آخر 10 مشاركات
7 - غراميات طبيب - د.الأمين (عدد حصري)** (الكاتـب : سنو وايت - )           »          الدخيلة ... "مميزة & مكتملة" (الكاتـب : lossil - )           »          قلوب تحترق (15) للكاتبة الرائعة: واثقة الخطى *كاملة & مميزة* (الكاتـب : واثقة الخطى - )           »          ملكه للأبد (12) للكاتبة Rachel Lee الجزء الثانى من سلسلة التملك.. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          صفقة زواج(103) -قلوب غربية- للكاتبة الرائعة: * رووز *[حصرياً] كاملة & الروابط * (الكاتـب : رووز - )           »          قراءة في مقال ثلث البشر سيعيشون قريبا في عالم البعد الخامس (الكاتـب : الحكم لله - )           »          إشارة ممنوع الحب(57) للكاتبة jemmy *متميزة* كاملة (الكاتـب : Jamila Omar - )           »          أحلام بعيــــــدة (11) للكاتبة الرائعة: بيان *كامله & مميزة* (الكاتـب : بيدا - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          انها زوجتي (3) *مميزة ومكتملة*... سلسلة قلوب منكسرة (الكاتـب : هند صابر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > القصص القصيرة (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-10-16, 06:32 PM   #1

joo candy

? العضوٌ??? » 380796
?  التسِجيلٌ » Aug 2016
? مشَارَ?اتْي » 3
?  نُقآطِيْ » joo candy is on a distinguished road
Rewitysmile9 أحببت مرضي ___ كامله


أحببت مرضي

تأليف / كاندي جو



( جين هوفن ) احد كبار رجال الأعمال في العالم … لديه مؤسسه تجاريه عملاقه ورثها عن والده و هو في الخامسة والعشرين من عمره … تزوج جين من ( تارا ) الابنة الثانية لعائله ( مان ) … لم يكن زواجا مرتبطا بقصه حب … إنما تزوجا زواجا تقليديا عن طريق العائلتين … هذا لا يعني أنهم يكرهون بعضهم أو لا يحبون بعضهم … على العكس كانت تجمعهم علاقات قويه ربما اقوي من الحب … كانت تارا فتاه مهذبه هادئة لديها حس دعابة لطيف كانت مثالا حسنا لكل فتاه من عائله راقيه … أما جين فهو رجل طيب القلب ذكى و متقن في عمله و يعامل زوجته معامله جيده .
بعد سنوات قليله من زواجهما أنجبا طفلهما الأول ( كريس ) .
كان جين و تارا يحبون كريس جدا و يهتمون به جيدا … فقد كان كريس طفلا جميل الوجه هادئ و ذكى و بمساعده والدته أصبح الطفل الأكثر أناقة بين أصدقاءه فقد كان دوما يرتدى ملابس أنيقة جذابة تخبر كل من يراه انه من عائله ثرية .
أما جين فقد كان متعلقا جدا بكريس … كان جين يصطحب كريس معه إلى كل مكان يذهب إليه فهو يحب قضاء الوقت مع كريس كانت العلاقة بين جين و كريس علاقة مثاليه .
بعد مرور 10 سنوات على ميلاد كريس .
في احد الأيام أتى إلى مكتب جين رجل يدعى (سام) و شقيقته (سيلين) لمقابلته بخصوص مشروع جديد ... يبدو أن جين أحب الفكرة و استمرت المقابلات بينهم بشكل شبه يومي و لمده عده أشهر في تلك الفترة أصبح يقضي معظم وقته خارج المنزل و لا يهتم بكريس كثيرا .
و في احد الأيام تفاجأت تارا برجل أتى لمقابلتها ليسلمها ورقه طلاقها و إخبارها بزواج السيد جين من سيلين شريكته الجديدة بالعمل ... كان الخبر صاعقا لتارا لذا سقطت علي الأرض فاقده الوعي ... نقلت تارا إلي المستشفى حيث ظلت فاقده الوعي لفترة طويلة .
بالرغم من صغر كريس إلا انه كان علي قدر كبير من الوعي و الذكاء الكافي ليعرف أن تصرف والده كان ظالما ... لذا تناقش كريس مع والده في هذا الأمر ... لنقل أن كلمات كريس كانت حكيمة و لها تأثير قوي على من يسمعها ... لذا جين أوشك علي أن يقتنع برأي ابنه كريس ... لكن سيلين لم تكن امرأة سهله فقد كان بداخلها دهاء و خبث أكثر مما تتوقع ... فهي في النهاية المرأة التي حطمت تلك الأسرة و أقنعت جين بالزواج منها ... قامت سيلين بوضع كلمات كالسم برأس جين تجاه كريس ... ذلك السم انتشر في عقل جين فجعله يثور علي طفله ... لنقل أن إحساسه كأب جعله يتحمل كريس قليلا ... لكن كثره إلحاح كريس على والده جعل بركان الغضب يصب عليه ... فقد قال له والده بغضب شديد و عينين خاليتان من الحب : اذهب إلى تارا و توقف عن إزعاجي ... أنا لم اعد احتملك ... لقد أصبحت أكرهك من كثره حديثك عنها ... إن كنت تعتقد أن والدك ظالم لأنه تخلى عن والدتك فأنا لا أريد ابننا مثلك ... اذهب لعائله مان فأنا لا أريدك في عائله هوفن بعد الآن .
ثم استدعي السائق و قال له : خذ كريس إلى عائله مان و اخبرهم أن ولاء هذا الطفل لهم جعل والده يتخلي عنه فاعتنوا به .
كانت كلمات جين و نظراته كالسيف الذي مزق قلب هذا الصغير إلى قطع صغيره ... كان هذا كافيا ليدمر نفسيه هذا الطفل و يجعله في حاله يرثى لها ... لكن الأمر الذي زاد الوضع سوءا هو وفاه تارا بعد أن بقيت في غيبوبة لما يقارب شهرا ... هكذا أصبح كريس يعانى من أمراض نفسيه خطيرة ... في ذلك الوقت كانت عائله والدته تعتني به جيدا و كان المسئول عن علاجه (الدكتور مارك) و هو طبيب نفسي مشهور تربطه علاقة صداقه قويه بعائله مان ... كان الطبيب يصف الأدوية والمهدئات لكريس و يترك إحدى الممرضات لمراقبته فكريس لم يعد ذلك الشخص اللطيف الذي تعرفه ... لقد فقد عقله تقريبا لذا أصبح يصرخ و يضرب الحائط أحيانا حتى يتأذى جسده و أحيانا أخرى يكون ساكنا و لا يتكلم حتى و إن تحدثت إليه ... حاله كريس الحرجة جعلت كل من في المنزل قلقا على هذا الطفل و لكن لم يدم هذا طويلا فبعد أشهر قليله تحسنت حاله كريس و لكن تلك الأزمة التي مر بها تركت صدعا كبيرا في نفسه ... فقد أصبح كريس طفل شارد الذهن دوما لا يهتم بدراسته حتى أصبح غبي المدرسة لم يكن ذلك بسبب درجاته المتدنية فحسب و لكن بسبب مظهره أيضا فبعد وفاه تارا أصبح كريس يرتدى ملابس قبيحة و غير مرتبه ذلك ليس بسبب إهمال العائلة له و لكن بسبب طباعه الحادة فقد كانت جدته تحضر له ملابس أنيقة لكنه كان يرفض أن يرتديها ... و يرتدى قميص المدرسة الذي يحرص على أن يحضره كبيرا جدا بحجه انه مريح و بنطال لا تقل بشاعته عن القميص الذي يرتديه و ذلك بالإضافة إلى تسريحه شعره فقد كان شعره ناعم و طويل يصل إلى عينيه .
مرت سنه و أخرى تشبهها تماما و عده سنوات أيضا لا يختلفون عن السنتين الأولى و الثانية ... و أنهى كريس المرحلة الثانوية بدرجات سيئة و مازال يحافظ على لقب غبي المدرسة بجداره .
لذا قرر كريس أن يترك الدراسة و يبحث عن عمل ... هذا الأمر اعترضت عليه العائلة بشده و لكن أمام إصرار كريس و أسبابه القوية خضعت العائلة للأمر فلا يوجد سبب أقوى من كونه غبي لا يصلح لدخول الجامعة .
اقترح جد كريس عليه أن يعمل في إحدى شركاته لكن كريس رفض تماما قائلا : أريد أن اصنع مستقبلي بنفسي بدون مساعده .
كان هذا قرار لا يستطيع جده الاعتراض عليه فهو قرار يجب أن يتخذه كل رجل في بداية حياته .
بدء كريس في البحث عن عمل لكن الأمر لم يكن سهلا فهو لا يمتلك ميزه واحده تجعله يصلح لأي عمل ... لكنه في النهاية استطاع أن يحصل على عمل و يصبح عامل في مصنع للرخام لكن بسبب مكان العمل البعيد اضطر كريس للانتقال من قصر عائله مان إلى شقه صغيره قريبه من المصنع تقع في مكان لا يعيش فيه سوى أشخاص اكبر مشكلاتهم عدم وجود المال ... استمرت حياه كريس في كونها كئيبة و خاليه من الأصدقاء لمده عام بعد عمله في المصنع حتى ظهر (طونى) .
طونى شاب مرح ... له شخصيه رائعة ... و مظهر جيد ... بالإضافة إلى انه ذكى ... حسنا طونى شخص مثالي ... أو بالأحرى كان مثالي حتى وفاه والده منذ عامين ... بعد وفاه والده انقطع عن الدراسة و بدء يبحث عن عمل يوفر له المال ليتمكن من إطعام والدته و أخته الصغيرة ... استمر في العمل في المطاعم و المحلات و في النهاية حصل على عمل في مصنع الرخام ... لست ادري كيف تمكن طونى من التقرب من كريس لكنه نجح في تكوين صداقه قويه معه ... قويه بما يكفي ليحكى كريس ماضيه لطونى .
مضت عده سنوات أخرى و أصبح عمر كريس 26 عام .
و في احد الأيام لاحظ كريس وجود اضطراب بين العاملين لكن بسبب عدم تقربه منهم لم يسأل ... على عكس طونى الذي استطاع أن يعرف ما حدث و لكنه أخفى الأمر عن كريس .
هذا الأمر الذي أخفاه طونى هو أن صاحب المصنع قد قام ببيعه ... و هذا الاضطراب بين العاملين بسبب خوفهم على عملهم فربما يقوم المالك الجديد بعمل تعديلات في المصنع و قد تؤدى تلك التعديلات إلى خسارة عملهم في هذا المصنع ... فكما تعلمون يميل أصحاب المصانع إلى استخدام الآلات فهي لا تتلقى راتبا عند نهاية كل شهر ... لكن ليس هذا ما أخفاه طونى في الحقيقة لقد أخفى هوية المالك الجديد للمصنع السيد جين هوفن .
لكن إلى متى يمكن أن يخفى طونى الأمر ؟
بعد فتره قليله أتى السيد جين هوفن لزيارة المصنع برفقه زوجته سيلين و شقيقها سام .
حسنا لك أن تتخيل مدى صدمه كريس برؤية هؤلاء بعد كل تلك السنوات ... أما السيد جين لست أدرى هل هو لم يتعرف على ابنه الوحيد في وسط صفوف العاملين ... أم تعرف عليه و تجاهله !
لكن صدمه لكريس لم تدم طويلا فقد كان تدفق الذكريات في رأسه كالفيضان لم يتحمل كريس ذلك و فقد الوعي ... أسرع طونى إليه و حمله بمساعده عامل أخر إلى عيادة قريبه من المصنع و بعد عده دقائق استعاد كريس وعيه و بدون أن ينطق كلمه توجه إلى باب الخروج ... شكر طونى الطبيب و أسرع للحاق بصديقه ... سار كريس شاردا و طونى يسير خلفه .
ثم فجأة قال طونى لكريس : لا تعود إلى المنزل و أنت في تلك الحالة .
وقف كريس و قال بثبات كما لو انه يحاول أن يجد طريقه للهروب من تلك الذكريات : و هل تعرف طريقه للخروج من تلك الحالة ؟
قال طونى : بالطبع يوجد الكثير ... كريس استعد فجنون طونى يبدأ الآن .
قال كريس بحذر فهو يعرف أن جنون طونى لا حدود له : ماذا سنفعل ؟
قال طونى ضاحكا : لما تبدو خائفا هكذا ! نحن سنذهب أولا لنملئ معدتنا فلا يمكن أن يصبح الإنسان سعيدا و هو جائع .
قال كريس : حسنا ... و لكن إلى أي مطعم سنذهب ؟
قال طونى : يا الهي ... مطعم ! ... تقصد نذهب إلى مطعم و ندفع الكثير من المال مقابل طعام لا يشبع احد ... هل تخطط لأن نأكل في مطعم و أمي تعد أفضل طعام على وجه الأرض ... اتبعني إلى منزلي كريس .
توجه كريس إلى منزل طونى حيث رحبت والده طونى به و أحضرت له طعام ليس لحم و ليس باهظ الثمن لكنه لذيذ جدا ... بعد أن انتهوا من تناول الطعام حضرت شقيقه طونى التي لا تقل في الشغب عن شقيقها ... و استمرت في إزعاجهم فتره ليست قصيرة ... لكن إزعاجها على الرغم من أن الجميع يتذمرون منه و يخبرونها أن تتوقف لكنهم في الحقيقة يكونون مستمتعين به جدا حتى كريس .
بعد أن غادر كريس و طونى المنزل ... سأل كريس طونى : أين سنذهب الآن ؟
قال طونى على الفور : ملهى ليلى .
قال كريس غاضبا : لقد علمت انك تخطط لشيء أحمق بعد أن قلت (استعد فجنون طونى يبدأ الآن ) ... سأعود للمنزل ... وداعا .
قال طونى بسرعة : انتظر ... إذا لنذهب للجلوس على ضفة النهر .
يبدو أن كريس أحب الفكرة فوقف و قال : حسنا .
ذهب كريس و طونى إلى النهر و جلسا هناك بصمت لفترة طويلة ... حتى أصبحت الساعة الحادية عشر مساء ... عندها قال طونى : كريس انهض هذا يكفى لدينا عمل في الصباح ... لنعود إلى المنزل الآن .
عاد طونى إلى منزله و ركب كريس الباص عائدا إلى بيته ... في ذلك الوقت لم يكن هناك احد في الباص سوى فتاه تجلس على الكرسي المقابل له كانت تنظر إلى كريس باهتمام و تتفحصه بعناية و قد أسندت ظهرها إلى النافذة و وجهها موجه إليه و تمضغ علكه و تضع سماعات بأذنها ربما تسمع موسيقى ... كانت فتاه لها جسد صغير و عيون بنيه لها نظره قويه و شعر برتقالي مجعد قامت بربطه إلى الجانب الأيسر من رأسها و خصلاته المجعدة تتدلى على أذنها بالكاد تلامس كتفها و ترتدي بنطال جينز و جاكت بدله رياضيه ... من مظهرها تبدو كفتاه مشاغبه هربت من المدرسة و قررت ألا تعود إلى المنزل حتى لا تتلقى العقاب ... ولا تجد شيء تفعله سوى الجلوس في الباص و التحديق في الركاب .
كانت نظرات تلك الفتاه تشكل ضغطا كبيرا على كريس ... حتى وصل الباص إلى المنطقة التي يقيم بها كريس فنزل من الباص و التقت أنفاسه ثم توجه إلى شقته .
لم يواجه كريس أي صعوبة في النوم عندما عاد إلى منزله بالرغم من تعرضه لصدمه نفسيه في هذا اليوم ربما بسبب الوقت المتأخر أو إزعاج طونى و شقيقته له طوال اليوم الذي جعله يتعب و يفقد طاقته أو ربما بسبب تفكيره بتلك الفتاه الغريبة التي رآها في الباص التي جعلته ينسى ما مر به اليوم ... حسنا في النهاية نام كريس بهدوء ... ثم استيقظ في الرابعة فجرا انه الموعد الذي يستيقظ فيه من النوم كل يوم ... لذا قام بجسد متكاسل من فراشه و جر قدميه إلى الثلاجة ليشرب بعض الماء ... لنقل أن الماء ساعده قليلا على أن يفيق ... ثم توجه إلى صنبور المياه ليغسل وجهه هكذا يبدأ يومه كل صباح ... لكن هذا الصباح كان مختلفا عن كل صباح شهده في حياته حتى الآن ... ففي كل مره يغسل كريس فيها وجهه كان يرفع رأسه و ينظر إلى نفسه في المرآة ... فلا يرى أحدا سوى نفسه ... لكن هذه المرة عندما نظر كريس في المرآة رأى فتاه تقف خلفه ... لذا فزع كريس و استدار فورا ليجدها أمامه لقد كان خائفا و مرتبكا لعده ثواني ... حتى بدء يتحقق من وجهها ... إنها هي تلك الفتاه التي رآها بالباص أمس ... فتحول خوف كريس إلى تعجب و دهشة ... فقال على الفور : من أنتِ ؟ كيف دخلتي منزلي ؟
لكن الفتاه نظرت إليه نظرتها القوية الساخرة و قالت له : ابتعد !!
لذا على الفور تحرك كريس لا إراديا بضعه خطوات للجانب ... ربما ذلك بسبب نظرتها القوية ... توجهت الفتاه إلى صنبور المياه الذي تركه كريس مفتوحا بسبب صدمته ثم مدت يديها إلى الماء و غسلت وجهها ثم رفعت رأسها و بلا مبالاة تركت الصنبور مفتوحا و توجهت إلى المطبخ و وقفت أمام الثلاجة ... كان كريس ينظر إلى تلك الفتاه ذات الشخصية القوية و هو مصدوما جدا ومتعجبا من تصرفاتها ... فنظر إلى صنبور المياه و قال بصوت ضعيف مهتز : يجب أن تغلقيه . ... ثم أغلقه و توجه إلى المطبخ و وقف بعيدا عنها ... فنظرت إليه و قالت : لماذا ثلاجتك فارغة !
فقال لها كريس محاولا التظاهر بأنه ثابت و ليس خائفا : من أنتِ ؟ غادري بيتي حالا ! ... ثم أشار إلى الباب .
فقالت الفتاه ساخرة منه : و إذا لم أغادر ماذا ستفعل ؟
كانت أجابه الفتاه غير متوقعه بالنسبة لكريس فهو كان يتوقع أن تعتذر أو تعطيه سببا قويا يفسر دخولها بيته بدون أذنه ... لكنها لم تفعل ما اعتقده بل تتحدث و كأنها تهدده ... و تلك كانت صدمه لكريس ... من تلك الفتاه حقا !
وقف كريس صامتا قليلا ثم قال : لماذا أنت هنا ؟ إذا كنتِ تريدين شيء خذيه و ارحلي ؟
ردت الفتاه ببرود : لن ارحل !
فصرخ كريس : لماذا ؟ ... هذا منزلي غادري و ألا أبلغت الشرطة !!
قالت الفتاه و على وجهها ابتسامه سخريه : ماذا ستخبر الشرطة ؟ فتاه اقتحمت منزل شاب ...
قال كريس بتردد : اجل ... لان تلك الحقيقة ... أنتِ اقتحمتِ منزلي !
قالت الفتاه بثقة : و من سيصدقك ؟
قال كريس بخوف : ماذا تقصدين ؟
قالت الفتاه : عندما تأتي الشرطة سأخبرهم انك اختطفتني ... لذا حاول أن تتصل بهم و شاهد عواقب ذلك .
قال كريس و هو متفاجئ و خائف من ردها : أنتِ حقا مخيفه ... اخبريني من أنتِ ؟ ... هل أنتِ فتاه حقا ؟ ... كيف يمكن لفتاه اقتحام منزل شخص غريب ؟
قالت الفتاه : فكر كيفما تشاء ... لكن الآن اذهب لإحضار طعام للفطور أنا حقا جائعة .
قال كريس بدهشة : ماذا ... طعام !!!
قالت الفتاه : اجل ... طعام ... و لا تخف فأنا لست لصه لن اسرق شيء ... فمنزلك ليس به شيء يسرق على أي حال .
قال كريس و هو غاضب : هل جننتِ !!! لماذا احضر لك طعام !!!
قالت الفتاه : أنا لن أأكل وحدي أنت جائع أيضا ... لذا احضر الطعام حتى نأكل .
تنفس كريس بعمق محاولا كبح غضبه و قال : لن أتكلم مع فتاه مثلك ... سأتصل بصاحب البيت ليحل الأمر.
ثم توجه إلى الهاتف و اتصل بصاحب البيت الذي استأجر منه الشقة ... و قال له : يوجد فتاه اقتحمت شقتي و تزعجني منذ الصباح ... لا استطيع التفاهم معها ... لذا فلتأتي لتتدبر امرها .
ثم أنهى مكالمته و جلس على أريكة في غرفه الجلوس ... متجنبا الحديث مع تلك الفتاه التي مازالت في المطبخ ... بعد عده دقائق أتى صاحب البيت ... دق الباب ففتح له كريس الذي كان يحاول السيطرة على غضبه و قال : إنها في المطبخ ... إنها تثير جنوني ... اجعلها تغادر أرجوك .
دخل صاحب البيت إلى المطبخ ثم خرج و قال : لا يوجد احد بالداخل .
قال كريس : كيف ؟ لقد كانت هناك الآن .
ثم دخل المطبخ لكنه حقا لم يجدها ... ثم توجه إلى الحمام على الفور لكنه أيضا لم يجدها ... ثم تجول بالبيت بأكمله و لم يجدها ... كل ذلك و صاحب البيت يتجول خلفه متعجبا من تصرفاته فمن يصدق أن فتاه تقتحم منزل شاب الساعة الخامسة صباحا .
وقف كريس و قال : يبدوا إنها رحلت ... أنا أسف على إزعاجك سيدي .
ثم غادر صاحب المنزل و هو متعجبا من تصرف كريس الغريب ... لم يكن صاحب المنزل وحده المتعجب من الأمر فكريس أيضا كان متعجبا من الأمر و ظل واقفا يفكر قليلا ثم تجاهل الأمر و توجه إلى الثلاجة ليحصل على طعام للإفطار ... لكنه و جدها فارغة ... فقال بصوت مسموع : إنها فارغة حقا .
فقالت الفتاه و هي تقف خلفه : أخبرتك أنها فارغة .
تفاجأ كريس و نظر خلفه و وضع يده على قلبه الذي صار يدق بقوه من صدمته و قال بصعوبة : أين كنتِ ؟ ... لقد بحثت عنكِ في كل مكان .
فقالت الفتاه : كنت في الشرفة ... يبدو انك لم تبحث هناك .
قال كريس و هو يشعر بالإحباط : اجل لم ابحث هناك .
قالت الفتاه : اذهب و اشترى طعام .
قال كريس بغضب : تتحدثين عن الطعام مجددا ... غادري منزلي حالا .
قالت الفتاه بأسلوب تحدي و نظره قويه جدا : لن أغادر .
قال كريس و هو يلتقط نفسا قويا : لن نتوصل إلى حل هكذا ... لنجلس و نتناقش حول الأمر بهدوء .
قالت الفتاه : حسنا .
ثم جلس كريس على كرسي على طاوله الطعام و جلست الفتاه على الكرسي المواجه له .
قال كريس : لنبدأ الآن ... من أنت ؟
قالت الفتاه : أنا (مارلين) .
قال كريس : حسنا مارلين ... كيف أتيتِ إلى منزلي ؟ هل تبعتني بالأمس ؟
قالت مارلين : ألا تعلم كيف أتيت ؟
قال كريس : أن كنت اعلم ... فلماذا أسألكِ ؟
قالت مارلين : أنت أحضرتني إلى هنا ... ألا تعلم ؟
قال كريس : ألا تجدين فكره أفضل من تلك للهروب من سؤالي ؟
قالت مارلين : أنا لا اهرب ... أنت حقا من أحضرني إلى هنا ... لأنك بحاجه إلى ؟
قال كريس : أنا بحاجه إليكِ ... لماذا ! ... أنا حقا لا أتذكر أنني أحضرتك إلى هنا .
قالت مارلين : حتى تعلم لماذا أحضرتني هنا أنا لن أغادر .
قال كريس : ألا تحاولين خداعي الآن !
قالت مارلين بغضب : و لماذا أخدعك ! ... هل لديك أي شيء تستحق أن أخدعك من اجله ... كيف اخدع شخص لا يمتلك طعام في بيته حتى ... أنت تثير أعصابي .
فكر كريس بالأمر ... انه حقا لا يملك شيء تطمع به تلك الفتاه ... و لكن ما الأمر الذي جعله يحضرها إلى بيته .
قال كريس بعد أن فكر بالأمر : أنتِ محقه ... و لكن لماذا أحضرتك إلى هنا ؟
قالت مارلين : يجب أن تعلم بنفسك
قال كريس : أنا أحاول أن اعرف ... لكن لا أتذكر حقا ... من فضلك اخبريني .
قالت مارلين : لا استطيع إخبارك ... يجب أن تعلم بنفسك ... حتى ذلك الحين أنا سأبقى هنا في هذا المنزل .
قال كريس : ماذا !! لا يمكنكِ البقاء هنا ... عودي إلى منزلكِ .
قالت مارلين : لن أعود ... أسرع و احضر طعام أنا جائعة
قال كريس : توقفي عن الحديث عن الطعام ... مهما كان الأمر الذي أحضرتك من اجله ... فأنا لا أريد مساعدتكِ بعد الآن ... لذا غادري من فضلك .
قالت مارلين : هل تعتقد أن الأمر سينتهي بتلك السهولة ؟
قال كريس : إذا كيف أنهي الأمر ؟
قالت مارلين : و كيف لي أن أعلم .
شعر كريس باليأس و وقف ثم تنفس بعمق و جلس مجددا و ظل ينظر لها و هو يفكر كيف يتخلص منها .
قاطعت مارلين أفكاره قائله : أحضر طعام .
فنهض كريس من مكانه و قال : حسنا .
ثم توجه إلى الغرفة و ارتدى ملابسه القبيحة و أوشك على الخروج لإحضار طعام ... لكن مارلين وقفت بوجهه قائله : إلى أين أنت ذاهب الآن ؟
قال كريس متعجبا : سأحضر الطعام .
قالت مارلين : ستخرج هكذا ... بتلك الملابس !!
قال كريس : ما بها ملابسي ؟
قالت مارلين ساخرة : ملابسك تلك قبيحة ... تبدو كما لو أنك سرقتها من وسط ملابس جدك القديمة .
قال كريس : ماذا ! كيف لكي أن تتحدثي هكذا عن ملابسي ؟
قالت مارلين : أنا أقول الحقيقة مظهرك سيء حقا ... الجميع يلاحظ هذا ... عندما رأيتك في الباص لأول مره استمريت بالنظر إليك و التساؤل كيف لشاب وسيم مثلك أن يرتدى مثل تلك الملابس .
قال كريس بخجل بعد أن فهم الأمر : لكني لا أمتلك غير تلك الملابس ...
قالت مارلين : حقا ... إذا لنتحدث عن ملابسك لاحقا ... أذهب الآن و أحضر الطعام .
قال كريس بغضب : لقد كنت في طريقي ... أنتِ من أوقفني .
لم ترد مارلين و نظرت إليه نظره جعلت غضبه يزداد و لكنه سيطر عليه و توجه إلى الخارج لإحضار الطعام .
ثم عاد و تناولا الطعام و أستعد كريس للذهاب إلى المصنع ... بينما يرتدى كريس حذائه و يوشك على المغادرة ... أتت مارلين و قالت له : لا تتأخر ... سأنتظرك .
كانت كلماتها مفاجئه لكريس ... لكنها جعلته سعيدا لأنه لم يسمع تلك الكلمات منذ زمن طويل ... تلك الكلمات أزاله غضبه قليلا فهو في النهاية يترك فتاه غريبة في منزله و يتوجه إلى العمل .
توجه كريس إلى المصنع و هو يفكر في تلك الفتاه فقط .
لقد كان ظهور تلك الفتاه في ذلك الوقت أمرا لست أدري أهو جيد أم سيء ؟
فبعد ظهورها نسى كريس تماما أمر السيد جين و الشعور السيئ الذي كان يستولى عليه ... اعتقد أن هذا أمر جيد ... لكنه سيتذكر السيد جين مجددا عندما يراه لذا ربما يتحول الأمر إلى سيء بالنهاية .
وصل كريس إلى المصنع و بمجرد أن رأى طونى سحبه من يده و قال له : هناك شيء أريد أن أخبرك به .
وقف كريس فتره ينظر إلى طونى و هو متردد لا يعلم كيف يخبره ثم أخيرا قال بسرعة : طونى هناك فتاه اقتحمت منزلي و لا أعرف كيف أتخلص منها .
قال طونى مندهشا : ماذا !!!
قال كريس : لقد رأيتها أمس بالباص ... ثم عندما استيقظت هذا الصباح وجدتها في منزلي ... ماذا أفعل ؟
قال طونى و هو يحاول أن يفهم الأمر : تقصد أن فتاه دخلت منزلك بدون إذنك ؟
أجاب كريس : أجل ... و مازالت هناك .
قال طونى بصوت عالي غاضب : ماذا ! مازالت هناك ! لماذا لم تطردها ؟
أجاب كريس : إنها ترفض أن تغادر .
قال طونى : ماذا ! ترفض أن تغادر ... هذا شيء لا يحق لها رفضه ... اطلب الشرطة إن لزم الأمر ... لماذا تركتها في بيتك هل أنت أحمق !
قال كريس : لقد كنت سأستدعي الشرطة لكنها قالت أنني من أحضرها إلى البيت .
قال طونى متفاجئا : أنت أحضرتها ... يا الهي يبدو انك لست شابا بريئا في الحقيقة ... لا أصدق أنك تحضر فتيات إلى منزلك .
قال كريس غاضبا : توقف ... أنا لم أحضر أحدا .
قال طونى متعجبا : ألم تقل الآن أنك من أحضرها !
قال كريس : هذا ما تقوله ... أنا لا أتذكر شيء ... لا أتذكر سوى أني تركتك بالأمس و ركبت الباص و رايتها هناك ثم نزلت من الباص و عدت إلى منزلي و نمت و عندما استيقظت صباحا وجدتها بالمنزل .
قال طونى : لقد أصبحت مشوشا الآن ... تقول أنها من قالت أنك من أحضرها إلى المنزل ... ربما هي تخدعك .
قال كريس : هذا ما قلته لها ... لكنها قالت لماذا تخدعني هل أنا أملك شيء استحق أن أخدع لأجله ... لا أملك شيء و هي محقه ... لقد قالت أني أحضرتها لتساعدني بأمر ما ... لكني لا أتذكر شيء .
قال طونى : لماذا لم تسألها ؟
قال كريس : لقد فعلت و قد قالت أنها لن تخبرني يجب أن أعرف بنفسي ... حتى ذلك الحين هي ستبقى في المنزل و لن تذهب .
قال طونى متعجبا : لن تذهب ... أي نوع من الفتيات تلك التي تتمسك بالبقاء في منزل شاب ... أنها مجنونه بالكامل .
قال كريس : و لكن ماذا إذا كنت أنا من أحضرها حقا ؟
قال طونى : مستحيل ... كيف تحضرها و أنت لا تتذكر ؟
قال كريس : ماذا إن كنت أسير و أنا نائم .
صدم طونى و تذكر ما حدث لكريس بالأمس عندما رأى والده ... و اعتقد أنه محق ربما صدمه كريس أمس جعلت حالته النفسية غير مستقره مجددا و أصبح يفعل أشياء لا يتذكرها فعلا .
قال طونى : لنذهب إلى طبيبك السيد مارك بعد العمل لنتحقق من الأمر .
قال كريس : حسنا .
ثم أنصرف كلا منهم إلى عمله ... و بعد انتهاء عملهما توجها إلى المستشفى لمقابله د/ مارك الذي رحب بهم ترحيبا حارا فهو لم يرى كريس منذ مده طويلة ... ثم بدأ كريس بشرح المشكلة بالتفصيل ... و بعدما انتهى قال د/ مارك : هل تعرضت لضغط نفسي أو مشكله ما مؤخرا ؟
قال طونى على الفور : أجل لقد رأى السيد جين مؤخرا بعدها فقد الوعي لعده دقائق ؟
أزداد قلق د/ مارك بعد أن سمع هذا و قال : يجب أن أقابل تلك الفتاه لأعرف الحقيقة كاملة أولا ... لا يمكن أن أشخص مرض باستخدام الافتراضات ... لكن لدى مؤتمر و يجب أن أسافر اليوم و سأغيب لمده أسبوع لذا لن أستطيع متابعتك بنفسي لكن سأتركك تحت رعاية (د/ هانا) أنها تلميذتي و أثق بأنها ستساعدك حتى أعود .
قال كريس : حسنا أنا أثق بك د/ مارك ... و أتمنى أن يسير المؤتمر على خير .
قال د/ مارك : سأغادر الآن و يمكنك الحصول على رقم د/ هانا من الممرضة .
قال كريس : شكرا لك ... أراك لاحقا .
ثم حصل على الرقم من الممرضة و غادر .
اتصل د/ مارك ب د/ هانا و وصف لها الحالة و قال :عندما ذكر طونى اسم السيد جين كان كريس يبدو طبيعيا جدا ... في الغالب عندما يسمع كريس اسم والده ينهار و هذا يبدو غريبا كيف استطاع أن يتغلب على هذا ... اعتقد أن بعد تعرض كريس لصدمه ثانيه عندما ظهر السيد جين أمامه فجأة قام عقله بصنع مرض يساعده على التغلب على مشاكله قد يكون في أسوء الحالات (انفصام) و لكن لا يجب أن نتسرع بالحكم على المرض أولا أستدعى الفتاه و أحصلِ منها على المعلومات التي قد تساعدك في تحديد المرض .
قالت د/ هانا :حسنا سيدي .
انتهت المكالمة و غادر د/ مارك البلاد .
بعدما غادر طونى و كريس المستشفى قال طونى لكريس : سآتي معك إلى المنزل و أجعلك تتخلص من تلك الفتاه المزعجة .
قال كريس بقوه : لا ... أنت ستعود إلى منزلك ... لأنك شخص متسرع و سوف تعاملها بطريقه سيئة و تجعلها تهرب ... و أنا أريدها أن تبقي حتى أعرف مما أعانى و ماذا حدث ؟
قال طونى بيأس : بالرغم من كلماتك السيئة التي قلتها الآن أنت محق ... عد إلى المنزل سأغادر الآن و تأكد أن تذهب إلى د/ هانا برفقه الفتاه غدا سأخبرهم في المصنع أنك مريض و لن تستطيع أن تأتي غدا .
قال كريس : شكرا ... وداعا .
عاد كريس إلى البيت و قبل أن يخلع حذائه كانت مارلين قد أسرعت إليه و قالت بتذمر: أخيرا قد عدت ... لماذا تأخرت ؟
قال كريس : لقد ذهبت إلى مكان ما ... أنا جائع أهناك شيء لنأكله .
قالت مارلين : لا .
قال كريس : ألم تحضري الطعام ؟
قالت مارلين : أكنت تتوقع أن أطبخ لك ؟
رد كريس و هو مرتبكا و خجل : لا ... لكن كنت أري في التلفاز أنه عندما يغادر الرجل إلى العمل و يترك فتاه بالمنزل فهي على الأغلب تقوم بتحضير الطعام حتى يعود .
قالت مارلين : أسفه فأنا لا أشبه هؤلاء الفتيات ... لقد توفيت والدتي عندما كنت صغيره لذا لم يكن هناك أحدا يعلمني أعمال المنزل .
صمت كريس قليلا ... ثم سار مباشره إلى غرفته بدون أن يقول شيء ... يبدو أن كلمات مارلين ذكرته بوالدته ... لكن لم يدم الصمت و الحزن كثيرا ... فقد أتت مارلين إلى باب غرفته و قالت : أسرع لتحضر الطعام أنا جائعة .
قال كريس : حسنا ... قادم
كان كريس يقول داخله : يجب أن أتحملها قليلا حتى احصل على المعلومات التي أريدها بعدها سأطردها مباشره .
خرج كريس و قال بقلب محمل بالغضب و على وجهه ابتسامه مصطنعه : ماذا تريدين أن تأكلي ؟
أجابت مارلين بصوت مرح و وجه لطيف مبتسم : بيتزا
قال كريس : ماذا ! أنا لا أجيد صنع البيتزا ... أيضا لا يوجد لدينا المكونات اللازمة .
قالت مارلين : أنا لم أطلب منك صنعها ... لنطلبها من الهاتف .
قال كريس : نطلبها من الهاتف ... هل أنتِ مجنونه ؟ ... لابد أنك لا تعرفين أنك تعيشين في منزل عامل بسيط ... إذا اشتريت البيتزا الآن سنموت جوعا بقيه الشهر ... اختاري طعام أخر غير البيتزا .
قالت مارلين : لنشترى المكونات و نصنعها باستخدام طريقه من كتاب الطهي ... أنا حقا أريد تناول البيتزا بينما أشاهد التلفاز .
أدرك كريس أنه لا توجد طريقه لإقناع تلك الفتاه بشيء ما ... لذا عاد إلى غرفته و ارتدى ملابسه مجددا و خرج من الغرفة و قال : ما هي المكونات التي سنشتريها ؟
قالت مارلين : لا أعرف ... لننظر في كتاب الطهي .
نظر كريس للطريقة و كتب قائمه بالأشياء التي سيشتريها ثم ذهب هو و مارلين إلى السوبر ماركت و احضروا الأشياء التي يريدونها ... بالرغم من غضب كريس من مارلين ... إلا انه كان سعيد لأنه يسير و يتحدث مع احد في الطريق إلى البيت حتى و أن كان هذا الحديث يشبه الشجار لكنه في النهاية حديث يكسر شعور الوحدة الذي يملا قلبه .
وصل كلاهما إلى البيت و بدل كريس ملابسه و خرج ليحضر عجينه البيتزا ... بينما يتحدث مع مارلين التي كانت تقف بجانبه في المطبخ ... قالت مارلين : يبدو أنك تجيد الطبخ ... فيدك تعرف كيف تتعامل مع العجينة ... من علمك الطبخ ؟
قال كريس : لم يعلمني احد ... بسبب أنني أعيش وحدي منذ مده طويلة لقد أعتدت على الأمر ... كما أنني أحيانا أشاهد برامج الطبخ .
قالت مارلين : أنت تشاهد برامج الطبخ !
قال كريس : اجل ... أحيانا .
قالت مارلين : اعتقدت أن الرجال لا تحب برامج الطبخ ... و يحبون تلك المشاهد الخطيرة مثل أفلام الاكشن .
قال كريس و هو يبتسم ابتسامه هادئة تشعرك بأنه يشعر بارتياح تام في حديثه مع مارلين : أنا لا أشاهد برامج الطبخ لأنني أحبها بل لأنني يجب أن أجيد الطبخ لأطعم نفسي و إلا سأموت جوعا ... أما بخصوص أفلام الاكشن أنا لا أحبها أبدا ... صديقي طونى يحب تلك الأفلام و يريد أن يجعلني أحبها لكنه لم ينجح حتى الآن في جعلي أحبها .
قالت مارلين : إذا... أي نوع من الأفلام تفضل ؟
قال كريس : أنا لا أشاهد التلفاز كثيرا لكنى شاهدت فيلما كوميديا ذات مره و اعتقد أنني أحببته .
قالت مارلين : لا تبدو كشخص يحب الضحك و المزاح ... أخبرني لماذا تبدو هكذا ؟
قال كريس : ماذا تقصدين ؟
قالت مارلين : أنت شاب وسيم جدا ... لماذا تخفى ذلك بتلك الملابس البشعة ؟ ... هل تخاف الحسد ؟
خجل كريس من كلماتها و ضحك و قال : لا أخاف الحسد ... لكن عندما كنت صغيرا كانت أمي تهتم بي كثيرا و تقول دائما أنني جميل ... كانت تشترى لي أفضل الملابس ... لقد كنت أرى تلك الملابس تبدو جميله لان أمي من أحضرتها ... و بعد وفاه أمي أصبحت جدتي تحضر لي الملابس بدلا من أمي لذا فقد كنت لا أطيق ارتدائها لذا كنت أتجول طوال اليوم بملابس المدرسة ... و كما تعلمين ملابس المدرسة ليست جميله ... لذا أصبح ارتداء تلك الملابس عاده لدى لا استطيع التخلص منها .
قالت مارلين : لماذا لا تحاول ارتداء ملابس أخرى تناسب عمرك و تغير قصه شعرك ؟
قال كريس : ربما سأحاول (يوما ما) .
قالت مارلين : لنجعل (يوما ما) تلك غدا .
قال كريس متفاجئا : غدا .
قالت مارلين : اجل .
قال كريس ضاحكا : لقد كنت دوما اتهم طونى بأنه متسرع ... لكنه لا شيء بالنسبة لكي .
قالت مارلين : هل هذا سيء أم جيد ؟
قال كريس و هو يبتسم : لست ادري
لقد أنهى كريس تحضير البيتزا و وضعها بالفرن و خرجوا ليبحثوا عن فيلم في التلفاز لكي يشاهدونه أثناء تناول البيتزا ... لكنهم لم يجدوا شيء لذا تناولوا البيتزا بينما يتحدثون ... يبدو أن كريس قد اعتاد على وجود مارلين و لم يعد يشعر بأنها تغضبه ... لقد كان يتحدث معها بارتياح عن حياته .
تأخر الوقت و حان موعد النوم ... لكون مارلين فتاه فقد ترك لها كريس الغرفة و نام على الأريكة .
استيقظ كريس الساعة الرابعة كعادته ... توجه إلى الثلاجة و شرب الماء ثم توجه إلى الحوض ليغسل وجهه و عندما رفع رأسه لينظر في المرآة رأى مارلين مجددا ... لقد فزع مجددا و قال: يجب أن تقولي شيء ينبهني بوجودك .
فقالت : ابتعد .
ابتعد كريس عده خطوات و قال : هل أنتِ فتاه حقا ؟ ... الفتيات المهذبات يقلن ( إذا سمحت هل يمكنني أن اغسل وجهي ) لماذا دوما تقولين (ابتعد) ؟
أنهت مارلين غسل وجهها و تركت الصنبور مفتوحا مجددا و تجاهلت كريس و ذهبت لتجلس على الأريكة .
قال كريس بصوت عالي : يجب أن تغلقي صنبور المياه بعد استخدامه .
ذهب كريس إليها فوجدها استلقت على الأريكة و نامت مجددا ... فنظر إليها قليلا ثم ذهب إلى المطبخ و صنع كوب قهوة و خرج ليشربه في الشرفة ... بعد قليل خرجت مارلين إلى الشرفة و وقفت بجانبه و أخذت كوب القهوة من يده و شربت منه القليل ثم قالت : لهذا تستيقظ مبكرا ؟
قال كريس : ماذا تقصدين ؟
قالت مارلين : الوقوف هنا في هذا الضوء الأزرق الذي يسبق شروق الشمس و شرب كوب من القهوة في هذا الهدوء و جميع الناس من حولك نائمون ... أنه شعور رائع يستحق أن تستيقظ مبكرا لأجله .
أبتسم كريس ابتسامه رضي ... كيف لفتاه قابلها بالأمس أن تفهمه هكذا .
استمر كريس و مارلين في الوقوف في الشرفة حتى أشرقت الشمس ثم قال كريس : يجب أن ندخل الآن .
قالت مارلين : لماذا ؟ فلنبقى قليلا.
قال كريس : لقد بدء الناس في الاستيقاظ ... ماذا إن رآكِ أحد ؟
قالت مارلين : ماذا سيحدث أن رآني أحد ؟
قال كريس : أنتِ فتاه في منزل رجل أن رآكِ أحد قد نطرد من البيت ... أدخلي بسرعة .
دخلت مارلين و توجهت إلى المطبخ و قالت : يوجد بعض البيتزا المتبقية من أمس ... فلتقم بتسخينهم .
قال كريس بتذمر : هل أنا خادمك ؟ لماذا تطلبين مني القيام بكل شيء ؟
نظرت له مارلين نظره تهديد و قالت : إذا لنأكلها باردة .
و بشكل لا إرادي قال كريس : سأقوم بتسخينها .
بعد تناول الطعام ... قام كريس بتنظيف المطبخ وعاد للجلوس على الأريكة ... فسألته مارلين : ألن تذهب للعمل اليوم ... قال كريس : لا .
تعجبت مارلين و قالت : لماذا ؟
توتر كريس من السؤال و فكر في حجه ليقولها ... ثم قال بسرعة و هو مبتسم : لقد قلتي أننا سنخرج اليوم لشراء ملابس لي ... ألا تتذكرين ؟
قالت مارلين و هي سعيدة جدا :حقا ... أنت لم تكن تمزح ...أنت حقا ستشتري ملابس من اختياري ؟
كانت مارلين سعيدة جدا و استمرت بالحديث عن أسلوب الملابس التي قد تناسبه لعده ساعات ... حتى أن كريس كان سعيدا بهذا و أندمج معها في حديثها أعتقد أنه ربما من شده سعادته كان قد نسي سبب غيابه عن العمل .
ثم قالت مارلين : لنتوقف عن الحديث الآن و نذهب لنرى الملابس الموجودة في محلات الملابس .
نهض كريس من مكانه و دخل إلى الغرفة و ارتدى ملابسه و خرج كلاهما للبحث عن ملابس جميله تليق بكريس .
دخل كريس و مارلين الكثير من المحلات ... استمر كريس بتجربة الملابس و مارلين كانت تقيم له الملابس و تخبره ما هو المناسب له ... أما السيدات في المحلات كانوا ينظرون له بدهشة ( ربما مندهشون من رؤية هذا الشاب الذي كان يبدو كالأحمق منذ قليل و كيف تحول إلى شاب وسيم بعد أن ارتدى الملابس الراقية )
بعد أن انتهوا من شراء الملابس قالت مارلين : لنغير قصه شعرك .
ذهبوا لصالون لتغير قصه شعره ... لأن الصالون كان للرجال قفد أنتظرت مارلين خارجا .
خرج كريس من الصالون بشعر قصير مرفوع لأعلى ... يبدو جميلا جدا و يناسبه .
قالت مارلين بإعجاب : لماذا كنت تخفي هذا الجمال طوال هذا الوقت ؟
ابتسم كريس بخجل و نظر إلى الأرض .
قالت مارلين : و خجول أيضا ... أنت شاب رائع .
لم يقل كريس شيء و صمتوا قليلا ثم قالت مارلين : أين سنذهب الآن ؟
تذكر كريس د/ هانا و أصبح متوترا و قال : لنذهب معا لمكان ما .
قالت مارلين : إلى أين ؟
قال كريس : اتبعيني فحسب .
توجهوا إلى المستشفى و وقفت مارلين أمام المستشفى و قالت : لماذا نحن هنا ؟
قال كريس : نحن هنا لمقابله الطبيبة يجب أن تخبريها كيف تقابلنا لتتمكن من حل تلك المشكلة .
قالت مارلين و هي مصدومة و الدموع تملأ عينيها : مشكله ! هل أنا مجرد مشكله تريد أن تتخلص منها .
قال كريس و هو يشعر بالضيق كما لو أنه على وشك أن يفقد شيء ثمين : أنا لا أريد أن أتخلص منكِ ... أنتِ إنسانه رائعة و صديقه جيده بالرغم من أنني لم أبقي معكِ سوى يوم واحد إلا أنكِ جعلتني أشعر بسعادة لم أشعر بها في حياتي كلها حتى الآن ... أنا لم أستطع أن أجد شخصا واحد يفهمني و يشعرني بالراحة مثلك ... لن أتخلص منكِ أبدا أعدك ... لكن قابلي الطبيبة مره واحده و اخبريها كيف تقابلنا ... لأتأكد أن كنت أعانى من مرضا ما .
قالت مارلين و هي تبكي : لا فعندما نقابل الطبيبة سينتهي كل شيء ... و أنا أريد أن أبقى معك فليس لدى أحد سواك الآن ... حتى أنت تريد أن تبقى معي .
قال كريس : أعدك أن تبقى معي كما تريدين ... حتى بعدما نقابل الطبيبة ستبقى معي أعدك .
قالت مارلين : أنت لا تعرف كيف تقابلنا ... بمجرد أن تعلم الطبيبة كيف تقابلنا لن نرى بعضنا مجددا .
قالت مارلين هذا ثم ركضت بعيدا عائده إلى المنزل ... و تبعها كريس لكنهم لم يتحدثوا معا طوال اليوم ... فقد دخلت مارلين إلى الغرفة و بقيت بها حتى اليوم التالي ... أما كريس فقد نام على الأريكة و لم يحاول التحدث معها في ذلك اليوم فهو يعلم أنه إذا تحدث معها و هي غاضبه ربما تصبح الأمور أسوء .
مر اليوم و أتى اليوم الجديد استيقظ كريس مبكرا كعادته و بينما يغسل وجهه تمني لو يرفع رأسه و يراها في المرآة كما حدث أمس لكن هذه المرة لم يراها ... توجه إلى باب غرفتها المغلق و نظر إليه قليلا ثم توجه إلى المطبخ و صنع كوب من القهوة و خرج إلى الشرفة ... بعد قليل أتت مارلين و أخذت كوب القهوة من يده و شربت منه القليل و وقفت صامته مستنده إلى سور الشرفة .
قال كريس بهدوء : هل أنتِ بخير ؟
قالت مارلين بهدوء : أجل
ثم ساد الصمت قليلا ... بعدها قال كريس : أنا حقا لم أقصد أن أتخلص منكِ و لا أعتقد أنكِ مشكله أطلاقا ... أنا أراكي صديقه جيده تفهمني و لا أنوي أن أبتعد عنكِ أبدا ... بالرغم من أنكِ مزعجه أحيانا و أنا أبدو غاضبا منكِ لكن في الحقيقة بداخلي أكون سعيدا فأنتِ تزيلين الجو الكئيب من حياتي تدريجيا و هذا شيء جيد لذا أنتِ صديقه رائعة ... لكن لست أدرى لم أنتِ تتمسكين بشخص مثلى ... فأنا مجرد عامل بسيط أرتدي ملابس قبيحة حتى ملابس جدي أفضل منها و املك شخصيه كئيبة و بشعة .
قالت مارلين : لا تقل هذا فأنت شخص جيد ... أنا أتمسك بك لأن لا أحد يتحمل شخصيتي غيرك ... لذا لا أملك أصدقاء ... ليس لدي أحدا غيرك .
قال كريس : و ماذا عن عائلتك ؟
قالت مارلين : لقد توفي والداي في حادث عندما كنت في الرابعة و الذي قام بتربيتي هو عمي ... لكنه مشغول دائما بالعمل ولا أراه كثيرا .
شعر كريس بالحزن لأجلها لكنه لم يقل شيء ... و ساد الهدوء لفترة ... ثم قال كريس : لماذا بالأمس قلتي أنه أذا عرفت الطبيبة كيف تقابلنا فإننا لن نرى بعضنا مجددا .
قالت مارلين : لا استطيع قول شيء لك الآن ... ولكن في المستقبل عندما تكتشف كل شيء و يخبرك الجميع ( كم أنا سيئة و أنك يجب أن تبتعد عني فلا يجب أن تصدق أنني سيئة ... أنا فقط أتيت لمساعدتك )
قال كريس : ماذا تقصدين ؟
قالت مارلين : يجب أن تعدني بأنك لن تتخلي عنى أبدا .
قال كريس و هو مشوش قليلا : أعدك .
ثم توجهت إلى داخل المنزل و تناول كريس طعامه و أرتدي ملابس أنيقة و توجه إلي العمل .
تفاجأ طونى كثيرا عندما رأى كريس هكذا و سأله : ما الذي حدث كيف تغير ذوقك في الملابس هكذا ؟ أنت الآن تبدو أكثر جمالا مني ... أنا أشعر بالغيرة .
بدل كريس ملابسه و أرتدي ملابس العمل ... و بدأ يقوم بعمله و عندما أنتهي ... قال له طونى : ماذا حدث عند الطبيبة بالأمس ؟
قال كريس : لم أذهب .
قال طونى : لماذا ؟
فحكي له كريس ما حدث .
قال طونى : و متى تنوى الذهاب إلى الطبيبة ؟
قال كريس : لا أعتقد أنني استطيع الذهاب في تلك الفترة ... سأنتظر حتى يعود د/ مارك .
عاد كريس إلى منزله لكن طونى كان قلقا فذهب إلى المستشفى المقابلة د/ هانا .
التقى طونى ب د/ هانا و شرح لها كل شيء حدث مؤخرا مع كريس فقالت له د/ هانا : د/ مارك كان يشك في تصرفات كريس في أخر مره زاره بها لقد كان كريس متماسكا جدا حتى بعد تعرضه لصدمه مؤخرا عندما رأى والده و هذا غريب بالنسبة له ... لذا د/ مارك يشك بأن عقل كريس ليس بحاله جيده و بسبب حادث الفتاه الغريب و نسيانه ما حدث في تلك الليلة يعتقد د/ مارك أن كريس مصاب بمرض ما و في أسوء الحالات قد يكون انفصام .
قال طونى : ما هو الانفصام ؟
قالت د/ هانا : الانفصام هو أن يكون للفرد شخصيتان ... يعني عندما نام كريس استيقظت شخصيته الثانية و أحضرت الفتاه و عندما عادت شخصيه كريس الحقيقية و وجد الفتاه هو حتما لن يتذكرها لأنه ليس هو من أحضرها بل شخص أخر ( شخصيته الثانية ) .
قال طونى : هل الأمر خطير إلى هذا الحد ؟
قالت د/ هانا : لكني لا أعتقد أنه انفصام ... لأنه في تعاملي مع حالات الانفصام جميعهم يلجون إلى محو ذكرياتهم السيئة بصنع شخصيه أخرى أقوى من شخصيتهم الحقيقية ... و حسب ما قلت فإن كريس مازال يحتفظ بذكرياته عن والده ... لذا اعتقد أنه لا يعانى من انفصام و لكن يجب أن أقابله في أسرع وقت .
شكر طونى الطبيبة و غادر و بينما هو في طريقة إلى البيت تذكر كيف كان يبدو كريس اليوم لقد كان مختلفا ... لذا بدأ يشك أن كريس يعانى من انفصام حقا و أن من قابله اليوم لم يكن كريس بل شخصيته الثانية .
قرر طونى أن يتحقق من الأمر بنفسه لذا توجه إلى بيت كريس .
دق طونى الباب و فتح له كريس و قال: أنت محظوظ نحن نأكل الآن انضم إلينا .
دخل طونى و وقف كريس و طونى أمام طاوله الطعام و أشار كريس بيديه إلى مارلين التي كانت تجلس على الطاولة و قال : طونى إنها مارلين التي حدثتك عنها من قبل .
قال طونى و هو مصدوم : ماذا ؟
قال كريس : أجلس و تناول الطعام .
جلس طونى على الطاولة و هو مصدوم جدا لدرجه أن الدموع انهمرت من عينيه بقى هكذا لفترة و هو ينظر إلى كريس و هو يبتسم لمارلين و يحدثها ... ثم قال و هو يبكي بشده و لا يستطيع التقاط أنفاسه : كريس لقد كنت أسمع منك عن تصرفات والدك السيئة لكني اليوم أدركت أنه أحقر إنسان عرفه الكون ... كيف لشخص أن يفعل هذا بابنه .
قال كريس متعجبا : لماذا تقول هذا الآن ؟
قال طونى و هو يبكى بشده : ( لأنه لا يوجد أحد غيري أنا و أنت في تلك الغرفة )... تلك الفتاه ليست موجودة .
قال كريس و هو مصدوم : أنت تمزح أليس كذلك ؟ ... أنا أراها الآن كما أراك ... أنه يمزح أليس كذلك مارلين ؟
نظرت إليه مارلين و الدموع تنهمر من عينيها و قالت : ألم أخبرك أنك من أحضرتني إلى هنا ... الحقيقة أنني مجرد وهم من صنع عقلك ... أنت تعرف الحقيقة الآن .
قال كريس و هو من شده الصدمة يبكي : أنتم تمزحون الآن ... توقفوا ... اكره تلك المزحة حقا .
على الرغم من أن الدموع جعلت طونى لا يرى أمامه ألا أنه نهض من مكانه و امسك كتف كريس و قال : لنذهب إلى المستشفى .
دفع كريس يد طونى بعيدا و قال : لن أذهب لأي مكان .
ثم دخل غرفته و أغلق الباب على نفسه .
اتصل طونى ب د/ هانا و شرح لها الوضع .
قالت له : يجب أن تحضره إلى هنا حالا .
قال طونى : أنه يحبس نفسه في غرفته و يرفض الذهاب للمستشفى .
قالت هانا : أنه حتى الآن يحاول ألا يتقبل الحقيقة ... سأتصل ب د/ مارك حتى أجد طريقه فإحضاره غصبا سيزيد الأمر سوءا .
اتصلت د/ هانا ب د/ مارك و شرحت له ما حدث فأمرها بأن تخبر عائله مان بما حدث فهم سيعرفون كيف يقنعوه بالعلاج ... و هو سيعود في أقرب وقت .
قابلت د/ هانا جد كريس و أخبرته بما حدث فشعر بالقلق و أسرع برفقه جده كريس إلى بيته و توسلوا له بالخروج ليفحصه الطبيب .
خرج كريس فضمته جدته و هي تبكى قائله : ماذا حدث لك يا صغيري لماذا كنت تتحمل كل هذا وحدك لماذا لم تأتي إلى جدتك و تخبرها بما يحدث معك ؟
قال كريس بصوت ضعيف : أنا بخير جدتي .
قال جد كريس : لنذهب إلى المستشفى الآن .
سار كريس بهدوء خلف جده ... و دخل إلى المستشفى حيث أمرت الطبيبة بأن يتم حجزه هناك حتى يشفى تماما .
كان كريس يتناول الأدوية ... لكنه لم يتأثر بتلك الأدوية فبداخله كان يريد الحفاظ على وعده لمارلين ... فقد كان يشعر أنه سيفقد شيء ثمين للغاية إذ تعالج من مرض مارلين .
أما طونى فبعد ما حدث كان يشعر بالألم و يشعر بان قلبه على وشك أن يتمزق كلما تذكر كريس .
في اليوم التالي ... عندما ذهب إلى المصنع و رأى السيد جين يمر بين العمال لتفقد المصنع ... انفجر غضب طونى و امسك السيد جين من رقبته و قال له بصوت عالي مليء بالغضب : أنت شخص حقير كيف تفعل كل هذا لابنك الوحيد ؟ كل هذا بسببك ...
أسرع العمال إلى طونى و حملوه بعيدا عن السيد جين ... و تقدم رئيس العمال ليعتذر إلى السيد جين قائلا : أرجوك ... أن تسامحه سيد جين أنه حقا شاب طيب القلب لا أعلم ما أصابه اليوم ... أرجوك سامحه فهو مسئول عن أمه و شقيقته و هو يعمل هنا منذ زمن طويل .
أتت سيلين و هي غاضبه و قالت : لماذا يسامحه ؟ هذا العامل وقح للغاية كيف يجرؤ على أن يفعل هذا لرئيسه ...يجب أن يطرد و تقدم به شكوى لدى الشرطة بتهمه التعدي على السيد جين .
قال السيد جين و هو مازال مصدوما : أحضروا هذا الفتى إلى مكتبي حالا .
أتى طونى و جلس على كرسي مقابل للسيد جين و نظر إليه بعين مليئة بالغضب .
قال السيد جين بصوت شديد مخيف : الجميع يخرج الآن .
خرج الكل و بقيت سيلين ... فنظر إليها جين نظره مخيفه و قال : لقد قلت الجميع .
خافت سيلين جدا من نظرته و خرجت على الفور و هي غاضبه .
نظر جين لطوني و قال : أخبرني ماذا كنت تقصد بكلامك منذ قليل .
قال طونى بوجه جاد به تحدى : لماذا تهتم الآن بعد أن دمرت حياته و جعلته مجنونا كليا !
قال جين بوجه بارد : من تقصد ؟ ... تقصد كريس
قال طونى : و هل لديك ابن غيره .
قال جين : ماذا حدث له ؟
حكي طونى ما حدث لكريس للسيد جين ... و عندما انتهى طونى من حديثه ... قال السيد جين : أين تلك المستشفى ؟
قال طونى : هل تعتقد أنني سأخبرك ؟ لا استطيع فهذا سيزيد ألم كريس يكفى إلى هذا الحد لا تسبب له المزيد من الألم بعد الآن .
ثم وضع طونى ورقه استقالته على المكتب و قال :لا أريد العمل مع شخص مثلك بعد الآن .
ثم غادر ... تاركا سيد جين في حيره .
كانت حاله كريس تتدهور بالرغم من وجود الكثير من الأشخاص حوله إلا أنه كان يشعر بأنه وحيد ... يشعر بأنه على وشك أن يفقد الشخص الأكثر أهميه في حياته ... فمنذ أن أكتشف أن مارلين مجرد وهم ... لم يستطع رؤيتها حتى مره واحده ... ربما بسبب الأدوية .
كان الجميع قلق على حاله كريس خاصة د/ مارك الذي عاد بسرعة من أجله ... بعد أن فحص د/ مارك كريس عقد اجتماع لجميع المقربين من كريس ليشرح لهم الحالة .
قال د/ مارك : كريس كان يعانى من مشاكل نفسيه خطيرة عندما كان صغيرا لكنه استطاع تجاوز ذلك ... منذ ذلك الحين أصبح يعانى من مشاكل في شخصيته ... لهذا كان يجب ألا يتعرض إلى أي ضغط نفسي لأن ذلك سيعرضه لخطر أكبر من السابق ... لكن الحياة مليئة بالضغوط التي لا نستطيع منعها ... فظهور السيد جين أمامه فجأة جعل الأمور تصبح أسوء ... فعقل كريس لم يتحمل هذا لذا كان يجب أن يجد شخص يفهمه جيدا يقتسم معه هذا الألم ... بالنسبة لكريس فهو لم يجد شخص يفهمه أكثر من نفسه لذا قام عقل كريس باختراع تلك الفتاه لتشاركه حزنه و تبعد تفكيره عن والده ... الآن كريس يخضع للعلاج و لم يعد يرى تلك الفتاه لكن حالته أصبحت أسوء بسبب اشتياقه لتلك الفتاه .
قال طونى : كيف يشتاق لفتاه لم يراها سوى ليوم واحد قضى معظمه في محاوله طردها و الشجار معها ؟
قال د/ مارك : تلك الفتاه تفهم كريس أكثر من أي شخص أخر في هذا المكان ... لذا حتى و إن بقيت معه لساعة واحده فهذا سيجعله يتمسك بها أكثر من عائلته و أصدقائه ... المشكلة الآن ليست الفتاه ... إذا أردنا حل المشكلة فيجب أن نحل المشكلة الرئيسية أولا و هي السيد جين نفسه ... يجب أن تحل الأمور بين كريس و والده أولا .
قاطع الاجتماع الممرضة قائله : لقد اختفى المريض كريس هوفن و لا نستطيع إيجاده .
ذهب د/ مارك فورا إلى غرفه كريس و بالفعل لم يجده استدعي الممرضة المسئولة عنه و قال لها : كيف استطاع الهرب و لم يلاحظه احد ! كيف تكونين بهذا الإهمال !
اعتذرت الممرضة عن خطأها .
قال د/ مارك : يجب أن نجده بسرعة ابحثوا عنه في جميع الأماكن التي يذهب إليها دوما .
ذهب طونى إلى منزل كريس لكنه لم يجده هناك .
استمر البحث عن كريس طوال اليوم لكنهم لم يجدوه أبدا لأنه لم يفكر أحد بضفة النهر التي كان كريس يجلس عليها طوال اليوم .
بعد أن هرب كريس لم يكن يعلم أين يذهب لذا ركب الباص حتى وصل إلى النهر فقرر الجلوس هناك ليسترخي و يرتب أفكاره و ما حدث معه ... و بينما يفكر في ما حدث منذ أن قابل مارلين حتى وجدها تجلس بجواره و تقول : لا تفكر كثيرا في الأمر .
كان كريس مندهشا من ظهورها فجأة بعد اختفائها فتره طويلة و لم يكن يجد كلمات ليقولها لذا نظر إليها فقط ... قالت مارلين بهدوء : لماذا تجلس هنا ؟ يجب أن تكون في المستشفي الآن .
قال كريس بابتسامة ساحره : لقد اشتقت لكي .
نظرت إليه مارلين بغضب و قالت : هذه ليست الإجابة ... ماذا تفعل هنا ؟ يجب أن تعود إلى المستشفي .
قال كريس بوجه جاد : لماذا أعود و أنا لا أريد ؟
قالت مارلين : لماذا لا تريد العودة .
قال كريس : لقد وعدتك أنني لن أتخلي عنكِ أبدا ... لن أعود لأنني أريد الوفاء بهذا الوعد .
قالت مارلين بغضب : هذا الوعد أنت قطعته مع الهواء ... أنا مجرد وهم كريس هوفن يجب أن تتقبل هذا .
قال كريس بحزن : أنتِ أخبرتني أن أبقي معكِ حتى و أن أخبرني الجميع أنكِ سيئة ... لقد وعدتك أن أبقي ... لماذا تقولين هذا الآن ؟
قالت مارلين : أخبرتك أنني هنا لأساعدك علي حل مشكلتك... لقد و عدتك أن أبقى حتى تتجاوز مشكلتك مع والدك ... كيف أصبحت تعاني بسببي أكثر مما تعانيه بسبب والدك ... لقد جعلتني مشكلتك الآن ... كريس لقد أصبحت تحب مرضك ... لا يجب أن تبقى جبان بعد اليوم واجه مشاكلك بنفسك ... أنت تزيد الأمور تعقيدا .
قال كريس و هو يبكي : ألا يمكن أن تبقى إلى جانبي إلى الأبد ... أنني أكون بخير عندما أكون معكِ ... أنتِ لستِ سيئة ... لذا كوني معي .
قالت مارلين بحزم : لأنني لست سيئة ... أقول أنك يجب أن تتعالج ... عد إلى المستشفي أرجوك و أنسي هذا الوعد .
لكن كريس مازال متمسك بها ... و لأنه يرفض سماع هذه الكلمات فقد نهض من مكانه و غادر .
ظل كريس يسير في المدينة بقلب مكسور يتنقل من مكان لأخر حتى وجد نفسه أمام المصنع يبدو بأن كريس كان يرغب بالتحدث مع والده لينهي الأمر ... دخل كريس إلى المصنع قابله أحد العمال و قال له : لقد كان طونى يبحث عنك .
لكن كريس كان شاردا و توجه إلى مكتب السيد جين هوفن ... وقف أمام المكتب فتره طويلة خائفا من مواجه والده ... بالرغم من أنه قرر أن يواجه لكنه لم يستطيع لان اتخاذ القرار دوما يكون أسهل من تنفيذه .
خرج السيد جين من المكتب فوجد كريس يقف هناك ينظر إليه فقط و عينيه ممتلئة بالدموع ... لم يستمر ذلك المشهد لوقت طويل ... فقد دفع الخوف كريس للهروب من مواجه والده ... السيد جين متفاجئا من رؤية كريس كان يتساءل لماذا هو هنا و ليس بالمستشفي ؟ ... لذا أمر أحد العمال بأن يتبعه سرا و يخبر طونى عن مكانه .
اتصل العامل بطونى و اخبره عن مكان كريس ... أسرع طونى و د/ مارك إلى مكان كريس و أخذوه بسهوله إلى المستشفي حيث أن كريس كان شاردا مستسلما لكل شيء من حوله يبدو بلا روح كما لو كان جسدا فارغا ضعيفا حتى الهواء قادر على تحريكه .
ظل كريس جالسا في أحد زوايا الغرفة الخاصة به في المستشفي بدون أن ينطق كلمه لعده أيام ... في هذه الأيام كانت مارلين تجلس معه في الغرفة ... لكنها لم تكن تتحدث معه من شده غضبها منه ... كان كريس يبدو متماسكا طوال هذه الأيام ... لكن في أحد الأيام أتي السيد جين هوفن إلى المستشفي لمقابله كريس ... سمح له د/ مارك بمقابلته لعله يكون هو الحل لحالته تلك ... دخل السيد جين الغرفة حيث يجلس كريس و قال له بصوت مهتز : كيف حالك ................ كريس .
زاد توتر كريس و بدأ الخوف يحيط به فدفن رأسه بين زراعيه يحاول تجنب النظر إلى أبيه .
اقترب السيد جين منه و وضع يده علي رأس كريس ... فرفع كريس رأسه ناظرا إلى والده ... نظر كريس إلى أبيه لفترة طويلة ثم قال بصوت ضعيف متقطع : ماذا تفعل هنا ؟
قال السيد جين بهدوء : أتيت لأرى ابني ؟
قال كريس بصوت أكثر ثباتا عن سابقه : هل تذكرت للتو أنه لديك ابن ؟
التقط جين نفسه و سجن دموعه داخل عينيه و قال : ألا يمكنك أن تسامحني ؟
قال كريس بغضب : لا ... لا يمكنني أن أسامحك أبدا ... لقد فقدت أمي بسببك ... لقد تألمت لسنوات بسببك ... كيف أسامحك الآن !
لم يتكلم سيد جين لقد كان يعلم أنه بمجرد أن يتكلم سيفقد السيطرة على نفسه و سيبدأ في البكاء .
كانت مارلين تراقب ما يحدث ثم قالت : إن لم تستطع مسامحته إذا قل كل ما تريد له ... لا تبقي شيء في قلبك ... فحديثك معه سيخفف الألم بداخلك .
نظر كريس إلى مارلين و قال : ماذا أقول ... أنا لا أجد كلمات أقولها له .
تعجب السيد جين و نظر إلى كريس و قال : إلى أي حد كنت أب سيء ؟ هل أنا سيء بما يكفي لأدفعك للجنون بحيث أصبحت تكلم الهواء ؟ .
قال كريس بغضب و عنف بعد أن دفع السيد جين بعيدا عنه : مارلين ليست هواء ... أنها الشخص الوحيد الذي استطاع مواساتي بعد أن تخليت عني .
قال السيد جين : إنها ليست موجودة حاول تقبل الأمر كريس .
غضب كريس بشده و لم يستطع كتمان غضبه أو تخفيفه بالكلمات فحمل كرسي و ضربه في الحائط حتى تحطم و قال بصوت عالي : إنها موجودة ... لن أتخلي عنها أبدا .
سمع د / مارك صوت كريس فدخل الغرفة سريعا و أمر جين أن يخرج ... أعطى مهدئا لكريس ثم تركه لينام .
جلس د/ مارك مع السيد جين ليتحدث معه عن كريس ... فقال د/ مارك : إن مشكله كريس الآن ليست أنت بل مارلين ... لقد تحول شعور كريس بالحاجة إلى مارلين لتخفيف ألمه إلى شعور بالحب ... ذلك الحب هو ما يعذبه الآن و ليس مشكلته معك ... إذا لم يتوقف كريس عن حب تلك الفتاه فسيظل هكذا للأبد .
قال جين : كيف له أن يحب فتاه ليست موجودة ؟
قال د/ مارك : هذا غريب أيضا بالنسبة لي ... حتى إذا كانت تفهمه جيدا لا يجب أن يتعلق بها إلى هذا الحد ... حتما هناك شيء مفقود لا يعلمه أحد حتى كريس نفسه لا يعلمه ... لكن سأبذل كل جهدي حتى أصل إلى حل و أقوم بعلاجه .
ودع السيد جين د/ مارك و غادر.
بعد أن استعاد كريس وعيه نظر إلى مارلين التي تخلت عن صمتها و قالت له : أنت مجنون كريس هوفن .
اعتدل كريس في جلسته و قال : أنتِ أيضا ؟
قالت مارلين بغضب : أجل ... لقد جعلت مني مجرد مرض سيء ... أنت لم تعد مريض بسبب والدك ... لقد أصبحت أنا مرضك .
قال كريس : أنتِ لستِ مرضي ... أنتِ صديقتي .
قالت مارلين : هذا ما تعتقد فقط ... أنا لست موجودة أنت تكلم الهواء الآن أمازلت تعتقد أنك لست مجنون ... من فضلك تناول الدواء و تخلص مني ... لقد أتيت لمساعدتك و ليس لزيادة مرضك .
يبدو أن كلمات مارلين أغضبت كريس فصار يضرب يده بالحائط ليخفف غضبه حتى جرحت يده و صارت تنزف و لكنه لم يتوقف ... عندما أتت الممرضة لتعطيه الدواء و رأت هذا أسرعت إلى د/ مارك و قالت له ما حدث ... أتى د/ مارك و حاول منعه من ضرب يديه حتى بدأ يهدأ ... قامت الممرضة بمعالجه يده المصابة و أمر د/ مارك أن يكون كريس تحت حراسه مشدده طوال اليوم .
منذ ذلك اليوم و مارلين تجلس مع كريس بالغرفة لكنها لا تتحدث إليه و كريس حالته أصبحت سيئة لقد فقد الكثير من الوزن و صار شاحبا يجلس كشخص شبه ميت بإحدى زوايا الغرفة .
مرت عده أشهر و هو مازال بتلك الحالة .
في أحد الأيام بينما د/ مارك يجلس بمكتبه أتت د/ هانا برفقه ( د/ ساندرا ) ليتحدثا إليه ... قالت د/ هانا : سوف أسافر إلى الخارج لحضور مؤتمر و سوف أبقى لأسبوع لذا طلبت مني د/ ساندرا أن تعتني بالمريض كريس بدلا مني في تلك الفترة .
قال د/ مارك : مستحيل ... ساندرا لا تصلح للتعامل مع كريس ... إنها الطبيبة الوحيدة التي أمنعها من الدخول لهذا القسم ... أتعلمين لماذا ؟
قالت د/ هانا : أعلم .
قالت د/ ساندرا بتذمر : لماذا ؟ أنا لا أعلم
قال د/ مارك : أنتِ حتى لا تصلحين أن تصبحي طبيبه نفسيه ... لا أعلم كيف أصبحتِ طبيبة ... هل تعتقدين أن الشهادة التي تملكينها هي كل شيء ... يجب على الطبيب النفسي أن يضبط أعصابه ... لكن أنتِ لا تستطيعين ذلك ... لقد سمعت أنكِ تتشاجرين مع المرضي الذين يمتنعون عن أخذ الدواء ... كيف تفعلين هذا ؟ يجب أن تحاولي أقناعهم أولا ... إذا لم يقتنعوا يجب أن تخبريني .
قالت د/ ساندرا : عمي أرجوك أعطني فرصه ثانيه .
قال د/ مارك بغضب : ألم أقول لكي مئات المرات ألا تناديني عمى في مكان العمل .
قالت د/ ساندرا : أسفه ..... د/ مارك .
( د/ ساندرا هي الابنة الوحيدة لشقيق د/ مارك )
قال د/ مارك : لن أسمح لكي بدخول هذا القسم أبدا ... سأعتني أنا بكريس في غياب د/ هانا .
قالت د/ ساندرا : أرجوك د/ مارك أسمح لي هذه المرة فقط .
لكن د/ مارك رفض تماما .
فقالت د/ هانا : من فضلك د/ مارك أسمح لساندرا بدخول القسم هذه المرة فقط .
قال د/ مارك : لكن كريس حاله صعبه ... إذا تحدث معه أحد ستكون كارثة و ساندرا شخص لا أثق به بسبب طباعها الحادة .
قالت د/ ساندرا : أعدك أنني لن أرتكب أي خطاء و سأتبع تعليمات د/ هانا .
استسلم د/ مارك لرغبتهما بعد أن تمكنوا من أقناعه .
توجهت د/ ساندرا برفقه د/ هانا إلى غرفه كريس لتدرس حالته .
دخل كلا منهما إلى الغرفة و بمجرد دخول ساندرا الغرفة اختفت مارلين .
حتما تتساءلون لماذا ؟
بسبب أن ساندرا هي نفسها مارلين .
اقتربت د/ هانا من كريس و قالت : تلك د/ ساندرا ستكون مسئوله عنك في غيابي .
وقف كريس و علامات الدهشة على وجهه و قال ببطء : هل حقا تستطيعين رؤيتها .
( يبدو بأن كريس لم يدرك حقيقة الأمر بعد )
قالت د/ هانا بتعجب : أجل .... لماذا ؟
قال كريس موجها حديثه إلى د/ ساندرا : ألستِ وهما ... أنتِ حقيقة .
كانت د/ ساندرا مرتبكة ... فنظرت إلى د/ هانا التي مازالت لم تفهم ما يقصده كريس .
أقترب كريس من د/ ساندرا ولمس وجهها و قال : مارلين .
كانت د/ ساندرا مجمده من الصدمة أما د/ هانا فقد اقتربت من كريس و قالت له : هل هذه الفتاه تشبه مارلين ؟
قال كريس : بل أنها مارلين نفسها .
اتصلت د/ هانا علي الفور ب د/ مارك و قالت له أن يأتي بسرعة .
كان د/ مارك يسرع في طريقه و هو يتمتم ( سأقتل ساندرا لم تمر عده دقائق و ها قد بدأت المشاكل )
وصل د/ مارك الغرفة و رأى كريس يحدق في ساندرا ... أسرعت د/ هانا إلى د/ مارك و قالت : إنه يقول أن د/ ساندرا هي مارلين ... ماذا يحدث سيدي ؟
أقترب د/ مارك على الفور من كريس و علامات التعجب تغزو وجهه و قال : كريس ... هل تلك الفتاه هي مارلين حقا ؟
قال كريس : أجل .
قال د/ مارك لساندرا : هل قابلتي هذا الشاب من قبل ؟
قالت ساندرا و هي خائفة : لست أدري .
قال د/ مارك : تحققي من وجهه جيدا أرجوكِ ... قد يكون هذا هو الشيء المفقود .
نظرت ساندرا إليه جيدا ثم يبدو أنها تذكرت شيء فقالت : في الباص ... في أحد الأيام كنت عائده إلى المنزل و رأيته في الباص .
قال كريس : أجل ... لقد قابلتها لأول مره في الباص عندما كنت عائدا للمنزل .
قال د/ مارك : هكذا إذا ... بعدما رأيت ساندرا في الباص قمت باختراع مارلين التي هي في الحقيقة ساندرا التي لم تستطع التواصل معها .
ثم فكر قليلا و قال : لكن لماذا تقوم بالتفكير بفتاه رأيتها في الباص إلى حد أنك قمت بصنع شخصيه تشبهها داخل عقلك .
قال كريس : لقد كانت تنظر إلى باستمرار ... لقد كنت أشعر بالتوتر .
نظر د/ مارك بغضب إلي ساندرا و قال : إذا أنتي من بدء كل هذا ... لماذا كنتِ تحدقي به .
شعرت ساندرا بالخوف و قالت بصوت مهتز : لست أدري ... لا أتذكر .
نظر إليها د/ مارك نظره تهديد و قال : إن كنتِ تخفين شيء ... انتظري عقابك .
غادر د/ مارك الغرفة و جلس بمكتبه يفكر فيما حدث


غادرت د/ ساندرا الغرفة مباشره بعد خروج د/ مارك يبدو أنها كانت خائفة لقد كانت تفكر ما الذي جعلها تتمسك بدخول هذا القسم الغريب ... هل هي حقا قد تكون سبب من أسباب مرض كريس ... ثم وقفت و همست لنفسها قائله : لماذا كنت أحدق به ؟
ذهبت د/ هانا إلى مكتب د/ مارك لتتحدث معه في أمر كريس ... قالت هانا : د/ مارك هل توصلت لشيء فيما يتعلق بمرض كريس ؟
قال د/ مارك بعد أن اخذ نفسا عميقا و انتشر الإرهاق علي وجهه : إنها مجرد أفكار ليست مؤكده ...
قالت د/ هانا : و ما هي تلك الأفكار سيدي ؟
قال د/ مارك : اعتقد أن كريس و ساندرا قد التقيا من قبل لكنهما لا يتذكران ... اعتقد أن كريس كان يتذكر ذلك اللقاء حتى وقت قريب و عندما رآها في الباص قرر أن يستغل هذا اللقاء ليتغلب علي صدمته عندما رأي والده مؤخرا .
قالت د/ هانا : إذا كريس يتذكر هذا اللقاء .
قال د/ مارك : لا ... انه لا يتذكر فعقل كريس قام بمحو كل تلك الذكريات من قبل ليستطيع كريس تقبل حقيقة وجود مارلين في حياته .
قالت د/ هانا : إذا هذا اللقاء هو الشيء المفقود في علاج كريس .
قال د/ مارك : إذا كانت أفكاري صحيحة فاعتقد أن هذا اللقاء سيكون طريقنا لعلاج كريس .
قالت د/ هانا : إذا سيدي ماذا سنفعل ؟؟؟
قال د/ مارك بيأس :ليس أمامنا خيار الآن سوى ساندرا ... إنها حلنا الوحيد لنعرف السر وراء هذا اللقاء الذي قلب حياه كريس رأسا علي عقب .
قالت د/ هانا : إذا ستسمح لساندرا بالبقاء في هذا القسم .
قال د/ مارك بصعوبة : اجل ... لكن مع ذلك لا يمكنني الوثوق بها لذا ساجد شخصا يراقبها جيدا ... اخبريها إنها منذ اليوم هي المسئولة عن المريض كريس هوفن .
قالت د/ هانا : حسنا سيدي .
غادرت د/ هانا مكتب د/ مارك لتجد ساندرا تقف أمام الباب و علي وجهها نظره خوف مختلطة بفضول لمعرفه ما تحدث به د/ مارك .
اقتربت ساندرا من هانا و قالت بحذر : ماذا قال د/ مارك ؟؟
قالت د/ هانا : لقد وافق د/ مارك علي أن تكوني المسئولة عن المريض كريس هوفن ... لكن احذري فهو يراقبكِ فلا ترتكبي أي أخطاء .
قالت د/ ساندرا : لم أعد أريد البقاء في هذا القسم ... هل استطيع الانسحاب من تلك المهمة الآن ...
قالت د/ هانا : لا تستطيعين ... لقد فات الأوان علي ذلك ... لقد أصبحتِ حلنا الوحيد لعلاج كريس .
استندت ساندرا إلي الحائط فاقده الأمل فقالت لها هانا : الأمر ليس بهذا السوء كريس ليس سيء إلى هذا الحد .
استجمعت ساندرا عزيمتها و قررت أن تتولي رعاية كريس ... ذهبت مع د/ هانا لتحصل علي الملف الخاص بحاله كريس ... ذهبت ساندرا إلى مكتبها لتقرا ملف كريس ... و بينما تقرأه استدعاها د/ مارك إلى مكتبه و قال لها : هل رأيتِ كريس من قبل ؟
قالت ساندرا بتوتر : لقد رأيته في الباص أخبرتك من قبل .
قال د/ مارك : لا أتحدث عن هذا هل قابلتيه قبل هذا اليوم ؟
قالت ساندرا : لا اعتقد ذلك ... لقد كانت تلك هي المرة الأولي التي أراه بها .
قال د/ مارك : لم تكن المرة الأولى أنا واثق من ذلك .
قالت ساندرا : صدقني لم أرى هذا الشاب من قبل .
قال د: مارك : هل تستطيعين أن تؤكدي ذلك ؟
قالت ساندرا : لا ... لكنني حقا لم أراه من قبل .
قال د/ مارك : اتبعيني ... علي أن اتاكد من هذا الأمر .
تبعته ساندرا إلى أن وصل إلى غرفه كريس ... فوقفت ساندرا و قالت : لماذا أتينا إلى هنا فقال د/ مارك : لنكتشفك الحقيقة .
بتردد دخلت ساندرا إلى الغرفة و قد كان كريس يجلس في احد زوايا الغرفة فوقف على الفور بمجرد رؤيتها كان الجو في الغرفة في ذلك الوقت يبدو غريبا إلى أن أزال د/ مارك تلك الغرابة عندما قال : هل يمكنني أن اطرح عليك بعض الأسئلة كريس ؟
قال كريس و هو مازال ينظر إلى ساندرا : اجل
قال د/ مارك :ماذا تعرف عن مارلين ؟
أثار السؤال اهتمام كريس و نظر إلى د/ مارك و قال : لماذا ؟؟
قال د/ مارك : تلك المعلومات ستفيدنا في علاجك اتمني أن تساعدنا .
قال كريس و قد نظر إلى ساندرا مجددا : إنها لا تجيد الطهي لان والدتها توفيت عندما كانت في الرابعة في حادث مع والدها و الذي قد قام بتربيتها هو عمها لكنه مشغول طوال الوقت لذا لا يمضي الكثير من الوقت معها ... و تحب البيتزا .
صدمت ساندرا كثيرا عندما سمعت ذلك و نظرت إلى د/ مارك الذي كان يبادلها نفس النظرات ثم فجأة قال : شكرا كريس على تعاونك .
ثم غادر الغرفة و قبل أن تخرج ساندرا من الغرفة قال كريس : ألن تعودي مجددا . نظرت له ساندرا بخوف مختلط بالدهشة و قالت : سأعود .
قال كريس و الابتسامة تغطي وجهه : سأنتظرك .
كانت ساندرا تسير خلف د/ مارك : والخوف يملأ قلبها و عقلها لا يتوقف عن التفكير ... كيف استطاع معرفه كل تلك المعلومات عنها ؟؟؟
لقد توفي و والدا ساندرا بالفعل في حادث عندما كانت بعمر الرابعة و الذي قام بتربيتها منذ ذلك الحين هو عمها مارك ... من اخبر كريس كل تلك المعلومات ؟؟
وصل د/ مارك إلى مكتبه و قال بمجرد دخوله المكتب : هل لديكِ تفسير الآن لكل هذا .
حاولت ساندرا إدعاء الجهل و قالت : لقد قال أنني أحب البيتزا ... من لا يحب البيتزا .
قال د/ مارك : ساندرا هذا ليس وقت المزاح .
قالت ساندرا بتذمر : أنا حقا ليس لدي أي فكره عما قال ... أنا حقا لم أراه من قبل .
قال د/ مارك بيأس : حاولي التذكر أنا لم يعد أمامي خيار لعلاج هذا الفتي غيرك ... لذا حاولي أن تتذكري .
قالت ساندرا : حسنا و لكن هل استطيع التذكر في منزلي أنا متعبه .
حاول د/ مارك كبح غضبه و قال : اذهبي .
غادرت ساندرا المستشفي بسرعة و وقفت أمام المستشفي و عيناها تشتعل غضبا مما حدث اليوم ... عندما كانت مع د/ مارك كانت تخفي هذا الغضب و لكن عندما أصبحت وحدها لم يعد باستطاعتها إخفاء تلك المشاعر ... سارت و الحزن يغطي وجهها باتجاه الباص الذي تستقله يوميا للعودة إلى منزلها ... انه الباص نفسه الذي قابلت به كريس ... كان الباص ممتلئ بالأشخاص العائدين إلي منازلهم بعد يوم عمل شاق ... كان عقل ساندرا يحاول استرجاع ذكرياتها عن كريس كانت منشغلة بالتفكير لدرجه أن الأشخاص حولها تلاشوا و أصبحت لا تري سوي كريس يجلس أمامها بتوتر يحاول تجنب نظراتها له ... أصبح السؤال الذي يشغلها كثيرا هو لماذا نظرت إلى هذا الشاب ؟؟؟ ... قاطع تفكيرها السائق عندما قال إنها أخر محطة آنستي ! ... عندها انتبهت ساندرا إنها قد تجاوزت منزلها فنزلت من الباص و أخذت سيارة أجره و عادت للمستشفي ... لقد كانت عازمة على معرفه سبب مرض كريس ... و معرفه سبب نظراتها له التي جعلته يخترع شخصيه خياليه بسببها ... لنقل أن شغفها كطبيبه اجبرها على العودة لمعرفه سبب مرض هذا الشاب .
بمجرد دخولها المستشفي توجهت إلى غرفه كريس و لكن الممرضة أخبرتها أن كريس تناول دوائه و هو نائم الآن ... عندها قالت ساندرا : لا بأس سألقي نظره عليه ثم أغادر .
دخلت ساندرا الغرفة و اقتربت من كريس و أخذت تنظر إليه عن قرب ... ثم تغيرت تعابير وجه ساندرا يبدو إنها قد اكتشفت شيء و ابتسمت ابتسامه رضا ثم غادرت الغرفة وعادت إلى منزلها .
في الصباح عادت إلى المستشفي و توجهت إلى مكتب د/ مارك و طلبت منه أن يسمح للمريض كريس بالخروج ... صدم د/ مارك من طلبها و قال : لماذا ؟؟؟
قالت ساندرا : لقد اكتشفت شيء ربما يساعده .
قال د/ مارك : و ما هو هذا الشيء ؟
تغير لون وجه ساندرا و قالت : و هل يجب أن تعلم ؟
غضب د/ مارك و قال : هل جننني ساندرا ؟؟
قالت ساندرا بخوف : لكن بشرط ألا تغضب .
هدأ د/ مارك وابتسم و قال : حسنا لن اغضب .
قالت ساندرا : في الحقيقة لقد كنت اهرب من المدرسة عندما كنت في الثانوية و اذهب لأجلس على النهر و هناك قابلت كريس ....
لم يستطع د/ مارك كتمان غضبه و صرخ بوجهها و قال : ماذا !!!! كنتِ تهربين من المدرسة .
ثم قام من كرسيه فخافت ساندرا و تراجعت بضعه خطوات و قالت : أن قمت بأذيتي لن تستطيع علاج كريس .
هدأ د/ مارك و سيطر على غضبه و قال و هو مبتسم : حسنا ... لنتحدث في الأمر لاحقا ... الآن ماذا ستفعلين ؟؟؟
قالت د/ ساندرا بعد أن بدأت تشعر بالاطمئنان : انوي اخذ كريس إلى النهر حتى اجعله يتذكر هذا اليوم .
قال د/ مارك : اخشي أن يتعرض لصدمه أخرى ... لكن ليس لدينا خيار أخر ... لا اصدق أني سأقول هذا لكن أنا اعتمد عليكِ .
شكرت ساندرا د/ مارك و غادرت .
ذهبت ساندرا إلى غرفه كريس و عندما دخلت و جدت كريس يجلس بإحدى الزوايا كعادته فقالت له : هل تأتي معي إلى مكان ما .
نهض كريس و قال بهدوء : حسنا .
غادر كريس المستشفي برفقه ساندرا و استقلوا الباص نحو النهر ... نزل كريس من الباص و قال : لماذا نحن هنا ؟
قالت ساندرا : ستعرف لاحقا .
جلس كريس في مكانه المعتاد و جلست ساندرا بجواره و قالت : هل قابلت مارلين هنا من قبل ؟
فقال بهدوء مختلط بالحزن : اجل .
فقالت ساندرا و علامات التعجب تغطى وجهها : متى ؟
فقال : عندما هربت من المستشفي قبل عده أشهر .
فقالت ساندرا : اقصد قبل هذا اليوم ... ربما قبل عده سنوات .
قال كريس : ماذا ؟؟؟
قالت ساندرا : كل ما رايته و قال عنه الجميع انه وهم أو مرض ... أنت رايته في الحقيقة قبل عده سنوات ... عندما كنت في المرحلة الثانوية أنت قابلت مارلين .
تعجب كريس و قال : ماذا!!! لكني لا أتذكر كل هذا .
قالت ساندرا : لكنني أتذكر .
نظر إليها كريس نظره لا استطيع وصفها .
أكملت ساندرا حديثها قائله : لقد رايتك في هذا المكان عندما كنا في الثانوية ... أسفه لأنني لم أتذكرك من قبل ... لقد كنت خائفة من مكان العمل الجديد .
لم يجد كريس كلمات ليقولها فقد كان مصدوما بشده لذا قرر أن يستمع لها فقط لأنها مارلين الشخص الذي يثق به كثيرا .
أكملت ساندرا حديثها قائله : لقد هربت من المدرسة عندما كنت في الثانوية و جلست هنا على النهر و عندما رايتك تجلس وحدك اقتربت منك لنتبادل الحديث و أخبرتك عن وفاه والداي و تحدثنا طويلا ثم عندما كنت أغادر سألتني ما اسمك ؟؟؟ فكذبت و قلت ( مارلين ) ... لست ادري لماذا كذبت بخصوص اسمي في هذا اليوم ... لذا أنا أسفه ... منذ عده أشهر قابلتك في الباص يبدو أنني كنت أحدق بك هذا اليوم لأنك بدوت مألوفا لدي ... و يبدو انك تذكرتني و لكنك فضلت أن تستغل ذكرياتنا لتتخلص من صدمتك عندما رأيت والدك على أن تتحدث إلي .
كان كريس يجلس صامتا يستمع إلى ساندرا و الدموع مسجونة في عينيه .
قالت ساندرا : هل أنت بخير ؟
قال كريس و هو يمسح دمعه استطاعت أن تخرج من عينيه : اجل .
قالت ساندرا : هل تتذكر الآن ؟
قال كريس بهدوء : قليلا ..اشعر بتلك الذكريات داخلي ... لقد كنت بدون أصدقاء ... كان الجميع يتجنبني لكن في احد الأيام أتت فتاه و جلست بجواري و تحدثت معي عن عائلتها ... لقد بدت تلك الفتاه مثلي ... حيث إنها فقدت والداها و تعيش مع قريبها ... و مع ذلك مازالت تستطيع أن تبتسم ... تلك الفتاه كانت أكثر شجاعة مني لذا تمنيت أن تبقى معي لتعلمني كيف ابتسم مثلها .
يبدو أن ساندرا لم تستطع أن تحبس دموعها عندما سمعت تلك الكلمات فمسحتها بيدها و استمرت في النظر إلى كريس و سماع كلماته التي ظلت مسجونة بداخله طوال هذه الفترة .
أكمل كريس حديثه قائلا : أسف ... لجعلكِ مرضي.
قالت ساندرا : لا يجب أن تكون أسف بسبب هذا ... هل نعود إلى المستشفي ؟؟
ثم نهضت من مكانها لتغادر ... فقال كريس : لكن ما هو اسمك ؟
التفتت إليه و قالت : ساندرا ... اسمي الحقيقي ساندرا .
عادا إلى المستشفي فوجدا د/ مارك ينتظرهما و يبدو على وجهه القلق الشديد ... لكنه اطمأن عندما رأى كريس يبدو بحاله جيده .
عاد كريس إلى غرفته و رافقت ساندرا د/ مارك إلى مكتبه لتناقش معه حاله كريس ... بقى كريس في المستشفي لعده أسابيع أخرى ليتأكد د/ مارك أن حالته النفسية أصبحت مستقره تماما ... كانت كريس يتحسن بسرعة كبيره و ملحوظة في تلك الأسابيع القليلة ... أصبحت علاقته بساندرا في تلك الفترة أفضل من قبل وصاروا أصدقاء مقربين و ذلك ساعد كريس على الشفاء سريعا .
و في احد الأيام ... ذهبت د/ ساندرا إلى مكتب د/ مارك لتطلب توقيعه على أوراق خروج كريس و أخبرته انه الآن بخير و يستطيع أن يكمل علاجه في المنزل ... اخذ د/ مارك الأوراق من يدها و وقعها .... ابتسم د/ مارك و قال : أحسنت ساندرا .... لقد استطاعتي في أسابيع قليله أن تحققي ما لم استطيع تحقيقه .
قالت ساندرا و ابتسامه الانتصار تغطي وجهها : هل تخبرني الآن أنني طبيبه ناجحة .
اختفت الابتسامة عن وجه د/مارك و قال : مستحيل ... لقد كنتِ السبب في تلك المشكلة منذ البداية ... ثم عادت الابتسامة إلى وجهه مجددا و قال : لكنني الآن أثق بكِ قليلا لذا سأسمح لكي بأن تساعدي د/ هانا في الإشراف على الحالات الخاصة .
ابتسمت د/ ساندرا و شكرت د/ مارك و غادرت لتخبر كريس بموعد خروجه ... كان كريس سعيدا جدا عندما علم بأنه سيغادر المستشفى ... أصرت جده كريس على أن يعود للعيش معها في قصر عائله مان أمام إصرار جدته وافق كريس و بالفعل عاد للعيش بقصر عائله مان ... كانت ساندرا تزور كريس كثيرا بعد خروجه من المستشفي لتراقب حالته ... و في احد الأيام بينما د/ مارك و ساندرا يجلسان مع كريس و جده بالحديقة ... أتى طونى و على وجهه ابتسامه كبيره و قال : هل سمعتم ما حدث ؟
قال السيد مان جد كريس : ماذا حدث ؟
قال طونى : لقد حدثت مشكله ما بين السيد جين و زوجته و سمعت أنهم انفصلا .
ساد الصمت لفترة ثم قال كريس : دعك من هذا ... هل وجدت عمل ؟
قال طونى : ليس بعد .
قال السيد مان : لماذا لا تأتي للعمل في إحدى شركاتي ؟
قال طونى : شكرا سيدي لكن العمل في شركه لا يناسبني لقد اعتدت على العمل في المصانع بين الآلات لذا العمل على المكاتب لا يناسبني .
قال السيد مان : أن غيرت رأيك فتأكد أنني سأساعدك .
قال طونى : شكرا سيدي .
بينما يتحدثون أتي خادم و قال : هناك شخص يريد رؤية السيد كريس .
قال كريس : من ؟
قال الخادم : السيد جين هوفن .
وقف السيد مان و قال بغضب : اخبره انه ليس هنا ... و اجعله يغادر حالا .
قال كريس : لا ... اخبره أنني قادم .
غادر الخادم ...
قال السيد مان : لماذا ؟
قال كريس : ارغب بمعرفه سبب مجيئه .
قالت ساندرا : لا بأس سيد مان دعه يقابله .
ثم قالت : كريس يجب أن تصمد للنهاية ... لا تهرب مجددا.
قال كريس : حسنا .
ثم ذهب للقاء جين هوفن .
عندما رأى السيد جين كريس وقف و نظر إليه ... اقترب كريس و مد يديه لمصافحه السيد جين ... ثم جلس على كرسي بجواره .
ساد الصمت بينهما لفترة ليست طويلة ثم قال السيد جين : لقد انفصلت عن سيلين .
قال كريس : لقد سمعت بالأمر .
قال السيد جين : ألا تريد العودة إلى المنزل .
قال كريس : عن أي منزل تتحدث ... أهو المنزل نفسه الذي طردتني منه عندما كنت طفلا ؟
قال السيد جين : أنا أسف على كل ما حدث ألا تستطيع مسامحتي ؟
قال كريس : أسف !!!! .... هل تعتقد أن تلك الكلمة قادرة على محو كل ما مررت به تلك السنوات ... هل تعلم حتى ما مررت به ؟
قال السيد جين : اعلم أنني أخطأت ... اعلم أن مسامحتي ستكون صعبه للغاية ...لكن ألا تستطيع إعطائي فرصه واحده .
قال كريس : لا اعتقد أنني قادر علي ذلك .
ثم وقف كريس و قال : اعتقد أن حديثنا قد انتهي .
هنا دخلت ساندرا و نظرت إلى كريس و قالت : الم تعدني أن لا تهرب .
نظر كريس إليها و قال : لم افعل ؟؟؟
قالت ساندرا : بلى فعلت ... هذا هو مرضك كريس الهروب ... أنت تجد أن الهروب هو أسهل و أفضل طريق للتخلص من مشاكلك كريس .
جلس كريس و قال : لم أكن اهرب لقد انهينا حديثنا لذا كنت سأغادر أنا لا اهرب .
قالت ساندرا : لا اقصد هذا النوع من الهروب ... أنت حين ترفض إعطائه فرصه هذا يعد هروبا أيضا حين تخفي مشاعرك هذا أيضا هروب ... توقف عن الهروب كريس ... لقد اخطأ والدك من قبل لكنه أدرك خطأه و أتى إليك حتى وان كان هذا متأخرا كثيرا فهذا أفضل من ألا يأتي إطلاقا ... البشر يخطئون دوما لكن الخطأ الأكبر هو تجاهل أسفهم على أخطائهم ... أنت الآن ترتكب خطئا لا يقل عن خطا السيد جين .
نظر كريس إلى والده و قال : لقد وعدت تلك الفتاه ألا اهرب مجددا ... و لكي أحافظ على هذا الوعد سأعود إلى المنزل .... أبي .
ثم عانق كريس السيد جين ...
دخل د/ مارك و طونى و السيد مان ... و قال السيد مان : جين حين أرسلت إلى كريس منذ 16 عام أرسلت لي رسالة تقول بها ( أن ولاء هذا الطفل لعائله مان جعل والده يتخلى عنه ) ... اليوم أخبرك ( أن ولاء هذا الطفل لك جعله مرضا ل 16 عام فلا تتخلى عنه ).
بكى السيد جين و اعتذر للسيد مان عن كل ما بدر منه في حق عائلته و ابنته ...قال السيد مان : من اجل ابنتي لا اعتقد أنني استطيع قبول اعتذارك هذا ... لكن من فضلك اعتني بحفيدي جيدا .
مرت عده أيام ...
كان د/ مارك يجلس علي أريكة في منزله يقرا كتابا ... فرأى ساندرا عائده من الخارج فقال : ساندرا أين كنتِ ؟
قالت ساندرا : كنت ازور كريس ؟ لأطمئن على حالته .
قال د/ مارك : اعتقد أن حاله كريس أصبحت جيده جدا ... لذا اعتقد انكِ تستطيعين التوقف عن زيارته .
قالت ساندرا بتذمر : أنا المسئولة عن كريس لذا أنا من يحدد متى أتوقف عن زيارته .
وقف د/ مارك و قال : هناك شيء لا اعتقد أنني استطيع فعله ... حقا لقد حاولت لكنني لا استطيع .
قالت ساندرا بحذر : ما هو ؟
قال د/ مارك بغضب : لا استطيع مسامحتك على هروبك من المدرسة .
قالت ساندرا بخوف و قد تراجعت عده خطوات للخلف : ماذا!
قال د/ مارك : لقد فكرت كثيرا في عقاب مناسب لكنني لم أجد شيء ... لكن اليوم ساعدني كريس في إيجاد عقاب مناسب .
قالت ساندرا بصوت عالي مملوء بالغضب : ماذا !!!! كريس ساعدك !!!! سأقتل هذا الشاب الآن .
قال د/ مارك : ألا تريدين معرفه ما هو العقاب ؟
قالت ساندرا بوجه شاحب : لا
قال د/ مارك : عقابكِ هو أن تتزوجي كريس .
صدمت ساندرا و قالت : ماذا؟
قال د/ مارك : لقد أتي كريس إلى اليوم و اخبرني انه يريد الزواج بكي و أرادني أن اعرف ما هو رأيك عنه .
قالت ساندرا محاوله إخفاء خجلها : هذا الفتي مازال مريض لماذا يطلب منك أن تعرف رأيي ؟ ... هل تعتقد انه يهرب مجددا من مواجه الأمور؟
قال د/ مارك : إذا أنتِ لا توافقين .
غضبت ساندرا و قالت بسرعة : متى قلت هذا ؟؟؟؟؟
ثم غادرت بسرعة إلى غرفتها .
لم يمر وقت طويل .... تزوج كريس و ساندرا ... و عاشا معا حياه سعيدة .
أصبح كريس المسئول عن مصنع والده و عاد طونى إلى عمله في المصنع .
هنا تنتهي قصه كريس و ساندرا ... لكن من أين بدأت قصتهما ... هل تعتقد أن لقائهما عند النهر كان لقائهما الأول ... في الحقيقة ذلك لم يكن لقائهما الأول ... لقد كان لقائهما الأول ... بعد وفاه والده كريس بعده أيام ... عندما أتت مع عمها مارك لزيارة السيد مان ... كان كريس في هذا الوقت مريضا بسبب وفاه والدته ... بالمصادفة أسقطت ساندرا بعض العصير على ملابسها فذهبت للبحث عن صنبور للمياه لتنظف ملابسها فدخلت غرفه كريس بالمصادفة و عندما دخلت حمام الغرفة كان كريس يغسل وجهه و عندما رفع وجهه رآها في المرآة فصدم والتفت إليها فنظرت له نظرتها الباردة و قالت: ابتعد ... ابتعد كريس للجانب قليلا فاقتربت ساندرا من الصنبور و نظفت ملابسها و تركت الصنبور مفتوحا و غادرت الغرفة ... ذلك هو اللقاء الأول الذي لا يتذكره الجميع ... كان ذلك اللقاء السبب في تحسن حاله كريس بعد وفاه والدته و كان هذا اللقاء السبب في تحسن حاله كريس بعد رؤية والده في المصنع ... لقد كان هذا اللقاء هو الحلقة المفقودة التي دفعت كريس لحب مرضه .


النهايه



التعديل الأخير تم بواسطة um soso ; 23-10-16 الساعة 11:24 AM
joo candy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-16, 11:49 AM   #2

um soso

مشرفة وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومراسلة خاصة بأدب وأدباء في المنتدى الأدبي

alkap ~
 
الصورة الرمزية um soso

? العضوٌ??? » 90020
?  التسِجيلٌ » May 2009
? مشَارَ?اتْي » 33,769
?  مُ?إني » العراق
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » um soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond repute
افتراضي

سبق وان قرأت الجزء الاول من قصتك وشدتني وكنت انتظر تكملتها
الان هي كامله
قصه جميله
بانتظار جديدك
بالتوفيق


um soso غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى وبياض ثوبك يشهدُ

https://www.rewity.com/forum/t406572.html#post13143524

روايتي الثانيه والروح اذا جرحت
https://www.rewity.com/forum/t450008.html





رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:02 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.