عرض مشاركة واحدة
قديم 24-05-15, 12:03 AM   #20306

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الفصل الرابع و الأربعين :

لا يهمه اي شيء الآن سوى انه ممس بها الآن بين قبضته القوية .... تركض خلفه لتلاحق خطواته ...
و كأنه يريد التحليق و الإبتعاد بها الى العالم الآخر ... الذي ترتسم خطوطه كل يومٍ أكثر أمام عينيه ....
شعر بيدها الصغيرة تجذب يده قليلا و تشده ليقف ... بضعف شديد , الا أنه توقف على الفور و بقلبه خيبة من أن تطلب العودة لأختها بعد ان فكرت في الأمر ....
استدار ينظر اليها .... و كم كانت صورة عشوائية من الجمال و المأساة
بفستان الزفاف الأبيض ... و الخمار المتطاير .... بينما شعرها مشعث برقةٍ من تحته ... ووجهها مغطى بأصباغ الزينة و كأنها أبت أن تلوث برائتها فانسابت على وجنتيها ....
قال بخفوت
( ماذا تريدين يا ملك ؟!! ....... أتريدين العودة ؟! ..... )
شعر بالراحة حين رآها تهز رأسها نفيا ببطىء .... لكن بإصرار ... و كأنها سلمته أمرها بالفعل ...
لكنها قالت بصوتٍ خافت هامس يتذبذب
( انه هنا ....... أشعر به يلحقني ....... أنا خائفة ....... )
ظل ينظر اليها و عيناه على عينيها بنظرةٍ قويةٍ غريبة .... بينما صفير الليل يطوف من حولهما بعد أن ابتعدا عن الصخب قليلا ...
لكنه حين تكلم قال بصوتٍ ثابت
( لا تخافي ........ اتفقنا ؟!! ..... لا .. تخافي ....... )
رفعت يدها الحرة الي صدرها و هي تنظر جانبه قليلا ... ثم همست
( بل أنا خائفة جدا ...... أنت لا تعرف ما يمكنه فعله ..... لقد وثقت به مرتين ... و في المرتين نهايتهما كانت ......... )
ارتجفت بشدةٍ دون ان تكمل و انتهى ارتجافها بانتفاضة عنيفة ....و هي تشرد بعيدا ... حينها جذب رائف يدها اليه قليلا .. فساقها اليه خطوة وهو يقول
( أعرف مرة منهما ... حين ...... أجهض الطفل ...... اما الثانية , فهل تقصدين عقد الزواج ؟! ..... )
كانت حدقتاها تدوران و كأنها تنتظران ظهوره في الليل كمصاص الدماء .......
لكنها هزت رأسها قليلا قبل أن ترفع عينين متوسلتين الى رائف لتقول بإختناق ما أخفته طويلا
( كان من المفترض أن يكون عقد قران فقط ............ )
عقد حاجبيه قليلا ...... وهو يسأل بصوتٍ مهتز قليلا
( لا أفهم ...... ماذا تعنين ؟!! ......... )
اقتربت منه أكثر وصوتها يخفت أكثر و كأنها تهمس سرا بعينيها الواسعتين المترجيتين
( كان المفترض أن ....... أن ننتظر الى أن يوافق والده .... لكنه ......... لكنه .... لقد كانت مرة واحدة .... لا أستطيع أن أنسى تفاصيلها حتى الآن ...... )
فغر شفتيه قليلا ...... وحاجبيه ينعقدان أكثر و اكثر بينما عيناه تتوحشان الى أن قال بصدمة لا تنتهي مما حدث لها و لا زال يحدث
( هل ........ لا ....... لا ...... لا تخبريني أنه ........ )
ترك يدها فجأة ليقبض على وجنتيها بكلتا يديه يرفع وجهها اليه لتقابل عيناه الماردتين وهو يسأل مباشرة بصوتٍ يرتجف
( هل اغتصبك ؟!! .......... )
لم ترد ..... حدقتاها المهتزتان و شفتيها المرتجفتين أخبراه بالجواب .... لكنها همست بعدها بفتور غريب
( أريد أن اقتله ....... الرغبة في قتله تتزايد بداخلي يوما بعد يوم ..ماذا أفعل يا رائف ؟!! .. )
كان اسمه الذي خرج من بين شفتيها المرتجفتين بنغمةٍ ترج صدره رجا ... هو الشيء الوحيد الذي جعله يستفيق من هول الصدمة الجديدة و هو يترك وجهها لتسقط ذراعاه الى جانبه وهو يرفع وجهه عاليا الى الفضاء الأسود من حوله ... مغمضا عينيه بينما ملامح وجهه بدت مخيفة و هو يهتف بصوتٍ خافت محاولا التقاط نفسا باردا يهدىء من النار المشتعلة بداخله ...
( ياللهي !!! ............... )
كان يقف مغمض العينين ..... يتنفس بصوتٍ أجش , بينما جسده الرجولي يرتجف من هول الغضب و المحاولة الواهية للسيطرة على انفعاله حاليا ....
بينما قبضتاه كانتا منقبضتين بشدة ... حتى ابيضت مفاصل اصابعه ....
كان يبدو كمنظر رجلٍ ينوى ارتكاب جريمة .....
و كانت ملك تراقبه بعينين منحنيتين .... و بداخل قلبها الميت ... نقطة وحيدة حية تنبض ... لا لشيء سوى لتشعر بالشفقة عليه !!!!!
اليس هذا غريبا ؟!! ..... بل ضربا من الجنون ؟!!!
جزء كبير من خوفها تحول الى شفقة على هذا الرجل الغريب !! .... بدلا من ان تهتم بحالها المأسوي ... الا انها تقف هنا لتعطف عليه هو من شيء ...... لا تستطيع تحديده تماما .....
فهمست باختناق
( أنا .......آسفة ............ )
فتح عيناه و ارتجفت من هولِ النظرة بهما ..... فقال بصرامةٍ مخيفة
( لماذا تعتذرين ؟!! ............. )
فغرت شفتيها المرتجفتين .... و شعرت بنسيم الليل يطوف حولها فيطير خمارها .. و يتخخل جسدها مرسلا خيط من الصقيع بداخلها .....
فلفت ذراعيها حول جسدها النحيف ...... و همست بخوف
( لا ........ لا أعرف ....... )
استدار اليها بكليته .... ينظر لها باندفاع ليقول بعدها بصوتٍ رجولي مخيف على الرغم من ارتجافه ...
( ربما لأنك أخبرتني للتو بأنك تعرضت لإغتصاب ...... و ها أنا أقف عاجزا لا أدري ما أفعل ؟ !!! ...)
تشوشت الرؤية امام عينيها المبللتين بالدموع ....و هي عاجزة عن النطق .... الالم بداخلها كان كالذبح دون الموت .....همست أخيرا بصوت مختنق
( لا استطيع ادعاء أنني كنت ضحية كأي فتاة مغتصبة ........ لقد قبلت بزواجه و استحققت كل ما حدث لي لذا ليس لي حق الشكوى ........ لكن الرغبة في قتله بداخلي تتزايد ...و تخنقني .. )
صمتت قليلا و هي تبتلع غصة في حلقها ... بينما التوى فكه بصعوبةٍ و جنون
ثم همست مجددا
( أبقى وحدي طويلا ...... لأتفنن و أتخيل طرقا مختلفة في قتله و تعذيبه قبلها ....... )
يستطيع فهمها جيدا ..... ان كان هو حاليا بدا يرسم في خياله صورة دمه المدنس على يداه ....
فساد صمت قاتم بينهما ..... و كل منهما يعيش جنونه المؤلم ....
سمعا صوت نفير سيارةٍ فجأة .شق صمت الليل .. فشهقت ملك و هي تقفز لترتمي على صدره و دون وعي منه رفع يديه الى ظهرها ....
كانت السيارة قد مرت مسرعة ..... الا انه اغمض عينيه و يداه تشعران بنبض قلبها الذي يرف متخللا جسدها و صولا الى ظهرها تحت كفيه ......
انخفضت ببطىء مبتعدة عنه ..... و هي ترفع وجهها اليه .. بينما ترك يداه تسقطان عنها لينظر اليها بنظرةٍ صرعتها ..... و استمر الصمت بينهما طويلا قبل أن تهمس بخفوت
( إنه هنا .......... أستطيع الشعور بوجوده ..... )
رفعت يدها الى الصدرها اللاهث و هي تهمس
( إنه هنا ............. )
ساد صمت قصير بينهما ... بينما نظر رائف نظرة حولهما ... قبل أن ينظر الى عينيها و يقول بغموض
( أنتِ تتوهمين ....... إنه ليس هنا ....... لا تخافي ... )
كلمة تتوهمين ضربتها في مقتل .... فهزت رأسها نفيا و عيناها تغرورقان بالدموع ....و همست باختناق
( لست أتوهم ............. أنه خطير ... صدقني ... )
ظل صامتا قليلا .... وهو ينظر اليها نظرة غريبة .... فهمست بذعر
( أنت لا تصدقني يا رائف ؟!! ..... ما أخبرتك به للتو .... هل تظنها مجرد قصة أتوهمها كذلك ؟!! )
لم يرد عليها مما زاد من ألمها .... فضمت شفتيها بألم لتهمس بعدها بإختناق
( ربما كنت أتوهم ذلك أيضا ....... لم أعد واثقة من شيء .... )
أطرقت برأسها بألم .... حينها دس رائف يده في جيب بنطاله , و أخرج سلسلة مفاتيحه ... و قال بصوتٍ صلب لا يحمل اي مشاعر
( خذي ....... أنتِ تعرفين أين أوقفت السيارة ..... اذهبي اليها و اجلسي بها , سأذهب لاحضر شيئا ثم أعود اليك ...... )
رفعت وجهها المذعور اليه و هي تهتف دون أن تاخذ منه المفتاح
( لا تتركني بمفردي في الظلام أرجوك ...... سأتي معك ... )
قال رائف بصلابةٍ أشد .... و صوتٍ لا يقبل الجدل
( ربما لو رآك زوج أختك مجددا لافتعل فضيحة و أصر على أخذك بالقوة ..... انتظريني في السيارة )
قالت ملك بارتجاف
( لن يستطيع , لا يملك الجق لذلك ...... أرجوك لا تتركني .... لم أعد أملك القوة على مقاومته ... )
اقترب منها رائف ليمسك بكتفيها حتى رفعت و جهها اليه ... فقال بصوتٍ صلب
( هل تثقين بي ؟؟.............. )
أومأت برأسها تلقائيا دون أن ترد ..... فقال ناظرا الى عينيها
( اذن اذهبي الى السيارة و لا تخافي ....... أنا هنا ...... )
لم ترد و هي تنظر اليه مستجدية .... لكنه أمسك بكفها و فتحه ... ليضع به سلسلة المفاتيح و اطبق أصابعها عليها جيدا وهو يقول آمرا
( هيا اذهبي .......... )
ظلت تنظر اليه بصمت .... الا أنه أغلق قلبه بقوةٍ دون ان يستسلم لرجاء عينيها الطفلتين ....
سارت ملك تتجاوزه و هي ترفع حافتي الفستان بيديها ... تسير متعثرة و هي ترفع رأسها كل خطوةٍ لتنظر هنا و هناك خوفا .....
بينما وقف رائف مكانه ينظر اليها و كأنه ينظر الى طفلته تسير وحدها بين غابةٍ موحشة ..... و ذئابٍ ضالة ...
وصلت ملك الى السيارة .... و هي ترتجف بشدة , تكاد تقسم انه خلفها .... مدت يدها تلامس زجاج النافذة و هي ترتجف قليلا و يدها على سلسلة المفاتيح .. تبحث عن زر الفتح بأصابع مرتجفة ...
لكن همسة بصوتٍ أجش من خلفها جعلتها تتسمر مكانها بذعر
( مليكة ........ )
لهثت نفسا مرتجفا .... و أغمضت عينيها محاولة التماسك و الثبات ....
" حسنا اهدئي ...... انه شادي .... مهما كان ما ارتكبه , فهذا هو اقصى ما يستطيعه ... لا يملك شيئا اكبر ليؤذيك به ..... اهدئي و تماسكي ..... "
لم تكن قد رأته منذ هجومه الأخير عليها .... تقييده لها ... و اجهاض جنينها بالقوة , ثم محاولة اعتدائه عليها ....
لقد تحملت منه كثيرا من قبل .... و كانت تعرف أن به مس من الجنون .... و كانت من الغباء بحيث ارتضت بأن تقبله بكل اختلاله ...
لكن منذ آخر حادثة بينهما .... و هي تتلوى بين ذراعيه مستجدية بينما يقتل جنينهما بدمٍ بارد ...
جعلها هذا ترتعب منه و تدرك أنه مجرم ... و قد يفعل أي شيء في سبيل نيل رغباته ...
لقد أفزعها اجهاضه لها أكثر من اغتصابه ....
كانت من الممكن أن تمنحه اي تبرير لفقدانه السيطرة بناء على رغبته بها ....
لكن اهنتهاكها عن طريق الإجهاض ... كان شيئا آخر ... جعله في نظرها سفاحا ... ترتعب ما أن تسمع صوته ... تشعر بالغثيان ما أن ترى عينيه ...
تكلم مجددا من خلفها حين وجدها متسمرة مكانها مستندة الى باب السيارة ... غير قادرة على الإستدارة اليه
فقال بصوتٍ خافت أثار الرجفة في أوصالها
( الا ترغبين حتي في النظر اليّ ؟!! ....... إنه أنا .... حبيبك و زوجك ....... )
شعرت بغثيان شديد .. و رعب متزايد .... بينما همست في داخلها دون أن تفتح عينيها
" أين أنت يا رائف ؟!! .....أرجوك تعال .... أرجوك ..... "
تكلم كريم مجددا بخفوت ملح .... متوسل
( انظري الي فقط .... و ستغفري كل خطايايا .... انظري الى عيني و ستعرفين الجواب بنفسك , ... أقسم أنني ما فعلت ما فعلته الا خوفا من أن افقدك مجددا ..... أنا لست ملكا لنفسي ..... )
ابتلعت مرارة الكره التي ما عرفتها الا على يديه ... مقترنة بحبه الذي كان ....
قال مجددا وهي تسمع صوت خطواته وهو يقترب منها على الأسفلت القاسي ...
( وجودك في حياتي كان أهم من ألف طفل ..... و كان الإختيار بينه و بينك ..... )
هزت رأسها نفيا بصورة غير ملحوظة ... على الرغم من ارتجافها , و كأنها تقول
" لا ..... كان الإختيار بينه و بين هويتك ..... التي بعت نفسك من أجلها "
رفعت وجهها قليلا و هي تستنشق المزيد من هواء الليل البارد كي تقاوم الغثيان و الدوار ...
لكنها تشنجت أكثر و هي تشعر به خلفها تماما .. ثم توقف ... حينها نبض قلبها بعنف ... و توترت عضالاتها استعدادا للدفاع عن نفسها ما أن يحاول لمسها ...
الا أنه لم يحاول حتى هذه اللحظة و قال بخفوت و صوت يرتجف من فرض انفعاله برؤيتها بعد ايامٍ طويلة
( حين رأيتك بفستان الزفاف .... شعرت بصدري يتضخم و صورتك تملأ عيني بوهجٍ ساطع .... تخيلتك و أنت تمشين نحوي ....و أنا أنتظرك .... بعد كل تلك السنوات .... أخيرا )
نشجت بنفسٍ رافض ... دائخ .... و غضبٍ مكبوت ,
بينما تابع بخفوتٍ لاهث
( ارجعي لي مليكتي .... ارجعي لي و أقسم أن أقضي المتبقي من عمري في اسعادك و جعلك تنسين كل ما فات ..... )
سحبت ملك نفسا مرتجفا آخر و هي تهمس لنفسها بذات السؤال
" أين أنت يا رائف ؟!! .......... "
و فجأة شعرت بأصابعه فوق كتفيها وهو يهمس بشفتيه اللتين انخفضتا لتلامسان الفاصل بين عنقها و كتفها
( أنت الجمال نفسه ..... التفتي الي , لقد اشتقت اليك ِ بدرجةٍ جعلتني مجنونا ...... مجنونا يا مليكة .... )
حينها اندفع الادرنالين في عروقها فانتفضت صارخة بجنون و هي تستدير اليه كموجةٍ حريرية عنيفة
( ابتعد عني ...... اياك و أن تلمسني مجددا ..... أنت تقرفني ... )
اشتعلت عيناه بنظرته التي تعرفها و تخافها .... الا أنه أطبق بكفيه على خصرها بمخالبٍ شرسة وهو يتقدم بها الى أن ارتطمت بباب السيارة وهو يقول بنبرةٍ مهووسة
( تكونين مخبولة تماما ... لو تخيلتي للحظةٍ أنني قد أتركك ...... أنتِ ملكي منذ سنواتٍ طويلة و أنتِ ملكي )
أبعدت وجهها بقوةٍ أقصى اليمين و هي تتخبط محاولا التحرر من شفتيه اللتين كانتا تجولان على عنقها بلزوجةٍ قبل أن يرفع رأسه ليقول
( تعالي معي ...... هيا .... )
أمسك بذراعها و هو يكبل الأخرى محاولا اقتيادها الى سيارته ... الا أنها كانت تتلوى و تقاوم بساقيها صارخة
( أبتعد عني ...... سأصرخ ...... )
الا أنه كان خلفها يدفعها الى الأمام وهو يهمس بنعومةٍ
( لن يسمعك أحد هنا ...... لم يكن يجدر بحارسك أن يوقف سيارته في مكانٍ بعيدٍ كهذا .... )
اخذت ترفسه بقدمها في ساقه دون جدوى ... بينما كانت شفتيه تلامسان صدغها وهو يهمس دافعا ايها
( اهدئي يا ملك ..... لم أعتدك فرسا غير مروضة .... )
لكن فجأة شعرت بثقله يجذبها معه .... حين انتزعته قوةٍ هائلة مما جعله يشدها معه ... الا أن ذراعي رائف تلقتها قبل أن تسقط معه أرضا ... ليوقفها على قدميها و يبعدها خلفه .... صرخت ملك بقوةٍ
( أين كنت ؟؟؟ ........ )
لهث رائف بعينين تقدحان شررا وهو يقف متحفزا ناظرا الى كريم الذي وقع أرضا مثيرا الغبار من حوله
( كنت أنتظره ........... )
تشبثت ملك بظهره و هي تهتف برعبٍ مرتجفة
( أبعدني من هنا قبل أن ينهض ,....... أرجوك ..... إنه مجنون و قد يفعل أي شيء ....)
الا أن رائف وقف مكانه بقوةٍ نبضت سخونتها خلال كفي ملك و هو ينظر الى كريم الذي قفز واقفا بعينين مجنونتين .... ثم قال بهدوء
( ابتعدي يا ملك ........... )
الا أن ملك نشبت أظافرها في ظهره و هي تهتف بذعر ...
( لن أتركك ...... هيا لنغادر أرجوك ..... )
الا أن رائف هدر بصرامة
( ابتعدى يا ملك ........... )
زلزلتها صيحته فابتعدت تلقائيا و هي تنظر اليهما بخوف ... بينما كان كريم يقترب من رائف ببطء و هو يهز رأسه ضاحكا ضحكةٍ مهتزة
( آآه الحارس الشهم ..... الذي تولى على عاتقه أمر رعاية زوجتي ...... )
رفع عينيه الى عيني رائف الصلبتين بنيرانٍ باردة ..... ثم قال بصوتٍ كالفحيح
( لقد ضحيت بالكثير من أجلها يا خالي ..... لذا لن تمنعني قوة على الأرض من أخذها .... )
قال رائف بصوتٍ قاطع كالسيف
( على جثتي ............ )
حينها قال كريم بصوتٍ عالٍ بعد أن فقد قدرته على السيطرة على نفسه
( كما تشاء .......... )
ثم اندفع هاجما على رائف الذي ابتعد عنه في اللحظة الأخيرة .... مترافقا مع صرخة ملك ..
و ما أن تجاوزه حتى رفسه في ساقه .. و ما أن شهق كريم ألما حتى عاجله رائف بضربةٍ من ركبته بين ساقيه ....
حينها تأوه كريم بشدة و احمر وجهه بفظاعةٍ و هو يسقط على ركبتيه أرضا ....
بينما سارع رائف الى خلع حزام بنطاله الجلدي ... و قبل أن يتمكن كريم من النهوض كان رائف قد انحنى اليه .... ضاغطا بركبته على صدر كريم بشدةٍ جعلت عينيه تجحظان ألما ....
ممسكا برسغيه و ربطهما معا بحزامه ثم قال بقوةٍ
( ملك ....... هناك حبل في مؤخرة السيارة .... أحضريه حالا .... )
كانت ملك تنظر اليه فاغرة شفتيها بذهول و هي غير قادرة على استيعاب ما يقوم به فهدر بقوةٍ
( الآن يا ملك .................... )
لم تستطع ملك الا أن تجر ساقيها و هي تحضر الحبل متعثرة في حواف فستان الزفاف .. و ما أن ناولته لرائف حتى سارع الى ربط ساقي كريم معا ....
فغرت ملك شفتيها و كانها تشاهد فيلما غريبا ... ثم هتفت بذهول و هي ترى رائف يسحب كريم الذي كان يتلوى بجنون ... الى أن ألقاه على مقعد السيارة الخلفي .... ليصفق الباب بعنفٍ وهو يلهث
( ماذا ستفعل به يا رائف ؟!!! ....... )
ابتسم رائف بوحشية وهو يلهث قليلا ... ثم قال ببساطة
( سأحقق لكِ أمنيتك ........ سنقتله و نتخلص منه .... )
اتسع فم ملك المفتوح .... و اتسعت عيناها بذهول ... بينما دار رائف حول السيارة وهو يقول آمرا
( اركبي ............. )
ظلت تنظر اليه بذهول وهو يفتح لها الباب الأمامي منتظرا .... و ما أن رآها متسمرة مكانها حتى قال بهدوء
( هل تثقين بي ؟؟ ....... )
عادت لتوميء برأسها تلقائيا .... فقال بلهجةٍ آمرة لا تقبل الجدل
( اذن اركبي .......... )
جلست ملك في المقعد الأمامي و هي تلملم حواف فستان الزفاف .. الى أن أدخلته .. فأغلق رائف الباب خلفها .... ليدور حول مقدمة السيارة و سرعان ما انطلق بها ....
كانت عينا ملك تنظران الى الطريق الممتد المظلم أمامها ... و كأنها منفصلة عن الواقع ...
بينما كريم ملقى على المقعد خلفها و هو يصرخ بجنون ... شاتما و لاعنا ... مهددا بأقذع الألفاظ ...
كان صوت صراخه يبعث رجفة طفيفةٍ في جسدها
فأرجعت رأسها لتنظر اليه بجمود .... فالتقت أعينهما و برقت عيناه جنونا وهو يصرخ
( لن أحررك يا مليكة ..... أقسم بالله لن تتحرري مني ..... )
حينها قال رائف بصوتٍ آمر
( انظري أمامك يا ملك ............ )
فأطاعت أمره مباشرة و هي تعود بعينيها الى الطريق الممتد أمامهما .... بداخلها رضا سادي و هي تشعر بتلويه خلفها .... ضاربا ظهر مقعدها بركبتيه ....
فتمنت ان يطول الطريق .... كي تشعر بالمزيد من تلويه .... مقيدا بحزامٍ جلدي و حبل ....
شاهدت رائف ينعطف بالسيارة الى مكانٍ مهجور .... خارج الطريق السريع ....
و ما أن أوقف السيارة حتى نظر اليها و نظرت اليه بصمت في الظلام و كأن بينهما تواصل غريب .... فقالت في النهاية و هي ترتجف بشدة
( هل ستقتله حقا ؟!! .......رائف لا تتهور أرجوك لقد كنت أهذي ... لا تستمع لكلامي .... )
ظل ينظر الي عينيها طويلا قبل أن يقول بهدوء مشيع بصراخ كريم المجنون
( انزلي ........... )
نزلت ملك تنوي منعه من ارتكاب جريمة .... لم تكن قد وصلت بعد الى الحد الذي يجعلها مجرمة ..
صحيح أنها تخيلت طرق عديدة لموته ... الا أنها كانت مجرد تخيلات لتهدىء من مرارة انتهاكها ...
فتح رائف الباب الخلفي .. ثم سحب كريم من ساقيه الى أن رماه ارضا ...
تأوه كريم صارخا و هو يتلوى في قيده كثورٍ مذبوح ....
( سأقتلك ...... سأقتلك ....... )
الا أن رائف كان يدور حوله و هو ينظر اليه ... ثم قال بهدوء شق صمت الليل المهيب
( اذن يا حبيب خالك ... سنفعل ذلك بالطريق السهل .... و إما الصعب ... أيهما تختار ... )
صمت للحظة وهو ينظر الى تلويه الشرس ... ثم لم يلبث أن قال آمرا بصوتٍ مزلزل
( طلقها ........... )
نظرت ملك فاغرة الفم الى رائف الذي عرفته هادئا وقورا و قد تحول الي شخصٍ آخر وقت الحاجة ...
بينما صرخ كريم بجنون
( لن يحدث ..... حتى لو قطعت من لحمي ... لن يحدث .... )
حينها أومأ رائف برأسه بهدوء ... قبل أن يرفع قدمه ويرفسه في جانبه بقوةٍ ... مما جعل كريم يشهق بقوةٍ و عيناه تتسعان أكثر ...
ثم أعاد رائف بهدوء
( طلقها ................ )
صرخ كريم وهو يتلوى يمينا و يسارا
( لن افعل ..... انها زوجتي .... لا يحق لك ...... )
رفسه رائف مرة اخرى بشكلٍ اقوى ... مما جعله يصرخ عاليا , بينما صرخت ملك ايضا و هي ترفع يديها الى فمها ....
بينما قال رائف بهدوء
( هذه من اجل ايهامك لها بأن زواجكما كان رسميا ........ )
ثم ضربه مجددا فصرخ كريم اعلى .... و صرخت ملك مرة اخرى , و رائف يقول بصوتٍ مشتد
( وهذه من أجل اجهاضك للجنين الذي كانت تحمله ....... )
كان كريم يلهث بعذاب بينما صرخت ملك و هي ترفع يديها الى اذنيها و هي تتشنج و تبكي
( كفى يا رائف ......... كفى .... )
الا أن رائف لم يسمعها .... بل قال بصوتٍ جليدي أكثر
( و هذه ........ لإغتصابك لها ...... )
ثم ضربه ضربةٍ أقوى من سابقتها .... فصرخ كريم بألم ... و صرخت ملك هي الأخرى بجزع
( كفي يا رائف أرجوك ..... لم أعد أتحمل ...... )
الا أن رائف قال آمرا
( طلقها ............. )
لكن كريم بصق تعبا و ألما ..... و أخذ يلهث من شدة الألم , ثم قال بصوتٍ مختنق
( لن يحدث ...... لقد ضحيت بابني من أجلها )
هزت ملك رأسها يأسا و هي تغمض عينيها بوجع ....
انه يعيش في حالة نكران عجيب للواقع ... و لا يزال يظن انه قتل جنينهما في سبيل الاحتفاظ بها ...
دون ان تفتح عينيها سمعت صوت ضربة مجددا مترافقة مع شهقته ...
حينها لم تستطع ان تمنع نفسها من الصراخ بشدة
( كفى ارجووووك ..... لم اعد اريد الطلاق ... كفى )
الا ان رائف هدر بقوةٍ
( اخرسي يا ملك ........... )
ثم التفت الى كريم قائلا بصوتٍ آمر
( طلقها ............ )
لهث كريم بعنف وهو يهمس بشراسة
( لا ........ سأتركها معلقة الى أن تعود الي .... لقد دمغتها باسمي .... وشمت جسدها باسمي )
رفعت ملك يديها لتغطي بهما أذنيها بقوةٍ و هي تشعر بالخزي ممتزجا بالرعب ...
ثم صرخ كريم بألم حين ضربه رائف مجددا بقوةٍ أكبر وهو يبصق عليه .....
و بعد عدة لحظات من التأوه تمكن كريم من الهمس بلهاث مختنق
( حتى لو نطقتها ....... لن تقع , فقد نطقتها تحت تأثير الألم ..... أيها الجبااااان )
ارتجفت شفتي ملك بشدة ... و أطبقت عينيها برعب .....
كريم معه حق .... أي كلمة طلاق سينطقها الآن لن تقع ... فهو تحت تأثير الضرب و التعذيب ..
انتظرت سماع صوت مزيدا من الضربات ....
الا أنها لم تسمع ... فتجرأت على فتح عينيها المهتزتان ... لتجد رائف يتجه الي السيارة .. و يفتح الجارور الأمامي ليحضر منه شيئا ...
فشهقت برعب و هي تفكر فيما ينتويه ؟! ....
هل سيحضر سلاحا ؟!!
هل سيمزقه قطعا صغيرة واحدة تلو الأخرى الى أن يطلقها ... فرفعت يدها الى صدرها المرتعب دون أن تجرؤ على النطق بكلمة ...
الا أنها رأته يعود حاملا في يده مظروفا كبيرا ....
ثم جثا القرفصاء بجوار كريم المسجا أرضا ... ثم قال مبتسما دون مرح
( اذن الطلاق لن يقع لأنك مرغم عليه .... اليس كذلك ؟!.... اذن لما لا أرمي الكرة بملعبك .... و أترك لك الخيار ..... )
صمت قليلا وهو يلوح له بالمظروف قائلا بهدوء
( أتعلم ما هذا ؟!! ....... انه مظروف سري للغاية .... هل يمكنك تخمين ما به ؟!! ..... )
نسى كريم ألمه مؤقتا وهو يطالع المظروف الملوح فوق رأسه بشك .... فلهث بشكٍ قائلا
( ماذا يمكن أن يكون ؟! ........... )
ابتسم رائف بشراسة وهو يقول بتأني ....
( تحليل dna ..... من بضعة شعرات من فرشاة شعرك ..... هل يمكنك أن تتوقع ما هي النتيجة المذكرة به ؟!! ....... )
اتسعت عينا كريم بذعر وهو ينظر الى المظروف الملوح و كأنه سيف مسلط على عنقه ....
بينما تابع رائف ببساطة قائلا
( لذا يا حبيب خالك ..... فالخيار الآن لك , ..... إما أن تطلقها بملء ارادتك .... و إما أن تكون تلك الوثيقة الصغيرة موجهة غدا صباحا لكل الجهات المعنية ...... )
شحب وجه كريم حتى حاكى وجوه الموتى .... بينما اتسعت عيناه بمنظر مثير للشفقة ...
ثم همس بصوتٍ واهي ضائع ..
( لن تجرؤ ...... أختك ستتهم بالنصب و الإحتيال ....... )
ضحك رائف ضحكة خشنة ... جوفاء , ثم قال بخفوت
( حين يريد الرجل امرأة ..... بشدة .... فمن يختار , .... هي أم أخته ؟!! ..... )
فغرت ملك شفتيها بشهقةٍ صامتة ... و هي لا تصدق ما سمعته للتو .....
هل أصيب رائف بالجنون تماما ؟!!
بينما ازداد شحوب كريم بعنف ... و همس بضياع
( اخرس ..... إنها زوجتي ....... انها زوجتي ....... )
ابتسم رائف بشراسةٍ أكبر ... لعله يحمل ذرة من الرجولة تجعله يتألم لكل كلمة ينطقها
عقابا له على تجاوزه السافر تجاه ميساء ....
لطالما كان ينظر بعين الخطر الى لمساته لها .... نظراته ..... استغلاله المستمر لإنهيارها ...
و كان يكذب نفسه ..... لكن بعد ما حدث لملك أدرك أي قذر مختل النفس هو ....
ثم تكلم أخيرا فقال بهدوء جليدي
( بخلاف أن ميساء لن يمسها سوء ..... فهي لم توقع ورقة واحدة تخص الأمر ..... أي أن لا دليل مادي ضدها ...... لقد استفسرت جيدا ... لذا يمكنك القول بأنني و اسرتي في أمان .... بينما أنت ووالدك الغالي ... ستخوضان أهوالا ما أن أفتح عليكما النيران ...... )
صمت رائف قليلا ... وهو ينظر الىى رعبه .... ثم نظر الى ساعة معصمه ليقول هادئا
( أمامك خمس دقائق لتقرر بها مصيرك ............. )
ظل رائف على وضعه ... ينظر الى ساعة معصمه ... بينما التوت رأس كريم لينظر الى ملك مستجديا
بينما كانت هي تبادله النظر بعينين مغطاتين بغلالةٍ من دموع باردة .... جليدية ... و هي تنتظر لتسمع قراره ...
قد يكون سماع قراره بالنسبة لها حاليا أهم عندها من سماع كلمة الطلاق .....
فحينها ستتأكد .... من مدى اختلاله في قتل جنينهما بدمٍ بارد ....
قال كريم هاتفا .... مترجيا
( مليكة ...... ارجوكِ ....... )
ظلت صامتة بشفتين ترتجفان قليلا ... قبل ان تقول بجمود ميت خافت
( القرار ليس بيدي .... كما ان المظروف ايضا ليس بيدي انا ....... لا مفر من الاختيار هذه المرة يا كريم )
اخذ رائف دفة الحوار منها فقال بصرامةٍ
( بقى لك ثلاث دقائق ........... )
ظل كريم ينظر الي ملك مترجيا ..... بينما قال بيأس
( ابي لن يسمح بما تفعله ........... )
لوى رائف شفتيه بسخرية قاسية , ثم قال بهدوء
( دع والدك العزيز لي ....... انا كفيل بمواجهته ...... بعد ان اكون قد وضعته خلف القضبان , فلقد آذى اختي كثيرا ..... و انا ممتن جدا لهذه الفرصة كي انال منه ..... )
تأكد كريم ان رائف صادقا ..... و ان لديه مئات المبررات كي ينال منهما معا ....
و حين انقضت الخمس دقائق ... رفع رائف يده الاخرى ليقبض على ذقن كريم وهو يقول بصوتٍ خافت لكن مخيف وهو ينظر اليه
( طلقها ............. و حينها قد افكر في تركك لحالك القذر .... )
ساد صمت طويل ... و كريم ينازع كحيوانٍ شرس في لحظاته الأخيرة ....
بينما هدر رائف بقوةٍ عنيفة
( طلقهااااااا ............ )
حينها فغر كريم شفتيه فنظرت ملك الى شفتيه منتظرة قراره ..... و اطلاق سراحها ....
فهمس باختناق
( انتِ طا ......... طالق ......... )
اغمضت ملك عينيها بشدة .... بينما خرج نفسا مرتجفا من بين شفتيها الزرقاوين المرتعشتين
يخالجها شعور قوي بتدني الذات ... لهذه الدرجة كانت رخيصة الثمن مرة بعد مرة !!
بينما يغلف ذلك الشعور ... موجةٍ عاتية من الراحة و التحرر أخيرا ....
دفع رائف وجه كريم بقوةٍ ... ثم نهض واقفا وهو يرمقه بإزدراء ... قبل أن يقول من بين أسنانه
( قذر ........... )
توجه الى ملك التي كانت تقف في العراء وسط الليل .... الهواء يطير فستانها و خمارها ... بينما هي رافعة رأسها مغمضة عينيها تستنشق بعض الهواء بارتجاف ...
قال رائف بخفوت
( هل أنت ِ بخير ؟!! ........ )
هزت رأسها ايجابا .... بينما كان شكلها أبعد ما يكون عن الخير ... فقال رائف بخفوت أكبر و حنان اختفى في اللحظات السابقة
( لقد انتهى الأمر يا ملك .......... يمكنك الصراخ الآن ... )
ازداد ارتجافها و هي تنتحب بصمت ... دون أي صوت .... فقال بصلابة حانية
( ألم أعدك بذلك ؟!! ........ يمكنك الصراخ قدر ما تشائين .... )
ازداد نحيبها الصامت و هي مطبقة جفنيها .... بينما انحنت للأمام و هي تنتفض شاهقة ببكاء مرير ... تلف خصرها بذراعيها ... و سرعان ما تحول النحيب الصامت الى شهقات بكاء واضحة .... ثم تحولت الى عويلٍِ عالي الصوت .... أخذ يتعالى و يتعالى ... الى أن تحول الى صراخٍ هادر شق سكون الليل و هي تنحني على نفسها أكثر .....
حينها اقترب منها رائف .. و بحركةٍ مندفعة , جذبها بين ذراعيه بقوةٍ كادت ان تطبعها على صدره .... بينما ارتفعت يده من تحت خمارها و هي تملس شعرها المنهار من ربطته ...
و يده الأخرى تضمها اليه ضاعطة ظهرها بحنانٍ قوي ... شديد البأس
وهو يريح ذقنه اعلى خمارها .... فأغمض عينيه هامسا
( لقد انتهى الأمر .............. )
استمر صراخها عاليا فوق نبضات قلبه الثائرة ..... طويلا , بينما صراخ كريم من خلفهما يهدر بعنف
( اتركها ........ اتركها ....... )
الا ان ملك لم تسمعه هذه المرة ...... و كأن صوته قد تلاشى من وجودها للأبد ......
فأخذت وقتها في الصراخ ... الى أن تهدمت قواها في النهاية و انهارت على صدر رائف كغريقٍ انهار على بر الأمان أخيرا ... بعد أمواجٍ عاتية ... ضربته مرارا ...
ما أن سكن صراخها و تحول الى شهقاتٍ باكيةٍ خافتة .... حتى أبعدها عنه قليلا وهو ينظر الى عينيها المتورمتين ... قبل أن يقول بصلابةٍ و عيناه تحملانِ انفعال لم تستطع احتماله ..
( هيا بنا لنرحل عن هذا المكان ..... )
عاد ليجذبها من يده خلفه الى أن أجلسها في السيارة .... ثم أغلق الباب خلفها بعد أن انحنى على عقبيه ليلملم حواف الفستان بنفسه....
عاد الى كريم ... ووقف بحذائه بجوار رأسه قبل أن ينحني ... ليخلع الحزام الجلدي عن يديه و يرميه بعيدا على أقصى قوته ....
ثم استقام واقفا ليقول بصوتٍ مشمئز
( سأتركك لتحل وثاق قدميك ...... ربما في تلك اللحظات خلال فعلك لهذا , تتمكن من حل وثاق روحك ....... لتصبح ما يقترب من آدمي .....)
تركه و ابتعد الى السيارة بينما كريم يصرخ من خلفه
( ابي لم يمرر لك ما فعلته ...... لم ينتهى الأمر بعد ..... أقسم أن أمزقك ما أن تقع بيدي ....)
الا أن رائف رماه بنظرةٍ ساخرةٍ ملتوية ...
قبل ان يدخل سيارته و ينطلق بها تاركا كريم يحارب بعذاب مع قيوده .....
بعد مسافةٍ طويلة .... كان ينظر خلالها الى ملك بين لحظةٍ و اخرى .....
قالت ملك بخفوت دون ان تنظر اليه ....
( كيف استطعت اجراء التحليل بمثل تلك السرعة ؟!!...... )
نظر اليها طويلا , قبل ان يبتسم ابتسامة قاسية .... قبل ان يقول ببساطة
( لم افعل ........ )
ثم تناول المظروف عن الرف الامامي للسيارة .. لينظر اليه طويلا قبل ان يقول بهدوء
( انه اقراري الضريبي ............ )
فغرت ملك شفتيها بذهول و هي تراه يرمي المظروف على المقعد الخلفي بإهمال ..... قبل أن يعاود القيادة بهدوء ....
بينما ظلت ملك تنظر اليه مفتوحة الفم و العينين ... لا تصدق أنه حصل على يمين الطلاق بمظروف يحوي الإقرار الضريبي ....
و ما أن شعر بصدمتها ... نظر اليها مبتسما ليقول ببساطة
( منتهى الذكاء .......... اليس كذلك ؟!! ...... )
لم تستطع الرد على الفور ..... ثم لم تلبث ان قالت بخفوت
( أنا منبهرة ............ )
عاد رائف لينظر الى الطريق أمامه مبتسما .... على الرغم من أن روحه أبعد ما يكون عن الإبتسام ...
فمجرد كلمةٍ بسيطة ... قليلة الأحرف , لن تجعلها تنسى ما حدث لها ....
لقد تدمرت تماما ..... وهو يدرك ذلك .....
و ذلك يملأ نفسه بغيامةٍ داكنة .... و كأنها من لحمه ... و دمه ......
كان الصمت هو رفيق رحلتهما للمتبقي من الطريق ..... الى أن وصل الى مكانه البعيد و الأحب على قلبه ... فأوقف السيارة في جنح الظلام ثم بقى ناظرا أمامه لفترةٍ طويلة .... قبل أن يلتفت اليها قائلا بخفوت
( لقد وصلنا ............ )
نظرت ملك الى البيت الصغير الذي وقف أمامه .... بينما قال رائف بتردد
( ملك ..... لو أردتِ العودة الى أختك ..... ما عليكِ سوى الطلب ..... )
نظرت اليه طويلا قبل أن تقول بصوتٍ مرهق باهت
( لتضربني ؟!! ...... و تسمعني المزيد من قصائد الإحتقار التي أشعر بها دون الحاجة الى سماعها ؟!! ..... اليوم تحديدا ... لم أشعر بأنني كنت قبلا أبعد ما يكون عن وعد ....... لا أرغب في مساعدتها .... أو بمعنى أصح لا أستطيع تحمل تلك المساعدة ..... لقد أتت متأخرة جدا ......)
قال رائف بحذر ....
( لقد كنتِ قاسية معها قليلا الليلة .......... )
رفعت ملك عينيها الضائعتين اليه قبل أن تهمس بإجهاد
( يحق لي أن أكون قاسية قليلا الليلة .......... اليس كذلك ؟!! ..... )
صمت قليلا , قبل أن يقول بصدقٍ لم يستطع مداراته
( نعم يا صغيرة ........ يحق لكِ أن تكوني قاسية الليلة ....... )
صمت للحظة قبل ان يقول بهدوء
؛( هيا انزلي ............... )
نزلت ملك و هي ترفع حواف فستانها بينما كانت تنظر الى البيت .... بينما سارع شخص ما يرتدي جلباب صعيدي نحوهما وهو يقول بذهول غير مستوعبا المنظر أمامه ...
( مبارك ..... مبارك يا سيد رائف ...... لو كنت أخبرتنا لكنا جهزنا البيت لك و لعروسك ..... )
اتسعت عينا ملك بذهول و هي تنظر مستجدية الى رائف الذي وقف ينظر اليها بنظرةٍ غريبة ...
قبل أن يقول بهدوء
( ادخل أنت يا سيد ............ سأتولى الأمر أنا ..... )
أومأ الرجل برأسه وهو ينظر الى رائف و الذي كان يقتاد ملك الى البيت بينما ملامح الذهول الغبي لا تزال ظاهرة على وجهها .....
ثم قال بذهول
( حتى يوم عرسه لا يسمح لأحدٍ بدخول المكان لتنظيفه !!! ...... )

دخل رائف خلف ملك ثم اغلق الباب خلفهما و اشعل الأضواء
فاستدارت ملك نحوه بسرعةٍ جعلت فستانها يدور من حولها بموجةٍ سحبت أنفاسه
لكنها بدت غافلة و هي تنطق بذهولٍ هامسة
( لقد ....... ظننا ...... أنا ..... و أنت ........ )
أومأ رائف برأسه دون أن يرد .... وهو يرمقها بنفس النظرة , قبل أن يقول بخفوت
( أعرف ما ظنه ............ )
ارتبكت ملك ... و ارتجفت و هي تسارع الى خفض رأسها بذهول ... لقد ظنها الرجل عروسا ... بينما هي حصلت على الطلاق للتو ........
لقد ظنها عروس ...... رائف !! .......
ظلت صامتة قبل أن ترفع رأسها قليلا ... محاولة السيطرة على مشاعرها المرتبكة .... ثم قالت بخفوت مسكين
( هل ....... سأبقى هنا ....... معك ؟!! ....... )
لمعت عيناه بدرجةٍ جعلتها تنتفض داخليا و هي تنظر اليه مذهولة ... و كأنها منومة مغناطيسيا بفعل عينيه ... لكنها أيقنت أنها تتوهم حين سمعته يقول بهدوء خافت
( لا بالطبع ...... سأرحل حالا ......... )
شعرت بالخوف فجأة من ان يتركها هنا بمفردها .... بعد ان تباجحت و رفضت العودة الى وعد ....
لكنها قاومت الشعور بالخوف و هي تنظر اليه قائلة بخفوت
( ماذا لو .....؟!! ........ )
رد رائف ببساطة دون الحاجة الى متابعة سؤالها المرتجف
( لو كان هناك احتمال واحد بالمئة في امكانية وصوله الى هنا ..... لما أحضرتك ..... )
أومأت ملك برأسها بصمت .... بينما قال رائف بخفوت
( هناك طعامٍ كافٍ في الثلاجة ..... و ملابس قطنية مريحة ....كما أن التلفاز يعمل و معد بكل القنوات ... )
لم تتمكن ملك من منع نفسها من الضحك بخفةٍ و ألم و هي تهمس متوجعة بسخريةٍ مريرة
( تلفاز ؟!! ........... )
اظلم وجهه قليلا وهو يقول بصرامة ...
( ستشاهدين فيلما كارتونيا يا ملك ...... و هذا أمر ...... )
ابتسمت قليلا و هي تنظر الي عينيه طويلا بحزن .... قبل أن تقول برقة
( انت دائما تراني طفلة ....... على الرغم من انني ابعد ما يكون عن ذلك ..... )
قال رائف بثقةٍ و صرامة
( ستظلين دائما طفلة ....... حتى لو صرتِ جدة ..... )
عادت لتبتسم بسخرية مريرة و هي تقول بصدمة
( جدة !! ....... يلزمني الزواج اولا كي اكون جدة ...... و هذا ابعد ما يكون عني .... )
اشتعلت عينا رائف بغضبٍ رافض .... لكنه امتنع عن الرد عليها , بينما قال بصوتٍ خافت متصلب
( يجب أن أغادر الآن ...... هل ستكونين بخير ؟!! ....... )
اومأت ملك برأسها ببطىء و الشعور بالخوف يعاودها .... فقال رائف مترددا
( حسنا اذن ...... )
صمت قليلا قبل أن يقول فجأة عابسا دون تفكير
( هل ستتمكنين من خلع هذا الشيء بمفردك ؟!! ........ )
اتسعت عينا ملك ..... و احمر وجهها بشدة , بينما لعن رائف غبائه وهو يقول مسرعا و بصوتٍ متحشرج
( يجب أن أغادر حالا ........... )
ثم اندفع في اتجاه الباب دون حتى كلمة سلام ..... الا ان ملك نادته قبل ان يخرج بصوت خافت
( رائف .......... )
توقف مكانه يتنفس بسرعةٍ قليلا .... قبل ان يقول بخشونة دون ان ينظر اليها
( نعم يا صغيرة !! ........ )
ظلت ملك تنظر الى ظهره طويلا .... قبل أن تقول بخفوت حذر
( حين كنت ...... تضربه ...... صرخت بي .... و قلت " اخرسي يا ملك " ..... هل .... كنت تقصد ذلك ؟!! )
التفت اليها عاقدا حاجبيه بحيرة فعلمت أنها أربكته ..... بينما قال عابسا
( هل قلت ذلك ؟!! ........ لا أتذكر ..... )
أومأت رأسها اجابة على سؤاله .... الا أن عينا رائف رقتا فجأة و قال بخفوت
( لم أقصد ذلك ........ لا تخافي يا صغيرة , كنت في حالٍ مريعة ...... )
شيء ما تسلل دافئا الى صدرها متخللا جبال الجليد بداخله ... الا أنها قالت فجأة بشجاعة
( الم تقصد كل ما نطقت به حينها ؟!! ....... )
حينها علمت أنها أربكته بشكلٍ أعنف .... و هو يدرك تماما أي عبارة تقصد .... و ظهر ارتباكه في عينيه ....
لكنه رد بصرامة
( أراكِ صباحا ...... صغيرتي ..... )
ثم خرج مسرعا .... صافقا الباب خلفه بعنف .... بينما ظلت ملك واقفة تنظر الى الباب المغلق ....
و لا زال السؤال يتردد بداخلها دون جواب .....
كان الحارس جالسا مكانه .... يدخن أرجيلته ... لكنه انتفض معتدلا وهو يرى رائف يخرج مندفعا ... مكفهر الوجه .... الى أن قاد سيارته و انطلق بها بسرعةٍ عنيفة ....
بينما ظل الرجل ينظر في اثر السيارة المختفية قبل أن يقلب كفا على كف وهو يقول متحسرا
( لا حول و لا قوة الا بالله ... رجل طول و عرض ..... لم يكن يظهر عليه علامات الفشل من قبل !! .... )
.................................................. .................................................. ......................
كانت عيناه تبحثان عنها بين الجموع ..... و بداخله غضب من تركها له كل هذا الوقت بمفرده ....
منذ أن أحضرت له طبقا من المائدة المفتوحة .... "أكلت معظمه أثناء الطريق ! "
و هي تبتعد عنه كالفراشة .... من يراها يظنها تمارس عملها الشخصي ... لم يكن يعلم أن لديها موهبة خاصة في الاعداد لحفلات و العروض .... بدءا من الأساسيات ... و حتى اصغر التفاصيل كالطعام .....
لكن طبعا الطعام لم يكن أصغر التفاصيل بالنسبة الى كرمة ..... بل هو أعظمها ....
فكلمها وجدها بالصدفة عن بعد .... و جد شيئا ما بيدها تدعي تذوقه .....
كم كان منظرها و هي تتلذذ بكل صنف جيد يدفىء قلبه .... الا أنه في نفس الوقت يصيبه بالغضب لأنه يعلم جيدا أنها لن تتناول العشاء معه بتلك الطريقة ...
كان قد حضر تحضيرا خاصة لليلة .... فالليلة هي أول ليلة سيقضيانها بمفردهما ....
خاصة و أن أمينة غادرت اليوم صباحا .... بعد أن لوت كاحلها في نفس اليوم الذي غادر به محمد الى أمه...
فأصرت كرمة بكل سماجةٍ بأن تبقى معهما الى أن تتمكن من الوقوف على كاحلها مجددا ....
و كان نتيجة ذلك حروبا طاحنة بين كلتيهما ... كل يوم .... صباحا و مساءا ....
حتى أنه كان كلما اقترب منها ليلا في الظلم ... تهمس بعينين براقتين في الظلام
" هشششش .... بهدوء , أنا متأكدة أنها تسمعنا ...... "
لكن اليلة ... ستكون ليلة كالمفرقعات النارية .... لن يكون هناك غيرهما في البيت ..... و يشك انها قد تخرج منها سليمة .... و هذا جيد بالنسبة له , فقد تضطر لأخذ أجازة من المصرف و الجامعة ... و تنتظره في البيت الى أن يأتي اليها فيبثها أشواقه ...
أخيرا لمحها من بعد .... كانت واقفة كملكة راقية ....
لطالما أبرهته طلتها الرزينة الملوكية التي تخفي بداخلها جموحا يعرفه حق المعرفة ... عمليا و عاطفيا ....
فهل هناك من هو أكثر منه حظا في هذه الدنيا ؟!!! ..... لقد تزوج حبيبته المستحيلة ,, و يتنعم كل لحظة ٍ بالمزيد مما يكتشفه عنها ......
الليلة تبدو ذات جمال خاص ... بفستانٍ منسدلٍ على قوامها المهلك المكتنز ... بينما شعرها المنحدر بموجاته كان يسبي كل من ينظر الى بريقه ...
همس بخشونة مختنقة
( تبا لذلك ....... ماذا افعل كي أخفيها عن الأعين ...... هذا فوق احتمالي .... )
رآها تسير حول نفسها قبل أن ترفع الهاتف في يدها الى أذنها .... و سرعان ما علت وجهها ملامح عاطفية رقيقة .... قبل أن تبتسم بسعادة مبهجة ,.... لكل من يراها .... الا هو ....
كانت هناك نارا تحرق أحشاؤه كلما رآها مؤخرا تتكلم في هاتفها ....
منذ طلبها المرتجف منه أن تغير رقمها و هو يشعر بقلق يفترسه ... و لطالما كان احساسه صادقا ...
خاصة فيما يتعلق بكرمة ....
كثيرا ما كانت تترك الهاتف خلفها في كل مكان .... و كأنها تتحداه بإحدى ألعابها الأنثوية التي تتعمد اختبار صبره ...
فكان يقف طويلا بجوار الهاتف الملقى بإهمال ... و أصابعه تتآكله كي يلقي نظرة عليه ....
تحديدا رجوعا الى تاريخ ذلك اليوم الذي سألته فيه تغيير الرقم ... وهو يحفظ التاريخ عن ظهر قلب ....
ابتسم بوجع وهو يهمس
" كم انا محظوظ ...... بحبيبتي ذات طعم السكر ... و التي أتحرق بنارها كل يومٍ و ليلة ... "
كان يبتلع ريقه بتشنج و هو يراها تتمشى قليلا ... و ذيل فستانها المحدود يحف الأرض خلفها ...بينما ابتسامتها الى من تحدثه تكاد تقتله ...
ترى هل تبتسم نفس الإبتسامة حين يهاتفها ؟!! ....
أنهت كرمة مكالمتها أخيرا بعد أن كانت قد أحرقت أعصابه و حتى النهاية ....
فرفعت وجهها اليه مباشرة .... و أشرقت ابتسامتها بهزل .....
عض باطن خده وهو يهدر بداخله
" لا أريد نظرة الهزل تلك على الرغم من عشقي الميؤس بها ...... بل أريد نظرة أعرفها جيدة ... و لم تنظرها يوما الي .... )
اقتربت كرمة في اتجاهه و هي ترفع حافة فستانها الرائع .... بينما الإبتسامة تمنحها بريقا و طفولية و بهجة ...
الى أن وصلت اليه فانحنت اليه تقبل وجنته .... الا أنه أبعد وجهه , فعبست بمرح و هي تجلس أمامه قائلة بخبث
( يبدو أن صغيري غاضب من ماما ...... )
عبس حاتم بشدةٍ وهو يقول بشدة
( توقفي يا كرمة عن مزاحك ذلك ..... قد يسمعنا أحد ..... )
ادعت الحزن ببراءة و هي تقول بصدمة زائفة
( الم يعد يعجبك مزاحي الآن ؟!! ........ )
زفر حاتم بوهجٍ دافىء قبل أن يقول متراجعا
( أخبرتك من قبل ...... ليس أمام الناس ..... )
نظرت حولها ببراءة ... قبل ان تعود اليه بابتسامة جميلة و هي تقول بخبث
( لا أرى أحد يسمعنا ........... )
عاد ليزفر بحنق وهو ينظر أمامه قبل أن تقول كرمة باهتمام و هي تمد يدها لتلتقط شيئا من طبقه لتقضم من قضمة بتلذذ
( لماذا لم تأكل ؟!! ...... الم تعجبك نوعية الطعام !! ...... )
نظر اليها عباسا وهو يقول بخشونة
( ربما لو لم تقضي عليه كله ... لكنت استطعت أن أبدي رأيي ...... )
عبست كرمة و هي تقول بغيظ
( أنت بمزاجٍ سيء جدا الليلة ...... أنت لا تعاتبني على الطعام الا لو كان هناك شيئا ما يغضبك ..... )
زفر حاتم وهو ينظر اليها طويلا .... قبل أن يقول بهدوء
( مع من كنتِ تتحدثين في الهاتف في مثل هذا الوقت ؟!! ....... )
مدت كرمة يدها تلتقط قطعة مخبوزات اخرى و هي تضعها في فمها بنهم قائلة بتلذذ
( كنت اكلم محمد ........... )
تابعت اكلها ... دون ان تدرج ان ملامح وجهه تتصلب في ردة فعل باتت تلقائية ....
ترى هل تعلم انها اصبحت السبب في اجفاله المستمر كلما نطق اسم ابنه مقترنا بها !! ...
نظر حاتم الى ساعة معصمه وهو يقول بخشونة
( هل محمد مستيقظ حتى هذه الساعة ؟!! ..... كل ما افعله وهو معي , تهدمه والدته و زوجها خلال يومين )
نظرت اليه كرمة بجدية و هي تقول
( حاتم ترفق بالولد قليلا ..... انه لم يعد طفلا .... و لا ضررمن ان يسهر مع امه قليلا ..... )
نظر اليها حاتم بغضب وهو يقول
( انه وضع سيستمر طويلا ..... لذا فان ادائه يتأثر في الملعب اليوم التالي ..... وهو على وشك دخول البطولة ..... )
نظرت اليه كرمة بصمت و جدية قبل ان تقول بحدة
( اي بطولةٍ تلك التي تهتم بها ؟!! ...... محمد رغم تفوقه دراسيا و رياضيا , الا انه يعاني كبتا عميقا ... كان عليك ان تلاحظه قبل ان تهتم بالبطولة الخارقة التي تتحدث عنها ..... )
نظر اليها حاتم ليقول بكبت و غيظ
( كرمة ارجوكِ لا تعلمينني كيفية التعامل مع ابني ..... انا اب منذ اثني عشر عاما ... لذا بالتأكيد انا اكثر خبرة منكِ .... )
ساد صمت طويل بينهما .... بينما لم يظهر على كرمة انها سمعت شيئا مما قاله ... فنظرت امامها تراقب الحفل بملامح هادئة .... لكنها مدت يدها تعيد المخبوزة التي كانت في يدها في الطبق برقة ...
و ما كادت ان تسحب يدها حتى اطبق حاتم كفه هلى يدها يأسرها فوق المائدة وهو يقول بصرامة
( كرمة ! ............. )
لكنها قالت مبتسمة برقة و هي تحاول أن تجذب يدها
( اريد الذهاب لحجرة السيدات يا حاتم ....... )
الا أنه شدد على يدها بغضب أكثر وهو يقول بشدة
( لن تذهبي يا كرمة .......... هل هكذا سيكون الوضع بيننا ؟!! .... أتحسس و التمس الحذر قبل النطق بأي كلمة !! ...... كرمة أنااتحدث معك كما اتحدث مع نفسي ... دون أي فوارق .... )
نظرت اليه نظرة سمرته مكانه و هي تقول بهدوء
( لم أشعر بأنك كنت تتحدث مع نفسك .... فعلى حسب ما أتذكر أنك تمتلك خبرة اثني عشر عاما ... بينما أنا لا ..... )
تنهد حاتم بقوةٍ وهو يرفع يده الى جبهته دون أن يترك يدها ....
و بعد فترةٍ رفع وجهه اليها ليقول بهدوء
( هلا عذرتني ؟!! ....... الا تسامحين طفلك المتمسك بثوبك !! .....)
ظلت على ملامحها الصارمة قليلا ... قبل أن تفقد قدرتها على المقاومة و تضحك برقة تهز رأسها بيأس لتقول برقة
( تبدو سخيفا للغاية..... انها لطيفة مني لكن منك تبدو في غاية الحماقة ..... )
ارتفع حاجبه بخبث وهو يقول بعبث
( أتنكرين أنني أتمسك بثوبك الى أن ينخلع في يدي باستمرار !! ...... )
احمر وجه كرمة بشدة و هي تنظر حولها خوفا من ان يكون احد قد سمعهما ..... ثم لم تلبث أن أرجعت وجهها لتطرق به بعد ان اصبح بلون الطماطم ... فقال حاتم مازحا مسحورا
( أنتِ تحمرين خجلا !!! .......... )
قالت و هي تتشاغل بترتيب المحرمات امامها
( و هل هذا عجيب أمام وقاحتك العلنية ؟!! ........ )
قال حاتم بجدية
( ان لم تغادر على الفور ... فستعرفين معنى الوقاحة العلنية .... )
ارتبكت أكثر ... و أحمر وجهها بشدة .... فقال مكررا بصوتٍ خافت آمر
( هيا لنغادر يا كرمة ..... أنها أول ليلة نقضيها بمفردنا سويا ....... و انا أنوي استغلال كل لحظةٍ منها )
احمر وجه كرمة بشدةٍ اكبر لكن مشاعر الشوق اجتاحتها اليه كما يحتاج اليها .... فقالت بخفوت دون ان ترفع عينيها اليه
( سأذهب لأخبر وعد بمغادرتنا ........ )
.................................................. .................................................. ......................
كان حاتم يقود بكبت و شعور رهيب بالغيظ ... بينما كانت كرمة تنظر خلفها الى وعد التي كانت جالسة على المقعد الخلفي بوجهٍ بائس شاحب .... بعد ان نضب دموعها كلها ....
فمنذ أن دخلت كرمة و قبلت المكان بحثا عنها لتجدها جالسة على ركبتيها أرضا و هي تضم ذراعيها و تبكي بشدة في ركن منعزل ....
فضمتها كرمة بهلع دون أن تدري سببا لتلك المأساة التي تعيشها في ليلة كهذه .... خاصة و أن سيف رحل و تركها بمفردها .... و كذلك ملك اختفت !!
حينها استدعت حاتم ليساعدها في ايقاف وعد و قاداها الى سيارته بعد أن أصرت كرمة على أن تبيت معهما بعد ان تركها الجميع في مثل تلك الحالة .....
أعادت كرمة نظرها الى حاتم معتذرة دون كلام .... بينما لم يستطع الابتسام حتى وهو يشعر بغيظ لا يستطيع مداراته ...
وصلا الى البيت في النهاية فقادتها كرمة الى غرفة الضيوف
و حملت اليها احدى مناماتها القطنية و ساعدتها على ارتدائها ....
جلست وعد على السرير تضم ركبتيها الى صدرها بتعب و هي تهمس بصوتٍ ميت
( لقد ضاع كل شيء يا كرمة ..... كل ما حلمت به ضاع في لحظة )
جلست كرمة الى جوارها تمسد ركبتها بحزم و هي تقول بلهجة الأمر
( الآن ستقصين علي كل شيء ...... دون أن تغفلي عن أي تفصيل )
تكلمت وعد بخفوت بينما عينا كرمة تتسعان مع كل كلمةٍ حتى شهقت عدة مرات و هي تضرب صدرها بيدها ... و ما أن انتهت وعد من الكلام ... حتى شهقت كرمة هاتفة
( ياللمصيبة !!! ..... ملك !!! ..... ملك !!! .... متى ؟! ... و أين ؟! ... و كيف ؟!! ..... )
رفعت وعد الى جبهتها و شهقت بالبكاء فجأة و هي تهمس بيأس
( أنا السبب ..... أنا التي تخليت عنها , .... كنت أظن أنها اعتادت البقاء بمفردها و الإعتناء بنفسها جيدا على مدى سنوات طويلة ..... لذا فكرت بواقعية ,., ففكرت أن أنشعل بجمع ما يؤمن لها مستقبلها كي لا تعيش المزيد من الشقاء مثلي ...... لم أكن أعلم أنها لا تزال في حاجة الى رقيبٍ تعتمد عليه كي لا تنزلق بلك الصورة المؤسفة ........ )
كانت عينا كرمة تدمعان بشدة .... بينما تشعر باختناق كاد أن يزهق أنفاسها ....
ففي لحظة واحدة عادت اليها كل ذكريات الطفولة المضنية .... تخبرها بقسوةٍ أن حياة كل منهما لم تكن بمثل تلك السهولة .... بل و أن بعض منهن ضل بها الطريق تماما كملك .... و يعلم الله من أيضا ؟!! ...
شعرت كرمة بأنها غير قادرة على النطق حتى بمواساة بسيطة ..... كان الألم بداخلها أفظع ....
فهمست باختناق و هي تربت على ركبة وعد التي دفنت وجهها بينهما بنحيبٍ خافت ...
( لن نتحدث بشيء الآن ..... فقط نامي و غدا سنتحدث بعد أن تكونين قد هدأتِ كي نرى حلا لتلك الكارثة )

دخلت كرمة غرفتها و اغلقت الباب بهدوء ... ثم توقفت و هي ترى حاتم مستلقي في السرير .. عاري الصدر و ملامح الرجولة كلها تنبض منه ...
فقالت بفتور
( الم تنم بعد ؟! .......... )
لم يرد عليها على الفور ... بل طالعتها ملامحه الصلبة قليلا وهو يقول بهدوء حازم
( كنت أنتظرك .......... )
اتجهت كرمة الى دولابها هي تقول دون أي مشاعر
( ما كان عليكِ الإنتظار .... فربما رغبت البقاء مع وعد كي أخفف عنها )
لم يرد حاتم على الفور .... بل ظل يراقبها بهدوء جامد وهو يراها تفتح سحاب فستانها بصعوبةٍ دون أن تبادر بطلب مساعدته كالعادة .....
فانزلق الفستان ساقطا على الأرض عند قدميها و هي توليه ظهرها بعد اهتمام .....
ثم التقطتت أول قميص نوم طالته يدها لتدسه فوق رأسها باهمال ....
كان عادة ما أن يراها قد بدأت في خلع ملابسها حتى يندفع اليها ... يغرقها في اشواقه قبل حتى أن تلتقط أنفاسها ....
لكن اليلة شيئا ما بها جعله يتراجع بحذر .... فقد شعر أنها بعيدة عنه مئات الأميال ....
اتجهت الى جانبها من السرير بصمت و هي تتعمد تجنب النظر اليه ..... الى أن استلقت بجواره , توليه ظهرها ... و هي تنحني على نفسها بصمت ....
بقى حاتم مكانه صامتا متصلبا قليلا قبل أن بقول بخفوت
( ألن تتناولي عشائك ؟! ....... لقد حضرت أن أطلب عشاءا فخم لكلينا الليلة ..... )
همست كرمة بصوت خافت دون أن تستدير اليه
( أنا آسفة يا حاتم لست جائعة حقا ...... لكن تستطيع أن الأكل , لا تقيد نفسك بي .....)
لم يرد عليها و كأنه لم يسمعها من الأساس .... بل زم شفتيه بجمود , ثم قال بعد فترة ٍ طويلة
( الن تخبريني بما حدث لصديقتك ؟! ......... )
ظلت كرمة صامتة لبرهة ... قبل أن تقول بفتور
( إنه شيء حساس و خاص جدا يا حاتم ..... لا أستطيع اخبارك , الأمر لا يعود الي .....)
همس حاتم بجنون في داخله
" تبا ...... لقد عادت لترفع الحواجز بينهما مجددا ..... "
كان آخر همه أن يعرف ما أصاب صديقتها ... الا من باب المواساة ليس أكثر ....
لم يكن يوما فضوليا بطبعه ...
لكن المشكلة لا تكمن في وعد .... بل تكمن في زوجته التي تغدق عليه من حنانها و جموحها العاطفي طالما هي سعيدة راضية .... لكن ما أن تواجهها مشكلة حتى تعود الى رفع الجدران بينهما بكل صرامة ...
سمح لها ببعض الوقت كي تهدأ .....
ثم انحنى على جانبه برفق ... حتى صار ملاصقا لظهرها .... فشعر بها تتشنج , الا أنه لم يسمح لها بأن تبتعد بعواطفها ... فمد يده و هو يمس جسدها على طوله برفق ... مارا على كل منحنياته ... حتى شعر بصدره يتضخم بقوةٍ و سخونة ....
أطبق شفتيه على عنقها بعد أن أبعد شعرها برفق ..... ثم همس بسخونة
( استديري يا كرمة ...... أريد أن أقبلك ..... )
ظلت متشنجة قليلا .. الا أنها نفذت أمره في النهاية مستسلمة فانحنى اليها مبتسما بحنان قبل ان يلتهم ثغرها بشوقٍ مضني ..
لكن مرت اللحظات بينهما صامتة .. لا يقطعها سوى صوت أنفاسه المرتجفة ....
رفع حاتم وجهه المتوهج أخيرا وهو يلهث بعاطفة جامحة قائلا بصوتٍ مشتعل
( ماذا بكِ يا كرمة ؟!! ........... )
ابتلعت كرمة ريقها قبل أن ترفع يدها لتمسح شفتيها بظاهر كفها ... بحركةٍ ضربته في صدره بقوةٍ قبل أن تهمس بلهجة اعتذار
( أنا آسفة يا حاتم ..... وجود وعد في غرفة قريبة يوترني ... )
استند الى مرفقه وهو ينظر اليها مليا .... قبل أن يقول بهدوء
( لطالما كان بيتنا كاستراحةٍ عامة لعابري السبيل ...... فما الذي اختلف الآن ؟!! .... )
ظلت كرمة صامتة قليلا قبل أن تقول بخفوت
( أنا آسفة ..... حالتها تؤلمني ... صدري يضيق جدا فلا أستطيع أن أتجاوب معك ..... )
قال حاتم بشدة
( توقفي عن الإعتذار ...... أنا لا أريد سوى أن أعرف ما بك ؟!! ..... )
همست كرمة بلهجة تبرير حادة
( أنا حزينة من أجل صديقتي ليس الا ...... أرجوك تفهم شعوري )
رد حاتم بصوتٍ قاسي
( كل امنيتي ان افهم شعورك يا كرمة ......... تصبحين على خير )
استدار يوليها صدره .... فنبض قلبها بلوعة و هي تناديه ...
" أرجوك تعال .... ضمني الى صدرك , أنا أحتاجك "
لم ستسطع منع نفسها من البكاء بصوتٍ خافت و هي تشعر بانقباض في صدرها بعنف ...
حينها اندفع حاتم اليها و هو يتأكد مما يسمعه .... ثم ضمها بقوةٍ الى صدره حتى كاد أن يحطم أضلعها قائلا بقلق
( ماذا بكِ حبيبتي ؟!! ........ أخبريني ماذا بكِ ؟؟ ..... لا تبتعدي عني .... )
همست كرمة من بين دموعها بصوتٍ مختنق
( تذكرت أيام دار الرعاية ...... لقد كانت صعبة جدا )
تأوه حاتم بقوةٍ وهو يضمها اليه بعنف أكبر هامسا بخشونة
( ما الذي يجعلك تتذكرين تلك الأيام... حبيبتي ؟!! ....... انظري الى حالك الآن , انظري الى ما حققتهِ من نجاح .... )
اختنق صوت كرمة ببكاء صامت و هي تقول بضعف
( كانت ايام صعبة جدا ..... لقد نالنا منها ضرب و اهانة و جوع ..... على الرغم من انني كنت افضل حالا من الكثيرات .... لانني كنت ملتزمة و اخضع للاوامر دائما ..... لكن بالرغم من ذلك نالني الكثير من الاذى ... )
عاد ليضمها وهو يقبل شعرها بشرهٍ لا يطلب سوى سحب المها منها اليه ....
الا ان كرمة تابعت بختناق
( كان من الممكن ان اضيع في تلك الحياة ..... )
قال حاتم ببأس وهو يضغط يده على قلبها
( لكنك لم تفعلي ..... لقد نجحت و اخترت الطريق الصحيح ...... )
هتفت كرمة بقوة
( لم يكن ذلك براعة مني ....... لا يعود الفضل الي في اختيار طريقي ..... لو كنت بمفردي لضعت بسهولة ..... لم أكن لأنجح .... لولا ..... )
تشنج جسد حاتم بشدة .. و خاصة حين صمتت مرتجفة , فقال بصوتٍ جامد لا حياة به
( لولا من يا كرمة ؟!! .......... )
حين بقت صامتة هدر بقوة
( لولا من يا كرمة ؟!! ............. )
استدارت اليه على صدرها تنظر اليه بعينين غريبتين .... ليستا خائفتين من الجنون البادي على وجهه ....
بل قالت بصوتٍ غريب و هي تنظر الى عمق عينيه
( أنا أحبك يا حاتم .......... )
تجمد مكانه و فغر شفتيه قليلا وهو ينظر اليها ذاهلا بحاجبين منعقدين .... ثم قال بخشونة مختنقة
( ماذا قلتِ للتو ؟!!! ......... )
ابتلعت ريقها و هي تهز رأسها قليلا ... لتهمس باكية بيأس
( أنا أحبك ........ )
ارتجفت شفتيها بعنف و هي ترفع اصابعها لتلامس شفتيه الفاغرتين .... ثم همست مجددا باختناق
( أنا أحبك يا حاتم ....... لم أشأ أن يحدث هذا .... ارجوك ضمني الى صدرك , لا اشعر بأنني في حالٍ قادر على النطق بكلمةٍ اخرى )
ضمها حاتم اليه بقوةٍ وهو لا يزال مذهولا .... و صدره يضرب وجنتها بقوةٍ ...
لكنه همس دون وعي و شفتيه على جبهتها تدمغانها
( نامي الآن ........ غدا نتكلم )

حين استيقظت كرمة من نومها .... تمطت بشعورٍ غريب هي تحس بان انسانةٍ اخرى تملكتها , ....
مشاعر غريبة جدا تكتنفها ....
فادارت وجهها تنظر الى حاتم الذي كان لا يزال يضمها الى صدره بشدة و كأنه يخشى ان تهرب منه خلال ساعات الليل .....
فابتسمت بوهجٍ غريب و هي تتأمل ملامحه التي بدت متعبة ....
مدت يدها تتلمس ملامح وجهه .... عيناه ... وجنتيه .... لتتوقفان قليلا على شفتيه .....
ثم ارتفعت الى شعره الجميل تلاعبه دون ان تمل منه ابدا و ابتسامتها تتسع اكثر .....
انخفضت يدها تتلمس صدره القوي وهي تميل بوجهها حتى ضغطت بشفتيها على شفتيه بقوةٍ يمينا و يسارا ... الى ان ارتخت ذراعاه من حولها .... و بدا يتجاوب معها اثناء نومه ...
حينها رفعت وجهها فتذمر متأوها خلال نومه .... لكنها استغلت الفرصة لتقفز هاربة من بين ذراعيه ....
بقت واقفة تتأمله قليلا .... قبل أن تجري الى دولابها ... لتختار احدى مناماتها الطفولية ... تنوى الذهاب الى وعد .... و ابتسامة رقيقة على شفتيها
دخلت كرمة الى غرفة وعد و هي تهمس برقة
( وعد ...... هل انتِ مستيقظة ؟!! ....... )
ساد صمت قليل .... قبل ان تقول وعد بصوتٍ ميت
( أنا لم أنم يا كرمة ............ )
سارعت اليها كرمة و هي تسحبها من ذراعيها بقوةٍ حتى اجلستها .... ثم نظرت الى وجهها الشاحب بالهالات الزرقاء تحت عينيها المتورمتين ... و شفتيها اللتين تماثلانهما زرقة ...
لكن كرمة لم تستسلم و هي تقول برقةٍ حازمة
( هل تريدين العودة ليومٍ من ايام الماضي ؟!! ...... )
عقدت وعد حاجبيها و هي تقول بعدم فهم
( ماذا ؟!! ............. )
وقفت كرمة و هي تجذب كفها لتقول بهدوء خبيث
( تعالي معي ........... )
جرتها كرمة خلفها ... لكن ما ان تجاوزت وعد مائدة الطعام بعدة خطوات حتى ارجعتها كرمة و هي تشير بعينيها بخبث الى المائدة قائلة
( يبدو انكِ نسيتِ يا سيدة وعد ....... تفضلي هنا .... تحت .... )
مدت يدها تبعد احدى الكراسي .... ثم مدت يدها تشير الى وعد كي تنزل تحت المائدة ...
فتأوهت وعد و هي تهتف
( ياللهي يا كرمة ........ الا زلتِ تتذكرين ؟!! ...... )
قالت كرمة بسعادة طفولية ....
( لم أنسى يوما بيتنا الخاص الذي كنا نبنيه تحت مائدة الطعام في الدار ... كي نتحدث بحرية بعيدا عن المشرفات .... خاصة في غير أوقات الطعام ...... )
جثت وعد على ركبتيها و كفيها و هي تحبو أرضا الى ان دخلت تحت المائدة .... ثم لم تلبث أن صرخت بدهشة
( حلوى جلاتينية !!!! ...... ما كل هذه الألوان و الأنواع ؟!! ..... )
ضحكت كرمة و هي تتبعها لتجثو على ركبتيها و كفيها الى أن جلست أمامها تحت المائدة ....
ثم قالت و هي تنظر الى الأطباق التي ضمت كل الألوان من الحلوى الجلاتينية ....
( بيتي أصبح لا يخلو منها ....... و كأنني أعوض شوقي لها في طفولتنا )
مدت يدها تلتقط واحدة و دستها في فمها و هي تقول بخفة
( اتذكرين يا وعد حين كانت تأتي هذه الحلوى مع هدايا الدار من زائرين الدار ؟!! ..... كانت المشرفات تاخذ الهدايا بينما يتركن لنا هذه الحلوى .... فكنا نتصارع عليها .... )
دست وعد واحدة صفراء في فمها و هي تقول مبتسمة برقة
( كنت أنا أكثر من تضرب و تصارع الى أن آخذ ما يكفيني و يكفيكِ منها ...... )
ضحكت كرمة و هي تقول
( ثم نجلس تحت مائدة الطعام لنأكلها هربا منهم ...... و بعدها أبدو أنا الطيبة الملتزمة ... بينما تنالين أنتِ معظم الضرب و العقاب ..... )
ضحكت وعد رغما عنها و هي ترفع يدها الى عينيها المجهدتين ....
ثم قالت بشرود و هي تتذكر .....
( لطالما كنتِ المفضلة لدى المشرفات ......... )
عبست كرمة و هي تقول بغيظ
( لكن على الرغم من ذلك .... مهما بلغ التزامي , لم يمنع ذلك العقاب و الضرب عني تماما ... )
فتحت وعد عينيها على اقصى اتساعهما و هي تقول
( هل تذكرين اليوم الذي ضربتِ به ظلما .... فبقيت تبكين تحت المائدة الى أن أمرتك أنا بالقوة أن تكسرين القوانين .... فطالما أنكِ ضربتِ ظلما , لذا افعلي ما تستحقين به الضرب بأمانة ...... )
شهقت كرمة و هي تقول بصدمة
( ياللهي !! ....... كيف نسيت ذلك اليوم ؟!! .... لقد اجبرتني على الهرب من الدار من الصباح و حتى الظهيرة .... و ظللنا نجري في اشارات المرور و نتسول من السيارات الى ان جمعنا ما يكفينا لشراء الحلوى ..... )
ضحكت وعد بشدة حتى دمعت عيناها و هي تقول
( و حين عدنا مساءا ..... علقتنا الأستاذة نوال في الحائط و ضربتنا بالحزام )
أخذت كرمة تضحك بشدة و هي تقول لاهثة من شدة الضحك
( و كانت تصرخ بهلع حتى أشفقت عليها بصدق ... " حتى أنتِ يا كرمة !! ..... حتى أنتِ يا كرمة !! " )
ظلت وعد تضحك بعنف حتى رفعت يدها الى صدرها المتألم و هي تقول من بين ضحكاتها الدامعة
( لقد أوشكت على الإصابة بنوبة قلبية .......... )
اخذت كرمة تضحك بشدة .... ثم قالت و هي تسعل قليلا بعد ان هدأت
( أتعتقدين أنها لازالت على قيد الحياة ؟!! ........ )
صمتت وعد تسعل قليلا هي الأخرى ... ثم قالت بخفوت
( أتمنى لا ...... و أن تكون قد ماتت دون أن تجد من يناولها كوبا من الماء .... )
هتفت كرمة بصدمة
( حرام عليكِ يا وعد ....... لم اعهدكِ قاسية الى هذا الحد ........ )
قالت وعد بخفوت و هي تدس واحدة أخرى في فمها
( لقد كنا مجرد أطفالا يا كرمة ......... )
صمتت كرمة و هي تنظر اليه قليلا قبل أن تترك ما بيدها و مدت نفسها لتعانق وعد بشدة .... فعانقتها وعد بقوةٍ و هي تقول باختناق
( أنا أحتاج اليك بشدة يا كرمة ...... لا تتركيني ..... لقد رحل عني الجميع ..... )
همست كرمة و هي تربت على شعرها
( لن أتركك أبدا ....... مهما بلغت حماقاتك ........ )

استيقظ حاتم من نومه .... و امتدت يده تلقائيا ليبحث عن كرمة بجواره ما أن استشعر برود مكانها على صدره ....
فعلم أنها ليست موجودة دون حتى أن يفتح عينيه ....
استقام حاتم جالسا وهو يبعد شعره بأصابه للخلف .... مديرا رأسه بحثا عنها في ارجاء الغرفة بتلهف غريب
و سرعان ما عادت اليه ذكرى اعترافها المهيب ليلة أمس في لحظةٍ واحدة .....
قفز من السرير و خرج مندفعا و كل كيانه يصرخ بصرامة ...
" بينهما حوار لم ينتهي بعد ........ "
أخذ ينظر في كل أرجاء البيت .... فزفر غاضبا وهو يدرك أنها من المؤكد في غرفة وعد .....
لذا لن يستطيع الدخول اليها الآن .....
زفر حاتم بنفسٍ محترق .... من صدرٍ مشتعل ....
ثم اتجه بقنوط الى مائدة الطعام يسحب كرسيا وهو ينوى الجلوس هنا الى أن تخرج .... فهي لن تتهرب منه مطلقا .... ليس بعد اعترافها ...
لكن ما أن أبعد الكرسي قليلا لجلس ..... حتى سمع صراخا عاليا من تحت الطاولة و أطرافٍ كالقطط تخبط في ساقيه ....
فقفز واقفا وهو يرفع يده الى صدره هاتفا بعنف
( ما اللذي !! ............ )
لكن زوجين من الاعين الواسعة نظرت اليه ببراءة طفولية ممتزجة بالغضب ... بينما هتفت كرمة بحدة
( الا استطيع الحصول على بعض المساحة من الخصوصية التي أحتاجها أنا و صديقتي يا حاتم ؟!! )
كان ينظر اليهما مذهولا غاضبا ..... ثم لم يلبث ان اعاد الكرسي مكانه بعد ان قال بقنوط
( آسف ..... تصرفا بحرية ......... )
ابتعد غاضبا وهو يشتم بداخله .... الا ان صوت كرمة من خلفه كاد ان يفجر المتبقي من طاقات غضبه و هي تهتف بلهجة الأمر
( ثم حاول ارتداء شيئا من فضلك لتغطي صدرك .......... لقد احمر وجه وعد )
تمتم شاتما ... ثم قال من بين اسنانه غاضبا
( كله الا احمرار وجه المبجلة وعد ............ تبا لذلك ... لا ينقصني سوى أن أقيم كشك لحجز التذاكر أمام باب البيت ...... )


انتهى الفصل 44


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس