عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-15, 01:19 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


4- العيد ليس سعيدا
كانت العيون ترافق مشية تيسا وتتفحصها لكنها تعودت هذا, فأكتفت بتوجيه ابتسامة الى الرجال المتسكين خارج المقهى على الطريقة القبرصية .
كانت قد اقبلت ماشية لتتلقى اية رسائل لها في المقهى ولم تكن ثمة رسائل .
وعجبت تيسا لخيبة الامل التي اعترتها. كانت الرسائل المقبلة من الوطن هامة ولكنها لم تكن بمثابة حياة لها , فقد تركزت دنياها بأسرها على زوجها وصادفها وهي تغادر المقهى كريستوس وهو شيخ مفعم بالنشاط اعتاد استغلال كل فرصه للتحدث اليها بلغة انكليزية ممتازه وسالها ان كانت عائده الى دارها فقالت :

- خطر لي ان ازور ما رولا وسبيروس في طريقي .
- لقد ذهب مستر سبيروس الى كيريتيا . انني ماض في طريقك فلنمش معا .
سألته في فضول :
- اين تعلمت الانكليزية ؟
فقال :
- كنت في الشرطه منذ سنين وقال المشرف علينا ان من يخفق في تعلم الانكليزية يطرد .
والتفت اليها ضاحكا وقال :
- وكريستوس عاقل يسمع الكلمة والمهدد بالفقر يغالب كل الصعاب .
وجذبها جانب في الدرب الضيق مفسحا الطريق لحافلة عابرة وسألته :
- ماذا تفعل الآن ياكريستوس ؟
- انني امتلك بساتين ليمون والليمون يدر مالا وفيرا.
وافترقا عند بيته وواصلت هي طريقها مارة بالبيوت العتيقه التي لوحت الشمس ابوابها وجدرانها والزهور كانت طالعه فيها وبينها احيانا في اصص من الفخار وكثيرا في اوعية معدنية ودلاء قديمة صدئة . وكانت الحدائق تتوهج بالالوان تحت اشعة الشمس وقد انتشرت في جنباتها مختلفات كافة انواع المركبات والاشياء المعدنية المفككة والمهمله وتنبش بينها الدجاجات والديوك الرومية والماعز بحثا عن القوت .
واستقبلتهما مارولا متهلله الوجه وذراعاها مثقلتان بثمار الخرشوف وهتفت :
- مدام لوسيندا هل كنت تتريضين فمضيت الى قرية بيلابيس ؟
- ذهبت الى المقهى اسأل عن الرسائل .
- اليوم التقيت رسالة من ابني .. انه يريد نقودا . دائما تتطلب لندن نقودا كثيره ... اما قبرص فانها رخيصة اليس كذلك ؟
- بعض الاشياء رخيصة ولكن اشياء كثيرة هنا ابهظ ثمنا مما في انكلترا .
وجلست تيسا تحملق في المرتفعات غير المنتظمة وهي شاردة الذهن وقالت اخيرا :
- هناك سحب فوق الجبال اليوم اتظنين المطر سينهمر ؟
قالت مارولا :
- كلا فالمطر هذا العام قليل .
قدمت مارولا الى تيسا قدحا من شراب البرتقال ؟ وتناولت لنفسها قدحا فرفعته قائلة :
- لنشرب نخبك حياة طويلة وهانئة انك موفقه الحظ فالفتاة الانكليزية لا يتحتم ان تملك منزلا اما القبرصية فلابد لها من البيت .
وقطبت تيسا متسائلة :
- اتعنين على سبيل المهر ؟ الا يقع الشبان هنا في الحب ؟
وهزت مارولا رأسها قائلة :
- ولكن لابد ان تمتلك الفتاة بيتا .
- هل اضطررت لأن تقدمي لسبيروس بيتا ؟
- لا يشترط التقديم يكفي ان تمتلك الفتاة بيتا . وقد كان لي بيت في القرية فتزوجني سبيروس ثم بعت البيت واشترينا الفندق .
- ولكنكما سعيدان .. كان خليقا بان يتزوجك ولو لم تمتلكي منزلا .
- سبيروس ؟ كلا يا سيدتي . لو لم يكن لمارولا بيت لتزوج سبيروس فتاة اخرى .
واحتست تيسا الشراب وهي تتذكر ماكان مارتن يقول عن القبارصه :
- الزواج في القرية عادة تصحبه ضجه وكثير من الطقوس المرحة ولكن الرجل بعد عام واحد لا تجدينه الا في المقهى بينما تلزم المراة البيت القبارصة الموسورين المتعلمون فقط هم الذين يخرجون بصحبة زوجاتهم .. في قرية بعيده رجل رزق 7 بنات . لم تتزوج واحده منهن لأنه لا يملك شراء بيوت لهن !
كان بول في الحديقة مستلقيا بكامل طوله على سرير وتوقفت تيسا على مسافة ترقبه موجسه ومشفقه لأول مرة راته يونانيا قحا بكبرياء وقسوة اسلافه اولك المحاربين الاشاوس الذين لم يكونوا يكنون أي مراعاة للحياة . كانوا يتقبلون الموت بنظرة فلسفية متطلعين الى مستقبل هانئ فوق اعالي جبل الآوليمب . لقد قال ابوها ان بول اكتسب قشرة من الحضارة الغربية باقامته الطويلة في انكلترا . لكن ماهي سماته الموروثه ؟
واختلج جفناه واطبقا على عينيه وارتفعت يده تحجب عنهما الشمس وكأن توهجا كان فوق احتمالهما .
وجلسا يحتسيان الشراب تحت ظلال الحصن الصليبي الضخم المهيمن على الطرف الشرقي من الميناء .
- اتشم عبير البحر يابول ؟
فأومأ براسه ثم قال :
- حدثيني عن المراكب يا لوسيندا .
- قوارب الصيد بألوان زاهية بهيجة كذاك اليخوت وصور اشرعتها تنعكس على صفحة الماء مكونه اشكالا عجيبه ..
وسكتت اذ ان بول غير مهتم بالرغم من انه هو طلب الوصف ثم اردفت في قلق :
- هل تود ان ننصرف الآن ؟
فمد يده الى عصاه التي تركها على المقعد المجاور ونهض قالا :
- نعم هذا ما اظنه .
وكان عشرات القبارصه السمر يجلسون في استرخاء على المقاعد فحملقوا في بول وهو يبتعد عن مقعده ويمد يده الى تيسا , وغص حلقها ازاء هذا العجر منه وساءلت : اتراه يفطن الى الفضول الذي اثاره ؟ اذا كان يفطن فلابد انه يعاني مهانة واسى لايطيقان وفجاة , ودت ان تبتعد به فورا عن العيون والناس .
- سننطلق بالسيارة ياحبيبتي على طول الشاطئ ونعرج على الكهف الجميل حيث سبحنا .
قال :
- فكرة ممتازه يا لوسيندا .
ولمحت جبينه يقطب اذ اردف :
- سنذهب اولا لشراء نظارة سوداء .
وكادت تقف دهشة ان كثيرا من المكفوفين يرتدون نظارات سوداء ولكنها ما توقعت ابدا ان يفعل بول ذلك .
واشترى النظارات ووضعها في جيبه ولكنه ارتداها فور ان تركا السيارة عند الكهف وسألت نفسها في قلق ترى اتؤلمه عيناه ؟ وتذكرت كيف كان يحجب الشمس عن عينيه حين وقفت تشاهده بالامس . وودت ان تسأله ولكنها احجمت فما تحدثا معا قط عن مصيبته .
****
وذهبا في مساء يوم الاحد التالي لحضور احتفال الفصح في دير بلابيس كان الميدان غاصا بالاهالي والسياح الذين وفدوا من كيرينيا ومن المقهى انبعصت انغام البزق واجتمعت حول نار اشتعلت في الميدان عشرات من الشباب المرحين وسرعان ما قدم مقعدان لبول وتيسا وقالت تيسا لبول :
- اللهب مرتفع جدا , يضيء الاطلال ويكسبها تألقا دافئا جميلا ...
وقاطعها في جفاء :
- الابد ان ترفعي صوتك ؟ لا داعي لأن تخبري الدنيا باسرها بأنني لا ابصر ..
قالت متلعثمه بعد صمت وجيز مشدوه :
- انني آسفه ما انتبهت الى ان صوتي كان مرتفعا .
كانت تدرك ان صوتها لم يكن يرتفع عن الهمس لأنها من البداية حرصت على الحديث بخفوت لكي لاتحرج زوجها ولم يعقب , فأضافت متردده :
- ان المنظر يبدو جميلا يابول فأردت ان اخبرك به .
- لست معدوم التصور فأنا اشعر بالنار ومن الجلي انني اعرف ان النيران تضيئ الميدان .
ولاذت بالصمت بعد ذلك ولكن بول مالبث ان تناول يدها وكانه شعر بالجرح العميق الذي احدثه فقالت هامسه , وقد سرى عمله عنها شيئا ما :
- يبدو ان شيئا ما يجري , فان الحوذيين يتحدثون الى الشرطي ويلوحون بأيديهم وكانهم يحتجون .
-- اصبت فقد توقفت الموسيقى ولاذ الجميع بالهدوء .
وبعد الصمت عاد الصخب ثانية ولكنه خلا هذه المره من المرح وابدى الرجل الجالس بجوار بول ملاحظة باليونانية فهز بول رأسه واتصل بينهما الحديث والتفت بول اليها وقال :
- ان الاحتفال لا يبدا قبل الثانية .
فهتفت :
- الثانية صباحا , ولكنك قلت , الكل قالوا انه يبدا في ال11 والنصف .
- لم يوافق الاسقف على ان يبدأ في 11 والنصف قال انه ينبغي الا يبدا قبل الثانية .
وسمع هذا شخص بجانب تيسا فقال بالانكليزية :
- انه يبدأ دائما في الـ11 والنصف .
وقال شخصا اخر ساخطا :
- لن انتظر كل هذه المده .
واخذ كل امرئ يحتج ولكن عدم وجود قس في المكان جعل الاحتجاج غير مثمر وسرعان ما انطلقت العربات بركابها المستائين واطفئت انوار المقهى وسلط الماء على النار وكان بول يصغي لجاره الذي بدا على علم بما كان يجري :
لقد قطع شبان القرية الكهرباء عن الكنيسة .. وسدو ثقب مفتاحها بالشمع حتى اذا وصل القس تعذر عليه الدخول .
ونقل بول الخبر الى تيسا وفي صوته عجب وقال صوت من خلفهما :
- لن يكون هنا احد على كل حال اذا ما وصل .
وقال شاب يوناني مليح في ارتياح بالغ :
- ستنشر الصحف كل هذا .. انه لم يحدث في بيلابيس من قبل .
قال بول وهو ينهض اذ بدأ الخرطوم المسلط على النار يصل اليهما :
- يحسن ان ننصرف هيا ياعزيزتي سنذهب الى مكان اخر .
وكانت تيسا تعتقد بوجوب العوده الى البيت ولكن بول كان مصرا على حضور الاحتفال فقادت السيارة الى قرية اخرى على بضعة اميال من كيرينيا وقال بول وهما يهمان بدخول الكنيسة :
- هل احضرت شمعتي يالوسيندا ؟
كانت قد احضرت شمعتين طويلتين ناولته احداهما فقال :
- عندما تدخلين ضعي النقود وخذي شمعه اشعليها ولا تشعلي التي معك سترين على اية حال ما يفعله كل امرئ .
كانت تيسا تدخل الكنيسه اليونانية لأول مرة وازعجها ان تفطن لنظرات الرجال والنساء اذ بدأ انها ليست يونانية .
وهمست اذ قادت بول الى حلقة الشموع الموقده لاشعال شمعته :
- هنا الاشعال .
وتحسس بأصاصبعه احدى الشموع حتى كادت تبلغ فتيلها ثم مد شمعته وتبين بأصابعه انها تجاوزت اللهب وحاول عدة مرات فلم يوفق .والتفتت تيسا فاذا عيون كثيرة ترمقه واستدارت ثانية تتأمله في لوعة وتردد فقد انذرها هاجس غضبه ولكن الوقوف ومشاهدة هذا العمل الموجع للقلب كان فوق احتمالها . وانتزعت شمعة موقده وهي تعيد الشمعه لمكانها :
- انك اشعلتها يا عزيزي , أأغرسها لك ؟
وتردد قليلا ثم اعطاها اياها . وقال :
- ماعليك الا ارشادي الى اين اذهب ثم اتركيني .
وتطلعت اليه مشدوهة وهمست :
- اتركك .. لا استطيع ان اتركك .
وبعد ان قادته لمكان في الصف وقفت ساكنه بجواره تصغي بعجب للغط الاصوات كانما كل امرئ كان يكلم جاره , ولا يحفل بتخفيض صوته . وانبعث فحيح من بول مخنقا فتراجعت غير مصدقه اذنيها :
- قلت اتركيني اذهبي للطرف الاخر من الكنيسه الا ترين انه لا ينبغي لك ان تكوني هنا ؟
ونظرت حولها , فاذا كل النساء في طرف من الكنيسة والرجال في الطرف الاخر . كان كل امرئ ينظر اليها وهي تقف مع الرجال . ومع ان الدماء تصاعدت حاره الى وجهها بقيت حائرة متردده , كيف تتركه ؟ ولكنها سمعته يسأل غاضبا اذا كانت بعد باقية فتحركت بهدوء الى الجانب الاخر واحتلت مكانا بين عجوزين متشحتين بالسواد .
*****
ما عهدت مطلقا هذا القدر من التعاسه والحيرة . كان بوسعها ان تفهم مشاعر بول لأنها رفضت الانتقال من جواره ,ولكنه كان خليقا بأن يعلم ان قلقها عليه شغلها عن ملاحظة ما كان يجري , وعادت الدموع تترقرق في عينيها , ولكنها بعد قليل حاولت نسيان جرح شعورها والتماس العذر لبول فلابد ان الموقف كان بالنسبة اليه اسوأ .
وتمكنت اخيرا من ان ترفع بصرها فتبينت انها لم تعد موضوع انتباه وعجبت وهي ترقب الباب متي يبدأ الاحتفال الديني ؟ ماوال الناس يتوافدون يضعون هباتهم ويتناولون شموعهم فيشعلونها ويغرسونها ثم يتجهون لتقبيل الارعة عشر كما احصتها تيسا . ثم يقبلون الاوعية التي في وسط الكنيسة ...
استمر هذا نصف الساعه او اكثر ثم بدأ الاحتفال اخيرا بظهور القس وانطلاق الرجال بالانشاد وما لبثت الاضواء الكهربائية ان انطفئت وبقيت الشموع وحدها تضيء المكان .
واشعل كل امرئ الشمعه التي احضرها معه وانساب نحو الباب وحاولت تيسا الوصول الى جوار زوجها ثم فطنت الى ان الرجال كانوا يتقدمون النساء . ماذا تفعل ؟ استولى عليها ذعر فظيع فلم تحفل باحد وهي تحلق بالرجال . ولكن بول كان قد اختفى . وبحثت عنه والذعر يزداد بمرور اللحظات .وانطفأت شمعتها فأشعلها لها رجل .
وصاحت وهي تنظر اليه في عجز : زوجي !
فأشار عبر الفضاء التي اتجه بعض الرجال فشكرته وهي تسرع تدفع الرجال عن طريقها حتى اقتربت منه ثم توقفت لا تجسر على ان يعرف وجودها .
وكانت شمعتها قد انطفات ثانية , فأشعلتها من شمعة اخرى . وما فطنت للأنشاد وشعرت بانها لن تحضر ما عاشت احتفالا في كنيسة .
وكانوا يدخلون الكنيسة ثانية ولم تعد تحتمل فمست كم زوجها وهمست :
- بول انني اشعر بالغثيان .. انستطيع .. اتمانع في ان نذهب الى البيت ؟
- ماذا بك ؟
- انني اشعر ..
وجزعت اذ شرعت تبكي , وقالت :
- اريد ان اذهب الى البيت .
وكانت موافقته مفاجاة ادهشتها , لكنها بادرت الى الاخذ بيده وبعد دقيقتين كانا في السيارة .
وسألها بقلق وهي تقود السيارة بتؤدة بحزاء الشاطئ متجهة الى كيرينيا :
- ماذا بك ياعزيزتي ؟ أأنت بخير ... اعني وانت تقودين السيارة ؟
فقالت :
- نعم انني بخير الآن .
ولزما الصمت بعد ذلك , والسيارة تمضي في هواء الليل الدافئ والبحر القاتم الى ياسرهما وجبال كيرينيا غيرالمنتظمة الى يمينهما وما ان دخلا بيتهما حتى التفتت الى بول قائلة :
- انني آسفة لما حدث .. ماكنت اعرف انه لابد لي من ان اكون في الجانب الاخر .
فأحاطها بذراعيه والصقت وجهها بسترته وهو يقول :
- طبعا ياعزيزتي .. انا كنت نافذ الصبر . كان ينبغي ان افهم .
ورفع وجهها بحنان قائلا :
- انسي ما جرى يا لوسيندا . ليس بالامر الهام .
ما اقل ما يعرف ّ كل كلمة حاده وقد استخدم الكلمات الحاده في مناسبات كصيرة في الفترة الاخيرة كانت كنصل في قلبها . أمن الممكن للمرء ان يحب بهذه الدرجة فيحتمل آلام الجراح ؟ واخذت ترتجف فأخذ يواسيها . قالت :
- انني لا اقوى على الاحتمال حين تغضب يابول ما افظع الألم !.
ربتتها يداه , ولكن شيئا مبهما شاب لمساته فاحست تيسا برغبة غير عادية في ان تفلت منه وقال :
- ما افضع الالم؟ لابد انك تحبينني حبا بالغا جدا .
- انك لتعلم هذا .
- كل هذا الحب العميق ومع ذلك ....
وامسك فجأة .
مالذي كان يهم بقوله ؟ اكان يتذكر كيف تعرض للنبذ, وكيف لأمراة فعلت ذلك باستهجان ان تعود لتحبه بهذا القدر ؟ ولكنه ما كان يعلم ان التي نبذته والتي تزوجته مختلفتان .. وهمس :
- انك تخدعيني يا لوسيندا الحبيبة !
وكاد قلبها يتوقف وقد تغضن جبينه في حيرة . وقالت :
- لست ادري ما تعني ؟
- كل هذا التغير العظيم! ولكن لاداعي لاستثارة الماضي فلن نكسب شيئا من ذلك .
وحدقت فيه والحيرة تغيم على عينيها كانت اشارته الماكرة الى الماضي مقصوده وقد شعرت باقتناع بذلك , ومع ذلك فهو يقول انه لا ينبغي اثارة الماضي , وهمست في قنوط :
- لاتدع شيئا يفسد علينا حياتنا يابول ! لا تتغير يا حبيبي ارجوك لا تتغير .
قال واصبعه يتحسس دمعه على خدها :
- لن اتغير يا حبيبتي لوسيندا , انك تبالغين في تفسير كل شيء .
ومس بأصبه فمها وشعر بارتجافة فقال بجد:
- ابتسامة ! ابتسامة على هاتين الشفتين الجميلتين . ووضة في العينين بسرعه .. أريد ان اتأكد من وجودهما .
انفجرت شفتاها . ولكن عينيها ظلتا اسيرتين كان ثمة تغيير تغيير طفيف جدا لايكاد يكون ملحوظا يطرأ على زواجهما !
*****
شاطئ فاروث من اجمل شطئان الجزيرة وكان شبه خال اذ لم تكن الساعه قد تجاوزت السابعه صباحا , وقد خرجت تيسا وبول للسباحه . كانا قد قضيا يومين حالمين في فندق الملك جورج يشعلان وقتهما بالسباحه او زيارة المعالم او التريض في تكاسل . وقال تيسا وهما يغادران الماء ويجلسان على منشفة بسطتها تيسا بينما قدمت لبول غيرها :
- الرمال ذهبية حقا .
واخذ يجفف جسمه ولاحظت تيسا انه الصق المنشفة بوجهه فترة اطول مما ينبغي ولاح كانه يضغط عينيه بأصابعه كما لو كانتا تؤلمانه .
وبعد الافطار زارا المدينه للمرة الثانية وقالت وقلبها صاف كالسماء خفيف كالهواء :
- اننا نعبر الآن الجسر فوق الخندق المائي . في ناحيتك مدخل الحصن يا حبيبي وله قوس جميل .. وهناك الابراج المحصنه التي حدثنا عنها سائق التاكسي . أأتوقف لتناول القهوة, اذا صادفنا احد مقاهي الارصفة ؟
- نعم يالوسيندا , يجب ان نتناول القهوة .
وجلسا في الميدان , وتيسا تحدثه عن عمارة الكاتدرائية والقصر الفنيسي . ثم جنح ذهنها لقصه رواها سائق التاكسي عن شجاعة المحارب الفينيسي براغادينو , الذي كان قائد فاما غوستا اثناء حصار ضربة الاتراك 9 اشهر . وهتفت :
- انني ارتجف اذ اتصور كيف سلخوه حيا ؟
فقال بلهجة غريبة:
- احسب ان هناك ألوانا من العذاب لا تقل بشاعه . ما اغرب ما يخطر على ذهب الانسان !
ولمحت وجهه يجمد ويقسو وفمه يلتوي بشكل بشع سادي يوحي بالرغبة في التعذيب لابد انه كان يفكر في طريقة جهنمية لتعذيب نفسه .
سرت في جسمها قشعريرة واسرعت تسأله :
- هل ننصرف ؟
وعاودها الدفء في ابتسامة وهو يقول :
- الامر لقائد السيارة .
- سنذهب الى برج عطيل حيث اعدمت ديدموية البريئة بقسوة وحشية وظلم .
وتجاهل بول نبرة المزاح في صوتها وتمتم وكأن الكلمات غير موجهة لأذني زوجته :
- برئية ترى اين يعثر المرء على امرأة بريئة ؟وافلتت من شفتيه ضحكة واهنة وقال :
- أي عقاب يحيق بأمراة لا ينطوي على ظلم عادة .
ومحت كلماته الابتسامة عن شفتيها وغاض السرور من قلبها . ماهذا التلميح الماكر ؟ واحست بانه ينطبق عليها لقد قضينا يومين هانئين فما هذا التغير العجيب الذي لا تفسير له ؟
وزايلها الحماس , فأخذت تتكلم بلهجة باردة وهي تصف البرج والجدران والكنائس وقالت لتختصر الجولة اذ لم يتكلم منذ بارحا الميدان :
- لعلك تود العودة للفندق؟
بمجرد وصولهما الى الفندق بدلا ثابهما وتناولا شرابا في الشرفة في ذهبا الى الشاطئ .. وما ان جلسا حتى قال بول انه نسي النظارة الواقيه من الشمس .. واسرعت لفورها تحضرها وذهنها يموج في اضطراب ..
مالذي طرأ على عينيه فأصبح يعاني منهما ؟ وهمت بان تسأله عندما احضرت النظارة ولكنها عدلت اذ احست بنذير خطر وكأنها على شفير هاوية واي ذكر للماضي قد يؤدي لنكبة .
واذا عادا الى الفندق ليبدلا ثيابهما استعدادا لتناول الشاي ضمها بول اليه متسائلا اذا كانت تستمتع بأجازتهما ..
فأجابت ولكن بغير الصدق الخالص :
- كل الاستمتاع وانت يابول ؟
فأجاب :
- ماذا يشتهي الرجل اكثر من زوجة جميلة محبة وشمس مشرقة وبحر دافئ يسبح فيه ؟
كانت كلماته تنطوي على مراوغة بثت الخوف في قلبها وعادت تقول :
- لم تجب على سؤالي .
فقال ويداه تتحسسان كتفيها وظهرها :
- استمتعت بها .. مالون البكيني الذي ترتدينه ؟ انه ليس الذي اعتدت ارتدائه .
- هذا اسود وقرنفلي ..
وعقب قائلا :
- وقصير جدا ولكنك كنت متعوده ارتداء ثياب السباحه القصيرة يا لوسيندا .... ما اسرع وجيب قلبك !
وتدافع الدم الى وجهها وكأنما شعر بول به اذ لمس خدها :
- اتستحين ؟ هذا شيئ جديد اعلمه عنك . فما كنت اظنك تخجلين لا سيما وقد تزوجت لأكثر من 3 اسابيع .
وشعرت بعياء لا لأن بول كان يسخر منها فحسب بل لأن نبرة صوته ازدراء .وعاد يتساءل في شيء من التفكه :
- لم تخبريني عن سبب تسارع دقات قلبك . اهو الانفعال ؟ او هل يكون الخوف ؟
وانتظر جوابها دون مرح , فقالت وهي ترتجف :
- بول لست افهمك في مزاحك هذا فما الذي يدور في ذهنك من افكار ؟
- افكاري ؟ انني احتفظ بها سرا يا لوسيندا . اما افكاري فهي ملكي وحدي !
ودون ان يمهلها لتفكر جذبها اليه فأستجابت له , وان راح يخز قلبها ألم رهيب !
****
كان العشاء في مساء ذلك اليوم بهيجا اذ ان زوجين من الانكليز كانا قد تجاذبا الحديث مع بول وتيسا في عدة مناسبات يتأهبان للرحيل الى انكلترا في اليوم التالي , فاقترحا ان يقضي اربعتهم الامسية معا . وما ان انتهى العشاء حتى انتقلوا الى المشرب .
وكان بول في افتن حالات المزاج وقد بدا برونزي السمرة بالغ الاعتداد بزوجته يسبغ عليها اعتزازه حتى لقد بدا الاخران مبهورين بما كان يضفيه عليها .
وما لبص الاخران ان صعدا الى غرفتهما فقال بول :
- انخرج لنتنسم الهواء العليل ؟
وما ان خرجا حتى سمعت تيسا نداء فاتفتت في دهشة لتتبين من كان ينادي ثم هتفت :
- مارتن ! ما ألطف ان اراك .
وحياها ثم التفت الى بول ولاحظ انها تمسك بيده وقال :
- اتتذكرين بأنني وعدتك بان اريك العالم ؟
- اعرفك بزوجي بول يامارتن . هذا مارتن يابول . اظنني ذكرت لك التقائي به في السفينه وانا قادمة .
وبسط بول يده في حركة متحفظة متردده ولكن صوته بدا لطيفا وهو يتحدث لحظة او اثنتين مع الشاب واخيرا قال مارتن :
- ارى ان علي ان انصرف . لقد فاجأتني حقا اذ قدمتني الى زوجك فما خطر لي انك جئت لتتزوجي .
وضك ثم حياهما منصرفا الى سيارته .
وتغير مسلك بول بمجرد ان احتواتهما غرفتهما بعد مدة وكان صوته باردا جارحا وقد شد فكه في خشونه :
- اذن كنت قد دبرت معه ان يريك المعالم ؟
- كلا .. هكذا قال هو .. وكما ترى لو لم تكن قد اردتني ..
فقاطعها مكملا :
- كنت تعتزمين ان تتزوجي من غيري ؟
وهمست في توجس :
- انك تخيفني .. مالذي يجري لزواجنا يابول ؟
وتقدمت منه ووضعت يدها على صدره قوالت :
- لقد وعدتني بانك لن تتغير .
- كل الناس تتغير .
وحملقت فيه حائرة كأنها تود ان تقرأ افكاره وقالت :
- لكن لم ينقض شهر على زواجنا وانا احبك .
قال في تهلل :
- تحبينني ! اجل انك تحبينني , وستظلين دوما تحبينني ! تعالي فأريني مدى حبك !
واحتواها بين ذراعيه بعنف دونما احترام وهو يواصل الكلام :
- اريني مداه يالوسيندا الغالية يا زوجتي الجميلة التي لا استطيع ان اراها .



Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس