آخر 10 مشاركات
فضيحة فتاة المجتمع الراقي (83) لـ:مورين شايلد (الجزء1 من سلسلة فضائح بارك أفينو)كاملة (الكاتـب : * فوفو * - )           »          في أروقة القلب، إلى أين تسيرين؟ (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          سارية في البلاط الملكي * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : هديرر - )           »          نساء من هذا الزمان / للكاتبة سهر الليالي 84 ، مكتمله (الكاتـب : أناناسة - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-12-16, 08:01 AM   #11

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بيت العنكبوت 9
- نقطة ضوء –


مطار الخرطوم الدولي سابقا ..
تحديدا تلك المنطقة التي تبدأ من سور المطار الجنوبي ووتمتد لتشمل المطار بأكمله ومعه القيادة العامة السابقة للقوات المسلحة .. البقعة الوحيدة من أرض الوطن التي لا تزال تنبض بالحياة .. جزيرة صغيرة وسط بحر ثائر من الجنون والتعصب والقتل والمخدرات .. المكان كله كان محاطا بأسوار عالية وسواتر من الأسمنت تخفي تماما ما بداخله .. نقاط حراسة عديدة تناثرت على كافة الأسوار .. بالداخل كانت خلية النحل تغلي .. مساحات شاسعة من الخيام تحيط بمدرج المطار وتتوزع داخل القيادة .. بضع طائرات من طائرات الأمم المتحدة تقف في نهاية المدرج والعمال ينزلون منها الحاويات الكبيرة .. مجموعة كبيرة من الشباب يرتدون زيا رياضيا عسكريا ويقفون في طوابير وأمامهم المدربين .. يركضون .. يزحفون .. يتدحرجون .. حماس عال وصيحات قوية من الحناجر .. ومن أعلى مبنى من مباني القيادة وعبر نافذة زجاجية كبيرة وقف البروف يحيى يراقب الموقف .. بشعره الأشيب وسنواته السبعين ونظارته السميكة وتجعيدتي الهم المرتسمتين حول فمه .. ظل صامتا لمدة طويلة حتى إن مساعدته الشابة تنحنحت وهي تقول :
- أحم .. إنت ناديتني يا بروف ؟
إلتفت إليها وأبتسم :
- أيوا .. قبل شوية أتصلت على اللواء سالم وحيجي بعد ربع ساعة تقريبا وفي الفترة دي عايزك تسجلي معاي أجندة اليوم
مررت إصبعها على شاشة الأيباد العريضة فتألقت وأنبثقت الأيقونات من نقطة في وسط الشاشة وتوزعت لتملأ الشاشة فأختارت منها أيقونة الأجندة ، لتنفتح أمامها صفحة بيضاء أسفلها لوحة المفاتيح الرقمية التي تعمل باللمس وألتفتت بإنتباه للبروف الذي قال :
- عايزك ترسلي إيميل لقناة (سي إن إن) وتقولي ليهم بالنسبة لموافقتنا بإنو المراسلة بتاعتهم تجري حوار مع زعيم جماعة شباب الإسلام فدي حاجة ما بيدنا ونحن ما عندنا سلطة عليهم وما حنقدر نحمي الطاقم بتاعهم لو إتجاوز حدود المطار
كتبت ماقاله بسرعة عالية فأكمل :
- وبلغي شركة فرهاد الهندية إنو نحن آسفين بالنسبة لقبول عرضهم بتاع مشروع الجزيرة
وأكمل هامسا لنفسه :
- فاكرني بروف دي جبتها ساي انا لما أقبل عرض زي ده
كتبت كلامه ، بينما صمت هو وسرح لحظة ثم واصل :
- إتصلي على دكتور مجدي في الأمم المتحدة وبلغيهو إننا عايزين منشورات بخط كبير تدعو الناس إنها تجي المطار وأنا حأتصرف في موضوع الطيارة الحتوزعهم
سألته بصوت خافت :
- المنشورات دي يابروف حتتوزع في العاصمة بس ولا في المدن التانية والطرق الرئيسية المؤدية للعاصمة
- للأسف ما حنقدر نصل للمدن التانية حاليا بسبب سيطرة الحركات وقوات ال(ج) وإمتلاكهم لمضادات طيران ، حنحاول نغطي العاصمة بس أما الناس البره مؤقتا كده ما حنقدر نعمل ليهم حاجة وربنا يعينهم
سقطت دمعة على شاشة الأيباد ، نظر لها البروف متحيرا ثم قال لها بصوت أبوي مشفق :
- في حاجة يا آية ؟
- لا ..بس .. أنا
غلبها الكلام فنهضت وهي تقول :
- آسفة يابروف
قال لها وهو يتناول منها الأيباد :
- أمشي أرتاحي وتعالي بعد إجتماعي مع اللواء سالم
غادرت المكان وهي تكفكف دموعها وفي الباب كادت تصطدم برجل عجوز ولكن مازال يحتفظ بجسد رياضي ، أفسح لها الطريق وهو يدخل ويقول بصوت جهوري :
- البت الليلة مالها يا دفعة ؟ أسمع أوع تكون شاغلتها أنا عارفك بتعملها
إبتسم البروف لصديقه القديم قائلا :
- إنت قايلني عسكري طيرة زيك كده عيني زايغة ؟
تصافحا وجلس اللواء العجوز المتقاعد على مقعد في منضدة الإجتماعات الصغيرة وهو يقول :
- عارفك كنت مستشار للرئيس الأمريكي زاتو وعارفك كنت مستشار للأمم المتحدة وكان عايزين يرشحوك تبقى أمين عام ووووووو عارف الحاجات دي بس في النهاية كل ما أشوفك لازم أتذكر حكاياتك زمان في الثانوي
ضحك البروف قائلا :
- ياخ ماف داعي تذكرني الموضوع ده كل يومين ، وأساسا أنا لو ما كنت عرفت صديق سوء زيك كده الزمن داك ما كنت عملت الحاجات دي .. المهم أنا ما دايرك عشان الذكريات السمحة دي
إعتدل اللواء سالم في جلسته ، فقال له البروف :
- الأمريكان والروس والصينين وافقو
أخرج اللواء نفسا قويا من أنفه دلالة على الراحة الهائلة التي بثها الخبر داخله ، وقال منفعلا :
- وافقو بكل الشروط القلناها ليهم ؟
- كلها
- لا تدخل عسكري ، لا إستغلال لا قذارة لا ألاعيب سياسية ؟
مرر البروف إصبعه على شاشة الأيباد قائلا :
- إنت عارف إنو السياسة الدولية ما بتخلو من الحاجات دي والموضوع بعتمد على قدرتك على اللعب ، أنا والأمريكان متفاهمين من الناحية دي وهم عارفين إنهم لو لعبو على العالم كلو ما حيقدرو يلعبو على أنا لأننا طابخنها سوا زي ما بيقولو .. الفكرة بسيطة جدا لكل الأطراف : أنا عايز أبني دولة من جديد وعايز مساعدتكم ، مشاكلي الدخلية حأحلها براي ، كل العايزو منك إعادة الإعتراف بي كدولة في الجمعية العمومية للأمم المتحدة وإلغاء كافة الديون القديمة وبالمقابل وبشروطنا حنفتح المجال لشركاتك للإستثمار الزراعي والصناعي عندنا
حك اللواء سالم صلعته مفكرا ثم قال بحذر :
- والبترول
- ده الطعم الحنجذب بيهو السمكة الصينية
- وطبعا السمكة الروسية حتنجذب بالطعم بتاع تسليح الجيش
قال له البروف مبتسما :
- بالضبط .. المهم إنت عملت شنو مع قادة الحركات ؟
- كالعادة منقسمين بين رافض ومؤيد حاليا في خمسة موافقين
رفع البروف إصبعه محذرا :
- سالم .. أنا ما عايز مفاوضات ميتة زي بتاعة الحكومة السابقة خمسة يوافقو وعشرة يرفضو
قال له اللواء بإهتمام :
- إطمن .. بمناسبة الحكومة السابقة ، عملت شنو في موضوع إسترداد الأموال ؟
راح البروف يستعرض بعض الصور على الأيباد قبل أن يرد :
- تقريبا رجعنا سبعين في المية من الأموال المهربة وأمس تم بيع آخر قصر في ماليزيا في مزاد أشرف عليهو د.عمر ولدي والقروش نزلت في الحساب الموحد للدولة
شرد اللواء بنظره خارج النافذة وهو يقول :
- يعني اللحظة قربت يا يحيى
إقترب البروف من النافذة وتأمل مدرج المطار والمهندسين والعمال المنهمكين في تمديد السور ليتصل بالساحة الخضراء ليوفر مساحة إضافية للقادمين ، ثم قال بصوت هادئ :
- قربت شديد يا سالم .. الشباب بتاعينك جاهزين ؟
- طبعا جاهزين ومتحمسين كمان مع انو فيهم ناس ما عساكر ولا حاجة ويداب أتطوعو قبل ستة شهور
قال البروف :
- بكرة أنا حأسافر نيويورك عشان جلسة الأمم المتحدة وحألقي خطاب هناك بإسم السودان ، وحأشوف نتيجة التصويت لإعادة الدولة وبعدها حأمشي عشان أشوف موضوع شركات الإتصالات وألزمهم بالعقد الموقع مع الحكومة القديمة ولما أرجع عايز كل الشباب جاهزين عشان نبدأ
- نبدأ بمنو ؟
- الحركات وقوات ال(ج) ديل قوات نظامية أو شبه نظامية عندها قيادات ومطالب ونحن حاليا بتفاهم معاهم .. حنبدأ بالجماعات المتطرفة والعصابات وتجار المخدرت وصدقني دي ما حتكون حرب سهلة أبدا
قال له اللواء بحماس :
- كلنا منتظرين إشارتك بس يا بروف
مرة أخرى شرد البروف خارج النافذة حيث الشمس الحارقة التي تشوي الناس بالخارج وهو يرد :
- ما أنا البيدي الإشارة يا سالم .. ما أنا .. لما يجي وقتها الإشارة بتجي براها .. صدقني حتجي براها
يتبع





فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-12-16, 08:02 AM   #12

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بيت العنكبوت 10
- أنجيلا سانشيز –

كيف تنهار الأمم وتسقط الحضارات ؟؟؟
كنت أقف لوحدي وسط فراغ شاسع مظلم كأنه الصحراء في الليل .. مالذي جاء بي إلى هنا ؟ لا أدري .. هناك صوت يدوي مثل الرعد في الأجواء ويسألني :
- كيف تنهار الأمم وتسقط الحضارات ؟
أتلفت حولي لأرى من يسأل فلا أرى أحدا.. فجأة تضئ شاشة كبيرة بحجم الأفق أمامي لتنقل لي إجابة السؤال .. كانت صورة أطلال روما .. كيف سقطت روما ؟ كيف سقطت إمبراطورية فارس ؟ كيف سقطت لأندلس ؟ كيف سقط شاه إيران ؟ كيف سقطنا نحن وأنحدرنا إلى عصور ما قبل التاريخ ؟ .. على الشاشة تظهر صورة كبيرة لثعبان بشع الهيئة يتلوى ليشكل كلمة واحدة كبيرة تغنيك عن ألف مقال .. الفساد .. السوس الذي نخر في أركان روما ، وأنتشر في جسد الأندلس وأطاح بشاه إيران .. الفساد الأخلاقي والإقتصادي والسياسي هو الذي هزم روما العظيمة قبل أن تهزمها وتجتاحها قوات البربر والقوط .. هو الذي دحر المسلمين في الأندلس قبل أن تجهز عليهم جيوش الملك فرناندو .. هو الذي دمر الشاه قبل أن يجبره طلاب الثورة على الهروب .. ما حدث لدولتنا لم يكن إستثناء .. فساد روما وإيران والسوفييت كان مجرد لعب أطفال مقارنة مع ما حدث عندنا نهارا جهارا .. لم تكن الحكومة القديمة تخاف أو تخجل من أي شئ .. كان المسؤول يسرق اليوم ويخرج غدا قانونا جديدا ليفلت من العقاب ثم تعاد الثقة فيه في اليوم الذي يليه لتتم ترقيته إلى أعلى المناصب .. مليارات الدولارات تسرق .. الأزمة الإقتصادية تتفاقم .. ترتفع الأسعار .. تفقد العملة قيمتها تماما .. التمرد يزيد ضرباته .. الحكومة تزداد شراسة في قمع كل مظاهر الثورة في نفوس الناس .. الطلاب يقتلون .. الدماء تسيل .. أسمع صوت إرتجاج قوي فأفتح عيني على إتساعها لأجد نفسي في المقعد المجاور لأسعد .. قال لي باسما :
- شكلو الحبة الأديتها ليك نفعتك لأنك نايم تلاتة ساعات
قلت له لاهثا وأنا أشرب من باقة الماء :
- دي حبة شنو ؟
- حبة ممنوع إعطاءها إلا لدواعي طبية قوية لأنها نوع من أنواع المخدرات ، الشباب البتعاطوها بيسموها ( حبة الرحلة ) لأنها بتاخدك في رحلة عجيبة لأماكن جميلة عمرك مازرتها .. ههههه في شباب قالو إنهم مشو شافو الجنة لما بلعوها.. أها ودتك وين إنت ؟
قلت له عابسا :
- أنا ودتني جهنم زاتها
قال لي وهو يشير خارجا :
- تاني ما حأديك ليها .. عموما نحن وصلنا يا سيدي
نظرت إلى حيث يشير لأرى المنظر االذي طال إنتظاري له .. بوابة الخرطوم .. كان المدخل خاليا ومهدما والطوب يتناثر على الأسفلت بإهمال .. الغرف التي كان يتم فيها تحصيل رسوم المرور كانت خالية ومحترقة .. لافتة شركة الإتصالات الكبيرة التي ترحب بالزائرين محطمة ومرمية جوار الطريق .. تبادلنا نظرة صامتة ثم أجتازت اللاندروفر البوابة لتنفسح أمامنا المدينة .. الخرطوم .. تبدو من بعيد مثل مدن الكوابيس .. ثمة دخان يتصاعد من هنا وهناك ولكن لا صوت غر صوت محرك اللاندروفر .. قال لي أسعد وهو يميل بالسيارة :
- نحن حنمشي أمدرمان أول حاجة وحتنزلني هناك وتواصل طريقك للمطار
قلت له مندهشا :
- إنت ما حتمشي معاي المطار مع هبة ؟ هناك المكان آمن ليكم من أمدرمان
قال لي كأنه يمزح :
- يا زول أنا ماشي أعرس وأعمل شهر عسل هادئ ورايق وبعدها حأجي على المطار .. أسبقنا إنت وحنحصلك
سمعنا صوت هدير غريب بالخارج فأبطأ أسعد سرعة السيارة وهو يخرج رأسه لينظر خارجا ، ثم قال لي بدهشة :
- دي هليوكوبتر
نظرت للخارج لأجد هليوكوبتر بيضاء صغيرة تحلق فوقنا وتحتها مكتوب بخط أسود واضح : برس ( صحافة ) ، قال لي أسعد متوترا :
- الزول ده مجنون ولا شنو ؟ جماعة الشباب المسلم لو شافو الهليوكوبتر دي ح...
قبل حتى أن يكمل كلامه رأينا ذلك الصاروخ ينطلق خلف الهليوكوبتر ، ثم يصطدم بذيلها بإنفجار عنيف أطاح بها كالحجر نحو الأرض .. غبار .. دخان .. نيران .. ثم همد الجسم الحديدي والنيران تشتعل فيه .. وثب أسعد خارج السيارة وأنا أصيح به :
- ماشي وين يا مجنون .. خلينا نتخارج أحسن
كان قد وصل للهليوكبتر وهو تلفت ثم دخل بشجاعة وغاب لحظة ثم ظهر ملوحا لي :
- (س) .. تعال سريع في واحد حي
تغلبت على آلامي وعلى التخشب الذي أصابني من الجلسة الطويلة ونزلت ومشيت مترنحا حتى وصلته وأنا أتلفت خائفا فقال لي وهو يجذب جسدا للخارج :
- ده حي والإتنين التانين ماتو .. أسرع قبل عربات الجماعة ديل تصل
كان الرجل يرتدي زيا أبيض كامل من أزياء الطيران الحديثة التي تنتفخ في حالة الحوادث لتقي الراكب من الإصابة ، مع خوذة سوداء سميكة أخفت معالم وجهه .. حملناه بسرعة وأدخلناه للسيارة وأنطلق بها أسعد بسرعة شديدة وهو يغمغم :
- يارب مافي زول يشوفنا
عشر دقائق من القيادة وسط الشوارع الخالية ثم أوقف أسعد السيارة وقال لي :
- س .. ناولني شنطتي
ناولته الشنطة وأنا أسند الرجل بيدي ، فقال لي :
- طلع الخوذة بتاعتو وساعدني عشان نطلع اللبسة دي .. عندك سكين ؟
هززت رأسي أن : لا وأنا أعالج الخوذة ثم أسحبها .. تدفق شلال من الشعر الأسود الناعم الطويل ليغطي وجها قمريا لجمال لا يمكن إلا أن يكون أسبانياً .. كانت فتاة .. وقفت مشدوها أمام المشهد ولكن أسعد تحرك كأنه لم يرها أصلا وفك سوستة الزي الواقي وجذبه وراح برفق يقيس نبضها ، ثم قال لي وهو يشير لقدمها :
- محظوظة لأنها طلعت من الحادثة دي كلها بإلتواء بس في الرجل لكن ما عندها أي حاجة تاني
تناول باقة الماء وسكب بعضه في يده ثم نثره برفق في وجهها ، إنتفضت بهلع وهي تصرخ بالإنجليزية :
- أو ماي قود ..
ثم تلفتت بذعر وهي تتأمل وجوهنا متمتمة وقد عادت إليها ذكرتها :
- الهلوكوبتر .. الحادث .. أين داوين ومايكل ؟
قال لها أسعد برفق بالإنجليزية :
- أهدأي يا آنسة .. اهليوكوبتر أصابها صاروخ وأنت الوحيدة التي نجت
بكت بحرقة شديدة فلذنا بالصمت حتى أفرقت دموعها وهي تقول :
- ومن أنتم ؟
- نحن عابري طريق رأينا الحادث وأنقذناك .. من أنت وأي جنون دفعك للخروج بهليوكوبتر هكذا ؟
قالت من وسط دموعها :
- أنا أنجلا إليخاندرو سانشيز مراسلة سي إن إن الإخبارية وكان معي المصور وقائد الهليوكوبتر وكنا في طريقنا لإجراء مقابلة مع شيخ يوسف أبو الحسن
قال لها أسعد بذهول :
- زعيم جماعة الشباب ؟ أنتم مجانين أيها الأمريكيون
- لسنا مجانين فقد أوصلنا له خبرا إننا نريد إجراء حوار معه ووافق ولا أدري لماذا غدر بنا هكذا
قال لها أسعد بمرارة :
- ليس هو من غدر بكم ، ولكن أنتم لم تضعوا في حساباتكم إن جماعته قد إنقسمت لثلاثة جماعات تحارب بعضها حاليا
راحت تبكي مرة أخرى فأدار أسعد محرك السيارة وهو يقول :
- سنخرجك من هنا وسيعيدك صديقي للمطار
شارع النيل كان يحكي لنا قصة الخراب الذي أصاب هذه البلاد .. السيارات المحطمة .. المباني الحكومية المحترقة .. النجيل الذي جف أصفر لونه بسبب العطش .. قاعة الصداقة التي تهدمت .. هناك لافتة ضوئية كبيرة على بوابتها تعلن عن مؤتمر قبل عام من الآن .. لافتة ممزقة وصور الأشخاص فيها تم تشويهها كل شئ ورمي القاذورات عليها ..فقط شعار المؤتمر هو الذي نجا من التشويه .. وأعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا .. ليتنا أعتصمنا .. ليتنا أعتصمنا لأن ريحن قد تفرت في ألف واد وواد ..عبرنا جوار المقرن إلى الكوبري الحديدي المؤدي لأمدرمان .. إلتفت جنوبا عبر النيل لأجد الكوبري الآخر محطما المنتجعات السياحية أسفله يغمرها الماء والغابة خالية من العشاق والرحلات .. بلعت لعابي مع حسرتي والسيارة تمضي بنا وقائدها الطبيب الشباب يبدو كأنه في عالم آخر بحيث لا يرى الأشياء من حوله .. كان كل ذهنه وخياله مشاعره تسبقه هناك .. إلى هبة ..
(يتبع )


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-12-16, 08:04 AM   #13

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بيت العنكبوت 11
- كلمة –

الزمان : الزمن القادم
المكان : مبنى الأمم المتحدة – نيويورك
الحدث : ما سنراه بعد قليل ..
تتجه كل الأعين من كل الأجناس والألون نحو ذلك العجوز الأشيب الذي سمح له رئيس الدورة بالكلام .. كلهم يعرفونه حق المعرفة .. كلهم يشفقون عليه وعلى ما أصاب بلده وكلهم متعاطف مع قضيته .. البروف يحيى .. المستشار السابق للرئيس الأمريكي وللأمم المتحدة ورئيس منظمة الفاو .. الرجل الذي لا وطن له كما يسمونه .. الرجل الذي ترك كل المجد والشهرة والثروة والأحلام المخملية في بلاد ما وراء المحيط وعاد بقدميه لجحيم الوطن الممزق وأختار الحياة في بيت العنكبوت .. يقف هناك وصوته الواثق العميق يملأ الأجواء :
- سيدي الرئيس .. السيد الأمين العام للأمم المتحدة .. السادة مناديب الدول المحترمون .. دعوني أسرد لكم قصصا من التاريخ لأضعكم في جو الأحداث .. في نهاية القرن التاسع عشر إندلعت الحرب الأهلية في أمريكا وتمزقت البلاد بين الجنوب والشمال وأحتاج الأمر لجيل جديد لكي تنهض أمريكا التي نجلس اليوم في قلبها .. في أربعينات القرن العشرين نالت الهند إستقلالها وبعدها أندلعت في المشاكل التي إنتهت بإنفصال الباكستان .. في النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين إندلعت الحرب الأهلية التي مزقت سوريا .. وقبل عام وثلاثة أشهر ، تمزقت بلادي وعادت إلى عصور ما قبل التاريخ ، فما الذي يجمع بين تلك الأمثلة وبين ما حدث لوطني ؟ كلها دول إمتازت بميزة واحدة عن سائر البلدان .. أمريكا والهند والسودان k وهي إنها دول يتكون شعبها من مختلف ألوان الطيف العرقي والديني والثقافي .. أمريكا والهند إختارتا طريق الخلاص وتصالحتا مع مكونتاهما العرقية والدينية والثقافية .. إحترموا الآخر فعاشت الدولة .. بينما نحن ..
صمت البروف عند هذه النقطة وبلع ريقه بمرارة ، ثم واصل :
- إختارت الحكومة السابقة طريق الحرب .. حاربت ضد مكونات الوطن نفسه .. أشعلت الجنوب والغرب والوسط .. وفرت السلاح لكل من يريد .. سادها الفساد والتجبر حتى قادها للنهاية المريرة التي شاركها فيها الوطن كله .. سادتي الكرام أقف أمامكم اليوم ممثلا لمن تبقى من شعبنا متمسكا بالأمل ومتطلعا للخلاص وللمستقبل .. ممثلا لنصف الشعب الذي تشرد في أصقاع الأرض مغتربا ومهاجرا من أرض عشعش فيها الغراب وسكنها البوم .. ممثلا للأطفال الجوعى والمرضى الذين لا يجدون اطعام والعلاج .. ممثلا للناس البسطاء الذين قبعوا في البيوت خوفا من الرصاص والمخدرات والخطف والتفجير والإرهاب .. إنني أطالبكم بإسمهم جميعا أن تثقوا بأمتنا بكل مكوناتها وتمنحوها فرصة للخلاص والعودة من عالم الضياع .. ثقوا بمن عرفتموهم من السودانيين الذين قابلتموهم في بلادكم وعرفتم عنهم أفضل صفات الشعوب .. الصدق والأمانة والكرم والذكاء .. ثقوا بألأرض الخصبة التي يشقها أطول نهر في العالم .. ثقوا بالشباب الذين يتدربون الآن في المطار وسيخرجون مخاطرين بأرواحهم للسيطرة على الوضع ..
رفع مندوب بريطانيا يده فقطع البروف كلامه ، ليسمح له بالسؤال :
- معذرة يا مستر يحيى ، أنا أقدر كلامك العاطفي وحماسك ولكن وفقا لكل المعطيات التي لدينا يعتبر السودان أخطر منطقة حاليا في العالم والتقارير تشير إنه حتى طائرات الأمم المتحدة تخشى الهبوط عندكم والصحفيين ووكالات الأنباء يخشون الذهاب هناك لنقل أي شئ ، معذرة يا سيدي وتقارير إستخباراتنا تشير إلى إن اللاعبين الأساسيين في الساحة حاليا هم الحركات المسلحة التي كانت تقاتل الحكومة السابقة ، وقوات ال(ج) التي سلحتها الحكومة السابقة وتسيطر حاليا على غرب البلاد .. هؤلاء هم الذين لديهم وجود وقوة على الأرض وهم الذين يحق لهم التحدث هنا بدلا عنك
رد عليه البروف بسرعة :
- حق التحدث لمن يملك السلاح هو الذي قاد بلادنا لهذه الهاوية يا مستر سميث .. كلامك منطقي ولكن ما غاب عنك هو إننا وهذه القوات قد توصلنا لإتفاق يتم بموجبه وقف العدائيات وسحب الجنود والسلاح من المدن ومناطق المدنيين كخطوة أولى .. الضغائن والدماء التي زرعتها الحكومة السابقة بين تلك القوتين عميقة لدرجة إنها تحتاج لقرون حتى تزول ولكن في السياسة كما تعرف لا يوجد صديق دائم ولا عدو دائم .. هناك فقط المصلحة وأظن أنكم سادة تلك النظرية يا مستر سميث ..
صمت المندوب البريطاني بعدم إقتناع واضح ، بينما تساءل المندوب الكوري :
- ما الذي تطلبه بالضبط يا مستر يحيى ؟
إبتسم البروف في أعماقه للسؤال الذي كان يتمنى أن يطرح ، ورد بصوت قوي :
- إعادة الإعتراف بدولة السودان وبمجلسها الإنتقالي الجديد ، إعفائها من الديون المتراكمة التي قصمت ظهر الإقتصاد ، ورفع العقوبات الأمريكية لزوال المسبب وهو الحكومة السابقة
ساد الصمت في أرجاء القاعة .. صمت يعرفه البروف جيدا .. صمت يحمل سؤالا واحدا لا يطرح في الأمم المتحدة وإنما يطرح في المفاوضات السرية : وما المقابل ؟ .. لهذا تجاهله البروف ورفع رأسه منتظرا .. بهدؤ شديد رفع المندوب الأمريكي يده قائلا ببساطة :
- أمريكا توافق
إتسعت الأعين بدهشة لهذه الإستجابة السريعة ، ثم أعقبها الفهم عندما رفع مندوبا روسيا والصين يداهما .. إبتسامات ساخرة خفية سادت مناديب الدول .. أمريكا وروسيا والصين تتفق على شئ واحد بهذه السرعة ؟ في عرف الدبلوماسية الدولية لا يعني ذلك إلا شئ واحد : تم عقد الصفقات بنجاح وكعكعة بناء الدولة الجديدة قد تم إقتسامها بين العمالقة .. قال بروف يحيى بسرعة مع تصاعد الأيدي الموافقة :
- شكرا لكم يا سادة على هذه الثقة .. أشكركم بإسم شعبي .. أسمحوا لي أن أقوم بهذه الخطوة
وأمام أعين جميع المناديب وملايين المشاهدين الذين تنقل لهم الجلسة على الهواء مباشرة ، فتح البروف حقيبته وسحب منها علم السودان وقبله ثم وضعه برفق على المنضدة أمامه ومعه لافتة صغيرة مكتوب عليه : السودان .. رفرف العلم بضعف في هواء القاعة المكيف ورفرفت معه قلوب آلاف السودانيين في بلاد المهجر وهم يشاهدون .. دمعت الأعين ، وتحشرج صوت البروف من إنفعاله وهو يقول :
- أنا عائد اليوم إلى وطني أيها السادة لأحمل للناس هناك هذه البشارة .. سنبدأ بإعادة دوران العجلة من جديد .. سنحارب الإرهاب والمخدرات والجهل .. سنعيد الكهرباء والماء والإتصالات والإنترنت .. وسويا سنعود لسابق عهدنا .. أقوياء .. متصالحون مع الماضي .. لا تهميش .. لا ظلم .. لا حروب .. إنتظرونا
منذ زمن طويل لم يقف أعضاء الدول إحتراما لأحد ، ولم يصفقوا بمثل ذلك الحماس والبروف ينهي كلمته ويغادر .. رغم كل ذلك يدور التساؤل في الأذهان .. الكلام سهل وجميل ولكن ماذا عن التنفيذ .
( يتبع )


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-12-16, 08:05 AM   #14

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بيت العنكبوت 12
- الأشياء –


تشتد حرارة الشمس في عصر أمدرمان اللاهب ..
منذ عام كامل لم تهطل الأمطار ولم تظلل الروؤس غمامة .. كأن رحمة السحاب قد رحلت مع كل ما رحل .. لا جديد تحت الشمس .. نفس الصمت المطبق والحرارة الخانقة .. إقترب معي أكثر لنصل لشاطئ النيل .. هناك أشجار ضخمة وحديقة مهملة تجاور تلك التباب الطينية المعرفة بإسم الطابية التي أحتمى بها ذات يوم أنصار المهدي في محاولة يائسة لصد نيران بواخر كتشنر .. إقترب أكثر من فضلك .. أسفل إحدى الأشجار جلس ثلاثة شبان في عمر الزهور .. شباب أمدرماني جدا ربما لو رأيتهم في زمن آخر كنت ستجدهم يرتدون الفانلات إستعدادا لمباراة حامية على الشاطى كعادة أهل ذلك الحي العريق .. لكن الجالسين كانوا مجرد ظلال أو أشباح لشباب الماضي الجميل .. نظرات حادة من أعين حمراء كالدم .. وجوه منهكة وبعضها مصاب بجروح قطعية طويلة ..أحدهم يربط يده المصابة بخرقة متسخة وبيده الأخرى يلعب بسكين طويلة يغرزها في الرمل ثم يرميها لتنغرس في جذع الشجرة بدون أي إكتراث لأحتمال إرتدادها وإصابته أو إصابة من معه .. يقول أحدهم :
- الحيوان إبن ال.. ال.. ده إتأخر كده مالو ؟
يرد عليه الآخر الجالس مستندا على الشجرة :
- تلقاهو ما صدق إبن ال.. أو يكون عثمان بتاع الأشياء ديك ضيفو عندو وإنتو عارفين عثمان إبن ال.. ده عندو أشياء زي الأشياء
قال لهم صاحب السكين المصاب الذي بدأ واضا إنه زعيهم :
- خليهو يجي عشان نضرب الأشياء بتاعتنا وبعدين نحاسبو أما أشياء عثمان ديك كلها بايظة ومنتهية الصلاحية
كما تلاحظون تغيرت اللغة وتطورت كثيرا بين الشباب .. صاروا يرمزون للأشياء بالأشياء ، هيا لنضرب الأشياء ، والأشياء هنا تفهم من خلال الصياغ ويمكن أن تعني أي شئ .. المخدرات .. الجنس .. السرقة .. القتل .. الخطف .. الإغتصاب .. الأكل .. قضاء الحاجة .. كل شئ ..
سمعوا صوت سيارة من بعيد ، فتحركوا بذعر وزحفوا ليختبوا خلف الطابية .. أسوأ ما يمكن أن يسمعوه هو صوت السيارات لأنها لا تبشر أبدا بالخير .. هي فقط تبشر بقوات ال(ج) الذين قتلوا زميلهم قبل شهر ، أو تبشر بقوات الحركات التي لا تقتلهم ولكنها تصادر كل م معهم من مخدرات وهذا في حد ذاته كارثة فادحة لأن الحصول على هذه (الأشياء) صعب رغم وفرتها .. أو تبشر بقوات الشباب المسلم وهؤلاء لا يتفاهمون معهم إلا بالسوط والأحكام الشرعية بالجلد .. ثلاثتهم تشتكي مؤخراتهم من الضرب المبرح الذي نالوه قبل أسبوعين بسبب المخدرات .. السيارتين كانتا تحويان أشخاصا آخرون .. شباب في عمائم سوداء وبنادق آلية سرعةالطلقات .. لا يعرفون أي معلومات عنهم غير أنهم ألد أعداء جماعة الشباب المسلم وبينهم صراع دام سالت فيه الكثير من الدماء .. بعضهم يسميهم ( الحسينيين ) نسبة للمبنى الكبير الذي أفتتحوه أيام الحكومة السابقة وأطلقوا عليه إسم ( الحسينية ) .. شباب عادي كان يستمتع بقضاء وقته في العطالى ، ثم أعلن المعلن ذات يوم عن فرص للمنح الدراسية الجامعية وفوق الجامعية في دولة إيران .. آلاف ذهبوا إلى هناك لأن كل شئ كان مجانيا ومثاليا وحين عادوا بعد سنوات لم يعودوا هم .. عادوا آخرين .. بعد ذهاب السيارات خرج الشبان من مكمنهم وزعيمهم يقول :
- نفسي أعرف إذا كان البلد فضت من الجاز وأي حاجة الناس ديل بيجيبوا الجاز والأسلحة والأشياء من وين ؟
تلك أسئلة وأشياء لست لها إجابة يا صديقي .. هتف أحدهم وهو يشير بعيدا :
- إبن ال... وصل وجاب معاهو الأشياء
بعد دقيقة كان زميلهم قد وصل وهو يلهث حاملا أشياءهم .. صرة قماشية قذرة فتحها لتظهر بداخلها حبوب دوائية بمختلف الأشكال والأحجام والألوان .. قال لهم وهو يرى تلك النظرة الشرهة في أعينهم :
- المرة دي يا أولاد ال.. عثمان جاب أشياء عمركم ما سمعتو بيها
إختطف منه الزعيم الصرة بلهفة وهو يسأل :
- في شنو جديد ؟ أنا مليت من حبوب (الرحلة ) عايز حاجة تانية
تناول منه الشاب الصرة وراح يستعرض الحبوب :
- اللونها أخضر دي يا فردة إسمها ( الشيطان زاتو ) والبرتقالية دي جربت منها ربع بس عند عثمان والله العظيم لقيت نفسي بعوم في البحر والحمرا دي قمة الأشياء زاتها إسمها (الملك)
جلسوا تحت الشجرة وأختار كل منهم الحبة التي راقت له وبطبيعة الحال إختار زعيمهم حبة الملك .. دقائق تمر ثم شخصت الأبصار للأفق البعيد وقد بدأت حبوب الهلوسة تعبث في التوصيلات العصبية للمخ .. من رأى نفسه يسبح مع الدلافين في جزيرة هاواي والحسناوات الشقراوات يحطن به .. من رأى إنه يطير في الهواء داخل أنبوب حلزوني ملئ الفراشات الملونة .. من رأى نفسه ملكا يرتدي التاج ويحمل بيده الصولجان والعبيد يبردون له الهواء بمراوح ريش النعام وهناك الفاتنات يرقصن على إيقاع الدفوف وفي الخارج يمتد النيل وتتمدد التماسيح .. رفع زعيمهم رأسه وقال بصوت فخيم ملئ بالعظمة :
- أسمعوا يا أولاد ال... أنا قررت أنتقم وآخد حقي
- قول ونحن وراك عايمين
رفع يده المصابة والملفوفة بقطعة القماش :
- البت الطعنتني بالسكين أمس ، أنا عرفت مكان حيهم وين وأبقى إبن .. لو سبتها تعيش
تصايحوا بحماس ، ثم ساد الهدوء نصف ساعة ، إستعادت فيه الأدمغة قدرتها على التوصيل الكهربي السليم ففتحوا عيونهم ونهض زعيمهم قائلا :
- ألحقوني يا كلاب عشان نوري بت ال.. دي الأشياء على أصولها
ساروا مترنحين في الشوارع الخالية ، يلهثون من أثر الرحلة الدماغية ولكنهم منتشين لأن الأشياء دوما تبعث النشوة .. إبتعدوا عن النيل وغاصوا في قلب الحي العريق حتى توقفوا أمام ميدان فسيح أشار الزعيم لبيت يواجهه قائلا :
- ده بيتهم
- يلا نخش نهجم عليها
- دقيقة يا إبن ال.. يمكن يكون عندها أخو مسلح ، خليها تطلع براها
وقفوا كالذئاب ينتظرون .. ببطء مضى الوقت .. عند الأصيل فتح الباب وخرجت تلك الفتاة النحيلة الجميلة .. الجمال الخشن الذي ذاق مر الحياة .. ترتدي بنطلون من الجينز حال لونه وقميص مشمر الأكمام تبدو من تحته السكين واضحة ، وتحمل في يدها باقة ماء .. لو قالوا لك إن هذه كانت قبل عام طبيبة صيدلانية نابغة لوقعت في الأرض من الضحك وعدم التصديق .. لو أخبروك إن إسمها هبة وإنها لا تنام الليلبل تعد ثوانيه في إنتظار عودة خطيبها المفقود لسالت دموعك شفقة عليها .. حملت باقة الماء وأنسلت ف الشوارع تتلفت .. لقد نفد الماء من البيت منذ الصباح والجيران أيضا نفد منهم .. سوزان جارتها رقيقة وتحنو عليها ولكنها تخاف من شقيقها مدمن المخدرات لهذا تتجنب الذهاب إليهم وطلب الماء .. النيل لا يبعد من البيت كثيرا لهذا خرجت .. تمشي بحذر مثل غزال خائف في أدغال الأمازون .. من بعيد يرصدها الشبان ثم يتحركون .. الزعييم يقول لهم :
- أسمعوا المرة دي ركزوا على السكين وشيلوها منها أول حاجة وتاني ما عندها أي شئ
بهجمة رجل واحد إنقضوا على الغزال .. دفعها أحدهم بقوة لتسقط أرضا وأمسك الثاني بها وسحب السكين وهو يقهقه .. صرخت بكل قوتها وراحت تعض وتخمش ولكن الزعيم ضحك ساخرا ، قال لصاحبه :
- أقلع ليها الأشياء اللابساها دي خلينا نشوف الأشياء الملبدة
صرخت هبة والشا يجذب قميصها لتتناثر الأزرار .. صرخة أمتزجت مع صوت آخر .. صوت محرك سيارة .. إلتفتت الأعين لترى سيارة لاندروفر عتيقة تظهر من الشارع الجانبي .. توقف الضباع عن فريستهم وتبادلوا النظرات القلقة ، ثم توقفت السيارة بفرملة قوية ووثب منها شاب طويل يحمل مسدسا .. أطلق أثنان منهم سيقانهم للريح بينما تعثر الزعيم وسقط والشاب يصل إليه ويصوب المسدس لرأسه ونظرات الغضب تطل من كل خلايا وجهه .. ثانية واحدة وكان سيضغط الزناد ولكنني لحقته وأمسكت يده وأنا أقول :
- أهدأ يا أسعد .. أهدأ
لحقت بنا الصحفية الأمريكية أنجيلا وهي تعرج وتضع يدها في فمها من الصدمة .. ببطء أنزل أسعد المسدس ونظراته لاتزال على وجه الشاب ثم فجأة إنهال عليه لكما وركلا وشتما والشاب يولول حتى أمسكت أنا مرة أخرى بأسعد ليهرب الشاب وهو يتعثر .. بلهفة أستدار أسعد لحبيبته المتكورة على نفسها وعلى قميصها الممزق في شبه غيبوبة .. نزع قميصه وأحاطها به ففتحت عينيها .. تغيرت نظرة العين من الرعب للدهشة لعدم التصديق ثم للفرحة الخرافية :
- أسعد ؟؟
- هبة ؟؟
تتلاقى الأيدي .. وتنهمر الدموع
(يتبع )


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-12-16, 08:07 AM   #15

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بيت العنكبوت 13
- لحظات فرح –


في حياتي لم أشهد عرسا مثل عرس أسعد وهبة ...
شهدت أعراسا في أفخم الصالات في العاصمة وشهدت ذات مرة زفافا في أفخم الفنادق خارج السودان ولكني لم أشهد زواجا أجمل من زواج أسعد وهبة .. تعالوا لأحكي لكم .. كانت ملقية على الأرض مثل الخرقة البالية .. مرعوبة .. مصدومة وممزقة الثياب وحولها ثلاثة ذئاب يضحكون بمجون .. غابت عن الدنيا من الصدمة وحين عاد إليها شعورها شعرت بيد حانية تحيط بها وقميص جديد يسترها بعد أن تمزقت أزرار الأول .. تفتح عينيها لتجد أنها تحلم .. هل كان حلما ؟ هل هذا أنت يا أسعد ؟ نعم .. مستحيل أن تخطئ التعرف على تلك الملامح منذ أول يوم تعارفا في معرض كلية الصيدلة حين حاولت أن تتذاكى عليه فمسح بكرامتها الأرض وأثبت لها أنها لا تفقه شئ في علم الصيدلة (الفارماكولوجي) .. تهمس غير مصدقة :
- أسعد ؟؟؟
ثم تنهمر دموع الفرحة الحبيسة منذ شهر ونيف من الأيام .. حملها أسعد برفق ب ثم مشى بها نحو البيوت ونحن من خلفه .. أسمعه يصيح بكل قوته :
- يا أهل الحي .. يا شيخ حسن .. أطلعو بره الدار أمان .. أنا عايزك يا شيخ حسن
تطل الرؤوس المتوجسة من فوق الحوائط لتستطلع ما يحدث ، ويواصل أسعد صياحه :
- أطلع يا شيخ حسن
تسألني المراسلة الإعلامية الأمريكية أنجيلا وهي تعرج جواري :
- ماالذي يفعله صديقك بالضبط ؟
- لا شئ إنه يريد أن يتزوج فقط
- أه .. ماذا ؟
قلت لها شارحا :
- هذه خطيبته تركها منذ شهر ورجع لمدينته ثم عاد ليتزوج بها
- الآن ؟
- نعم الآن
بدأ عليها الإنبهار من الفكرة بينما تبعت أنا أسعد .. ببطء راحت الأبواب تفتح .. ثم خرج شيخ حسن إمام مسجد الحي ، بقامته الضئيلة فصاح أسعد :
- يا ناس .. أنا عازمكم عرسي الليلة
تبادل الناس النظرات التي تشكك في عقليته ولكنه أقترب من شيخ حسن ووقف أمامه قائلا :
- أنا أسعد .. طبيب بشري ودي هبة طبيبة صيدلانة وخطيبتي من سنتين، والديني متوفيين وبرضو والدينا متوفيين وانت بس ابوي وابوها الليلة وعايزك تعقد لينا
حك شيخ حسن رأسه ثم قال بصوت واهن :
- الفيها الخير يعملها ربنا
مع عبارته أطلقت إحدى النساء زغرودة عالية بدأ صداها عجيبا في فضاء الحي .. الزغاريد عبارة عن عدوى سرعان ما تنتقل لتعم كافة النساء .. خرج بقية أهل الشارع على صوت الزغاريد التي لم يسمعوها منذ وقت طويل .. خرج الشباب وذهبوا لمخزن المسجد وأخرجوا الصيوان والكراسي .. إقتربت أنجيلا من أسعد وهمست له :
- أترك هبة الآن لتدخل معنا للبيت وأبق أنت هنا
ثم سمعتها تقول لهبة المندهشة :
- تعالي معي يا عزيزتي أعتقد إن عند بعض أدوات المكياج في حقيبتي
النسوة جذبن هبة بعيدا لداخل البيت بينما وقفت أنا مع أسعد نحدق بخلية النحل التي تدور حولنا .. أحد الشباب إقترب منا وهو يقول :
- يا عريس في جنريتر قديم في مخزن المسجد لكن ما فيهو جاز ممكن نشيل من العربية لو التنك بتاعها مليان ؟
قال له أسعد بدون تردد :
- شيل طوالي التنك مليان
وجاء شابان آخران وأحدهم يقول :
- أحم .. أنا أحمد وده سامي ياريت تتفضل معانا ا عريس عشان تنضف شوية لأنو شكلك منتهي عديل كده
قال لهم أسعد ساخرا :
- معليش بس مشيت الحلاق لقيتو قافل
جذبه أحمد من يده وهو يقول :
- أنا بحلق ، إنت بس تمشي معانا البحر تستحم ونرجع تحلق سريع ، وسامي عندو جلابية جديدة ومعاها طاقية وشال وشبشب .. حنجيهك ما تخاف
إبتسمت أنا وأنا أراهم بعد نصف ساعة قد غيروا هيئته تماما وصار عريسا بأبسط الإمكانيات .. في الميدن الفسيح تم نصب الصيوان وأحضر أحدهم سماعات عملاقة من النوع الحديث ووزعها داخل الصيوان .. تراص الناس في المقاعد وهم مذهولين وغير مصدقين إن هذا عرس .. غربت شمس ذلك اليوم وتعاون الشباب وشغلوا الجنريتر .. هدر لحظات ثم سطعت أضواء الكشافات القوية لتنير سماء أمدرمان .. ساد الصمت الطويل ولم يعد يسمع غير صوت الجنريتر .. على سرير وثير جلس أسعد وجواره جلس الشيخ حسن وأنا .. ثم سمعنا صوت الزغاريد تنطلق من داخل البيت وفتح الباب الكبير ... على ضوء الكشافات خرجت هبة وهي محاطة بالنساء وأنجيل تمسك بيدها .. لم أعرفها في البداية .. كانت ترتدي ثوبا سودانيا أحمر موشى بخيوط ذهبية يخطف الأنفاس .. كانت لامعة متألقة ويديها مزدانة بالحناء المنقوشة التي صارت قبل سنوات ترسم وتجف في دقائق معدودة .. تمشي مثل أميرة متوجة وفي الأجواء شغل الشباب أغنية يا عديلة يا بيضا يا ملايكة سيري معاه .. بعض الناس بكى .. الأغنية تتردد عبر السماعات والعروس تخطو لتصل إلينا فيجلسها شيخ حسن على يساره .. أسعد يبدو مبهورا وفمه مفتوح على نحو مضحك .. ثم تبدأ مراسم العقد .. العيون شاخصة نحو الشيخ وهو يتلو بصوت رقيق آيات الزواج ويتكلم عن حقوق الزوج والزوجة ثم على رؤوس الأشهاد أعلنهما زوجا وزوجة .. تعالت الزغاريد لعنان السماء .. النساء يزغردن .. الرجال والشباب يصرخون .. ثم دارت الأغاني من الفلاش الذي يديره الشاب المسئول عن السماعات .. رقص الناس كما لم يرقصوا من قبل .. مثل فراشات مجنونة تحن للضوء وقد وجدته في صحراء الظلام الدامس .. كل الأغاني كان لها طعم ورائحة في تلك الليلة .. حتى الأغاني الهابطة بدت لي جميلة .. تقاطر الناس من كل حدب وصوب نحو مصدر الغناء .. وردي يغني :
نجم الليل منو العداهو غيري
وزاد حسابو شوي
وسافر فوق خيالو
قاصد سحاب الري
بنيت في الموج قصور آمال
ومديت للرهاب إيدي
وشديت سرجي فوق الريح
عشان ألقاك بدور أطوي
المسافات طي
والشباب يردودن معه:
سوات العاصفة بي ساق الشتيل الني
لم يكن فرحا بل كان جوعا ونهما للفرح .. أناس نسوا ما هو الفرح والغناء وأعادهم إليه صوت محمود ب :
الكنت قايلو فات زمان
رجعتو بي طعم الغنا
يلتف الناس حول العروسين ليقوما ويرقصا .. جذبني أسعد لأدخل الدائرة .. أنا لا أجيد الرقص ولكني رقصت .. من أعماق جسدي المكدود الذي لم يعرف السعادة من زمن طويل رحت أتمايل معهم .. من الذي يغني ؟ لا أدري .. ماذا يغني ؟ لا أدري فقط كنت أشارك في عدوى الفرح الجميل التي عمت الجميع .. تتلاقى نظراتي مع أسعد فأرى في عينيه نظرة إنسان إنتهت كل همومه وإبتسمت الدنيا في وجهه ، بينما نظرتي أنا لم تحمل سوى القلق لأنني أعلم إن رحلت لم تنتهي وأن أمامي غدا من خيوط الفجر الأولى أن أشق طريقي من جديد عبر أدغال الخرطوم نحو الأمل المنشود الذي طال إنتظاره .. المطار
(يتبع )


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-12-16, 08:08 AM   #16

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بيت العنكبوت 14
-Restart-


من بعيد ظهرت الطائرة ..
إنحدرت برشاقة تحت شمس الخرطوم اللاهبة ، ثم برزت إطارتها وهي تواصل هبوطها نحو مدرج المطار .. مئات العيون راقبت الطائرة وهي تهبط .. رجال ونساء وأطفال .. شباب وشيوخ .. عساكر ومدنيين .. كلهم راقبوها وقلوبهم تخفق ككل مرة تهبط في طائرة ، لأن هناك إحتمال كبير أن يروا صاروخا ينطلق من مكان مجهول من المناطق المحيطة بالمطار وينسفها .. تهبط الطائرة برفق وتنزلق بسرعة على المدرج ، ثم تستدير ليواجه بابها الجموع المنتظرة .. ينفتح الباب فتتعالى هتافات الفرح عند ظهور البروفيسور يحيى بقامته الطويلة وسنواته السبعين مرتديا حول رقبته وشاحا بألوان علم البلاد .. أول من أسرع للقائه عند سلم الطائرة كان صديق طفولته اللواء سالم الذي صافحه بحرارة ثم امسك بيده قائلا بمرح :
- تعال معاي يا عجوز لو خليتك للشباب المتحمسين ديل حيشيلوك ويرموك في الهواء ويتلقفوك زي المدرب بتاع الكورة بعد فريقو يفوز وإنت طبعا عضامك الهشة دي ما بتستحمل
إبتسم البروف إبتسامة مجهدة وهو يرفع يده محييا الشباب ثم تبع اللواء للمنصة التي تم إعدادها وتزويدها بمكبر الصوت .. وقف لحظات خلف الميكروفون يتأمل الوجوه الشابة التي تنظر إليه ، ثم تكلم بصوته الهادئ :
- أعتقد إن أجيالا قادمة ستتذكر طويلا وقفتكم هذه في أول يوم من إعلان إعادة ميلاد وطننا العظيم ، مدنيين وعساكر متحدين مع بعضكم ، كما يتحد الهاردوير والسوفتوير لتحريك الآلة
إبتسم الشباب لهذا التشبيه المميز من تشبيهات البروف وصاح أحدهم مازحا :
- منو الهاردوير ومنو السوفت وير يابروف ؟
أجابه اللواء سالم بصوته الجهوري :
- نحن الهاردوير يا شاب .. الجيش وانتو السوفتور طبعا ، ما شايف نفسك سوفت كيف ؟
ضحك الشباب ورفع أحدهم يده سائلا :
- يابروف مش الحكومة السابقة كانت برضو مكونة من هاردوير وسوفتوير ؟
قال له البروف :
- أيوا يا ابني بس السوفتوير بتاعها كان ضارب ومفيرس كمان .. خلونا من الكلام ده اسي يا شباب وارجعو لتدريباتكم عشان حيكون عندنا كلام كتير بكرة لأنو لحظة الخروج قربت .. العالم كلو صوّت لينا في الأمم المتحدة ووثق فينا ، ونحن عايزن نثبت ليهم إنو السودان لسه حي ما مات
تعالت صيحات الحماس ، بينما أمسك اللواء سالم بالميكروفون وصاح آمرا :
- يلا يا شباب عساكر على مدنيين كلو على شغلو
إنصاع له الشباب بسرعة البرق ، وتفرقوا نحو ثكناتهم فنزل البروف من المنصة وسار نحو السيارة وركبها مع اللواء الذي قال له :
- أنا شايف إنهم جاهزين يا يحيى ولو أديتهم الإشارة بكرة حيطلعو عشان يحسمو الفوضى في الخرطوم كلها
قال له البروف :
- عارف يا سالم .. عارف .. الأسلحة بتاعتهم جاهزة ؟
- عيب يا بروف تسألني السؤال ده
صمت البروف لحظات انشغل فيها بالنظر خارج نافذة السيارة ، ثم قال بصوت واضح كأنه يلقي بقرار أتخذه منذ زمن :
- بمجرد ما البوابة تتفتح ونسيطر أمنيا على العاصمة ، إنت الحتمسك بزمام الأمور يا سالم
نظر إليه اللواء مذهولا ، ثم قال :
- ده كلام شنو ي يحيى ؟ إنت جيت شارب حاجة من الطيارة ولا شنو ؟ كل الشباب الهنا عايزنك إنت تكون القائد و ....
- إنت قلتها .. الشباب الهنا .. والشباب الهنا ديل ما بيمثلو ولا واحد في المية من الشعب السوداني يا سالم والشعب السوداني صعب يتحكم ببروف مدني زي ما إنت عارف ، ماتفتكر انو القرار ده انا اتخذتو ساي او اعتباطا أنا عمري ما اتخذت قرار بدون تفكير .. البلد دي يا سالم رغم التقدم الكبير في القرن الواحد وعشررين لكن الحكومة السابقة دمرتها تماما لدرجة إنو حتى نفوس الناس صارت مدمرة ونفوس زي دي مكونة من قبائل مختلفة وأعراق مختلفة ومناطق مختلفة من الصعب جدا على زول مدني يحكمها .. ديل محتاجين رمز عسكري بعقلية مدنية عندو كاريزما ومقدرة خطابية وفوق كل ده عندو حب للبلد دي ونية صادقة انو يعمل حاجة .. بإختصار واحد زيك كده يا سالم
منذ زمن طويل تعود اللواء سالم على الإنصياع التام لأفكار صديقه والثقة العمياء بها ، مهما كانت جنونية ومخالفة لأرائه هو ، لهذا صمت طويلا ولم يتحدث حتى توقفت السيارة أمام مبنى القيادة والأركان وهبطا منها وهما يردان على تحيات لجميع ، وعند غرفة الإجتماعات تكلم أخيرا سائلا :
- وإنت ؟
- أنا مالي ؟
- إنت حتعمل شنو ؟ أوعى تقول لي حتسافر عشان تقضي بقية عمرك مرتاح مع ولدك دكتور عمر ؟
- كنت مفكر فعلا في كده
قال له اللواء بإستنكار :
- تمسكني قرن التور وتتخارج إنت ؟ والله يا يحيى تمشي أنا زاتي أتخارج وأخليها
ضحك بروف يحيى وهو يربت على كتف صديقه مهدئا :
- أنا قاعد وحأكون مستشارك وعمر ولدي زاتو حأجيبو راجع ما تخاف المهم أنا عايز آخد لي نومة ساعتين وبعدها نجتمع مع القادة بتاعينك عشان نقرر بكرة موعد التنفيذ
- آخد راحتك وبعد ساعتين نتلاقى أنا زاتي عاز أعرف منك تفاصيل كتيرة
أوقفه البروف قبل أن ذهب وأخرج صورة صغيرة من جيبه عرضها على اللواء قائلا :
- أكتر خبر حيهمك هو إنو الزول ده أتوفى أمس في لندن بعد معاناة وعذاب طويل مع المرض
إرتجفت عضلات وجه اللواء وهو يحدق في الصورة .. صورة أكثر شخص كرهه ومقته في هذه الدنيا .. أحد رموز الحكومة السابقة الذي أذاقه المر والتعذيب والإهانة والسجن .. حدق في الصورة طويلا حتى أنزلها البروف ، فقال بصوت مبحوح كأن هناك من يخنقه :
- ربنا يرحمو على كل حال
وغادر دون أن يضيف حرفا بينما رقد الروف على الأريكة وأغمض عينيه محاولا النوم ، ولكن نهر الذكريات جرفه لأيام الشباب ، والثورة والإعتقال والتعذيب والتشريد والإتهام بالعمالة .. ساعتين من الزمن ضاعتا بسرعا وهو يجتر الذكرى حتى أوقظه منها صوت طرقات خفيفة على الباب فنهض بسرعة ليستقبل قادة المستقبل الجدد .. محاربين قدامى من أصدقاء اللواء سالم الأوفياء .. أساتذة جامعات كان هو نفسه منهم في نفس الجامعة في يوم من الأيام .. شباب مرتبكون وهم يرون أنفسهم مع تلك القامات .. إستقبلهم البروف بترحاب ليجلسوا وليبدأ الإجتماع مباشرة بدون مقدمات .. سأل أحد العسكريين :
- آخر أخبار تجمعات التنظيمات شنو يا حسن
أجابه العقيد حسن بسرعة :
- حسب المعلومات المتوفرة يا بروف جماعة الشباب المسلم الأصلية بزعامة شيخ يوسف متمركزة في الكلاكلة والجماعة التانية الإنفلت عنها متمركزة في وسط الخرطوم تحديدا في داخلة الطلاب القديمة جوار كوبري الحرية ، أما جماعة الحسينين فمحلهم الأساسي في أمدرمان ، وعصابات النهب كلها عصابات غير منظمة مكونة من أفراد بسيطين وما عندها مكان محدد لكن أكتر انتشار ليها في بحري الحاج يوسف والخرطوم جبرة
راح كل منهم يدلي برأيه في الموضوع ، حتى عاد البروف ليسأل سؤالا غريبا :
- نور الدين .. آخر تدريبات فريقي القمة بتاعتنا كيف ؟
أجابه كابتن نور الدين مبتسما :
- تمام يا بروف الفريقين مكتملين والجمهور من أسي بيتشاكل في التشجيع بتاعهم
إبتسم الحضور وقال البروف :
- كلام جميل خليهم جاهزين عشان عايزين مباراة إفتتاحية حامية حتتنقل على كل القنوات عشان العالم يعرف إننا رجعنا من جديد
- إن شاء الله يا بروف بس أدينا الأشارة
غمغم البروف كأنه يحدث نفسه وهو ينظر للشمس الساطعة خارج النافذة :
- الإشارة .. كلنا من منتظرين الإشارة
(يتبع )
ملحوظة : للناس البيكرهو يتبع بعد بكرة آخر فصل إن شاء الله بعنوان ( الإشارة)



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 17-12-16, 08:11 AM   #17

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بيت العنكبوت
(الفصل الأخير )
- الإشارة –


مع شروق شمس اليوم التالي ودعنا أسعد وهبة ..
إنزلق بهما المركب الصغير زي المجدافين من شط أمدرمان نحو جزيرة توتي ، حيث لا يزال يعيش هناك أشخاص آمنين وحيث سيقضيان شهر عسلهما ، لوحا لنا مودعين على وعد اللقاء مرة أخرى في المطار .. ساعدت الصحفية الأمريكية المصابة أنجيلا على الركوب وتغلبت على كل الألم الذي أشعر به في جسمي ويشتعل في عظامي ، وأدرت المحرك وأنطلقت .. في رأسي كلمات أسعد الأخيرة لي هذ الصباح :
- لو ما فحصك أخصائي يا س وعمل ليك كل الفحوصات والأشعة ما حنقدر نعرف عندك شنو ، أنا أستبعد إنو عندك سرطان زي ما قلت ليك قبل كده ، لكن كل شئ جائز عشان أكون صريح معاك ، في أمراض إسمها أمراض المناعة الذاتية وفيها جهاز المناعة بتاعك بيهاجم جسمك ويمكن يعمل نفس الأعراض الإنت بتشتكي منها دي .
تمر السيارة بالكوبري الحديدي الخالي وقد إرتفعت الشمس وبدأت جحافل حرارتها تصلنا .. حكيت للصحفية الأمريكية كل ما مر بنا في طريقنا مع أسعد وأنصتت لي وهي فاغرة فمها ، ثم أخرجت من جيبها هاتف أيفون من النوع الذي تدوم بطاريته وألتقطت لي صورا وسجلت حكايتي وهي تقول لي :
- لو عدت حية إلى وطني سأحرص أن يعرف العالم حكايتك وحكاية وطنك الذي يستحق أن يساعده العالم لينهض من جديد
- هل تظنين أن هناك أمل لهذا البلد أن تقوم له قائمة مرة أخرى ؟
قالت لي الخبر الذي لم أسمعه من قبل :
- أعتقد إن هناك مجلس حكم إنتقالي تكون برئاسة بروف يحيى - إن كنت تعرفه- وهم يتفاوضون الآن من الحركات المسلحة والمليشيات لوقف العدائيات وإعادة الأمن وعجلة الإنتاج
لم أكن قد سمعت بهذه المعلومة من قبل ولكنها بدت لي مثل بارقة أمل بعيدة تمنيتها أن تحدث .. كنا قد تجاوزنا أمدرمان وراحت السيارة تنهب طرقات الخرطوم .. كم هو مخيف مشهد السوق العربي وهو خالي من البشر .. عمارات خالية وشوارع مليئة بالقمامة .. جرائد قديمة وأكياس تدفعها الريح لتحتك بالأسفلت المتسخ صانعة خشخشة كئيبة .. فقط من حين لأخر تلمح أحد المتشردين يتسكع ولكنه يطلق ساقيه للريح بمجرد سماعه صوت محرك السيارة .. عند بلوغنا ملاعب كمبوني القديمة سمعنا صوت الرصاصة .. كان صوتها مدويا وسط السكون حتى إن أنجيلا أنتفضت مذعورة وهي تتلفت ، لنسمع صوت الرصاصة الثانية وهي ترتطم بجسم اللاندروفر .. هناك عند تلك العمارة التي كانت مقرا لعدد من الصحف فيي الماضي رأيت شخصا ملثما يمسك بندقية ويطلق النار .. ضغطت على دواسة الوقود لأقصى حد لتنطلق اللاندروفر ومعها ضربات قلبي .. رصاصة جديدة تنطلق تجعل السيارة ترتج بعنف وتميل .. لقد نسفوا الإطارات الخلفية .. قلت لأنجيلا مضطربا :
- أسرعي أنزلي وأجري معاي
كان كاحلها يؤلمها فأسندتها بيدي وجرينا ومن خلفنا دوي الرصاص ، ثم سمعنا صوت صرخات تدوي من بعيد :
- أمسكوهم
- معاهو خواجية
قلبي يخفق .. سأفقد الوعي في أي لحظة .. لم يتبق الكثير لنبلغ القيادة ، هذا هو شارع المك نمر وتلك هي الوزارات القديمة ومدخل شارع الحوادث وكلية التمريض قلت لها لاهثا :
- أنا ما بقدر أواصل
تقول لي بفزع وهي تجر رجلها المصابة جرا :
- إذا توقفنا سيقتلوننا
أصواتهم تأتي من بعيد ونحن نقطع الشارع .. تلك هي القيادة تبدو من بعيد .. البوابة العملاقة لقيادة القوات البرية سابقا .. تقول لي أنجيلا وهي تتوقف :
- لن نصل سيقبضوا علينا قبل أن نصل للبوابة
تلفتّ حولي بعجز شديد حتى لمحت مدخل أحد المباني الحكومية القديمة وهو محاط بالأشجار والنباتات .. صحت فيها بسرعة :
- تعالي أدخلي هنا ، وأنا حأحاول أوصل البوابة وأجيب معاي دعم ، إتلبدي كويس وما حيشوفوك
كانت فتحة الباب ضيقة ولكنها عبرتها وأختبأت هناك ، فتلفت أنا متوترا .. أين أختفوا ؟ من أين ستأتيني الرصاصة ؟ هل إنقسموا لفريقين ليحاصروني قبل أن أصل للبوابة ؟ تركت الأسئلة خلفي وتسترت بظلال الأشجار وأنا أجري .. أعبر الطريق الإسفلت وثبا .. عشرون مترا قبل البوابة .. عند السكة حديد التي أمام بوابة القيادة أعلن جسدي المتعب المكدود التمرد .. شعرت بالدنيا تظلم أمام عيني وبقدميّ رخوتين من تحتي ، ثم تهاويت على قضبان السكة حديد .. لدقيقة أو أكثر غبت عن الوجود ثم فتحت عيني .. أحاول تحريك جسمي ولكنه كان ثقيلا للغاية .. الحديد الساخن كان يشوي ظهري والشمس اللاهبة تضرب وجهي وهي تضحك ساخرة .. متى سيصل هؤلاء ليقتلوني ويرحمونني من تلك الآلام ؟ هل تلك البوابة بها كاميرات مراقبة لكي يروني ويهبوا لنجدتي ؟ لا أدري .. أسمع أصوات أولئك الذين يطاردنني .. أغمض عيني مستسلما لمصيري .. آه يا أية .. فقط لو يطاوعني جسدي لينهض ويقطع تلك الأمتار القليلة لأقف عند البوابة ليفتحوا لي وألتقيك .. سأبكي بين يديك كالطفل الصغير وسأحكي لك كل شئ مر بي .. سأحكي لك عن رحلتي الطويلة .. عن المدن الخالية وقوات الحركات وقوات ال(ج) الذين لايزالون يلعبون لعبة توم وجيري على جسد الوطن الصريع .. سأحكي لك عن الرباطة والأنتي كوز وسأحكي لك عن إنسان جميل إسمه أسعد وعن عائلة عم إسماعيل الطيبين وعن زواج أسعد وهبة .. آه يا أية لو يطاوعني جسدي .. سأقيم لك زواجا أجمل بألف مرة من زواج أسعد وهبة وسأذهب معك لشهر العسل إلى كسلا كما كنت تحلمين .. أنت تحبين كسلا وأنا (حبيت عشان كسلا ) .. ومن لا يحب كسلا ؟ .. ما بين مناجاتي لنفسي وفيضان عيني بالدموع رأيت ذلك المشهد النادر الذي لم يحدث منذ عام كامل .. سحابة .. سحابة بيضاء كبيرة تهادت في سماء الخرطوم بخيلاء وتكبر ... سحابة أخرى تأتي من يمين الشمس وأخرى من خلفها .. حصار كامل ثم أطبقت السحب لتخفي القرص المضئ الحارق من خلفها .. كل الأعين إرتفعت للسماء .. الناس القابعين في البيوت .. شباب العصابات .. أسعد وهبة الجالسين أسفل شجرة مانجو وارفة في جناين توتي .. الكل بلا إستثناء رفع رأسه لأعلى .. ثم هطلت الأمطار ..الرزاز البارد الشفيف هبط ليقبّل الأرض العطشى .. أغمضت عيني ورأيت بعين الخيال .. رأيت البروف يحيى وهو يقف أمام النافذة ويهمس لنفسه :
- الإشارة
ثم يتصل باللواء سالم ليصدر له التعليمات أن : إنطلقوا على بركة الله ، فتبرق عينا اللواء العجوز بحماس وهو ينطلق لتنفيذ الأمر .. يعرف أن الأمر صعب وأن الطريق طويل لأن معركة البناء أصعب وأمرّ من معركة التدمير .. يعرف إنه سيمسك بمقاليد الأمور .. سيفاوض وسيبني وسيفرض الأمن وهيبة الدولة وحين تستتب الأوضاع سيتنازل ويسلم الأمر لحكومة مدنية ديموقراطية منتخبة كما خطط البروف .. أراه يسرع الخطى ويصدر الأوامر بصوته الجهوري المميز .. أرى البوابة العملاقة تفتح ببطء لتكشف من خلفها آلاف الشباب بزي الشرطة الموحد الجديد وعلى وجوههم نظرات الحزم والعزم .. آليات ومعدات وأسلحة .. أراهم ينطلقون وينتشرون في الدروب كإنتشار السحاب .. يطمئنون الآمنين الذين طال خوفهم ..يعيدن الحياة للمدينة المتعبة .. أرى الخرطوم من جديد شابة تنهض من وسط الرماد .. أرى السيارات تعود للطرقات والناس يشترون الجرائد من الأكشاك ويشتكون من زحمة المواصلات .. أرى الطلاب عائدين من مدارسهم بزيهم الأخضر المبرقع وهم يتضاحكون ويتبادلون المزاح .. أرى شارع النيل يعود للحياة .. أرى العدوى تنتشر للمدن والقرى والفلوات .. أرى الوطن ينهض من جدد على أكتافهم .. شبابك تشابك .. شديد الزحام .. أراهم وراهم .. غبار الحياة .. رزازا يبلل غناوي الخليل .. أحبك ملاذ وناسك عزاز .. أحبك حقيقة وأحبك مجاز .. إسمي هو (س) .. ضعيف .. يعبث في جسدي مرض غامض لا أدري ما هو . هل هو سرطان أدى لجنون خلاياي .. هل هو مناعة ذاتية أدت لجنون أجهزة الدفاع عندي وجعلها تهاجم الجسم ؟ هل هو فشل كلوي أدى لتراكم السموم بدخلي ؟ .. أمامي البوابة حيث ينتظرني الأمل والنجاة والحب ومن خلفي أسمع اللهاث الوحشي لمن يطاردونني ويريدون قتلي .. أسمع صوت الصرير فأعرف إن البوابة ستفتح وأسمع صوت الصراخ فأعرف إنهم يقتربون .. مهما حدث ومهما كانت النتيجة فأنا أعرف شئ واحد : من يصل إليّ أولا منهم .. سيضع حدا لعذابي وآلامي لهذا أغمضت عيني وأستسلمت لقدري ..وتواصل هطول الأمطار
******************************************
من هنا .. من تلك الأرض على الخريطة التي يسمونها السودان ، حضرت وشهدت بعيني كيف يعيشون وكيف يعانون .. رأيت إناسا يحبون الحياة .. يفرحون رغم الفقر والحرب والمآسي .. عشت معهم وشهدت هذا الزفاف الذي رأيتموه معي .. تجولت في شوارع عاصمتهم وعرفت إنهم يستحقون منا الإنتباه .. يستحقون أن ينظر لهم العالم ويمد لهم يده من الضياع بعد سنوات من الحصار الخارجي والداخلي .. أنظروا لهم وأعيروني أسماعكم لأنني سأحكي لكم قصة (س) وقصة وطن
كان معكم أنجيلا أليخاندرو سانشيز
سي إن إن الإخبارية
السودان


(تمت )

حامد موسى بشير

مايو 2014



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 26-01-17, 07:08 PM   #18

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-04-17, 11:38 AM   #19

العافيه

? العضوٌ??? » 397190
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 5
?  نُقآطِيْ » العافيه is on a distinguished road
افتراضي

روايه مساويه نتمنى من الله ان تكون بلادنا بعيد كل البعدعن احداث تلك الروايه
ونسال الله عز وجل ان بنعم بلادنا بالامن والاستقرار
دمتى لنا ي سودان المجد والعز
انا بحبك ي سودااااااااان


العافيه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:15 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.