عرض مشاركة واحدة
قديم 28-07-15, 08:24 PM   #18

هوس الماضي

نجم روايتي وعضوة بفريق الكتابة للروايات الرومانسية

 
الصورة الرمزية هوس الماضي

? العضوٌ??? » 330678
?  التسِجيلٌ » Nov 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,193
?  نُقآطِيْ » هوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond repute
Elk

الفصل الثالث



استمر هطول المطر صباح الأحد ، واستيقظت جينا في السابعة مثقلة العينين وهي تتثاءب فقط لتتفقد الجو ، ثم تعود لسريرها متعثرة ، كلا لن تذهب بسيارتها إلى الريف لتتعلم الرسم هذا النهار .
وعندما استيقظت مرة أخرى حوالي العاشرة كان الجو مازال ماطراً ، ولكن ما ان انتهت من تناول قهوتها وأكل تفاحة ن كانت بقع من السماء الزرقاء قد أخذت تبرز من بين الغيوم الماطرة بغزارة ،وعند الساحة الحادية عشرة والنصف استقلت سيارة أجرة إلى غرب لندن حيث شارع أكسفورد لترى أخر الأزياء التي وصلت لتوها إلى المتاجر .
وكانت في متجر دينهام حين صادفت فاليري التي كانت قادمة لنفس الغرض .
(( آه ، مرحباً)) قالتا ذلك في نفس الوقت ، ثم ضحكتا .
ثم قالت فاليري : (( ظننتك ستذهبين خارج لندن في العطلة الأسبوعية )) .
فقالت جينا : (( كنت صممت على ذلك )) ثم شرحت لها سبب تغييرها لرأيها .
(( آه ، ما كان لكِ أن تجعلي المطر يمنعك ، فمتعة الرسم بين الجدران هي نفسها في البرية )).
(( هل تحسنين الرسم ؟)) .
(( حسناً ، كنت ماهرة في ذلك تماماً حين كنت في المدرسة ، وكنت انوي متابعته جدياً، ولكنك تعرفين الحالة في هذه الوظيفة التي أقوم بها ن فهي لا تترك وقتاً لشيء أخر ، ولكن الرسم أفضل شيء لمعالجة الإرهاق النفي ، وارخص )).
فقالت جينا ضاحكة (( لم أفكر في الرسم قط من هذه الناحية )) .
فبادلتها فاليري الابتسام : (( أنها فكرتي أنا فقط بالطبع ، فأنت تستغرقين فيما ترسمين حتى تنسي مشاكلك )) .
نظرت إليها جينا بعطف (( وأنت حالياً تعانين من المشاكل ، أليس كذلك ؟)) .
فاحمر وجه فاليري ، وبدا عليها الإجفال : (( ماذا تعنين ؟)) .
(( حسناً ... بالنسبة إلى الدعوى القضائية .)) قالت جينا ذلك ، فتغيرت ملامح فاليري وقالت متلعثمة : (( آه ، نعم ، طبعاً )) واستغربت جينا لهجتها هذه ، ما هي المشاكل الأخرى التي تعاني فاليري منها يا ترى ؟
سألتها فاليري : (( أتظنين ماك كاميرون سيتابع القضية ؟ )) .
فتنهدت جينا : (( من يعلم ؟ غالباً ما يهدد الناس بإقامة دعوى ،ثم يتراجعون عن ذلك قبل أن تصل القضية إلى المحكمة ، أظن المسألة تعتمد عما إذا كان هو والد الطفل أم لا ، فإذا كان متأكداً كم أنه ليس هو ، واستطاع إثبات ذلك ، فسنقع في المشاكل )) .
تنهدت فاليري قائلة: (( نعم )) ولكنها كانت شاكرة لجينا تيريل لاستعمالها ضمير الجمع بقولها (سنقع نحن ) دون أن تلقي المسئولية عليها وحدها ، ابتسمت لها واندفعت تقول : (( تبدين رائعة في هذا المعطف الأسود )) .
ضحكت جينا وهي تنظر إلى معطفها الجلدي الأسود (( أنه معطف المطر الوحيد الذي لدي ، في الواقع ، فقد اندفعت في شرائه دون تبصر ، فأنا لا أرتديه كثيراً لأنه قصير أكثر مما ينبغي )).
فقالت لهت فاليري : (( أن الملابس القصيرة تناسبك . ماذا ستفعلين هذه العطلة الأسبوعية بدلاً من الذهاب إلى الريف )) .
فقالت جينا : ((الراحة فقط ، فليس لدي خطة للقيام بشيء في الواقع ، وأفضل أن امضي الوقت بالكسل )) وفكرت في أن تخبر فاليري بأنها ستذهب لرؤية ماك كاميرون على المسرح هذه الليلة ، ولكنها رأت أن هذا ليس من اللباقة في شيء .
قالت فاليري : (( هذه فكرة جيدة أظنني سأفعل نفس الشيء )).
قالت جينا قبل أن تبتعد : (( هذا حسن ، أتمنى لك عطلة سارة .))
رأت في فاليري ما حيرها ، فهذه الفتاة كانت لها سمعة الفتاة العابثة ... فالرجال كانوا يدورون حولها على الدوام وكان يبدو عليها السرور البالغ من صحبتهم ، كان المفروض أن تكون من محبي الحفلات ، واللاتي يعشقن الأوقات الطيبة ، ومع ذلك فقد كانت تبقى في العمل في المكتب مدة طويلة بعد خروج الآخرين ، وكان لفابيان آرنود رئيس تحرير الصحيفة ، فكرة سامية جداً عنها : (( أنها مجدة في عملها ، كما أن لديها الاستعداد أيضاً ، وهذا المزيج لا يحدث كثيراُ ) وكان قد قال لجينا وكاسبيان أمس قبل استدعاء فاليري للحضور إليهم .
فأخذ كاسبيان يزمجر وهو ينقر على المكتب بأصبعه : (( إممممم ...)) .
وكانت جينا تكره منه مزاجه هذا ... عندما يكون متوتراً فارغ الصبر غير مهذب .
لم يبد على فابيان أنه لاحظ عبوس كاسبيان ، وهكذا تابع يقول بهدوء : (( وسيتملكني أسف بالغ إذا نحن خسرناها إذا سيكون من الصعب إيجاد بديل لها ، ثم أن كتاباتها لامعة ، فروحها فكهة ، أحياناً ، ولاذعة أحياناً أخرى ، ولديها موهبة حقيقية في إعطاء صورة عامة لشخص ما ، في كلمات قليلة موجزة ، وهي محبوبة جداً )).
فتمتم نيكولاس قائلاً : (( إذا كانت تتطرق إلى المواضيع الخطرة لتعرضنا إلى الدعاوي القضائية ، فهي ستكلف هذه الصحيفة غالياً )).
ولكن فابيان بقى على إصراره : (( حسب خبرتي بها ، فهي حذرة للغاية وتتخذ المواضيع التي يمكنها إثباتها )).
فقال كاسبيان : (( انك دوماً تساند موظفيك يا فابيان )).
(( فقط عندما أرهم يستحقون ذلك )) .
وقد سرت جينا لما قاله فابيان ، فقد كانت عادة على خلاف مستمر مع رئيس التحرير هذا ، بعد أن لم تعد تثق به ، فهو عندما جاء كان يبدو لطيفاً للغاية ، ولكنها رأت فيما بعد أن لطفه كان سطحياً ، وكان كأغلب السويسريين يتكلم عدة لغات بطلاقة ، ولكنها لم تكن تظنه صريحاً تماماً في أي منها ، فقد كان دبلوماسيا أكثر منه مكافحاً في سبيل المبدأ ،فعندما يثور نيكولاس كاسبيان ، إحدى ثوراته العنيفة كان هو يهدئه ويلاطفه ، مستعداً للقيام بكل ما يريده نيكولاس والأسوأ من ذلك أنه كان رئيس التحرير في الوقت الذي كانت فيه سنتنال ، تتحول من صحيفة جادة حسنة السمعة إلى صحيفة تنشر الأنباء الوقحة المثيرة دون وخز من ضمير ، وذلك طلباً للمزيد من التوزيع .
كانت ترجو أن يتابع مساندة فاليري نايت ، على كل حال ، وذلك حين كانت عائدة إلى بيتها حيث تتناول عشاءها المؤلف من سمك وسلطة ، وقد خطر لها أنها ابتدأت تحب فاليري أكثر من الأول ، ربما بسبب شعورها بالعطف عليها ، أو لأنها رأت ناحية من فاليري لم يلحظها أحد آخر .
أخذت جينا تفكر في أن عليها أن تدعوها إلى تناول الغذاء في الأسبوع القادم لكي تزيد معرفتها بها ، فمعرفة الأشخاص الذين يعملون في الصحيفة هو جزء من عملها .
لم يكن لديها أي أقرباء ، وبوفاة السير جورج خسرت أفضل أصدقاءها ، كان ما يزال لديها أصدقاء آخرون طبعاً ، هيزل وبييت ،وفيليب سليد ، والأهم منهم جميعا صديقتها زميلة الدراسة ، روز إيميري والتي تعرف عنها أكثر مما تعرف عن أي شخص آخر في العالم .
لكن وفاة السير جورج علمها دروسا ً لا تمحى ، واحداً منها سواء كانت سعيدة أم حزينة ، رفيعة المقام أم لا ، فلابد لك من أناس في حياتك يهتمون بك ، فبعد شهور من تلك الأحداث المأساوية في الشتاء الماضي ، أخذت تعتمد على روز ودانيال بروني ، خطيب روز ، وهيزل وبييت ، وفيليب سليد ، بدونهم كان شعورها بالوحدة عشرة أضعاف ما هو الآن ، وجينا الآن تتخذ الأصدقاء قدر إمكانها وحيثما تكون وكان رائعاً لو أنها وفاليري أصبحتا صديقتين .
لم تكن جينا تحب فاليري على الإطلاق ، حتى هذا الأسبوع ، وذلك لسبب واحد ، هو أن فاليري كانت رمزاً لما كان يحدث في سنتنال ، فكتاباتها كانت تتوخى الظهور بوقاحة وفظاظة ، وكان هذا سبب نجاحها .
لكن الحواجز بينهما سقطت فجأة ، فقد كانت فاليري ودوداً هذا الصباح ، لأنها كانت قلقة دون شك ، فلم تشعر جينا بالأسف لأجلها فقط ، وإنما أحبتها اكثر بكثير ، ولكن جينا كانت تفكر في أن لديها الحق طبعاً في عدم اخبارها بأنها ستذهب هذا المساء لرؤية ماك كاميرون على المسرح .
رغم أنه كان لديها مديرة منزل كانت تأتي طوال أيام الأسبوع لتنظيف المنزل ن فقد كانت تحب أن تعتني بنفسها أثناء العطل الأسبوعية ، إلا إذا كان لديها ضيوف فقد كانت تمضي معظم أيامها يحيط بها الناس ، ولهذا فقد كان رائعاً أن تكون وحدها أحياناً وذلك لكي تفعل ما تريد دون اهتمام لما يظنه الآخرون .
وفيما بعد عند العصر صحا الجو فترة فخرجت في بدلة رياضية لتركض على ضفاف النهر ناظرة إلى تألق انعكاس الأنوار على صفحة المياه ن بينما طيور النورس تلاحق بعضها البعض ، لقد اقترب فصل الخريف واصفرت أوراق الشجر ، مابين بنية وذهبية .
كان النهار يقصر ايضا ، حيث لاحظت أن ضوء النهار قد أخذ يستحيل إلى الشفق ، فاستدارت عائدة وإذا بها بعد لحظة تلمح راكضاً متجهاً نحوها ، كان فارع القامة في بذلة سوداء وشعره القاتم يتطاير مع الريح ، ولم تكن بحاجة إلى أكثر من نظرة لكي تدرك من يكون وهكذا شعرت بقلبها يخفق بعنف .
وعندما أصبح بموازاتها وتقابلت أعينهما ، قال لها نيكولاس وقد ثار غضبه وتوترت ملامحه : (( هل أنت مجنونة إذ تركضين في هذه المنطقة وحدك عند حلول الظلام ؟)) . ومد يده يقبض على ذراعها .
فقالت له محتجة : (( لا يوجد هنا سوى ولدين .))
فالتمعت عيناه : (( بالضبط ، فإذا هاجمك أحد فليس هناك احد ليتقدم لإنقاذك )) .
لم تستطع أن تنكر أن هذا فرع صغير منعزل من الطريق العام يمتد بمحاذاة النهر ، والمارة فيه قليلون ، ولكنها لم تكن تشعر بالقلق لهذا .
وأخذت تجادله بقولها : (( هنالك مجمعات شقق على الضفة الأخرى للنهر ، ولا بد أن يلاحظ أحد فيما لو هوجمت ، فيتصل بالشرطة ، وعلى كل حال كان ضوء النهار شاملاً حين خرجت .))
فنظر حوله وقد بدت السخرية الباردة على وجهه : (( ولكنه ليس كذلك الآن )) .
كان ضوء النهار يتلاشى بسرعة ، والسماء تتلبد فيها السحب بينما عادت الريح إلى الهبوب ، فارتجفت جينا .4فقال : (( كمالا أن الجو بارد بالنسبة للركض على كل حال )) .
فتمتمت غاضبة : (( هذا بالنسبة إليك وليس إلي .))
(( لقد خرجت فقط لأنني رأيتك تخرجين ، فلم اصدق عيني ، ولم أظن انك من الممكن أن تكوني متهورة بهذا الشكل فهذه المنطقة ليست آمنة بالنسبة إلى امرأة تخرج وحدها عند المساء ، وهكذا لحقت بك لكي اطمئن إلى أنه لن يحصل لك ضرر )).
فهتفت مجفلة وقد احمر وجهها : (( آه ... كان هذا ... إنني واثقة من أن نيتك كانت ... ولكن ذلك لم يكن ضرورياً ، فأنا سالمة كما ترى ن وأنا غالباً أخرج للنزهة )).
فقال بحدة : (( حسناً لا تفعليها مرة أخرى وحدك ، وفقط أثناء النهار وإذا كان هناك أناس كثيرون ، انك لا تريدين أن تصبحي في إحصائيات الجرائم التي تصلنا من اسكوتلنديارد أسبوعيا ، أليس كذلك ؟))
فأخذت ترتجف مرة أخرى ، بينما عبس نيكولاس بها مرة أخرى : (( ربما أصبت بالبرد ، عليك بالعودة على الفور وأخذ حمام حار )) ثم انطلق عائداً نحو المبنى الذي يضم شقتيهما ، جاراً إياها معه .
كانت جينا من الارتجاف بحيث لم تستطع المناقشة فقد تأثرت مشاعرها لفكرة أن نيكولاس شعر بالغضب ولحق بها عندما رآها تخرج وحدها ، أتراه يهتم بها حقاً ؟ أرغمت نفسها على متابعة السير إلى أن دخلا أخيراً المبنى حيث يسكنان ن ثم إلى حيث المصعد .
استندت إلى الجدار وهي تلهث بينما انتشر الألم في عضلات ساقيها .
أخذ نيكولاس ينظر إليها عابساً بشماتة ، ثم قال : (( إن مظهرك في حال سيئة ، لقد كنت ؟أقمت أجهزة رياضية في بلازا كما تعلمين ، ويمكنك أن تستعمليها وتصلحي من مظهرك )).
واقترب منها فابتعدت عنه خطوة وهي تقول بغضب (( إياك )) ثم ابتعدت عنه .
(( يوما ً ما ، يا جينا ... ))
حاولت أن تتجاهله ، ولكنه كان يملأ أحاسيسها ، وتمنت لو أن بإمكانها أن تقرأ أفكاره ، كانت أحياناً تتأكد من اهتمامه بها لا، وإلا ما الذي يجعله يلحق بها خوفاً من أن يصيبها أذى ؟.
ولكنها لا تستطيع أبداً أن تنسى كيف خدعها من قبل ، إذ جعلها تعتقد بأنه يحبها وأن بإمكانها أن تثق به ، وإذا به يحاول اختطاف سنتنال من وراء ظهرها ما جعله يتسبب بنوبة قلبية للسير جورج أودت بحياته ، في تلك اللحظة قتل نيكولاس حبها له ، وقد أقسمت حينذاك على أنها لن تصفح عنه أبداً ، وأنها ستجعله يدفع ثمن فعلته تلك ، ولكن الحب والكراهية ما انفكا يتصارعان في نفسها منذ ذلك الحين ، ما أرهق أعصابها ، كانت أحياناً تريد أن تبتعد عنه ، وتنسى كلياً أنها عرفته يوماً ما ... تنسى سنتنال والسير جورج وكل تلك المشاعر التي بقيت تجيش في نفسها شهوراً طويلة ، ولكن إحساسها بالواجب هو الذي تبقى ، والواجب ما هو إلا عزاء بارد لقلب مستوحش.
خفضت نظراتها بجمود وهي تتمنى لو يسرع بهما المصعد ن فاندفعت عنه قبل أن تجبن ، وأخيراً توقف المصعد ، فاندفعت خارجة متوجهة إلى باب شقتها دون أن تنظر خلفها .
ولكن نيكولاس كان خلفها ولم تواتها فرصة للدخول إلى شقتها وصفق الباب في وجهه ذلك أنه كان أسرع منها ، وهكذا استدارت إليه وهي تندفع بالقول ، وقد شحب وجهها : (( لماذا لا تتركني وشأني ؟)).
فأجاب بصوت كالثلج : (( سأفعل ذلك بعد لحظة ، ولكنني أريد أن اذكرك بتلك الرحلة إلى كاليفورنيا أظن من الضروري أن تأتي معنا ، وإذا أنت رفضت سيكون علي أن آتي على ذكر ذلك في اجتماع مجلس الإدارة المقبل ، بصفتك من المدراء العاملين ، فأنا انتظر منك أن تكوني طرفاً في كل مشروع نقوم به ، إن أي شخص آخر في مكانك هو مستعد للموافقة على الانضمام إلينا في هذه الرحلة ، وهو مطلب منطقي ، على كل حال ، فإذا بقيت على رفضك ، عليك أن تتخلي عن مقعدك في مجلس الإدارة )).
لمعت عيناها الخضراوان غضباً ن ولكن الغضب لم ينفعها بشيء ، وذلك أن نيكولاس لم يترك لها أي خيار ... فقد كانت تعلم أن بقية مجلس الإدارة سيرون الأمر بالطريقة التي يراها هو وليس هي ، فهم لن يفهموا سبب رفضها ، وهي لا تستطيع شرح الأمر ، رغم أنها كانت تعلم أن نيكولاس يعلم تماماً سبب رفضها الذهاب إلى اميركا معه .
وأخيراً قالت كارهة : (( حسناُ جداً ، سآتي معكم )) فابتسم وعيناه تلتمعان بالفوز ، وقال يأمرها : (( والآن أذهبي وخذي حماماً ساخناً )) ثم استدار متجهاً نحو باب شقته .
تمنت جينا لو تصرخ |، وبقيت نظرة الشماتة التي رأتها في عينيه أمام ناظريها وهي تستحم ثم ترتدي ملابسها ثم تخرج إلى حيث استقلت سيارتها متجهة نحو مركز المدينة .
كان من الصعب العثور على محل لتوقيف السيارات في وسط لندن وذلك إثناء ليلة السبت ، ولكن جينا كانت تعلم أنها ستجد مكاناً قرب كوفن غاردن والذي كان على مسافة قصيرة من المسرح ، الذي كانت ذاهبة إليه ذلك المساء ، وهكذا تمكنت من توقيف سيارتها في شارع جانبي ، وكانت الساعة عند ذاك السابعة إلا ربعاً ن ولكن كان ما يزال هناك كثير من الناس يتسكعون في المكان .
تناولت عشاء خفيفاً في طعم قريب ن وعندما أنهت القهوة بعد ذلك أسرعت إلى المسرح ، كانت الموسيقى بهيجة سريعة مليئة بالألحان ، كما كان ماك كاميرون رائعاً في تمثيله ، فهو يرفض أن يغني ويثير البهجة والضحك بنفس قدرته على التمثيل ، وقد كانت جينا كالمسحورة خلال الفصل الأول ، وبدا أن بقية المتفرجين كانوا مسرورين جداً ، وعندما خرج الجميع فترة الاستراحة كان هناك لغط كبير من التعليقات ، وإثناء انتظارها لعصير الفاكهة الذي طلبته ، أخذت تستمع إلى ما يقوله الناس ( إن صوته رائع ، يجب أن اشتري منهاج العرض )) قالت مراهقة لصديقتها : (( أنه يبدو أقصر مما كنت أظن )) .
(( انك مجنونة يا كارين ، فطوله يبلغ الستة أقدام على الأقل ؟))
وعندما وقفت جينا لتدفع ثمن شرابها ، كانت فتاة شقراء أمامها تحدث رفيقها : (( يا له من فنان ، من أين تراه حصل على تلك الطاقة والحيوية ؟ لم اكن أظنه بهذه المهارة قط ، أليس كذلك ، يا جيمي ؟ )) .
أجاب الرجل الذي بجانبها : (( خصوصاً في مثل هذه السن )) وكان المتكلم متوسط السن أصلع الرأس ، أنيق الملابس .
(( لكنني لا أظنه كبيراً في السن إلى هذه الدرجة ، أظنه في بداية الثلاثينيات )) .
(( بل في بداية الأربعينيات أنه أكبر مني سناً )).
فأخذت الشقراء تضحك : (( من تراك تخدع يا جيمي )).
فنظر إليها الرجل الأصلع غاضباً ، ثم أشاح بوجهه يطلب الشراب لهما ، فالتقت عينا المرأة بعيني جينا فغمزتها .
كان الجو في صالة المسرح المزدحمة شديد الحرارة ، وكان حلقها جافاً فحملت شرابها وابتعدت عن منضدة البيع .
كانت على وشك إنهاء الشراب عندما نطق شخص خلفها باسمها : (( جينا ؟ انك جينا تيريل ، أليس كذلك ؟)) عند ذلك أومأت باسمة وقد تذكرته : (( نعم هذا صحيح ، أنني لم أرك منذ وقت طويل ، يا سير ديرمونت منذ ... )) وسكتت وهي تدرك أن ذلك كان منذ جنازة السير جورج تيريل ، وفي الواقع كان معرفتها بالسير ديرمونت غاسكيل من وراء معرفتها بأبيه براندان غاسكيل والذي كان زميل الدراسة للسير جورج ، وقد توفي السير براندان قبل السير جورج بسنوات .
أومأ السير ديرمونت يقول : (( منذ وفاة السير جورج )) وقال يتنهد : (( لشدة ما افتقده )) .
فأومأت تقول : (( وكذلك أنا )) .
كان السير ديرمونت عضواً في مجلس إدارة سنتنال إلى حين استلم نيكولاس كاسبيان للصحيفة ، ولكنه استقال احتجاجاً بعد وفاة السير جورج مباشرة ، وقد احترمت جينا فيه موقفه ذلك ، رغم أنها هي نفسها قررت البقاء ومحاربة كاسبيان من مركزها في الصحيفة ، وفي ذلك الحين شرحت قرارها للسير ديرمونت وقد وافقها هو على ذلك قائلاً ( حسناً إنني متفهم لمنطقك هذا ، ولكنني اشك في إمكانك القيام بشيء ، فأنت شابة ولا تعرفين من تقفين ضده ، لقد وضع كاسبيان هذا يده على الصحيفة الآن ، وأنا لن أبقى متفرجاً عليه وهو يدمرها ، ولكنني أظن أن الرجل العجوز كان سيوافق على بقائك ومحاربته،| فتلك هي طريقته ، ولكنها ليست طريقتي ... وربما كنت أنا على خطأ ، ولكنني ذاهب قبل أ يطردني ، كما سيحدث سواء عاجلاً أم أجلاً ، فكاسيبيان لا يريدني فأنا من بقايا عهد تيريل )) .
ثم سأل جينا والدهاء يطل من عينيه : (( وكيف الحال في سنتنال ، هذه الأيام ؟ ألم تنجحي بعد في أية معركة ؟)) .
فقالت : (( إن نيكولاس كاسبيان يحصل على ما يريد في أغلب الأحيان ، ولكنني أتحداه على الدوام ))
(( هذا حسن جداً، هل تربح كثيراً من وراء تمويل العروض المسرحية ؟|)).
أجابها بجفاء : (( ليس دوماً ، مرة واحدة من كل ثلاث مرات ، ولكنني أحاول أن أعثر على المسرحيات المنتظرة أن يدوم عرضها طويلاً ، بطيعة الحال ، من هنا تبدو المهارة ... فها بالطبع ))إذا كانت لك نظرة صائبة في ما يفضله الجمهور ، فذلك يوفر لك فرصاً أفضل ، لكنك بحاجة إلى الحظ كذلك ، فعندما علمت أن ماك كاميرون وقع عقداً لتمثيل هذه المسرحية ن قفزت لاغتنام فرصة تمويلها بالطبع )).
(( هل تعرفه شخصياً ؟ ما رأيك فيه ؟)).
نظر السير ديرمونت بإمعان ، ثم أجاب وهو يغمز بعينه : (( إنه ودود جداً ، هل أنت من جمهوره ؟ إننا سنتناول أنا القهوة معه بعد انتهاء العرض ، فلماذا لا تجلسين معنا ؟ الأمر غير رسمي على الإطلاق ، قهوة فقط في الغرفة الخضراء حيث سيكون هناك الكثير من الناس كالعادة على الدوام ، ولكن قد تجدين فرصة تتحدثين فيها إليه )).
ترددت جينا وقد تملكها الإغراء ن يبدو أن السير ديرمونت لم يسمع بقصة الدعوى القضائية المحتملة ، ولكن عندما يقدمها إلى ماك كاميرون ما الذي سيظنه الممثل وهو يراها هنا حالما أعلن محاميه تهديده لإدارة سنتنال ؟
وطبعاً ، لابد أن السير ديرمونت سيذكر علاقتها بالصحيفة ... أفلا يظن ماك كاميرون أن نيكولاس كاسبيان أرسلها ؟ ربما سيظن أن وجودها هو لتهدئة الأمور والقيام بتقارب شخصي نحوه ن فقد يقفز إلى استنتاجات عديدة ... ما عدا أنها ليست هنا بمجرد المصادفة .
فقالت ببطء : (( أشكرك يا سير ديرمونت )).
فقال باسماً : (( مع السرور ، غننا نجلس في إحدى المقصورات وقد رأيتك في المقاعد الأمامية ، هل أخبرك ماذا تفعلين ؟ انتظري في مقعدك ، وسآتي أنا إليك لنأخذك معنا إلى خلف خشبة المسرح ، فإلى اللقاء إذن )) وربت على كتفها ، ثم غاب عن الأنظار قبل أن تتمكن جينا من التفوه بكلمة ، وبينما أخذت تفكر في ما عليها أن تفعل ، قرع جرس الاستراحة فأخذ الناس بالعودة إلى مقاعدهم .
ارتفع الستار ، وارتفعت الموسيقى مرة أخرى ، فاستسلمت إلى متعة العرض ، ثمة شيء واحد لم يكن فيه شك ... وهو أن ماك كاميرون كان نجماً متألقاً ، فالمرء لا يستطيع أن يحول عينيه عنه عندما يقف هو على المسرح ، كما أن جاذبيته كانت تخطف الأنفاس ، لقد كانت جينا رأته في الأفلام ن ولكنها لم تره على المسرح من قبل ، وهي قد أصبحت تفهم الآن السبب الذي جعل مولي غرين تقع في غرامه من أول نظرة .
جاء السير ديرمونت إليها ليأخذها ، بعد أن خرج بقية المتفرجين وبقيت هي في الانتظار ، قد يكون هذا جنوناً ، ولكنها كانت تريد أن تقابل ماك كاميرون لترى إن كانت جاذبيته من قرب هي نفسها التي يبدو فيها على خشبة المسرح .
عندما دخلوا إلى حيث الحفلة ، كانت هذه في أوجها ، فأخذ السير ديرمونت وزوجته شيلي ، جينا في جولة في القاعة المزدحمة حيث عرفاها إلى الفنيين والممثلين المشتركين في المسرحية ، هذا عدا عن الأصدقاء والمقربين وآخرين من ممولي العروض المسرحية .
بقيت نظرات جينا متعلقة بتلك الدائرة ، والتي كان أغلبها من النساء ، والتي كان ماك كاميرون في وسطها ، وقد أزال الأصباغ عن وجهه فبدا شعره مبللاً وكأنه أخذا دوشاً بعد نزوله عن المسرح ، ومرتدياً ذا لون أسود موشى بالذهب .
رأى السير ديرمونت تردد نظراتها على الممثل ، فضحك قائلاً " (( آه تعالي وقابليه ، يا عزيزتي ، فهو سيخرج حالاً على كل حال ، وذلك ليغير ملابسه ويذهب لتناول العشاء ، فهو لا يأكل مطلقاً قبل العرض ن قائلاً أن ذلك يجعله يتقيأ ... وهكذا بعد العرض يكون جائعاً للغاية )) .
ثم أمسك بيدها يجرها نحو الحلقة ، ثم من فوق رؤوس المحيطين بالممثل ، قال بصوت المسيطر : (( ألم يحن وقت تغيير ملابسك ، يا ماك ؟)).
فأدار ماك كاميرون عينيه نحوه ، باسماً : (( هل هذا أمر يا ديرمونت ؟ وكيف استطيع الرفض ؟)) وهز كتفيه لجمهوره ، قائلاً : (( المعذرة من كل منكم ، علي أن أترككم الآن )).
واتجه نحو الباب يتبعه السير ديرمونت وما زال هذا جاراً جينا بيدها .
عند ذلك أصبحا في الممر المعتم ، ففتح ماك كاميرون باباً ثم وقف امام فيض الضوء الأصفر الذي تدفق من الغرفة خلفه ، ثم التفت إلى السير ديرمونت وهو يبتسم له بتكاسل .
(( شكراً لك لإنقاذي ، وإلا لبقيت هناك طوال الليل )).
((رأيتك تبدو متعباً ، لا تتأخر في تناول العشاء هذه الليلة يا ماك ، ذهب إلى فراشك مبكراً ولو مرة واحدة )).
فضحك الممثل : (( إنني لست كالدجاج ، يا ديرموت ، فأنا أحب الاستيقاظ طوال الليل ، ثم النوم إلى ساعة الغداء ، فهذا يناسبني)).وتحولت عيناه إلى جينا فارتفع حاجباه بحدة ثم عاد ينظر إلى ديرموت : (( اظنني رأيتك مع زوجتك شيلي ؟))
((هذا صحيح ، وهي في الحفلة تنتظرني ، فلا تقفز إلى تفسير خبيث للأمر ، وجينا صديقة للأسرة ... وهي متلهفة إلى التعرف إليك ، وهكذا أحضرتها إلى هنا )).
شعرت جينا بارتباك بالغ ولكن ماك كاميرون ابتسم وهو يمد يده لمصافحتها ، محدقاً في عينيها الخضراوين الواسعتين : (( جينا ... ياله من اسم موسيقي ، أنه يليق بك، أرجو أن تكوني استمتعت بالعرض )) .
فقالت بصوت خافت : (( آه ، نعم ... لقد كان العرض رائعاً ...)) وسكتت لحظة ، ثم لم تستطع أن تمنع نفسها من القول : (( وكذلك أنت )).
فقال جاداً : (( اشكرك )) بدا لها وكأنه مهتم بها حقاً ، وكانت هذه سخافة منها ، طبعاً ، حيث أنهما لم يتعارفا إلا منذ لحظات.
(( لم أكن أعلم أنك تحسن الغناء فأنا لم أرك تغني في أي من أفلامك )) .
(( ذلك لأنني لم امثل بعد أفلاماً غنائية ، ولكنني أمل أنهم قد يخرجن فيلماً من هذا النوع ، فالمشكلة هي أن الفيلم يستغرق وقتاً طويلاً لكي يصل إلى مرحلة الإخراج ... وعندما ينتهون من ذلك ربما أكون قد أصبحت اكبر سناً من أن أصلح لدور البطولة )) وضحك ليظهر ذلك وكأنه مزحة ، ولكنها رأت اظلام عينيه ، فأخذت تتساءل عما إذا كان قلقاً بشأن مرور الزمن ما يهدد بكبر السن .
فقالت برقة : ى(( ولكنك وأنت الممثل الرائع ، لن يغيرك خسارة دور ، أنك ستبقى دوماً أحد أكبر نجوم الشاشة )).
اتسعت عيناه وقال ضاحكا : (( أنك تعجبينني يا جينا ، فأنت تقولين كل الأشياء التي ينبغي أن تقال ، لماذا لم أعرفك قبل الآن ، اسمعي هل أكلت ؟ أنني ذاهب لأتناول عشاء خفيفاً ، فلماذا لا تأتين معي ؟)) ونظر إلى السير دير مونت الذي كان مستغرقاً في النظر إليهما (( وأنت وشيلي طبعاً )) .
(( كلا ،فأنا وشيلي لا نحب التأخر خارج البيت ، يا ماك ، ولكن يمكنك أن تأخذ جينا بكل تأكيد ، إنني سأعود إلى شيلي الآن ، ياعزيزتي ، فاستمتعي بوقتك )).
فأخذت تعترض ، قائلة : (( آه ، ولكن ...)) ولكن السير ديرموت كان قد تركها وابتعد في الممر المعتم .
فقال ماك كاميرون وهو يدخلها |إلى غرفة ملابسه : (( تعالي انتظريني هنا إلى أن أنتهي من تغيير ملابسي )).
جمدت جينا في مكانها ، قد اتسعت عيناها تشككاً ، فضحك متفكهاً : (( يمكنك أن تجلسي هنا في مقعدي المريح هذا )) ودفعها برفق نحو مقعد رث بدرعين فغاصت فيه |، نظر إليها ماك ساخراً : (( وسأغير ملابسي خلف الستار ))
وأثناء ارتداه ملابسه أخذ يتحدث إليها : (( ما الذي عناه ديرموت بقوله أنك بمثابة فرد من أسرته ؟)).
فقالت وقد تملكها التوتر خوفاً من أن يسألها عن اسم أسرتها فيعلم عند ذلك من هي : (( كان جد زوجي صديق والده )).
ولكنه لم يسألها وانما قال : ( هذه صداقة معقدة )) ثم اضاف بصوت حاد : (( زوجك ؟ هل أنت متزوجة ؟)).
(( لقد مات )).
((آه ،أنا آسف ، منذ متى ؟)) .
(( منذ ست سنوات )) .
(( ست سنوات ؟ لابد أنك تزوجت عندما كنت ما تزالين تلميذة )).
فقالت : (( كنا صغيرين ، نحن الاثنين كنا صغيرين جداً ، فقد كان جيمس ما يزال مراهقاً في تفكيره ، فقد كان عنيفاً طائشاً ، ولولا ذلك لما وقع له حادث السيارة الذي قتله )) .
ساد صمت خرج ماك كاميرون بعده من وراء الستار مرتدياً بذلة مسائية أنيقة وقد بدا فيها من الجاذبية بحيث أخذت جينا تقاوم رغبتها في التحديق فيه ذاهلة ، بينما جلس هو إلى مائدة الزينة وأخذا يسرح شعره بفرشاة فضية ، أخذت تنظر إليه فلاحظت أن شعره ابتدأ يخف من الأمام ، ولكنه لم ينقص من وسامته .
سألها وهو ينظر إليها في المرآة : (( هل أعاقك ذلك عن الزواج مرة اخرى )).
فأجفلت لهذا السؤال |ن ثم قالت ببطء : (( ربما )).
فقال هو ببساطة : (( لقد حدث معي الشيء نفسه ))
فتملكتها الدهشة ( لم أكن أعلم أنك كنت متزوجاً )).
(( نعم ، لقد تزوجت أثناء سني المراهقة ، وكان الأمر كارثة ، لقد ماتت هي أيضاً ،منذ عهد غير طويل ، فقد كنا تطلقنا بعد عدة سنوات وتزوجت هي مرة أخرى وأنجبت عدة أولاد |ن سمعت السنة الماضية بأنها ماتت نتيجة إصابتها بالسرطان )).
(( هذا محزن )) وأخذت تنظر إليها وهي تتساءل إلى أي حد تأثر بموتها .
لكنه وقف واضعاً الفرشاة من يده وهو يقول : ((لا بد أن الأمر كان كذلك بالنسبة إلى زوجها وأولادها ، ولكن علي أن أكون صادقاً ، فأنا لا أكاد أتذكرها ، أن كل ما اتذكره هو مشاجرتنا معاً ن والنزاعات التي لم تكن تنتهي )) ونظر إليها بثبات : (( جينا إنني دوماً أنذر الفتيات قبل الخروج معهن ، فأنا لا أريد أن يتملكهن الوهم ، أو يلقين باللوم علي فيما بعد ، فأنا اكره الزواج ، وقد قررت أن لا أتزوج مرة أخرى ، وأنا لا أقول هذا جزافاً ، بل اعنيه تماماً ، فأنا لست من النوع الذي يتزوج ، فأنا أكره المسؤولية ، والعودة كل ليلة إلى البيت وإلى نفس المرأة ، إنني أحب جنس النساء إلى حد لا أريد معه أن ارتبط بامرأة واحدة )) وارتدى معطفه الكشمير ، ثم التفت يواجهها ثم رفع حاجبه : (( لقد كنت صريحاً معك ، والآن الأمر يعود إليك فإذا لم يسرك الخروج معي بعد أن عرفت مشاعري ، فاخبريني منذ الآن ، عندئذ سنقول (ليلة سعيدة ) ثم نفترق صديقين ))
أخذت جينا تحدق إليه ، ثم قالت ضاحكة : (( كم من المرات ألقيت هذه المحاضرة ؟)).
فقال وهو يبادلها الضحك : (( مئات المرات )).
(( وهل كن يصدقنك ؟)) .
(( البعض منهن فقط ، أما الأخريات فكفكن يشتمنني ثم يتركنني شامخات الأنوف )).
(( ولكنهن غالباً ما يقلن أنهن متفهمات لذلك ، ثم يأملن في أن تغير رأيك ، أليس كذلك ؟)).
فنظر إلى عينيها الهازلتين : (( أنك تعجبينني ، يا جينا ، ما اسمك العائلي ؟)).
(( وماذا يهمك هذا ؟ ما دمنا مجرد سفينتين تمران ببعضهما البعض ليلاً ؟|)).
فضحك قائلاً : (( الحق معك ، فلنتمتع نفسينا إذن )) .
خرجا إلى السيارة الليموزين الواقفة في الانتظار ، ثم سارا خلال الشوارع المتألقة بالأضواء إلى مطعم شهير حيث أحدث ظهور ماك شيئاً من الإثارة ، فمالت الأعناق وبدا الفضول في النظرات ، كما أن بعض النظرات انصبت على جينا ، هي ايضاً ولكنها لم تكن من الشخصيات المعروفة رغم أن وجهها يظهر في أعمدة الصحيفة من وقت لآخر ، وكانت ترجو أن لا يكون هنا من يعرفها .
كان ماك جائعاً للغاية ، كما قال ولكن جينا اخبرته بأنها كانت تناولت الطعام الساعة السابعة ن فهي غير جائعة .
فقال ببرودة : (( سأطلب طعاماً لنا نحن الاثنين ، ولك الخيار في أن تأكلي أم لا )) ثم قال للنادلة : (( وجبتي المعتادة يالويزا )) .
فقالت له النادلة : (( السوفليه اليوم بالسمك المدخن ، ياسيد كاميرون ))
فقال : (( هذا رائع فهو ما أحب )) ثم نظر إلى جينا (( هل تحبين سوفليه السمك المدخن ؟ )).
(0 لا أظنني أكلته من قبل ، ولكنني أحب السمك المدخن )) . لم تكن تظن أن بإمكانها أن تأكل شيئاً ، ولكن عندما أتى الطعام ذي الرائحة الشهية ، أخذت شيئاً منه واستمتعت به .
أثناء تناولهما الطعام ، كان ماك يتحدث وهي تستمع إليه ، كان ذكياً خلاباً غزير المعلومات عن المسرح والسينما ، ولكن قصصه المرجحة الشيقة عن مهنته هي ما أعجبها .
وعندما سكت ليسألها بأدب : (( أي عمل تقومين به يا جينا ؟)) .
أجابته قائلة بسرعة : (( آه أنني أعمل في مكتب ، حدثني بالمزيد عن فيلمك الأخير )).
كانت تمضي معه وقتاً من أجمل الأوقات ، ولكنها لم تستطع أن تمنع نفسها من التساؤل كيف يكون شكله عندما تراه يومياً ، هل هو دوما هذا النجم المسرحي .؟
دفع قائمة الحساب حوالي الواحدة صباحاً ، ثم اتجها نحو الباب وفتحه رئيس الندل لهما ، عند ذلك وضع ماك ذراعه حول جينا ليقودها في الشارع ، وإذا بوميض آلة التصوير يلتمع ، ثم تبعه آ خر |، وحدقت جينا فزعة مبهورة النظر إلى المصور الذي كان توارى عن الأنظار .
كان ماك بالغ البشاشة وهو يقول لها /: (( أنه ثمن الشهرة مع الأسف يا عزيزتي ، فالسلوك مكشوف دوماً للآخرين ، وقد تعلمت قبول ذلك وأنا أتأوه ... )) وفي الواقع بدا مسروراً بنفسه وقد أرضت تلك الصورة زهوه بنفسه ، ولكنه تصنع آهةن لا يكون لديك ما نع في أن تظهر صورتك في الصحف الشعبية عند الصباح )) لكن جينا كانت لديها جميع الموانع .



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 29-07-15 الساعة 12:31 AM
هوس الماضي غير متواجد حالياً  
التوقيع












رد مع اقتباس