عرض مشاركة واحدة
قديم 18-01-16, 12:24 AM   #24

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


-





الفصل السادس عشر



. .









أُغلِقت المكالمة .



هل اشتاق ؟


هل قرَّر استعادتي .. !




رميتُ بالهاتف .


ثمَّ بي أطيرُ راكِضة

إلى الباب الخارجيّ للشَّقة .



وقفتُ بمنتصف الطريق ..



ألا يجدرُ بي أتحجَّب بشيءٍ ما ؟

أرتدي العباة مثلاً ؟

لا ، هذا مُحرِج !



عدتُ إلی الداخل كالرِّيح ،

انتقيتُ إحدی اﻷوشِحة ..

ثم خرجتُ مُهَروِلة ..



انتظرت ، أُنظِّم من أنفاسي المُتلاحِقة ..




ﻻ تذهب ، قليلاً فقط .. انتظرني قليلاً ..

سأفتح اﻵن .. ﻻ ترحَل ..




التصقتُ بالباب ،

ثم مددتُ يدي إلی القفل .



ما فتحتُ الباب قليلاً ..

تنحَّيتُ بحِدَّة إثر الدفع المُهاجم للباب


اقتحم الشَّقة باندفاعٍ كالعاصِفة ..

ثمَّ صفع الباب وراءه !


وضعتُ كفَّايَ على وجنتاي أُفكِّر بالصَّغير

المسكين النَّائِم بالداخل .



كُن هادئاً أرجوك ..

ابنُك نائمٌ في أمانِ الله ..

لا تفزعه أرجوك ..



سحبني بهمجيَّته اللامتناهية ، ثمَّ طرحني مثلُ كيس رُزٍّ

على أول كرسيٍّ وقعت عينُه عليه .



خطف أنفاسي حين انحنى عليّ مُهاجِماً :

- اليوم وشو ؟


- هاه ؟


- اليوم ايش ؟

انطقي !


- Wednesday !


- الشهر ؟ التاريخ ؟


- November .. Twenty Three !


- من أمك ؟


- ماما ..


- اسمها !!


- ماما ..

نادية !!


- تحبيني ؟


- ها ؟




أَينوي اقتلاع ذقني من وجهي ؟



عيونه تخترقانني كاللّيزر ..

عمَّ يبحث في عينايَ ؟



أزلتُ يده في غيظٍ عظيم ، وضربتها أرميها بعيداً .



أَهكذا يُحيّي العاشِقُ عشيقتَه .. ؟

وبعد فُراق يصِل إلى سِنين .. ؟


أليس في هذه الحالة ..

من المُفترض يكُون أكثرَ رُومنسيَّة .. قليلاً .. ؟



- شيل يدك .. ما يحق لك تلمس !



تراجع ثلاث خطواتٍ إلى الخلف .

ثُمَّ توسطت يداه خصرَه .


- وراه حابسه عمرك شهر ؟

هاه ؟ أقلقتي أمك عليك ..

ردي على المكالمات أقلها !



رمقتُه بعُدوانيَّة ..

إذن لم يأتِ لأجلي ..



كيفَ تجرؤ ؟!!




تلفَّتَ حوله يُوزِّع نظراته علی الشَّقة ، باحِثاً عن شيءٍ .



يبحث عن عصاً ؟

أو عن علاقةِ ثيابٍ ؟




- وين الولد ؟



سقط قلبي بين قدمايَ ..


بُحَّ صوتي ، فيما أُحاوِلُ جمع الأحرف :


- أي ولد ؟



ركَّز نظراتُه القويَّة بوجهي ، رافعاً حاجباً ساخِراً :


- ولدي !




كادت مُقلتايَ تتدحرَج على الأرض ارتِياعاً .




كيفَ علِم ؟

كيف يمكِنُه أن يعلم ؟!



من أخبره ؟

هل يُعقل ؟!



والدتي ؟



لقد وعدتني !

أخذتُ منها ميثاقاً !!




كمن صعقَهُ البرق ، انتفضتُ من مكاني ،

حالما تحرَّكَ يشقّ طريقه إلی إحدی الحجرتَين .



استجمعتُ كل قواي ، ﻷجري .. وأُعيق طريقه .



تحدَّثتُ بجُنون :


- أي ولد ؟

تحلم أنت !



حدجَني بثباتٍ بنظرة لم أفهم مغزاها ،

ثُمَّ أزاحني من أمامه بلا جهدٍ منه يُذكر .



قمتُ بجذبه إلى الخلفِ من سترته بمحاولاتٍ عديدة .




جُنِنتْ !



نسيتُ نفسي !




انطلقت في وثبة عالية وتعلقت بعنقه .

قاومني يجاهد ﻻنتزاعي عنه ، وإنقاذ رأسه من مخالبي .



كنت أَبكي حينها .. وبكَائي لم يزِدني إﻻ قوَّةُ وشرَاسَة .



استخدمت كل ماقد يمكنني إجادته من خمش وعضّ ،

ولكمٍ .. وشدّ الشعر ، وفقأ اﻷعيُن .


كَانت معرَكَة شرِسَة صامِتة ..

أفعل كُلّ شيء .. وأيّ شيء ..

من أجلِ راحة ضنايَ .



لن أسمحَ ﻷحدٍ بمسِّ صغيري ..

من يُحاوِل اختطافَ بُنَيَّ ...



عِقابُه المَوت !
























. . .

























يبدو الملاكُ الصَّغيرُ نائِمٌ بعُمقٍ ..

مهما أغرَقه بالاحتضانِ ، والتَّقبيل ،

ﻻ يستيقِظ ..



راقبَ صدره الغضّ كيف يتحرك ..

يرتفع ويهبط .. بشكلٍ يجلب علی الاسترخاء ..


إنَّه أجمل من الصورِ بكثير .. بكثيرٍ جداً ..


يحمل الملامح الناعمة ذاتها ..

والبياض ذاته ..

ﻷُمِّه الشرِسَة ..

التي تُقاوِم قيودها في الخارِج ..



أتته رغبةً مُلِحَّة في حملِ الطِّفل المَلاك

والخروج بهِ إليـ(ـهَا) ..


يحتضِنانه معاً ..




خرج من الحجرة ، مُقاوِماً الرَّغبة في حملَ الصَّغير معَه .



وزاد من مُعاناة قلبِه ..

منظرُ المقيَّدة ، الباكِية ..



عقلها ما يزال مُتماسِكاً ..

لكن مشارِف اﻻنتِكاسة جليّ الرُّؤية ..



دنا من كُرسيِّ السِّجن..

بفؤادٍ متوجِّع ..



استوی جالساً مُقابل قدميها ..



يستوجبُ ارخاء هجومها أولاً ..



عليه إقناعها .. أن مَامِن ينوي ..

اختطاف ابنها !



صعدَت أنامله تلمس وجنتها الرطبة ..




كَم اشتاقَها ..




لم يجده سوی يُسرِع بحلِّ الوشاح الصُّوفي ،

عن معصمَيها المتَّصلين بالكرسيِّ الخشبي .



ثم ويقوم بدسِّها في حُضنِه .




- ﻻ .. ﻻ تاخذ .. ولدي ..



أخرَسَها بقبُلاتِ الاشتِياقِ الحَارَّة

مُتفرِّقاتٍ على أنحاءِ وَجهِهَا .



- تتخيلين متعب يآذي كهرمانته ؟


أوجَعَت قلبه بالصَوت المرير الملتاع :

- متعب .. يآذي وفاء .. كل يوم ..




هل ما فتِئت أيامهما التَّعيسة تؤرِّق حياتها ؟




- كيف متعب بيآذي وفاء وهو بعيد ؟



لم يلق اجابةً إﻻ الصَّمت .. المتخلِّل بالشَّهَقاتِ المُلتهبة ..




- ناظريني وفاء .



- وش تبي ؟



- ناظريني ؟



قالت بجفاءٍ قاسٍ :

- ليه جيت .. وش تبي مني ؟



- مثل ما قلت ، أمك تبي تتطمن .



- ماما قالت لك ؟



- نعم ، دقت علي .


لكن ارتفعت الجوهرَتَين الدَّامِعتَين إليه

لتُعمِي بَصَرَه عن كُلِّ ماحولَه .


- ماما قالت لك .. عن أيمن ؟



علَا تعجُّب حاجبيه .

حاولَ فهم ما تعنِيه ..



ثم هتف صائحاً ، منذهلاً :

- حبيبتي أنا أعرف أيمن من يومه كبر الدودة ببطنك !


حملقت في وجهه بنظرة بلهاء :

- دوده ؟


- أعرف من شهرك اﻷول ، أجل وشوله النفقة الشهرية ..

ﻻ تقولين ما توصلك !


ابتعدت ..

وأُزِيحت الجَوهرَتَين الخاوِيَين عنه ..


غابَ عقلها بعيداً ..

كَأنَّما جرفتها اﻷفكَار ..



تحرَّكت فجأة ، تقترب .


تدنُو برأسها ..

تُمسِكُ وجهَه ..


وتخاطِبه راجيةً ، باكيةً بحرقة :

- متعب .. بيخطفون ولدنا ..




قام يُكفكِف دمُوعها ..

واستهلَّ بحديث اﻹقناع ،

قائلاً برفق :


- من يبي ولدنا ؟

خلي الناس تتفرغ لعيالهم باﻷول

ثم يحطون عينهم علی ولدنا .


- صدقني .. سمعته والله ..

ودق علي ..متعب ..

يقول بيخطفه !


سأل عابساً :

- من هو هذا ؟


نطقت بعد صمت .


- واحد ..

اسمه إبراهيم ..




هل صار لشخوصِها اﻷوهام مسميات ؟




- انقذ ولدنا متعب !



- اشتقت لك حبيبتي ..


همسَ وأنامله تُداعب شعرها الحريريّ بمظهرهِ الجديد .


لو كانت عنده ، لما سمح بمسِّ شعرها .


ربَّاه مِن هذهِ الفاتِنة ..

أﻻ ينفذ سِحرها .. ؟


ساحِرة بكل اﻷحوال .. !



أخرجته من طورِ أجوائه الرومنسيَّة بلكمَتها المؤلمة .


- أنت مو أب .. مو أب ..

مستحيل تصير أب ..

ماتعرف تكون أب !



أعرب عن انزعاجه بضجر :


- كفاية دموع يا وفاء ، صيري قوية ،

تعلمي تمسكين دموعك ..

كيف بتربين الولد وأنتي بهالضعف ؟



- أنا قوية بدونك متعب ، أنت سر ضعفي متعب .

وجودك سبب ضعفي .. طالما أنت بعيد أنا قوية !



نظر إليها بتوجُّعٍ مُرّ :

- تعبتك حيل وفاء ، صح ؟



أسدلَ رأسه مطأطئاً ، مسترسلاً :


- ظلمتك معي .. آسف ..

آسف .. ﻹني تلاعبت فيك ..

آسف إني ما قدرت أخلصك مني ..

آسف إني ربطتك فيني .. بالولد ..



كظم زفرَته بِهَمٍّ يصارع أوجاعه .



تململَ في جلوسه ،

وعزم إلقاء كلمته اﻷخيرة

قبل الرحيل .



- حاولي تستعدين خلال هاليومين ، بآخذك علی المعالج .




نظراتها الفارغة لم تتغير ..

وكأنَّ قلبها لا يحمل له إلا الخواء ..

كذلك المشاعر العدائيَّة الظاهرة

علی تقاسيمها بوضوح ..



- ليش معالج ؟

حضرت مراجعة قريب .



شتت نظره بعيداً عن عينيها :

- اجراء احتياطي .. أبي أتطمن عليك ، خلك جاهزة .
























. . .

























كِدتُ أصفعَ جبيني من هولِ اﻹحبَاط ..



أﻻ يفهم لغة عيونِ البشر ؟

أليس ببشَري ؟



( صحيح ، تمهلي ! )



نسيتُ أن مرضی ( ثنائي القطب )

يسيئون تفسير تعابير الوجه !



شعرت بتغير غريب في اﻷجواء

وبتنفسه الذي اضطرب بلا سبب



رفعت نظري إليه ، ومسحت وجهي سريعاً .

ثم التفتت برأسي إلی الخلف .



- حبيبي أيمن .. مساء الخير .. !



شرعت ذراعاي لطفلي القلق ،

الواقف عند عتبة حجرة نومنا ..



تردد باﻻقتراب ..

يتنقل ببصره بيني ..

وبين الغريب جواري ..



هل شعر ببكائي ؟


لا ، لا أريد يكره أباه

من أول لقاء !



- تعال حبيبي ..

تعال ماما ..

شوف مين هنا .. ؟ !

بابا .. ! عرفته ؟



التقطته بذراع واحدة ، ثم وجهته ليقابل والده .



وشوشت له بأذنه بعاطفة عارمة ..

هامسة بمعلومة سرية بيننا ..



أسَيتعرف علی والده ؟


أبإمكانه الربط بين أبيه الضحوك صاحب المقاطع المرحة ..

وبين غريب اﻷطوار المختبئ بي اﻵن ؟!



- كان غير .. وفاء !


ضربت عنقي أنفاسه المضطربة المرافقة لهمسه ..


أدرت عيني إليه : كيف غير ؟


- ليه يناظرني كذا ؟ يكرهني ؟ يكرهني وفاء .. ؟

كان ملاك وهو نايم .. علمتيه يكرهني وفاء ؟



تحركت ﻷرغم المنزوي خلف ظهري علی مواجهتنا .



- متعب ، أيمن يحبك !



منظر ساحر تلاقي تلكم الدوائر السوداء الكبيرة ..

لكم أعشق عينان هذين اﻻثنين ..



- يحبني ؟

يعرفني ؟


- يعرفك زين يا متعب .



أعاد نظره إلی الصغير .


غزت ابتسامة شفتاي ..

وانا أری نظرة الصغير الثابتة بالشجاعة المعهودة

، مناقضا بذلك لنظرات والده الهاربة والمرتبكة .



بحركة خطرت لي عفوياً ..

بحدة قربت الولد منه مخوفةً ، مازِحة .


لينفرط طفلي في الضحك علی الجبان

الذي تراجع للخلف مذعوراً ..



فزَّ قلبي مع تململه واستعداده للمغادرة .



يود الذهاب !

بهذه السهولة ؟



- مثل ما قلت ، تتجهزين خلال يومين .


كبتت تنهيدة اﻻرتياح بصعوبة .



لن أدعه يطير من يدي بتلك السهولة

يأتي إلي بقدميه .. ويتوقع مني أتركه وشأنه ؟!


لن أسمح له بالعبث بي مجدداً ..

لم أعد دُميةً لديه .. !



- متعب ... !


تطلَّعني باستفهام ،

خاطبته متألمة ، لكن باﻻنجليزية .


آلمني ابتعاده عن الطفل دون لمس أو سلام ،

أو حتی نظرة أب حنون ﻻبنه الذي فرقهما البعد ..


الطِّفل وصل إلی مرحلة يدرك معها الحُبّ والرَّفض ..

ولن أدع الإحساس بالرفض يقرب ضنايَ ما وسِعني ..



ابتسمتُ فرِحة حالما انحنی علينا ..

أشاهده يستلم الكف المكتنزة ،

يقبلها ، ثم يقبل خده ، ثم رأسه .


غير أنه أذابني وأنساني نفسي

حين شملني معه بقبلة التوديع ..
























. . .

























أنتظر موعد الجلستين اﻷسبوعية بقلبٍ متلهف ..

فقط من أجل التنعم برؤيتـ(ـه) ..



حتی الولد بدأ يتعلق ( به ) ..

شعرته وكأنما ينتظر الجلسات معي ..

يفرح بلقائه بقدر فرحتي به ..


لكن لم يستعد بعد لمناداته بـ" بابا " ..


فلا يستخدمها إﻻ عند سؤالي

" وين بابا ؟ " ، " بابا راح ! "



كنا عائدون لتونا من جلسة لدی المعالج ،

وقد دعوته لمشاركتنا تناول العشاء .


فقد اشتقت إلی وجباتنا المشتركة ..




- وفاء !! الحقي يا وفاء !!

ولدك ساحر يا وفاء !!!




قررت أن يكون عشاء اليوم طبق مميز من اللازانيا .


إنه طبقه المفضل ، يجدر أن أسميه عاشق اللازانيا ..



واﻵن الحشوة صارت جاهزة !

ابتدأت أصف شرائح اللازانيا في قاع الصينية الزجاجية الشفافة .



- وفاء .. وفاء .. ولدك كم عصر عايَش ؟

ولدك مب طبيعي وفاء !



شعرت بحسه ورائي يقترب .




- ﻻزانيا .. !



نظرت إلی الوراء عندما شعرت بحسٍّ آخر بالمكان ،

فتمتمت بضيق وخفوت :

- شيل أيمن ، عودته ما يجيني بينما أطبخ ...

متعب !!!!



لم يترك عادته القديمة السيئة في سرقة مكونات وجباتي المطبخية .



- قطعة دجاج بس علشان تكمل النكهة .


- ما يصير كذا متعب ..


أشغلني بالوشاح الذي تعمد إسقاطه عن رأسي ،

وانتهز فرصته في انتشال الدجاج من الحشوة .


ولم يكتفِ بذلك ، بل قام بدعوة الشقي الآخر الصغير بكرمٍ سخيّ .



يحب تناول المكونات النيئة أو شبه مطبوخة كالمعكرونة المسلوقة

والكشنة الحمراء ، وعجين الكعك أو المعجنات وأوراق السمبوسة .


ويتعذر بذلك أنه يحاول اﻹقلال من كمية المكونات

رغبة في اختصار العمل وتوفير التعب عني !


كائن غريب .




- قل كهرمانتي أول !


قال الكبير مشترطاً علی الصغير الواقف أمامه

بينما يمسك بإحدى قطع الدجاج عالياً بيد ،

وبالأخرى تنسدل شريحة اللازانيا المسلوقة .



- كهرنتي !!!



- سمعتيه وفاء ؟!!

سمعتي بأذنك ؟!



أوليته ظهري متذمِّرة ، أتمتم لذاتي .


- وشلون يعرف ماضينا !


- هَم .. هَم !!


- لحظة أكلم أمك .


- ماما ! شوف !!


- الحين ولدك قرب الثلاث سنوات ولا يعرف يتكلم ؟



أجبتُ ببرود ، بينما أضع قطعة صغيرة من الدجاج بفم الصغير :


- فيه أطفال مكملين السنتين ولا ينطقون غير ماما وبابا ،

وفئة ما تزيد عن سنة وثلاث أشهر ينطقون أكثر من ماما وبابا ،

المسألة على حسب الطفل وقدراته ، اصبر كم شهر يصير بلبل .


- زين من معلم الولد كلمتنا السرية ، يتجسس حتى من يومه ببطنك ؟


- من المقاطع حقتك ، حافظهم بالحرف ..

ومتى تجسس ؟ متعب لا تذكر سيئاته قدامه ..


قلتُ جملتي الأخيرة بتبرُّم ، مُستاءةً .


يبدو لاحظ تضجُّري ، والإزعاج الذي قام بتسببه هجومهم ،

فحمل الطفل ، وقذفه برميةٍ عالية جداً جعلني أمسك قلبي ،

ثم سألني :


- متى تخلصين ؟


- شوي وأحطه بالفرن .


- عجلي والا تريني بأتعشى على ولدك ، جيعان .
























. . .

























حمداً لله ..

الانتكاسة لم تكن حادة هذه المرة ..

تحسَّنت بشكلٍ أدهشته ..

فقد كانت متبصِّرة تقريباً رغم انتكاستها ..


وحمداً لله أن لحِقوا عليها باكِراً ..


أحسَّ بأنه يتعامل مع شخصية ( وفاء ) الحقيقية .

شخصيتها الحقيقية التي لم يعرفها مطلقاً .


إنَّها قوية ، قوية لدرجة لم يتخيَّلها !


ودودة .. ودودة ولطيفة للغاية .. !


لكن إن انزعجت تحوَّلت إلى لوح جليدٍ .




يودُّ استعادتها وبشِدَّة !



لكن ، حتى وإن قبِلت مقدَّماً ..

هل ستوافق ، إن أُطلِعَت على

ظروفِه الجديدة ؟




فوق أنها زوجةٌ مثاليَّة ..

ظهرَت أنها أمٌّ مثاليَّة .. ومثاليَّة جداً !



( أيمن ) ..

لا فكرة لديه من انتقى له الاسم ،

لكنه اسم لطيفٌ كملامحه الناعمة .


لهُ الملامح النَّاعمة ذاتها لدى أُمِّه ..

والدَّهاء والمكر ذاته لدى أُمِّه ..


نُسخة أُمِّه .. !


ملاكٌ في الخارِج .. شيطانٌ من الدَّاخِل !


لا يكفّ عن ممارسة الحيل طمَعاً في اجتذاب اهتمامِ أُمِّه .


فكُلَّما حاول ( هو ) بالتقرُّب من ( كَهْرمانتِه )

يلقى ذاك الغراء في وجهه يعيق طريقه ،

ويحاول بشتى الطُّرُق لفت أنظارها إليه

بعيداً عن المتطفل العملاق .


وتلك الحمقاءَ أُمَّه .. لا تنفكّ تنجرُّ وراء فخاخِه غافِلةً .


لا تكفّ عن إطلاق الأوامر .. من أجل مُدلَّلِها المُزعِج .

لا تفعل هذا أمام الولد .. و لا تفعل ذاك أمامه !


تريد منه أن يدرس كُلّ كلمةٍ .. قبل أن يتحدَّث أمام الصَّغير !

لا تشتِم .. لا تعاتِبه .. لا تذكر سيئاته .. لا تأمره !

يجدرُ به أن يطلق عليها " أمٌّ مهووسة " !



ليته فقط بمقدرتِه تحويلها إلى " عاشِقة مهووسة " ..

" عاشِقة مهووسة بـ ( متعِب ) " ..





خلالَ هذه الفترة

خرجَ باستنتاجٍ هامّ !



الفُصَام بحد ذاته ليس مُزمِن ،

عقاقير الفُصَام هي من تُحيل المرض

إلی مُزمِن !



استنتاجٌ يستحق عليه

جائِزة نوبل !



وإﻻ فكيفَ يفسِّر ..

التحسُّن السريع في غضونِ ثلاث سنوات بالتخلِّي عن الدواء

فيما معه عانَت أشدّ المعاناة لفترة ثمان سنين !



يُسمّونها بالفعالة !


ليست فعالة سوی بتعويق التفكير ، وتشويش التركيز ،

والشعور بالتعاسة .. وفقدان أيّ اهتمامٍ بالحياة .

فضلاً عن اﻵﻻم الجسدية ، وتحويله للجسد

إلی جثة شبه متحركة !



و أخيراً ،!

اكتشف زيف النظرية العابثة ،

التي لطالما شكك بها .



عدم الاتزان الكيميائي في المخ ؟

( دوبامين ) ؟

( سيروتونين ) ؟



كلها هراء أطباء نزعوا رداء اﻷمانة

ليجبروا العالم علی شراء اﻷدوية !























. . .

























غائبٌ الآن ..

لظرُوفٍ في العمل ..



أسبوعَين مضيا بدونه .. كَما شهرَين ..



ودَّعتُه بقلبٍ مهلوع ..

والخوف من فقدانِه يلتهمني ..



لماذا لا يعود إلى محادثتي عبر الرسائل .. مثل السابق ؟


تكفيني حتى كلمتين منه ، يكفيني ولو سلامٌ جاف ..

ولو يخُطَّ لي حرفاً واحداً .. سأطيرُ به سعادة ..



الدقائق تتوافد ببطءٍ شديد ..

صبري ينفذ وأنا أنتظِر انتهاء اليوم الواحد ..


لم تحدث أشياء مُمَيَّزة خلال لقاءاتنا القصيرة ..

مع ذلك شعرتُ أنِّي ملكتُ الجنَّة برفقتِه ..


وجوده مُرِيح جداً ..


أشعرُ بروحِه لي ..

مثلُ ...

مُهدِّئٍ للأعصاب ..




تلقَّيت اتصالات عِدَّة من والدتي ،

أوَّلُها كان على هاتفه .


كنتُ أخشى محادثتها ..

خشيتُ اللَّوم والعِتاب ..


إلا أنها لم تذكر حرفاً بما يخصّ " العريس الجديد " !




لم أحاول فتح موضوع خيانتِها لي ..

بخصُوصِ ( أيمن ) ..



غضِبتُ بدايةُ .. وبشِدَّة ..

حقدت .. وضغنت ..



لكن سُرعانَ ما هدأت ..



فلا بأس ، ..

فقد يكون ذلك في صالحِنا ..

أنا .. وابني ..
























* * *












TBC





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس