عرض مشاركة واحدة
قديم 25-04-09, 04:42 PM   #10

محبة البينك
 
الصورة الرمزية محبة البينك

? العضوٌ??? » 88242
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 15
?  نُقآطِيْ » محبة البينك is on a distinguished road
افتراضي

لنفسها.
"و هل من الضروري أن نشتري خاتما؟ فأنا لا أملكمتسعا من الوقت لأقوم بذلك و علي أن أعود إلى بيتي و أخبر..." لقد كانت على وشك أنتقول مدبرة منزلي.
و لكنها استدركت الأمر في الوقت المناسب: "علي أن أوضبحقيبتي..." محاولة تصحيح الخطأ الذي كادت تقع فيه. ثم نظرت من الشباك فلاحظت أنالسيارة توقفت جانبا.
"نعم ، إن الخاتم ضروري ، و لا تقلقي ، فسوف أوصلك إلىالمنزل بعد أن ننتهي ، ثم تخبريني من أين أقلك صباح يوم الأثنين. من سوء الحظ أنلدي عملا هذه الليلة و يوم غد و علي أن ألتزم به ، لو لم يكن الأمر كذلك لكناأمضينا بعض الوقت معا نتمرن على تمثيل دورنا." ثم لمعت عيناه مرسلة رسالة إلىباريسا التي تجاهلت الأمر. لقد تذكرت صورة لوك و مارغوت ماي و هما يتجادلان فيالمنزل ، فحركت شفتيها بابتسامة ساخرة ، فقد عرفت تماما ما هو العمل الذي يجب عليهالألتزام به.
دخلت باريسا إلى محل الصائغ ، فما كان منه إلا أن حيا لوك بابتسامةعريضة.
"لقد عدت بسرعة يا سيد دي ماغي ، هل كان ثمة خطب في السوار الذي اشتريتهالبارحة؟"
كادت باريسا أن تضحك بصوت عال. فلقد أجبرت على الذهاب إلى إيطاليا منأجل صديقتها ، و لكنها لاحظت الآن أنه لا يوجد ما يخيفها من لوك دي ماغي الذي ابتسمبظرافة و أجاب: "لا ، فالسوار رائع و أنا متأكد من أن السيدة سوف تعجب به. لقد أتيتاليوم من أجل شراء خاتمين."
نظر الصائغ إلى باريسا بطريقة معتذرة . فدفعها حسهاالنسائي ، أو لنقل كبرياؤها الأنثوية إلى القول: "أريد أن أرى أجمل و أضخم خواتممزيفة لديك." لقد أرادت أن تتصرف كالفتيات الوقحات لترى ردة فعله.
نظر الرجل إلىلوك و بعد أن تبادل معه بضع كلمات بالإيطالية ، هز لوك رأسه علامة الموافقة ،فاختفى الرجل و عاد بعد دقائق و معه علبة مليئة بالخواتم.
اختارت باريساأكبرخاتم. لقد كان خاتما ضخما ذا لون مائل إلى الزرقة لدرجة بدا فيها و كأنه حقيقي. وضعت باريسا الخاتم في اصبعها فناسبه بشكل رائع.
"لقد أعجبني هذا الخاتم ياحبيبي لوك." ثم نظرت إلى مرافقها و ابتسمت ابتسامة مصطنعة.
"هل أنت متأكدة ياباريسا؟ فهناك تشكيلة واسعة." قال ذلك لوك و عيناه تتأججان بالغضب المكبوت.
"أنامتأكدة يا عزيزي." أجابت متصنعة الابتسامة و سعيدة بما تقوم به. و لكن بعد عشردقائق و خلال وجودها في السيارة بجانب غريب مهان ، كم تمنت لو أنها لم



تحاولالإيقاع به.
بعد ذلك توقفت السيارة جانبا ، فنزل السائق و فتح باب باريسا التينظرت إلى لوك.
قال لوك: "حسنا ، يوم الأثنين الساعة العاشرة صباحا إذن ، و لاتنسي الخاتم."
أجابت متمتمة: "بالتأكيد."
الفصـــــــــل الثـالث


دخلت باريسا الشقة بعد أن فتحت بابها بواسطةالمفتاح الذي زودتها به مويا ، كانت شقة صغيرة في منطقة كينسنغتون ثم توجهت مباشرةإلى الهاتف و طلبت سيارة أجرة لتقلها إلى محطة السكة الحديدية. لقد استطاعت أن تخدعلوك دي ماغي و تجعله يعتقد بأنها تسكن مع مويا في نفس الشقة في لندن. بهذه الطريقةاستطاعت تضليل لوك عن مكان سكناها الحقيقي في حال حدوث ما يريب. كانت مويا تنوي تركشقتها للسكنى مع والدها في نورفوك ثم تعود بعد الزواج لتستقر في ساسيكس. و في حالاستطاعت باريسا الصمود في الأيام القليلة القادمة و استعادت الصور فإن كل شيء سيسيرعلى ما يرام. لقد استغرقها الأمر بضع دقائق لتوضب حقيبتها ، ثم كتبت ملاحظة لمويامؤكدة لها فيها أن كل شيء يسير على ما يرام. و مخبرة إياها بأن تتوقع عودتها عشيةيوم الأحد ، ثم غادرت الشقة.
بعد ثلاث ساعات تقريبا تنهدت باريسا تنهيدة أرتياحبعد أن وصلت إلى قصر هاردكورت، فترجلت من السيارة و دفعت الأجرة للسائق ، ثم دخلتإلى القصر عبر بوابة المدخل الضخمة.
صعدت باريسا الدرج إلى البيت و رمت حقيبتهاعلى الطاولة.
قالت بصوت عال: "ديدي ، عزيزتي لقد عدت."
و على الفور حضرت سيدةحانية الظهر ذات شعر رمادي قادمة من الفناء الخلفي للمنزل.
"لا داعي للصراخ ،فأنا لست صماء يا طفلتي."
ضحكت باريسا بصوت عال و ضمت المرأة الواهنة: "أنا آسفةيا ديدي، و لكني سعيدة بعودتي إلى البيت."
"و لكنك لم تتغيبي سوى ليلة واحدة. إنمن غير العدل أن تمكث إمرأة جميلة و شابة مثلك نفسها في الريف. كان عليك أن تقضيوقتا أطول في لندن و تتمتعي بوقتك ، أما أنا و جو فبخير و لا ينقصنا أيشيء."
"أعرف ذلك يا ديدي و وفري علي هذه المحاضرة ، فلدي موعد عشاء مع ديفيد







هذهالليلة و سوف أعود إلى لندن يوم غد ، فأتغيب بضعة أيام في إجازة. لقد أستجيبتأمنيتك ، فهل أنت ****ة الآن؟"
"بالتأكيد ، و لكن ما هذا؟" ثم أمسكت يد باريسا ونظرت إلى الخاتم الضخم ، فارتبكت و سحبت يدها.
"إنه لا شيء ، لقد أشتريتهللتسلية."
"آه للتسلية! إن على فتاة جميلة مثلك أن تتزوج و بذلك يشتري لها زوجهاالمجوهرات ، فأنا لا أستطيع أن أصدق أن ديفيد براون يستطيع أن يؤمن لكمتطلباتك."
"أرجوك يا ديدي ، لا تبدأي بهذا الآن." لم يكن ديفيد مناسبا للزواجمن باريسا حسب وجهة نظر مدبرة منزلها.
قالت ديدي: "كوني عاقلة. سوف أذهب لصنعبعض الشاي."
راقبت باريسا ديدي و هي تختفي خلف الدرج. لقد كانت تعي تماما كلامديدي. كان ديفيد في الثلاثين من عمره و يقيم مع والدته في منطقة باتل و كانت باريساقد بدأت بالخروج معه منذ عام تقريبا ، في بعض الأحيان كانا يتواعدان على العشاء وفي أحيان أخرى كانا يزوران مسرح برايتون و لكن مرة واحدة في الشهر ، و كان كلاهمايهتم بفرقة الكشافة. لقد كان ديفيد طويلا و حسن الطلعة... لا بل وسيما ، فأعجبتباريسا به لكونه محدثا جيدا و صديقا مخلصا ، كما أنه لم يكن من النوعالمتصنع.
ركضت باريسا بخفة متسلقة الدرج. من يعلم ما الذي ستقوله ديدي إذا ماعرفت الحقيقة! قالت باريسا في نفسها ، فما الذي ستقوله إذا ما عرفت أنها مسافرة إلىإيطاليا برفقة نذل؟ و لكنها عادت و تمنت أن لا تتمكن من معرفة ما حصل ، فنزعتالخاتم من اصبعها و رمته في حقيبتها. كانت ديدي مدبرة المنزل ، و لكنها كانت بمثابةأم بالنسبة لباريسا ، فبعد وفاة والديها تم تعيين محامي العائلة و جدتها وصيينعليها. و عندما توفيت جدتها بعد بضعة شهور من وفاة والديها تنازل المحامي بسعادة عنوصاية باريسا و عهد بها إلى ديدي لترعاها ، إن باريسا تحبها كثيرا و لا يمكن أنتفعل ما يؤذي مشاعرها.
تقطب حاجبا باريسا علامة القلق ، و هي تصعد الدرج الداخليو حاولت أن تتفادى في مشيتها السجادة الممزقة التي
تفترشه. فإذا لم يتوصل محاميها إلى حل عاجل ، يصبح القصر عند ذلك معرضا للسقوط فوقرأسها ، قالت باريسا بينها و بين نفسها ، و لكن في حال حصل ذلك ما الذي سيحل بديديو جو؟
كانت باريسا تحب عملها كمدرسة رياضة ، لكن راتبها لم يكن كافيا لا لترميمالقصر المتداعي و لا لتغطية مصاريف ساكنيه. كان السيد جارفيس المحامي عجوزا لطيفا ،و لكن تمنت لو أنه أجل أمر مصارحتها بحقيقة وضعها المالي



السيء حتى وقت آخر.
إنتلك المسؤلية كبيرة على عاتق باريسا ، خاصة أنها آخر شخص حي من عائلة هاردكورت ، وآخر قيم على القصر و على الثنائي العجوز الذي يشاركها مسكنها.
لاحقا ، و بعدمشاركة العشاء مع ديفيد في فندق صغير في منطقة هايلشام، ودعها برقة ، مما أشعرهابالدفء و الطمأنينة. ثم عادت إلى بيتها فبدلت ثيابها و اعتلت سريرها و غطت نفسهابعدد من الأغطية. لقد علمتها التجارب أن الدفء أمر يجب المحافظة عليه خاصة أنهامقيمة في بيت معطل التدفئة و رياح شباط (فبراير) تعصف فيه من كل الجهات.
أغمضتباريسا عينيها فارتسمت في مخيلتها صورة ذلك الرجل صاحب الشعر الغامق و العينينالسوداوين. أرتعشت باريسا و لكن ليس من البرد. لقد تساءلت عما يفعله لوك في هذاالوقت ، فتذكرت مارغوت ماي ، كانت على يقين بما يفعله لوك فحاولت أن تقنع نفسهابأنها سعيدة بذلك ، لأن من شأن هذا الأمر أن يسهل عليها مهمتها في الأيام القليلةالقادمة.
وقفت باريسا على الرصيف ، فتاة طويله ممشوقة القد ، ذات شعر أشقر متدلعلى ظهرها و مربوط بربطة شعر زرقاء اللون منسجمة مع لون عينيها الزرقاوين اللامعتينو متناسبة مع كنزتها و معطفها الذي كان يلف جسدها الجميل بواسطة حزام منسجم معثيابها. و كانت تنتعل حذاء ذا لون بيج و نعل مسطح و تحمل حقيبة متناسقة الألوان معباقي ثيابها. أما بجانبها فقد كانت تضع حقيبة قديمة و لكن من الجلد الجيد.
حركتباريسا قدميها لتدفئ نفسها و لتخفف من توترها في نفس الوقت. كانت قد إقترحت فيالليلة الماضية على مويا أن تحاول و لآخر مرة أن تسترضي لوك دي ماغي لكي يعطيهاالصور ، و لكن صديقتها رفضت حتى فكرة رؤية الرجل. و لكن بعد أن عادت مويا للنحيبتخلت باريسا عن الفكرة ، الأمر الذي أدى إلى وقوفها في إنتظار لوك على هذاالرصيف.
نظرت باريسا إلى الساعة الذهبية اللون التي تطوق معصمها ، غنها الساعةالعاشرة و خمس دقائق ، لقد تأخر. ثم لمحت الخاتم المتلألئ في إصبعها ، فلاحظت أنهكبير لدرجة إنه لم يسمح للقفازات بأن تدخل يدها مما أدى إلى تجمدها منالبرد.
"هل أنت معجبة بخاتمك يا باريسا؟" قال ذلك الصوت الرنان الذيأجفلها.
استدرات باريسا محدقة فنظرت إلى ذلك الوجه الوسيم ، إنه وجه لوك دي ماغيالذي أمسك بذراعها ، فما كان منها إلا أن تراجعت في إتجاه الطريق.
"حاذري ياباريسا." ثم شدها في إتجاهه ، ثم تابع كلامه: "لا أريد أن أخسرك الآن ، على الأقلليس قبل إنهاء دورك في الصفقة."
قالت بغضب: "لقد تأخرت." و هي تحملق به و تحاولأن تكبت مشاعرها. حتى أنها عجزت عن ملاحظة سيارته التي ركنها على مسافة أمتار قليلةمنها!
ارتسمت ابتسامة صغيرة على فمه و قال: "هل اشتقت إلي؟" ثم رفع أحد حاجبيه



متهكما و أمسك بيدها و حمل بيده الأخرى حقيبتها.
لقد استنفذت باريسا كل رقتها وكل خياراتها ، فبعد أن أمسك بيدها الصغيرة الباردة التي تدفأت تحت ضغط أصابعهالطويلة ما كان في إمكانها إلا أن تتبعه بوداعة.
رمقت باريسا خلسة الرجل السائرإلى جانبها و الذي كان ينظر مباشرة إلى الأمام ، فبدا شكل وجهه الوسيم و كأنه قد منالصوان. كان يرتدي معطفا يبرز كتفيه العريضتين و كان نسيم الصباح يلفح ربطة عنقهفترتد على وجهه ، أما شعره الأسود و عيناه السوداوان و لون بشرته البرونزي و مشيتهالمهرولة ، و حتى ثيابه كل هذه الأشياء كانت توحي بأنه رجل إيطالي خالص. و هناتذكرت الشائعات التي تتعلق بارتباطات هذه العائلة مع عصابات المافيا.
لقد كانمجرد خزعبلات من الطالبات ، قالت باريسا محاولة طمأنة نفسها ، و لكنها عندما وقفتقرب سيارة الليموزين السوداء مراقبة السائق و هو يضع الحقائب في صندوق السيارة ،عادت و شككت في الأمر.
قال لوك باقتضاب: "اصعدي غلى السيارة." ففعففعلت.
بعد مضي ساعة تقريبا ، و بينما كانت تصعد سلم الطائرة ، ازدادت شكوكها. فلقد إستطاع لوك ان يعبر و إياها الجمارك و كل مكاتب خروج مطار غاتويك حتى صعودالطائرة دون أن ينطق ببنت شفة.
دخلت باريسا الطائرة و نظرت حولها ، فشعرت بتقلصفي معدتها.
تقدم رجل يرتدي بزة غامقة اللون من باريسا و قال: "هل لك أن تعطينيمعطفك؟" فما كان من باريسا إلا أن حلت الحزام و خلعت المعطف و أعطته للرجل.
قالالرجل: "سوف تقلع الطائرة بعد خمس دقائق ، إجلسي من فضلك." ثم رافقها بكل أدب فمشىمعها عبر ممر مفروش بالسجاد الأخضر مارة بقرب أريكتين جلديتين و بجوارهما مقعدان وطاولة قهوة مذهبة الإطار و جميعها منسجمة الألوان ، ثم تابعا المسير حتى وصلا إلىصف من المقاعد في مؤخرة الطائرة ، فجلست فاغرة فاها و فاتحة عينيها من الدهشة. لابد أنها طائرة خاصة ، لا أكثر و لا أقل.
رفعت باريسا رأسها فوجدت لوك واقفاقربها ، فهز كتفيه العريضتين فاقترب رئيس التشريفات و تناول المعطف منه ثم جلس علىالمقعد الملاصق لمقعد باريسا.
سألت باريسا: "لمن هذه الطائرة؟."
"إنها منأملاك الشركة بالطبع. أربطي حزامك الآن يا باريسا." ثم ساعدها على ربطالحزام.
أشاحت باريسا برأسها ، و نظرت من الشباك إلى خارج الطائرة. الشركة! آهيا إلهي! قالت باريسا بينها و بين نفسها بعجز ، هل هذا أسم آخر للمافيا؟ و ما الذيتعرفه عن هذا الرجل؟ فلا يوجد أي صاحب مطعم مهما علا دخله ، يستطيع أن يتبختر فيسيارة ليموزين مع سائق خاص أو أن يستعمل طائرة خاصة. ربما أن لوك استطاع توفير ودفع ثمن المطعم عن طريق خبرته الطويلة في عالم الاحتيال.




لقد أيقنت على أنه عضو أوعلى الأفل يملك إرتباطات مع عصابات الإجرام المنظمة. فما الذي تعرفه عن لوك ديماغي؟ لقد التقت بالرجل ثلاث مرات فقط خلال عشر سنوات. ما الذي ورطها في هذاالمأزق؟
نظرت باريسا إلى الأسفل ، لاحظت أن حزامها يهتز فمد ذراعه الطويلة ليعيدتثبيته ، الأمر الذي أشعرها بالخوف.
و بسرعة التصقت بالشباك في الوقت الذي بدأتفيه أصابعه بإحكام الحزام. لقد تحول خوفها إلى حالة من الذعر و لمتعد تستطيع أنتركز تفكيرها على أي أمر ، فحاولت حبس أنفاسها في الوقت الذي كانت تحلق فيه الطائرةفي السماء ، لقد بدأ قلبها بالخفقان فتشبثت بالمسكات المخصصة للأيدي التي تبدللونها من شدة ضغط قبضتها عليها.
في هذه اللحظات مد لوك يده الضخمة الدافئة ووضعها عليها ، و شدت هي على لحمه القاسي. لم تهتم باريسا بما تقوم به من تصرفات فهيتكره الطيران.
قال مستهزئا: "أتخاف باريسا المتهورة من الطيران؟"
"كلا ، أنا لا أخاف من الطيران." أجابت كاذبة ثم تابعت و هي تكزأسنانها: "و لكن أكره الاقلاع و الهبوط ، كما أني لست متهورة."
أدار لوك رأسه فيإتجاه باريسا و عيناه تلمعان ثم قال: "لست متهورة؟ غنك موجودة في هذه الطائرة ومخطوبة إلى رجل بالكاد تعرفينه و لا تعرفين الجهة التي تتوجهين إليها..." ثم ابتسمو كشر عن أسنانه البيضاء فتمنت لو أنها تستطيع لكمه ، و تابع: "إن كل ما تقومين بهيدفع إلى الإعتقاد بأنك متهورة."
لقد كان كلامه صحيحا ، فتضايقت منه لهذا السبب. إن الصفة الوحيدة التي تفاخر بأنها تمتلكها هي كونها إمرأة هادئة عقلانية ناضجة ،إلا أن صدقها الغريزي يدفعها إلى الأعتراف بأنها تصرفت بطريقة متهورة في الأيامالقليلة الماضية. و لكن بما أن سعادة مويا على المحك لم يكن لديها خيار! و بهدوء ،رفعت يدها عن يده ، ثم نظرت إلى الأسفل فحلت الحزام و حاولت أن تتفادى نظراتهالساخرة.
قال ساخرا: "لن أعود و أربطه لك يا باريسا." و لكنه ما لبث أن فك حزامههو أيضا و مد رجليه إلى الأمام.
استدارت باريسا و عيناها تلمعان من الغضب. لقدأصبحت تشعر بالغثيان كلما رأته. كان يمد ذراعيه الطويلتين فوق رأسه، فبدا مثل نمرمتوحش ، في هذه اللحظات حضر مدير التشريفات.
"هل ترغب السيدة بالقهوة أمالفطور؟"
"قهوة فقط ، من فضلك." ثم وقف لوك و قال: "أحضر لي من ما عندك ، منفضلك يا جاكس." مد لوك يده القوية إلى باريسا قائلا: "ما بك يا باريسا؟ لم لاتحاولين أن تريحي نفسك؟ فسوف يكون لدينا أشياء كثيرة لنقوم بها على الأرض فيما بعدو في كل المجالات."




تجاهلت باريسا يد لوك الممدودة و وقفت على رجليها فارتسمتعلى فمه المثير ابتسامة ساخرة كرد فعل على ما قامت به دون أن يعلق على هذا التصرف ،ثم توجه إلى الأريكة الملاصقة لطاولة القهوة و جلس عليها.
"ماذا تعني بقولك فيكل المجالات؟" سألته باريسا بتحفظ ثم توجهت إلى الأريكة المواجهة لطاولة القهوة وجلست عليها. كانت عيناه السوداوان تحدقان بها و هي في طريقها إلى الأريكة فأخذيتفحصها من أعلى شعرها إلى أخمص قدميها.
"إننا بصدد صفقة أنا و أنت فقط ، سوفأقضي يومين مع والدتك ثم تسلمني صور مويا." لقد كانت مصرة على إعادة تذكيره بمستوىعلاقتهما و ذلك لكي تحد من الخوف الذي كان يعتريها.
في هذه الأثناء حضر مديرالتشريفات حاملا صينية فوضعها على الطاولة ثم وضع فنجان من القهوة الساخن أمامباريسا ،أما بالنسبة إلى لوك فقد وضع أمامه صحنا كبيرا من البيض و اللحم ، نظر لوكإلى الصحن ثم عاد و نظر إلى باريسا فاصطدمت عيناه بعينيها.
"إنك على حق ياباريسا ، فلقد عنيت بقولي في كل المجالات أن علينا أن نظهر على أننا مقربان منبعضنا البعض بشكل لا يجلب الشك لأحد."
تيبست يدا باريسا على الفنجان و ذهبت فيتخيلاتها إلى البعيد ، ارتعشت باريسا من هذا التفكير ، فتوردت وجنتاها.
"أنا لاأعني بالشكل الذي تفكرين به قال ذلك ساخرا و هو يقرأ ما يجول في رأسها: "لأن أمي إمرأة ذكية و شديدة الملاحظةفسوف تتوقع مني أن أكون عارفا لعائلتك و لتاريخها و لكل هذه الأشياء يا ليديباريسا." ثم التقط شوكة و سكينا و أضاف: "ربما سأفتح شهيتك إذا ما شاهدتني آكلأمامك." ثم ركز اهتمامه على الطعام الموجود على الطاولة و شرع في الأكل.
تنفستباريسا بعمق محاولة تذكير نفسها بأنها إمرأة ناضجة و ليست مراهقة بلهاء مشغولةبالأفكار الشاذة. لقد بدا لها طلب لوك منطقيا.
"حسنا ، أود أن أخبرك أولا بأننيلست ليدي." و على وقع كلام باريسا شرع لوك بالضحك.
قال لوك ضاحكا: "شكرا أنك قلتهذا ، فلو أن رجلا ما قال ذلك لما توانيت عن صفعه."
"أنا لا أقصد ذلك بالمعنىالذي فهمته أنت. لقد كان والدي لورد سرايا هاردكورت، و قد زال اللقب بزوال السرايا. بعد وفاة والدي بستة أشهر توفيت جدتي تاركة طفلة تعتبر آخر عضو من السلالة ، و هكذاأسماني البعض بشكل آلي ليدي هاردكورت بلمونت ، إلا إن هذا اللقب لا ينطبقعلي."
"ألأنك أصبحت تعيشين في لندن الآن؟ كم كان عمرك عندما توفيوالدك؟"







"أربعة عشر عاما."
"أي قبل أن ألتقيك."
"أجل."
"و كيفماتا؟"
"لقد كان والدي سائق سباق ناشئ عندما ألتقى بوالدتي. بعد ذلك جرب سباقالزوارق ثم أنتقل إلى رياضة الناطيد ، و قد فقدا بينما كانا يعبران المحيط الأطلنطيبواسطة المنطاد. هل أنت راض الآن؟"
لم تكن باريسا تحب التحدث في موضوع وفاةوالديها فبدت منهارة تماما. لقد كانوا عائلة سعيدة و شعرت بالضياع بعد رحيلهما ، وفي شهورها الأخيرة قامت جدتها بتذكيرها بأنها الوريث الوحيد ، و بتعريفها علىمسؤلياتها بصفتها آخر حي من تلك السلالة ، و بعد ذلك بفترة قصيرة توفيت جدتها. قضتباريسا شهورا طويلة في البكاء ، و قد بذل جو و ديدي كل ما في وسعهما لمواساتها والتخفيف عنها ، و لكن لا يوجد أحد يستطيع مواساة الإنسان مثل عائلته ، و مع مرورالسنين خفت معاناتها و لكنها ما زالت تشعر بالألم و الوحدة.
"هل ستحذينحذوهم؟"
"كلا ، لا أريد ذلك." لقد أحبت باريسا والديها كثيرا و قد قضت معظمحياتها و هي تحاول كبح الناحية المتهورة في شخصيتها.
"حسنا ، لا تغضبي. من الذيأعتنى بك بعد فقدك لوالديك و لجدتك؟"
نظرت باريسا إلى الطرف الآخر من الطاولة ودهشت عندما رأت لمعان التأثر في عينيه السوداوين.
"محامي العائلة ، فقد أنتهيتمنبالمعنى المحافظ
دراستي المدرسية و من ثم دخلت الجامعة ، و أنا الآن أعلم الرياضة في مدرسة خاصة فيمنطقة ساسيكس جنوبي لندن." و هكذا أنتهت باريسا من إخباره قصة حياتها فقد أخبرتهالحقيقة ، و لكن ليس كل الحقيقة.
"و الآن ، ماذا عنك؟ أعرف أن لديك أما و ابنةعم أسمها تينا ، و أعرف أنك تبتز بعض الناس ، فحصلت على ما يكفي لشراء مطعم و ربماتقيم أرتباطات مريبة لامتلاكك مثل هذه الطائرة. هل أنا في حاجة على معرفة المزيدعنك؟"
شعرت باريسا لوهلة بأنها تمادت في كلامها فتغيرت تعابير وجهه إلى حالةقريبة من الغضب. و سلط عينيه السوداوين على وجهها فبدتا قاسيتين كالجليد ، ثمراقبته و هو يضغط بأصابعه على السكين التي كانت في يده ، إلا أن المجهود الرهيبالذي قام به استطاع الحد من غضبه فتمالك أعصابه و اتكأ على مقعده.
"لا ، أعتقدأنك لم تعرفي بعد أي شيء يا باريسا ، أعذريني الآن فلدي عمل." ثم




التقط حقيبته منعلى جانب مقعده و دفع بالصحن و الفنجان من على الطاولة و وضع حقيبته عليها ثمفتحها.
بعد ذلك سحب بعض الأوراق و بدأ بقراءتها متجاهلا باريسا.
في هذهالأثناء حاولت باريسا اقناع نفسها بأنها سعيدة لكونه تركها و شأنها ، فأحنت رأسهاعلى الأريكة و تظاهرت بالنوم ، لقد مضت عليها ثلاثة أيام و هي تعيش حالة من التوترالعصبي. و شعرت أن رموشها قد ارتخت. إن آخر فكرة تجول في بالها الآن هي عدم نكرانهلنشاطاته الاحتيالية...
لقد أجبرها على مرافقته في هذه الرحلة إلى إيطاليا لأنهاما كانت لتحتمل النظر إلى وجهها إذا ما سمحت للوك بأن يدمر حياة مويا ، فقد كانعليها تقبل فكرة الدفاع عن صديقتها في كل الأوقات.
تململت باريسا في أريكتهاالمريحة متنهدة. فمسدت وجهها و حاولت تجاهل الأصوات التي سببها عمله ، ثم تثاءبت وفتحت عينيها فشعرت لبرهة بأنها تائهة.
"إننا على وشك الوصول إلى وجهتنا ياباريسا."
تبا! لقد كان رأسها مستلقيا على كتفه ، وقفت باريسا و وجهها متورد منالخجل فنظرت إلى لوك الذي كان يجلس إلى جانبها ، فلاحظت أنه يراقبها بمتعة و علىوجهه علامة رفضت الأعتراف بها.
"أنا آسفة... كان عليك أن توقظني... " قالتباريسا ذلك متعلثمة من الاحراج.
"لا بأس. لقد حاولت إيقاظك... و لكني كنت مسرورابذلك." ثم أضاف برقة: "من سوء الحظ أننا سوف نهبط بعد خمس دقائق."
وقفت باريسامنتصبة من على أريكتها و توجهت إلى المقعد الذي كانت تجلس عليه عند بدء الرحلة وربطت حزامها دون أن تعيد النظر إليه. لقد كان عليها التصرف بطريقة مختلفة بدلالاعتذار.
مرة ثانية ، عادت باريسا تكز أسنانها لأنه عاد و جلس بقربها مرة أخرى. فأغمضت عينيها و حاولت إبقاء يديها مثبتتين في حجرها ، لقد حاولت أن تقنع نفسهابعدم الاستسلام إلى الارهاب الذي سيمارسه عليها و هما على الأرض ، ثم فتحتعينيها.
"آه ، البحر!" تنهدت باريسا متعجبة و هي تركز كل اهتمامها على المنظرالذي تشاهده من النافذة فالتقطت ذراع لوك بيديها الأثنتين!
"مطار جنوى. إنه منظربحري." قال لوك ذلك بهدوء ثم تابع: "لا يوجد هناك ما يقلق."
التقت عينا باريساالخائفتان بعينيه اللتين جعلاها تضيع في سبر أعماقهما و تنسى ما يدور حولها لعدةدقائق.
بعد ذلك ، اتكأ لوك على مقعده ، و فك حزامه بهدوء.


محبة البينك غير متواجد حالياً  
التوقيع
[SIGPIC][/SIGPIC]
رد مع اقتباس