عرض مشاركة واحدة
قديم 31-07-15, 08:25 PM   #19

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..

مساء الخير يا حلوين .. كيفكم ان شاءالله تمام ؟!

أولًا : عيدكم مبارك و كل سنة و انتم بخير و انتم أجمل يارب .. و تقبل الله منكم صيامك لرمضان و صالح أعمالكم و جعلكم من عتقاء النار .. أدري معايدة متأخرة بس أعذروني

ثانيًا : أعتذر عن التأخير في تنزيل الرواية , صار لي تقريبًا شهر أو أقل ما نزلت لكم شي , كنت مشغولة كثير برمضان و مشغولة بتجهيزات السفر .. و الصراحة ما حبيت أكتب لكم بارتات و أنا مو رايقة , خفت أكتب لكم أي كلام .. لكن الحين خلاص فضيت و ان شاءالله ننهي الرواية سوا على خير يارب .. ما أطول عليكم .. يلّا نبدأ





الفصل السادس عشر 16 :


اقتربت من الباب و أنا أنظر خلفي خوفًا من وجود أحد , التصقت بالباب واضعًا إذني و محاولًا استراق السمع , و بعد فترة من التركيز و الانصات الحادّين , تمكنت من الاستماع إلى جزء من حديث عبدالرحمن و الشخص الآخر , كان حديثهم مثير للريبة فعلًا ويدور كله حول عادل سليمان , رئيسي في العمل !! ..

كان الشخص الذي مع عبدالرحمن يمتلك صوتًا واضحًا , خشنًا و قويًا , و منذ اللحظة الأولى التي بدأ بالتحدث فيها و أنا أشعر بأنه شخص خطير بالفعل , كقاتلٍ مأجور مثلًا , كنت ألتصق إلى الباب أكثر حتى توقف شعر يداي من الرعب بسبب ذاك الصوت الذي سمعته ! ..

كان ذاك صوت الباب و قد فُتِح بسبب استنادي عليه و قد كان غير مغلق تمامًا , أصدر الباب صوت صرير قوي و مزعج و هو يُفتَح ببطء و يتضح الرجلان الجالسان أمام بعضها , كان الأول هو عبدالرحمن , أمّا الآخر , فقد تجمدت حواسي تمامًا و توقف شعر جسدي عندما رأيته ! .. لقد كان آخر شخص أتوقع وجوده في الحياة ! .. "


خرج سلطان من هذه الذكرى على صوت هاتفه , و كان المتصل فيصل :" سلطان , أين أنت ؟! "

" بالقرب من الموقع الثالث , لماذا ؟! هل طرأ أمر ما ؟! "..

" لا , لم يحصل شيء , كنت أريد منك القدوم إلي بعد انتهاءك من المغلف الرابع مباشرة , عند التاسعة مساءً , تضع المغلف في مكانه ثم تأتي إلي "..

" حسنًا , هل هناك شيء آخر ؟! "..

" لا , كن حذِرًا "..

أغلق سلطان هاتفه و توّجه إلى الموقع الثالث , و سرعان ما نزل إلى أحد المحلات في مجمع تجاري صغير و دخل و هو يبحث بعينيه عن المكان المناسب لوضع المغلف , أسرع باتجاه إحدى أقسام المحل و وضع المغلف فيه ثم خرج بهدوء مثلما دخل , دون أن يلفت النظر إلى نفسه أبدًا ..



**********


8:00 م


يحدق كلًّا من بدر و العقيد سيف في هواتفهم بانتظار الإعلان عن الموقع الثالث , و قد دخلوا في حالة من التوتر و الترقب .. و بعد ثواني من الانتظار ظهر الإعلان الثالث , و ما أن ظهر حتّى بدأ بدر بالبحث عن أقرب مخرج ليوصله إلى الموقع .. و كذلك فعل العقيد سيف ..

كان الموقع الثالث بعيدًا بعض الشيء , حيث حددت التغريدة أن الموقع يقع عند ( تقاطع شارع أبوبكر الصديق - رضي الله عنه - و طريق الثمامة ) ..

تذكّر بدر أن هذا المكان قريب من الجامعة التي يدرس فيها ( جامعة الامام محمد بن سعود ) .

و يقع عند التقاطع المذكور مجمع تجاري صغير , لذا خمّن بدر أن المغلف قد يكون مخبأ داخل أحد المحلّات الخارجية بلا شك ! .

كان بدر يحاول الإسراع قدر المستطاع , و لكن هذه السيارة الصغيرة التي سرقها تأبى المشي و لو بسرعة متوسطة , و مع الوقت كان الشوارع تزداد ازدحامًا و ضجيجًا , و مع اقتراب آذان العشاء , ظن بدر أن الازدحام سيقل , و لكن العكس هو ما حصل .. !

و بينما كان ينصُب عينيه على الطريق , كان يتحكم بالسيارة باستخدام يده اليسرى , و يحاول بيده الأخرى أن يثني المغلف الثاني و الصور , و قام بوضعهم في جيبه , فهو لن يستطيع البقاء طويلًا داخل هذه الخردة المتحركة .. لذلك قرر أن يوقفها في داخل أحد الأحياء المظلمة القريبة من الموقع , بعدما أمضى قرابة 20 دقيقة في الوصول ..

أوقف السيارة و نزل بهدوء و هو يمسك بشماغه في يده , كان يحاول أن يجد بعض الماء ليتمكن من مسح آثار بصماته من المقوَد , كان يتحرك بتوتر مجيئًا و ذهابًا , و بعد دقائق نظر إلى أحد المنازل القريبة منه , حيث خرج منها رجل آسيوي و هو يمسك بخرطوم المياه ليسقي الشجر في الخارج ..

توجه بدر نحوه بسرعة , و هو ينفض شماغه و يحمله مرة أخرى , التفت الرجل إلى بدر و قد شعر ببعض الخوف من مشيته السريعة و عيناه المثبتة عليه ! ..

تراجع إلى الخلف ببطء و هو ينوي الرجوع إلى الداخل , و لكن بدر قام بأخذ خرطوم الماء منه بسرعة و هو يقول :" لا تخف , لن أفعل شيء "..

هز الرجل رأسه باستغراب و لم يفهم ما قاله بدر , تنهد بدر وهو يبلل شماغه و يعود لإعطاء الرجل الخرطوم , بينما وقف ذاك بتبلد و هو يرى تصرفات هذا الشاب الغريبة ! ..

عاد بدر إلى السيارة و بدأ بمسح البصمات و جميع الأماكن التي لامستها يداه , و من ثم خرج من الحي السكني مشيًا على الأقدام و هو يتوجه إلى ذاك المجمع التجاري الذي يعرفه جيدًا .. و بدأ بالركض مع اقترابه أكثر و هو يراهن على نفسه بأنه سيسقط في أي لحظة من شدة الإرهاق و الجوع ..

و عندما بلغت الساعة الثامنة و النصف كان بدر يستطيع رؤية المجمع من على بُعد شارعين , قام بالمشي نحوه و هو يدعو الله ألا يقع المغلف في أيدي بعض المغفلين كما في المرة السابقة .. كان يرى هناك بعض الشبان الذين يمشون في أرجاء المكان و يدخلون المحلات على عجل و يخرجون مرة أخرى , خمّن بدر أنهم يقومون بالبحث عن المغلف أيضًا , و قد ازداد قلقه بشدة حول هذا الأمر ..

و صل إلى المجمع و هو يدخل إلى المحلاّت التجارية ابتداءً من اليمين و انتهاءً بالجهة اليسرى .. و مع استمراره بالبحث , لم يلحظ شيئًا و لم يلمح طرف المغلف حتّى , قام مرة أخرى بالدخول إلى المحلّات و البحث للمرة الثانية و بشكل أعمق , كان يقوم بتقليب الملابس المعروضة على الطاولات تحت غضب و اعتراضات البائعين , و لكنه كان كالأصم و قد بلغ قلقه أقصى المراحل , و كذلك قام بدخول إلى القسم الغذائي و هو يزيح بيديه العلب عن مكانها و صناديق الأطعمة ..
و قام بفعل التصرفات نفسها مع باقي المحلّات , و لكنه لم يجد شيئًا ..

خرج إلى مواقف السيارات و جلس على إحدى المجسمات الحجرية و قد وضع رأسه بين يديه :" هذا لا يعقل , لابد أن أحدًا قد وجده قبلي و أخذه , لقد انتهى كل شيء , لقد فشلت بالفعل .. "

عبرت أمام عيناه كل تلك الأجساد التي رآها في الصور و كل تلك الذكريات القديمة لوالده الذي كان له القدوة , الأب , الأم , الأخ , و كل ما قد تمناه يومًا .. و الآن ينتهي الأمر بهذه السرعة و البساطة في ليلة و ضحاها و قد تلوثت تلك السمعة التي استغرق بنائها سنوات , تلوثت خلال دقائق فقط .. !

رفع رأسه و نظر إلى محل للمشروبات الباردة و المعجنات أمامه, وقف بيأس و توجه نحوه ليشتري شيئًا يبلل به جوفه المنقبض و الجاف ..

أخذ عصيرًا باردًا و شربه دفعة واحدة , و لكن سرعان ما شعر بغثيان شديد , و قام بالركض إلى الخارج و توجه إلى سلة القمامة و أخرج كل ما في جوفه بحدة و ألم , و قد نظر الجميع إليه باشمئزاز و شفقة , و لكنه لم يكترث بشأنهم و قام بمسح فمه بإهمال ..

وقف في منتصف مواقف السيارات و هو يجهل تمامًا ما سيفعله , لم يكن يريد الجلوس و لا يعلم ماذا يفعل في المقابل ..

و لكن في تلك اللحظة , كانت هنالك سيارة بيضاء كبيرة مركونة بعيدًا و قد ظل سائقها يحدق إلى بدر منذ أن وصل و حتى الآن .. !


**********


يقف بيأس واحباط و قد رفع رأسه إلى الأعلى هامسًا بضعف :" يالله , كن بعوني "..

ولكن شق عليه صمته ذاك الصوت الذي تحدث معه منذ ساعات و قد تسلل من خلفه بهدوء :" لم تجد المغلف أليس كذلك ؟ ".

ظا بدر على حاله و قد عرف صوت العقيد و نبرة العطف في حنجرته , التفت ببطء قائلًا :" لا , لقد وجده أحدهم , لقد ضاع كل شيء مني "..

" كان الوضع ليكون أسهل بكثير لو أنك طلبت معونتي "..

تجاهل بدر حديث العقيد و توجه إلى أحد الكراسي و جلس و هو يضع رأسه بين يديه و يتنهد بانكسار تام .. تبعه العقيد سيف و هو يجلس بجانبه , ظل يحدق في بدر بابتسامة مواساة و أدخل يده في جيبه و أخرج منه مغلفًا أبيضًا وهو يقول :" كنت سأفتحه و أرى ما في داخله بنفسي , و لكنّي أحترم رغبتك في التحفظ على ذلك "..

رفع بدر رأسه باستفهام , و لكن سقطت عيناه على المغلف الذي بيد العقيد و قد اقشعر جسده بالكامل عند رؤيته له .. همس بخفوت :" لقد وجدته ؟ أهذا يعني أنه .. أنه لم يقع في يدي أحد ؟! " ظل بدر يسأل و ابتسامة الصدمة ترتسم على وجهه الوسيم اليافع , وقفا الاثنان و قد ابتسم العقيد بمراوغة :" و الآن , هل ستخبرني عن الأمر أم أجعل الوحدات الأمنية تتدخل في الأمر ؟ ".

" لا , لا عليك سأخبرك , و لكن .. "

" لا يوجد كلمة و لكن , أريدك أن تفتح المغلف بنفسك حالًا و تخبرني عمّا حصل من البداية أهذا واضح ؟ "

" لا تصعب الأمر أرجوك , صدقني أنت لا تريد رؤية ما في الداخل , إنه .. إنه مهين للغاية "

" أنت لا تترك لي خيار آخر , يبدو بأني سأستدعي بعض المساعدة " قال العقيد و هو يتراجع إلى الخلف و يخرج هاتفه ..

تقدم بدر منه برعب قائلًا :" لا أرجوك لا تفعل , أرجوك " .. تمساك بدر وهو يردد رجاءه و أكمل قائلًا :" حسنًا سأخبرك , تعال معي "

جلسا الاثنان على الكراسي أمام أحد المحلات و قد قام بدر بتمزيق المغلف و إخراج محتوياته ببطء و أعطاها للعقيد قائلًا :" مهما كان الذي سيتبادر إلى ذهنك بشأن هذه الصور , فعليك أن تعلم بأن جميعنا لنا جانب مظلم " ..

أخذ العقيد الصور و قد بدأ بتقليبها بين يديه بصمت و هدوء , قال بدر :" أنا لا أصدق هذه الصور , صحيح أنها تبدو واقعية و لكني لا أصدقها "

" إذا تظن بانها مركبة ؟ " سأل العقيد وهو يستمر بتقليب الصور ..

" لا , لا يبدو بأنها مركبة , و لكن أنا أعرف والدي , أتعرف ما الذي يعنيه ذلك ؟ .. أنا أعرف والدي أكثر من نفسه , لم يكن ليفعل هذا ابدًا , إنه متدين و وقور , هذه الصور ستفقدني عقلي ".

تنهد العقيد بهدوء ثم قال بنبرة أخوية :" دعني أخبرك شيئًا , في هذه الحياة ستواجه الكثير من الصدمات , و قد تنصدم من نفسك حتى ! .. كل شيء ممكن و كل شيء قابل للحدوث , عليك أن تتحلى ببعض المرونة يا بدر , إن من أخذ هذه الصور لا يكترث إن أنت صدقتها أم لا , كل ما سيكترث من أجله هو أن تنتشر بسرعة و يصبح اسم والدك على كل لسان و في كل مجلس , أهذا واضح ؟ "

" أتقصد بأن الصور حقيقية ؟! "

" في الواقع لا أريدك أن تفقد ثقتك بوالدك يومًا أو تقلل من شأنه و لكن ..كل شيء ممكن .. ! إن والدك ليس نبيًا يا بدر , لا أقصد الإهانة و لكنه غير محصن من الخطأ , و قد استغل أحدهم هذا ليجعل من حياته جحيمًا "..

بدا كلام العقيد منطقيًا للغاية بالنسبة لبدر , فهو قد ظن ذلك أيضًا عندما رأى الصور لأول مرة و لكنه كان يستمر في الإنكار , كان يستمر في التهرب من الحقيقية .. و هذا ما يفعله أغلبنا, عندما تأبى حواسنا التصديق و لكن عقولنا تستمر في سحبنا نحو الحقيقة و لكن نستمر في النضال من أجل الإنكار , من أجل أن يظل الهدوء في حياتنا مستمر و تظل أيامنا رتيبة و آمنة دون أن تتسبب الحقائق بزعزعة ذاك الهدوء ..

صمت بدر لدقائق و هو يعود لأخذ الصور من العقيد ثم قال :" إذًا ماذا سنفعل الآن ؟! "..

" سنفعل ما سيفعله الجميع , سنستمر في البحث إن كانت هناك مغلفات أخرى "..

" لقد تبقى اثنان "

" و كيف عرفت "..

" لقد اتصل بي من فعل هذه اللعبة بأكملها , بعدما خرجت من القسم في المرة الأولى مع عبدالرحمن , توجهنا سوية إلى منزله و هناك تلقيت اتصالًا من هاتف والدي "

" ثم ماذا ؟ "

" ظننت أنه والدي في البداية و قد وجده أحدهم , و لكن المتحدث كان المُختَطِف , يا إلهي لقد كان مستفزًا للغاية , في الواقع أراهن بأنه فاقد عقله تمامًا "..

" و قد هددك بشأن الشرطة أليس كذلك ؟ "

" نعم , لقد طلبت منه أن يخبرني من هو أو سأضطر إلى جعلكم تتبعون المكالمة , و لكنه هدد بقتل والدي إن فعلت ذلك "..

" حسنًا , والمغلفات , أخبرك بأنها 5 مغلفات ؟!".

" نعم , قال بأن هنالك 5 مغلفات سيتم وضعها في أماكن مختلفة ابتداءً من الساعة السادسة "..

" و عبدالرحمن ؟ أين هو ؟ ألم يأتي معك ؟ "

" في الواقع هذا ما يشغل بالي كثيرًا .. لقد أتى معي إلى هنا, و قد كان برفقتي عندما كنّا نبحث عن المغلف الأول و لكنه اختفى فجأة , حاولت الاتصال به كثيرًا , و لكن في النهاية أجاب على هاتفه ذاك المعتوه "

" أتقصد بأن عبدالرحمن مختطَف أيضًا ؟ " ..

" نعم , على ما يبدو .. إن ذاك المعتوه يقوم بقطع جميع الوسائل التي بإمكانها مساعدتي , لذلك لا أريد منه أن يعرف بأنك معي , ربما يؤذيك و يقتل والدي و يتفاقم الوضع إلى أن نفقد السيطرة عليه تمامًا "..

" كم الساعة الآن ؟ "

نسي بدر أمر الوقت و قد قاربت الساعة التاسعة مساءً و حان موعد المغلف الرابع ..

" إنها التاسعة إلا بضع دقائق "

" إذا تعال معي , سنذهب سوية لإيجاد المغلفات المتبقية .. هيّا قم بسرعة " ..

ذهب الاثنان إلى سيارة العقيد و بدآ بانتظار الإعلان عن الموقع الرابع ..


**********


( حي الملز , بالقرب من أحد المراكز التجارية المشابهة للموقع الثالث ..)


وضع سلطان المغلف الرابع في المكان المقصود ثم نفذ ما طلبه فيصل منه , لقد توجه نحو جنوب الرياض إلى المكان الذي بدأ فيه كل شيء , شقة فيصل الكئيبة ..

صعد السلالم بخفية كالمعتاد و دخل إلى الشقة التي كان بابها مفتوحًا بعض الشيء , كان عبدالرحمن يجلس على الأريكة بشرود عندما ناداه سلطان :" عبدالرحمن , أين فيصل ؟ "..

" إنه بالداخل , مع عادل .. اذهب إليه انه بانتظارك .. "

ذهب سلطان إلى الغرفة المجاورة التي كانت كالكابوس الأسود بالنسبة لعادل الذي فقد وعيه فيها منذ 3 ساعات تقريبًا ..

قال فيصل بصوت منخفض :" ادخل و أغلق الباب خلفك "..

تقدم سلطان نحوه و هو ينتظر الأوامر القادمة .. استدار فيصل و اتجه إليه و هو يخرج من جيب بنطاله المفتاح الذي قام بنسخه , أعطاه إلى سلطان قائلًا :" خذ هذا المفتاح , إنه مفتاح لمنزل ما هنا , أريدك أن تأخذ عادل و تتركه هناك " .. انهى فيصل حديثه و أخرج ورقة صغيرة قد كتب فيها عنوان المنزل المقصود و أعطاها لسلطان ..

" لماذا ؟ أليس من المفترض أن يكون أمام أعيننا طوال الوقت ؟ " تساءل سلطان ..

" لا , إنه سيكون في أمان أكبر هناك , و نحن أيضًا سنكون بأمان .. إن آخر ما أحتاج إليه هو أحمق فاقد للوعي و مستلقٍ في أحد غرف شقتي , هيّا ساعدني لنرفعه "..

انحنا كلاهما على عادل و قاما برفعه و إخراجه , توجه عبدالرحمن إليهما قائلًا باستغراب :" إلى أين ستأخذونه ؟ "

أجاب فيصل :" أنت تعلم بشأن بدر , إنه من المحتمل أن يستعين بالوحدات الأمنية من أجل إيجاد والده , لذلك لا أريد أن يكون عادل في ضيافتي هنا .. سأضعه في مكان آخر لإبعاد الشبهة عنّا "..

قام الثلاثة بإنزال عادل إلى أسفل المبنى , و وضعوه في المقاعد الخلفية لسيارة سلطان دون أن يلاحظهم أحد .. مشى سلطان بعيدًا و عينا فيصل معلقتان على خلفية السيارة , لقد اقترب كل شيء من النهاية .. كل شيء حرفيًا

صعد مجددًا إلى شقته التي يدفع عبدالرحمن إيجارها بكل سرور منذ سنوات .. و توجه نحو صديقه الوحيد المتبقي و أعطاه مفتاحان صغيران , ثم قال :" لقد طلبتها من سلطان .. المفتاح الصغير هو لمصعد عادل في شركته , أما الآخر فهو لمكتبه الخاص , و أنت تعلم ماذا تفعل بها أليس كذلك ؟ "

" نعم بالتأكيد , سيكون كل شيء كما أردناه "..

غادر عبدالرحمن الشقة محملًا بالكثير من الأمل بأن يوم غد سيكون الأخير و الأفضل , استدعى سيارة أجرة و ذهب نحو المكان الذي ترك سيارته فيه عندما اتى مع بدر عصر اليوم من الخرج ..

ركب سيارته و اتجه نحو مبنى للشقق المفروشة .. اشترى لنفسه عشاءً خفيفًا و لكنه لم يأكل سوى القليل , فعقله كان مشغولًا جدًا بشأن الذي سيفعله يوم غد في مكتب عادل , كان قد جلس بشرود على الأريكة و هو يرسم في ذهنه مخططًا تفصيليًا لما سيحصل ..


**********


مع إعلان الموقع الرابع لهذه السلسلة , كان العقيد و بدر يسابقان الوقت للوصول للموقع المذكور , لقد كان مركزًا تجاريًا صغيرًا في حي الملز .. و قد تمكنا من الوصول خلال نصف ساعة من إعلان الموقع .. كانا في أعلى مستويات التوتر و الخوف من أن أحد سيجد ذاك المغلف قبلهما .. وصلا إلى وجهتهما و نزلا بسرعة , قال العقيد بحزم :" بدر , اذهب أنت و ابحث في المحلات على جهة اليمين , و أنا سأبحث في جهة اليسار .. اتصل بي عندما تجد شيئًا .. "

أومأ بدر رأسه بالإيجاب و هو بالكاد يستوعب ما قاله العقيد , فطاقته و تركيزه بدآ بالتلاشي , و لا يمكنه فعل شيء حيال ذلك , و لا يستطيع أن يأكل شيئًا لاستعادة نشاطه , فقد كان جوفه منقبضًا بشدة و الغثيان في تزايد , أما رأسه فقد كان يعلن بدأ ذاك الدوار الذي ليس له نهاية سوى فقدان الوعي ! ..

بدأ بدر بدخول المحلّات التجارية , و تقليب البضائع رأسًا على عقب مع استغراب الزبائن و نظراتهم الاستفهامية , أما هو فقد كان متجاهلًا لما حوله تمامًا و لا يكترث إن غضب أصحاب المحلّات أو اعترضوا .. أكمل مسيرة بحثه وهو يفتش في أكثر الأماكن غرابة في المركز , فقد كان يبحث في أحواض الزرع و عند جذوع النخل , و أسفل السيارات المركونة , و لكن لا أثر للمغلف ! ..

اتصل على العقيد ليسأله إن كان قد وجد شيئًا و لكن يبدو بأن العقيد قد دخل في حيرة من أمره أيضًا .. استغرق بدر عشر دقائق في البحث و قد قرر في النهاية أن يسأل المارّة عن ذاك المغلف ! ..

كان يسأل كل من يمر أمامه إن كان قد رأى مغلفًا صغيرًا في الجوار , و لكن بعض الأشخاص كانوا يتجاوزونه دون أن ينظروا إليه أو يجيبوا على سؤاله حتى ! .. و استمر في سؤال المارّة و لكن لا يبدو بأن أصحاب هذه المنطقة يودون المساعدة على الإطلاق ..

في النهاية , و عند ذهابه للجلوس و بعد 15 دقيقة من البحث المكثف , لفت انتباهه فتاتان شابتان تحملان المغلف و تبدوان في غاية السعادة .. كاد بدر أن يفقد عقله و يبدأ بضربهن حتى الموت , و لكنه تمالك نفسه قدر المستطاع و اتجه نحوهن بهدوء , توقفت الفتاتان عند رؤيته , و قد اتسعت ابتسامتهما عند رؤيتهن لهذا الشاب الوسيم و هو يمشي نحوهن بهدوء و بشبه ابتسامة على أطراف شفتيه ..

توقف أمامهن قائلًا :" مساء الخير "..

ردت إحداهما :" أهلًا , مساء الخير "..

" عذرًا على الإزعاج و لكن .. هل هذا هو المغلف الذي أعلن عنه عادل سليمان في حسابه ؟ "..

أجابت احداهما بسعادة :" نعم , يبدو بأنه هو , إن هذا المركز هو الموقع المذكور أليس كذلك ؟ "

" نعم هذا صحيح , يبدو بأنه هو , و لكن هل تسمحين لي بالسؤال : أين وجدتيه ؟ ".

ضحكت الفتاة بخفوت قائلة :" لن تصدق ذلك , لقد كان أسفل الكرسي الذي كنت أجلس عليه في المقهى , لقد كنت أجلس على هذا الكنز طوال الوقت , بينما يبدو بأن الجميع يبحث عنه "..

ضحكت الاثنتان ثم أردفت الفتاة قائلة :" إنه يوم سعدي أليس كذلك ؟ "..

ابتسم بدر وهو يحاول أن يجد طريقة ليطلب المغلف منها :" في الواقع , كنت أريد أن أقول بأن مبادرة عادل سليمان كلها عبارة عن خدعة "..

" ماذا تقصد ؟ "

" لا يوجد أي مبالغ مالية داخل هذا المغلف , يمكنك فتح طرفه و استراق النظر "..

قالت الأخرى :" عذرًا , و لكن إن كنت تحاول قول هذا الهراء حتى نعطيك المغلف , فأنت مخطئ , لقد وجدناه و نحن أحق به , هيّا ليلى لنذهب ".. مشت الفتاتان بسرعة تاركين بدر خلفهما في دهشة .. و لكنه لحق بهن بسرعة و توقف أمامهن قائلًا :" حسنًا دعوني أخبركن بشيء ما , إن كان داخل هذا المغلف أي مبلغ مالي فسأعطيكم ثلاثة أضعافه مقابل إعطائي المغلف , ما رأيكن بهذا العرض ؟ "..

كانت إحدى الفتيات على وشك الرد و لكن هناك شخصان قاما بسحب بدر للوراء بعنف .. شهقت الفتاة برعب وهي ترى اثنان من رجال الأمن يمسكون ببدر بقوة و كان ورائهما رجلان من رجال هيئة الأمر بالمعروف .. التفت بدر إلى الوراء وهو يسمع توبيخ أحد رجال الهيئة قائلًا :" ما الذي تحاول فعله ؟ لقد رفضت الفتاتان الحديث معك و قد استمريت في ملاحقتهما ! .. يبدو بأنك لم تتلقى التربية الكافية من والديك , و لكنك ستتلقى عقابًا شديدًا أيها الصغير , هيّا خذوه إلى السيارة "..

كان بدر يصرخ وهو يحاول تبرير فعله للتو ! , و لكن لا حياة لمن تنادي .. فقد اجتمع الناس حوله و أخرج البعض هواتفهم لتصوير هذا المشهد المألوف ..

تراجعت الفتاتان إلى الخلف بخوف من أن يتم أخذهن أيضًا مع بدر إلى مكتب الهيئة , فتلك ستكون الذكرى الأسوأ في حياتهن ..

و بينما كان العقيد سيف منهمك في البحث في أحد المحلاّت , استدار إلى الخلف و نظر عبر الزجاج إلى ذاك التجمع الكبير من الناس .. و قد أخبره حدسه أن لبدر علاقة في ذلك .. خرج مسرعًا و اتجه نحو التجمع .. و كما أحس , كان بدر يتوسط الحشود و هو يقاوم رجال الأمن بشدة و يصرخ قائلًا بأنه لم يفعل شيء! .. و لكن ما أن رأى بدر وجه العقيد بين الحشود حتى صرخ قائلًأ :" سيف , المغلف , إن المغلف مع الفتاتان اللتان تقفان خلفك ".. و بعد أن قال بدر ذلك كانت قواه قد خارت بالكامل وقد تمكن رجال الأمن من إدخاله إلى السيارة بسهولة بعدما ارتخى جسده و نفذت طاقته ! ..

بدأت الحشود في التراجع بعدما رحل بدر و انتهى ذاك المشهد الصاخب , و ظل العقيد يحدق في الفراغ لوهلة من الزمن , و كانت الفتاتان خلفه واقفتان أيضًا , استدار العقيد إليهن و قال بنبرة غاضبة :" ماذا فعلتن ؟ "..

تسلل الخوف إلى الفتاتين و هن يرين هذا الرجل الضخم ذي البنية القوية و العينين التي يملأها الغضب و الإرهاق .. أجابت إحداهما بخفوت و تردد :" لم .. لم نفعل شيء "..

و لكن الأخرى أجابت ببعض الشجاعة :" و ما علاقتك أنت بما حصل ؟ .. لقد تعرض ذاك الشاب لنا , و استحق عقابه .. يا للتطفل ! "



( يتبع )


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس