطع كلامها " متأسف لأجل ذلك.."
" لماذا ترفض قل لي..؟!"
زفر بحرارة ثم قال " لنقل انه لي اسباب خاصة لذلك.."
امالت ريم شفتها بضيق " ولكن يا رائد.."
قاطعها رائد مرة اخرى وقال " انظري الي يا ريم.. حقا اقدر مشاعرك وتصرفاتك معي وهذا سببا كافيا لجعلي اتمسك بك.. اقدر خوفك علي واقدر كل شيء تفعلينه لأجلي.."
امالت راسها بابتسامة " اذا لماذا غضبت؟؟"
ابتسم لها بحب ثم امسك يدها برفق " لم ارد ان اغضب عليك.. اعتذر عن ذلك.."
اشرقت ابتسامة خفيفة على وجهها.. ثم اخذ بؤبؤ عيونها يتحرك في بياضها بحركة استنتج منها رائد بأنها لن ترتاح حتى تخرج ما بجعبتها من حديث اطلق ضحكة خفيفة جدا تبعها صوته " قولي ما تريدين"
" ولن تغضب.."
هز رأسه نفيا " لا لن اغضب منك"
" انظر الي الان.. انت تقريبا قلت لي قصتك.." اومأ رائد رأسه وهو يعلم ما نهاية هذا الحديث.. استرسلت ريم " كنت اود فقط ان تتمسك بحقك... اريد ان تسعى لاجله وتحافظ على عائلتك... لقد اصبحت شابا ومع الوقت شقيقتك تكبر لا تستطيع الالمام بحاجياتها.."
" اني اعمل الان وعملي ممتاز.. وكل هذا بمساعدتك والفضل لجدتك ايضا... ولكن الان انا ممتن من حالي هذا وبالنسبة الى امر عمي انني لا اريد فقط هذا كل ما اقوله.."
حاولت قول شيء ولكن عيون رائد وتحذيره اوقفها فاستسلمت للامر واستكانت.. ثم قالت بيأس " حسنا حسنا.."
ابتسم لها ثم قال جملته الاخيرة قبل خروجهما مبتسمين نحو الصالة..
" ربما في يم من الايام سنذهب الى المحكمة سويا تكونين انت برفقتي ونشهد دخول عمي السجن ان كان نصبا واحتيالا.."


// هل ذلك الحب الذي صادفنا في الطريق.. واحط بجناحيه على قلبنا.. ثم انزوى بإحدى زواياه شيء جميل!! ام نحن في وسط ضالته نرى كل شيء وردي اللون //


تنهد بنفاذ صبر بعد ان انهى سيجارته للتو وسحقها تحت قدميه.. كان قد ابتعد عنهما وجلس على مقربه منهما في حين لا تستطيع هي لمحه.. فقد شعر وكأنه شيء اضافي بينهما.. مهمشا ككتاب وضع على الرف بعد الانتهاء من قراءته.. ولن يستطيع تمالك نفسه امامهما.. كان الحريق قد اندلع داخله وانتشرت نيرانه ومع دخانه الذي كان ينفثه انتشر اكثر فاكثر داخله حتى اصبح كالحمم البركانية...جالساً بقطعة قلبه المحروقة ينظر الى معذبته تتبادل الحديث مع كمال.. وربما ابتسامتها الجميلة ترتسم على محياها وهذا ما يغيظه ويعذبه..ولكنه لا يدرك انها كانت تائهة فبعد اختفائه وحين يستغرق كمال بالنظر الى الملف ومراجعته.. تضع يدها على صدرها وتشعر بغرابة تسير في جسدها،، فماذا فعلت حتى يذهب هكذا!! فمنذ ذهابه تحاول البحث عنه ولكنها لا تجده الا مستقرا في ذلك القلب الذي ينبض..
" هذا جيد.."
نظرت الى كمال بهدوء فاكمل هو بعد ان اغلق الملف ثم استدار بجسده ناحيتها " سيقومون بالشركة اكماله.. شكرا لك.."
اومأت راسها بهدوء " انه واجبي.. ولكن هذا ما استطعت فعله.."
" لا بأس.." ثم بابتسامة ولكن " عليك العودة باسرع ما يمكن.."
نظرت الى يدها وقالت بيأس " حتى تشفى.. احتاج لاسبوع.." و ازدردت لعابها عندما ظهر ذلك الجسد الصخري امامهما فنظرت اليه شوقا للدقائق التي مرت ولمحت ذلك الرخام قد تشكل به وجهه وهو يقول " اذا انتهى العمل.. علينا المغادرة.."

وبعد ان ركبا السياره وانطلق هو متجهما عابس الوجه يدور في ذهنه الكثير من الكلام ليقوله لها.. ولكنه لا يستطيع!! فعند رؤيتها تتبخر الكلمات من بحر حبه ولا يبقى الا تلك المشاعر التي لا يستطيع قذفها من براكين عشقه وكأن لسانه يرتبط بحبل يخنقه ويمنعه من التنفس... اما هي فشاردة الذهن منذ ان اسندت رأسها على الكرسي تبحر في عالم لا يدري من حولها ماذا يحوي.. وكل ما يدل عليه هو السكون والهدوء والقليل من ذلك الحزن الذي يغيم على وجهها.. وهو كل تفكيره انه يود هو ان يعتذر لها عما سبق من افعال واقوال سبب لها الحزن في وقتها ولكنه لا يجرؤ فأي مبرر سيقوله لها وسيختلقه.. فهو لا يدري حقا ماذا يقول!! ام الافضل ان يكتفي بالصمت والتعامل معها جيدا وعدم اذيتها!!! ولكن ما السبيل لتعبئة الفجوة بينهما!!

كان قد قطع بالسيارة مسافة ليست بطويلة والصمت سيد الموقف نظر اليها نظره جانبية وهو يقود فرآها مسترخيه على المقعد ويبدو عليها الهدوء والسكينة عاقدة حاجبيها كأنها تفكر في شيء ما..
تسائل لعلها تخرج من قوقعتها تلك " ماذا بك؟!"
جفلت لفجأة فكانت قد ذهبت الى عالم بعيد.. وبصوته عادت الى الواقع..
هزت رأسها نفيا " لا شيء.."
" ولكن لا يبدو عليك ان لا شيء بك.. ان كنت تحتاجين لشيء اخبريني.."
تنهدت ثم قالت ببرود " الذي احتاجه انت لا تستطيع منحه اياي.." ثم وجههت بصرها الى النافذة من جديد.. بينما هو عقد حاجبيه استغرابا من جملتها ولم يفهم ما تخفيه من ألم... وكعادته شد بقبضتيه على المقود...

يتبع..




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-01-17, 07:34 PM   #34

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

وبينما كانا على مسافة قريبة جدا من المنزل.. اقتحم رنين هاتفه السيارة فاخذه مجد بضجر ثم اجاب عليه بعد ان نظر الى الشاشة وابتسم بغموض.. وعندما التفتت قمر ناحيته بعد ان طال رنين هاتفه شاهدته يبتسم.. ثم مالبثت ان شعرت بوقوف السيارة على جانبي الطريق فشعرت بالغرابة.. ربما هو اتصال مهم... ولكن ما شانها.. فصوبت نظرها الى الامام لا تعير الامر اهتماما...
وبعدها اجاب مجد بصوت حيوي لم تخفى نبرته على قمر..
" اهلا..،،،، أجل أجل.." صمت قليلا و وضع يده على رأسه بعد ادراكه لوجود قمر.. ثم قال " لا يمكن الان.. امر عليكِ في اخر النهار فأنا مشغول.. وهناك بعض الاحمال الثقيلة...."

وبدون سابق انذار انقبض صدرها وكلماته تتردد في عقلها بل بالسيارة باكملها "احمال ثقيلة؟؟!" وشعرت بغيظ حانق كأنه يطحنها ويحولها الا فتات..
كيف ولماذا !!
هل هي حقا بنظره عبء.. وشيء ثقيل !! هل هي ذلك الشيء النكرة الذي لا يستطيع الا وصفها الا بذلك؟؟ لم هو بالذات يعاملني بتلك المعاملة!! وكأنني شيء دخل عنوة ودمر حياته!! وكأنه بذلك ينتقم منها بأذيتها... تمالكت نفسها ودفنت تلك المشاعر القاتلة وخباتها حتى لا تظهر على وجهها وابعدت نظرها الى النافذة بعد ان اغلق هاتفه وارتسمت الابتسامة على وجهه بشكل اكبر غير مدرك لما حصل لقمر... فهل كان يقصد!!
وهو لن يتغير معها!! كل تفكيرها بحجم اللامبالاة حين قال كلمته تلك!! ألن يفكر حقا بمشاعرها!! أهي جماد بنظره!! شيء لا يشعر!!! توقفت عن تفكيرها ذاك المليئة بالخيبة التي تسربت لها فكان املها ان يتغير معها لو قليلا فقط.. ولكنه لم ولن يتغير ابدا!!
نظرت واذا بالسيارة متوقفة على البوابة الخارجية للمنزل.. امسكت قمر حقيبتها واستعدت للنزول.. ولكنها عضت على شفتيها عندما تحدث " اعذريني لن استطيع ادخالك الى الداخل.. سامر الى مكان ما.."
لم تتفوه بشيء ثم ترجلت من السيارة بانكسار لا يدرك هو معالم وجهها بعد نزولها و شعر بضيق من عدم ردها.. لماذا تتجاهله هكذا!! تنهد فإلى متى سيبقى هذا حالهما!! تلك الفجوة متى ستمتلأ!! وكيف يمكنه اصلاح الامر بينهما!!! زفر مع ادخال يده في خصلات شعره ثم انطلق بسيارته يعدو بعيدا عنها... وبعد ان سمعت بذهابه التفتت لترى طيفه بانكسار واختناق كبير بدأ يغزو داخلها.. ثم عادت للالتفات والسير نحو المنزل.. ودخلته بمرارة وتساؤلات تسيطر عليها!! لماذا تتأثر بكلماته هكذا!! عليها فقط ان تقاوم كلماته ولكن كيف!! فكلماته تشعرها حقا كأنها الدخيلة لهذا المنزل!! يذكرها بأنها تلك الفتاة اليتيمة التي تركت من قبل والدها!!
وضعت حقيبتها على الاريكة القريبة من الباب الرئيسي بلا مبالاه.. وسارت نحو الصالة عندما شعرت بحركة احدهم داخلها فربما ريم قد اتت وتروح عن نفسها قليلا وتخرج من ضائقتها تلك.. دخلت بهدوء شديد وكانت ريم تبحث في احدى الرفوف عن شيء وظهرها مقابل وجهها..
" اجل اجل.. لقد عدت قبل قليل.."
كانت تتحدث على الهاتف مع احدهم.. فجلست قمر على اريكة من الجلد واسندت رأسها على يدها الغير مصابة.. أكملت ريم قائلة " اخبرك فيما بعد.. ولكن هل علمت سبب عودة مجد؟!"
امعنت قمر السمع الى ريم باهتمام واعتدلت بجلستها بشكل مفاجئ.. ولكن عندما تفوهت ريم ب " انها سالي من اقنعته.."
سالي!! وكأنها سيف حاد اخترقها فعادت قمر الى سابق جلستها واسندت نفسها على الاريكة بضعف.. وكأن منزلا تهدم فوق رأسها وخرجت لتوها من تحت الانقاض. انه الاسم يتكرر من جديد.. ولا بد انها تلك الفتاة التي كان يحدثها مجد بالسيارة.. شعرت بالوهن من تحطم قلبها وكل ذراتها...
وعندما اغلقت ريم الهاتف واخرجت ما تريده من الرف.. التفت بجسدها فرأت قمر تجلس مقيمة الحداد.. مغلقة عيونها بألم.. فتنهدت وتوجهت اليها..
جلست بجانبها وقالت " قمر ما بك من جديد!!"
فتحت قمر عيونها ببطئ ثم نظرت الى ريم " لا شيء.."
" وانا سأصدق هذا أليس كذلك؟؟" قالتها ريم باستنكار
هزت قمر كتفيها بلا مبالاة بعد ان اعتدلت في جلستها..
" هنالك شيء هيا اخبريني به.."
تصنعت قمر الابتسامة " لا شيء.."
" لا تنطلي عليّ هذه الابتسامة.. كنتِ مع مجد اليوم كما اخبرتني جدتي.." وهنا اصابت ريم قمر باسم مجد في قلبها فاستقامت شفتيها وتجهم وجهها وشعرت بمرارة تسري في دمها... تحدثت ريم " ماذا حصل!! هل أساء لك من جديد.."
خرج صوت قمر مختنقا " لقد قال عني حمل ثقيل.."
" كيف؟؟" ريم باستغراب.. ثم نفت برأسها " لا اصدق ذلك.. اخبريني بالتفصيل.."
" جاءه اتصال ما... واجاب...." وقصت عليها قمر ما حدث ثم قالت بصوت باكي " ماذا فعلت لألقى منه هذا السوء.."
" انظري لي يا قمر.. اظن انك فهمته بشكل خاطئ.. صدقيني.."
نفت قمر برأسها "لقد قلت لك ما حدث.. ماذا يقصد غيري انا.."
" قمر عزيزتي.. صدقيني انه لا يقصدك.." قالتها ريم بتأكيد
" ماذا يقصد اذا؟!" قالتها قمر بصوت غلبه الاختناق.. ثم اكملت بحزن " هل سيعود كالسابق يبث بسمومه علي من جديد.."
تنهدت ريم بقلة حيلة " قمر اهدأي.."
تحدثت قمر بانكسار " ماذا فعلت له،، ماذا؟!"
ريم في نفسها ( لقد استقريتِ في موضعٍ.. يظن هو بافعاله تلك انه سيخرجك منه..).. ثم وجهت حديثها الى قمر" ان جدتي هنا.. دعينا لا نريها الا بسمتك.. انت تعلمين مقدرا الحزن الذي يستوطن جدتي عندما تراكِ هكذا.. وصدقيني ان مجد لم يكن يقصدك.."
اومأت قمر رأسها باستكانه بالتأكيد ان ريم تدافع عنه لانه شقيقها ليس غير هذا...
ريم بابتسامة " ما رأيك ان تبدلي ثيابك.. وتحاولين الاسترخاء حتى المساء!!"
اومأت قمر رأسها " حسنا،، ولكن هي يوجد شيء مساء اليوم؟!"
نفت ريم برأسها ثم اخذت ذلك القرص من جانبها وهزته امام قمر " فقط سنشاهد فيلما!!"
" حسنا.."
" اذا نعد بعض الفشار ونسهر في غرفتي ما رأيك بذلك؟!"
ابتسمت قمر لها ابتسامة فهمت ريم مقصدها... فبادلتها هي الاخرى ابتسامة بنقاء قلبها الصافي يجعل من يراها يحبها ويحبها ولا يسأم من مصاحبتها..
وبعد خروج قمر من الصالة تنهدت ريم بتعب.. فما الذي يسعى مجد لفعله من جديد بعد عودته الفجائية هذه.. ألم يعدها بان لا يتعرض لقمر بسوء او اسمعاها بعض الكلام... نهضت من على الاريكة وتوجهت حيث وضعت هاتفها.. عبثت به قليلا بأناملها ومن بعد ذلك وضعته على اذنها تسمع رنين متتالٍ الى ان قالت بشبه صراخ " أين أنت؟!"
وعلى الطرف الاخر اجاب بنبرة يغلفها ورق الغرابة " ماذا بك؟؟!"
" بحق السماء ماذا تحدثنا يا مجد؟! ألم نتفق على عدم ايذاء قمر بالكلام؟!"
سمعته يقول " وانا نفذت هذا الشيء.."
عقدت حاجبيها " اذا؟؟ كيف فهمت قمر!!" ثم تنهدت وجلست على الاريكة وسألته " ما كنت تقصدها عندما قلت اعباء ثقيلة؟؟"
" وهل هذا ما فهمته من قولي هذا!!" قالها ثم ضرب على المقود
" ماذا كنت تقصد اذا؟! الفتاة اهلكت نفسها من الحزن.. فقد اعتادت.."
قاطعا " كنت اقصد الصناديق التي بالسيارة" ثم سمعته يطلق تنهيدة لم تفهم معناها هل تعبر عن الغضب ام شيء اخر .. وبعد تفكير قالت " اذا انت اصلح الامر لانها لم تقتنع مني.."
ثم اغلقت الهاتف بعد جملتها مباشرة...


************


نظر لؤي الى الملفات مرة اخرى بتهالك وتعب.. ثم وجه بصره نحو ساعة معصمه وكانت تشير الى الثامنة تماما... تنهد ثم استرخى على كرسي مكتبه ومن بعدها اغلق عينيه شاعرا بصداع خفيف في رأسه.. تراكمت الاعمال عليه من جديد.. حسابات وتدقيق.. وامور بدء شراكة جديدة يحاول جاهدة فعل التدابير اللازمة كما قال له مديره السيد مراد... سمع طرقات خفيفة على الباب فتح عينية واذا بياسمين قد اقبلت جالبة معها فنجاني قهوة.. ابتسم لها وقال " ادخلي.."
" اما ان لنا بالخروج من هنا.. انك تعمل كثيرا يا اخي.."
تنهد ثم قال " ما باليد من حيلة.."
لوت فمها بضيق " ولكنه لا يأبه بك انظر للاعمال التي وكلت اليك.. انك حتى لا تهتم بالعائلة كما يجب.."
" وماذا عساي ان افعل.. امور الماضي جعلتني مقيد باوامره.." ثم وضع راحته على وجهه بتعب
" الندم لا يفيد الان.."
اومأ لؤي رأسه " اعلم انه لا يفيد.. ولكن هذا ما حصل.."
" هيا اشرب قهوتك لتستريح ثم من بعدها نذهب الى المنزل ونعمل هناك.. ولكل ضائقة مخرج"
تسائل بقلق " هل ما زالت هي بالخارج؟!"
قالت ياسمين بأسف " اجل.. تحدثت معها اليوم قليلا.. دعها على راحتها"
ارتشف قليلا من القهوة المرة ثم قال " لا ادري يا ياسمين.. انتي الوحيدة التي تستمع اليك.."
ابتسمت له " انت تحبها "
" عاشت معي طوال هذه السنوات فكيف لا احبها.. و وجودها بجانبي يطمئنني "
" دعها تقضي ليلتها عند اصدقائها.. في وقت لاحق تحلون المسألة التي بينكم.."
زفر بحرارة وهو ينهض " لن تحل.. ولا اظن انها يوما ستنتهي المشاكل،، هيا لنذهب الى المنزل"
نهضت من مكانها ثم توجها خارج المكتب.. لينتقلا بعدها الى السيارة في موقف الشركة.. ثم يسيرا في شوارع المدينة..

********

اجتمع جميعهم حول ما لذ وطاب من الطعام.. تجلس العائلة الجميلة في حديقتهم يأكلون بهدوء شديد يتبادل بعضهم الاحاديث الجانبية وبعضهم يتبادل النظرات الجانبية بسرية وخفيه.. وقد اعتذر عن طعام العشاء كل من الجد ووالد مجد.. فكانت الجدة تترأس المائدة لأنها الاكبر سنا في الموجودين.. ومن جانبها جلست والدة ريم تأكل بهدوء شديد وكأنها لوحدها... ريم كعادتها تتشاكس مع رامي على كل شيء وعلى اتفه الاسباب.. واما الثنائي الاخر صامتان كل منهما يخفي ما بداخله ولا يعبر عنه...
رفعت والدة ريم رأسها ووجهتها ناحية ابنتها ثم قالت " ريم.."
نظرت ريم ناحية والدتها بينما انشغل الجميع بطعامه بدون اهمية لما يحدث..
قالت ريم " ماذا هناك يا امي؟!"
" هنالك حفل اود حضوره غدا.. جميع صديقاتك موجودات.."
ازدردت ريم لعابها وقالت بامتعاض لم تظهره " حقا.." ثم قالت بأسف " ولكننا يا امي سنذهب غدا الى التلة؟!"
نظر اليها كل من رامي ومجد وايضا شاركتهم قمر بتلك النظرة المندهشة.. فركلت ريم قدمها الى رامي فأومأ رأسه متداركا الامر " اجل لقد اتفقنا.."
تسائلت الجدة بشك " متى قررتم هذا الامر؟!"
اجابت ريم " في الصباح.. تحدثت مع رامي.."
رفع مجد احدى حاجبيه بتهكم ثم قال " ولماذا ليس لنا علم بذلك.."
جحدته ريم ثم قالت " كنا سنعلمكم الليلة.." ثم التفت حتى تنظر ناحية قمر " ما رأيك هل تذهبين؟!"
نظر اليها مجد باهتمام وابتسم عندما قالت " لا يوجد ما افعله اذهب.."
تنهدت ريم براحة ثم قالت " هذا جيد.. وانت يا مجد؟!"
اومأ رأسه ببرود " لم لا.. يكون تغيير وترويح عن النفس قليلا.."
نهضت والده ريم من مكانها وقالت " العافية لكم.."
وفور ابتعادها استدار رامي ناحيتها وقال " لولا انني ذكي فقط.."
" فقط اصمت انت.. فعلت هذا كي لا اذهب.."
ابتسمت الجدة وقالت " الا يعد هذا كذبا..؟!"
نفت برأسها وهي تدخل الطعام في فمها.. وبعد ان ابتلعته قالت " لا سنذهب.. لفقت كذبة وسأنفذها بعد التدريب.."
" كما امرتِ انسة ريم.. كأنه لا يوجد شيء عند المرء وسيذهب طوعا لامرك وتنفيذا لكذبتك" قالها مجد بغيظ..
نظرت اليه قمر وتذكرت ما حصل اليوم.. لا بد انه منشغل بتلك الفتاة التي حدثها اليوم.. اطرقت رأسها حتى تأكل بهدوء.. بينما قالت الجدة " ان كان عندك مخططات وامور مهمة لا تذهب.."
تأففت ريم ثم قالت " يأتي الغد بتفاصيله.. دعونها لا نشغل بالنا به.."
" ان لم تنجح خطة ذهابنا تلفق ريم شيئا اخر.." قالها رامي ثم ارتشف القليل من الماء
نظرت اليه ريم بمعنى حقا؟؟.. ثم قالت الجدة بانزعاج " كفاكم حديثا.. ليس من الادب ان تتحادثا هكذا على الطعام؟!" ثم وجهت سؤالها الى قمر " اه عزيزتي قمر.. (رفعت قمر رأسها ناحية جدها عندما سمعت اسمها وابتسمت لها،، اكملت الجدة) متى ستزيلين هذه عن يدك؟!"
وقبل ان تنطق تدخل مجد " بعد اسبوع من اليوم.."
اومأت قمر رأسها بهدوء فابتسمت الجدة وقالت " بالشفاء..."
بادلتها قمر ابتسامة جميلة ثم عادت للنظر في وعائها والعبث في محتوياته...
وبعد ان نهضت الجدة عن الطعام.. اقترب رامي من ريم " ماذا يحصل بينهما من جديد!!"
همست ريم " شلال من الجليد قد تصلب ويحاول الذوبان ولكن لا اظن انه سينجح "
اومأ رامي رأسه ثم قال في نفسه " لا بد للشمس التي في قلب قمر ان تذيب كل ما فيه.."
" ان لم نستطع الذهاب غدا.. نذهب بعد اسبوع.. ما رأيكم!!" قالتها ريم بعد وضعت كوب الشاي من يدها... وبرغم شرود قمر الى ان جملة ريم قد دخلت الى ظلام باطنها الذي غرقت به فنظرت اليها بمعنى لا فرق بالنسبة اليها...
" لماذا؟!" تسائل رامي بينما كان مجد صامت لا يشارك بأي شيء ينظر الى قمر بغموض شديد..
" لان رائد مشغول غدا.."
رفع رامي احدى حاجبيه " وان لم يكن رائد ماذا سيحصل!!"
ابتسمت قمر ثم قالت لرامي " لانه لا يمكن.. تفقد نصف عقلها بدونه.."
" هل تسخرون مني الان.."
ابتسمت قمر بخفة ثم قالت " كنت امازحك ليس الا.."
اشار اليها رامي بيده بأن قبض اصابعه عدا الابهام دليلا على كلمة (احسنت..)
" من شدة مجالستك لهذا خفيف الظل الذي بجانبي اصبحتي توامه.."
تحدث رامي " انها اجمل توأم.."
اعتلى وجه قمر ابتسامة جميلة في وجه رامي... بينما حاول مجد عدم الاكتراث لما قاله رامي.. فبعد مواجهة رامي بأن مشاعره ليست الا اخوية.. اطمأن من ناحيته ولكن من ناحية قمر فلا يدري..
نهض من مكانه ببرود شديد ولم يتفوه بأي شيء.. وانظار ثلاثتهم عليه تعلوها الغرابة والاستفهام من تصرفه هذا..
****************

صرخ بوجهها قائلا " كيف تفعلين هذا؟َ!"
ارتجفت اوصالها ثم قالت برعب " انا.. فقط..."
قاطعها مزمجرا بوجهها كأسد سوف ينقض على فريسته " كفاكِ.. ألا تدركين ان بابتسامتك تصبحين اجمل من القمر..." ثم صرخ بعد ان ابتعد قليلا " لا تبتسمي في وجه احد.. ففكل ما فيكِ ملكي انا هل فهمتي؟؟!"
وبعد صراخه هذا اومأت رأسها باضراب شديد تحلق في قلبها فراشات وعصافير تزقزق باسم الحب...



" ألا تكفين عن مشاهدة مثل هذه التفاهات يا شقيقتيي؟!"
تمالكت ريم اعصابها ثم اوقفت الفيديو بجهاز التحكم الخاص بالتلفاز.. ونظرت اليه بحنق " ماذا تريد!!"
جلس في العتمة التي تجلس بها وقال " لا شيء.."
" اذا دعني اشاهد براحتي!!"
حك ذقنه ثم قال " أين هي!!"
تأففت ووضعت الفشار جانبا " ابحث عنها ان كنت تريدها.."
رمقها تصرفها ذاك فقالت " حسنا لا تغضب.. انها في المطبخ تحضر بعض الكعك.."
اومأ رأسه ثم قال " أريدك بشيء قبل ان تأتي.."
تنهدت ريم " اجل انا اسمعك!!"

..............
......
...
.
عشر دقائق تقريبا.. وهي تضع قطع الكعك في سلة من القش حتى تستطيع حملها ولا يقع ارضا ويصبح فتاتا بسبب يدها المصابة.... مشاهدتها للفيلم كانت فكرة جيدة حتى تخرج من ضجيج عقلها وتفكيرها الملازم به.. تنهدت ثم حملت سلة القش تلك وتوجهت ناحية الصالة حيث كانت هي وريم تشاهد الفيلم... تسير حافية القدمين في ظلمة المكان التي اعتادت على ذلك الظلام كثيرا منذ طفولتها... ثم وقفت برهبة بعد ان سمعت ذلك الصوت يقول بلطف " هاتِ عنك!!"
نظرت اليه وهو قادم نحوها بثياب يغلب عليها الطابع الرياضي،، يبدو انه يستخدمها للنوم... ازدردت لعابها وبارتباك اعطته السلة دون ان تنبس ببنت شفه... وسارت بخطوات امامه تفرك يديها من التوتر وهو خلفها يبتسم بحب شديد...
وبالقرب من الصالة تعجبت من ذلك النور الخفيف الصادر منها.. ولا صوت فيها يدل على ان ريم تشاهد التلفاز او ما شابه ذلك.. وصوت قطعة الرخام من خلفها " لقد ذهبت لتتحدث الى رائد وستعود.."
اومأت رأسها واذ به تقدم ووقف بجانبها.. بل كان اشبه بالالتصاق حيث كان قريبا بما يكفل انقطاع نفسها واضطراب كل شيء فيها.. اخذت نفسا عميقا بعد ان ازدردت لعابها... تشنجت اطرافها وتوقفت حتى ان كل شيء فيها غمر بمياه الدهشة والغرابة عندما وضع يده على ظهرها يحثها على المسير.. وضربات قلبها اطلقت معزوفات تقيم من خلالها حفلا صاخبا داخل كل ركن من جسدها.. رفعت رأسها الى وجهه رأته يبتسم بغرابة وعيونه تضيء بشعاع يزيد من ذلك الحفل الصاخب الذي اقيم بداخلها... ومع ابتسامة قال لها " هيا.."
انزلت رأسها بهدوء ثم سارت بجانبه بعد ان ازال مؤثر الكهرباء عن ظهرها.... وعند وصولهما الى باب الصاله وضع هو تلك السلة ارضا واستند على الباب مع انعكاس ذلك الضوء الخفيف في رصاص عيونه... اما هي عقدت حاجبيها بغرابة وحيرة.. فالتفتت اليه تحاول الاستنتاج الفهم.. اعتدل في وقفته وتوجه نحوها..،،، وقف امامها بهدوء شديد.. كانهما في فيلم او مشهد رومنسي.. عيونهما متركزتان في عين بعض.. وقلبهما يقيمان عاصفة حب دهورت المكان برياح الحب وامطار العشق..
ابعدت عيونها عنه ثم صوبتهما الى ذلك الصندوق الاحمر.. كان متوسط الحجم بحيط به غلاف بلاستيكي النوع... اخذت عصافير بطنها تزقزق عندما همس ببحة صوته الجميلة
"هذا لك.."
ازدردت لعابها بحيرة...هدية لها!! ومن من؟! من ذلك الحديدي !!
اخرجها من تلك التساؤلات صوته " ربما تملكتكِ الحيرة والاستغراب.."
اومأت رأسها بدون وعي.. اكمل هو " اردت الاعتذار بطريقتي.."،، صمت قليلا ثم اكمل متأسفا " اعتذر عما سبق.. لا اريد التبرير عن اي شيء... ولا تلفيق الحجج.." كف عن الكلام عندما رآها تتقدم ناحية الصندوق.. تبعها حتى وقف بجانبها ثم قال بتردد " لقد.. قمت باصلاح عقد والدتك.."
نظرت اليه.. وكان يبدو عليها الاندهاش كثيرا.. سرعان ما امتلأت عيونها بالدموع وتجمعت لتشكل بحيرة فيها ثم نطقت ببطئ " عقد والدتي!!"
ابعد نظره عنها بضعف وقال " كنت قد كسرته.." صمت ومن بعدها انطلقت شهقة منها فبسرعة حادة عاد ونظر اليها.. كانت دموعها تغذي وجنتيها.. وعيونها تطلب منه التأكيد ان ما بداخل الصندوق هو حقا عقد والدتها.. امسك يدها برفق ثم قال " من المؤكد انكِ شعرت باختفاءه.. اعتذر لذلك اولا.." صمت قليلا ثم قال " يمكنكِ فتح الصندوق.."
كانت ما زالت يدها حبيسة يده وهي تنظر الى الصندوق ودموعها تجري مجراها وتهطل بخفة.. وعندما بدأت بثني قدماها وهمت بالنزول.. لم يستطع ترك يدها فهبط معها ليجلسا على الارضية..
كادت ان تلمس الغلاف البلاستيكي ولكنها توقفت عندما قال لها " اولا عليك مسح دموعك.."
نظرت اليه باستفهام فبادر هو بمسح دموعها التي تغرس في قلبه سكينا حادا.. ثم رآها تبعد عيونها بعد ان اغلقت عيونها وفتحتها لمرتين متتاليتين.. جلس يراقبها وهي تزيل ذلك الغلاف.. ثم مسكت الصندوق بعدم تصديق.. وبعد ذلك نظر الى اناملها المرتجفة عندما فتحت الصندوق...
شعر انها تبكي بل تبللت وجنتاها من شدة البكاء الصامت.. كانت لمدة تنظر الى ما بداخله حتى تحول نظرها اليه بنظرات ملؤها الشكر والعرفان.. مسحت دموعها بباطن يدها ثم حاولت النطق ولكن الكلمات توقفت في حنجرتها عندما انطلقت شهقة من داخلها.. اندفع اتجاهها وامسك بوجهها بلطف.. ثم تحدث بحنان " لا تبكِ ارجوكِ.."
كانت لا تستطيع الا البكاء فنفت برأسها وقالت بصوت اشبه للهمس " شكرا لك.. لقد اعدت لي ما افتقدته بشدة.."
" اعتذر.. اعتذر لكل ما بدر مني ولكن الان توقفي عن البكاء.. ما جلبته حتى لتصبحي سعيدة ومطمئنة.." كان صوته يعبر عن الالم والندم الشديد.. عن كل ما سببه لها من وجع وحزن.. كان على وشك البكاء امام ما سببته من ضعف بسبب بكائها وتلك الدموع التي تشكل سموما تمزق جسده..
اومأت رأسها اكثر من مرة ثم رسمت ابتسامة خفيفة على وجهها.. فابتسم هو لتلك الابتسامة العذبة.. ثم ازال يديه من حول وجه جوهرته وجلس براحة امام تلك الفرحة التي غرسها في قلب ياسمينة قلبه البيضاء...



انتهى الفصل
دمتم بخير



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-17, 03:17 PM   #35

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

\\

الفصل التاسع عشر


ونحن في سحابة الذكريات.. حيث نحلق في سماء الماضي..
وتحديدا في فرنسا..
بعد رحيـــــل الشتاء..
رحيــــل البــــرد..
ذهاب الثلج..
بعد عناء المرض.. بعد غيوم الحزن التي أثلجت على المنزل ألماً عميقاً يجرح الفؤاد وينهي الروح.. وبعد مضي ثلاثة أشهر من عناء الانتظار.. من النظر إلى تلك الوردة التي تذبل.. كان المرض قد استقر فيها جيدا ولا أمل من الشفاء.. كان ينظر بعد نهاية كل يوم إلى زهرته وهي تجف أوراقها وتتساقط زهرات ابتسامتها.. ويجف داخلها رويدا رويدا.. وأما بحاله فليس بأحسن ،،فمقدار الالم الذي تجرعه بعد إصرار زوجته من زواجه بصديقتها أصبح عاجزاً عن كل شيء وما بيده حيلة.. ما زال مدركاً ان باستطاعته تربية طفلته الوحيدة التي تشبه والدتها كثيرا.. ولكن كان طلبها الوحيد فخضع للأمر الواقع عليه.. لقد عقد قرانهما بعد انتقالهما الى المدينه.. وبما ان امكانيات القرية قليلة فكان من الضروري مكوث زوجته في المشفى وخضوعها للعلاج.. فوجب عليهما مغادرتها والانتقال للمدينة..
وفي خلال تلك الايام كانت زوجته تنتقل من المشفى الى المنزل والعكس مع كل فجر يشرق وكل ليل يأتي من اجل ابنتها الوحيدة.. قمرها التي تضحي من اجلها.. وضحت بحب حياتها بزواجها من اعز صديقاتها.. و ظل هذا الزواج سريا تحسبا لما يحصل فتم اجراءه بشكل سريع.. حتى اذا جاء ذلك اليوم.. وغادرت رؤى الحياة..
و حين علموا انها في ايامها الاخيرة وان المرض قد تجذر في جسدها.. طلبت حين ذاك المكوث في المنزل مع وجود ممرضة تهتم بها.. فقط تريد ان تبقى تحت ذات السقف مع ابنتها.. تشتم رائحتها.. تتغذى من ابتسامتها.. تشعر بالتحسن كلما نظر اليها وجهها القمري المضيء..

مضت الايام وحان وقت الوداع كما تم توديع فصل الشتاء.. بدأت الازهار والاشجار تعلن انتصارها على البرد.. وانطلقت بجيوشها وتفتحت بتلاتها واخضرت اوراقها.. والجو جميل فيه لفحة برد خفيفة تسيطر على الاجواء.. والصباح هذا اليوم في الطرقات،، الحدائق،، منعش يغذي الروح بالسعادة.. ولكنه في ذلك المنزل لا وجود لمعنى الربيع...
آلمته روحه.. بل استقر الالم في جسده وقلبه.. مستمعا لما تتفوه به ابنته وهو من خلف الباب..
" هل تعلمين يا امي؟؟ تقول معلمتي كما اتى الشتاء وغسل الارض بمياهه فأصبح هناك الربيع.. سيأتي يوم وتصبحين جميلة كالربيع.."
اغرورقت عيون والدة قمر بالدموع وهي ترى شعلة الامل في عيون ابنتها ومن بين دموعها ابتسمت لها بألم عندما اكملت
" انا بعيدة هنا اجلس على كرسي بعيد عن سريرك.. ولكن حالما يأتي الربيع الى الغرفة سأجلس بجانبك.."

بينما هو يسمع ما يدور من حديث بريء اغرورقت عيونه بالدموع.. وما بمقدوره الوقوف هكذا!! زوجته ترحل وتترك له الذكريات... تترك له اجمل شيء في الدنيا..(قمر)...

اقدامه اصبحت مهملة وكأنها قطعت اوتارها ولم يعد بامكانه الوقوف فتوجه نحو الاريكة في الرواق ،، وضع وجهه العريض بين كفتيه بمرارة وحزن.. ذلك الالم اعتصر قلبه منذ سماعه بمرض زوجته..وما زال مرضها ممسكا بقلبه يعصره و يحوله الى فتات.. كيف له ان يتحمل ذهابها بعد هذا العمر الذي قضياه سوية.. بعد ايام أفنوها بحب وسعادة.. ومن بعدها جاء هذا المرض ليفرقهما...
شعر بتلك اليد التي امتدت على كتفه الايسر رفع رأسه ثم نظر الى صديقة زوجته.. وحالما راته بتلك الحالة قالت بقهر لا يظهر " كفاك هذا الحزن.. من اجل قمر.. كن انت قويا لتكون هي قوية.."
" كيف اخبريني كيف؟! زوجتي ترحل من بين يدي وما باليد حيلة.."
اطرقت رأسها والشياطين تلعب بعقلها.. ماذا تفعل للتخلص من كم الحب الذي في قلبه ناحية زوجته اللعينة تلك.. تنهدت ثم توجهت بجانبه ثم قالت " يجب عليك ان تتحلى بالقوة.. لأجل قمر.."
تنهد بحرارة " سأحاول ذلك.."
شدت هي على قبضتيها بحنق.. فما الذي فعلته تلك الشنيعة المدعوة رؤى بهذا الرجل حتى يبكي على رحيلها.. وقالت في داخلها " وانا ساحاول بكل طرقي للتمكن والدخول في قلبك.."
ومن بعدها خرجت قمر تلك الفتاة البريئة من غرفة والدتها والحزن ترسخ على وجهها.. توجهت نحو والدها ثم تسائلت " ابي.. هل ستبقى والدتي هكذا؟!"
امسك والدها يديها بحنان و تحدث " لا.." ثم نهض من مكانه و امسك احدى يديها وبدآ بالسير " ستشفى وتعود الى حالتها السابقة تعد لنا الكعك والطعام اللذيذ..."
اما تلك زوجة الاب والصديقة الطيبة المزعومة اشتعلت عيونها غضبا وشدت على يدها وتحدثت من بين اسنانها " ساريك كيف ستعود.. لن تعود وستذهب ابنتك الحبيبة ايضا.. وابقى انا..."
اخذت نفسا عميقا ثم نهضت من مكانها وتوجهت الى غرفة من ستسرق حياتها بعد موتها..

مرت الايام كئيبة متلوثة بغازات الحزن.. واليوم هو الواحد والعشرون من شهر اذار...
وقف امام المنزل.. نظر اليه بكل حزن وعيونه تبحث عن طريق ينير حياته.. وجسده متهالك.. روحه متعبه.. وداخله مظلم... ولكن ليس هو فقط من داخله اسود مظلم.. بل المنزل ايضا غطاه السواد والحزن.. فالناس داخل هذا المنزل يرتدون السواد مع تلك الدموع التي ذرفت بحرقة من اجل ذهاب زوجته الى ما تحت التراب...
وبعد مضي بعض الوقت في مراسم العزاء.. توجهت نحوه تلك الصديقة التي حفرت بئرا عميقا فقط حتى تحصل على زوج صديقتها.. تصنعت الحزن " ستأتي قمر بعد القليل.. بصعوبة بالغه استعطت الصباح ارسالها الى المدرسة من دون رؤية رؤى.."
اغلق عيونه بألم وشد على قبضتيه وقال " انتي تصرفي.."
أومأت رأسها... ثم قال " لا اريد الجلوس هنا.. روحي تحترق كثيرا.. سأذهب الى غرفتي.."
هزت رأسها ايجابا ثم وضعت يدها على كتفه " انا هنا كما ارادت.. سابقى بجانبك.."
ربت على يدها ثم ابعدها بهدوء ومضى في طرقه.. حتى وصل الى مفترق الرواق حيث غرفته من الناحية اليسرى والغرفة التي بقيت بها زوجته..
دخل غرفتها التي تفوح منها رائحة المرض والفراق.. منكسر الجناح من الحزن.. دخلها وقلبه ينقسم الى اشلاء.. وعيونه غارقة في دوامة الحزن.. جلس على السرير بانكسار وهو يلتمس غطائه ويشد عليه وعيونه تعلن مطرا شديدا ينهمر بغزارة...
" كيف ذهبت!! وتركتني بين هذه الاكوام من الحزن.. كيف استسلمت لهذا المرض اللعين.. اما تعاهدنا على السير معا.. كيف سأكمل اعوامي بدونك الان.. ماذا ساقول لصغيرتنا كنت قد وعدتها انك ستشفين سنأكل الحلوى من يدك.. ستصنعين الذ الطعام..."
وزادت دموعه انهمارا واجهش بالبكاء كطفل صغير.. نهض من على السرير وتوجه حيث الصورة امسكها بألم وهو ينظر الى السعادة المتواجده فيها،، هو وهي وقرة اعينهما بينهما.. وراحت دموعه تسقط على زجاج الاطار المحيط بالصورة.. ثم بخيبة سار للخروج من الغرفة فقد ضاق صدره وشعر بالوحيدة التي تأسره من كل الاطراف.. شعر وكأن قلبه ينزف و يتلقى الضربات.. ولكنه توقف وعقد حاجبيه عندما شاهد تلك الورقة الموضوعة على المنضدة الخاصة بالادوية..
توجه بخطى منكسرة وامسك بها رفعها ناحيته ثم نطق ما هو مكتوب فيها بصوت يكسوه الحزن ويغلفه الالم مع كل كلمة تخرج من فمه وتغرس في قلبه ألما كبيرا..
(الى زوجي.. الى من احبني.. الى من تمنيت ان اقضي جميع ايامي معه.. اليك يا من تمنيت معه اجمل الاشياء.. عندما تقرأ هذه الرسالة اكون قد ذهبت بعيدا تحت التراب.. تكون ابنتي الصغيرة تعاني لوعة الفراق.. وتكون انت ضعيفا مأسورا بحزنك.. واكون انا انظر اليكم من البعيد..
كنت قد قررت ان لم تأتني المنية واستطاع المرض السفر والابتعاد عني ان امزق هذه الورقة.. ولكن بما انك تقرأها الان اكون قد مزقني المرض وجعل مني جثة هامدة... لقد سبق وقلت لك ان تعتني بابنتي الصغيرة.. ذلك القمر الذي انجبناه ما زال صغيرا.. اعتني بها جيدا حاول ان تكون قويا لاجلها.. كن لها الاب والام ان استطعت.. وحاول مع صديقتي ان لا تشعراها بغيابي..
زواجك منها يعني ان تكون ابنتي تحت الرعاية والحب والحنان الذي ستفقده بعد غيابي.. ولكن بوجودها ستنعم بقمر بكل ما تحتاج.. اعلم انك مرغما من اجلي ومن اجل قمر.. ولكن حاول ان تكون لها زوجا فهي عانت العذاب في حياتها.. كن لها عائلة جديدة تحتويها وتقدرها صدقني انك ستشعر براحة كبيرة معها... هذا طلبي لتبقى ابنتي تحظى بالحب وبكل شيء تحتاجه... اعلم كم هو صعب،، اعلم جيدا انك لا تريد ولكن حاول فقط من اجلي ان تحافظ على العائلة من بعدي،، فذهابي لا يعني انتهاء الحياة.. ولكن بداية جديدة..
دع الربيع يأتي الى المنزل من اجل قمر..."
وبعد كل هذا الكلام عض على شفتيه ألما وجلس على الارض بتهالك وبدأت عيونه تطلق غازات الحزن دون توقف...

ابتسمت بانتصار بعد ان فتحت باب الغرفة وشاهدته غريقا بالرسالة المزيفة تلك.. فقد توقعت توجهه الى تلك الغرفة .. فقامت بكتابة تلك الرسالة بكلمات مؤثرة.. والان هو في قبضتها كما قالت.. الا يحتاج بعض الرعاية والحنان وتعويض النقص بعد موتها.. ستكون هذه مهمتها حتى تكسب قلبه... ثم بسرعة عدلت من وجهها وتصنعت الحزن والالم.. ولا احد يعلم كيف تنجح في ان ترتدي الاقنعة!! ثم دخلت الغرفة وتوجهت ناحيته وما زال هو مغطى برمال الحزن..
" لا تفعل بنفسك هكذا.."
نظر اليها وقالت بصوت مجهش " لقد رحلت.. ماذا سأفعل بدونها.."
احتضنته وقالت " حسنا اهدأ.. ارجوك اهدأ..."
قال هو بانهيار " كيف!! لقد رحلت.."
شعرت بالحنق ثم قالت بكره " هل زوجتك تريد هذا.. لقد أمنتك عندي انت وقمر.. دعنا لا نحزنها.. فبكائك هذا يحزننا جميعا.."

وبثت فيه بعض الكلمات متصنعة تلك الشخصية الحزينه والمتألمة .. مما جعله يركد ويكف عن البكاء الخارجي وان لم يستطع من داخله الصمت ومن ثم ساعدته بالنهوض وتوجهت حيث غرفته وجعلته يستلقي على السرير،، وحينما اغلق عينيه اخذت تلك الورقة من يده وخرجت...
نظرت الى الورقة التي كتبتها بخبث شديد وقالت " هذه اول جرعة.. والباقي سيصبح سهلا..." ثم توجهت نحو المطبخ ومزقت الورقة وعيونها تلمع بالانتصار ورمت بها الى سلة المهملات...

توجهت نحو السيارة التى ستقلها المنزل مسرعة وبيدها العديد من الازهار التي قطفتها من باحة المدرسة.. فاليوم هو يوم الام..لقد سمعت صديقاتها يتحدثن عن تلك الهدايا الصغيرة التي ستقدمنها الى والدتهن.. فقررت ان تقطف الازهار من دون علم احد.. وحالما ركبت السيارة وانطلقت في رحلتها.. كانت تتحدث الى الازهار بلهفة طفولية جميلة " هل تعلمين ان امي ستوبخني لانني قد اخذتك من المدرسة.." امالت شفتيها ثم اكملت " ولكنني قطفتها من اجلها ستسامحني بالتأكيد.." وبذات اللهفة وجهت سؤالها ناحية السائق " أليس كذلك يا ليون!!"
نظر اليها ذلك السائق بحزن واومأ رأسه...

وبعد وصولهما الى المنزل نزلت من السيارة بشوق ولهفة وبحماس طفولي كبير تركض بأقدامها حتى كادت ان تتعثر... وكما امرت صديقة والدتها احدى الخادمات التي احضرتها للمنزل من اجل الخدمة في العزاء ان تدخلها من ناحية الباب الخلفي..
وعند دخولها المنزل بسعادة كبيرة سمعت بعض الاصوات من الداخل ولكنها لم تهتم كثيرا.. كل ما يهمها هو وصول هذه الازهار الى والدتها.. فتوجهت بخطاها بتلك الازهار النقية مثل قلبها.. حيث اعتقدت ان تجد والدتها في تلك الغرفة...
فتت الباب باندفاع وهي تصرخ بحماس " امي لقد احضر..."
عقدت حاجبيها باستغراب فأمها ليست بالغرفة.. استقامت شفتيها الصغيرتين ثم توجهت بخطى خائبة خارج الغرفة.. ربما ذهبت الى المشفى،، هكذا فكر عقلها الصغير احتضنت الازهار واشتمت رحيقها وقالت بابتسامة " بالتأكيد ستعود.."
ثم اخذت تهرول الى غرفتها حتى تكتب لها رسالة.. ولكنها توقفت عندما سمعت بكاءً في احدى الغرف.. اقتربت ناحيتها وكان الباب مفتوحة.. يظهر من خلاله صديقة والدتها وهي تبكي وتقول كلمات غير مفهومة..
كانت تنظر بحيرة واستغراب وهي تراها تنهار وبيدها الهاتف تتحدث الى احد ما... ولكنها قالت جملتها الاخيرة وانهارت ارضا..
"لقد ماتت رؤى..."
نطقت قمر بصدمة " امي.." ثم رمت الازهار ارضا واتجهت ناحية والدها بعدم تصديق.. دخلت الغرفة بانقضاض على والدها الذي لم يستطع النوم فجفل مما جعله يعتدل في جلسته بسرعة.. كانت قمر قد انقضت عليه ببكاء شديد وهي تقول "امي.. اين هي؟؟! خذني اليها.."
وبعد ان نفذت خطتها الثانية بان تسمع قمر.. نهضت من مكانها ومسحت تلك الدمعات الكاذبة.. وتوجهت بخطوات بحيث لا تصدر صوتا.. وسمعت تلك المناحة التي تدور بالغرفة.. وسرعان ما انتشر السم الاصفر لى وجهها وابتسمت بانتصار... وتزداد ابتسامتها اتساعا مع كل يوم من الايام الثلاثة التي مكثت خلالهم قمر في المشفى..

بالتحديد عن باب المقبرة.. وقفت تلك السيارة التي تحمل اشخاصا آلمتهم الحياة.. واخذت منهم تلك الزهرة التي ابهجت قلوبهم.. نزل هو بثبات يناقض الفوضى الداخلية في داخله يضع تلك النظارة السوداء حتى يخفي ألم قلبه المتسرب من عينيه.. اما قمره فترجلت من السيارة وقطرات الندى تجمعت بعيونها بعد ان اطرقت رأسها متشبثة بقوة بتلك الازهار...
وامام حفنة التراب.. امام القبر المظلم.. ومن فوق الاموات.. وقفت هي باكية بصمت كمن الجمته الصدمة او لم تستوعب ما حل بها بعد!!
ما زالت صغيرة!! كيف سرقت منها الحياة الحضن الدافئ؟؟ كيف انتزع المرض منه اجمل ما في الكون!! هل حقا باتت بدون أم!!
تقدمت بخفقان قلبها قليلا ثم ركعت على قدميها وبيدها تلك الزهار.. وضعتها فوق التراب بأنامل مرتجفة.. صغيرة ولكنها فهمت انها فقدت الامان.. فقدت الحنان.. فقدت السعادة.. لم يعد هناك حضن دافئ.. ولا ملجأ!!

مرت عدة أيام على انتهاء العزاء... استيقظت قمر كعادتها بعد وفاة والدتها بفزع في منتصف الليل تلهث بشدة وكأنها رأت شبحا في حلمها.. ابعدت عنها الغطاء وركضت باتجاه والدها الذي سيعطيها الحنان والاطمئنان من بعد والدتها.. كان الباب مفتوحا!! فدخلته بسرعة ولكن والدها لم يكن في الداخل!! هل ذهب مثل والدتي!! نفت برأسها وعقلها لا يستوعب ذهاب احد اخر...
ثم ركضت الى الغرفة التي كانوا يجلسون بها... انها مضاءة.. ابتسمت براحة!! فوالدها هنا بجانبها.. لم يذهب ولن يذهب ابدا.. سيبقى بجانبها..
وعندما اقتربت وقفت واتسعت عيونها الباكية بصدمة لما سمعته..
" نحن تزوجنا أجل.. ولكن.."
ثم مدت قمر رأسها من الباب عندما بدأ والدها الحديث " وان اتى والداك وقمر هنا.."
" انت لا تعلم كيف هم والداي.."
تنهد بحرارة " ماذا علينا ان نفعل!! هل اترك ابنتي!!"
" ارجوك افهمني.. لقد علم والداي اننا تزوجنا.."
فتحت قمر عيونها على اشدهما... انها لم تستوعب صدمة وفاة والدتها وغيابها عنهم.. وتكفيها الكوابيس والاحلام المزعجة التي تراودها ليلا.. والان عقلها يحاول هضم زواج والدها!!!
بينما دار الحديث بالداخل " انهما يعارضانني دائما.. وان علما ان من تزوجته له طفلة.. صدقني سيمنعان هذا الزواج.."
وضع هو وجهه بين راحتيه بحيرة فأكملت هي " لا استطيع الا ان انفذ ما قالته رؤى،، ارجوك فقط لعدة أيام!! سيأتي والداي ثم يذهبان"
وبعد هذا الحديث نزلت دمعة يتيمة على وجنتيها.. ثم ركضت الى سريرها لعله يخفف عنها هذا الالم الجديد..

وبعد يومين بالتحديد.. كانت ترتب لها حقيبتها وتضع فيها الكثير من الملابس.. وقمر تنظر بحزن الى صديقة والدتها التي لم تكن تدرك ما غايتها الحقيقية.. اقتربت منها وقالت " لا تقلقي يا قمر.. بضعة ايام.."
ثم اكملت في داخلها " وستموتين بالنسبة الى والدك.."
اومأت قمر رأسها بينما غادرت تلك التي بدون رحمة الغرفة بابتسامة خفيفة...
وبعد ساعة توجهت قمر الى غرفة والدتها.. نظرت اليها نظرة وداع وكأنها تعلم انها لن تعود الى هنا.. وكأنها تعلم ان حياتها انتهت ولم يعد لها وجود في هذا المنزل.. كيف لفتاة صغيرة ان تشعر بتلك المشاعر المؤلمة...لم لا ترحم بها!! ألا يرأف بها احد!! ألا يرق قلب احدهم عليها!!
توجهت نحو درج والدتها.. وفتحته.. نظرت الى ذلك العقد بصمت مرير وعيونها مثبتة عليه.. حرف والدتها يتدلى من حجر كريم مظهره كالزجاج،، اخرجته من الدرج وتأملته طويلا.. ثم لفت نظرها تلك الرسالة التي بجانبه اخذتها وقرأت ما كتب على المغلف
( الى قمري.. ولكن عندما تكبرين..)
مطت شفتيها بألم وضعف... وبعدها سمعت صوت والدها ينادي باسمها من البعيد.. فاسرعت بالخروج ومعها كل من العقد والرسالة اللذان ما زالا معها الى الان..

حتى انها ابتسمت برقة وهي تنظر لإحدى غنائم معركة الماضي المريرة.. تأملت العقد بكل حب.. تأملته بشوق.. بقلب ينبض لما بقي لها من مستنقع الاحزان...
هل السعادة هي امتلاك ما بقى من الآثار القديمة!!
احتضنت ذلك العقد واغلقت عيونها وما زالت ابتسامتها على وجهها في وضح الصباح.. وبعد مدة توجهت حيث ذلك الصندوق الاحمر... وضعت العقد جانباً.. و اخرجت ذلك الكتاب ذو الغلاف الخشبي.. وضعته على أرجلها ثم لامست حروف اسمها المحفور عليه... وراجعت ذاكرتها ما قاله مجد ليلة الأمس..
" هذا لكي تخرجي احزانك.. لكي تعبري ما بداخلك من فوضى ومشاعر مخفية.. لا تدعي دموعك من يعبر.. اكتبي لترتاحي.."
ثم فتحت اولى صفحاته التي خط فيها مجد رسالة اعتذار حفظتها وجهاً عن ظهر قلب.. ورسخت في قلبها بذور حب جديدة ستنمو كما نمت سابقتها وسترويها بكلام مجد حين قال لها " لندع الماضي.. وننظر الى ما نحن فيه الان.. لنبدأ صفحة جديدة ناصعة البياض كقلبك تماما... وتكون صداقتنا بداية من هنا.."
اخذت نفسا عميقا حتى تهدأ من ضربات قلبها الصاخبة... وارتجافة جسدها من ذكرى الامس الجميلة.. حتى هي لم تصدق ان ذاك مجد من كان بالامس.. وكأنه وقعت صخرة كبيرة على رأسه وبدلت حاله مئة وثمانون درجة.. او ربما فقد ذاكرته.. تلك الدهشة التي تملكتها من تصرفاته وكلامه المعسول.. حقا ظنت ان الحمى اصابت ذلك الحديدي الذي ملك قلبها... انها لا تحتاج لتوثيق المشهد بتسجيل فيديو حتى تستعيد المشاعر التي تملكتها حين ذاك فعقلها تكفل بذلك.. وقلبها الذي تطايرت الفراشات منه ما زال على حاله منذ الامس...
تمددت على ظهرها وما زال ذلك الكتاب في يدها الغير مصابة.. رفعته امام ناظرها وبدأت بقراءة كلماته
- ربما لا تكفي كلماتي للاعتذار.. فقررت ان اكتب لكِ ما بخاطري.. كلمات بسيطة اخطها من قلب نادم لم يستطع الغفران لنفسه فكيف انت ستغفرين لي ما فعلته.. غضبي كان كبيرا ذات يوم جعل قلبي يمتلئ بالسواد وينفث دخانا اسود وانتي كنتِ المستقبل لاسوداد قلبي.. اعلم انه لا يحق لي.. واعلم انه لا ذنب لك..
ولكن لا اكتفي الا بالاعتذار.. ولا اعتقد ان كلماتي تكفيكِ.. لم اجد حلا الا ان اعتذر بعقد والدتك ربما يكون هو السبيل في بدء كل شيء من جديد -
ابتسمت من اعماق قلبها وذرفت دمعة صغيرة سالت على وجنتيها ثم ارجعت الكتاب الى صدرها وعانقته بقوة لعلها تدخله بين اضلعها وتجعله مستقرا في قلبها كصاحبه..
ولكنها سرعان ما فتحت عيونها وجلست معتدلة كأن صعقها شيء.. نهضت من على السرير وارتدت في قدميها بعجلة.. ثم توجهت نحو الباب وخرجت منه باندفاع.. وسارت كأنما تهرول ثم طرقت باب غرفة ريم زلكن لا من مجيب تندهت باحباط و امسكت مقبض الباب عازمة الدخول...
" انها ليست في غرفتها.."
التفتت بانتصاب وظلت صامته.. بينما هو اقترب اكثر وقال بصوت اقرب للهمس " صباح الخير.." ثم اتكأ على الحائط امامها..
توردت وجنتيها كأنها وردة جورية وقالت بارتباك " صباح الخير.."
نظر اليها قليلا ثم سألها " ماذا تريدين من شقيقتي المغفلة؟"
" اريدها ان تسرح لي شعري.." اشارت الى خصلات شعرها وهي تتحدث باحراج
ابتسم لسبب نجهله ثم ما لبث ان عقد حاجبيه فازدردت هي لعابها،، قال لها قبل ان يذهب " ولكنه جميل هكذا.."
فتحت عيونها بعدم تصديق الى ظل جسده وهو يتجه نحو الاسفل بابتسامة جانبية غامضة نزل عتبات السلم وهو يستنشق رائحتها.. ثم توجه الى الخارج حيث اجتمعت العائلة لتناول طعام الافطار.. وجه لهم تحية الصباح وبادلوه اياها بحب وسعادة..
جلس بجانب رامي ووجه حديثه الى ريم " ريم قمر تريدك.."
" ماذا هناك!!" ريم باستغراب
تصنع البرود وقال قبل ان يأخذ كوب الشاي من الخادمة " شعرها او ما شابه ذلك.."
نهضت ريم من مكانها ثم اتجهت داخل المنزل.. ومن بعدها الى غرفتها.. وبعد انحرافها الى الرواق رأت قمر متسمرة في مكانها.. توجهت ناحيتها وهي تضحك من المؤكد انها في حالة صدمة عارمة اجتاحتها منذ البارحة..
حتى انتم مصدومون منه!!

يتبع


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-17, 03:19 PM   #36

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



وقفت قبالتها وقالت " صباح الخير ايتها الاميرة.."
ارتعدت قمر ثم قالت بعدم وعي " ليس حلماً.."
كتمت ريم ضحكتها.. ثم قالت " قمر هل انتي في هنا.."
قامت ريم برفع صوتها وهي تكبح ضحكتها والتي ان افلتتها ستطلق غناء موسيقيا صاخبا لحال قمر "نداء عاجل من العالم الواقعي الى قمر هل من مجيب.."
رمقتها قمر ثم قالت "حقاً.."
تنهدت ريم " واخيرا.. صباح الخير.."
" صباح الخير.."
" ما بها اميرتنا!! شاردة الذهن!!" ريم بتهكم
" حقا بلا سخرية.. اريدك ان تسرحي شعري.."
اومأت ريم رأسها بانصياع " حسنا ايها الرئيس.."
تأففت قمر فقالت ريم بنبرة يغلب عليها الضحك " حسنا حسنا سأصمت.. هيا الى الداخل.."
بعد جلوس قمر امام المرآة تحدثت الى ريم بتردد" هل انت من اخبرت مجد!!"
فهمت ريم ما تقصد ولكنها اظهرت غير ذلك " بماذا؟!"
امالت قمر شفتيها " بأمر الامس.. ما قاله بغير قصد!!؟"
" ولماذا اخبره بما انك تعلمين انه غير متقصد لقول ذلك عنك؟!"
ازدردت قمر لعابها بارتباك ثم نطقت بصعوبة " هو.. من اخبرني؟"
قالت ريم بتعجب " مجد؟؟"
اومأت قمر رأسها.. فابتسمت ريم وقال " اعلم ذلك.."
استدارت لها قمر بعدم فهم.. فتنهدت ريم ثم تركت المشط من يدها " ان تركت الامر لن تفعلي شيئا.. اخبرته لكي يجد حلا لقلبه الاسود.."
اومأت قمر رأسها مع ابتسامة رقيقة... بينما اكملت ريم ودنت على ركبتيها " انظري اعلم ان شقيقي عندما يغضب يهدم الدنيا.. يقول كلاما مؤلماً.. ولكن ليس داخل نطاق قلبه صدقيني..." تحولت ملامح ريم الى الحيرة وبعض الحزن " ان له قلب طيب.. ولكنه لا يرضخ له ولا يستمع له بتاتا.."
اكملت ريم عندما نهضت الى خلف قمر " ولكنك تتسرعين وتتطلقين عليه الاحكام.."
صوبت نظرها الى ابتسامة قمر الباهتة.. فاسترسلت ريم الحديث " ان قال لك اي شيء تصمتين.. لماذا!! لم لا تملكين حق الدفاع عن نفسك.."
" هل يجب علي الصراخ به!!"
" لا،، انتي طيبة القلب ولا تحبين التجادل هذا ما فهمته وفهمت الكثير من صفاتك الجميلة..ولكن ما لا افهمه انك دائما صامتة.. من اخطأ بحقك كمجد مثلا.. لا تملكين لسانا طويلا مثلي حتى تجعليه يحرم المساس بك.."
نطقت قمر " ولكنه اعتذر.. علم خطأه وتراجع عنه.."
ابتسمت ريم لها " انت اما حمقاء او تملكين قلبا طيبا.."
عقدت قمر حاجبيها " اظن انه يجب ترجيح الخيار الثاني.."
قهقهت ريم بخفة وقالت " ربما الخيارين معا.."
ارتسمت على وجه قمر ابتسامة سرعان ما استقامت شفتيها واغرورقت عيون قمر بالدموع .. بينما نظرت اليها ريم بقلة حيلة وقالت بتوبيخ " عدنا للبكاء من جديد.."
نفت قمر برأسها واخرجت الكلمات من قلبها " ليس حزنا.. ولكن لوجودك في حياتي.."
ابتسمت ريم لها وهبت اليها تحتضنها بحنان اخوي فقدته قمر منذ سابق الزمان.. وهمست لها " عديني ان لا تبكي مجددا.."


قالت الجدة باستغراب " لقد تأخرت الفتيات؟!"
نظر اليها رامي " تتحدثين وكأنهم ذهبوا الى مكان ما وتم اختطافهم.."
شهقت الجدة لأفكار حفيدها المجنون... بينما صرخت ريم من ورائه " قل انك تتمنى موتي.."
" انت نعم،، ولكن قمر لا.."
ضحكت قمر له ثم تملكها الاستغراب لوجود جدتها ورامي فقط.. أين هو هذا ما تسائلته!!
ثم قالت بخيبة مزرية " صباح الخير"

وبعد جلوسهما قالت الجدة " لقد تأخرتما.."
" كنت اسرح شعرها بمهارة عالية.." ريم بغرور يترأس قمته ثقة عالية
اومأ رامي رأسه وقال باستخفاف " انها مجرد ظفيرة شعر فقط.."
نظرت اليه ريم بحنق بينما قالت قمر " لو حتى تقوم بابعاد شعري عن جبهتي فقط يعد شيئا جميلا لي.."
وبعدها اخذت ريم ترفع حاجبيها وتنزلهما ولكنه لم يعرها اهتماما ابدا.. ثم تناولت بعض الخبز من سلة القش واخذت تدهن عليه بعض الزبدة بينما انشغلت قمر بأفكارها مع القليل مما يدخل فمها.. وبعد ان قضمت ريم ما يملأ فمها من طعام وابتلعته سالت جدتها " أين ابي، امي، وجدي، ومجد.."
امعنت قمر السمع عندما تحدثت الجدة قائلة " جدك ووالدك ينهون امر فرع فرنسا.. والدتك في تنظيم حفلة اليوم.." صمتت قليلا ثم اشارت بعيونها نحو مجد " وها هو مجد هناك.."
اومأت ريم رأسها بينما قمر رفعت بصرها ناحيته.. يتحدث الى الهاتف بسعادة كبيرة.. يأسرها بأناقته ورجولته.. انه لا يشبه رامي ابدا،، كأنها نار وجليد.. فرامي مستهتر لابعد الحدود يخلط المزاح مع الجدية،، اما مجد فهو دائما في حالة من الابهة،، يملك لسانا سليطا لا يستطيع التخلي عنه.. اما صلابته وجلادته هو صفات دائب عليها واعتادها.. يملك من الهيبة مما تجعلك تهاب الوقوف بجانبه.. ربما هذا ما جذبها نحوه... ربما النور المشرق من عينيه اخترق قلبها وجذبها نحوه.. هي تؤمنان له ذلك القلب الطيب الذي تصلب مع برودة الظروف التي مر بها.. وبما انه قلب يضخ الدم حول انحاء الجسد فقد انتشرت برودته وصلابته بسرعة... بعكسها تماما فكان انكسار قلبها وضعفه وعدم محاولاتها بتجبيره هو نتائج اندلاع حرب الحياة عليها..
تنهدت تحت مسامع ريم، فاقتربت منها وقالت بهمس " ما بك؟! على ماذا اتفقنا في الداخل "
نفت قمر برأسها مع ابتسامة خافتة " لا شيء.."
لوت ريم فمها مع نظرة شك " حسنا..."
ادخلت قمر في فمها القليل من الخبز مع نظرات جانبية له.. وحين انهى اتصاله المجهول راقبته وهو يتقدم ناحيتهم حتى توقف بجانب جدته.. ولاحظت تلك الابتسامة التي وجهها نحوها وبلا ارادة ابعدت نظرها عنه بارتباك وانشغلت بأكلها..
ضحك داخله ثم اخذ بيده حبة زيتون " علي الذهاب الان.."
نظرت اليه الجدة وقالت " لم تأكل شيئا كثيراً.."
قبل جدته وقال " اعود واتناول ما تريدين هيا يا جميلة الجميلات.. الى اللقاء..اودعكم جميعا"
ظلت قمر تراقبه وهو يبتعد وفي خلدها تتجول الكثير من المشاعر المبعثرة التي تحتاج رياحا قوية تدفعها للوصول الى الطريق الصحيح...

ضغوطات الحياة تدفعنا احيانا للاتكاء على شاطئ القوة.. بعيدا عن جبروت البحر عند غضبه!! نستسلم فقط لاننا لا نملك الحق للدفاع في هذه المعركة، ما بين قوي وضعيف!! ما بين فقير وغني!!
ونحن على الشاطئ نبتعد عن مياه البحر كلما تسربت على حبات رملنا البسيطة!! نستسلم!! ونرضخ لهذه القوة التي تشكل كرة بحجم كبيرة تحجزنا داخلها!!

تنهد رائد شاغلاً تفكيره بالصحيفة اليومية.. بعيدا عن انظار جيداء له وهي ترتشف من كوب الحليب خاصتها... يلاحظ تلك العلامات السائمة على وجهها،، وتصرفاتها التي تحاول جاهدا للفت الانتباه لها.. ابعد الصحيفة عنه بملل.. وصوب نظره الى شقيقته ( رانيا ) واخرج زفيرا قويا من اعماقه عندما بدأت تطفو في عقله كلمات ريم عن حاله...
ترمقه جيداء بنظرات بين حين واخر.. تلاحظ قلة الحيله من خلال الشعاع المنطلق من عيونه.. تتفهم حالته تلك.. تنهدت ثم نهضت من مكانها بعد ان قالت " انت لا تتحدث معي ولكن اليوم موعد والدتك مع الطبيب الخاص بها.."
وضع يده على رأسه بعد تسربت كلماتها المعاتبة الى اذنيه ثم نظر اليها " ولكن اليوم.."
تنهد مع اهة تعب خرجت من داخله،، رأفت جيداء بحاله فقالت " لا بأس،، آخذها انا.."
" وعملك!!"
" وماذا يفعل والدي.." ثم لوت شفتيها بسخرية وصححت كلامها " والديّ.."
قالت تلك الكلمات بسخرية لاذعة من قدرها.. بوجود والدين واحد مسجلة باسمه والاخر قام بتربيتها!! والاثنان ضمن لائحة ( المتجردين من القلب..).. وبعدها سارت ناحية الشرفة..
نظر الى شقيقته التي كانت منهمكة بقص ملابسها القديمة البالية بعض الشيء وتصنع منها ملابس لدمياتها.. كانت قد اعربت عن شغفها بالملابس وصنع الازياء،، وانها حين ان تكبر وتصبح شابة ستقوم بتصميم الفستاين.. تنهد لحلم بريء لا يدري سيتحقق ام لا!! ما زالت صغيرة ولا تعي انهم بحالة لا يستطيع فيها تحقيق حلمها الصغير ذاك.. ومع ان حاله تحسن قليلا فراتب المؤسسة يعيله.. مع عمل صغير اخر يسيره من داخل المنزل ويجني عليه المال..
ظل ينظر اليها بصمت تجتاحه الكثير من المشاعر والافكار!! كأنه في مفترق طرق!! تقاطع سير ما بين الشجاعة والاستسلام!!
خيط أفكار يأخذه نحو الرضا بما حل به!! وخيط اخر يشده نحوه بالتمرد على حاله هذا!!
وهو ما بين مد وجزر.. تطفل صوت اخته ليخترق جميع الافكار وتتبخر من امامه
" رائد.."
وبعد ان نفض كل ما تراءى الى عقله نظر اليها باهتمام لما ستقوله.. بينما هي اشارت بيدها ناحية الشرفة.. وبعدم فهم استجاب لموضع اشارتها واذا بجيداء شاردة مبدية الحزن..نهض من مكانه مقصده اليها فكما ساندته في جميع محنه،، حتى انها فضلت بقائه في شقتها السكنية بعد استحواذ احدى والديها عليها وارغامها للمكوث بينهم.. وهو يجب عليه ان يكون معها بكل خطوة تخطوها وألا يتخلى عن اخت لم تلدها امه!! يعلم همها تماما.. فكما فهم بالامس بأن لها رغبة بفتح دعوى قضائية.. ولكن ض والديها.. وهي تعلم تماما ومتيقنه انهم لعبوا على غير المكشوف بسرقة حياته..
وقف على باب الشرفة الزجاجي وتقابله العمارات الشاهقة.. كان بعضها مرتفع عن الشقة السكنية هذه وبعضها اقل منها ارتفاعاً... استند عليه وبتعب واضح تحدث " ما بك؟!"
نظرت اليه ومعالم وجهها مقتضبة هادئة.. اومأ رأسه بتفهم وتوجه ناحيتها بينما هي عادت الى حالتها تنظر الى الملأ.. سمعته يتحدث " من أمر والامس وصراخي!!"
ظلت صامته تحاول جاهدا اقتلاع عناده من رأسه،، ثم سمعته يطلق تنهيدة تعبر عن استياءه ومن ثم التفت اليها " تحدثي ما بك!!"
التفتت اليه وقالت بهدوء " انت الذي ما بك!! كل ما في الامر انك ستأخذ حقك.. ليس إلا.."
قاطعها بحدة " وانا لا اريد.."
" لماذا!! حقا اخبرني.. لا استوعب سبب رفضك المستمر؟؟" تسائلت باستغراب ثم جلست على احدة المقاعد الخشبية..
بنظرة جانبية عليها " كل هذا لرفضي.. انتي تعلمين انني رافض لهذه الفكرة منذ زمن.."
اومأت رأسها " اعلم ذلك.. وانت تدرك جيدا انني اعلم ما سبب هذا الرفض.."
توجه ناحيتها وجلس على المقعد المقابل لها.. وتحدثت حين ذاك " ولكن الان القدر فتح لك طريقا جديدا.. وهي ريم.."
تجهم وجهه وعقد حاجبيه باستياء.. اما هي تنهدت وقالت " وانت بدل ان تستغله.. تظل تحت هواجسك ومخاوفك،،"
رمقها بعينيه بقسوة ولكنها لم تهتم لتلك العيون التي بدأت بالاشتعال.. تنهدت ثم قالت لعلها تؤثر عليها من خلال ذكر ريم " هل تدرك جيدا لماذا تفعل ريم كل ذلك!!" اعتلى صوتها قليلا " لانها تحبك ايها الغبي.."
تنهد من اعماقه بينما نظرت اليه جيداء عندما نظر اليها وقال " وانا لا اريد استغلال الحب الموجود بيننا الا تفهمين؟!"
لوت شفتيها بسخرية فهي لن تقنعه بأي شيء ثم صرخت به " عنيد.. غبي.." وكادت ان تكمل شتائمها لولا انه قاطعها بنبرة متهالكة
" لا استطيع.. وله ابناء.. انا اعلم معنى فقد الوالد.."
زفرت بقوة " قلبك الطيب لا يقسو حتى على اعدائك.."
بادلها الصمت وهو مدرك ان لقلبه نصيب بما هم فيه الان.. "اليس الاثنان والديك.. سيدخلان السجن.."
اومأت رأسها " ادرك ذلك.." ثم اشاحت بعيونها نحو الفضاء.. " احدهما بعد ولادتي تركني.. والاخر تربيت في منزله.. يغدق علي حنانا مزيفا..."
" ولكن انت تعلمين بحبه لك.."
ابتسمت من بين سوءات الماضي " اعلم.. لذلك لا اسامحه.. وبرغم ذلك اعتبره والدي.."
نظرت اليه بعد ذلك " ولكن هذا لا يعني انه غير مخطئ بحقك ايضا.. هل يجب ان يبقوا خارجا ليستلذوا بما ليس لهم.. ويقوموا بسرقة حياة الاخرين"
ظل صامتا وهو متيقن بصحة كلام جيداء.. اكملت هي " ربما القدر اخرج لك ريم لتساعدك.. ليس عيبا ان يكون ل.."
قاطعها بعجز " سبب رفضي لمساعدتها ليس الا اريد انا ان اكون مكانها.. ان احميها ان اساعدها ان اكون انا الحصن المانع لكل خطر يتجول حولها...ولكنه العكس!!"
ثم ارخى وجهه بين يده وقال بقهر " ولكن حالي لا يسمح لي.. انظري لما هو انا عليه مجرد موظف بسيط اتقاضى راتبا كل نهاية شهر.. فكيف لي ان اقوم بهذا وانا لا املك مالا لاعطيه لمحامي.."
كادت ان تتفوه بشيء ولكنه نطق قبلها بعجز ظهر في صوته " لا تقولي لي ريم وما شابه.. احبها اجل وممتن من وجودها بجانبي.. ولكن اريد انا ان اتغلب على حالي هذا ..."
توقف عن الحديث عندما كبلته ايدي من خلفه تحاصر عنقه وصوت يقول بعتاب " وما بها مساعدات ريم.."
ضحكت جيداء وقالت " من أين خرجت انت!!"
ابتعدت ريم عن رائد الذي ابتسم وقالت " من الباب!!"
هزت جيداء رأسها بقلة حيلة ثم وجهت حديثها الى رائد " لو اننا ذكرنا مئة قطعة نقدية افضل.."
شهقت ريم بعدم تصديق في حان قالت جيداء " ممثلة جيدة.."
مد رائد يده واحتضن يد ريم واحتضنها " لا ابدل حبيبتي بقطع تذهب وتأتي.."
أخذت ريم ترفع حاجبيه وتنزلهما... انها حركتها المعتادة وكما ان جيداء اعتادت عليها ايضا.. واعتادت على شقاوتها.. انها الشيء الوحيد الجميل الذي دخل في خياة رائد.. انها تدرك ان في طبقة الاغنياء توجد المشاعر المزيفة ولكن ريم عكس كل الافكار التي علقت في عقلها عن ذوو الطبقة المخملية.. ومكوث ريم بجانبه ليس شفقة انما ذلك هو الحب الحقيقي..
نهضت جيداء من مكانها وقالت " اقنعيه انتِ.. لقد فشلت.."
لم تبدي ريم اي حركة فما سمعته كان كفيلا باسكاتها.. وبعد دخول جيداء الى المنزل تجر خلفها الخيبة ..لاحظت ريم امارات الضيق على رائد.. مقطب الجبين وكأنه يفكر بأمر ما..
" ما بك!!"
هز رأسه نفيا وابعد عنه كل شيء يجلعه ضائعا في هذه المتاهة والتي لا يعلم متى سيستطيع المناص والخروج منها ثم ابتسم ابتسامة.. بل انها نصف ابتسامة ادركتها ريم " لا شيء.. ازعاج جيداء فقط.."
اومأت رأسها بتفهم وبهدوء شديد تتلاطم امواج عقلها بافكار تأخذها ناح اليمين وناح اليسار الى ان ركدت عندما تسائل رائد " ألا يوجد تدريب اليوم؟!"
هزت رأسها نفيا جوابا لسؤاله وابعداها للافكار التي بداخلها.. ثم قالت " بلى.."
عقد حواجبه.. فتلأات عيونها بأمل وقالت بابتسامة ماكرة " اردت فقط ان تعدل عن رأيك بأمر النزهة.."
نظر اليها بعدم تصديق وقال " وأي حيلة ستلفقين لي.. لا اشاركك بكذباتك على والدتك ابدا.."
نظرت اليه بوجوم " لا تعد كذبة.. لانها ستتحقق.."
افلتت منه ضحكة صغيرة " وما المطلوب من رائد!!"
" ان يذهب معي.." رفع احدى حاجبيه بمعنى لا، قالت ريم بدلال " هل ستترك ريم لوحدها.."
تحدث بأسف " ولكن لا استطيع.. انت تعلمين ان هناك الكثير من العمل.."
تأففت وقالت " دائما عمل.. عمل .. عمل.. من سيهتم بريم"
" ريم.."
" ماذا؟! " قالتها بصوت مرتفع بعض الشيء مما جعل رائد يبتسم لغضبها.. ومع ابتسامته ذاب الغضب القليل الذي اعتراها فلانت عضلات وجهها وقالت مع ابتسامة " اذا ستذهب؟؟!"
ضحك لتعابير وجهها الطفولية حيث توسعت وظهر بريق في عيونها كالأطفال تماما.. وبضحكته تلك ضرب كل شيء في عرض الحائط فنهضت من مكانها بحدة كبيرة وقالت " دع الضحك ينفعك الان.."
اخذت حقيبتها وكادت ان تخطو اولى خطواتها الى الابتعاد ولكنه يده التي امتدت الى يدها بامتلاك اوقفها عن السير.. ابتسمت لذلك ولكنها تعمدت عدم النظر اليه فهو ما زال متمسكا بضحكته الخفيفة والتي تضفي عليه جمالا لا تستطيع مقاومته.. فالافضل لها ان تغصب قلبها والا انها ستتسمر نظراتها عليه تماما...
وبعد ان توقف عن الضحك كانت ما زالت هي واقفه تحاول عدم النظر اليه
" حسنا احاول الذهاب.."
نظرت اليه بعدم تصديق وبفرح " حقا.."
ابتسم لها وقال " يكفي ان لا تحزن ريم المزعجة.."
عانقته بشدة وقالت " ان كنت لا تستطيع احزاني فاتخذ حزني حجة لكل شيء اريده.."
ثم تبتعت كلامها بضحكة منعشة تخترق مسامعه بكل حب.. بادلها العناق وقال بتهكم " حقا انك كالطفلة.. لقد قلت سأحاول وهذا غير مؤكد.."
ابتعدت عنه وقالت " هذا يكفيني للتحليق بسعادة.."

// أصغر الاشياء وأقلها تفرحنا من حبيب داهم خلوة قلبنا!! //

********************
ارتاح بجلسته على المقعد الجلدي الدوار وقال " واخيرا.. استطعنا شراءه.."
ابتسمت ياسمين وقالت بإطراء " انت دائما بارع في عملك يا سيد مراد.." ثم وضعت امامه على المكتب كوب القهوة..
نظر اليها بتمعن مما اربكها قليلا وقال " لقد سمعت اذني تطن باخي.."
توسعت عيونها مما جعله يضحك " اما قلنا في العمل سيد.."
اومأت رأسها له باستغراب لحاله هذا.. فدائما متجهم الوجه لا تظهر ضحكته ابدا...
قال لها مراد بتحذير " لا تقولي للؤي اخي بتاتا.." وشد على اخر كلمة..
ثم عقب قوله دخول لؤي بانزعاج واشار الى ياسمين بالخروج..

" ان مزاجك عالي اليوم.. تضحك وتضحك.."
تحدث مراد بغروره المعتاد " ولم لا اكون سعيدا.. وقمت باقناعهم بامر الشراكة.."
همس لؤي بقهر " قمتُ..".. ثم قال بصوت مرتقع " وامر ماجد!!"
" عليك انت.." قالها بلا مبالاة امام استغراب لؤي.. من المؤكد عليه الان اختلاق الاعذار بسبب عدوله عن الاتفاق في شراكته..
اومأ لؤي رأسه بقلة حيلة ثم اخذ يقرأ عقد اتفاق الشراكة الجديد والذي سينقظ شركتهم،، بينما اخرج مراد سيجارته الفخمة واشعلها.. نفث دخانها الاسود كقلبه تماما واعادها.. قال وهي بداخل فمه " ولكن عمل جديد ستعرضه عليه.."
رفع لؤي بصره باستغراب،، وادرك من تلك الابتسامة الماكرة ان هناك ما يخطط له مراد من جديد.. تنهد بقلة حيلة واخذ يستمع بما ينطق به..
*****************
تتدفق كلمات الماضي مع كلمات الامس التي ما زال رحيقها فواحا في عقل قمر!! تختلط مع بعضها ولكنها تأبى الامتزاج!! تعقد حاجبيها تارة وتبتسم تارة اخرى.. تتذكر هفواته وكلامه الحاد ولكنها في نفس اللحظة تغفر له خطاياه.. قلبها الطيب يرفض ان يتلوث بمشاعر حقودة.. فيبقى ناصع البياض فهل هذا خطأها!! وهل طيبة قلبها السبب في كل ما حصل لها!!
تتمنى من اعماق قلبها ان يبقى على حاله هذا!! وان لا يعود ذلك الحديدي الذي لا يرحم يلقي بكلامه من دون تفكير،، ولكن ان عاد الى حركاته السابقة وتصرفاته الجارحة.. هل ستسامحه؟؟
اجل ستسامحه!! ان كان متقصدا او لا!! فنقاء قلبها يتكفل مهمة الغفران..
هي ليست ساذجة!! او فتاة صغيرة!! ان اساء لها احد تقابله بالمسامحة!!
ليس كل ما تسمعه تفسره على حسن نية!! انها تعلم ان الشر متولد في طبيعة البشرية!! تدرك جيدا ان هنالك ذو الطباع السيئة الذي انتشل قلبه منه واصبح معميا بالحقد ومتجردا من الضمير!!
ربما يظن البعض انها كفتاة صغيرة تصدق كل ما تراه وتسمعه!! وباعتذار بسيط تنسى تفاهات الماضي المؤلمة... هي تسامح لانها تتشبث بالاهتمام والعطف المختبئ داخله فهي فقدت العائلة وفقدت معها العطف والمشاعر الجميلة!!
ربما الحزن رافقها كثيرا!! والدموع كانت صديقتها وملتصقة بها كتوأم روحها!! لانها لم تستطع فك قيد الماضي من حياتها!!

وجهت بصرها نحو عقد والدتها الموضوع على الطاولة المستديرة حملقت به برهة من الزمن ومشاعر تأخذها الى قيعان محيطات الحب.. نفضت من رأسها تلك الفكرة كأنها تنفض الغبار عن ملابسها بقوة... وتذكرت كلمته بوعده اياها بالصداقة.. انها مجرد صديقة بالنسبة اليه لا اكثر.. وهذا يكفيها..سوف تحاول اخماد مشاعرها بمصطلح الصداقة ،، ليس لانها فتاة ترضى بالقليل من من احبت بغض النظر عن مشاعرها..
ولكن كما قلت سابقا هي فقدت العائلة!!
ابعدت نظرها عن العقد واصطدمت بتلك الرواية على شكل كتاب متوسط الحجم.. اخذتها ونظرت اليها بتمعن... انها باللغة الفرنسية!! لقد قرأت اولى صفحاتها بتلهف شديد لما تحتويه.. واخذت فكرة عن بطلة الرواية والتي لديها شغف بالرسم مثلها تماما وكانت بدايات البطلة مع الرسم بتقليد والدتها الرسامة المشهورة..
تنهدت قمر لاحدى ذكريات الماضي المتعثرة في طرقات عقلها فهي ايضا ورثت حب الرسم والالوان من والدتها.. فمنذ صغرها كانت مولعة بشيء يسمى اقلام التلوين وذلك الدفتر الذي لم يفارقها ابدا.. ابعدت عنها سحابة الذكريات وعبرت في سماء عقلها مبتعدة.. ثم نظرت بعبوس الى يدها وكل تفكيرها متى ستتحرر من هذا الشيء على يدها وتعود لتفريغ مشاعرها بالرسم...
وبعدها بدقائق ارتشفت القليل من الليمون البارد حيث انعشها واعطاها الطاقة لاستكمال ما قرأته.. فتحت الكتاب وبدأت عيونها تنتقل بين الاحرف بانسجام شديد...


يتبع


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-17, 03:20 PM   #37

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

مضت نصف ساعة وهي على ذات الهيئة.. بؤبؤيها يتحركان مع كل حرف.. تتجاوز السطر الى سطرين.. حتى تصبح صفحة.. مع ابتسامة حينما تقرأ التعابير الجميلة.. وتتبدل ملامحها بسرعة مع كل موقف حزين..
وهي في حالها ذاك تطفل صوت هاتفها وانتشلها من الغوص في نسيج الحروف الخيالية... رمشت عده مرات وكأنها عادت الى الواقع الحقيقي.. ثم قطبت جبينها بانزعاج فمن هذا الذي يخرجها من راحتها.. تنهدت و نهضت حتى تتوجه الى الداخل...
وحيث مصدر الصوت.. كان هاتفها الذي لم تعتد عليه حتى الان ملقى على السرير.. اخذته وهي تنظر الى شاشته باستغراب.. انه ذات الرقم من جديد.. يتصل ويتصل فتجيب ويقابلها بالصمت... راودها شعور بان عليها ان تجيب.. واحساسيها تؤكد لها ان هناك صوت خفي من خلف هذه المكالمة الهاتفية.. فاطاعت احاديث قلبها ثم اجابت..
" مرحبا.." وبأدب " من على الطرف الاخر؟!"
وكالعادة لم يقابلها الطرف الاخر الا بالصمت.. تنهدت بنفاذ صبرومن بعدها كما اطاعت قلبها في الاجابة على هذه المكالمة... اطاعت عقلها واغلقت الهاتف...

اما من على الطرف الاخر بقي متسمرا مشدودا ويده ما زالت على اذنه.. وصوتها ما زال متعلقا بعقله ويتردد صداه..كأنه اكسجين يمده بالحياة.. وبصوتها تهدأ براكينه المظلمة الا من جمر غضبه.. وتسكن بحاره.. وتعود طرقات عقله ادراجها وتهدأ.. لا يدري لم لم يستطع الا ومهاتفتها.. برغم انه اصبح قريبا منها وليس مبتعدا.. اصبحا تحت نفس السماء وفي نفس البقعة الجغرافية من الارض.. لا يدري ولا يدري لم يحب سماع صوتها عند اختلاج داخله وتلوثه بالغضب.. ام انها اصبحت عادة عندما يشتاق اليها ويريد نزع الغضب عنه..
عاد الى طبيعته ونزع عنه رداء الحب والعشق.. ترجل من سيارته في المنطقة الخلفية قصرهم الذي ولد تيارات الحب المعاكسة وانعش قلبه واعاده الى حياته السابقة.... عبر الردهة الواسعه وكاد ان يلتفت حتى يستقل السلم ولكن صوت رامي من خلفه يقول مع ابتسامة عريضة " احسنت صنعا.."
التفت اليه مجد وامارات الضيق بادية على وجهه لانه يدرك الى ما يرمي اليه.. رمقه مجد بينما كان رامي يقترب اليه بهدوء شديد..
عقد مجد ساعديه و ابتسم رامي اليه ثم تحدث " اترك عنك هذا الاجتماع.."،، رفع مجد احدى حاجبيه باستخفاف " حقا؟!"
" دعنا نتحدث قليلا.."
مجد بصوت حازم " لا يوجد ما نتحدث به.." ثم عاد ليستقبله الرواق المؤدي الى السلم.. فكانت هناك اوراق يجب اخذها من اجل اجتماع مجلس ادارة شركتهم.. ولكن صوت رامي اوقفه من جديد " هل كنا هكذا يوما.. انت حانق علي.."
التفت اليه مجد بحدة ومن بين اسنانه " رامي.."
تأفف رامي " انت محق.. ولكن.."
قاطعه مجد " لست حانقا او ما شابه.. سوء تفاهمات في الماضي وانتهى.. (تملكت رامي الراحة بينما اكمل مجد) ولكن هناك اجتماع ويجب علي اخذ ما يلزم من اوراق من غرفتي.."
اومأ رامي باستلام " ولكن علي قول شيء لك.. اهرب منه"
" دائما تتهرب من المسئولية.."
ثم وضع مجد ساعده على كتفي ابن عمه وشقيقه في ذات الوقت .. " اجل.. اسمعك ايها المزعج.."
ابتسم رامي وقال " كم انت جميل هكذا.."
ابتسم مجد وقال بنفاذ صبر " ان كنت تريد قول ما بجعبتك تحدث.."
" تقول لي انني اتهرب عن المسئولية وانظر الى نفسك.."
" رامي.."
" فقط كل ما اريد قوله انني حقا ممتن من حالك هذا.. يعني ما اعنيه هو هكذا.." صمت قليلا ليرتب الكلام في داخله..
" اجل،، اكمل.."
تنهد رامي ثم " من اجل ما حصل البارحة.."
" ماذا حصل؟؟"
اخذ رامي نفسا عميقا ثم بتردد لا يعلم كيف يرتب الكلمات " من اجل قمر... لقد اخترت منفذا جيدا للولوج الى قلبها.."
تحدث مجد ببروده المعتاد ويخفي داخله سلاسل متقيد تفكيره وتجعله محصورا بما رأى صباح اليوم " لم افعل ذلك لأمتلك قلبها.."
حك رامي جبينه " اقصد.."
قاطعه مجد مشيرا اليه بسبابته " استخدم مصطلحاتك جيدا.."
زفر رامي بضجر " انظر لشكلك من يقف قبالك يخاف منك.."
ثنى مجد فمه بسخرية " تخاف!! انت!! ومني؟؟"
" ليس هكذا.. فقط اخاف ان اخرج كلمات لا ترغبها انت.."
افلتت من مجد ضحكة عفوية تعاكس البرود الذي يروي وجهه... ثم بنصف عين وجهه سؤاله " ولم تعطي رأيك بشأن ما فعلته!!"
استند رامي على الحائط البني وقال " انها شقيقتي.. ويهمني ان اراها سعيدة ومرتاحة.."
نظر اليه مجد بشك " انت تخفي امراً.."
وقف رامي بتأهب " لا احبها صدقني.. قلت شقيقتي.."
عقد مجد حاجبيه وما لبث ان انفجر ضاحكا على هيئة رامي عندما قفز فجأة وكاد ان يقع.. ظل رامي صامتا يشعر بنسمات الفرحة تلفحه لحاله..الى ان هدأت ضحكات مجد واختفت وتجهم وجهه
رامي بغرابه " ماذا بك!!"
ابعد مجد ناظريه عنه ثم ابتعد وهمس قلبه بألم
" انت لا تحبها،، ولكن هي ربما تحبك..."

استدار بجسده المنهك وبدأ بالصعود ببطء شديد.. تتصاعد ابخرة حرارة عقله من التفكير.. وتهب داخله ألسنة نيران الذكريات التي تضرمه.. كان قد اخرس عقله الذي يأبى التنازل لفتاة من جديد.. وخلع عنه رداء القسوة واستبدله بما هو اخف منه واحن.. وعاهد نفسه ان لا يقذف عليها ما يطرأ على لسانه ويحاول تمالك نفسه...
/////////////////
" انت دفعتها لكرهك بكل هذه التصرفات.." علقت العجوز سالي وهي تدلف عليه ببعض الكعك المحشو بالبرتقال
بهتت ملامح مجد وقال " هل باتت تكرهني!!"
جلست بالقرب منه " لا اعل.. ولكن لو انا لو كرهتك،، هل يعقل ان تشكك بتربيتها وان تقسو عليها بالكلام.. هذا معيب.."
زفر مجد بحرارة.. بينما استرسلت هي بالحديث " اما قلت انها يتيمة الام.." اومأ مجد رأسه..
اكملت " تحتاج لكل شيء فقدته منذ فقدان والداها.. وكأي فتاة سوف تميل الى من يهتم بها ويعطيها ما فقدته.."
///////////////////////
خرج عن تلك الذكرى يسير في قطار الذكريات حتى عبر المقطورة التي تليها
////////////////
ينظر الى هاتفه باستمرار.. جالسا بملابس عادية في المقهى يحتسي كوب الشاي في الصباح الباكر.. وبجانب موضع كوبه وضع العقد الذي اصلحه.. يتأمله بهدوء عيونه وتساؤلات وجدانه... غرق في اسئله لم يستطع الاجابة عليها الى ان انقذهت تلك الفتاة الشقراء التي جلست بجانبه..
" لقد مل منك العقد.." ثم سحبه لتراه بانبهار..
وبهدوء عاد لارتشاف الشاي بينما تحدثت تلك المتطفلة " ان كنت تحبها لما لا تعود؟؟"
خطف انظاره على حفيدة سالي ذت الشعر المجعد " وان كانت لا تحبني.. اكون قد عدت بلا فائدة.."
نفت برأسها " لقد سمعتك تتحدث الى جدتي ذات يوم.."
رفع احدى حاجبيه فاكملت هي " ستسامحك صدقني.. وانت اجعل قلبك لينا.."
ابتسم بسخرية فاندفعت هي قائلة " اني فتاة واعلم.. ربما في الخامسة عشر ولكنني ادرك جيدا معنى القلب الطيب.. ألا تقول انها ونقية كالياسمين.."
صمتت قليلا ثم رفعت العقد يتدلى من يدها " اليست من تفقد هذا العقد.. وهو لوالدتها.. عد وأهدها اياه ستسامحك صدقني.."
نهضت من مكانها تاركة اياه بحيرة كبيرة الى ان اقتربت سالي وقالت بسخرية " اريد ان ارى الفتاة التي جعلتك بهذه الحال.."
" لا وقت لسخريتك سالي.." ثم عاد بأنظاره الحادة نحو العقد
فهل سيكون السبيل لتعبئة الفجوة التي بينهما!!.. تنهد من اعماق قلبه عندما ادرك انه المسئول عن هذه الحفرة العميقة بين قلبها الرقيق وقلبه القاسي..
" لا تقسو على نفسك هكذا.." تحدثت سالي بحزن عميق.. بينما نظر اليها بقلة حيلة " ليس انا.. بل قلبي.."
" ان كان قلبك يتمزق عد ليشفى جراحه.."
اطبقت شفتاه وصمت طويلا الى ان قالت سالي " انت ما تخشاه هو هي.. ان عدت فلن تستطيع مغادرتها.." تنهدت ثم اكملت على مسامعه " هناك في عقلك يدور الكثير والكثير..."
وكأنه بصمته يجيبها بصحة كلامها فاردفت وهي تمسك كفه برفق " انت تحبها وربما هي احبتك.."
" اما قلتي ان الفتاة تميل لمن يهتم بها.. ولكن انا.."
قاطعته " وما ادراك ما بداخلها ربما هي شذت عن قاعدتي.."
اخذ نفسا عميقا ثم تحدث " لا ادري.. ربما مال قلبها لاحدهم بغيابي..."
تنهدت سالي " انظر لي واسمع مني،، عد الى بلدك والى عشقك.. لن تلقى جوابا للاسئلة التي في رأسك الا اذا رأيت بعيونك انها على ذمه عاشق غيرك... ثم دع كل الصفحات السوداء في الماضي وابدأ من جديد.. حتى يبدأ قلبك النهوض والبحث عن طريق له.."
///////////////////////////////

اطلق زفيرا قويا بعد ان خرج من عبير الذكريات وكاد ان ينعطف الى الرواق المؤدي الى غرفته لولا صوتها الذي اخترق جبالا من الشك.. وينبعوعا من الغضب ينحدر خلالها.. توقف عازما عدم المساس بقلبها الزجاجي الرقيق اي اذى او حتى خدش قصير.. ولكنها عنمدا كانت تقترب منه بتردد وبشجاعة تحاول اكسابها الى نفسها. وبسؤالها ذاك الذي جعل دمه يجمد واعصابه تبدأ بعواصفها التفت اليها بحدة وظل صامتا..
عادت بنطق سؤالها من جديد بعد ان ازدردت لعابها بصعوبة " هل رامي بالاسفل!!"
لمح البريق في عيونها وادرك جيدا ان ذلك البريق هو نتاج ما صنعها قلبها من كعك الحب اللذيذ.. واما قلبه ينظر باشتهاء الى بخار الحب المتبخر وكأنه طفل صغير حرم من ما لذ وطاب... ولم يتسطع الا ان تفلت منه تلك النظرة القاسية عليها..
تحدث مجد بعد ذلك بقهر" من يفضله قلبك بالاسفل.."
نطقت قمر ببطئ "ماذا تقصد!!"
ثم عاودت اللكلمات لسعها بحقنة مجد اللاذعة.. ولم تردك الا بيده الحجرية تمسك بيدها بقسوة لم تتحملها.. ثم تجر وراءه بدون قوة وحيلة... تأن وتتألم وهو في اوج غضبه الذي سيطر عليه.. وهي من خلفه لا قوة ولا حيلة لها امام جسده الرياضي... ولم ترى نفسها الى في وسط غرفته... وسط العذاب الاسود والسيطرة المبالغ بها.. في ظل رائحته التي ملأت المكان.. تحت ارتفاع صوته وهو يقول " ما هذا اذا؟!"
التفتت الى ما يقول بهدوء شديد.. وكأنها انسان الي يتحرك.. صنعت من المعدن لا من روح.. وكان ليس لها قلب.. نظرت الى ما يسر على جهاز الكمبيوتر خاصته.. ثم توسعت عيونها بصدمة.. ان كان يقصد ما تراه حقا.. فهو مغفل!! احمق بحد ذاته!!
تتحرك عيناها بين الصورة وبين جسدها الذي احمر من الغضب.. صورة تجمعها مع رامي في اروقة المشفى،، ولم تكن هي وهو فقط بل ريم ورائد ايضا في الجانب الايسر من الصورة.. وايضا جيداء ذات الرأس الاحمر....
نظرت الى وجهه الذي تجهم ثم زفر بنفاذ صبر.. ينتظرها لتجيبه ولكنها غارقة ما بين صدمة وحزن.. مزيج من المشاعر غرقت به.. ما بين امس جميل وحاضر صادم مؤلم.. تتلاطم شخصياته السابقة وشخصية الامس مع ذاك الذي يقف امامها تنطلق اشارات الغضب من عيونه..
افلتت صرخة منه وقلبه يتهاوى ألما ثم نظر اليها وقال بتهالك وهو يجلس على السرير" هل هذا هو من فضله قلبك علي.."
ثم اختفى وجهه بين راحتيه.. تلمع هي عيونها بدموع تجمعت في بحرها.. تقاوم الضعف لتتمسك بشخصية قويه تجابه ألسنة نيرانه.. بينما ما استطاعت ان تتفوه به " لقد كان الامس حلما.." ورغم انخفاض صوتها الا انه سمعها.. وتدارك الخيبة التي تقطر بحروفها...
ركزت نظرها اليه وبعد ان رفع وجهه تتقابل حدة الرصاص من عيونه مع عسل النحل في مقلتيها.. تخرج كلماتها كالسيف يمزق قلبه
" انت لم ولن تتغير.. لماذا؟؟ قل لي لماذا!!" يخرج صوتها مختنق مصحوبا بحشرجو بسيطة.. تبعد نظرها عنه تقاوم البكاء.. تتذكر كلمات ريم الداعمه لها بأن تنهض عن عرش الضعف وتتملك جمهورية القوة... فتغلق عيونها بألم " كنت اتوقع بعد البارحة ان تصبح شيئا يختلف عن السابق.. ولكنك.."
صمتت قليلا بعد ان فتحت عيونها.. تنظر الى الصورة بمرارة ثم اكملت " ستبقى كما عهدتك.. شخص لا يملك قلبا ولا يأبه بالمشاعر.. اظن ان اعتذارك بالامس لم يكن الا تأنيبا للضمير ليس الا.."
كاد ان يقاطعها.. ولكن سلاسل الضعف قيدت قلبه قبل لسانه.. نهض واقفا ترسل عيونه كلاما لم تفهمه قمر.. حاول الاقتراب منها لكي يمسح تلك الدموع التي بدأت رحلتها على وجه قمر.. ولكنها اكملت حديثها المؤلم " منذ وطئي المنزل وانا لا اسمع منك الاهانات.. كلام جارح لا استحقه ابدا.. اصمت واصبر واحاول عدم الاهتمام لانه لا يوجد لي مكان غير هنا.."
اطلقت شهقتها ثم اكملت من وسط الامها "كنت اظن ان هنا سألاقي الامان والحب وتلك المشاعر التي فقدتها.." توقفت عن الكلام حيث ان الكلمات اخنقتها والالم سيطر عليها ولم تعد تقوى مقاومة دموعها اكثر.. سمحت لكل تلك الالام ان تخرج على هيئة دموع امام قوته التي خارت وندمه الذي تضاعف... حاول وحاول ولكنه لم يستطع جمح غضبه واخماده.. جاهد مرارا بان لا يطلق عليه سمومها ولكن الغيرة اعمت بصيرته..
يشع بريق الندم من حجرات قلبه ونتوءات عقله.. حتى قالت اخر كلامها بانفعال " ان ما تراه في هذه الصورة.. ليست الا انعكاس على مشاعر اخوية فقدتها مع الزمن.. وعوضني اياها رامي.."
توقفت الكلمات عن الخروج اذ عارضتها تلك الشهقات وقفت في طريق الكلمات لتطلق العنان لنفسها مع دموع تخرج كهطول المطر.. مما جعل قلبه الذي قسا يبعد غشاءه السابق.. اقترب منها وبدأ بكف دموعها ونطق بضعف " قمر.. ارجو.." ولكنها قاطعته بأن نفضت نفسها من بين يديه وارتدت الى الخلف بمرارة الخيبة.. تتراجع بخطواتها ثم ما لبثت ان استدارت نحو الباب ثم اختفت وتوارت عن انظاره..

الاعمال كثيفة... يحاول بجهده القيام بالمسئولية الواقعه على عاتقه... من مهمة الى مهمة عمل اخر... وها هو الان عاد من التفقد لاحد دور الايتام في المنطقة.. لا يدري لم وكل اليه هذا العمل في هذه الفترة... تنهد ثم القى الملفات على مكتب السكرتيرة في هذا الطابق وجه لها بعض التعليمات الخاصة بكل ملف ثم استدار نحو المصعد الكهربائي في الزاوية... خرج بعدها الى الطابق العلوي حيث يتواجد مكتبه في احد الاركان.. لاحظ تقدم احدى الموظفات حتى توقفت امامه وقالت له " سيد رائد.."
اومأ رأسه فاكملت الموظفة وهي تعطيه مغلفا بني اللون " هذا وصل اليك.."
عقد حاجبيه " ممن؟؟"
" لا نعلم.. احضره رجل الامن في الصباح الباكر..( ثم قلبت المغلف واشارت وهي تقول) حتى ان اسمك مكتوب عليه.."
نظر الى المغلف بشك قبل ان يأخذه منها ثم قال باقتضاب " شكرا لك.."
ابتعدت الموظفة واخذ هو يقلب المغلف الذي بيده مستغربا.. ثم سار حيث مكتبه..

جلس على كرسيه الخاص ووضع المغلف امامه... وبتردد فتحه ولامست يده محتواه وانتابته الغرابة عند شعوره بملمسه.. يبدو انه صورا فوتوغرافية...
ازدرد لعابه ثم اغلق عيونه وبعد عدة ثواني وكان ما زال مغلقا عيونه... اخرج تلك الصور مع احساسه بملمس ورقة اضافيه... فتح عيونه ببطئ ونظر اليها بعدم تصديق تصفحها بعيونه المفتوحة على وسعها بقهر ممزوج ببعض الدهشة.. ثم واخيرا نظر الى الحروف المكتوبة بخط اليد على ورقة بيضاء... قرأها اكثر من مرة وهو يشد بيده قهرا عليها في كل مرة يقرأها وزم على شفتيه من شدة القهر...
وفي استراحة الغداء... جلس في زاوية من زوايا المقهى القريب من مكان عمله شارد الذهن يفكر بتلك الصور وتلك العبارة التي الجمته عند قراءتها غير مدركا لريم التي اقبلت عليه بابتسامتها الخجولة.. جلست على الكرسي المقابل له ووضعت حقيبتها على الكرسي المباشر.. كادت ان تتفوه باعتراض على سكونه ولكنها لاحظت شروده المخيف وتسمر انظاره الى الخارج..
وبعد ان مضى القليل من الوقت حيث جرت بينهما محادثة خفيفة تتمتزج ببعض الخوف من ريم والفتور والضيق من رائد... وبعد ان اخرج كلماته تلك ظهرت الدهشة على ريم ايضا...
------------
منذ دخول قمر غرفتها جلست بصمت واندهاش لما حصل.. هي لم تصرخ.. لم تشتم.. لم تسئ اليه بالكلام.. لم تشببه ولن تشببه في ردات فعله...
هي فقط تفوهت واخرجت ما بجعبتها من كلام.. ما بداخلها من مشاعر.. ما بداخلها من حزن..
تنهدت بضيق وتمددت على سريرها بفتور وعقلها عالق بما قالته ليليان على الهاتف.. حيث انتهت مكالمتهما قبل دقائق من الان.. مكالمة كانت كفيلة بعادة الحياة الى قمر.. مليئة ببعض النصائح يتداخل بها كلام تحسين النفسية...
/////////////////
كانت تنظر الى العقد.. وعيونها تحكي روايات الحزن والاسى.. وتغزل خيوط حب بدأت بالنفاذ الى قلبها.. ولكن ما حصل!! اوقف عملية نمو نباتات الحب في قلبها.. تنهدت ثم حولت بصرها الى ذلك الدفتر،، الدفتر الذي ستخط عليها احزانها ومشاعرها بدل ان تفرغها بالبكاء.. ثم انتقلت عيونها نحو المنضدة حيث تلك الرواية.. وبعد ذلك اطلقت رأسها حيرة.. وبعد ثوان قليلة انطلق رنين هاتفها واخترق مراسم حزنها.. فنهضت مكرهة حيث المنضدة واخذته.. ثم ظهر بريق في عيونها فأجابت بسرعة بعد نظرها الى شاشة الهاتف..
وبنبرة حزينة ظهرت للطرف الاخر " اه ليليان.."
جاء صوتها مستغربا " قمر.. ماذا بك؟!"
توجهت بعدها قمر وجلست على السرير وبعد ان تنهدت " لا شيء.. ما اخبا.."
قاطعتها ليليان بخوف " ما بك!! اخبريني!؟"
عضت قمر على شفتيها ثم " فقط... لقد.."
تحدثت ليليان بنفاذ صبر " ماذا حصل!! تحدثي جيدا.."
" مجد.. ابن عمي......"
واكملت لها ما حصل ببعض من الدموع وبعض الشهقات الخفيفة... وكانت ليليان تسمع كلامها بحذافيره.. ولأنها تكبر قمر بسنة ونصف.. قالت لها بعد انهاءها الكلام..
" انظري لي يا قمر.. انت فتاة حساسة.. ربما تفهمين بعض التصرفات بشكل خاطئ.. اما قلت لي انه اعتذر لك الامس.."
" اجل ولكنه.."
قاطعتها ليليان " لا يوجد لكن.. انه ابن عمك وشقيقك.. ربما تصرفه هذا دليلا على خوفه وقلقه عليك.."
اثرت قمر الصمت فأكملت ليليان بذات النبرة الهادئة " انت قلت لي سابقا ان رامي.. يتحدث الى الفتيات ويتلاعب بهن بعض الوقت.. ربما خشي عليك منه لانه عاهده وعاشره اكثر منك.."
" ولكنها مجرد صورة عادية.." قالت قمر بعدم اقتناع
تنهدت ليليان " ربما كان شاهدا على علاقتكم الاخوية الجميلة.. فظن ذلك!!"
" ولكن تصرفه.."
" ربما ردة فعله كانت زائدة بعض الشيء.. وانت تعلمين كيف هو اكثر مني.. انه ابن عمك.. تعلمين كيف صفاته.."
" اجل.. هو يغضب كثيرا.. ودائما بارد.. ولكن حينما يغضب.."
قاطعتها " يتحول الى اعصار.. يوجد لدي ذات النسخة.. لذلك اقول لك ان تصرفه عادي ولكن حدته تكون زائدة بعض الشيء.."
اكملت ليليان " تجاهليه اذا كنت لا تريدين وجود تماس كهربائي بينكما هذا افضل.."
" ربما هذا الافضل.." ثم زفرت بحرارة
تحدثت ليليان " ولا داعي للبكاء في كل امر يحصل معك.. البكاء لا يجدي نفعا.. غيري هذه العادة المزعجة.."
" انت قلت عادة.. تعودت عليها منذ الصغر.."
" احاول انا تغيريها.. والان علي الذهاب ايتها الثرثارة..."
//////////////////
اغلقت عيونها بعد استرجاع المكالمة الهاتفية.. تبحث عن معنى التناقض في شخصيته.. هو حقا لن يتغير.. ويبقى على عادته باستعمال جبروته وسلطته.. صراخه وغضبه.. حدته وصلابته.. ولكن ان كان كما تقول ليليان يخشى عليها من تلاعب رامي.. ولكن هذا لا يعطيه الحق باتهامها بوجود علاقة بينهم.. ولكنه رجلها الحديدي الذي لا تستطيع الا اعادة احياء جمرات حبه في داخلها.. فيبقى حبيسا في قلبها.. في عقلها وفي كل زوايا حياتها..
وبعد دقيقية فتحت عيونها واعتدلت في جلستها .. نظرت الى العقد من جديد ثم ما لبثت ان ابتسمت وتطايرت الفراشات داخلها.. فسارعت لامساكه والنظر اليه.. ثم توجهت بعدها الى خزانة ملابسها واخرجت حقيبتها.. ثم وضعت العقد داخلها.. تنهدت براحة وكان العقد يعيدها الى الحياة.. يبعد عنها اثار الحزن.. يرسم على شفتيها الابتسامة وتلمع عيونها ببريق الامل ( بان القادم لا بد ان يكون جميلا.. وان بعد كل شتاء حزين ربيع..) انها الكلمات التي تتردد في عقلها.. كلمات والدتها حين تأتيها في الحلم او تتختلق هي صورتها..
توجهت بعد ذلك وحملت الرواية بين اناملها الرفيعة الناعمة.. لا بد ان تقرأها اليوم في النزهة وذلك حتى تفعل ما قالته ليليان لها " التجاهل" ربما هو افضل لتفتك من حصاره عليها.. وتنعم براحة بعيدا عنه..!!
تنهدت ثم لوت شفتيها و وضعتها في حقيبتها... وبعدها بدقائق استقر في اذنها صوت طرقات الباب فتحدثت سامحة للطارق بالدخول..
تحدثت احدى الخادمات بعد ان تعدت عتبة الباب " انسة قمر.. ان السائق ينتظرك من اجل النزهة.."
" حسنا.. بضع دقائق.."
اومأت الخادمة لها باحترام ثم انصرفت.. توجهت قمر من بعدها نحو حقيتها ثم اخذت هاتفها الذي تستطيع من خلاله تصوير المكان.. حتى ترسمه بعد شفاء يدها...
استقلت عتبات السلم واخذت تنزل براحة والابتسامة شاقه وجهها.. تشعر براحة لانها ستذهب مع السائق وليس مع متبلد المشاعر ذاك..
عبرت المكان حتى وصلت الباب الرئيسي.. ثم خرجت تحت انظار رامي الذي بدا مستغربا من خروجها.. حتى انه عقد حاجبيه غرابة وحيرة...
وعندما شاهد احدى الخادمات تسير امامه.. توجه اليها فنظرت اليه باهتمام " تفضل سيد رامي.."
تحدث رامي متسائلا " قمر.. اين ذهبت!!"
" الى النزهة.."

وبعد انصراف الخادمة من امامه.. حك جبينه ثم نظر الى شاشه هاتفه الظاهر عليها رسالة من ريم محتواها
( رامي لا استطيع القدوم للنزهة.. دعنا نؤجلها ليوم اخر.. هناك مشكلة مع رائد اود البقاء معه للمساء.. )



اتمنى ان يكون الفصل قد نال من اعجابكم..
ارائكم!!
توقعاتكم!!
كل كلامكم الجميل اريده بغض النظر عن تأخري الدائم.

دمتم بخير




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-17, 06:14 PM   #38

madamimen

? العضوٌ??? » 333737
?  التسِجيلٌ » Dec 2014
? مشَارَ?اتْي » 382
?  نُقآطِيْ » madamimen is on a distinguished road
افتراضي

وين باقي الرواية 😭😭😭😭😭😭😢😢😢😢

madamimen غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-05-17, 03:19 PM   #39

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

\\

السلام عليكم..
بعتذر كتير لانه طولت الغيبة عليكم..
بس بعض الظروف حكمتني وخلتني اغيب هاي الفترة الطويلة..
ممكن انها تكون مو اسباب كافية ومقنعه للاختفاء المفاجئ..
وبسبب فترة غيابي رح يكون في فجوة ونسيان لبعض الاحداث.. انا مدركة هاد الشي..
وبعتذر منكم كتير كتير.. واتمنى هاد الفصل يعوض جزء من غيابي
قراءة ممتعة ^^

الفصل العشرون..


قبل حلول الظلام.. وقبل قدوم الرداء الأسود المطرز بالنجوم مصحوبا معها القمر..
قبل أن يتوارى ضوء الشمس.. وقبل أن يختفي ضياءها تحت الشفق الأحمر..
قبل طي صفحة النهار دعوني اختصر القول بأن اعرض عليكم بعض المقتطفات لما حصل!!!

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ ^^ مشهد قصير ^^ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
في زنزانة ظل محجوزاً..
في حب ابدي كبل يديه ظل مأسورا..
في ندم كبير حاصره من أربع جهات..
وهو خلف قضبان الحب يعاني..
يعاني الألم من فتاته.. الندم من أفعاله.. الضيق من تصرفاته..
كلماتها كانت كالسيف الحاد.. ذلك السيف الذي يبقى مسلولا بشكل يدخل إلى الجسد.. يمزق الخلايا ثم يغادر ويخلف بعده اثرا لا يزول ..،، نظر إلى ساعته حيث تجاوزت الثانية عشر.. غادر غرفة الاجتماعات وصداع خفيف يكسر عظام جمجمته... وأما بجده ووالده وبقية مجلس الإدارة كانوا يتتابعون خلف بعضهم خارجين من الغرفة.. حتى وقف جده وقال له " مجد.. سنذهب لتناول الطعام"
نفى مجد برأسه نية لعدم ذهابه... ثم اخذ قارورة المياه من السكرتيرة وارتشف القليل منها.. وسار مبتعدا حيث مكتبه..
دفع الباب بهدوء ثم دخل.. واجهته رائحة مكتبه الزكية.. رائحة الياسمين!! وبهذه الرائحة يتعطر قلبه أيضا فهذا العطر يذكره بياسمينة قلبه!!
أما أثاثه فكان منحصرا بين الأبيض والأسود!! كما غرفته في المنزل أيضا!! وكأنها تعكس شخصيته المتضادة والتي تنتقل ما بين اسود قاتم وابيض ناصع!!
وقف على النافذة الزجاجية ووضع يديه في جيب بنطاله.. يتأمل الخارج بهدوء شديد.. والحان حزينة تعزف من الجهة اليسرى في جسده...فقلبه يعزف أنينا متواصلا ينحدر من القلب فينتشر في جميع أجزاء جسده..
" عليك ان تجد حلا لأفعالك.." اطلقها لسانه محدثا نفسه بغضب وكور قبضه يده اليمنى بعد ان اخرجها من جيبه..
زفر بحرارة والتفت الى هاتفه الذي يصدح بالرنين.. امسكه ثم أجاب " ماذا هناك يا رامي.."
" تبدو غير مرتاح.. ماذا هناك؟"
تحدث مجد متهربا" لا ولكن.. الاجتماع انتهى نصفه الاول وسيكملون بعد الطعام.."
" اذا متعب.."
علق مجد بسخرية " ماذا تعتقد اذا.." ثم بدل نبرته وبفضول قال " لماذا اتصلت؟؟"
تحدث رامي بتنعيم صوته " اشتقت اليك يا حبيبي.."
" انت لن تتغير ستبقى طفلا بتصرفاتك.."
" احاول تغيير مزاجك.. ولكنني افشل في كل مرة.."
تنهد مجد بنفاذ صبر.. فأكمل رامي بعد سماعه التنهيدة " اتصلت بك لاجل الغاء النزهة.. ارسلت لي ريم انها لا تستطيع القدوم.."
" لماذا؟؟" تسائل مجد
" لا اعلم السبب.. يبدو ان رائد لا يستطيع القدوم.."
" حسنا.." صمت لثوان قليله ثم تحدث " هل سليم بالمنزل؟؟"
" سليم.. اجل على ما اعتقد،، هل تريد"
قاطعه ببرود " الى اللقاء نلتقي مساء.."
وبعد ان انهى اتصاله مع رامي خفيف الظل.. اخذ يبحث عن رقم هاتف المدعو بسيلم.. حتى وجده اخيرا..
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ ^^ ^^ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ

اما ما حصل مع رائد قبل هذا المشهد القصير.. عندما كان في استراحة الغداء...
جلس في زاوية من زوايا المقهى القريب من مكان عمله شارد الذهن يفكر بتلك الصور وتلك العبارة التي الجمته عند قراءتها غير مدركا لريم التي اقبلت عليه بابتسامتها الخجولة..
جلست على الكرسي المقابل له ووضعت حقيبتها على الكرسي المجاور لها.. كادت ان تتفوه باعتراض على سكونه وعدم وجود رد فعل جميل بسبب قدومها ولكنها لاحظت شروده المخيف وتسمر انظاره الى الخارج..
همست بقلق " رائد..".. ثم تدفق شعور الاستغراب فيها عندما لم يجب ولم يتحرك قيد انمله.. فتفوهت بصوت أعلى باسمه من جديد فانتشل نفسه من عالمه الصامت المريب وكأن شيئاً ما قد صعقه... ثم مسح على وجهه بتعب و نظر اليها بحزن.. فقد ادخلها في متاهته وضائقته وماضيه... تنهد عندما سألته " ما بك؟!"
تعقد لسانه فماذا يقول لها!! هل عن صورها التي وصلت اليه؟؟ هل يقول عن خباثة عمه وحقده بأن استأجر احدا يراقبهم؟؟
نهضت ريم من مكانها ثم جلست بجانبه وامسكت يده بخوف وانقباض قلبها يبشرها بشيء سيء على وشك الوقوع... نفض رأسه ثم نظر اليها ولاحظ الخوف في عيونها..
ابعد ناظريه عنها وهو يشعر بالندم.. بالاسف الشديد لايقاعها بين يدي عمه... اخترق ندمه ذاك صوتها المرتجف " ماذا حصل؟؟ ماذا هناك؟"
التزم الصمت فهو لا يدري حقا ماذا يقول لها؟؟ هو ذاتا في حالة صدمة.. لماذا ما زال عمه يراقب تحركاته.. الى ماذا يسعى بعد ان اخذ كل ما يريده؟؟ وبعد هذه السنين!!
مضت دقيقة ثم شعر باهتزاز في جسده جراء تحريك ريم له بانفعال " ماذا هناك.. لا تخفني ارجوك؟! اخبرني؟"
تحرك لها ببطئ فنظرت اليه.. الى عيونه التي تصلبت وظلت تنظر اليها بمزيج من المشارع المختلفة.. انها حقا لا تفهمه.. لا تفهم تصرفه وصمته الغريب هذا!!! لا تدرك اي شيء حدث معه حتى تشعر بذلك الشعور الغريب المخيف؟؟
ولم تعي الا على يده التي لامست يدها برفق... وشاهدت تردده بالكلام فما يكاد يفتح فمه للتفوه الا بشفتيه تنطبقان بشكل مستقيم... ازدردت لعابها عندما تذكرت انها صادفت تلك المدعوة (هنادي) التي تعرفها على انها خطيبة كمال امام مكتب رائد... نفضت عن رأسها تلك الفكرة فكيف تعلم هنادي ان لها صلة برائد!! فماذا يكون اذا يا رائد ذاك الذي يجعلك غريبا هذا اليوم...
ثم انشدت حواسها عندما شعرت رائد ينطق بهدوء شديد " ريم.."
" هممم"
اخذ نفسا عميقا وشد بيده على يد ريم ثم قال " انتِ تعلمين انني احبك جدا حتى وان لم اعبر لك دائما.."
اومأت رأسها بخجل " اعلم ذلك.."
" وتعلمين انني لا اود ايذاء حتى خصلة من شعرك.." رائد بعد ان زم شفتيه..
" اجل.."
" ولكن.." صمت عندما شعر باختناق صوته في حنجرته... تنهد ثم ابعد ناظريه عنها وقال بعد ان اطرق رأسه " انتِ افضل شخص تعرفت عليه... لا استطيع ان اوفي حقك.."
ابتسمت ريم بريبة ممزوجة ببعض الغرابة من الموقف.. ثم اكمل رائد عندما رفع رأسه واخذ يبعثر نظره محاولا نطق ما بداخله...
تسلط الخوف عليها وتملكها وكأنها جزء من ممتلكاته حتى ان قلبها اعلن زلزالا مرعبا ينذر بوقوع العديد من الضحايا.. تنهدت لعلها تبعث في نفسها القوة والراحة ولكنها سألته بخوف " هلا تقول ما يؤرقك؟!"
تنهد بحرارة وقال بحذر " عمي.."
عقدت ريم حاجبيها ثم قالت بحيرة" ماذا به؟!"
" انه.." صمت قليلا.. فقالت ريم بعدم صبر " ماذا؟!"
" يراقبني.. او بالاصح يراقبنا.."
رمشت عده مرات تحاول استيعاب ما يقول ثم قالت ببطئ شديد " كيف؟!"
" حقا اعتذر لادخالك في.."
قاطعته " اياك والاعتذار.. ليس هنالك ما تعتذر له.."
" ولكن يا ريم.."
تساءلت ريم " لماذا تخشى عمك هذا كثيرا انا حقا لا افهم.."
زفر بحرارة وادخل يده بين خصلات شعره " انا لا اخشاه.. فقط لا اريد مواجهته ولا اريد رؤيته حتى.."
اومأت رأسها تتذكر محادثته صباحا مع جيداء "كيف علمت بمراقبته لنا؟!"
" لقد ارسل لي مغلفا يحوي صور كل منا.."
اطبقت شفتاها من الصدمة حتى انهما استقامتا مع اتساع عيونها بينما استرسل رائد حديثه بحقد " وليس ذلك فقط.." نظرت علامه الاستغراب على ريم فاكمل رائد بعد ان لوى شفتيه بسخرية " وترك رسالة ايضا.."
" كيف؟؟ ما محتواها؟!" ريم بعدم تصديق
" انه يقول اننا سنلتقى قريبا جدا.." ثم زفر بضيق
" لا ادري حقا ماذا يريد منك.. وكيف يستطيع فعل كل ما مضى والان والتفريط بك.."
" من فرط بابنته لن يأبه بعائلة اخيه.."
نظرت اليه بعدم فهم " ابنته؟!"
"جيداء.."
شهقت بقوة " جيداء.."
اومأ رأسه بمرارة " اجل.. تركها منذ الصغر واعطاها لمحاميه الخاص.."
" انت لم تخبرني بذلك؟!"
" لم اشأ من اجل جيداء.." فظهرت على ريم علامات التفهم واكمل رائد " لا ادري ما السبب في تركها ولكنه قد خسر ابنته وللأبد.."
تساءلت ريم بعد اسعفتها ذاكرتها في الولوج الى بعض محادثاتهم " ألم تقل لي ان عمك متزوج؟!"
اومأ رأسه " اجل بعد موت والدتها.. ويوجد لديه طفلة ايضا.."
ريم بدهشة " حقا.."
تنهد رائد " للأسف هكذا.."
لوت ريم شفتيها بضيق " والعمل الان؟؟ ليس كعصابات المافيا بالافلام.."
وبرغم ما يمر به رائد حاليا الا انه ابتسم " لا.. صحيح انه له من الاملاك والمعارف.. ولكن لا تصل افعاله الى هذا.." ثم اخذ يطرق بسبابته على رأسها " اخرجي من جمجمتك هذه الافكار الطفولية.."
لوت شفتيها ثم همست بخفوت " كان يجب عليك منذ زمن ان تأخذ حقك منه وان لا تتركه يمرح ويلهو بمالك.."
" انا اعلم ما معنى فقدان الوالد يا ريم.. لديه فتاة صغيرة وزوجة.. لذلك لم استطع.. ولا يوجد معي ادله تؤكد فعلته.."
اومأت ريم " لماذا لا تحاول.. فكر مليا بالامر.. نهب الاموال ليس بالشيء القانوني.. انا وانت نعلم ذلك من خلال تخصصنا.."
تنهد بتعب وبنبرة قلقة " هل سأستطيع!!"
اومأت رأسها بتأكيد ثم احتضنت ساعد رائد بامتلاك ووضعت رأسها على كتفه وتحدثت " ما دمت على طريق الحق فلا تخشى شيئا.. وما دام هناك عدالة في الكون.. فالحق يفوز دائما.."
وعلى مقربة من المقهى وقف قصى ينظر من خلال النافذه على كل من رائد وريم.. ثم امسك هاتفه وعبث بأزراره ووضعه على اذنه... وبعد قليل جاءه صوت الطرف الاخر فقال " انهما في المقهى الان يا سيدي....."
************
" حسنا حسنا... اغلق الان واهتم بعملك جيدا... وارسل لي ما يستجد.. الى اللقاء.."
اغلق هاتفه ثم وضعه جانبا.. اعتدل في جلسته واصبحت اكثر اريحية... ثم التفت بسعادة عندما سمع صوت بوق السيارة واذا بها تدخل في باحه المنزل... ابتسم من خلف النافذة ثم نهض بشوق نحو بوابة بالمنزل... فتحها ثم وقف برجوليته الطاغية ينظر الى عزيزته التي ركضت ناحيته تصرخ بأعلى صوتها " ابي.."
نزل على الارض وفتح ذراعيه حتى حطت طفلته بين ذراعيه بقوة.. عانقها ثم نهض ودار بها بسعادة وهي تضحك... وقف ثم لهث هو وطفلته من التعب..
" اشتقت اليك كثيرا يا ابي.."
" وانا ايضا يا ملاكي.."
تقدمت سوزان منهما وقالت " اهلا بك يا سيد ماجد.."
بادلها الابتسامة ثم نظر الى ملاك التي تفوهت " لقد تأخرت كثيرا.. لماذا لم تأت وتأخذنا.."
امسك يدها ثم سارا نحو الصالة " لقد كنت متعبا.."
لوت ملاك فمها بضيق ثم جلست بجانب والدها " لن تسافر مره اخرى أليس كذلك؟!"
قال السيد ماجد بعد تفكير " ربما بعد شهر.."
" ولكن.."
قاطعها والدها " العمل يا عزيزتي.. ولكننا سنسافر سويا.."
صفقت بحماس " يحيا ابي.."
ضحك ماجد على ابنته ثم ضمها اليه بشوق وحب...اغلق عيونه وحدث نفسه " اعتذر.. ليس العمل!! بل هناك امورا اخرى مخيفة بالنسبة الى عمرك يا عزيزتي.."
وبعد ان تذكر شيئا ما يخص كذبته البيضاء تركها " هيا اذهبي وارتاحي قليلا سأصطحبك مساء للعشاء.."
" حسنا.." قالتها ثم قيلته على وجنته وغادرت الصالة...

وعندما دخلت سوزان المطبخ قبل عده دقائق.. جلست على الكرسي وتحدثت الى الخادمة بحديث قصير... سمعت بعد دقائق استدعاء السيد ماجد لها.. نهضت من على الكرسي ثم توجهت حيث الصالة.. انتابتها الغرابة عندما رأته يقف بقرب النافذه.. فاصدرت صوتا منخفضا دليلا على دخولها... التفت اليها ثم قال وهو يشير لها بيده " هلا تجلسين قليلا.."
اومأت رأسها ثم توجهت للجلوس وقالت " تفضل انا اسمعك.."
حك باظفره ناحية ذقنه ثم قال " لقد جنيت بعض المال من عملي الاخير ولم يسبق لي ان انفقته بشيء جيد غيرعلى ملاك.."
ابتسمت ملاك " انها حقا محظوظة لوجودك... لقد اغنيتها عن الحاجة لأحد.."
اكمل السيد ماجد حديثه بعد ان جلس " اريد التبرع فيه لاشخاص بحاجة ماسة الى المال.."
اومأت رأسها " كيف ذلك؟؟ اعني هل هناك جهة معينة تود التبرع لها؟؟"
نفى برأسه " لا.. ولكن سيكون نصفه لعائلة فقيرة تمت لي بصلة.. والنصف الاخر افكر بأن انفقه لاحدى دور الايتام.."
" ولكن هناك العديد منها في البلد.."
" اعلم ذلك... ولكن ليس معي الكثير لأنفقها لجميعهم.."
اومأت رأسها بتفهم وقالت " ما رأيك ان اتحدث لمديرة المأوى ربما تساعدنا في معرفة اكثرهم احتياجا للتبرع.."
" هذا جيد.."
تحدثت سوزان " او ربما احدى المؤسسات الخاصة بهذا الامر يكون افضل.."
اومأ رأسه وكأن هذا ما يريد الوصول اليه بشكل غير مباشر.. كان يريده بشدة وتحجج حتى لا يثير الشكوك،، فقط يريد لتلك المقابلة ان تتم عاجلا ام اجلا و بأي شكل..
ابتسم لها " شكرا لك.."
" لا عليك..." ثم نهضت من مكانها ولكنها توقفت بتردد وقالت له " سيد ماجد.."
عقد حاجبيه " اجل.."
ازدردت لعابها وشبكت اصابعها مع بعضها.. فقال هو بنفاذ صبر " هل تعانين من مشكلة ما؟!"
" ملاك يا سيدي.."
زمت شفتيها " لقد عانت من ارتفاع الحرارة.."
نهض من مكانه بهلع " حقا.."
اومأت رأسها ثم قالت لتطمأنه " قال طبيب المأوى انها اصيبت بالحمى لانها استحمت وخرجت للعب مباشرة..."
تنهد ماجد براحة فقالت سوزان " انا اتأسف لعدم الاهتمام بها ولكنها.."
قاطعها السيد ماجد بسخرية " عنيدة.."
اومأت سوزان رأسها " للأسف هي كذلك.."
" حسنا.. لا بأس لقد مضى وانتهى.. انا اهملها بسبب سفري ولكن انتبهي لها جيدا "
ابتسمت له ثم قالت "حسنا.. ان لم يكن هناك امر هل استطيع الذهاب؟!"
" حسنا.."

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ ^^ اقتباسات ^^ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
ـ حاربوا من أجل من تحبون،، لكن اختاروا من يستحق الحب
ـ وأجمل الحب ما تلقاه مختبئاً خلف العيون حيياً يرسم الخجلا
ـ كل الأشخاص الذين يدخلون عالمنا مصادفة نحبهم اكثر من الذين ادخلناهم باختيارنا ورغبتنا..
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ ^^ ^^ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
قلبي بستان من الورود.. حقل من الازهار منقسم الى قسمين.. طرف أيمن واخر ايسر.. حجرات قلبي مليئة برائحة المستقبل الجميلة.. وبعضها باشواك الماضي المؤلمة..!! هل يتخلى الانسان عن ماضيه!! ام يبقى حبيسا لطعنات الماضي!!
لا ادري اين المفر!! فماضي المؤلم يلاحقني في صور وذكريات!!
سموني القمر!! لاكون مصدر الضوء في عتمه الليل!! و أكون المنير لقلب أي شخص أقابله في حياتي!!
ولكن لا يبدو ان اسمي قمرا منيرا لحياتي!!
كلماتها مرآة لما يلفظ به قلبها.... عبرت عنه بحروف كتبتها بالنقر على شاشة هاتفها.. نظرت الى المفكرة التي كتبتها قبل قليل.. ثم امالت رأسها حتى يرتخي على مقعد السيارة.. ظلت صامتة والسيارة تعبر طريقها في المدينة حتى تنهدت بملل وصوبت نظرها مع التفات رأسها وبقائه مستندا على المقعد... تنظر عبر النافذة حيث المباني والمحالات والعمارات الشاهقة تتحرك معهم.. ولكن كل على حدا.. يسيران بشكل متضاد باتجاهين متعاكسين.. امالت شفتيها بسخرية حين شبهت بعقلها ان تلك المباني ليس الا عبارة عن مجد الذي يسير بطريق معاكس لها.. ربما يلتقيان على مفترق طرق حين الاشارة الحمراء ولكنهما يفترقان بثوان قليلة بعد ان يظهر الضوء الاخضر..
نفضت ما يحلق في راسها من افكار تحوم وتطفو على عقلها.. نهرت نفسها ووبختها داخليا.. على غرقها بمجد اكثر واكثر مع مرور الايام.. تأففت بضجر وهي تحاول التعديل من جلستها فتصبح اكثر راحة.. وجودها مع السائق افضل بكثير من ذهابها مع معدوم الاحساس متبلد المشاعر،، ولكن ان كان ما قالته ليليان صحيحا!! ان سبب كل ما حدث بسبب خوفه علي من رامي.. ان رامي يحادث الفتيات ويصاحب العدد الكبير منهم بختلف الاعمار،، حتى ان الكثير تعلقن به وشهدت على بضعه فتيات واحداث كهذه.. ربما يحق له ان يخاف ولكن هذا لا يعطيه القليل من الحق لتصرفه بهذا الشكل،، كان يمكنه اختيار طريقة يعبر بها عن قلقه وخوفه بطريقه حضارية.. لينة اكثر،، ولكنها لا يجدي الا الصراخ ولا يعبر عن عتابه وخوفه وجميع مشاعره الا بطرقة معاكسة..
ما زالت تفكر به.. تفكر بكل ذخيرة سلاحية يشن بها الحرب نحوها.. تنهدت وهي تحاول ابعاده عن عقلها عن تفكيرها عن حواسها... ان الصواب هو التجاهل!! تجاهل نظراته!! تجاهله هو باكمله.. فالتجاهل هو الدرع الوحيد الحامي منه..
واخيرا بعد دقيقة استطاعت قفل مجد بصندوق وطمرته تحت اتربة عقلها.. ابعدته عن تفكيرها.. حتى انها ابتسمت الان ابتسامة خفيفة.. وهم في انحراف على الطريق الرئيسي لاحد الشوارع.. رن في اذنها نغمة وصول رسالة هاتفية.. فالتقطت اناملها الرقيقة هاتفها.. وعيونها تستقر على حروف الرسالة يلمع فيهما بريق الاستغراب والحيرة..
وما كانت كلمات الرسالة الا كما يلي
( لو واجهك الان!! ذلك المتشبث بقلبك الرقيق!! لو انه يخرج من بين طرقات المدينة امامك!! ماذا ستكون ردة فعلك!! )
أخذت تلتهم حروف الرسالة ولم تستغ طعمها.. ولم تفهم كلماتها.. لم تستوعب اي شيء.. ظلت متسمرة هكذا للحظة تنظر الى الكلمات التي تخفي بداخلها احجية كبيرة... ابتلعت ريقها اخيرا عندما حولت الشاشة الى معرفة من المرسل.. فغررت فاها وهي تنظر الى الرقم،، هو ذاته الذي يتصل بها كثيرا وحين تجيب يبادلها بالصمت.. زمت شفتيها بحيرة تقلب عيونها من جديد لتحل الشيفرة المرسلة اليها.. وهي في حالها هذا باغتها رسالة جديدة من نفس الرقم تحوي عبارة
( عهدناك مسامحة.. طيبة القلب.. أنيقة بمشارعك.. فسامحي كل من اساء لك..)

ازدردت لعابها امام انظار السائق الذي بادر بالحديث مستفسرا " انسة قمر،، هل هنالك شي!!"
نظرت اليه ثم نفت برأسها وتحدثت ببطئ " لا،، ولكن (نطقتها مع عقد حاجبيها باستغراب وفضول) كيف يمكننا معرفة رقم هاتف يخص من.."
السائق وانظاره على الطريق " هل تقصدين مالك الهاتف!!"
أومأت رأسها " أجل.."
" هناك بعض البرامج التي تحمل على الهواتف الذكية.."
" اه،، شكرا لك.. هل ما زال الطريق طويلا؟!"
" المكان الذي ستذهبين اليه بعيدا بعض الشيء.."
ابتسمت له ثم بملل نظرت نحو النافذه..
وبعد عدة دقائق انتفضت جراء سماعها نغمة رنين هاتفها يصدح بالمكان.. فالتقطته لتجيب بسرعة ناطقة " اهلا رامي.. اين انت؟!"
جاءها صوته حادا بعض الشيء " بل اين انت؟!"
عقدت حاجبيها " انا في الطريق الى النزهة!!"
" ماذا!! اي نزهة!!"
اجابته بسرعة " النزهة الى التلة!!"
" لا يوجد نزهة!!" تحدث بهدوء عكس ما سبق
" كيف!!" قالتها بدهشة
سمعته يطلق تنهيدة ثم اخبرها برسالة ريم.. فتحدثت " حقا،، ولكن.."
قاطعها " عودي الى المنزل.. او اذهبي الى مكان ولكن دعي السائق معك لا يتركك للحظة واحدة.."
" حسنا.."
اغلقت الهاتف بشرود ثم حملقت قليلا نحو الهاتف بعد انو وصلتها رسالة اخرى من نفس الرقم.. تنهدت بغضب انه متسكع يحاول الوصول اليها برسالة بل بعدة رسائل يرسلها.. عليها ان تخبر رامي بذلك لكي يجد حلا لذلك المزعج..
ثم ووجهت حديثها نحو السائق " هل يمكننا العودة!! لقد التغت النزهة.."
ازدرد السائق لعابه.. واومأ رأسه بتوتر متذكرا تلك الجملة الصارمة التي حطت على اذنه قبل ان يأمر احدى الخادمات بأن تستدعي قمر بحجة النزهة
" مهما حصل.. ستجلبها لي.. ولن تدع اي احد يشك،، وان راودها اتصال ما تصرف بشكل طبيعي.. هي لا تعلم طرقات المدينة جيدا لذلك يجب عليك ان تظل تجوب طرق المدينة.."
اما قمر اخرجت من حقيبتها تلك الرواية فتشغل نفسها بطريق العودة بحروفها افضل من انشغال عقلها بذلك الرخامي من جديد.. فتحت صفحاته على اخر ما وصلت وبدات الحروف تغزو عيونها حتى ان اندمجت باحداثها... تقرأ وعيونها متركزة على الرواية.. وكأنها اصابتها باحد سهام الحب فتبقى اسيره حروفها الذهبية.. لا تدري اين تأخذها الطريق مع هذا السائق.. يسير في طرقات المدينة حتى انحدر بعد تأكده من عدم انتباه قمر لما يجري حولها...
كانت الطريق معبد بالرغم ان المنطقة نائيه.. يغلب عليها الطابع القروي.. اراضي زراعية متناثرة متصاحبه خلف بعضها.. خضراء هي في هذا الصيف... يسير في طريق متواصل وعيونه تبحث عن ذلك الشخص الذي طلب قمر.. يزدرد لعابه بصعوبة بالغه خشية من انتباه قمر لما يحصل... واخيرا بعد سير في طريق متوازي حتى استدار الى يمين الطريق.. حيث شكلت اشجار العنب المتلاحقة ظلالا على مدى الطريق..
سار مسافة ليست بكبيرة حتى ان ضيق عيونه بسبب ضوء السيارة التي امامه والموجه ناحيته.. اقترب اكثر منها ثم توقف.. ترجل من السيارة بهدوء تاركا بابا السيارة مفتوحا.. توجه نحو ذلك الجسد الاسود.. جرى بينهم حديثا قصيرا.. ثم تبادلا السيارات..
وبعد مدة قصيرة جدا.. لا تتعدى الربع ساعة.. وبعد ان تاهت عيونها بين حروف الرواية.. وضاعت هي بنفسها وبكامل جسدها بين صفحاتها التي تتالت خلف بعضها البعض كأراضي القرية الموحشة التي تسير بها دون ادراك..
ودون ادراك وهي في وسط العالم الخيالي الذي تقرأه بذلك الذي اعتدى على السيارة وينظر اليها بين الفنية والاخرى..
هل حقا يكون الانسان مأسورا ببعض من الحروف يجعله يتناسى الطرف الاخر ن العالم!! هل يجعلها اسيرة فلا تدرك وجود اخر شخص تتوقعه في الحياة معها وبذات المكان منفردين!! باغتها على حين غرة..
ام الان لها الان ان تذهب في سبات عميق من شيء تسلل خفية وتسرب داخلها.. فتذهب هي في غيبوبة نوم عميقه بسبب تلك العبوة التي وضعها المجهول في صندوق السيارة الداخلي.. كاتما هو انفاسه بينما ارتخت هي واغلقت عيونها وسافرت في بحار عميقة..



يتبع..


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-05-17, 03:20 PM   #40

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

" تفكيره مشوش جدا" همست بخفوت وهي تسير من خلفه يتنقلان بين طوابق المؤسسة..
جاءها صوت المتحدث قلقا " حسنا يا ريم.. سأوافيكم بعد ان انتهي.. ابقِ معه.."
وبذات النبرة السابقة اجابت ريم " حسنا يا جيداء.. بانتظارك.."
اغلقت الهاتف ثم اسرعت بخطاها وسارت بجانبه.. كان لا بد لها من اخبار جيداء فهي قريبة منه كثيرا ووحدها تعلم ظروفها ونشأت معه.. منذ ان تحدثا في المقهى لم ينبس ببنت شفة.. ظل صامتا وكأنه جثة.. يتحرك كرجل الي من اثر الصدمة والقهر.. حتى هي لم تستطع الا تتأثر بما حصل.. تنهدت عندما انعطفا للوصول الى احد الاقسام... نطقت باسمه بهدوء شديد طاغيا عليه بعض الريبة ثم اكملت بذات النبرة عندما التفت اليها " ماذا ستفعل!! اقصد ماذا سنفعل!!"
نفى برأسه بمعنى ( لا ادري ) والتزم الصمت بعدها ثم انهار على احد المقاعد الجانبية البعيدة عن الانظار.. ضاق صدرها واشتعل فيه حتى انه امتلأ بثاني اكسيد الكربون الذي يخنق.. دمعتها خانتها ورفضت الا ان تخرج من عيونها.. انها حزينة على حاله جدا..
جلست بجانبه والصمت المميت ينشر سمومه بالمكان.. احتضنت ساعده بقوة وهمست له " انا معك.. مهما كان الامر سأظل معك.."
لم يستطع التفوه بشي فقط شد على قبضة يدها ردا لها.. لسانه منعقد،، واطرافه مشلوله.. عيونه متسمرة.. وجسده ثابت.. الا صدره الذي يعلو ويهبط.. مشاعره التي تتخبط بداخله..
يجب ان يجد حلا.. حلا يخلصه من ذلك الشؤم.. يحول حياته من جحيم عمه.. الى جنه.. جنة كليئة بعدد من الاشخاص فقط!!
جميعنا نتمنى ان ننفرد وونعزل مع احدهم!! وهو يريد هذا بالتحديد!!
فكر كثيرا خلال بضع دقائق الى ان وجد الحل حقا ان يبحث عن حقه.. ربما الطريق طويلا.. وربما لن ينجح.. ولكن سيفعل ما يستطيع.. يكفيه وود احد بجانبه مثل ريم.. ريم هذه المحبوبة الذي لا يستطيع التخلي عنها.. انها سكرة حياته.. فاجئه دخولها في كومه الركام الموجود.. الا انها اثرت وفضلت المكوث معه على هذا الركام..
همس بهدوء مع ابتسامة جانبية " يا سكرة حياتي.."
رمشت ريم مرتين متتاليتين ثم نظرت اليه باستغراب ولكنها سرعان ما ابتسمت عندما شاهدت نصف ابتسامة تشق وجهه الجميل.. شعرت باحتضان يدها اكثر واكثر كأنه يطلب منها البقاء.. يطلب منها الوقوف بجانبه.. هذا ما فهمته من نظراته الحانية ومن امساكه يدها بشدة.. لقد سجنت بحبه وهو سجانها.. فهي لن تستطيع مغادرة هذا السجن.. وترك من سجنها بزنزانة الحب..
همس لها بحب " سنظل معا!!"
ترقرقت عيونها بالدموع وهمست " نحن معا حتى نهاية العمر.."
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ ^^ مشهد قصير ^^ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
ظلام دامس.. انفاس متقطعه.. خوف وتوجس.. ذعر ورهبة.. اطراف مرتجفة.. وذلك الذي يحتجز فمها كلاصق حجز عليها بعنف.. صداع خفيف بفتأ برأسها.. دوار شديد.. اطرافها متكسرة.. ويديها مكبلة بحبل عنيف خلف الكرسي الخشبي.. واقدامها كذلك!!
اما بعظام رقبتها فتوكد ان تتهشم فرأسها منحدر للأسفل بشكل مرتخي.. ورائحة حريق يتداخل مع رائحة المكان الكريهة.. فحاولت كتم انفاسها.. ولكن رفعت رأسها بحدة عندما سمعت ارتطام شيء بقوة شديدة.. مما اصدر صوت فرقعهة من عظامها فتأوهت بصمت..ثم استدارت برأسها ببطئ شديد مع بصيص نور صدر من احدى النوافذ..
تمتمات خفيفة بعثت فيها الرعب.. وقلبها ينتفض بعنف شديد.. كيف وصلت هنا!! لا تتذكر كثيرا.. ربما كانت في السيارة مع السائق ولكن بعدها ماذا حصل!!
ذاكرتها لم تسعفها كثيرا لانها ازدردت لعابها بخوف عندما سمعت صوت اقدام يبدو على صاحبها الغضب.. ارتجفت اوصالها وتبعثرت مشاعرها بين خوف وذعر.. مشاعر مضطربة من ذلك الكائن الذي كان يسير باتجاه مكانها.. وصوت يهمس بجانب اذنها كفحيح الافعى " قمر..."
ذلك الصوت برغم انخفاضه الا انها علمت من صاحبه او شكت بذلك!! وانذرت عيونها بسقوط الدموع ولكن باغتها ضوء الغرفة فجأة واغلقت عيونها بضيق.. وبعدها تفتح عيونها وتغلقها وطيف شخص لم تميزه بعد.. وبعد ان اعتادت عيونها على الضوء بعد الظلام.. تسمرت عيونها على ذلك الجسد الذي يقف بشموع وانظاره منظلقة نحوها..
توقف كل شيء فيها وتجمد.. وعيونها مفتوحة على اشدهما.. ولعابها يقف في وسط حلقها لم تستطع ابتلاعه.. وهي في دهشتها هذه وبوخز في قلبها نطقت بضعف شديد " أبي.."
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ ^^ ^^ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
// برغم البؤس سأظل معه!! برغم كل شيء سأبقى في حياته!! وان رفضنا الزمن سأكون معه وله!! يستحيل ان اترك قطعة من قلبي.. //

همس لها رائد بحب " سنظل معا!!"
ترقرقت عيونها بالدموع وهمست " نحن معا حتى نهاية العمر.."
كم من الجميل ان يقابلها بمسح قطرات الندى التي سقت وجنتيها.. مع ابتسامة برغم احزانه فبادلته العناق بعنوة وتملك.. ابتسم اكثر من اعماق قلبه.. مزيج من العواطف التي اشتملت عليها هذه اللحظة وكانها تقصد بعناقها وبصريح العبارة ( لن أتركك )
وهو لن يتركها ابدا.. لذلك شد في العناق للحظة قصيرة ثم ابتعد عنها بحرج شديد.. نهض مستحثا لها بمد يده.. وضعت اناملها الرقيقة بين قبضته فشد عليها وبالمقابل شدت على يده بتملك شديد...
وعندما اقتربا من مكتبه قال لها ممازحا " اذهبي الى احدى دورات المياه انظري الى شكلك كيف اصبح كأنك مومياء خرجت لتوها من القبر.."
نظرت اليه بعبوس " انا جميلة بكل حالاتي.."
وسرعان ما ابتسمت بل زادت ابتسامتها وانطلقت منها ضحكة عفوية امام نظرة الاعتراض على وجهه..
بعد فنية تلاشت تلك الضحكة تدريجيا حتى قطبت حاجبيها بضيق... فابتمست هنادي لهما عندما كانت على وشك الخروج واستقبلتهما على باب المكتب ثم تحدثت بتفاجؤ " ريم.. ما اخبارك؟!"
ظلت ريم متسمرة البصر عليها بعيون مستنكرة.. وعدم فهم يقودها للضياع.. تلك الهنادي لم تقابلها الا مرة واحدة وهذه المرة كانت في المشفى.. عندما اعرب كمال عن حب تلك المخلوقة له او اعجابها به.. فحين اذ كانت ريم الحل السريع لكمال كما في السابق بانها مخطوبته... هنالك شيء مريب خلف قناع هذه الفتاة.. فليس من المعقول ان تقابلها بشكل جيد.. نفضت رأسها عندما نقل رائد بصره بينهما بحيرة.. اولا على ريم والضيق منحوت على وجهها وهنادي الموظفة في المؤسسة والتي تعينت حديثا وتقوم تحت اشرافه...
كان الامتعاض ظاهرا على ريم ولكنها جاملتها " بخير.. وانتِ؟"
ثم سارت الى الداخل بهدوء شديد.. معكرة المزاج والمشاعر.. غير ابهة بجوابها..
جلست على اقرب مقعد ولاحظت انتقال مكتب جديد في غرفة رائد.. وكأن رائد فهم مقصدها فاجاب عندما انتقل خلف مكتبه " لقد بدأت بالعمل هنا وتحت اشرافي.."
اومأت ريم برأسها حتى اطرقته اخيرا تلعب باصابعها.. بينما انشغل رائد قليلا بفكر مشوش بعمله مع ارقام وحسابات دقيقة وبين رسالة عمه.. حتى ضاق ذرعا بعد عشرة دقائق.. فرفع رأسه المتفجر ضيقا عن هذه الارقام حتى سقطت عيونه على ريم.. مقطبة جبينها بضيق كبير.. ساندة رأسها على كفها بتعب واضح.. وأرق زارها في وضح النهار..
ثم التفت بهدوء الى هنادي التي تحدثت بفضول " هل انتم اصدقاء.."
بينما رفعت ريم رأسها باستياء ونظرت اليها بعد ان تحدث رائد " اجل.."
ثم التفت الى ريم رغبة بعدم مجاراة هنادي بالحديث فهي ذات لسان طويل وتراوغ كثيرا بالكلام
قال لها بحنان " اذهبي واغسلي وجهك.."
اومأت ريم بهدوء مع ابتسامة شاحبة.. والقت بصرها قبل النهوض على هنادي المنشغلة بعملها..وما برحت ان شعرت بيد رائد تحثها على السير خارجا
" سأكون في الطابق السفلي.. واتيني حالما تنتهين.."
" حسنا.."
ثم أخذت تسير بهدوء بأعصاب تالفة..

وصلت الى الشركة اخيرا بسيارتها الجديدة بطراز رياضي يناسب عمرها.. ترجلت منها ثم اغلقت بابها بقوة وغضب شديد وقهر ملامحها واضح للعيان.. هذه السيارة الجديدة للتغطية على اعماله الحقيرة مع شريكه... ثم أخذت تسير وكأنها تهرول في مشيتها كأنها اعصار يهب في البناء وتقاسيم وجهها قاسية رافعه شعرها بطريقة عشوائية.. توجهت حيث المصعد واستقلته حتى وصل بعد ان نفذ صبرها.. استدارت في الممرات القليلة ثم انعطفت في اخر ممر وسارت ما يقارب المتر الواحد فقط تنثف دخان الغضب وتتوعد حتى وصلت حيث احدى المكاتب.. وقفت تستسيغ ذلك الكلام الذي بدا غير منطقي ابدا...
وكأن الدهشة على صاحبة الصوت وهي تقول " لا ادري ماذا اقول لكِ!! انها هي بذاتها ريم مخطوبة كمال.."
رفعت احدى حاجبيها ثم تقدمت الى الداخل مع كلام هنادي المستفز والمثير للغضب " ان عيني لا تخطئ انها تحب رائد زميلي في العمل.. ولكن أليس مؤسفا على كمال.." ثم تبعت ذلك الكلام تنهيدة سرعان ما فتحت عيونها وقالت مسرعة " لحظة.." وابعدت الهافت عن اذنها وقالت بأدب " أهلا تفضلي ماذا تريدين؟!"
انثنت شفتا جيداء من هراء الكلام الذي سمعته قبل قليل وهزت رأسها نفيا وتقدمت خطوات قليلة حتى كادت تصل الى مكتب رائد ولكن صوت ريم المتعب من خلفها " ااه جيداء.."
التقطت نفسا عميقا والتفتت اليها بهدوء شديد ولاحظت العبوس في ملامح الريم... نفضت رأسها على نية القول لريم ما سمعته.. ولكن محور الموضوع الان هو رائد لذلك تسائلت بقلق
" اين رائد؟!"
أجابتها ريم عندما تعدت عتبة الباب ودخلت الى المكتب " انه بالاسفل.. سآخذ حقيبتي ونواتيه.."
أومأت جيداء رأسها ثم ألقت بجم نظرها نحو تلك الفتاة.. جحدتها بنظرة قاسية وهي متسمرة النظر في احدى المجلات.. ولمحت ظل ريم يقترب مع صوتها الذي همس في اذنها " هنادي.."
قاطعتها جيداء بأن اومأت رأسها ببطئ شديد " علمت ذلك فور وصولي.."
بان الاستغراب على ريم فهمست جيداء لها " اخبرك لاحقا.. هيا بنا.."
ثم سارتا خارجا والضباب يسيطر على عقليهما..


أنين خفيف وهلوسة كلامية تصدر من صوت رقيق في المقعد الخلفي من السيارة.. ازاح النظارة عن عيونه والقى بها الى الخلف.. كان قد ارخى نفسه على مقعد السيارة بعد تشوش تفكيره وميلانه نحو أي طريقة ستستسيغ قمر بها الاعتذار!! وأي ردة فعل ستصوبها نحوه!! كان قد اعد خطة لجلبها اياه دون عناء الاقناع!! فكان الغاء ريم للنزهة أمر جيد بالنسبة له فقد طلب من السائق الخاص بالمنزل احضار قمر بنية ايصالها حيث مكان النزهة.. دون معرفة احد.. وهكذا تمت حتى وصلت قمر اليه دون عناء.. ولكن العناء الاكبر الان له هو الاعتذار... حتى انه ضاق صبرا من الانتظار حتى جاء السائق ومعه قمر.. ثم تبادلا السيارات...
ومنذ دخوله حتى فاض به الحب و وزع مياهه في الارجاء فبات كل شيء من حوله ينبض بحب قمر.. فابتسامتها سحر وعيونها المشتعلة لترقب ما يحدث في سطور الرواية جاذبية.. واناملها التي بعثت في صفحات الكتابة حكاية أخرى... أما شعرها الذي عشقه وما زال وسيظل عاشقا له حتى النهاية فتنة من مفاتن الجمال ومن عجائب الدنيا السبع.. ظل مراقب لها حتى اظلمت الدنيا من حولها وراحت تغط في غيبوبة النوم.. ابتسم بحب ثم هو الاخر تهيأ للمسير في طرقات القرية الصغيرة قاصدا مكان طفولته.. لعل وعسى فكرته الخرقاء يخلف على اثرها تضميد للجراح وتعبئة للفجوة التي بينهما.. وربما اعتذار صغير مفيل بأن ينسيها ألمها وحزنها بسببه.. وبعد برهة من الزمن توقف في امام أحراش واسعة، خلع نظارته عن عيونه والقى بنظره ناحيتها واطلق تنهيدة حب عفوية وعاد ادراجه حتى اتكأ على مقعد السيارة.. حتى وصله صوت أناتها الخفيفة فاشعل اضواء السيارة وفاض به الذعر عندما رآها بتعاليم وجهها التي تتغير كثيرا.. يبدو ان حلما مزعجا يداهم نومها الهانئ.. انتفض من مكانه وتناول زجاجه الماء من جانبه.... ترجل من مكانه حتى دار حول السياره ووصل حيث تجلس هي.. فتح الباب وبسرعة القى بعضا من الماء على وجهها الذي بدا مصفرا.. لانت ملامحها رويدا رويدا بالتزامن مع ارتجاف اطرافها التي تهدأ.. حتى وصل بها الامر بفتح واغلاق عيونها مرة تلو الاخرى واناملها متشبثه بقميصه الاسود... احتضنها واخذ يربت على شعرها مع تمتمات ليهدأ من روعها.. حتى استفاقت اخيرا وشعرت برائحة غريبة تحيط بها.. ويد ضخمه تستقر على رأسها ثم تنحدر الى الاسفل... ضاقت ذعرا فانتفضت كردة فعل مع صرخة خوف خفيفة...

استندت على جذع الشجرة بتعب واضح.. ثم اغلقت عيونها بعيدا عن الواقع الملموس حتى تغرق في بقاع عقلها.. الى أن آل بها المطاف بالعودة بشكل مباغت حينما سمعت صوت باب السياره يغلق وهي على مقربة منها.. حتى كاد قلبها أن يخلع من مكانه.. تثاقلت النظر الى مجد الذي يسير بهدوء نحو ذلك المنزل الخشبي الواقع على طرف الحديقة.. تنهدت وهي تكتم كل ما بداخلها من مشاعر وهي تستذكر أحداثها من بداية يومها حتى اللحظة هذه... ثم نفضت رأسها أخيرا عندما وصلت الى الحلم الغريب المخيف الذي يثير الهواجس داخلها..
فغريب شعورها ان ترى والدها بعد سنين.. ولك أين؟! في حلم بائس،، بل بكابوس..!! والأدهى من ذلك هو خروجها من عالم الاحلام بين احضان ذلك الخشبي اللئيم.. ذو الشخصيات المختلفة.. زفرت بحرارة ثم ألقت بصرها نحو الأفق تترائى لها الأفكار وتتدفق داخلها... تحاول تبعد نفسها من الغرق أكثر ولكنها كلما تنوي الابتعاد الى الشط ترسلها اقدامها نحو الغرق... ظلت على حالها غارقة حالمة شاردة حتى أن وصلها صوته قبل أن تلمح ظله
" إن كنت تشعرين بالحر يمكننا الدخول!!" واشار حيث المنزل الأشبه بكوخ خشبي صغير..
لم تلق له بالا بعد اختراقه أفكارها وظلت متسمره في مكانها حتى سمعت تنهيدته فانثنت شفتيها بتهكم بدون أرادة كردة فعل غير محسوبة...
وبرغم أن تلك الابتسامة الساخرة استفزته الا انه جلس بجانبها متربعا على قدميه.. واستند بساعديه خلف ظهره.. ثم أخذ نفسا عميقا واخرجه بهدوء شديد... ألقى ببصره عليها واذ بها مغلقة عيونها تاركة نفسها للطبيعة.. حتى انها نست نفسها وأخذت تسرح وتمرح في تلال عقلها التى فاضت بها المشاعر ظنا منها انها تجاهلت وجوده بجانبها ولكن داخلها امتزج بغضب مع حب ولا يتفقان أبدا... فابتسمت عندما سمعته يقول بعد نفاذ صبره من صمتها
" ربما انت غاضبة اولا من غضبي عليك في الصباح ثم احضارك بخطة.. ولكن لم اجد سبيلا الا هكذا.."
فتحت عيونها المعاتبة وألقت بها عليه فتنهد جراء تلك النظرة القاتلة من عيونها الناعسة.. قكاد أن يكمل سرد اعتذاره حتى قاطعته بتأنيب " وهل تعتذر عن كل ما فعلته!! وما ستفعله لاحقا.. وتظن انني حقا اسامحك.."
تحرك في مكانه قليلا مع التزامن مع تحدثه " لأنك قمر.."
عقدت جبينها بغباء ثم سرعان ما بهتت عيونها تعجبا عندما اخرج من خلفه وردة بيضاء وهو يقول " انك مثل هذه بالتحديد.. نقية،، صافية،، ملاك.."
تحاملت على نفسها ودفعت الحب الى باطنها وأخذت تزيد جرعة الألم داخله " حتى ان هذه الزهرة تذبل عندما يتم تهميشها.. وعدم الاعتناء بها.. هل ستظن انها ستتحمل وتنتظر الاعتذار كل مره من عدم سقايتها.. وهل تظن أن الاعتذار عن كل شيء سيعيدها الى الحياه.."
مسح على وجهه ثم تحدث وهو ينظر الى الكوخ " هل تعلمين أنني قضيت طفولتي هنا.. فقد تربيت هنا مع جدتي.."
نظرت اليه باهتمام مع صدمة لم تخفى عليه فابتسم واكمل بشرود " هل تظنين انك الوحيدة التي تعانين من الحرمان!!"
ازدردت لعابها بضيق بينما اكمل هو بألم يجتاح صدره " نحن.. يعني انا وريم كنا كأننا قطع فنيه في المنزل.. فائضة عن الحاجة.. ولكن كنت انا الاكثر زائدة.. مضت اعوامي هنا مع جدتي.. وانشغل والداي بالتسرب ناحية الطبقة المخمليه مهمشين طفولتنا ومشاعرنا وكان درعنا وجحرنا هي جدتي.."
صمت قليلا ولمح بطرف عينه انها تقترب ببطئ ناحيته فنظر اليها مما جعلها تتوقف عن الحراك نظر اليها قليلا ثم اكمل " لقد ترعرعنا على عدم الاهتمام سوى من جدتنا... كان هي الوحيدة التي تفتح ذراعيها لنا حين الألم.. وحين المرض هي تسهر معنا.. وفي كل خطوة نخطوها كانت هي معنا... او بالحقيقة معي انا اكثر.."
تقوست شفتا قمر وترقرقت الدموع في عيونها " ولكنني انا كنت وحيدة،، لا احد من العائلة بجانبي.."
نظر لها بحنان واحتضن عيونها الدامعه بعيونه الحزينة " ولكن افضل من ان تكبري معهم بدون اهتمام.. ( أطلق تنهيدة من أعماقه) أنا اعلم ما معنى كسر القلب يا قمر وأفهمه جيدا.. وحتى استطعت التغلب على كسر قلبي.. وتجاوز الماضي جعلت قلبي قاسيا لا يحن.."
ثم أخذ نفسا عميقا مبعدا انظاره عنها " تظنين أن تعاملي القاسي معك هو كره.. ( نفى برأسه ثم أكمل وهو ينهض) بل لأن قلبي كُسر كثيرا وغلفته باحكام حتى لا يكسر مرة اخرى.."
ابتسم عندما أطرقت رأسها ثم أخذ الوردة ووضعه بين خصلات شعرها وهمس " كوني مثل هذه الزهرة.. وظلي مشرقة زاهية حتى لو قسى عليك الزمن.." ثم استنشق رائحة شعرها مما اربكها وقال عندما ابتعد عنها " اعلم ان الجراح طويلا ما تندمل.. وتأخذ فترة طويلة ولكن ما علينا فعله هو التجاوز والاعتياد على ذلك الالم.." ومضى في طريقه ناحية الكوخ....
**************
في صباح اليوم التالي..
والشمس تضحك بنورها في وجه المارة والعابرين.. والسماء ترسل طاقة ايجابية للكون بلونها افاتح.. وبرغم جمال الكون عيون جميلتنا ريم باهته حزينة... نظرها يخترق السماء بحزنها.. وشعرها اشعث مرفوع بطريقة عشوائية حتى تتدلى بعض الخصل بفوضوية على جانبي وجهها... شاردة كئيبة حتى استطاعت قمر الدخول الى الغرفة لتخرجها من دور التمثال الحزين..
تململت ريم في مكانها وابتستمت بشحوب " صباح الخير.."
رفعت قمر حاجبيها باستغاب ثم تقدمت بسرعة وجلست على طرف السرير " ماذا بك؟! البارحة عدت متأخرة بعض الشيء وكنت متعبة.."
هزت ريم رأسها ودمعة كادت ان تتدحرج من مقلتيها " لماذا يختبرنا القدر بأعز ما نحب.."
امالت قمر رأسها " هل حصل ما هو جديد لرائد؟!"
اومأت رأسها،، فتحدثت قمر لاستحثاث ريم " اذا!! اخبريني.."
اخذت ريم نفسا عميقا ثم سردت لها ما حدث...
" هل يكون عدو الانسان احد اقاربه.." تسائلت قمر بدهشة،، بينما عادت ريم الى عالم الصمت..
" لم لا يفعل شيئا قانونيا.. يستطيع بها.."
قاطعتها ريم بقلة حيلة " لا يقتنع.."
لوت قمر شفتيها بمعنى ( عدم المعرفة) ثم تحدثت ريم بعدم تصديق " لا اصدق ما يحصل معه.. جشع عمه لم ولن يستطيع التخلص منه.. ليتركه وشأنه.."
احتضنتها قمر " اهدئي قليلا.. لن نستطيع حل المشكلة بهذا الغضب.."
" لا استطيع يا قمر.. افهميني.. عمه يلهو ويلعب بالمال ولم يكفه.. ماذا يريد بعد؟!"
تحدثت قمر مهدئة من روع ريم " حسنا،، لكل مشكلة حل.. ولكن لا يأتي الحل الا بالهدوء.. بعد كل هذا لا اظن ان رائد لن يوافق..."
" لا ادري.."
" لا تفقدي الامل بسرعة هكذا.. كما قلت لك رائد بالتأكيد سيفكر بمصلحته وبعائلته.. ولن يتسبب في اياذئهم.."
قاطعتها ريم بحزن " ولذلك لن يتعرض لعمه أبدا.."
جائهم صوت من صوب الخارج يدلف داخل الغرفة بدون انذار " ومن قال لك هذا.."
نظر كلتاهما الى ذلك الضيف المفاجئ واذ به مجد.. داخلا عاقدا حاجبيه مع كلامه.. ابتسمت له قمر فبادلها الابتسامة ثم نظر بعمق نحو ريم الصامتة والتي تنظر اليه بوعيد سرعان ما انفجرت به
" كيف تدخل هكذا؟!"
" هل ستبثين حزنك بي الآن؟!.. ثم اني جئت اعطي هذا لقمر.." واشار الى كتاب الرواية الخاص بقمر.. فانشدت حواس كل من قمر وريم نحو الكتاب مع اختلاف المشاعر.. فعبرت قمر عن مشاعرها المرتبكة بأن تحدثت " لقد نسيته بالسيارة غالبا.."
اومأ مجد رأسه ثم نظر الى ريم بتجهم حين تسائلت " اولا احاسبك لاحقا على دخولك غرفتي،، وثانيا أين ذهبتما انتما الاثنين البارحة.."
ازدردت قمر لعابها بحرج بينما قال مجد مستفزا " انه سر.. لا تتدخلي بأعمال الكبار.."
ضيقت ريم عيونها بغضب.. وكادت أن تتحدث لولا هاتفها الذي اعلن وصول مكالمه هاتفية فالتقطته بسرعة على أمل ان يكون رائد.. ولكن ما لبث ان وجهها احمر حانقا لأن كمال المتصل وقالت بعد ان ضعطت للاجابة " اهلا بالمتصل الغليط.."
جاءها صوته مستفزا لحالتها " الناس العاديين يقولون صباح الخير.."
قاطعته بغضب " اعتبر اني لست انسانة عادية.. ماذا تريد؟!" قالتها و لم تهتم لمجد الذي نهرها بعيونه..
تنهد رائد " ما سر هذا الغضب المستميت؟؟"
تنهدت بنفاذ صبر " قل ما تريد؟!"
حينها توجه مجد حيث قمر واعطاها الرواية.. اخذته مع تجاهل التقاء عيونهما.. ثم عاد ادراجه للخروج من الغرفة ولكنه توقف عندما قالت ريم " خذي.. يريدك.. واخبريه ان لا اكن انا الواصل بينكما.. واحاسبه لاحقا من اجل تلك هنادي"
اعتلى قمر الاستغراب ثم اخذته بعجز لانها تلمح ذلك الصخري يقف معطيا اياهما ظهره...
" صباح الخير.."
قالتها بالتزامن مع اجابته وفسح المجال لريم حتى تبتعد عن السرير.. ومضى ذلك الجسد الصخري خارجا من الغرفة دون ان تدرك غضبه...
" ما بها ابنة عمك الخرقاء؟!" تسائل كمال بفضول
" لا شيء.."
" اذا هكذا.." قالها بشك بينما قالت ريم بصوت مرتفع حتى يصله " قولي له لا شأن لك.."
قهقت قمر وتوقفت عندما جحدتها ريم،، ثم قالت الى كمال " لا عليك منها.. انها فقط لم تجد احدا تصب غضبها فيه.."
" لا بأس.. لقد اتصلت لاجل ان اخبرك عن المعرض.. ستأتين أليس كذلك؟!"
" ممم لا ادري ان كنت استطيع.." ثم انتبهت الى اشارات وجه ريم عبر المرآه تسألها بتعبير ( ماذا؟!)
فتجيبها قمر بتحريك شفاهها ( المعرض)
ثم يأتيها صوت كمال " و ان لا يوجد احد يقلك.. ارسل لك احدهم.."
تحدثت قمر بحرج " لا شكرا لك.. لا اريد اتعابك.. احاول القدوم.."
" اذا الى اللقاء في المعرض.."
" الى اللقاء.."
وبعد ان اغلقت الهاتف،، سألتها ريم " عن اي معرض؟!"
" لقد اشتركت في معرض، وستعرض به احدى رسوماتي.. وموعده اليوم ولكنني نسيت ذلك.."
تحدثت ريم بأسف " حقا،، لن استطيع ايصالك.." ثم تنهدت
هزت قمر كتفيها " لا عليك.. هيا بنا ننزل الى الاسفل بالتأكيد هم بانتظارنا على الفطور"
---------------------------------
تأملت تلك الطفلة التي تنظر بتفاؤل ومرح نحو والدها حيث يلعب معها بعض الالعاب الطفولية في حديقة المنزل.. يجاريها بعقلها الصغير واحلامها الطفولية.. يرسل لها مع ابتسامته طاقة ايجابية وتفاؤل.. يغدقها بحنانه عوضا عن والدتها المصابة بمرض عضال، حيث تتعالج والدة ملاك في استراليا وبناء على بعض المشاحنات الهاتفية التي بينها وبين السيد ماجد ادركت ان ما يخلفه ذاك الشجار وابتعاد الام هو فجوة شعرت بها من قبل.. وستشعر بها تلك الصغيرة.. اغلقت الستارة وعادت ادراجها الى غرفتها...
تنهدت واستقر رأسها على وسادتها وأخذت الافكار تتزاحم داخلها حول حقيقة السيد ماجد فمنذ مجيئها لرعاية ملاك، واذ بها فترة طويلة لم يوطئ قدم احدهم المنزل سوى بعض المعارف الذين يعدون على الاصابع.. وما هؤلاء الاشخاص الا مقترنين بالعمل... غيابه لسنين وعودته الى البلاد ومكوثه هنا حتى يتحقق امر يبتغيه يثير الشكوك والهواجس... اخذت نفسا عميقا عندما تذكرت توبيخه لها ليلة أمس.. فقد كانت تتحدث الى ابنته ملاك حول امور عديدة حتى وصل الحديث الى العائلة.. فحينها قاطعها السيد ماجد بتأنيب ووبخها بدعوى ( أن لا شأن لها بالامر..)
ولم يمضِ استغراقها في غرفتها الا ساعة ونصف تشتت عقلها من كل الخواطر والافكار حتى جاءها صوت احدى الخادمات برسالة من السيد ماجد بأنه يستدعيها... فنهضت من مكانها بتثاقل وخرجت من الغرفة...
نظر اليها مطولا وعلامات وجهه تنذر بوقوع شيء سي.. فتقلص قلبها وانقبض ولكنها تحاملت على نفسها وقالت " تفضل سيد ماجد.."
شبك اصابعه وقال وكأن هموم الدنيا تحلق حول وجهه " في الحقيقة.."
ازدرت لعابها واخذت نفسا عميقا بينما اكمل هو حيث وقف من مكانه وتوجه ناحية النافذه فأسهل عليه اتخاذ القرار دون النظر الى وجهها..
تحدث بنبرة جافة " لقد تقرر سفري والعودة حيث البلاد.."
شهقت بقوة على اثر جملته وشعرت انه نبرته الجافة هي غلاف للحزن العميق في صدره عندما اكمل " اشكرك على رعايتك لابنتي.. ولكل خدماتك في المنزل.."
صمت ووضع اصابعه على صدغيه ثم اكمل بعد تنهيدة " هذا ما توجب فعله.. اعذريني.."
" لا بأس.." تحدثت بذهول
استدار ونظر اليها ثم استرسل في الحديث " اتعابك سادفعها لك نهاية هذا الاسبوع.. فعلى ما يبدو ان اجراءات السفر والتجهيزات ستدوم لاسبوع..."
اومأت رأسها بصمت امام عيونه الحزينة المحطمة.. وكأنها جبل من الأمل فخاب ثم تهدم..
" خلال هذه الفترة يمكنك الخروج والبحث عن عمل جديد.. او يمكنني انا مساعدتك.."
" اشكرك سيد ماجد.."
تحدث بأسف " اعذريني على ما حدث.. فهو.." بدد كلامه عندما تذكر تلك الجملة الامرة
(غادر من البلاد افضل لك.. وعد الى عائلتك الحقيقية.. فليس لك احد هنا ولن تنال ما تتأمله..)
ثم قال " شكرا لك.. يمكنك الانصراف.."
اومأت رأسها ثم سارت ونصف عقلها يستوعب الكلام الذي سمعته قبل قليل ونصفه الاخر يفكر بالامر... تنهدت ولفت انتبهاها عندما سمعت الخادمتين تثرثن بماقة عما حدث ومختصره أن احدا ما جاء لزيارة السيد ماجد.. يبدو كبيرا بالسن وجه له بعض الكلمات واصواتهما احتدت وكاد الرجل المسن ان يفقد وعيه.. واخر ما قاله ذلك الضيف العجوز امرا له ان يرحل..
وصلت حيث عتبة باب غرفتها واعتلاها الاستغراب عندما شاهدت ملاك تقف بحيرة على بابها.. نظرت اليها بحزن ثم تقدمت ناحيتها مع ابتسامة لطيفة فتقابلها تلك الصغيرة بابتسامة باعثة للسعادة....
------------------

" فلتذهب ياسمين اذا؟!"
كان التهكم جليا في صوته بل حتى تقاسيم وجهه تلونت بلون الحرباء الماكرة... ثم اخذ ينفث دخان سجائره الاسود تماما كعيناه وينظر بسخرية لاذعة نحو لؤي الذي قال " لا تدخل شقيقتي في اعمالك السوداء.."
امال شفتيه بسخرية اكبر " شقيقتك؟!.. بالعمل لا يوجد شقيقي وما الى ذلك.."
تحدث لؤي باعتراض " ولكن يا مراد انت تعلم كيف.."
اوقفه عن الكلام كف مراد الذي ارتفع معلنا اشارة الصمت فلاذ لؤي صامتا مكرها...
سحق مراد سيجارته ثم تحدث " اولا عندما اقرر انا فلا اعتراض.. ستكون ياسمين كما قلت هي الامرة والناهية بهذا الموضوع.."
اومأ لؤي رأسه فأكمل مراد " ثانيا لقد كلفتك بكثير من الاعمال وانت محط انظار.. وهل يمكن لمساعدي ان يدخل في تجارة كهذه.."
تنهد لؤي وتماسك كلا يفلت لسانه على سيده ومديره " حسنا كما تريد.. ولكن.."
رفع مراد حاجبه باستخفاف " ولكن ماذا؟!"
رفع لؤي سبابته محذرا " فقط ستذهب اليه وستكون الرخص لي في هذا المشروع.. وانا اقبل بكل شيء يحصل لي.."
" التضحية بنفسك مقابل انقاذ شقيقتك من لا شيء.." القى عليه نظرة ثاقبة وابتسم.. ثم تحدث بعد ان نهض وتوجه خلف مكتبه " لك ما تريد يا لؤي.."
نهض لؤي من مكانه بتثاقل وعبء كبير.. وخرج وبعد عبوره من امام مكتب ياسمين.. نادت باسمه فالتفت اليها
تساءلت " ما بكما انتما الاثنين؟!"
تنهد لؤي بحرارة " لا شيء.. فقط تعلمين اوامره ونواهيه.."
لوت ياسمين شفتيها بضيق " فقط ما يجبرنا على العمل معه سوى الماضي.."
اغلق لؤي عيونه وشد على قبضته ثم فتحهما " الماضي الملازم للمستقبل.. ولن نخرج من هذه الدائرة المميتة.." وكاد ان يخطو خطوته للابتعاد ولكنه تساءل بقلق " هل ما زالت غاضبة؟!"
ربتت ياسمين على كتفه وقالت بتعاطف " انها تدرك انك لست المسئول.. فقط هي غاضبة لاستسلامك على هذا النحو.."
" نتيجة استسلامي هو ابتعادها.. ومعرفتها الحقيقة.."
" لا عليك انها تحبك كثيرا.. ولكن الغضب يعمي.."
ابتسم لها " من الجيد انك موجودة بجانبها.."
بادلته الابتسامة بسرعة حيث ان المدير ( مراد) طلبها.. فذهبت اليه على عجل تاركة لؤي ينظر للفراغ بحسرة وندم..



انتهى الفصل
اتمنى يكون نال رضاكم.. وبعتذر اذا كان في اخطاء سواء املائية او بالاحداث
دمتم بود وبحفظ الخالق


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:03 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.