عرض مشاركة واحدة
قديم 31-01-16, 05:32 PM   #2

seba seba

قلم برونزي برسائل أنثى

 
الصورة الرمزية seba seba

? العضوٌ??? » 342169
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 43
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
?  نُقآطِيْ » seba seba is on a distinguished road
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي الرسالة الأولى منها ..إليه : بعنوان كتبتُك و نسيت

إليكَ

عامان..
مرّ عامان على ذلك اللّقاء الحزين في ذلك المقهى الذّي هجرته بعدك، بل و هجرت كلّ مكان يذكرني بكَ، و كلّ عادة أدمنتها معكَ. عانيتُ كثيرا حتى أتخلص من روتيني اليومي،

أن لا يكون صوتكَ أوّل ما أسمع، أن لا تكون صورتكَ أوّل ما أرى، أن لا أنتظركَ عند مفترق الطريق الغربيّ أين إعتدنا اللّقاء كلّ صباح.

أتذكر يومها أنّك تأخرت ثلاثا و عشرين دقيقة و ألفا و سبعمائة و خمس و عشرين دقّة قلب
لا تدهش ممّا أقول، فقد دأبتُ على أن أعدّ دقائق غيابك عنّي بدقّات قلبي، هو تقويم سخيف أعلم، ولكنّه الأبلغُ و الأقدرُ على تحديد ما أشعر به من حبّ لك..لك وحدك.
لقد كنتَ من الأهميّة بحيث عجزت تقويمات العالم على إستعاب مكانتكَ في قلبي، فإخترعتُ لك تقويما، وبعدا جديدا يرفعكَ فوق كلّ البشر ..و لكن يبدو بأنّني أنزلتك مكانا لم أستطع فيما بعد أن أرتقي إليه.ففردتَ جناحيكَ و حلّقتَ بعيدا بينما قبعتُ خلفكَ في القاع.

أسميتَ لقاؤنا يومها "وضعا للنقاط على الأحرف"، كدأبكَ دائما في تسمية الأشياء بغير مسمياتها، فالموت سفر، و القبح إختلاف، و الوحدة سلام. لا أعلم من أين أتيتَ بتلك القناعة الغريبة، بأنّنا إن إستعملنا مفردات ألطف نجرّد المعاني من قسوتها؟!
فلقاؤنا لم يكن سوى فراقا، لم أخطئه في إضطراب أنفاسك، في إرتجاف صوتك و في إنطفاء لهفة الحبّ في عينيك.
يا الله كم هو قاس و حزين ذلك اللّقاء الأخير، لم أوّد يوما أن نختم قصّتنا الخرافية بتلك النهاية المخيبة للآمال، و لا أصدّق الآن بأنّنا فعلنا

لا أنكر بأنّني أدركت بإحساس الأنثى بأنّ حبّنا لم يعد كما كان، و بأنّك كنتَ تبتعد عنّي في كلّ ثانية أكثر إلى وقفت الدنيا بما فيها و من فيها بيننا، فعزّ لقاؤنا و عدنا غربين كما بدأنا. رفعنا الأعلام البيضاء و لم نكلّف أنفسنا المحاولة حتى، ماذا لو كنّا قاتلنا لأجل ما كان بيننا؟
ماذا لو أنّنا تنازلنا قليلا و لم نسر في ركب المكابرة ؟ و لكن ما كان كان، أجبرتك الظروف و أخرسني الكبرياء و إفترقنا و سار كلّ منّا في إتجاه.

عامان طويلان، جرّبت فيهما كلّ فنون النسيان، فملّني النوم، و نفذت دوني الكتب، و لفظتني الكتابة. كلّ طريق أسلكه في الهرب منكَ يعيدني إليكَ. أراكَ في أحلامي، و بين سطور قراء اتي، و في كلّ حرف من كتاباتي.
أطارد ملامحك في وجوه العابرين، و لا أجده، فأدرك بأنّنا قد إنتهينا و بأنّك لن تعود.
قيل لي يا ... لا أعلم ما أسميكَ، لا أنت بالحبيب و لا الصديق و لا حتى الغريب، لقد تجاوزت وجودك الماديّ كإنسان لتغدو حالة نفسيّة تؤرقني منذ ذلك اللّقاء الأخير.
قيل لي أن أكتب حتى أنساك، و لكنّي كتبتك كثيرا فما زادتني الكتابة إلّا تعلقا بك، فكان الجواب أن لا أكتبكَ بل أن أكتب إليك..
إن أردت الشفاء منك عليّ مواجهتك و لو كتابة، عليّ أن أخبركَ ما كتمته يومها.

عيبنا أنّنا ككتّابنا نظلم القصّة بأن نختمها بنهاية متسرعة و مخيّبة، لا منطقيّة تقوض كلّ ما بنيناه من تفاصيل مبهرة.. متجاهلين بأنّ النهاية وحدها من ترافق القارئ إلى عتبة الكتاب.
و أنا و أنتَ لم نكن إستثناء، قضينا سنوات في نسج الحبكات الدقيقة، و رسم التفاصيل الجميلة و لكنّنا أسأنا إختيار خاتمتنا.
لذلك تناولت قلمي اليوم بعد طول هجر، و إنكببت على أوراقي رغم مشّقة الذكرى، أكتب إليكَ رسالة لن تصلك يوما، و لكنّها ستفي بالغرض.. ستمكنني من إنهاء مسألة الفراق العالقة بيننا منذ عامين.

اليوم كتبتكَ و نسيت ....الوداع




seba seba غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس