عرض مشاركة واحدة
قديم 15-08-15, 10:56 PM   #22204

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

سمعت صوت جرس الباب بعد عدة ساعات طويلة .... فقفزت واقفة , لتجري الى الباب و فتحته بسرعة و هي تلهث ....
وقف أمامها بملامح صارمة وهو يمط شفتيه قائلا بجفاء
( دون حتى سؤال "من بالباب" !! .... و أظن أنكِ لم تتكرمي أيضا بالنظر من عين الباب !!.... )
قالت بثقة و هي ترفع ذقنها علها تجاري طوله الفارع ِ
( لو كنت شخصا غريبا .. لما سمح لك سيد بالمرور الا على جثته كما أوصيته .... )
رفع احدى حاجبيه وهو يقول بنفس الجفاء
( و مع ذلك طلبت منكِ الحذر ....... )
قالت برقة و هي تتمسك بالباب لتقول بعتب
( لو كنت أتيت بموعدك لما فتحت الباب بلهفة عند تأخيرك ....... )
اضائت عيناه بوهجٍ مفاجىء.... الا أنه تمكن من السيطرة على نفسه وهو يقول بهدوء
( هل هذا تحقيق ؟!! ........ )
قالت و هي لا تزال متمسكة بالباب ... واقفة خلفه تنظر أرضا بعتاب
( اعتبره كذلك .............. )
مد يده يمسك بحافة الباب ليوقفها عن أرجحته .... فرفعت وجهها اليه , و كالعادة ثبتتها عيناه طويلا ... قبل أن يقول
( اذن هلا منحتني الفرصة كي أدافع عن نفسي ..... )
ابتسمت في الخفاء و هي تطرق برأسها قبل أن تفسح له مجالا كي يمر .... و ما أن دخل أمامها حتى تبعته و قالت بعتبٍ ظاهر رغم عنها
( لماذا تأخرت يا رائف ؟!! ........ ظننتك لن تأتي اليوم ... )
استدار اليها وهو يفحص ملامحها مليا باهتمام ... قبل أن يقول بحذر
( نويت الا آتي اليوم بالفعل ........ )
رفعت وجها متفاجئا باهتا اليه ..... و قالت بصدمة
( لماذا ؟؟.......... هل ضايقتك بشيء ؟!! .... )
شعر بأحشائه تتلوى وهو يسمع تلك الرقة الخالصة ... تكاد أن تذيب المتبقي من سيطرته على قواه .. و جمود السنوات ....
أيملك رجلا عاقلا القوة كي يشعر فتاة مثلها بالصدمة و العتب ؟!! .....
فقال بخفوت
( وجدت أنني آتي الى هنا كل يوم ..... و لم أمنحك الوقت الكافي للتعافي بهدوء و دون صخب ... )
شعرت بأنه يتكلم بلغة غريبة ... فكانت تستمع اليه بملامح بليدة ... قبل أن تقول أخيرا
( و هل تنوي تركي للتعافي وحدي ؟!! ...... متى أخذت هذا القرار الظالم ؟!! .... )
اتسعت عيناه قليلا .. و تسمر مكانه ... ثم قال بصوتٍ غريب مكررا
( ظالم ؟!! ......... )
كانت تقترب منه ببطىء ... لكن بتصميم ... و عيناها على عينيه بإصرر لتقول بهدوء خافت ..
( بالطبع ظالم ....... تعرف أنني أحتاجك .... )
أخذ نفسا طويلا ... غير ثابت , و مع ذلك جعل صدره يتضخم .... لكنه تمكن من القول بجدية خافتة
( و أنا سأكون دائما حولك ........ )
لم تتوقف عن اقترابها .. و لم تخفض عينيها ... و قالت بجدية
( لا أريدك حولي ...... أريدك معي ....... )
اتخذ الخطوة المباشرة لأول مرة وهو يسألها بقوة
( لماذا ؟؟ ......... )
كانت قد وصلت اليه ..... فرفعت رأسها تنظر اليه دون أن تجفل .. ثم قالت بخفوت
( أخبرتك ..... لأنني أحتاجك ....... )
التقت أعينهما في حوار طويل ...... كان هو أول من قطعه وهو يخفض عيناه بعيدا عن عينيها .... لكنها تمكنت من رؤية استراحة زاويتي شفتيه المشدودتين لتتحول تلك الاستراحة الى ابتسامة هادئة .... قبل أن يقول بهدوء
( جيد اذن ...... ربحت بمسابقة أفضل جواب , لذا تستحقين الرواية التي طلبتِ ...... )
انحنى ليخرج الرواية من احدى الأكياس التي كان يحملها ....
بينما هتفت جذلة و هي تهجم عليه ...
( وجدتها ؟!!...... وجدتها ؟!! ......... )
حاولت خطفها منه ... الا أنه رفع ذراعه بعيدا عنها وهو يضحك قائلا بصوته الوقور الهادىء ...
( ليس قبل أن تكرريها .................. )
عبست وهي تقول محاولة الألتفاف من حوله الا أنه كان اسرع منها كل مرة ...
( ما الذي أكرره ؟!! ........ )
قال مشددا بقوة
( احتاجك يا رائف ....... هيا قوليها .... )
عبست أكثر و هي تقول مادة كلتا ذراعيها ي تخطفها دون جدوى
( لقد قلتها قبل حتى أن تطلبها ........ هات الرواية )
ضحك قائلا وهو يدور و هي حوله ....
( و مع ذلك .... طعمها أجمل و هي مثبتة بالفعل و الدليل ..... هيا قوليها .... )
كانت تضحك و كأنها تجري و الأرانب تطاردها بحديقةٍ على مدد البصر ... لا تنتهي .....
فقالت هاتفة من قلبها
( أحتاجك يا رائف ....... تعرف أنني أحتاجك ....... )
تعثرت و هي تدور من حوله , فسارع ليلف ذراعه حول خصرها .. فاستندت الى صدره ...
حينها انتهى الجنون و الضحك ... ليحل محلهما جنون آخر ... اشعل بنفسيهما مشاعر هوجاء , ظهر بريقها في مقلتيهما وهو ينظر اليها .. و تنظر اليه مبهورة ...
حينها خرج اسمها من بين شفتيه همسا .... حفيف أوراق الخريف ....
( ملك ....... جميلة أنتِ ..... )
فغرت شفتيها المرتجفتين و هي تبتسم ابتسامة ضمت الكثير ....و الكثير ..... قفالت بجرأة لم تزيد كثيرا عن الهمس
( كلما أعدتها ..... شعرت أنني جميلة بالفعل ...... )
شعرت بصدره يضربها بشدة .... ذلك الحائط العملاق يضخ دمه الى أضلعها بهدير أثار الرجفة بها ....
فسارع لإبعاد ذراعه عنها .... لتنزل عن خصرها ببطىء شديد... و كأنها ترفض تنفيذ أوامر العقل ...
فتنهد بقوة وهو يرفع ذراعه الأخرى قائلا باحباط خفي ....
( الآن تستحقينها بجدارة ........ خذيها )
كانت قد نست الرواية تماما .... وحين رأتها في يده الممدودة اليها , حاولت بذهنٍ مشتت تذكر بداية الخلاف
الى أن أبعدت كفيها عن صدره ببطىء ... لتكتشف أن أصابعها ترتجف بشدة ...
فأخذت منه الرواية تنظر اليها بذهن ضائع ... بينما استدار هو عنها واضعا يداه بخصره ...
فراقبت ظهره العريض .... وهو يحاول استعادة رباطة جأشه .....
نظرت ملك الى غلاف الرواية اللامع و هي تتلمس غلافه .... و الذي كانت مرتسمة عليه صورة فتاة فاتحة ذراعيها للسماء و تكاد أن تحتضن الكون باتساعه ....
رفعت وجهها الى رائف ... تملأ عينيها من هيبة وجوده قليلا قبل أن تقول بخفوت مرتجف
( الشكر معك يفقد معناه ...... من كثرة تكراره ... )
قال بخفوت دون أن يستدير اليها ...
( اذن توقفي عن تكراره ........ )
ابتسمت و هي تعود لملامسة غلاف الرواية ... قبل أن تقول بصوت منخفض أكثر
( ربما يوما ما .. أتمكن من ايجاد كلمة جديدة تفي بالغرض ..... )
رفعت وجهها تنظر اليه مترقبة .... فرأته يرفع رأسه وهو يأخذ نفسا عميقا .... عاليا ....
فاخفضت وجهها مبتسمة بجنون !! ....... لم تظن نفسها يوما بمثل هذه القسوة .... لكنه يدفعها لذلك .....
قالت أخيرا بهدوء و براءة ... تؤرجح ساقها حول الأخرى
( اذن ...... لم تخبرني بالسبب الذي جعلك تعدل عن قرارك في الإبتعاد ...... )
استدار اليها ووجهه يعلوه العبوس و الغضب قائلا
( لم يكن قرارا بالإبتعاد !!!!! ...... لماذا لا تفهمين ما أحاول أن ..... )
لكنه فجأة صمت .... و اتسعت عيناه وهو يضرب جبهته بقبضة يده قائلا
( يا الهي ! ..... لقد نسيت تماما ...... )
قالت ملك بفضول
( ماذا نسيت ؟!!! ............ )
اتجه الى الباب بسرعة وهو يقول
( هناك شخص كان يتوق الى رؤيتك بشدة ... و أصر علي أن أصحبه اليكِ ... )
على الرغم من أنه رائف ....
لكن ما حدث لها من كريم لم يكن هينا ... لذا انتابتها رجفة مفاجئة .. لم تستغرق أكثر من عدة لحظات و الصور الغير محببة تترائى لها ...
و كانت تلك اللحظات كفيلة له كي يراها متسمرة مكانها بوجهٍ شاحب .....
فتوقف مكانه ... يعلو وجهه العبوس وهو ينظر الى ملامحها الخائفة ...
و بدلا من الإتجاه الى الباب سارع عائدا اليها .... ليمسك بكفها قائلا بقوةٍ كي يجعلها تفيق من رهبتها
( لا تخافي بهذا الشكل و أنت معي ..... مفهوم ؟!! ..... إنه أنا .... رائف ...ظننتك تثقين بي !! ... و أننا قد تخطينا هذه المرحلة !! ... . )
رمشت بعينيها و هي تهز رأسها قليلا ... ثم همست باعياء
( أنا آسفة ... لا أعلم لماذا خفت ........ أنا فقط .... )
صمتت و هي تشعر ببعض الدوار .... فشد على كفها يقول بقوةٍ خافتة ...
( أعلم ....... أعلم , أنت لا تزالين تعانين من ترصده لكِ ..... لكن أنا هنا و لن أسلمكِ له مجددا ... فهمتِ ؟؟ .... )
رفعت وجهها الشاحب اليه ... تنظر الى ملامحه الصارمة و تستمد القوة من كفه الحازمة الحنونة ...
فأومأت برأسها بصمت ... فقال بخفوت دون أن يبتسم
( تعالي ...... فقد تأخرنا عليه ..... )
جرها خلفه و هي مستسمة له .....
مندهشة من نفسها ... كيف يساورها القلق ولو للحظة واحدة وهو بقربها ؟!! .....
شيئ ما كان يخيفها اليوم ... على الرغم من أنها قد نبذت الخوف منذ فترةٍ بقسوة ....
لكنها اليوم و ربما بسبب تأخره عليها ... كانت تشعر بالخوف .... بالقلق .....
خرجت .... تلفح وجهها نسمات المغيب الناعمة ... و تذهب الدوار الذي انتابها للحظات ......
فأخذت نفسا عميقا ... محملا بعطر الياسمين المزروع في الحديقة الصغيرة أمام باب البيت .....
و ما أن فتحت عينيها .... حتى وجدت سيارته واقفة على بعد قليل .. فأمالت وجهها تتبين من يجلس في المقعد الخلفي .... حتى مال الى الأمام قليلا فظهر وجهه من نافذة السيارة .... و ابتسم لها ...
اتسع فم ملك في ابتسامة مفتوحة و هي تهتف بفرحة
( سيد عاطف ........... )
مدت يدها تلوح له بقوةٍ و سعادة .... فرفع يده يلوح بها دون حركة كالعظماء و النبلاء ... و ابتسامته التي يتغضن لها وجهه كانت تحمل سعادة وقورة مقابل سعادتها ...
سحبت ملك يدها من كف رائف و جرت في اتجاه السيارة .... بينما وقف هو مكانه ينظر اليها و هي تركض أمامه و ضفيرتها ترقص يمينا و يسارا ....
و روحه تهمس بصوتٍ لم يسمعه الا أذناه
" جميلة أنتِ !! ........ "
وصلت ملك الى السيارة ففتحت باب المقعد الخلفي دون اذن .... و انحنت اليه لتقول لاهثة بوجه متوهج
( سيد عاطف ....... تأخرت جدا بزيارتي ....... )
اتسعت ابتسامته أكثر و قال بصوته الجميل الوقور
( أخبروني أنكِ شاحبة مريضة .... تعانين صدمة تلو الأخرى , .... فلم أرغب برؤيتك بمثل هذا الضعف ... فانتظرت الفتاة التي أثارت اعجابي ذات يوم ...... )
اتسعت ابتسامة ملك بعمق و هي تنظر اليه برقة .... ثم قالت أخيرا بتأكيد
( و ها هي موجودة الآن ..... أحسنت الإنتظار يا سيد عاطف .... )
سمعت صوت رائف يقول من خلفها
( ربما لو سمحتِ لي بالمرور الى خالي .. لتمكنا من الدخول للبيت قبل حلول الظلام ... )
مالت بوجهها تنظر اليه خلفها تمط شفتيها قليلا ... بينما قال عاطف مبتسما
( أرى أنه لا يزال فظا معك كأول تعارفكما ..... جلف لا يعرف التعامل مع الورود .... )
عادت ملك بوجهها اليه و هي تفكر
" لو تعلم كم يمتلك هذا الجلف من حنان العالم كله !! .... " لكنها عوضا عن ذلك ابتسمت و همست بتآمر
( انه يتحسن ........... )
نظر عاطف من خلف كتفها الى رائف الذي كان يضيق من عينيه محاولا الإستماع الى ما يقولانه ...
لكنه نظر اليها بشك و هي تستقيم لتفسح له الطريق ... تبتسم له ابتسامة خلبت لبه ....
فتأوه بداخله وهو يهز رأسه يائسا ... قبل أن يذهب لإخراج الكرسي ... و يساعد خاله على الجلوس به ...
و ما أن دخلوا الى البيت ....
حتى نظر عاطف الى أرجاء المكان بصمت ... و شردت عيناه في البعيد ...
و على الرغم من أنه لم يفقد ابتسامته تماما .... الا أنه قال بصوتٍ شارد
( لقد تغير المكان عن آخر مرة رأيته بها ........ )
تسمرت ملك مكانها و توقف قلبها عن الخفقان .... تاه عن ذهنها أنه الآن ببيت ابنته ... زوجة رائف
في المحراب الذي يحمل صورها و ذكرياتهما ...
و ها هو والدها الآن ... يجلس شاردا ... محاولا إيجاد أي من آثارها القديمة .....
رفعت يدها الى صدرها و عيناها تتوسعان الما ... قبل أن تطيران الى رائف تسأله العون ...
لكن رائف لم يكن ينظر اليها .... بل كان رائف ينظر الي خاله عابس الوجه ....
بعينين حزينتين .... بعيدتين عنها ..... و كأن المحيطات قد اجتمعت كي تفصل بينهما في تلك اللحظة ...
فسقطت جالسة على الأريكة خلفها و هي تتنهد بصمت .... مطرقة بوجهها .... و كم شعرت بنفسها دخيلة في تلك الحظة ...
لكن عاطف كان أول من تكلم مبددا الصمت الحزين المخيم على ثلاثتهم ... فقال مبتسما ابتسامة وقورة ... لم تخدعها و تخلو من الحزن ..
( اذن يا فتاة الورود .... أنسيتِ أن دورا بيننا لم ينتهي ؟!! ..... مضت أشهرا و أنا غير مرتاح , أتطلع شوقا لإنهائه .... )
رفعت وجهها الشاحب اليه ... ثم قالت بخفوت
( الشطرنج ليس هنا !! ......... )
نظر اليها مبتسما .. ثم قال
( بل هو في السيارة ..... و رائف يحفظ ترتيبه تماما .... جعلته يحفظه كاسمه ... )
اتسعت عيناها بدهشة و هي تنظر الى رائف .... فوجدته يقف بنهاية الغرفة يتطلع اليهما بصمت و يداه في جيبي بنطاله ....
و كم ذكرها بالمرة الأولى التي رأته بها في القصر .... حين كان واقفا خلفها , ينظر اليهما بنفس النظرة ..
مما جعلها تتسائل بلحظة جنون ... الم يتغير احساسه بها , ان كانت النظرة لم تتغير بعد كل تلك الفترة ؟!!
قال عاطف يخرجها من شرودها الحزين
( ما بالك يا ولد تقف هكذا كالعمود المكسور ....اذهب الى السيارة و هات الشطرنج و أعد رص قطعه ... )
كان يبدو و كأنه لا يريد تركهما .... ينظر اليهما عابسا , عاقدا حاجبيه مما أخاف ملك ... لكنه في النهاية تحرك ليخرج على مضض ...
جلست ملك مكانها متسعة العينين .... تتنفس بسرعة و قد تبددت سعادة اللقاء منذ لحظات ...
وجودها مع السيد عاطف .... في هذا المكان بالذات !! .... ماذا لو كلمها بشيء ؟!!
لكنها نهرت نفسها بغباء و هي تتسائل ..
" و هل هناك شيء من الأساس يا غبية كي يكلمك به ؟!! ...... "
وضعت يديها على ركبتيها بتوتر و نظرت اليهما .... و قلبها ينبض بعنف ....
فقال عاطف بهدوء
( تبدين أقوى يا فتاة الورود ....... )
رفعت وجهها بسرعة بعينين واسعتين .... لم تظن أن هذا هو ما سينطق به ....
فابتلعت ريقها و قالت تضحك بعصبية
( لو تدري ما حدث لي ...... لما ظننت ذلك يا سيد عاطف ..... لقد كُسِرت ....... )
ابتسم عاطف وهو يقول بهدوء
( كسرك صديق الطفولة يا صغيرة ...... )
مالت عيناها بحزنٍ و دهشة و همست
( الازلت تتذكر القصة يا سيد عاطف ؟!! ....... )
مال بوجهه وهو يقول بخفوت
( لو كنت نسيتها ... لما تذكرت العودة اليك يا فتاة الورد ..... )
أخفضت وجهها الحزين ... لكنه قال بصوتٍ قوي النبرة ..
( لكن اعلمي أنه لم يكسرك ..... بعض الورود ليس من السهل كسر ساقها بسهولة . و قطفها يكون بالدم ... )
ابتسمت له بحزن و رقة .... لكن حركة عند الباب جعلتها تلتفت لترى رائف قد عاد ووقف يستمع اليهما ...
لم يستغرق عدة ثوانٍ !! ......
ابتسمت رغما عنها , على ما يبدو أنه يود سماع ما يقوله عاطف لها ...
لكنه تحرك ليفتح الشطرنج الجميل ... و اخذ يرص قطعه .. بينما عيناها تلاحقه خلسة ... و ما أن انتهى حتى استقام ليقول بهدوء
( ها قد تحولت لصبي مقهى .... أرص اللعب و ربما تريدان شيئا لتشرباه ... )
قال عاطف دون أن يرفع وجهه اليه ... بل كان ينظر الى الشطرنج أمامه و قد بدأ في التفكير مباشرة ...
( قهوة سادة يا ولد ......... )
اتسعت عينا ملك و هي تنظر الى عاطف الذي جاء خصيصا كي يكمل الدور بالفعل ... و لم يهتم حتى بفتح بعض المواضيع للكلام أولا .... الهذه الدرجة هو وحيد ؟!! .... مثلما كانت !! .....
لكنها سارعت تنهض من مكانها و هي تقول برفض تام
( لا يصح أبدا .... أنا سأعد القهوة يا سيد عاطف .... ارجوك اجلس يا رائ.... يا سيد رائف .... )
التقت اعينهما بقوة و عنف حين تداركت نفسها و نطقت " سيد رائف " ...
كانت الإدانة واضحة عليهما ...... فارتبك قلبها بشدة , بينما ازداد عبوس رائف وهو يلاحظ تغيرها و ارتباكها ....
الا أن عاطف هتف بقوة
( اجلسي يا فتاة ....... من ألاعب أنا ؟!! ..... هو سيحضر القهوة ... )
ظلت واقفة مكانها لا تستطيع السماح بذلك .... الا أن رائف قال بهدوء
( اجلسي يا ملك ..... أنا أحفظ مكان كل شيء بالمطبخ .... فهو بيتي في النهاية ... )
استدار ليغادر ..... بينما وقفت ملك مكانها ... تنظر في أثره بصمت ... تراه يتحرك في بيته براحة ... و ربما كان يتحرك بين ذكرياته ....
ترى أكان يعانق زوجته خلال تحضيرها القهوة ؟!! ...
قاطع أفكارها المريضة صوت عاطف وهو يقول بصرامة
( اجلسي يا فتاة ....... لن يضل طريقه ... )
احمر وجهها بشدة و هي مرتعبة من أن يكون عاطف قد تمكن من قراءة أفكارها ....
فسارعت لتحضر كرسيا و تجلس في مقابلته ... و عقلها مشتت , .... تلاعب دورها .. و تبتسم له بتوتر .. بينما عيناها تختلسان النظر الى باب المطبخ ...
ترى أيقف بأحد زوايه وهو يبتسم لذكراها ... تضحك معه و تجري منه ؟!! ...
وصل أخيرا ... ليضع القهوة أمام خاله وهو ينحني اليه ليقول عابسا
( تفضل يا سيد عاطف ...... نعتذر عن التأخير ... )
قال عاطف بصرامة دون أن ينظر اليه
( اصمت يا ولد .. و جد لك زاوية لترتمي بها ...... أنت تعطل تفكيري .. )
ابتعد رائف ليجلس على الأريكة أمامها و عيناه عليها .... بينما هي تختلس النظر اليه ... عيناها تسرحان على شعراته الفضية.... , و كلما فعلت تصدمها عيناه القويتان ...
فأعادت وجهها لرقعة الشطرنج بسرعة و أحمر وجهها بدرجة أكبر ...
نظر رائف بجواره الى حاسوبها المفتوح على الأريكة .... كانت شاشته سوداء و مع ذلك ظل ينظر اليه طويلا قبل أن يقول بخفوت وهو ينظر الى ملك
( أتسمحين ؟؟........... )
رفعت وجهها اليه متفاجئة ... و نظرت الى طلبه بدهشة , بينما نطق لسانها دون الحاجة للتفكير
( بالطبع ....... تفضل ...... )
كان سؤاله يبدو كتحدي .... من يسمعه يظنه وقح ينقصه التهذيب و هو يسألها أن يفتح حاسوبها !!!
الا أنها تقبلت التحدي بتحدي أكبر منه ..
فهل كانت وقحة حين اطلقت يدها ببيته ؟!! .... و يوم انهارت لم تجد سوى ملابس زوجته لترتديها !!
الوقاحة ليس لها معنى بينهما ..... أو ربما ..... الحواجز هي التي ليس لها معنى بينهما ....
تابعت اللعب و هي لا تعتقه من نظراتها بين الحين و الآخر .... يشغلها الفضول بما ينظر اليه ...
تعلم أن كل ما تركته مفتوحا ... هو رواية عاطفية .... و موقع التواصل ....
اتسعت عيناها فجأة بذهول و هي تستقيم فاردة ظهرها ... الرواية العاطفية !!!!!!!
لقد تركتها مفتوحة على مشهد حميمي بين البطل و البطل !!!! .... حين قامت لفتح الباب جريا من لهفتها للقياه !!!
لم يكن ذنبها ... لم تكن تعرف بوجود هذا المشهد .... و لم تكن فضولية له تقسم بالله ....
لكن من حظها أنه طرق الباب في تلك اللحظة فنستها مفتوحة عليه .....
شعرت أنها تود الموت .... بل ستموت لو قرأ هذا المشهد ..... ستموت ...
أخذت ترقبه برعب و هي تتمنى لو قفزت الى الحاسوب لتغلقه و تختطفه منه بسرعة .....
مالت بوجهها و هي تتأمله بينما العرق يتفصد من جبهتها ...
فرأته يضيق من عينيه ... وهو يدقق النظر , ثم لم يلبث أن عقد حاجبيه ...
ليرتفعا مجددا فجأة بدهشة !!
ثم نظر اليها و هو لا يزال على حال الدهشة التي سرعان ما تحولت الى صرامة وهو يزم شفتيه
بينما هي تود لو دفنت نفسها تحت أول سيارة مسرعة في الطريق ....
فأخفضت وجهها الأحمر كلون الفراولة .... بينما قال عاطف بهدوء
( العبي يا فتاة الورد ...... أنا أنتظرك منذ دقائق ... )
لعبت دورها دون تركيز .... بينما هي تختلس النظر الي رائف وهو يحرك اصبعه ببطىء على لوحة الحاسوب
حسنا .... على الأقل ترك الرواية .. و تقسم أنها ستمسحها ما أن تضع يدها على هذا الحاسوب مجددا ...
لكن هذه المرة ... وجدت ملامحه تختلف ... و هو يعقد حاجبيه ... يقلب مرة بعد مرة ...
بتركيز غريب .. بينما عيناه مسحورتان بشرود ....
تجرأت ملك لتقول بخفوت و هي تنظر اليه بينما تحرك قطعة اللعب
( هل تنظر الى صوري ؟!! ....... )
رفع عينيه اليها بتعبير غير مقروء .... هل هو غاضب ؟!!
لا الغضب ليس الوصف المناسب .... بل كان تدقيقا مصدوما .... خائفا ....
انتظرت رده فلم يصلها ... مما أشعرها بالقلق , فقالت مجددا بخفوت
( انها صوري من المعرض ... تلك التي استخدمت كخلفية للعرض .... وضعتها على موقع التواصل .... )
كان لا يزال مصدوما قليلا .... عاقدا حاجبيه ... ثم قال أخيرا بخفوتٍ لا ينم عن تعبير
( أتذكرها ........ لكن لماذا وضعتها ؟!! ..... )
كان قلقها يتزايد من موقفه الغريب ... لكنها تصنعت البهجة و هي تقول
( ربما كانت البداية في عملٍ ما ..... فقد طلبني صاحب الطلبية الأخيرة مع وعد خصيصا كي أكون العارضة للمجموعة ...... )
ازداد انعقاد حاجبيه اكثر .... و زادت قتامة ملامحه ... و ساد صمت مشحون , قبل أن يقول بصوتٍ صلب
( و هل وافقتِ ؟!! ........ )
هزت كتفها بتوتر ... و قالت
( لم أرد بعد .............. )
قال بصوت خافت ... بعيد
( لكنك تفكرين في الأمر !! ............ )
عادت لتهز كتفها دون أن تجد ردا معينا .... بينما كانت تطلع اليه بقلق يفترسها , مما يخاف ؟!!!
حينها نطق عاطف قائلا بهدوء
( فتاة بجمالك ..... من أجمل منها لتعرض بضعة قطعٍ من الملابس , لا تضاهي سحرها .... فتشتريها النساء و كل منهن تظن أنها تشتري سحر الشقراء ذات الشعر المتطاير ........ )
عبس رائف وهو يقول بصرامة
( خالي .......... أنت تغازلها .... )
احمر وجه ملك و هي تحرك قطعتها دون تركيز , بينما قال عاطف بلا مبالاة
( و ماذا لو كنت أغازلها !! ....... ما دخلك أنت يا ولد ؟!! .... هل ستربيني ؟!! )
حرك قطعته ... ثم رفع وجهه الى ملك وهو يمد يده تحت ذقنها ليقول مبتسما لملامحها الجميلة
( من لا يقدر الجمال .... لا يستحق أن يراه , و أنت يا صغيرة .... نافستِ الورد جمالا ..... )
احمر وجه ملك بشدة و هي تضحك برقة خجولة .... بينما هتف رائف بغضب
( حسنا هذا يكفي ..... أن تزيدها يا خالي ..... )
ضحك عاطف وهو ينظر الى ملك ليقول بلهجةٍ غامضة ...
( يبدو أن قدرك يصر على أن يسرقك كل خالٍ من الآخر ...... )
ضحكت ملك و هي تحرك قطعتها دون تفكير .... لكنها سرعان ما لاحظت المعنى الخفي لما نطق به , فتوقفت ضحكتها بصدمة ...و نظرت الى رائف الذي كان عاقدا حاجبيه هو الآخر و قد التقط نفس المعنى المبطن ...
ارتجف صدرها و هي تنظر الى حزنه الذي لا ينتهي أبدا .... لو فقط يطلعها على بعضا من أفكاره الشاردة !!
قال عاطف وهو يحرك قطعته الأخيرة
( مات الملك .........أخيرا و بعد أشهر .... . )
نظرت ملك مصدومة الى الحركة السهلة التي تحركها .... فقال بهدوء وهو ينظر اليها مبتسما
( لقد شتتِ عن الطريق ..... و ضاع تركيزك ..... )
همست ملك و هي تنظر الى الرقعة بحزن
( هذه أول مرة تحدث لي ........... )
رد عليها عاطف ليقول مبتسما و عيناه تنظران الى رائف
( ربما كان عامل التشتيت أقوى من أي مرة سابقة ......... )
كانت ملامحها حزينة و هي لا تعلم ما ارتكبت من ذنب .... بينما انتفضت على صوت أغلاق الحاسوب بقوة
وهو شارد الفكر و التركيز .....
فقالت بحزن .... و هي تنهض واقفة
( سأعد لكما مشروبا آخر .......... )
ابتعدت تحت عيني رائف الذي أخذ يراقبها صامتا .... لكنه و ما أن ابعد عينيه , حتى وجد عيني خاله تترصدان له كالصقر ..... فأخفض وجهه بصمت المذنب ...
حينها قال عاطف بصوته الهادىء
( أرفع رأسك يا ولد و انظر الي ......... )
رفع رائف وجهه اليه صامتا .... فقال عاطف وهو يتراجع في مقعده
( الى متى تظن نفسك قادرا على التظاهر بغير ما تشعر أمامي ؟!! ....... )
نظر رائف اليه بشعورٍ بالذنب ... الا أنه لم يملك القدرة على الإنكار .... فتابع عاطف بهدوء
( أنا من ربيتك يا ولد ...... أعرفك كما أعرف نفسي .... و كما كنت أعرف ابنتي .... )
أظلمت عينا رائف ... لكنه لم يستطع الرد , الألم كان أقوى منه ... فتابع عاطف وهو يتنهد ناظرا الى السقف متراجعا بكرسيه ..
( منذ سنوات .... حين توهمت بأنني أعرف ابنتي حق المعرفة و أنني أعرف الأصلح لها .... لم أكن أعلم أن الحياة قصيرة بهذا الشكل .... الكانت حياتها بالنسبة لي طريق طويل ممتد ... لا ارى نهايته .....
لم أضع ببالي أن أدفنها بيدي و أبكيها , بدلا من أن تبكيني هي .....
فسلمتها لك و أنا أعرف أنني سلمتها لليد التي سترعاها و تحميها ..... )
أعاد نظره الى رائف الذي كانت عيناه مظلمة بشدة ... و ملامحه تحفر نقوش الوجع , فتابع عاطف بثقة خافتة
( و حتى هذه اللحظة ..... لا يساورني الندم على قراري , و كأن قلبي كان يستشعر قرب النهاية و يرفض الاعتراف بها ... فأبى الا أن تموت تبين ذراعيك , تحت سقف بيتك ....
ربما الآن يتآكلني الألم لأنها كانت تتمنى شيئا و لم أسعى لتحقيقه لها كحياتها كلها ... لن الندم ليس من ضمن ما أشعر به ........ لم يكن ليحتملها غيرك .... أنت كنت الأقرب لها مهما أنكرت و أدعت حبا آخرا .... )
التوى حلق رائف بألم حاد ... بينما ارتجفت أصابع كفيه و هي تتشابك ...
لكن عاطف قال بعد فترة صمت طويلة
( لكن مع ذلك ..... و العجيب في الأمر و بعكسك .... فإن الندم ينتابني تجاهك ..... السنوات مرت سريعا , و هذا الشعر الأبيض تآمر مع الزمن ... فظهر أسرع من المعتاد , ليحملني ذنب رؤيتك تعيش حزنك من بعدها .... )
أخذر رائف نفسا مرتجفا .... عميقا .... وهو يرفع رأسه ناظرا لأعلى بينما الكلام ضل الطريق الى شفتيه , فقال عاطف بهدوء
( الى أن دخلت تلك الصغيرة حياتك ......... )
انتفض رائف ينظر اليه عاقدا حاجبيه .... فابتسم خاله متابعا ....
( لم أرى انبعاث الحياة و الغضب و شعلة الجنون بعينيك الا بظهورها ..... و كأنني أرى ابني الذي ربيته و عرفته يعود ليتنفس من جديد ..... و ربما لو لم يحدث لها ما حدث لما انتبهت لها مهما بل جمالها , بما انك أغلقت على نفسك جرة قديمة يعلوها الغبار ......
و كأن القدر أرسلها طالبة الحماية منك .... كي تشعر بأنك على قيد الحياة , و بأن توازنك الصارم اختل لوجودها ...... )
صمت عاطف وهو يطرق برأسه .... فقال رائف باختناق
( خالي ...... أنا ........)
رفع خاله يده كي يوقفه عن الكلام , و قال هو بصوت منخفض
( دع المتبقي من الحزن لي ...... لكن امنحني بعض الأمل و أنا أرى شعرك الأبيض هذا , ترافقه بعض السعادة أخيرا ....لا تدع المتبقي من سنوات عمرك تمر هباءا , و لا تخجل من الفرح أمامي ..... فما أشد احتياجي لرؤيتك تعيشه ...... )

كانت ملك واقفة مكانها في المطبخ ساهمة .... تحاول سماع ما يتهامسان به ... لكنها لم تستطع , و على الرغم من ذلك , كانت متأكدة بأنها سمعت ما يخصها .,......
تنهدت بتعب و هي تعود لوضع الأكواب على الصينية و كان الليل قد أرخى ستائره و حل الظلام في الخارج ......
لكن فجأة ...... سمعت صوت رنين الجرس !!! ....
رفعت وجهها ببطىء و تسمرت مكانها ..... و بدت ملامحها شاحبة حد الموت ....
من كان ليدق الجرس غير رائف ؟!! ..... حتى سيد لم يفعلها يوما !!! ......
و كأن الإدراك قد وجد طريقه اليها دون أي نسبة للخطأ ....
فشهقت عاليا و جرت الى خارج المطبخ ..... لكنها تسمرت و هي ترى رائف واقفا أمام الباب الذي فتحه للتو ...
و من ملامحه الجامدة و عينيه المتوحشتين .... عرفت هوية الطارق !!! ...
و كانت تعرف أنه كان قد بلغ من الجنون ما سيجعله هذه المرة إما قاتلا أو مقتولا ....
و كأنما تتوقع ما سيحدث .... هتفت بنشيج مرتعب
( رااااائف !!! ......... )
فالتفت وجهه اليها بعنف وهو يهدر بصرامة
( ابقي مكانك يا ملك .........لا تتحركي ... . )
ثم رأته يتراجع بظهره ببطىء .... قبل أن تتسع عيناها بذعر و هي ترى فوهة مسدس .. تدخل من الباب مصوبة الى رأسه .... يتبعها كريم الذي كان ممسكا به !! ...
منظره غريب ... مخيف ... طويل اللحية ... أحمر العينين و تحتهما هالات تزيدهما جنونا !! ....
صرخت بجنون من شدة الرعب
( شادي ..... ماذا تفعل ؟!!!! ..... هل جننت ؟!! ..... )
لم يحاول حتى النظر اليها كي لا تشتت انتباهه ... الا انه كان يبتسم بشراسة و لمعان الجنون ... فقال من بين أسنانه بصوت يثير الرجفة في الأوصال
( آآآآآه .... ما أجمل سماع صوتك بعد فراقٍ.. مليكة )
هدر صوت رائف يقول
( تراجعي يا ملك ...... تراجعي و لا تقتربي ..... )
ضحك كريم عاليا .... ثم قال بصوت كالفحيح
( الازلت تأمر و تنهي يا خالي العزيز ؟!! ........ ربما لم تدرك حتى الآن معنى أن تكون ملك زوجتي .... لكن دعنا نضع حدا أخيرا الآن لهذا الموضوع الذي طال أمره أكثر من اللازم ..... .. )
صمت قليلا و عيناه تلمعان .. وهو ينظر الى رائف و خاله ... متحاشيا النظر الى ملك كي لا يفتنه سحرها ...
ثم قال بلهجة انتصار واضحة
( أيام طويلة و أنا أنتظر مجيئك الى المكان الذي تخفيه عن الجميع ... و أنت تخادعني بمهارة ... الى أن نسيت حذرك اليوم و أنت تصطحب خالك ...... )
ضحك عاليا .. ثم رفع يده الحرة ملوحا الى عاطف الذي كان ينظر اليه صامتا .. عاقدا حاجبيه ... بينما قال كريم بمرح مجنون
( مرحبا جدي !! ........ سعدت بلقائك مجددا , و لو أنني كنت أن يكون اللقاء في ظروفٍ أفضل من هذه ...... )
اقتربت ملك خطوة و هي ترتجف بشدة من شدة الذعر ... و لم تدري أن دموعها كانت تنهمر على وجهها بغزارة ... لكنها قالت بتوسل مرتجف
( شادي ..... اسمعني فقط , أرجوك ..... قبل أن تفعل شيئا تندم عليه ..... )
ضحك عاليا دون أن ينظر اليها ... بينما هو يصوب المسدس المرتجف في يده الى وجه رائف ...
ثم قال بصوت مهتز .. مذبذب
( الندم هو ما شعرت به حين تركتك تفلتين من بين يدي .... مليكتي ..... )
قال رائف ببطىء شديد و عيناه مسمرتان على عيني كريم الحمراوين
( ملك ...... تراجعي ..... الآن ..... )
الا أن ملك لم تستمع الى أوامر رائف كعادتها هذه المرة .... بل اقتربت خطوة أخرى ... و قالت تتوسل برقة و هي تتمكن من الإبتسام
( أرجوك يا شادي ..... اخفض هذا المسدس .... انت ترعبني .... أرجوك , أتحب ارعابي ؟!! .... )
أخذ نفسا مرتجفا .... قبل أن يقول بصوت منخفض وهو لا يزال يتحاشى النظر اليها
( لم تتركي لي الخيار يا مليكة .......... تعالي خلفي , و احذري أي خطوة متهورة ... فالرصاصة حينها ستزين وجه خالي الحبيب ..... )
حينها اندفع اليه رائف وهو يهدر بقوةٍ زلزلت جدران البيت
( على جثتي .......... )
و كل ما تمكن كريم من قوله حينها بصوتٍ يشتعل رغم خفوته
( لم تترك لي خيارا اذن ........ )
و دون قول المزيد .... صوب المسدس الى قدم رائف و اطلق رصاصة أصابتها مباشرة ...
امتزجت صرخة رائف مع صراخ ملك المجنون و هي تراه يسقط على ركبته أرضا ... و الدماء تغطي البساط من تحته ....
فنبذت الخوف و جرت اليه .... تجثو بجواره و هي تتمسك به بعنفٍ و هي تصرخ منتحبة بجنون
( ياللهي !! ...... رااااائف .... )
كان كريم لا يزال ممسكا بالمسدس و قد تحولت ملامحه الى شيطانية بشعة ... وهو يقول بلهجة مخيفة
( تعالي خلفي حالا يا مليكة .... أو ستكون الرصاصة التالية بصدره .... )
نظرت ملك اليه بعنف و عيناها الحمراوان المنتفختان .. تتسعان ذعرا ...
لكنها قالت بلهجة بطيئة ... و هي تومىء برأسها
( سآتي معك ...... سآتي معك ... فقط لا تتهور , أنا زوجتك حبيبي ... )
نطقت الكلمة الأخيرة و هي تنشج بنحيبٍ متوسل منهار .....
حاولت النهوض من مكانها ... الا أن قبضة من حديد أطبقت على ذراعها و صوت رائف يقول لاهثا بلهجة مخيفة
( اذن اتبعها برصاصة بصدري أولا .... لأنها لن تتحرك من هنا و أنا حي .... )
هز كريم كتفه وهو يقول ببرود جليدي و كأنه انسان ميت
( كما تريد ......... )
الا أن ملك صرخت وهي ترمي نفسها على صدر رائف بعنف كاد أن يسقطه أرضا .. و هي تتعلق بعنقه بجنون
( لاااااا .... لاااااا يا كريم أرجوووك ...... أنا آسفة ... أرجوووك أنا آسفة ... )
حاول رائف ابعاد ذراعيها بقوةٍ عن عنقه وهو يصرخ
( ابتعدي يا ملك ..... تعالي خلفي .... )
الا أنها كانت في حالةٍ هيستيرية و هي متعلقة بعنقه كفكي كماشة .... و كريم يصرخ عاليا من خلفها
( ابتعدي عنه أو أطلق الرصاص على رأسه ..... لم أتعلم التصويب هباءا مليكااااا ... )
لف رائف ذراعه حولها ... و مال بوجهه اليها حتى لامست شفتاه صدغها وهو يهمس بكل ما أوتي من رفق
( اهدئي ..... اهدئي و تعالي خلفي .... لن يحدث شيء ... فقط تعالي خلفي .... )
كانت كالمجنونة و هي تصرخ و تهذي مغمضة عينيها بشدة ... ترفض ترك عنقه و كأنه قشة النجاة بالنسبة لها ...
فهدر كريم كالمجنون صارخا
( مليكااااااااااااا ....... )
لكن رائف نهض على ساقه السليمة وهو يكاد يحمل ملك معه بذراعه التي تحيط بخصرها ...
ليدفعها بقوةٍ كي تسقط أرضا بعيدا .... بينما اندفع الى كريم و أمسك بالمسدس قبل أن يتمكن من اطلاق رصاصته و رفع ذراعه عاليا ... و كان الشباك بينهما عنيفا وهما يتصراعان ...
و قال رائف من بين أسنانه ووجهه قريب من وجه كريم ..
( أرجووووك تعقل ..... لا أريد أذيتك .... أرجووووك يا كريم ..... )
لكن كريم بدا في حالة غير طبيعية ... وهو يطلق رصاصة استقرت في السقف ... فصرخت ملك بجنون و هي تطبق يديها على أذنيها .... لا تسمع سوى عبارة واحدة
" رائف سيموت ..... رائف سيموت ..... "
لكن صوت ضربة أخرى .... كان الأقوى ... فشهقت ملك و هي تحاول استيعاب وجود سيد من خلفه و الذي ضرب رأس كريم بعصاه الخشبية الضخمة ....
تركه رائف أخيرا ... فترنح و سيل من الدماء تنساب على وجهه و بين عينيه ....
مما جعل ملك تصرخ عاليا و هي تغطي عينيها بيديها .... بينما هتف رائف لاهثا
( لماذا تأخرت ؟!! ......... )
قال سيد
( كنت خلف البيت .... أثناء تواجدكم , فلم يفطن لوجودي ..... )
ترنح كريم .. الى أن سقط على ركبتيه وهو ينظر الى ملك التي أخذت تتراجع زحفا الى أن التصقت بالحائط و هي تضم ركبتيها الى صدرها .... تنشج برعب و هي تنظر الى الدماء التي غطت وجهه ...
فهمس وهو يمد لها يده قائلا
( مليكاااااا .......... )
كانت ترتجف بشدة .... تنظر الى يده المفرودة اليها , فتنكمش أكثر ملتصقة بالحائط و هي تنتحب بعنف ...
قبل أن يتحرك رائف اليها وهو يعرج متأوها بصعوبة ... فانحنى اليها ليضم خصرها بذراعه يرفعها عن الأرض و يحاوطها بذراعه الأخرى ليضمها الى صدره بقوةٍ وهو يغمض عينيه ...
حينها زاغت نظرات كريم الى أعلى ... قبل أن يسقط أرضا على وجهه ......
هدر عاطف بقوة
( اطلب الإسعاف يا سيد ..... كلاهما يحتاج الى للمشفى ..... )
أسرع سيد يجري خارج البيت ... كي يطلب الإسعاف , بينما كانت ملك تنظر من بين كتف رائف الى كريم الواقع على الأرض و الدماء تنزف من رأسه .....
أسنانها تصطك بشدة ... و شفتيها ترتجفان .... و جسدها ينتفض بعنف , بينما رائف يتحرك بها بصعوبة وهو يغمض عينيه من شدة الألم الى أن ارتمى بها جالسا على أحد الكراسي فسقطت على ركبتيه .....
و مرت عدة لحظات ... قبل أن ترفع وجهها عن صدره ... لتنظر الى وجهه .. بعينين منتفختين مترورمتين من احمرارهما ... و همست بصعوبة و هي تنتحب بشدة
( هل أنت بخير ؟!!! ...... أقسم أن أقتلك لو أصابك مكروها .... )
أرجع رأسه للخلف مغلقا عينيه شاعرا بدوارٍ عنيف ... لكنه ضحك مجهدا وهو يطبق بيده على مؤخرة رأسها كي يسحبها الى عنقه ... تدفن وجهها بتجويفه الدافىء وهو يهمس بتعب و ألم
( يبدو أن سني لا يحتمل الرصاص بالفعل ...... تكفيني الأرجيلة حاليا ... )
أزداد نحيبها بشدةٍ و هي تتعلق بعنقه ....و كأنها لا تصدق أنه لا يزال على قيد الحياة ....


يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس