عرض مشاركة واحدة
قديم 26-07-15, 06:41 AM   #107

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,440
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*

*
دخلت الغرفة على صوت رنين هاتفي فتوجهت نحوه

مستغربة ! من هذا الذي يتصل بي هذا الوقت ، نظرت

للاسم فكانت بتول فجلست على السرير وأجبت عليها

قائلة بابتسامة " أفزعتني تتصلين هذا الوقت "

قالت بضيق " ومتى أجد وقت غير هذا يكونون القردة ناموا

ووالدتي منذ انتهت امتحاناتي أمس بدأنا في حملة تنظيف

لا تنتهي ، أحسدك لأن امتحاناتك انتهت اليوم "

قلت باستياء " أما أنا فتمنيت أن انتهت منذ أيام "

قالت باستغراب " ولما !! "

قلت بهدوء " دعينا من ذلك وأخبريني ما فعلته في

امتحاناتك بما أن الهاتف كان ممنوعا عنك "

قالت بحنق " لا تذكريني بمأساتي ، ذاك الغبي معتصم لا

أعلم ما قاله له عقله يأخذ هاتفي ويحاصرني بحجة أن

أدرس , الشيء الوحيد الذي أفلح فيه أن أنقدني من الأعمال

المنزلية التي لا أرتاح منها حتى في الامتحانات "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " جيد أنه

لم يسجنك في غرفتك "

قالت بتذمر " يكفي سجنني في المنزل ووضع عليا

جاسوسه ليخبره إن كنت أدرس أو لا "

ضحكت ولم أعلق فقالت " ماذا حدث معك

أنتي لم تحكي لي شيئا منذ تلك المرة "

قلت بحزن " لأنه لا شي يحكى أقوله لك "

قالت بهدوء " ما بك سما هل تحدثتما "

تنهدت وقلت " لا لكني علمت أنه لا يبادلني أي مشاعر "

لاذت بالصمت ولم تعلق فقلت " يبدوا معك حق وما

كان عليا أن أحب أحدا غير الذي سأتزوجه "

ثم تابعت بأسى " لكن ذلك حدث رغما عني

كيف تحكمت به أنتي يا بتول !! "

قالت باستياء " وهل وجدت أنا من يعلمني كيف أحبه لو

أني مثلك عشت مع شخص مثل نزار لوجدت نفسي أحببته

أكثر منك لكني لم أعرف غير معتصم الذي أكرهني

في الرجال لأجده هوا زوجي"

قلت " وما ستفعلين حيال الأمر وهوا مصر عليك "

قالت " هوا تغير معي كثيرا وهداياه أجمل من أطباعه

السيئة لكني أريد أن أنهي تعليمي , على الأقل الثانوية

فلا ينقصني أطفال في حياتي لقد تعبت منهم "

قلت بحيرة " غريب أمرك بتول أراك بدأت تقتنعين به "

تنهدت وقالت " أنا لم أختر شيء في حياتي كل شيء

يفرض عليا فرضا وعليا أن أقتنع به وأنا أحاول فقط

ولو أن أقتنع بوجوده في حياتي رغم أنني أفشل دائما "

قلت " وهل أصبحت توافقين عليه "

قالت بلامبالاة " لا أهتم وحتى يحين وقتها لن يفرق عندي "

قلت بحيرة " تفكيرك غريب فلو كنتِ تحبينه

ما تمنيت غير أن تكوني معه "

قالت مباشرة " لا شيء فيه غريب وأنتي أيضا عليك

أن تعيشي حياتك كالسابق تضحكي وتسعدي وتعيشي

كل لحظة بلحظتها لتغيظيه "

قلت بتذمر " ما أغيظه هذه وهوا لا يعلم حتى أني أحبه "

قالت مباشرة " وإن يكن عليك أن لا تلفتي انتباهه

إن كان لا يعلم وتلعبي بدماغه إن كان يعلم "

قلت بخوف " لا .... ماذا ؟ يعلم مستحيل "

ضحكت وقالت " وما بك خفتي هكذا

افرضي أنه يسمعك الآن "

قلت بأمر " بتول أصمتي أو غضبت منك "

ضحكت أكثر وقالت " حسنا حسنا وداعا الآن لتنامي

بعد أن تخلصت من هم الدراسة "

قلت مبتسمة " وداعا يا بتول وشكرا لك "

أنهيت المكالمة معها ووضعت هاتفي على الطاولة ووقفت

والهواجس تذبحني وتوجهت من فوري لباب الغرفة وفتحته

فلم أجد أحدا فضحكت في نفسي على الأفكار التي غرستها

بتول في رأسي ثم أغلقته وعدت لسريري ، لا أعلم لما لا

أشعر بالسعادة والتلهف للذهاب غدا كما حدث في رحلة البحر

ليته لم يخبرني عن رغبته بتزويجي وتركني لا أعلم عن مشاعره

نحوي أفضل من حالي هذا ، غادرت السرير وتوجهت جهة الخزانة

فتحتها وجلست على الأرض وأخرجت صورة عائلتي لتنزل

دموعي ما أن وقع نظري عليهم وحضنت الصورة وأجهشت

في البكاء وكأني أفرغ طاقة الأسابيع الماضية مجتمعة ، لماذا

تركتموني ورحلتم لماذا تخليتم عني وأنا أحتاجكم لماذا ، زاد

بكائي وأنا أشعر بالكم الهائل من الفقد والوحدة والحزن لأسمع

حينها باب غرفة أغلق بقوة وتبدوا قريبة فأغلقت فمي بيدي

أمسك عبراتي من الخروج فلابد وأنه باب غرفة نزار فسمعت

بعد دقائق صوت رسالة وصلت لهاتفي فأعدت الصورة مكانها

ووقفت وأغلقت الخزانة وتوجهت للحمام غسلت وجهي بالماء

عدة مرات ونشفته ثم خرجت وتوجهت لسريري وأخذت الهاتف

وفتحت الرسالة فكانت من نزار وكان فيها ( توقفي عن البكاء يا

سما ولو من أجلي ) نزلت مني دمعة مسحتها سريعا ووضعت

الهاتف على الطاولة واضطجعت على السرير لأكتشف أني لم

أطفأ النور فتنهدت بأسى وبقيت مكاني أنظر للفراغ بشرود وحزن

ترى لما أنا فقط من يموت كل أهلها وتبقى وحيدة وأنا من يطاردها

أشخاص لأجل قتلها وأنا من تحب شخصا لا يحبها ؟؟ هل كما

قالت خالتي يفعل الله الخير فقط هل سأسعد يوما وأشعر بالاستقرار

وأجد من يعوضني عنهم ترى هل سأرتاح ؟ انقلبت على الجانب

الآخر وتنهدت واستغفرت الله كثيرا على هذه الأفكار التي لن تغير

في الواقع شيئا ثم جلست وفتحت الدرج وأخرجت الرواية التي

لم أقرأها منذ أن اقتربت امتحاناتي ، أبعدت شعري للخلف

وفتحت حيث وقفت وقرأت (( قلت بصدمة " ماذا !! "

قال بمكر " سأتزوجها يا ردين "

أشم رائحة كذب وخبث في الموضوع فأنا رأيت بعيني

كيف كلمها ببرود في السوق وكيف صدمت من خبر زوجانا

بقي ينظر لي بترقب وكأنه ينتظر ردة فعلي فقلت بسخرية " كاذب

ولن تنال مني بهذه الخطة السخيفة فمشكلتك أنك لا تجيد التمثيل "

قال بابتسامة جانبية " بل كنت أريد الزواج بها ووالدي عارض

كما مع وائل وجوري ومن دون حتى أن يعلم من تكون وكله من

أجلك سيدة الدلال لذلك وافقت لتنزاحي عن حياتنا وأتزوج بها بعدك

وأشرف ساعدنا في تلك التمثلية في السوق حين أخذك لأنه هوا أيضا

لديه واحدة يريد الزواج بها ولم يجرأ حتى على قولها لوالدي بسببك "

حاولت إخفاء صدمتي من كلامه فهل يعقل أن يكونوا لعبوا

علينا كل هذه اللعبة ونحن نظن أنفسنا أننا نلعب بهم ، قلت

ببرود " لا بأس لا يهمني وإن تزوجت بثلاثة فذاك حقك "

نظر لي نظرة ساخرة لأفهم أنه لا يصدقني فجلست على السرير

ووضعت ساق على الأخرى وقلت وأنا ألعب بخصلة من شعري

بين أصابعي " أنا أساسا مشاريعي كثيرة ولم يكن الزواج من

ضمنها لولا عمي رياض ومعزته ومكانته عندي ما تزوجت

الآن ، فأن تتزوج بها أو بغيرها سيكون القرار الأنسب لكلينا

أنت تجد زوجة تعيش معها حياة زوجية طبيعية كزوجين وتنجب

لك أبناء وتعتني بهم أما أنا سأنجز كل ما حلمت به حياتي ، انهي

دراستي وأعمل محامية وأطور من نفسي وأصل لأعلى

المراتب ويصبح اسمي على كل لسان "

وضع يده وسط جسده وقال بضيق " ما رأيك أن أقتلك الآن لتصبح

سيرتك بالفعل على كل الألسن ودون كل ذاك المشوار الطويل "

قلت ببرود " ولما انزعجت هكذا وأنت اخترتها جلسة صراحة

وأنا فعلت مثلك وقلت عن خطط المستقبل فستطلقني نهاية

الأمر وأكون لمن يقدرني "

قال بسخرية " هه سنرى يا أم لسان "

ثم غادر الغرفة فسويت جلستي وقلت بغيض " في أحلامك يا

فراس أن تتزوجها أو غيرها علي ، أقتلك قبل أن تفكر فيها

فأنا لم أضحي براحة بالي وتزوجتك لتشاركني غيري فيك فمهما

كنت لا تعنيني أنت زوجي لي وحدي وتطلقني قبل أن تعقد عليها "

أمسكت هاتفي واتصلت بها فلم تجب تلك الخسيسة ، عاودت

الاتصال مرارا وتكرارا ولم تجب فأرسلت لها ( أجيبي يا جبانة )

أرسلت بعد قليل ( لا علاقة لي بكم أشرف من طلب

مني أن أقول لك ذلك )

أرسلت لها ( وفراس )

أرسلت ( لا علاقة له بالأمر )

رميت الهاتف وغادرت غرفتي فلا ثقة في هذه الكاذبة

وسأعلم بمعرفتي ، نزلت للأسفل وبحثت عن فراس حتى

وجدته في مجلسهم العائلي يشاهد التلفاز وأشرف معه فوقفت

عند الباب ووضعت يدي وسط جسدي وقلت

" اتصلت بها وعلمت منها يا مخترع الأكاذيب "

نظر للتلفاز وقال ببرود " وأنا اتصلت بها قبلك "

ثم نظر ناحيتي وقال بسخرية " ضننت أن أمري لا يعنيك "

قلت بجمود " كاذب وشريكتك اعترفت بكل شيء

لأنها مثلك لا تجيد التمثيل "

قال ببرود وقد عاد بنظره للتلفاز " أعلم بكل ما

قالته لك وبالحرف "

غبي يقول هذا لأفهم أن ما قالته لي باتفاق بينهما وما لا يعلمه

هذا الكاذب أنها لم تجب علي ، نظرت جهة أشرف وقلت

" وأنت يا مغفل هل تعلم أن جوجو وهذا متفقان على

الزواج وهي تستغلك وتأكل أموالك "

نظر له بصدمة وقال " ظننت أمرها لا يعنيك يا كاذب "

ضحكت حينها وقلت ونظري على فراس

" ظننته متفق معكما يا ممثل "

وقف حينها وتوجه ناحيتي ووقف أمامي وأمسك وجهي

وقال بخبث " لدي خبر سيسعدك يا أفعتي "

نظرت له باستغراب فقال بهمس " زواجنا عاد

لموعده السابق يا زوجة الممثل "

ثم قبل خدي بقوة وغادر قليل الحياء ذاك ومسحت أنا خدي بغل

وقال أشرف ضاحكا " أقسم أنكما أنذر زوجين في التاريخ "

أخرجت له لساني وقلت " أحمق يا قيس الـ... "

ولم أكمل جملتي لأنه وقف ليمسكني فصرخت وركضت

أمامه وهوا يتوعدني بالويلات إن أدركني وأنا أركض دون

هدف أو تركيز وتوجهت جهة باب المنزل لأخرج منه واستطيع

الركض أكثر والاختباء وما أن خرجت حتى اصطدمت بشيء

بقوة لأكتشف أنني في حضن فراس الذي قال

" هيه أين تضن نفسك ما بك مع زوجتي "

حاولت الابتعاد عنه ولم أستطع لأن ذراعاه تحاصرانني بقوة

وقال أشرف بغل " أتركني أقطع لها لسانها وأريح البشرية منه "

تمسكت بقميصه بقوة أدفن وجهي فيه وقلت " أنت من بدأ أولا "

أبعدني فراس حينها عن حضنه وأحاط كتفاي بذراعه وسار

بي جهة الباب وأبعد أشرف بيده الأخرى واجتزناه وقال

" إن قربت يدك منها قطعتها لك تفهم "

ثم دخل بي حتى ابتعدنا وأبعد ذراعه عني وقال بضيق

" كم مرة أقول لك لا كلام بينك وبينه "

قلت بضيق أكبر " أنا لم أكلمه هوا سخر منا بعد

خروجك هل أسكت له "

قال بحدة " ومن السبب غيرك جعلتنا سخرية للجميع "

خبأت عيناي بذراعي وقلت ببكاء مصطنع " لما جميعكم

ضدي كله لأني يتيمة لا أحد لها غيركم "

أمسك يدي وقال " اصمتي يا مغفلة كيف تقولين هذا ووالدي

مستعد لأن يطردنا حتى من العائلة لأجلك "

استمررت في تمثلية البكاء فسحب ذراعي عن عيناي ثم نظر

لي بضيق فضحكت ضحكة صفراء فشد على يدي بقوة وقال

" ظننت أنني أنا الممثل "

ابتسمت وقبلت خده بسرعة وهربت جهة السلالم قائلة

" شكرا على إنقاذي من قيس النساء "

وصعدت بسرعة على صوته المرتفع قائلا " تعالي يا مشاغبة "

لكني تابعت طريقي حتى وصلت لغرفة عمي رياض وطرقت

الباب لتخرج لي عمتي سعاد ففتحت الباب وقالت مبتسمة

" هذه أنتي أدخلي "

دخلت خلفها وأغلقت الباب وقلت " هل صحيح ما

قاله فراس أن موعد الزفاف عاد كما كان "

جلست على الكرسي وقالت " نعم ففراس حصل

على حجز في صالة أفراح بعد يومين "

شهقت وقلت " ماذا يومين !! "

قالت " نعم ولما لا فكل شيء جاهز وحتى فستانك

محجوز ومنزلكما جاهز "

جلست على السرير وقلت باستياء " ما به حظي هكذا "

قالت " ردين لما تجبرين نفسك إن لم تكوني مقتنعة

فعمك رياض إن سمع بهذا سنكون في مشكلة "

تنهدت وقلت " لا عمتي لم أقصد أنا فقط تفاجئت بذلك وأي

فتاة لا تحب الاستعجال في أمر الزواج وتتوتر كثيرا قبله "

وقفت وقالت مبتسمة " إن كان كذلك فهوا أمر لا داعي له بنيتي

وخير البر عاجله ففراس يبدوا أنه لم يهنأ له بال حتى وجد حجزا "

أنزلت رأسي ليس خجلا من كلامها بل استسلام للأمر الواقع

آه لو تعلمي أنه مستعجل فقط لكي يطبق انتقامه مني لكنه لم

يعرف بعد من تكون ردين ، قالت وهي تتوجه جهة الخزانة

" لا تقلقي يا ردين فأنا رفعت عنك هم كل شي فحتى من

سيقومون بتجهيزك حجزت معهم موعدا وكل

ترتيبات الحفل والمدعوين "

وتابعت وهي تبحث في الخزانة " حتى الثياب التي حجزتها

بالانترنت أخذها فراس لمنزلك , أي لا ترفعي هم شيء

أبدا غير أن ترتاحي وتنامي جيدا "

ثم أخرجت ما تبحث عنه وأخيرا حتى كاد يقتلني الفضول

واقتربت مني ونزعت لي حجابي وألبستني عقدا في عنقي

وقالت " هذا كان لوالدتي لبسته ليلة زواجها وألبسته لي حين

تزوجت عمك رياض ولأنه لم يرزقني الله ببنات قررت أن

ألبسه زوجة ابني الأكبر لتحفظه بعدي وتحافظ عليه متمنية

من الله أن تلبسيه ابنتك في عرسها "

وقفت وحضنتها وقلت بحنان " أطال الله في

عمرك لتلبسيه أنتي لها "

ابتعدت عني وقالت مبتسمة " عجلا بالحفيدة إذا "

ضحكت وقلت " على هذا الحال لا أضن "

مسحت على شعري وقالت " ردين الزواج مسؤولية كبيرة

وليس كما نعتقد نحن النساء وعلى المرأة أن تتحلى بالحكمة

والصبر لينجح الأمر فهي المضحية دائما "

لويت شفتاي بعدم اقتناع فقالت ضاحكة " أعانكما الله على

بعضكما وعمك رياض أقسم أمامي إن فكر فراس في

تطليقك يوما لا هوا ابنه ولا يعرفه "

قلت بصدمة " ولما !! "

رفعت كتفيها وقالت " قد تعرفين يوما لما

ولكن ليس مني الآن "

هززت رأسي وقلت " حسنا كما تريدين "

فابتسمت وأمسكت يدي وسحبتني منها قائلة

" تعالي عليك أن لا تخرجي من غرفتك هاذين

اليومين ولا يراك زوجك حتى وقت الحفل "

تنهدت وتبعتها بقلة حيلة ، وبالفعل صرت سجينة غرفتي

يومين وفراس على حد قولها هددته من دخول غرفتي ولا

تعلم أنه لا يدخلها إلا ليصرخ بي أو يعكر مزاجي

اليوم استيقظت الفجر كعادتي لكن ليس على صوت الأذان

بل على صوت عمتي التي لم تسكت حتى فتحت عيناي

وتوجهت هي للنافذة وفتحتها فجلست وقلت بتذمر

" عمتي ألا ترين أنه ظلام ما الداعي لفتح النافذة الآن "

عادت نحوي وسحبتني من يدي قائلة " بسرعة

لا عروس تنام لوقت متأخر في مثل هذا اليوم "

غادرت السرير قائلة " من يسمعك يضن أني أنام حتى الظهر "

ثم توجهت للحمام ليبدأ يومي الشاق ، استحممت وخرجت

ووجدتها تعدل الفستان المعلق هنا عندي من يوم أمس ونائم

معي كالشبح ، لا أعلم لما تفرح الأمهات هكذا بزواج أبنائهم

وكأنه زواجها هي رغم أنها لن تكسب منه شيئا ، أخرجني من

أفكاري صوت رسالة وصلت هاتفي فتوجهت نحوه وحملته

وفتحتها فكانت من فراس وفيها ( موعدنا الليلة يا أم لسان )

فرميت الهاتف على السرير بغيض ))

أغلقت الرواية لأن الصفحة انتهت ولأن النوم بدأ يغزوا

عيناي فتغطيت باللحاف ونمت سريعا قبل أن تسلبه مني الأفكار

*
*

عند الصباح خرجت من غرفتي نظرت جهة باب غرفة

سما ثم تابعت سيري ونزلت للأسفل وكنت أسمع صوتها في

المطبخ فدخلت غرفة والدتي وقلت " صباح الخير "

قالت مبتسمة " صباح النور ما كل هذا النوم هل كله

هروب من النزهة "

ابتسمت لها بحب فما أنقى قلب الأم لا شيء يضاهيه سوا قلوب

الأطفال النظيفة ، ثم نظرت للأسفل بابتسامة حزينة حين تابع

قلبي تصنيفه وقال وقلب سما التي كلما أخطأت في حقها تعتذر

هي مني وإن غضبَت ترضى بعد لحظات ، لولا حظي التعيس

ما كنت سأحتاج من الحياة غيرهما ، أخرجني من كل ذلك صوت

سما وهي تقول في الخارج " خالتي هل نأخذ شيء آخر، نزار لا

يريد أن ينزل ليساعدني ابنك هذا غضبه مني لا ينتهي أبدا "

نظرت لي بابتسامة ماكرة وقالت بصوت مرتفع

" أنتي من أفرطت في تدليله كلما أخطأ هوا تعتذرين

أنتي منه حتى أفسدت طباعه "

وضعت يداي وسط جسدي أنظر لها بضيق فضحكت

بصمت وقالت سما مبتعدة جهة المطبخ " وما عساي

أفعل سأقتل قلبي وأرتاح "

أخذت حينها أمي أحد وسائدها ورمتها علي فأمسكتها

وأعدتها خلف ظهرها وقبلت رأسها وخرجت وعدت للأعلى

وراقبتها حتى خرجت متوجهة جهة غرفة والدتي ونزلت كي

تضن أني نزلت الآن ثم توجهت من فوري لجهة الأغراض

وهي ما أن انتبهت لنزولي حتى أسرعت لتدخل غرفة والدتي

وكأنها تهرب مني ، أخرجت الأشياء التي جهزتها للسيارة ثم

عدت لغرفة والدتي فكانت جالسة على الكرسي المتحرك

ووحدها هناك فأمسكت يدا الكرسي وقلت " وأين سما "

قالت وهي تعدل غطاء ساقيها " صعدت لتغير ملابسها "

خرجت بها على نزول سما من الأعلى ترتدي بنطلونا من

الجينز وبلوزة للفخذ وجاكتة قصيرة جدا من الجينز أيضا

ترفع شعرها كذيل حصان ولأول مرة وغرتها تتحرك مع

خطواتها على السلالم كالريش وعيناي سافرت هناك واقفا

مكاني وهي كانت منشغلة بحقيبة يدها حتى اقتربت منا ، منذ

عاشت سما معنا لم أتدخل بثيابها ولا حجابها ولا مظهرها

كنت أراه شيء يخصها لا يحق لي التدخل فيه ولم أكن أعره

أي اهتمام ، الآن لا أعلم لما لا أريدها أن تخرج دون

حجاب ولا ملابس تبرز جسدها الغض الصغير ، أبعدت

نظري عنها ما أن وصلت وخرجت بوالدتي وهي تتبعنا

ساعدت والدتي على ركوب السيارة وصعدت هي في الخلف

ثم توجهت لبابي وأشرت بيدي لعوني في سيارته الواقفة

في الخلف عند منزلهم وهم جميعهم فيها ثم ركبت السيارة

وانطلقنا في صمت من الجميع فكل واحد من ثلاثتنا أصبح

هناك ما يخرسه طوال الوقت والمحور الأساسي واحد وما

لم أكن أستطيع التحكم به هما عيناي التي كانت تسرق النظر

لها وشعرها يتناثر مع الهواء القوي الذي يدخل من نافذتها

وعيناها مسافرتان للخارج بشرود ، لم أنسى لحظة ذاك البكاء

الموجع الذي سمعته البارحة حين نزلت لأغير قارورة الماء

ولم أنم بعدها ولم يغمض لي جفن رغم كل محاولاتي ، ترى

هل أنا السبب أم شيء آخر فملايين الأشياء لدى سما تستدعي

البكاء فكل ما مرت به لا يمكن لأحد أن يحتمله , لكنها لم تبكي

هكذا سابقا وبهذا الوجع والحرقة ، لماذا يا سما لما جعلتني

أحد أوجاعك الكثيرة والكبيرة لما صنعت مني جلادا يضربك

بلا رحمة طوال الوقت ، جمدت عيناي عليها وسهما اخترق

قلبي حين رأيت يدها امتدت للقلادة في عنقها التي أهديتها

لها سابقا وقبضت يدها على الزهرة فيها وهي لازالت تنظر

للخارج وبيدها الأخرى مسحت دمعة على أعتاب جفنها لم

تسمح لها بالنزول ونسيت نفسي في هذا المنظر حتى أمسكت

السيارة بسرعة من الاصطدام بمن أمامنا وبحركة سريعة

حتى تقدمنا جميعنا للأمام وقالت والدتي " نزار ما بك أين

عقلك كدت تصدمنا بالسيارة "

أدرت المقود وسلكنا الشارع الآخر وأنا في صمت لم أعلق

على الأمر فلم أخرج بعد من بعثرة تلك المشاعر ولم تمسح

عيناي ذاك المشهد بعد ، وصلنا حينها وأوقفت السيارة على

وصول سيارة عوني ونزل على لحظة نزولي واقترب مني وقال

" ما بك لقد أفزعتنا عليكم كيف لم ترى السيارة أمامك "

قلت متوجها جهة حقيبة السيارة " جاءت سليمة "

أنزلت كرسي والدتي وساعدتها للنزول والجلوس عليه ونزلت

عائلة عوني وسما التي توجهت نحو والدتي وصباح وابنيها وأنا

أنزلت الطعام وفراش الرحلات ودخلنا الحديقة واخترت مكانا

مناسبا وأجلست والدتي وجلسنا وأخذت سما ابنة عوني دون أن

تجلس وتوجهت بها جهة المراجيح والألعاب وتبعهما أحمد من

فوره راكضا ينادي " شما شما "

وبقينا نحن وكانت والدتي وصباح تتحدثان معا وعوني يحكي

لي عن الحادث الذي شهده بالأمس وبعد وقت قال عوني وهوا ينظر

جهة حافظات الطعام " لما لا ترونا ما أعدت سما من وجبات "

ضحكت والدتي وقالت " كل واحد يأكل من طعامه "

كان سيقول شيئا لكنه سكت حين نظر لزوجته تنظر له

بضيق فضحك وقال " أنتم الخاسرون "

ثم وقف وقال " صباح ما رأيك في نزهة مادمنا

وجدنا مربية لأبنائنا "

وقفت وقالت ضاحكة " فعل خيرا نزار حين لم يزوجها

بشقيقك لأنك لن ترحمها حينها "

سحبها من يدها قائلا " أصمتي قبل أن أتزوجها أنا "

قالت ضاحكة وهما يبتعدان " لن تقبل بك طبعا يا عجوز "

ابتسمت على جملتها فعوني يكبرني بعام واحد وقالت عنه

عجوز أمام سما فيبدوا أني لست وحدي أرى ذلك ، سافرت

بنظري حيث سما جالسة على طرف النافورة وطفلة عوني

في حجرها تلعبان بأيديهم في الماء وكأنها تتعمد الهروب من

الجلوس معي حتى أنها لم تنظر ناحيتنا منذ ذهبت لأني كنت

أراقبها كل حين والآخر عند الألعاب

" لما لا تذهب وتجلس بجوارها وتريح عيناك "

كان هذا صوت والدتي الذي أعاد نظري من هناك

ونظرت لها دون كلام فنظرت حيث سما وقالت

" لم أعلم قبلا أنك جبان أمام نفسك يا نزار "

قلت ببرود " أمي توقفي عن هذا "

تنهدت وقالت " ليثني أقدر على التوقف رغم أني البارحة

عاهدت نفسي أن لا أفتح معك موضوعها مجددا

لكني أحار في حالك بني "

نظرت للأسفل وقلت بهدوء " تتعمد تجنبي يا أمي وكل

خطئي أني أبصرتها للواقع كي لا تصدم بي فيما بعد "

قالت بجدية " جرحتها يا نزار وكسرت قلبها وما تراه منها ليس

هروبا بل خذلان وحزن تريد أن تعيشه وحدها وبعيدا عنك "

قلت ورأسي لازال للأسفل " تحدثي معها يا أمي عما أخبرتك "

قالت بحزم " لا "

نظرت لها فقالت بضيق " لن أعدها أنا وتخلف أنت فيما بعد

ولن أعلقها بأمل كاذب أرفع أنا أثمه فهي عندي باتت بمعزتك

ولا أريد أن تكرهني يوما أو حتى تحمل في قلبها علي مستقبلا "

قلت بتذمر " والحل يا أمي لما ترفضين مساعدتي "

أبعدت نظرها عني وقالت ببرود " أخبرها بنفسك وعِدها

وأخلف وتحمل ذنبك وحدك فلك لسان طوله شبرين "

تنهدت بضيق وقلت " أريدك أن تشرحي لها ذلك دون أن

تعلم أني أعلم بمشاعرها نحوي , أريدها أن تنتظرني باختيارها

هي أو تختار غيري مستقبلا دون أن تكون مربوطة بعهدها

لي لأني أعرفها لا تخلف العهد فقد تميل نفسها لغيري فيما بعد "

تجاهلتني ولم تتكلم فقلت " أمي "

قالت ببرود " ما لدي قلته وإن أطاعك قلبك فاتركها

لغيرك يا ابن أم نزار "

وصول حينها عوني وزوجته ومعهما أحمد وجلبت صباح

الطعام وقالت " اذهب ونادي سما لنأكل "

انطلق مسرعا ثم عاد وقال " شما لا تريد "

أكل البقية عداي أنا ووالدتي التي لم تأكل الكثير وقفز بعدها

أحمد يريد المثلجات ورفضا والديه الذهاب معه رغم بكائه

فقال كلاما كثير لم أفهم منه غير كلمة ( شما ) وذهب جهتها

فضحكت صباح وقالت " هذا الوقح قال سما أفضل

منكم وستذهب معي وتشتري لي "

قال عوني " وأخشى أنّ سما ستصدمه بالواقع "

قالت حينها والدتي " لن تكون سما إن فعلتها "

وبالفعل ما أن وصل عندها حتى وقفت معه وتوجهت

نحونا تحدثه حتى وصلوا عندنا وأعطت لصباح طفلتها

وأمسكت يده فقلت وهما يغادران " سما هل أعطيك نقود "

قالت مغادرة به " يوجد معي ما يكفي شكرا "

وابتعدا حتى اختفيا عن نظرنا وبدأت الهواجس تلعب بي

فالمكان حيث تُباع المثلجات بعيد ماذا إن لم ترجع ؟ ماذا إن

تعرضت للخطر أو تعرض لها أحدهم ، وقفت دون شعور مني

ولحقت بهما حتى أدركتهما عند بائع المثلجات ووقفت خلفها

وهي تأخذ ما طلبه أحمد وكيف يريد وعندما قال لها عن سعره

أخرجت أنا نقودا ومددتها له قبل أن تخرج هي ما في حقيبتها

فرفعت رأسها ونظرت لي فقلت ونظري على البائع

" اتركي ما لديك ، وأنتي ألن تشتري "

قالت بصوت منخفض وهي تنزل عند أحمد وتعطيه

له " لا أحب المثلجات "

ثم وقفت وأمسكت يده الأخرى وتحركت مغادران فأمسكت

بيدها موقفا لها فنظرت لي باستغراب فسحبتها معي حيث

شجرة كبيرة ودرت بها خلفها و أحمد يتبعنا وأوقفتها متكئة

بظهرها عليها ووقفت أمامها مسندا يدي بالشجرة جانب رأسها

وقلت وعيناي في عينيها " لدي ما أود قوله لك يا سما "

************************************************** **
******************************************
وقفت انتظرهما وهما طبعا كباقي الأطفال أبطأ من السلحفاة

حين لا يريدون ترك شيء يحبونه ، اقتربت ترف تحرك الماء

حولها بيديها وقالت " قليلا فقط ماما أرجوك نسبح قليلا "

جلست على الكرسي تحت المظلة وفتحت شعري أحركه

في الهواء وقلت " نصف ساعة فقط ومن لا يخرج

لن يكون هنا المرة القادمة "

ثم جمعته للأمام كله وعادوا يلعبون بمرح فترف منذ انتهى

المسبح وهي تهدي به حتى في النوم خصوصا أن المهندس

الذي صممه اتبع فكرة ذكية تساعد قصر ساقيها مع عمق

المسبح ومنذ ذاك اليوم أصبح سلاحا فعالا لتهديدها فهي على

استعداد أن تخسر سنين من عمرها ولا تخسر الخروج له

أما أموري وجابر فمنذ تلك الليلة في برود تام بعدما سحبني

للغرفة وقال داخلا بي " لما لا نتوقف عن لعب الأطفال قليلا "

استللت يدي منه وقلت بضيق " ومن هذا الذي كان منذ

قليل يلعب كالأطفال ؟ أنا لم أفعل شيئا "

التفت لي ووضع يداه وسط جسده وقال

" اشرحي لي طريقة أتفاهم معك بها يا أرجوان "

قلت بأسى " لن أجبرك على أن تعترف بما لا تقتنع

به , لكن على الأقل اعترف أنك أخطأت في حقي "

قال بجمود " هكذا إذا تصرين على أن أعتذر "

قلت بجدية " نعم فأنت المخطأ "

قال متوجها جهة السرير " وأنا لن أقربك قبل أن

تعتذري عما قلته يومها "

نظرت له بصدمة من وقاحته ، ما يعني بهذا هل يراني أتلهف

للنوم في حضنه ليضع لي هذا الشرط ، اضطجع على السرير

وغطى جسده باللحاف وقال " ونامي خارج الغرفة لتري

وجهي الذي لا يعرفه إلا المجرمين "

ومنذ ذاك اليوم نسير على نفس المنوال انعدم حديثنا إلا من

الأمور الضرورية جدا ولم أعد أراه إلا فيما نذر وأسوء من

السابق ، يرجع وأنا نائمة ولا أتحرك حتى بعد تشغيله الإضاءة

ويخرج صباحا في صمت إلا إن لزم الأمر ولا أسمع سوى التأفف

من حين لآخر ، لن أستسلم لأني إن استسلمت هذه المرة سأفعلها

دائما وعليه هوا أن يرضخ بما أنه من وضع هذا الحد والقانون بأنه

تحكمنا العشرة والتعود ولن يعتذر فأنا أيضا أصر على كلامي ولن

أعتذر ، اقتربت بيسان وقالت وهي تتحرك بحرية في الماء

" ماما لما لا تأتي معنا الماء منعش وجميل "

ابتسمت وقلت " هل تريدي أن أغرق تعلمين

أني لم أتعلم السباحة مثلكم "

قالت ترف بمرح " البسي بطة ولن تغرقي "

لم أستطع إمساك ضحكتي وأنا أتخيل شكلي أسبح ببطة حول

خصري ، أعلم جيدا مبتغاهم يريدون أن يبقوا أكثر ، نظرت

لهم باستغراب وأنا أرى أعينهم تلعب خلفي فأدرت رأسي بريبة

لأرى من الذي يبدوا أنه يسكتهم في الخلف فلم أشعر بنفسي

إلا صارخة وأنا أرتفع في الهواء لأجد نفسي بين ذراعي

جابر وهم يصرخون " أنزلها هنا أنزلها "

فتعلقت بعنقه وقلت بخوف " لا جابر أنا لا أعرف السباحة أنزلني حالا "

قال بمكر " أنا أعرفها وأعرف كيف أنقذ الغرقى أيضا "

دسست وجهي في عنقه أكثر وهوا يتحرك بي جهة المسبح

وقلت برجاء " جابر لا أرجوك ألست غاضب

ولا تكلمني أنزلني "

قال ببرود " أنتي الغاضبة وليس أنا وعليك أن ترضي

حالا وتعتذري عن كل كلامك "

قلت باستياء " أنا لم أخطأ ولن أعتذر "

تم صرخت بذعر حين هز جسدي ليوقعني وقلت

" جابر أقسم إن أوقعتني غضبت منك لآخر حياتي ولن أكلمك "

حرك يديه مجددا ليزداد صراخي وتعلقي بعنقه وقال

" كل هذا ولستِ غاضبة وتكلميني "

قلت " أجل ولم ترى غضبي بعد "

قال " إذا للمسبح فورا وتوقفي عن الحركة لأنك ستقعين مني "

قلت بضيق " أنزلني هذا لا يجوز وليس عدلا لما أنا التي أعتذر "

حركني بقوة فقلت بذعر " حسنا آسفة آسفة "

قال " ولن تعيديها "

قلت بصوت منخفض " أنزلني أو عضضت لك عنقك حتى تتركني "

ضحك وقال " تحملي الفضيحة حينها لأني لن أخفيها بشيء

هيا قولي أنك لن تعيديها مجددا "

قلت بتحدي " لا ولم أعتذر إلا مرغمة "

قال " حسنا إذا هذا اختيارك فتحملي النتائج "

قلت بسرعة " توقف جابر أنا لدي فوبيا من المياه العميقة أقسم لك "

قال ببرود " إذا سأشفيك منها "

قلت باستياء " توقف لن أعيدها يا ظالم يا متجبر يا جابر "

أنزلني وأنا من ذعري لازلت متعلقة بعنقه وقال بهمس

" أنا الظالم يا ظالمة أكثر من أسبوع تعاقبينني

ونحن ننام في سرير واحد "

أنزلت ذراعاي ببطء قائلة " أنت من وضعت

لنفسك تلك العقوبة "

أمسك خصري بيديه ودفعني قليلا للوراء فعدت للتمسك

به و قلت بذعر " أقسم أن هذا ليس عدلا أبدا "

حضن خصري بذراعيه ورفعني ولف بي بعيدا عن المسبح

فابتعدت عنه وأمسك هوا يدي وسحبني منها قائلا

" المهم حصل واعتذرتِ مني "

قلت وأنا شبه أركض لأجاري خطواته

" مجبرة طبعا فلا تفرح بها "

وقف والتفت لي ليعود بي هناك مجددا فابتعدت عنه

ووضعت يداي وسط جسدي وقلت باستياء وبصوت ملئه

أسى " ظالم يا جابر تجرحني وترغمني على مالا أريد قوله "

مد يده وسحبني ناحيته ورفعني مجددا وتوجه بي جهة الباب

الزجاجي الذي تم إضافته جهة المسبح لينفصل عن باقي

الحديقة ودخل بي قائلا " كلمة أخرى يا أرجوان وأقسم

أني أنا من سيغضب منك لآخر العمر "

وصعد بي للأعلى أمام من قابلنا من خادمات ولم يكترث

لأحد وجيد أن والدته لم ترنا لكانت أغرقته بكلامها المعسول

فإن كانت قبلة على خده أعدّتها وقاحة فكيف بهذا ، وأنا طبعا

استسلمت لواقعي أحببت أم كرهت فيبدوا أن هذا الرجل لا أمل

يرجى منه وحتى الاعتذار يستله بالقوة لكني لك يا جابر ومثلما

أرغمتني على الاعتذار ستعتذر رغما عنك

*

*

وقفت أمام الباب المغلق واتكأت عليه بجبيني وكف

يدي وقلت بهدوء " زهور "

ولا مجيب طبعا وهذا حالها منذ تزوجتها أكثر من أسبوع

تسجن نفسها في الغرفة حتى الرحلة التي حجزها لنا جابر

تحججت لكي يلغي الحجز ومعتصم حين اتصل يريد زيارتنا

أخبرته أننا سنخرج ولا يضايقنا ثانيتا لأتخلص من الموقف

وهي على حالها حتى الطعام أترك الشقة لساعات لتخرج

وتأخذ شيئا من المطبخ ومنذ يومين لم تغادرها ولا حتى للأكل


وكأنها تريد أن تموت هنا أمام عيناي وتقتلني بحسرتي عليها

عاودت الطرق مجددا وقلت بأسى " زهور ارحميني هل

يعجبك حالي هكذا حتى النوم كباقي البشر لم أعد أنام "

لم تجب طبعا فضربت بقبضة يدي الباب وتنهدت باستسلام

فحتى الكسر لا يمكنني كسره عليها لأني أخشى أن يؤثر في

نفسيتها حين تضنني أريد أخذ حقي الشرعي منها بالقوة فهي

كما توقعت ما رأته من ذاك الذي تزوجها والصدمة بمعرفتها

الحقيقة أثرت بها كثير ، استدرت مغادر فإن حبست نفسها اليوم

أيضا سأخبر جابر يأتي ليخرجها فهوا حلي الوحيد الآن ، وما أن

ابتعدت بخطواتي حتى سمعت باب الغرفة انفتح خلفي فالتفت لها

بسرعة فكانت واقفة خلفه تمسك مقبضه بيدها ترتدي فستانا قطنيا

قصيرا ولأول مرة أراها بفستان غير فساتينها الحريرية الطويلة

كان وجهها شاحبا ومصفرا وخداها محمران وتتنفس ببطء شديد

اتكأت برأسها على طرف الباب وما أن فتحت فمي لأتحدث حتى

سقطت مغشيا عليها فركضت جهتها دون شعور صارخا باسمها

ونزلت عندها ورفعتها لحجري وضربت خداها وأنا أقول

بخوف " زهور ما بك زهور لا تفعليها بي وخافي الله

فيا يا زهور فأقسم أن أجن "

ضربت خدها أكثر حتى أنّت أنينا مكتوما فضممتها لحظني

أقبلها ثم أضمها بقوة وأقول " حمدا لله كدتِ تقضين علي "

حملتها بعدها للسرير وخرجت ركضا للمطبخ وأحضرت ماءا

باردا ورششت به وجهها حتى استفاقت قليلا ثم رفعت رأسها

وأشربتها منه وأعدتها مكانها ووضعت الكوب على الطاولة

ومسحت بيدي على شعرها أراقب ملامحها الفاتنة المتعبة

وقلت بهدوء " لما هكذا حبيبتي لما تعشقين تعذيبي يا زهور "

أغمضت عيناها ببطء ونزل من طرف إحداهما دمعة فمسحتها

لها وقبلت عينها وجبينها وخرجت من الغرفة بعدما أخذت المفتاح

معي هذه المرة وتوجهت للمطبخ وأعددت شوربة خضار سريعة

وأعددت عصير فواكه طبيعي وسكبت الحساء في طبق ووضعته

في صينية تقديم هوا وكوب العصير وأخذتهم للغرفة فكانت مكانها

نائمة على السرير لكنها تخفي عيناها بذراعها ، وضعت

الصينية على الطاولة وجلست بجوارها وقلت بهدوء

" زهور هل يضايقك نور الغرفة "

قالت بهمس متعب " نعم "

توجهت نحوه وأطفأته وأغلقت ستائر الشرفة ولم تبقى سوى

الإضاءة المنبعثة من الباب وعدت جهتها وجلست ورفعت

لها ذراعها مبعدا لها عن وجهها وسحبتها لتجلس قائلا " أجلسي

لتتناولي الحساء سيفيدك كثيرا فهذا كله بسبب سوء التغذية "

سحبت يدها مني وقالت " لا أريد "

وقفت وأجلستها مرغمة وقلت بحزم " بل ستأكلينه ولو مجبرة "

ثم جلبت الصينية ووضعتها في حجرها وجلست بجوارها

ورفعت الحساء بالملعقة وقربتها من شفتيها فأبعدت وجهها

وقالت باستياء " قلت لا أريد أبعده عني "

أمسكت ذقنها بأصابعي وأعدته ناحيتي وقلت

" بل ستأكلين يا زهور واتركي عنك الجنون "

قربت الملعقة لفمها مجددا فرفعت يدها لتبعدها فأمسكتها لها

وأنزلتها قائلا " لن أتركك حتى تأكلي فخلصي نفسك مني لترتاحي "

تأففت وأكلت أخيرا ولم أتركها حتى أكلت نصفه وأشربتها

كأس العصير بيدي رغم أنها كانت تريد أخذه مني لتشربه

بنفسها ثم اضطجعت على السرير وغطت نفسها باللحاف

وقالت من تحته " اتركني وحدي "

أبعدت اللحاف عن وجهها وقلت " زهور لما كل هذا أنا تعبت

من النوم على الأريكة ولن ألمسك ما لم توافقي على ذلك

وأنا لست طفلا وعند كلمتي وسأنام هنا "

جلست وقالت مغادرة السرير " إذا أنا من ستنام في الخارج "

وقفت وأمسكت يدها قبل أن تغادر وقلت بضيق

" زهور قلت لن ألمسك وستبقي هنا "

سحبت يدها مني بقوة وقالت بحدة " اتركني وشأني

قلت ابتعد عني ألا تفهم "

ترنحت بعدها في وقفتها وفقدت توازنها ممسكة رأسها

فأمسكتها من خصرها فاتكأت برأسها على صدري فسرت

بها جهة السرير قائلا " لما العناد يا زهور هل يعجبك هذا "

أعدتها للسرير وعدت جالسا بجوارها ومسحت على شعرها

وقلت " هل نذهب للمستشفى تبدين متعبة "

قالت بهمس وعيناها مغمضتان " لا أريد "

تنهدت بضيق لو تغير هذه الجملة فقط ، مسحت بيدي

على خدها وقبلت خذها المقابل لي وقلت بهمس

" نامي حبيبتي وسترتاحين "

بعد قليل بدأ تنفسها ينتظم ويبدوا نامت فوقفت وشغلت النور

وعدت وجلست عند رأسها أتأمل ملامحها جميلتي وفاتنتي

وحبيبة طفولتي بل وحلمي الذي سرقته مني السنين ، لماذا

يا زهور لماذا يا أميرة قلبي تفعلين بنا هذا ؟ لما لا تعطينا

فرصة واحدة نضمد الجراح وننسى الماضي ونعيش من أجلنا

نحن , وبقيت على ذاك الحال لوقت طويل لم أتعب ولم أمل من

النظر بشغف لملامحها آسرة قلبي سيدة الجمال بين جميع نساء

الأرض فلطالما تحدث كل من عرفها عن جمالها وكمال حسنها

وتهافت الخاطبين عليها حتى سرقوها مني ليعيدوها جثة بلا روح

قربت وجهي من وجها ببطء فلم تعد لدي أي طاقة للصبر عليها ولم

يهدأ قلبي المشتاق إلا حين استشعرت شفتاي نعومة شفتيها وقبلتها قبلة

صغيرة تطفئ القليل من الشوق ولكي لا تشعر بي ونصبح في مشكلة

فأبعدت شفتاي كطفل سحبوه من حضن أمه وهوا يتشبث به فهذه

اللحظة القصيرة لم تضاهيها سنين حياتي كلها ، كل الكون في كفة

وحرير شفتيها يضاف لذاكرتي في كفة أخرى يا الله ألهم قلبي العاشق

مزيدا من الصبر والقوة ، ابتعدت بسرعة من تنفس أنفاسها عندما

تحركت منزعجة فابتسمت على حركتها العفوية وهي تضن أنه شيء

ما على شفتيها ثم اضطجعت معها على السرير ورفعت يدها ببطء

ووضعتها على صدري بل على قلبي ووضعت يدي عليها , نعم

أعيدي له الحياة فهوا كان بدونك ميت , كان خرابا تسكنه الأشباح

مدينة فقدت ساكنيها وأنوارها وحتى ضوء النهار ، أغمضت بعدها

عيناي ببطء وقلت بهمس " هنا يا زهور هنا تسكنين منذ سنين كم

تعذب هذا القلب من بعدك وذاق مرارة الهجر والفقد والحرمان

اسمعي نبضاته تهذي باسمك وتعيش من أجلك وحدك , كنت على

استعداد لأن أبيع عمري من أجل هذه اللحظة يا حبيبة رضا "

ثم تنفست بارتياح وفتحت عيناي ونظرت لها فكانت مستيقظة

وتنظر لي بصمت وجمود فابتسمت لها ورفعت يدها لشفتاي

وقبلتها وقلت " عودي للنوم حبيبتي آسف لأني أزعجتك "

استلت يدها مني ودستها تحت خدها وأغمضت عينيها

وقالت " كم تعشق قول الأكاذيب يا رضا "

انقلبت مقابلا لها نائم على ذراعي ألتهم ملامحها بعيناي

وقلت " تعلمين أنها ليست أكاذيب وليس رضا من يكذب "

ثم مسحت بإبهامي على خدها وقلت " وعلى ضفاف زهور

خديك تموت وتحي أحلامي ، فاتنتي أنتي وعشقي لقد تغيرت

المدينة والشوارع والأشخاص وتبدلت الأرض غير الأرض ليس

هربا منك بل من موت ذاك الحلم لأكتشف بعد سنين أنني رحلت

لكني لازلت في مدينتك أرى شوارعها وبيوتها في منامي

كل ليلة لأنك تحتلين تلك الأحلام "

أبعدت يدي عن وجهها وقالت بهمس وعيناها ما تزالان

مغمضتان " ابتعد عني "

مررت أصابعي على يدها الناعمة وابتسمت وقلت

" هل تعلمي متى كتبت هذه الكلمات وأين "

قالت بذات الهمس " كاذب "

وتسللت من رموشها دمعة مسحتها لها بإبهامي وقبلته قبلة

خفيفة وقلت " كتبتها عندما سافرت من هنا هربا من واقع أنك

لم تعودي لي ولن تصيري لي واكتشف أني لم أغير سوى المكان

والباقي كله أخذته معي في قلبي كما أخذت ثيابي في حقيبتي "

ثم غادرت السرير وخرجت من الغرفة بعدما أطفأت النور

*

*

خرجت من الحمام أجفف شعري بالمنشفة ورفعت هاتف

الغرفة وطلبت من سيلا المجيء وجلست أجففه بالمجفف بعدما

غادر السيد جابر وكأنه جاء فقط من أجل هذا وهاتفه الذي أراني

الله فيه يوما يتحطم أو يضيع منه فهوا لم يتوقف عن الرنين حتى

غادر لهم ، تنهدت بأسى وأوقفت المجفف ومررت أصابعي على

عنقي نزولا لتلامس الأثر الخفيف عليه ثم أغمضت عيناي وتنهدت

بحزن ، بقدر جرحي منك يا جابر أتوق لك وأشتاق وليتك أنت

تشعر كما أشعر لكن الحجر يبقى حجرا ، أنزلت رأسي وزدت

من الضغط على عيناي وأنا أتذكر كلماته التي قالها وسط

قبلاته ( أتعبتني يا أرجوان ... هل تعي معنى هذا )

لكنها كالجليد تذوب ولا يبقى لها أثر كالكلمات التي كانت تخرج

منه سابقا في ذات الوضع وأفهم بعضها وأجهل أغلبها وجميعها

سراب تحكمها اللحظة فقط وتنقشع فيما بعد ، ليتني أتوقف عن

حبك يا جابر حتى أني لازلت لا أنام الليل إن تأخر وكل الهواجس

تزورني رغم أنه قال لي سابقا أن وضيفته لا مداهمات فيها وقبض

ومطاردات بل كل عملهم التحقيق في الجرائم ومع المجرمين لكن

قلبي الأحمق لا يرتاح ، طرق أحدهم الباب ليعيدني لواقعي الأسوأ

مما كنت فيه ففتحت عيناي وأنزلت يدي ودخلت سيلا قائلة

" نعم سيدتي"

نظرت لها وقلت " هل أدخلتي أولاد "

هزت رأسها بنعم فوقفت وقلت متوجهة جهة غرفة الملابس

" خذي الثياب للأسفل ونظفي الغرفة والحمام سأذهب لهم "

دخلت الغرفة لبست فستانا طويلا مفتوحا من جانبيه وخرجت

للغرفة أمسكت شعري وغادرت الجناح وتقابلت وعمتي التي

باتت تحركاتها تكثر ولا أفهم لما ومؤكد تدبر شيئا فهي منذ اكتمل

المسبح وأصبح الأولاد ينزلون له بأوامري ويلعبون حتى خارجه

زادت نظرات الحقد في عينيها وتغيرت تحركاتها ، تجاهلت كل

تلك الأفكار فلم يبقى لها سوى أن تقتلني فلتفعلها وترحمني وترتاح

دخلت غرفة الأولاد على صوت رسالة وصلت هاتفي فنظرت لها

فكانت من سوسن ففتحتها وكان فيها ( كيف هي أحوالك )

طبعا أنا وسوسن لم نعد نتحدث إلا بالرسائل بعد الذي قاله

بلسانه عن مراقبة الغرف ورأيته بعيني في حاسوبه تلك المرة التي

ليتها تتكرر بعدما علمت طريقة سهلة لفك رموز القفل ففضولي

لم يهدأ حتى الآن بعدما رأيت ذاك الملف بعيني ( حدودي عند هنا )

هذا الاسم سبب لي الهواجس من كثرة تخمين ما يوجد فيه ولم أجد

بعدها فرصة لرؤيته ، عدت من أفكاري لهاتفي وأرسلت لها

( كسر قراري وقراره كما هوا عليه )

أرسلت في الفور ( أرجوان عليك العودة لطريقتك السابقة

والصبر فبهذا الشكل لن تجني شيئا )

سوسن من مدة تصر على أنني أسلك الطريق الخاطئ بما فعلت

وأنه كان عليا أن لا أبالي لكلامه وأتصرف كما كنت دون تغيير

وأصبر لكن الكلام ليس كالتطبيق فكيف لا أبالي لحظتها وهوا

يطعنني بعنف ، وصلت رسالة أخرى منها وفيها ( أنتي لم تجني

شيئا بما فعلته والدليل أمامك فعودي كما كنتي لأنك كدت تنجحين )

رميت الهاتف بعيدا عني ... قال كدت أنجح قال فيما يا حسرتي

إن استسلمت أنا فسأكون دائما هكذا ، أدخلت الفتاتين للحمام ليناما

بعد هذه السباحة المطولة وكلام سوسن يدور في رأسي وأنا أقاومه

كل حين ، غطيت ترف باللحاف وقبلت جبينها فقالت مبتسمة

" أحبك ماما "

حضنتها وقبلتها وقلت بحنان " وأنا أحبك بنيتي وما الذي

يكسر ظهري غير حبكم أنتم وذاك الحجر "

قالت باستغراب " تحبين حجر من الحديقة !! "

ضحكت كثيرا ثم أمسكت أنفها وقلت مبتسمة

" نامي بسرعة "

قالت " حاضر "

وأغمضت عينيها ونظرت جهة بيسان فكانت في نوم عميق

فتوجهت ناحيتها وغطيتها جيدا وقبلت جبينها وخفضّت التبريد

ثم خرجت وأغلقت الباب وتوجهت لغرفة أمجد وكان هوا وعمر

يلعبان بلعبة الكترونية تخص عمر فنظرا لي وقال أمجد

" متى سيكون لدي مثلها "

قلت مبتسمة " كما وعدتك بني ستكون هدية نجاحك "

هز لي رأسه بحسنا مبتسما ثم عاد بنظره عليها فقلت

" عمر أبعدها عن عينيكما هذا مضر "

أنزلها قليلا للأسفل وخرجت من عندهما ، سأشتريها له ولو

ضربوني بسببها فلن أترك أمجد هكذا يشاهده فقط كالمتسول

وعمر أناني لا يسمح له إلا برؤيته وهوا يلعب وأمول والد أمجد

تفوق أموالهم بكثير غير أن ذاك المنزل يعيشون في الواقع وهذا

القصر منفى للأحياء ، وصلت جناحي على صوت رسالة ظننتها

من سوسن تعاود محاولات إقناعي لكنها كانت من جابر ففتحتها

بفضول فكان فيها ( إن وجدتك نائمة الليلة ستكملين نومك في المسبح )

تأففت ورميت الهاتف على السرير فها قد عدنا لذات الطريقة

أوامر في كل شيء , هذا الرجل كثلة متحركة من إصدار الأوامر

*

*

فتحت عيناي بصعوبة ثم جلست أمسك رأسي من الألم فيه

ولا أعلم من أين جاءني كل هذا النوم وكأني لم أنم حياتي

لممت شعري فانفتح الباب حينها ودخل رضا بصينية أخرى

ووضعها على الطاولة قائلا " صلي المغرب وتناولي هذه

شوربة لحم ليست كتلك "

وقفت ودخلت الحمام متجاهلة له واستحممت طويلا ولبست

المنشفة البيضاء الخاصة بالاستحمام وربطت حزامها وخرجت

فكان واقفا وسط الغرفة ويداه وسط جسده وقال مبتسما

" سخنته ثلاث مرات ، هل كل هذا تستحمين "

لم أعلق على كلامه وتوجهت من فوري لحقيبتي وفتحتها

وجلست أمامها على الأرض فاستدار جهتي وقال " لما لا

ترتبين أغراضك في الخزانة بدلا من كل هذا العناء "

أغلقتها ووقفت وقلت وأنا أسحبها معي " الأمر لا يحتاج إفراغها "

لحق بي وأمسك ذراعي قبل أن أخرج وقال " أين تذهبين بها "

استللت يدي منه بعنف وقلت " أترك لك الغرفة

طبعا مادمت تريدها "

عاد وأمسكها مجددا وسحبني نحوه حتى تركت يد الحقيبة

ثم رفعني عن الأرض وأنا أحاول إبعاد وجهي ونظري عن

وجهه فأوصلني السرير وأنزلني عليه وقال " فهمناها لا تحبيني

ولا تطيقين رؤيتي وستطلبين الطلاق وتتركيني فاتركي لي هذه

الأيام أعيشها معك كما أريد وأخبرتك أني لن ألمسك مالم توافقي "

توجه بعدها لحقيبتي وجلس أمامها وفتحها وهي عند الباب قائلا

" ماذا كنتي تريدين أن تلبسي أم أختار لك أنا على ذوقي "

رمى بعدها على السرير أمامي ملابس داخلية وتابع بحثه

فأنزلت نظري حرجا من هذا ولم أتحدث فوصلني صوته قائلا

" لما لا ملابس خروج لديك هنا كيف ستخرجين معي لنتنزه "

تنفست بقوة فوقف وأحظر لي أحد فساتيني وقال

" حسنا لا تنفخي هكذا سأخرج وأتركك "

ثم وضع الفستان في حجري وقبل خذي بسرعة وأنا

ابتعدت للخلف فقال مغادرا " لا بأس بها مقبولة أفضل

من أن أشاهد الخد الثلجي وأتحسر "

ثم وقف عند الباب وقال وهوا يسحبه معه " تناولي الحساء

لأنه لا مفر لك منه ، ومعتصم قادم لزيارتنا الليلة فاستعدي "

ثم أغلقه خلفه فنثرت الملابس من حولي وبدأت بالبكاء ، لما

أنتي ضعيفة هكذا أمامه لما لا تطرديه وتسكتيه لماذا يا زهور

لما لا تأخذين بحقك منه ، لا بأس فالضربة الأخيرة لا مهرب

له منها فليفعل الآن ما يشاء ، ارتميت فوق الفستان أشده بقبضتي

وابكي بصمت ومرارة ، لماذا يا رضا لماذا صنعت مني هذه

لماذا دمرتني وحرمتني منك مرارا


*

*

أشرت بإصبعي على أحد الأسماء في الورقة على الطاولة

وقلت " هذا أكثر شخص قرّب الشاهد ملامحه لمن رآه تلك الليلة "

ثم نزلت بإصبعي قائلا " أسمه عمران أحمد خيري النجار

اختفى صباح تلك الليلة ليُعثر عليه فيما يقارب الظهيرة ميتا

بسبب انزلاق سيارته من منحدر في الطريق الجبلي

للوادي الوفاة كانت بسبب الحادث "

قاطعني قائلا " كيف أجبروه على السقوط

بالسيارة وهوا غير مقيد !! "

رفعت نظري له وقلت " جرعة من المخدرات لجسم لم

يعتد عليها فكيف سيتحكم في السيارة "

ثم عدت بنظري للورقة مجددا وأشرت بإصبعي قائلا

" انظر هنا إنه طالب في الكلية البحرية "

قال باستغراب " كيف يكون ضمن عصابة خطيرة

كهذه , لا ويتعاط المخدرات "

أغلقت الملف وقلت " نظمت فرقة من رجالي ستساعدنا بدلا عن رجالك "

ضرب بيده على الطاولة وقال بضيق " جابر كيف تهمش رجالي

هكذا ودورهم كان مهما دائما , يكفي الاهنات والتوبيخ الذي

يسمعونه منك على الدوام "

نظرت له بجمود ثم عدلت وقفتي وقلت " أسعد لا ترفع صوتك

ولا تنسى أن أوامري فوق رأسك أنت أيضا وليس لأني أعفيتك

من ضرب التحية لي وكلمة سيدي أمام رجالك تخاطبني كشخص

يعمل لديك وتذَكّر أن الخلل في جهازك يا رئيس الشرطة وسما

الشاطر لم تعلم بها تلك العصابة رغم أن رجالي يعرفونها بل كانوا

راقبوها لأشهر أما ما يضع رجالك أعينهم عليه يختفي في طرفة

عين , وإن كشفوا أمر سما ستكون أنت أول من سأحقق معهم "

وقف حينها مغتاظا وخرج وتركني ، مهزلة تضحك لهم قليلا

يرفعون أصواتهم عليك بينما في دول أخرى من مثله لا يكلم

من في رتبتي إلا وجسده منتصب حتى إن كان رئيسا للشرطة

في البلاد مثله ، جمعت الورقتين ورفعت الهاتف وقلت من فوري

" أريد رقم المدعو نواس شاهين لدي صباح الغد وأدخلوا والد

عمران النجار حالا وأريد العقيد سالم هنا في أقرب وقت "

ثم أغلقت الهاتف على دخول خليل يتبعه اثنان ووالد

الشاب وجلس كل في مكانه وقلت ناظرا إليه

" ما الذي لاحظته على ابنك مؤخرا "

هز رأسه وتنهد بحزن وقال " ابني لم يكن يوما مجرما ولا

متعاطيا كان متفوقا في دراسته ويحب البحرية منذ صغره ودخل

للكلية برغبته لكنه الفترة الأخيرة كثر تغيبه عن المنزل وزيارات

رفاقه إليه أو هكذا قال لنا لأننا لا نعرفهم , كان آخر ما قال لوالدته

( أمي إن أنا ارتكبت ذنبا يوما ومت عليه فقد أكون مجبرا

فلا تنسيني من دعائك ) "

ثم توقف لأن دموعه بدأت بالنزول فقلت

" الماء من الثلاجة يا خيري "

ثم نظرت له وقلت " قد يكون تورط مجبرا كما قال فأريد منك

جميع أسماء أصدقائه المقربين ومن كان يخرج معهم مؤخرا "

ثم نظرت جهة خليل وقلت " أريد كل شيء عنه في قسمه في

الكلية البحرية وبسرية تامة وحققوا مع الأسماء التي سيعطيها

لكم والده ووافني بالمهم "

ثم وقفت وقلت " يمكنك المغادرة سيد أحمد بعدما يأخذوا

المعلومات التي طلبتها منك "

ثم قلت مغادرا مكتبي " حين يصل العقيد سالم يلحق بي للمصنع "

خرجت بعدها فورا وركبت سيارتي لألحق رجالي هناك فهذه كانت

الجريمة الثالثة في ذات المصنع وكانت أحداها آخر جرائمهم ولم

نحصل سوا على هذا الخيط الرفيع ( طالب في البحرية ) ترى ما

الرابط بين هذا والأذون المزورة لإدخال بضائع للبلاد وما في تلك

البضائع وهل لشرطة الجمارك أو البحرية أي يد فيها , قد يكونوا

مجموعة تعاون أحدهم على ذلك ويستحيل أن يكون الجهاز الأمني

البحري متورط بكامله لكان رئيس شرطة الجمارك على علم أم أنها

مجرد مصادفة فقط ، وصلت المكان ونزلت واقتربت منهم قائلا

" أين رجال أسعد "

ضرب لي التحية وقال " جاءتهم أوامر بترك المكان "

قلت وأنا أجول بنظري فيه " فعل الصواب قبل أن

أصرفهم من هنا بنفسي "

أشرت بعدها لهم فاجتمعوا حولي فقلت " انتم كما اتفقنا من سيستلم

معي القضية ووضعت فرقتين أخيرتين من أجل الحالات الخاصة

والمداهمات فاستعدوا لربط ليلكم بالنهار لأني سأعتمد عليكم

وتعلمون جيدا مصير من يقوم أحد باستغلاله أو تهديده وهوا

الموت على يديهم فكل من يتعرض منكم لابتزاز أو تهديد

ومن أي جهة كانت يعلمني فورا "

هزوا رؤوسهم بالموافقة وقال أشرف " وجدنا شيئا هنا سيدي "

غادرت معه حيث أشار فكان سوار من الجلد والحديد رجالي

باسم ومقطوعة فقلت " هل لمسها أحد "

قال من فوره " لا سيدي ولم نجدها إلا اليوم "

أشرت لهم بيدي فأحضروا لي قفازا فلبسته ورفعتها فكانت باسم

أحادي وهوا ( عمران ) وهذا أكبر دليل على ما حدث هنا وأنه

من أشار له الشاهد ، وضعتها في الكيس الذي مدوه لي وقلت

" ارفعوا البصمات عنها "

وتنقلت بعدها في المصنع لوقت , كان خاليا من أي ورقة تدل

ولو على تجارة مشبوهة أو ما شابه ، وصل سالم واقترب مني

فقلت " تأكدت الآن أنه هوا رغم أني كنت متأكد منذ البداية "

ثم نظرت له وقلت " مالك المصنع قُتل منذ أكثر من عامين

واستلم ابنه الأوسط إدارته ليُقتل منذ ست أشهر وفي تلك الليلة

دخلوا وقتلوا الحارس ورجوعهم لم يكن من أجل شيء غيره

على ما يبدوا أو أنهم بحثوا عن شيء وهوا شهد شجارهم

العائلة أغلقت المصنع منذ مقتل الابن ولم تفتحه "

قال بحيرة " كيف يكون جهاز الشرطة متورطا والبحرية دخلت

دائرة الشبهة أيضا ولا أحد من أجهزتهم الأمنية يعلم عنهم "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت بجدية " أجزم أن أحد

أجهزة البلاد الأمنية متورطة في الأمر حتى النخاع "

قال بصدمة " جابر هذا الكلام كبير جدا وحاذر

من أن تحاسب عليه "

ابتسمت بسخرية وقلت " الخيط فقط يا سالم إن أمسكته فلا

أحد يمكنه الوقوف في طريقي "

تنهد وقال " أعلم أنه لا أعلى منك سوا وزير الداخلية ولو لم

تختر بنفسك هذا المكان لكنت مكانه لكن أن تتهم جهة أمنية

بأكملها أنها وراء هذا فلن يصب في صالحك "

وضعت يدي على كتفه وقلت " أعلم فأنا الآن أُعدّك وكأني أتحدث

مع نفسي والأمر ليس مجرد تخمين وسترى صدق كلامي "

ثم نظرت لساعتي وقلت " سأغادر الآن أريدك أن تستلم أمر

عمران النجار ووافني بكل جديد , خليل لديه ملفه وأريدك

وأسعد صباح الغد في مكتبي "

ثم غادرت من هناك بعدما أعطيتهم الأوامر بإغلاق

المصنع ومراقبته أيضا

*

*

بعدما نومت الأطفال توجهت لجناحي استحممت ولبست فستانا

قطنيا قصيرا وجلست في الردهة أشاهد فيلما رومانسيا فلنعش

هذا ولو في الخيال مادام الواقع خالٍ منه ، لدي فضول فقط أن

أعرف زهور كيف يعاملها زوجها ذاك ولا يجب أن أعلم كي لا

أموت بحسرتي أكثر ، لا أعرف كيف يكون صديقا لجابر حتى ذاك

المهندس لا يبدوا مثله رغم أني لم أقابله سوا مرتين وبالمصادفة

تنهدت بحسرة وأغلقت التلفاز فقد عافت نفسي حتى متابعته ، دخلت

الغرفة وأمسكت إحدى المجلات أقلبها لوقت ولا شيء سوا الملل

لما لم يتركني أنام وأرتاح ، نظرت للساعة فكانت تقارب الثانية

عشرة فتنهدت بضيق , ليس وقت عودته ولا وقت نومي ولا أعلم

لما أشعر أنني سأنام وهوا يقيدني ، ماذا إن ضبطت المنبه على

الثانية فجرا ونمت قليلا ، رميت المجلة وأمسكت الهاتف وضبطت

منبهه ووضعته بجانب رأسي وأطفأت النور ونمت بسرعة لأول

مرة وما كدت أصل لعمق نومي حتى شرعت بالضوء عدوي اللدود

يتسلل لعيناي ففتحت عين واحدة فكان جابر متوجها جهة الحمام

وقال ببرود " يبدوا أن فكرة النوم في المسبح أعجبتك "

دخل وأغلق الباب خلفه وجلست أنا أجمع شعري للخلف ، ما به

هكذا بقي سلاحه لم يشهره في وجهي ! ما أدراني أنا به سيأتي في

غير وقته المعتاد ، غادرت السرير وتوجهت لغرفة الملابس واخترت

قميص نوم ولبسته وخرجت وجلست على كرسي طاولة التزيين

ووضعت كحلا ، خرج حينها من الحمام بمنشفته ودخل من فوره

لغرفة الملابس وأنا أتابعه بنظري وكأني أراه للمرة الأولى ، أشعر

أن تصرفاته غريبة هذه الليلة وكأن لديه فاجعة لا يعلم كيف يقولها

لي ! لو كان أحدا من أهلي موجودا لقلت أنه مات ، خرج من الغرفة

مرتديا بنطلونا رياضيا أسود وقميص أبيض داخلي وكأنه يريد اللعب

بمشاعري باستعراض عضلاته ، جلس بعدها على السرير في صمت

متكأ على ظهر السرير ينظر للسقف بشرود ، أبيع عمري وأفهم ما

يدور في رأسك يا جابر ، وقفت وأطفأت الإضاءة وعدت جهة

السرير فقال " لما أطفأته "

دخلت السرير وقلت " وما حاجتنا به سنطفئه في كل حال

فمؤكد أنك جئت مبكرا لتنتهي وتنام باكرا "

أنزل رأسه وقال بضيق " هل نحن حيوانات أم تريني حيوانا

أمامك لا آتي إلا من أجل غريزتي "

نظرت لملامحه في الضوء الخفيف بصدمة ثم قلت

" ولما أتيت إذا وطلبت مني أن انتظرك "

قال بحدة " لأستمتع بجمالك الفتان ، أو هل تعلمي

كل يوم تخذليني فيك أكثر يا أرجوان "

قلت بصدمة أشد من سابقتها " جابر ما بك !! "

نام معطيا ظهره لي وقال مغتاظا " نامي واشبعي نوما "

بقيت أنظر له بحيرة ، غبية يا أرجوان منذ متى يرتدي ثيابا

كهذه إلا إن كان لن يقربني ويريد السهر والتحدث ، لهذا إذا

كان تصرفه غريبا وكأن ثمة شيء لديه فما هوا هذا الشيء يا

ترى ولما انزعج لهذا الحد ، غبية من سيخلصك من فضولك

الآن , بعد وقت قلت بهدوء " جابر "

لم يجب طبعا فتنهدت بقوة وقلت " جابر أعلم أنك لست نائم "

قال بضيق " أرجوان اتركي في قلبي ذرة الرضا

عليك ونامي في صمت "

قلت بحزن " جابر لا تظلمني "

قال بحدة " أرجوان اصمتي "

لذت بالصمت ونمت معطية ظهري له , لا أريد رؤيته كي لا

أضعف أكثر وهوا مستاء هكذا والصباح سيكون أفضل ونتحدث

أمضى وقتا يتنهد ويزفر بضيق ويستغفر بهمس مغتاظ ، غريب

أمره رغم قوة شخصيته وغضبه السريع يده لم ترتفع يوما ولا

على أبناءه ، حتى الشتائم لا يعرفها ورغم خصوماتنا مؤخرا لم

يشتمني قط ! لا أعرف كيف يكون تربية والدته تلك التي تتنفس

ألفاظا سيئة ولم تترك شيء لم ترميني به ، انقلبت جهته وسرق

عيناي أرسم بهما تفاصيله ثم انقلبت للجانب الآخر ألعن نفسي

هذا وهوا يعطيني ظهره فكيف إن كان مقابلا لي , انقلبت على

ظهري فقال ببرود " توقفي عن الحركة أريد أن أنام "

رميت حينها اللحاف من علي وخرجت من الغرفة فلينم مرتاحا

سأخلصه مني ، أغلقت الباب وأنا أنظر للطاولة باستغراب , هواتفه

تركها هنا غريب لأول مرة يفعلها ولم تزعجنا برنينها !! ما هذا الأمر

المهم الذي جاء مبكرا وأبعد هواتفه لأجل أن يحدثني فيه , نظرت

لحاسوبه الذي تركه معهم هنا وتحركت خلايا الفضول في داخلي

لكن عليا انتظار أن ينام أولا فقد يخرج في أي لحظة ، أطفأت النور

وجلست وشغلت التلفاز فهكذا أحب مشاهدته وبقيت مكاني عين عليه

وأخرى على الباب حتى مضى وقت طويل ولم يخرج ومؤكد نام

توجهت نحوهم ورفعت هاتفه أولا لأجد المكالمات الكثيرة فيه فلم

أستطع لمسه ويبدوا أنه وضعه على الوضع الصامت فرفعت الآخر

وهوا المخصص بالعائلة , لا أعلم ما أسمي هذا فضول أم شك أو

صغر عقل لكن ذاك الملف السبب فلم أفكر يوما في فعل هذا

كان الهاتف كله لأرقام عائلته وبعض من أصدقائه المقربين على

ما يبدوا ورقم واحد تحت اسم ( القضية 1720 ) غريب رقم

لأحد أصحاب القضايا في هاتف العائلة وبدون اسم !! تركتهما

وفتحت هدفي وهوا حاسوبه لتظهر لي فورا شاشة مكتوب فيها

( هذه المرة الثانية يا أرجوان الثالثة سأقطع لك أصابعك )

فأغلقته فورا ونفثت هواء ساخنا من صدري ، كان يعلم إذا أني

فتحته وأني سأفعلها مجددا ولابد سيعلم أني فتشت هواتفه أيضا

تركت كل شيء وعدت مكاني وجلست طويلا أقلب القنوات بملل

ثم استلقيت على الأريكة أحضن وسادتها ليسافر بي النوم دون

شعور مني ولوقت طويل حتى استيقظت على صوت الأذان فقفزت

واقفة لحظة خروج جابر من الغرفة بملابس عمله وتوجه فورا

جهة هواتفه وحاسوبه حملهم وتوجه للباب وقال وهوا يفتحه

" حذرتك سابقا من النوم خارج الغرفة يا أرجوان "

ثم تابع وهوا يخرج " ولكن كسر كلمتي أصبح هواية لديك "

قلت وأنا أتبعه " جابر انتظر "

لكنه ابتعد ولم يلتفت إلي ولم استطع الخروج هكذا بقميصي فعدت

مسرعة وأخذت القميص الحريري الخارجي ولففته حول جسدي

وخرجت راكضة أربط حزامه ، عليه أن لا يخرج غاضبا هكذا

وأنا المتهمة بذلك , علينا أن نجد حلا لمشاكلنا العالقة ونصل لقرار

نهائي يريح كلينا ، وصلت منتصف السلالم الأخير ورأيت

والدته توقفه وهوا يقترب من الباب فالتفت لها فقالت

" تعال أريد التحدث معك "

نظر لساعته وقال " أجليه حتى أرجع تركت البارحة ملايين

الأمور معلقة تنتظرني ولا وقت لدي "

تنهدتُ بأسى وقالت والدته " وما لدي معلق من أيام كثيرة لن أعطلك "

انحنيت بجسدي أراقبهما أين دخلا ، متأكدة أن الموضوع يخصني

فهي منذ مدة توزع لي نظرات الكره وتتمتم بأشياء لا أفهمها

نزلت بسرعة وخفة وتوجهت نحو المكان الذي دخلاه فكان صوتها

الغاضب المرتفع واضحا وهي تقول " لا يا جابر بث أراك أصبحتَ

مهرجا منذ دخلت ابنة فارس القصر وأصبحتْ هي من يدبر

ويأمر ويقرر والباقي خدم تحت إمرتها "

قال بضيق " أمي أنا لست طفلا تتحكم بي أرجوان وغيرها

ولم ولن أفعل شيئا إلا مقتنعا به وقررته من نفسي , وأرى

أننا أعطينا الموضوع أكبر من حجمه "

قالت وصوتها لا يزداد إلا ارتفاعا " حتى صوتك لم يكن يرتفع

عليا هكذا إلا بعد أن أن تزوجتها , قلتَ الأولاد يحتاجونها قلنا

لا بأس , قلت خالتهم ولا نريد مشاكل مستقبلا وقلنا معه حق "

انفتحت عيناي من الصدمة وكتمت شهقتي بيدي لِما أسمع وتابعت

هي " قلت والدها ليس غريبا هربت معه حسناء بل زوج والدتها

وقلنا على العين والرأس لكن أن ترتع في القصر وتخالفني

مستقوية بك هذا تجد له حلا والمسبح يلغى حالا "

لم أعد أستوعب بعدها شيئا مما قاله جابر لأن عقلي مات وأنا

أفسر ما سمعت ... حسناء شقيقتي ووالدي زوج والدتها إذا هي

شقيقتي من والدتي وأبنائه أنا خالتهم وهم لعبوا بي وأخفوا الأمر

عني ويقول أنه لا يهتم إن كانت زوجته هربت مع والدي ، فتحت

عندها الباب لا أعلم أي طاقة حركتني ونظرا كليهما لي وأنا أنظر

لجابر بتركيز وصمت وكأني أواجهه بما سمعت حتى قالت

والدته بسخرية " جميل وتتجسسين أيضا يا مربية الأجيال "

لم أعلق على ما قالت ولم أبعد نظري عن جابر وهوا ينظر

لي بجمود وصمت حتى قلت " خذلتني فيك يا جابر "

قالت حينها والدته " عشنا ورئينا نساء يتطاولن على أزواجهن "

نظرت حينها جهتها وقلت بحرقة " أي امرأة أنتي ومما مخلوقة

تريدين تدمير حياة ابنك وتحرضيه علنا , ما هوا مبتغاك يا متجبرة "

قالت بسخرية " نفس مبتغاك وأنتي تأخذين موانع للحمل

كي لا تحملي يا ابنة الحسب "

نظر لها جابر حينها بصدمة لا تقل عن صدمتي ثم نظر لي وتابعت

تلك الحية " هلا شرحت سبب ذلك وخروجك مع السائق لساعات

وزوجك غير موجود وتخبريه أن لا يخبر أحدا عن مكان ذهابك "

شهقت شهقة قوية وقلت بصدمة " تتهمينني في شرفي وعلنا "

كتفت يداها لصدرها وقالت ببرود " إن كان كلامي خاطئا فأنكري

وهذه هي نتائج الزواج من فتاة تربية شوارع تعيش حياتها لوحدها

لا رقيب عليها ولا حسيب ولن تكون أقل من شقيقتها جالبة

العار ناقصة التربية "

نظرت حينها للصخرة الواقفة بجانبها دون كلام , وصل الأمر

لشرفي وشرف شقيقتي التي كانت زوجته وأم أبنائه وهوا يلوذ

بالصمت , غادرت حينها من أمامهم متوجهة جهة السلالم وكل

دمعة تلحقها الأخرى وإهانتي من صمته أكبر من جرحي من كلام

والدته ، وصلت السلام لتوقفني يد أمسكت ذراعي بقوة ولفتني للخلف

وكان جابر الذي قال بحزم " هل صحيح ما قالته يا أرجوان "

سحبت يدي منه وقلت ببكاء غاضب " نعم هذا ما تفلح فيه

وأنا فقط من تقدر عليها يا ابن والدتك "

صرخ حينها صرخة زلزلة المكان قائلا " أرجوااآآن "

صعدت وتركته على صوت رنين هاتفه وتوجهت لجناحي لا أرى

شيئا من الدموع التي غطت عيناي وغسلت وجهي ، توجهت لغرفة

الملابس وغيرت ثيابي وخرجت , لبست حجابي وحملت حقيبة يدي

ثم رميتها على الأرض فهي من ماله أيضا , أخذت هاتفي وأخرجت

منه شريحتي فهي لي وهذا الهاتف من ماله وأنا لم أعد أشرفه

خرجت من الجناح لا أحمل سوا شريحتي القديمة وجرحي الجديد

ودموعي التي تبكي حسرتي ونزلت لأجد تلك الجلمود واقفة في

الأسفل ومكتفة يديها لصدرها وتنظر لي بشماتة وقالت ساخرة

" أخبرتك منذ البداية أن لا تلعبي معي يا ابنة فارس وأن لا تغتري

بنفسك , كنت أود أن جرك من شعرك لخارج القصر لكن جابر

رفيقا بالنساء تربية يدي , وأحسنتِ أن خرجتِ من نفسك "

اجتزتها ولم أتحدث فقالت وأنا أصل الباب

" لا تحلمي أن يركض خلفك لإرجاعك "

وقفت والتفت لها فرفعت يدها وقالت " أقص يدي إن

فعلها وهوا ابني وأعرفه "

قلت بسخرية " لا تتعبي نفسك فأنا التي لن تعود "

ثم خرجت وتركتها ولم يكن هناك السائق ولا سيارته ولا هاتف

لدي لأخبره فقررت الخروج للشارع وركوب سيارة أجرى على

دخوله ولحسن حظي فتوجهت نحو سيارته فتوقف ففتحت الباب

وركبت على نظراته المستغربة وقلت " خدني لمنزلي حالا ولا

تخبر جابر أين كنت أذهب سابقا ولو قتلك أو قتلتك أنا "

*********


لحظات زواج نواس بوسن في المحكمة من كتابة الكاتبة حبيبتنا همس الريح


* * *

دلفا معا إلى مكتب القاضي الموكل باجراءات الزواج ... زفر بعمق و هو

يراجع الاوراق التي معه .. صورة من بطاقة هويتها .. بطاقة هويته ..

الاشهار الشرعي الصادر من المحكمة انه هو الوصي الوحيد عليها

في غياب اي قريب لها ... زفر مرة اخري و هو يدفع الباب .. لم يرى

اثاث الغرفة امامه .. لم يرى القاضي .. لم ير الرجل الذي كان يهم

بالخروج .. كل ما رءاه هو نيران ... السنة لهب تضرب وجهه .. كلا

.. انها لا تضرب وجهه .. انها تلتهم وجهه .... احس بنفسه ينفصل

عن كل ما حوله .. كأن عينهاه غادرتا جسده و تعلقتا في الهواء

امامه ... إنه الان يشاهد جسده .. كلا إنها كتلة لهب ترتدي ملابسه

.. متى بدأت هذه النار ؟ ... بدأت في اول يوم كان يشتري اثاث الغرفة

التي ستجمعه بها .. حبيبة قلبه .. ليستمع بالصدفة لحديث عن خطبة

تمت بين وسن و اسم اخر .. خالد الصقار .. احد الاغنياء ... لا يعرف

كيف مرت عليه الايام و الليالي بعدها ... فهو عندما كان يقرأ عن الم

الخيانة و الغدر بين الاحباء .. كان يسخر منها .. ففي عقله ان من

يحب لا يمكن ان يخون ... ابدا ...في ذلك اليوم تم غرس سكين صدئ

في قلبه .. و تبدلت الدماء في شرايينه بالتدريج الي حمم بركانية ..

تحرق اول ما تحرق صدره ثم تنتشر بعد ذلك لبقية جسده لتلتهمه

ببطء .. و لكنه يحبها .. حتي و هي تتهمه بانه يكرهها و يريد اهانتها

و تعذيبها .. يعشقها .. و لولا مزيج من خوف الله و كبرياء و الم الجرح

لكان زرعها في صدره و بين اضلاعه حيث تنتمي ... انتزعه من افكاره

جذبة يد صديقه له بانهما يقفان امام القاضي منذ دقائق .. ليمد يده

بالاوراق لبدء الاجراءات الرسمية ... دخل و على ذمته مي بوعدها

الذي اقسم الا يحنث به مهما حدث .. و خرج و قد تزوج بحبيبته ..

التي يشعر انها ستتمني الموت علي ان يرتبط اسمها باسمه ...

تنهد بقوة و هو يرفع عينيه للسماء بدعاء صامت ان يمنحه الله القوة

... زفر لهبا من انفه و هو يشعر بالسكين المغروسة في قلبه تتحرك

لتمنحه الما اعظم .... هل فعل الصواب ام الخطا ... هل سيفوز في

النهاية ام سيخسرها و يخسر روحه معها ... لا يعلم .. لا يعلم]]


ودمتم في حفظ الله جميعا



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس