عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-15, 01:59 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


9- صندوق البريد
كان الدفء والوثام اللذين خيما على علاقتهما من ذلك اليوم اذارها عليهما فاذا تيسا تتفتح مزدهرة ازدهارها في الاسابيع الـ3 الاولى لزواجها دون ان تحفل بأن ما اولاها زوجها من حب وحنان انما كانا في الواقع موجهتين لأختها .
فهي حين بدأت هذا الانتحال لشخصيتها كانت قد هيأت نفسها لتقبل ما ينالها شاكرة ممتنه . اما بول فقد بدأ اذ بسط اخيرا عفوه على لو سيندا كما لو كان قد ازاح عنه عبئا ثقيلا وانعكس عذا على اختفاء ألام رأسه على انها لم تلبث ان عاودته ثانية بمجرد ان اقنعت تيسا نفسها بأن تلك الالام انما كانت منبعثة من الارهاق العقلي والنفسي بدون ان تكون ذات صلة بعينية .
وكان راقدا حين جاءت اليه بعد الغداء وسألته :
- هل الالام شديدة يا حبيبي؟
- اجل ياعزيزتي .
يبدو ان الصيدلي غير قادر على اعطاءك دواء ناجحا .
فمد يده سعيا الى يدها قائلا:
- بذل قصارى جهده .
ورفع يدها الى صدغه قائلا :
- هكا افضل .
وتنهد فغص حلق تيسا كان جو قد نفذ فكرته واتصل بالطبيب الذي ابدى اهتماما بالغا واعرب عن رغبته في رؤيته وكتب اليها جو بعد رحيلة بـ10 ايام :
- انني واثق انك اعدت التفكير واذا اخبرتني بموعد تستطيعين فيه احضار بول الى لندن افني سأدبر لقاءه بالطبيب ويدعى جون ريد وهو مهتم الى درجة انه وعد بأن يفحص بول في أي وقت . اخبرته كل شيء عن الحادث وما اعقبه من فقدان بول البصر . ومن الطبيعي انه كان متحفظا في تعليقاته ولكنه اوحى لي بأنه متلهف الى ان يفحص بول فلا تترددي يا تيسا واتوقع ان تردي عاجلا .
كان بول اذ ذا قد تحرر من الآمه فأهملت تيسا امر الرسالة ولكن هاهي ذي الآلام تعاوده وقالت له :
- هل اغسل رأسك بالماء البارد ؟ لقد خفف عنك هذا مرة من قبل .
فابتسم بول في وهن وتمتم :
- افعلي اذا شئت ياعزيزتي .
وادركت ما وراء كلماته وضغط يدها ثم قال :
- تبين لي انه ما من شيء يخفف عني ويجب ان اروض نفسي على تعود هذه الآلام وان كنت لا افهم لها سببا .
وسحبت يدها وقالت في رفق وهي تحاول بدون نجاح ان تقصي عن ذهنها ما ورد في رسالة جو :
- اتود ان تخلد الى النوم ؟ هل اتركك يا عزيزي .
- لفترة وجيزة فأني واثق من ان ما بي سيزول بعد قليل ثم اردف :
- هذه الحياة كئيبة بالنسبة اليك ستخرج الليلة لتناول العشاء في ماريه مونتي . ايروق لك هذا .
هكذا كان بول منذ زيارتهما الى اطلال فوني شديد الرعاية لها فبادرت قائلة :
- لا بأس اذا كنت احسن حالا يا بول اما عن حياتي فاني في كامل السعاده والقناعه لمجرد وجودي معك .
****
وبعد ساعة كانت تيسا في الفناء المكسو بأشجار الصنوبر تتمشى مشغولة البال كانت سعيده ولكن, هل هو سعيد ؟
ومرت الدقائق بطيئة مليئة بالشجن , حافلة بالصراع بين عقلها وضميرها , كان جو متفائلا لأهتمام الطبيب بحال بول وكان قلبها يصرخ ضد هذا الاتجاه عندما ظهر بول وكانه ما عانى من الصداع طيلة عمره فطرحت عنها هواجسها وترددها وخفت اليه وهي ترفع الشكر لله وسألته :
- هل انت احسن حالا ؟ انك تبدو بخير !
واتجه الى المقعد مسترشدا بعصاه وجلس قائلا :
- اجل زال الالم , لعله الحر .
فقالت متشبثه بتعليله:
- اجل قد يكون الحر هو السبب , هل احضر لك شرابا ؟
- كلا يا حبيبتي بل اقرأي لي .
ودخلت الدار لتحضر الصحيفة فاذا معها رسائل احضرها تاكي من القرية وكاد قلبها يتوقف اذ تبينت خط جو على احداها وبيد مرتجفة فضتها فوجدت فيها ورقة واحده بدأها جو بدهشته لأنه لم يتلق منها ردا ثم مضى يقول :
- اتصل بي الطبيب في الاسبوع الفائت ثم عاد يتصل هذه الحاله وقد ألح في ان يرى بول وهذا ينبئ بأنه متفائل فأمل ان تفعلي شيئا ليس لك ياتيسا ان تحرمي بول من فرصة اكتبي لي فورا .
وسحقت الرسالة في قبضتها وتناولت الرسالة الاخرى فاذا بها من ابيها ثم حملت الصحيفة القبرصية التي تصدر بالانكليزية .
وخرجت الى زوجها وكانت الصحيفة ورقة واحده وسرعان ما اتت عليها ثم دفعت جهاز الرادؤو الى زوجها تاركه له ان يهتدي الى المحطة التي يختارها فانبعثت انغام البزق خافته
وتناولت تيسا رسالة ابيها فاذا بها ينبئها بزفاف لوسيندا متفاديا بكل لباقة ما اذا كانت اختها افتقدتها . كانت لوسيندا تعلم ان تيسا تعمل بالتدريس في قبرص ولكن لم تكن لديها فكرة عن مكان بول .
كانت تعتقد مثل كثيرين انه يعيش في عزلة في احدى الجزر اليونانية ومضى ابوها يقول :
-اما وقد ظهر ان زواجك موفق الا ترين ان نطلع امك على السر؟ لقد كان الخداع من اجلها لتجنيبها القلق ولكني لا ارى داعيا ما مدمت سعيده لأن تظل جاهلة بزواجك .
التفت اليها بول متسائلا :
- ماذا تفعلين ؟ انك هادئة تماما !
وكرهت ان تكذب عليه ولكن الخطاب لم يكن يحتوي على ما يستحق ان تقرأه له فقالت :
- انني افكر فقط .
ولم تدر اكان صوته ينم عن فضول ام انها كانت واهمه اذ سألها :
- فيما تفكرين ؟
- في ابي وامي .
ورفع حاجبيه في دهشة بسيطه وقال:
- فيهما وحدهما ؟ اخوتك ؟ واختك ؟
فقالت وقد بدأت تلتزم الحذر :
- انني افكر فيهما طبعا ولكني في هذه اللحظة كنت افكر في ابي وامي .
وصمت برهة منصتا الى زقزقة العصافير ثم سألها :
- ما رأيك في ان نزورهم ؟ سيكون التغيير مبهجا لنا . ونستطيع كذلك ان نزور بعض الاصدقاء .
وحول رأسه نحوها وكأنه سيبصر اثر كلامه !
- الاصدقاء ؟ كلا لا اريد زيارة انكلترا .
فهتف :
- بتاتا ؟ ولكن ياحبيبتي ...
واسرعت تقطع عليه كلامه قائلة بصوت مرتجف وهي تحاول تمالك جأشها :
- ما عنيت هذا .. سنذهب الى انكلترا طبعا ولكن ليس الآن يابول في العام المقبل !
وتفرست في وجهه الاسمر القوي وكأن قسماته نحتت لتنم عن جمال ونبل ولغير ما سبب واضح رأت العينين الثاقبتين تحدجانها في شيء من الضيق المتعالي
وسمعت لهجة الازدراء الخافته التي كان يتحدث بها عنها الى جو في الحفلة التي اقامها هذا في انكلترا لقد اصبحت العينان تتواريان خلف نظارة قاتمه وكان صوته يفيض حنانا المفترض انه موجه الى لوسيندا حين قال :
- حسنا جيدا يا حبيبتي العام المقبل اذا كانت هذه رغبتك .
وغمرها الارتياح لها ان تطمئن حاليا اما المستقبل فلتدعه للغيب !
*****
ووصل خطاب اخر من جو في الاسبوع التالي .. لم يحاول جو فيه ان يجاملها بل اتهمها صراحة بالانانية فبادرت بالكتابة اليه في اقتضاب ذاكرة انه ما من شيء يمكن فعله وان من القسوة عرض بول على الطبيب ليواجه في النهاية بان لا امل لعلاج حالته !
****
كان حر نهار يوليو قاسيا فأقترحت تيسا ان يقوما بجولتهما على المتاجر بسرعه ثم يغادران المدينة بسرعه وكانا قد ذهبا الى نيقوسيا لابتياع بعض الثياب لبول .
وجاء عامل احد المتاجر لبول بقميص فقالت تيسا :
- ان القميص اخضر هل تريده اخضر ؟
- أي درجات الخضرة ؟
- اخف قليلا من الزمردي .
وحانت من تيسا التفاته الى البائع فاعتصر قلبها ان لاحظت انه كان ينظر الى بول في دهشة يخالطها الرثاء , وكأنه يقول :
- لماذا يعتني هذا الاعمى نفسه بتعرف اللون ؟
ودفعت الى بول بقميص اخر قائلة:
- هاك آخر افضل عليك انه زيتوني اللون والقماش افضل .
فتحسسه ببراعه لا يعرفها سوى المكفوفين وقال :
- نعم هذا اجود ولكن اخبريني باللون تماما .
واختنق صوتها وترقرقت الدموع في عينيها ما رات زوجها ابدا عاجزا الى هذا الحد فقالت باقتضاب وهي تلاحظ البائع من جديد :
- انه يناسبك !
- سأخذه اذا , اية الوان اخرى هناك ؟
وامتدت اصابعه نحو مائده العرض فدفعت اليه بقميص واذا به يسألها :
- اهذا ازرق ؟
وارتعشت شفتاها ولم تستطع الكلام لماذا يداخلها هذا الشعور ؟ لكم ابتاعا من اشياء من قبل ولكن بول كان دائما يعرف ما يبتغي تماما , وبادر البائع بالاجابه هذه المرة :
- انه ازرق .
ثم عرض قميصا اخر قائلا :
- هذا ارخص سعرا ولكنه ذو لون جذاب .
فقالت تيسا :
- انه ارجواني !
هتف بول :
- رباه ! كلا سأخذ القميصين الآخرين .
وفيما هو يدس يده في جيبه ليخرج النقود ارتطمت كتفه بدمية كانت بجواره . ومن الواضح انه لم يدر ماذا اوقع واسرع البائع يرفع الدمية بينما وقفت تيسا ترتجف من رأسها لأخمص قدميها وهي تراقب وجه بول وقد تدافعت اليه الدماء , وتحسس الهواء ليتبين ما حدث فنفضت عنها الجمود وقالت :
- لا شيء يا حبيبي .. لم يحدث أي ضرر .
فقال بصوت اجش :
- لنخرج من هنا وعودي بي الى البيت !
ولم يشأ الانتظار ليأخذ القميصين والقت تيسا وهي تأخذ بيده تقوده الى الخارج بنظرة اعتذار للبائع .
ظلت ذكرى هذا الحادث تلازمه طيلة الطريق الى البيت وراته تيسا مرات يحجب الضوء عن عينيه بالرغم من ارتدائه نظارته . كان من الواضح ان رأسه يؤلمه اذ توالت الاختلاجات على وجهه وابيض ركنا فمه وقالت تيسا اخيرا :
- هناك مقهى يابول اتحب تناول شيئا من القهوة ؟
وتوقعت ان يرفض ولكنه لدهشتها وافق , وجنحت بالسيارة الى ظل بعض النخيل اما المقهى وخف لاستقبالها شاب يوناني انيق اخذ ينقل بصره بينهما في فضول , وهو يبتسم لهما ,وجالت تيسا ببصرها داخل المكان .
لم تكن ثمة نساء بينما حملق فيها الرجال ولكنها كانت قد اعتادت هذه النظرات وقال بول وهو يتحسس موقع المقعد ويجلس :
- ارجو ان تحضر لنا قهوة , قدح قهوة تركية وقدح قهوة بالحليب .
وقال الشاب وهو يقدم اليهما القهوة :
- من أي اجزاء انكلتوا جئت ؟
فأجابته تيسا . وتلكأ لحظات يجاذبها الحديث . وعندما آن ان ينصرفا رافقهما حتى الباب واخذ يلوح لهما حين انطلقت بالسيارة .
كانت هذه الفترة قد ساعدت بول على التغلب على جراحه ولكنه ظل حتى وصولهما الى البيت لائذا بالصمت . وكانت تيسا كذلك واجمه فان حرج زوجها آلمها كما لم يؤلمها شيئا من قبل.
كان عجزه وهو القوي الشخصية والبدن خليقا بان يمزقه بقسوة !
وقال بول اذ دخلا البيت :
- سأرقد .. ولست اتوقع ان انام ولكن يناديني في موعد الشاي .
كان مهزوفا مستضعفا فلم يداخل تيسا شك في مدى عذابه العقلي والبدني . وكانت الرسالة التي كتبتها لجو في حقيبة يدها وقد شغلها ما حدث عن ان تسلمها للبريد فأخرجتها من البريد ومزقتها والقت بها في سلة المهملات .
ثم كتبت رسالة اخرى خشيت ان تتراجع عن قرارها فأسرعت الى القرية لتوعها البريد عند المقهى وقد استولى عليها ذهول عجيب .
ولم تدر كم من الوقت قضت في وقفتها ولكنها فجأة فطنت بشعور مبهم الى حملقة الرجال الجالسين امام المقهى يلعبون طاولة النرد حتى سائق الحافلة التي اقبلت ببعض السياح اخذ ينظر اليها متغافلا عن سياحه وتمهلت امرأتان تعتليان حمارا بينما وقف عدد من الاطفال تحت شجرة وارفة ينظرون في استحياء وكانهم يتساءلون ما حصل لها اذ وقفت تنظر الى صندوق البريد نظرات زائغة !
وتضرج وجهها وتحركت في الشارع القروي الضيق تحف به البيوت العتيقة التي كانت الزهور تتألق في حدائقها وما لبثت ان احتجبت الرؤية عنها وراء الدموع التي ابعثت من عينيها ,
أتراها كافحت طويلا لتظفر بحب زوجها , لاشيء الا لتفقده سريعا ؟ ماذا يكون رد الفعل لديه ازاء خديعتها ؟ لقد استغلت نكبته في بصره وعجزه لتظفر بما كانت تشتهي من التقاها واستبد بها الذعر , وهي تدرك انها لن تقوى على ان تواجهه . لقد اوشك ان يعذبها حتى الموت مرة وهو كفيل بأن يفعل ذلك مرة اخرى , ولكن تعذيبه في هذه المرة سيكون اقسى ..
سيسوطها بعبارات الاستهجان والاستهزاء والازدراء . فلا بد انه سيستشيط غضبا اذ تبين انه تزوج فتاة لم يكن يميل اليها بل كان يراها خالية من الجاذبيه في كل ناحية وكانت تطارده بعينيها عندما كان خطيبا لاختها !
كلا لن تستطيع ان تواجهه ابدا ولكن ما الذي ينبغي ان تفعله واوحت اليها الغرزة بمهرب خلال الطريق الذي هربت خلاله سابقا السعي الى عمل في الخارج .
كان هذا هو المهرب الوحيد المفتوح امامها الطبيب قد لا يستطيع مساعده زوجها وما من شيء يؤكد نجاح الجراحة اذا هو اجراها ولكن عليها ان تستعد !
كان بول نائما حين بلغت الدار ولم يكن موعد الشاي قد اقترب فاستقلت السيارة وانطلقت الى كيرينيا وما كانت قد زارت النادي القروي من قبل لكنها تعلم ان جميع الصحف الواردة من انكلترا فيه .
ولم يضايقها احد بالسؤال عما اذا كانت عضوا بالنادي حين دخلت واجالت بصرها , وما لبثت ان وجدت بغيتها فجلست الى احدى الطاولات وامامها ملحق التايمز التعليمي وفي يدها قلم وورقة وراحت تتفقد المناصب الشاغرة لمدرسين في كندا ... استراليا ... فنزويلا .. هونغ كونغ..
اجل هونغ كونغ !
10- الضوء الجديد
ضوء النجوم فوق الجبل والنسيم المتضوع بشذى الصنوبر وقمر يسري في سماء صافية متأقله واصوات الصراصير الحقل في هواء الليل الساكن ما اكثر ما ينطبع في الذاكرة وتيسا واقفة عند سياج سطح الدار مستغرقة في الآسى ترى منظر اشجار السرو والصنوبر والزيتون والخروب والنخيل المتمايلة وتردد في نفسها :
- غدا الرحيل لاعودة !
وحل الحنان محل الآسى في عينها اذ وقعتا على بول يصعد الدرج منتصب الرأس بقوامه الخفيف الحركة الذي اثار في قلبها رعشة خوف فدعت الله في صمت ان يكلل العلاج المقبل بالنجاح ..فان جون ريد عندما فحصه في الستشفى بلندن قبل اسبوعين بدون جراحه كفيل بان يرد النظر
ولقد قال في تحفظ لست اعد بشيء ولا اجد ما يبرر التفاؤل بنتيجة العلاج الذي ساعطيك اياه .
ولم يتخذ بول قراره بعجلة خشية تصدع قلبه من جراء فشل جديد فعاد الى قبرص دون ان يدرك سوى جو انهما زارا انكلترا على ان بول لم يلبث ازاء الحاح زوجته ان قبل ان يسلم نفسه ليدي جون ريد .
قالت تيسا :
- انا هنا !
وبلغ بول السطح فوضع اصبعا على السياج يسترشد به حتى وصل الى تيسا وعقدت ذراعيها في ذراعيه قائلة :
- رائحتك جميلة !
فأرسل ضحكة صافية لا يثقلها هم مما جعلها تدعو من جديد في نفسها الا يفشل العلاج وقال :
- هذه رائحة الكلونيا بعد الحلاقة !
وتطاولت على اصابع قدميها لتحك انفها بخده قائلة :
- نعم انها لطيفة !
- وكذلك انت !
وطوقها بذراعيه وقال :
- لن البث ان ارك قريبا يازوجتي العيزة الحلوة !
كانت في لهجته رنة غريبة وهزت تيسا افكارها لتفيق لابد ان الغرابة منبعثة عن الاعصاب والتوجس ولكنها خلال الاسبوعين المنصرمين خالت انها تلمس هذه الرنة في صوته كلما تحدث عن العلاج المقبل واحتمال استعادته بصره وغمغم :
- ياحبيبتي .. يا جميلتي ... لكم اهفو لرؤية وجهك !
والتصقت به وطوقت عنقه أهي ليلتهما الاخيرة معا ؟ آخر ليلة يضم فيها بين ذراعية الجميلة لوسيندا قبل ان ينجلي عنه الوهم ؟
ظلا على وقفتهما برهة وكل منهما مستغرق في افكاره وسألت تيسا نفسها : ترى ماذا يفعل لو علم انها حمت معظم امتعتها وارسلتها الى انكلترا فعلا ؟ ماذا يقول لو علم انها في اليوم التالي لدخوله المستشفى في لندن كانت في مقابلة بطرف أخر من لندن كانت في مقابلة بطرف آخر من لندن , من اجل منصب سينقلها بعيدا عنه الى الابد!

وقال بول اخيرا :
- حدثيني عن الليل , احس الهواء عليلا ونقيا معطرا ازيز الصراصير اسمعه وصيحات خفاش الفاكهة ولكن ماذا هناك غير ذلك ؟
فقالت :
- بدر مكتمل يتقلب بين السحب اجل هناك سحب يا بول ولكنها فضيه والنجوم برك دقيقة من البلور ولون السماء بين السحاب ارجواني عميق تتخلله احيانا مسحات من اللون البنفسجي الزاهي احسب مصدرها شعاع القمر وهو يتنقل بين السحب المتبانية الكثافة ...
وسكتت اذ افلتت منه ضحكة صغيرة وقال :
- سواء أبصرت ام لم ابصر فستظلين دائما ياحبيبتي تصفين لي هذه الاشياء .
دائما , ما اقل ما كان يعرف ! ومضت في الوصف قليلا ثم امسكت وضحكت قائلة :
- انها ليلة شاعرية حقا يابول .
كان توتر اعصابها قد بدأ يؤثر على صوتها كانت عاقده العزم على ان تعيش هذه الليلة بالذات وتكتنزها وتنسى ما قد تاتي به الايام من لوعات ومن سنين خاوية وتحسس بول وجهها وعينيها كان يتوقع ان يلمس دموعا , وسألها :
- ماذا بك ياغرامي ؟
- لا شيء .. مالذي يدعوك للسؤال ؟
- صوتك ,صوتك العذب , فيه حزن !
فاصطنعت ضحكة وقالت :
- ليس حزنا وانما قلقة بطبيعة الحال .
- بشأن العلاج ؟ مهما تكن النتيجة فسيظل كلا منا للأخر .
فتمتمت بالاعتداد الذي تدرك انه يرتقبه منها :
- نعم بول كل منا للآخر .
- ولو اخفقت . ..
ووضعت اصبعا على شفتيه فنحى يدها بلطف ليتم كلامه :
- فستظلين تبصرين لي , وترشدينني .
فأهابت به ضارعة :
- لا تتكلم عن الاخفاق , الطبيب كان شديد التفاؤل ذاكرا ان تغيرا ما ققد حدث وانه بادرة امل .
فقال محذرا :
- خطر الفشل موجود دائما في مثل هذه الحالات انني مليء بالامل طبعا لكني في الوقت ذاته عميث الادراك بانها مقامرة !
مقامرة وخسارة بول فيها كسب لها هي ! ولكنها لم تكن راغبة في الكسب واغمضت عينيها يجب ألا ابكي الليلة , الليلة بالذات ! واراحت رأسها الى كتف زوجها فضمها محتويا ايها وكانه يحميها ولبثا هكذا فترة طويلة .
****
غادرا البيت مبكرين في الصباح التالي وقد ران على تيسا استقرار حزين لامها طيلة الاسبوعين الآخرين ولكنها لم تسمح لدموع القنوط ان تنطلق الا حين اوقفت السيارة في المطار عند عودة بول سينقل السيارة غيرها او لعل بول نفسه هو الذي سيقودها لأول مرة منذ ان حرمه الحادث حبيبته وابصاره !
استقبلهما جو في مطار لندن وقبل ان تفطن تيسا لشيء كانت تغادر زوجها في المستشفى فقد كان لابدا ان يمكث تحت الملاحظة لمدة قد تكون اسبوعين ولتيسا ان تزوره يوميا


سألها جو وهو يقلها بسيارته من المستشفى عن شعورها ااء العلاج فقالت :
- انني راحلة .. اعني اذا كان العلاج ناجحا . واني لأشعر بأنه سيكون ناجحا !
- هكذا اشعر انا ايضا ولكن , ماذا تقصدين بانك راحلة ؟
ثبتت عينيها على الطريق الممتدة وقالت :
- بول لن يردني فيجب ان ارحل قبل نزع الضمادات .
قطب جو جبينه وقال :
- ليس لك ان تهربي من زوجك هكذا . الى اين ستذهبين ؟
- تقدمت لمنصب في الخارج .
- كيف تعرفين ان بول لن يريدك ؟
كان وجهها شديد الشحوب واستعادت كفاحها ونضالها لتظفر بصفح زوجها عنها لشيء لم تكن مرتكبته وشعرت بسخرية لدورها , فقد استعادت للوسيندا الحب الذي فقدته بالجحود والقسوةوالاسوأ ان لوسيندا ما كانت لتفيد من هذا الآن وهذا ما زاد تيسا مرارة وحسرة وتمتمت :
- انه يحب لو سيندا ؟
- ما جدوى هذا له الان ؟
قالت مصححة :
- تعني بل أي خير سيعود عليه من ذلك ! اذا لم يكن قادرا على ان يحظى بلوسيندا فلا يعني هذا انه سيرضى بديلة عنها ويظل زوجا لي !
- بديلة ؟ ان اليونانيين لا يقصون عنهم زوجاتهم بسهولة فالطلاق نادر بينهم .
- ربما لا يطلقني ولكنه لن يبتغي العيش معي من جراء كل هذا .
فهز كتفيه مدركا انه لن يصل الى اقناع تيسا بشيء وهي في حالة كهذه وقال بعد قليل :
- لنتناول شيئا من الطعام قبل ان اقلك الى البيت .

طعام ؟ وشرد ذهنها الى مارية مونتي والامسيات الشاعرية عندما كانت تتناول العشاء مع بول هناك والاضواء والموسيقى .. ترى هل سيذهب بول الى هناك مرة اخرى ؟طبعا فقد كان ذلك المكان مفضلا لديه ولكنه في المرة المقبلة لن تكون معه لتبصر له وان كان لا يحتاج اليها اذا ذاك .
اقلها جو الى البيت بعد ان تناولا الطعام ووعدها بان يوافيها ليصطحبها للنزهة من آن لآخر خلال الاسبوعين التاليين فما ينبغي ان تجلس في البيت مستسلمة للاكتئاب !
وما كان ثمة وقت للاكتئاب الا في الليل عندما يزوغ منها النوم ذلك انها كانت قد ظفرت بالمنصب الشاغر في هونغ كونغ وقيل لها ان عليها الذهاب بمجرد ان تدبر امورها ,
وكان موعد رحيلها يتوقف على مدى سرعة استعادة بول بصره , فقد اعتزمت ان تبقى مع زوجها حتى اللحظة الاخيرة فلا تتركه الا قبيل نزغ الضمادات عن عينيه.
لذلك كانت تشغل كل وقتها بالاستعداد للرحلة واكمال تدابير الاستقرار بعدها وبزياراتها للمستشفى , ولكم حاولت خلال العلاج ان تظفر بمعلومات من الطبيب ومع انها لم تستطع استدراجه شعرت بتفاؤل .
*****
وفي اليوم الذي حددته للرحيل سمعت تيسا في ابهام صوت سيارة تتوقف وكانت مستغرقة في عملية حزم كل مستلزماتها التي تناثرت على ارض غرفة الجلوس في بيت والديها فضلا عن الكتب وادوات التعليم والشرح ,
ووقفت امها في الباب ترقب الفوضى وتهز راسها مستنكرة ثم قالت في أسى :
- ترى كم مرة سنشهد كل هذا ؟
- انا جوابة افاق يا اماه ... واحسبني سأظل هكذا حتى تقعدني السن عن العمل في الخارج !
ماذا تراها تفعل اذ ذاك بعد 10 او 15 سنه ؟
سيكون الجرح قد اندمل ولابد فيتسنى لها ان تستقر في عمل مريح في بلادها . ترى اين سوف يكون بول ؟ هل سيمكث في انكلترا او يعود الى قبرص ؟ من المحتمل ان يكون قد طلقها فلديه كل ما يبرر هذا ؟ كانت تشعر بانه سيبتغي الخلاص منها بأسرع ما يستطيع ؟
لهذا دبرت لنفسها ان تسافر في مساء اليوم بالذات ! قالت الام :
- بماذا استطيع ان اساعدك ياعزيزتي ؟
كانت محزونة لكنها رصينه لقد اصبحت على علم بكل شيء وقد بذلت وزوجها كل جهد ليثنيا ابنتهما عن هربها المتعجل ليقنعاها بالبقاء بعد ازالة الضمادات عن عيني زوجها لتتبين كيف يكون تصرفه ازاء خديعتها
ولكن تيسا كانت صلبة العناد وما استطاعت الام ان تلين هذا العناد بدموعها فتقبلت قرار تيسا تاركة اياها تشكل مصيرها على هواها , اما الاب فلم يتراجع بسهولة وقالت تيسا له ضارعه :
- لن ارتضي ان اوجهه يا ابي هذا كل مافي الامر لقد كان ينفر مني حتى قبل ان أؤذيه.
- ماكان فيما فعلته ايذاء .
- اليس استقلال عماه لأظفر بما اردت ايذاء ؟
- ما ادراك بما سيكون عليه شعوره ؟
- انني ارعف ما سيشعر به حين يعلم بانه تزوجني انا .
ولاذ الاب بالصمت فساور تيسا الارتياح بيد ان امارات غامضة تبدت عليه , ولم تكن قد سنحت لتيسا فرصة في اليومين السابقين لأكثر من مانسبة واحدة فأجاته فيها يتأملها خلسة ثم يهز رأسه وكأنه شارد الذهن في كشكلة مزعجه تبعث فيه شيئا من الخوف .
- وقالت امها وهي بعد واقفة بالباب :
- الا بد من هذه العجلة ؟
- سيأتون لنقل الاشياء في الصابح لهذا سأستقل طائرة الليلة !
كان لابد ان تذهب الى المطار في الساعه الـ5 وكان بول يرتقبها في المستشفى وقد اوصاها الطبيب بالحضور في الساعه الـ4 لتكون الى جوار بول حين ينزع الضمادات عن عينيه وقال الطبيب وفي عينيه وميض انتصار:
- طلب زوجك هذا بوجه خاص فوجهك هو اول وجه يريد ان يبصره .
وجه لو سيندا .. الوجه الجميل .. وجه المرأة التي احبها !.
القت تيسا نظرة على الساعه فاذا بها الواحده تقريبا ,ماهي الا 3 ساعات حتى يبصر بول لقد وعدته بالامس وان لم يدر انها كانت تودعه وقال لها مرات :
- انك هادئة صامته يا عزيزتي .
وكان يلوح لتيسا ان في صوته لهجة السؤال , وان في تصرفه ترقبا عجيبا فكانت تجيب في كل مرة :
- انه الانفعال ... تصور انك في هذا الوقت من الغد ستكون قادرا على النظر !
كان لزاما ان يبقى في المستشفى بعد نزع الضمادات اياما قلائل وان يرتدي نظارة سوداء لفترة من الزمن حماية لعينيه من الوهج .
- نعم سأكون قادرا على ان ارى .. ارك يازوجتي الحلوه الجميلة !
وجثم على قلبها شعور من المرارة. وسرح ذهنها الى لوسيندا التي سعدت بالزواج من شخص اخر والى بول وما سيصيبه من صدمة والى نفسها ... وهي العاشقة في استماته .ولكنها لا تحظى بحب محبوبها .
واستطاعت تمالك نفسها ولكنها احست بقلبها يموت انها النظرة الاخيرة وهي تلتفت اليه قبل ان تخرج وتغلق الباب . وملأت الدموع عينيها وتعثرت وهي تجتاز الردهة لقد ذهبت وغاب بول عن حياتها الى الابد !
****
وردها الى الواقع صوت امها تهتف برقة :
- تيسا ايتها العزيزة !
وانبعث في تلك اللحظة رنين جرس الباب فأطلت من النافذة كانت هناك سيارة اجرة في الخارج , ولكنها لم تلمح الذي نزل منها .
كان الاب قد فأجاها بالعوده الى البيت في موعد الغداء على غير عادته زاعما انه شعر بوعكة .. غير انهما حارتا في روح معنوية طيبة حتى انه راح يغني بصوت خفيض وهو في الحمام .
لاحت من تيسا نظرة الى المرآةفاذا شعرها مشعث وانفها لامع وثوبها كان صدره متسخا بشكل واضح ووجمت مكتئبة لمظهرها .
واحست بانها تود ان تهرب بعيدا , اميالا بعيدا عن الغرفة والفوضى المحيطة بها , وكل شيء حتى عن حياتها !
وقطبت امها جبينها في حيرة , اذ سمعت صوت زوجها يسأل :
- اذن فقد جئت ؟
وتساءلت امها :
- ترى من يكون هذا ؟
فهت تيسا رأسها في صمت وهي تجمع بعض اشيائها وسمعت لارلف6صوت ابيها يقول :
- انها هنا... كنت قلقا خشية الا يسمحو لك بالمجيء!
وبعت ذلك غمغمة غير واضحة بين الرجلين , فدبت الحياة في تيسا واسرعت تجر اليها الصناديقوالحقائب في نصف دائرة كان تصرفا غير ارادي وكأنما شاءت ان تقيم حاجزا دفاعيا ,وفطنت الى ان شكلها ولابد يثير الضحك وسط هذه الفوضى .
ورفع رأسها وهي متقطعه الانفاس فاذا بول في فراغ الباب والنظارة السوداء تحجب عينيه ومع ذلك احست بأنه يجيلهما في الغرفة غير مصدق , قبل ان تستقرا على وجه زوجته المحتقن بالدماء . وكانت السابقة الى الكلام , اذ هتفت بصوت مشروخ ومرتجف :
- بول !
ومع انها نطقت بأسمه فان ذهنها لم يكد يستوعب واقع وجوده واردفت :
- هل جئت تنشد , لوسيندا ؟ ولكنها انا ... .
وتقطع صوتها مخلدا الى الصمت .. كيف جاء ؟ وسمعته يقول :
- بل جئت انشد زوجتي !
وارتجفت وهي تقول :
- نعم اعرف هذا ... ولكن يا .. بول , انك .. انا ... انك متزوج من .. .
وامسكت تبحث عن كلماتها ثم قالت :
- اوه يابول انا لست لوسيندا !
وحجبت وجهها براحتيها فأزال النظارة عن عينيه لحظة ثم تقدم منها وتوقف عند الحاجز الذي اقامته وقال في هدوء :
- انني ارى انك لست لوسيندا !
ازاحت يديها عن وجهها ونسيت للحظة خاطفة كل شيء الا ان زوجها استرد بصره .. وامتزج صوتها العذب بعجب وحنان طاغيين وهي تهتف :
- انك تبصر !
انهما العينان الداكنتان اللتان اسرتا قلبها يوما . العينان اللتان اوسعتهما يوما ازدراء وعدم اكتراث .. العينان اللتان كانتا تفيضان بالحب والحنان للوسيندا .. واعادت تقول :
- انك تبصر !
انطلقت الكلمتان مع زفرة عميقة .. لقد ضاع زوجها منها الى الابد , ومع ذلك فما كانت تملك سوى ان تفعل ما فعلت لو دعيت لذلك مرة اخرى وقالت :
- لماذا نزعوا الضمادات قبل الموعد ؟ كيف... ما الذي دفعك للمجيء ؟
وقبض الخوف على فؤادها اذ بدا لها ان عينيه كانتا ترمقانها بقسوة وحده .. ولم يجبها على الفور .
وتبينت لدهشتها ان الكلمات استعصت عليه .. وتحركت شفتاه ولاحظت ان جانب صدغه ينبض بشكل غريب .. اكان من الغضب بحيث امتنع عن الكلام ؟ وانحرفت نظراتها الخائفة الى والديها فاذا بهما واقفان وتساءل اخيرا في صوت خافت :
- ما كل هذا ؟ اتعتزمين السفر ؟
وندت عنها شهقة خافته , احست بأنه غير واثق من نفسه وقالت :
- انني راحلة الى هونغ كونغ .
- اصحيح هذا ؟
واعاد النظارة الى مكانها اما عينيه وهو يجيل بصره فيما حوله اين فورة غضبه ؟ على العكس سمعته يقول :
- ولماذا هونغ كونغ ؟
- انهم بحاجة الى مدرسين .
وسكتت فقد اصبح الموقف بأكمله غير معقول, واحس ابوها بذلك فقرر ان يخف لنجدتها , وقال وزوجته تنقل بصرها بينهما تكاد لا تفقه ما يجري :
- تيسا يا ابنتي انا ذهبت لأرى بول في المستشفى هذا الصباح , واخبرته بكل شيء فأقنع الطبيب بأن يرفع الضمادات . ليس هذا فحسب بل بأن يسمح له بالخروج ساعه ليأتي قبل ان ترحلي !
وصاحت السيدة بلين في عجب :
- هل ذهبت الى المستشفى !
وتجاهل السيد بلين دهشتها وقال لبول:
- اظنك الآن قادره على ان تتولي الموقف !
وشاعت في وجه بول ابتسامه وقال :
- شكرا .. نعم بوسعي ان اتولاه !
وازاح السيد بلين الحقائب والصناديق جانبا ثم انسحب مع زوجته وماهي الا لحظات حتى كانت تيسا بين ذراعي زوجها , ولكنها حائرة وقد تسارعت دقات قلبها بشده :
وغمغمت, وهي لاتكاد تصدق :
- انا ؟ انا حقا ؟
ورفعت عينيها وهما تشرقان بالفرح , واستأنفت :
- منذ متى كنت ترعف ؟
- ساورني اول شكل عندما قرأت لي احد خطابات والدك !
- اجل اتذكر هذا لقد ظللت يوما او يومين خائفة !
- خائفة اذا فلا بد ان ارتيابي سرى اليك بطريقة ما .. فما اظنني كشفت عنه .
وتحسست يده جبينها بحنان وتابع حديثه :
- وعرفت عن يقين , عندما هاجمت ذلك الثعبان !
وتراجع قليلا ليتأمل عينيها وقال :
- لعلك لم تكوني تعرفين ان لوسيندا ترتعب من الثعابين . اذ اصطحابتها مرة الى حديقة الحيوانات واضطررنا الا نبقى في بيت الافاعي لحظة, لأنها تجمدت من الرعب . وفي مرة اخرى اخرى كنا في الريف فرأينا ثعبانا صغيرا رفيعا من النوع الذي لا يؤذي .. واذا بلوسيندا تصرخ وتجري الى السيارة فلم افلح بعد ذلك في اقناعها بمغادرتها . وهكذا ترين يا حبيبتي , انني ادركت ان التي انقذتني من الثعبان لم تكن لوسيندا !
قالت دون تفكير :
- ولكن ... اذا كانت تحبك فهي خليقة بان تنسى خوفها اعني , يكون خوفها من اجلك انت وحدك !
وارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة وقال في ازدراء :
- ارى ان لا نتكلم بعد الآن عما تسمينه حب اختك !
فانكمشت في احضانه وارسلت زفرة طويلة راحت تردد خلالها :
- كلا .. اهي انا .. انا حقا ؟
فرفع وجهها باصابع حانية وقال:
- اهذا يدهشك ؟ ما اقل ما تعرفين نفسك .. انك احلى واروع زوجة يستطيع ان يحظى بها رجل ولست ادري لماذا اخترتني من دون الآخرين لتجعليني اسعد رجال العالم حظا ؟
وكان يتحدث بتواضع غير معهود فحاولت ان تمنعه ولكنه تجاهل محاولتها وقال :
- كيف كنت بهذه الحماقه في البداية ؟ كنت اذ ذاك اكثر عمى مما اصبحت بعد ذلك , اذ لم اميز بين الذهب والنفاية ! وكنت مفعما بالكراهية والاشمئزاز عندما جئتني معتقدا انك لوسيندا , ومع ذلك شعرت بالانتصار لأنني كرهتها منذ اللحظة التي نبذتني فيها , وعندما عرضت ان اتقبلها اذا عادت واغفر لها كان ذلك املا في ان تتاح لي فرصة الانتقام .. كان املا واهيا اذ كنت قد عرفت لوسيندا على حقيقتها لذلك فلك ان تتصوري كم كانت دهشتي عندما جئت تسأليني الصفح !
وامسك قليلا ثم اردف :
- لكم الوم نفسي ! كان ينبغي ان اعرف على الفور ان التي داءت لم تكن لو سيندا . ولكني كنت مفعما بكراهية سوداء نحوها , فلم استطع ان افكر الا في الانتقام , اعني ان اجازيها باضعاف مافعلته بي !
وكف عن الكلام اذ احس بها ترتجف بين يديه وقال :
- لا ترتجفي ياغرامي ... سأعوضك عما فات , فلا تخشى شيئا !
ابتسمت ولمست وجهه , وهي تقول :
- ما من داع لتعويض ما , لا تلم نفسك يا بول فالواضح انك كنت راغبا في الثأر .. .
وتذكرت تعليق لو سيندا وهي تصف ما عرضه بول من صفح بالغرور والغطرسة . ما اقل ما كانت لوسيندا تعرف عن انه ما عرض الصفح الا املا في يوم يتمكن فيه من ان يكسب نقمته السوداء عليها !
*********
وبعد برهة خطرت لها فكرة اخرى فهتفت :
- بول بعد حادث الثعبان عاملتني بخشونه لفترة قصيرة اكان هذا غضبا من انك خدعت ؟
فأومأ برأسه وقال :
- لقد كرهتك في البداية اكثر مما بغضت لوسيندا كما اعتقد لانك بتصرفاتك جسمت عجزي وقلة حيلتي , وما اقسى ما يحدثه هذا من ألم , اتتمادى هذه الفتاه الى درجة الزواج مني والعيش معي بدون ان اعرف انني مخدوع ؟ هذا ما يجرح الشعور جرحا قاسيا , حتى اصطبغ كل شيء بلون الدم , ولذلك لذت بحجرتي الخاصة , أملا في ان اجعلك تتعذبين لأن حبك لي كان واضحا , ولكني حين اطلت التفكير في مجيئك لتتزوجي وتعتني برجل اعمى , عندما فكرت في حبك وحنانك وكيف حاولت ان تتقاسمي عينيك معي , وان تري لي ..اذ ذاك تبينت مدى ما انحرف اليه عقلي . وما استطعت ان اعاقبك عن جرم لوسيندا , وعن ذنبك كذلك !
وتوقف عن الكلام ثم اردف :
- انك بحبك ولطفك قدتني لأعود الى العقل يالبصرك وأملك في ان نسعد معا يوما ما !
وسكت وهز رأسه وعاد يقول :
- كنت استحق الدرس يا اعز الناس , لو انك تركتني فبادرته قائلة :
- ما كنت لأفعل هذا ابدا ولن افعله . لقد ادرك جو فتورك ولكن ايا منا لم يستطع الاهتداء الى سبب , الآن افهم السبب طبعا .
وسكتت لحظة مترددة ثم قالت :
- اذا كنت عرفت انني لست لوسيندا فلماذا لم تقل شيئا ؟
- كرهتك في بادئ الامر لقاء خدعتك , كما قلت فلم اكن ابتغي في عقلي المتلوي سوى ان ازيدك ايلاما وايذاء , كنت اقول لنفسي صب ايذائك هذه المرة على تيسا عقابا لها على الزواج منك . ثم عندما فطنت في وقت لاحق الى مدى ميلي اليك واني لأدري عندما فطنت في وقت لاحق الى مدى ميلي اليك .. واني لأدري الآن انني ظللت فترة اقاوم هذا الميل واناضله ! ملأني الخوف من انك قد تشعرين بالذنب وبالحرج , اذا ما كشفت عن معرفتي بانك لست لوسيندا , فتتركينني .. واذا اكتشفت في تلك الاثناء انني لا استطيع ان اعيش بدونك لذت بالصمت !
وأطل عليها من علياء قامته مبتسما في حب واردف :
- بل داخلني الامل يا اعز الناس في انك ستخبرينني بنفسك !
- قالت تيسا بصوت خافت :
- الان ارى انك كنت تريد ذلك .
فقد تذكرت الترقب العجيب الذي لاحظته على سلوكه في زيارتها الاخيرة للمستشفى !
- كنت اريده .. ويقينا انني كنت سأكشف لك عن معرفتي , لو خطرت لي اتفه فكرة عما كنت تتأهبين لفعله .. هونغ كونغ ؟ لقد فعل ابوك خيرا اذ زارني فلو انك جشمتني عناء تعقبك الى هونغ كونغ لعاقبتك عقابا لا ينسى ؟
وانكمشت تيسا ملتصقه به , وغمغمت في حبور :
- هل كنت ستتبعني الى هونغ كونغ ؟
قال وصوته ينضح بالانفعال العاطفي :
- كنت اتبعك الى اقصى اطراف الارض !
وللمرة الثالثة رأته تيسا يونانيا قحا , قويا , مشبوب العواطف , مسيطرا الى اقصى اطراف الارض ... وما وراءها !

.:. تـــَـــمْـــتَ .:.






Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس