عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-15, 01:22 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


5- الانفجار المخيف
بطيئا .. بطيئا ! ظلت الكلمتان تترددان في ذهن تيسا ولكن لماذا ؟ وتناهى اليها صوت زوجها خافتا ناعما :
- ماذا تفعلين يا عزيزتي ؟
القت بصرها فوق السياج الحديدي الى الحديقة المزركشة بالزهور كان بول يجلس في مقعد مريح من القصب والراديو على منضده قريبه منه . وكان منخفض الصوت حتى ان الموسيقى كادت لا تبلغ اذني تيسا ,ولم تجب زوجها فورا .
ولاحظت مبهورة انها للمرة الاولى التي تبادر فيها الى اجبته بل ردت طرفها الى المنظر الثاني للبجر الشاسع الصافي تتخلل ألوانه قنوات من زجاج متعرج تعكس التيارات التي تحت السطح.
وعلى بعد اكبر كانت اللمعه الفضية تنبسط نحو الخط الذي يغيب فيه البحر في الافق . ثم ارتد بصر تيسا الى الرجل . ومرة اخرى رأته يونانيا خاصا عنيفا وشجاعا , كان شجاعا قطعا اذ حاول بعد نجاته من النار دون اذى ان يكافح اللهب لمحاولة انقاذ محبوبته.
أي رجل هذا الذي تزوجته ووهبته قلبها من اول نظرة الى عينيه ؟ وتقلبت في مرارة انه ليس كما كانت تعتقد .
وواتاها صوته مرة اخرى صبورا محبا لطيفا . مالذي كان يحاول فعله بها ؟ لعبة القط والفأر , ويرفعها الى الذرى ثم يهوي بها الى الاعماق وقالت وهي تهبط درج الشرفة الابيض :
- ها انذا قادمة يابول , اتريد شيئا ؟
- انت يا حبيبتي الحلوة !
ومد يده في الحاح آمر , وهو يقول :
- ما هذا يا غرامي تعالي .
وانصاعت فجذبها واجلسها على ركبتيه قائلا :
- كل يوم اتعرف الى شيء جديد عنك ياحبيبتي , اكتشفت توا انك زوجة متقلبة المزاج .
فمالت نحوه واصقت خدها بخده واختلجت اجفانها لتحبس الدموع التي تدافعت وقالت :
- لست متقلبة المزاج يابول , وانما انا خائفة جدا فقط .
وارتفع حاجباه قليلا ولكنه ظل على جموده , وقال :
- خائفة ؟ ما الذي يخيفك ؟
هزت رأسها في عياء . لم يكن في مزاج يجعله يصغي لمخاوفها وقالت بعد وهلة وهي تحاول ان تكون لهجتها اخف واكثر اشراقا :
- لا تحفل , انني اليوم متعبه قليلا .
- لعل صحتك ليست جيده, لأنك لست كعهدي بك منذ ايام .
واعتدلت تتفرس في ملامحه السمراء , لابد انه ادرك سبب هذا التغيير ولابد انه ادرك تغير سلوكه نحوها . ولكن ظاهره كان ينم عن انه .. يجهل انه فعل ما يؤلمها . وازدادت التصاقا به , فشد ذراعيه حولها في وجد .
- اننا لن نتغير يا بول .. عدني بأننا لن نتغير .
- ماذا هناك ياحبيبتي ؟ ألست سعيده ؟
- في الاسبوع الماضي كنت غاضبا بصدد مارتن دون داع ومن ذلك الحين انت فاتر .
وانطلقت منه ضحكة احتجاج وهو يتساءل:
- انا الآن فاتر ؟ اعترف انني شعرت بغيره من ذلك الرجل , ولكني سرعان ما غلبت الغيرة .
كانت لهجته مواسية ,وهو يواصل :
- ولقد كان بيننا انسجام رائع ولابد انك توافقين على ذلك .
واقرت بذلك واخذ بعد ذلكيعاملها بحنان ناعم ورفعها فيما بعد الى اعالي العاطفة ولكنه اقناء عودتهما الى البيت بعد يومين عاملها بأقصى فورات الغضب حين اضطرتلأيقاف السيارة فجأة لتتفادى طفلا في الطريق مما زاد اعصابها اضطرابا وهوى بها الى حضيض اكثر عمقا .
- تمالكي نفسك ! آمل الا نقطع المسافة الى البيت بسرعه 5 اميال في الساعه.
- انني ارتعد يابول . انك لاتدرك انني تفديت الطفل بمجرد بوصات!.
- ولقد تفاديته, فلماذا الضجه؟ اذا كنت لا تتحكمين في اعصابك فيحسن ان تتخلي عن القياده .
وازاء حدته ارتكبت تيسا اشنع خطأ, اذ قالت:
- انك لم تر ماحدث . لقد برز الطفل من وراء عربة.
وساد صمت رهيب وزادت تيسا من السرعه وما لبث ان قال :
- اصبت يالوسيندا .. لم ار ما حدث !
ولم يزد ولكن هذه الكلمات ونبرته خلفا اعمق اثر في نفسها. هل كان يحاول جرح شعورها متعمدا ؟ اذا صح هذا فهو لم يعد يحبها .
وظلت طيلة الطريق تعاني اوجاع سياط كلماته .وفي تلك الليلة أوى بول الى المخدع الذي كان يشغله قبل زواجهما .
ولكنه في اليوم التالي بدا مفعما بالندم مفرطا في الحب والحنان فسرعان ما استجابت له .
- اما عن فتوري .. فقد بدات اراك جامحه الخيال .
- الا تعترف بانك فاتر ؟ قل لي يابول هل انت سعيد بقدر ما كنت في البداية ؟
- ماذا تعنين.. بالبداية ؟
مره اخرى يشير الى الماضي ما امكره ! وقالت :
- خلال الاسبوعين او الـ3 من زواجنا ؟
- شهر العسل لا يمتد طيلة الحياة ياعزيزتي .. ان خيالك يجمح ثانية؟ نحن في السعادة نفسها ولكننا اخلدنا الى رتابة الحياة , دعي السخافة وهاتي الصحف فلست اشتهي اكثر من الاستلقاء في مقعدي والاصاء لصوتك العذب ..
واستجابت تيسا ولكن ألما اصبح يسكن قلبها فما عادت تطمئن الى ان تقلب زوجها عائد الى مصيبته لم تكن تعرف الكثير عن طبيعته عندما تزوجا ولكنها اصبحت تعلم ان له نوبات تراوح بين نفاذ الصبر والغضب الجامح او عدم الاكتراص الى اقوى واعمق انفعالات الحب ..او ما كان يبدو انه حب ! وساءلت نفسها :
أتراه كان حقا يحبها او يحب لوسيندا كما كانت تزعم ؟ وواصلت القراءة وان لم تستوعب للمرة الاولى ما كانت تقرأ اذا ارتدت افكارها تسترجع احداث حياتها في الاسابيع القلائل الاخيرة , كان تغير بول غير ملحوظ في البداية يثير التوجس ولكنه ماكان يثير الألم قطعا .
ولكن تحولا مبهما اخذ يعتري طباعه تدريجيا واتسعت حدقاتها حين خطر لها شيء اوضح لها ما كتبه ابوها اذ علم بانتحالها شخصية اختها وزواجها من بول
لقد خشي ابوها من تسلل خيط القسوة الذي لا يلبث ان يجعل بول منتقما لا يعرف الرجمة عقابا للوسيندا .
وتوقفت تيسا عن القراءة اذا امتلأ قلبها بالفزع كانت تأمل حين تزوجت بول ان تسرق قلبه ولكن في مقابل ان تمنحه كل ما يمكن ان يجود بها قلبها . فلو افترض مجرد افتراض ان حبه للوسيندا كان قد مات نتيجه مسلكها الشنيع , لكان محتملا ان زواجه كان بغية الانتقام ..
وارتجفت الصحيفة بين اصابعها وهبت نسمة انتزعت منها ورقة حملتها الى الجانب الاخر للحديقه وتيسا ساهمة في افكارها .. اذا كان العقاب غايته والتعذيب طريقته فالى اية هوة سوداء هي ذاهبة ؟
ورفع بول رأسه متسائلا :
- هل تعبت يا حبيبتي ؟ لنسترح ونتناول القهوة .
وودت لو تصارحه بوسواسها ولكنها لم تجد كلمات تسعفها فدخلت البيت لتعد القهووة .. وعندما عادت تحملها كان بول مستلقيا في مقعده وبدا انه لم يشعر بها
فخاطبته بصوت خافت تنبئه بان قدح القهوة الى جواره وقد اذابت فيه السكر فتولاه عبوس سريع وقال :
- لم اكن اريد سكرا الابد من اصرارك على ان تعامليني كطفل وليد ؟
واسرعت الى البيت وعادت بقدح آخر من القهوة وقالت :
- هاهي ذي, في ركن المنضده يابول !
كانت شفتاه بعد متطابقتين ولاحظت تيسا ان اصابعه كانت متوتره حين اخذ يلتمس القدح وفي جانب من عنقه عضلة تنبض وقال وهو يرفع القدح لشفتيه :
- اين انت ؟
واردف وهو يعيد القدح ثم يبسط يده بالحركة المألوفة التي كانت تلقي استجابة ملهوفة من تيسا :
- لماذا لا تقتربين مني ؟ آسف ياحبيبتي . هل كنت حادا ؟
فأجابت ووجهها شاحب :
- لا عليك يابول .
- انك غير سعيده ياغرامي . تعالي وقولي انك سامحتني .
وسحبت يدها وقالت بصوت هاديء ولكنه حازم :
- هل انت سعيد يابول ؟
- انني في قمة السعاده! ألست املك زوجه متيمة بي اكثر مما يطمع في ذلك أي رجل ؟
ونسيت دورها كلوسيندا فهي تيسا وبول هو زوج الذي احبته فقالت :
- انني بالغة العناية بك أريد ان اعوض كل شيء عندما تزوجتك كنت مدفوعه بحبي لك .. فقد كنت دائما احبك منذ ان ألتقينا ... وكنت أمل ان نسعد معا على الدوام .
فقال وكانه يحدث نفسه :
- اردت ان تعوضيني كل شي .. ولكنك تعوضيني فعلا فان حبك الحب الذي تقولين انك تكنينه منذ البداية هو كل ما احتاج اليه .. اريد ان تحبيني الى الابد وان اعرف انك لن تتحولي .!
حدقت فيه بحيرة وخوف وقالت :
- لست افهمك يابول . كان كل شيئا رائعا .. اما الآن ما الذي يجري ياحبيبي ؟ لست انا التي تتحول , بل انت !
فتساءل متجاهلا كلماته الاخيرة :
- انك تستلمين للوهم ماذا بك .
ولم تجب اذ احست بعودة التوتر اليه وككر سؤاله في الحاح حازم فلم تجد منفذا للمراوة وقالت والارتباك لا يجعلها تعرف ما تقول :
- من العسير ان اوضح . عندما كتب لي ابي ذكر ..
امسكت وهي ترتجف فاستحثها برفق وهو يضع قدحه جانبا :
- ماذا قال ابوك ؟ اما كنت تقرأين لي كل الرسائل ؟
وقررت ان تكشف هواجسها :
- في الخطاب الاول كنتب ابي مبديا دهشته لأنك صفحت عني سريعا .
والتفت اليها يستزيدها فقالت وقد اعتزمت ان تصل الى الحقيقة :
- لقد شعر انك راغب في الانتقام! هل تبغي الانتقام يابول ؟
وتسارعت دقات قلبها بدرجة ألمتها لكنها ظلت مسيطرة :
- كنت حائرة ازاء التغيير الذي ألم بك كنت في البداية تحبني بدا انك تحبني ثم اخذت تتغير تدريجيا اسعدتني ثم اتعستني ما هكذا تعاامل الزوجه !

قال وفي صوته نبرة خافته , كانت اول اشارة الى انه يكبح انفعالا قويا :
- هل لديك شكوى من حياتك؟ ما اظنك اصبحت غير راضية فعلا , وزواجنا عمره اسابيع ؟
قالت في تحفظ :
ها ما كنت احاول ان اقول , لقد تبدلنا في وقت قصير ما كنت اتوقع ... .
وسقط القناع انطلق ما كان يكتم فاكفهر وجهه الاسود وبدا انسان وحش بدائي لا يرحم وقال :
- ماذا كنت تتوقعين ؟ ان تجدي عاشقا مدلها متلهفا راغبا في استعادتك معترفا في ذل بفضلك لقاء ما تقدمين ؟
وامسك والكراهية السوداء تلوي شفتيه ثم اردف :
- يا لرأيك في نفسك ! كنت ارجئ الصفعة الختامية بعض الوقت ولكن ما دمت اثرت الموضوع فهاك الحقيقة .. انما تزوجتك لغرض الانتقام فحسب . فهنئي اباك ببعد نظره الذي اعتدت ان احترمه !
كانت تيسا قد ادركت ذلك ومع ذلك غشيها سقام بدني وقالت ويداها تتلويان :
- ما احسبك احببتني قط! اان تظهرمنذ لبداية ؟وتذكرت الامل الي خالجها لمبادرته بالصفح واعتزامها الويد ان تسعدهوعرفانها رضاها ا تقض عم بجور الرجل الذي احبته.. وقال ول :
- اجل , ما اببك منذ اليوم الينبذني فه .. اف م ستقلينانني وعدت بأن اغف لك ان بوعك العده ألي اذا شئت .. ولكو لمتكني شديدة الاعداد متره بالثق بنفسك لحدست اني كنت انوي الثأر .
والتوتشفتا في استهان وقال :-اني اشمئزمن غرورك.. لقد تجاسرت على المجيء لتعلني بهدوء ندمك متوقعه الصفح على الفور , اية امرأة انت , حتى تثقي بصفحي كقضية مسلم بها ؟ حتى تتوقعيه كحق لك ؟ أكرر ان غرورك يمرضني ولا ادري كيف كان يحتمل ان أوليك نظرة ثانية .
كانت تيسا تنتفض من رأسها حتى اخمص قدميها محتملة كل ما كان يقصد به لوسيندا عاجزه عن الذود عن نفسها وبعد صمت طويل تكلمت وفي صوتها نداء قائط :
- اما منحتك كل شيء يا بول ؟ كنا سعيدين .
فقال وصوته ينحدر الى زمجرة غاضبه وشحوب قاتم يسري تحت سمرة بشرته :
- كنت انت سعيده مستكينه لغرورك . اما ما اعطيتني فهو .. ظلام طيلة العمر .. هذا ما منحتني فتذكري !ما منحتني شيئا ولا تمتلكين ان تمنحيني !
صاحت في لوعة ويداها ممتدتان تحت نظراته غير المبصرة :
- كلا اعطيتك ماهو اكثر , وبوسعي ان اعطيك اكثر واكثر .
لكن كل املفي قلبها مات مزقته مخالب حقده اذ قال :
-اذا بوعكن تفعلي لي ؟
وتجمدت في مكانها وهي تكره ان يكون هذا ستار الختام .. واستلقى في مقعده وقبضتاه مشدودتان في حجره وقد شوهت الكراهية معالم وجهه واخيرا قال بصوت خافت يشوب سم كلماته رنة انتصار :
- افعلي ما يمليه عليك قلبك .. اختاري الطريق الذي تبغين .
افعلي ما يمليه عليك قلبك .. كأنها كلمات ابيها .
- هل ستدعني امكث معك ؟
وتبدى الفوز في اختلاجة شفتيه وقال :
- احسبك تعرفين ما تتوقعين ؟
ورفعت يديها المرتجفتين الى وجهها تضغط عينيها بأصابعها وكانها تخفف ضغط الدموع التي كانت تناضل لتنفذ من حاجز اليأس الجليدي .
وغمغمت :
- انني اعرف ما اتوقع !
ومال بول برأسه وكانهيود ان يلتقط قولها ثم قال :
- مما يرثى له ! انك لم تطيقي عنفوان حبك وقت الحادث يا لوسيندا . كنت تتوقعين ان بوسعك الاستغناء عني فانظري اين قادك خطأك ؟ انتهت حياتك يالوسيندا . فأنن سأرديك ف اعمق اغوار ليس التسه .
قلت تجاهلة وعيده:
- اما كنت تحبني .. اذا ذاك ؟
قال ويداه تختلجان بانفعال :
- لن انكر هذا .. واقول هذا لتدركي ضخامة خسارتك , وقد اذكرك بهذا من وقت لخر وقد اسمح في بعض المناسبات بان امنحك السعاده للحظة لمجرد متعة تعذيبك !
واسابت الدموع غزيرة من عينيها لا من جراء كلماته وانما لنه اقر بحبه للوسيندا , بينما كانت تسعى هي لمجرد نظرة منه بل تعتز بالابتسامة المزرية التي كان يخلعها عليها وهو كاره ! لقد اخذت لو سيندا كل حبه وهاهي ذي تيسا تتلقى كل كرهة !
وفاضت بها حسرة مريرة وجففت دموعها ولكن النهنهة ظلت تهد كيانها فتجلت على وجه بول ابتسامة راضية وقال :
- لن تجديك الدموع شيئا يا حسنائي , ولكن واصلي البكاء فكم يمتعني ان تتعذبي !
وامسك لحظة واجفلت تيسا لقسوة لهجته اذ عادو الكلام :
- هذا لايذكر بجانب ما ستعانين قبل ان افرغ منك ان حبك سلاحي , واقسم بالله انني سأستغله اكمل استغلال وسأسمعك اونت تصرخين طالبة الرحمة واذ ذاك ستدركين العمق الحقيقي لكراهيتي لك !
*****
ولم يطل الانتظار فبعد اسبوعين استمتع بول بسماعها تهتف بصوت محتبس :
- لا تفعل هذا بي يابول انك تصلبني حية !
فانطلقت منه ابتسامه خشنة وقال بشماته مزهوة :
- فلتتعذبي يالوسيندا انني احب ان ادرك مدى عذابك .. فأي عذاب اسلمتني انت اليه ؟ هل تعانين ماكنت اعانيه في ذلك الوقت ؟
وامتدت يداها في ضراعه ولكنها ردتهما الى جانبيها قنوطا وقالت :
- لاسبيل للمقارنه بين العذاب العقلي والعذاب البدني .. انني عاجزة عن الاستمرار !
واعتدل في جلسته وخيل لتيسا ان كل لون انحسر عن صدغه وقال :
- هل تودين ان تتركيني ؟
وترددت فلوسيندا كانت خليقة بأن تتركه اما هي فكانت تيسا وقد تزوجته منتحله غير شخصيتها فمما تشكو وكيف تهدد بأن تهجره ؟ انها هي التي سعت الى ما اصابها ولا لوم على بول وهمست :
- انني لن اتركك ابدا .
واضافت وقد احست فجأة بألم يعتصر قلبها :
- في يوم ما يابول ربما بعد اجل طويل ستغفر لي وقد ننعم بالسعاده معا .
وخيل اليها ان ومضة عاطفية عبرت وجهه ام تراها كانت واهمة ؟ على انه قال :
- لن ننعم بالسعاده معا ابدا .لأنني ابدا لن اصفح عنك ما عشت !
لم تعد تيسا ترى في بول سوى رجل يوناني , يوناني قح بدون اية قشرة من الحضارة الغربية . كانت لديه مجرد مملوكة مسخرة لأشباع شهواته وخدمته واطاعة اوامره ولوكان هذا مدى انتقامه لاحتملت في فلسفة ولنشدت التعويض في ان تكون بقربه .
ولكن بول لم يكن ينوي ان يقصر عقابه على عدم الاكتراث بها , بل اخذ ينتهز كل فرصة لاذلالها ,وتذكيرها بالماضي وابراز الخسة التي نبذته بها وكم ودت لو انها ظلت صامته فان العذاب البطيء كان ارحم من هذا كان ثأره يتصاعد تدريجيا ببطء موجع لن اصفح عنك ما حييت!
كانت هذه الكلمات تتغلغل في عقلها الباطني ترى هل اعتزم قضاء العمر في شقاء؟ كان يقصد كل مافي هذه الكلمات من معنى, ولكن قد يلين الزمن قسوته , فعليها ان تصبر وتأمل .
وكانا قد تناولا الشاي في الشرفة ذات اصيل حين سمعت صوت سيارة مقبلة فنظرت اليها ثم قالت لبول :
- هذا ستيفانوس .
كان ستيفانوس رئيس البلدة المجاورة وقد عرفه بول قبل مجيئها واصبح زائره الوحيد وهمس لها والزائر يجتاز الحديقة اليهما :
- تذكري ان كلا منا متعلق بالآخر فستتعذبين اذا خذلتني .
فقالت في هدوء :
- لن اخذلك , فلست اقل منك رغبة في الا يرانا الناس غير سعيدين .
وابتسمت لستيفانوس اذ حياها وجلس الثلاثة يتجاذبون الحديث بعد ان جاءهم تاكي بالمشروبات وقال ستيفانوس مشيرا الى حرصها في بداية قدومها على فتح النوافذ لتنساب الشمس خلالها :
- ما رأيك في طقسنا يا مدام لو سيندا اما زلت تكرهين ان تصدي الشمس ؟
واغتصت تيسا ضحكة كان قد تكهن بانها ستعود لاغلاق المصاريع حين تألف طقس الجزيرة , وقالت :
- انك على صواب احيانا لايدري المرء ماذا يفعل ليتخفف من الحر .
- وهكذا صرت تغلقين المصاريع ؟
وشرد بصرها الى بول كان قد رفع يداه الى رأسه يحجب الضوء عن عينيه وكان طيلة الاسبوع السابق يشكو صداعا فقالت بقلق :
- هل يؤلمك رأسك يابول ؟
- قليلا , عساك ان تأتني بنظارتي من غرفة الجلوس .
واسرعت بالنهوض ولاحظت ان ستيفانوس قطب جبينه في حيرة وبدا ان المنظار الواقي من الشمس اراح بول بمجرد ان وضعه على عينيه وعاد يضحك لفكاهات ضيفة وما لبث ستيفانوس ان قال لتيسا :
- سيقام عرس في قريتنا فلعلك تأتين لتريه ؟
- كم اتمنى ذلك ؟
ثم التفتت الى بول قائلة :
- هل توافق يابول ؟ هل تود ان ترى ... ان تذهب الى القرية ؟
وخفق قلبها في عنف لماذا لم تفكر قبل الكلام تفاديا للزلل! واذ قال بول انه غير متشوق للذهاب بادرت في حزم :
- اذا فلن اذهب ... بدونك .
وساد صمت وبول يعجب من انها لا تتلهف لفرصة الذهاب وحدها والتحرر منه قليلا ورمقها ستيفانوس بفضول وقال :
- ألن تذهبي من دون زوجك ؟ اقنعها يابول وسأحضر بنفسي لاصطحابها .
وألح بول وهي مشدوهة : ايفعل هذا لمجرد التستر امام ستيفانوس ؟ وترددت ثم هزت رأسها رافضة فأهاب الضيف ببول :
- اذا فلا بد ان تذهب يابول , فلا بد ان زوجتك تتوق للذهاب .
وادار بول رأسه ببطء وقال وفي صوته رنة غريبة :
- نعم يا ستيفانوس يجب ان اذهب متى سيكون العرس ؟
- ليس قبل اسبوعين .. سأزوركما ثانية قبله .
- هل تمتلك العروس بيتا جميلا ؟
الواقع انها لم تكن تمتلك بيتا لكنها كانت محظوظة فان عريسها كان بلا اهل فكان البيت الذي يقيم فيه مملوكا له وحده .
وقالت تيسا :
- لابد انه زواج قائم على الحب .
- اظن هذا اتستغربين عادة وجوب ان تمتلك العروس منزلا ؟
- طبعا فنحن في انكلترا نتزوج عن حب دائما .
وخفت صوتها اذ لاحظت ان بول رفع حاجبيه لينم عن دهشة ساخرة وكانه يذكرها بان زواجهما لم يقم على حب او بالاحرى على حب متبادل .
وفي اليوم التالي كانا يجلسان في الحديقه وبول يصغي الى الراديو وقد ادراه خافتا وتيسا تكتب رسالة ابيها وسألها بول اذ فرغت عما كانت تفعل فقالت دون تفكير :
- كتبت رسالة الى ابي .
- لأبيك .. لأبيك وحده ؟
- ولأمي كذلك .. طبعا والتفتت فأدهشتها ان يبدو وكأنه يبسط بصره فقالت دون رويه :
- اتستطيع ان ترى ؟
- ما هذا السؤال انك تعلمين تماما انني لا ارى .
وافلت القلم منها وتلعثمت محاولة ان تعتذر فقال :
- لا تكترثي اقرأي لي الخطاب .
- هل اقرأة ... لك ؟
وابتلعت ريقها بعناء اذ قال بجفاء :
- هكذا قلت .
كان مسلكه ينم عن شك ذكرها بسؤاله من عهد قريب اذ كانت اخبرت والديها بما يفعله بها . ونفت ذلك ولكن قسماته الآن كانت تنم عن فضول كبير لمعرفة ما كتبت في الخطاب .
ولم يكن بوسعها ان تتهرب والا لعانت سياط كلماته لـ 5 دقايق على الاقل يتلوها صمت يطول ساعات وهو يتأمل مكتئبا رفضها امره , واجرت عينيها في الصفحة مرتبكه تلتقط بعض فقرات تقرأها متلعثمة فلم تذكر لأبيها شيئا عما يجري , خشية ان يعاني القلق من اجلها ولكن الخطاب كان يتضمن تلميحات الى انتحالها شخصية لوسيندا واختتمت قائلة وقد انتهيت بقول :
- بول بخير ونحن جد سعيدين وكأننا في رحلة ترويحية ولا اتمنى سوى لو كان بوسعك وامي الحضور .
واشتد ارتعادها وهو يتمتم ببطء وعيناه نحوها في وضعهما السابق :
- اذن فالرسالة لأبيك فقط ؟ ولماذا لايكون بوسعهما الحضور ؟
قالت متلعثمة :
- اخطأت القراءة يابول .. انما كنت اعني ..
هتف في عجب :
- اخطات ؟ الا تحسنين قراءة خطك ؟
فندت منها ضحكة مرتجفة وقالت :
- انه خط بشع .
وتولاها فزع فقد كان خط لوسيندا دائما مثيرا للاعجاب واردفت :
- كنت اكتب والورق مسند الى ركبتي فالخط غير منسق .
كان عذرا بعيدا عن الاقناع فلم يدهشها الصمت الطويل الذي اعقبته واخيرا سألها بصوت خافت وهو يستلقي في مقعده :
اقرأي لي مزيدا من الخطاب .
وفي يأس تولد عن ذعر راحت تلتقط نتفا من الخطاب بعبارات غير مترابطه وبصوت متسلخ بالانفعال واذ ألقت نظرة نحو زوجها رأت العبوس الكثيف الذي ران على جبينه واخيرا قالت :
- هذا كل شيء ماعدا الختام طبعا .
فقال:
- اقرأيه !
ودهشت ثم قالت :
- ابلغتهما حبنا معا , ووقعت باسمي .
واقسمت في نفسها الا تكتب خطابها بعد ذلك الا في خلوة تامة !



Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس