عرض مشاركة واحدة
قديم 15-08-15, 11:02 PM   #22205

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

كانت تعلم على فستانها بسرعة كي تسابق الزمن ....
حتى أنها فضلته على باقي عملها .... كونها أصبحت مصممة و صاحبة العمل ... مكنها هذا من الحصول على بعض الأفضلية في ترك ما بيدها لغيرها من الخياطات ...
و يمكنها ترك الخياطة من الأساس ... الا أنها تشكل لها هواية ... تذكرها حين كانت المهرب من جفاء الأيام التي مرت بها ....
الخياطة عندها لغة .... تتكلم بها حين تعجز عن إيجاد من يسمعها ...
أما الآن ... فهي في مهمة إنهاء فستانها ... كي تكون جاهزة ليلة الزفاف و في أبهى حلة ....
لذا تمكنت من سرقت احدى ماكينات الخياطة .... و نقلها الى شقتها .... كما سرقت احدى نماذج العرض كي تثبت القماش من حوله ...
ابتسمت و هي تعمل بحماس ... و شعرت و كأنها سيندريلا ... تعد فستانها استعدادا لحفل الأمير
حتى الآن لا يزال " علي " يناديها بلقب " سيندريلا " .....
حتى على الملأ و أمام باقي السيدات و الفتيات .... و هي تسمح له بذلك , " فعلي " بالذات له مكانة خاصة بقلبها ....
لكن اليوم بالفعل أول مرة تشعر بأنها سيندريلا أو أميرة و متجهة للقاء أميرها .....
رغم عنها كان يتنامى بداخلها شعورا جميلا كل يوم ... أكثر من اليوم الذي يسبقه ....
يوم طلاقها , ظنت أنها ستموت .....كان الألم أفظع من احتمالها , ...
لكن يوما بعد يوم ....بات شيئ آخر يحل محل الألم ... شيء يبدو صحيحا , و كأن كل شيء يعود الى موضعه الصحيح ....
العلاقة بينها و بين سيف تجعلها تشعر بأنها طالبة تقع في الحب من البداية ... بينهما تعارف جديد ...
و هي أهل له .... لا تشعر بالنقص أو التحقير من نفسها ....
حتى هو صار ألطف ... و اكثر احتراما لها ....
و هي غير غافلة عن انتهازه الفرص كي يراها ... أو يسمع صوتها .....
أو على الأقل يرسل لها رسالة موجزة ... ترد عليه , فيرد عليها .... و تتحول الرسائل الى محادثة طويلة و كل منهما مستلقي بفراشه .... الى أن يكتب لها أخيرا ..
" آسف لأنني أخذت من وقتك الكثير و أطلت سهرك ..... "
فتضع الهاتف تحت وسادتها و تستلقي مبتسمة ... تنظر الى السقف هامسة
" أحمق و لا يليق بك التهذيب ..... "
ترى هل قنعت بدور ابنة خاله ؟!!! ..... أم أنها تتطلع الى الرجوع ؟!! ...
رفعت وجهها الى المرآة المقابلة لها و هي تعمل على الفستان أمامها فوق نموذج العرض ....
فابتسمت مرتجفة .... تشعر بالألم ؟!!!
نعم لا يزال الألم موجودا .... لكنه أقل كآبة من يوم الطلاق ... بل تحول الى ألم آخر ...
ألم الشوق ..... تشتاق اليه و مع هذا بداخلها تلك السعادة تتنامى تدريجيا
نعم تحن الى أحضانه .... تشتاق الى قبلاته حد الظمأ ....
و لطالما كانت العلاقة الزوجية الحميمية بينهما مبهرة .... لكن على الرغم من ذلك اكتشفت أنها رغم عذوبتها فهي لا تشكل لها هذا القدر من الأهمية ...
فما ينمو بينها و بين سيف حاليا أكبر ... و أعمق .... ترى أيشعر بنفس الشعور مثلها ؟!! ...
و قبل أن تجد ردا على سؤالها ... سمعت صوت رنين الجرس ...
فعقدت حاجبيها و هي تتسائل من ذا الذي سيأتي لزيارتها الآن ؟!! .....
ذهبت الى الباب كي تفتحه .... ثم ارتفع حاجبيها و هي تقول بخفوت
( عمتي ؟!! ............ )
وقفت منيرة بالباب مبتسمة بحرج... بكل بهائها و جمالها الرقيق رغم تقدم العمر بها ....
ثم قالت بهدوء
( كيف حالك يا وعد ؟؟ ...... أيمكنني الدخول ؟!! ..... )
رمشت وعد بعينيها و هي تبتعد قائلة
( نعم ... نعم بالتأكيد .... تفضلي أرجوكِ ...... )
أغلقت الباب خلفها ثم استدارت اليها و مدت يدها تقول بخفوت ...
( تفضلي يا عمتي ....... إنها مفاجأة ..... )
جلست منيرة على أحد المقاعد الوثيرة بأناقة و هي تقول برقة
( آمل أن تكون مفاجأة سعيدة ........)
قالت وعد بسرعة
( بالطبع ...... طبعا ......)
الا أنها كانت تكذب و هي تعلم ذلك ... فعلى الرغم من أنهما تقريبا اتفقا على شبه مصالحةٍ هادئة قبل سفرها ...
الا أن وعد لا تزال تجفل من زياراتها المفاجئة ... بعد المرة التي اقتحمت عليها العمل كساعية ... و هددتها بأن تبتعد عن ابنها ... و بالغت في اهانتها لدرجة رميها ببعض النقود في وجهها ...
تعلم أنها ذات قلبٍ أسود كونها لا تزال تتذكر هذا الموقف ...
الا ان منظر عيني منيرة المحتقريتن و غضبها ... و خوفها الظاهر على سيف من أن تدنسه مثلا .. لا يذهب عن بالها أبدا ... و يحفر بداخلها جرحا عميقا ....
نظرت منيرة الى أرجاء الشقة الأنيقة ... و قالت بخفوت رقيق لا يخلو من التوتر و الحرج
( شقتك أنيقة جدا ..... و هي تشبهك الى حد كبير ...)
رفعت وعد حاجبيها و ابتسمت تفرك أصابعها الطويلة بتوتر .. قائلة بخفوت
( شكرا يا عمتي .... و لو أنني أشك بمسألة الشبه تلك ..... تمنيت أن تكون أكثر رقيا .... )
ضحكت مازحة ... الا أن منيرة قالت بهدوء
( بل هي تشبهك بذوقها ..... جذابة و بها بعض اللمحات الداكنة القوية ... لكن ذلك لا يلغي الأنوثة بها ...)
نظرت وعد اليها بتوجس رافعة حاجبيها... ثم لم تلبث أن ضحكت بتوتر و هي تقول
( شكرا لكِ يا عمتي ..... لا أظنني أستحق هذا المديح العميق .....)
أخذت منيرة نفسا متوترا ... قبل أن تقول بارتباك
( كيف حال ملك ..... أتيت على أملِ رؤيتها ..... )
لم ترد وعد .... بل ظلت تنظر الى عمتها طويلا بنظرةٍ فارغة .... بينما الغضب القديم يحاول التشعب بداخلها
لماذا تصر على اشعارها بأنها نكرة .... وضيعة ....
بعد كل الكره الذي رأته منها و من ورد ...... تأتي الآن خصيصا لتسأل عن ملك التي لم يزد تعارفهم بها عن بضعة أيام .....
نعم تشعر بالغيرة ..... غيرة سوداء غير محببة ...
لكنها تمكنت من القول بفتور مرغمة
( ملك بخير .... لكن ربما لا تعلمين أنها لا تقيم عندي حاليا .... إنها تسكن بمكان بعيد كي نبعدها عن زوجها الى أن يتم الطلاق ....)
قالت منيرة بألم
( آآه أعرف .... أخبرني سيف ...... مسكينة حبيبتي , ما عاشته ليس هينا .....)
عقدت وعد حاجبيها و هي تفكر ...
" طالما تعرف ... اذن لماذا هي هنا ؟!! ...."
نظرت منيرة حولها قليلا بتوتر .... ثم قالت أخيرا بخفوت
( زفاف مهرة خلال أيام ......... )
شعرت وعد بضربة قاسية ....
هل هذا سبب مجيئها ؟!! ....... هل جائت تطلب منها الا تحضر ؟!!! ....
ابتلعت وعد ريقها و هي تشعر بأنها لن تكون قادرة على تحمل هذه الإهانة .... ستكون أكبر من قدرتها هذه المرة ...
لكنها قالت بصوتٍ خافت مكتوم متردد
( نعم ...... أعرف ... مبارك لها عمتي .... لقد ..... لقد دعاني سيف ... )
و انتظرت الصفعة أن تأتيها .... الا أن منيرة قالت مندهشة
( حقا ؟!!! ...... لم يخبرني هذا الولد !! ....... )
ابتلعت وعد ريقها باختناق .... و هي تفكر ...
" و الفستان ؟!!! .... ماذا عن الفستان الذي قاربت على إنهائه ؟!! ..... هذا ليس عدلا .... "
رفعت منيرة وجهها لتقول مبتسمة بارتباك جعل وجهها يحمر بشدة
( اذن فقد سبقني هذا الولد ..... الحقيقة أنني كنت قد ..... أتيت كي أدعوكِ و خشيت أن ترفضي المجيء بسبب الظروف ..... ففي النهاية أنا عمتك ... و إن كان النصيب بينك و بين سيف قد انقطع .... فهذا لا يمنع أن نحاول .... ان ..... )
كان ارتباك منيرة يتزايد بشدة ... الى أن صمتت مطرقة بوجهها و هي تندم على مجيئها المحرج الى هنا ...
فقالت وعد برقة و هي تنظر الى رأسها المحني ....
( سآتي يا عمتي ...... لقد حضرت نفسي و سآتي ان شاء الله .... مبروك )
رفعت منيرة وجهها الى وعد بأمل .... ثم قالت
( حقا ؟!! ...... ظننتك ستردينني مكسورة الخاطر ... )
قالت وعد بخفوت
( و لماذا يا عمتي ؟!! ..... لقد أكلت ببيتكم ذات يوم و لهذا حق علي ...... )
كان وجه منيرة منخفضا طوال الوقت و هي متمسكة بحقيبتها ... لدرجة أشعرت وعد بالشفقة عليها ...
لكن منيرة قالت بخفوت
( هذا يجعلني .... يشجعني ... أطلب منكِ البدء ,بفتح صفحة جديدة ...... )
رفعت وجهها الى وعد تقول بخفوت
( ربما بعد زواج مهرة ... قد تتمكنين من زيارتي بين الحين و الآخر ... خاصة حين تتزوج ورد هي الأخرى ..... و أنا أعلم أنهما تسببتا في ايلامك ... لذا ربما بعد زواجهما تتمكنين من ... )
الا أنها صمتت .... و اطرقت بوجهها اكثر ... ثم قالت بخفوت
( أنا أيضا آلمتك ..... لكن أتمنى أن ....... )
كان كلامها مبعثرا ... محرجا ..... مما أشعر وعد بالإختناق ,و على الرغم من تأكدها بأن عمتها لم تقم بهذه الخطوة الا بعد اطمئنانها الى طلاقهما ... الا انها قالت بهدوء و تأكيد
( لا بأس يا عمتي .. لنبدأ من جديد ....... )
رفعت منيرة وجهها وهي تقول بأمل
( هل ستأتين لزيارتي بين الحين و الآخر ؟؟ ...... )
أومأت وعد و هي تقول بهدوء
( ان شاء الله ........ )
نهضت منيرة ... و حاولت وعد استبقائها الا أنها أصرت على المغادرة بلطف ... فقد كانت في حالة من الحرج أكثر من احتمالها ...
و حين خرجت من باب الشقة كانت تهمس لنفسها بحزن
" خدعت نفسي على الرغم من أنني ذقت نفس حب سيف من قبل .... فقد ورث قلب والده ... و أنا لن أسمح بأن يدمر قلبه بما يفعله الآن ....مثل سيف ووالده حين يدمر قلبه , قد يفقد نفسه الأخير .. ..و أنا لن أسمح بهذا .... لن أسمح ... "
.................................................. .................................................. ...................
وقف مستندا الى سيارته ... ينظر الى الليل المظلم ... لا تضيئه سوى بعض النجمات البعيدة ..
شرد بها قليلا ... قبل أن يتنهد بنفاذ صبر ليخرج هاتفه من جيبه و يكتب نص رسالة
" ليس معنى أنني صممت على اصطحابك معي أن تؤخريني !!! ... أنا شقيق العروس وولي أمرها الوحيد ... هلا تحليتِ ببعض الدم و نزلتِ من فضلك !! ... "
انزل هاتفه وهو يسمع صوت الليل ... يكاد نفاذ صبره أن يحرقه كي يراها ... لكن صوت رسالة وصلته فرفع هاتفه المضيء ليقرأها
" يمكنك أن تأخذ سيارتك و تذهب على فكرة !!!!!!!!! "
زم شفتيه قبل أن يكتب بعنف
" انزلي قبل أن أصعد اليكِ و أنزلك على صف أسنانك .... "
نظر الى باب الxxxx دون جدوى ... الى أن وصلته رسالة أخرى ... فقرأها
" هل هذا اسلوب يصلح لمعاملة آنسة محترمة مثلي ؟!ّّ!! ...... "
زفر بعمق وهو يضرب الهاتف كاتبا رسالة جدية
؛" آنسة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! ..........."
وصله الرد خلال لحظات
" احترم نفسك ........... علامات التعجب تلك قذرة المعنى .... "
اتصل بها أخيرا بغيظ ....
و انتظر الرنين الى أن سمع صوتها المبحوح و هي تقول
( أنت حقا أكثر مرافق عديم الذوق رأيته بحياتي ........ )
الا أن صوتها أثار به جيشان من الحنين ... فقال بهدوء آمر
( انزلي يا وعد ........ رجاءا ... )
أخذت نفسا عميقا ... قبل أن تقول برقة
( أرأيت !! .... الأدب فضلوه على العلم ..... أنا أمام المصعد , لحظات و سأكون عندك )
تنهد وهو يضع هاتفه بجيبه ... ثم أخرج علبه سجائره ليشعل واحدة منها بوجوم شارد ...
لكن و قبل أن يأخذ منها نفسا ... و بينما هي مشتعلة في فمه ... رآها تخرج من بوابة البناية !!!
فغر شفتيه قليلا ... فسقطت السيجارة من بين شفتيه فانتفض يبعدها بحذائها شاتما كي لا تثقب بنطاله ...
و ما أن سحقها بقدمه ... حتى رفع رأسه مجددا كي يتأكد مما يراه بعينيه ....
و هي تتقدم برشاقة كي تقترب منه .... ترتدي فستانا من الحرير الذهبي الشاحب ... محكم حول صدرها وحول ذراعيها ... دون أن يغفل عن إظهار استدارة كتفيها بوقاحة ...
بينما ينهمر كشلال من الأمواج الناعمة حول ساقيها بنعومة حتى الأرض ....
أما شعرها فكانت ترفعه في لفة أنيقة خلف رأسها .... جعلت شكلها يخلتف تماما ....
و و جهها يبرز جماله بزينته الذهبية التي شاركت الفستان لونه ....
بينما تراص صف من النجوم الذهبية الصغيرة حول لفة شعرها مما جعلها تتوهج ببريق سحره
و جعله يتسائل بذهول
• "هكذا تلمع النجمات ؟!! ....... من يجعل الأخر أجمل ؟!! .... أنت أم تلك النجوم الصغيرة التي تزين شعرك ؟!! .....
كان قماش الفستان من النعومة و الخفة بحيث كان يرفل متطايرا بجموح حول ساقيها و كأن الهواء يندفع بينهما و هي تقف على قمة جبل عال..........
مطرقة الرأس .... تتأكد من حقيبتها الصغيرة .... بينما يدها تملس فوق خصر الفستان فيبرز صدرها بهلاك الذكرى ......
خصلة شريدة أمام أذنها تتطاير فوق وجهها ... تتذوق طعم أحمر الشفاه الذهبي المسكر الذي تضعه .....
فتتركه واقفا يتمنى أن يكون محل خصلة شعر ....
يرتفع اصبعها الطويل لتعيد تهذيبها خلف أذنها ... و حينها رفعت وجهها اليه ....
و ابتسمت أجمل ابتسامة تجعل من ابتسامات النساء الأخريات مجرد تشنجا عضليا .....
والأدهى أن عينها الشتوية اختارت تلك اللحظة بالذات كي تغمز غمزتها الوراثية الوقحة و التي لا تملك سيطرة عليها .... و لا تعرف مدى سحرها ......
فهمس بداخله دون صوت
" تبا لغمزاتك تلك !...... لو أملك تدبيس جفنك كي لا يسحر غيري من الرجال لفعلت مسرورا ....."
وقفت أمامه أخيرا و هي تفتح ذراعيها لتقول برقة شجعتها نظرات وجهه الصارمة الجلفة ... و هي تعرف أنه تعبيرعن اعجابه ،،
(مساء الخير سيدي ...... كيف تراني ؟..... هل أليق بمرافقتك الليلة ؟........ )
ظل صامتا قليلا دون أن يبتسم .... الى أن أخذ نفسا عميقا قبل أن يقول بخفوت بعيد
( من أين لك بمثل هذا الجمال يا وعد ؟!!! ,........ )
" حسنا ..... هذا يوم مشهود في التاريخ ..... لقد نطق عبارة اعجاب حقيقية ينقصها سخريته المعتادة و قذائف لسانه الفظ ..... "
احمر و جهها بشدة و غباء ... لكنها رفضت الا أن تجيبه بطبعها السمج كي تستثير أعصابه عن عمد (يبدو أن الطلاق قد عاد علي بالصحة و التورد ...... )
مط شفتيه بامتعاض دون أن تغفل عن النظرة العميقة بعينيه و كأنها بكلمتها قد لمست شيئا في الصميم ......
فمدت قبضتها تدفع كتفه و هي تقول بعفوية
( أمزح ........ أمزح يا سيدي البائس ..... كانت مجرد عبارة أطمئنك فيها على صحتي قبل أن تبادر و تسألني السؤال المقرر في المنهج ...... أنا بخير يا سيف و لم أشعر بأي توعك مؤخرا ...... )
مد يده يقبض على قبضتها الصغيرة .... و استبقاها متكورة في كفه ... في سلام خاص بينهما ...
غير باقي السلام .... و قال بهدوء عميق
( تبدين رائعة ..... لدرجة تجعلني اخشى عليك من العيون الليلة ... ما بين معجبة و حاسدة ..... ) نظرت اليه و قلبها ينبض بعنف ..... هل يدرك فقط معنى ما نطق به للتو على الرغم من بساطته؟!!! ما بين معجبة و حاسدة !!!
أي أنه يغار عليها .... وبنفس الوقت يشعر بالزهو بها .....
هل يدرك ما يقوله أم أنه فقط يزيد من حسرة الفراق ؟!!! ......
و حين طال الجواب ..... تنهدت و هي تميل بوجهها لتقبض على يده بيده الأخرى هامسة بصدق (مبروك يا سيف ...... مبروك ....... أظن أن تلك الصغيرة هي الناجية الوحيدة من كل آلام الماضي .....)
ابتسم لها .... ولسان حاله يقول ...
" محظوظة هي اذن ..... ليتنا كنا من الناجين ...... "
جلست بجواره في السيارة .... تراقب السماء الداكنة و هي تشعر بقلبها ينبض كقلب فتاة صغيرة ....
وقاره الليلة يخطف الأنفاس .....
قال سيف بخفوت قاطعا الصمت بينهما
( كيف حال ملك ؟؟ .......... )
تنهدت وعد و هي تقول بأسى
(منذ الحادثة و هي تحاول التظاهر بالتماسك .... لكنها لا تخدعني لا تكف ليلا عن البكاء و تظنني لا أسمعها ..... لا أعلم ان كانت تشعر بالذنب لاصابة رائف ..... أم عادت الى حبها البائس و تبكي زوجها ..... )
قال سيف وهو يدير المقود بسلاسة .....
( لا أظنها تملك أي مشاعر ايجابية باقية تجاهه ... بعكس رائف... )
نظرت وعد اليه بطرف عينيها .... ثم قالت
( لماذا تحاول أيهامي أنها تكن مشاعر خاصة لرائف هذا ؟!...... انها مجرد ممتنة له ليس الا ..... و أنا أرى أنه من المستحيل أن تقترن بتلك العائلة المجنونة من جديد ... انهم عصابة يا سيف .....)
قال سيف بهدوء
( رائف ابن عائلة عريقة ... لا خلاف على نظافة سمعته ، فلما نحاسبه على ما فعله زوج شقيقته ؟!!... و أيضا ما فعله كريم خاصة ..... و أن ملك هي من كانت تعرفه أولا ...... )
قالت وعد بحدة
(و لما نجازف ؟!! ......... لم أتخيل أن يصل الأمر الى اطلاق رصاص و دم !!!.....
هل تتخيل حالتي يا سيف حين سمعت بالخبر ؟!!.........)
رد عليها بصوت مكتوم
( أتخيل تماما ........ )
أول ما اثار فزعه عين سمع الخبر هو أن ترتعب وعد و تنتكس ،قبل ان تعرف بأن ملك بخير ....
قالت وعد أخيرا و هي تتنهد بيأس .....
( لا أعلم الآن طبيعة سير القضية خاصة و أنه راقد في المشفى بسبب اصابته البالغة ...... )
قال سيف بحزم
(القضية تم رفعها و انتهى الأمر ..... لن يؤثر بها اصابته ... بل على العكس رب ضرة نافعة .... فسيكون هذا اكبر دافع للتخلص منه ..... )
قالت وعد بحزن عميق
( تلك القضايا تستغرق على الأقل عاما كاملا يا سيف .... )
قال سيف بخفوت
( سيمر ..... سيمر يا وعد ..... كل شيء يمر سريعا ....... )
نظرت اليه بصمت ..... و وجدت نفسها تتسائل
" و هل مررت أنا أيضا يا سيف ككل شيء يمر ؟!! .... أم أن جزء مني لا يزال بداخلك ؟؟ ....."
لكنها أطرقت برأسها دون كلام ..... فقال سيف بخشونة
( لا أعلم سر اصراركما على بقاء ملك معك ؟!!............ )
قالت وعد و هي تنظر اليه بطرف عينيها
( الهذه الدرجة تتمنى بقائي وحيدة يا سيف ؟!!.........)
نظر اليها بخشونة قبل أن يقول
( و لماذا لا تأتين معها ؟!!....... الن يسعك بيت عمتك يا وعد ؟!!....... )
لم تملك نفسها الا أن تضحك ضحكة مريرة .....
ان كان البيت لم يسعها و هي زوجته .... فهل يسعها و هي طليقته؟!!......
قال سيف بنبرة عميقة ....
( ما معنى هذه الضحكة تحديدا ؟!!..... ظننتك قد تجاوزت الخلاف !!..... )
تنهدت و هي تعلم أنه لا جدوى من الحوار المرير .... فقالت بهدوء
( تعرف أن هذا لا يليق يا سيف .... من كل عقلك تقترح أنت ؟!!! ..... )
قال سيف بخشونة
( يمكنني المبيت بمكان آخر ..... حتى لو كان شقتك القديمة ..... على الأقل سأكون مطمئنا عليكِ .... )
نظرت اليه رافعة احدى حاجبيها و هي تقول بدهشة
( هذا تقدم مذهل ..... أنت تتجاوز الماضي بصورة تثير الاعجاب .... )
نظرت من نافذتها و هي تقول بهدوء
(لكن هل تتخيل شعور عمتي و ورد حين اتسبب في بقائك خارج البيت ؟!!!......الدفن حية سيكون أسهل ......)
صمت سيف و لم يجد المزيد ليقوله ..... بينما انعقد حاجباه بشدة و زاد من سرعة قيادته ...
فنظرت اليه وعد و هي تقول
( لماذا نتطرق الى مثل هذه المواضيع مجددا ؟!!....... اليوم زفاف أختك الصغيرة ..... ابتسم ... )
نظر اليها .... فابتسمت .....
و دون أن يملك القدرة على منع نفسه مد يده ليمسك بيدها الموضوعة على ركبتها ....
ليقبض عليها و يتابع طريقه بصمت .... ناظرا أمامه .... بينما كانت هي تذوب و تذوي ثم تعود و تتوهج من اصبعه الذي أخذ يلامس ظاهر يدها ... و قلبها الأحمق يتوسل الصفح !.....
حين أوصلها الى القاعة .... استدار اليها أخيرا و قال و كأنه مضطر لا يريد تركها....
( يجب أن اتركك الآن و أعود لأمي و مهرة ....... فأنا من سيسلمها الى زوجها..... )
ابتسمت برقة و هي تطلع الى عينيه ثم قالت ...
( طبعا ..... أذهب هيا .... سأنتظرك بين المدعوين .... )
ظل ينظر اليها بصمت ..... كارها أن يتركها ... لكنه استدار قبل أن يضعف أمامها
و ما أن خطا خطوتين حتى قالت وعد من خلفه ....
( محظوظة أختك بك يا سيف ......)
تسمر مكانه .... و رفع وجهه دون أن يستدير اليها عاقدا حاجبيه بشدة ..... يتنفس بسرعة ... فأغمض عينيه وهو يقول في داخله بغضب و ألم الشوق يقتله......
" الى ماذا تسعين بالله عليك ؟!!!...... هل عدت الى قسوتك و تردين تعذيبي بتلذذ بعد فوات الأوان ؟!!!......"
أسرع الخطا مبتعدا عنها مندفعا .... بينما هي تقف مكانها تنظر الى هيئته الرجولية وهو يندفع بين المدعويين ، يومىء برأسه يمينا ، و يبتسم يسارا .... و هيبته تلجم الجميع ... و هي أولهم ....
جلست بتوتر على أقرب كرسي تنتظر .... تشرب رشفة من كأس الماء أمامها ... بينما الموسيقى الخافتة المنبعثة لم تساهم في تهدئتها .....
مر الوقت طويلا ... طويلا ... و هي تراقب الجميع من الزاوية التي تقبع بها ... و قد بدا الموظفين لدى سيف في التوافد...
.و كانت تعرفهم كلهم و تتذكر كل منهم ...... الا أنها فضلت البقاء في زاويتها تراقب تغير الأحوال ....
و كم اختلفت حياتها بعد أن كان أقصى طموحها هو الحصول على تلك الوظيفة !......
سمعت فجأة قرع الطبول عاليا .... و الموسيقى المهيبة الصاخبة تعلن عن نزول العروس....
فنهضت من مكانها تسوقها قدميها الى رؤية سيف .... و بالفعل ....
وقفت خلف المحتشدين لتنظر اليه وهو يقف أعلى السلم متأبطا ذراع مهرة ......
استندت وعد الى جدار خلفها و هي تقف خلف الجميع .. مرجعة رأسها للخلف......
و هي تتأمل جمال المشهد أمامها ...
تراه أمامها بكامل وسامته و وقاره بينما مهرة تتعلق به بكلتا ذراعيها و هي تبكي و تضحك من تحت خمارها .....
لقد استعاد حياته سريعا ..... و عاد الأب الذي كانه قبل أن يعرفها .... الأب الذي تردد في أن يكونه لطفلهما .....
ابتسمت بحزن و هي تتأمل هيبته ........
ترى هل كان بمثل هذا الجمال و هو يتأبط ذراعها ليلة زفافهما ؟!......
من المؤكد أنه كان ..... لم يكن لديها من يوصلها اليه ليلتها .... فتكفل هو بالأمر .....
رغم كل الأوجاع التي أحاطت بهما و تركت اثارهما على طباعهما الغير مروضة...
الا أنه كان لها الأخ و ولي الأمر و الزوج و الحبيب .....
يوما ما كانت محظوظة كمهرة تماما ..... لكنها كانت أكثر أرهاقا من أن تلاحظ ذلك فلم ترى سوى مساوئه فقط .... تماما كما فعل هو .....
أستمر الزفاف وهو يسلمها الى عريسها ... بينما منيرة تبكي بقوة و ورد واقفة خلفها .....
ليست بنفس الملامح الباردة القديمة و التي كانت تخيفها من قبل بل كانت أكثر جاذبية و أناقة و هي تصفف شعرها في لفة تشبه شعرها ... بينما ترتدي فستانا طويلا انسيابيا على جسدها لونه أزرق داكن من أغمق درجاته ... فكانت جميلة بطريقة تخصها ....
أفاقت وعد على عيني سيف تنظران اليها مباشرة .... عبر هذا الجمع الغفير......
فلم تحاول الاستقامة أو محو ابتسامتها الحزينة ..... بل ظلت مستلقية على الجدار و ذراعيها من خلفها .....
تتأمله بصمت ... بينما عيناه مرتا على جسدها كله في لحظة واحدة بدفء .... فارتجفت و كأنه لامسها بأصابعه عارفا كيف يجعل قلبها العليل يرجف بشدة حد الألم ......
لاحظت أنه يعبر اليها ،، و عيناه مركزتان عليها فحاولت الابتعاد و قلبها ينبض بعنف ... ....
تحتاج بضعة دقائق مع نفسها .....كي تهدىء من خفقات قلبها ... لكن و ما أن خرجت من القاعة حتى سمعته عند الباب من خلفها يقول بصوته الآمر.....
( وعد ............ )
وقفت مكانها تتنفس بسرعة ... قبل أن تستدير اليه مبتسمة بتوتر و خجل ..... اليس هذا مضحكا .....
لكنه قال بخفوت وهو يقترب منها خطوة دون أن يبتسم
( لماذا خرجتِ وحدك ؟!! ........ )
أبتسمت بارتباك و هي تقول ببساطة جاهدت كي تبدو طبيعية ....
( أردت التقاط أنفاسي فقط ...... لا شيء مهم ..... )
عقد حاجبيه وهو يقول بقلق مقتربا منها خطوة أخرى
( هل أصابك دوار ؟!! ...... كنت شاحبة في الداخل .... )
نعم لقد انتابها دوار عنيف من شدة مشاعرها و هي تراقبه متمسك بذراع مهرة .... الا أنها تمكنت من الابتسام كاذبة و هي تقول بهدوء
( لا ....... ابدا ...... أنا بخير , أنا فقط أتوتر من الزحام .... )
ظل يراقبها قليلا عاقدا حاجبيه ... ثم مد يده اليها وهو يقول
( اذن تعالي لأجلسك ....... و ستكونين بعيدة عن الزحام .....لكن لا تخرجي في الظلام بمفردك ... )
نظرت الى يده المفرودة لها .... و حركت يدها كي تضعها في يده و كأنها مكانها الطبيعي ... الا أن صوتا أنثويا مألوفا ...... أثار قشعريرة باردة عبر فقرات عنقها
( سيف ........ بحثت عنك في كل مكان ...... ماذا تفعل هنا و الزفاف في بدايته ؟!! ..... )
تسمر سيف مكانه ..... و أظلمت عيناه بشدة ... بينما كانت وعد تنظر بصمت الى ميرال من خلفه و هي تتقدم اليه .... تنظر اليها و عينيهما تتقابل بقوة ...
قبل أن تتمسك بذراع سيف لترفع نفسها نفسها على أطراف أصابعها .... لتقبل وجنته أمام عيني وعد الذاهلتين !!! .....
أغمض عينيه للحظة ..... قبل أن تقول ميرال برقة و هي تنظر الى وعد مبتسمة
( مرحبا وعد ....... لم نرك منذ فترة , جميل أن تقابل في المناسبات السعيدة دائما .... خاصة و أننا أصبحنا أقارب ...... )
كانت عينا وعد لا تزالان على ذهولهما .... قبل أن تعقد حاجبيها ... لتهمس بعدم فهم ...
( م....... ماذا ؟!! ......... )
عبست ميرال و هي تنظر الى سيف تتأبط ذراعه قائلة بعتاب مدلل
( سيف ....... ألم تخبر وعد حتى ؟!! ...... إنها من العائلة ..... )
نقلت وعد عينيها الغير مستوعبتين لما يحدث ... لكنها همست باستفسار
( سيف !!!! ............ )
ظل صامتا قليلا ... ينظر اليها بوجه جامد كالرخام الداكن .... بينما عيناه تضيقان بألم وهو ينظر الى وجهها الشاحب .... الى أن قال في النهاية بصوت لا حياة فيه ...
( لقد خطبت ميرال يا وعد ......... )
فغرت شفتيها قليلا ... و ارتفع حاجبيها بصورة غير ملحوظة الا لعينيه هو فقط .... بينما تحرك حلقها و هي تبتلع ريقها بصعوبة ....
و ما أن تمكنت من تحريك شفتيها المتيبستين حتى قالت بفتور ...
( مبرووووك ....... مبروك ...... )
لم تستطع قول المزيد خاصة و هي ترى ميرال متمسكة بذراعه و يدها على صدره ....فهمست بخفوت
( بعد اذنكما ........... )
ثم استدارت بسرعة حول نفسها لتندفع نازلة السلالم الرخامية أمام القاعة .... بينما نسيم الليل البارد يضرب جسدها النحيل و يطير فستانها خلفها بجنون ....
لكنها لم تشعر بشيئ .... كانت فقط تريد الرحيل من هنا بأي صورة ......
الا أن صوت سيف كان يتبعها هاتفا بقوة وهو يجري خلفها
( وعد ..... وعد ...... انتظري ..... )
لكنها لم تستطع حتى النظر اليه وقد تحولت خطواتها المسرعة الى جري ....
و كانت يديها تتصارعان لنزع النجوم الذهبية من شعرها بعنف و هي تشهق بغضب ... لترميهم أرضا واحدا تلو الآخر ... غير عابئة بالألم المنتشر برأسها ...... حتى تناثر شعرها بجنون و همجية على ظهرها ......
أسرع سيف خطاه جريا حتى تمكن من الوصول اليها بقوته الجسدية التي لا تقارن بجسدها الضعيف ... فأمسك بذراعها ليديرها اليه بقوة وهو يهدر قائلا
( انتظري يا وعد........ انظري الي )
دفعته في صدره بكلتا قبضتيها و هي تصرخ بجنون
( ابتعد عني ........... )
تسمر مكانه وهو يرى غضبها المجنون .... بينما انساب خطين أسودين على وجنتيها .....
لم يصدق أن يكون هذا هو رد فعلها !!! ....
كان بعض المدعوين الوافدين للتو قد بدأوا في النظر اليهما بذهول .... فزفر سيف بعنف وهو يمسك بذراعها بقسوةٍ يجرها خلفه بعنف و هي تقاومه بشراسة ضاربة ظهره الى أن اتجه بها لزاوية مظلمة ...
فدفعها الى الحائط بقوة وهو يهدر بعنف
( لماذا تفعلين ذلك ؟!!! ....... لم اعد أفهمك ....... لقد تطلقنا بناء على طلبك .... )
نفض ذراعها من يده بقوة وهو يصرخ مرددا من شدة الكبت الذي يشعر به
( تمسكت بك حتى الجنون ..... رفضت طلبك مرة بعد أخرى ..... تقبلت اهاناتك واحدة تلو الأخرى و انت تظهرين لي رفضك في القبول بي مجددا ..... و الآن تتصرفين على هذا النحو !!!!! ... لماذااااااااااااااااااااا ؟!!! ...... لم أعد أفهم ..... )
كانت تلهث بعنف وهي تنظر الى جنونه و عينيه البراقتين في الظلام .... و ما أن انتهى حتى قالت ببرود لا يتناسب مع حالتها الزرية
( هل انتهيت ؟!!! ............ أنا راحلة من هنا .... )
ضربته في صدره أمام ذهوله و تجاوزته كي تبتعد .... الا أنه عاد ليقبض على ذراعها ليديرها اليه وهو يهتف غاضبا بجنون
( آآآآه لااااا..... لن تتحولي مجددا الى وعد القديمة الباردة .... تعالي هنا وأخبريني ...... لماذا تفعلين ذلك ؟!!! ........ )
نظرت اليه بحقد قبل أن تصرخ هي الأخرى
( أنت أخبرني ...... لماذا أحضرتني الى هنا ؟!!! ......... لماذا وضعتني في هذا الموقف أمام الجميع ؟!!! .... ألهذه الدرجة لا تزال حاقدا علي ؟!!! ...... )
اتسعت عيناه قليلا بعدم تصديق ....ثم قال صارخا
( حاقدا عليكِ ؟!! ...... ليكن بمعلومك .... لا يعرف أحد بعد بخطوبتنا سوى أمي وورد فقط ..... و أنا الذي طلبت من ميرال أن نؤخر إعلان الخطوبة و ارتداء الخواتم الى بعد الزفاف ..... أما عن كونك هنا ... فأنتِ هنا لأنكِ ابنة خالي و هذا هو ما يعرفه الجميع ...... لقد دعوتكِ أنتِ بينما طلبت من خطيبتي الا تحضر اكراما لمشاعرك !!!!!!! ..... )
كان كلامه الأخير قد تحول الى صراخا مجنونا .... فوقفت مكانها تنظر اليه بينما الوجع يقسمها نصفين
خطيبتي !!!!!! ..... ارتداء الخواتم !!!!!!!
هل فعلا يقول ذلك ؟!!! ..... هل خطب سيف غيرها فعلا ؟!! .....
ابتلعت ريقها بعذاب صامت و هي تلوح بذراعيها ليسقطا يأسا ... ثم قالت بفتور ميت
( و ها هي قد حضرت رغم طلبك بألا تفعل ....... لأنها خطيبتك ..... )
أطرقت برأسها أمام صدره اللاهث ... و أنفاسه التي كانت تلفح وجهها بقوة ....
ثم قالت فجأة بقوةٍ صادمة و هي ترفع وجهها اليه ....
( عمتي !!!!! ...... كانت تعلم ...... لقد تعمدت دعوتي كي تؤلمني الى هذا الحد ؟!!!!!!! ..... )
صرخت أمام عينيه الذاهلتين من غبائها
( ما بالكم !!!! ....... لماذا تفعلون بي ذلك ؟!!! ...... كيف لها أنت تكون بمثل هذه ال .... )
صرخ سيف بقوة
( اخرسي يا وعد قبل أن أصفعك .......... )
الا أنها صرخت بقوة
( لقد جائت الي تطلب بداية جديدة و أنا صدقتها بكل غباااء ........ )
صرخ سيف وقد احمرت عيناه بجنون
( اخرسي يااااا ............ )
الا أنه لم يستطع حتى نطق اسمها أو السيطرة على الجنون المتنامي بداخله .... ليعلم أنه على وشك القيام بأغبى تصرف ....
فاندفع مائلا اليها ليحيط خصرها بذراعيه القويتين ... يضمها الى صدره بقوةٍ جبارة , و قبل أن تشهق بذهول .... كانت شهقتها قد ضاعت بين حنايا فمه الصلب وهو يطبق على شفتيها المذهولتين الناعمتين تحته ....
لم تصدق بعد ما يحدث لها و هي تغمض عينيها بجنون ... لتستشعر قبلته المجنونة فوق شفتيها سحقا يزيدها عمقا دون أي قواعد ....
كانت تهمس بصدمة باسمه كي يبتعد الا أنه فقد آخر قدرة على سيطرته ... بينما قلبها المسكين يضرب صدره مستغيثا ... فيرفع يده اليه يتحسس دقاته برقة تتناقض مع فمه الملح بقبلته الضارية و المتجولة بين شفتيها ....
و كلما حاولت التراجع ... كان يعيدها الى الجدار من خلفها وهو يقبل عنقها وجنتيها ... فكها و عينيها ... ليعود بعطش الى شفتيها ....
كيف له أن يفعل ذلك ؟!! .......
مدت كلتا يديها الى جانبي وجهه تبعده عنها ... ثم صرخت بقوةٍ و هي تبكي
( كفى يا سيف ....... كفى ..... ستتسبب بكارثة ..... )
الا أنه كان يهمس بين قبلاته اللاهثة
( اشتقت اليك ...... كم اشتقت اليك .... الى ملامستك ... الشعور بك ...... )
أغمضت عينيها عدة لحظات ... و هي تحاول مقاومة تلك القوة التي تجذبهما معا .... الى أن صرخت مجددا و هي تضرب صدره بكلتا قبضتيها ....
( ابتعد عني .......... الآن ..... )
أبعد وجهه عنها بصعوبةٍ وهو يلهث بتعب .... ينظر الى عينيها الحمراوين ..... بينما كانت تبادله النظر بذبول .... و ما أن سقطت يداه عن خصرها ببطىء ... حتى دفعته في صدره مجددا بقوةٍ حتى ابتعد عنها خطوة بالفعل ...
فسارعت لتعديل ملابسها أمام عينيه الذاهلتين دون أن تفتح فمها بكلمة ..... فقال سيف بعد فترة بصوت مجهد وهو يراها تنحنى لتلتقط حقيبتها الملقاة أرضا ...
( لا بأس يا وعد ...... أنت لازلتِ زوجتي ..... )
رفعت وجهها العنيف اليه و هي تقول
( اصمت ........ لا أريد سماع أي شيء تقوله .....اصمت .... )
تراجعت للخلف و هي تحمل طرف فستانها .... لكنها استدارت اليه و قالت بقوة و عزم
( لا أريد أي علاقة بك أو بأسرتك ...... ابتعدوا عني .... )
و امام عيني سيف المصدومتين .... انطلقت تجري حتى الطريق و هي تمسح وجهها فاستقلت أول سيارة توصيل قبل حتى أن يتحرك من مكانه لخطوة ....
فاستند بكفه الى الجدار الذي كانت تستند اليه للتو ... و مد يده يفك رابطة عنقه التي تهدلت و تشعثت ....
فوقف مطرق الرأس .... شاعرا بتعب لم يشعر به من قبل ....
.................................................. .................................................. ..........................
كان صوت كعبها العالي يصدر رنينا عاليا على أرض المشفى ....
مظهرها غريب و يتناقض مع المكان و بياضه .....
تلفت النظر بجرأتها على الرغم من رقي ملابسها ... و هي تتحرك بساقين طويلتين متقاطعتين لم ينل الزمن بعد من جمالهما ... تتحركان في جوربين أسودين .... و تنورة ضيقة تعلو ركبتيها ....
وصلت الى غرفة العناية المشددة ....
فوقفت تنظر من النافذة المخصصة اليه و هو يستلقي بين الأجهزة .....
ابتلعت ريقها بصعوبة و هي تتأمل شحوب وجهه ....
ملامح وجهها باردة كالجليد ... لكن في عمق عينيها الداكنتين ... كان هناك قبس من حياة لا تزال كامنة ...
رأت احدى الممرضات تخرج من الغرفة ... فاقتربت منها خطوة و قالت بفتور
( كيف حاله ؟!! ........ )
نظرت اليها الممرضة بأسف و قالت
( لا يزال في مرحلة الخطر ........ )
نظرت ميساء الى كريم مجددا ... و هي تراه مجرد طفلا مشرد ... شاحب الوجه ... و ليس الشاب مفتول العضلات الذي ظن أنه امتلك العالم بأسره .... فضاقت عيناها قليلا و بانت خطوط الزمن الدقيقة تحتهما و حول زاويتهما ....
لكم فتنتها رجولته الحديثة ..... و كم من مرة شعرت بأحشائها تتلوى من الحرمان وهو يمارس عليها سلطانه الحديث العهد .... ابن البارحة !! ....
أما الآن .... فها هو مسجى الجسد النحيل ... باهت الملامح ... يذكرها باليوم الأول الذي دخل فيه الى القصر ...
رمشت بعينيها و قالت للممرضة
( هل يمكنني الدخول اليه ؟؟ ...... )
قالت الممرضة باعتذار
( لا يسمح الا بدخول الأقارب من الدرجة الأولى ..... )
صمتت ميساء قليلا ... ثم قالت بخفوت
( أنا .......... أمه ........... )
سارعت الممرضة تقول بتهذيب
( طبعا تفضلي ..... لكن لا يسمح بأكثر من خمس دقائق فقط .... )
أومأت ميساء برأسها .... ثم دخلت ببطىء ... و صوت كعبيها يصدر لحنا رتيبا مع صفير الأجهزة المتعلقة به ....
وصلت اليه ووقفت تراقبه بصمت ... ثم همست بخفوت
( كريم ....... كريم ..... هل يمكنك سماعي ؟!! ...... )
صدر عنه صوت تأوه أجش ... و رمشت عيناه .... قبل أن يغيب مجددا ....
فقالت ميساء بخفوت
( أنا هنا ............ هل تعرفني ؟!! ...... )
فتح فمه قليلا .... ثم همس بتأوه
( أمي ........... )
انحنت اليه أكثر و همست بخفوت
( هل أنت واعٍ ؟!! ............ )
رأت مؤشرات جسده تتحرك قليلا بصورةٍ أسرع ... لكنه تمكن من رفع يده ببطىء ....
نظرت الى يده طويلا ... قبل أن تمد يدها لتمسك بها ثم همست بخفوت
( لقد جئت أخبرك بشيء ........ أنا مدينة لك باعتذار واحد .....
اعتذار لأنني لم أتقبلك منذ اليوم الأول عند مجيئك ..... كنت تحبني و كنت أرى ذلك بعينيك ..... كنت أرى كم تتمنى أما ....
لكنني لم أمتلك القدرة على منحك ما تتمناه ...... و أنت لا ذنب لك في هذا كله ....
لقد دخلت المستنقع رغما عنك .... و ليس بارادتك كما تتوهم ..... كنت تريد ما يتمناه أي طفل في مثل سنك .... و نحن قمنا باستغلالك ....
أعرف أنك حاولت طويلا أن تظهر لي بأنك الإبن المثالي .... و أنا أرفض و انفر منك ....
الى أن فات الأوان .... و مضت السنوات بك , فقررت أخذ دورا آخر لم أكن بغافلة عنه و عن أسبابه ....
لقد كنت تفعل أقذر ما يمكنك فعله بحياتك , و لن أمنحك العذر أبدا .....
لكن على الرغم من ذلك , أنا آسفة لدوري في هذا ..... لم يكن بيدي ..... )
صمتت باختناق غير قادرة على المتابعة و هي تنظر اليه ... لا تعلم إن كان قد سمعها أم لا .....
لكن وخز الدموع بعينيها ... نبهها الى أنها أول مرة في حياتها تبكيه هو .... لا ابنها !! ....
استقامت واقفة و هي تنظر اليه ... بينما انحدرت الدمعتان المتثاقلتان ... و ما أن استدارت كي تخرج ... و جدت أكرم واقفا في الباب .... ينظر اليها بوجهٍ شاحب و كأنه كبر سنواتٍ عدة ....
بدا عجوزا جدا ..... هل من المعقول أنها كانت تطلب ود هذا العجوز ؟!!! .... و تئن حرمانا بغيابه ؟!!! ....
استقامت فاردة ظهرها ..... رافعة ذقنها ...... و مرت به بأناقة ... و ما أن وصلت اليه ... مالت بوجهها اليه لتقول برقة
( لولا أننا في غرفة العناية المشددة ..... لبصقت على الأرض كما يفعل الغوغاء و أنا أمر بك .... )
ظل أكرم واقفا مكانه وهو يميل بوجهه الشاحب المتغضن .... يستمع الى وقع كعبي حذائها المتباعدين من خلفه ....
و لم تكن وجهتها حين خرجت من المشفى هي شقتها مع رائف .....
بل خرجت مباشرة عائدة الى القصر .... و ما أن فتحت لها الخادمة الباب ... حتى دخلت بأناقة رافعة وجهها و وقف في منتصف البهو تنادي بصوتٍ عالٍ أرسل صداه في أرجاء القصر الواسع ...
منادية على أسماء الخادمات الأجنبيات .... و ما أن بدأن في التوافد جريا ... حتى صدح صوتها بلغة يفهمنها .....
( كل أغراض السيد أكرم .... توضع بإحدى شراشف السرير ... و تلف جيدا ثم تلقى خارج القصر .... )
صمتت و هي تدخل بثقة .... متابعة بعدها و هي تصعد درجة درجة
( حتى لو تطلب الأمر .... شرشفين ... أو ثلاث .... أو اربع ....... المهم الا أجد أي غرض أو صورة للسيد أكرم هنا ........ )
صعدت بخيلاء ... و هي تفكر باحتقار
" فلو تجرأ على الرفض ..... لقدمت التحليل ممتنة لذلك .....فالقصر ثمن بخس جدا لكل ما اقترفه في حياته ...... "
.................................................. .................................................. ..........................
كانت تبكي طوال الطريق الى بيتها ....
مستندة برأسها الى نافذة السيارة التي تقلها .... غير عابئة بنظرات السائق القلقة ....
و ما أن وصلت الى بيتها الذي غادرته منذ وقتٍ ليس بطويل ... حتى صعدت جريا و هي تبكي و بالكاد تمكنت من فتح الباب بصعوبة بأصابعها المرتجفة ... ثم صفقت الباب خلفها و جرت في الظلام الى غرفتها .... أخذت تنظر حولها و هي تبكي و تشهق بصوتٍ عالٍ ...
الى ان وصلت لطاولة زينتها ... و فعلت ما كانت تتمنى فعله منذ زمن كلما رأته في التلفاز ... فلوحت بذراعيها و طوحت بكل ما عليها أرضا و هي تصرخ و تبكي بصوتٍ عنيف كبكاء الأطفال ...
أخذت ترمي هنا و هناك و هي تبكي عاليا ....
الى أن شعرت بالتعب فاستندت الى طاولة الزينة بكفيها و تساقطت رأسها و هي تلهث بتعب .... و قد بدأ صدرها في ايلامها بقوة ...
فأخذت وقتها في التقاط أنفاسها بصعوبة كي تهدأ .... و بعد فترة طويلة ... من وقفتها متساقطة الرأس كوردة ذابلة ....
ظلت تتنفس ببطىء طويلا و قد هدأت تماما .... فرفعت وجهها الى المرآة أمامها ....
قبل أن تستقيم واقفة .... كانت تنظر الى نفسها بهيئتها المشعثة .... فمدت يدها تلامس شفتيها المرتجفتين
قبل أن تبتسم ببطىء و بعد فترة طويلة ......
ثم همست لصورتها المبتسمة
( تهرب مني يا سيف ؟!! ........ من تخدع ؟!! ..... ربما لو انتظرت قليلا لكنت صدقتك .... لكنك تهرب بأكثر الطرق اثارة للشفقة .... و قبل حتى أن تنتهي العدة ..... من تقنع ؟!! .... من تقنع أيها الأحمق ؟!!! ..... ما أن شممت عطري حتى سقط قناعك المزيف و انهرت أمامي ..... كما انهرت أمامك .... فمن تخدع ؟!!! ........ )
صمتت قليلا و هي ترى الرقة ترتسم على ملامحها بسخرية داكنة .... قبل أن تتابع بثقة
( لنرى كيف ستكون لغيري .........افعلها فقط و سأرفع لك القبعة ..... . )
استدارت و هي تستند الى طاولة الزينة جالسة عليها قبل ان تهمس ضاحكة بأسى
( دعوتني و طلبت منها الا تأتي ؟!!! ....... يالك من أحمق حبيب !! .......... )
رفعت وجهها الشاحب المتعب الى السقف و هي تنظم انفاسها بجهد ..... ثم همست
( لو كنت طلبت العودة مجددا ........... لكنت بادرتك بطلب الصفح ....أقسم لكنت فعلت .... لقد تغيرت ....... تغيرت والله ..... فلماذا تسرعت يا أحمق ؟!! . )
أغمضت عينيها و أخذت نفسا مرتجفا .... قبل أن تهمس
( حسنا ........ حسنا لا بأس ...... لنرى ........ )
لم تكن تعي حتى تلك اللحظة أن ملك ليست في البيت كما تركتها لحظة خروجها ... الى أن رن هاتفها ...
فتنهدت بيأس و هي تخرجه من حقيبتها ... لتعقد حاجبيها ناظرة ببلاهة الى رقم ملك ...
فرفعت وجهها تنظر حولها و هي تعي فعلا بأنها ليست في البيت ...
ردت وعد مسرعة و قد بدا القلق يعصف بها .... لكن ما ان نطقت باسم ملك ... حتى بادرتها هي تقول بنشيج خافت
( وعد ........ لقد مات كريم ...... )

انتهى الفصل 49


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس