عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-15, 01:42 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



7- الألم والأمل
كانت السماء بلون الكهرمان انتشرت فيها نتف من الوان قوس القزح ووشيت بلمسات من ذهب شفاف .. هكذا كان الغروب بكل بهائه ووقفت تيسا على شرفة سطح الدار تتأمل قرص الشمس يهبط وراء البحر .
وسيطرت سكينه الصمت على كل شيء حتى النسيم الذي يهب من الجبال مضمخا بعبير الصنوبر ليمتزج بأريج الروائح المنبعثة من الحديقة ولفت نظر تيسا حركة ..
كان بول بين ازهار الحديقة يستوعب جمالها باللمس والشم . وفيما كانت تراقبه شارده الباب مهمومة رأته يقطف ورده فيلصقها بوجهه ويقف مليا غير متنبه لعيني زوجته واشرقت على وجه تيسا ابتسامة حانية , اذ وضع بول عنق الورده في فمه , واستأنف تجواله .
ومن التصرفات المألوفة للرجال اليونانيين وضع زهرة في الفم فهم يحبون كل شذى وكانت تيسا ترى ان ثمة سذاجة ساخرة في ان يحمل رجل كبير زهرة على هذا النسق . ولكن ذلك ما كان ليتمشى مع شخصية بول الذي اصبحت القسوة وعدم المبلاة جزءا من مظهره !
والتفتت فجأة وهي تبتسم اذ سمعت صوتا هامسا خلفها يقول :
- ان زوجك هذا رجل غريب فكرت بالحاق به الى الحديقة ولكني ادركت انه سيعتبر هذا تطفلا .
فقالت بلهجة ناعمة مغمغمة :
- انه كثيرا ما يمشي في الحديقة في هذه الآونه فعبق الزهور يشتد في الهواء العليل الطلق .
وقال جو وعيناه لا تبرحان الرجل في الحديقة :
- هل يجب ان يكون وحيدا هكذا ؟
فأومأت برأسها ثم قالت بلهجة نمت عن استغراق في التفكير وقد ندت عنها زفرة لم تتمالكها :
- انا ايضا لا اتطفل على عزلته واشعر مثلك بأنه لا يرحب بصحبة احد .
قال مواسيا :
- لا تدعي هذه يجرح شعورك اكثر مما ينبغي كثير من المكفوفين يجنحون الى الوحده . يودون ان يبتعدوا تماما عن كل الادميين .
واكتفت تيسا بالايماء بينما واصل جو كلامه :
- يداخلي اعجب شعور نحو بول .. شعور لا ادري كيف اووضحه .
كانت عيناها على زوجها , وقد وقف في ظل بعض الشجيرات خطر لها انه كان مرهف الحس ازاء العزلة وكان من اللازم ان يحظى بهذه اللحظات المتسمة بالسلام التام والوحدة . وقال جو :
- اوقن بأنه يناضل شيئا ما مما يثير اضطرابا عظيما في نفسه .
فأدارت رأسها نحوه متسائلة :
- ما اغرب ما تقول يا جو , أي اضطراب ؟ ومالذي يناضله .
وتردد طويلا ثم قال :
- هل خطر لك يوما انه ربما بدأ يشفى من حقده على لوسيندا ؟ فازاء رعايتك المتيمه وصبرك وأسلوبك الفاتن في معاملته .. كان من ارغب الامور الا يكون لكل هذا تأثير عليه .
وهمت بان تعارضه . ولكنه قاطعها قائلا :
- لو صح هذا وكان قد بدأ يقع في هوى لوسيندا من جديد فهذا يفسر شعوري بأنه يتعرض في اعماقه لصراع وهو خليق بأن يزدري نفسه مما يحعله يناضل هذا الحب !
وهزت تيسا رأسها قائلة :
- انه لا يزال يكره لوسيندا ولا شك في هذا وصفحة عما فعلته به سيتطلب وقتا طويلا طويلا .
وعبس جو :
- هناك لحظات يكون فيها محبا .
فبادرت بأسى :
- انه مجرد تمثيل امامك.. واحيانا يكون بول لطيفا هكذا ونحن معا ولكن ليذيقني ما افتقده فيثير حسرتي .. لقد قال بانه يفعل ذلك ليعذبني !
هتف جو وهو لا يكاد يصدق قسوة بول المقرونه بسبق الاصرار :
- ياللوحشية الشيطانية, ان لوسيندا تستحق كل هذا وما كنت لألومه اذ ينتقم منها ومع ذلك فمن العسير ان اصدق ان بول اوتي هذه النزعة البربرية .
فقالت وهي تعود لشرودها المتأمل :
- اوافقك, والواقع انني ما كنت اثدق انه قادر على كل هذه الانفعالات العنيفة .
وفكرت فيما قاله عن احتمال وقوع بول مرة اخرى في هوى لوسيندا بسبب رعاية تيسا الحنون ولكنها هزت رأسها مؤكده ان كراهية بول للوسيندا باقية على اشدها فقال :
- انك ادرى طبعا ومع ذلك فاني اشعر شعورا قويا بهذا الصراع لكن لعل له سببا اهر لآ اعرفه !
وبادر بتغيير الموضوع قائلا :
- بقي اسبوع واحد واعاود الى طاحون الاعمال لعلي اتمكن من زيارة اخرى في عيد الميلاد .
كان الوان السماء تذوب في ضباب شفق الغروب والظلال تستطيل ولن تلبث سكينة الليل ان تغشى قلب تيسا كانت تنعم بهذه الفترات الوجيزة كل مساء فتتوارى امالها ويضيع في قلبها شعور غريب بالتفاؤل لتواجه يوما مليئا بالاجهاد النفسي وجراح المشاعر واستدار جو قائلا :
- ياللموقع الذي اختاره بول للبيت , انه رائع !
فقالت في حزن وهي تطل الى اسفل :
- رائع لكنه لا يملك رؤيته !
وفجأة تصلب كيانها وشهقت :
- جو ثعبان يقترب من بول .
وعادت للتو ليونة اطرافها فاندفعت تهبط الدرجات وتعثرت ولكنها اسطاعت ان تمسك بالسياج بمعجزة وراحت تقفز الدرجات كل اثنتين معا , ولم تصرخ محذرة بول خشية الا يدري ما هناك وقد يرتاع كان الثعبان المميت ينتصب جامدا مراقبا ثم انزلق على الارض مقتربا من بول على مهل وبول مكانه والوردة بين اسنانه يستمع مطمئنا بالنسيم المعطر , واعتصر قلبها خوف فظيع وبلغت الحديقة اخيرا فتسللت واتقطت حجرا كبيرا وزحفت مقتربه لئلا تخطئ الهدف ثم القطت حجرا بكل قوتها على الثعبان الذي كان يهم بالانقضاض على زوجها الاعمى !
واستدار بول هاتفا :
- ماذا؟
فأصابت عصاه طرف تيسا وافلتت منها صرخة فقال بخشونه :
- - ماذا تفعلين اذ تتسللين هنا ؟
ولكن تيسا لم تنتبه لجفائى اذ كان الثعبان يتلوى وقد اصاب الحجر جسمه دون رأسه وخيل اليها انه يتطلع الى بول في حقد اسود .وكادت تتهالك ارتياحا اذ سمعت جو يقول :
- لا عليك سأتولى امره !
ولم تنتظر ما يفعله بل تناولت ذراع زوجها وقادته الى البيت . ولم يقاوم او يحتج او ينبس ببت شفة بل اعطاها الورده حين استقر في غرفة الجلوس طالبا وضعها في الماء وشعرت بيدها ترتجف ولكنه لم يخرج عن صمته وقالت متلعثمة :
- الاريكة خلفك , هل احضر لك شرابا ؟
- نعم , واحضري لنفسك كأسا تناولي قليلا من الشراب .
احضرت تيسا صينية عليها عدة قناني وكؤوس واقبل جو قائلا بأن الثعبان مات , فهتفت :
- الحمد لله !
وقررت الا تدع بول وحده في الحديقة مرة اخرى فلابد ان هناك ثعابين اخرى وقال بول في هدوء :
- لعل احدكما يروي لي ما جرى !
وفتح جو فمه ولكن تيسا هزت رأسها بشده وقالت :
- لا شيء ياعزيزي الظلال اوهمتني بأن هناك ثعبانا !
وصمتت فرفع جو حاجبيه وكأن ينبهها الى عدم جدوى ما تحاول ان تختلقه بدلا من الحقيقة اذ ذاك قالت , متصنعه الاستخفاف:
- كان هناك ثعبان يابول ولكنه صغير جدا ولا ادري ما الذي اعتراني فأنا لست سريعة الفزع عامة !
وتناولت على وجه بول المشاعر وهو يتناول الكأس من جو ويرفعها الى شفتيه . واخذ عرق في صدغه ينتفض واختلج جانب من فمه وقال :
- سمعتك تقول انك ستتولاه ياجو فما حجمه ؟
فقالت :
- ليس كبيرا ..
ولكن جو قاطع قائلا :
- طوله 3 اقدام , وكانت لوسيندا قد هاجمته قبل ان اهبط من سطح المنزل فلم افعل سوى ان اجهزت عليه .
وحدجته تيسا بنظرة غاضبة فما جدوى اطلاع بول على الحقيقة ؟ ان ذلك كفيل بأن يجعل خروجه الى الحديقة وحيدا مصدر اضطراب .وكانت تيسا حريصة على ان تكون دائما على مقربة منه , دون ان تحرمه من الشعور بالوحده . وكانت ترى ان من القسوة ان يحرم من ساعة الخلوة هذه!
غمغم بول وهو يتناول كأسا اخرى :
- 3 اقدام , كانت لو سيندا قد هاجمته ؟
فبادرت قائلة :
- كلا يابول بل رميته بحجر فحسب لأرهبه.
فتساءل في فضول :
- من اية مسافة رميت الحجر ؟
فأسرع جو قائلا :
- كانت قريبة جدا يابول ,وكان الثعبان يهم بان ينقض فاضطرت لوسيندا للاقتراب جدا حتى لايخطئه الحجر ؟
وامسك لحظة ثم اردف :
- اعتقد انه كان تهورا من لوسيندا . كان من المحتمل ان يتحول الثعبان اليها .
فعبست ماذا كان جو يحاول ان يفعل ؟
وقالت باستخفاف :
- ما كان محتملا ان ينقض .. هل املأ كأسك يا عزيزي بول ؟
****
وفي ذلك المساء ذهبوا الى العشاء في احد المطاعم الساحلية . وجلسوا الى مائدة في الخارج , تحت السماء المرصعه بالنجوم , وكان البعض يسحون فأخذت تصفهم لبول وتبين مبلغ اسمتهم ثردفت:
-انهم يحظون بفتره مدهشة ونحن لم نمارس السباحة ابدا في الليل يابول ..
وعضت على شفتيها ولكن بول ابتسم ايهاما لجو وقال :
- اذن فلنفعل يا عزيزتي عسى ان نتمكن من ذلك قبل رحيل جو...
واخذو يتناولون الطعام وفرقة موسيقية تعزف وكان بعض الناس يرقص على انغام في مرح وتحرر من الكلفة وقال بول وقد فرغوا من العشاء :
- لم لا ترقصين مع جو ؟ خذها يا جو .
كانت في صوته نبرة جعلتهما يرميانه بنظرة سريعه وبدا ان تغييرا طفيفا طرأ عليه تعذر ادراك كهنه بجانب شيء مبهم أعاد لذاكرة تيسا اهتمامه الغريب بالرسالة التي كتبتها الى والدها وتعليقاته التي ملأتها ذعرا طيلة يومين !
كان الرقص مبعث غبطة ولكنها لم تكن تتمالك من آن لأخر ارسال زفرة خفيفة والنظر الى بول وقد جلس وحيدا موليا وجهه شطر البحر . حتى اذا عادا الى مقعديهما تساءل:
- كيف كان الرقص ؟
كان ابتهاجه واضحا فلماذا التردد واجابت:
- كان ممتعا يا بول الكل مرحون ضاحكون وقد طرحوا عنهم كل شيء.
- اجل اخشى ان لديكم من الغرب موانع وشاغل لا تجعلكم تستخلصون خير ما في الحياة .
وقال جو معلقا:
- الفارق هو ان القوم هنا لايشتغلون بالمال انهم يمارسون عملهم في غير تعجل يجمعون بعض خشب الوقود من هنا وهناك ويسوقون ماعزهم وغنمهم عن التل في رضى تام.
وامسك متفرسا وجه بول وسأله :
- الست توافقني ؟
- الناس في كل مكان تعني بالمال وهنا لا سيما هذه المنطقة بالذات للمزارع عمل اساسي هو ان يعد بساتين الليمون الخاصه به , وبعد ذلك لا يبقى له عمل سوى ري الاشجار . لهذا يحق له ان يجلس وان يقضي ايامه في المقهى يلعب الطاولة والورق ويجني من الليمون الفين تقريبا في العام .
وهتفت تيسا في دهشة :
- كل هذا القدر؟ والفلاحون يبدون مدفعي الفقر.
- كل هذا المقدار حقا فالليمون قد يبدو مهملا على الارض هنا ولكن تأملا سعره عندنا في انكلترا !
فوثب جو على الفرصة متناسيا الليمون :
- عندنا ؟ امازلت تعتبر انكلترا وطنك ؟
غمغم بول في تأمل :
- بلى للعجب!
وما كانت تيسا لتضن بشيء لتعرف اين كان اتجاه فكره ؟
لعله كان يسترجع بحنين الاوقات الرائعه التي قضاها هناك مع لوسيندا عندما كانا متحابين والمستقبل يبسط امامهما كصورة مثالية للنعيم . كان هذا قبل ان ينقلب الحب الى كراهية قوية طاغية بعثت شرا في نفسه , وما لبث بول ان قال بعد فترة :
- اظن ان الوقت حان لننصرف .
ولت تيسا قيادةسيارة في العود وكالعادة وضعت تيسا زهرة شذية بجوار زوجها فأمسك بها وراح يتحسسها برفق وحنان ويقربها الى وجهه وفي حركته بساطه فريبة وقد شرد ذهنه فبات لا يعني بغير السمات الجمالية للزهرة وعند وصولهم للفيلا قال بول بمجرد دخولهم :
- سأوي الى الفراش , طاب ليلك يا جو طاب ليلك ياعزيزتي .
وتركته يمضي ثم اومات لجو معتذره وتبعت زوجها وعندما عادت كان وجهها شاحبا واجما وقالت متهدجه :
- رأسه انه يضعه بين يديه , هذه الآلآم تروعه ترى أي تفسير لها .
- اصبري يا تيسا !عقلك مثقل بما يكفيه فلست بحاجه لقلق اخر كهذا .
- ولكن لماذا ينبغي ان يعاني من الآلآم ؟ انها قاسية وان كان لا يتحدث عنها .
وبدا كأنه لا يصغي اليها وعلى وجهه تقطيب ينم عن التفكير وفي عينيه وميض عجيب ثم سألها :
- النظارة القاتمه التي يرتديها .. هل يستعملها دائما ؟
فهزت رأسها وقالت:
-ما استعملها الا قريبا ولقد ذهلت حين قال انه يريد شراءها وكان يضعها من وقت لأخر ولكنه الآن يبدو غير مرتاح بدونها !
وارتجفت وهي تلاحظ اسارير جو وقالت:
- اتظن ان لنوبات الصداع علاقه بعينيه ؟
وتفرس في عينيها وسألها من ناحيته :
- اذا الامر كذالك فهل تدركين معناه ؟
وبدت حائرة وقالت:
- كلا .
وكانت النوافذ مفتوحه وبدا جو منصرفا الى اصوات الليل المتصاعده من اسفل السفوح ونقيق الضفادع وعاد يتكلم , وكأنه يتمتم لنفسه :
- لماذا يطلب النظارة فجأة , بعد ان يون قد تركها طويلا؟ انني اعتقد ان لنوبات الصداع علاقه بعينيه !
وانتبه الى تيسا متسائلا :
- هل خطر لك احتمال انه يبصر ؟
وارتجف كيانها وصاحت :
- يبصر ؟ كلا انه لا يرى قطعا انني متأكده !
- احسب انه ماكان ينبغي ان اقول هذا ولكن لعلي تنبهت الى ان الضوء يزعجه واذا كان الضوء يضايقه ...
ولم يتم ولكن ما امسكه كان واضحا واشتد ارتجاف تيسا وتولاها خوف اعظم من خوفها من المستقبل وقالت متلعثمة :
- الاطباء في انجلترا .. كلهم قالوا الا امل , انني موقنه بأنه لن يبصر ثانية .
واندفعت خلال النافذه فراشة كبيرة حلقت حول مركز الضوء ملقية ظلال على الجدران والارض . قال جو :
- لعلهم كانوا مخطئين هذا امر كثير الحدوث كانت حاله غريبه كما اخبرتك لم يكن اعمى حين نهض وانقض على اللهب لقد نشأ عماه عن صدمه للاعتقاد بأن لوسيندا كانت تحترق في السيارة حتى الموت .
وجلست تيسا مشدوهة لا تجد كلاما وقد هزها ان كل ما قاله جو بدا جادا كانت هي الاخرى قد حارت ازاء طلب بول النظارة ولاحظت انه كان يحجب الشمس عن عينيه ,وتذكرت مظهر الصيدلي وبول يحدثه عن الصداع والدواء .. اذ قال بول انه افاده قليلا , ولكنها موقنه انه لم ينفعه البته , وتطلعت الى جو شاحبة الوجه مذعورة ثم قالت :
- لو استرد بصره لا ينتهي امري , كافحت في امل وصليت بدون جدوى .
تململ جو في جلسته وقال :
- يحسن ان تتناولي شرابا قويا .
ونهض فسكب لها كأسا وقال :
- اظنني بدوري بحاجه الى كأس قد اكون مخطئا فيما قلت ولكن الامر جدير بالتأمل .
فهتفت في جزع :
- كلا لن ارضى ان افقده .
-اتحرمينه فرصة الابصار ثانية ؟
- نعم .. كلا .
ثم امسكت وهزت راسها عاجزه عن التفكير وصاحت فجأة في لوعة :
- انني لا استطيع ان افقده ... لا استطيع .
- لماذا تجزمين انك ستقفدينه؟ تذكري انكما متزوجان .
- سأفقده طبعا فالتي تزوجها لوسيندا في اعتقاده وبسعه الظفر بالطلاق دون عناء .
وتجاهل عبارتها الاخيره ليذكرها بأن بول قد ابغض لوسيندا فقالت :
- ليس هذا مبررا لكي يحبني .
- انك على صواب لكنك كنت مفرطة الرعاية له , ولابد ان يقدر هذا .
- انه لن يحبني ابدا , كان في انكلترا ينفر مني كل النفور وقال انني اطارده فماذا يساوره اذا علم يوما انني استغليت عماه لكي .. لكي استأثر به ؟ سيعتبر هذا تصرفا مريبا , وله الحق في هذا .
وتجلت عينيها نظرة قانظة مرتاعه واردفت :
- لا اريد ان يرتد اليه بصره لنه سيصبح اشد غضبا ونقمة اذا رأى نفسه مرتبطا بي انا الفتاة التي كان يعافها والتي قال انها دميمة .
فهتف جو بحده :
- ما ذال هذا ابدا .
- قال انني لولا عيناي لا اساوي شيئا .
وابثقت الدموع من عينها فتركها جو تبكي حتى اذا اخذ النشيج يهز كيانها نهض فأحاطها بذراعيه وقال:
- اسمعي ما من داع لهذا , فليس لدينا دليل على ان بول سيرى ثانية يوما ما لننس الامر حاليا وبمجرد عودتي الى الوطن سأسأل في الامر لي صديق يعرف اخصائيا في العيون .
صاحت تيسا في انفعال هستيري :
- كلا لن اقبل أي تدخل في حياتنا قلت انني لا اريد ان يبصر .
فأنتقل الى جوارها وساد الغرفة الصمت . واخيرا رفعت تيسا المنديل عن عينها ونظرت اليه فقال :
- بول صديقي ياتيسا ويجب ان اسأل ذلك الاخصائي لقد قال بالعلاج والجراحه واخال انني اتذكر اجل كان هناك حال شبيهة بحال بول امراة فقد زوجها في حادق وادت الصدمة الى فقدت بصرها اعتقد ان الامر لم يستدع جراحه فقد استجابت للعلاج .
فذكرته تيسا بالعلاج الذي تلقاه بول بعد الحادث وتجاوز جو عن قولها وقال بحزم :
- واجبي ان اساعد بول اذا استطعت .
- انه زوجي .. وانا صاحبة الرأي .
فقال مواسيا :
- اشربي كأسك . انك لا تدركين ما تقولين وعندما يتسع الوقت لتفكري فيما سيكون لجراحه ناجحه.ز او لعلاج من تأثير على زوجك فسوف تبدين رأيك انها حياته يا تيسا ويجب ان تتاح له الفرصة ليحياها كامله .
قالت في اصرار ولكن بمزيد من الهدوء وضبط النفس :
- لن اساعد باية حال في عرض بول على ذلك الرجل .
- اتقضين على زوجك بان يعيش في ظلام ؟
- اجل .. ان هذا لخير !.
فهتف :
- كيف يكون العمى خيرا لأي امريء بحق السماء ؟
فقال في استماته:
- انت قلت اننا لانملك دليلا على انه سيبصر ثانية فمن القسوة اصطحابه الى ذلك الرجل واحياء اماله كلا لن اسمح بايذاء مشاعره .
وشعرت بارتياح ولكن للحظة واحده اذ اخذ ينمو في جوفها هم مروع , ادركت بغيرزتها انه خليق بأن يرديها في شقاء ويأس يفوقان ما قضى به بول عليها !
فقال جو :
- صحيح اننا لا نملك دليلا وصحيح ان آمال بول ستتجدد وقد تخبو سريعا ومع ذلك فعلينا ان نتيح له فرصة هذا واجبنا يا تيسا .
- واجبي الاول هو ان احمي زوجي من الاذى ولست ارضى باذكاء اماله ثم اطفائها . لقد عولج واخفق العلاج واني لموقنه بانه سيخفق ثانية !
********
وجلست طويلا بعد انصراف جو الى النوم تحملق في اتجاه البحر البعيد وكانت حمرة الشفق تدب في السماء مؤذنة بالفجر حتى اوت اخيرا الى فراشها .
وكان بول قد لاذ بالغرفة الاخرى فأطلت عليه خلال الباب وعلى الضوء الخافت الذي تسرب من خلال مصاريع النوافذ لاحظت انه متململ في نومه اذ كانت انفاسه ثقيلة ومضطربه .
وبهدوء انسحبت وقلبها وعقلها في دوامه :أمن الممكن ان يبصر ثانية ؟ لقد سمعت ان الراحه والعلاج المتخصص قد يؤديان لارجاع البصر المفقود اثر الصدمة وهمست لنفسها :
- لن اطلع بول على هذا .
وتأملت وجهها في المراة والانف الافطس وعظام الخدين ولم تر عينيها الجميلتين ولا الحنان والشفقة الفياضتين فيهما ولا الاستدارة الجميلة لشفتيها وقالت :
- كلا لن اسمح للاخصائي بمجرد فحصه لن اخسر زوجي !
واخذ الصراع بين ضميرها وقلبها يعصف بها . انه ملكي فلماذا اجازف بان افقده ؟ لماذا قدر لجو ان ياتي فيعكر علينا حياتنا ؟الواجب ؟ انه لا يمت اليه بقربى مجرد صديق فبأي حق يتحدث عن الواجب ؟انني انا زوجة بول التي سوف تبت وتقرر , اجل وهي وحدها صاحبة القرار .
واخذت تذرع الغرفة ثم التفتت اذ دخل عليها بول في ثياب النوم وشعره الاسود يتهدل في فوضى جميلة . وقال وهو يسير نحوها مستعينا بعصاه :
- انت قلقة .. سمعتك طيلة الساعة الماضية لا تهدأين .. هل تحسين بمرض ؟
فبادرت قائلة :
- كلا لم استطع النوم . لعله تأثير الشراب .
واحاطها بذراعيه اين يذهب العناق البدائي العنيف الذي كان يؤلمها به في الماضي ؟
فأدركت وتطلعت لوجهه بعينيها الجميلتين وقالت:
- هل عدت تعبث بي , اتوسل اليك الا تفعل . الآن!
قال بايجاز ولهجة بارده :
- لم لا ساعبث بك عندما يحلو لي .
وانصاعت في استجداء وهي تقول :
- انني متعبة جدا يابول !
لمس عنقها ثم ذقنها وتحركت اصابعه خفيفة على قسماتها من جبينها حتى فمها ولمست اصابعه انفها الافصس الصغير الذي لم يكن يشبه انف لوسيندا . وحبست انفاسها لقد فعل بول هذا مرات كثيره من قبل ولكن بطريقة شبه عابرة وكانه غير معني او مشوق اما الآن فقد بدا انه شديد الاهتمام بما كان يفعل !
وندت عنه اخيرا زفرة عميقة , لم تنم لها عن شيء وظل فمه مطبقا ولاحت عليه خشونه مختلفة عن اية خشونه عهدتها منه من قبل ودفعها عنه بجفاء وقال:
- انك متعبة أليس كذلك ؟
كان صوته خافتا حتى كادت لا تسمعه ومع ذلك شابته رنة ارسلت قشعريرة في عمودها الفقري .
وعاد يقول :
- اذاً فأرجعي الى فراشك وحاولي ان تنامي .
وتوقف برهة وكانما استولى عليه شيء من التردد ثم غادرها عائدا الى غرفته .
وسمعت صوت قفل بابه يتردد في سكون البيت فاذا بها تحس بوجود حاجز اكبر من الباب بينها وبينه.
وخامرها الشعور العاجز اليائس بانها مطروده من حياته ... الى الآبد !.



Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس