آخر 10 مشاركات
التسويق الرقمي والتجارة الإلكترونية مع مقتبس افضل شركة تسويق رقمي و تجارة الإلكترونية (الكاتـب : ياسر حسن محمد - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          1046-حلم صعب المنال - باتريسيا ويلسون - عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عذراء فالينتي (135) للكاتبة:Maisey Yates(الجزء 3 سلسلة ورثة قبل العهود) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          عاطفة من ذهب (123) للكاتبة: Helen Bianchin (الجزء الأول من سلسلة عواطف متقلبة) كاملة (الكاتـب : salmanlina - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          ياعصيّ القلب *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Nareman fawzy - )           »          بريّة أنتِ (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          في ظلال الشرق (20) -شرقية- للكاتبة الرائعة: Moor Atia [مميزة] *كاملة&روابط* (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-09-15, 12:44 AM   #11

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل التاسع

مر يوم يليه آخر ليجر أسبوعا ثم آخر .. ليكتمل الشهر في سرعة بارقة .. و"ريم" يتكرر حلمها على فترات متتابعة .. أصبحت لا تدري أهو رؤيا أم أضغاث أحلام من نسج خيالها الذي تعلق بشخص مجهول .. ولكنها على يقين أنه شخص موجود في الواقع .. ستراه أكيد .. ولكن متى ؟؟.. فهو يشغل كل ذرة في كيانها .. وأصبحت منطوية على نفسها أكثر .. كأنها تائه في صحراء يبحث عن سراب .. يبحث عن أمل يعيده لمأواه ..
ولم تخفى حالتها هذه عن "يوسف" أو " باسل" .. أما "ريحانة" و"رنيم" فيعرفان ما بها .. ولم تستطع إحداهما مساعدتها أو نصحها بم يجب فعله .. فأحيانا تقولان بأنها محقة في حالتها .. فلو تعرضت إحداهما لموقف كهذا مؤكد ستجن .. وأحيانا لا يصدقان ما يحدث لها .. وتقول إحداهما بأن الأمر لا يتعدى كونها تفكر فيه كثيرا فبالتالي تراه في منامها كثيرا .. وتقول الأخرى بأن تعلقها به حتى لو تراه حقا جنون منها .. مؤكد أن "رنيم" صاحبة الرأي الثاني .. لأنها ترى كذلك أن حب "ريحانة" لـ"باسل" جنون آخر .. وهي محقة .. فبأي حق تعلق قلبها بم ليس لها .. ولكن لشخصية "ريحانة" المهزوزة دور في هذا الحب .. وهذا ما لا تعرفه "رنيم" ..

وفي نهار أحد الأيام .. قرر "باسل" أن يعرف ما بها .. وأبى "يوسف" إلا أن يتطفل على خلوتهما .. بحث عنها في كل مكان لم يجدها .. ولم يبدأ بغرفتها لأنه يعلم أنها لم تعد تختلي بها فهي إما عند "ريحانة" وإما في حديقة منزلهم .. لذلك لما انتهى ذهب لغرفتها .. لم ترد عليه بعد طرقات زادت عن ثلاث .. ولم يرد أن يدخل قبل أن تأذن له .. ولكن لم تجب بعد تكرار من الطرقات والنداء .. كان "يوسف" يراقب وفقط .. ينتظر أن ينتهي فيدخل معه .. فتح "باسل" بابها وأطل برأسه .. وجد شرفتها مفتوحة .. علم أنها تجلس فيها .. دخل وقبل أن يغلق الباب خلفه .. وجد "يوسف" أمامه .. ابتسم وهو ينظر له قائلا :
- عاوز ايه يابني انت ..

رفع "يوسف" كتفيه قائلا :
- عاوز اعرف اللي انت عاوز تعرفه ..

هز "باسل" رأسه قائلا :
- اتفضل ..

"باسل" سيدخل بهدوء ويتحدث قبل أن يقترب لئلا يفزعها .. أما "يوسف" فهوايته أن يقف أمامها مباشرة .. ثم تفزع فيضحك وتضحك .. وينتهي الأمر .. لكن "باسل" لا يحتمل فزعها حتى وإن كانت مزحة ..
لذلك أوقف "يوسف" عند الباب قسرا وهو يقول له :
- متتحركش من هنا ..
ثم رفع صوته مناديا :
- ريما ... يا ريمو ..

خرجت من شرفتها تنظر لهما مبتسمة .. أومأت برأسها بأن يأتيان ثم عادت تجلس .. وصلا عندها .. وبحركة واحدة كانت يدي اثنتيهما تضع نوعها المفضل من الحلوى على طاولة أمامها .. ثم نظر كلاهما لبعضهما البعض .. فقال "باسل" :
- شكلك قاعد على قلبنا ..

جلس "يوسف" وهو يقول ببرود :
- وليه متكونش انت اللي قاعد على قلبنا ..

جلس "باسل" هو الآخر مبتسما ولم يرد .. بينما نظرت "ريم" لم وضع أمامها لدقيقة ..ثم رفعت رأسها قائلة :
- اوحش حاجة في الدنيا انك تدي مفاتيحك لحد ..

مد "يوسف" يده يأخذ ما وضعه منذ قليل وهو يقول :
- انا كمان بقول كدة .. بصراحة نفسي في الشيكولاته دي اوي ..

مدت يدها تأخذها قبله وهي تقول :
- انت بتهزر يابني .. دة انا اديكو مفاتيحي واقفالي كمان ..

ثم نظرت لهما قائلة :
- يا له من نهار سعيد .. بس ليه طابين عليا اذ فجأة كدة .. مين فيكم اللي عامل جريمة ..

رد "يوسف" قائلا :
- بصراحة انا لقيت اخوكي بيتسحب فقلت اتسحب وراه واجي اتطفل على حديثكم الشيق .. وبعدين شكلك انتي اللي عاملة الجريمة مش احنا ..

ابتسمت وهي تجيب :
- انا .. اي جريمة ..

رد "باسل " :
- جريمة الشرود والانطواء ومن أين لكي هذا ..

تنهدت وهي تقول :
- شكلي وقعت بين ايديكم خلاص .. والمفروض اني اقر واعترف .. اذا فأقر انا ريم علي بأني والله العظيم ما عملت اي حاجة .. ممكن تبطلوا التطفل دة بقى ..

رفع "باسل" كتفيه قائلا :
- والمفروض اني اصدق بقى مش كدة

ابتسمت قائلة :
- ليه كدة يا بيسو بس والله انا طيبة خالص ومعملتش حاجة ..

امتقع وجهه قائلا :
- ايه بيسو دي .. اياكي اسمعك تقوليها تاني ..

ضحك "يوسف" وهو ينظر لـ"باسل" قائلا :
- انتي زعلتي يا بيضة .. عسل ياخواتي ..

لكمه في فكه قائلا :
- بيضة في عينك ..

ضحكت "ريم" وقد وجدت شيئا تهرب به من مجلس التأديب الذي ستخضع له قائلة :
- كمان واحد يا باسل عشان مش راضي يتجوز لغاية دلوقتي ..

أبعد "يوسف" وجهه عن "باسل" قائلا :
- هو انا كنت اشتكيت لكم .. اما امركم غريب ..

ثم سحب "ريم" من حجابها قائلا :
- عندك موهبة في الهروب من الكلام وتغيير الموضوع فظيعة ..

ابتسمت وهي تبعد يده قائلة لـ"باسل" :
- باسل صحيح هتشتغل في مركز البحوث العلمية اللي في المدينة عندنا ..

أومأ قائلا :
- اه انتي عارفة شغل الجامعة لوحده مش كفاية بالنسبة لي .. وخصوصا اني هعرف اشتغل احسن في مركز البحوث واعرف اطلع اللي عندي ..

ضحك "يوسف" قائلا :
- يا سلام ايه يابني الثقة دي .. واعرف اطلع اللي عندي .. انا قلت الهندسة الجينية دي كلها عقد مصدقتونيش ..

ضحكت "ريم" قائلة :
- خليك انت بس في حالك كدة .. وفي جو الاجرام اللي انت عايش فيه دة ..

قاطعها "يوسف" :
- متقوليش عليهم مجرمين .. دول أفراد غلطوا .. وبعدين صلحوا من نفسهم .. وبعدين انا اصلا هسيب الشغل في المكان دة ..

- ليه ..
قالها "باسل" و"ريم" ..
رد "يوسف" مبتسما :
- ابدا عاوز اغير النشاط .. هشتغل في مستشفى للأمراض النفسية .. فترة قبل ما اعمل حاجة خاصة بيا ..

ردت "ريم" بغضب :
- انت قاعد تخطط لحياتك من غير جواز ليه ..

ابتسم "يوسف" قائلا :
- هموت واعرف انتي مزعلة نفسك ليه بس .. واحد ومش عاوز يتجوز انا حر ..

ردت بضيق :
- مفيش واحد مش عاوز يتجوز .. الا اذا كان متعقد من حاجة ..

ضحك "باسل" وهو يتابع حوارهما .. بينما رد "يوسف" :
- مين دة اللي متعقد يا بنتي .. دة انا حلال العقد .. بس مش لاقي واحدة احس ان هي دي ..

ابتسم "باسل" وهو يقول :
- ولا عمرك هتلاقيها .. انت بتحلم بيها بس لكن محاولتش تدور عليها ...

نظرت له "ريم" بشرود قائلة :
- ولو حاول يدور هيلاقيها ..

لم تفتهما نبرتها .. ولكن رد "باسل" قائلا :
- اكيد .. طالما بيسعى عشان حاجة هيوصلها ..

أومأت "ريم" ونظرت في كتابها الذي كانت تقرؤه .. بينما تحدث "باسل" قائلا :
- مش هتقولي بقى مالك ..

ابتسمت وهي تنظر لكتابها قائلة :
- مش عارفة .. ممكن تقول أصابني مس من جنون ..
ثم رفعت رأسها لتقول :
- دلع بنات سيبك منه ..

فقط أثقلت كاهليهما بالقلق عليها .. لم تخبرهما بم يعصف بها .. ولكن أخبرتهما أن هناك ما يشتتها .. لم تخبرهما أنها أصبحت تلتفت كلما سمعت اسم "طارق" .. تبحث عن هذا الطارق .. تجتاحها رياح هوجاء كلما مرت بمكان رأته في منامها .. تخبرهما أنها تكاد تكون أحبت شخصا يأتيها في حلمها .. فقط تراه حبيبها وفارسها .. تتحدث معه وتسعد بلقائه .. تشكوه لنفسه .. وتنتشي بابتسامته .. وتغيم بغيابه ...
-----------------------
منذ أسبوع تذهب لعملها وحدها .. تخرج مع "ريم" صباحا لئلا يعلم جدهما .. وتجاورها في سيارتها .. وتوصلها "ريم" فقط لمكان انتظار الحافلات .. وتبقى "ريحانة" وحدها تنتظر الحافلة التي تقيلها لعملها .. في أول يوم بقيت "ريم" حتى جاءت الحافلة وانتظرت معها حتى تحركت ثم تمر بها بعد انتهاء عملهما لتعودان معا .. وكذلك اليوم الثاني .. أما في اليوم الثالث فاكتفت فقط بالبقاء معها .. وتركتها لتعود وحدها وكذلك في اليوم الرابع .. وباقي الأيام كانت "ريحانة" تذهب وتعود وحدها .. فقط تخرج مع "ريم" أمام الجد .. فلو علم ما تفعله .. ليس ببعيدا عليه أن يذهب ويأتي بها .. أو ينهر "باسل" لأنه من ساعدها على ذلك وكذلك "ريم" ..
يخاف عليها من كل شئ وأي شئ .. تحترم خوفه عليها .. وفي ذات الوقت تشعر أنها بلا كيان وبلا هدف .. فبخوفه عليها كاد يحرمها من دراسة البرمجة لأنها ستصبح في هذا المكان وحدها .. وكاد يأمرها أن تدرس مع "ريم" أو "باسل" أو "يوسف" .. أرادها أن تختفي في شخوصهما كما اختفت في شخصه هو لسنوات .. لولا "باسل" من عارضه في أمره وأقر بأنه سيصبح رفيقها في الجيئة والروحة حتى يستقر بال جده عليها .. ولما تزوج أخذ "يوسف" المهمة عنه ..
ولما تميزت في دراستها وجاءتها فرصة للعمل في أكبر شركة في مجالها أثناء دراستها رفض بشدة حتى لا تختلط بالناس .. وبعد انتهاء دراستها جاءتها فرصة للعمل في العاصمة لم تسأله رفضت مباشرة لأنها تعلم موقفه من السفر وحدها .. تحبه وتقدره فهو لها بمثابة الأب والأم .. ولا تلقي عليه أي لوم .. فبيدها كانت تستطيع إصلاح شخصيتها .. هي من تركت نفسها لخوفه .. وهي من كادت تستسلم لمطالبته لها بدراسة مجال آخر غير ما أرادت .. لولا "باسل" من ثار لأجلها .. وأقر بأنها لن تدرس إلا ما أرادت .. لم يعترض "يوسف" على أمر جده .. لأنه لم يكن يدر بعد ماذا تريد "ريحانة" .. فهي كانت مشتتة إن قال جدها تفعل كذا ستفعل دون أدنى اعتراض .. ولكن "باسل" كان يعلم ما تريد ويعلم أنها من الممكن أن تنصاع وراء أي أحد دون إرادتها .. فقط لأنها لا تستطيع الاعتراض ...
شعورها في اليوم الأول كان كمن ضل طريقه يبحث عن أهل ومأوى .. عابر سبيل .. في بلد لا يعرفها .. تطمئن برؤية "ريم" .. كأنها ظمآن ارتوى برؤيته للماء فقط .. وفي اليوم الثاني حاولت التماسك وإقناع نفسها بأنه لن يحدث شئ فاليوم الأول خير دليل على ذلك .. ومر هو الآخر بسلام .. وكذلك بقية أيام الأسبوع مرت بين إقناعها لنفسها ورؤية الجانب الإيجابي مم تفعل ..
ولكن الأمر الكارثي في كل هذا أنها تعلقها بـ"باسل" يزداد .. و"باسل" مازال لا يرى فيها سوى أخته وفقط .. ومازالت معاملته لها بين شد وجذب ..
--------------------
اليوم الجمعة .. لـ"رنيم" عادة لا تبطلها أبدا .. تذهب لإحدى مكتبات المدينة في هذا اليوم وتأخذ كتابا من تلك الكتب ذوي الاستعارة الداخلية وتختلي به على إحدى المقاعد .. وتنسى نفسها لساعات فقط تقوم للصلاة وتعود لحين يزحف الظلام تترك كتابها وتغادر لتأتي في الجمعة المقبلة تستكمله ..
رغم أن المكتبة تعج بزوارها يوم الجمعة .. إلا أنه اليوم المناسب لها طيلة الأسبوع .. خاصة بعد انشغالها في رسالتها .. بالإضافة لمرورها بالمكتبة أيام متباعدة في الأسبوع تبحث عن كتب تخصها في رسالتها وتطلع على كل ماهو جديد في كل مجال .. ولكنها رأت "يوسف" لجمعتين متتاليتين .. وفي كل مرة تحاول الاختفاء خوفا من أن يراها فيعرفها .. لا تعلم كيف سيعرفها .. ولكن تشعر أن رؤيته لها كأنه سيكشفها ويراها ..
لم يراها "يوسف" في هاتين المرتين .. ولم يعد يفكر فيها منذ استخار ولم يشعر براحة ناحية الفكرة بأكملها ..
ولكن قبل أن تأتي اليوم .. ترددت كثيرا وليست "رنيم" بمن تتردد .. من يعرفها عن قرب .. حين يراها بالنقاب يعرفها من عينيها .. لذلك تحاول إخفائها بشتى الطرق ولكن كل محاولاتها فشلت بسبب طول رموشها وما يحدث لها من ألم إن فعلت وقيدت حركة رموشها .. لذلك هي تظن أنه سيعرفها بسبب عينيها .. كانت قبل عندما تراه لا تتأثر .. مجرد رجل عادي .. ولكن منذ رآها ومن قبل رفع صوته عليها وشعورها بالإهانة .. وهي تشعر بالنفور منه .. فلم يخلق ذاك الرجل الذي يخضع "رنيم" لسيطرته ..
لذلك حين وصلت هناك .. كانت عينها تبحث عنه .. فقد أخذت قرارها بأنها إن رأته ستغادر .. لم تراه فاطمأن بالها واتخذت مقعدها لتقوم بما اعتادت فعله ...
---------------------
وفي يوم الجمعة لـ"باسل" عادة مع ابنته لم يقطعها .. ولكن لانشغاله الشديد اليوم ببحثه وعمله الجديد نسى كل شئ .. عاد من صلاة الجمعة ودخل غرفته مباشرة .. يستأنف ما بدأه من عمل .. كانت هي قد استعدت للخروج . وتجلس مع "ريم" في غرفتها لحين مروره عليها .. ولكن مر عليهما "يوسف" ولم يمر هو .. لذلك ذهبت لغرفته .. وحين أذن لها بالدخول دخلت هادئة ولكن على وشك الغضب فقد تأخر هو عن موعده .. وتأخير المواعيد كما علمها يعتبر إهمال ..
وحين رأته مازال يرتدي عباءة الصلاة صرخت قائلة :
- بابا ..

لم ينتبه لكونها تصرخ ورد وهو مازال منشغلا في عمله قائلا :
- ايوة يا حبيبتي تعالي ..

ردت ولم تتحرك قائلة :
- احنا مش خارجين النهاردة ..

لم ينظر لها وأجاب :
- احنا مش بنخرج يوم الجمعة .. لما الجمعة تيجي ان شاء الله هنخرج .. انا فعلا مشغول جدا دلوقتي .. ومش هقدر اسيب اللي في ايدي ..

ردت بغضب :
- النهاردة الجمعة على فكرة بقى .. وكمان كنت بتصلي اهو .. يعني مش عارف كنت بتصلي ايه .. شكرا شكرا شكرا .. هه ..

تركته وخرجت ..
بينما رفع رأسه ينظر لخروجها غاضبة وهو يضرب جبهته بيده .. ثم نظر لم كان يفعل بيأس واضح .. فلم تكن عادته أن يعمل يوم الجمعة .. كما أن ما بيده هو أصلا عمل يوم السبت فقط أراد أن ينجز قليلا .. أنهى ما بين يديه .. فهو خطؤه أن قام به اليوم .. ثم ذهب يبحث عن "روح" وجدها بغرفتها .. دخل ليراها تضم ركبتيها لصدرها وتبكي بشدة ..
لم تتعود الإهمال منه لذلك لما أهملها كان الأمر بالنسبة إليها لا يحتمل .. فعقلها لا يستوعب اللامبالاة التي حدثها بها .. كما أنه يمثل كل شئ لها .. فحين يهملها لن تجد من يحتويها ...
اقترب منها آسفا .. ثم جلس أمامها .. رفع رأسها .. ثم احتضن وجهها بكفيه وهو يقبل عينيها قائلا :
- حلو الفستان دة .. مين اللي اختارهولك ..

نظرت للفستان تضربه وهي تقول :
- لا مش حلو .. دة وحش وحش ..

رد قائلا :
- لا حلو وهتخرجي معايا بيه ..

قالت غاضبة :
- بس انت قلت مش هنخرج ..

جفف دموعها وهو يقول :
- انا اسف والله نسيت .. ويلا بقى علشان نخرج حالا ..

نظرت له بشك فقال :
- خلاص بقى .. هغير هدومي بس ونخرج على طول .. ومعدتش عاوز اشوفك بتعيطي تاني اتفقنا ..

أومأت برأسها فقال :
- طيب اضحكي اول ..

ابتسمت وهي تقبله في وجنته .. ثم قالت :
- هنزل استناك مع ريحانة ..

ضحك قائلا :
- حاضر .. بس مش انا قلت عيب تقولي ريحانة كدة ..

أجابت :
- والله يا بابا هي اللي بتقولي اقولها كدة .. يلا متتأخرش بقى ..

تركته وذهبت لـ"ريحانة" .. فهي رأتها من شرفتها تجلس في الحديقة الخلفية .. في المكان المظلل وبيدها تمسك جهازها الإلكتروني كعادتها ..
وصلت عندها تجري .. سمعت "ريحانة" خطواتها فرفعت رأسها مبتسمة ثم وضعت جهازها جانبها وهي تفتح ذراعيها لها .. جاءت "روح" فضمتها على صدرها .. وهي تقبل رأسها .. ثم أبعدتها عنها قائلة :
- اتأخرتوا في الخروج النهاردة ليه ..

تقوست شفتيها وهي تجيب :
- بابا كان ناسي .. ينفع كدة ..

ضحكت "ريحانة" وهي تجيب :
- لا طبعا مينفعش خالص .. بس معلش كلنا بننسى اكيد مكنش يقصد ..

ابتسمت "روح" قائلة :
- تعالي اخرجي معانا ..

ردت "ريحانة" :
- واسيب جدو يتغدى لوحده مينفعش ..

قالت "روح" وهي تضم حاجبيها تعبير عن الضيق :
- بس احنا مش بنروح نتغدى وبس احنا بنروح الملاهي ومدينة الصغار كمان .. تعالي معانا عشان خاطري ..

مدينة الصغار : مكان للأطفال ليعيشوا فيه حياة الكبار .. متواجد بالفعل في اليابان تحت اسم دولة كيدزينيا .. وفيه يدخل الأطفال المكان بدون آبائهم .. ويقطعون تذكرة كتذكرة السفر .. ويستلمون نقود يتعاملون بها داخل المدينة .. يوجد بها أكثر من 80 نشاط ينقسمون بين أداء الأعمال وتلقي الخدمات ..
كمثال يعملون كعمال البنزين .. ويمتلكون سيارات يقودونها وبالطبع معهم رخص قيادة داخل المدينة ..
ومثال ثان كأن يتعرض جزء من المدينة لعطل كهربائي .. فيقوم الصغار الذين يمتهنون مهنة مهندسي الكهرباء بالذهاب للمكان المقصود وحل المشكلة ..
ومثال ثالث .. رجال المطافي والإسعاف ..
يوما ما ستصبح في بلادنا ..
ابتسمت "ريحانة" لتجيب :
- معلش يا قلبي والله ما هقدر اسيب جدو كل دة .. بس قوليلي بقى عملتي ايه في المدينة المرة اللي فاتت

اشتعلت حماستها وهي تجيب :
- انا اشتغلت دكتورة .. وكان فيه حد عيان يا حرام وانا رحت ساعدته .. ووديته الإسعاف والمستشفى .. وعملت له تنفس صناعي ببتاعة كدة على وشه .. وكمان اه اه .. اشتغلت ايه .. اه ايوة اشتغلت بطفي النار .. كان في نار كدة .. وانا لبست حاجات وطفيتها .. وكان فيه ولد كدة طويل .. اطول مني عمل امام وصلينا وراه كدة .. وولد تاني كان بيأذن .. وكمان كنت بشيل البيبي كدة واسكته لما يعيط واخليه يشرب لبن .. وقلت لبابا انا عاوزة بيبي بس هو مش راضي يجيب ..

كانت "ريحانة" تتابع حركاتها وانفعالاتها .. تضحك ثم تعبس وتحزن .. ثم تعود لتضحك مجددا .. تحرك يدها مع كل كلمة حركة تتناسب مع ما تقول .. ولما وصلت لآخر حديثها لم تستطع أن تسكت لأكثر من ذلك .. ضحكت وضحكت وضحكت .. ولما انتهت نظرت لها من بين دموعها لكثرة الضحك قائلة :
- عاوزة بابا يجيب بيبي ازاي يعني ..

رفعت كتفيها قائلة :
- مش عارفة .. بس انا عاوزة بيبي وخلاص .. وهو قالي نستنى لما عمو او عمتو او ريحانة يتجوزوا وهما يجيبوا بيبي .. ومفيش حد راضي يتجوز .. اعمل ايه دلوقتي ..

تغاضت عن قولها "ريحانة تتجوز" وردت :
- معلش اكيد حد فيهم هيتجوز قريب ان شاء الله ويجيله بيبي .. بس متزعليش بس

ابتسمت وهي تجيب :
- حاضر .. بابا اتاخر مش كدة ..

ردت "ريحانة" :
- احسن برده انا عاوزة افضل معاكي شوية ..

عبست "روح" قائلة :
- كدة يا ريحانة مش عاوزة بابا ييجي كدة ..

ضحكت "ريحانة" قائلة :
- لا والله .. يارب بابا ييجي بسرعة ..

ابتسمت "روح" قائلة :
- ايه دة انتي عارفة ان لما نعوز حاجة نطلبها من ربنا

أومأت "ريحانة" فرفعت "روح" يدها قائلة :
- يارب بابا ييجي .. يارب يارب ..

جاء "باسل" قائلا :
- انا جيت خلاص ..

وصل أثناء حديثها ولم يرد أن يقطعه .. وقف يستمع لها عن بعد ويراقب انفعالاتها .. فما فعله بها لم يكن سهلا عليها .. كان سعيدا لرؤية فرحتها وهي تتحدث .. لذا عندما سألت "ريحانة" عنه تقدم منها وهو يسمعها تدعو ..
عندما رأته ابتسمت وهي ترفع يدها قائلة :
- شكرا يارب .. شكرا شكرا ...

ثم نظرت لـ"ريحانة" قائلة :
- مع السلامة بقى ..

ابتسمت "ريحانة" وهي تشير لها قائلة :
- مع السلامة بقى ..

التقط "باسل" يدها وهو ينظر لها قائلا :
- عاوزة حاجة يا ريحانة نجيبهالك من برة ..

وقفت قائلة :
- لا شكرا ...

قالتها مضطربة .. كذلك تفعل كلما وجه لها حديثا مباشرا ...
التفتا وتركاها وصل لسيارته التي اشتراها بمساعدة "ريحانة" .. فتح الباب لـ"روح" .. ثم أجلسها والتفت يجلس خلف المقود .. نظر لها قائلا :
- مربطيش الحزام ليه ..

نظرت له عابسة وهي تقول :
- مش راضي ..

ابتسم قائلا :
- حاولي ..

حاولت ولم تستطع فردت :
- مش عارفة ..

قال :
- حاولي تاني ..

ردت وهي تحاول :
- مش راضي ..

قال :
-حاولي كمان مرة ..

نظرت له قائلة :
- والله مش راضي يتربط .. اعملهولي بقى ..

أشاح بوجهه عنها وعقد ذراعيه أمام صدره .. فأمسكت الحزام تحاول مجددا .. لم تستطع فرمته وعقدت ذراعيها هي الأخرى .. واستمرا هكذا لدقيقة .. قطع الصمت قائلا :
- ينفع تزعقي لبابا كدة .. انا مش قلت قبل كدة لما تعوزي حاجة تطلبي من غير ما تزعقي ولا تعيطي ..

نظرت له قائلة :
- انا قلت مش عارفة ..

نظر لها قائلا :
- وانا قلت حاولي .. وتفضلي تحاولي لغاية ما تعرفي .. ولو معرفتيش انا هساعدك بس لما تطلبي بأدب ..

أخفضت بصرها وهي تقول :
- طيب خلاص انا اسفة .. ممكن تعملهولي ..

هز رأسه يمنة ويسرة وهو يقترب منها مبتسما ثم قال وهو يربطه لها :
- شوفي انا بعمله ازاي عشان بعد كدة انتي اللي هتعمليه ..

** اطلبوا من أبنائكم أن يكفوا عن البكاء قبل تلبية طلباتهم .. حتى لا يستخدموا بكاءهم كوسيلة للضغط عليكم **
** اطلبوا منهم كذلك أن يحاولوا فعل الأشياء بأنفسهم قبل أن تساعدوهم فيها **
** أبناؤكم أمانة فحافظوا على كل ما يصدر منكم تجاههم .. فيوما ما سيبنون أمة **
-------------------
ولما زحف الليل .. تركت كتابها .. ولكن كان هناك كتابا ما أرادت شراؤه .. ولسوء حظها قسم الشراء في الدور العاشر من هذه المكتبة .. كل مرة تريد الشراء يكون أبيها معها ويستخدم المصعد ويشتري لها ما تريد .. وكل مرة تكون حجتها أنها تود اصطحابه فقط .. لا أحد يعلم مرضها سوى أبيها .. حتى هو يخفي عليها أنه يعرف .. "فوبيا الأماكن المغلقة" .. حتى صديقتيها لا يعرفان .. وفي كل مرة تكون معهما .. إذا اضطررن لإستخدام المصاعد .. تخبرهما أن السلم رياضة مفيدة تفضلها .. أو لأنها تخشى على "ريحانة" .. ولم يكتشف أمرها أبدا ..

المرض ضعف .. وليست "رنيم" بمن تقبل بأي ضعف .. وليست "رنيم" بمن تظهر ضعفها لأي أحد .. لذلك قررت استخدام الدرج للطابق العاشر .. ولكن لسوء حظها أيضا قابلها "يوسف" .. وقبل أن يراها .. كانت التفتت لتدخل المصعد وتضغط على زره بسرعة .. لولا امرأتين أوقفتاها .. ودخلتا .. في الطابق الثالث وقف المصعد .. لتجد "يوسف" أمامه وهو يخفض رأسه معتذرا :
- انا آسف جدا بس الأسانسير التاني فيه عطل وانا مستعجل جدا .. فتسمحولي ادخل ..

أومأت إحداهما وأذنت له الأخرى .. أما هي فلم تنطق .. فهي مازالت تحت تأثير وجودها في مكان مغلق تغالب تنفسها السريع .. واحمرار وجهها .. وبالتالي ليست بحاجة لوجوده هو الآخر ليزداد الأمر سوءا ويزداد اضطرابها ..
دخل لينتحي بنفسه جانبا .. وهو في قمة حرجه .. وجوده مع ثلاث سيدات في مكان مغلق مضطرا .. وما زاد الأمر سوءا مغادرة اثنين منهن في الطابق الخامس .. ليبقى وحيدا مع الثالثة .. والتي كادت تموت رعبا .. كان بيده أن يغادر ولكنه لم يلاحظ بقاء الثالثة إلا عندما تحرك المصعد .. لتكون الصدمة لكليهما عطل المصعد في الطابق السابع ..
ولم تجد هي حلا لما حدث لها سوى صراخها ...
انتفض على صراخها وهو يلتفت لها قائلا :
- اهدي بس فيه ايه .. دة عطل بسيط .. مش هياخد وقت ..

لم تعد تشعر بأي شئ .. وجودها في المصعد فقط لا تحتمله فكيف به يتوقف .. حاولت أن تسحب أكبر قدر من الهواء لرئتيها ولكن لم تستطع .. فتنفسها أسرع مم تتخيل .. وضربات قلبها تزداد .. ولم تتحدث سوى بذلك :
- انا عندي فوبيا ..

حينها حاول هو التصرف ومازال لا يعرفها فأخذ يهدئها قائلا :
- طيب اهدي كدة وحاولي تاخدي نفسك براحة .. مش هيحصل حاجة .. وكمان الأسانسير فيه فتحات كتير .. فيه اماكن للتهوية .. فيه فتحات بتدخل هوا .. خدي نفس هتقدري .. هما بيصلحوه صدقيني ..

قالها وهو مازال يضغط على زر الاستدعاء في المصعد ...
ابتعد قدر ما يستطيع عن كلمات "الاختناق" أو "مغلقة" وحاول أن يوصل لعقلها الباطن كلمات تساعده على تغيير وضعه كـ "تهوية" و"هوا" و"فتحات" .. ولكن عقلها لم يستجب له لأنها غيبته تماما .. ولم تعد تشعر بم تفعل وهي توليه ظهرها لتكشف وجهها وتحاول فك حجابها لشعورها بالاختناق ..
ثم تسقط أرضا لتغيب عن الوعي تماما ...

حين رأى سقوطها تحت قدميه وضع يده على وجهه قائلا :
- لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ..

كان هذا ما يخشاه ويعلم أن هذا ما سيحدث حين ذكرت مرضها .. لذلك حاول التحكم في الموقف قبل حدوثه وهو وحده معها ولم يرد أن يسوء الأمر لهذه الدرجة ولكن ما حدث حدث .. وعليه الآن التصرف وفق ما حدث ..
لذلك أمسك الهاتف المعلق وهو يصرخ بهم أن يسرعوا ويخبرهم بأمر الحالة الموجودة معه ويخبرهم أنها امرأة ليضعوا الأمر في الحسبان .. ثم انحنى يحاول إسعافها .. فإذا به يتلقى صفعة جديدة وهو يتعرف عليها ..
حينها وقف ثانية يهاتفهم يشدد على وجود امرأتين عند وصولهم .. وعاد لها يحاول التصرف في الموقف الذي تورط فيه .. يحاول إفاقتها .. ويخشى أن تفيق والمصعد مازال معطل حينها ستعود لحالتها مجددا ..
فتح المصعد .. فوقف يسد بابه وأمامه رجلان .. وهو يصيح قائلا :
- فين الممرضة ..

تقدمت امرأتين .. فطلب منهما أن تدخلا .. ثم وقف يسد الباب مجددا .. حاولتا إفاقتها .. وعندما أفاقت وجدت المصعد مفتوح يسد بابه رجل .. لتصدم صدمة أخرى وهي تخشى مم قد تكون فعلته .. تحسست وجهها المكشوف ليتجمد الدم في عروقها .. حاولت القيام .. فأسندتاها .. وعدلتا من هيأتها .. ثم طلبت إحداهما من "يوسف" المرور .. وجدت نفسها في الطابق الأرضي حمدت ربها .. وحاولت السير وحدها .. ولكن لم تستطع .. لم تتركا لها الفرصة لتفعل .. أوصلتاها لسيارتها .. وهناك وجدت "يوسف" أمامها قائلا :
- ودوها العربية دي لو سمحتم ..

تجمدت مكانها ورفضت .. حاول التحدث بهدوء رغم ثورته الداخلية قائلا :
- انتي مش هتعرفي تسوقي .. وانا مش هقدر اجادل واناقش كتير .. اتفضلي ع العربية من سكات .. ومش عاوزين الناس تتفرج علينا اكتر من كدة ...

ستنهار تماما بسبب كل ما يحدث .. كل هذا فوق احتمالها .. يراها لمرتين .. ماذا بعد ؟؟ .. ولماذا يحدث لها كل هذا ؟؟ .. وماذا فعل معها حين كانا وحدهما .. أيكون اقترب منها .. أو حاول إفاقتها وإسعافها .. لماذا تحدث لها تلك المصائب .. هي غير قادرة على احتمال أي شئ .. وبغير إرادة وجدت نفسها تقف جوار سيارته .. فتح الباب الخلفي .. أجلستاها .. ثم غادرا .. بينما التفت هو ليجلس خلف المقود .. وجدها تحاول فتح الباب لتترك سيارته .. فصرخ بها قائلا :
- إياكي تنزلي ...




اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-15, 12:52 AM   #12

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل العاشر


رنيم .. المعضلة الكبرى .. والنظرية الفيثاغورثية قبل فهمها .. طلاسم التاريخ والجغرافيا عند حفظها .. ترى حياتها حصون منيعة تحيط ببيت هش .. بيت العنكبوت .. أو يكاد يكون أضعف منه .. كل ما تستطيع فعله هو أن تبني سدا وراء سد وحصن جوار حصن لتختبئ خلفهم .. تريد أن تخبرك أنها قوية ومسيطرة ومؤثرة واستطاعت فعل ذلك .. طالما لم تقترب من حصونها فأنت تراها عاقلة قوية مسيطرة وحكيمة أيضا .. ولكن احذر الاقتراب من حصونها .. حينها ستكتشف جانبا آخر لا تعلمه .. هي نفسها لا تعلمه ..
ما أسوأ أن لا تدري ما طبيعة شخصيتك .. أو تتظاهر بقوة لا تملكها .. أو كنت تملكها يوما .. ما أصاب "رنيم" ليس إلا تراكم لمواقف وعبارات .. ظلت تحبسها في نفسها .. لم تعش كل لحظة غضب مرت بها .. فقط تجاوزتها لأنها قوية .. ولم تعش كل لحظة حزن مرت بها .. ولم تعش كل لحظة ضعف جاءتها .. تتجاوز ثم تتجاوز وتتجاوز .. ولكن بعد كل هذا مؤكد أن ستأتي لحظة لتنفجر فيها .. لحظة تكون فيها كأضعف ما يكون ..
لو كانت عاشت كل لحظة بحالتها .. لم تكن لتتعرض لذلك الضعف المفاجئ ..
"اللي يخاف من العفريت يطلع له" .. مقولة تربينا عليها كغيرها .. وكم من مقولة خاطئة تربينا عليها .. ولكن تلك ليست خاطئة .. فعندما تخاف من "العفريت" سينشغل تفكيرك به .. وتنبه عقلك الباطن له .. حينها سيوجهك له .. ويجذب ما تخاف لك ..
خوفها من كشف وجهها .. خوفها من رؤية رجل لها .. خوفها من أن يقع رجل في حبها فقط لأنه رآها .. لذلك لم توافق على أي رؤية شرعية .. عندها اعتقاد أن كل الرجال سطحيون يعشقون فقط الجميلات لأنهن جميلات وفقط .. وحين يدور الزمن سيبحثون عن جميلة أخرى .. رغم أن أمامها أبويها .. لم يحدث معهما ما تعتقده .. ولكن هي فكرة صنعتها وصدقتها ..
ثم تفاقم خوفها من أن كل منتقبة لا بد وأن تتعرض لموقف كهذا أن تُرى دون قصد منها .. فحاولت تجنب تلك المواقف .. رغم أنها لم تكن لتحدث لها لو شغلت عقلها بأمر آخر .. لو ألغت تلك الفكرة تماما .. لو اقتنعت بأنه لا يحدث .. لو عملت على العيش بسلام وهدوء .. بلا عقد وبلا تعقيدات ..

** برمج عقلك على ما تريد .. لا تبرمج عقلك عن البعد عن ما لا تريد **
(هناك فارق كبير بين الجملتين)


تستند على زجاج النافذة المجاورة لها شاردة .. لا تفكر في أي شئ .. لأنها لا تشعر بأي شئ .. لم تشعر بكم الاتصالات التي أجراها "يوسف" .. لم تشعر بعدد المرات التي توقف فيها .. هو أيضا كان مندهشا منها .. فقد كانت منهارة قبل إغمائها .. طبيعي أن تكمل انهيارها .. لماذا لم تبكي ؟ .. ولماذا لم تصرخ ؟ .. ولماذا لم تحاول ترك سيارته ثانية بعد أن صرخ بها .. فقط تراجعت عم نوت فعله وجلست ساكنة ..
لم تشعر بتوقفه أمام منزله .. فقط وجدت "ريم" جوارها تربت على يدها .. نظرت لها بعين مستنجدة ثم مالت على كتفها .. ولم تتحدث .. "ريم" عرفت من "يوسف" ما حدث في رسالة هاتفية أرسلها لها حيث أخبرها بأن تنتظره في حديقة منزلهم عاجلا وقص عليها أن المصعد تعطل بصديقتها فقط .. لم يخبرها أنه كان معها .. ولم يخبرها بأن صديقتها مصابة بـ"فوبيا" .. احتضنتها "ريم" بشدة .. وهي لا تتخيل أن "رنيم" القوية تتأثر هكذا من موقف كهذا .. ولا تتخيل أنها تحتوي "رنيم" التي دائما ما تحتويانهما .. ترى "رنيم" أُمّا رائعة لولا تعقيداتها للأمور .. ولكن أي تعقيدات تتحدثين عنها يا "ريم" .. أي تعقيدات وأنت لم تدرِ بعد بكم التعقيدات التي بها ..
وصلوا منزلها .. كان أبوها ينتظرهم .. تلقاها بلهفة .. ثم تركها تصعد مع "ريم" ووقف يسمع من "يوسف" ما حدث ...
لأبيها قص "يوسف" كل ما حدث .. لا يعرف لم شعر بالأسى من حديثه .. ثم شعر بالشفقة لحالها .. علم أن لديها مشاكل وليست مشكلة ..
انتظر "ريم" لنصف ساعة ولم يوافق أن يدخل مع والد "رنيم" .. حين جاءت جلست جواره ولم تتحدث .. لولا أنه بدأ حواره قائلا :
- بقت كويسة ..

نظرت له ولم ترد .. فسأل :
- بتبصيلي كدة ليه ..

ردت بحزن واضح :
- انت متأكد ان محصلش حاجة غير انها اتحبست في الأسانسير ولدقايق بسيطة بس ..

نظر لها قائلا :
- ليه بتسألي السؤال دة ..

تنهدت قائلة :
- عشان مش مصدقة ان رنيم تبقى كدة عشان بس اتحبست في الاسانسير .. دي ريحانة لو اتعرضت للموقف دة مش هيحصلها كدة ..

تأكد "يوسف" أن "ريم" لا تعرف مرضها .. رغم دهشته من ذلك .. فهي صديقتها منذ الطفولة .. كيف لا تعرف .. حمد الله أنه لم يخبرها وهز كتفيه قائلا :
- مش عارف .. هي صحبتي انا ولا صحبتك انتي .. مش يمكن بتخاف من حاجة وانتي مش عارفة ..

ابتسمت "ريم" ساخرة وهي تقول :
- رنيم بتخاف .. انت علشان متعرفهاش قلت كدة..

رد على سخريتها بسخرية أخرى :
- شكلك انتي اللي متعرفيهاش ..

نظرت له وهي لا تفهم شئ .. فـ"رنيم" لم تتحدث منذ رأتها .. حتى حين صعدت لمنزلها معها .. وبقيت معها لفترة لم تتحدث فيها .. لم تندهش من أنها لم تبكي .. لأنها تعرف أن "رنيم" لا تبكي .. وإنما ستندهش إن رأتها تبكي ..

مر يومان .. بلا كلام ولا طعام ولا نوم .. تجنبت "رنيم" الحديث مع كل من حولها .. وحين تأتي "ريم" و"ريحانة" ترجو والدتها بأن تخبرهما أنها نائمة .. لا تستطيع رؤية أي أحد خاصة وإن كان له علاقة بـ"يوسف" .. تأكل ما يسد رمقها فقط بعد إلحاح من والدتها .. زهدت كل شئ في حياتها .. ولا تدري لمَ يُفعل بها ذلك .. لمَ تعيش في كل تلك التعقيدات .. لمَ اسودت حياتها بتلك الطريقة .. لمْ تذهب لعملها ولمْ تقترب من كتبها .. لمْ تفعل شئ إطلاقا في هذين اليومين .. ولم تسقط من عينيها دمعة واحدة .. يبدو أن دموعها جفت .. أويبدو أنها حين لم تجد لها فائدة نضبت ..
ولم تطق أمها أن تراها كذلك .. لذا هاتفت "ريم" و"ريحانة" حتى يأتيان لها .. ولم تتأخرا .. حين وصلا .. طلبت منهما "جيهان" أن يدخلان لها مباشرة .. فهي إن دخلت ستطلب منها أن تخبرهما بنومها .. طرقت "ريم" الباب .. فأخبرتها "جيهان" أن تدخل فهي لن ترد .. أدخلتهما وأغلقت الباب تدعو أن تتحدث معهما ..
تقدمت منها "ريحانة" وأوشكت دموعها على الهروب من مقلتيها فهي لم تتخيل يوما أن ترى "رنيم" كذلك .. وضعت يدها على كتفها .. التفتت لها "رنيم" بنظرة شاردة .. دموع "ريحانة" قد تكون شجعتها .. جلست "ريحانة" جوارها ثم أخذتها بين ذراعيها .. عندها فقط بدأت "رنيم" تسمح لدموعها بالانهمار .. وفجأة بدأت تنتفض ويعلو نشيجها .. مم أفزع "ريحانة" و"ريم" .. "رنيم" تبكي .. في أسوأ المواقف التي تعرضْن لها لم تبكي .. بل دائما ما كانت تخبرهما أن البكاء ضعف .. واختلفا معها كثيرا .. فضعف حتى وإن كنت منفردة .. خير من مرض بسبب كتمان غضبي ..
ظلت تبكي وتبكي .. وهي تستحضر كل المواقف التي تعرضت لها وكانت تستحق البكاء ولم تبكِ .. انتفاضها يزداد .. و"ريحانة" تبكي لبكائها .. أغلقت "ريم" باب غرفتها خشية أن تسمع أمها ..
ثم عادت تمسح بيدها على ظهر "رنيم" .. وتحاول تهدئتها .. هدأت بعد فترة وبدأت تقص ما حدث لها .. لأول مرة تحكي لهما "رنيم" عن مشكلة تمر بها .. أو عن شعور تشعر به .. لأول مرة تتحدث ولا تسمع .. طيلة عمرها تسمع وفقط .. وتحل مشاكلهما فقط .. طيلة عمرها لا تخبر أي منهما ولا غيرهما بمشاكلها .. تنغلق على نفسها وتتقوقع لتحل ما يمكن حله وإن زاد عن طاقتها تضغط على نفسها لتحاول أكثر وأكثر .. ولا تشكو حتى ..
حين انتهت .. نظرت لاثنتيهما وقد فغرتا فيههما .. وتحدثتا قائلتين :
- عندك فوبيا ..

ثم بدأت ابتسامة تشق شفتيهما .. وما فتأتا أن انفجرتا ضحكا .. نظرت لهما "رنيم" مبتسمة أول ابتسامة منذ ما حدث .. لم تستطع إحداهما أن تكف ضحكتها .. طرقت "جيهان" الباب عندما سمعت ضحكهما .. فتحت لها "ريم" .. عندما نظرت لابنتها أشرقت وهي تراها مبتسمة ثم قالت :
- ايه دة لا انتو كدة سركم باتع .. هجيب أكل تأكلوها وتاكلوا معاها بقى .. ووروني شطارتكم ..

تركتهن وذهبت .. بينما تحدثت "ريم" قائلة :
- بقى عندك فوبيا يا رنيم ومنعرفش .. ايه كنتي خايفة تصعبي علينا ولا كنتي خايفة من الكلام زي شكلك ..

هزت كتفيها ولم تجب .. بينما قالت "ريحانة" :
- متقلقيش والله .. يوسف مش هيشغل باله بيكي .. احنا اصلا شاكين فيه .. ممكن يبقى معقد .. دة عمره ما فكر في الجواز ..

نظرت لها "رنيم" وقد راودها شعور بالضيق .. لم لا يفكر فيها .. ولمَ لمْ يتزوج .. ولمَ فعل معها ذلك ..
لم تقف "ريم" عند جعلها تأكل وفقط .. بل أصرت عليها أن تخرج معهما ..
----------------------
نزهة "ريم" المفضلة الذهاب لمحلات الملابس أو أي شئ يخص البنات .. ويأتيها شره الشراء لولا "رنيم" و"ريحانة" من يوقفانها بحكمة .. لا تمل من الشراء .. ولكن تحاول شراء ما ينفعها وما ستستخدمه .. في شرائها لا تشتري فقط لها .. بل تبتاع أشياء لـ"باسل" و"يوسف" من أماكن يفضلانها .. وكذلك تبتاع لأمها وجدها .. و"روح" و"ريحانة" حتى "رنيم" ينالها مم تبتاع أشياء .. مجنونة شراء ..
حين انتهين .. تقدمتهم "ريم" للخروج .. وذهبت لتأتي بسيارتها من مكان انتظار السيارت .. هناك أعطت بطاقة للعامل .. دخل ليضغط زرا وبطريقة أوتوماتيكية .. رُفعت سيارتها من أسفل لتصل لمستوى الأرض .. ثم خرجت لها وبحركة دائرية التفت لتصبح بمحاذاة الطريق .. ركبت "ريم" وذهبت لتأتي بـ"رنيم" و"ريحانة" ...
في طريقهن مررن على محطة انتظار .. نظرت "ريم" لامرأة جالسة .. يبدو عليها الحزن .. ولـ"ريم" حب أسطوري لرسم ابتسامة على وجوه من حولها .. وإدخال السرور على القلوب .. توقفت جانبا والتفتت لتخرج حلواها المفضلة من حقيبتها .. ثم نظرت لهما قائلة :
- ثواني يا بنانيت .. هعمل حاجة وجاية ..

أومأت كلتاهما .. وتحدثتا سويا .. بينما ذهبت "ريم" لتجلس جوار تلك السيدة وهي تمد يدها بحلواها قائلة :
- مش مستاهلة الزعل دة كله ..

رفعت "نور" رأسها وقد ظهر الاندهاش على ملامحها قائلة :
- أفندم ..

ابتسمت "ريم" قائلة :
- الدنيا .. مش مستاهلة الزعل دة كله ..

ابتسمت "نور" وهي تومئ برأسها .. فمدت "ريم" يدها قائلة :
- طيب ممكن تتفضلي دي .. دي شيكولاتي المفضلة .. مش بتخرج غير للغاليين ..

ضحكت "نور" قائلة :
- غاليين مرة واحدة .. ربنا يعزك ..

ابتسمت "ريم" وهي تقول :
- يارب .. ممكن تتفضليها بقى ..

أخذتها "نور" وهي تقول :
- شكرا ..

ضحكت "ريم" قائلة :
- عفوا .. بس متزعليش كدة تاني .. بقيتي عسولة لما ضحكتي اهو .. تعالي اوصلك لو مش مستنية حد ..

ردت "نور" :
- متشكرة يا حبيبتي بس انا مستنية زوجي .. هييجي حالا ..

وقفت "ريم" قائلة :
- تحبي استنى معاكي او محتاجة اي حاجة اساعدك بيها .. متقلقيش ريم يعتمد عليها ..

ردت "نور" ضاحكة :
- جزاكم الله خيرا .. اتفضلي انتي علشان معطلكيش اكتر من كدة .. حلو اسم ريم .. لو جاتلي بنوتة هسميها ريم ..

ضحكت "ريم" وهي تنظر لبطنها المتكورة قائلة :
- شكله ولد .. اسمعي مني .. مجهزة الاسم ولا لا ..

ردت "نور" قائلة :
- اه طبعا .. طارق ان شاء الله ..

وجمت "ريم" وهي تقول :
- حلو اسم طارق .. ربنا يقومك بالسلامة .. بعد اذنك يا ..

- نور ..
قالتها "نور" مبتسمة .. ثم نظرت للسيارة التي توقفت وهي تقول :
- اهو احمد زوجي وصل اهو ...

ابتعدت "ريم" خطوة دون أن تنظر له .. وهمت لتغادر .. لولا نظرة خاطفة وليتها ما فعلتها ..
رأته يقبل نحوها بلهفة قائلا :
- نور حبيبتي انتي كويسة ..

أومأت "نور" مبتسمة وهي تقف مستندة عليه .. وهو يحيطها بذراعيه قائلا :
- حقك عليا يا قلبي انا اسف ..


توقف الزمن .. وتجمدت مكانها .. نظرت لسيارتهما التي اختفت .. وهي تشعر أن أوهامها وأحلامها اختفت معهما ..
شعرت "رنيم" و"ريحانة" بتأخيرها .. ذهبت لها "ريحانة" سارت معها ولم تتكلم ..
ثم ذهبت لتجلس مكان "رنيم" قائلة :
- رنيم سوقي انتي ممكن ..

تركت "رنيم " مقعدها والتفتت لتقود ثم نظرت لها قائلة :
- مالك .. ايه اللي حصل ..

أجابت قائلة :
- متجوز .. واسمه احمد ..

ردت "ريحانة" :
- مين دة اللي متجوز واسمه احمد ..

أجابت "ريم" :
- طارق ..

قالتا الصمت .. وكان السكوت أبلغ حديث .. ثم تحركت السيارة في السكون ..
لم تسأل واحدة منهما هل رأته .. هل وجدته .. لم تستفسر كلتاهما عن أي شئ ..

----------------------
كانت تنظر لهاتفها تقرأ تلك الرسالة التي أرسلها لها حين بدأت عملها بسعادة بالغة .. كل مرة حين يغضبها .. تقرؤها .. ثم تفكر "ريحانة" ماذا كانت حالته حين أرسلها لها .. أيكون أرسلها لها نائما .. أو شرب شيئا غريبا ولم يشعر بم يفعل .. أو قد تكون "روح" من كتبتها .. شخص غريب لأبعد حد .. كذلك تراه ..
سمعت صوت سيارته ولا تعرف كيف تميزها .. خرجت تنظر له .. ثم ابتسمت وهي تتذكر كيف اشتراها ..
كان يوم بعد حديثه معها عن الاعتماد على النفس .. وأن تذهب عملها وحدها .. في ذلك اليوم كانت تنتظر "يوسف" ليمر عليها .. حين وصل كان "باسل" معه .. ركبت في الخلف مضطربة وهي تنظر لم في يدها ..
تحركت السيارة و"باسل" يقول بضيق موجها حديثه لها :
- مفيش فايدة .. ايه كنتي خايفة برده المرة دي ..

هزت كتفيها فقط .. فليس لكونه أخبرها بفعل ذلك ستفعل مباشرة .. حين تشعر أنها قادرة على تلك الخطوة ستقوم بها .. بينما رد "يوسف" :
- انا اللي قلتلها اني هعدي عليها .. ممكن متدخلش حضرتك بينا ..

قال "باسل" بضيق :
- كل واحد حر في حياته .. انا مالي ..

ضحك "يوسف" قائلا :
- طيب وحضرتك هتفضل مشرفني كدة كتير .. ما تشتريلك عربية يا عم وتريحنا ..

رد "باسل" :
- قلت لك لسة مش متعود ع السواقة شمال ..

قالت "ريحانة" :
- احم .. ماهو .. ايه .. مش هتتعود يعني غير لما تحاول .. لكن لو محاولتش يبقى هتفضل مش متعود ..

سخونة اجتاحتها بعد أن أنهت كلامها .. بينما هو التفت قائلا :
- ماشاء الله عليكي .. لا اقنعتيني بجد .. طيب ما تقولي لنفسك ..

لم ترد وغضت طرفها في خجل .. بينما قال "يوسف" :
- تسلمي لي يا نونا .. دلوقتي ايه رايك بقى نطلع نشتريلك عربية وريحانة تختارها على ذوقها ..

امتقع وجه "باسل" قائلا :
- ذوقها .. وان شاء الله ذوقها دة هيناسبني ازاي ...

احمرت وجنتاها غضبا منه .. وهي تلكم ظهر مقعده بيدها .. كانت تتمنى أن تلكمه في فكه .. أو يشعر حتى بلكمتها للمقعد ..
وصلوا وأصر "يوسف" أن تختار هي سيارته .. كانت تتمنى أن تختار أسوأ سيارة تراها .. ولكن لم تقدر على فعل ذلك .. اختارت سيارته بدقة متناهية وهي ترى كل الإمكانيات والعروض المتوفرة بها .. وكان رده :
- وانا هيفيدني بإيه كل التكنولو جيا دي .. الحاجات دي تختاريها ليكي انتي مش ليا ..

قبل سفره كانت سيارته أحدث ما صنع حينها .. لذلك وضعت ذلك في اعتبارها .. لماذا غضب الآن .. ولكنه قال تلك الكلمات واشتراها .. كائن غريب ..
أفاقت من شرودها على صوته الغاضب :
- ريحان ..

فزعت وهي تجيب قائلة :
- نعم ..

جز أسنانه قائلا :
- ايه اللي موقفك كدة .. ادخلي جوة .. واياكي اشوفك واقفة كدة تاني ..

حركت رأسها حركات متتابعة وهي تجيب :
- حاضر .. حاضر ..
قالتها وهي تهرول للداخل ..

كانت تقف على الشرفة المطلة على الطريق .. وتلك الشرفة تجعلها قريبة جدا من المارة .. نظرا لأنها في الطابق الأول .. من وجهة نظر "يوسف" و"باسل" فقط ...
دخلت غرفتها غاضبة .. ثم أتت بدمية اشترتها على شكل رجل بأقدام طويلة تمثل "باسل" .. ظلت تلكمها لتخرج كل غضبها .. تضرب الدمية وكأنها "باسل" .. لم تنتهي حتى أخرجت كل غضبها منه في تلك الدمية الباسلة .. ثم رمتها أرضا وهي تقول :
- ماشي يا باسل .. ماشي .. دلوقتي انا هعمل معاك استيراتيجية جديدة .. ماشي ..

ذهبت للمطبخ .. ثم أعدت كل شئ يلزمها وما ينقصها طلبته بالهاتف .. وفي خلال عشر دقائق .. وجدت "باسل" لسوء حظها من أتى بتلك الأشياء .. ذهبت لتفتح حين سمعت رنين الجرس ظنا منها أنه جدها .. فهي تعلم أنه من سيقابل الفتى الذي سيأتي بم طلبته .. ولكن قبل أن تفتح سألت من الطارق ؟! .. لأنه لو جدّها لفتح بمفتاحه .. لذلك صدمها صوت "باسل" القائل :
- انا باسل .. افتحي يا باشمهندسة ..

ارتعدت فرائصها وهي تتمتم :
- صوته ميطمنش .. يا ربي .. بس ماشي يا باسل .. والله لهتشوف بقى ..

ذهبت لترتدي حجابها ثم فتحت وهي تقول :
- جدو مش هنا ..

أعطاها ما في يده قائلا :
- اتفضلي .. وتاني مرة لما تعوزي حاجة ابقي خلي جدك هو اللي يطلبها .. ولو مش موجود تقولي لأي حد يطلب لك .. انتي فاهمة ...

لم تفهم غضبه .. ولأول مرة يطلب منها أحد هذا الطلب الغريب .. هي لا ينقصها سجون يضعونها فيها .. لماذا يقول ذلك .. ببطء رفعت رقبتها لتنظر له ثم ترتعب من الغضب المتفجر في وجهه .. تراجعت خطوة وهي تقول :
- حاضر .. بس .. يعني .. ايه .. انا اقصد اقول يعني .. اني علطول بطلب السوبر ماركت .. واطلب اللي انا عاوزاه وجدو هو اللي بيقابلهم تحت .. عادي يعني ..

تقدم منها خطوة ومازال غضبه يتزايد قائلا :
- ويا ترى كل مرة .. بييجي يسأل على عنوان الصوت الكروان ...

هذا ما قاله له فتى توصيل الطلبات للمنازل حين التقاه في الشارع .. ولا يعرف "باسل" كيف منع غضبه .. كل ما فعله أنه نقده المال وهو يأخذ منه ما أتى به .. ويكفي الفتى ما رآه من غضب في وجهه .. لقد انطلق من أمامه مسرعا .. دون أن يتأكد حتى من كونه صاحب المنزل الذي يسأل عنه أم لا ..
جف حلقها وهي تراه أمامها .. ثم يقول لها كلامه ذاك .. فقط نظرت لما تحمله وهي تقول :
- حاضر ..

ثم رفعت رأسها قائلة :
- بس والله العظيم والله العظيم .. انا كنت بتكلم عادي .. ومعملتش حاجة ..

تركها وخرج غاضبا .. كذلك فعلت هي دخلت لتنفذ ما أرادت غاضبة حزينة .. أيكون صوتها ذنب .. أم جعلوه عورة .. ماذا تفعل إن كانت طبيعة صوتها كذلك ..
بهمة غريبة بدأت تصنع الحلوى التي أرادت .. لكل فرد من أفراد أسرتها حلوى مفضلة .. بدأت تصنعها له .. ولكن حلوى "باسل" المفضلة قررت أن تصنعها ثم تمنعه منها .. حتى حلواه المفضلة تعرفها وليس فقط .. بل أصبحت حلواها المفضلة كذلك ..
حين حل الليل اجتمعوا ليتسامرون .. أتت لكل فرد منهم بم صنعت .. ثم جاءت عنده .. لتعطيه مم يفضل "يوسف" .. نظر لها قائلا :
- انا مش عاوز ام علي ..

ببراءة أجابت :
- ايه دة انت مش بتحب ام علي زي يوسف ولا ايه ..

ردت "ريم" :
- ايه ..

حاولت أن تخفي ابتسامتها .. فـ"ريم" تعرف ما نوت فعله .. لذلك ذهبت لتجلس وتأخذ طبقها قائلة :
- انا اسفة يا باسل .. مش عارفة انك مبتحبش ام علي ..

نظر لطبقها قائلا :
- ومش عارفة اني بحب بلح الشام ..

ابتسمت وهي تنظر لطبقها قائلة :
- فعلا .. زيي يعني .. بس انا .. انا يعني .. انا تقريبا عملت دة بس ..

لا تستطيع استكمال حوارها معه أكثر من ذلك .. فقد حدث لوجهها غزو أحمر .. وأصبحت عينيها تصد ر إشارة توترها ..
بينما قال "يوسف" :
- خلاص يا باسل مالها ام علي يعني .. وبعدين عينك على طبقها ليه .. هي بتحب بلح الشام وعملته لنفسها .. المرة الجاية ان شاء الله تفتكرك ..

وقف "باسل" قائلا :
- والمرة الجاية ليه .. مع احترامي ليك طبعا يا جدي ..

قالها وهو يتقدم نحوها بخطوات ثابتة .. نظرت له بخوف شديد وهي تمد يدها بطبقها قائلة :
- والله عملت لك خلاص .. خلاص .. هدخل اجيبه حالا ..

أخذ طبقها وهو يبتسم قائلا :
- متلعبيش لعبة انتي مش ادها .. ومتنسيش انك انتي اللي غلطتي يا كروان هانم ..

قال الجد صالح :
- باسل ارجع مكانك .. وملكش دعوة بيها ولا بصوتها ..

عاد ليجلس مكانه قائلا :
- ما انا راجع مكاني .. بس صوتها دة بقى .. نبقى نشوف بعدين ..

قامت وتركتهم بضيق .. بينما هو كان يتذوق "بلح الشام" باستمتاع شديد .. ثم صاح قائلا :
- تسلم ايدك يا ريحان .. ابقي هاتي اللي انتي عاملاه جوة بقى ..

سمعته وهي تمسك تلك الدمية التي تشبهه .. ظلت تضربها وتعضها .. ثم صرخت بها .. وبعدها خرجت لتجلس معهم كأن شيئا لم يكن .. وفي جلستها معهم .. تنفرد هي و"ريم" بعيدا لتتجنبه .. وتفتح حوارات هي و"ريم" ...

----------------------
في عمله الجديد منذ أسبوع .. يجلس "يوسف" في مكتبه .. يقرأ تقارير بعض المرضى .. حين دخل عليه بعد طرقات زميل له قائلا :
- محاولة انتحار ..

ابتسم "يوسف" وهو يسأل :
- بنت ولا ولد ..

رد :
- بنت ..

امتقع وجه "يوسف" قائلا :
- لا مليش دعوة .. خد الحالة دي انت ..

سأل زميله :
- ليه بس ..

أجاب "يوسف" :
- تلاقيها كانت عاوزة تنتحر علشان بابا مرضاش يجيبلها الفستان اللي عجبها ..

ضحك زميله قائلا :
- مش شغلانتنا ان احنا نصدر احكام على حد ونظلمه .. وبعدين دي بنت صغيرة والموضوع فيه شبهه جنائية ..

وضع "يوسف" ما في يده قائلا :
- شبهه جنائية ..

رد زميله :
- اه ..

تمتم "يوسف" :
- يعني انا سبت الشغل مع النيابة والمجرمين .. واجي لشبهة جنائية ..

ثم رفع صوته قائلا :
- طيب هي فين ..

رد زميله قائلا :
- غرفة 306 .. بس لسة هيعرضوها ع الطب الشرعي ..

وضع "يوسف" كفيه على وجهه قائلا :
- كمان الطب الشرعي .. كملت ..


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-15, 07:29 PM   #13

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الحادي عشر


لشخصياتنا جوانب كثر .. لا أحد منا لديه شخصية واحدة يتعامل بها مع كل الناس وفي جميع حالاته .. لأن شخص كهذا عفوا مريض نفسي (سيكو) .. فالرجل الهرم يكون وقور جاد في عمله .. حنون مع أهل بيته .. طفل صغير مع أحفاده .. ولا يمانع أن يبقى شابا في ريعان شبابه مع أبنائه .. وكل ذلك لا ينقص من هيبته شئ .. بل تزيد .. ويزيد احترامه ..
كذلك كان الجميع .. يوسف .. باسل .. ريحانة .. ريم .. رنيم .. نعم "رنيم" .. فقد تجاوزت ما حدث بهدوء بعد حديثها مع صديقتيها .. حديثها معهما كان سحرا ليتها عرفته منذ زمن .. ولكن شيئا في نفسها الواثقة بدأ يهتز .. حتى وإن أخفته ولم تفكر فيه .. لا تنكر أن هناك شيئا فيها تغير .. "يوسف" رآها .. لماذا لم يتقدم لها .. بالإضافة إلى أن أمه وأختيه تعرفنها ويرونها منذ زمن .. لماذا لم تعرضنها عليه ..
هي على يقين من اعتقادها أن أي رجل يبحث عن الجمال وفقط .. حتى وإن كان هذا الاعتقاد ينفرها منهم .. ولكن ماذا عن "يوسف" أليس برجل .. رآها من المؤكد أن وقع في نفسه شئ .. أم أنه لم يراها جميلة منذ البداية .. هذا هو الحل المقنع أنه يعرف من هن أجمل منها .. فلماذا ينظر لها هي .. وعندما يأتيها هذا الخاطر تقف أمام مرآتها لتحدث نفسها .. أليست جميلة ؟! .. حتى وإن رأى جميلات أخريات .. هي تعلم أن جمالها ساحر .. قد تكون ليست جميلة ..
يغزوها خجلها وحياؤها عندما تصل بتفكيرها به لتلك الذروة .. ولكن يبقى السؤال هل رآها ولم يتأثر بها ؟ أم أنه لم يراها ؟ وتفضل أن يكون لم يراها .. فعندها ستعود ثقتها بنفسها ثانية .. كيف يجعلها مشتتة بين كونها جميلة أم لا ..
رغم شخصيتها القوية إلا أنها لا تنكر احتياجها لرجل تكون شخصيته أقوى منها .. لا تنكر احتياجها لرجل يعرف كيف يسيطر عليها .. لذلك أخبرت أمها أنها لا تريده صغيرا .. هي ترى كونه صغيرا ستستطيع هي أن تسيطر عليه .. وهذا ما لا تريده ..
أول مرة جاءها "يوسف" شعرت بحضوره الطاغي .. وبتلقائية تراجعت بمقعدها للخلف .. وفي المرة الثانية التي رأته فيها .. حين طلب منها وكيل النيابة أن تجلس .. لم تستطع .. فهي إن جلست ستصبح أمام "يوسف" مباشرة .. وهي تحتاج لأن يفصل بينهما سدود .. وفي المرة الثالثة حين صاح بها وأمرها بألا تتدخل فيم يفعل وتعود لعملها .. لا تنكر أنه رغم ضيقها .. كانت مأخوذة بم حدث .. أهناك من أذعنت هي لأمره .. ودون مجهود منه .. أهناك من استطاع أن يأمرها ويسيطر عليها .. بل وتستجيب له .. ولكن كانت المرة الرابعة هي القاضية .. رغم ضيقها مم حدث إلا أن عقلها استجاب للوقفات التي تفضلها في حديث أبيها .. استجاب لـ"غض بصره" "شعوره بالحرج مم حدث" بالإضافة لغضبه من "ريم" و"ريحانة" ..
في المصعد .. عندما توقف شكرت الله أن معها شخص تعرفه .. بعد أن كان وجوده يكتم أنفاسها من الرعب .. ولكن لعله خير .. مقولة ارتبطت بها حياتهما منذ اللقاء الأول إلى نهاية العمر .. علمت أنه إن حدث شيئا لها سيحسن التصرف .. لما استفاقت ووجدته موليها ظهره يسد الباب .. رفعت يدها لوجهها برعب مطمئن .. وقفته تلك توشي بأنها أحسنت ظنها به .. لذلك لم تستطع معارضته بعد محاولتها الأولى والأخيرة لترك سيارته .. فأي رجل هذا الذي يستطيع السيطرة على "رنيم" .. لتأتي "ريحانة" بكلماتها البريئة تنهيها .. لمَ لا يفكر فيها .. ولمَ لا يشغل باله بها .. ولمَ لمْ يتزوج .. أيكون معقد مثلها ..
كل تفكيرها به لكونه رجل غريب وفقط .. ليست "رنيم" بمن تخطئ خطأ "ريم" و"ريحانة" وتعلق قلبها بشئ لا تضمن أيكون لها أم لا ..
ولكن رغم كل تعقيد وضعته في حياتها ستبقى أنثى كأرق ما يكون .. تخجل وتستحيي كفطرة الإناث .. تهتم بجمالها وتحافظ عليه شكرا للنعمة التي حباها الله إياها .. فحفاظها على النعمة وعدم استخدامها في معصية شكرا .. فقط ضيقها يكون من نظرات الناس لها لكونها جميلة .. وأمام جمالها يلغون جوانب شخصيتها .. لكن "يوسف" لم يفعل .. رغم ضيقها من ذلك إلا أنه لم يفعل .. تفكيرها بـ"يوسف" لأنه توافق مع ما تتمنى .. لم يفتن بجمالها -كما تظن- .. له القدرة على السيطرة عليها ولا تستطيع الرد ..
لا تفكر الأنثى نقية الفطرة في رجل إلا إذا توافق مع ما رسمته لشريك حياتها .. ثم دعت الله أن يرزقها إياه ..
تفكيرها به انتهى مع انتهاء الموقف الذي تعرضت له .. ولكن بقي سؤال يحيرها .. لمَ لا يشغل تفكيره بها ؟؟
------------------------
لعله خير .. أول ما جال بخاطر "يوسف" حين سمع الطب الشرعي كانت صورتها التي لا تفارقه .. رغم أن الحالة من الممكن أن تعرض على أي طبيبة غيرها .. ولكن هي من تمثلت أمامه .. ذهب للغرفة المطلوبة .. حين دخل صعق وتراجع ثانية ينظر لرقم الغرفة .. تأكد أنه لم يخطئ ..
عاد ليدخل ثم سحب مقعد وجلس جوار فراشها قائلا :
- هنا .. مش كدة ..

أومأت برأسها قائلة :
- اه هنا ..

ابتسم قائلا :
- عندك كم سنة يا هنا ..

ردت :
- 13 ..

سأل :
- مين اللي عمل فيكي كدة ..

أجابت :
- بابا ..

سأل :
- وليه كنتي عاوزة تنتحري ..

أجابت :
- عشان هو بيضربني كل يوم .. وضربني قبل ما اعمل كدة .. ماما قالت له مش هترتاح غير لما تموت .. فكنت عاوزة اموت عشان يسيبني .. بس كدة ربنا هيزعل مني صح ..

ابتسم قائلا :
- انتي عارفة ان الجنة مش في الاخرة وبس .. فيه جنة في الدنيا .. اللي بيعيش جنة الدنيا بيوصل لجنة الاخرة .. عشان طريق ربنا كله خير .. بس انتي جميلة يا هنا .. حتى لو بابا ضربك هتفضلي جميلة ..

حين رآها صغيرة كانت صدمته .. لذلك لم يرد لها بأن تذهب لمكان كمصلحة الطب الشرعي .. وقرر بأن يأتي بالطبيبة لها .. وبما أنه لا يعرف غيرها .. إذا فهو مضطر لها ..
--------------------
تلك المرة قابلها في الخارج فلم يضطر لدخول مكتبها ..
عندما رأته حاولت أن تبدو طبيعية .. رغم أن ما داخلها يضطرب .. حاولت أن تبدو "رنيم" القوية التي لا يهزها شئ .. حاولت أن تتخطى الموقف الذي كان بينهما ...
وصل عندها قائلا :
- السلام عليكم .. دكتورة رنيم ؟

أخرجت صوتها بصعوبة قائلة :
- وعليكم السلام .. ايوة ..

عرفها .. كيف له ذلك ؟! ..
قال :
- فيه حالة انتحار وفيها شبهة جنائية ..

نظرت للتقرير الذي تحمله قائلة :
- تقصد هنا عبد الرحمن .. هي جت ..

أومأ مبتسما وهو يقول :
- اه هي .. كويس انها هتكون معاكي .. انا كنت جاي اطلب منك كدة .. بس هي مجتش ..

علامات استفهام تطرق عقلها .. "كويس انها هتكون معاكي" ؟؟ .. "انا كنت جاي اطلب منك كدة" ؟؟ .. "بس هي مجتش" ؟؟ .. بأيهم تبدأ ..
قالت :
- مش فاهمة حاجة ..

رد قائلا :
- حالتها النفسية سيئة جدا .. فانا لو جبتها هنا .. مكان زي دة يعني .. حالتها هتسوء اكتر ..

أثناء حديثه كانت عينيها تقرأ بياناتها بسرعة رهيبة .. تبحث عن السن .. تريد فقط التأكد من أنها طفلة .. ارتاحت عندما رأت السن ثم قالت :
- طيب المفروض ان الفحص هيكون فين لو مش هنا ..

تنهد وهو يقول :
- ممكن تعتبريها خدمة انسانية وتيجي تفحصيها في المستشفى ..

ابتسمت وهي تقول :
- واضح ان حضرتك بترتاح للطريقة دي جدا ..

لم يفهم فقال :
- اي طريقة ..

ردت قائلة :
- يعني .. اهمال القانون ..

فهم ما ترمي إليه فقال :
- لو تعرفي تيجي تحت سلطة القانون انا معنديش مانع .. الا اذا كنتي رافضة الفكرة اصلا ..

أجابت :
- لا طبعا مش رافضة الفكرة .. بس ممكن حضرتك تعملها بشكل قانوني .. هتبقى احسن ..

سأل :
- شكل قانوني ازاي ؟؟

أجابت :
- يعني لو حضرتك كتبت الكلام دة ومضيت عليه .. انا اقدم طلبك لرئيسي .. لو وافق اروحلها المستشفى ..

سأل :
- ولو موافقش ..

أجابت :
- هعرف اقنعه ..

قاطعها :
- تعرفي تقنعيه ازاي يعني ..

لماذا غضب ؟! .. تراجعت خطوة لتجيب :
- بالقانون برده هقنعه انه يوافق .. خصوصا ان حضرتك الدكتور المشرف على حالتها .. فهتكون اكتر واحد عارف ايه اللي يفيدها وايه اللي يضرها ..

هو نفسه لا يعرف لماذا غضب .. أومأ قائلا :
- مفيش مشكلة .. اكتب طلب ..

دخلت مكتبها وهي تقول :
- طيب انتظر دقيقة واحدة لو سمحت ..

دخلت لتجد "نهلة" منشغلة في عملها .. جلست أمامها قائلة :
- نهلة .. نهلة .. نهلة ..

رفعت "نهلة" رأسها قائلة :
- ايه .. ايه .. ايه .. هتبقي انتي وابني عليا .. عاوزة ايه ..

ابتسمت "رنيم" قائلة :
- دكتور يوسف برة .. وهيدخل دلوقتي ..

ردت "نهلة" :
- اه اشتغل محرم يعني ..

ضحكت "رنيم" قائلة :
- مش انا بشتغل معاكي كدة .. يبقى ترديهالي ..

وقفت "نهلة" قائلة :
- ماشي .. اما نشوف اخرتها ايه .. اترقى بس ويبقى عندي سكرتيرة ولا هعبرك ..

خرجت "رنيم" لتطلب من "يوسف" الدخول .. دخل وهي تجلس خلف مكتبها وتعود بمقعدها للخلف وهي لا تشعر .. ثم بدأت بالبحث عن ورق في حقيبتها ..
تنحنح قائلا :
- الورق اهو ..

قالها وهو يشير للمكتب .. نظرت للورق ثم له قائلة :
- لا دة ورق الشغل بتاعي .. يعني مسموح لي انا بس اللي استخدمه ..

رد :
- طيب ما هو دة شغل خاص بيكي ..

أجابت بحرج :
- بس حضرتك اللي هتستخدمه مش انا .. وكمان الشغل دة خاص بحضرتك قبل ما يكون خاص بيا ..

تقدمت منه "نهلة" وهي تعطيه لوحة الكترونية وقلم قائلة :
- اتفضل حضرتك اكتب في النوت دي ..

أخذها منها وبدأ يكتب وهو يفكر في كلامها ثم فجأة رفع رأسه قائلا لها :
- ورع ؟؟ ..

قالت بعدم فهم :
- أفندم ..

ابتسم وهو يجيب :
- الورق .. مرضيتيش تديهوني .. خايفة ليكون حرام ..

اضطربت وهي تشير برأسها أن لا قائلة :
- ايه .. يعني انا بقبض مرتبي بناء على وقت معين بقضيه هنا وحاجة معينة انا بعملها وعهدة مسموح لي انا بس باستخدامها .. مش اكتر ..

أومأ مبتسما وهو يعود لكتابته بينما مالت "نهلة" على أذنها قائلة :
- شكله ابن ناس .. انا افتكرته مش هيعرف يكتب عليه ..

حاولت "رنيم" كتم ضحكتها قائلة :
- انتي فاكرة نفسك انتي بس اللي بنت ناس ..

ثم ظهرت في ذهنها فجأة فكرة غريبة وهي تقول لـ"نهلة" :
- ممكن انتي اللي تروحي الفحص دة ..

نظرت لها "نهلة" قائلة :
- فحص ايه ؟ .. وليه؟ ..

كيف تخبرها بخوفها من أن تضطر للصعود لأدوار عالية .. نظرت لها .. ثم جاءت في بالها فكرة أخرى
لتقول :
- طيب ايه رايك احنا نسأله هي في الدور الكام .. لو قبل الخامس انا اروح .. لو بعد الخامس انتي تروحي ..

نظرت لها "نهلة" قائلة :
- ايه يا بنتي هي لعبة ..

ثم نظرت لـ"يوسف" قائلة :
- لو سمحت يا دكتور .. هي الحالة موجودة في الدور الكام ؟ ..

تظاهرت "رنيم" بالانشغال .. بينما كتم "يوسف" ضحكته على قدر المستطاع قائلا :
- كانت في السابع .. بس نزلت التالت بالقانون ...

تمنت أن تنشق الأرض لتبتلعها .. نبرته توشي بأنه يضحك .. أيسخر منها أم ماذا ؟ .. ولكن كل أفكارها تلاشت وهي ترفع رأسها لتجده مبتسما وهو يمد يده قائلا :
- اتفضلي .. كدة انا نفذت القانون ..

حاولت ألا تبتسم وهي تأخذها منه قائلة :
- هقدمها للريس .. واشوف رده .. بكرة ان شاء الله ..

قالت "نهلة" :
- وبكرة ليه .. دلوقتي احسن عشان تخلصي .. هاتي وانا هوديها وافهمه كل حاجة ..

قالتها وهي تأخذ اللوحة منها ثم ذهبت .. قبل أن تخرج تحدثت "رنيم" بغيظ قائلة :
- انتي اصلا متعرفيش حاجة .. هتقولي ايه ..

وقفت "نهلة" قائلة :
- لا عارفة .. سلام ..

كتمت أنفاسها وغضبها وهي تغمض عينيها بشدة وتتمتم :
- غبية ..

ضحك "يوسف" قائلا :
- ممكن تكون قاصدة ..

نظرت له قائلة :
- افندم ..

"رجاء لا تنظري لي " .. كان يريد أن يبلغها تلك الرسالة .. أشار برأسه قائلا :
- لا ابدا ..

وقفت قائلة :
- هستأذن حضرتك هروح بس اشوفها هتعمل ايه ..

سارت خطوتين ثم عادت له قائلة :
- ممكن حضرتك تمشي دلوقتي .. وانا عارفة العنوان .. اكيد لو وافق هاجي ان شاء الله ..

هز "يوسف" كتفيه قائلا :
- بس انا حابب اعرف رأيه دلوقتي ..

التفتت لتغادر مكتبها بضيق .. لماذا لا يغادر هو ؟ .. إنه مكتبها هي .. ولماذا مبتسما اليوم بهذه الطريقة .. انتظرت في مكتب "نهلة" لدقائق .. خرج ليجدها ..
وقفت مضطربة فقال مبتسما :
- ايه لسة مجتش ..

ردت :
- احم .. هي مين ؟ ..

أجاب :
- الدكتورة التانية ..

أشارت برأسها أن لا .. وقد زاد حرجها .. فكلماته تعني أنه عرف أنها ما خرجت إلا لتبتعد عن وجودها معه وحدهما ..
جلس في مقعد عند الباب .. نظرت له بشدة مستغربة ما يفعل .. هو لا يعرف ماذا يفعل ؟ .. فقط يراها غريبة اليوم فأراد أن يعرفها أكثر .. اصطنع الانشغال بهاتفه وهو يراها تنظر له باندهاش .. ولكن هي من قالت :
- هو حضرتك مش كنت هتمشي ..

رفع كتفيه مبتسما وهو يقول :
- لا ابدا .. انا بس محبتش اقعد لوحدي ..

ردت :
- أفندم ..

ضحك قائلا :
- هو انا شكلي غريب .. ليه بتبصي لي كدة ..

عرف كيف يسكتها .. كلماته لم تسكتها فقط .. بل كادت توقف قلبها خجلا .. فهو يقول بكل بساطة أنها تنظر إليه منذ أن جاء .. كأن فعلها شيئا عاديا .. وهي لم تشعر بنفسها كيف تنظر له ؟ ..
لم تكن تنظر له بطريقة خاطئة كما فهمت وكما أراد أن تفهم .. ولكنه قال كذلك حتى تسكت وفقط ..
جاءت "نهلة" بالموافقة .. ذهبا كلاهما كل بسيارته .. لو كانت له سلطة عليها لجعلها تركب معه قسرا .. حين وصلا .. أخبرها فقط رقم الغرفة وقال بأنه سينتظرها فيها .. قالها وهو يصعد الدرج حتى لا يسبب لها الحرج إن استخدم المصعد .. ولكن أصابها خجل مميت حين فعل ذلك ..
حين وصلت الغرفة كانت صدمتها من نوع آخر .. ليس لأنها طفلة فهي تعلم ذلك .. وليس لأنها محاولة انتحار .. ولكن لأنها وجدت أمامها فتاة كأجمل مايكون .. هنا تضخمت عقدتها .. وأصبحت ترى أن الجميلات من يحدث لهن ذلك .. تركهما "يوسف" وخرج ..
بقيت هي تحاور الفتاة وتحاول أن تشغل تفكيرها بشئ آخر غير ما تفعله فيها حتى لا تتأذى .. ولكنها أمام فتاة لا تكتم ما يحدث لها .. فبمجرد أن سألتها "رنيم" كيف حدث لها ذلك ؟ .. قصت عليها كل معاناتها .. لم تتحمل "رنيم" كثيرا .. تركتها وذهبت لحمام غرفتها .. تبكي بكل ما فيها .. وهي تشعر بمعاناة من نوع آخر ..
تأخرت بالداخل و"يوسف" قلقه يزداد .. فأي فحص هذا الذي يأخذ كل هذا الوقت .. طرق الباب .. فأذنت له "هنا" بالدخول .. ولما سألها عن "رنيم" أخبرته أنها تبكي في الحمام .. نظر للباب وتردد في الخروج .. ولكنها لم تمهله .. فأعطاها ظهره حتى لا تفزع إن رأته ..
حين خرجت ورأته .. حاولت التماسك أكثر فهي الآن في حالة ضعف لا تحب أن يراها فيها أحد ..
تقدمت منه وهي تقول :
- هكتب التقرير وابعته لحضرتك ان شاء الله ..

أومأ فخرجت .. خرج خلفها وهو يقول :
- دكتورة رنيم ..

التفتت قائلة :
- نعم ..

اقترب وهو يرى احمرار عينيها قائلا :
- انتي كويسة ...

نظرت أرضا وهي تومئ برأسها فقط .. ثم التفتت وهي تقول :
- بعد اذنك ...

-------------------
سمعت طرقات "ريم" على بابها .. قامت "ريحانة" لتفتح ثم عادت لجلوسها مجددا وهي تهز قدميها بشدة .. ثم وقفت فجأة وهي تقول :
- قومي ساعديني ..

ابتسمت "ريم" وهي تقول :
- ايوة بقى هتعملي حلويات .. الله عليكي .. كدة هتخليني احب زعلك .. عشان تظبطيني ..

ردت "ريحانة" بضيق :
- لا مش هعمل حلويات .. هغير نظام الاوضة .. يلا ..

أمسكت "ريم" يدها وهي تجلسها قائلة :
- طيب اهدي بس كدة ..

جلست "ريحانة" وهي تقول :
- انتي لسة بتحلمي بطارق ..

وجمت "ريم" قائلة :
- اه .. بس انتي مصدقاني ..

ابتسمت "ريحانة" لتجيب :
- انا اكتر واحدة مصدقاكي .. فاكرة امتحان دخول الجامعة .. لما كنت خايفة مدخلش الجامعة وفضلت ادعي ربنا جامد .. وبعدين حلمت بتقديري وبالنسبة كمان .. وجبت نفس التقدير بنفس النسبة ..

ابتسمت "ريم" فأكملت "ريحانة" :
- علشان كدة انا مصدقاكي .. بس انتي متأكدة ان اللي شفتيه دة اسمه احمد ومتجوز ..

أشارت "ريم" برأسها أن نعم .. فقالت "ريحانة" :
- طيب ممكن يكون ليه اخ توأم واسمه طارق ..

ابتسمت "ريم" وهي تقول :
- تصدقي ممكن .. خصوصا ان نور بتقول هتسمي ابنها طارق ..

ابتسمت "ريحانة" هي الأخرى وهي ترى فرحة "ريم" ثم قالت :
- شفتي بقى .. خير .. بس بلاش تعلقي قلبك بيه .. خلي عندك امل وخلاص ..

تلاشت ابتسامة "ريم" وهي تقول :
- وانتي هتفضلي معلقة قلبك كدة لامتى ..

وقفت "ريحانة" بتوتر .. وحركة عينيها تتردد .. وهي تنظر أرضا ..
وقفت "ريم" وأجلستها جوارها وهي تقول :
- انا حاسة بيكي .. ورنيم كمان عارفة .. بس انتي كدة بتعذبي نفسك .. وهو مش حاسس بيكي .. شايفك اخته وبس ..

ردت "ريحانة" :
- هو انا شكلي باين اوي كدة .. بس الكلام دة كان ينفع يتقال قبل ما احبه .. لكن بعد ما بقيت بحبه بكل ذرة في كياني مينفعش تقولي لي كدة .. بقى صعب اوي اني اعتبره اخويا وبس زي ما هو بيعمل ..

ابتسمت "ريم" وهي تقول :
- انتي عارفة هما باعتيني ليكي ليه ..

ابتسمت "ريحانة" لتقول ساخرة :
- اكيد علشان تقنعيني اوافق ع العريس ..

أمسكت "ريم" يدها وهي تقول :
- حاولي يا ريحانة .. هما خايفين عليكي تفضلي ترفضي لغاية ما تبقي زيي ..

ضحكت "ريحانة" قائلة :
- وانتي مالك يعني .. انا عاوزة اكون زيك ..
ثم سألت :
- هو باسل موافق ؟ ..

أجابت "ريم" :
- هو قال دي حاجة تخصها .. موافقته او رفضه ملوش لازمة ..

تنهدت "ريحانة" بألم .. حتى في أمر زواجها لم يكلف نفسه عناء التفكير .. فقط أمر يخصها .. وهي في أمر زواجه كانت تموت ألما .. لماذا أحبته ؟ .. ولماذا تستمر في حبه ؟ ..
وقفت قائلة :
- انا هخرج شوية ..

وقفت "ريم" قائلة :
- هتروحي فين دلوقتي بس .. لسة ساعة ع المغرب ...

اتجهت "ريحانة" لخزانة ملابسها وهي تقول :
- مخنوقة يا ريم .. مخنوقة وحاسة اني هموت من الخنقة .. مش هقدر افضل هنا .. هتمشى شوية وارجع ..

أنهت ارتداء ملابسها .. واستأذنت جدها لتخرج .. وافق بعد معاناة ..
وجدته يلعب مع ابنته في الحديقة .. تجاوزتهما لتخرج مباشرة .. فهي لا تطيق رؤيته الآن .. كما أنها على وشك الانفجار .. ولا تحتمل أي شئ .. فقط هزة بسيطة وتبكي .. ولكن "روح" كانت تجري .. أمسكت بها واختبأت خلفها .. وهي تصيح بـ"ريحانة" أن تحميها من أبيها .. لا تحتمل "ريحانة" أي شئ الآن .. ظلت تفك يديها المتمسكة بها بصعوبة بالغة وهي ترجوها أن تتركها خشية أن يقترب "باسل" .. ولكنه كان قد اقترب ..

نظر لها قائلا :
- رايحة فين دلوقتي ..

ردت وهي تحاول أن تبعد "روح" عنها بلطف قائلة :
- خارجة ..

قال بتصميم :
- ما انا عرف انك خارجة .. خارجة رايحة فين يعني ..

أجابت :
- انا استأذنت جدو وهو وافق ..

قال بتصميم أكبر :
- مليش دعوة بجدي انا بسألك رايحة فين ..

نظرت لـ"روح" قائلة :
- روح يا حبيبتي .. سيبيني لو سمحتي .. عشان متأخرش ..

اختبأت بها "روح" أكثر وهي تقول :
- لا قولي لبابا مش يمسكني اول وانا اسيبك ..

رد "باسل" قائلا :
- سيبيها يا حبيبتي وانا مش همسكك ..

تركتها "روح" وهي تجري لتختبئ بمكان آخر .. بينما تحركت "ريحانة" لتغادر .. أوقفها بقوله :
- مقولتليش برده رايحة فين ..

لو تكلمت كلمة واحدة ستنهار أمامه .. حاولت التماسك بقدر المستطاع وهي تقول :
- هتمشى شوية وراجعة ..

لاحظ احتقان وجهها فقال :
- متتأخريش ..

التفتت لتوليه ظهرها .. سارت خطوتين .. ثم شعرت بدوار مفاجئ .. رآها تترنح .. وكان قد ابتعد .. أخذ مقعد وهو يجري نحوها ليجلسها عليه ثم يميل نحوها قائلا :
- ريحان .. انتي كويسة ..

طاقتها نفذت ولم يعد بها ما يساعدها على الاحتمال .. لذلك كان الانهيار أسلم حل ...
-------------------
يقف أمام شاشة عرض بحجم الحائط الذي أمامه .. يضع عليها رسوماته المعمارية .. ويصنع عليها تصميماته .. دخلت عليه لتجده موليا ظهره لها بطوله الفارع مشمرا عن ساعديه لتظهر عضلاته القوية ..
حين شعر بوجودها .. التفت لها ثم ترك ما في يده وهو يقبل نحوها قائلا :
- يا بنتي ميت مرة قلت لك بطلي تتنططي كدة ..

ابتسمت "نور" وهي تستند عليه ويحيط خصرها بذراعه قائلة :
- انا غلطانة اني جيت اطمن على خالي العزيز ..

أجلسها وهو يقول :
- بصراحة انا مبقتش عارف مين خال مين .. يا بنتي لاحظي انك اكبر مني بسنتين ..

رفعت كتفيها مبتسمة وهي تقول :
- والله بقى اكبر منك اصغر منك .. هتفضل اخو امي يعني خالي .. وبعدين تصدق خسارة فيك اسمي ابني على اسمك ..

ضحك وهو يجلس جوارها قائلا :
- انا اصلا مش عاوزك تسميه على اسمي ..

ثم نظر لها قائلا :
- نور ..

ردت :
- نعم ..

سأل مبتسما :
- مين البنت اللي كانت واقفة معاكي .. لما جينا ناخدك ..

تبرمت قائلة :
- قصدك لما نزلت تاخدني وفضل سيادته قاعد في العربية .. مهانش عليه ينزل يشوف مراته ..

ضحك قائلا :
- انتي اللي غلطتي فيه .. هو حقه يزعل .. كمان عاوزاه ييجي يعتذر لك .. وبعدين انا مش مكفيكي ..

مازالت متبرمة وهي تجيب :
- حتى لو انا اللي مزعلاه ينزل ياخدني .. دة انا اول ما شفتكوا في العربية فرحت وانا بقول لريم اهو احمد زوجي جه ياخدني .. تقوم انت اللي تنزل وهو ميهونش عليه .. وكمان اعتذر له ..

لم يبالي بكل ما قالت سوى اسمها .. ابتسم وهو يقول :
- اسمها ريم ..

نظرت له قائلة :
- هي مين ..

أجاب :
- البنت اللي كانت لابسة فستان روز فيه ورد ابيض بحجاب ..

قاطعته قبل أن يكمل قائلة :
- انت أخدت بالك من لون الفستان وشكله وكمان عاوز تقولي لون حجابها ..

رفع "طارق" كتفيه لا مباليا وهو يجيب :
- انا بس بسأل .. هي دي ريم ..

أجابت "نور" :
- اه هي دي ريم ..

وقف ليكمل رسمه وهو يقول :
- عرفتيها منين ..

ابتسمت وهي تجيب :
- مش هقولك .. مش انا اللي غلطت في احمد خليه بقى هو اللي يقولك ..

رد واثقا :
- وانتي كدة خوفتيني مثلا .. اه انتي غلطانة .. ولو غلطتي فيه او زعلتيه تاني انا مش هتدخل بينكم .. علشان ساعتها تستاهلي اللي هيعملوا فيكي .. او تخرجوا بالمعروف ..

وقفت قائلة :
- كدة يا طارق دي اخرتها عاوزه يطلقني ..

ذهب "طارق" نحوها وهو يجلسها قائلا :
- اهدي بس الانفعال غلط عليكي ..

جلس جوارها مبتسما وهو يقول :
- يعني بتحبيه ومش قادرة تبعدي عنه ليه بقى تنكدي على نفسك وعليه ..

نظرت له قائلة :
- خلاص مش هنكد عليه تاني .. بس اوعى تجيب سيرة الطلاق دي قدامه ..

ضحك قائلا :
- عرفتي ريم منين ..

ضربته وهي تقول :
- انت ايه .. يعني توقع قلبي علشان تقولي عرفتي ريم منين .. هقولك يا سيدي ..

قصت عليه كيف عرفت "ريم" .. فنظر لها قائلا :
- بس كدة ..

أومأت قائلة :
- اه .. كدة .. بس ليه بقى علقت معاك كدة ..

وقف وهو يقول :
- حاسس اني شفتها قبل كدة .. وكمان لما مشينا بالعربية فضلت تبص علينا بنظرة غريبة شوية .. كأنها مش مصدقة .. مندهشة .. متفاجئة .. حاجة زي كدة ..

ثم اتجه لما كان يعمل قائلا :
- بس لطيفة ..


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-15, 07:54 PM   #14

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني عشر


قررت أنسحب .. كان قرارها حين انهارت .. وهو يجلس على ركبتيه أمامها يحاول تهدئتها بلا فائدة .. كانت تخشى أن ينهرها لبكائها كعادته .. ولكنه لم يفعل .. وبعد محاولات يائسة معها لأن تهدأ .. هاتف "يوسف" ليحملها للأعلى .. جاءها "يوسف" ومعه "ريم" التي تنظر لـ"باسل" نظرات لوم .. لم يفهمها .. ولكن ظنها فيه أنه من أبكاها .. مكث مع ابنته في الأسفل ولم يذهب معهم .. وفي غرفتها كان "يوسف" و"ريم" يحاولان تهدئتها بشتى الطرق .. ولكن بلا فائدة .. حين شعرت أنها أفرغت كل ما عندها سكتت وسكتوا جميعا .. فليست "ريم" فقط من تعلم حبها لـ"باسل" .. "يوسف" كذلك يعلم .. لم تخطئ فيمنعها .. ولم يخطئ فينهره .. يعلم أن مشاعرها حبيستها وفقط .. ويعلم ما هو أكثر من ذلك .. يعلم ما لا تعلمه هي أو "ريم" أو حتى "باسل" ..

الانسحاب أفضل حل .. لماذا تعذب نفسها بحبه .. وبإمكانها أن تريح بالها بفراقه .. ولكن هل ستتحمل أعراض الانسحاب .. الانسحاب من الحب كمدمن مخدرات حاول أن يقلع أخيرا عم يفعل .. الأمر صعب لأقصى حد في البداية .. ولكن إن عقد العزم فعليه التحمل .. ستقل الأعراض تدريجيا .. إلى أن يخرج كل ذرة من المخدر من دمه ..
المخدر مضر والحب إن كان في غير موضعه أكثر ضررا ...
"ريحانة" ستنسحب .. رغم ضعفها فهي سيدة القرارات الصعبة .. حين تتخلى عن حبه ستقوى .. هي ضعيفة بحبها له .. وجوده جوارها يضعفها .. جميعهم سبب في ضعفها .. إما بحب أو شفقة أو خوف .. وهي من سمحت لهم بذلك .. بسبب كل هذا ستتخلى عن حبه .. مرت سنون ذابت في حبه كل خلية لها .. على أمل أن يراها كما تراه .. ولكن بلا فائدة .. ماذا ستفعل له حتى يحبها .. وماذا ستجني إن أحبها .. لا شئ .. حبه لها لا شئ .. هي ليست بحاجة له .. هي بحاجة إلى نفسها .. بل في أمس الحاجة ..
"ريحانة لباسل .. وباسل لريحانة" .. هكذا بدأت .. فتاة في الثانوية يتحدد مصيرها بحب أبدي .. لم تكن لها يد في اختياره .. فـ"باسل" كان عندها كـ"يوسف" .. أخوها .. عانى جدها وخالتها حتى يفهموها أنه ليس كـ"يوسف" .. بمجرد أن وصلت للبلوغ .. وارتدت حجابها .. أصبحوا يضعون حدود بينها وبين "باسل" .. ثم لا تخلعي حجابك أمام "باسل" .. ثم لا تضحكي كثيرا مع "باسل" .. ثم لا تمزحي ولا تتحدثي مع "باسل" .. أصبح فجأة "باسل" الفاكهة المحرمة .. كانت فقط في الأمس القريب تمازحه وتضربه ويحملها ويذهب ويروح بها كطفلته .. دون مقدمات أصبح "باسل" ممنوع الاقتراب منه .. لم لا يمهدون لها ..
ثم دون مقدمات أيضا .. أخبروها قائلين "ستصبحين زوجة لباسل حين تكبرين" .. مشاعرها البكر ولدت على حبه .. كان الأمر غريب عليها في البداية .. أن تتخيل "يوسف" كان أو" باسل" زوجا لها فهما عندها سواء .. ولكن كأي فتاة حين بدأت تحلم بفارسها .. كان "باسل" قد شغل منصب الفارس دون منازع .. لم ترى غيره ..
عاشت تحلم أياما وليالِ بيوم يأتيها "باسل" يخبرها أنه يحبها .. ثم تعيش الموقف وتخجل منه .. ثم ترسم يوما آخر يأتيها "باسل" يخبرها أن تزوجيني .. وتعلو ضربات قلبها كأنها تعيش اللحظة الآن .. ثم تتخيل كيف سيعاملها كحبيبته وزوجته .. وترسمه حنونا غيورا عصبيا .. ترسمه ضاحكا وعابسا .. تتحدث معه وتخبره معاناتها .. تعلم أنه لن يشفق عليها .. ولن يشعرها أن بها نقص .. لذلك كان مختلفا .. يحتويها بكل ألمها وحزنها ..
أحلام كثيرة رسمتها .. وما يصدق أحلامها كان معاملته لها .. يشجعها على دراستها .. يساعدها إن احتاجت .. يخبرها كيف يكون لديها هدف تحارب من أجله .. ثم يخبرها كيف تتمسك بما أرادت .. ويدافع عن رغبتها إن احتاجت .. حين تبكي يخبرها أنها قوية .. وحين تمرض يشعرها أن صحتها سليمة .. في أضعف حالاتها لم يشعرها بأنها بحاجة لشفقة .. بل كانت مثلها مثل غيرها ..
بعد أن كان فارسها باختيارهم لها .. أصبح فارسها باختيارها .. فإن كان يعاملها كذلك رغم الحدود التي بينهم .. فكيف حين تنزع الحدود .. ويا لسعادتها حين أوكل إليه أمر ذهابها وعودتها .. ستراه يوميا وتتحدث معه .. وتخبره كيف مر يومها .. وتستمتع بابتسامته لها .. لها وفقط .. وتشجيعه أن تبقى قوية .. لا يهزها شئ ..

وكانت العاصفة .. إعصارا .. بركانا .. زلزالا .. أيا كان .. ولكن شعورها كان كذلك .. اضطراب في الأرض يحدث فيسبب هزة أرضية شديدة .. قد ينتج عنها كوارث وقد لا .. ولكن هناك ضررا سيحدث ..
حين جاءها بنفسه يخبرها أنه وجد من يحلم بها .. وجد أميرته الضائعة .. وفتاته الجميلة .. سيتزوج غيرها .. بكل بساطة قالها ..
وبدلا من أن تسمع تزوجيني صغيرتي .. قال سأتزوج غيرك عزيزتي .. ببساطة شديدة لست أميرتي ..
ليست "ريحانة" بمن تتظاهر بالسعادة أو القوة حتى تحافظ على ما بقي من شتات نفسها .. ولكن سعادته حين أخبرها كأنه يسر بأمر لأخته الأثيرة .. قتلت صدمتها .. فكيف لا تسعد حين ترى سعادته تلك .. حتى وإن كانت لأجل غيرها .. ولكن لم تستطع منع دموعها أمامه .. وحين سأل بلهفة تعشقها .. أجابت بأن الأم حين تسعد بأبنائها تبكي .. هو صدقها وهي صدقت نفسها ...
وعادت لتبكي وحدها في غرفتها .. ومن هنا بدأت حكايتها مع الانطواء والصمت .. فمن سيشاركها أحزانها وكل من في البيت فرحين .. فـ"باسل" سيتزوج -غيرها- فقط هي من كانت تضيف تلك الكلمة .. بعد أن كان ملك خاص لها .. أصبح لغيرها .. ومن أخبروها بأن "باسل سيتزوجك" فرحين كأنهم لم يفعلوا بها شئ .. ليتهم ما قالوها وليتهم تركوها تراه أخا وفقط .. لماذا وجهوا مشاعرها له .. ولماذا سمحت لهم هي بذلك ..
ولكن لم يكن "باسل" ليتركها تختلي بنفسها .. فقد اقتحم خلوتها وكسر الحدود بينها وبين نفسها .. وهو يسألها ببراءة لماذا صغيرتي لا تشاركيني فرحتي .. كان كذلك يفعل مع "ريم" حين تحزن لا يتركها وحيدة .. ولكن هي من كانت تشعر أن معاملته لها معاملة خاصة ..
تزوج "باسل" .. ودمرت "ريحانة" .. رحمها فسافر بزوجته .. وتركها لتتحول شخصيتها .. هي كانت متماسكة تحاول أن تقوى بوجوده .. ولكن تركها ..
لكي تصنع عجينة متماسكة .. هناك مادة ما تضعها لتحافظ على ذلك التماسك .. دونها ستجد بين يديك شيئا هش .. كذلك كانت هي ذلك الشئ الهش دون "باسل" ..

انطواؤها كان تعبيرا عن حزنها وألمها .. سافر "باسل" ليأتي بعد سنتين معلنا أنه سينفصل عن زوجته .. لم تفرح .. حتى بعودته لم تفرح .. كان كل شئ فيها تدمر .. فقدت الشعور بالفرحة أو الحزن .. ولكن كانت هناك مخلوقة جديدة نورت حياتهم .. هي من بعثت فيها أملا جديدا .. فانشغلت عنه بابنته .. ولكن كانت معاملته لها تغيرت .. أصبحت كما هي الآن .. يلقي عليها كلماته اللاذعة .. ويسخر منها ومن كل شئ فيها .. فتحول حبها لوسيلة دفاع عن نفسها أمامه .. ولم يدرِ أن شخصيتها الجديدة التي يهاجمها كانت بسببه .. وبسبب ما فعله فيها .. كان ينتقد فيها صفات استجدت عليه وعليها لم تكن في "ريحانة" التي تربت على يده ..
لتأتيها صاعقة أخرى حين علمت بخبر الحادثة التي تعرض لها مع ابنته وزوجته .. ماتت زوجته .. وعجزت قدماه عن حركتها لستة أشهر .. ونجت ابنته .. حينها حدث لها انهيار آخر .. فكيف سيتحمل كل ذلك .. واعتصمت بغرفتها أيضا لتنهار .. حزنت لموت زوجته .. وحزنت لما أصابه .. وخشيت أن تبقى ابنته مثلها .. ورغم أنها لم ترى ضعفه حينها ولا حزنه .. إلا أنها كانت على علم بشعوره .. لم تفرح أبدا بموت زوجته .. ولكن حينها علمت أن أمام الموت كل شئ يفنى .. حتى حبها له .. ماذا سيفيد الآن .. وماذا سيفعل أمام مصيبته ..
لا تنكر انبهارها بصبره وجلده .. ولكن تحول صبره لعنف حين بدأت أمه تلح عليه بالزواج حتى تبقى معه امرأة لخدمته وابنته .. أكبر خطأ ارتكبته خالتها في حياتها .. أشعرته بعجزه .. دون قصد منها .. ولخوف أخوال ابنته عليها من أب عاجز .. سعوا لضمها .. تكاتف الكل عليه .. عندها كان التحدي أمامه صعبا .. قدماه لم تكن لتعود طبيعية قبل سنة أو اثنين من العلاج والجراحة .. فإذا به يتحدى الجميع لأجل ابنته .. فلم يبق له سواها .. وتحولت شخصيته الهادئة لشخص عنيف بطباع حادة .. وكل طباعه كانت على "ريحانة" .. كأنها السبب في كل شئ .. تتحمله وتضعف شخصيتها أكثر .. إلى أن جاءت أمه بالقاضية وهي تعرضها عليه زوجة .. ورغم عنفه وألمه .. عندما وصل الأمر لـ"ريحانة" رفض لأجلها .. لأجلها هي لم يرد لها زوجا مثله .. ثم تأتي هي لتحيي حبه في قلبها مجددا بعد موقفه ذاك ..
ثم سافر ولم يعد .. بمجرد أن شفي سافر .. رحل بابنته .. ليأخذ معه حبها له وأملها بابنته .. لتنطوي هي أكثر .. وتضعف في غيابه أكثر .. لم يكن يؤثر فيها سوى رسائله لها في المناسبات .. تشجيعه لها في دراستها والعمل ..
بتشجيعه حولت حبها له لإبداع في عملها .. وكلما تفوقت وأبدعت أكثر كان دعمه لها يزداد .. وهي كانت بحاجة لدعمه .. إلى قرار عودته .. كان معها .. ولكن في تلك الفترة حبها له اختلف كانت تحب "باسل" الأب والأخ .. قد يكون ظل فارسها ولا ترى فارس غيره .. ولكن بدعمه لها كما كان دائما كان حبها يزداد .. لأنه في فترة زواجه القصيرة ابتعد وابتعدت ...
ستنسحب الآن .. ستنسحب ..
أخطأت حين اعتمدت على بشر .. أخطأت حين علقت قلبها بقلب بشر .. أخطأت حين استمدت قوتها منه لتضعف حين يبتعد ..
ستنسحب لأنها تريد "ريحانة" .. تحب "ريحانة" مستقلة دون أحد .. اشتاقت لـ"ريحانة" .. هي مستقلة بذاتها ..
ستبقى "ريحانة" بلا "باسل" .. وستترك "باسل" دون طيف "ريحانة" ...
ولكن أنَّى لها بطاقة الانسحاب .. ومن أين تستمدها .. لها الله ..
------------------------
اليوم الأول ...
تعرف مواعيد ذهابه وعودته لتنتظر رؤيته .. ولكن من اليوم تعرفها حتى تذهب لعملها قبله أو بعده .. وتختفي حين يعود .. أو تنام ..
ولكن لا تتحمل آلام الانسحاب .. كيف لها بسماع صوته ولا تخرج لتراه .. كيف تسمعه يسأل عنها ولا تجيبه ...
ستتحمل ..
اليوم الثاني ...
كانت تبكي وهي تستحضر كل السنين الماضية في حبه .. لولا خوفها من اقتحام أحد لخلوتها لصرخت ..
في اليوم الثالث ..
بدأت تتجه لله تدعوه أن يفرج عنها ما هي فيه ...
واستمرت أسبوعان .. بين بكاء ونحيب .. لا تراه .. تسمعه فقط يسأل عنها .. وتمنع نفسها من الخروج له ..
وكما فعلت "رنيم" قبل كانت تفعل هي .. تختفي منهما وتدعي النوم ..
--------------------
لم تخفى حالتها عن "باسل" .. لاحظ أنها تتعمد الابتعاد عنه .. تتعمد عدم رؤيته .. لا ترد على اتصالاته -لأنها أخته- فقلقه يزداد عليها ..
بدأت تنطوي أكثر .. لا تريد رؤية "ريم" أو حتى "يوسف" .. شكوى جده زادت ..
"ريحانة" الصغيرة ماذا بها ..
قرر أن يتدخل هو .. فإن كانت لا تريد رؤيته فهو يريد أن يعرف ما بها ..

لا يعلم لم خطط أن يراها في عدم وجود جده .. يعلم أن جده يظل في المسجد بين المغرب والعشاء .. إذا فلتكن زيارته لها في هذا الوقت .. شعر أن ما بها لا يجب أن يعرفه جدها ..
طرق الباب ففتحت .. ظن أنه سيعاني ليجعلها تفتح ..
ميتة .. هذا وصفه لها حين رآها .. لا حياة فيها .. وجهها الرقيق به شحوب غريب .. وعيناها البريئتان يحيطهما هالة من السواد .. لم ترفع نظرها له .. تقف ساكنة .. وهو لم يتحدث .. هاله مظهرها ..
بنظرة ميتة مثلها رفعت عينيها لتقول :
- جدو مش موجود ...

وهمت بغلق الباب لولا يده .. ثم صوته الحازم :
- قدامي ع الجنينة ...

قالت :
- مش عاوزة انزل .. لو سمحت انا هقفل ..

بحزم أشد قال :
- قدامي ع الجنينة يا ريحان .. يلا ..

استجابت له وخرجت .. تقدمها وسارت خلفه .. جلسا متقابلين .. فبدأ قائلا :
- مالك ..

آن أوان الانفجار .. أليس من حقها أن تثور .. ابتسمت ابتسامة باهتة وهي تجيب :
- مالي .. انا كويسة .. كويسة جدا .. انا عمري ما كنت كويسة زي دلوقتي .. بس تعبت من شفقتكم .. ومن عطفكم على اليتيمة الغلبانة اللي بتربوها ..

ثم وقفت وهي تقول :
- لسة جاي تقول مالي .. ياااااه متأخر أوي يا دكتور .. انا اقول لك مالي .. انا واحدة كانت بتموت قدامك وحضرتك عايش في دور الاخ الحنين .. انا واحدة كانت بتتمنى حد يعاملها كانها شخص طبيعي .. بس ملقيتش .. كلهم ليه بيعاملوني كدة .. حتى ريم ورنيم .. ليه يعلقوني بيك .. ليه انت تسيبني .. وليه يعرضوني عليك تاني .. هو انا اد كدة معنديش كرامة قدامهم ..

وبدأ بكاؤها وهي تقول :
- انتو لغيتو شخصيتي خالص .. وبعد كدة تيجي حضرتك تحاسبني .. حتى صوتي مسلمش منك .. تقولي خلي عندك شخصية وفي نفس الوقت بتلغيها .. تقولي انتي زي ريم .. وعمرك ما عملت مع ريم زي ما بتعمل معايا .. عمرك ما زعلتها ولا اهنتها .. تقولي اعتمدي على نفسك وعمركم ما اديتوني فرصة اعتمد على نفسي .. شكلتوني على مزاجكم .. وبعد كدة تيجي تتريق عليا وعلى تصرفاتي اللي انتم عملتوها .. عرفت مالي بقى .. طبعا حضرتك شايفني دلوقتي عيلة ومعنديش لا كرامة ولا شخصية .. واحتمال تكون شايفني كائن ملوش لازمة كمان .. عادي انا اتعودت .. مبقتش فارقة يعني ..

ثم بدأت تشهق بشدة وتصرخ صرخات أفزعته .. وهي تجلس أرضا .. تخرج ما بقي منها في هذيان ..
لم يشعر بنفسه وهو يكتف يديها التي بدأت تبحث عن أي شئ تضربه به .. ثم قدميها التي بدأت تحاول فك نفسها وضربه بها .. ولم يشعر بنفسه وهو يصرخ مستنجدا بـ"يوسف" و"ريم" ..
ليكون مصيرها في مشفى "يوسف" ...

------------------------
بدأت حكايتهما بـ"هنا" .. وأكملتها "ريحانة" ..
انتهى عملها مع "هنا" عندما أرسلت تقريرها .. ولكن بقيت حالة إنسانية .. تنتظر"رنيم" موعد زيارتها يوميا لتزورها وتحكي معها .. وتشاركها أحلام دفنت قبل مولدها .. تعيد معها إحياؤها .. أصبح وجودها شئ أساسي في حياتها ...
في اليوم الأول اخبرته "هنا" بزيارتها .. فحاول ألا يتأثر .. ولكن انتظر يراها في اليوم الثاني .. تأخرت هي فرحل .. ثم أخبرته "هنا" أنها جاءت متأخرة .. فانتظرها إلى أن جاءت .. فقط رأى طيفها وغادر .. ثم في اليوم التالي أخبرته "هنا" بكم هي سعيدة بها .. وسعيدة بزيارتها ودون شعور منها أصبحت "رنيم" حديثهما .. وأصبحت "رنيم" سبب في شفاء "هنا" ..
وفي يوم دون قصد منه رأته أمامها .. جفل وجفلت .. ولتغطي توترها دخلت المصعد دون قصد منها .. قبل أن تغلق صاح بأول ممرضة مرت به :
- نجلاء .. نجلاء ..

-نعم يا دكتور ..
قال وهو ينظر للمصعد يخشى أن تغلقه .:
- شايفة الآنسة دي .. اركبي معاها الاسانسير بسرعة .. ومتنزليش الا معاها .. وانا مقلتش حاجة .. يلا بسرعة ..

أومأت وهي تهرول لتلحق بها ...
حين دخلت "رنيم" المصعد .. أصابها التوتر ذاته .. ولا تدري أي مصيبة حلت بها .. لماذا فعلت ودخلت .. ولكن ماذا إن خرجت .. لم تراه وهو يحدث الممرضة ولم تسمعه .. ولكن شكرت الله كثيرا .. حين دخلت معها تلك الممرضة .. وهي تبتسم محاولة تهدئة نفسها ..
الطابق الثالث وفقط .. ولكنها تعبت .. فلديها سابقة مريرة .. لذلك استندت على الحائط حين خرجت وهي تحاول سحب أكبر قدر من الهواء وتضع يدها على صدرها ..
لم تفعل الممرضة شيئا لأنها وجدت "يوسف" أمامها .. اقترب من "رنيم" قائلا :
- حاسة بايه ..

لم ترد فكرر :
- يا بنتي ردي .. حاسة بايه .. انتي كويسة ..

كيف ترد عليه .. لماذا لا يقدر خجلها .. ألأنها قوية لا تخجل .. أم لأنه عرف مرضها ظنها ستتحدث معه بأريحية ..
رفعت رأسها وهي تحاول التحدث قائلة :
- اه الحمد لله ..

ثم تجاوزته قائلة :
- بعد اذنك ...

ومنذ وصول "ريحانة" للمشفى وهي لا تفارقها .. رغم أنه علم من "ريم" أن مناقشة رسالتها اقتربت .. تنهي عملها ثم تأتي .. ولا تغادر إلا حين ينتهي موعد زيارتها ..
أصبحت تتحدث معه باعتباره الطبيب المعالج لـ"ريحانة" .. نظرا لإصابتها بانهيار عصبي تبعه اكتئاب حاد .. كل يوم تسأل هل من جديد ؟! .. ثم تسأله ماذا عليها أن تفعل لأجلها .. ثم تعود لطبيعتها الحادة حين تتهمه أنه إن لم يستطع علاجها فليتركها لطبيب آخر .. ثم تعتذر حين تهدأ ..
حالة "ريحانة" أصابت الجميع بالتوتر .. فطبيعي أن تضطرب "رنيم" كذلك .. وهو كان مقدر لحالتها .. هو نفسه مضطرب .. "ريحانة" لا تتحدث .. فإن كان صوتها يغضبهم فلتسكت أفضل ..
----------------------
ريم .. أصابها التوتر منذ انهارت "ريحانة" أمامها .. ولكنها اطمأنت لما أخبرها "باسل" أنه لم يفعل شئ .. انطواء "ريحانة" فيم بعد عرفت نهايته .. ساعدتها على ذلك .. فهي ترى أخاها لا فائدة منه .. وتخشى على "ريحانة" إن استمرت على ذلك .. حاولت أن تخرجها من سجنها ..لم تستطع .. أو لم تسمح "ريحانة" بذلك .. فهي قررت أخيرا أن تتحكم في حياتها بنفسها .. إن ماتت لن تتهم أحدا بقتلها .. فقط اتركوها وحدها ..
حين رأتها تنهار وتصرخ وتهذي أمامها لم تحتمل .. أصبحت تصرخ هي الأخرى بـ"يوسف" أن ينقذها .. فهي ترى أن "ريحانة" تموت أمامها .. وفي طريقهم للمشفى .. كانت "ريحانة" بين ذراعيها .. تخشى أن تضيع منها .. لتنهار هي الأخرى حين تعرف ما بها .. وتوالت أحزانها يوما بعد يوم .. لتصل للذروة حين تمتنع "ريحانة" عن الحديث .. نعم امتنعت عن الحديث بإرادتها ..
افتقدت "ريحانة" بشدة .. فبحثت عن أماكن تجمعهم .. ذهبت لأكثر مكان تحبه "ريحانة" فهناك ستجد روحها .. قد يكون ذهابها خير .. فهي بحاجة لأي أمل .. "ريحانة" رغم ما فيها إلا أنها كانت من تدخل الأمل والسرور لحياتهم ..
لأول مرة يأتي "طارق" لهذا المكان .. كذلك أماكن كثيرة .. فهو يعيش حياته كرحالة يتنقل من بلد لبلد .. ولا يستقر في أي بلد .. فترة قصيرة ويعود .. ثم يسافر لمكان آخر ..
وهو يتجول رآها .. لفت نظره حزنها .. كانت سعيدة مرحة المرة السابقة .. لم يتردد في الذهاب نحوها ..
"طارق" لا يتردد .. جلس أمامها وهو يبتسم قائلا :
- هونها تهون .. take it easy ..

نظرت له بفزع .. وهي تعود بمقعدها للخلف ثم تقف مضطربة .. وقف قائلا :
- انا اسف .. مقصدتش ازعجك ..

نظرت للطاولة أمامها وهي تلملم أشياءها لتضعها فيها بتوتر .. ثم تتركه وتمشي بسرعة .. سار خلفها قائلا :
- ريم استني ..

وقفت بصدمة .. كيف عرف اسمها .. لماذا يحدثها ويترك زوجته .. ذهب نحوها والتف قائلا :
- طارق صبري .. مهندس معماري .. 29 سنة .. مش متجوز بس بفكر .. بسافر كتير بس ممكن استقر .. بس كدة .. انتي زعلانة ليه بقى ..

سيقتلها هذا الرجل .. مؤكد سيقتلها .. انعطفت لتتجاوزه .. فقد أخرسها .. ولكنه لم يتركها .. وقف أمامها ثانية وهو يقول :
- طيب قولي ساكنة فين .. بتشتغلي ايه .. اي حاجة ...

حركت رأسها كأنها تنفض عنها أفكارها .. ثم تركته وابتعدت .. وهي مازالت تشعر أنها تعيش أحد أحلامها ...
بينما سار هو خلفها ..
فهناك أشخاص إن وجدوا في حياتك ستندم إن تركتهم يرحلون ..
وجدها ..


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-15, 08:57 PM   #15

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث عشر

في السابعة من عمره كانت على يده .. كائن رقيق يئن ويبكي .. بيده الصغيرة كان يهدهدها .. يتابع حركاتها
وسكناتها .. تغمض عينيها فيفتحها لها فتنهره جدته فلا يفعل ثم لا يلبث أن تغفل عنه جدته ليكررها مرة أخرى ..
استعاض بها عن الحزن المخيم في البيت لموت أمها ومن قبل أبيها ..
يأخذها منه جده فيلازمه ليراها ويتابع ماذا تفعل تلك المخلوقة الغريبة .. ثم تأخذها جدته فيلازمها ويجاورها وهي
ترضعها .. ولا يمل من تكرار نفس السؤال .. ألم تكبر بعد ؟! .. ألا تأكل ما يكفيها لتكبر؟! لماذا هي صغيرة هكذا
؟! ..
مر أسبوع ولم يسموها بعد .. فقد انشغلوا بموت أمها عنها .. ثم قرروا أن يسموها كأمها "رقية" .. لولا اعتراضاته
وصياحه بأن خالته وعدته أنه من سيسميها .. وبسبب تأثرهم بموت "رقية" أذعنوا لطلبه .. فأسماها "ريحان" ..
وأصبحت ابنته .. ألم يسميها الآن .. ومن يسمي سوى الأب إذا فهي ابنته ..
يعود من المدرسة كل يوم ليقضي بقية يومه معها .. رفيقا لجده وجدته .. يراها تكبر أمامه وتتحرك ثم تمشي فتقع
فيجري نحوها فتخبره جدته أن يتركها لتحاول .. فيقف جوارها وقلبه فزع من أن تقع مجددا .. وقبل أن تقع يجري
نحوها لئلا يلامس جسدها الصغير الأرض فتتأذى ..
ثم تبدأ تتهته .. وتغمغم بالكلم .. وهو ينتظر أن تنطق اسمه .. فيظل جوارها يردد اسمه لا يمل من تكراره حتى
يحفر في ذهنها .. ليكون أول ما تنطق "باسل" .. ويالفرحته حين نطقت اسمه .. هلل وقفز ونشر فرحته في البيت
بأكمله .. ثم يقص لأصدقائه في المدرسة بأن "ريحان" أول ما نطقت نطقت باسلا ..
وأصبحت حكاياتهما حديث للبيت .. فاليوم فعل "باسل" بـ"ريحانة" كذا وكذا .. فينظر لهم غاضبا فيصححون عفوا
"ريحان" .. ثم يكملون بأن "ريحان" ردت الكرّة لـ"باسل" بأن فعلت فيه كذا وكذا .. وبحكاياتهما عادت للبيت
روحه بعد أحزانه التي سكنته ...
وفي السابعة من عمره أيضا حين ولدت .. كان عليه أن يجعل "يوسف" و"ريم" يحبانها .. بعد أن لاحظ نفورهم
الشديد منها ..
فـ"يوسف" نظرا لارتباطه الشديد بخالته .. ارتبط موتها في ذهنه بوجود تلك المخلوقة الغريبة .. فنفر منها .. وكان
يحاول أن يزعجها ويضايقها بشتى الطرق .. فبسببها ماتت خالته الغالية ..

و"ريم" ذات الثلاث سنوات بعد أن كانت مدللة البيت وأثيرة جدها .. جاءت من تأخذ مكانها .. فـ"ريحانة" حازت
على عطف الجميع وشفقتهم .. بسبب مصابها .. فأبوها مات تلته أمها .. فكانت هي الأخرى كطفلة تحاول أن
تضربها فتبكيها ..
وكان "باسل" الحماية لها منهما .. يحاول أن يعوض "ريم" عن إهمالهم لها .. حتى لا تضرب "ريحان" .. فيسأل
جدته .. فتخبره أن اعطيها حلوى وأخبرها أن "ريحانة" من جلبتها ثم تبتسم عفوا "ريحان" من جلبتها .. وبمساعدة
جدته أصبحت "ريم" تحب "ريحانة" .. وتراها هي الأخرى مخلوقة جميلة دخلت حياتهم .. ولم تتطفل عليهم ..
وبقي "يوسف" العنيف .. فموت خالته أثر على شخصيته بشدة .. ويحاول أن يخرج عنفه وضيقه في "ريحانة" ..
فهي حرمته من أمه الحنون التي لم يكن يفارقها .. فكان "باسل" يقابل عنف "يوسف" تجاه "ريحانة" بعنف أقوى ..
لم يكن ليعنف صغيرته "ريم" لأن جدته أخبرته أنها لا تعي شيئا .. لكن لكونه يرى نفسه كبيرا ويعي ما يفعل .. إذا
فـ"يوسف" هو الآخر يعي ويفهم .. لذلك لم يكن ليسمح له بأن يأذي "ريحان" حتى ولو بالكلم ..
ولكن من أوقف "يوسف" وفهمه كان أبوه .. هو من تحاور معه حتى حول شخصيته العنيفة لشخصيته الطبيعية
هادئ حنون .. وحينها بدأ "باسل" يغار .. فـ"ريحان" صغيرته .. لم تعد له وفقط .. بل أصبح الكل يلعب معها وبها
.. ولكن كانت سعادته بكف أذى "ريم" و"يوسف" عنها أقوى ..
وبدأ يكبر وصغيرته مازال يراها صغيرة .. وبدلا من أخت واحدة .. أصبح لديه أختان "ريم" و"ريحان" .. أصبح
يدلل كلتيهما ويرعاهما .. يحافظ عليهما ويحنو عليهما وكذلك كان "يوسف" ..
ثم أصبح يغضب من خوف جده على "ريحان" .. خاصة بعد موت جدته .. فحين يخرجون للتنزه لا يتركها تخرج
معهم خوفا من أن لا يحافظون عليها .. وحين الذهاب للمدرسة لا يتركها تذهب معهم .. ويذهب بنفسه معها .. إن
لعبوا في البيت لا يتركها معهم حتى لا يؤذونها ..
حين يغضب يتحدى جده ويفعل ما لا يرضيه .. فيلح على أمه أن تأخذ "ريحان" لتنام مع "ريم" وفي الصباح يذهب
هو بها للمدرسة قبل أن يأتي جده أو يراهما .. حين الخروج للتنزه .. ينتظر ذهاب جده للصلاة ثم يلح على أبيه أن
يأخذ "ريحان" معهم ..
"ريحان" لا يتحكم فيها أحد .. هي ملكه هو .. هو أبوها .. هو من رباها .. ألم تولد على يده .. كذلك "ريم" .. لم
يكن يترك أباه أن يفعل بها كما يفعل جده في "ريحانة" ..
حين بلغت واستترت عنه .. كان الأمر غريبا عليه في البداية .. فـ"ريم" لم تفعل ذلك .. كذلك حين يمزح معها لن
يسحبها من شعرها ولن يستمتع بنعومته بين يديه .. لكنه رضي بالأمر فهي أخت لـ"يوسف" وفقط .. يا لسعدك "
يوسف" .. أن تصبح "ريحان" أختك ..
ولما اشتد خوف جده عليها وتضييقه عليها ازداد غضبه منه .. رآها كبرت فلم لا تعترض .. سألها فقالت احتراما
فسكت وهو غير مقتنع .. ولكن كان يحاول أن يربي فيها ما يعكس ما يفعله جده بها .. وكانت تستجيب له ففرح ..
هي مازالت ابنته وتسمع كلامه وتطيعه .. وحين رأى جده يجعلها تدرس مالا تحب .. وقف له بالمرصاد .. لن
تفعل سوى ما تريده .. ومن يأبى ذلك فهو خصيمه أمام الله أنه ظلمها .. وللمرة المائة بعد الألف -قد تكون- يذعن
الكل لأمره .. ولكن سيتكفل هو بها .. فالجد لا يحتمل تركها وحدها ..
وافق .. كان قد مات والده حينها فتحمل هو مسئولية الأب .. فلم يكن يتكفل بها وحدها بل بـ"ريم" وكذلك "يوسف"
.. وسنحت له الفرصة حينها أن يعدل من شخصيتها التي قمعها جده بخوفه الزائد عليها .. هو يعذر جده .. هو
يفعل ذلك لأنه يرى فيها نقصا بسبب ظروفها يعوضه بخوفه عليها .. بينما "باسل" لا يرى ذلك النقص ..
كما أنه لم يتحمل صغيرته شكاءة بكاءة .. فحاول "باسل" أن يجعلها تعتمد على نفسها .. تكون قوية بنفسها دون
حاجتها له أو لجدها .. ثم يكافئها حين يراها تفعل وتحاول أن تكون قوية .. وارتبطت حياتهما مجددا بعد أن كانا
افترقا بسبب خوف جدها عليها ..
أنهى دراسته وأكمل بعد دراسته الجامعية ليصل لم يريد .. ثم يتفوق في مجال الهندسة الجينية الذي اختاره لنفسه ..
قرر حينها الزواج .. فإذا بأمه تخبره أن "ريحانة" مازالت صغيرة .. كان رده حينها أن "ريم" كذلك صغيرة ولكن

ما شأنهما بزواجه .. سيظل يرعاهما بعد زواجه .. لتلقي أمه مفاجأتها "ألن تتزوج ريحانة ؟" ..
بدأ حينها تفكيره يتجه لصغيرته من ناحية أخرى .. كانت حينها في السابعة عشر .. مر على دخولها الجامعة عام
واحد .. كان مازال يحاول تعديلها .. هي صغيرته لكن لا ينطبق عليها إطلاقا ما أراد من صفات في زوجته .. ولم
يكن رأيه استقر على زوجته تلك بعد .. فقط أراد الزواج ولم يحدد من .. لكن "ريحان" زوجته !! .. لم يستسغْها ..
وليس "باسل" بمن يجبر على شئ .. فلم تستطع أمه أو حتى جده أن يعدلوه عن رأيه .. ووجد في الأمر صعوبة
على نفسه أن يتقبل "ريحان" أخته وصغيرته زوجة .. فكيف بها هي تتقبل أخاها وأباها كما يعتبر نفسه زوجا لها ..
قد يتقبلها لو كانت تناسب المواصفات المطلوبة لديه .. ثم يدخل في تحدٍ آخر مع جده .. حين يخبره أنه سيبلغ خبر
زواجه لـ"ريحان" بنفسه حتى يثبت له أنها تراه أخاها وفقط ..
ليته ما فعل .. هذا ما قاله لنفسه وهو يرى انهيار صغيرته أمامه .. فحين رأى زميلته في الجامعة أعجبته
شخصيتها فلم يتردد في الزواج بها وأول من أخبر كان "ريحانة" حتى يكسب تحديه مع جده أن "ريحان" تعتبره
أخا ..
لا يعرف أي جرم ارتكبه حين قال لها .. ولا يعرف كيف فعل بصغيرته ما فعل .. وهو يراها تذبل كل يوم يقترب
فيه زواجه .. لو كان يستطيع التراجع لتراجع لأجلها .. لم يتعلق بخطيبته بعد حتى يتمسك بها .. ولكن رأى أنه
ليس من الرجولة أن يفعل ..
تزوج وسافر حتى لا يؤذي صغيرته أكثر من ذلك .. فهو رآها مازالت صغيرة وستنسى .. كما أن مشاعرها
مازالت مراهقة ستتغير مع الوقت .. وحتى لا يؤذيها أكثر .. أصبح سؤاله عنها عن طريق "يوسف" أو "ريم" ..
فهو رأى أن بحديثه لها سيعذبها وهذا مالا يرضاه لها ..
لم يسعد مع زوجته وكذلك لم تسعد زوجته معه .. فقررا الانفصال ولكن ربطهما مخلوق في رحمها .. فتراجعا
عازمين على الاستمرار .. ولكن بعد مولد ابنته .. لم يطق كلاهما الاستمرار لعام واحد .. فعادا للانفصال ..
حين عاد .. صدم برؤية "ريحانة" ضعيفة هشة وهو لم يتركها كذلك .. فأصبح يعنفها حتى تشتد .. ويخرج ضيقه
من نفسه فيها .. فهو لم يربها على ذلك .. لم يربها على التعلق بالأشخاص لحد الموت لأجلهم .. لم يربها على
اليأس إن ضاع منها حلما .. وكذلك غاضب من نفسه أن يكون سببا في حالتها تلك ...
لا يعلم لم أرادها فرحة بخبر طلاقه أو حتى عودته .. هو لم يكن فرح بطلاقه أبدا .. ولكن كان يتمنى رؤية الفرحة
في عينيها .. ولما رآها تعيش مع ابنته في عالمها فرح .. فهو يحمل نفسه ذنب حبها له .. لماذا تحبه وهي تستحق
شخص مثالي مثلها .. هو ليس ذلك الشخص .. فهو حين تزوج لم يستطع إسعاد زوجته .. أسيسعدها هي؟! ..
"ريحان" تستحق فارسا .. هكذا كان دائما يخبرها قبل سفره .. ولم يكن يدري أنه يعلقها به بتلك الكلمة .. فهي تراه
ذلك الفارس .. وهو لا يرى فيها سوى ابنته وأخته ..
ثم بعد ذلك انشغل عنها وعن العالم أجمع بمصيبته أو إن صح القول مصائبه .. ولم يشعر بأي شئ من تلك
المصائب سوى أن تؤخذ منه ابنته .. تحمل موت زوجته .. تحمل ما حدث لقدميه .. ولكن ابنته .. لن يتحمل ..
وفجأة تحول عنفه على الجميع وهي خاصة .. فهي دون قصد منها رأت صورتها تتكرر في ابنته .. ودون قصد
منها أصبحت تعطف على ابنته بشكل أكبر .. هو رأى عطفها شفقة عليه وعلى ابنته .. فخاف أن تسقيها مم تشرب
من عجز وانطواء .. وهذا ما لا يريده أبدا لابنته .. ستظل "ريحان" ابنته الكبيرة التي حين تخطئ يعاقبها كما يحلو
له .. هو كان يراها كذلك ...
لا ينكر أنه حين قرر التحدي هي أول من ساندته رغم أنها كانت منبهرة بقراره ذاك .. ولكن ساندته .. ودائما ما
أخبرته أن افعلها لأجل "روح" .. ولو كانت قالت لأجلها كان سيفعل ..
في تلك الفترة القصيرة انبهر هو بالتغيير الحادث في شخصية "ريحانة" .. فرغم حزنه على وفاة زوجته وتأثره بما
حدث له ولابنته .. إلا أنه لاحظ تبدل حالها .. ولكن لأجله ..
لأنها بدلت حالها لأجله .. غضب أكثر .. لا يريدها أن تتأثر بأحد أو تتغير لأجل أحد .. فقط لنفسها تكون .. إن
تبدلت لأجل أي شخص كان .. فيوما سيرحل هذا الشخص .. ثم تهدم هي ما بنت ..
ثم تأتي أمه لتعرضها عليه ثانية .. وليس فقط .. بل تخبره أن "ريحانة" مؤكد ستوافق ..
ولم لا توافق .. ستعطف على رجل عاجز وتخدمه وابنته ولها الأجر .. تعاظم غضبه عليها حينها .. ولكن غضبه
أيضا كان لأجلها .. كيف تتركهم يفعلون بها كذلك .. كيف تتركهم يعرضونها عليه للمرة الثانية دون دفاع عن
كرامتها .. كيف تقبل به بعد أن رفضها من قبل .. كيف يقبل هو لها بأن تتزوج رجل عاجز ومعه ابنته وهو من
يتمنى لها فارسا .. لا فائدة بها .. لا فائدة .. تتركهم يدمرون حياتها دون حراك منها .. إذا فهنيئا لها بالجحيم الذي
رضيته ..
وتخلى عن صغيرته .. فهي لا فائدة من تغييرها .. وأخذ ابنته ورحل ..
ولما كان يتابع أخبارها عن طريق "يوسف" و"ريم" .. لم يستطع سوى أن يشعرها باهتمامه بها ويدعمها فيم أرادت
أن تفعل .. فهو إن سحب اهتمامه فجأة منها ستنطوي كما وجدها بل وأكثر ..
ثم عاد "باسل" .. ليجد أمامه "ريحان" جديدة .. كبرت قليلا .. حركة عينيها التي يحب أن يراها -لأنها أخته- لا
تسيئون فهمه .. يحب رؤيتها وهي تعض شفتيها حين تخجل .. يحب دفاعها الغاضب عن نفسها حين تغضب .. كما
يحب كذلك أشياء مميزة في "ريم" ..
ولكن مازالت ضعيفة .. تحب الشفقة والعطف .. حمقاء .. غبية .. لم يربها كذلك ..
حين جاءت تطلب منه أن يحل خلافها و"ريم" مع "يوسف" .. سعد لأنها مازالت تلجأ له كما كانت طفلة .. وسعد
أكثر لأنها مازالت تحب أن ترى الجميع سعداء .. لم تتخلى عن كل ما يجعلها جميلة كما ظن .. ثم صدم حين رآها
تعاني من شفقتهم .. فكيف أن تكون صغيرته تعاني وهو لا يشعر بها .. كيف يظن بها ما ليس فيها ..
كتعويضا عن ظنه السئ بها حاول أن يعاملها بحسن كما كان دائما من قبل ..
ولكن بقي صوتها .. هي تفهم أنه يضايقه .. ولا تفهم أن ما يضايقه أن يسمعه غيره .. هي تفهم أن صوتها به ما
يعيبه ولا تفهم أن صوتها يجعل فيه هو ما يعيب .. ويفعل به هو ما لا يريده أن يحدث ..
فكيف به أخوها يتأثر بصوتها .. مابالها بمن لا يعتبر نفسه أخا .. لماذا لا تفهم أنه غاضب من نفسه هو وليس منها
هي ..
كذلك "يوسف" يحب صوتها .. أمر عادي جدا لأخويها -كما يرى- أن يحبان صوتها .. ولكن ماذا عن زملائها في
العمل .. وبائع السوبر ماركت الذي أحب صوتها ..
لماذا لا تريده أن يغضب ..
ثم بعدُ .. لم يحتمل عزلتها رغم أنها الشئ الوحيد الذي اختارته لنفسها كما كان يحثها دائما أن تفعل .. لم يحتمل أن
يسأل عن أخته يوما واثنين وعشر وهي لا تجيب .. وكذلك لا ترى "يوسف" أو "ريم" أو "رنيم " ..
توقع أن تكون المشكلة بسبب رجل في حياتها لارتباط الأمر بموضوع رفضها الشخص الذي تقدم لها .. رغم أنه لم
يرى في هذا الشخص الفارس الذي يريده لـ"ريحان" .. ولكن جده أخبره بأن الأمر لا يعنيه .. فامتنع عن إبداء رأيه
..
ولم يكن يتوقع أبدا أن كل ما بها بسببه هو .. هو وفقط .. أشركتهم جميعا في الجرم حتى نفسها .. ولكن هو من علم
أنه المخطئ الوحيد فيم حدث لها .. لم تكن شفقتهم السبب .. هو من أشعرها بشفقتهم .. فمن المؤكد أن خلف الشفقة
حب .. فمن لا يحب "ريحان" .. وهو من وجه تفكيرها لخوف جدها عليها رغم أن الموقف كان من الممكن أن
يتجاوزه بجعلها تعتمد على نفسها وفقط .. وهو من جعلها تتعلق به وتحبه .. رغم أنه لا يرى فيها زوجته كما ترى
هي فيه زوجا ..
هو السبب فيم حدث لـ"ريحان" .. لذلك لم يقترب من المشفى منذ ذهابها .. ويكتفي بنظرات اللوم حين يسأل عنها ..
لعلها تريحه من شعوره بالذنب نحوها .. إن ذهب ستجد في عينيه نظرة لا تبغيها .. ستجد نظرة ستفهمها خطأ أنها
شفقة .. وهي اكتفت من الشفقة ..
صغيرته الجميلة تتألم بسببه .. وابنته البكر انهارت بسببه .. ولا يعرف كيف ينقذها ..
حمقاء .. لم أحبت مثله .. ماذا رأت فيه حتى تحبه .. هو يرى أنها تستحق فارسا .. وليس هو بفارس حتى تحبه ..
لم يربها على ذلك .. كيف تنجرف وراء مشاعر هم من زرعوها فيها .. أي جرم ارتكبته في نفسها تلك الصغيرة
الرقيقة ...

------------------------
جنون جمع كليهما .. هي مازالت تشعر أنها تحلم .. أقال أنه "طارق" ؟! .. ولم يتزوج بعد !! .. كيف ذلك .. ثم
تغضب .. رأته في منامها خَجِل من حديثها .. كيف أتته فجأة تلك الجرأة .. أيحدث في أحلامنا ذلك حين تتحقق ..
مازال خلفها بسيارته .. بدأت ترتعب .. ماذا يريد منها وماذا سيفعل بها .. اتجهت للمنزل عندما هاتفت "باسل"
وتأكدت من وجوده .. وهو مازال خلفها ..
"باسل" انتظرها في الأسفل حين شعر بخوف في صوتها .. هي حين رأته تركت سيارتها وهي تجري نحوه لترتمي
بين ذراعيه بخوف شديد .. أبعدها عنه وهو يقول :
- مالك فيكي ايه ؟

كانت "ريم" تحاول أن تلفظ أنفاسها من الخوف وهي تقول :
- كان فيه حد ..

ثم سكتت فبأي شئ تخبره .. ثم قالت :
- كان فيه عربية ماشية ورايا .. او انا كنت فاكراها ماشية ورايا وكنت خايفة ..

نظر تجاه الطريق قائلا :
- اي عربية ..

نظرت بخوف تجاه الطريق فلم تجده .. فتنهدت براحة وهي تقول :
- مش موجودة .. انا كنت فاكراها ماشية ورايا بس الظاهر اني كنت غلطانة ..

أحاط كتفها بذراعه قائلا :
- حصل خير .. المهم انتي كويسة ..

نظرت له وهي تقول :
- هبقى كويسة ازاي وريحانة كدة ..

ذهب ليأتي بسيارتها وهو يقول :
- ان شاء الله هتبقى كويسة ..

- مش هتزورها ..
أوقفه سؤالها .. فالتفت قائلا :
- هي مش هتحب تشوفني ..

سكتت وسكت ..
--------------------
مازالت في عالمها التي اختارته لنفسها لتبتعد عنهم جميعا ولو كانت ذهبت لوالديها لكان أفضل حتى تريحهم من
حمل أثقل كهوهلهم .. لا تفعل شيئا سوى الصلاة ثم العودة لفراشها ساكنة بلا حركة .. يدخل من يدخل عليها ولا
تميزهم .. فكلهم سواء .. تسمع كلماتهم وترى بكاءهم .. ولكن لم تعد تتأثر بهم .. قديما كان بكاء أحدهم كسكين
يمزقها .. لا تحتمل رؤية الحزن في أعينهم .. لكن الآن هي تفقد الشعور بكل شئ ..
دخل "يوسف" عليها .. لم تتحرك ولم تتأثر بدخوله .. بعد أن كانت رؤية "يوسف" هي السعادة بعينها .. جلس على
السرير أمامها فضمت قدميها .. ابتسم وهو يعطيها ما في يده قائلا :
- اتفضلي ..

نظرت لما في يده ثم له كأنها تسأل وماذا بعد ؟! .. قال :
- يعني لسة مش عاوزة تتكلمي ..

عادت تنظر للفراغ ثانية .. فوضع ما في يده أمامها قائلا :
- ارسمي اللي انتي حساه .. من زمان ممسكتيش الوان وفضلتي تنيلي الدنيا زي عادتك ..

لم تضحك .. فتنهد وهو يقول :
- ريحانة احنا حياتنا بقت فاضية من غيرك .. مش عارفين نعيش وانتي مش موجودة في وسطنا .. تفتكري لو شفقة

هتهمينا اوي كدة .. كان ممكن نقول اهي واحدة وخلصنا منها وندور على حد تاني نشفق عليه .. بس عمرنا ما
هنلاقي ريحانة تانية .. عشان خاطر ريحانة وبس خليكي اقوى من كدة .. ريحانة وبس ..
بتردد أخذت الورق والألوان التي أحضرها .. لم تجد فيهم قلما أسود ..فنظرت له .. فابتسم قائلا :
- الغي الاسود من قاموسك .. حياتك خليها الوان .. ودة بقى اجبار .. وبلغي شخصيتك يا ستي .. ومفيش نقاش

كمان ..
ابتسامة عفوية ظهرت على شفتيها .. حاولت أن لا تظهر فما استطاعت .. وقف وهو يقبل رأسها قائلا :
- والله ماهي راجعة يا شيخة .. احنا ما صدقنا ..

نظرت للورق معها وهي تمسك الأقلام واحدا تلو الآخر وترسم ما يحلو لها .. ترسم ما داخلها بكل عقده ومعضلاته
.. ثم حين تنتهي ترى ألوانا كثيرة مبهرة فتبتسم .. لماذا لم يأتي بالأسود .. كان سيعبر عما بداخلها .. تبحث عن
ألوان قاتمة .. لا تجد فتضطر لاستخدام ما أمامها .. ثم ترسم "شخابيط" فهي خير تعبير عن نفسها .. وحين تفرغ
تجد ألوانا .. فتبتسم .. ما داخلها ألوانا كثيرة .. ولكن هي ركزت على الأسود فقط .. ولونت حياتها بالأسود .. لماذا
لم ترى تلك الألوان من قبل .. حياتها ألوان ..
ظل "يوسف" يراقبها مبتسما وهو يرى ابتسامتها كطفلة تكتشف شيئا جديدا عليها .. ويدعو الله أن يفرج عنها ..
ويعينه على علاجها .. ثم اعتدل يجلس جوارها وجعلها تستند على صدره ويحيطها بذراعه وهو مازال يراقبها ..
تنتهي فتريه ما فعلت ثم تعود لتفعل مجددا .. هو سعيد بابتسامتها .. تكفيه ..

طرقت "رنيم" الباب ودخلت مباشرة .. فهي تعلم أن "ريحانة" وحدها ولن ترد .. رفعت "ريحانة" رأسها لترى "
رنيم" فابتسمت لها .. فهي بدأت تشعر كم قلقت لأجلها الفترة الماضية ..
بأيهما تتأثر .. برؤية "ريحانة" مبتسمة .. أم برؤية "يوسف" وهو متخذ هذا الوضع .. عادة إن وجدته معها فهو
يجلس على مقعد مجاور .. يخرج حين تأتي وينتهي الأمر .. لكن رؤيته كذلك جعلتها تخجل وتتراجع وهي تغلق
الباب خلفها معتذرة ..
حين رآها ابتسم دون شعور منه .. ولم يتحرك كذلك .. ولكن حين أخفضت بصرها وخرجت معتذرة .. أبعد "
ريحانة" وهو يقول لها :
- وبعدين بقى في صاحبتك دي ..

اتسعت ابتسامة "ريحانة" وهي تكتب له :
- بتحبها ..

نظر للكلمة ثم لها قائلا :
- نعم نعم .. ايه اللي انتي كاتباه دة .. وبعدين انتي هتعيشي الدور ولا ايه .. عاملالي فيها فاقدة النطق وبتكتبي ..

انطقي يا بت انتي ..
اتسعت ابتسامتها أكثر وهي تشير للكلمة .. كور يده وهو يضربها في رأسها قائلا :
- انا قلت طول عمرك سوسة .. بس اللي انتي كاتباه دة غلط .. انا خارج لتيجي تضربني اني مخرجتش اول ما

شفتها .. انا مش عارف انتو مصاحبينها ازاي دي ..
خرج ولم يجدها أمام الغرفة كما توقع .. فنظر يمينا ويسارا لم يجدها فعاد لـ"ريحانة" قائلا :
- شكلها مشيت ..

أشارت للنافذة المجاورة لها .. فقال :
- ريحانة اتكلمي ..

نظرت للأوراق بين يديها عابسة .. فقال :
- زي ما تحبي بس عاوزة ايه من الشباك ..

كتبت له :
- شوفها في الجنينة هي وريم ..

نظر من خلال النافذة للحديقة فرآها مع "ريم" .. فعاد لـ"ريحانة" قائلا :
- انا قلت انك سوسة .. عرفتي منين ..

هزت كتفيها وهي تعود لألوانها مجددا .. بينما عاد هو لينظر من خلال النافذة ..

في الحديقة كانت "ريم" تقص على "رنيم" ما حدث .. وما إن انتهت حتى قالت "رنيم" :
- وبعدين ..

نظرت لها "ريم" قائلة :
- وبعدين ايه .. بقولك قالي اسمه طارق ومش متجوز تقولي لي وبعدين ..

ردت "رنيم" :
- اه وبعدين .. بعد ما عرفتي ان اسمه طارق ومش متجوز وان هو الفارس اللي بييجي في احلامك هتعملي ايه ..

انا اقولك .. تعيشي في وهم وتبني خيال لغاية ما يبقى مصيرك زي مصير بنت خالتك .. صح
غضبت "ريم" قائلة :
- لا طبعا انا بس بقولك مش اكتر .. وبعدين انا عارفة كويس ان بايدي احبه وبايدي لا .. بايدي اسمح لمشاعري

انها تتحرك ليه وساعتها مش هقدر اوقفها .. وبايدي ان امنعها من البداية .. انا بس بحكيلك اللي حصل .. مقلتش
اكتر من كدة ..
حاولت "رنيم" الهدوء قائلة :
- انا اسفة مقصدتش كدة .. بس انا تعبت .. ومش هقدر ابقى قوية اكتر من كدة .. ريحانة كل يوم بتدبل .. وانتي

لسة عايشة في وهم .. وماما لسة بتضغط عليا .. تعبت من كل دة ..
تنهدت "ريم" وهي ترفع رأسها للسماء قائلة :
- هو احنا ليه بيحصل فينا كدة ...

ردت "رنيم" :
- لاننا عايشين حياتنا غلط .. لو عشناها صح مش هيحصل لنا حاجة ..

قالتها وهي تنظر تجاه نافذة "ريحانة" لتجد "يوسف" واقفا .. زفرت بضيق .. وهي تعود لتنظر لـ"ريم" .. لماذا
يحاصرها .. هي لا ينقصها تعقيدات حتى يأتي هو ليفعل أشياءا غريبة كما تراها .. فأمامها "ريم" و"ريحانة" لتزداد
نظرتها سوءا ناحية الرجال .. ثم يأتي هو لينظر لها نظرة تقييمية .. هي لا تريده أصلا ..
----------------------
- يا طارق يابن المجنونة ..
قالتها "نور" بغضب بعد أن قص عليها "طارق" ما فعله مع "ريم" ...
ذهب نحوها قائلا :
- لولا انك حامل انتي عارفة كنت هعمل ايه .. متشتميش امي ولا عشان مش جدتك يعني ..

ابتعدت برأسها للخلف وهي تقول :
- لا عادي عادي .. هي مرات ابو ماما .. فتبقى كانها جدتي .. هي نفسها لو سمعتك هتقولك يابن المجنونة .. ايه

اللي عملته في البنت دة ..
جلس قائلا :
- مش عارف .. مقصدتش افزعها كدة .. هي اللي رقيقة وبتخاف بسرعة ..

قالت بسخرية :
- يا حونين .. رقيقة ..

عاد بظهره للخلف قائلا :
- انتي عارفة ايه احلى حاجة في اللي حصلت .. انها حصلت من غير ما افكر .. لو كنت فكرت للحظة .. مكنتش

عملت اي حاجة .. بس اكيد اللي استناها دة اخوها .. مش كدة .. انا سألت واتأكدت ..
سألت "نور" :
- طيب سألت واتأكدت .. الخطوة اللي جاية ايه بقى ..

زفر قائلا :
- الخطوة اللي جاية اني فكرت .. وبعدين مينفعش .. مينفعش خالص يا نور .. حرام لو اتجوزت واحد زيي ..

وقفت قائلة :
- انا تعبت منك يا طارق .. لو هتقرر تعيش كدة .. يبقى متتهورش تاني ..

-----------------------
مكث يقلب في مذكراته .. ويبتسم وهو يراها لا تفارق صفحة في طفولته وصباه .. ولكن اختفت حين وصل لشبابه
.. ثم وجد أبياتا أهدتها له حين طال حزنه على موت والده وطالت شكواه .. وشعر أن مصائب الدنيا تكاتفت عليه ..
ابتسم وهو يقرؤها .. ثم قرر أن يذهب لها بها ..
وصل ليجد "ريم" أمام غرفتها تكاد تدخل لولا صوته .. ذهبت نحوه قائلة :
- باسل اخيرا حنيت وجاي تشوفها ..

ابتسم ساخرا وهو يقول :
- مش عاوز تريقة .. انا عاوز ادخل لريحان ولوحدي ..

نظرت له فقال :
- لوحدي .. وهتقفي ع الباب .. وسيبيه مفتوح .. بس مش عاوز حد يعرف اني موجود خاصة جدك ..

ترددت ثم قالت :
- طيب هقول لريحانة الاول ..

قال :
- لا .. انا مش عاوزها تعرف اني هدخلها ..

أومأت قائلة :
- حاضر هدخل بس اعرفها ان فيه حد هيدخلها .. هي مش متعودة ان فيه حد غريب ييجي ..

شددت على كلمة "غريب" .. فابتسم قائلا :
- ماشي يا ريم .. قوليلها ان فيه راجل غريب عاوز يدخلها ..

وشدد هو كذلك على "غريب" ..

وحين أذنت له "ريم" .. دخل عليها وهو يقول :
كم تشتكي وتقول إنك معدم ... والأرض ملكك والسما والأنجم

ولك الحقول وزهرها وأريجها ... ونسيمها والبلبل المترنم
والماء حولك فضة رقراقة ... والشمس فوقك عسجد يتضرم
النور يبني في السفوح وفي الذرا ... دورا مزخرفة وحينا يهدم
فكأنه الفنان يعرض عابثا ... آيـــاته قدام من يتعلم
وكأنه لصفائه وسنائه ... بحر تعوم به الطيور الحوم
هشت لك الدنيا فما لك واجما ... وتبسمت فعلام لا تتبسم
إن كنت مكتئبا لعز قد مضى ... هيهات يرجعه اليك تندُم
أو كنت تشفق من حلول مصيبة ... هيهات يمنع أن تحل تجهم
أو كنت جاوزت الشباب فلا تقل ... شاخ الزمان فإنه لا يهرم
أتزور روحك جنة فتفوتها ... كيما تزورك بالظنون جهنم
وترى الحقيقة هيكلا متجسدا ... فتعافها لوساوس تتوهم
يامن تحن إلى غد في يومه ... قد بعت ماتدري بما لا تعلم

وصل للبيت الأخير وهي تقوله معه مبتسمة ...


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-15, 10:53 PM   #16

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الرابع عشر

يامن تحن إلى غد في يومه .. قد بعت ما تدري بما لا تعلم
-شكرا باسل ..
قالتها مبتسمة ..
جلس على مقعد جوارها قائلا :
- لو اعرف ان ايليا ابو ماضي هيخليكي تتكلمي كنت جبتهولك من زمان ..

ضحكت قائلة :
- هتجيبهولي ازاي بقى ..

ابتسم قائلا :
- زي ما جبته دلوقتي .. وزي ماكنت بجيبلك الحاجات الغريبة اللي بتطلبيها وانتي صغيرة ..

ردت قائلة :
- يا سلام ما انت كنت بتجيب لريم كمان حاجات غريبة ..

اتسعت ابتسامته بسعادة بالغة .. فقد وفرت عليه حديثا طويلا كان يخشاه .. ثم قال :
- طيب اختي الجميلة تقدر ترجع بيتها النهاردة ولا لسة تعبانة ..

أخفضت بصرها وهي تشعر براحة غريبة ثم رفعته وهي تقول :
- ان شاء الله هقدر ..

ابتسم وهو يقول :
- انتي عارفة اننا كلنا بنبقى اقوياء بوجودك .. متعمليش فينا كدة تاني ..

ابتلعت ريقها وهي تقول :
- باسل انا اسفة ..

وضع إحدى قدميه على الأخرى قائلا :
- تقبلته ..

حملقت فيه فضحك قائلا :
- ايه كنتي فاكراني هقولك لا ريحان متعتذريش انا اللي المفروض اعتذر ..

ضحكت وهي تقول :
- بصراحة لو عملت كدة مكنتش هصدقك .. مش متعودة انك تعتذر ..

عندما رأته أمامها يجر تلك القصيدة لها .. لم ترَ فيه سوى "باسل" الأب والأخ وفقط .. فشعرت بالراحة أنها برأت من حبه -قد يكون- .. ولكنها كانت سعيدة به وبوجوده .. وسعيدة بأنها انفجرت فيه هو .. وأخرجت ما تحمله في قلبها تجاهه له هو .. إذا سيبقى "باسل" لها أبا وأخا وهذا ما تريده ..
ثم أنه وضع يدها بالضبط على موضع ألمها "يامن تحن إلى غد في يومه .. قد بعت ما تدري بما لا تعلم ".. هي باعت سعادتها وحياتها التي بين يديها بشئ مازال غيبا لا تعلمه .. ولا تعلم هل ما تريده خيرا لها أم شر تسعى إليه ..
"باسل" العزيز .. نعم الأب دائما ..
لم تغضب حين قال أختي الجميلة لأنه كان صادقا فيها .. كان غضبها قبلُ لأنه يقولها فقط ولا يشعرها أنها أخته .. كما أنه كان يقولها بينما تشعر هي تجاهه بشئ آخر ..
أثناء حديثهما الأخوي .. دخلت "روح" وهي تحمل باقة من الزهور قدمتها لـ"ريحانة" قائلة :
- السلام عليكم .. ألف سلامة عليكي .. وشفاكِ الله وعفاكِ .. متزعليش يا ريحانة ..

ابتسمت "ريحانة" قائلة :
- لا انا زعلانة .. عشان مجيتيش تزوريني قبل كدة ..

نظرت "روح" لـ"باسل" قائلة :
- شفت بقى يا بابا مش انا قلت لك ريحانة هتزعل مننا ..

ضحك قائلا :
- وانا قلت لك روحيلها مع اي حد ..

نظرت "روح" لـ"ريحانة" قائلة :
- انا اسفة يا ريحانة والله .. انا بس كنت عاوزة اجي مع بابا ..

أمسكت "ريحانة" يدها تقبلها قائلة :
- خلاص متكشريش كدة .. مش زعلانة .. وبعدين انا هرجع البيت النهاردة وهتبقي مقيمة عندي ..

صفقت "روح" بيدها قائلة :
- بجد .. وااااو .. احنا لازم نعمل لك حفلة .. لا حفلة كبييييرة .. انا هروح اقول لجدو ..

أوقفها "باسل" قائلا :
- استني بس .. انتي كنتي مع عمتو .. هي راحت فين ..

وضعت يدها على فمها قائلة :
- عمتو .. انا نسيت .. دة فيه خناقة برة .. عمو وعمتو وطنط رنيم ..

حاولت "ريحانة" ترك فراشها فزعة .. لولا "باسل" أوقفها قائلا :
- محدش فيكم يتحرك من هنا .. انتو فاهمين ..

خرج هو وتركهما .. ولم تتحرك "ريحانة" وهي تأخذ "روح" جوارها والتي لم تنتظر لتقص عليها ما يحدث خارجا ..
------------------------
حين سمعتها "ريم" تتحدث .. لم تصدق فرحتها فهاتفت "رنيم" ثم "يوسف" وتراجعت عن طلب جدها أو أمها خوفا من "باسل" .. وصل "يوسف" وبقي معها وكان يصلهما صوت "ريحانة" و"باسل" .. وكان سعيدا بما وصل إليه كلاهما .. ومنع "ريم" من الدخول أكثر من مرة .. فعندما قال "باسل" لـ"ريحانة" أنها أخته الجميلة كادت تدخل "ريم"غاضبة ..لولا "يوسف" .. ثم حين استرسلا في حوارهما ظنت "ريم" أن "باسل" بذلك سيعلقها به أكثر .. لولا "يوسف" من رأى أن بذلك "ريحانة" ستفهم نفسها ومشاعرها أكثر .. وأثناء جلوسهما وصلت "رنيم" ويبدو عليها أنها جاءت مهرولة ..
ولما رآها "يوسف" نظر لـ"ريم" قائلا :
- قلتيلها ليه يا بنتي .. حرام عليكو مبهدلينها في التامن كل يوم ..

ابتسمت "ريم" وهي تقول :
- امبارح نزلت لي الجنينة بسرعة فاستغربت .. قالت لي انها ركبت الاسانسير .. فكلمتها دلوقتي على اساس كدة .. وكمان هي بتحاول تعالج نفسها ..

حملق فيها "يوسف" قائلا :
- دي بتموت نفسها مش بتعالج نفسها .. هتعالج نفسها ازاي وهي مقتنعة لسة بمخاوفها ..

ثم نظرا تجاهها فوجداها واقفة وتضع يدها على صدرها ويبدو أنها تتنفس بصعوبة .. وبكل غضبه تجاهها ذهب نحوها قائلا :
- انتي ايه اللي مخرجك من بيتكم دلوقتي انتي مش عارفة الساعة كام ..

لم تستطع "رنيم" الرد عليه أو الحركة من مكانها لأنها مازالت تتنفس بصعوبة .. فصعود ثمانية طوابق أمر ليس سهل إطلاقا ..
أما هو فأكمل بغضب :
- وكمان حضرتك رايحة تركبي الاسانسير فاكرة نفسك ايه .. وكل شوية تتنططي هنا كأنها فسحة .. طالعة نازلة ..

مع محاولتها لكتم غضبها .. كانت "رنيم" تجد صعوبة أكبر في تنفسها .. ولكن كان ذلك خير .. فلولا صعوبة التنفس تلك لكانت انفجرت فيه ورفعت صوتها .. وهي ليست بحاجة إلى ذلك ..
تركته يغضب ويثور وهي تحاول أن تعدل تنفسها .. وما إن انتهت رفعت رأسها له .. رغم أن قامتها طويلة إلا أنه مازال أطول منها .. وكحركتها التلقائية أمامه تراجعت خطوة .. ثم قالت ببرود حازم :
- دة شئ ميخصش حضرتك .. ان شاء الله اخرج في نص الليل .. انت مش واصي عليا .. وملكش اي حق انك تكلمني كدة ..

بتحدي أكبر رد :
- لا هيكون ليا حق اكلمك كدة واعمل اكتر من كدة كمان ..

بسهولة جدا فهمت مقصده ورغم ما اعتمل داخلها إلا أنها قالت :
- اي حق هيكون ليك .. فدة لان انا اللي هديلك الحق دة .. انا وبس .. ومن غير ما انا اديلك الحق دة .. فحضرتك يفضل انك تسكت ومتتدخلش في حياتي .. ويفضل انك تسكت للابد .. لاني عمري ما هديلك الحق دة ..

وهو ينظر لعينيها وفقط ولا يعلم إن كان ذلك تحديا منه أم رغبة في أسر عينيها له .. قال :
- هنشوف يا دكتورة ..

بداية وقفت "ريم" مندهشة من عصبية "يوسف" الغير مبررة من وجهة نظرها .. ثم لأنها تعرف رد فعل "رنيم" .. فحاولت أن تسكت "يوسف" وهي تشد ذراعه ولكن بلا فائدة .. وحين رفعت "رنيم" رأسها .. نظرت لها "ريم" برجاء ألا ترد عليه .. ولكن "رنيم" لم تنظر لها .. بل رفعت عينيها له مباشرة ..
ولما وصل "باسل" .. كان "يوسف" من يتحدث غاضبا .. فجذب ذراعه بسرعة لئلا يفسد "يوسف" ما يمكن إصلاحه .. ولكن "يوسف" لم يهدأ ..
فوجه "باسل" حديثه لـ"رنيم" قائلا :
- خلاص يا دكتورة انا اسف .. ادخلي لريحانة لو سمحتي ..
ثم وجه حديثه لـ"ريم" قائلا :
- خديها يا ريم لو سمحتي ..

ولكن "يوسف" صاح قائلا :
- انت مالك بيها .. بتوجه كلامك ليها ليه ..
ثم وهو يوجه صياحه لـ"رنيم" :
- وانتي ايه داخلة علطول كدة .. ولا هو دة اللي ممكن يمشي كلمته عليكي يا دكتورة ..

وضع "باسل" يده على فم "يوسف" يسكته وهو ينظر لـ"رنيم" قائلا :
- انا اسف والله العظيم اسف .. ادخلوا جوة يا ريم ..

لم تتحرك "رنيم" ووقفت تنظر لـ"يوسف" بتحدي أكبر .. و"ريم" تسحبها .. كما يقوم "باسل" بسحب "يوسف" .. ولكن "يوسف" كانت بلغت ثورته أوجها .. ولم يشعر بنفسه سوى وهو يخرج هاتفه ليطلبها من والدها أمامها .. وأنهى مكالمته ونظر لها كأنه يقول "الآن لي الحق" وتركها ورحل ..
وقف ثلاثتهم "باسل" و"ريم" و"رنيم" ينظرون له وهو يغادر وعيونهم متسعة ..
أما عن "رنيم" فكان كل ما فيها ينتفض .. لماذا دائما يسرقون فرحتها بكل شئ .. لماذا لم يتركها تشعر كأي بنت بفرحة حين يتقدم لها أو خجل حين يخبرها أبوها .. ما المختلف فيه إذا .. هو مثلهم .. وكلهم سواء ..
نظرت لـ"ريم" قائلة :
- سلمي لي على ريحانة .. سلام ..

تركتهم وهي تخشى أن يحدث لها شئ .. فقال "باسل" لـ"ريم" :
- حبيبتي ممكن توصليها ..

أومأت برأسها بعين شاردة .. فهي تعلم أن "رنيم" لا ينقصها عقد .. حتى يأتي أخيها الذي كانت تعتبره عاقلا يزن الأمور ليزيد تعقيداتها .. لحقت بها على أول الدرج .. فأمسكت يدها وهي تنزل جوارها .. لم تعترض "رنيم" على شئ .. حتى وصلت لسيارتها .. تركت "ريم" تقودها لها .. بلا حديث ..
وقف "باسل" ينظر لـ"ريم" .. ثم تنهد وهو يرفع يده ليمسح شعره .. ثم رفع رأسه ينظر للسقف .. وهو يشعر بتشتت تفكيره .. أيبحث عن "يوسف" أم يذهب لـ"ريحانة" القلقة .. أم يذهب وراء "ريم" فهو لا يعرف كيف يتركها تعود وحدها ليلا .. إن وجد "يوسف" مؤكد أنه سيتشاجر معه .. وإن ذهب لـ"ريحانة" يخشى أن يخرج غضبه فيها وهي لا ينقصها غضبه .. كما أنه يجب أن يحسن معاملته لها .. لماذا يغضب بها ولا يغضب بـ"ريم" إذا ..
هاتف "ريم" أخبرها أن تبقى مع "رنيم" حتى يأتيها .. وترك أمر "يوسف" سيحدثه حين يهدأ .. فهو على يقين أنه نادم الآن .. اتجه لغرفة "ريحانة" وجدها تحتضن "روح" ومازالت فزعة .. فابتسم وهو يقف على الباب قائلا :
- دلوقتي الدكتور بتاعك هرب ومش لاقيينه هنخرجك ازاي ..

نظرت له قائلة :
- نعم .. يعني ايه .. ايه اللي حصل برة .. انا سمعت يوسف بيزعق دلوقتي .. كان بيزعق لريم ..

قال ساخرا :
- لا لرنيم ..

قالت فزعة :
- ايه . ليه .. دة بيحبها .. بيزعقلها ليه ..

ضحك "باسل" قائلا :
- عشان بيحبها .. ومش كدة وبس .. كلم ابوها وراح يطلبها منه ..

أمالت رأسها يمينا .. ثم نظرت لـ"روح" .. ثم عادت تنظر لـ"باسل" ..فقط أمس كانت تسأله أتحبها .. ثم هزت رأسها بعنف كأنها تنفض عنه أفكاره .. ثم عادت تنظر لـ"باسل" قائلة :
- يوسف .. يوسف عمل كدة .. طيب رنيم عملت ايه .. سابته يزعقلها كدة ..

أسند رأسه على الباب قائلا :
- بصي كل اللي اقدر اقوله انهم يستاهلوا اللي يعملوه في بعض .. انا حسيت انها .. مش عارف .. بس هما الاتنين ينفعوا يعملوا في بعض اللي هما عايزينه واحنا هنتفرج بس .. وبعدين هيبقوا كويسين جدا زي عصافير الكناريا .. بس بعد ما يربوا بعض .. وبصراحة هما الاتنين محتاجين التربية دي ..

أبعدت "روح" عنها وهي تقول بانفعال :
- يعني ايه محتاجين التربية دي .. انت ازاي تقول على رنيم كدة ..

ضحك وهو يقول :
- انتي فهمتي ايه ربنا يسامحك .. اقصد يتربوا يعني يهدوا شوية .. يعقلوا شوية بس ..

هدأت وهي تقول :
- طيب خلاص .. فهمت ..

أمسك مقبض الباب قائلا :
- انا هروح اجيب ماما واجي عشان تجهزي وتروحي .. هسيب روح معاكي .. بس هتخافي لوحدك ..

أشارت برأسها أن لا وهي تقول :
- كدة كدة خالتو زمانها جاية هي وجدو ..

أومأ قائلا :
- خلاص تمام كدة .. انا هروح اجيب ريم لانها روحت مع رنيم ..
ثم ضحك قائلا :
- واكيد الدكتور مستنيني امشي علشان ييجي يفضفض معاكي ويطلب النصيحة ..

ثم خرج وأغلق الباب خلفه .. بينما ابتسمت هي .. لماذا لم تكن تركز على تلك الأشياء البسيطة .. فحقا "يوسف" عندما تضيق به ويريد التحدث مع أحد أو يطلب النصيحة يأتيها هي .. ليس فقط .. بل وعادة ما يعمل بنصيحتها .. كذلك "ريم" حين تضيق تحدثها وكأنها تحدث نفسها .. حتى "باسل" عندما جاءها ليخرجها مم هي فيه .. قال لها شعرا أرسلته هي له يوما .. لماذا كانت تنظر لحياتها بنظرة سوداوية .. لماذا لم تر الجانب الإيجابي في حياتها .. لماذا علقت قلبها بحب شخص "باسل" حبا معينا ولم ترى أي جانب آخر في شخصيته .. ولم تنظر أنهم بحاجة إليها .. وليست هي من بحاجة إليهم .. أو أن وجودهم جميعا معا يكمل بعضهم بعضا .. ومعا جميعا يشكلون كيانا متكاملا ..
لم يتأخر "يوسف" وجاءها .. جلس على الأريكة في جانب غرفتها .. ثم وضع وجهه بين كفيه .. نظرت له ثم تنهدت بأسى .. عدلت من وضع "روح" التي ذهبت في سبات عميق .. ثم قامت لتجلس جواره .. ربتت على كتفه وهي تقول :
- لعله خير إن شاء الله .. اللي حصل حصل خلاص ..

نظر لها وهو يقول بغضب :
- هي السبب .. جننتني يا ريحانة جننتني .. انا مكنتش هعمل كدة .. بس هي اللي اضطرتني اعمل كدة ..

أمالت رأسها وهي تنظرله بنصف ابتسامة قائلة :
- هي اللي اضطرتك تعمل كدة بردو .. وجننتك ..

خرجت منه ابتسامة مغتصبة وهو يقول :
- مش عارف بقى .. بس ع الأقل مكنتش هتقدم لها بالشكل دة ..

اتسعت ابتسامتها وهي تقول :
- المهم انك اتقدمتلها .. بس عشان تكون عارف ومتتصدمش انت هتترفض .. بس مش عايزاك تستسلم .. اصبر شوية وحاول تاني ..

رغم ما يشعر به من ضيق إلا أنه ضحك بقوة وهو يقول :
- مين قالك اني هترفض .. انا اخدت الموافقة خلاص ..

نظرت له باندهاش قائلة :
- نعم .. ازاي ومن مين ..

ابتسم وهو يقول :
- انا اتقدمتلها من هنا واتوافق عليا من هنا ..

كانت تريد أن تسأله أستقبل بذلك ؟! .. ستتزوجها دون إرادتها .. ولكنها قالت :
- انا مش عارفة ازاي عمو احمد يوافق كدة مع انه عمره ما غصب رنيم على حاجة .. وكمان رنيم عمرها ماقعدت قعدة واحدة مع اي عريس من اللي اتقدمولها ..

قال ساخرا :
- مش يمكن لانه عمره ما غصبها على حاجة بقت كدة .. وبعدين جميلة الجميلات موافقتش على اي عريس ليه .. كانت بتدور سيادتها على الكمال ..

وجمت قائلة :
- ليه بتتكلم عنها كدة يا يوسف .. وايه جميلة الجميلات دي .. بصراحة انا مش عارفة انت ازاي عملت كدة .. يعني رنيم رفضت كل العرسان اللي اتقدمولها من غير ما تعرف عنهم حاجة .. هتوافق عليك ازاي وانتم بينكم السوابق دي كلها ..

ضحك قائلا :
- حلوة سوابق دي .. بس لما تتصلح هبقى اتكلم عنها كويس ..

أمسكت يده قائلة :
- طيب يا يوسف انا مش هتمنالك احسن من رنيم .. بس انا بوصيك عليها .. رنيم غالية عندي اوي .. اوعى تكسرها علشان تصلحها ..

نظر إلى يدها التي تمسك بيده راجية .. ثم نظر لعينيها ليتلقى نظرة لم يفهمها .. ثم ابتسم ليغير الموضوع قائلا :
- بقى يا بت انتي باسل يخليكي تتكلمي .. وانا افضل وراكي المدة دي كلها ولا تعبريني ..

ضحكت قائلة :
- وعاوزة اروح كمان .. انت حابسني هنا كدة وزهقت بقى ..

قبل يدها قائلا :
- من عنيا .. قومي اجهزي انتي .. على ما اخلص اجراءاتك ..
ردت قائلة :
- ليه جدو اتأخر النهاردة .. مشفتوش خالص من امبارح ..

ضحك قائلا :
- انا كلمته وقولتله ميجيش وانا هخليكي تروحي النهاردة .. بعد ما لقيت باسل عندك لاني خفت تعملوا حاجة في بعض .. طبعا موافقش في الأول .. وتعبني لغاية ما اقنعته .. وبعدين دلوقتي وحشك ما هو قاعد معاكي كل يوم ومش بيفارقك غير لما ماما تقنعه انه يمشي ..

ضربته قائلة :
- انت بتحسسني بالذنب يعني .. ما خلاص بقى ..

----------------------
وبدأت أول عهدها مع "يوسف" بالسكوت والكتمان .. وبعد أن حاولت أن تخرج مشاعرها وتتحدث بما يعتمل داخلها .. عادت لتراه ضعفا مجددا .. وعادت للحفاظ على صورتها لتبقى قوية أمام "يوسف" .. فإن كان يتحدى قوتها فهي على أتم استعداد بتحديه .. لن تقبل به .. هي سعيدة دون ارتباط برجل .. مؤكد أن والدها لن يغصبها على الزواج به .. هي لا تريد "يوسف" .. إذا فلينتهي الأمر ..
كانت قد ذهبت "ريم" مع "باسل" .. حين دخل والدها عليها .. عندما رأت وجهه مبتسما فرحا .. سقط قلبها بين قدميها .. فلم تره هكذا مطلقا في أي مرة سابقة .. دائما يتكلم بجدية عن الموضوع فترفض فينتهي الأمر بعد أن يعطيها فرصة تفكر .. فلا تفكر وتخبره أنها مازالت رافضة .. لكن اليوم شكله يدل على مالا تريده .. حاورها وأخبرها .. كأنه يتحدث عن ابنه .. كأن "يوسف" الفارس والأمير الذي ينتظره لابنته .. وكأن "يوسف" هو الشخص الذي أخبرها يوما إن جاء فسيغصبها على الزواج به دون تردد .. كانت تسمعه وطرقات قلبها تتعالى وتتعالى ..
لتكون الصدمة حين أمسك يدها قائلا :
- لو انا غالي عندك وافقي عليه وريحي قلبي .. انا مش هتمنالك احسن منه ..

بصعوبة ازدردت "رنيم" لعابها قائلة :
- طبعا يا بابا حضرتك مش محتاج تسأل عن غلاوتك عندي .. بس ..

قاطعها قائلا :
- مبسش .. لو غالي عندك وافقي ..

أومأت قائلة :
- موافقة ..

** رجاء لا تستنزفوا مشاعر أبناءكم **
** يوما ما حين تخبرونهم إن كنت تحب أباك فافعل كذا .. سيفعل أول مرة وثاني مرة وقد يفعل لعدة مرات .. ولكن سيأتي يوما لن يفعل لأجلك شيئا .. ولكن سيكبر هو على عادة استنزاف المشاعر فيعامل بها زوجته وأبناءه **
أنت على يقين بأن ابنك يحبك .. فلماذا تربط حبه لك بطلب يصعب عليه تنفيذه .. "لو بتحب ماما اعمل كذا" .. جميعنا إلا القليل تربى عليها .. وكأطفال فعقولنا تستوعب أننا إن لم نفعل فإننا لا نحب أمهاتنا .. ولكن العادة ستقتل الحب .. والاستنزاف سيميت المشاعر .. ثم يحدث في عقل طفلك خلل يربط الحب بمقابل له ..
-----------------------
وافقت "رنيم" ومن يومها وهي تشعر أنها مغيبة .. كل ما فعلته أنها أصرت على فترة للخطبة قد تطول ولن يرى وجهها إلا بعد العقد .. ترى ما حولها فقط دون شعور .. فرحة عارمة لأبويها ولا تشعر هي بشئ .. "ريم" و"ريحانة" لا تسعهما الفرحة .. كل يوم تزورانها .. الجد و"فاطمة" يشعران بسعادة غريبة فـ"يوسف" أخيرا سيتزوج ..
وبقي "يوسف" و"باسل" .. كانت الموافقة غريبة على "باسل" بعد ما فعله "يوسف" أمامه بها .. ولكنه كان يرى أن نظريته صادقة فكلاهما يريد للآخر حتى يتأدب وينتزع ما فيه من اعوجاج ..
أما "يوسف" فهو مثلها لم يشعر بفرحة .. لأنه كان يتمنى أن توافق عليه بإرادتها .. وتريده كما يريدها .. وما زاد الأمر سوءا حين هاتفته بعد أن علم موافقتها لتخبره أنها ما وافقت سوى إرضاء لوالدها وهي لا تريده .. كان سيتركها حينها لولا أن طلبت منه أن يتركها حفاظا على كرامته .. تراجع عن قراره بتركها لأن الأمر أصبح تحديا بينهما وليس "يوسف" بمن يخسر تحديا .. وعليه أن يكسر عجرفتها .. ألم يكفها أن طلبت ألا يرى وجهها ووافق .. ولم يكفها أنها طلبت فترة خطبة طويلة ووافق رغم أن هذا لن يساعده على ما أراد .. سيمنعها عنه أنها مجرد خطبة ..
ولكن لأنه لن يستسلم وعليه أن يكسر غرورها بجمالها وتكبرها الذي يراه .. قرر أن ينهي تلك الخطبة البغيضة التي لا يشعر بها بعد أسبوع واحد فقط .. ورسم خططته التي بها سيخضع "رنيم" له ..
بدأت الخطة بـ"ريم" حيث أقنعها أن يوصلها اليوم لعملها .. وافقت "ريم" دون معاناة .. فهي كانت بحاجة لأي من أخويها .. فالمدعو "طارق" يقف يوميا أمام مدرستها لتراه في الذهاب والعودة كأنه يعرف مواعيدها .. لا يحدثها ولا يقترب منها .. فقط ينظر لها .. ثم ينتظرها لتغادر من أمامه وفقط .. ولكن الأمر أصابها بالتوتر .. ولم تجدأحد من أخويها لتخبره فـ"يوسف" منذ خطبته وهو في عالم آخر يظنونه عالم الحب وإنما هو يخطط كيف يكسر من كسرت قلبه .. و"باسل" تفكيره مشغول بعمله بشدة .. وجوده في المنزل قليل .. ويجلس مع ابنته في ذلك الوقت وفقط .. و"رنيم" هي الأخرى منذ خطبتها لـ"يوسف" مشغولة به كما ترى .. فـ"رنيم" تظهر أمامها و"ريحانة" السعادة والحب لـ"يوسف" .. فقصت لـ"ريحانة" ما يفعله "طارق" هذا بها .. وكانت كلمات "ريحانة" هي من تخفف من حدة توترها وخوفها .. لأجل هذا كله وافقت "على طلب "يوسف" .. ولو علمت ما أراد من ذلك ما وافقت ..
ذهب بها لبيت "رنيم" .. وانتظرها .. حين خرجت ذهب نحوها .. وبسبب وجود "ريم" كان مبتسما وهو يقول :
- صباح الخير .. تسمحي لي اوصلك ..

ابتسامته وأدبه .. جعلها تنظر تجاه سيارته لترى من معه ليتحدث معها كذلك .. فطيلة أيام الأسبوع كل ما بينهما مكالمات هاتفية مشحونة بالغضب والتحدي .. نظرا لبعد "ريم" عنهما قالت :
- مش هينفع اركب مع حضرتك ..

ابتسم وهو يقول ساخرا :
- متعيشيش في الدور اوي .. انا مش بستأذنك .. انتي هتركبي معايا غصب عنك مش بمزاجك ..

زفرت وهي تقول بهدوء :
- بصراحة انا مليش مزاج اتخانق وازعق النهاردة .. فخدها مني نصيحة يابن الحلال وخلينا نسيب بعض بالمعروف .. انت عصبي وانا عندية مش هينفع نكمل مع بعض ..

أكمل سخريته قائلا :
- والله مش انتي اللي تقرري اعمل ايه ومعملش ايه .. اسيبك اتجوزك دة امر يخصني انا وبس .. انا اللي احدد ..

ابتسمت هي الأخرى لتجيب :
- انا عندي شغل ومش فاضية للعب العيال بتاعك دة .. انا قلت من البداية اصلا انك صغير وتفكيرك تفكير عيالي ..

تعرف كيف تستفزه دون معاناة منها .. ويعرف كل مرة يرد لها الصفعة .. فصر أسنانه قائلا :
- انا بقى النهاردة جاي اوريكي شغل العيال على اصوله ..

اقتربت "ريم" منهما قائلة :
- يلا يا رنيم هتأخر ..

نظرت لها "رنيم" بتوتر قائلة :
- انا كنت بقول ليوسف بس ان مش هينفع علشان بابا راح شغله وانا مقولتلوش ..

اسمه ناعم جميل من بين شفتيها ولكنه اقترب من أذنها هامسا :
- لا بتعرفي الاحترام اوي والاصول .. انا قلت لبابا يا حبيبة بابا ..

ابتعدت عنه بضيق وخجل .. بينما ضحكت "ريم" قائلة :
- انتو كدة فعلا محتاجين محرم في العربية ..

نظرت لها "رنيم" بحرج بالغ بينما ضحك "يوسف" قائلا :
- النهاردة اخر يوم هنكون محتاجين فيه محرم ..

نظرت كلتاهما له فقال :
- اه رنيم هتتكسف تقولك يا ريمو اننا كنا بنتفق على كتب كتابنا النهاردة ..

اتسعت عيناها وفغرت فيها .. بينما صاحت "ريم" تهنئهما وتبارك .. وحالة غيبوبة مجددة تصيبها وهي تركب جواره وليس في الخلف مع "ريم" .. يعرف هو كيف يفاجئها فيسكتها .. ولا تعلم هي أنها بذلك تعينه على ما عزم ..
لم تشعر بـ"ريم" التي تركت السيارة عند عملها .. ولم تشعر بنظرة "ريم" الغريبة لـ"يوسف" ونظرته الحازمة لها بأن تترك السيارة .. وصلت عملها وتركت السيارة لتدخل تنهمك في شئ ينسيها ما تعانيه معه ..
وحين انتهى عملها .. وجدته ينتظرها .. صاحت لتعترض وعرف كيف يسكتها .. ثم صاحت أنها لن تفعل ولكنها فعلت .. وصلت منزلها .. ودخلت حجرتها ليليها أبوها بعدها بدقائق غاضبا .. يتهمها بأنها أضاعت ثقته فيها وأنها كيف تكون مع "يوسف" وحدهما دون إذنه .. فلتستعد إذا للعقد اليوم .. لتبتسم ساخرة فينتظرها مع "يوسف" عذاب آخر ..


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-15, 11:09 PM   #17

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الخامس عشر

إما أن تخضع وإما أن تصمد هي قررت الصمود إن كان لا يرضى بشخصيتها كذلك فهي ترضى بها ولا تريد منه إصلاحها ولكن ماذا تفعل بأبيها الذي يساعده كأنه يتمنى ذلك .. بكل صدمتها سألت "رنيم" :
- بابا حضرتك مكنتش تعرف ان يوسف هيوصلني لشغلي ..

بثورته التي لا تعلم هي سببها أجاب "أحمد" :
- اه طبعا عارف .. هو قالي .. لكن كنت مستني منك انتي اللي تقوليلي .. وكنت عارف ان ريم معاكم .. مش الاقيكي راجعة معاه لوحدكم .. الناس تقول عليكي ايه .. كتب كتابك النهاردة من غير نقاش .. عشان تبقي تتنططي معاه براحتك ..

تمتمت ساخرة :
- هي وصلت لتتنططي .. الكلمة دي كلمته ..
ثم قالت بإذعان :
- حضرتك مش محتاج تيجي تبلغني بمعاد كتب كتابي .. كنت ممكن تجيبلي العقد امضي عليه علطول .. ولا هما لغوا الامضا وموافقة العروسة .. بس عادي عادي .. طبعا حضرتك عارف رايي .. ولو عاوز الفرح النهاردة انا معنديش مانع ..
ثم وقفت قائلة :
- انا هنام بقى وابقى خلي ماما تصحيني علشان امضي واقول اني موافقة ..

لم تعد تقول "سأنشغل في رسالتي" .. لأنها لم تجد مهرب من الحصار الممارس عليها سوى بالنوم .. ولكن لأنها لن تستسلم فطرقت في ذهنها فكرة لتنتقم .. فإن كان يراها مغرورة بجمالها وهي لم تكن كذلك .. فلمَ لا تكن .. لمَ لا تريه سطوة جمالها .. بل تريه جمالها حين يتجمل .. وإن كان يريدها حربا فهي لها ..
** كلام الناس .. ربي ابنك على الخوف من كلام الناس .. وأخبره ألا يخطئ لأجل الناس .. افعل معه كما يحلو لك .. ولكن يوما حين يرى الناس يخطئون فيفعل مثلهم لا تلومنه .. فأنت من فعلت به ذلك **
**(وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا ..) .. هل توقفت يوما عند تلك الآية وتأملتها .. أم مررت عليها وأنت تقول لم يفعل بي أبي يوما كذلك وأنا لن أفعل بابني يوما كذلك .. لأنك بكل أسف رأيت الشرك المقصود عبادة إله آخر مع الله كأصنام الجاهلية وفقط .. ولا تدري أنك فعلت بابنك كذلك حين أشركت الناس مع الله .. وأنت تخبره "الناس هيقولوا عليك ايه" ولم تخبره يوما "انت هتكون عند ربنا ازاي" ..او "كيف ستملأ صحيفتك بأفعالك" .. ألا تعلم أن الله ذكر أن أناسا سيتخذون من هواهم إلها .. كذلك كان دعاء جميلا "اللهم إني أعوذ بك من أشرك بك شيئا أعلمه وأستغفرك لما لا أعلمه "..**
** لا تجاهد ابنك لتجعله يشرك مع الله أناسا لا يضرون ولا ينفعون ومؤكد يوما سيخطئون**
** حين يخطئ فقط أخبره أن الله يراه .. أخبره إن كان يحب أن يراه الله وهو يفعل ذلك فليفعل **
---------------------
كما قررت هي أن تريه سطوة جمالها .. كان هو كذلك يحب أن يرى .. فأرسل لها "ريحانة" و"ريم" ومعهما فستان اختاره لها وكذلك خبيرات تجميل .. وهي عندما رأتهن .. قبلت تحديه أكثر .. قد يكون لا يعلم سطوتها حين تتجمل .. لكنها تعلمها .. ولم تكن من قبل تغتر بجمالها .. لكنه جعلها تفعل .. ولكن كان اعتراضها على ما اختاره لترتديه ووقفت معترضة لتقول :
- ريم .. انا مستحيل البس الفستان دة .. انا عمري ما لبست كدة قدام بابا .. ازاي البسه قدام اخوكي اللي اول مرة يشوفني ..

ردت "ريحانة" قائلة :
- رنيم يا حبيبتي الفستان مش مكشوف اوي كدة .. وبعدين البسي القطعة الشفافة دي فوقه ..

قالتها ضاحكة وهي تمسك بقطعة قماش شفافة كما قالت ...
ضحكت "ريم" قائلة :
- بصي يا رنيم يا حبيبتي .. مفيش وقت ننزل نشتري فستان تاني .. وبعدين انتي مش هتخرجي بيه قدام حد .. هو بس اللي هيدخلك ويشوفك وخلاص ..

قالت "رنيم" :
- وليه يشوفني ..

نظرتا كلتاهما لبعضهما ثم لها .. وقالت "ريم" :
- انتي مش عاوزاه يشوفك فعلا .. المفروض تكون دي حاجة مفرحاكي ..

توترت "رنيم" فمن المفترض أن كلتيهما تعلم أنها تعيش قصة حب مع "يوسف" ولكنها قالت بثبات :
- يشوفني بحجابي .. مش بعد ما كان بيشوفني اسود في اسود يلاقيني فجأة قدامه كدة .. شايفة الفستان مفتوح من فوق جدا وكمان من غير اكمام .. وقصير .. انتو هتموتوني ..

ضحكت "ريم" قائلة :
- بصراحة اخويا هو اللي هيموت .. والله انا خايفة عليه قلبه يقف لو شافك كدة ..

نظرت لها "ريحانة" قائلة :
- انا لازم ارقيها قبل ما يشوفها .. وارقيها من عنيكي كمان .. دة انتي هتحسديها يا بنتي ..

كانت "رنيم" بحاجة لحديثهما قبل مواجهة "يوسف" .. هي تعلم أن مواجهة الليلة ستكون غير .. فقبل كان يعرف حدوده معها جيدا .. لكن ما فعله اليوم ليكسر تلك الحدود بينهما يوشي بأنه يخطط لها تخطيطا آخر .. أما هي فوجدت أن زواجهما هذا أفضل كذلك بالنسبة لها .. حتى تعرف أن ترد صفعاته دون أن يمنعها عنه أنه غريب ..
---------------------
ولما جن الليل كانت قد تتوجت ملكة .. فبكامل ثقتها عرفت كيف تستغل شكلها جيدا .. وتعرف مواطن جمالها جيدا .. انتهت وجلست في غرفتها وحدها قبل دخول "ريم" و"ريحانة" و"جيهان" و"فاطمة" ..
أول ما رأتها "ريم" قالت :
- اه يا قلبي اخويا هيجيله سكتة الليلة دي ..

فوقفت "رنيم" فزعة قائلة :
- بعد الشر .. حرام عليكي ..

ابتسمت "ريم" قائلة :
- ايوة يا عم .. الله ع الحب الله ..

تراجعت "رنيم" نادمة على ما تفوهت به .. بينما "فاطمة" و"جيهان" تباركان وتقرآن المعوذتين .. فـ"رنيم" اليوم مبهرة .. وقفت أمام مرآتها تتأكد من مظهرها .. وهي تترك شعرها مفرودا ليصل لآخر ظهرها .. وتنظر لردائها الذي مازالت لا ترضى عنه .. وقلبها ينتفض خوفا وخجلا .. فهي غير مستعدة لتلك الخطوة .. نادمة على ما قررته .. ولكن هو من رماها على ذلك .. هو من جعلها تفكر بتلك الطريقة .. لقد أخبرها أنه سيكسر غرورها .. سيكسر شيئا هي بريئة منه .. إذا فليكن فيها حتى يجد ما يكسره .. وهو من اختار كيف تعامله .. إذا فليهنأ بمعاملتها له ..
وهي تقف أخرجها من شرودها رسالة منه ترد على رسالتها له أمسكت هاتفها تقرؤها ولا تشعر لما شعرت بالرعب من مجرد كلام مقروء ..
"إياكي تكتبي شرط واحد في العقد .. شغلك انا مش هخليكي تسيبيه .. وانا كلمتي كفاية .. ولو شفت شرط واحد هاجي اوريكي العيال بيعملوا ايه لما يغضبوا "
وقبل أن تفيق من صدمتها .. وجدت من يسألها عن موافقتها .. واستكمالا لغيبوبتها .. وجدت نفسها توافق وتوقع باسمها دون أن تكتب شرطها بألا يجعلها تترك عملها ..
جلست لا تشعر بشئ وهي تدفن وجهها بين كفيها .. لتتلقى صدمة أخرى بدخوله وأبيها عليها .. يليهم أناس لم تعد تراهم .. لكنها تعرفهم .. ثم تتلقى مباركات وتهنئة .. ترى فرحة لا تشعر بها .. ولا تشعر بغضب أو حزن كذلك .. شعورها كأن الأمر لا يعنيها ..
ولكن كيف لا يعنيها وهي تراه أمامها .. يراها دون حجاب .. كيف لا يعنيها وهي ترى نظرة عينيه الساخرة .. على عكس توقعها تماما .. عندما شعرت أن رؤيته لها من المؤكد ستفعل به شيئا .. كيف لا يعنيها وهو يقترب منها ليطبع قبلة على رأسها .. حينها انتفض كل ما فيها وهي تتراجع للخلف بخجل كاسح .. ولم تعد تشعر بأطرافها ..
ليكمل هو عليها وهو يقترب ليهمس لها قائلا :
- انتي مش شايفة ان الفستان دة مكشوف شوية ..

نظرت له بذهول ورعب .. ألم يأتي هو به .. أم أنه اشتراه ليخبرها بذلك .. لم يبارك ولم يهنئها كما فعلوا .. فقط هذا ما قاله .. ماذا يريد أن يفعل بها هذا الرجل .. لم يتأثر بجمالها إطلاقا .. كيف له بذلك ؟! .. أم أن هذا ما يقوله الرجل لزوجته عادة ولكنها لا تعلم .. أيريدها أن تجن أم ماذا ..
لأن اعتقاده بها أنها مغرورة بجمالها .. فعلم أن تفكيرها سيتجه لنقاط قوتها .. ولأنه أراد أن يكسر نقاط قوتها تلك .. فسلح نفسه تجاه جمالها .. ولكن رغم كل ما فعله وكل ما درب به عقله لكي لا يتأثر إلا أنه عندما رآها جفل .. وكانت كمطارق تدق في قلبه .. لم يستطع إلا التأثر بها .. وهو يشعر بسعادة غريبة تسري بين جنباته .. لكنها لا تريده .. عندما تذكر ذلك .. حاول أن يحمي نفسه من سطوة جمالها بسد البرود الذي يحيطه .. ولكن كل خلية فيه كانت تنطق بحبها .. وكل خلية فيه ترفض ما يفعله بها .. حتى وإن كانت مغرورة متعجرفة كما يراها فهناك مائة طريقة لإصلاحها سوى ما يفعله .. كل الطرق تختفي من عقله حين يراها .. وتبقى طريقته التي يعاملها بها كأنها دستور لا يعرف غيره ..
------------------------
وبدأت الحرب ..
الجولة الأولى ..
صباحا قبل ذهابها لعملها .. وجدته أمام بيتها .. شعور آخر أصبح يغتالها .. فاليوم أصبح زوجها .. ومشاعر لم تشعر بها من قبل .. ولم توجهها لرجل من قبل .. ولكن بجانب تلك المشاعر التي تولد هناك شعور بالخوف منه .. فدائما ما يفاجئها بتصرف يخرجها عن شعورها .. لم يمهلها هو لتفكير طويل .. وقف أمامها .. لا يعلم لمَ ابتسم ولكنه ابتسم .. فاليوم أصبحت زوجته .. سعادة غريبة يشعر بها .. ولكن لن تثنيه عن عزمه ..
أخفى ابتسامته ولكن بعد أن فعلت بها أشياءا وهو يقول :
- يلا ..

ردت قائلة :
- يلا فين ..

أجاب بجزم :
- اوصلك للشغل ..

تجاوزته قائلة :
- شكرا معايا عربيتي ..

أمسك ذراعها قائلا :
- لما اكون بكلمك متتحركيش غير لما اخلص كلامي ..

نظرت له قائلة :
- افندم .. ليه بقى ان شاء الله .. انا احدد امشي امتى واقف امتى ..

اقترب منها هامسا :
- وصوتك ميعلاش .. وسبق وقلت انا اللي احدد مش انتي .. واتفضلي يلا قدامي ع العربية ..

عقدت ذراعيها قائلة :
- مش هركب معاك يا يوسف ..

لماذا يكون اسمه لذيذا حين تنطقه .. صر أسنانه قائلا :
- انا قلت هتركبي معايا .. وعربيتك دي تنسيها يا رنيم .. تحرقيها تبيعيها مش شغلي .. لكن سواقة تاني مش هتسوقي ..

من بين ضربات قلبها فلتت واحدة حين نطق اسمها .. قالت بتحدي :
- قلت مش هركب .. وعربيتي هتفضل معايا وهفضل اسوقها .. وانت ملكش الحق تمنعني ..

رد ساخرا :
- امال هيكون ليا الحق امتى .. يا دكتورة رنيم ..

قدم والدها فاعتدل كلاهما .. سلم على "يوسف" ثم سأل عن وقوفهما فرد "يوسف" :
- اصل مش قادر يا عمي افوت يوم من غير ما اشوفها .. فجيت اوصلها لشغلها ..

ابتسم "أحمد" .. ولمَ لا وهو يشعر أنه سلم ابنته لشخص يسعدها ويحبها ويحافظ عليها .. ثم قال لـ"رنيم" :
- طيب يلا يا حبيبتي علشان متأخريهوش ..

أومأت وهي تقول :
- حاضر يابابا .. بعد اذن حضرتك ..

سلم "يوسف" وسار خلفها .. ثم سبقها ليفتح باب السيارة .. ثم ينحني يقبل يدها .. فوالدها مازال واقفا .. أراد فقط أن تفهمها كذلك وفهمت .. بينما هو أحب أن يفعل وكان وجود والدها مبررا ..
وحين التف ليجلس جوارها قالت بضيق :
- كذاب ومنافق ..

رد ساخرا :
- كويس انك عارفة علشان متاخديش في نفسك مقلب بس ..

لماذا يريد أن يحطمها .. لماذا يحاول أن يضعف ثقتها في نفسها .. ولكنها ردت :
- انا مش محتاجة اخد مقلب في نفسي ..

لتؤكد نظرته بها .. مــغـــرورة ..
وطبعا عاد بها بعد العمل ولم يترك لها مجال للاعتراض ..
النتيجة "واحد/صفر" لـ"يوسف" ...
----------------------
الجولة الثانية ..
بعد أيام .. اعتادت فيها على وجود "يوسف" أمام منزلها صباحا .. حين تخرج من عملها تجده منتظرا .. تعبت من الاعتراضات فما عادت تعترض .. وليس فقط .. بل إن اضطرت للخروج في أي وقت لا يتركها وحدها .. ولا تعرف كيف .. ولكنها تجده أمامها .. وإن نجحت وخرجت دون علمه .. دون مقدمات يأتيها لينتقم مم فعلت .. ببساطة أصبح "يوسف" سائقها الخاص يذهب بها إلى أي مكان تفضله سواء برضاها أو دونه ..
حين وصلت عملها بعد تأخير أصبح عادتها منذ ارتباطها بـ"يوسف" .. فهي إن استفزته في الطريق يتعمد تأخيرها .. صاحت وصرخت واعترضت وعاندت ثم سكتت .. فهي لم تجد بدا من السكوت .. هو يقهرها .. "يوسف" يريد كسرها فانكسرت .. لما وجدت أن عليها السفر لعمل خارج المدينة .. كعادتها تخبر والدها ثم تذهب .. ولكن تلك المرة أخبرها والدها أن عليها أن تخبر "يوسف" .. ولما وجدت في الأمر صعوبة أخبرته برسالة وفقط ..
وهي تستعد للذهاب وجدته يتصل بها .. ترددت في الرد .. ولككنها حسمت قرارها وردت ..
فقالت بعد تنهيدة :
- عاوز ايه يا يوسف ..

- هكون عاوز منك ايه يعني .. مش قلت لك بطلي تتغري في نفسك اوي كدة ..
بهدوء أجابت :
- طيب بتتصل ليه طالما مش عاوز حاجة من واحدة زيي ..

لم يعجبه هدوءها .. فقرر أن يستفزها قائلا :
- انا مش موافق ..

بهدوء أجابت :
- دة شغلي .. انا مش رايحة اتفسح .. وبما ان الرجل كلمة .. فبفكر حضرتك انك قلت انك مش هتمنعني عن شغلي .. ولا مبتعرفش تكون اد الكلمة ..

تعرف كيف تخرجه عن شعوره فيفعل ما يندم عليه ثم يقر بأنها السبب .. رد بغضب :
- إياكي تتحركي قبل ما اجيلك ..

أنهت اتصالها ثم جلست تنتظره وهي تشعر بالخوف ذاته كلما هددها .. مشاعرها التي ولدت تجاهه دفنت .. فكل ما بينهما أصبح بين شد وجذب .. يهز ثقتها فتستفزه فيرعبها .. يفرض رأيه فتعصي أمره فيهدد فتعاند وتكون الغلبة له في النهاية .. وأصبح مرور الأيام بينهما مجرد كسر لمشاعرها وزيادة في تعقيداتها واستكانة له لم تعهدها .. ولكن استكانتها أصبحت عجزا منها على الاستمرار وليست رضا بم يفعل فيها ..
جاءها ودون كلمة ذهبت معه .. وصلت لمكان العمل متأخرة تتلقى التوبيخ لأول مرة ولم تستطع الرد فهي المخطئة .. يمارس عليها تدمير مخطط لحياتها دون شعور منه .. فهو لم يرِد ذلك .. وهي أصبحت تخفض رأسها لتمر كل عاصفة تلو الأخرى .. بعد أن كانت تقف شامخة ..
أنهت عملها ولم تشعر بشئ سوى بنفسها تقذف داخل سيارته .. كأنه قطعة جماد لا تشعر بشئ .. يمسك ذراعها ليجلسها داخل سيارته عنوة .. ثم التف ليجلس جوارها قائلا :
- اياكي تشتغلي مع البني ادم دة تاني ..

أصابها القهر ولم تعد تحتمل أكثر من ذلك .. نظرت له قائلة :
- يوسف .. اتقِ الله ..

"اتق الله" .. لماذا لمْ تقُلها له من قبلُ .. ليتها قالتْها .. كان سكت .. لماذا لمْ تذكره من قبل أن ما يفعله لا يصح .. لماذا لم يتذكر وصية والدها أو حتى "ريحانة" .. ليته ما فعل بها كل ذلك .. صوتها ما عاد واثقا .. عينها ما عادت ساحرة .. ما عادت تعترض أو تقاوم .. تؤمر فتطيع ..
ظاهرا هو من فاز بالجولة الثانية وكل الجولات بينهما .. ولكن كان يخسرها ويخسر نفسه ..
ومر أسبوع آخر قرر فيه كلاهما السكوت .. سكوت يقتل كليهما .. هي رأت أنه أنهى تعذيبه بكلامه فليعذبها بسكوته .. وهو رأى أنه يكفيها ما فعله فيها فليسكت علها ترتاح ..
لتصل لعملها تستقبل مصائب الشهر الذي قضته معه .. دخلت مكتبها تلتها "نهلة" قائلة :
- حمد الله ع السلامة ما لسة بدري .. ولا حضرتك اتعودتي ع التأخير ..

ردت "رنيم" بضيق :
- تأخير ايه بس .. ما انا بقالي اسبوع باجي في ميعادي اهو ..

أكملت "نهلة" سخريتها قائلة :
- لا بجد .. كتر خيرك والله .. حضرتك طبعا مش حاسة ان الدنيا مقلوبة عليكي ..

ليس بها طاقة لتعرف شيئا .. وليس بها طاقة لتقاوم .. سألت :
- خير ..

أجابت "نهلة" :
- حضرتك تقييمك سئ الشهر دة ..

لأول مرة تحدث .. فاتسعت عيناها وهي تسأل :
- سئ .. دة انا عمري ما قليت عن ممتاز ...

أكملت "نهلة" :
- ما انتي مش حاسة بنفسك وتأخيرك كل يوم .. وانا ياما حذرتك .. وقلت لك اني خايفة عليكي .. ولسة يا دكتورة حضرتك كمان متحولة للتحقيق ..

وقفت "رنيم" قائلة :
- لا .. تحقيق ايه ..

ردت "نهلة" بضيق :
- القضية اللي انتي استلمتيها الاسبوع اللي فات .. وقدمتي تقريرها من كام يوم .. محامي المتهم طلب اعادة التشريح .. واللجنة اللي اتشكلت طلعت نتيجة مختلفة تماما عن اللي انتي طلعتيها ..

جلست "رنيم" تدفن وجهها بين كفيها قائلة :
- لا حول ولا قوة إلا بالله .. إنا لله وإنا إليه راجعون ..

ثم رفعت رأسها قائلة :
- طيب التحقيق دة هيأثر على مناقشة رسالتي ولا ايه .. دي هتكون بعد اسبوع ..

جلست "نهلة" أمامها قائلة :
- انتي عارفة ان القضية دي كانت قضية مهمة اوي .. يعني اثبات تورطك او قصدك للخطأ اللي حصل ممكن يعرضك للوقف عن العمل .. والرسالة بتاعتك بقى ..

سكتت فحثتها "رنيم" وهي تقول بابتسامة ساخرة :
- لا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها .. مالها الرسالة هي كمان ..

ابتلعت "نهلة" ريقها بصعوبة .. وهي تشعر بالحزن الشديد تجاه "رنيم" قائلة :
- دكتور عبد العظيم جاله سفر مفاجئ .. فقرر ان هو يصفي طلبة الدكتوراه اللي عنده .. ودة بناء على اكثرهم التزاما .. وطبعا انتي في الفترة الاخيرة اهملتي كل حاجة .. فأجل رسالتك 6 شهور ..

سقطت يدها جوارها وهي لا تشعر .. ثم ظلت تتمتم :
- حسبي الله ونعم الوكيل .. اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها .. لا حول ولا قوة إلا بالله ..

ثم وقفت أو حاولت الوقوف قائلة :
- طيب بما إنها خربانة خربانة بقى .. انا هروح ..

ذهبت "نهلة" نحوها تمسك ذراعها قائلة :
- تروحي ازاي .. انا لو سيبتك هتقعي من طولك ..

جلست "رنيم" لا تشعر بشئ .. كل شعورها أن الأرض تدور بها .. أو هي تدور حول الأرض .. هناك شئ غريب .. لا تعرفه .. أما عن "نهلة" فأخذت هاتف "رنيم" وبلغت "يوسف" أن يأتي .. لم يلبث أن جاء سريعا ..
انتظرته "نهلة" خارجا لتخبره بما حدث .. ليكون تفسيره لما سمعه أنه السبب .. ولكن لن يفيده لومه حين رآها ..
لقد انتهت .. أنهاها بأفعاله معها .. حين جلست جواره في السيارة .. قرر "يوسف" أن يصلح بعضا مم أفسد ..
فنظر لها قائلا :
- رنيم انا اسف ..

أسندت رأسها لزجاج النافذة وهي تقول :
- اي حاجة بتحصل لنا بتكون بسببنا وباختيارنا .. مش بسبب حد تاني ..

شعوره بالذنب يقتله .. لا ينقصه أن تعفيه مم حدث .. حتى يزداد شعوره سوءا .. أوصلها منزلها ولم يستطع أن يفعل أكثر من ذلك .. وعاد لمنزله وظل حبيس غرفته ..
بينما هي عندما رأتها أمها وقفت قائلة :
- رنيم ايه اللي رجعك من شغلك بدري كدة .. انتي مكملتيش ساعة ..

ردت بنبرة مرهقة :
- ماما انا هنام وصحيني الضهر ان شاء الله ..

قالت "جيهان" بنبرة قلقة :
- نوم ايه دلوقتي يا بنتي .. دة لسة 3 ساعات ع الضهر .. حصل حاجة في شغلك ..

بنفس نبرتها ردت "رنيم" :
- محصلش حاجة يا ماما كل حاجة كويسة .. انا هنام بقى .. بعد اذنك ..

كان في ذلك الوقت يفكر "يوسف" كيف يحل مشاكلها المتسبب هو فيها .. مر الوقت سريعا ولم يعد لعمله .. سمع الآذان فذهب للصلاة .. ثم قرر يهاتفها عله يخفف عنها قليلا .. ولكن فاجأته نبرة أمها الخائفة الباكية لتخبره أن ابنتها في المشفى ..
------------------------
في أقل من المتوقع كان الجميع في المشفى لا يعرفون ما بـ"رنيم" .. كل ما يعرفونه أنها بغرفة العناية .. لولا أمها من أخبرت "يوسف" أنها حين ذهبت لتوقظها .. وجدت حرارتها مرتفعة بشدة ولا تجيبها .. ثم خرج طبيب بعدُ يخبرهم أن حرارتها لا تنخفض عن 41 .. علم "يوسف" أنه السبب .. أصابها قهر لم تعتده .. فكتمت وحبست مشاعرها .. حتى لم يتحمل جسدها ما فعلت .. فقرر هو التعبير عما فيها ..
وإذا به يفاجأ بنظرات اللوم من الجميع إلا "ريحانة" .. ستظل هي من تحتوي خطأه .. وتظل هي من تخبره أن مازالت هناك فرصة لإصلاح ما أفسد ..
ورغم أنهما كانا رائعين أمام الجميع إلا أنهم ألقوا اللوم عليه .. لم يهمه نظراتهم ولا لومهم .. هو كاد يموت قلقا عليها .. مرت اثننتا عشرة ساعة ومازالت "رنيم" غائبة عن الوعي بسبب ارتفاع درجة حرارتها .. ذهب الجميع لمنازلهم وبقيت معها أمها ..
وجلس هو في حديقة منزله لم يطق الصعود لغرفته .. ولم يتحمل نظرة "ريم" أو "باسل" .. وخاصة "باسل" وكأنه يعلم ما فعله فيها .. لم يتحمل بكاء أمها وكذلك "ريم" و"ريحانة" وهو يشعر أنه مجرم ليفعل بهن جميعا ذلك ..
كان نائما على أريكة في الحديقة حين أتته "ريحانة" لتمسح على رأسه قائلة :
- يوسف .. لو نمت هنا هتاخد برد ..

رد ساخرا :
- يكون احسن ..

قبلت رأسه قائلة :
- متعملش في نفسك كدة .. والله هتكون كويسة ..

اعتدل جالسا لتجلس جواره وقال :
- انا اللي عملت فيها كدة يا ريحانة .. انا اللي بدل ما اصلحها كسرتها ..

قالت بصوت هادئ :
- انت ما تقصدش تكسرها صح ..

نظر لها قائلا :
- لا قصدت اكسرها .. لقيتها مغرورة بجمالها وفاكرة نفسها محدش يقدر عليها .. فقصدت اكسر غرورها ..

حاولت منع دموعها قائلة :
- رنيم مغرورة .. يعني فات شهر على ارتباطكم وانت لسة متعرفهاش .. حاولت تكسرها وانا وصيتك متعملهاش .. انت عارف انك كدة بتحملني ذنبها .. علشان يوم ما هي فكرت تاخد رأيي قلتلها مش هتندمي انك وافقتي على يوسف .. قلتلها ان يوسف هو اللي هيحافظ عليكي وهو اللي عمره ما هيفهمك غلط .. قلتلها ان يوسف هو اللي هيشوف فيكي رنيم اللي محدش يعرفها واللي مستخبية ورا قوة مصطنعة .. قلتلها ان يوسف هو اللي هيعرف قلب رنيم .. وهيحب رنيم علشان هي رنيم .. مش علشان جمالها اللي هي كارهاه مش مغرورة بيه .. قلتلها ان يوسف هيحس برنيم ..

كانت كلماتها تجلده .. نظر أرضا ولم يرد .. بينما هي كانت تمسح دموعها التي فلتت منها .. ثم تنهدت قائلة :
- انا كنت عارفة ايه اللي بيحصل بينكم .. بس رنيم معدتش بتحكي لي حاجة بقالها فترة .. وكانت دايما بتخلي صورتك قدامي كويسة .. ودايما تطلع نفسها غلطانة .. وعلى فكرة هي لما قالت لك ان باباها غصبها انها توافق قالت كدة بس ردا على اللي انت عملته فيها في المستشفى لما سرقت فرحتها .. رنيم موافقة عليك بكامل ارادتها .. ولو مكانتش عاوزاك كانت مستحيل توافق على كلام باباها ..

وحين منعها بكاءها سكتت .. وبعد أن هدأت أكملت :
- يوسف .. يوسف بص لي ..

رفع نظره إليها فقالت :
- لسة قدامك فرصة لو عاوز رنيم فعلا .. انا عارفة يوسف كويس .. وعارفة انه بيحب رنيم .. وعارفة رغم اللي حصل انه هيعرف يحتوي رنيم .. علشان خاطري انا حافظ عليها .. هتندم لو ضاعت من ايديك ..

أجاب بيأس :
- هي ضاعت خلاص .. ابوها طلب مني اني اطلقها .. لانه مش هيستحمل يجرى لبنته حاجة ..

وضعت يدها على فمها مصدومة .. وسكتت للحظة ثم قالت :
- طيب وانت هتستسلم كدة .. هتسيبها يا يوسف ..

قبل أن يجيب رن هاتفها .. ردت برعب عندما رأت اسم "رنيم" فوجدتها أمها تخبرها أن حالة "رنيم" استقرت وانخفضت درجة حرارتها ...
فاضت عيناها بسعادة وهي تخبر "يوسف" قائلة :
- رنيم فاقت ..



اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-15, 11:39 PM   #18

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السادس عشر

منذ جلوسه في الحديقة و"باسل" يراقبه ود الذهاب إليه ولكنه خاف أن يثور عليه كان يعلم أن السعادة التي كان يظهرها لم تكن إلا صورة تخفي وراءها معاناة هو فاعلها لم يشأ التدخل خاصة بعد أن أخبرته "ريم" أن "رنيم" لا تشكو من شئ ولما سأل "ريحانة" قالت أنهما بخير فقط ادعو لهما كان يعلم أن "ريحانة" من ستعرف إن كانت هناك مشكلة ولما قالت ذلك تأكد من ظنونه ولم يتدخل لأنه لا يعرف من المخطئ فإن كانت "رنيم" لن يستطيع فعل شئ لأجل "يوسف" ولكن إن كان "يوسف" السبب حينها سيتدخل وتأكد أن "يوسف" من أضاع سعادته حين سمعه يحدثها في الهاتف بسخرية مهينة فقط نظر له باتهام وغادر ..
ولما مرضت رأى في عين "يوسف" ندما لم يره من قبل .. كذلك ألما وقلقا .. ففلتت منه نظرة لوم لم يرد أن يبادله بها فما حدث حدث كان يعلم أن كليهما به عطب لن يصلحه له سوى الآخر .. يوم رأى تحدي "رنيم" لـ"يوسف" في المشفى ثم موافقتها عليه شعر أن بها قوة لا تبغيها وليس بها طاقة لها ..
وهو ينظر له وجد "ريحانة" تقترب منه .. فبدا له أن الأمر ممتعا .. فـ"ريحانة" لها قدرة غريبة في جعل الأمر العظيم هينا .. حين رآها تمسح على شعره ثم تنحني تقبل رأسه .. شعر بشئ عابر لم يهتم له .. ولكن سيطر عليه استمتاع غريب وتطلع لمشاهدة ما ستفعله بـ"يوسف" .. ولما رأى انفعالها تجعد حاجبيه في ضيق عابر أيضا غطاه فضوله ليعلم لم انفعلت .. فهذا آخر شئ توقعه .. هي ذهبت لتخفف عنه لا لتلومه .. هي الوحيدة التي لن تلومه .. بأي شئ أخبرها "يوسف" حتى تنفعل عليه وتخزيه أمامها وأمام نفسه بهذا الشكل .. أصبحت قوية صغيرته الجميلة ..
سمع شهقتها حين صدمت فحدث فيه شيئا لا يعلم أفضول ليعرف ما السبب أم قلق على "يوسف" أم تأثرا بشئ آذى صغيرته .. ثم لمح فزعها الذي لم يلمحه "يوسف" وهي تنظر لهاتفها .. واطمأن باله عندما رأى ابتسامتها فقد شعر أن "رنيم" أصبحت بخير ..
الوقت متأخر وتجاوزت الساعة منتصف الليل .. وليست من عادة "باسل" السهر .. خاصة بعد عمله الجديد في مركز البحوث العلمية بالمدينة .. لأنه عندما يصل المنزل يكون إرهاقه وصل منتهاه .. فقط ينام بعد قيامه ليصحو نشيطا في يومه التالي .. يلحق أن يرى ابنته لساعة قبل ذهابها لمدرستها .. ولكن اليوم رغم تعبه إلا أن النوم جافاه .. فمن أين يأتيه النوم وهو يرى "يوسف" كذلك .. ومن أين يأتيه و"ريم" هي الأخرى كان يحاول تهدئتها قبلُ لتنام .. والآن كيف ينام و"ريحانة" تتشاجر مع "يوسف" بالأسفل بعد مكالمتها الهاتفية ...
ترك شرفته ونزل لهم .. كان صوتهما بدأ يعلو .. فأول من أسكت كانت "ريحانة" حيث قال :
- ريحان .. خلاص ..

ثم التفت لـ"يوسف" قائلا :
- فيه ايه يا يوسف ..

عقدت "ريحانة" ذراعيها أمام صدرها وهي تزفر بضيق .. لم يرد "يوسف" فردت هي :
- انا عاوزة اروح لرنيم .. ويوسف مش عاوز ييجي معايا ..

نظر لها "باسل" قائلا :
- دلوقتي .. انتي عارفة الساعة كام اصلا .. فيه مستشفى هتدخلكم تزوروا حد دلوقتي ..

لم ترد "ريحانة" وكذلك سكت "يوسف" .. فنظر "باسل" لكليهما ثم قال :
- اه يعني سر والمفروض اني امشي .. ماشي .. بس يا ريت توطوا صوتكم شوية ..

اتجه للصعود لولا "يوسف" قال :
- ابوها عاوزني اطلقها .. اروحلها ازاي بقى ..

التفت "باسل" ينظر له .. ثم ينظر لـ"ريحانة" كأنه يريد نفي ما قال أو تأكيده .. ثم قال :
- تطلق مين .. وانت اي حد يقولك طلق مراتك تطلقها .. لو مراتك نفسها قالتلك تطلقها هطلقها علطول كدة .. من غير حلول وسط ..

ردت "ريحانة" بغضب :
- قوله يا باسل .. لانه لو كدة يبقى ميستاهلهاش .. والله ما يستاهلها ..

ابتسم "باسل" قائلا :
- طيب خلاص يا ريحان اهدي .. اطلعي انتي دلوقتي مينفعش تسهري اكتر من كدة .. وبكرة ان شاء الله لو مراحش معاكي انا هوديكي بنفسي انتي وريم .. اتفقنا ..

مازال غضبها مسيطرا عليها بسبب تخاذل "يوسف" -من وجهة نظرها- فقالت :
- فيه ايه يا باسل .. شايفني عيلة صغيرة يعني بتسكتني .. انا بعرف اروح لوحدي مش عاوزة حد يوديني .. بس ازاي هو ميروحش ..

رفع أحد حاجبيه قائلا :
- يعني هو اللي يغلط .. فتزعقيلي انا .. امشي يابت انجري فوق ..

حملقت فيه قائلة :
- بت .. انا بت ..
كانت تود ضربه على تلك الكلمة ولكن لا يصح أن تفعلها .. ولم تجد أمامها سوى "يوسف" يحاول التبسم بسبب أفعالهما .. فكورت يدها وضربته على صدره قائلة :
- ليك نفس تضحك .. وسايبه بيقولي يا بت .. اوف ..

وتركتهما وغادرت بغضب ..
بينما وضع "يوسف" يده على موضع ضربتها متأوها وهو يقول :
- انتي مكنش ينفع تخرجي من المستشفى .. انتي اتجننتي يا ريحانة ..

وجلس "باسل" على الأريكة ضاحكا وهو ينظر لها مغادرة .. لم يسكته سوى نظرة "يوسف" .. ظنها غضبا ولكنه سكت .. جلس "يوسف" جواره ثم أرجع رأسه للخلف في ألم ..
نظر له "باسل" قائلا :
- وبعدين ..

رد "يوسف" :
- هسافر ..

ضحك "باسل" قائلا :
- نعم .. لا السفر دة لعبتي انا ..

عبس "يوسف" قائلا :
- مبهزرش يا باسل ..

قال "باسل" :
- طيب فهمني يعني .. هتسيب المشكلة متعلقة كدة وتسافر .. انت كدة بتهرب يا يوسف ..

أجاب "يوسف" بهدوء :
- لا مش هسيبها متعلقة .. هحلها واسافر .. انا مستحيل اطلقها .. بس كمان مش هقدر اواجهها .. انا مش عارف انا ازاي كنت بعاملها كدة .. مش عارف ازاي كنت بشوفها قدامي كدة وبسكت واتمادى في اللي بعمله .. ازاي هي هتكمل معايا وهي مشافتش مني حاجة كويسة ..

نظر "باسل" للسماء .. في مسار بصره رأى "ريحانة" تقف في شرفتها .. ابتسم وهو يحول نظره للسماء قائلا :
- لعله خير .. خلينا نبص لنص الكباية المليان .. فيه فرصة قدامك تصلح معاملتك ليها .. بس متغلطش غلطة أكبر بانك تتحول تحول مفاجئ .. هي كدة هتفهمه شفقة بسبب تعبها .. معتقدش ان كان فيه بينكم حوار الفترة اللي فاتت .. عشان كدة مفهمتوش بعض .. حاول تفتح حوارات هي اللي تقرب بينكم وهي اللي تخليك ترجع لطبيعتك ..

تنهد "يوسف" قائلا :
- دة اللي انا ناوي اعمله .. بس بعد ما ارجع من سفري .. لازم اريحها مني شوية واديها فرصة تاخد قرارها بدون ضغط مني ..

نظر له "باسل" قائلا :
- هتسافر فين

رد "يوسف" :
- فيه مؤتمر في سويسرا لمدة اسبوعين .. انا كنت رفضت اروحه .. بس دلوقتي هروح علشانها هي ..

قال "باسل" بحيرة :
- مش عارف اقولك ايه .. بس ربنا يعمل لك اللي فيه الخير ..

- امين ..
ربت "باسل" على كتفه قائلا :
- طيب قوم بقى .. معدش غير كام ساعة ع الفجر .. الحق انامهم .. عندي محاضرة الساعة 9

وقف "يوسف" قائلا :
- انت ايه اللي مصحيك اصلا لدلوقتي .. منمتش ليه ..

رد "باسل" وهو يسبقه بخطوة :
- وتفتكر اني صاحي عشانك اصلا .. انا بس مجاليش نوم وانتو عاملين دوشة كدة وانت وريحانة ..

كانت "ريحانة" ما زالت في شرفتها .. سمعته .. فضربت بكف يدها السور المستندة عليه بشدة آلمتها .. فصرخت دون قصد .. فضحك كلاهما .. فأغمضت عيناها خجلا وهي تتراجع لغرفتها ..

-----------------------
بين الوعي واللاوعي كانت .. فتحت "رنيم" عينيها فشعرت بثقل جفونها فأغلقتها .. ثم فتحتها فجأة لتقذف في عالم الوعي بلا رحمة وهي ترى جمع الناس حولها رجال ونساء .. لم تلاحظ معاطفهم البيضاء .. فدارت عينيها فيما حولها تبحث عن شئ مألوف أو وجه تعرفه .. لم يخرج صوتها من مكمنه .. ولم تستطع أن ترفع يديها لوجهها .. تشعر بدقات قلبها كأن من حولها يسمعها .. أصابها فزع وهي لا تدري أين هي ومن أولئك .. لولا إحداهم اقتربت منها تحدثها .. وبصعوبة سألت عما حدث لها فأخبرتها .. اطمأنت ولكن بقي أن يخرج هؤلاء الرجال .. ولم يطيلوا وقفتهم حين اطمأنوا على حالتها رحلوا .. لتبقى طبيبتها معها .. وبعد قليل دخلت أمها تجري نحوها بلهفة .. وبوقت ليس قليل أتاها أبوها .. وبقيا اثنتاهما معها ..
تمنت لو يأتيها بلهفة .. أو تقول أمها أنه كان قلق عليها .. تمنت وتمنت .. وتعبت لما تمنت .. وهو لم يأتِ ولم يسأل .. يوما ما تمنته أخا بسبب حكايات "ريم" و"ريحانة" عنه .. تنام وتصحو ثم تنام .. عله يأتيها الآن ولا يأتي .. لماذا ليل الانتظار طويل .. تلتمس له عذر الليل .. من المؤكد سيأتيها حين تشرق الشمس .. ثم تنام لتحلم به يأتيها .. ولا يأتي .. سيأتيها حين ينهي عمله أو سيأتيها حين تطلبه .. لماذا لم يأتِ .. لماذا لم يأتِ أحد بسيرته .. لماذا ولماذا .. وكم من لماذا لم تجد لها إجابة ...
وأخيرا عرفت .. أتاها والدها يحدثها بما أخبره به .. قالها ببساطة سأطلقك منه .. كما قال قبلُ ببساطة سأزوجك به .. ولكن ما فعل بها ذلك بساطته تلك .. وما فعل بها ذلك استجابتها له ..
لماذا نسلم زمام أمورنا لغيرنا .. ثم حين يغرقنا نبكي لحالنا .. ألم نسلمه أنفسنا بأيدينا .. إن تركت ربانا غيرك يقود سفينتك فلا تندم إن أغرقك .. أنت من أعطته حقا ليس حقه ..
لن تستجيب له هذه المرة .. ورفضها لما يطلب لا يقلل من احترامها له أو برها به .. لن تفعل .. قالتها له .. هي رضيت بـ"يوسف" زوجا ولن تتراجع عن قرارها .. فما فعله بها هي من سمحت له به .. وكانت تستطيع منعه .. وما فعلت .. إذا فلتتحمل خطؤها معه ..
أخيرا جاءها .. وقبل ذهابه لعمله .. لم يجعلها تنتظره لبعد عودته سبقته "ريحانة" لتخبرها بقدومه ومعها "ريم" .. لم تعرف كيف تستقبله وكيف تفعل عند رؤيته .. ولكن حين دخل اضطربت وهي تنظر لـ"ريم" و"ريحانة"أن يساعداها على الجلوس .. كلتاهما انسحبت كأنها لا تطلب منهما شيئا ..
وكرد فعل معتاد عندما تغضب أغمضت عيناها وهي تتمتم :
- اغبية ..

ابتسم وهو يقترب منها قائلا :
- مش يمكن قاصدين ..

تذكرتها .. ولكن لم تستطع أن تنظر له .. أدارت وجهها وهي تحاول منع ابتسامة كادت تخرج عنوة .. فهي تخشى التبسم فيجرحها بكلمة لا تحتملها ..
جلس قائلا :
- حمد الله ع السلامة ..

ردت بصوت متحشرج :
- الله يسلمك ..

- بقيتي احسن دلوقتي ولا لسة حاسة بتعب ..
- الحمد لله ..
- مش عاوزة تبصي لي .. عندك حق ..
ببطء التفتت له لتراه ينظر أرضا .. قالت :
- مش عاوزاك تشوفني .. انا عارفة انك مش بتحب تشوف شكلي .. مش اكتر ..

قالتها وهي تمنع دمعة ترقرقت في عينيها .. ثم أدارت وجهها ثانية .. وقف والتف حول سريرها ليجلس في الجهة المقابلة لها قائلا :
- لا انا عاوز اشوفك لانها ممكن تكون اخر مرة .. عاوز اشوفك علشان افضل محتفظ بصورتك لو مقدرتش اشوفك تاني ..

ثم وقف وقبل رأسها قائلا :
- انا اسف .. بعد اذنك ...

لماذا دائما يلفه غموض غريب .. لماذا لم يرِحها يوما .. ولم يصرح بما يريده يوما يتركها تلفها مشاعر مجهولة ويرحل .. أصبحت عادة لم تألفها ..
------------------------
كان "باسل" ينتظرهم بالخارج يجلس وجدّه مع والدها .. خرجوا ليذهبوا لعملهم .. فاتجه كل منهم لسيارته وركبت "ريحانة" مع "ريم" فأتاهم "باسل" قائلا :
- على فكرة انا ملاحظ انك بقالك فترة بتروحي وتيجي مع ريم .. رجعتي تخافي يا هندسة ولا ايه ..

توترت "ريم"واضطرب حالها .. فـ"ريحانة" تروح وتجئ معها منذ أخبرتها بما يفعله "طارق" .. فهي تخاف من كونها تذهب وحدها ويراها وحدها .. تخاف أن يأتي ليحدثها ثانية .. وهي من طلبت من "ريحانة" أن تكون معها ..
كادت ترد على "باسل" خوفا من أن يجرح "ريحانة" بكلماته .. ولكن سبقتها "ريحانة" وهي ترد :
- لما تكون مش عارف ظروف الاخرين يفضل انك تسكت ..

قالتها وارتدت نظارتها الشمسية ثم التفتت لـ"ريم" قائلة :
- يلا يا ريمو هنتأخر ..

ابتسمت "ريم" وهي تشغل سيارتها بينما ابتعد "باسل" خطوة كأنه يركز فيما سمعه عله يكون أخطأ .. ما بالها صغيرته أصبحت قوية عليه هو .. كان يريد قوتها لغيره وليس له .. نظر لسيارة "ريم" التي تبتعد .. ثم حرك رأسه لينفض عنها ما بها وتحرك هو الآخر لعمله ..
في سيارة "ريم" مازالت تضحك .. و"ريحانة" تكاد تموت خجلا .. لا تعرف كيف فعلت ذلك .. ولكنها ما جنت شيئا من خوفها وضعفها .. فلتتسلح بقوة حتى وإن كانت وهمية ولكن ستريحها .. فهي شعرت براحة لكونها ردت عليه بل وأسكتته ..
وحتى تُسكت "ريم" هي الأخرى قالت :
- ما خلاص بقى يا بنتي .. ايه عمرك ما شفتي واحدة بترد على واحد بيستفزها ..

ردت "ريم" من بين ضحكاتها :
- لا شفت .. بس مشفتش كدة قبل كدة .. انتي وباسل .. شكلكوا عسل وانتي بتسكتي باسل كدة ..

قالت "ريحانة" مبتسمة :
- طيب خلاص بقى .. امال لو عرف اني بنزل معاكي قدام المدرسة واركب من هناك هيعمل ايه ..

تلاشت ابتسامة "ريم" وهي ترد قائلة :
- ربنا يسامحه اللي عمل فيا كدة .. يعني انا افضل احلم بيه وفي الاخر ييجي يقف لي قدام المدرسة ..

سكتت كلتاهما حتى وصلتا للمدرسة .. وهناك لم يكن "طارق" ينتظرها بعيدا وفقط .. بل وقف أمام سيارتها .. مم أصاب كلتيهما بالخوف .. بقيت "ريم" مكانها ولم تتحرك .. ولكن "ريحانة" بما أن "طارق" لا يعنيها فحثتها قائلة :
- انزلي اما نشوف اخرتها مع البشمهندس ..

نزلت "ريم" بتردد وخوف .. فوقف قبالتها .. لم ترفع نظرها له .. بينما هو ظل محدقا بها مبتسما .. لا يعرف لماذا قرر أن يخبرها اليوم .. ولكنه شعر بجرم ما يفعله تجاهها .. لم يخفى عليه رفيقتها التي أصبحت تأتي معها ثم تتركها أمام المدرسة لتأخذ مواصلة أخرى .. لذلك قرر أن يرحم نفسه ويرحمها ..
التفت "ريحانة" لتقف جوارها وتمسك بيدها .. فلاحظت نظرات الصامت الذي يقف أمامهما .. فتشجعت قائلة :
- حضرتك ممكن تعدينا .. عشان مش فاضيين ..

نظر للمزعجة التي أخرجته من عالمه الحالم قائلا :
- انا كنت عاوز ريم في موضوع مهم ..

تمادي "ريحانة" في الحديث مع غريب .. أمر يفوق طاقتها .. ولكن يد "ريم" التي بين يديها أصبحت شديدة البرودة .. لذلك لم تجد بدا من إبعاد ذلك الغريب ..
فقالت :
- بس الآنسة ريم مش هينفع تكلمك .. وكمان مش هينفع تقف معانا كدة .. فلو سمحت خلينا نمشي .. علشان منعملكش مشكلة انت في غنى عنها ..

"ريم" عندما وجدته أمامها تزايد خوفها وخاصة أنه لا يوجد معها سوى "ريحانة" وهي غالبا من تكون أقوى من "ريحانة" في موقف كهذا .. فما بالها بنفسها وهي لا تستطيع التصرف فكيف بـ"ريحانة" .. لذلك كانت مفاجأة شديدة بالنسبة لها أن تتحدث "ريحانة" بهذه الطريقة حتى أنها اطمأنت لوجودها ..
أما عن "طارق" فلاحظ تشديد "ريحانة" على كلمة "الآنسة ريم" .. فرد مبتسما :
- طيب تسمح لي الآنسة ريم اقولها حاجة وهسيبها تمشي علطول ..

زفرت "ريحانة" وهمت بالرد لولا أنه لحقها وهو يوجه كلامه لـ"ريم" قائلا :
- ريم انتي مش فاكراني ..

أول ما جال بخاطرها تلك المرة التي رأته فيها مع "نور" أو تلك التي تجرأ بكلامه ذاك عليها .. ولكنها لم تعرف كيف ترد .. ولم تعرف بماذا ترد .. أيستوقفها ليسألها عن ذلك .. هل هذا الموضوع المهم الذي يريده ..
فردت "ريحانة" :
- وتفتكر حضرتك ان دة موضوع مهم توقفنا عشانه يبدو ان حضرتك تطاولت علينا واحنا مش هنسمح لك بأكتر من كدة .. ما تسألنا كمان يا ترى فاكرين اخر مقابلة بينا كانت امتى .. أو تسالنا يا ترى فاكرين يوم ما عزمتكم على غدا كان يوم لذيذ .. يلا يا ريم ..

منعهما "طارق" وهو يقف أمامهما قائلا :
- ريم انا كنت عاوز اقولك حاجة قبل ما اطلبك من جدك .. بس مش هينفع دلوقتي ..
قالها وهو ينظر لـ"ريحانة" .. فنظرت له بوعيد لا تعرف كيف .. ولكن يبدو أنها كانت اسطوانة مضغوطة .. بمجرد أن تركتها انفجرت ..
بينما أكمل "طارق" مبتسما بسبب "ريحانة" :
- انا عاوزة اقولك اننا تقريبا اتقابلنا من 3 سنين .. وكانت معاكي الانسة ام لسان طويل دي .. وكان معاكم واحدة تالتة منتقبة ..

نظرت له "ريحانة" بضيق وهي تحاول جر "ريم" حتى تغادران .. بينما قال "طارق" :
- في النادي .. يوم ما حاولتي تركبي حصان ووقعتي .. كنتي في مخيم البنات ومفيش حد عرف يشيل الحصان اللي كان نايم على رجلك .. فاضطروا ينادوني .. لاني كنت قريب من المكان ..

ابتسمت "ريم" عندما تذكرته .. وتوردت وجنتاها وهي تتذكر كيف أنقذها .. ولكن تذكرها ذاك جعلها تفكر في الهروب من أمامه أكثر .. فضغطت على يد "ريحانة" التي تمسكها ..
فقالت "ريحانة" التي تذكرته هي الأخرى :
- انا فاكرة ان احنا شكرنا حضرتك يومها .. وبنشكرك تاني انك انقذت رجل الغلبانة دي من تحت الحصان .. بعد اذنك بقى ..

سحبت يد "ريم" وهي تغادر .. ثم التفتت بعد خطوة لتقول :
- اه .. بما انك عارف ان عندنا جد .. وعارف اكيد عنوان بيتنا ساعة ما مشيت وراها قبل كدة .. فلو عاوز تكلمها ابقى تعالى كلمها هناك ..

ثم تركته وسحبت "ريم" خلفها حتى وصلتا لباب المدرسة فقالت :
- ريم انا خايفة .. قلبي بيدق جامد ووشي سخن .. ادخل معاكي المدرسة ولا ايه .. انا خايفة ارجع لوحدي يضربني ...

ضحكت "ريم" التي هدأت بمجرد ابتعادها عنه قائلة :
- وانا اللي قاعدة اقول ريحانة اتبدلت .. ومن الصبح وانا قاعدة انبهر بيكي .. دلوقتي رجعت ريما لعادتها القديمة ..

ضربتها "ريحانة" قائلة :
- دلوقتي بتضحكي .. مش كنتي خرسة من شوية .. بجد انا مش عارفة انا كلمته كدة ازاي .. ممكن يعمل ايه ..

ردت "ريم" :
- طيب قوليلي انا اعمل ايه بعد اللي قاله دة ..

ابتسمت "ريحانة" لتجيب :
- بصي كلامه دة محتاج قاعدة وخصوصا بعد الحكاية اللي قالها دي .. انتي ازاي مفتكرتيهوش .. وقاعدة تقوليلي بحلم بحلم ..

قالت "ريم" :
- والله حلمت بيه ..

ردت "ريحانة" :
- خلاص ادخلي بقى .. عشان الحق اوصل شغلي في ميعادي .. وان شاء الله هستناكي علشان نعدي على رنيم ونتكلم هناك ..

أومأت "ريم" ودخلت للمدرسة .. بينما ذهبت "ريحانة" لتركب الحافلة .. وهي تتلفت حولها خوفا من "طارق" ..
----------------------
في المدرسة .. حاولت "ريم" التركيز في عملها .. فعملها أمانة .. والأولاد الذين تعلمهم أمانة .. ليس لهم ذنب في مشكلاتها .. وخاصة أن اليوم ستختبرهم .. فعليها التركيز الشديد ..
دخلت فصلها وهي تحاول التبسم .. فهي عودتهم ذلك .. لا يجب أن تقطع عادتها تلك يوما .. ثم بعد حوارها اليومي معهم قالت :
- مستعدين للامتحان ولا لا ..

- مستعدين ..
أمسكت جهازها الإلكتروني في يدها قائلة :
- طيب كل واحد يمسك التابلت بتاعه يلا .. بمجرد ما تسمعوا الجرس الامتحان هيظهر قدامكم .. وانا هخرج .. وهسيبكم تمتحنوا .. الوقت هيكون قدامكم .. بمجرد ما ينتهي كل واحد هيضغط send في اخر الصفحة .. وطبعا انتو عارفين ان انا واثقة فيكم جدا .. وعارفة ان كل واحد هيحل لواحده .. وهتلتزموا بالوقت .. بمجرد ما ينتهي انا هرجع لكم .. والامتحان دة مجرد تقييم لنفسكم .. ربنا شايفكم .. عاوزاكم بقى تخلوا ربنا يشوفكم احسن ناس اتفقنا ..

الثقة .. هل منحت ابنك يوما تلك الثقة .. هل أخبرته يوما بأنك تثق به .. هل عرضته لموقف معين وتركته يتصرف وفق ما ربيته ووفق ما يعرف ..
المراقبة .. هل تركت ابنك يوما يراقب الله في أفعاله ..
الإتقان .. هل علمت ابنك الإتقان فيما يعمل .. هل أتقنت عملك أمامه وأخبرته أن الله يحب المحسنين ..
إن لم تفعل فهلا فعلت ..
لماذا تنادي بجيلٍ يحرر الأقصى .. ولم تفعل ما يرشدهم لذلك .. هل تتخيل أن يحدث لهذا الجيل طفرة جينية فيحرر الأقصى فجأة .. دون إعداد وتهيئة ..
لماذا يصيبك الضيق من حال الفرقة بيننا اليوم .. ولم تربي ابنك أن الله أمر أن اعتصموا .. ولم تربه على الفهم الصحيح للدين .. بل عذرا تربيه أن أخيك المسلم هذا لا تحبه ولا تقربه لأنه فقط يختلف معه ..
ابنك أمانة ستحاسب عليها .. وكذلك نفسك أمانة .. إن لم يربك أبوك على الحق .. فربي نفسك ..
----------------------
أنهت "ريم" عملها والتقت و"ريحانة" وذهبت كلتاهما لـ"رنيم" والتي تحسنت صحتها قليلا عن الصباح .. قصت "ريم" عليها ما حدث .. تذكرت "رنيم" تلك الحادثة .. وكذلك تذكرت ما فعله "يوسف" حين علم .. حينها بدأت أمنيتها تظهر بأن لو لها أخ مثله .. كانت سعيدة لـ"ريم" و"ريحانة" أنهما تمتلكان أخا كـ"يوسف" .. يخاف عليهما ويحميهما .. حين رأته يحمل "ريم" ويجري بها لأقرب مشفى .. لم تكن تعلم أنه لو لها لن يفعل بها ذلك ..
ولكن سعادتها كانت بـ"ريحانة" أكبر .. فابتسمت وهي تقول بضعف :
- برافو عليكي يا ريحانة .. كدة طمنتيني ان لما اموت هكون سايبة ورايا رجالة ..

انتفضت "ريحانة" وهي تجري نحوها قائلة :
- بعد الشر عليكي .. ليه بتقولي كدة ..

ثم قالت "ريم" معاتبة :
- كدة يا نيمو عاوزة تخلصي مننا .. وبعدين مقولتليش رأيك ايه .. اعمل ايه في طارق دة ..

تنهدت "رنيم" قائلة :
- انا قلت لك قبل كدة ان مستحيل تحلمي بحد عمرك ما شوفتيه .. وبعدين انتي مكبرة الموضوع دة اوي .. وخليتيه يحس باهتمام هو ما يستحقوش .. انتي معملتيش حاجة غلط علشان تخافي وتترعبي كدة .. المفروض كنتي انتي اللي تردي عليه وتوقفيه عند حده .. اما حكاية انه يتقدملك دي .. متفكريش فيها غير لما تحصل ..

-----------------------
بعد عودتها هي و"ريم" .. حضرت "ريحانة" الغداء لها ولجدها .. وبعد تناوله دخلت غرفتها لتسترح قليلا .. ولكن فاجأها مكالمة هاتفية من "باسل" .. أجابت فإذا بصوته الغاضب يقول :
- ريحان .. بطلي شغل العيال دة وصلحي الاكونت بتاعي ..

- أي اكونت ..
قالتها مستنكرة ..

فرد غاضبا :
- الاكونت اللي هكرتيه ..

ردت مدافعة :
- والله العظيم ما هكرت حاجة .. انا قلت لك اني بعرف اعمل هاكر .. لكن عمري ما هكرت اكونتات حد ..

تراجع نادما وهو يقول :
- ماشي يا ريحان .. هبعت لك الباسوورد بتاعي في رسالة وافتحيه ..

ردت بإصرار :
- اعتذر أول ..

أجاب باسما :
- مش هعتذر ..

أصرت قائلة :
- مش هفتحه ..

رد :
- براحتك ..

ثم أغلق .. وأرسل كلمة السر خاصته في رسالة .. حاولت فتح بريده الإلكتروني وهي تتبرم لم لا يعتذر .. تعود على إهانتها ثم عودته هي على السكوت على إهانته .. فتحته أخيرا بعد عدة محاولات .. ثم عادت لتستلقي على فراشها .. فجاءتها رسالة منه "شكرا .. انا اسف" .. قرأتها وهي تتمتم :
- شكرا .. انا اسف .. بعد ما عملت لك اللي انت عاوزه .. بارد ومستفز .. انت مؤكد هتجنني .. انت ليه كدة .. اوف بقى اوف ..

-----------------------
حل الليل وجاءها "يوسف" ثانية .. لم تعد تتوقع سبب مجيئه .. كما لم تكن تتوقع سبب اتصالاته قبلُ .. ولكن عادة كانت تنتهي بعد أن تنفذ طاقة البرود التي تتسلح بها أمامه .. عندما دخل خرجت أمها .. تشبثت بيدها قبل خروجها ولكن لا فائدة تركتها معه وخرجت ..
جلس "يوسف" جوارها .. لم تعرض عنه ولم تنظر له .. ظل ينظر لها يراقب كل تفصيلة في وجهها حرم نفسه قبل منها .. حاول الوصول لقلب "رنيم" الذي لا يعرفه .. حاول التوغل لعقلها عله يعرف فيم تفكر .. حديثه مع والدها لم يرِحْه .. تحدث معه دون التطرق لأمر الطلاق .. وكأنه لم يحدث شئ .. تركه في حيرته لا يعرف شيئا ..
طال صمته وطالت حيرتها .. فقالت ساخرة :
- مخيبتش ظني فيك يا يوسف ..

- نعم ..
قالها حائرا ..

فأكملت :
- انا استغربت انك جيت ومشيت الصبح كدة من غير اوامر او خناق .. معلش اصلي مش متعودة يمر اليوم كدة من غير اوامر وسمع وطاعة .. أو خناق .. ولا يمكن قلت تعفيني النهاردة علشان مريضة .. بس انت عارف اني قوية علشان كدة جيت تعمل عادتنا اليومية اتفضل انا ادها ..

لن يمر ما فعله بها بهدوء .. هو يعلم ذلك .. لم يترك لها ذكرى واحدة تشفع له ما فعل .. كلها ذكريات سيئة .. تغاضى عما قالته وسأل :
- رنيم انتي ممكن تسيبيني ..

لماذا صوته مرهق أو حزين أو يتألم .. لماذا يقول ذلك .. وصباحا عندما قال ما قال .. لماذا تأثرت بصوته وتأثرت بنطقه لاسمها .. نظرت له قائلة :
- معلش اصلي مش متعودة اتسأل .. فعلشان كدة مش مستوعبة السؤال .. يعني انا فاكرة ان حاجة زي دي مليش اتدخل فيها .. تكمل معايا او تسيبني دي حاجة تخصك .. مش كدة ..

ثم أكملت بألم :
- وتفتكر انت المفروض اجاوب اقولك ايه .. تفتكر اني ممكن افكر كأي بنت بقلبها .. طيب دلوقتي انت موتت اي شعور جوايا بأي حاجة .. يعني محستش احساس اي بنت في اي حاجة بيننا لانها كلها كانت بدون ارادتي ..

يبقى افكر بالعقل .. اوك .. هعقل وافكر بعقلي .. المفروض افتكر اي حاجة حلوة بيننا تخليني متمسكة بيك .. علشان اكون منصفة لازم اخد فرصة وافكر .. اممم بصراحة مش قادرة افتكر .. ممكن اكون نسيت ففكرني انت ..
طيب .. سكوتك معناه انك انت كمان مش قادر تفتكر .. يبقى النتيجة ان الخطأ كان مشترك بيننا .. بس هو انا في يوم يا يوسف عملت فيك اللي يخليك تعمل فيا كدة .. هل انا في يوم عطلتك عن شغلك او اتسببت ان مستواك يقل في شغلك .. هل كنت سبب انك تتعرض للوقف عن العمل .. واحتمال تتمنع من مزاولة المهنة ..

ثم انطلقت دموعها التي لم تستطع حبسها وهي تكمل :
- عارف يوم ما اتقدمت لي .. رغم انك حرمتني من حقي اني افرح .. بس كنت فرحانة .. وعمرها ما حصلت اني افرح لما حد يتقدملي .. واللي اتقدمولي كتير على فكرة بمناسبة الغرور يعني .. ورغم الكلام اللي قلتهولك في التليفون .. انا كنت موافقة .. وكتب الكتاب .. رغم الخطة اللي انت عملتها الا اني بردو فرحت وفرحت جدا كمان .. بس انت مهانش عليك تخليني افرح .. كنت فاكر لما تقولي الكلمتين دول هتهز ثقتي في نفسي .. لا على فكرة بقى مش كلامك اللي هيأثر فيا .. انا عارفة اني جميلة .. وجميلة جدا كمان .. مش هيفرق معايا رايك انت ..

عارف يا يوسف انا اتمنيتك اخ قبل ما اتمناك زوج .. بس عرفت ان مش كل حاجة بنتمناها بتكون خير لينا ..
بابا لما قالي على موضوع الطلاق انا رفضت ومتسألنيش عن السبب ..
وقف "يوسف" وجلس أمامها على فراشها .. في عمره كله لم يشعر بالندم كما يشعر به الآن .. مد يده ليمسح دمعها فأدارت وجهها .. بعد ما أصابها التوتر باقترابه .. فأمسك وجهها يلفه ناحيته .. ومسح دمعها وهو يقول :
- انا مسافر اسبوعين وهسيبك تفكري براحتك .. بس مش هقولك فكري في حاجة تشفع لي عندك .. ومش هقولك فكري بعقلك او بقلبك .. بس هقولك اني رغم كل اللي عملته فيكي .. فانا كنت ومازلت وهفضل احبك .. ومش هقدر اسيبك او اعيش من غيرك ..

ثم وقف يقبل رأسها قائلا :
- مع السلامة .. اشوفك بخير ان شاء الله ..

غادر وتركها عينيها المتسعة زادت اتساعا .. قلبها شعرت أنه توقف عن العمل للحظة ثم عاد يعمل بجنون .. جف ريقها .. وتوردت وجنتاها .. وبردت أطرافها وفجأة اختفت من عقلها كل ذكرى سيئة بينهما .. ولم تعد ترى أمامها سوى "يوسف" الذي كان يحدثها بحبه لها الآن ..


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-15, 11:54 PM   #19

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السابع عشر

طــارق لفتت نظره عندما رآها مع "نور" لشعوره بشئ مألوف فيها ثم زاد فضوله عندما وجدها تنظر له بشدة سؤال عابر سأله لـ"نور" عن كيفية معرفتها بها لما أخبرته شعر بشئ ينبض بداخله تجاهها فقط تعرفت عليها لتجعلها تبتسم وتخرجها من ضيقها لكن بقي فضوله يزداد .. أين رآها قبل .. ولماذا حدقت به بشدة ..
لما رآها مهمومة في المرة الثانية .. شعر أنه قرب من تذكرها .. لقد تحدث معها قبل .. ولكن حدث في نفسه شئ لرؤيتها كذلك .. فاقترب منها رغم أنه لم يفعلها من قبل .. حتى حديثه الذي قال لم يخطط له .. وقف أمامها وتحدث بم جال في خاطره حينها .. ولما سار خلفها .. ثم رآها ترتمي على صدر "باسل" .. شئ يقيني في عقله أخبره أن هذا أخاها .. هذا لن يكون زوجها .. نفس الشئ الذي جعله يوقن أنها ستكون زوجته هو .. لن تكون سوى له هو .. قد يكون خاطر أو وهم .. ولكن ذلك الشئ هو ما جعله يذهب يوميا ينتظر رؤيتها حين دخولها المدرسة أو الخروج منها .. ثم اصطنع مواقف وأفكار جعلته يتعرف على "باسل" حتى أصبح في فترة قصيرة صديقه الحميم وكذلك "يوسف" ..
إلى أن أصبح رؤيتها بالنسبة له حياة .. لا يمر يومه دونها .. في إجازات نهاية الأسبوع .. يشعر بصداع قاتل صباحا وعصرا موعد رؤيته لها .. وكأنه أدمنها .. فقرر يخبرها ما سبب تردده في الزواج بها .. ولكنه تردد .. كيف يخبرها بما يمنعه .. مؤكد سترفضه .. ولكن لربما تقبل ما لم يتقبله هو ..
حسم أمره منذ رأى "ريحانة" معها .. آذاه بشدة أن تخاف منه وهو من المفترض عليه حمايتها .. وبقي فترة يتردد حتى في حسم الأمر .. حتى تذكرها .. تذكر أين رآها من قبل .. وجود "ريحانة" هو من ذكره .. فقد رآها هي الأخرى .. قرر حينها الذهاب إليها ..
كان يتمنى سماع صوتها .. في كل المرات التي رآها لم يسمع صوتها .. ماذا يكون صوتها .. أيكون عذبا ناعما .. أم يكون رقيقا جميلا .. قد يشبه صوت نغمات يحبها .. أو سمفونية مفضلة يسمعها .. أزعجته "ريحانة" بشدة وهي تقطع تأمله وأحلامه .. بسببها لم يسمعها ..
مزعجة "ريحانة" تلك .. حتى يوم رآها قبل في النادي .. كانت هي من وترته وهو يحاول إنقاذ "ريم" .. كانت تبكي بشدة جعلته يتشتت .. على عكس "رنيم" كانت هادئة تحاول تهدئة "ريم" ..
لم يسمع صوت "ريم" في هذا اليوم أيضا .. فلشدة حرجها من وجود رجال حولها وضيقها كذلك .. كانت تتألم في صمت .. يومها جذبه لها شئ غريب لا يدري كنهه .. ولكن مر الأمر بسلام لأنه لم يراها بعدها ..
وأخيرا قرر سيتزوجها .. ولأنه تأخر في قراره .. فقد أتى ما يؤخره أكثر .. فقد كانت أمامه طيلة الفترة الماضية .. ولكن حين قرر جاءه ما يعيقه .. كما أعاق هو الأمر قبل ..
نفس الشئ الذي يعيقه عن كل شئ في حياته .. سيثور ويغضب ولكن لن تفيده ثورته ولا غضبه .. يثور وحده ويغضب وحده ..
دخلت "نور" لتجده يلملم أشياءه بسرعة غاضبة في حقيبة سفره .. لا تعرف كيف تمتص غضبه .. تخشى أن تفتح فمها فيثور عليها .. حتى لا مجال لديها لتمرح معه .. ماذا تفعل .. رفع رأسه وجدها واقفة .. تراجعت خوفا منه .. فسحب نفسا عميقا وهو يقول :
- تفتكري اعمل فيه ايه .. طيب دة ابويا .. تعرفي لولا انه هددني بميراث العنود مكنتش سافرت له ..

اقتربت منه قائلة :
- ماما قالتلك انها متنازلة عن ميراثها .. علشان خاطري متعملش في نفسك كدة ..

ثار قائلا :
- دة حقها ولازم تاخده .. هو عارف ان العنود نقطة ضعفي علشان كدة بيضغط عليا بيها .. كل شوية عاوزني اسافر له علشان اتعرف على مراته الجديدة مرة وعلشان اعلم مراته الجديدة الشغل مرة .. كأني العبد الحبشي اللي مأجرة لمرتاته ..

حاولت "نور" التبسم قائلة :
- هي دي مراته الكام .. التلاتين باين ..

ابتسم هو الآخر ليقول :
- والله ما عدت عارف له .. دة هيدخل موسوعة بعدد اللي اتجوزهم .. انا اهم انجاز عملته في حياتي اني طلقت امي منه ..

اقتربت منه لتقول :
- معلش انت عارف لانك الولد الوحيد بيحبك وبيعمل معاك كدة واخواتك كلهم بنات .. يعني لما يحتاج لحد هيروح للبنات ..

رد ساخرا :
- لا انا عارف انه بيحبني .. وواثق من دة جدا .. انا بس عاوزه يحب العشر بنات زي ما بيحبني ..

ضحكت قائلة :
- خالاتي العزيزات فكرتني بيهم .. كلهم زعلانين منك وبيقولولك هو عشان العنود الكبيرة تزورها هي وهما لا ..

ابتسم قائلا :
- لما ارجع من رحلة المرمطة دي ان شاء الله هزورهم .. المشكلة مش في زياراتهم .. المشكلة في زياراتهم وزيارات امهاتهم .. انا مش عارف بابا بيفتكرهم ازاي ..

قالت باسمة :
- وهو هيفتكرهم ليه وهو مطلقهم .. والله يا طارق انت مش عارف هما بيحبوك ازاي وبيدعولك .. رغم انك الصغير بس بيعتبروك ابوهم .. متحرمهمش من زياراتك دي .. دول نفسهم تتجوز علشان يشوفوا ولادك ويردولك ولو جزء من اللي بتعمله معاهم ..

ضغطت على جرحه فرد بألم :
- وتفتكري مين هيجوزني بنته لو عرف ان ابويا كدة .. بيتجوز ويطلق زي شرب المية .. اكيد اي حد هيخاف على بنته مني .. هيخاف لاطلع زي ابويا ..
ثم تنهد وهو يقول :
- عارفة انا ممكن اسامحه على اي حاجة .. الا انه يكون السبب في ضياعها مني .. ساعتها عمري ما هقدر اسامحه ..

ثم عاد ليكمل ما يفعله وهو يتنهد بحسرة مكتومة ..

على رفرفة قبلاتها على وجهه استيقظ "باسل" .. فتح عينيه وهو يقول مبتسما :
- يا صباح الفل والياسمين على عيون حبيبة بابا ..

تجعد وجهها وهي تبتعد قائلة بضيق :
- يا سلام بقى .. هو مش في وردة اسمها روح ليه مش بتقولي يا صباح الروح يعني .. ولا الفل والياسمين احسن ..

أغمض عينيه وهو يقول ضاحكا :
- بس كدة .. يا صباح الروح على عيونك .. كدة كويس ..

ابتسمت قائلة :
- اه كدة كويس .. اصحى بقى انا صاحية من ساعة ما رجعت من الصلاة ومش نمت تاني ..

رد وهو مازال مغمضا عينيه ليقول :
- طيب ايه رأيك لو سيبتيني انام كمان نص ساعة .. واصحى فايق واقعد معاكي كمان ..

تركت سريره وهي تقول عابسة :
- حاضر ..

بينما عاد هو لنومه مجددا ..
-----------------------
جلست في الحديقة تنتظر وصول "ريم" حتى تقلها لعملها .. ثم تذهب هي الأخرى لعملها .. أثناء انتظارها .. وصلت حافلة "روح" الخاصة بالمدرسة .. ثم رأت "روح" تذهب نحوها ببطء .. غضبت من "باسل" لما تذكرت رفضه لذهاب "روح" مع "ريم" بحجة اعتمادها على نفسها .. تنهدت "ريحانة" وهي تذهب نحوها قائلة :
- روح .. تعالي يا حبيبتي ..

ذهبت "روح" نحوها وهي تقول عابسة :
- نعم ..

هبطت "ريحانة" لمستواها وهي تقبل يدها قائلة :
- مالك يا قلبي زعلانة ليه ..

احتقن وجه "روح" كمن أوشكت على البكاء وتمنع نفسها قائلة :
- زعلانة من بابا ..

سألت "ريحانة" :
- ليه بس .. دة بابا بيحبك خالص والله .. حد يزعل من باباه اللي بيحبه ..

سالت دموع "روح" وهي تقول :
- معدش بيحبني يا ريحانة ..

قالت "ريحانة" وهي تمسح دموعها :
- مين اللي قالك كدة

شهقت "روح" قائلة :
- هو معدش بيلعب معايا .. ومش بيفسحني يوم الجمعة .. ومش بيرضى يكلمني خالص .. وكل شوية يقول تعبان من الشغل .. شغل شغل شغل ..

ابتسمت "ريحانة" وهي تضمها لها قائلة :
- لا طبعا ايه الشغل الوحش دة .. طيب حقك عليا انا .. انا هخليه يصالحك ويعتذر لك كمان ..

ثم ابتعدت عنها قائلة :
- ثواني بس اخلي الباص يمشي .. وتيجي معايا انا وريم ..

ذهبت لتخبر السائق بالذهاب ثم عادت لـ"روح" قائلة :
- دلوقتي هتيجي معايا انا وعمتو .. وبعد المدرسة نروح مع بعض المكان اللي تحبيه اتفقنا ..

أومأت "روح" برأسها .. ثم جاءت "ريم" فقالت :
- ايه دة انتي لسة هنا ليه ..

ردت "ريحانة" :
- هتيجي معانا .. عندك اعتراض ولا ايه ...

ابتسمت "ريم" لتقول :
- اعتراض .. وانا اقدر .. دة انا عربيتي هتتشرف بوجود حبيبة عمتو ..


في السيارة .. كانت "ريم" تقول :
- ريحانة قلت لك هوصلك الاول يعني هوصلك الاول ..

قالت "ريحانة" باستنكار :
- وليه يا بنتي .. انا خلاص اتعودت على مواصلتين ..

قالت "ريم" بإصرار :
- لا .. انا متعودتش اتعبك معايا كدة .. ميهونش عليا كل يوم اخليكي تيجي معايا للمدرسة وبعدين ..

ثم سكتت عندما لاحظت وجود "روح" التي لا تخفي شيئا عن والدها .. وكذلك قصدت "ريحانة" إسكاتها فقالت :
- انا لازم اجي معاكي المدرسة طبعا علشان اوصل روح حبيبتي بنفسي ..

ردت "ريم" بضيق :
- يا ريحانة السبب اللي كنا بنعمل كدة علشانه خلاص اختفى بقاله كم يوم .. وانا مرتاحة جدا الحمد لله ..

سألت "ريحانة" لتتأكد مم تفكر فيه :
- يوسف كلمك ..

ردت "ريم" بغضب :
- اه كلمني امبارح .. وصوته تعبان جدا .. ومش عاوز يقولي ماله .. وخفت اسأل رنيم يكونوا متخانقين ومش عاوزة تقول .. فسكت اعمل ايه يعني ..

تنهدت "ريحانة" وهي تقول :
- متكلمتيش مع باسل ..

ردت "ريم" بغضب :
- اتكلم معاه ليه يعني .. واتكلم معاه في ايه .. وبعدين هو انا بلاقيه علشان اتكلم معاه ولا اعرف حتى ماله ..

سكتت "ريحانة" وهي تضم رأس "روح" لصدرها في المقعد الخلفي .. سكتت لأنها تأكدت من الشئ الذي يغضب "ريم" ..
أن يوليك أحد ما اهتماما خاصا ثم تعيش أنت على اهتمامه كأنه الهواء وفجأة يسحب هذا الشخص اهتمامه دون مقدمات تشعر حينها باختناق وضيق كأن الهواء يسحب من رئتيك سحبا ولكن هل ستلومه أم تلوم نفسك أنك اتخذت الهواء من أناس زائلين وعلقت حياتك وآمالك على اهتماماتهم ستلومهم ولهم عذرهم على ما فعلوه .. أم تلوم نفسك التي ليس لها عذر في تعلقها ..
----------------------
ضاقت بـ"ريحانة" .. فهي تعودت على تدليل خاص من الجميع .. تعودت حين تحزن تجد الجميع حولها .. حتى "باسل" تجده بسخريته ولكن تجده .. أما الآن فقد ضاقت بالجميع حولها .. عليها أن تتحرك لإسعادهم .. ولم تتعود هي على ذلك .. كانت تلك مهمة "ريم" .. ولكن حتى "ريم" مهمومة ..
مشكلتها تكمن في أنها ستبدأ بـ"باسل" .. فبيده أن يدخل السرور على "روح" و"ريم" .. أما عن "رنيم" فأمرها مع "يوسف" يسير .. غياب "باسل" المستمر عن المنزل كان يريحها فهي غير مضطرة لرؤيته ليل نهار .. ولكن يبدو أن الأمر يرهق "ريم" و"روح" لذلك ستتحدث وتتحلى بشجاعتها لأجلهما ..
انتظرته في الحديقة طويلا .. هي تعلم أنه يعود متأخرا .. ولكن هي غير متعودة على الانتظار .. كما أنها لا تريد لجدها السهر أو الجلوس انتظارا .. خشيت على تعبه فطلبت منه الذهاب للنوم .. لتواجه معاناة أخرى .. أن تبقى ليلا في الحديقة وحدها .. ثم تتحدث مع "باسل" وحدها .. ليت "باسل" كان أمامها لتضربه حتى توجعه ..
وأخيرا وصل .. عندما رأت سيارته وقفت في موضع يراها حين يدخل .. ذهب بسيارته لمكانها .. ثم عاد لـ"ريحانة" .. وكالعادة كان يبدو عليه الإرهاق .. وبصوته المرهق سألها :
- ايه اللي موقفك كدة .. وصاحية ليه لحد دلوقتي ..

أشفقت عليه لما رأت إرهاقه .. رغم أنها كانت مستعدة لثورة تخرج فيها خوفها وغضبها .. فقالت بهدوء :
- انا كنت عاوزة اقولك حاجة .. كنت مستنياك ..

رد بإرهاق :
- طيب ممكن بسرعة لأني مش قادراقف على رجلي ..

ذهب عنها إشفاقها وعادت لها ثورتها وهي تقول :
- يعني روح عندها حق .. علطول تقولها انك تعبان وعندك شغل .. ومعدتش بتشوفها ولا بتقعد معاها .. على فكرة بقى كانت بتعيط النهاردة بسببك .. وكمان ريم لو سألتك انت تعرف هي فرحانة ولا زعلانة هتعرف ترد .. طبعا لا .. انت ممكن تشتغل وفي نفس الوقت تهتم ببنتك واختك على فكرة .. بدل ما انت سايبهم كدة بعد ما عودتهم على اهتمامك بيهم ..
ثم أخفضت صوتها وهي تقول هامسة :
- انا مش عاوزة ريم تعرف اني قلتلك حاجة .. خالص .. دي ممكن تزعل مني ..
ثم عادت لتقول ثائرة :
- والله حرام عليك تخلي روح تعيط كدة .. حرام يعني لو حسستها بشوية اهتمام .. اه وفيه حاجة كمان خالتو تعبت تاني .. التعب بتاع المرارة ومرضيتش ناخدها لدكتور عشان انت مش موجود .. وكمان جدو نفسه يشوفك .. بس انت عارف انه مستحيل هيقولك كدة ..

أول رد فعل كان استفاقة مفاجئة من إرهاقه وهو يسمع صوتها العالي بقدر يتناسب مع رقتها .. ثم شعور بالحزن تجاه ابنته .. وكذلك "ريم" .. ثم شعور بالتقصير نحوهما .. وفجأة ابتسم حين همست .. ليعود متفاجئا حين علا صوتها ثانية .. ثم يصعق حين تخبره بمرض أمه .. ثم جده .. ولكن أين هي من كل هؤلاء .. ألم تتأثر بغيابه مثلهم .. ألم يضنيها شوقها لأبيها وأخيها مثلهم ..
أنهت ثورتها وتركته وصعدت ..
وقف لبرهة يستوعب ما سمع .. ثم نظر لها وهي تغادر بسرعة غاضبة اعتادها منها .. ثم صعد خلفها للطابق الذي يقطنه .. دخل غرفته مباشرة فالمكان كله يعلوه هدوء تعوده عند عودته .. كانت "ريم" تنتظره في البداية ولكن طلب منها الا تنتظره كما أنه كان يلقي عليها سلاما جافا ويدخل لغرفته ..
الآن شعر بقيمة وجودها في حياته .. كان يلقي سلامه البارد عليها دون قصد .. نظرا لشدة إرهاقه .. ولما عاد مرة لم يجدها تنتظره راوده شعور بالشجن ولكن لم يكتمل .. عود نفسه عليه ..
استلقى على سريره بألم .. وكل ما قالت "ريحانة" يتجسد أمامه .. قام ليتوضأ ويصلي قيامه .. بدأ الصلاة ثم في الركعة الثانية سمع طرقات على الباب ثم شعر بدخول شخص ووقف وراءه يصلي .. انهى صلاته .. والتفت ليجد "ريم" .. أكملت صلاتها ثم قالت وهي لا تنظر له :
- يلا كمل .. انا عاوزة اصلي وراك .. ممكن ..

أمسك وجهها يلفه نحوه قائلا :
- طيب هتصلي ورايا ازاي وانتي مش عاوزة تبصيلي ..

وجد عينيها دامعة فاقترب منها يحتضن وجهها بكفيه قائلا :
- وبتعيطي كمان .. هو انا مزعلك اوي كدة ..

علا نشيجها وهي تضع رأسها على صدره وتنتفض بعنف .. فزع وهو يهدهدها .. لم يتخيل يوما أن ما فعله دون قصد قد يفعل بها ذلك .. حتى في سفره لم يكن يهملها يوما .. كيف نسي نفسه إلى هذا الحد .. خاصة أن "يوسف" هو الآخر غائب .. حتى قبل في وجوده كان منشغلا بخطيبته .. هو أيضا انشغل في عمله بشدة ..
هي لم تطق كتمان مشاعرها كل هذا الوقت .. ولم تطق أن تخفي عن "باسل" ما تشعر به .. تعلم رغم انشغاله إلا إنه سيسمعها .. ويساعدها على تجاوز ما بها ..
أفرغت كل ما فيها على صدره حتى أغرقته .. فابتعدت عنه وهي تبتسم قائلة :
- انا اسفة .. بوظت هدومك خالص ..

ضحك وهو يمسح ما تبقى من دموعها قائلا :
- لا وحطالي كحل كمان علشان تكمل .. ولا انتي حطاه مخصوص علشان تخلي منظر هدومي كدة ..

ضحكت ثم تكلمت بكل ما يخص "طارق" .. ثم سكتت وانتظرت رده .. في حديثها حاولت بقدر الإمكان ألا تدين "طارق" ..
سمع وهو يشعر بندم أن تركها كل هذا الوقت دون أن يطمئن عليها .. دون أن يسمعها ويفتح معها حواراتهما السابقة ..
بعد ان انتهت حاول التبسم قائلا :
- انا محتاج قهوة وبلكونة .. ايه رأيك نقوم نعمل قهوة ونيجي نقعد قعدة من بتوع زمان ..

نظرت له قائلة :
- بس كدة .. مش هتعمل حاجة ..

ضحك قائلا :
- لا ما انا هجهز العصاية .. وانتي تعمليلي قهوة ..

حملقت فيه قائلة :
- بجد ..

رد قائلا :
- قومي يا ريم .. قومي ربنا يهديكي .. انا محتاج قهوة ..

حضرا القهوة ثم عادا ليجلسا في شرفته .. ظل يحتسي قهوته بشرود وهي تنظر له تنتظر حديثه .. بعد فترة نظر لها قائلا :
- اشربي قهوتك ..

احتست قهوتها وقلقها يزداد .. لماذا سكت .. أنهى قهوته ثم نظر لها قائلا :
- يعني انتي قابلتيه من 3 سنين .. وبعدين حلمتي بيه السنة دي .. وافتكرتي انك اول مرة تشوفيه في الحلم .. وبعدين شفتيه في الواقع .. وعرفتي اسمه ووظيفته وسنه كمان ما شاء الله لا ومتجوز ولا لا من نفسك .. وبعدين شفتيه كتير مش عارفة ازاي .. وبعدين لقيتي نفسك بتفكري فيه كتير .. فحسيتي انك كدة بتعملي حاجة غلط فجيتي قلتيلي .. صح ..

أومأت وهي تشعر بجفاف حلقها .. فاقترب منها قائلا :
- طيب بما انها قاعدة صراحة بقى .. تقوليلي كل حاجة .. يعني انتي فاكراني هيتضحك عليا بالكلمتين دول ..

زاغ بصرها وهي تسأل :
- كل حاجة ازاي ..

عاد للخلف وهو يقول :
- طيب انا هسأل وانتي تجاوبي .. هو اللي كلمك وقالك البطاقة الشخصية بتاعته ..

ابتلعت ريقها وهي تقول :
- اه .. بس انا مردتش عليه .. وكمان هو مضايقنيش ومعمليش حاجة .. يعني قالي كدة وبس ..

قال :
- ماشي هعديها .. ولما بقيتي بتشوفيه كتير .. مش عارفة ازاي بردو ولا هو اللي كان بيجي يشوفك ..

توترت وهي تجيب :
- والله يا باسل انا كنت بشوفه واقف بعيد بس ولا مرة حاول يكلمني لما كنت لوحدي بس لما بقت معايا ريحانة جه كلمنا الاسبوع اللي فات بس حتى ريحانة هي اللي ردت عليه ومديتوش فرصة يقول حاجة هو بس قال انه عاوز يقولي حاجة قبل ما ييجي يتقدم لي بس مقالش ..

تنهد "باسل" ثم رفع رأسه ينظر للسماء .. وبعد برهة قال :
- ومتقدمش ..

وجمت قائلة :
- باسل انا معملتش حاجة غلط ..

رد قائلا :
- عارف .. انا اللي غلطت ..

قالت بصوت باكي :
- بتتريق ..

نطر لها قائلا :
- لا والله ابدا .. انا فعلا اللي غلطت .. وبعدين يا قلبي انتي اغلى من انك تعلقي قلبك بحد ميستحقكيش ..

نظرت له قائلة :
- ميستحقنيش ..

ابتسم قائلا :
- انتي متأكدة انك متكلمتيش معاه خالص ..

ردت مدافعة :
- ابدا والله العظيم ..

ضحك قائلا :
- خلاص مصدقك من غير ما تحلفي .. بس اللي يستحقك هيجيلك لحد عندك في بيتك ويطلبك .. مش هيتصرف تصرفات العيال دي ..
ثم انتقل ليجلس جوارها قائلا :
- وبعدين يعني لما تخافي تخلي ريحانة معاكي .. وانا رحت فين .. من بكرة ان شاء الله تنسي عربيتك دي .. هتروحي وتيجي معايا ..

أومأت وهي تستند برأسها على صدره قائلة :
- حاضر .. بس انت مش زعلان مني ..

ابتسمت وهو يقبل رأسها قائلا :
- لا انا زعلان من نفسي اني سيبتك كل دة لوحدك .. بس من النهاردة مش هسيبك ان شاء الله .. والبشمهندس دة بقى سيبيهولي ..

ابتعدت عنه لتقول في فزع :
- هتعمل فيه ايه ..

نظر لها مستنكرا .. فأخفضت بصرها .. فأمسك يدها يوقفها قائلا :
- متخافيش مش هموته .. بس مش شايفة انك مزوداها شويتين تلاتة كدة ..

سارت جواره وهي تقول :
- انا خايفة عليك لتورط نفسك في حاجة ..

ابتسم قائلا :
- خايفة عليا .. اه .. طيب يلا يا حبيبتي نكمل صلاة .. وبعدين نشوف هنعمل ايه في الموضوع دة ..

-------------------------
مر على سفره أسبوع ولم يهاتفها برأت "رنيم" من مرضها وعادت لعملها لم تذهب بسيارتها احتراما له وذهبت مع أبيها رغم أن الطريقة التي تركت بها سيارتها لم ترضها ولكن شعورها وهي تذهب مع والدها احتراما لطلبه كان غريبا لا تميزه أهو سعادة أم فخر ولكن هي تعيش في دوامات السعادة منذ اعترف لها بحبه ..
شعور غريب عليها أن يحبها شخص وأن يكون قلبه لها وفقط أن يعتذر عما فعله فيها ويشعر بالندم لأجلها لم لا تسامحه إذا لولا علمها أن طبيعته غير التي أظهرها لما سامحته .. لن تحبه "ريم" أو حتى "ريحانة" إن كانت تلك طبيعته لن تحدثانها عنه كأنه فارس أسطوري لن تخبرها "ريحانة" أنها لن تندم معه ..

ولكن لماذا لم يحدثها طيلة الأسبوع الماضي أيكون تركها تفكر كما قال في أي شئ تفكر لقد اتخذت قرارها قبل ذهابه كيف يجعلها تغير كل مشاعرها نحوه في اسبوع واحد .. أم أن هذه مشاعرها منذ البداية ولكن وئدت تحت معاملته القاسية لها ..
اشتاقت له ويأبى كبرياؤها أن تهاتفه هي لماذا لم يطمئن حتى على صحتها تعرف أخباره من "ريم" و"ريحانة" حين يتحدثن عنه كأنه يهاتفها هي الأخرى سمعت "ريحانة" تقول أن صوته يوحي بتعب أو حزن تقطر قلبها ألما كادت تهاتفه حينها ولكن شعرت بخجل مميت أن تبدأ هي .. كيف تتحدث معه وبأي شئ تبدأ ..
بعد وصولها لعملها في أول يوم لها بعد مرضها .. حاولت الدخول بثقتها المعتادة .. ولكن هناك شئ يمنعها .. تشعر أن الجميع ينظر نحوها .. لم تتعرض لتقصير في عملها من قبل .. وصلت مكتبها حيث "نهلة" التي استقبلتها بترحاب كبير .. ثم دخلت خلفها قائلة :
- ايوة يا عم جاي ونافش ريشك علينا بقى ..

ابتسمت "رنيم" لتقول :
- اهو الحسد دة اللي جايبنا ورا .. يعني تبقى المصايب دي كلها فوق راسي وانتي تقولي نافش ريشك .. انا رايحة اشوف هيتحقق معايا امتى بعد اذنك ...

اندهشت "نهلة" قائلة :
- ايه دة انتي متعرفيش اللي حصل ولا ايه ..

التفتت لها "رنيم" قائلة :
- ايه اللي حصل ..

ابتسمت "نهلة" قائلة :
- اللي عمله الفارس الهمام علشانك ..

ضحكت "رنيم" قائلة :
- ما تقولي يا بنتي فيه ايه علطول .. فارس ايه اللي بتتكلمي عنه ..

اقتربت منها "نهلة" لتقول برقة مصطنعة :
- الدكتور يوسف ..

قطبت "رنيم" ما بين حاجبيها قائلة :
- اتكلمي كويس يا نهلة .. وخلي الرقة دي لزوجك .. وقولي ماله يوسف ..

ضحكت "نهلة" قائلة :
- زوجي حبيبي ابو ولادي .. اما عن بعلك بقى فسوى الهوايل .. بصي يا ستي .. اول حاجة عملها مشكلة التحقيق .. مش عارفة ازاي طلب شهادة كل وكلاء النيابة اللي اشتغلتي معاهم .. وكلهم جم .. وشهدوا بحسن السير والسلوك لحضرتك .. فاضل ايه بقى .. الدكاترة اللي اشتغلوا معاكي في القضية دي قالوا ان الخطأ غير مقصود وقدموا الادلة على كدة .. وبكدة انتهى التحقيق على غرامة مالية عقابا لاهمالك .. هي كبيرة شوية بس هو دفعها .. اما عن الرسالة .. فضل ورا الدكتور عبد العظيم لغاية ما أقنعه ان المناقشة بتاعتك تبقى بعد 3 اسابيع من النهاردة .. اما عن تقييم الشهر اللي فات فدة للاسف مفيش منه مفر سوى انك تشدي حيلك الشهر دة وتثبتي انك احسن دكتورة هنا زي ما كنتي ..

جلست "رنيم" وهي تضع يدها على وجهها تتمتم :
- الحمد لله .. اللهم لك الحمد والشكر ..
ثم رفعت نظرها لـ"نهلة" قائلة :
- انتي متأكدة ان يوسف عمل كدة ..

ابتسمت "نهلة" لتقول :
- زي ما انا شايفاكي قدامي دلوقتي ..

بسرعة أمسكت هاتفها وأرسلت له رسالة محتواها "شكرا يا يوسف" ..
-------------------
رغم فظاظته معها التي لم يعهدها في نفسه .. ورغم معاملته الجافة ظاهريا لها .. إلا أنه كان يراها يوميا .. يسمع صوتها وهمسها .. لكن أن يبقى أسبوع دون رؤيتها .. دون صوتها .. دون سحر عينيها .. أن يحرم نفسه من ابتسامتها التي عادة ما تكون ساخرة .. ولكن حتى في سخريتها فهي ساحرة ..
لكم أضناه شوقه لها .. وكم اشتاق لحديثه معها .. لا يعرف كيف يمنع نفسه عن مهاتفتها .. ولكن يخشى أن يضغط على أعصابها .. هو يريد أن يريحها منه قليلا .. ولكن هو من يريحه ؟! .. يكلم "ريحانة" و"ريم" يوميا عساهما تأتيان باسمها أو تخبرانه عنها أي شئ .. ولما ضاقت به .. سأل "ريحانة" فهي على علم مسبق بما بينهما .. ومن خلالها كان يطمئن عليها ويعرف أخبارها .. ريحانته الجميلة كانت تخبره بكل ما يريده .. ورغم ذلك كان بحاجة لسماع صوتها هي ..
حتى وصلت رسالتها "شكرا يا يوسف" .. شعر بسعادة عظيمة لسعادتها .. قد يكون ما فعل تعويض عما مضى .. ولكن من يعوضه هو على ما ضيعه دون أن يخبرها بمشاعره ويستمتع بالحديث والحوار معها .. دون أن يعرف أجمل ما فيها وركز فقط على مساوئها ..
تردد في الرد .. ماذا يقول .. أيحدثها أم يرسل لها رسالة مكتوبة .. بأي شئ يبدأ وماذا يكتب .. لو تحدث لقال كلاما كثيرا .. ولو كتب لكتب شعرا .. ظل في تردده حتى سكت وتراجع ..
هي انتظرت طويلا .. سيتحدث أم سيبعث لها برسالة .. لو تحدث بماذا سترد .. ولو تلقت رسالة ماذا سيكتب .. ولما طال انتظارها يئست ..
في الليل صلت"رنيم" قيامها ثم قرأت وردها قبل نومها .. ومنذ سفره لم تعد تنم مباشرة .. بل تظل ساهرة على فراشها تفكر فيه .. وحين يرهقها تفكيرها تنام لتحلم به ..
هو الآخر وصل شوقه لذروته لم يعد قادرا على الاحتمال ..
فقرر الاتصال فقط سيسمع صوتها .. فقط لن يتحدث .. وقام بأمر الاتصال ..
كانت قد ذهبت في نوم قلق .. وحين سمعت هاتفها قامت فزعة .. لم تصدق الصوت الذي سمعته .. قبل كانت تخصص له نغمة حتى لا تنظر لهاتفها حين تسمعها ولا ترد .. وقبل كانت تعتبر نغمته تلك شيئا مزعجا لا تطيق سماعها .. لكن لماذا أصبحت فجأة ممتعة .. جميلة .. أصبحت كالماء لظمآن ..
بلهفة أمسكت هاتفها وهي تجيب :
- يوسف ..

تتابعت أنفاسه بشوق ولهفة وهو يسمع صوتها ولم يرد .. فقط يريد أن يسمعها ..
رددت هي :
- يوسف انت كويس ؟ ..

ابتسم ثم رد :
- طالما سمعت صوتك بقيت كويس ..

كان السكوت من نصيبها هذه المرة .. وتتابع الأنفاس بشوق ولهفة كان لكليهما .. وبقيا يستمعان لصوت أنفاسهما دون حديث .. حتى قطع "يوسف" الصمت قائلا :
- هو انا ممكن اقولك وحشتيني ..

تنحنحت ولم ترد وشعرت بالدم يأتي فجأة لوجهها .. فضحك قائلا :
- اعتبر النحنحة دي وانا كمان ..

ابتسمت .. ثم قالت لتغطي خجلها :
- انا متشكرة على اللي انت عملته ..

سكت لبرهة ثم قال :
- ممكن دة يكفر عن اللي ..

قاطعته قائلة :
- يوسف خلاص .. الغلط كان مشترك بينا ..

ابتسم وقال :
- يعني لو قلت لك تسامحيني هتسامحيني ..

تنهدت ثم قالت :
- صدقني يا يوسف والله خلاص معدتش بفكر في اللي حصل .. ياريت بس انت ماتاخدش عني فكرة غلط تاني .. يعني ممكن تواجهني وتسألني عن أي حاجة .. لكن متعاملنيش على راي انت كونته في دماغك ملوش اي اساس ..

سكت وسكتت .. ثم عادا لحديث الصمت مجددا .. قطعته هي هذه المرة قائلة :
- احم .. المؤتمر .. كويس ..

ابتسم قائلا :
- اه كويس جدا وبيسلم عليكي ..

ضحكت وضحك .. وطال حديثهما .. حتى طلع الفجر فقالت :
- يوسف ..

- نعم ..
- الفجر
- لسة ساعتين ..
- لا دة عندك انت .. الفجر أذن عندي ..
- طيب صلي واكلمك تاني .. انتي كدة كدة مش هتلحقي تنامي ..
- انا رأيي اروح أأجل الرسالة ست شهور تاني علشان نفضى للكلام بقى ..
- رنيم ..
- نعم ..
- انتي روحتي بعربيتك ..
- انت رأيك ايه ..
- مش عارف .. حسب انتي شايفة الحكاية بالنسبة لي ايه .. يعني انتي شايفاها تحكم ولا خوف عليكي أو غيرة ..
- مش الأولى ..
- باباكي اللي وصلك ..
- اه .. احم الفجر .. سلام
- سلام ..
كما بدل مشاعرها تجاهه في أسبوع واحد .. استطاع أن يكسر الحدود بينهما في سويعات ..
بعد أن أغلقت بعث لها برسالة
"فإذا وقفت أمام حسنك صامتا .. فالصمت في حرم الجمال جمال
كلماتنا في الحب تقتل حبنا .. إن الحروف تموت حين تقال "

قرأتها ثم تمتمت :
- صمت !! .. لما كل دة صمت امال لو اتكلمت هتقول ايه ..

------------------
لها يومان مع "باسل" .. شعور افتقدته منذ زمن .. أصبحت تحدثه بكل شئ .. لو مرت بمكان ذكرها بـ"طارق" تخبره .. لم ينظر لها بنظرة لوم أو عتاب .. فقط يحتوي مشاعرها .. ثم يتعمد ألا يمر بذلك المكان .. وهي تلاحظ .. ولا تتكلم ..
حتى وصل "طارق" .. وجدته يقف أمام سيارة "باسل" ثم يسلم عليه بترحاب شديد كأنه صديقه .. لمحها فبدا عليه المفاجأة التي لم تفت "باسل" والذي بدأ يجمع الخيوط في عقله .. ثم فجأة ضغط بيده على يد "طارق" التي مازال يمسكها .. ونظر له نظرة لائمة .. ثم استأذنه وعاد لسيارته ..
شغل سيارته ثم قال بعد فترة :
- دة طارق ..

نظرت له بخوف شديد ثم أومأت ..
فضرب مقود السيارة بقبضة يده .. ثم تمتم قائلا :
- لسة جاي تطلبها دلوقتي يا طارق .. ماشي .. اما نشوف ..


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-09-15, 12:08 AM   #20

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثامن عشر

- ريحانة ..
- نعم ..
- انا بحبك اوي ..
تركت "ريحانة" ما في يدها ثم فتحت ذراعيها قائلة :
- وانا كمان بحبك اكتر ..

جاءت "روح" إليها قائلة :
- شكرا علشان خليتي بابا يقعد معايا ..

ابتسمت "ريحانة" قائلة :
- هو احنا عندنا كم روح .. ولو زعلك تاني قولي لي بس ..

قالت "روح" باسمة :
- ايوة هقولك علشان خليتيه يفسحني كمان .. وقالي متزعليش ..

ضحكت "ريحانة" قائلة :
- يا حبيبتي هو عمل كدة علشان بيحبك وميقدرش يزعلك .. وكمان علشان انتي بنوتة جميلة ومش بتزعل بابا منها ..

ابتعدت "روح" عنها قائلة :
- انا عاوزة اعرف انتي بتعملي الحاجات دي ازاي ..

نظرت لها "ريحانة" قائلة :
- حاجات ايه ..

قالت "روح" وهي تشير :
- الحاجات اللي ع اللاب دي ..

ضحكت "ريحانة" قائلة :
- اه دة شغلي .. برمجة .. بصي تعالي اقعدي جنبي وشوفيني وانا بشتغل اتفقنا ..

اعتدلت "روح" لتجلس جوارها بينما استأنفت "ريحانة" عملها .. فقالت "روح" :
- وكمان عاوزاكي تعلميني انتي ازاي بتحافظي ع الورد اللي في الجنينة تحت ..

- حاضر ..
ثم قالت "روح" :
- والطيور اللي ع السطح .. ازاي بتسيبيها تطير وبعدين بترجع تاني .. وليه بترشي حبوب على السطح .. وحوض السمك بتأكليهم ايه ..

- طيور !! .. حاضر .. الحبوب اللي برشها ع السطح .. علشان لو اي طير شافها ياكلها .. والطيور دي لما نطلع هقولك ازاي بترجع .. وحوض السمك لما اخلص هقوم اوريلك .. اتفقنا ..
أومأت "روح" وهي مازالت تنظر للشاشة لترى "ريحانة" تعمل ثم قالت :
- وكمان عاوزة اجي معاكي دار الايتام ودار الناس الكبار ..

- ناس كبار ؟؟ .. ايه دي ..
ردت "روح" وهي مندهشة من "ريحانة" ومن قدرتها على العمل والحديث في وقت واحد :
- دار الناس الكبار العواجيز ..

- دار المسنين ..
ابتسمت "روح" قائلة :
- اه هي دي .. هو عمو يوسف جاي امتى ..

- النهاردة بالليل ان شاء الله .. بالليل متأخر بعد ما تنامي ..
نظرت لها "روح" قائلة :
- ريحانة ..

- نعم ..
سألت "روح" :
- انتي ازاي بتعملي كدة ..

- بعمل ايه ..
قالت "روح" :
- بتكلميني وبتشتغلي .. الاتنين مع بعض .. بابا مش بيعرف يعمل كدة .. لما اكلمه بيسيب شغله علشان يرد عليا .. او يقولي استني لما اخلص ..

- دة حسد بقى .. بصي يا قلبي .. انا بعرف اركز في اكتر من حاجة في نفس الوقت .. بابا مش بيعرف يعمل كدة بس ..
ابتسمت "روح" قائلة :
- يعني انتي كدة اشطر من بابا ..

وضعت "ريحانة" حاسبها المحمول جانبا وهي تقول ضاحكة :
- يا بنتي سيبينا نبقى اشطر من باباكي دة في حاجة .. وبعدين دي اسمها قدرات .. وعادة معظم البنات عندهم القدرة دي .. لكن الولاد مفتكرش ..

ضحكت "روح" وهي تصفق قائلة :
- هييييييييه يعني انا كمان اشطر من بابا .. صح ..

أومأت "ريحانة" قائلة :
- طبعا صح .. ممكن بقى اكمل شغلي ..

ابتسمت "روح" قائلة :
- اه .. انا هقوم اقف في بلكونتك .. بلكونة بابا فوقها علطول صح ..

- اه ..
فتحت "روح" الباب قائلة :
- يعني لو هو فوق يشوفني ..

- لا .. يسمعك بس لو كلمتيه .. ومش هيشوفك الا ..
نظرت لها "روح" قائلة :
- الا ايه ..

نظرت "ريحانة" تجاهها قائلة :
- مش هيشوفك يا حبيبتي .. لو عاوزاه نادي عليه هيسمعك ..

خافت أن تخبرها أنه سيراها إن مدت رأسها للخارج قليلا .. لو فعلتها ستفقد توازنها وتقع ..
ابتسمت وهي تعود لعملها ثم تسمعها تنادي والدها .. ولم تكتمل ابتسامتها .. وقفت فزعة وهي تسمع صوت "باسل" الذي يصيح في فزع :
- روح ارجعي ..

خرجت شرفتها بسرعة لتجدها كما توقعت .. تقف على مقعد عالي وتمد رأسها للخارج وكادت أن تسقط .. بسرعة لا تعلمها جذبتها للداخل ثم وضعتها على فراشها .. وجلست جوارها تلتقط أنفاسها .. ثم سمعت صوت جرس الباب لم تستطع الحركة .. فهي تشعر بتوقف ذراعيها وعجز قدميها عن الحركة ..
قامت "روح" لتفتح الباب .. فوجدت أباها أمامها والذي التقطها هو الآخر بين ذراعيه بفزع قائلا :
- حبيبتي انتي كويسة ..

أومأت وهي تقول :
- اه .. بس ريحانة بتعيط جوة .. هي شالتني بسرعة وودتني للسرير وبعدين قعدت تعيط ..

خرج الجد في هذا الوقت قائلا :
- فيه ايه يا ولاد .. كنت بتزعق ليه يا باسل ..

وقف "باسل" قائلا :
- خير يا جدي .. بس معلش شوف ريحانة .. تقريبا اتفزعت ..

تركه ودخل لـ"ريحانة" وجدها جالسة على فراشها في صمت مذهول .. جلس جوارها قائلا :
- حبيبتي .. انتي كويسة ..

نظرت له ثم شهقت بعنف وهي ترتمي على صدره قائلة :
- جدو ..

سمعها "باسل" في الخارج فاقترب من بابها قائلا :
- ريحان .. خلاص .. محصلش حاجة .. انا اسف ..

تمسكت بجيب جدها وهي تبكي بشدة .. بينما كان الجد يربت على ظهرها قائلا :
- خلاص يا حبيبة جدك .. اهدي بقى ..

----------------------
عودة "يوسف" أثارت في نفوس كل منهم شعورا خاصا .. ولكن شعور "رنيم" بعودته كان فريدا .. فمنذ حديثها معه .. لم يمر يوم دون حوار خاص .. تخبره عن يومها ويخبرها عن يومه .. ثم يتحدث بمشاعره نحوها .. ودورها أن تتحدث بحديث آخر حتى تخفي خجلها .. ليعود بمرحه لمشاعره فإما أن تغلق هاتفها أو تسكت عن الحديث ..
بسهولة أخذها "يوسف" لعالمه دون مجهود منه .. أصبحت ترى الحياة بعين "يوسف" .. خالية من التعقيدات والتشاؤم .. حياة كلها سعادة واطمئنان .. أصبحت تحب شكلها الذي يتغزله .. وتحب عقدها التي يسخر بها .. نسيت اعتراضها على سنّه الصغير من وجهة نظرها .. ونسيت اعتراضاتها على الرجال أجمع ..
كل يوم يمر تنتظر حديثه بكل شوق .. بين مذاكرتها تنظر بين الفينة والأخرى لهاتفها .. سيبعث برسالة أو يقوم باتصال .. ليفاجئها برسالة قائلة "ركزي في مذاكرتك" .. تضع هاتفها على الوضع الصامت وتنشغل في عملها .. وحين تنتهي تجد اتصالات ورسائل أولها "ما بتصدقي تجري على رسالتك .. طيب لما تخلصي كلميني" .. لا تعرف كيف يفكر وكيف يعرف فيما تفكر .. ولكن دائما تكون سعيدة ..
اليوم سيصل .. تشعر بضيق أن موعد وصوله سيكون في وقت متأخر من الليل .. كانت تتمنى رؤيته .. ظلت ساهرة تتابع وصوله بالهاتف .. كل دقيقة تريد الاطمئنان عليه .. وصل أم لم يصل بعد .. تعلم أنه سيكون مع "باسل" لذلك حاولت التماسك حتى لا يلاحظ "باسل" اتصالاتها .. ولكن لم تستطع .. أصابها ضيق مفاجئ .. لماذا أصبحت كذلك .. حاولت العودة لهدوئها ورصانة عقلها .. لكن "يوسف" لم يترك لها عقل ..
هو نفسه كان سعيدا باتصالاتها .. إن أنهت اتصالها .. يهاتفها هو مجددا .. حتى لاحظ "باسل" الذي يقود سيارته فقال :
- ما تهدى شوية يا روميو ..

ضحك "يوسف" قائلا :
- وانت مضايق نفسك ليه .. واحد ومراته .. ايه الناس الحشرية دي يا رب ..

ابتسم "باسل" قائلا :
- ربنا يهنيك .. انا قلت حاجة ..

كانا قد وصلا للمنزل .. فقال "يوسف" :
- باسل .. انزل ..

نظر له "باسل" قائلا :
- طيب ما انا هنزل .. وانت كمان هتنزل ..

ابتسم "يوسف" قائلا :
- قلت لك انزل .. وبطل رغي بقى .. 20 دقيقة وراجع ..

ضحك "باسل" قائلا :
- اه .. طيب .. متتأخرش علشان ماما بتستناك ..

قاد "يوسف" سيارته متجها لمنزل "رنيم" .. وصل عندها ثم اتصل فأجابت :
- وصلت ..

ابتسم قائلا :
- اه وصلت .. وبشتغل شغل المراهقين كمان ..

ضحكت قائلة :
- مش فاهمة .. شغل مراهقين ازاي ..

- عاوز اشوفك ..
- افندم .. تشوفني اللي هو ازاي يعني حضرتك ..
- افندم وحضرتك .. طيب ممكن ارضى لو شفتك من بعيد .. اخرجي البلكونة ..
- يوسف انت تحت .. ثواني ثواني ..
ألقت هاتفها وهي تبحث بسرعة عن اسدال الصلاة ونقابها .. ارتدتهما كما اتفق وخرجت لشرفتها .. وجدت سيارته فحملقت فيها علها ترى طيفه .. ترك سيارته ووقف أمامها .. قرب هاتفه لأذنه ثم قال :
- ايه اللي مخرجك دلوقتي يا هانم ..

- والله .. يعني انا اللي خرجت .. طيب سلام بقى .. وروح بيتكم ..
- استني يا نيمو .. تطرديني كدة .. من غير حمد الله ع السلامة ..
- حمد الله ع السلامة .. يلا سلام ..
- استني بس .. انتي مؤكد مجنونة .
- مش اجن منك .. روح سلم على مامتك زمانها مستنياك .. حرام عليك يا مفتري ..
- مفتري كمان .. طيب ادخلي جوة وكلي عيش في البلد دي .. وحسابنا بكرة ان شاء الله ..
- سلام يا حبيبي ..
قالتها وأغلقت هاتفها وهي تدخل غرفتها بأسرع مم خرجت ..
- رنيم .. استني .. قلتي ايه يا بت انتي .. ماشي يا رنيم هنتفاهم بكرة إن شاء الله ..
وعاد لمنزله سعيدا حالما ..
-------------------------
لم يستطع "باسل" الصعود دونه .. فهو يعلم أن أمه تنتظر عودته بلهفة .. فانتظره حتى يعود .. ولم يتأخر "يوسف" في عودته .. ولكن كانت "ريحانة" هي الأخرى في انتظاره في شرفتها .. رأت سيارته عندما تركها "باسل" فعلمت أن "يوسف" سيذهب لـ"رنيم" أولا .. حركت رأسها في اندهاش باسم .. ثم عادت تجلس في شرفتها تنتظره .. مازالت تسري في جسدها رعشة منذ فزعها على "روح" .. لا تدري كيف أتت بقوة لتجذبها بعنف وتحملها حتى فراشها .. ولكن صوت "باسل" الفزع هو من أعطاها قوة دفع لتفعل ذلك ثم بعدها خارت قواها وهي لا تشعر بشئ .. لولا وجود خالتها و"ريم" يسريان عنها .. بعد ان فشل جدها في تهدئتها .. كانت تركز في حاسبها المحمول بشدة حين سمعت سيارة "يوسف" وقفت لتتأكد من عودته .. ثم تركت شرفتها وهي تذهب إليه بسرعة خاطفة ..
لم يكد "يوسف" يترك سيارته حتى وجد "ريحانة" أمامه .. تلقاها بين ذراعيه وظل يدور بها .. رآهما "باسل" فراوده شعور الغيرة كالذي شعر به وهو صغير عندما بدأت "ريحانة" تتعلق بـ"يوسف" .. فسخر من نفسه وهو يذهب نحوهما قائلا :
- ايه يا عم روميو .. مش كفاية عليك جولييت واحدة ..

ابتعدت "ريحانة" عن "يوسف" في حرج .. ولكن لم يفلتها "يوسف" وهو يحيطها بذراعه قائلا لـ"باسل" :
- مالك يا باسل .. اسيبك اسبوعين تبقى حقود كدة .. وبعدين لسة جولييت التالتة .. ريم .. ولسة الأميرة الصغيرة .. ولسة ماما .. كلهم جولييت .. متدخلش انت بس ..

ثم نظر لـ"ريحانة" قائلا :
- عاملة ايه يا قلبي ..

- بخير يا حبيبي والله طالما شوفتك ..
قال "باسل" ساخرا :
- قلبي وحبيبي .. اجيب شجرة واتنين ليمون بالمرة ..

ضحك "يوسف" قائلا :
- اه يا ريت يا باسل .. وواحد يعزف لو سمحت ..

تبرم "باسل" وهو يتركهما قائلا في ضيق :
- طيب يلا ماما مستنياك .. وبطلوا الدلع الفاضي دة ..

نظرت "ريحانة" لـ"يوسف" قائلة :
- هو فيه ايه ..

غمز لها "يوسف" وهو يقول ضاحكا :
- سيبك منه .. متركزيش معانا .. ويلا علشان كدة خالتك هتعلقني ..

----------------------
في مكتبه بالجامعة لا يستقبل "باسل" ضيوف أو أصدقاء فقط وقته يخص طلابه منذ يومين يأتيه شخص لا يعرفه ولا يترك بياناته فقط يطلب مقابلته ولكن تقابله سكرتيرته بالرفض في اليوم الثالث قرر أن يعرف من هذا الشخص الذي يصر على مقابلته دون ملل فطلب من سكرتيرته أن تخبره حين يأتي وهذا ما حدث فخرج ليجد "طارق" ..
زفر في ضيق ثم قال :
- تعالى يا طارق .. اتفضل ..

دخل "طارق" شعوره بالحرج يسبقه .. جلس "باسل" خلف مكتبه وعاد لينشغل في عمله .. ولم يعير "طارق" أي اهتمام ..
تنحنح "طارق" قائلا :
- باسل .. متصعبش الموضوع عليا لو سمحت ..

رفع "باسل" رأسه ينظر له قائلا :
- الموضوع صعب لواحده يا طارق طيب تعالى نعكسها واعتبر ان انا اللي عملت في حد من اخواتك كدة او حتى بناتهم وانا هرضى برد فعلك اللي انت هتعمله ساعتها انا هعمله لو انت هتاخد الموضوع عادي انا معنديش مشكلة وهاخده انا كمان عادي ..

طأطأ "طارق" رأسه ولم يرد .. بينما عاد "باسل" لعمله مجددا .. بعد دقائق رفع "طارق" رأسه قائلا :
- طيب ايه اللي يرضيك وانا اعمله .. غير انك ترفض طلبي ..

نظر له "باسل" قائلا :
- انت لسة مصمم على طلبك دة ..

قال "طارق" :
- فيه ايه يا باسل هو كان لعب عيال ..

رد "باسل" :
- اللي انت عملته هو اللي لعب عيال ..

تنهد "طارق" قائلا :
- خلاص بقى يا باسل .. قلت لك والله ما قصدت اضايقها ولا اخوفها .. وما قصدتش الحاجات الغريبة اللي انت فاهمها دي ..

قال "باسل" بهدوء :
- ماشي يا طارق انا لولا اني عارفك وعارف اخلاقك مكنتش عديت الموضوع دة على خير وطلبك دة كنت هرفضه من قبل ما تقوله كمان بس دلوقتي الموضوع اتعقد اكتر ..

وقف "طارق" قائلا :
- ليه بقى انت مش قلت مش هتاخدني بذنب ابويا وكمان خلصنا من موضوع اني بشوفها في المدرسة ده يبقى فين المشكلة دلوقتي ..

أجاب "باسل" :
- المشكلة ان ابن عمها اتقدم لها .. وهي لازم تاخد وقتها علشان تختار بينكم ..

جلس "طارق" قائلا :
- نعم .. بس انا اللي اتقدمتلها اول ..

ابتسم "باسل" قائلا :
- المهم هي عاوزة مين .. مش مين اتقدم الاول ..

هدأ صوت "طارق" قائلا :
- يعني هي ممكن ترفضني ..

رفع "باسل" كتفيه قائلا :
- الأمر يرجعلها .. ومتنساش ان ابن عمها متفوق عنك في ميزة .. دخل البيت من بابه .. من غير مقدمات .. مع انه ممكن يكلمها بحجة انه ابن عمها ..

وقف "طارق" قائلا بحسرة :
- متشكر يا باسل .. بس انا حابب افكرك اني معملتش فيها حاجة ..

ثم تركه وخرج .. بينما تنهد "باسل" في ضيق .. قد يكون "طارق" شخص يتمناه لأخته .. رغم عيب أبيه .. ولكن ما فعله جعله يتردد في الموافقة .. كيف يأتمنه على "ريم" .. الأمر بالنسبة إليه صعب ..
-----------------------
قبل موعد ذهابها لعملها بساعة استعدت "رنيم" للخروج .. لا تعرف كيف ستواجهه .. وماذا ستقول .. حديثهما في الهاتف كان يريحها قليلا .. بسبب حاجز المسافات .. حاجز التخفي .. فقط صوته .. ورغم ذلك كان يخجلها .. كيف برؤيته إذا .. خاصة بعد كلمتها التي قالتها أمس ..
المواجهة صعبة لا مفر .. ولكن لماذا تخاف منها .. لم تخف من أي مواجهة قبل .. ولم تتردد في فعل شئ قبل بهذه الطريقة ..
صلت الضحى قبل خروجها .. ثم جلست تنتظره مع والديها .. ولم تسلم من تعليقات أمها .. وهي تعلم أنها لن تسلم .. ولكن كانت ترد عليها بمرح لم تعتاده أمها .. وصل "يوسف" فتوترت وغزا وجهها حمرة لم تفت والديها .. سلم "يوسف" عليهما ثم أخذ "رنيم" وخرجا بعد محايلات أمها أن يفطرا معهما .. ولكن لـ"يوسف" تخطيط آخر ..
جلسا في سيارته .. ساد الصمت ولم يتحرك .. نظرت له "رنيم" قائلة :
- ايه ..

رفع كتفيه قائلا :
- ايه؟؟ .. يعني دي اول كلمة اسمعها منك .. مفيش حمد الله ع السلامة يا حبيبي ..

نظرت أمامها قائلة :
- حمد الله ع السلامة .. خلاص ..


ابتسم قائلا :
- خلاص ؟؟ .. هو انا بشحت ..

عقدت ذراعيها وهي تقول :
- يوسف بقى .. انت مش هتفطرني .. ولا مخرجني جعانة وخلاص ..

ضحك قائلا :
- جعانة !! .. المفروض ان دي الكلمة المناسبة للجو الشاعري اللي احنا فيه ..

ضحكت وهي تنظر له قائلة :
- لا بت هي الكلمة المناسبة ..

شغل سيارته وهو يقول :
- وست البتات كمان عندك اعتراض .. ومتبصيليش كدة تاني .. عشان فيه حاجات بتحصل انتي متعرفيهاش ..

عادت بظهرها للخلف وهي تقول :
- بس متقولش بت بردو .. انا بعترض ..

رد قائلا :
- ماشي يا بت ..

- يوسف !! ..
- تفطري ايه ..
- اي حاجة ..
- عيش وجبنة كويس ..
- اه كويس جدا .. روحني يا يوسف روحني .. ماله فطار ماما بس ..
-----------------------
أنهى "باسل" عمله وعاد مبكرا .. ظل في حديقة منزله جالسا .. إلى الآن لم يخبر "ريم" عن "طارق" أو ابن عمها .. ولا يعرف لماذا يتردد .. في الأصل زواج "ريم" أمر صعب عليه تقبله رغم سعادته به .. فهي حين تتزوج ستبقى في مكان غير مكانهم .. وتعيش مع رجل مازال يعتبره غريب عليها .. أن تبقى ابنته كل هذا العمر ثم فجأة تصبح ابنة لآخر .. حين تبكي سترتمي على صدر غيره .. وحين تضعف ستحتاج لغيره .. ولكن ماذا إن تسبب زوجها هذا في أذيتها .. ماذا إن أبكاها أو جرحها .. ممكن أن تخفي عليه ما قد يفعله بها زوجها .. كما أخفت عليه ما فعله بها "طارق" من قبل .. الأمر يحيره بشدة .. "طارق" أم ابن عمه .. ابن عمه أم "طارق" .. يعلم أن الاختيار سيكون لها وهو يعلم من ستختار .. لكن هو مع من سيطمئن عليها ..

وقت الغروب .. تخرج "ريحانة" للحديقة الخلفية .. تكون وحدها أو معها "ريم" أو "روح" .. إن كانت وحدها فهي تنشغل بحاسبها المحمول الذي لا يفارقها .. أو تهتم بالمزروعات في الحديقة ..
عندما وجدت "باسل" أمامها ألقت عليه السلام وأكملت مسيرها .. لم يرد عليها لأنه لم يسمعها .. التفتت له لتجده ينظر أمامه بشرود .. استأنفت مشيها وهي في حيرة من أمرها .. فلم ينظر لها ولم يحدثها أو يعلق تعليقا سخيفا كيوم أمس .. تمنت لو تذهب لتسأله ما به .. ولكن خجلت من أن تفعل .. وقفت بعيدا تراقبه .. حتى جاء "يوسف" .. رآها فاختفت عندما نظرت له وجدته ينظر لها بتساؤل .. تمنت لو تبتلعها الأرض ولم يراها .. ماذا سيقول عنها الآن .. وإن سألها بم ستجيب ؟! ..
نظر لها "يوسف" بحيرة يائسة ثم عاد ينظر لـ"باسل" .. ثم اقترب يجلس جواره .. قائلا :
- خير .. مالك ..

تنهد "باسل" قائلا :
- ريم .. متقدملها عريسين ..

ابتسم "يوسف" وهو يقول بسعادة مختلطة ببعض شجن :
- ودة اللي مزعلك اوي كدة .. مين ؟

رد "باسل" :
- مش زعلان .. بس متأثر بأنها ممكن تسيبنا مش اكتر .. اما بقى مين .. الاتنين محيريني .. طارق .. وحسام ابن عمك ..

اعتدل "يوسف" ناظرا له :
- حسام ابن عمك .. وعرفناه .. مين طارق بقى ..

نظر له "باسل" قائلا :
- طارق صبري ..

ابتسم "يوسف" قائلا :
- ابن طنط سوسو .. لا طبعا .. وكمان حسام ابن عمك لا طبعا ..

ضحك "باسل" قائلا :
- ليه بقى .. يعني الاتنين لا ..

رد "يوسف" :
- طارق كويس بس انت عارف يعني ايه عنده عشر اخوات بنات .. ازاي بقى اسيب اختي تعيش معاه كدة وانا مش عارف اخواته ممكن يعملوا فيها ايه .. مش عارف هو طبيعة تعامله معاهم ازاي .. يعني ممكن يكونوا هما اللي بيمشوه مثلا ..

أشار "باسل" برأسه أن لا قائلا :
- لا لا انا واثق ان طارق مش كدة خالص .. ولو دة سبب رفضك يبقى ملوش داعي .. رافض ابن عمك ليه بقى ..

رفع "يوسف" رأسه ينظر للسماء قائلا :
- علشان طلب ريحانة قبل كدة واترفض ..

وقف "باسل" قائلا بغضب :
- افندم .. طلب مين .. امتى دة حصل .. وازاي انا معرفش ..

وقف "يوسف" قائلا :
- وتعرف ليه .. هو اتقدم وهي رفضته وانت مسافر .. وبعدين مش قلت قبل كدة ان دي حاجة تخصها .. وانت ملكش دعوة ..

رد "باسل" بنفس الغضب :
- انا قلت كدة علشان جدك هو اللي طلب اني مدخلش .. وبعدين ازاي حسام دة يطلب ريم بعد ما طلب ريحانة ..

قال "يوسف" :
- انت بجد حيرتني يا باسل يعني انت زعلان انه طلب ريم بعد ما طلب ريحانة ولا زعلان انه طلب ريحانة اصلا ..

- الاتنين ..
قالها دون تفكير .. ثم ندم ..

بينما ابتسم "يوسف" قائلا :
- والله .. خلاص يبقى نفكر في طارق ..

جلس "باسل" قائلا :
- طارق !! .. طيب قول لجدك بقى .. لو وافق نبقى نقول لريم ..

تركه "يوسف" ليخبر جده .. وجلس هو يفكر في "ريم" ولكن أشرك "ريحانة" هي الأخرى في تفكيره .. لماذا غضب من أن ابن عمه تقدم قبل لخطبتها .. رغم أنه يعلم أخلاقه وكذلك فرح لخطبته "ريم" لولا ظهور "طارق" الذي علم كم يحب "ريم" .. وهو يعتبر "ريحانة" كـ"ريم" .. إذا لماذا غضب بعد ظهور الفارس الذي دائما ما يخبرها أنها تستحقه .. كل مرة كان يتألم لحبها له .. كان يقول أنها تستحق فارس .. وبعد أن جاء الفارس ثار وغضب .. قد يكون لأن ابن عمه غير مناسب لصغيرته "ريحانة" .. مؤكد أن هذا سبب غضبه .. هو مناسب لـ"ريم" .. لكن غير مناسب لـ"ريحانة" .. شخصية "ريم" تختلف عن شخصية "ريحانة الهادئة الرقيقة ..
---------------------
بعد مناقشات ومشاورات .. أخبر "باسل" "ريم" بأمر "طارق" .. ولكن بقي هو مترددا في الموافقة وأخبرها بتردده ..
كصديقتها سرقت فرحتها .. تردد "باسل" وكذلك "يوسف" ومن بعد أمها في الموافقة جعلها هي الأخرى تتردد .. جدها هو من وافق دون تردد بعد سؤاله المتفحص عن "طارق" ..
كذلك "ريحانة" و"رنيم" .. كلتاهما غضبت من "يوسف" و"باسل" .. تكلمت "رنيم" مع "يوسف" وبعد حوار طويل أخيرا اقتنع ووافق .. فهو لم يكن معترض على شخص "طارق" .. وبقي "باسل" .. وكذلك بقيت العيون كلها تتجه لـ"ريحانة" .. وبالتالي شعرت بضعف موقفها .. فكيف تقنعه .. وكيف تتحدث معه .. في كل مرة تكلمه تضغط على نفسها بشدة وتهيئ نفسها للحديث معه قبلها بساعات .. فمجرد وقوفها قريبة منه يصيبها بالتوتر ..
وجدته يجلس في الحديقة وهي واقفة بشرفتها .. ذهبت إليه بتردد شديد .. ثم وقفت أمامه قائلة :
- السلام عليكم ..

نظر لها قائلا :
- وعليكم السلام .. خير ..

نظرت أرضا وهي تقول :
- خير ان شاء الله .. انا كنت عاوزة اقولك حاجة يعني .. علشان ريم .. وكدة يعني ..

رفع رأسه للسماء وهو يقول بضيق :
- ريحانة لو هتتكلمي عن طارق يبقى يفضل انك تطلعي وتسكتي ..

عقدت ذراعيها قائلة :
- يا سلام ليه بقى يعني .. انا حرة اتكلم في اللي انا عاوزاه بقى .. هه .. وبعدين يعني انت ليه مش موافق ..

وقف قائلا :
- شئ ما يخصكيش دة اولا .. ثانيا بقى حسابنا بعدين .. بقى تتكلمي وتردي عليه عادي كدة .. ومتقوليليش انه حاول يتعرض لكم ..

ابتعدت خطوة وهي تقول :
- انا بعرف ادافع عن نفسي كويس ولما احتاجلك ودة مش هيحصل هبقى اقولك .. وبص بقى يا باسل لو دة سبب رفضك .. فانت كدة قدام خيارين .. اما انك تمشي ورا تفكير مجتمعي متخلف بانك ترفضه لانه اتكلم معاها مع ان نيته كانت سليمة وكان عاوز يقولها حاجة بخصوص انه يتقدملها وانا بصراحة شايفة انه كان صح في انه يقولها على موضوع باباه واخواته دة .. والخيار التاني انك تنفذ كلام الرسول عليه الصلاة والسلام لما قال لم يرى للمتحابين الا الزواج .. وانا واثقة بقى انه بيحبها وجدا كمان .. وهي كمان حاسة بميل ناحيته وعملت استخارة ومرتاحة .. يبقى ليه بقى ترفض .. اما عن حكاية انه بيستناها عند المدرسة فمش انت بقى اللي تحاسبه لما يغلط ولا انت اللي تحكم عليه .. دي حاجة في ايد ربنا وبس .. تصبح على خير ..

دون أن تسمع رده تركته وغادرت .. عادتها الجديدة معه .. تتركه في حيرة من أمره .. بين ذهول مما سمع واقتناع بما تقول ..


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:26 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.